المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تعرف الشبهة وتدفعها؟



أبو لقمان عبد الرحمن
2016-08-26, 09:53 AM
كيف تعرف الشبهة وتدفعها؟
للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله

الشبهة: واردٌ يَرِدُ على القلب يحولُ بينهُ وبينَ انكشافِ الحقِّ له، فمتى باشرَ القلبُ حقيقَةَ العلمِِ لم تؤثر تلك الشبهة فيه، بل يقوى علمُه ويقينُه بردِّها ومعرفَةِ بطلانها، ومتى لم يُباشِرْ حقيقَةَ العلمِ بالحقِّ قلبُهُ قَدَحَت فيه الشكَّ بأوَّلِ وهلةٍ، فإن تَدارَكَها وإلاّ تتابعت على قلبه أمثالُها، حتى يَصيرَ شاكّاً مرتاباً. والقلبُ يتواردُهُ جيشانِ من الباطلِ : جيشُ شهواتِ الغيِّ وجَيشُ شُبُهاتِ الباطلِ؛ فأيّما قلبٍ صغا إليها ورَكَنَ إليها تشرَّبَها وامتلأ بها فينضَحُ لسانُهُ وجوارحُهُ بموجبها، فإن أُشرِبَ شبهات الباطلِ تفجّرت على لسانِه الشكوكُ والشبهاتُ والإيراداتُ، فيظنُّ الجاهلُ أنَّ ذلكَ لِسَعَةِ علمهِ وإنّما ذلكَ من عَدَمِ علمهِ ويقينه.وقال لي شيخُ الإسلام رضي الله عنه -وقد جعلتُ أوِردُ عليه إيراداً بعدَ إيراد - : "لا تجعَل قلبَك للإيراداتِ والشبهاتِ مثل السِّفِنْجَة، فيتشرَّبها فلا ينضحَ إلا بها، ولكن اجعله كالزُّجاجة الْمُصْمتَة تَمُرُّ الشبهاتُ بظاهرها، ولا تستقرُّ فيها، فيراها بصفائه، ويدفعُها بصلابته، وإلا فإذا أشرَبْتَ قلبَك كلَّ شبهةٍ تمرُّ عليها صارَ مَقرَّاً للشبهات "أو كما قال .فما أعلمُ أني انتفعت بوصيةٍ في دفعِ الشبهاتِ كانتفاعي بذلك. وإنما سُمِّيت الشبهة شُبهةً لاشتباه الحقِّ بالباطلِ فيها؛ فإنها تلبِسُ ثوبَ الحقِّ على جسمِ الباطلِ وأكثَرُ الناس أصحابُ حُسنٍ ظاهرٍ، فينظرُ الناظر فيما أُلبِسَتْهُ من اللباسِ فيعتقدُ صحَّتَها.وأمَّا صاحبُ العلمِ واليقينِ ؛ فإنه لا يغترُّ بذلك، بل يُجاوِزُ نَظرَهُ إلى باطِنها وما تَحتَ لباسها، فينكشفُ له حقيقتُها، ومثالُ هذا: الدرهم الزَّائف؛ فإنَّه يغترُّ به الجاهلُ بالنقد نظراً إلى ما عليه من لباسِ الفضَّةِ والنّاقدُ البصيرُ يُجاوزُ نَظَرَهُ إلى ما وراءَ ذلكَ فيطَّلعُ على زيفهِ.فاللفظ الحسن الفصيح هو للشبهة بمنزلة اللباس من الفضَّةِ على الدِّرهم الزَّائفِ، والمعنى كالنُّحاسِ الذي تحته.وكم قد قَتلَ هذا الاغترارُ من خلقٍ لا يحصيهم إلا الله ! وإذا تأمَّلَ العاقلُ الفَطِنُ هذا القدرَ وتدبَّرَهُ رأى أكثَرَ الناسِ يقبلُ المذهَبَ والمقالَةَ بلفظٍ، ويردُّها بعينها بلفظٍ آخر. وقد رأيتُ أنا من هذا في كُتُبِ الناس ما شاء الله !وكم رُدَّ من الحقِّ بتشنيعهِ بلباسٍ من اللفظِ قبيح !وفي مثل هذا قال أئمَّةُ السُّنة - منهم الإمام احمد وغيره - : لا نُزِيلُ عن الله صفةً من صفاتهِ لأجلِ شناعَةٍ شُنِّعت، فهؤلاءِ الجهميَّةُ يُسمُّونَ إثباتَ صفاتِ الكمال لله - من حياته وعلمه وكلامه وسمعه وبصره، وسائرِ ما وصف به نفسه - تشبيهاً وتجسيماً، ومن أثبت ذلك مشبِّهاً ! فلا يَنفِرُ من هذا المعنى الحقِّ لأجلِ هذه التسمية الباطلةِ إلا العقولُ الصغيرةُ القاصرَةُ خفافيش البصائر. وكلُّ أهلِ نِحلَةٍ ومقالةٍ يكسونَ نِحلَتَهم ومقالتَهم أحسَنَ ما يَقدِرونَ عليه من الألفاظ، ومقالَةَ مُخالفيهم أقبحَ ما يقدرونَ عليه من الألفاظ. ومن رزقه الله بصيرةً فهو يكشفُ بها حقيقَةَ ما تحتَ تلكَ الألفاظِ من الحقِّ والباطلِ، ولا تغترُّ باللفظ، كما قيل في هذا المعنى:تقولُ هذا جَنى النَّحلِ تمـدحُهُ ... وإنْ تشأ قلتَ ذا قَيءُ الزَّنابيرِمدحا ً وذمّاً وما جاوَزْتَ وصْفَهُما ... والحقُّ قد يَعتريه سوءُ تعبيرِفإذا أردتَ الإطِّلاعَ على كُنهِ المعنى : هل هو حقٌّ أو باطلٌ ؟ فجرِّدهُ من لباسِ العبارة، وجرِّد قلبك من النَّفرَةِ والميل، ثمَّ أعطِ النَّظَرَ حقَّهُ، ناظراً بعينِ الإنصافِ، ولا تكُن ممن ينظرُ في مقالَةِ أصحابهِ ومن يُحسّنُ ظنَّهُ به نظراً تامّاً بكلِّ قلبهِ، ثم ينظرُ في مقالَةِ خصومهِ وممن يسيءُ ظنَّه به كنَظَرِ الشَّزَرِ والملاحظةِ، فالنَّاظرُ بعينِ العداوَةِ يرى المحاسنَ مساوئَ، والنَّاظرُ بعينِ المحبَّةِ عكسُهُ.وما سَلِمَ من هذا إلا من أرادَ الله كرامَتَهُ وارتضاهُ لقبول الحقِّ وقد قيل : وعينُ الرِّضا عن كُلِّ عيبٍ كليلَةٌ ... كما أنَّ عينَ السُّخطِ تبُدي المساوياوقال آخَرُ: نَظروا بعـينِ عـداوةٍ لو أنَّها ... عينُ الرِّضا لاستَحسنوا ما استقبحوافإذا كانَ هذا في نظرِ العينِ الذي يُدرِكُ الح سوسات، ولا يتمكَّن من المكابرةِ فيها، فما الظنُّ بنظرِ القلبِ الذي يُدرِكُ المعانيَ التي هي عُرضَةُ المكابرة ؟!والله المستعان على معرفةِ الحقِّ وقبوله، ورد الباطلِ وعدمِ الاغترارِ بهِ.

نقله لكم
www.aborashed.com (http://www.aborashed.com)
من كتاب: مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة ( 1 / 442-445 )

أم علي طويلبة علم
2016-08-28, 12:10 AM
وقال لي شيخُ الإسلام رضي الله عنه -وقد جعلتُ أوِردُ عليه إيراداً بعدَ إيراد -:

"لا تجعَل قلبَك للإيراداتِ والشبهاتِ مثل السِّفِنْجَة، فيتشرَّبها فلا ينضحَ إلا بها، ولكن اجعله كالزُّجاجة الْمُصْمتَة تَمُرُّ الشبهاتُ بظاهرها، ولا تستقرُّ فيها، فيراها بصفائه، ويدفعُها بصلابته، وإلا فإذا أشرَبْتَ قلبَك كلَّ شبهةٍ تمرُّ عليها صارَ مَقرَّاً للشبهات "أو كما قال .


جزاكم الله خيرا

أبو البراء محمد علاوة
2016-08-31, 04:23 AM
الفتنة نوعان :
- فتنة شهوات.
- وفتنة شُبهات .

أما فتنة الشبهات: فالسبب فيها هو ضعف القوة العملية، وهي العلم الذي يميز به بين الحق والباطل، وقلة العلم سيِّما إذا قارنه نوع هوى ضل صاحبه ضلالًا مبينًا.

مثاله: فتنة أهل البدع من ( المعطلة والمشبه وغيرهم، مثل التأويل الفاسد واتباع المتشابه، وتحريف الأدلة عن مواضعها ، وعدم إنزالها في مناطاتها)، فإنما ابتدعوا لاشتباه الحق عليهم بالباطل والهدى بالضلال، ولو أتقنوا العلم بما بعث الله به رسوله وتجردوا عن الهوى لما ابتدعوا .

أما فتنة الشهوات: فالسبب الرئيسي فيها هو ضعف القوة العملية، وهي إرادة العمل بالحق الذي تعلمته مع الحب التام له والبعد عن الباطل، سيَّما إذا قارنه ضعف النفس .
فالحاصل أنك إذا أردت النجاة من الفتن لابد لك من : ( علم نافع، وتقوى )، والعلم النافع : هو ما جاء به النبي ﷺ، وأشرف العلوم هو العلم بالله والعلم بعقيدة أهل السُّنة والجماعة.
فهذا يعينك عبد الله على فهم الأمور على حقيقتها، فلا يمرض قلبك بأي شُبهة من الشُّبه .
وبالتقوى تقوى العزائم على ترك المعاصي والبعد عنها، فحقيقة التقوى أن يقي العبد نفسه تعاطي ما تستحق به العقوبة من فعل أو ترك، قال ميمون بن مِهران: المُتَّقِي أشدُ محاسبة لنفسه من الشريك الشحيح لشريكه.
الحذر من الفتن (http://majles.alukah.net/t109467/)

أبو لقمان عبد الرحمن
2016-08-31, 10:38 AM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

أبو البراء محمد علاوة
2017-07-23, 02:29 PM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

آمين وإياكم

أم علي طويلبة علم
2017-07-24, 07:38 AM
[CENTER]الفتنة نوعان :
- فتنة شهوات.
- وفتنة شُبهات .

أما فتنة الشبهات: فالسبب فيها هو ضعف القوة العملية، وهي العلم الذي يميز به بين الحق والباطل، وقلة العلم سيِّما إذا قارنه نوع هوى ضل صاحبه ضلالًا مبينًا.


بارك الله فيكم، هي القوة العلمية أليس كذلك؟

أبو البراء محمد علاوة
2017-07-24, 03:22 PM
بارك الله فيكم، هي القوة العلمية أليس كذلك؟


وفيكم بارك الله
بلى، هي العلمية.

أبو أحمد القبي
2017-07-24, 09:56 PM
الشبهات لا بد لها من اجابات يطمئن لها القلب وتغلق مبكرا .
في شبابه وقوة عقله قبل أن يشيب ويخف عقله ويعاود الشيطان تكراراها فلا يقوى على ردها ..
وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله

أم علي طويلبة علم
2018-08-25, 02:59 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

صدقتم بارك الله فيكم، فقد كثر انتشار الشبهات بين المسلمين من خلال الشبكة التي أصبحت بين عوام الناس من خلال الهواتف،
واقترح مدارسة قواعد الرد على الشبهات التي ذكرها علماء أهل السنة، وذكر بعض ما ينتشر من شبهات في وسائل التواصل والرد عليها...

أم علي طويلبة علم
2018-08-25, 04:16 AM
‏منـقول من طالب علم-شبهات:

"ثلاثة أرباع الشبهات ستختفي لو استوعب الناس حقيقة أن الدين تخصص يتطلب دراسة كالطب والهندسة وغيرها، وليس مادة حوارية مبنية على الذوق ووجهات النظر.".


"بلغت العشرين ولم تفعل بعد شيئاً لأُمتك؟
ليس لديك تصور لما يمكنك فعله لأجلها؟
لم تبدأ في مشروع يخدمها بعد؟
بالله عليك ماذا تنتظر؟
قم يغفر الله لنا ولك وعِش كما عاش الأنبياء والصحابة والعلماء وخيار المسلمين ممن سبقوك ودع عنك حياة أهل الترف والفراغ.".


"‏لاتستغرب عندما ترى سرعة استحضار الأدلة والحجج والربط بين المواضيع عند أهل العلم،
فهم أقوام عكفوا على الكتب والدروس لسنين وسنين حتى بلغوا هذه المرحلة.
تريد أن تبلغ مابلغوا؟
اسلك نفس سبيلهم واصبر كما صبروا.".