تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تأملات وعبر من قصة موسى عليه السلام في القران(1)



أم أروى المكية
2016-08-17, 02:32 PM
ورد الحديث عن سيدنا موسى عليه السلام في القرآن الكريم ، أكثر من سائر الأنبياء ، فقد ورد اسم موسى في القران أكثر من مائة مرة ، في أكثر من ثلاثين سورة ...
وإذا تأملنا حديث القرآن عن موسى عليه السلام نجد أن رسالته كانت مرحلتين خاض في كل مرحلة منهما ملحمة كبرى المرحلة الأولى كانت مع فرعون وقومه .
والمرحلة الثانية كانت مع بني إسرائيل وبدأت المرحلة الأولى بالنداء عليه من قبل الله عز وجل من جانب الطور الأيمن إذ جاءه التكليف الإلهي" اذهب إلى فرعون انه طغى "
وكانت المرحلة الثانية بعد هلاك فرعون وخروج بني إسرائيل من مصر بعد أن نجاهم الله من عذاب واضطهاد الفرعون .
وقد خاض موسى عليه السلام ملحمة كبري من الصراع مع الطغيان والاستكبار ممثلا في فرعون وقومه ، وخاض ملحمة أخرى في بناء الأمة وإعادة تأهيلها بعد فترة الاستعباد والاضطهاد .
فالمرحلة الأولى : من رسالته عليه السلام كانت مرحلة الهدم ، والمرحلة الثانية مرحلة البناء .
وإذ تأملنا حديث القرآن عن كلا المرحلتين نجد أنه قد استفاض في الحديث عن المرحلة الأولى في العهد المكي ، فورد الحديث عن صراع موسى مع فرعون في سورة الأعراف وطه والشعراء والنمل والقصص والنازعات وكلها سور مكية ، وقد ناسب الحديث عن مرحلة مقاومة الطغيان والاستكبار المرحلة المكية حيث يواجه النبي صلي الله عليه وسلم قوى الشرك العتيدة في مكة ويصارع صناديد الاستكبار العالمي المتمثل في أهل مكة وقتها .
أما المرحلة الثانية : وهي مرحلة البناء بناء أمة بني إسرائيل وتجربتهم مع الوحي فقد عرضها القرآن في العهد المدني ، فورد الحديث عن انحرافات بني إسرائيل وتعنتهم مع موسي عليه السلام في سورة البقرة والنساء والمائدة والحشر والصف والجمعة حتى ان سورة الحشر سميت باحد فصائلهم سورة بني النضير وهكذا وهو يتناسب متطلبات المرحلة المدنية والمسلمون يقيمون دولتهم على هداية الوحي إذ يعرض لهم تجارب من سبقوهم وتجاربهم مع الوحي

ومما يلفت نظرنا في العرض القرآني لحياة هذا النبي الكريم في المرحلتين ما يلي :-
أولا :- كانت كل جولة تبدأ بلقاء جليل مع الله ولأن موسى اختص من بين الأنبياء بأنه كليم الله أي يتكلم مباشرة مع الله عز وجل بدون واسطة فكان الله عز وجل يعطيه التكليف ويزوده بالآيات التي تعينه على أداء رسالته .
فالجولة الأولى بدأت من جانب الطور الأيمن اذ ناده ربه بالوادي المقدس طوى قائلا له إنني أنا الله لا اله أنا " ثم أراه الآيات الكبرى من العصا واليد وغيرها وقال له " بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون "
وفي الجولة الثانية واعده ربه ثلاثين ليلة أتمها عليه بعشر فكانت أربعين ليلة وفي هذا اللقاء أعطاه التوراة وفي نسختها هدي ورحمة للذين هم لربهم يرهبون

ثانيا :- سنرى أن المرحلة الثانية كانت أصعب وأشق من الأولى أي أن مرحلة إعادة تأهيل بني إسرائيل ليكونوا أمة الوحي كانت اصعب واشق من جولة الصراع مع الفرعون وهذا هو الوضع الطبيعي فمرحلة البناء اصعب من مرحلة الهدم " فقد حكى القران هذا الموقف " فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا " وحكى "وألقى الألواح واخذ براس أخيه يجره إليه " وهي مواقف لم تحدث في مرحلة الفرعون .

ثالثا :- تحققت نتائج المرحلة الأولى كاملة في حياة موسى عليه السلام فهلك فرعون وجنوده واغرقوا وادخلوا نارا ، وشاهد موسى وقومه هذا المصير
أما المرحلة الثانية فقد مات موسى عليه السلام ولم تنتهي بعد اذ جاء بعده أنبياء يكملون مسيرته وقفي بعيسي ابن مريم حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم .

أم علي طويلبة علم
2016-08-17, 04:23 PM
جزاكِ الله خيرا وبارك فيك أم أروى

أم أروى المكية
2016-08-17, 09:15 PM
جزاكِ الله خيرا وبارك فيك أم أروى
وفيكِ بارك الله أختي الغالية أم علي .

أم أروى المكية
2016-08-18, 12:48 PM
هل فرعون من قوم موسى الذين أرسل إليهم أم أن قوم موسى هم فقط بنوا إسرائيل ؟

إن القرآن رغم كثرة الحديث عن موسى عليه السلام لم يذكر أن فرعون من قومه بل صرح أن قومه هم بنو إسرائيل والقرآن يتحدث أن موسى عليه السلام عندما كان يخاطب بني إسرائيل يخاطبهم يا قومي لكن لم يرد في القرآن أنه خاطب فرعون أو ملأه بهذا اللفظ .
ويرد الحديث في القرآن كثيرا عن بني إسرائيل بوصفهم قوم موسي فقال " وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) طه
" قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) طه ,
فكل ما ورد من لفظ قوم في القرآن منسوبا إلى موسى عليه السلام كان المقصود به بني إسرائيل وليس فرعون ، وإذ جمع الله في الطغيان قارون مع فرعون إلا أنه عند الحديث عن قارون منفردا ذكر أنه من قوم موسى .
واتفق العلماء أن قارون كان من بني إسرائيل وقيل أنه ابن عم موسي فلم يكن من آل فرعون
إذا فالأصل أن موسى عليه السلام رسول من بني إسرائيل الى بني إسرائيل ، لكن بني إسرائيل في ذلك الوقت كانوا تحت الفراعنة يسومونهم سوء العذاب ،يذبحون أبنائهم ، ويستحيون نسائهم .
وقد بلغت الفرعونية مداها في الطغيان لقد استقرت أخلاق الأمم الظالمة عند فرعون وتجمعت في شخصه كل مظاهر الانحراف عبر التاريخ .
فقد جمع غطرسة قوم نوح ، واستكبار عاد الذين قالوا من أشد منا قوة ، وفساد ثمود ،وانحرافات قوم شعيب ، كل هؤلاء تركوا بصماتهم على وجه فرعون فخرج لنا كائن يقول "أنا ربكم الأعلى"
ويقول "ما علمت لكم من اله غيري"
ويقول لهم " ما اريكم إلا ما أرى "
" وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ "

أبو مالك المديني
2016-08-18, 11:38 PM
بارك الله فيكم .

أم رفيدة المسلمة
2016-08-19, 02:12 PM
نفع الله بك أختي الفاضلة أم أروى .

أم أروى المكية
2016-08-21, 05:31 PM
بارك الله فيكم .
وفيكم بارك الله .

أم أروى المكية
2016-08-21, 05:32 PM
نفع الله بك أختي الفاضلة أم أروى .
بوركتِ أخيتي ونفعنا جميعا بما علمنا .

أم أروى المكية
2016-09-01, 10:45 PM
إن المتأمل في القرآن المكي يري بوضوح أنه قد استغرق واستوفي هذه المرحلة من رسالة موسى عليه السلام وانك لتلمح الفرق بين تناول القرآن المكي والقرآن المدني في هذا الأمر ونركز هنا على أمرين في غاية الوضوح


الملاحظة الأولى : في حديث القرآن عن موسى عليه السلام في المرحلة المكية يكون الخطاب عادة موجها للنبي صلى اله عليه وسلم مثل قوله تعالى " وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى "(9 ) طه .
وفي حديث القرآن عن موسى عليه في المرحلة المدنية يكون الحديث موجها إلى بني إسرائيل مثل قوله تعالى في سورة البقرة وهي من أوائل القران المدني" يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) البقرة .



ثانيا :- فأينما يبدأ حديث القرآن عن موسى في المرحلة المكية فيبدأ من ساعة تكليفه بالذهاب إلى فرعون وأينما يبدأ حديث القران عن موسى في المرحلة المدنية فيبدأ بالحديث عن بني إسرائيل عند خروجهم من مصر ونجاتهم من فرعون فذانك ملاحظتان أحببنا أن نبدأ بهما الحديث عن المرحلة الأولى من رسالة سيدنا موسي عليه السلام .


المرحلة الأولى من قصة موسى عليه السلام . وهي ملحمة كبرى في مقاومة الطغيان ومواجهة الفرعون حتى سقوطه وهلاكه هو وقومه غرقا في اليم


و كما قدمنا يبدا الحديث عادة في القران عنها بخطاب موجه للنبي صلي الله عليه ففي سورة طه " وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى " (10)
وفي سورة الشعراء " وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11)


وفي سورة القصص " نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " (3) وإذ لم ترد الإشارة مباشرة الى النبي فيكون القصص في سياق موجه ابتداء للنبي صلى الله عليه وسلم ففي سورة الأعراف مثلا يبدأ الحديث هكذا " ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ " (103) لكننا إذا تتبعنا بداية الحديث سنجد انه كان موجه الى النبي صلى الله عليه وسلم من قوله تعالى " تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) " ثم شرع في الحديث عن موسي فهو موجه ابتداء الى النبي صلى الله عليه وسلم .

وفي سورة النمل " إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ "(7) لكن ماسبقتها من آيات كانت موجه للنبي صلى اله عليه وسلم يقول تعالى " وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ " (6) النمل


لقد حفل القران الكريم طوال المرحلة المكية في ثلاثة عشر سنة بالحديث عن هذه المرحلة من رسالة سيدنا موسي عليه السلام في مقاومة الطغيان كما جمع القران في أكثر من آية بين موقف فرعون وموقف مشركي مكة ولذلك جاء في أول ما نزل من القران في سورة المزمل وهي السورة الثالثة في ترتيب النزول قوله تعالى " إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا" (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16) وفي سورة الدخان قوله تعالى: " وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ "
وفي سورة القمر" وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ " (41) كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ " (42) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ(43)

إن القرآن الكريم يجمع في كثير من المواقف، بين مشركى قريش، وبين فرعون وآله، وذلك لما بين الفريقين من تشابه كبير في الكبر، والاستعلاء والعناد، مع الجهل الذي يدفع بهذه القوى الغاشمة الجامحة، إلى حيث يلقون مصارعهم على يديها.وإنه كما فتن قوم فرعون بأنفسهم، وبما زين لهم الجهل والغرور، فرأى فرعون في نفسه أنه إله، ورأى الملأ من حوله أنهم أشباه آلهة- كذلك فتن المشركون من قريش بأنفسهم، ورأوا أنهم أكبر من أن يتلقوا شيئا من إنسان، ولو كان هذا الإنسان مرسلا من رب العالمين.