المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشكال في صنيع البيهقي في سننه والبغوي في شرح السنة، والجواب عنه



أبو مالك المديني
2016-04-26, 07:42 PM
في بعض الأحايين نرى أن البيهقي في سننه الكبير ، وكذا البغوي الصغير(1) في شرح السنة، يذكران أو يذكر الواحد منهما حديثا بإسناده ، ثم يقول بعد ذكر إسناده ومتنه :
أخرجه البخاري ومسلم .
أو: أخرجه البخاري في صحيحه .
أو: رواه مسلم في صحيحه .

مع العلم أن إسناد البيهقي - مثلا - هو نفس إسناد البخاري في الصحيح .

وإذا بك تجد الحديث في الصحيحين أو أحدهما ليس على الوجه الذي أورده البيهقي أو البغوي في بعض ألفاظ المتن ، فربما زيد في الحديث لفظة ليست عند المعزو إليه !

وأستحضر الآن مثالا على ذلك - والأمثلة كثيرة - وهو حديث الدعاء بعد الأذان :
قال الببيهقي في سننه الكبير :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو نَصْرٍ : أَحْمَدُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ أَحْمَدَ الْفَامِىُّ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِى وَعَدْتَهُ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ إِلاَّ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِى ». رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى الصَّحِيحِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ عَيَّاشٍ.اهــ

وإذا نظرنا إلى الحديث عند البخاري فليس فيه هذه اللفظة : "إنك لا تخلف الميعاد" !
قال البخاري رحمه الله في صحيحه، وقد أورده في موضعين بنفس الإسناد:
باب الدعاء عند النداء.
614- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

والموضع الثاني أورده تحت :
باب {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}.
4719- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.


والجواب عن ذلك :
أن كتاب سنن البيهقي ، ومثله شرح السنة للبغوي ، إنما هو بمثابة المستخرج على الصحيح إذا ذكر حديثا عندهما أو عند أحدهما وقال ما سبق ذكره آنفا : أخرجه البخاري أو مسلم .
فإذا أورد لفظ الحديث وعزاه إلى البخاري أو مسلم ، أو كليهما ، فهو لم يقل : أخرجه البخاري بهذا اللفظ ، أو بنفس اللفظ ، أو نحو ذلك ، بل قال أخرجه البخاري ، أو مسلم ، وهو بذلك يريد أنه أخرج أصل الحديث ، وليس لفظه بتمامه أو بحروفه ، فتنبه !

قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث :
الْكُتُبُ الْمُخَرَّجَةُ عَلَى كِتَابِ الْبُخَارِيِّ أَوْ كِتَابِ مُسْلِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمْ يَلْتَزِمْ مُصَنِّفُوهَا فِيهَا مُوَافَقَتَهُمَ ا فِي أَلْفَاظِ الْأَحَادِيثِ بِعَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ ، لِكَوْنِهِمْ رَوَوْا تِلْكَ الْأَحَادِيثَ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ ، طَلَبًا لِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ ، فَحَصَلَ فِيهَا بَعْضُ التَّفَاوُتِ فِي الْأَلْفَاظِ .
وَهَكَذَا مَا أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُونَ فِي تَصَانِيفِهِمُ الْمُسْتَقِلَّة ِ كَالسُّنَنِ الْكَبِيرِ لِلْبَيْهَقِيِّ ، وَشَرْحِ السُّنَّةِ لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيِّ ، وَغَيْرِهِمَا مِمَّا قَالُوا فِيهِ : " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَوْ مُسْلِمٌ " ، فَلَا يُسْتَفَادُ بِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْ مُسْلِمًا أَخْرَجَ أَصْلَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي اللَّفْظِ ، وَرُبَّمَا كَانَ تَفَاوُتًا فِي بَعْضِ الْمَعْنَى ، فَقَدْ وَجَدْتُ فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ بَعْضُ التَّفَاوُتِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى .
وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى هَذَا فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَنْقُلَ حَدِيثًا مِنْهَا وَتَقُولَ : هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ أَوْ كِتَابِ مُسْلِمٍ ، إِلَّا أَنْ تُقَابِلَ لَفْظَهُ ، أَوْ يَكُونَ الَّذِي خَرَّجَهُ قَدْ قَالَ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ .اهـــ

هذا بقطع النظر عن قول من قال : إن هذه اللفظة في بعض نسخ البخاري من رواية النسفي أو غيره ، فلا يثبت هذا القول ، وليست اللفظة في أكثر نسخ صحيح البخاري ، وهذا مبين في غير هذا الموضع ، وليس هو المقصود ، فتنبه !

ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ
(1) قصدت بالبغوي الصغير أي المتأخر وهو الحسين بن مسعود البغوي ، ت 516 صاحب شرح السنة ، وذلك تفريقا وتوضيحا للبغوي الكبير المتقدم ، وهو أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد ، ت 317 صاحب معجم الصحابة ، والجعديات وغير ذلك .

أبو البراء محمد علاوة
2016-04-26, 10:09 PM
أحسن الله إليك، شيخنا

محمد طه شعبان
2016-04-26, 11:03 PM
​نفع الله بكم شيخنا

أبو مالك المديني
2016-04-28, 06:36 PM
جزاكما الله خيرا حبيبي الكريمين .

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-10, 12:52 AM
ووجد مثل هذا في كلام أبي نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء.
قال أبو نعيم في الحلية: (4/ 128): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟» قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ. قَالَ: «اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، مَا لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا قَدَّمْتَ، وَمَالُ وَارِثِكَ مَا أَخَّرْتَ». وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ؟». قَالَ: قُلْنَا: الَّذِي لَا يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ، قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّ الصُّرَعَةَ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ». وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ». قَالَ: قُلْنَا: الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ. قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّ الرَّقُوبَ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا». صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، رَوَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ، حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَجَرِيرٌ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، وَأَبُو عَوَانَةَ فِي آخَرِينَ...

بل هو في المسند: (3626)، بهذا السياق، وقال محققو المسند: (قوله: "متفق عليه" فيه تساهل، فالقسم الثاني والثالث لم يروه البخاري في "صحيحه"، والقسم الأول لم يروه مسلم.
وأخرجه بتمامه أيضاً البخاري في "الأدب المفرد" (153) من طريق أبي معاوية -شيخ أحمد-، بهذا الإسناد.
والقسم الأول منه وهو قوله: "أيكم مال وارثه ... " أخرجه النسائي في "المجتبى" 6/273 من طريق أبي معاوية، به).

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-10, 12:58 AM
قال أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي ثم الاسكندراني المالكي (ت 611) ، فقد قال في (الأربعين المرتبة على طبقات الحفاظ) (ص 457)، ما بعد الطبقة التاسعة أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن بن مهرة المقرئ الحداد بأصبهان، حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا الحارث بن محمد، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي،حدثنا حميدٌ، عن أنس قال: كانت ناقةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضباء، وكانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين، فقالوا: سبقت العضباء يا رسول الله! فلما رأى ما في وجوههم قال: ((إن حقاً على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه)) .
قال أبو نعيم: هذا حديثٌ ثابتٌ صحيحٌ متفقٌ عليه، رواه عبد الله بن المبارك، وبشر بن المفضل، والمعتمر، وأبو خالد الأحمر وزهير، والفزاري في آخرين، عن (حميد) .
قال الشيخ أمده الله بمعونته: لم يعن أبو نعيم بقوله المشار إليه ((متفق عليه)) اتفاق البخاري ومسلم رحمة الله عليهما على إخراجه في كتابيهما، وإنما أراد به سلامة رجاله من الخلل وعدم الطعن فيه بعلةٍ من العلل فيما يظهر لي والله..

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=85158 8854968135&id=100003510852437&comment_id=851681698292184&notif_t=like&notif_id=1462826475065853

أبو مالك المديني
2016-05-12, 09:24 PM
نعم هذا الخلاف معروف في صنيع أبي نعيم ، ماذا يقصد من مصطلح ( متفق عليه ) ، والذي يظهر أنه يستخدم هذا المصطلح فيما رواه الشيخان بالفعل أحيانا كثيرة ، وفي غير ما سبق ذكره كأحد ألفاظ الترجيح عند ذكر أوجه الاختلاف على أحد رواة الحديث ، والله أعلم .

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-12, 09:48 PM
نعم هذا الخلاف معروف في صنيع أبي نعيم ، ماذا يقصد من مصطلح ( متفق عليه ) ، والذي يظهر أنه يستخدم هذا المصطلح فيما رواه الشيخان بالفعل أحيانا كثيرة ، وفي غير ما سبق ذكره كأحد ألفاظ الترجيح عند ذكر أوجه الاختلاف على أحد رواة الحديث ، والله أعلم .

وأحيانًا يذكرها في حديث ليس في الصحيحن.

أبو مالك المديني
2016-05-13, 03:04 PM
أشرت إلى هذا بقولي :

وفي غير ما سبق ذكره

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-13, 03:09 PM
أشرت إلى هذا بقولي :

وفي غير ما سبق ذكره

أحسن الله إليك

أبو مالك المديني
2016-05-13, 03:27 PM
آمين .

عبد الرحمن هاشم بيومي
2022-03-17, 08:37 AM
والجواب عن ذلك :
أن كتاب سنن البيهقي ، ومثله شرح السنة للبغوي ، إنما هو بمثابة المستخرج على الصحيح إذا ذكر حديثا عندهما أو عند أحدهما وقال ما سبق ذكره آنفا : أخرجه البخاري أو مسلم .
فإذا أورد لفظ الحديث وعزاه إلى البخاري أو مسلم ، أو كليهما ، فهو لم يقل : أخرجه البخاري بهذا اللفظ ، أو بنفس اللفظ ، أو نحو ذلك ، بل قال أخرجه البخاري ، أو مسلم ، وهو بذلك يريد أنه أخرج أصل الحديث ، وليس لفظه بتمامه أو بحروفه ، فتنبه !

هذا بقطع النظر عن قول من قال : إن هذه اللفظة في بعض نسخ البخاري من رواية النسفي أو غيره ، فلا يثبت هذا القول ، وليست اللفظة في أكثر نسخ صحيح البخاري ، وهذا مبين في غير هذا الموضع ، وليس هو المقصود ، فتنبه !

قد سمعنا مثل هذا بالأمس من الشيخ عاطف الفاروقي حفظه الله.


ووجد مثل هذا في كلام أبي نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء.
قال أبو نعيم في الحلية: (4/ 128):

وهناك أبو نعيم ءاخر وهو الحداد صنع مثل ما صنع البيهقي في المثال الذي ذكره عنه الشيخ أبو مالك حفظه الله.

وأستحضر الآن مثالا على ذلك - والأمثلة كثيرة - وهو حديث الدعاء بعد الأذان :
قال الببيهقي في سننه الكبير :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو نَصْرٍ : أَحْمَدُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ أَحْمَدَ الْفَامِىُّ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِى وَعَدْتَهُ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ إِلاَّ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِى ». رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى الصَّحِيحِ عَنْ عَلِىِّ بْنِ عَيَّاشٍ.اهــ

لم ينفرد البيهقي بهذا الصنيع.


خرجه أبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين [414]، فقال: (خ) حدثنا أحمد بن خلف [وهو أبو بكر الشيرازي]، قال:
ثنا محمد بن عبد الله [وهو أبو عبد الله الحاكم]، قال: ثنا محمد بن يعقوب، قال: أنا محمد بن عوف الطائي، قال:
ثنا علي بن عياش، قال: ثنا شعيب بن أبي حمزة، قال: حدثني محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة،
آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد؛ حلت له شفاعتي)). اهـ.

وقد قال أبو نعيم الحداد في مقدمة كتابه هذا:
ثم إن أحد أعيان الوقت من أئمة الدين، وجماعة من إخواني -رعاهم الله بتوفيقه- اقترحوا علي في أن ألخص لهم من الكتابين الصحيحين، ...
فلم أكن أبت القول لهم في ضمان ذلك، إلى أن بدر يوما على لساني: سأفعل، فصرت رهين قولي، فلم أستجز الإخلال بوعدي،
وقلت: لعل الله تعالى ينفع به الناس من بعدي، ورعيت حرمة من اختلفت في سالف الدهر إلى أبيه، وحقوق إخوته الذين يلونه، وكل واحد منهم يمت مني بماتة قوية، ويقرب بذمة مرعية، فإنهم للناس سادة، كما هم للدين قادة، وتقربي إليهم بحبي لهم عادة، وبذلك أرجو الخلاص، وأوليهم في شهادتي هذه الإخلاص؛ دعوى صديق صادق، غير مماذق، واستوفقت الله تعالى، ولخصت لهم ما سألوني، وخرجته بأسانيدي التي كنت استنفذتها من مشايخي الماضين؛ أسوة بمن تقدمني في التخريج على حسب ما لا يشذ عنه أثر يتضمن معنى لا يوجد في غيره، إما مستوفقا، أو مستبدلا بدلا يقرب المسافة، ويأمن السالك فيه الآفة.
وضاق علي الوقت فيه، فليعذرني من طالعه؛ فإني لم أنفس فيه الأيام، ولم أجف فيه الأقلام، ولم أختر لنفسي الإجمام،
بعد أن احتجت فيه إلى مطالعة الكتابين مرات كنت أقوم فيها وأقعد،
وكلما قلت: استقربت الأمر وجدتني من بعده أستوغر وأستبعد، إلى أن سهل الله المرام، وقرب الاختتام.
وبوبت الكتاب تبويبا، ورتبته ترتيبا قريبا، يهتدي إليه الطالب إن شاء الله عز وجل". اهـ.
[قلت عبد الرحمن]: وهذه العبارات يتجلى فيها الصدق والتواضع، رحمه الله وغفر له.