مشاهدة النسخة كاملة : تبصير العابد بجواز مكث الحائض في المساجد
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:29 AM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو إعلام عامة المسلمين بترجيح قول من جوز مكث الحائض في المسجد ،وهو قول المزني صاحب الإمام الشافعي وقول الإمام داود وابن حزم الظاهريان ، و في رواية عن أحمد .
وسبب ترجيح قولهم هو عدم وجود نص صحيح صريح في حرمة مكث الحائض في المسجد ،وأدلة جمهور العلماء إما صحيحة غير صريحة أو صريحة غير صحيحة
فقد استدل الجمهور بقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً ﴾ ( النساء : 43 ) فقالوا لا تجوز صلاة الجنب إجماعاً وقوله﴿ إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ﴾ يقصد بها من يمر مرور الكرام من المسجد فله ذلك والحائض أغلظ من الجنب فمنعها من المكث في المسجد من باب أولى ،ويرد على الجمهور بأن المراد الصلاة ذاتها لا المسجد فيكون المعنى : ولا تقربوا الصلاة جنباً إلا بعد أن تغتسلوا إلا فى حال السفر فصلوا بالتيمم ،ولذا قال تعالى بعدها : ﴿وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴾ فقوله تعالى : ﴿ لا تَقْرَبُوا الصلاةَ ﴾ المراد بها الصلاة ذاتها ، و ليس موضع الصلاة , و الأرض إنما هي مسجد إلا القبر والحمام , والقول بأن المقصود موضع الصلاة خلاف الأصل ،وإذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال فبقى الحكم على البراءة الأصلية .
ويؤيد هذا ما رواه البخاري من مكث أهل الصفّة في المسجد و لا شك أنهم كانوا يجنبون ، وأن ابن عمر كان ينام و هو شاب أعزب لا زوج له في المسجد النبوي ،واستدل الجمهور بما رويَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ) ،وهذا الحديث غير صحيح فمدار الحديث على جُسرة ، وهى لا تحتمل التفرد ، وممن ضعفه الخطابي و البيهقي وعبد الحق الإشبيلي و ابن حزم والنووي والألباني ( انظر المحلى لابن حزم 1/401 ، إرواء الغليل للألباني حديث رقم 193 )
واستدل الجمهور بما رواه مسلم أن عائشة قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ناوليني الخمرة من المسجد " قالت : فقلت : إني حائض . فقال : "إن حيضتك ليست في يدك " قالوا هذا الحديث يدل على أن المتقرر عند عائشة أن الحائض ممنوعة من دخول المسجد ،ولذلك اعتذرت عن تنفيذ الأمر لكونها حائضاً . و أنه صلى الله عليه وسلم أقرها على هذا الاعتذار ،وإنما بين لها أن الحيضة ليست في اليد فمجرد إدخال اليد في المسجد لا يدخل في النهي ،ويرد عليهم تحرج عائشة إنما هو من مسك الخمرة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " إن حيضتك ليست في يدك " ، وسياق الحديث يدل عليه وليس التحرج من دخول المسجد ،ولو كان في الحديث احتمال ما قالوا فالقاعدة إذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال .
واستدل الجمهور بأمر النبي صلى الله عليه وسلم اعتزال الحيض عن مصلى النساء قالوا إذا منع صلى الله عليه وسلم الحائض من دخول المصلى فمنعها من دخول المسجد أقوى ؛ لأن حرمة المسجد أشد توقيراً وتعظيماً من حرمة المصلى ،ويرد عليهم بأن المقصود من اعتزال المصلى اعتزال الصلاة ،بدليل رواية مسلم فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ، واستدل الجمهوربما رواه البخاري أنه صلى الله عليه وسلم فى الاعتكاف كان يخرج رأسه من المسجد ، فترجل رأسه عائشة ،وهى حائض فلو كان دخولها المسجد جائزا لكان هذا أيسر عليه صلى الله عليه وسلم لاسيما وهو معتكف فلا يلجأ أن يخرج رأسه وهو معتكف ومعلوم أن المعتكف لا يجوز أن يخرج من المسجد وإلا بطل اعتكافه ، وأيضاً لا ينبغي له أن يخرج جزءا من أجزاءه خارج المسجد ،ويرد عليهم بأن الحديث ليس صريحاً فى منع الحائض من دخول المسجد فهو مجرد فعل غاية ما فيه جواز إخراج المعتكف رأسه من المسجد ليغسله أهله ، و قد يكون عدم دخولها لعلة أخرى غير الحيض كأن يكون بالمسجد رجال ونحو ذلك، وإن احتمل الحديث قولهم فمن المقرر في الأصول أنه إذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال
و قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما جاءها الحيض و هي في الحج " ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم , فافعلي ما يفعله الحاج غير ألا تطوفي بالبيت " رواه البخاري فمنع النبي صلى الله عليه وسلم عائشة الطواف بالبيت فقط ،و لم يمنعها من بقية المناسك و العبادات للحاج مثل قراءة القرآن و المكث في المسجد لذكر الله , فلو كان مكوثها في المسجد ممنوعا لبين لها صلى الله عليه وسلم ذلك
وأخرج ابن منصور فى سننه بإسناد حسن أن بعض الصحابة كانوا يجنبون و يجلسون في المسجد وهم على وضوء فقط فيجوز إذاً من غير وضوء ؛ لأن الوضوء لا يرفع الحدث الأكبر هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وكتب ربيع أحمد طب عين شمس الجمعة 26/1/ 2007 م
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:34 AM
اختلف الفقهاء فى جواز مكث الحائض فى المسجد على قولين المنع ،وهذا هو قول جماهير أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة يرونَ أنه لا يجوز للمراءة الحائض أن تدخل المسجد،والقول الآخرالجواز، ، وبهذا قال الإمام أحمد في رواية عنه وهو قول المزني صاحب الإمام الشافعي وبه قال الإمام داود وابن حزم الظاهريان،وحكم المنع عند المانعين خاص بالحائض دون المستحاضة والمستحاضة لا تاخذ حكم الحائض ،ولها دخول المسجد والمكث فيها وحضور مجالس العلم والذكر و حلقات القرآن فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعتكف مع بعض نساءه وهي مستحاضة ترى الدم فربما وضعت تحتها الطست من الدم فهذا الحديث به دلالة واضحة جداً على جواز مكث المستحاضة فى المسجد لأنها دخلت مع النبي-صلى الله عليه وسلم- والنبي يعلم أنه ينزل عليها دم الأستحاضة واقرها على ذلك.
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:36 AM
الدليل الأول :
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْعَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً﴾ [ النساء : 43]
وجه الدلالة من الآية كما قالوا :
قوله﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ﴾ فالصلاة إما أن تكون الركوع والسجود أو تكون موضع الصلاة ،والمقصود بها المسجد،وموضع الصلاة مقول و القرينة هى ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ﴾ لأن الجنب لا يجوز له أن يصلي ،ولا تصح صلاته أذن ليس المقصود هنا الركوع والسجود ،ولكن مكان الصلاه ؛لأنه بالإجماع لا تجوز صلاة الجنب وقوله﴿ إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ﴾ يقصد بها من يمر مرور الكرام من المسجد فله ذلك والحائض أغلظ من الجنب فتمنع من المسجد إذن وجه الدلالة عندهم : إذا منع الجنب من المسجد إذن من باب أولى أن تمنع الحائض .
مناقشة الاستدلال :
هذا أحد تأويلى السلف لمعنى الآية ، والتأويل الآخر أن المراد الصلاة ذاتها لا المسجد فيكون المعنى :ولا تقربوا الصلاة جنباً إلا بعد أن تغتسلوا إلا فى حال السفر فصلوا بالتيمم ،ولذا قال بعدها :﴿وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴾ فقـوله تعالى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ﴾المراد بها الصلاة ذاتها ، و ليس موضع الصلاة , وذلك لأن الأرض إنما هي مسجدكما في الحديث الذي أخرجه البخاري و غيره من حديث جابر بن عبد الله " وجعلت لي الأرض مسجدا و طهورا " , وهذا القول هو قول آخر في الآية لعلي بن أبي طالب و ابنعباس و سعيد بن الجبير و الضحاك، ،والقول بأن المقصود موضع الصلاة خلاف الأصل ، و إذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال فبقى الحكم على البراءة الأصلية ، و يؤيد هذا ماروى البخارى من مكوث أهل الصفّة في المسجد باستمرار و لا شك أنهم كانوا يجنبون , و كان عبد الله بن عمر ينام و هو شاب أعزب لا زوج له في مسجد النبي صلى اللَّه عليه وسلم متفق عليه ،وذهاب بعض العلماء إلى قياس الحيض و النفاس على الجنابة في حرمة المكث ،وإن كان خلاف الصحيح فهوغير مسلّم ، بل الظاهر أنّ حكمهما مختلف لوجود الفارق بين الحالتين ، إذ يُفرَّقُ بين الجنابة و بين الحدث الأكبر الحاصل بالحيض و النفاس ، بكون رفع الجنابة مقدوراً عليه في كلّ وقت ، بخلاف ما يعرِض للمرأة من شئون النساء التي لا ترتفع إلا لأجل الله أعلم به فالجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالاغتسال ، و أما الحائض فليس باختيارها أن تزيل هذا المانع.
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:37 AM
الدليل الثانى :
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إني لا أحل المسجدلحائض ،و لا جنب)[1] .
مناقشة الدليل :
هذا الحديث حديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن مدار الحديث على جُسرة ،وهى لاتحتمل التفرد،وممن ضعفه الخطابي والبيهقي وعبد الحق الإشبيلي والنووي والألباني وبالغ ابن حزم فقال:[ إنه باطل ][2].
[1] - رواه أبوداود232 والبيهقى 2/442 و ابن خزيمة 2/284
[2]- انظر المحلى لابن حزم 1/401 ، إرواء الغليل للألبانى 1/ 162 .
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:39 AM
الدليل الثالث :
قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "ناوليني الخمرة من المسجد" قالت فقلت: اني حائض. فقال "إن حيضتك ليست في يدك". رواه مسلم
وجه الدلالة كما يقولون :
" وجه الدلالة منه أمران : الأول:- أن المتقرر عند عائشة رضي الله عنها أن الحائض ممنوعة من دخول المسجد ،ولذلك اعتذرت عن تنفيذ الأمر لكونها حائضاً . الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم أقرها على هذا الاعتذار ،وإنما بين لها أن الحيضة ليست في اليد فمجرد إدخال اليد في المسجد لا يدخل في النهي ، وهذا يدل على أن المتقرر عندهم هو أن الحائض ممنوعة من دخول المساجد ، ولأنه يخشى من تلويث المسجد بشيء من نجاسة دم الحيض ،وهو بقعة الصلاة التي يطلب طهارتها .
مناقشة الاستدلال :
تحرجت عائشة رضى الله عنها أن تمسك الخُمرة ، وهى السجادة التى سيصلى عليها النبى فى حال حيضها بدليل قوله"إن حيضتك ليست في يدك" ولم تتحرج من دخول المسجد فبطل الاستدلال به ،ولو كان في الحديث احتمال ماقالوا فالمقرر فى أصول الفقه إذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال.
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:40 AM
الدليل الرابع :
أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن نخرج الحيض يوم العيدين، وذوات الخدور، فيشهدان جماعة المسلمين ودعوتهم، ويعتزل الحيض عن مصلاهن، قالت امراة: يا رسول الله، أحدانا ليس لها جلباب؟ قال: (لتلبسها صاحبتها من جلبابها) .
وجه الدلالة من هذا الحديث كما يقولون :
إذا منع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحائض من دخول المصلى فلأن تمنع من دخول المسجد أقوى ؛لأن حرمة المسجد أشد توقيراً وتعظيماً من حرمة المصلى من باب أولى.
مناقشة الدليل :
المقصود من اعتزال المصلى اعتزال الصلاة ،فقدر وى الحديث نفسه بلفظ (( فأما الحيض فيعتزلن الصلاة)) وهى فى صحيح مسلم وغيره
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:41 AM
الدليل الخامس :
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كما فى الحديث الذى رواه البخارى فى الاعتكاف يخرج رأسه من المسجد ،وهو معتكف فترجل رأسه عائشة-رضي الله عنها - وهى حائض فلو كان دخولها المسجد جائز لكان هذا أيسر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا سيما وهو معتكف فلا يلجأ يخرج رأسه وهو معتكف - ومعلوم أن المعتكف لا يجوز أن يخرج من المسجد وألا بطل اعتكافه - وأيضاً لا ينبغي له أن يخرج جزء من أجزاءه خارج المسجد .
مناقشة الاستدلال :
ليس الحديث صريحاً فى منع الحائض من دخول المسجدفقد يكون عدم دخولها لعلة أخرى غير الحيض كأن يكون بالمسجد رجال ونحو ذلك، ولو كان في الحديث احتمال ماقالوا فالمقرر فى أصول الفقه إذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال.
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:42 AM
الدليل السادس :
أن القول بمنع المكث ناقل عن الأصل ،و الدليل الناقل عن الأصل مقدم على الدليل المبقي على البراءة الأصلية .
مناقشة الدليل السادس :
هذا لوكان ما استدل به المانعون استدلالاً صحيحاً أما أدلة المانعون إما أدلة ضعيفة غير صحيحة أوصحيحة غير صريحة.
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:50 AM
الدليل الأول : البراءة الأصلية إذ ان الأصل عدم النهي إلا أن يأتي دليل صحيح صريح يدل على منع دخول المرأة الحائض المسجد .
الدليل الثانى: العلماء أجازوا للكافر دخول المسجد رجلاً كان أو امرأة والمكث فيه فالمسلم أولى ،وإن كان جنباً والمسلمة كذلك وإن كانت حائضاً فإن كان المنع من دخول المسجد والمكث فيه بسبب النجاسة المعنوية ، فهو منقوضبدخول الكافر ، وإن كان المنع بسبب النجاسة الحسية فهو منقوض بدخولالأطفال المسجد مع عدم تحرزهم عن النجاسة ، بل ثبت في البخاري من حديث ابن عمر : " أن الكلاب كانت تقبل وتدبر " زاد في رواية " وتبول ". وإن قالوا الشرع فرق بين الكافر والمسلم فقام الدليل على تحريم مكث الجنب والحائض فهذا قياس مع النص نقول قولكم يكون حجة إذا ثبت وجود نص صحيح صريح فى المنع من المكث فى المسجد ولا يوجد.
الدليل الثالث :
عن عائشة -رضي الله عنها وأرضاها – قالت :إن وليدة سوداء كانت لِحَي من العرب فاعتقوها فجاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسلمت فكان لها خباء في المسجد )
قال ابن حزم : فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمعهود من النساء الحيض فما منعها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
مناقشة الاستدلال :
رد المانعون على هذا الاستدلال بما يلى: - يحتمل أنها كانت تقيم بالمسجد ،ووقت حيضها تخرج من المسجد . - ويحتمل مكوثها فى المسجد ،وهى حائض وعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وتركها ولم يخرجها من المسجد ولم ينهاها فهذه سنة تقريرية و ظاهره تعارض مع السنة القولية فأنه مقدم السنة القولية لأنه اقوى فى الدلالة من السنة التقريرية وهذا مكرر عند علماء الحديث وعلماء الأصول . - إن كان النبي-صلى الله عليه وسلم- علم بحيضها وتركها بالمسجد - فهذه واقعة عين (( ووقائع العين عند العلماء لا يجوز القياس عليها )) حال المرأة بأنها شريدة وحيدة فريدة لا مكان لها يأويها فالنبي-صلى الله عليه وسلم- علم بحيضها فأستثناها من الحكم العام وللشرع أن يستثني ما شاء من الحكم العام فيكون التأصيل العام هو انه لا يجوز للحائض الدخول المسجد . - لا نقول أنها واقعة عين ولكن نقول أنه حكم خاص لهذه المرأة السوداء والنبي -صلى الله عليه وسلم- سمح لها بالمكوث فى المسجد للضرورة والضرورات تبيح المحظورات .
رد رد المانعون :
أما عن الاحتمال الأول فهذا خلاف الأصل ويحتاج دليل ،ولادليل،ولوكان المتقرر عند عائشة رضي الله عنها أن الحائض ممنوعة من المكث فى المسجد ، لقالت وكانت وقت حيضها تخرج من المسجد،أماقولهم فهذه سنة تقريرية و ظاهرالحديث تعارض مع السنة القولية فخطأ ؛ لأنه لاتوجدسنة قولية صحيحة صريحة فى منع مكث الحائض فى المسجد،وقولهم استثناها النبى صلى الله عليه وسلم من الحكم العام قول يحتاج لدليل فأين الدليل على هذا الحكم العام كما يقولون؟!!
الدليل الرابع :
قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما جاءها الحيض و هي في الحج " ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم , فافعلي ما يفعله الحاج غير ألا تطوفي بالبيت " [1]. فمنع رسول الله عائشة الطوافبالبيت فقط و لم يمنعها من بقية المناسك و العبادات للحاج مثل قراءة القرآن و اللبثفي المسجد لذكر الله, فلو كان مكوثها في المسجد ممنوع لبينلها صلى الله عليه و سلم ذلك , فإذا كان هذا هو حالالحائض التي جنابتها هي أشد من جنابة الرجل , فجواز ذلك له من باب أولى .
مناقشة الاستدلال : أراد عليه الصلاة والسلام أن يعلمها بأنه يجوز للحائض أن تقوم بكل مناسك الحج إلا الطواف ،وأما حكم دخولها المسجد فمعلوم عندها أنه ممنوع إذ هى راوية الحديث .
رد رد الاستدلال :
قولهم يصح لوكان حديث عائشة فى المنع من المكث صحيحا.
الدليل الخامس :
ماروى البخارى من مكوث أهل الصفّة في المسجد باستمرار و لا شك أنهم كانوا يجنبون ، و كان عبد الله بن عمركما فى الصحيحين ينام و هو شاب أعزب لا أهل له في مسجد النبي صلى اللَّه عليه وسلم ، والشاب يعتريه الاحتلام كثيراً،ولم يُنه عن المكث فى المسجد حال الجنابة.
رد الاستدلال :
أهل الصفة مستثنون ؛لأنهم ليس لهم أهل ولامال ،وأما ابن عمرفلم يذكر أن النبى عليه الصلاة والسلام اطلع على هذا وأقره .
رد رد الاستدلال :
استثناء أهل الصفة فغير مسلم ؛لأن بإمكانهم الاغتسال أو على الأقل التيمم إذا تعذر وجود الماء،وأما قولهم بعدم إطلاع النبى على فعل ابن عمرو فغير مسلم أيضاً؛ أنه لو خفى على النبى فإنه لا يخفى على الله فكان ينبغى أن يخبره الوحى بذلك فينهاه.
الدليل السادس:
أثر عطاء أن رجالاً من أصحاب رسول الله كانوا يجنبون و يجلسون في المسجد وهمعلى وضوء فقط[2] , فيجوز إذا من غير وضوء ؛لأن الوضوء لا يرفع الحدث الأكبر , وإنمايخففه فقط كما يقول العلماء.
الدليل السابع :
عن ميمونة قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يضع رأسه في حجرإحدانا، فيتلو القرآن ، وهي حائض . وتقومإحدانابالخ مرة إلى المسجد ، فتبسطها ، وهي حائض)[3].
وجه الدلالة :
فدل ذلك على جواز مرور الحائض في المسجد , فإن كان ذلك للحائض التي حيضتها ليستبيدها فماذا يكون الحال بالنسبة للجنب الذي يمكنه أن يغتسل و يتخلص من جنابته؟ فجوازه للجنب من باب أولى إذًا .
[1] -رواه البخارى في صحيحه رقم 1650
[2] - أخرجه سعيد بن منصور فى سننه بإسناد حسن4/1275
[3]- رواه النسائي في سننه وصححه الألباني في صحيحة سنن النسائي رقم 272
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:51 AM
القول بجواز مكث الحائض فى المسجد ،هو القول الراجح ؛لأنه يوافق الأصل،ولايوجد ما يخالف الأصل بل يوجد ما يؤيده أما أدلة الجمهور فهى إما صحيحة غير صريحة أوصريحة غير صحيحة،ومن أنصار هذا القول من المعاصرين أبو مالك كمال بن السيد سالم فى كتابه صحيح فقه السنة ،والأستاذ الدكتور حسام الدين موسى فى كتابه يسألونك واختار هذا القول العلامة الألباني كما في تمام المنة في التعليق على فقه السنة ص 119هذا و بالله التوفيق والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات. وكتبه ربيع أحمد سيد طب عين شمس الخميس18جماد آخر1427هـ 13يوليو 2006 مـ
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 11:58 AM
القول بجواز مكث الحائض في المسجد ليس قولا شاذا فالقول الشاذ هو القول الذي سبقه إجماع مستقـر، أو هو القول الذي جمع مع المخالفة التفرد بلا دليلٍ معتبر و مسألة مكث الحائض في المسجد غير مجمع عليها ، وقول جماهير أهل العلم ليس بحجة فالحجة ما أجمع العلماء عليه ولا إجماع هاهنا ،ولو سلمنا جدلا أن المخالف عالم واحد فقد جرى في عصر الصحابة خلاف الواحد منهم ،ولم ينكروا عليه بل سوغوا له الاجتهاد فيما ذهب إليه مع مخالفة الأكثر، ولو كان إجماع الأكثر حجة ملزمة للغير لأخذ به ، ولأنكروا على المخالف ،ولو أنكروا لنقل إلينا ذلك ،والمنقول عنهم الإقرار فدل هذا على أن إجماع الكثرة ليس بحجة ، ومن ذلك اتفاق أكثر الصحابة على امتناع قتال مانعي الزكاة مع خلاف أبي بكر لهم ، وكذلك خلاف أكثر الصحابة لما انفرد به ابن عباس في مسألة العول وتحليل المتعة وأنه لا ربا إلا في النسيئة ،وكذلك خلافهم لابن مسعود فيما انفرد به في مسائل الفرائض ، ولزيد بن أرقم في مسألة العينة ، ولأبي موسى في قوله: النوم لا ينقض الوضوء ، ولأبي طلحة في قوله بأن أكل البرد لا يفطر إلى غير ذلك ،ولو كان إجماع الأكثر حجة، لبادروا بالإنكار والتخطئة، فإن قيل قد أنكروا على ابن عباس خلافه في ربا الفضل في النقود، وتحليل المتعة ، و العول نقول بأن إنكار الصحابة على ابن عباس فيما ذهب إليه لم يكن بناء على إجماعهم واجتهادهم، بل بناء على مخالفة ما رووه له من الأخبار الدالة على تحريم ربا الفضل ونسخ المتعة، على ما جرت به عادة المجتهدين في مناظراتهم، والإنكار على مخالفة ما ظهر لهم من الدليل حتى يبين لهم مأخذ المخالفة فما وجد منهم من الإنكار في هذه الصور لم يكن إنكار تخطئة بل إنكار مناظرة في المأخذ .
لا يوجد نص لدى المانعين في المسألة والصحيح من أدلتهم غير صريح كحديث ناوليني الخمرة فهي تحرجت من مسكها باليد ، وكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك إن حيضتك ليست في يدك ، ويقوي هذا أن المناولة تكون باليد لا بالجسد ثم كيف يستدل بالترك على المنع فإذا كان الفعل نفسه لا يدل على الوجوب فكيف يكون الترك دالا على التحريم ؟
يحيى صالح
2008-04-29, 06:06 PM
أخي الفاضل / ربيع
جزاك الله خيرًا
لم أكن أعلم باشتراكك بهذا المجلس إلا بعد مشاهدتي موضوعك هذا .
بارك الله فيك
لا تنسَ أن تضعه بالمرفقات ( وورد )
ربيع أحمد السلفي
2008-04-29, 06:55 PM
أخي الفاضل / ربيع
جزاك الله خيرًا
لم أكن أعلم باشتراكك بهذا المجلس إلا بعد مشاهدتي موضوعك هذا .
بارك الله فيك
لا تنسَ أن تضعه بالمرفقات ( وورد )
جزاكم الله خيرا أخي الحبيب يحيي
البحث على الروابط الاتية :
http://www.mediafire.com/upload_complete.php?id=xmt1cij f9ci
http://uploadmachine.com/file/1874/--------------------------------------------------------------------------------doc.html
تبصير العابد بجواز مكث الحائض في المساجد على هذا الرابط :
http://uploadmachine.com/file/1875/-----------------------------------------------------------------doc.html
أبو مالك العوضي
2008-04-29, 07:27 PM
الأخ الكريم صاحب الموضوع :
أولا : اسمح لي بتغيير عنوان الموضوع إلى نقاش أو حوار أو ما شابه ذلك .
ثانيا : ماذا تقول في حكم الحائض إذا مكثت في المسجد فنزل منها دم لوث المسجد ، هل هذا جائز؟ وإذا قلت غير جائز، فما الدليل (الصحيح الصريح) على عدم جوازه؟
ثالثا : ما الدليل (الصحيح الصريح) على أن المرأة التي كان لها حفش في المسجد لم تكن تتغوط في المسجد؟
رابعا : كلمة (الدليل الصحيح الصريح) هذه كلمة فضفاضة تختلف فيها وجهات النظر، فما تظنه أنت دليلا صريحا يراه غيرك وهما لا يصح في عقل عاقل، وما تراه أنت وهما يراه غيرك من علماء السلف والخلف دليلا صحيحا صريحا.
خامسا : اتفق أهل العلم على أن ظاهر النصوص يكفي في الاستدلال ، ولا يشترط أن يكون كل حديث أو آية ( نصا ) في محل النزاع ؛ لأن أكثر النصوص يرد عليها بعض الفهوم المختلفة .
سادسا : قولنا ( عند الاحتمال يسقط الاستدلال ) معناه إذا كان الدليل محتملا احتمالات متساوية أو قريبة من التساوي ، أما إذا كان الدليل راجحا في أحد الاحتمالات مرجوحا في غيرها ، فالاستدلال به صحيح اتفاقا .
سابعا : الراجح الذي لا ينبغي القول بسواه أن الحائض لا يجوز لها المكث في المسجد ، والقول بخلاف ذلك قول شاذ لا يبعد أن يكون مخالفا مبتدعا بعد عهود السلف .
ثامنا : حديث عائشة ( حيضتك ليست في يدك ) واضح الدلالة في المطلوب ؛ لأنه واضح جدا في التفريق بين اليد وبين غيرها، فإما أن نقول إن ذكر اليد في الحديث له فائدة ، وإما أن نقول إن كلام الرسول لا فائدة منه ، وحاشاه !
أبو عبدالرحمن الطائي
2008-04-29, 09:22 PM
سابعا : الراجح الذي لا ينبغي القول بسواه أن الحائض لا يجوز لها المكث في المسجد ، والقول بخلاف ذلك قول شاذ لا يبعد أن يكون مخالفا مبتدعا بعد عهود السلف .
جزاك الله خيراً فضيلة الشيخ، وأثابك الجنة.
أراكم ـ حفظكم الله تعالى ـ قد قطعتم أي أمل بما اقترحتم من تغيير عنوان الموضوع إلى نقاش أو حوار أو شبه ذلك، بقولكم هذا.
أما العبد الفقير فيبدأ هذا الحوار بالقول:
الراجح في هذا المسألة جواز دخول الجنب والحائض المسجدَ مروراً أو مكثاً لعدم الدليل، استصحاباً للأصل ، وهو الإباحة، ولضعف أدلة النهي ثبوتاً أو دلالةً، وللعلامة أبي عبد المعز محمد علي فركوس فتوى مفصلة ماتعة في ذلك، ولبعض طلبة العلم رسالة بعنوان "السبيل المرشد لمعرفةِ حُكمِ مكثِ الُجنبِ والحائضِ في المســجِـد" انفصل فيها إلى جواز المكث لهما.
وهذا نص فتوى العلامة الفركوس ـ حفظه الله تعالى ـ :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فلم يرد دليل ثابت وصريح في حق الحائض ما يمنعها من دخول المسجد، والأصل عدم المنع، وقد وردت جملة من المؤيدات لهذا الأصل مقررة للبراءة الأصلية منها: ما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها فيما رواه البخاري وغيره:" أنّ وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش"(١) ولا يخفى عدم انفكاك الحيض عن النساء إلا نادرا، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنّه أمرها باعتزال المسجد وقت حيضتها والأصل عدمه، ولا يصح أن يعترض عليه بأنّه واقعة عين وحادثة حال لا عموم لها، لأنّ الذي يضعف صورة تخصيصها بذلك كون القصة مؤكدة للبراءة الأصلية، يؤيدها عموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إنّ المسلم لا ينجس»(٢) ويقوي هذا الحكم مبيت أهل الاعتكاف في المسجد مع ما قد يصيب المعتكف النائم من احتلام، والمعتكفة من حيض، وهي أحوال غير خفيّة الوقوع في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم ومنتشرة انتشارا يبعد معه عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وهو المؤيَّد بالوحي.
ويشهد للأصل السابق قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها في حجة الوداع لمّا حاضت: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»(٣)، ولم يمنعها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الدخول إلى المسجد والمكث فيه، وإنّما نهاها عن الطواف بالبيت، لأنّ الطواف بالبيت صلاة، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "إنّ أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قدم مكة أنّه توضأ ثمّ طاف بالبيت"(٤) فهذا يدل على وجوب الطواف على طهارة، بناء على أنّ كلّ أفعاله صلى الله عليه وسلم في الحج محمولة على الوجوب في الأصل. ومعلوم للعاقل أنّ الفعل لا يمكن أن يؤمر به وينهى عنه من وجه واحد لاستحالة اجتماع الضدين، وهو تكليف بما لا يطاق، وإنّما يجوز أن يكون الفعل مأمورا به من وجه ومنهيا عنه من وجه آخر لإمكان اجتماع مصلحة ومفسدة في الفعل الواحد، وبالنظر لوجود الوصف المانع من الطواف نَهَى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لاشتماله على مفسدة، وأمرها بما يفعله الحاج لاشتماله على تحصيل مصلحة، ولا يخفى أنّ جنس فعل المأمور به والمثوبة عليه أعظم من جنس ومثوبة ترك المنهي عنه، وأنّ جنس ترك المأمور به والعقوبة عليه أعظم من جنس والعقوبة على فعل المنهي عنه(٥)، وإذا تقرر ذلك فإنّ أمره صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها-وهي حائض- أن تفعل ما يفعله الحاج إنّما هو من جنس المأمور به وهو أعظم من جنس ترك المنهي عنه، فلو كان أمره صلى الله عليه وآله وسلم مقتضيا لعدم جواز دخول الحائض المسجد لكان عدولا عن جنس المأمور به إلى المنهي عنه، وهو دونه في الرتبة، فيحتاج-حالتئذ-إلى بيان في الحال وتأخيره عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في الأصول(٦).
ويشهد-أيضا- للأصل المتقدم، إنزاله صلى الله عليه وآله وسلم وفد ثقيف في المسجد قبل إسلامهم، ومكث فيه الوفد أياما عديدة وهو صلى الله عليه وآله وسلم يدعوهم إلى الإسلام، كما استقبل في مسجده نصارى نجران حينما جاءوه لسماع الحق ومعرفة الإسلام، هذا وغيره وإن كان يدلّ على جواز إنزال المشرك في المسجد والمكث فيه لمن كان يرجى إسلامه وهدايته مع ما كانوا فيه من رجس معنوي كما قال تعالى:(إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) [التوبة:28] ولا يبعد أن تتعلق بهم جنابة من غير اغتسال أو نجاسة حسية من بول أو غائط لعدم الاحتراز، فإنّ المسلم والمسلمة أطهر حالا وأعلى مكانا وأولى بدخول المسجد والمكث فيه ولو اقترن بهم وصف الجنابة أو الحيض أو النفاس لكون المسلم طاهرا على كلّ حال لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إنّ المسلم لا ينجس»(٧)، ولا يصح أن يُعترض بأنّ حكم المنع خاص بالمسلمين دون المشركين فلا يلحق بهم إلحاقا قياسيا، ذلك لأنّ المعتقد قائم في أنّ الكفار مخاطبون إجماعا بالإيمان -الذي هو الأصل- ومطالبون بالفروع مع تحصيل شرط الإيمان للأوامر الشرعية الموجبة للعمل المتصفة بالعموم لسائر الناس كقوله تعالى:(ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا)[آل عمران:97] وغيرها والكافر معاقب أخرويا على ترك أصل الإيمان أولا، وما يترتّب عليه من فروع الشريعة ثانيا، لِما أخبر به تعالى عن سائر المشركين في معرض التصديق لهم، تحذيرا من فعلهم:(ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين و لم نك نطعم المسكين و كنا نخوض مع الخائضين و كنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين)(٨) [المدثر:42/47].
هذا، وغاية ما يتمسك به المانعون من دخول الحائض المسجد:
أولا: إلحاقها بالجنب إلحاقا قياسيا إذ الجنب-وهو المقيس عليه- ورد النهي عن قربانه المسجد إلاّ إذا اتخذه طريقا للمرور وذلك في قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) [النساء:43]، ويكون حمل الآية على الإضمار تقديره: "لا تقربوا مواضع الصلاة"، أو كناية عن المساجد حيث أقيمت مقام المصلى أو المسجد، وهذا التفسير -وإن نقل عن بعض السلف كابن مسعود وسعيد بن جبير وعكرمة والزهري وغيرهم- إلاّ أنّه معارض بتفسير آخر يحمل الصلاة على نفسها ويكون معنى الآية: "ولا تقربوا الصلاة جنبا إلا أن تكونوا مسافرين ولم تجدوا ماء فتيمموا" وهذا التفسير منقول عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم ومجاهد والحسن ابن مسلم وغيرهم، وبه قال أحمد والمزني.
والتفسير الأول الذي حمل الصلاة على مواضعها أو حمله كنايةً عن المساجد مخالف للأصل، إذ الأصل في اللفظ أن يكون مستقلا ومكتفيا بذاته، لا يتوقف معناه على تقدير، خلافا للإضمار، وإذا دار اللفظ بين الاستقلال والإضمار، فإنّه يحمل على الاستقلال لقلة اضطرابه، والتفسير الثاني مستغنٍ في دلالته عن الإضمار بخلاف الأول فمفتقر إليه، ومعلوم أنّ الألفاظ المقدرة إنما يُصار إليها عند الحاجة وانعدام وجود لفظ مناسب لمعنى اللفظ ضرورة لتصحيح الكلام، وقد استقام المعنى بالتفسير الثاني فلا يُعدل إلى غيره، وقد يُعترض أنّ تأوُّل الآية على أنّ «عابري سبيل» هم المسافرون، ولم يكن في إعادة ذكره في قوله تعالى:(وإن كنتم مرضى أو على سفر) معنى مفهوم، إذ لا فائدة في تكراره وانتفاؤها عبث يجب تنزيه الشارع عنه، ولو أفاد تكراره التأكيد لكان خلاف الأصل، إذ الأصل التأسيس وهو أولى من التأكيد، ذلك لأنّ الأصل في وضع الكلام إنّما هو إفهام السامع ما ليس عنده.
فجوابه أنّ التأسيس مبني على صرف كلمة "الصلاة" عن معناها الحقيقي إلى المعنى المجازي وهو خلاف الأصل، إذ المقرّر في الأصول أنّ النص إذا دار بين الحقيقة الشرعية والمجاز الشرعي، فحمل اللفظ الشرعي على حقيقته أولى من حمله على المجاز، فضلا عن ذلك فإنّه يلزم على القول بأنّ في القرآن مجازا، أن القرآن يجوز نفيه لإجماع القائلين بالمجاز على أنّ كلّ مجاز يجوز نفيه ويكون نافيه صادقا في نفس الأمر ولا ريب أنّه لا يجوز نفي شيء من القرآن(٩)، وبناء على ما تقدم فحمل اللفظ المبني على حقيقته الشرعية المكتفي بذاته على وجه الاستقلال، -وإن أفاد التأكيد- أولى من حمله على المجاز المفتقر في دلالته على الإضمار -وإن أفاد التأسيس- لأصالة الحقيقة الشرعية وهي مقدّمة على الحقيقة العرفية واللغوية فمن باب أولى مع المجاز الشرعي.
ولو حملنا تفسير الآية على تقدير الإضمار فإنّ الحكم يقتصر على الجنب ولا تُلحق به الحائض إلاّ بنوع قياس يظهر قادح الفرق بينهما جليا من ناحية أنّ الجنب غير معذور بجنابته وبيده أن يتطهر، والآية تحثه على الإسراع في التطهر، بخلاف الحائض فمعذورة بحيضتها، فلا تملك أمرها ولا يسعها التطهر من حيضتها إلاّ بعد انقطاع الدم، فحيضتها ليست بيدها، وإنّما هي شيء كتبه الله على بنات آدم، وهذا الفرق الظاهر بين المقيس والمقيس عليه يقدح في القياس فيفسده. وتبقى الآية محصورة في الجنب دون الحائض جمعا بين الأدلة.
ومع ذلك فحمل لفظ "الصلاة" على الحقيقة الشرعية والاستقلال أولى بالتفسير لما يشهد لذلك عموم حديث «المسلم لا ينجس» وما تقدم من أدلة شاهدة على الجواز كمبيت الوليدة السوداء وأهل الاعتكاف وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت:«افعلي ما يفعله الحاج إلا أن تطوفي بالبيت» وفضلا عن ذلك لو سُلّم القياس على الجنب فقد ثبت أنّ أصحاب الصّفّة كانوا يبيتون في المسجد لا مأوى لهم سواه(١٠) ويؤيد ما ذكرنا ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه بإسناد حسن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال:"رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة"(١١).
ثانيا: وأمّا الاستدلال بحديث جسرة بنت دجاجة قالت: "سمعت عائشة رضي الله عنها تقول:"جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد» ثمّ دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تنزل فيهم رخصة فخرج إليهم بعد، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب»(١٢) فلو صح الحديث لكانت دلالته صريحة على تحريم دخول المسجد للحائض والجنب، ولكنّه ضعيف لا يصلح للاحتجاج به لمجيئه عن طريق جسرة، وحاصل القول فيها أنّ الحجة لا تقوم بحديثها إلاّ بشواهد، و لهذا قال الحافظ في التقريب: "إنها مقبولة"(١٣) أي مقبولة إذا توبعت وإلا فليّنَة، وفي هذا الحديث لم تتابع، والحديث ضعفه جماعة منهم: الإمام أحمد والبخاري والبيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي وغيرهم.
ثالثا: أمّا حديث أمّ عطية قالت: "أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين"(١٤) الذي استدل به على منع الحائض من المصلى فتكون ممنوعة من المسجد من باب أولى، ومن جهة أخرى فلو حمل اللفظ على "الصلاة" لأفاد التأكيد الذي يقصد به تقوية لفظ سابق، وهو على خلاف الأصل، لأنّ الأصل في وضع الكلام إنّما هو التأسيس، لذلك كان حمله على "المصلّى" أولى من حمله على "الصلاة" فالصواب أنّه لا دلالة فيه على هدا المعنى، لأنّ المراد بالمصلى في الحديث إنّما هي الصلاة ذاتها بدليل رواية مسلم وغيره وفيه: "فأمّا الحيض فيعتزلن الصلاة". ويقوي هذا المعنى رواية الدارمي: "فأمّا الحيض فإنّهنّ يعتزلن الصف"(١٥)، فحمله على الصلاة نفسها ليس فيه خلاف بينما إذا ما حملت على لفظ "المصلى" فمختلف فيه، وقد تقرر أنّ المتفق عليه أرجح من المختلف فيه. ومن زاوية أخرى فحمله على التأكيد-وإن كان خلاف الأصل- إلاّ أنّه أولى بالتقديم لوجود قرائن تدلّ عليه، منها: أنّ لفظ الاعتزال الذي هو التنحي والبعد عن الشيء يتعدى بحرف"عن" الدّال على المجاوزة، وهو يدلّ بدلالة الالتزام على ابتداء الغاية، إذ كلّ مجاوزة فلا بدّ لها من ابتداء غاية، فيكون المصلى هو مبدأ الاعتزال وهو الغاية المأمور بها، فدلّ على أنّ الحائض حلّت به ابتداء، علما أنّ المصلى غير محدود بحدّ حتى يمكن أن تخرج منه، ولو سُلّم أنّه محدود حدّا عرفيا لما وسعها أن تَرِده من جديد عند سماع خطبة العيد ودعوة المصلين الذي هو علة خروجها إلى المصلى، فدلّ ذلك على أنّ المراد بالمصلى الصلاة ذاتها.
وعلى تقدير حمل الحديث على اللفظين معا، للزوم أحدهما الآخر باعتزال الحائض المصلى والصلاة بحيث لا يكون أحد اللفظين نافيا للآخر فلا دلالة فيه-أيضا- على منع الحائض من دخول المسجد، ذلك لأنّ صلاة العيد التي كان يؤديها النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه إنّما كانت بالفضاء ولم ينتقل عنه بسند مقبول على أنّه أداها في المسجد، وقد جعلت الأرض كلّها مسجد، والحائض والجنب يباح لهما جميع الأرض بلا خلاف، وهي مسجد فلا يجوز أن يُخَصّ بالمنع من بعض المساجد دون بعض(١٦).
-أمّا قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "ناوليني الخمرة من المسجد" قالت: فقلت: إنّي حائض فقال: « إنّ حيضتك ليست في يدك»(١٧) وفي رواية مسلم: "تناوليها فإن الحيضة ليست في اليد"(١٨) وقد اختلف في فقه الحديث وهل الخمرة كانت داخل المسجد أو خارجه؟
فمن أجاز لها دخول المسجد بظاهر لفظ الحديث السابق الذي يفيد أن الخمرة كانت بداخل المسجد، فقد حمل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن حيضتك ليست في يدك» على قيام عذرها بحيضتها ولا دخل لها ولا إرادة لها فيها، ويعضد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم لها: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» وعليه فلا دلالة على منع الحائض من الدخول فيه، ومن منع منه الحائض استدل برواية النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد قال: «يا عائشة ناوليني الثوب" فقالت: إني لا أصلي، فقال: «ليس في يدك» فناولته(١٩). وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه: قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد فقال: "يا عائشة ناوليني الثوب" فقالت: إني حائض فقال: «إنّ حيضتك ليست في يدك»(٢٠) فإنّ ظاهر الروايتين يفيد أنّ الخمرة كانت خارج المسجد وأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أذن لها في إدخال يدها فقط دون سائر جسدها ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى.
والحديث تنازعه الفريقان والظاهر أنّه غير صريح في المنع ولا في الإباحة، ينبغي العدول عنه إلى غيره من الأدلة، وإذا لزم الترجيح بينهما لكان حمل قوله: «إن حيضتك ليست في يدك» على معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» وتفسيره به أولى، لأنّ ما يعضده دليل مقدّم على ما لم يعضده دليل آخر، ومن جهة أخرى فإنّ الاستدلال بالحديث على تخصيص إدخال اليد في المسجد دون سائر الجسد تأباه الصناعة الأصولية وقد تقرر في القواعد أنّ "تحريم الشيء مطلقا يقتضي تحريم كل جزء منه"(٢١)، لذلك كانت الأدلة المقررة للبراءة الأصلية مثيرة لغلبة الظن وموجبه للعمل.
ومع ذلك فإن كان في ترك الحائض دخول المسجد ما تحقق به مصلحة راجحة من تأليف القلوب عن طريق ردم الخلاف فإنه: "يستحب الخروج من الخلاف"(٢٢) وقد ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم تغيير بناء البيت لما فيه جمع القلوب وتأليفها وصلّى ابن مسعود خلف عثمان رضي الله عنهما بعد إنكاره عليه لإتمام الصلاة في السفر دفعا للخلاف ونبذا للشقاق، أمّا إذا كانت الحاجة أو المصلحة داعية إلى دخول المسجد لطلب العلم الشرعي أو للاستفتاء مثلا كان مأخذ المخالف ضعيفا، وحالتئذ فليس الورع والحيطة الخروج من الخلاف، لأنّ شرطه أن لا يؤدي مراعاته إلى ترك واجب أو إهمال سنة ثابتة أو خرق إجماع، بل الورع في مخالفته لموافقة الشرع فإنّ ذلك أحفظ و أبرأ للدين والذمة.
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّ اللّهم على محمّـد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.
الجزائر في:222 محرم 1419هـ
--------------------------------------------------------------------------------
١- أخرجه البخاري في الصلاة(439)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٢- أخرجه مسلم في الحيض(851)، وأبو داود في الطهارة (230)، والنسائي في الطهارة(268)، وابن ماجة في الطهارة(535)، وأحمد(24169) من حديث حذيفة رضي الله عنه.
٣- أخرجه البخاري في الحيض(305)، ومسلم في الحج(2977)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٤- أخرجه البخاري في الحج(1641)، ومسلم في الحج(3060)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٥- انظر أفضلية جنس فعل المأمور به على جنس ترك المنهي عنه في "المجموع" لابن تيمية(20/85) وما بعدها، و"الفوائد" لابن القيم(157) وما بعدها.
٦- نقل ابن قدامة عدم الخلاف على هذا الأصل، انظر:"روضة الناظر" لابن قدامة:(2/57)، "المسوّدة" لآل تيمية:(181). وأفاد الشيخ الشنقيطي أنّ من أجازه وافق عدم وقوعه("المذكرة":185، "أضواء البيان":1/98،97).
٧- تقدم تخريجه.
٨- انظر اختلاف العلماء في مسألة مخاطبة الكفار بفروع الشريعة في"المعتمد" لأبي الحسين:(1/295)، "التبصرة" للشيرازي:(80)، "الإشارة" للباجي:(174)، "المحصول" للفخر الرازي:(1/145)، "الإحكام" للآمدي:(1/110)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي:(163)، "أصول السرخسي":(1/87)، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية:(22/7-16)، "زاد المعاد" لابن القيم:(5/698-699)، "فواتح الرحموت" للأنصاري:(1/128)، "شرح الكوكب المنير" للفتوحي:(1/503)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي:(253)، "إرشاد الفحول" للشوكاني:(10)، "مذكرة الشنقيطي":(33-34).
٩- انظر"منع جواز المجاز" للشنقيطي:(4-5). وأهل السنة يختلفون في وقوع المجاز في القرآن، فمنهم من منع وقوعه مطلقا، ومنهم من أجازه فيما عدا آيات الصفات الواجب حملها على الحقيقة دون المجاز، والظاهر أنّ الخلاف لفظي على ما صرح به ابن قدامة-رحمه الله-.
(انظر المسألة في "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة:( 103-109-132 ) "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي:(1/64)، "روضة الناظر" لابن قدامة:(1/182)، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية:(5/200-201)(7/88-90-96-108)، "الصواعق المرسلة" لابن القيم:(2/632)، "شرح الكوكب المنير":(1/191))
١٠- انظر صحيح البخاري:(11/281)، في الرقاق، باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
١١- تمام المنة للألباني ص:(118).
١٢- أخرجه أبو داود:(1/157-159)، والبيهقي:(2/442-443)، وابن خزيمة:(2/284)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وحديث جسرة بنت دجاجة ذكره الألباني في الإرواء(1/162)، وقال:(ضعيف، في سنده جسر بنت دجاجة، قال البخاري: عندها عجائب ، وقد ضعف الحديث جماعة منهم البيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي، بل قال ابن حزم: "إنّه باطل"، وقد فصلت القول في ذلك في "ضعيف السنن" رقم:32)، وخرجه في الإرواء برقم:193، وضعفه وذكر علل من ضعفه، وذكر أنّ رد في ضعيف سنن أبي داود على من صححه كاتبن خزيمة وابن القطان والشوكاني، وضعفه أيضا في تمام المنة:ص(118) .
١٣- تقريب التهذيب لابن حجر:(2/593).
١٤- متفق عليه: البخاري في العيدين (974)، ومسلم في صلاة العيدين(2091)، من حديث أم عطية رضي الله عنها.
١٥- أخرجه الدارمي(1662)، من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد عن هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية، ورجال سنده كلهم ثقات، أمّا عبد العزيز إن كان هو العمى فهو ثقة حافظ، وهشام بن حسان الأزدي فهو ثقة -أيضا-.
١٦- انظر المحلى لابن حزم(2/182).
١٧- أخرجه مسلم في الحيض(715)، وأبو داود في الطهارة(261)، والترمذي في الطهارة(134)، والنسائي في الطهارة(271)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وانظر الإرواء(1/212).
١٨- مسلم في الحيض(716).
١٩- النسائي في الطهارة(270).
٢٠- مسلم في الحيض(717)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٢١- مجموع الفتاوى لابن تيمية(21/85).
٢٢- انظر هذه القاعدة في الأشباه والنظائر للسيوطي(136)، القواعد الفقهية للندوي(336).
منقول من موقع الشيخ.
أبو مالك العوضي
2008-04-29, 09:44 PM
كلام الشيخ له احترامه ، ولكن كلام جماهير أهل العلم وسلف الأمة أولى ؛ لأنهم أفهم للنصوص ، ومن أسهل الأمور عند طلبة العلم أن تقول ( لا دليل عليه ) ؛ لأنه ليس كل واحد يستطيع أن يفهم الأدلة .
والقول باستصحاب البراءة الأصلية لأن الأدلة المذكورة ضعيفة فيه ما فيه ؛ لأن البراءة الأصلية من أضعف الأدلة عند جماهير العلماء .
والقول بأن حديث ( حيضتك ليست في يدك ) معناه نفس معنى ( هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ) واضح الفساد بما يغني عن رده !!!
والعلماء الذين أجازوا مكث الحائض في المسجد على عيننا ورأسنا ، ولكن كل عالم له زلة .
ولو سلكنا هذه الطريقة المذكورة في الترجيح في سائر مسائ الفقه ، فسنجد أن معظم الأدلة ليست صريحة ، وأن كل دليل يرد عليه احتمال فيسقط به الاستدلال !!!
المسألة واضحة عندي ، وحتى الآن لم يأت أحد بمقنع في حديث ( حيضتك ليست في يدك )، وأرجو أن يناقشني فيه من أراد النقاش، وكذلك يجيب عن الأسئلة التي طرحتها في المشاركة السابقة .
أبو عبدالرحمن الطائي
2008-04-29, 11:37 PM
حبذا أخي الفاضل أبا مالك أن تفصِّل في ذكر أدلة المنع، فقرة فقرة، لمناقشتها.
الحلبى المصرى
2008-04-30, 01:13 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المسألة مختلف فيها من زمان لكن الراجح عندى هو جواز مكث الحائض بالمسجد وقال هذا القول من المعاصرين كل من
1: الشيخ الالبانى
2:الشيخ الحوينى وقال هذة المسألة اجمع الائمة الاربعة على عدم الجواز (اى جواز مكث الحائض فى المسجد ) وخالفهم ابن حزم وهو القول الراجح عندى
وهو قول اكثر اهل الحديث
ربيع أحمد السلفي
2008-04-30, 01:17 AM
جزاك الله خيراً فضيلة الشيخ، وأثابك الجنة.
أراكم ـ حفظكم الله تعالى ـ قد قطعتم أي أمل بما اقترحتم من تغيير عنوان الموضوع إلى نقاش أو حوار أو شبه ذلك، بقولكم هذا.
أما العبد الفقير فيبدأ هذا الحوار بالقول:
الراجح في هذا المسألة جواز دخول الجنب والحائض المسجدَ مروراً أو مكثاً لعدم الدليل، استصحاباً للأصل ، وهو الإباحة، ولضعف أدلة النهي ثبوتاً أو دلالةً، وللعلامة أبي عبد المعز محمد علي فركوس فتوى مفصلة ماتعة في ذلك، ولبعض طلبة العلم رسالة بعنوان "السبيل المرشد لمعرفةِ حُكمِ مكثِ الُجنبِ والحائضِ في المســجِـد" انفصل فيها إلى جواز المكث لهما.
وهذا نص فتوى العلامة الفركوس ـ حفظه الله تعالى ـ :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فلم يرد دليل ثابت وصريح في حق الحائض ما يمنعها من دخول المسجد، والأصل عدم المنع، وقد وردت جملة من المؤيدات لهذا الأصل مقررة للبراءة الأصلية منها: ما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها فيما رواه البخاري وغيره:" أنّ وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش"(١) ولا يخفى عدم انفكاك الحيض عن النساء إلا نادرا، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنّه أمرها باعتزال المسجد وقت حيضتها والأصل عدمه، ولا يصح أن يعترض عليه بأنّه واقعة عين وحادثة حال لا عموم لها، لأنّ الذي يضعف صورة تخصيصها بذلك كون القصة مؤكدة للبراءة الأصلية، يؤيدها عموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إنّ المسلم لا ينجس»(٢) ويقوي هذا الحكم مبيت أهل الاعتكاف في المسجد مع ما قد يصيب المعتكف النائم من احتلام، والمعتكفة من حيض، وهي أحوال غير خفيّة الوقوع في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم ومنتشرة انتشارا يبعد معه عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وهو المؤيَّد بالوحي.
ويشهد للأصل السابق قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها في حجة الوداع لمّا حاضت: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»(٣)، ولم يمنعها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الدخول إلى المسجد والمكث فيه، وإنّما نهاها عن الطواف بالبيت، لأنّ الطواف بالبيت صلاة، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "إنّ أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قدم مكة أنّه توضأ ثمّ طاف بالبيت"(٤) فهذا يدل على وجوب الطواف على طهارة، بناء على أنّ كلّ أفعاله صلى الله عليه وسلم في الحج محمولة على الوجوب في الأصل. ومعلوم للعاقل أنّ الفعل لا يمكن أن يؤمر به وينهى عنه من وجه واحد لاستحالة اجتماع الضدين، وهو تكليف بما لا يطاق، وإنّما يجوز أن يكون الفعل مأمورا به من وجه ومنهيا عنه من وجه آخر لإمكان اجتماع مصلحة ومفسدة في الفعل الواحد، وبالنظر لوجود الوصف المانع من الطواف نَهَى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لاشتماله على مفسدة، وأمرها بما يفعله الحاج لاشتماله على تحصيل مصلحة، ولا يخفى أنّ جنس فعل المأمور به والمثوبة عليه أعظم من جنس ومثوبة ترك المنهي عنه، وأنّ جنس ترك المأمور به والعقوبة عليه أعظم من جنس والعقوبة على فعل المنهي عنه(٥)، وإذا تقرر ذلك فإنّ أمره صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها-وهي حائض- أن تفعل ما يفعله الحاج إنّما هو من جنس المأمور به وهو أعظم من جنس ترك المنهي عنه، فلو كان أمره صلى الله عليه وآله وسلم مقتضيا لعدم جواز دخول الحائض المسجد لكان عدولا عن جنس المأمور به إلى المنهي عنه، وهو دونه في الرتبة، فيحتاج-حالتئذ-إلى بيان في الحال وتأخيره عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في الأصول(٦).
ويشهد-أيضا- للأصل المتقدم، إنزاله صلى الله عليه وآله وسلم وفد ثقيف في المسجد قبل إسلامهم، ومكث فيه الوفد أياما عديدة وهو صلى الله عليه وآله وسلم يدعوهم إلى الإسلام، كما استقبل في مسجده نصارى نجران حينما جاءوه لسماع الحق ومعرفة الإسلام، هذا وغيره وإن كان يدلّ على جواز إنزال المشرك في المسجد والمكث فيه لمن كان يرجى إسلامه وهدايته مع ما كانوا فيه من رجس معنوي كما قال تعالى:(إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) [التوبة:28] ولا يبعد أن تتعلق بهم جنابة من غير اغتسال أو نجاسة حسية من بول أو غائط لعدم الاحتراز، فإنّ المسلم والمسلمة أطهر حالا وأعلى مكانا وأولى بدخول المسجد والمكث فيه ولو اقترن بهم وصف الجنابة أو الحيض أو النفاس لكون المسلم طاهرا على كلّ حال لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إنّ المسلم لا ينجس»(٧)، ولا يصح أن يُعترض بأنّ حكم المنع خاص بالمسلمين دون المشركين فلا يلحق بهم إلحاقا قياسيا، ذلك لأنّ المعتقد قائم في أنّ الكفار مخاطبون إجماعا بالإيمان -الذي هو الأصل- ومطالبون بالفروع مع تحصيل شرط الإيمان للأوامر الشرعية الموجبة للعمل المتصفة بالعموم لسائر الناس كقوله تعالى:(ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا)[آل عمران:97] وغيرها والكافر معاقب أخرويا على ترك أصل الإيمان أولا، وما يترتّب عليه من فروع الشريعة ثانيا، لِما أخبر به تعالى عن سائر المشركين في معرض التصديق لهم، تحذيرا من فعلهم:(ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين و لم نك نطعم المسكين و كنا نخوض مع الخائضين و كنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين)(٨) [المدثر:42/47].
هذا، وغاية ما يتمسك به المانعون من دخول الحائض المسجد:
أولا: إلحاقها بالجنب إلحاقا قياسيا إذ الجنب-وهو المقيس عليه- ورد النهي عن قربانه المسجد إلاّ إذا اتخذه طريقا للمرور وذلك في قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) [النساء:43]، ويكون حمل الآية على الإضمار تقديره: "لا تقربوا مواضع الصلاة"، أو كناية عن المساجد حيث أقيمت مقام المصلى أو المسجد، وهذا التفسير -وإن نقل عن بعض السلف كابن مسعود وسعيد بن جبير وعكرمة والزهري وغيرهم- إلاّ أنّه معارض بتفسير آخر يحمل الصلاة على نفسها ويكون معنى الآية: "ولا تقربوا الصلاة جنبا إلا أن تكونوا مسافرين ولم تجدوا ماء فتيمموا" وهذا التفسير منقول عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم ومجاهد والحسن ابن مسلم وغيرهم، وبه قال أحمد والمزني.
والتفسير الأول الذي حمل الصلاة على مواضعها أو حمله كنايةً عن المساجد مخالف للأصل، إذ الأصل في اللفظ أن يكون مستقلا ومكتفيا بذاته، لا يتوقف معناه على تقدير، خلافا للإضمار، وإذا دار اللفظ بين الاستقلال والإضمار، فإنّه يحمل على الاستقلال لقلة اضطرابه، والتفسير الثاني مستغنٍ في دلالته عن الإضمار بخلاف الأول فمفتقر إليه، ومعلوم أنّ الألفاظ المقدرة إنما يُصار إليها عند الحاجة وانعدام وجود لفظ مناسب لمعنى اللفظ ضرورة لتصحيح الكلام، وقد استقام المعنى بالتفسير الثاني فلا يُعدل إلى غيره، وقد يُعترض أنّ تأوُّل الآية على أنّ «عابري سبيل» هم المسافرون، ولم يكن في إعادة ذكره في قوله تعالى:(وإن كنتم مرضى أو على سفر) معنى مفهوم، إذ لا فائدة في تكراره وانتفاؤها عبث يجب تنزيه الشارع عنه، ولو أفاد تكراره التأكيد لكان خلاف الأصل، إذ الأصل التأسيس وهو أولى من التأكيد، ذلك لأنّ الأصل في وضع الكلام إنّما هو إفهام السامع ما ليس عنده.
فجوابه أنّ التأسيس مبني على صرف كلمة "الصلاة" عن معناها الحقيقي إلى المعنى المجازي وهو خلاف الأصل، إذ المقرّر في الأصول أنّ النص إذا دار بين الحقيقة الشرعية والمجاز الشرعي، فحمل اللفظ الشرعي على حقيقته أولى من حمله على المجاز، فضلا عن ذلك فإنّه يلزم على القول بأنّ في القرآن مجازا، أن القرآن يجوز نفيه لإجماع القائلين بالمجاز على أنّ كلّ مجاز يجوز نفيه ويكون نافيه صادقا في نفس الأمر ولا ريب أنّه لا يجوز نفي شيء من القرآن(٩)، وبناء على ما تقدم فحمل اللفظ المبني على حقيقته الشرعية المكتفي بذاته على وجه الاستقلال، -وإن أفاد التأكيد- أولى من حمله على المجاز المفتقر في دلالته على الإضمار -وإن أفاد التأسيس- لأصالة الحقيقة الشرعية وهي مقدّمة على الحقيقة العرفية واللغوية فمن باب أولى مع المجاز الشرعي.
ولو حملنا تفسير الآية على تقدير الإضمار فإنّ الحكم يقتصر على الجنب ولا تُلحق به الحائض إلاّ بنوع قياس يظهر قادح الفرق بينهما جليا من ناحية أنّ الجنب غير معذور بجنابته وبيده أن يتطهر، والآية تحثه على الإسراع في التطهر، بخلاف الحائض فمعذورة بحيضتها، فلا تملك أمرها ولا يسعها التطهر من حيضتها إلاّ بعد انقطاع الدم، فحيضتها ليست بيدها، وإنّما هي شيء كتبه الله على بنات آدم، وهذا الفرق الظاهر بين المقيس والمقيس عليه يقدح في القياس فيفسده. وتبقى الآية محصورة في الجنب دون الحائض جمعا بين الأدلة.
ومع ذلك فحمل لفظ "الصلاة" على الحقيقة الشرعية والاستقلال أولى بالتفسير لما يشهد لذلك عموم حديث «المسلم لا ينجس» وما تقدم من أدلة شاهدة على الجواز كمبيت الوليدة السوداء وأهل الاعتكاف وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت:«افعلي ما يفعله الحاج إلا أن تطوفي بالبيت» وفضلا عن ذلك لو سُلّم القياس على الجنب فقد ثبت أنّ أصحاب الصّفّة كانوا يبيتون في المسجد لا مأوى لهم سواه(١٠) ويؤيد ما ذكرنا ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه بإسناد حسن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال:"رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة"(١١).
ثانيا: وأمّا الاستدلال بحديث جسرة بنت دجاجة قالت: "سمعت عائشة رضي الله عنها تقول:"جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد» ثمّ دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تنزل فيهم رخصة فخرج إليهم بعد، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب»(١٢) فلو صح الحديث لكانت دلالته صريحة على تحريم دخول المسجد للحائض والجنب، ولكنّه ضعيف لا يصلح للاحتجاج به لمجيئه عن طريق جسرة، وحاصل القول فيها أنّ الحجة لا تقوم بحديثها إلاّ بشواهد، و لهذا قال الحافظ في التقريب: "إنها مقبولة"(١٣) أي مقبولة إذا توبعت وإلا فليّنَة، وفي هذا الحديث لم تتابع، والحديث ضعفه جماعة منهم: الإمام أحمد والبخاري والبيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي وغيرهم.
ثالثا: أمّا حديث أمّ عطية قالت: "أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين"(١٤) الذي استدل به على منع الحائض من المصلى فتكون ممنوعة من المسجد من باب أولى، ومن جهة أخرى فلو حمل اللفظ على "الصلاة" لأفاد التأكيد الذي يقصد به تقوية لفظ سابق، وهو على خلاف الأصل، لأنّ الأصل في وضع الكلام إنّما هو التأسيس، لذلك كان حمله على "المصلّى" أولى من حمله على "الصلاة" فالصواب أنّه لا دلالة فيه على هدا المعنى، لأنّ المراد بالمصلى في الحديث إنّما هي الصلاة ذاتها بدليل رواية مسلم وغيره وفيه: "فأمّا الحيض فيعتزلن الصلاة". ويقوي هذا المعنى رواية الدارمي: "فأمّا الحيض فإنّهنّ يعتزلن الصف"(١٥)، فحمله على الصلاة نفسها ليس فيه خلاف بينما إذا ما حملت على لفظ "المصلى" فمختلف فيه، وقد تقرر أنّ المتفق عليه أرجح من المختلف فيه. ومن زاوية أخرى فحمله على التأكيد-وإن كان خلاف الأصل- إلاّ أنّه أولى بالتقديم لوجود قرائن تدلّ عليه، منها: أنّ لفظ الاعتزال الذي هو التنحي والبعد عن الشيء يتعدى بحرف"عن" الدّال على المجاوزة، وهو يدلّ بدلالة الالتزام على ابتداء الغاية، إذ كلّ مجاوزة فلا بدّ لها من ابتداء غاية، فيكون المصلى هو مبدأ الاعتزال وهو الغاية المأمور بها، فدلّ على أنّ الحائض حلّت به ابتداء، علما أنّ المصلى غير محدود بحدّ حتى يمكن أن تخرج منه، ولو سُلّم أنّه محدود حدّا عرفيا لما وسعها أن تَرِده من جديد عند سماع خطبة العيد ودعوة المصلين الذي هو علة خروجها إلى المصلى، فدلّ ذلك على أنّ المراد بالمصلى الصلاة ذاتها.
وعلى تقدير حمل الحديث على اللفظين معا، للزوم أحدهما الآخر باعتزال الحائض المصلى والصلاة بحيث لا يكون أحد اللفظين نافيا للآخر فلا دلالة فيه-أيضا- على منع الحائض من دخول المسجد، ذلك لأنّ صلاة العيد التي كان يؤديها النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه إنّما كانت بالفضاء ولم ينتقل عنه بسند مقبول على أنّه أداها في المسجد، وقد جعلت الأرض كلّها مسجد، والحائض والجنب يباح لهما جميع الأرض بلا خلاف، وهي مسجد فلا يجوز أن يُخَصّ بالمنع من بعض المساجد دون بعض(١٦).
-أمّا قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "ناوليني الخمرة من المسجد" قالت: فقلت: إنّي حائض فقال: « إنّ حيضتك ليست في يدك»(١٧) وفي رواية مسلم: "تناوليها فإن الحيضة ليست في اليد"(١٨) وقد اختلف في فقه الحديث وهل الخمرة كانت داخل المسجد أو خارجه؟
فمن أجاز لها دخول المسجد بظاهر لفظ الحديث السابق الذي يفيد أن الخمرة كانت بداخل المسجد، فقد حمل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن حيضتك ليست في يدك» على قيام عذرها بحيضتها ولا دخل لها ولا إرادة لها فيها، ويعضد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم لها: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» وعليه فلا دلالة على منع الحائض من الدخول فيه، ومن منع منه الحائض استدل برواية النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد قال: «يا عائشة ناوليني الثوب" فقالت: إني لا أصلي، فقال: «ليس في يدك» فناولته(١٩). وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه: قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد فقال: "يا عائشة ناوليني الثوب" فقالت: إني حائض فقال: «إنّ حيضتك ليست في يدك»(٢٠) فإنّ ظاهر الروايتين يفيد أنّ الخمرة كانت خارج المسجد وأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أذن لها في إدخال يدها فقط دون سائر جسدها ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى.
والحديث تنازعه الفريقان والظاهر أنّه غير صريح في المنع ولا في الإباحة، ينبغي العدول عنه إلى غيره من الأدلة، وإذا لزم الترجيح بينهما لكان حمل قوله: «إن حيضتك ليست في يدك» على معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» وتفسيره به أولى، لأنّ ما يعضده دليل مقدّم على ما لم يعضده دليل آخر، ومن جهة أخرى فإنّ الاستدلال بالحديث على تخصيص إدخال اليد في المسجد دون سائر الجسد تأباه الصناعة الأصولية وقد تقرر في القواعد أنّ "تحريم الشيء مطلقا يقتضي تحريم كل جزء منه"(٢١)، لذلك كانت الأدلة المقررة للبراءة الأصلية مثيرة لغلبة الظن وموجبه للعمل.
ومع ذلك فإن كان في ترك الحائض دخول المسجد ما تحقق به مصلحة راجحة من تأليف القلوب عن طريق ردم الخلاف فإنه: "يستحب الخروج من الخلاف"(٢٢) وقد ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم تغيير بناء البيت لما فيه جمع القلوب وتأليفها وصلّى ابن مسعود خلف عثمان رضي الله عنهما بعد إنكاره عليه لإتمام الصلاة في السفر دفعا للخلاف ونبذا للشقاق، أمّا إذا كانت الحاجة أو المصلحة داعية إلى دخول المسجد لطلب العلم الشرعي أو للاستفتاء مثلا كان مأخذ المخالف ضعيفا، وحالتئذ فليس الورع والحيطة الخروج من الخلاف، لأنّ شرطه أن لا يؤدي مراعاته إلى ترك واجب أو إهمال سنة ثابتة أو خرق إجماع، بل الورع في مخالفته لموافقة الشرع فإنّ ذلك أحفظ و أبرأ للدين والذمة.
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّ اللّهم على محمّـد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.
الجزائر في:222 محرم 1419هـ
--------------------------------------------------------------------------------
١- أخرجه البخاري في الصلاة(439)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٢- أخرجه مسلم في الحيض(851)، وأبو داود في الطهارة (230)، والنسائي في الطهارة(268)، وابن ماجة في الطهارة(535)، وأحمد(24169) من حديث حذيفة رضي الله عنه.
٣- أخرجه البخاري في الحيض(305)، ومسلم في الحج(2977)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٤- أخرجه البخاري في الحج(1641)، ومسلم في الحج(3060)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٥- انظر أفضلية جنس فعل المأمور به على جنس ترك المنهي عنه في "المجموع" لابن تيمية(20/85) وما بعدها، و"الفوائد" لابن القيم(157) وما بعدها.
٦- نقل ابن قدامة عدم الخلاف على هذا الأصل، انظر:"روضة الناظر" لابن قدامة:(2/57)، "المسوّدة" لآل تيمية:(181). وأفاد الشيخ الشنقيطي أنّ من أجازه وافق عدم وقوعه("المذكرة":185، "أضواء البيان":1/98،97).
٧- تقدم تخريجه.
٨- انظر اختلاف العلماء في مسألة مخاطبة الكفار بفروع الشريعة في"المعتمد" لأبي الحسين:(1/295)، "التبصرة" للشيرازي:(80)، "الإشارة" للباجي:(174)، "المحصول" للفخر الرازي:(1/145)، "الإحكام" للآمدي:(1/110)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي:(163)، "أصول السرخسي":(1/87)، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية:(22/7-16)، "زاد المعاد" لابن القيم:(5/698-699)، "فواتح الرحموت" للأنصاري:(1/128)، "شرح الكوكب المنير" للفتوحي:(1/503)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي:(253)، "إرشاد الفحول" للشوكاني:(10)، "مذكرة الشنقيطي":(33-34).
٩- انظر"منع جواز المجاز" للشنقيطي:(4-5). وأهل السنة يختلفون في وقوع المجاز في القرآن، فمنهم من منع وقوعه مطلقا، ومنهم من أجازه فيما عدا آيات الصفات الواجب حملها على الحقيقة دون المجاز، والظاهر أنّ الخلاف لفظي على ما صرح به ابن قدامة-رحمه الله-.
(انظر المسألة في "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة:( 103-109-132 ) "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي:(1/64)، "روضة الناظر" لابن قدامة:(1/182)، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية:(5/200-201)(7/88-90-96-108)، "الصواعق المرسلة" لابن القيم:(2/632)، "شرح الكوكب المنير":(1/191))
١٠- انظر صحيح البخاري:(11/281)، في الرقاق، باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
١١- تمام المنة للألباني ص:(118).
١٢- أخرجه أبو داود:(1/157-159)، والبيهقي:(2/442-443)، وابن خزيمة:(2/284)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وحديث جسرة بنت دجاجة ذكره الألباني في الإرواء(1/162)، وقال:(ضعيف، في سنده جسر بنت دجاجة، قال البخاري: عندها عجائب ، وقد ضعف الحديث جماعة منهم البيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي، بل قال ابن حزم: "إنّه باطل"، وقد فصلت القول في ذلك في "ضعيف السنن" رقم:32)، وخرجه في الإرواء برقم:193، وضعفه وذكر علل من ضعفه، وذكر أنّ رد في ضعيف سنن أبي داود على من صححه كاتبن خزيمة وابن القطان والشوكاني، وضعفه أيضا في تمام المنة:ص(118) .
١٣- تقريب التهذيب لابن حجر:(2/593).
١٤- متفق عليه: البخاري في العيدين (974)، ومسلم في صلاة العيدين(2091)، من حديث أم عطية رضي الله عنها.
١٥- أخرجه الدارمي(1662)، من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد عن هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية، ورجال سنده كلهم ثقات، أمّا عبد العزيز إن كان هو العمى فهو ثقة حافظ، وهشام بن حسان الأزدي فهو ثقة -أيضا-.
١٦- انظر المحلى لابن حزم(2/182).
١٧- أخرجه مسلم في الحيض(715)، وأبو داود في الطهارة(261)، والترمذي في الطهارة(134)، والنسائي في الطهارة(271)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وانظر الإرواء(1/212).
١٨- مسلم في الحيض(716).
١٩- النسائي في الطهارة(270).
٢٠- مسلم في الحيض(717)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٢١- مجموع الفتاوى لابن تيمية(21/85).
٢٢- انظر هذه القاعدة في الأشباه والنظائر للسيوطي(136)، القواعد الفقهية للندوي(336).
منقول من موقع الشيخ.
جزاكم الله خيرا على نقلكم المبارك
ربيع أحمد السلفي
2008-04-30, 01:19 AM
أولا : لا أحب تغيير اسم موضوعي .
ثانيا : نزول دم من الحائض قد يحدث ، وهو مثل دخول الصبيان المسجد مع احتمال تبولهم بل وتبرزهم أحيانا ، ومعلوم أنه يجوز للصبيان دخول المسجد ، إذا لم تحصل منهم نجاسة ،وهنا كذلك فيجب على المرأة الاحتراز من تلويث المسجد .
ثالثا : ومن المعلوم أن مكان قضاء الحاجة لم يكن في البيوت فمن باب أولى لمن يكن في المساجد .
رابعا :ما دام ليس في المسألة نص فالمسألة محل اجتهاد قابلة للأخذ والرد ، والتحريم حكم شرعي يحتاج لنص صحيح صريح يحسم مادة النزاع ، وإذا كان الدليل محتمل أمرين متساويين فليس بأحدهما بأولى من الآخر ، و أدلة المسألة التي نحن بصددها احتمالات المبيحين فيها أقوى من احتمالات المانعين ، وليست متساوية فتسقط أدلة المانعين . أين تساوي الاحتمالات في قوله صلى الله عليه وسلم ناوليني الخمر فقالت السيدة عائشة إني حائض قال إن حيضتك ليست في يدك ؟ و المناولة إنما تكون باليد فندما تجاوب بأنها حائض أي أنها تتحرج من مسك الخمرة ، وهي حائض ، ولوكان تحرجها من دخول المسجد لما كانت إجابته صلى الله عليه وسلم إن حيضتك ليست في يدك هل هذا الاحتمال أقوى أم احتمال المانعين بأنها تحرجت من دخول المسجد ثم كيف يستدل بترك الفعل على الحرمة ،فإذا كان فعل الشيء لا يدل على الجواز فكيف يكون ترك الشيء دالا على التحريم ؟
خامسا : نعم ظاهر النصوص يكفي في الاستدلال إن كان هو الظاهر ، وليس ظاهر موهوم أو ظاهر معارض بظاهر آخر ، وأين ظاهر المنع من الاستدلال بالآية ،والمانعين قد خالفوا ظاهر الآية فبدل من أن يكون النهي عن قربان الصلاة نفسها كحرمة قرب الزنا و كحرمة قرب خطوات الشيطان حملوه على مواضعها مع أن قولنا بحرمة الصلاة للسكارى أوضح من قولنا بحرمة قرب السكارى لمواضع الصلاة ؛ لأنهم لا يدرون ما يقولون ،والمعنى لا تصلوا في حالة السكر حتى تعلموا قبل الشروع ما تقولونه قبلها إذ بذلك يظهر أنكم ستعلمون ما ستقرءُونه فيها ،وعابر السبيل المسافر إذا لم يجد الماء يتيمم ،وقوله وإن كنتم مرضى بعد ذلك تفصيل لما أجمل في الاستثناء وبيان ما هو في حكم المستثنى من الأعذار ، والاقتصار فيما قبل على استثناء السفر مع مشاركة الباقي له في حكم الترخيص للإشعار بأنه العذر الغالب المبني على الضرورة الذي يدور عليها أمر الرخصة ، ولهذا قيل : المراد بغير عابري سبيل غير معذورين بعذر شرعي إما بطريق الكناية أو بإيماء النص ودلالته . وبهذا يندفع الإيراد السابق على الحصر وإنما لم يقل : إلا عابري سبيل أو مرضى فاقدي الماء حساً أو حكماً لما أن ما في النظم الكريم أبلغ وأوكد منه لما فيه من الإجمال والتفصيل .
سادسا : عند الاحتمال يسقط الاستدلال إذا كانت احتمالات متساوية ، وفي هذه المسألة احتمالات المانعين مرجوحة .
سابعا : القول بالشذوذ يحتاج لدليل فهو نتيجة بلا مقدمات ، وهل المسألة مجمع عليها ؟وهل المسألة فيها نصوص صريحة في المنع ؟ وهل خلاف داود الظاهري لا يعتد به ؟ والمبيحين قد استدلوا بأدلة ،ويجب العمل بالدليل وإن لم يعرف أن أحداً عمل به .
ثامنا : حيضتك ليست في يدك يستلزم أن عائشة تحرجت من مسك الخمرة لا تحرجت من دخول المسجد ثم أين الدلالة على المنع فغاية ما في الحديث مع التسليم للمانعين جواز عدم دخول المسجد حال الحيض ، وليس حرمة دخول المسجد ففرق بين الترك ووجوب الترك .
أبو محمد الطنطاوي
2008-04-30, 05:05 AM
الأخوة الكرام
هناك فارق بين النجاسة وبين الجنابة أو الحيض
فالمسلمة الحائض غير نجسة والجنب غير نجس وتذكروا حديث (المؤمن لا ينجس)... المشركون هم النَجَس .
ربيع أحمد السلفي
2008-04-30, 06:19 PM
الأخوة الكرام
هناك فارق بين النجاسة وبين الجنابة أو الحيض
فالمسلمة الحائض غير نجسة والجنب غير نجس وتذكروا حديث (المؤمن لا ينجس)... المشركون هم النَجَس .
جزاكم الله خيرا أخانا الحبيب على التذكرة
أبو عبدالله السعيدي
2008-04-30, 07:14 PM
الأخ الكريم صاحب الموضوع :
أولا : اسمح لي بتغيير عنوان الموضوع إلى نقاش أو حوار أو ما شابه ذلك .
ثانيا : ماذا تقول في حكم الحائض إذا مكثت في المسجد فنزل منها دم لوث المسجد ، هل هذا جائز؟ وإذا قلت غير جائز، فما الدليل (الصحيح الصريح) على عدم جوازه؟
ثالثا : ما الدليل (الصحيح الصريح) على أن المرأة التي كان لها حفش في المسجد لم تكن تتغوط في المسجد؟
رابعا : كلمة (الدليل الصحيح الصريح) هذه كلمة فضفاضة تختلف فيها وجهات النظر، فما تظنه أنت دليلا صريحا يراه غيرك وهما لا يصح في عقل عاقل، وما تراه أنت وهما يراه غيرك من علماء السلف والخلف دليلا صحيحا صريحا.
خامسا : اتفق أهل العلم على أن ظاهر النصوص يكفي في الاستدلال ، ولا يشترط أن يكون كل حديث أو آية ( نصا ) في محل النزاع ؛ لأن أكثر النصوص يرد عليها بعض الفهوم المختلفة .
سادسا : قولنا ( عند الاحتمال يسقط الاستدلال ) معناه إذا كان الدليل محتملا احتمالات متساوية أو قريبة من التساوي ، أما إذا كان الدليل راجحا في أحد الاحتمالات مرجوحا في غيرها ، فالاستدلال به صحيح اتفاقا .
سابعا : الراجح الذي لا ينبغي القول بسواه أن الحائض لا يجوز لها المكث في المسجد ، والقول بخلاف ذلك قول شاذ لا يبعد أن يكون مخالفا مبتدعا بعد عهود السلف .
ثامنا : حديث عائشة ( حيضتك ليست في يدك ) واضح الدلالة في المطلوب ؛ لأنه واضح جدا في التفريق بين اليد وبين غيرها، فإما أن نقول إن ذكر اليد في الحديث له فائدة ، وإما أن نقول إن كلام الرسول لا فائدة منه ، وحاشاه !
اسمح لي أبا مالك -حفظكم الله -أن أقول أن هذه الإيرادات العامة، لا تصلح في باب العلم خصوصا وأن البحث موجود بين يديك، فكان الأولى مناقشة الأدلة التي ذكرها أخونا الشيخ ربيع أحمد، والإجابة عليها دليلا دليلا، ثم إثبات شذوذ هذا الري بالدليل والبرهان.
المسندي
2008-05-01, 03:10 AM
اخي ربيع وفقك الله لكل خير تعليلك بان قول عائشة : اني حائض تحرجا من مس الخمرة !! عليل ولا اظن ان احدا من السلف فهم هذه العلة المعتلة !
اذ كيف تتحرج من مس ما هو من سعف وخيوط قد فارقته اللزوجة , وهي كانت تتعرق العرق من اللحم ثم تناوله النبي صلى الله عليه وسلم قالت فيضع فاه على موضع في .
وقد اخرج الحديث مسلم من رواية ابي هريرة رضي الله عنه فقال فيه ناوليني الثوب فقالت اني حائض فقال ان حيضتك ليست في يدك .
ومعلوم ان ابا هريرة اسلم في السنة السابعة والنبي صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة في السنة الثانية اي خمس سنوات ولم تعرف رضي الله عنها ان مسها بيدها لشي وهي حائض لا ينجسه !!!
ربيع أحمد السلفي
2008-05-01, 09:35 AM
أولا : ظاهر اللفظ يدل على فهمي أنها تحرجت من مس الخمرة فالمناولة باليد ،وليست بدخول المسجد أو عدم دخوله ، وكان الجواب مؤكدا لهذا الفهم إن حيضتك ليست في يدك .
ثانيا : عدم العلم بأن أحدا من السلف قال بهذا الفهم ليس شرطا في صحة الفهم فلم يجمع السلف على الفهم الآخر أصلا ، و لا يشترط عدم العلم العدم .
ثالثا : القول بأنه كيف تتحرج من مس ما هو من سعف وخيوط قد فارقته اللزوجة ، و هي كانت تتعرق العرق من اللحم ثم تناوله النبي صلى الله عليه وسلم قالت فيضع فاه على موضع في ؟ فالجواب الخمرة هي فراش صغير على قدر الوجه يعمل من سعف النخل يسجد عليه المصلي فهي تحرجت من مسه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسجد عليه ، فلا تقاس الخمرة على وضع الفم على موضع فم المرأة الحائض ، و النبي صلى الله عليه وسلم قد بين جواز الأكل مع الحائض و مداعبتها عكس ما كان سائدا عن اليهود أن الحائض نجسة فطبيعي أن يكون في نفس السيدة عائشة شيئا من مس الخمرة التي يسجد النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، وقد بان لها جواز وضع الفم على موضع الفم من فعله صلى الله عليه وسلم أما مسك الخمرة فكانت في نفسها منه شيء فبين لها النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا بأس به إذ أن حيضتها ليست في يدها .
ربيع أحمد السلفي
2008-05-01, 09:50 AM
و الجزم بأن السيدة عائشة ظلت خمس سنوات و لم تعرف رضي الله عنها أن مسها بيدها لشيء و هي حائض لا ينجسه غير مسلم فما يدرينا هل قالت أن مسها أي شيء لا ينجسه فضلا عن أنه لا يشترط أنها تحرجت من مسك شيء أنها تعتقد أنها تنجسه مجرد تحرج .
السياق وضح أنها تحرجت من مسك الخمرة فكيف نعدل عنه بمجرد فهم غير منصوص على صحته ؟
ربيع أحمد السلفي
2008-05-01, 09:59 AM
لماذا لا نقول مناولة الخمرة من المسجد تقتضي جواز دخول المسجد ،وجواز المكث في المسجد يقاس على جواز دخوله ، و التفريق بينهما تفريق بلا مفرق .
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-01, 11:46 AM
لإثراء الموضوع وجدت هذه الفتوى:
للعلماء في هذه المسألة قولان:
/// أحدهما: تحريم مكثها في المسجد: وهذا مذهب الأئمة الأربعة :
- محتجين بأمر النبي صلى الله عليه وسلم باعتزال الحيّض المصلى في يوم العيد، كما في حديث أم عطية رضي الله عنها، وهو في الصحيحين(1). ويجاب عنه بأن المقصود: اعتزال الصلاة، كما في صحيح مسلم في رواية قالت: «فيعتزلن الصلاة»(2).
- أما حديث: «لا أُحِلّ المسجد لحائض ولا جُنُب». فهو ضعيف، وفي سنده جهالة(3).
- كما استدلوا بمنع الحائض من الطواف بالبيت، كما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري»(4). والظاهر أن هذا منع من فعل الطواف، ولم يتعرض لدخول المسجد، بل ربما استدل بالحديث على جواز الدخول، حيث لم يستثنه.
/// ثانيهما: جواز مكث الحائض في المسجد : وهو مذهب الظاهرية، واختيار المزّي من الشافعية، ومال إليه بعض الباحثين والمحققين :
- واستدلوا بالأصل، حيث إن الأصل الجواز، والمانع هو الذي يلزمه الدليل.
- كما استدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه، حيث كان جنبًا، فانخنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: كنت جنبًا. فقال عليه السلام: «سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس»(5).
- ومن أدلتهم:
* دخول الكافر المسجد ومكثه فيه، كما في صحيح البخاري من قصة ثمامة بن أُثال رضي الله عنه(6). :
-| فإن كان المنع بسبب النجاسة المعنوية، فهو منقوض بدخول الكافر،
-| وإن كان المنع بسبب النجاسة الحسية فهو منقوض بدخول المستحاضة، كما في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، أن إحدى أمهات المؤمنين اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا ربما وضعوا الطست تحتها من الدم(7).
-| وقد صح وثبت من غير طريق دخول الأطفال المسجد، مع عدم تحرزهم عن النجاسة،
-| بل ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن الكلاب كانت تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك(8).
وهذه أدلة قوية معتضدة بالبراءة الأصلية، فيمكن الركون إليها عند الحاجة، والله أعلم.
(1)صحيح البخاري (324)، وصحيح مسلم (890).
(2)صحيح مسلم (890).
(3)رواه أبو داود (232)، وابن ماجه (645)، وابن خزيمة (1327)، والبيهقي (2/442).
(4)رواه البخاري (1650)، ومسلم (1211).
(5)صحيح البخاري (285)، وصحيح مسلم (371).
(6)صحيح البخاري (469)، وصحيح مسلم (1764).
(7)صحيح البخاري (310).
(8)صحيح البخاري (174).
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-01, 12:17 PM
و هذه فتوى أخرى : لخالد عبد المنعم الرفاعي :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في دخول الحائض المسجد فمنع منه جماهير أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة، ومن أقوى ما احتجوا به حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب"، وهو حديث ضعيف ضعفه البخاري والألباني ولو صح لكان نص في محل النزاع.
وذهب إلى جواز دخول الحائض المسجد وأنها لا تمنع إلا لمخافة ما يكون منها زيد بن ثابت، وهو مذهب داود المزني وابن حزم واحتجوا بأدلة منها:
ما رواه البخاري عائشة أم المؤمنين: أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش، وقال أبو محمد ابن حزم في المحلى: قال على: فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمعهود من النساء الحيض فما منعها عليه السلام من ذلك ولا نهي عنه، وكل ما لم ينه عليه السلام عنه فمباح ... ولو كان دخول المسجد لا يجوز للحائض لأخبر بذلك عليه السلام عائشة إذ حاضت، فلم ينهها إلا عن الطواف بالبيت فقط، ومن باطل المتيقن أن يكون لا يحل لها دخول المسجد فلا ينهاها عليه السلام عن ذلك يقتصر على منعها من الطواف، وهذا قول وداود وغيرهما.
ومنها: ما رواه الجماعة إلا البخاري عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناوليني الخمرة من المسجد"، فقلت: إني حائض، فقال: "إن حيضتك ليست في يدك"، قال الإمام الشوكاني في (نيل الأوطار): والحديث يدل على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة ولكنه يتوقف على تعلق الجار والمجرور، أعني قوله: "من المسجد"، بقوله: "ناوليني"، وقد قال بذلك طائفة من العلماء، واستدلوا به على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة تعرض لها إذا لم يكن على جسدها نجاسة وأنها لا تمنع من المسجد إلا مخافة ما يكون منها.
والحاصل أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم فلا يجوز فيها الإنكار على من أخذ بأحد القولين كما هو مقرر عند أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومسائل الاجتهاد لا يسوغ فيها الإنكار إلا ببيان الحجة وإيضاح المحجة: لا الإنكار المجرد المستند إلى محض التقليد ؛ فإن هذا فعل أهل الجهل والأهواء".
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-01, 01:03 PM
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين : "إن الحديث الذي استدل به جمهور العلماء وهو :( لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض ) اختلف فيه أهل الحديث اختلافاً كبيراً لأنه من رواية أفلت بن خليفة عن جسرة بنت دجاجة وقد ضعفهما جماعة من أهل الحديث كالخطابي والبيهقي وعبد الحق الاشبيلي وابن حزم ونقل التضعيف عن الإمام أحمد أيضاً .
وقال الإمام البغوي :[ وجَوَّزَ أحمد والمزني المكث فيه وضعّف أحمد الحديث لأن راويه وهو أفلت بن خليفة مجهول وتأوّل الآية على أن - عابري السبيل - هم المسافرون تصيبهم الجنابة فيتيممون ويصلون وقد روي ذلك عن ابن عباس ] شرح السنة 2/46 . ومن المعاصرين الشيخ الألباني حيث قال :[ قال البيهقي : ليس بالقوي ] . وقال عبد الحق الإشبيلي :[ لا يثبت ] تمام المنة 119 .
وقد ضعف الإمام النووي هذا الحديث في كتابه خلاصة الأحكام حيث قال :[ باب ذكر المحدث والجنب والحائض وقراءتهم ومسهم المصحف ودخولهم المسجد ] ثم ساق بعض الأحاديث الصحيحة في الباب ثم قال : فصل في ضعيفه وذكر عدة أحاديث ضعفها ومنها حديث :( لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ) انظر خلاصة الأحكام 1/206-210 .
وقال الحافظ ابن حجر عن أفلت بن خليفة بأنه مجهول الحال … التخليص الحبير 1/140 . وقال الخطابي :[ وضعفوا هذا الحديث وقالوا أفلت راويه مجهول ولا يصح الاحتجاج بحديثه … ] معالم السنن 1/67 . وضعف الحديث برواية ابن ماجة أيضاً صاحب الزوائد حيث قال :[ إسناده ضعيف مخدوج لم يوثق وأبو الخطاب مجهول ] سنن ابن ماجة 1/212 .
وضعف ابن حزم الحديث برواياته كلها فقال :[ وهذا كله باطل أما أفلت فغير مشهور ولا معروف بالثقة وأما مخدوج فساقط يروي المعضلات عن جسرة وأبو الخطاب الهجري مجهول وأما عطاء الخفاف فهو عطاء بن مسلم منكر الحديث وإسماعيل مجهول ومحمد بن الحسن مذكور بالكذب وكثير بن زيد مثله فسقط كل ما في هذا الخبر جملة ] المحلى 1/401 . ولا يخفى أن كثيراً من العلماء قد حسنوا هذا الحديث . انظر نصب الراية 1/194. 3."
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-01, 01:46 PM
يقول الشيخ حامد العطار :
"أما دخول الحائض والنفساء المسجد( ومثلهما الجنب) فمحل خلاف بين أهل العلم... فجمهور العلماء على تحريم دخولهم المسجد، وهذا هو الرأي الشائع عند عامة الناس، وكذلك هو الشائع عند كثير من العلماء، ولا يكاد يفتى إلا به.
ولكن هذا لا يعني أنه ليس هناك رأي آخر للفقهاء، فمن حفظ فهو حجة على من لم يحفظ ، ومن عرف فهو حجة على من لم يعرف. فبعض الفقهاء أجاز لهم دخول المسجد، ومن هؤلاء الإمام أحمد ،والمزني صاحب الشافعي، وأبو داود وابن المنذر، وابن حزم، والشيخ الألباني، اختار هذا خاصة في الحائض.
والترجيح بين هذين الرأيين مثل الترجيح في كافة الآراء المختلف فيها يكون بحسب الأدلة.
ومن الخطأ أن يسأل الذين جوزوا دخول الحائض للمسجد عن أدلة جوازهم؛ لأن الأصل هو الجواز، ولكن يسأل من حرم أين أدلة التحريم؛ لأنه لا تحريم إلا بنص.
ولذلك قدم المانعون لهؤلاء الأصناف من دخول المسجد الأدلة التي تفيد التحريم، ولكن هذه الأدلة لم تثبت أمام التحقيق.
وأبرز ما استدل به المانعون في هذا الجانب حديث "إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" وهذا حديث رواه أبو داود، ولكن الحديث ضعيف، ضعفه أحمد بن حنبل، وضعفه الشيخ الألباني، وبينوا سبب ضعفه، فكيف نأخذ حكما من حديث ضعيف؟؟؟!
ومن أدلتهم أيضا أن النجس لا يدخل المسجد، والرد على ذلك سهل؛ ففي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة"المسلم لا ينجس".
فينبغي أن يقر في الأذهان أن التحريم لا يكون إلا بنص، وأما من يجيز فقد تمسك بالبراءة الأصلية فلا يطالب بدليل.
على أن عبقرية ابن حزم أسعفته بدليل يدل على جواز مكث الحائض في المسجد، وهو حديث في صحيح البخاري ؛ فقد روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة أم المؤمنين { أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش } . ( الحفش : بيت صغير قليل الارتفاع)
قال ابن حزم : فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمعهود من النساء الحيض فما منعها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم . "
بارك الله فيكم ،
بالنسبة لتحرير الشيخ فركوس للمسألة سبق أن أوردت بعضا منه في موضوع مماثل بملتقى أهل الحديث ،ورد أحد الإخوة الكرام بما يلي :
الحمد لله وبعد:قوله"" لأنّ المراد بالمصلى في الحديث إنّما هي الصلاة ذاتها بدليل رواية مسلم وغيره وفيه: "فأمّا الحيض فيعتزلن الصلاة"ويقوي هذا المعنى رواية الدارمي: "فأمّا الحيض فإنّهنّ يعتزلن الصف"أقول :وهذا باطل ،فمع انه مخالف للأصل الذي وضع الكلام عليه من أن الانشاء والتأسيس مقدم على التوكيد فإن اكثر الرواة رووه على خلاف هذين اللفظين . ثم تأمل معي لفظ الشيخين هذا:
(أمَرَنَا يَعْنِى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نُخْرِجَ فِى الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ.) وأخبرني إن كان يستقيم مع تأويلك للمصلى بالصلاة،فيكون المعنى أنه أمر الحيض أن يعتزلن صلاة المسلمين؟؟؟وهل يجهل هؤلاء الحيض أنهن ممنوعات من الصلاة حتى يحتجن الى هذا التأكيد وقد قلت في بعض كلامك "لأنّ الأصل في وضع الكلام إنّما هو إفهام السامع ما ليس عنده."؟؟فلم يبق الا أن يترك الكلام على أصل وضعه ،ويجب المصير الى القول بالمجاز ــ مجاز الحذف ــ في اللفظين الذين سقتهما فيكون المعنى "يعتزلن موضع الصلاة "و "موضع الصف "ومما يزيد الأمر بيانا وايضاحا رواية"والحُيَّضُ يخرُجنَ ، فيَكُنَّ خلفَ الناس ، يُكبِّرْنَ مع الناس ».هذا ما فهمه الأئمة ومنهم ابن حبان إذ يقول "ذكر البيان بأن الحيض إذا شهدن أعياد المسلمين يجب أن يكن ناحية من المصلى "
--قال :( ومن زاوية أخرى فحمله على التأكيد-وإن كان خلاف الأصل- إلاّ أنّه أولى بالتقديم لوجود قرائن تدلّ عليه، منها: أنّ لفظ الاعتزال الذي هو التنحي والبعد عن الشيء يتعدى بحرف"عن" الدّال على المجاوزة، وهو يدلّ بدلالة الالتزام على ابتداء الغاية، إذ كلّ مجاوزة فلا بدّ لها من ابتداء غاية، فيكون المصلى هو مبدأ الاعتزال وهو الغاية المأمور بها، فدلّ على أنّ الحائض حلّت به ابتداء، علما أنّ المصلى غير محدود بحدّ حتى يمكن أن تخرج منه، ولو سُلّم أنّه محدود حدّا عرفيا لما وسعها أن تَرِده من جديد عند سماع خطبة العيد ودعوة المصلين الذي هو علة خروجها إلى المصلى، فدلّ ذلك على أنّ المراد بالمصلى الصلاة ذاتها. )أقوال : هذا قصور ،فلفظ الاعتزال الأفصح تعديته بنفسه وبه نطق القرآن وهذا الحديث شاهد على ذلك.فأما تعديته ب"عن "ففصيح في موضعه ــ إذا ضمنته معنى "نحى " ــ أما في هذا الموضع فينبغي تضمينه معنى "تنحى " فقوله "يعتزلن المصلى " اي لايقربنه ولا يغشينه ابتداء بل يكن منه بناحية ،ولو قلنا بقولك لعسرعلينا فهم "فاعتزلوا النساء في المحيض"
قال :(وقد جعلت الأرض كلّها مسجد، والحائض والجنب يباح لهما جميع الأرض بلا خلاف، وهي مسجد فلا يجوز أن يُخَصّ بالمنع من بعض المساجد دون بعض).
قلت:على قوله هذا لم تبق للمسجد أي خصوصية فهو كأي بقعة من بقاع الأرض فيصح له أن يقضي حاجته فيه وان ينشد ضالته وان يتخذه سوقا ولن يعود لقوله عليه السلام "انما بنيت المساجد للصلاة ولذكر الله " أي معنى .بل عليه أن لا يجلس في أي ارض حتى يصلي ركعتين ......إلخhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=123630
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-01, 07:42 PM
جزاكم الله خيرا على جهدكم المبارك و نقولاتكم الطيبة
و فيكم بارك الله
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-01, 07:44 PM
بارك الله فيكم ،
بالنسبة لتحرير الشيخ فركوس للمسألة سبق أن أوردت بعضا منه في موضوع مماثل بملتقى أهل الحديث ،ورد أحد الإخوة الكرام بما يلي :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=123630
جزاك الله خيرا
و ما وقع فيه الشيخ فركوس من أخطاء لا تأثير له على الأدلّة الأخرى التي استدلّ به المجيزين
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-01, 07:47 PM
فتوى الشيخ عبد الرحمن السحيم
وهنا يَرِد سؤال :
وهو :
هل دلّ الدليل على منع الحائض من دخول المسجد ؟
فالجواب : لا ، إلا أن تخشى أن تلوّث المسجد .
وما ورد إما غير صحيح ، وإما غير صريح .
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت : افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري .رواه البخاري ومسلم .
والقاعدة : لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
ولم يقُل لها النبي صلى الله عليه وسلم : لا تدخلي المسجد ، وإنما نهاها عن الطواف بالبيت حتى تطهر .
وأما قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها : ناوليني الخمرة من المسجد . قالت : فقلت : إني حائض . فقال : إن حيضتك ليست في يدك . رواه مسلم .
فقد قال الشوكاني رحمه الله : والحديث يدل على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة ، ولكنه يتوقف على تعلق الجار والمجرور أعني قوله " من المسجد " بقوله " ناوليني " وقد قال بذلك طائفة من العلماء ، واستدلوا به على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة تعرض لها إذا لم يكن على جسدها نجاسة ، وأنها لا تمنع من المسجد إلا مخافة ما يكون منها . اهـ .
يعني مخافة ما يكون منها من تلويث المسجد .
وبهذا قال الإمام مالك رحمه الله
قال في مواهب الجليل :
وقال : لا ينبغي للحائض أن تدخل المسجد ؛ لأنها لا تأمن أن يخرج من الحيضة ما ينـزه عنه المسجد ، ويدخله الجنب لأنه يأمن ذلك .
قال : وهما في أنفسهما طاهران سواء ، وعلى هذا يجوز كونهما فيه إذا استثفرت . اهـ .
والاستثفار هو التحفّظ .
وقد استدل بعض العلماء على منع الجنب من دخول المسجد بقول الله عز وجل :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ )
فهذه الآية الصحيح أنها فيما يتعلق بقربان الصلاة لا بدخول المساجد ، فالآية واضحة في نهي المؤمنين عن أداء الصلاة في تلك الأحوال لا عن دخول المساجد .
قال البغوي : وجوّز أحمد والمزني المكث فيه ( يعني في المسجد ) ، وضعف أحمد الحديث ؛ لأن راويه ( أفلت ) مجهول ، وتأول الآية على أن ( عَابِرِي سَبِيلٍ ) هم المسافرون تُصيبهم الجنابة ، فيتيممون ويُصلّون ، وقد روي ذلك عن ابن عباس . انتهى .
وقال ابن المنذر : يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقا .
وأما حديث : لا أُحلّ المسجد لحائض ولا لجُنُب . فقد رواه أبو داود ومدار إسناده على جسرة بنت دجاجة ، وهي مقبولة ، أي عند المتابعة .
وقال البخاري في التاريخ الكبير عنها : عندها عجائب .
ولذا قال الحافظ عبد الحق : هذا الحديث لا يثبت .
فبقي الجُنب والحائض على البراءة الأصلية من عدم المنع من دخول المساجد
وعلى البراءة الأصلية من عدم التنجس لقوله عليه الصلاة والسلام : إن المؤمن لا ينجس . رواه البخاري ومسلم
خاصة إذا كان هناك مصلحة من دخول الجُنب أو الحائض المسجد .
وقد أدخل النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال وكان مشركا ، أدخله إلى مسجده صلى الله عليه وسلم وربطه في سارية من سواري المسجد ، ثم أسلم فيما بعد ، والحديث في الصحيحين .
فإذا كان المشرك لا يُمنع من دخول المسجد لوجود مصلحة ، فالمسلم الذي أصابته الجنابة أو المسلمة التي أصابها الحيض أولى أن لا يُمنعوا .
قال الإمام النووي رحمه الله : الأصل عدم التحريم ، وليس لمن حرّم دليل صحيح صريح . اهـ .
والله تعالى أعلى وأعلم
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-01, 08:00 PM
و هذا بحث لأحد الإخوة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
فإنَّ مسألة "مكث الجُنب والحائض في المسجد" من المسائل التي اختلفت فيها مذاهب أهل العلم من لدن الصحابة وإلى عصرنا هذا؛ وإليك تفصيل هذه الأقوال:
أقوال أهل العلم في هذه المسألة:
قال الفقيه ابن رشد رحمه الله تعالى [بداية المجتهد 1/35]: ((اختلف العلماء في دخول المسجد للجنب على ثلاثة أقوال:
- فقوم منعوا ذلك بإطلاق وهو مذهب مالك وأصحابه.
- وقوم منعوا ذلك إلا لعابر فيه، لا مقيم ومنهم الشافعي.
- وقوم أباحوا ذلك للجميع ومنهم داود وأصحابه فيما أحسب)).
وزاد شيخ الإسلام رحمه الله تعالى قولاً رابعاً فقال [المجموع 26/178]:
((ولهذا ذهب أكثر العلماء كالشافعي وأحمد وغيرهما إلى: الفرق بين المرور واللبث جمعاً بين الاحاديث.
ومنهم من: منعها من اللبث والمرور كأبي حنيفة ومالك.
ومنهم من: لم يحرم المسجد عليها، وقد يستدلون على ذلك بقوله تعالى: "ولا جنبا إلا عابري سبيل".
- وأباح أحمد وغيره اللبث لمن يتوضأ؛ لما رواه هو وغيره عن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالاً من أصحاب رسول الله يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة)).
وذكر الإمام البغوي رحمه الله تعالى ما ذكره شيخ الإسلام عن الإمام أحمد وغيره ولم يقيده بـ "لمن يتوضأ" فقال في [شرح السنة 2 /46]: ((وجوَّز أحمد والمزني: المكث فيه، وضعَّف أحمد الحديث – [يقصد: حديث "وجِّهوا هذه البيوت عن المسجد؛ فإني لا أحلُّ المسجد لحائض ولا جنب"] - لأنَّ راويه "أفلت" مجهول، وتأوَّل الآية على أنَّ "عابري السبيل" هم: المسافرون تصيبهم الجنابة فيتيممون ويصلون؛ وقد رُوي ذلك عن ابن عباس)).
سبب الاختلاف في هذه المسألة:
أما سبب اختلاف أهل العلم في ذلك؛ فيلخصه لنا ابن رشد [بداية المجتهد 1/35] فيقول:
((وسبب اختلاف الشافعي وأهل الظاهر: هو تردد قوله تبارك وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى" الآية:
بين أن يكون في الآية مجاز حتى يكون هناك محذوف مقدر وهو: موضع الصلاة، أي: لا تقربوا موضع الصلاة، ويكون عابر السبيل استثناء من النهي عن قرب موضع الصلاة.
وبين ألا يكون هنالك محذوف أصلاً وتكون الآية على حقيقتها، ويكون عابر السبيل هو: المسافر الذي عدم الماء وهو جنب. فمن رأى أنَّ في الآية محذوفاً: أجاز المرور للجنب في المسجد، ومن لم يرَ ذلك لم يكن عنده في الآية دليل على منع الجنب الإقامة في المسجد.
وأما من منع العبور في المسجد: فلا أعلم له دليلاً إلا ظاهر ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ولا أحل المسجد لجنب ولا حائض" وهو ثابت ثم [لعله: عند] أهل الحديث؛ واختلافهم في الحائض في هذا المعنى: هو اختلافهم في الجنب)).
عرض أدلة المختلفين:
عرفنا أنَّ ما ذكره الفقيه ابن رشد هو مختصر لسبب الاختلاف؛ وإلا فإنَّ للمختلفين أدلة أُخرى لم يتطرق إليها بالذكر؛ وإليك بيان أدلة الأقوال:
* اختلافهم في قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ، وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا، وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً؛ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً)) النساء/43.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى [الصواعق المرسلة 1/208]: ((وتنازعوا – يقصد: الصحابة- في تأويل قوله: "ولا جنباً إلا عابري سبيل" النساء/43؛ هل هو المسافر يصلي بالتيمم مع الجنابة؟ أو المجتاز بمواضع الصلاة كالمساجد وهو جنب؟)).
وقال الإمام الطبري رحمه الله تعالى في [جامع البيان 5/97-100]: ((اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضهم معنى ذلك: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، ولا تقربوها جنباً إلا عابري سبيل؛ يعني: إلا أن تكونوا مجتازي طريق؛ أي: مسافرين حتى تغتسلوا؛ – [ثم ذكر من قال بهذا القول] –
ثم قال: وقال آخرون معنى ذلك: لا تقربوا المصلَّى للصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا تقربوه جنباً حتى تغتسلوا إلا عابري سبيل؛ يعني: إلا مجتازين فيه للخروج منه؛ فقال أهل هذه المقالة: أُقيمت الصلاة مقام المصلَّى والمسجد إذ كانت صلاة المسلمين في مساجدهم أيامئذ لا يتخلفون عن التجميع فيها، فكان في النهي عن أن يقربوا الصلاة كفاية عن ذكر المساجد والمصلى الذي يصلون فيه ـ [ثم ذكر من قال بهذا القول؛ ورجحه] -)).
وقال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في [الجامع لأحكام القرآن 5/202]: ((اختلف العلماء في المراد بالصلاة هنا؟ فقالت طائفة: هي العبادة المعروفة نفسها وهو قول أبي حنيفة؛ ولذلك قال: "حتى تعلموا ما تقولون"، وقالت طائفة: المراد مواضع الصلاة وهو قول الشافعي؛ وقد قال تعالى: "لهدِّمت صوامع وبيع وصلوات" فسمى مواضع الصلاة: صلاة؛ ويدل على هذا التأويل: قوله تعالى: "ولا جنباً إلا عابري سبيل" وهذا يقتضي جواز العبور للجنب في المسجد لا الصلاة فيه، وقال أبو حنيفة: المراد بقوله تعالى: "ولا جنباً إلا عابري سبيل" المسافر إذا لم يجد الماء فإنه يتيمم ويصلي؛ وسيأتي بيانه، وقالت طائفة: المراد الموضع والصلاة معاً؛ لأنهم كانوا حينئذ لا يأتون المسجد إلا للصلاة ولا يصلون إلا مجتمعين فكانا متلازمين)).
من كلام الأئمة يتبين لنا؛ أنَّ المراد بـ ((الصلاة)) في الآية الكريمة:
* إما العبادة المعروفة نفسها.
* وإما مواضع الصلاة؛ كالمسجد والمصلَّى.
* وإما كلاهما.
وقد ضعَّفَ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى القولين الأولين ثم رجَّح الأخير، ووجَّه الأول؛ حيث قال [شرح العمدة 1/388-392]:
((وقد احتج أصحابنا على هذه المسألة بقوله: "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل" لأنَّ ابن مسعود وابن عباس وغيرهما فسروا ذلك: بعبور الجنب في المسجد؛ قال جماعة من أصحابنا وغيرهم يكون المراد بالصلاة: مواضع الصلاة؛ كما قال تعالى: "لهدِّمت صوامع وبيع وصلوات".
وقد فسرها آخرون: بأنَّ المسافر إذا لم يجد الماء تيمم؛ لأنَّ الصلاة هي الأفعال أنفسها؛ القول على ظاهره ضعيف:
- لأنَّ المسافر قد ذُكِرَ في تمام الآية، فيكون تكريراً!!.
- ولأن المسافر لا تجوز له صلاة مع الجنابة إلا في حال عدم الماء؛ وليس في قوله: "إلا عابري سبيل" معترض كذلك.
- ولأنه كما تجوز الصلاة مع الجنابة للمسافر؛ فكذلك للمريض، ولم يستثن كما استثني المسافر؛ فلو قصد ذلك لبين كما بين في آخر الآية المريض والمسافر إذا لم يجد الماء.
- ولأنَّ في حمل الآية على ذلك: لزوم التخصيص في قوله تعالى: "عابري سبيل" ويكون المخصوص أكثر من الباقي؛ فإنَّ واجد الماء أكثر من عادمه، ولقوله: "ولا جنباً" لاستثناء المريض أيضاً.
- وفيه تخصيص أحد السببين بالذكر مع استوائهما في الحكم.
- ولأنَّ عبور السبيل حقيقته: المرور والاجتياز، والمسافر: قد يكون لابثاً وماشياً؛ فلو أريد المسافر لقيل: "إلا من سبيل" كما في الآيات التي عني بها المسافرين.
والتوجيه المذكور عن أصحابنا على ظاهره ضعيف أيضاً:
- لِما تقدَّم من أنَّ الآية نزلت في: قوم صلَّوا بعد شرب الخمر؛ ولم يكن ذلك في المسجد!!، وإنما كان في بيت رجل من الأنصار.
- ولأنه جوَّز القربان للمريض والمسافر إذا عُدِمَ الماء بشرط التيمم، وهذا لا يكون في المساجد غالباً.
وإنما الوجه في ذلك:
أن تكون الآية عامة في قربان الصلاة ومواضعها: واستثنى من ذلك عبور السبيل، وإنما يكون في موضعها خاصة؛ وهذا إنما فيه حمل اللفظ على حقيقته ومجازه؛ وذلك جائز عندنا على الصحيح؛ وعلى هذا فتكون الآية: دالة على منع اللبث.
أو تكون الصلاة هي الأفعال: ويكون قوله: "إلا عابري سبيل" الاستثناء منقطعاً، ويدل ذلك على منع اللبث؛ لأنَّ تخصيص العبور بالذكر: يوجب اختصاصه بالحكم، ولأنه مستثنى من كلام في حكم النفي كأنه قال: لا تقربوا الصلاة ولا مواضعها إلا عابري سبيل)).
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله تعالى في تفسيره [1/468]: ((وفي القول الأوّل قوّة: من جهة كون الصلاة فيه باقية على معناها الحقيقي، وضعف: من جهة ما في حمل عابر السبيل على المسافر، وإنَّ معناه: أنه يقرب الصلاة عند عدم الماء بالتيمم؛ فإنَّ هذا الحكم يكون في الحاضر إذا عدم الماء كما يكون في المسافر!!.
وفي القول الثاني قوّة: من جهة عدم التكلف في معنى قوله: "إلا عابري سبيل"، وضعف: من جهة حمل الصلاة على مواضعها!!.
وبالجملة؛ فالحال الأولى أعني قوله: "وأنتم سكارى" : تقوّي بقاء الصلاة على معناها الحقيقي من دون تقدير مضاف، وكذلك ما سيأتي من سبب نزول الآية يقوّي ذلك. وقوله: "إلا عابري سبيل" يقوّي تقدير المضاف؛ أي: لا تقربوا مواضع الصلاة.
ويمكن أن يقال: إنَّ بعض قيود النهي أعني: «لا تقربوا» وهو قوله: "وأنتم سكارى" يدل على أنَّ المراد بالصلاة: معناها الحقيقي، وبعض قيود النهي وهو قوله: "إلا عابري سبيل" يدل على أنَّ المراد: مواضع الصلاة، ولا مانع من اعتبار كل واحد منهما مع قيده الدالّ عليه، ويكون ذلك بمنزلة نهيين مقيد كل واحد منهما بقيد؛ وهما: لا تقربوا الصلاة التي هي ذات الأذكار والأركان وأنتم سكارى، ولا تقربوا مواضع الصلاة حال كونكم جنباً إلا حال عبوركم في المسجد من جانب إلى جانب، وغاية ما يقال في هذا أنه من الجمع بين الحقيقة، والمجاز، وهو جائز بتأويل مشهور)).
وحمل اللفظ على الحقيقة والمجاز جمعاً؛ فيه خلاف، ولهذا قال الآلوسي عند تفسيره هذه الآية: ((وروي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه: أنه حمل الصلاة على الهيئة المخصوصة، وعلى مواضعها؛ مراعاة للقولين، وفي الكلام حينئذٍ الجمع بين الحقيقة والمجاز!!، ونحن لا نقول به)).
أقول: كما ترى أيها القارئ الكريم أنَّ الخلاف في تفسير المراد بـ ((الصلاة)) في الآية خلاف شديد؛ وترجيح أحد الأقوال من الصعوبة بمكان؛ لكن الذي تطمئن إليه النَّفس – والله تعالى أعلم بمراده - : هو أنَّ المراد بـ ((الصلاة)) العبادة المعروفة نفسها.
أما ما ذكره شيخ الإسلام والشوكاني في تضعيف هذا القول فيمكن دفعه بما نقله المفسِّر العلامة الآلوسي في تفسيره لهذه الآية [5/39] حيث قال في دفع شبهة التكرير والإختصاص: ((والاقتصار فيما قبل على استثناء السفر مع مشاركة الباقي له في حكم الترخيص: للإشعار بأنه العذر الغالب المبني على الضرورة، الذي يدور عليها أمر الرخصة.
ولهذا قيل: المراد بـ(غير عابري سبيل): غير معذورين بعذر شرعي؛ إما بطريق الكناية أو بإيماء النص ودلالته، وبهذا يندفع الإيراد السابق على الحصر، وإنما لم يقل: إلا عابري سبيل أو مرضى - فاقدي الماء حساً أو حكماً - لِما أنَّ ما في النظم الكريم أبلغ وأوكد منه؛ لما فيه من الإجمال والتفصيل، ومعرفة تفاضل العقول والأفهام ... ثم قال:
وإيراد المسافر صريحاً مع سبق ذكره بطريق الاستثناء: لبناء الحكم الشرعي عليه وبيان كيفيته؛ فإنَّ الاستثناء ـ كما أشار إليه شيخ الإسلام ـ بمعزل من الدلالة على ثبوته فضلاً عن الدلالة على كيفيته.
وقيل: ذكر السفر هنا لإلحاق المرض به والتسوية بينه وبينه؛ بإلحاق الواجد بالفاقد بجامع العجز عن الاستعمال)).
والمقصود: أنَّ في الآية نهي المؤمنين عن قربان الصلاة وهم سكارى؛ وعن قربانها وهم جُنب غير مسافرين - لأنَّ السفر هو العذر الغالب المبني على الضرورة عند عدم الماء؛ أما ما سواه فمبنية على العذر الوارد في الشرع - حتى يغتسلوا، ثم بَيَّنت الآية حكم مَنْ فقد الماء (وهو المسافر غالباً) وضمَّت إليه مَنْ عجز عن استعماله مع وجوده (وهو المريض)؛ فليس في الآية تكرير: فالأول استثناء المسافر من الجُنب لبيان أنَّ السفر هو العذر الغالب على فقد الماء؛ ولا نحتاج أن نقيده بقيد ((عدم الماء)) لأنَّه لم يُذكر هنا لبيان حكم المسافر إذا كان جُنب ولم يجد الماء، وكيف يصنع؟؛ وإنَّما هذا الحكم مأخوذ من تكملة الآية؛ وقد تكرر فيها حال المسافر لبيان ذلك؛ والله تعالى أعلم.
ومما يقوي هذا الفهم من الآية الكريمة: ما ورد في سبب نزولها؛ وإليك ذلك:
* سبب نزول قوله تعالى: ((وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)):
قال ابن جرير الطبري [تفسيره 5/97-99]: ((حدثنا ابن حميد: قال ثنا هارون بن المغيرة عن عنبسة عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله عن علي رضي الله عنه قال: نزلت في السفر؛ "ولا جنباً إلا عابري سبيل" وعابر السبيل: المسافر إذا لم يجد ماء تيمم، ...
حدثني المثنى قال ثنا أبو صالح قال ثني الليث قال ثني يزيد بن أبي حبيب عن قول الله: "ولا جنباً إلا عابري سبيل" أنَّ رجالاً من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد تصيبهم جنابة ولا ماء عندهم، فيريدون الماء ولا يجدون ممراً إلا في المسجد؛ فأنزل الله تبارك وتعالى: "ولا جنباً إلا عابري سبيل")).
فهذان سببان في نزول الآية:
1- في السفر؛ وعابر السبيل: هو المسافر إذا لم يجد ماءً تيمم وصلَّى.
قال الشوكاني في تفسيره [1/473]: ((وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقيّ عن عليّ قوله: "ولا جنباً إلا عابري سبيل" قال: نزلت في المسافر تصيبه الجنابة، فيتيمم ويصلي)).
لكن هل المراد بقول علي رضي الله تعالى عنه أنَّها نزلت في السفر؛ أو نزلت في المسافر تصيبه الجنابة فيتيمم ويصلي: ذكر سبب نزول الآية؟! أو معنى الآية؟! وقد قال الآلوسي في تفسيره [24/39] في أول سورة غافر: ((قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قولهم "نزلت الآية في كذا"؛ يراد به تارة: سبب النزول، ويراد به تارة: أنَّ ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب؛ كما تقول: عنى بهذه الآية كذا، وقال الزركشي في البرهان: قد عُرف من عادة الصحابة والتابعين أنَّ أحدهم إذا قال: نزلت الآية في كذا فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أنَّ هذا كان السبب في نزولها؛ فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع)).
لكن مما يؤكِّد أنَّ مراد عليٍّ رضي الله تعالى عنه هو ذكر سبب نزول الآية؛ ما ذكره الآلوسي في المصدر السابق [5/41] في شرحه لقوله تعالى: "وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا" : ((أنَّ نزولها في غزوة المريسيع حين عرَّس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فسقطت عن عائشة رضي الله تعالى عنها قلادة لأسماء، فلما ارتحلوا ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث رجلين في طلبها، فنزلوا ينتظرونهما، فأصبحوا وليس معهم ماء، فأغلظ أبو بكر على عائشة رضي الله تعالى عنها وقال: حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين على غير ماء فنزلت، فلما صلوا بالتيمم؛ جاء أسيد بن الحضير إلى مضرب عائشة فجعل يقول: ما أكثر بركتكم يا آل أبـي بكر ـ وفي رواية ـ يرحمك الله تعالى يا عائشة ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله تعالى فيه للمسلمين فرجاً؛ وهذا يدل على: أنَّ سبب النزول كان فقد الماء في السفر؛ وهو ظاهر)) انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
والقصة التي ذكرها الآلوسي أخرجها البخاري في باب: فضل عائشة رضي الله عنها برقم (3562)، وأخرجها مسلم في باب الحيض؛ حيث قالت أنَّها: ((استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناساً من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء!!، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه؛ فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير: جزاك الله خيراً فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجاً، وجعل للمسلمين فيه بركة)).
2- السبب الثاني المذكور في نزول الآية: في رجال من الأنصار تصيبهم جنابة ولا ماء عندهم، فيريدون الماء ولا يجدون ممراً إلا في المسجد؛ فقد روى ابن جرير الطبري في تفسيره فقال: حدثني المثنى قال حدثنا أبو صالح قال حدثني الليث قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن قول الله: {ولا جنباً إلا عابري سبيل} أنَّ رجالاً من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد تصيبهم جنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء ولا يجدون ممراً إلا في المسجد فأنزل الله تبارك وتعالى: {ولا جنبا إلا عابري سبيل}.
وهذا إسناد ضعيف كما هو ظاهر؛ وعلته إرسال يزيد بن أبي حبيب قال الألباني [تمام المنة ص117]: ((وهو أبو رجاء المصري؛ وكان فقيهاً من ثقات التابعين إلا أنه كان يرسل؛ فهذه الرواية معللة بالإرسال فلا يُفرح بها)).
وأما قول الإمام ابن كثير في تفسيره: ((ويشهد لصحة ما قاله يزيد بن أبي حبيب رحمه الله ما ثبت في صحيح البخاري: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سدوا كلَّ خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر"، وهذا قاله في آخر حياته صلى الله عليه وسلم علماً منه أنَّ أبا بكر رضي الله عنه سيلي الأمر بعده ويحتاج إلى الدخول في المسجد كثيراً للأمور المهمة فيما يصلح للمسلمين؛ فأمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه رضي الله عنه)).
وهذا بعيد؛ لأنَّ الأمر بسدِّ أبواب الصحابة التي كانت شارعة في المسجد إنما أراد به صلى الله عليه وسلم أن تصان المساجد عن التطرق إليها لغير ضرورة؛ إلا باب أبي بكر تنبيهاً على خلافته وبالتالي حاجته إلى المسجد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تتخذوا المساجد طرقاً إلا لذكرٍ أو صلاةٍ)) [السلسلة الصحيحة]، فعلة سدِّ الأبواب من أجل أن لا يُتخذ مسجده صلى الله عليه وسلم طريقاً وليس من أجل صيانته من دخول الجنب.
الأحاديث التي استدَّل بها المانعون من مكث الجنب والحائض في المسجد:
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [شرح العمدة 1/388-392]: ((يُحرم عليه – أي: الجُنب - اللبث في المسجد بغير وضوء، فأما العبور فيه فلا بأس؛ لما روت عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا أُحِلُّ المسجد لحائض ولا جنب" رواه أبو داود، وعن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المسجد لا يحل لجنب ولا حائض" رواه ابن ماجة، ولأنَّ المسجد منزل الملائكة لما فيه من الذكر، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا جنب ولا تمثال كذلك رواه علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم وغيره، ففي لبث الجنب في المسجد: إيذاء للملائكة)).
فالأحاديث هي:
1- ما أخرجه أبو داود في سننه: حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الأفلت بن خليفة قال حدثتني جسرة بنت دجاجة قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: ((وجهوا هذه البيوت عن المسجد))، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئاً رجاء أن تنزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد فقال: ((وجهوا هذه البيوت عن المسجد؛ فإنّي لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)).
2- وما أخرجه ابن ماجه في سننه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن يحيى قالا ثنا أبو نعيم ثنا بن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عن جسرة قالت: أخبرتني أم سلمة قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد، فنادى بأعلى صوته: ((إنَّ المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض)).
وقد تكلَّم الشيخ الألباني رحمه الله تعالى عن تضعيف هذين الحديثين في كتابه تمام المنَّة ص118-119 وبيَّن أنَّهما حديثٌ واحد عن عائشة؛ وأنَّ مدارهما على "جسرة" وقد اضطربت فيه؛ فمرَّة روته عن عائشة، وأخرى عن أم سلمة، ولم يوثقها غير العجلي وابن حبَّان؛ وبين الألباني أنَّ للحديث شاهدان لا ينهضان لتقويته لأنَّ في أحدهما متروكاً، وفي الآخر كذاباً، وانظر "ضعيف سنن أبي داود رقم:32"، وفصَّل ذلك وردَّ على مَنْ صححه في كتابه الثمر المستطاب 2/746؛ فراجعه إن شئت.
3- وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب" رواه أبو داود والنسائي؛ وهوصحيح دون كلمة (ولا جُنب) كما قال الشيخ الألباني في تخريجه لسنن النَّسائي.
* ومما استدل به البعضُ على هذا المذهب الحديثَ المتفق عليه عن أمِّ عطية رضي الله تعالى عنها في مَنْ يشهد العيد أنَّها قالت: ((أُمِرنا أن نُخرِج الحُيَّضَ يوم العيدين، وذوات الخدور: فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم، ويعتزل الحُيَّضُ عن مصلاهنَّ)).
قال النووي [شرح صحيح مسلم 6/179]: ((قولها: "وأَمَرَ الحُيَّضَ أن يعتزلن مصلَّى المسلمين" هو بفتح الهمزة والميم في "أمر"، فيه: منع الحيض من المصلَّى، واختلف أصحابنا في هذا المنع؛ فقال الجمهور: هو منع تنزيه لا تحريم؛ وسببه الصيانة والاحتراز من مقارنة النساء للرجال من غير حاجة ولا صلاة, وإنما لم يُحرم لأنه ليس مسجداً!!.
وحكى أبو الفرج الدارمي من أصحابنا عن بعض أصحابنا أنه قال: يُحرم المكث في المصلَّى على الحائض كما يحرم مكثها في المسجد؛ لأنه موضع للصلاة فأشبه المسجد، والصواب الأول)).
وقال ابن حجر في [الفتح 1/424]: ((وقال ابن المنير: الحكمة في اعتزالهن أنَّ في وقوفهن وهنَّ لا يصلين مع المصلِّيات إظهار استهانة بالحال، فاستحب لهنَّ اجتناب ذلك)).
وقال السندي في [حاشيته على سنن النسائي 1/194]: (("وتعتزل الحيض المصلَّى" أي: في وقت الصلاة، وفيه: أنه ليس لحائض أن تحضر محل الصلاة وقت الصلاة، والله تعالى أعلم)) ويؤكِّد هذا المعنى ما ورد عند البخاري – واللفظ له -، ومسلم، وأبي داود: ((حتى نخرج الحيض فيكنَّ خَلفَ الناس؛ فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته)) ، بل أصرح منه: ما جاء عند الدَّارمي بلفظ: ((فأما الحيض: فإنَّهن يعتزلن الصفَّ، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين))؛ بل ما يدفع أدنى شك في ذلك: قول أمِّ عطية عند مسلم تحت [باب: ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى، وشهود الخطبة؛ مفارقات للرجال]: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن نخرجهن في الفطر والأضحى؛ العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض: فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين))؛ وهذه الرواية تُعدّ مفسِّرة لرواية: ((ويعتزلن الحُيَّضُ مصلَّى النَّاس)) وما شابهها من الروايات.
وبهذا يندفع هذا الدليل الذي استدلَّ به البعض على منع الحائض من المكث في المسجد؛ بل وينتقل إلى أدلة القائلين بالجواز؛ ذلك لأنَّ في الحديث إشارة على جواز بقاء الحُيَّض – ولا شك أنَّهنَّ قاعدات يستمعن الخطبة - في مواضع الصلاة حتى تُقام الصلاة، فيعتزلنَّ صفوف المصلين، فيكنَّ خلفَ النَّاس.
الأحاديث التي استدلَّ بها المجيزون لهما العبور أو المرور من المسجد لا المكث:
قال شيخ الإسلام [شرح العمدة 1/389]: ((فأما المرور: فيجوز لما روت عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناوليني الخمرة من المسجد" فقلت: إني حائض، فقال: "إنَّ حيضتك ليست في يدك" رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي، وقالت ميمونة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهي حائض، فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن وهي حائض، ثم تقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض؛ رواه أحمد والنسائي، وقال جابر بن عبد الله: كان أحدنا يمرُّ في المسجد جنباً مجتازاً ؛ رواه سعيد في سننه]، وقال زيد بن أسلم: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون في المسجد وهم جنب؛ رواه ابن المنذر)).
وحديث ميمونة حسنه الشيخ الألباني في تخريجه لسنن النَّسائي، وهذا الحديث وحديث عائشة الذي قبله يدلان على جواز دخول الحائض في المسجد للحاجة، أما أثر جابر فقد ضعفه الشيخ رحمه الله تعالى في تخريجه لصحيح ابن خزيمة، وأثر زيد كما نقله شيخ الإسلام – إن صحَّ – فيه دلالة على جواز دخول الجنب في المسجد، لكن لا دلالة فيه على المنع من الجلوس أو المكث؛ كما هو ظاهر.
وهذا العبور أجازه مَنْ قال به للحاجة؛ قال شيخ الإسلام [المصدر السابق 1/392]: ((وهذا العبور إنما يجوز: إذا كان لحاجه وغرض، وإن لم يكن ضرورياً، فأما لمجرد العبث: فلا، فإن اضطر إلى اللبث في المسجد أو إلى الدخول ابتداء أو اللبث فيه لخوف على نفسه وماله: جاز ذلك ولزمه التيمم في أحد الوجهين؛ كما يلزم إذا لبث فيه لغير ضرورة وقد عدم الماء، والمنصوص عنه: أنه لا يلزمه لأنه ملجأ إلى اللبث والمقام غير قاصد له فيكون في حكم العابر المجتاز؛ كالمسافر لو حبسه عدو أو سلطان كان في حكم المجتاز في رخص السفر، ولهذا لو دخل المسجد بنية اللبث أثِمَ وإن لم يلبث، اعتباراً بقصد اللبث كما يعتبر قصد الإقامة)).
الأدلة التي استدل بها القائلون بجواز مكث الجنب إذا توضأ:قال شيخ الإسلام [شرح العمدة 1/391]: ((وإذا توضأ الجنب جاز له اللبث:
لما روى أبو نعيم ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون في المسجد وهم على غير وضوء، وكان الرجل يكون جنباً فيتوضأ، ثم يدخل فيتحدث. وقال عطاء بن يسار: رأيت رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهو مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة؛ رواه سعيد.
وهذا لأنَّ الوضوء يرفع الحدثين عن أعضاء الوضوء، ويرفع حكم الحدث الأصغر عن سائر البدن؛ فيقارب مَنْ عليه الحدث الأصغر فقط، ولهذا أمر الجنب إذا أراد النوم والأكل بالوضوء؛ ولولا ذلك لكان مجرد عبث.
يبين ذلك؛ أنه قد جاء في نهي الجنب أن ينام قبل أن يتوضأ أن لا يموت فلا تشهد الملائكة جنازته؛ فهذا يدل على أنه إذا توضأ شهدت جنازته ودخلت المكان الذي هو فيه، ونهى الجنب عن المسجد لئلا يؤذي الملائكة بالخروج؛ فإذا توضأ أمكن دخول الملائكة المسجد، فزال المحذور)).
أما الآثار عن الصحابة أنَّهم كانوا يتوضؤون إذا كانوا جُنب ليجلسوا في المسجد – فعلى فرض صحتها؛ لأنَّ في الأثر الأول: هشام بن سعد؛ وقد ضعفه النَّسائي وابن معين وابن عدي - فلا تدل على وجوب ذلك الوضوء لأنَّها مجرد فعل، وأما أنَّه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أمر الجنب إذا أراد النوم والأكل بالوضوء، ونهاه عن النوم قبل أن يتوضأ فهذا أيضاً لا يدل على الوجوب لحديث عمر رضي الله تعالى عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال: "نعم؛ ويتوضأ إن شاء" أخرجه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما؛ وصححه الألباني؛ وانظر كتابه "آداب الزفاف" فصل: توضؤ الجنب قبل النوم.
قال النووي [شرح صحيح مسلم 3/217-218]: ((ولا خلاف عندنا: أنَّ هذا الوضوء ليس بواجب؛ وبهذا قال مالك والجمهور, وذهب ابن حبيب من أصحاب مالك إلى وجوبه, وهو مذهب داود الظاهري))؛ فإذا كان حكم الوضوء في الأصل – قبل النَّوم والأكل ومعاودة الجماع – غير واجب؛ فحكمه في الفرع – المكث في المسجد – كذلك؛ كما لا يخفى في موضوع القياس.
وقال شيخ الإسلام [المجموع 21/274]: ((وقد ثبت عنه في الصحيح: أنه لما خرج من الخلاء وأكل وهو محدث؛ قيل له: ألا تتوضأ؟ قال: "ما أردت صلاة فأتوضأ" يدل على أنه لم يجب عليه الوضوء إلا إذا أراد صلاة، وأنَّ وضوءه لما سوى ذلك مستحب ليس بواجب؛ وقوله: "ما أردت صلاة فأتوضأ" ليس إنكاراً للوضوء لغير الصلاة؛ لكن إنكار لإيجاب الوضوء لغير الصلاة؛ فإنَّ بعض الحاضرين قال له: ألا تتوضأ؟ فكأنَّ هذا القائل ظنَّ وجوب الوضوء للأكل، فقال: "ما أردت صلاة فأتوضأ" فبين له أنه إنما فرض الله الوضوء على من قام إلى الصلاة))، بل صرَّح شيخ الإسلام نفسه [المجموع 21/343-344] باستحباب الوضوء قبل النَّوم والأكل والمعاودة؛ حيث سئل: ((أيما أفضل للجنب أن ينام على وضوء أو يكره له النوم على غير وضوء؟ وهل يجوز له النوم في المسجد إذا توضأ من غير عذر أم لا؟
فأجاب: الجنب يستحب له الوضوء إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يعاود الوطء، لكن يكره له النوم إذا لم يتوضأ، فإنه قد ثبت في الصحيح أنَّ النبي سئل هل يرقد أحدنا وهو جنب فقال نعم إذا توضأ للصلاة، ويستحب الوضوء عند النوم لكل أحد؛ فإنَّ النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال لرجل: "إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم قل: اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت".
وليس للجنب أن يلبث في المسجد؛ لكن إذا توضأ جاز له اللبث فيه عند أحمد وغيره، واستدل بما ذكره بإسناده عن هشام بن سعد: أنَّ أصحاب رسول الله كانوا يتوضؤون وهم جنب ثم يجلسون في المسجد ويتحدثون، وهذا لأنَّ النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أمر الجنب بالوضوء عند النوم، وقد جاء في بعض الأحاديث: أنَّ ذلك كراهة أن تقبض روحه وهو نائم فلا تشهد الملائكة جنازته، فإنَّ في السنن عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه قال: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جنب" وهذا مناسب لنهيه عن اللبث في المسجد، فإنَّ المساجد بيوت الملائكة، كما نهى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن أكل الثوم والبصل عند دخول المسجد؛ وقال: "إنَّ الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم"، فلما أمر النبي الجنب بالوضوء عند النوم دلَّ ذلك على: أنَّ الوضوء يرفع الجنابة الغليظة، وتبقى مرتبة بين المحدث وبين الجنب؛ لم يرخص له فيما يرخص فيه للمحدث من القراءة ،ولم يمنع مما يمنع منه الجنب من اللبث في المسجد، فإنه إذا كان وضوؤه عند النوم يقتضي شهود الملائكة له دلَّ على أنَّ الملائكة تدخل المكان الذي هو فيه إذا توضأ)).
وهل تقاس الحائض على الجنب في الوضوء قبل النَّوم؟
قال ابن حجر [فتح الباري 1/395]: ((وقال ابن دقيق العيد: نصَّ الشافعي رحمه الله على أنَّ ذلك ليس على الحائض, لأنها لو اغتسلت لم يرتفع حدثها بخلاف الجنب, لكن إذا انقطع دمها استحب لها ذلك)).
فالحائض – على هذا القول - لها أن تمكث في المسجد للحاجة بلا وضوء؛ وفي ذلك قال شيخ الإسلام [26/179]:
((وقد أمر النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الجنب بالوضوء عند الأكل والشرب والمعاودة؛ وهذا دليل أنه إذا توضأ ذهبت الجنابة عن أعضاء الوضوء، فلا تبقى جنابته تامة، وإن كان قد بقي عليه بعض الحدث، كما أنَّ المحدث الحدث الأصغر عليه حدث دون الجنابة، وإن كان حدثه فوق الحدث الأصغر فهو دون الجنب؛ فلا تمتنع الملائكة عن شهوده، فلهذا ينام ويلبث فى المسجد، وهذا يدل على: أنَّ الجنابة تتبعض، فتزول عن بعض البدن دون بعض؛ كما عليه جمهور العلماء.
وأما الحائض فحدثها دائم؛ لا يمكنها طهارة تمنعها عن الدوام، فهي معذورة في مكثها ونومها وأكلها وغير ذلك، فلا تمنع مما يمنع منه الجنب مع حاجتها إليه)).
أدلة المجيزين للحائض والجنب أن يمكثا في المسجد مطلقاً: قال ابن حزم [المحلَّى 2/184-187]: ((لأنه لم يأت نهي عن شيء من ذلك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن لا ينجس"، وقد كان أهل الصفة يبيتون في المسجد بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جماعة كثيرة؛ ولا شكَّ في أنَّ فيهم من يحتلم، فما نهوا قط عن ذلك.
وقال قوم: لا يدخل المسجد الجنب والحائض إلا مجتازين؛ وهذا قول الشافعي وذكروا قول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا" فادعوا أنَّ زيد بن أسلم أو غيره قال: معناه لا تقربوا مواضع الصلاة.
ولا حجة في قول زيد، - ولو صح أنه قاله لكان خطأ منه - لأنه لا يجوز أن يظن أنَّ الله تعالى أراد أن يقول: لا تقربوا مواضع الصلاة فيلبِّس علينا فيقول: "لا تقربوا الصلاة"، وروي أنَّ الآية في الصلاة نفسها عن علي بن أبي طالب وابن عباس وجماعة.
وقال مالك: لا يمرا فيه أصلاً، وقال أبو حنيفة وسفيان: لا يمرا فيه؛ فإن اضطرا إلى ذلك تيمما ثم مرا فيه ...
ثم ذكر دليلهم وهو: " إنَّ المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض" من طرق وضعفها جميعها، وحكم عليه بالبطلان، ثم قال:
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عبيد بن إسماعيل ثنا أبو أسامة هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين: أنَّ وليدةً سوداء كانت لحي من العرب، فأعتقوها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش؛ فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمعهود من النساء الحيض فما منعها عليه السلام من ذلك، ولا نهى عنه، وكل ما لم ينه عليه السلام عنه فمباح.
وقد ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "جعلت لي الأرض مسجداً" ولا خلاف في أنَّ الحائض والجنب مباح لهما جميع الأرض؛ وهي مسجد، فلا يجوز أن يخص بالمنع من بعض المساجد دون بعض.
ولو كان دخول المسجد لا يجوز للحائض: لأخبر بذلك عليه السلام عائشة إذ حاضت فلم ينهها إلا عن الطواف بالبيت فقط؛ ومن الباطل المتيقن: أن يكون لا يحل لها دخول المسجد فلا ينهاها عليه السلام عن ذلك، ويقتصر على منعها من الطواف؛ وهذا قول المزني وداود وغيرهما؛ وبالله تعالى التوفيق)).
أما حديث أهل الصفة (والصفة: موضع مظلل في المسجد النبوي) فقد أخرجه الحاكم والبيهقي وابن حبَّان والطبراني وأخرجه أحمد مختصراً، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وأقرَّهما الألباني، أما حديث الوليدة السوداء التي كان لها خباء في المسجد أو حفش (وهو البيت الضيق الصغير) فقد أخرجه البخاري؛ وبعد أن نقل الشيخ الألباني هذين الحديثين في كتابه "الثمر المستطاب 2/117- 120" قال: ((قال ابن بطال: "فيه: أنَّ مَنْ لم يكن له مسكن ولا مكان مبيت: يباح له بالمبيت في المسجد سواء كان رجلاً أو امرأةً؛ عند حصول الأمن من الفتنة، وفيه اصطناع الخيمة وشبهها للمسكين رجلاً كان أو امرأةً " نقله في "العمدة" )).
وقال شيخ الإسلام [المجموع 26/177]: ((فإنَّ لبثها – أي: الحائض - فى المسجد لضرورة: جائز؛ كما لو خافت مَنْ يقتلها إذا لم تدخل المسجد، أو كان البرد شديداً، أو ليس لها مأوى إلا المسجد))؛ ولهذا فهذان الدليلان لا يسلمان من معارضة كذلك، فإنَّهما فيمن لم يكن له مأوى؛ وهذه ضرورة، ولا شكَّ أنَّ الضرورات تبيح المحظورات.
وانظر كذلك ما ذكره عبد الرزاق في مصنَّفه [1/414] باب "المشرك يدخل المسجد" من الأحاديث التي تدل على مكث المشركين في المسجد ومبيتهم والبناء لهم فيه؛ فراجع ذلك إن شئت؛ حديث: (1620)، (1621)، (1622)، وكلُّها معلولة.
خلاصة هذه المسألة:
أنَّ العلماء اختلفوا فيها إلى أربعة أقوال:
1- فمنهم من منع الجنب والحائض من المكث أو اللبث في المسجد مطلقاً لحديث جسرة: "إنَّ المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض" وقد تبين أنَّه ضعيف.
2- ومنهم من ذهب إلى جوازه مطلقاً، لأنه الأصل ولا ناقل عنه صحيح.
3- ومنهم من فرَّق بين العبور واللبث جمعاً بين حديث جسرة الآنف الذكر وبين قوله تعالى: "وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا" وحديث عائشة وفيه: "ناوليني الخمرة من المسجد"، وحديث ميمونة وفيه: "ثم تقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض" وما جاء في نهيه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لعائشة من الطواف وكانت حائضاً، ولم ينهها عن الدخول في المسجد؛ وهذه الأحاديث لا شكَّ في صحة دلالتها على جواز دخول الحائض في المسجد، أما الآية الكريمة فقد تقدَّم فيها الخلاف، وأنَّ الراجح فيها أنَّها نزلت في السفر، ولهذا فلا دلالة فيها على التفريق بين العبور واللبث.
4- أما القول الأخير من أقوال أهل العلم في هذه المسألة: فهو يجوز للجنب أن يلبث في المسجد إذا توضأ؛ لأنَّ الوضوء يرفع الجنابة الغليظة فيقرب من الحدث الأصغر، أما الحائض فلا يرفع الوضوء لها شيئاً فلهذا لا تُمنع من اللبث في المسجد إذا كان لها فيه حاجة؛ وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ وهو القول الأقرب إلى الصواب؛ لولا أنَّ هذا الوضوء الذي اشترطه في مكث الجنب في المسجد قيس على وضوء الجنب قبل النَّوم والأكل ومعاودة الجماع، وهو مستحب كما تقدَّم، فكما أنَّ للجنب أن ينام بلا وضوء مع عدم الإثم، فكذلك له أن يمكث في المسجد مع عدم الإثم؛ لأنَّ هذا فرع على ذاك الأصل.
ولهذا فالصواب في هذه المسألة:
قول مَنْ ذهب إلى جواز مكث الحائض والجنب في المسجد؛ لأنَّ الأصل في الأشياء الإباحة فلا يُنقل عنها إلا ناقلٌ صحيحٌ لم يُعارضه ما يُساويه أو يُقدَّم عليه؛ والأدلة التي استدلَّ بها المخالفون لهذا القول لا يُمكن أن تعارض هذا الأصل؛ إما لضعف إسنادها، أو لضعف دلالتها؛ وقد تقدَّم بيان ذلك في مواضعها؛ وقد قال الشوكاني [نيل الأوطار 1/255] في شرح حديث "حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً": ((قال النووي في شرح مسلم: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الدين؛ وهي: أنَّ الأشياء يُحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها)).
وأورد البعض إيراداً فقال: إنَّ صلاة تحية المسجد واجبة عند الدخول إذا أرادت المرأة الجلوس فيه؛ ولا يجوز للحائض أن تصلي؛ فكيف لها أن تجلس؟!وجواب ذلك: أنَّ لها أن تجلس من غير أن تصلي تحية المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة عندما حاضت في الحج: ((فافعلي ما يفعل الحاج غير أنْ لا تطوفي بالبيت ولا تصلي حتى تطهري))، والحاجُّ له أن يجلس في المسجد الحرام، فلم ينهها صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وبهذا يكون هذا الحديث – كذلك – من أدلة تجويز أن تمكث الحائض في المسجد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم منعها من الطواف والصلاة ولم يمنعها من المكث في المسجد مع حاجتها لذلك كما لا يخفى، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فدلَّ ذلك على جواز أن تمكث فيه. [وهذا خلاصة ما أجاب به الشيخ الألباني في أحد مجالسه]
هذا والله تعالى أعلم؛ وأسأله تعالى أن يوفقنا إلى السداد في الأقوال والأعمال، وأن يغفر لنا زلاتنا وجهلنا وأخطاءنا وكل ذلك عندنا إنَّه هو الغفور الرحيم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
وكتبــــه:
أبو معاذ رائد آل طاهر
22 من شهر الله المحرَّم 1425ﻫ
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?p=639284
سعودالعامري
2008-05-01, 08:10 PM
اخرج مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول
المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة إنها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت ولكن لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة وهي تشهد المناسك كلها مع الناس غير أنها لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ولا تقرب المسجد حتى تطهر .
ربيع أحمد السلفي
2008-05-01, 09:15 PM
هل قول الصحابي يصلح مانعا لما جوزه الشرع ؟!!!!!!! ، و قول الصحابي فيما يجوز فيه الاجتهاد مختلف في حجيته ،و عند التحقيق نجد أنه ليس بحجة فقد أجمع الصحابة على جواز مخالفة بعضهم بعضاً ، ولو كان قول بعضهم حجة لوقع الإنكار على من خالفه منهم ، و إذا جاز مخالفة كل واحد منهم لهم ، فيجوز لغيرهم أيضاً مخالفة كل واحد منهم عملاً بالاستصحاب ، و التفريق بين الصحابة وغيرهم يحتاج لدليل صحيح صريح يحسم مادة الخلاف ، والصحابة كانوا يقرون التابعين على اجتهادهم ،وكان للتابعين آراء مخالفة لمذهب الصحابي ،فلو كان قول الصحابي حجة على غيره لما ساغ للتابعي هذا الاجتهاد ،ولأنكر عليه الصحابي مخالفته فهذا علي رضي الله عنه تحاكم في درع له وجدها مع يهودي إلى قاضيه شريح فخالف عليا في رد شهادة ابنه الحسن له للقرابة ،وكان علي برى جواز شهادة الابن لابيه . و خالف مسروق ابن عباس في النذر بذبح الولد فأوجب فيه مسروق شاة وأوجب ابن عباس فيه مئة من الإبل فقال مسروق : ليس ولده خيرا من إسماعيل فرجع ابن عباس إلى قول مسروق .
سعودالعامري
2008-05-01, 10:03 PM
هل قول الصحابي يصلح مانعا لما جوزه الشرع ؟!!!!!!! ، و قول الصحابي فيما يجوز فيه الاجتهاد مختلف في حجيته ،و عند التحقيق نجد أنه ليس بحجة فقد أجمع الصحابة على جواز مخالفة بعضهم بعضاً ، ولو كان قول بعضهم حجة لوقع الإنكار على من خالفه منهم ، و إذا جاز مخالفة كل واحد منهم لهم ، فيجوز لغيرهم أيضاً مخالفة كل واحد منهم عملاً بالاستصحاب ، و التفريق بين الصحابة وغيرهم يحتاج لدليل صحيح صريح يحسم مادة الخلاف ، والصحابة كانوا يقرون التابعين على اجتهادهم ،وكان للتابعين آراء مخالفة لمذهب الصحابي ،فلو كان قول الصحابي حجة على غيره لما ساغ للتابعي هذا الاجتهاد ،ولأنكر عليه الصحابي مخالفته فهذا علي رضي الله عنه تحاكم في درع له وجدها مع يهودي إلى قاضيه شريح فخالف عليا في رد شهادة ابنه الحسن له للقرابة ،وكان علي برى جواز شهادة الابن لابيه . و خالف مسروق ابن عباس في النذر بذبح الولد فأوجب فيه مسروق شاة وأوجب ابن عباس فيه مئة من الإبل فقال مسروق : ليس ولده خيرا من إسماعيل فرجع ابن عباس إلى قول مسروق .
سبحان الله ! ان امكنك مخالفتهم اذا اختلفوا فيمكنك مخالفتهم اذا اجتمعوا كما قال الامام احمد
ربيع أحمد السلفي
2008-05-01, 10:55 PM
أولا : أين الدليل الصحيح الصريح في أن قول آحاد الصحابة من الشرع وحجة في دين الله ؟
ثانيا : كما أن قول علماء الأمة حجة ومع ذلك قول آحادها ليس بحجة فيجوز مخالفة الواحد من العلماء أما كل العلماء إذا اجتمعوا على رأي فلا يجوز .
ثالثا : قول أحمد إن صحت نسبته إليه فليس صادرا من معصوم فهو قابل للأخذ والرد ، وأقوال العلماء يستدل لها ، ولا يستدل بها .
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 08:39 AM
اخرج مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول
المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة إنها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت ولكن لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة وهي تشهد المناسك كلها مع الناس غير أنها لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ولا تقرب المسجد حتى تطهر .
/// شكرا على هاته الفائدة
/// قد نقلت فتوى فوق فيها ما يلي :
وذهب إلى جواز دخول الحائض المسجد وأنها لا تمنع إلا لمخافة ما يكون منها زيد بن ثابت
فلو ثبت هذا؛ فيكون عندنا قولين للصحابة و ليس قول أحدهما مقدّم على قول الآخر إلا بمرجّح
نرجو التحقيق و التباحث حول مذاهب الصحابة حول هاته القضيّة ؟ -وفقكم الله-
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 09:21 AM
يقول الشيخ مصطفى العدوي :
دخول الحائض المسجد، هل يستدل بالآية نفسها على منع دخول الحائض المسجد؟ قد يقول قائل: إن الجنب كالحائض فكما أنكم منعتم الجنب فامنعوا الحائض من دخول المسجد لهذه الآية، وهذا الرأي فيه نظر من وجوه:
/// أولها: الآية فيها نزاع: هل المراد بالصلاة: مواطنها أو هي نفسها؟
/// ثانياً: في قياس الحائض على الجنب نزاع :
- لأن الجنب أمره بيده، من الممكن أن يذهب ويزيل هذه الجنابة بالاغتسال أو بالتيمم،
- أما الحائض فليست كذلك، بل لا بد أن تنتهي حيضتها.
/// فإن قال قائل: ما العلة من منع الجنب من الاقتراب من المسجد؟ فنقول: حتى يبادر إلى الاغتسال والطهارة، وهذه العلة لا تتوافر في مسألة الحائض؛ لأن الحائض تسرع أو لا تسرع فليس لها من أمرها شيء، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لـعائشة : (إن حيضتك ليست في يدك).
ومسألة دخول الحائض المسجد فيها رأيان للعلماء:
فالجمهور رأوا أن الحائض لا تدخل المسجد، ومن أهل العلم من رأى أن الحائض تدخل المسجد،
فلما دب النزاع لزم البحث عن الدليل، فلما جئنا إلى الأدلة وجدناها ليست صريحة في الباب، فبقينا على البراءة الأصلية، وها هي أدلة القولين:
أما القائلون بأن الحائض تمنع من دخول المسجد فمن أدلتهم ما يلي:
/// أولاً: القياس على الجنب، وتأويل الصلاة بمواطن الصلاة في الآية.
/// ثانياً: قول أم عطية كما في الصحيحين: (أمرنا أن نخرج الحيض والعواتق وذوات الخدور لصلاة العيد، فقلن: يا رسول الله! والحيض؟ قال: يعتزل الحيض المصلى) فقوله صلى الله عليه وسلم: (يعتزل الحيض المصلى) استدل به على أن الحائض لا تقرب المسجد، واعترض على هذا بأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي العيد في الفضاء وليس في المسجد، فأريد بالمصلى الصلاة؛ لأنه لا يحرم على الحائض أرض الفضاء.
/// ثالثاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم لـعائشة : (ناوليني الخمرة -الخمرة: شيء يصلى عليه كالسجادة في زماننا- قالت: إني حائض يا رسول الله! قال: إن حيضتك ليست في يدك) قالوا: هي ستمد يدها، والحيضة إنما هي في الفرج وليست في اليد، فهذا فيه منع للحائض من دخول المسجد. والمعترضون استدلوا بالدليل نفسه على الجواز، فقالوا: إن معنى قوله: (إن حيضتك ليست في يدك) أي: إنما هي بيد الله فادخلي.
/// رابعاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم لـعائشة لما حاضت: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)، قالوا: إن قوله: (ألّا تطوفي بالبيت) يعني: لا تقربي المسجد بصفة عامة، وقال الآخرون: بل المعنى: ادخلي ولكن لا تطوفي؛ لأن الطواف كالصلاة.
هذه أوجه الاستدلال للعلماء في هذا الباب، وثم أوجه أخرى متكلم فيها. فالمسألة مسألة نزاع بين أهل العلم، فإن قال قائل: ليس معي دليل صريح صحيح في المنع، فله وجه قوي، والبراءة الأصلية تؤيده، أي: أن الأصل عدم المنع، والذي يمنع عليه أن يأتي بالدليل الصحيح الصريح، فإذا لم يوجد دليل صحيح صريح بقينا على البراءة الأصلية؛ ما دام تلويث المسجد قد أمن، فالمرأة تتحفظ ولا تجعل شيئاً منها يلوث المسجد، والله أعلم.
سعودالعامري
2008-05-02, 12:51 PM
/// شكرا على هاته الفائدة
/// قد نقلت فتوى فوق فيها ما يلي :
فلو ثبت هذا؛ فيكون عندنا قولين للصحابة و ليس قول أحدهما مقدّم على قول الآخر إلا بمرجّح
نرجو التحقيق و التباحث حول مذاهب الصحابة حول هاته القضيّة ؟ -وفقكم الله-
لا يصح عن زيد بن ثابت , فانتفى المخالف فكان اجماعا على طريقة ابن قدامة
سعودالعامري
2008-05-02, 01:07 PM
أولا : أين الدليل الصحيح الصريح في أن قول آحاد الصحابة من الشرع وحجة في دين الله ؟
ثانيا : كما أن قول علماء الأمة حجة ومع ذلك قول آحادها ليس بحجة فيجوز مخالفة الواحد من العلماء أما كل العلماء إذا اجتمعوا على رأي فلا يجوز .
ثالثا : قول أحمد إن صحت نسبته إليه فليس صادرا من معصوم فهو قابل للأخذ والرد ، وأقوال العلماء يستدل لها ، ولا يستدل بها .
يا اخي لا تعنيك صحة نسبتة الى الامام(( ولولا اسلوبك لاعلمتك اين تجده )) الذي يعنيك صحة القول وارنا مناقشتك يا اخي , وهذا فهم لصحابي((لامخالف له وهو عند بعض العلماء اجماع)) غير فهمكم ؟
خشيت ان تنجس الخمرة !!! او قول الاخر معنى حيضتك ليست بيدك اي انها بيد الله !!! المؤلة اتونا في احاديث الاحكام فالله المستعان .
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 01:33 PM
لا يصح عن زيد بن ثابت , فانتفى المخالف فكان اجماعا على طريقة ابن قدامة
حفظك الله أخي؛ هل وقفت على سند الرواية إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه؟ و كذا ما علّة الضعف ؟ أرجو الفائدة
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 01:39 PM
اخرج مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول
المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة إنها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت ولكن لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة وهي تشهد المناسك كلها مع الناس غير أنها لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ولا تقرب المسجد حتى تطهر .
/// و لكن عائشة رضيّ الله عنها قد قَرُبَت من المسجد و أقرّها النّبي صلى الله عليه و سلّم
/// فما ذُكرَ عن عبد الله بن عمر رضيّ الله عنه يُخالف ما أقرّ به النّبي صلى الله عليه وسلّم و الله أعلم
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 01:43 PM
لا يصح عن زيد بن ثابت , فانتفى المخالف فكان اجماعا على طريقة ابن قدامة
/// اقرار النّبي صلى الله عليه و سلّم لقٌرب عائشة من المسجد يُعارض قول عبد الله بن عمر رضيّ الله عنه؛ فلا يُمكنُ إذن ادّعاء الإجماع حتى و إن لم يَصح ما نُسبَ إلى زيد بن ثابت رضيّ الله عنه.
/// و ما يُفهم من أحاديث النّبي صلى الله عليه و سلّم مُقدّمُُ على فهم معارض حتى و إن كان من صحابي حتى على القول بحجّية قول آحاد الصحابة. لأنّ قول آحاد الصحابة حجّة بشرط عدم وجود المعارض عند من يقول به و في حالتنا هاته يوجد المعارض.
سعودالعامري
2008-05-02, 02:17 PM
هل وقفت على سند الرواية إلى زيد بن ثابت حفظك الله أخي ؟ و كذا ما علّة الضعف ؟ أرجو الفائدة
عفوا اخي قلت ذلك ظنا انه اثر مررت عليه واكتشفت انه ليس في هذه المسألة وعندما رجعت الى الكلام الذي نقلته اكتشفت انه حصل لك لبس الا وهو انا جعلناه زيد بن ثابت رضي الله عنه وانما هو زيد بن اسلم !
سعودالعامري
2008-05-02, 02:22 PM
/// اقرار النّبي صلى الله عليه و سلّم لقٌرب عائشة من المسجد يُعارض قول عبد الله بن عمر رضيّ الله عنه؛ فلا يُمكنُ إذن ادّعاء الإجماع حتى و إن لم يَصح ما نُسبَ إلى زيد بن ثابت رضيّ الله عنه.
/// و ما يُفهم من أحاديث النّبي صلى الله عليه و سلّم مُقدّمُُ على فهم معارض حتى و إن كان من صحابي حتى على القول بحجّية قول آحاد الصحابة. لأنّ قول آحاد الصحابة حجّة بشرط عدم وجود المعارض عند من يقول به و في حالتنا هاته يوجد المعارض.
جزا ك الله خيرا وعلما انا انما اتيت باثر ابن عمر رضي الله عنه تأييدا للفهم الصحيح والمتفق عليه من الائمة قبل المزني وداود الظاهري (( من ينشط ويأتينا بصحة نسبته اليهما فجزاه الله عنا كل خير ))
أمجد الفلسطيني
2008-05-02, 02:44 PM
/// و ما يُفهم من أحاديث النّبي صلى الله عليه و سلّم مُقدّمُُ على فهم معارض حتى و إن كان من صحابي حتى على القول بحجّية قول آحاد الصحابة. لأنّ قول آحاد الصحابة حجّة بشرط عدم وجود المعارض عند من يقول به و في حالتنا هاته يوجد المعارض.
المشكلة معكم في الأصول وهذه المسألة فرع عنها لذلك أعرض من أعرض عن النقاش لأنه لا بد من الاتفاق على أصول يصلح بعدها النقاش في الفروع المبنية على هذه الأصول
أضف إلى أن المسألة قتلت بحثا
وأيضا المشكلة ليست في الحديث لكن في فهمه الفهم الصحيح
ثم إننا لا نساوي بين فهم ابن حزم مثلا وبين فهم ابن عمر ولا نجعلهما في رتبة واحدة بل لا نرد فهم ابن عمر بفهمه [/QUOTE]
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 04:34 PM
عفوا اخي قلت ذلك ظنا انه اثر مررت عليه واكتشفت انه ليس في هذه المسألة وعندما رجعت الى الكلام الذي نقلته اكتشفت انه حصل لك لبس الا وهو انا جعلناه زيد بن ثابت رضي الله عنه وانما هو زيد بن اسلم !
الفتوى التي عندي و التي نقلتها فوق و الذي رابطها ما يلي :
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=107644&postcount=29
مذكور : زيد بن ثابت و ليس زيد بن اسلم
و شكرا على التوضيح
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 04:36 PM
جزا ك الله خيرا وعلما انا انما اتيت باثر ابن عمر رضي الله عنه تأييدا للفهم الصحيح والمتفق عليه من الائمة قبل المزني وداود الظاهري (( من ينشط ويأتينا بصحة نسبته اليهما فجزاه الله عنا كل خير ))
و فيك بارك الله أخي الكريم
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 04:37 PM
المشكلة معكم في الأصول وهذه المسألة فرع عنها لذلك أعرض من أعرض عن النقاش لأنه لا بد من الاتفاق على أصول يصلح بعدها النقاش في الفروع المبنية على هذه الأصول
أضف إلى أن المسألة قتلت بحثا
وأيضا المشكلة ليست في الحديث لكن في فهمه الفهم الصحيح
ثم إننا لا نساوي بين فهم ابن حزم مثلا وبين فهم ابن عمر ولا نجعلهما في رتبة واحدة بل لا نرد فهم ابن عمر بفهمه
سبحان الله
المناقشة إذن مع من يتّفق معنا في الأصول و مع الذيّ يجوّز إمكانية خطأ عبد الله بن عمر -رضيّ الله عنه- في الفهم
و أصولنا و الحمد لله هي في إطار كلام العلماء من أهل السّنة كما هو واضح في النقولات السابقة
و ليس من شرط النقاش و المذاكرة الإتفاق على جميع قواعد أصول الفقه و إلا فلا نقاش!
ثم من الذي ساوى بين فهم ابن حزم و بين فهم ابن عمر ؟!
نحن نحاول أن نفهم هل فهم ابن عمر رضيّ الله عنه يتوافق و مع نصوص الشريعة أو يتعارض ؟!
و كون المسألة قد قُتلت بحثا؛ فأنا مازالت عندي بعض الإشكالات لم أجد لها جوابا ؟! فأين إذن هاته البحوث التي فيها جواب على جميع الإشكالات ؟ نرجو الفائدة
ربيع أحمد السلفي
2008-05-02, 04:48 PM
هل هناك إجماعا في المسألة ، وأنى هذا الإجماع دارت المسألة الآن حول حجية الإجماع السكوتي ، وحول حجية قول الصحابي فيما يجوز فيه الاجتهاد فمن يحتج بهما فعليه بدليل صحيح صريح علي ذلك و إلا فعند النحقيق قول الصحابي ليس بحجة فيما يجوز فيه الاجتهاد ،و أيضا الإجماع السكوتي ليس بحجة فما يدرينا لعل الناس اختلفوا ، وهل تكفل الله بحفظ أقوال الأئمة والعلماء ، وقد ضاع الكثير منها ؟
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 05:02 PM
الأخ ربيع
/// حسب علمي لم أقف على عالم من العلماء قد ادّعى الإجماع في مسألتنا هاته
/// و أما مسألة حجّية قول الصحابي فقد اختلف فيها العلماء :
- فمن العلماء من يرى أنّ قول جميع الصحابة حجّة بشرط عدم وجود المعارض : سواء أكان المعارض نصا أو قول صحابي آخر،
- و منهم من لا يعمّم ذلك على كل الصحابة و إنّما بما دلّ النّص على حجّية كلامه و بالطبع بشرط عدم وجود المعارض،
- و من العلماء من يرى قوله حجّة فيما له حكم الرفع.
/// و أما عن الإجماع السكوتي فقد اختلف العلماء في تعريفه من ناحية و في كونه حجّة من ناحية أخرى و طالما أنّه لا يُوجد حتى الآن من نقل لنا دعوى الإجماع من العلماء المعتبرين فأرى أنّه يحسن مناقشة الأدّلة التي لم يجب عليها حتى الآن
مع التنبيه : أنّه في جميع هاته الأقوال هناك من أهل السّنة من قال بأحدها
و عليه :
فسواء أقلنا بحجّية قول الصحابي أو لا ؟! ففي مسألتنا ينبغي توضيح أنّ هذا القول للصحابي لا يتعارض مع نصوص الكتاب و السّنة و إنّما يأتلف معها.
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 05:32 PM
يقول بعض المشايخ:
وإذا كانت العلة من منع الحائض من دخول المسجد والمكث فيه للحاجة عند من يقول بالمنع هي خوف تلويثه بالنجاسة (الدم) فإن وسائل النظافة والتحفظ عند النساء اليوم أكثر منه في زمان مضى، حيث تتحفظ المرأة في بيتها – فضلاً عن المسجد- لا يلحق الدم مهما عظم شيئاً من ملابسها، ثم إن المستحاضة (غير الحائض) تصوم وتصلي وتشهد مجامع الخير ولو خرج منها الدم. فقد جاء في صحيح البخاري من حديث عائشة، قالت:" اعتكف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم، فربما وضعت الطست تحتها من الدم" فإن كانت علة المنع للحائض هي التلويث للمسجد فهي نفسها في دم الاستحاضة، وليست مساجدنا بأفضل من مسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بل حاجة نساء اليوم إلى طلب العلم الشرعي وتوخي سبله النافعة – أشد من حاجة نساء الأمس وأمهات المؤمنين خاصة.
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 05:43 PM
و عليه فمما سبق نلاحظ أنّ أدلّة المانعين تدور على ما يلي :
- اجتناب تلويث المسجد؛ و قد رُدّ على هذا سُهولة اجتناب هذا الأمر في وقتنا المعاصر.
- قياس الجُنب على الحائض (على فرض أنّ الراجح من أقوال أهل العلم هو المنع من دخول المسجد للجنب لغير الحاجة)؛ و قد رُدّ على هذا بأنّ الحائض غير الجنب و علّة القياس ليست واضحة.
- سد ذريعة تنجيس المسجد؛ و قد رُدّ على هذا بأنّ سد هاته الذريعة لا دليل عليها فقد سمح النبي صلى الله عليه وسلّم لمستحاضة بالدخول للمسجد.
- الإعتماد على أحاديث؛ و قد ضعّفها بعض أهل العلم.
- الإعتماد على حديث : "حيضتك ليست بيدك" و قد تمّ بيان أنّه لا يوجد نهي فيه و على فرض و أن يسَلَّم للمانعين ببعض دلالته؛ ففي أحسن أحواله هو يدل على كراهة التنزيه في دخول المسجد للحائض و ليس كراهة التحريم.
- الإعتماد على أمر النبي صلى الله عليه وسلم اعتزال الحيض عن مصلى النساء؛ و مَعلوم أنّ مُصلى العيد غير المسجد و من الطبيعي أنّه لا حاجة للنساء للإختلاط بالمصليات من النّساء الغير حُيّض في مصلى العيد لأنّ هذا يُسبّب قطع الصفوف لغير حاجة و قد نهى النّبي صلى الله عليه و سلّم عن قطع الصفوف، في حين أنّه يمكن للحُيض أن يَجلسن في مكان في المسجد لا يُسبب قطع صفوف صلاة الجماعة. فعلّة قياس المسجد على مصلى العيد غير مسلّمة.
- الإعتماد على نصوص متساوية الإحتمال سواء للمانعين أو المجوزين.
- و كما قد تمّ بيان أنّ قول الجمهور ليس بحجّة.
- الإعتماد على قول صحابي في نهي الحائض عن قرب المسجد حتى تطهر ؛ و قد تمّ بيان أنّ النّبي صلى الله عليه و سلّم أقرّ عائشة في قُربها للمسجد من أجل تسليمها للنّبي صلى الله عليه و سلّم شيئا ليس بضروري و يُمكن الإستغناء عنه و هي لم تطهر بعد.
و الله أعلم
وفق الله الجميع
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 09:54 PM
: في معرض كلامه عن جلوس الحائض في المسجد ما يلي :
/// ذهب الأئمة الأربعة إلى التحريم، و ذهب فريق من أهل العلم منهم المزني صاحب الشافعي، و ابن حزم إلى الجواز، و من المعاصرين الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله رحمة واسعة
=| و القول بالجواز الظاهر أنّه الأرجح لعدم وجود دليل صحيح يدلّ على المنع.
/// و أصرح دليل يدل على المنع ما أخرجه أبو داوود من حديث عائشة و ابن ماجه من حديث أم سلمة رضيّ الله تعالى عنهما أنّ النّبي صلى الله عليه و على آله و سلّم قال : "إني لا أحلّ المسجد لحائض و لا لجنب" : الإمام الشوكاني رحمه الله اعتبر أنّهما حديثان؛ لكن كما بينّ الشيخ الألباني رحمه الله في إرواء الغليل هما حديث واحد اضطربت فيه جسرة بنت دجاجة التي قال عنها البخاري : "عندها عجائب"، و الراوي لهذا الحديث عن جسرة؛ أفلت بن خليفة : و هو مجهول الحال مستور.=| فالحديث ضعيف كما بيّن ذلك الشيخ الألباني في إرواء الغليل.
/// و أما ما عدا ذلك من أدلّة فالحقيقة هي أدلّة لا دلالة فيها :
- و من أشهرها أو من أصحها ما أخرجه الإمام مسلم عن عائشة رضيّ الله عنها أنّ النّبي صلى الله عليه و على آله وسلّم قال لها : "ناويلني الخمرة من المسجد"، فقالت : "إني حائض" : وجه الإستدلال أنّها تحرّجت من دخول المسجد و هي حائض : لكن أجاب المجيزون عن الحديث بأنّ هذا الحديث لا علاقة له بالموضوع، بل إنّما تحرّجت عائشة أن تمسك بالخمرة و هي حائض بدليل قول النّبي صلى الله عليه و على آله و سلّم لها : "إنّ حيضتك ليست في يدك".
- كذلك ما أخرجه الشيخان من حديث أم عطيّة رضية الله تعالى عنها أنّ النّبي صلى الله عليه و على آله وسلم أمّر بإخراج الحٌيّض إلى صلاة العيد ليشهدن الخير و دعوة المسلمين قال : "و ليعتزلن المصلى" قالوا : فإذا كان عليه الصلاة و السلام أمرهن باعتزال المصلى مع أنّه عليه الصلاة و السلام كان يصلي العيد في الفضاء فلئن يعتزلن المسجد من باب الأولى و الأحرى: لكن الجواب عن هذا الحديث أنّه قد ثبت عند البخاري في رواية له : "و ليجلسن في مؤخّرة الصفوف"، و العلّة من ذلك أن لا يقطعن الصفوف إذا قام المصلون إلى الصلاة.
- آخر شيء احتجوا به قياس الحائض على الجنب حيث أنّ الجنب ممنوع من دخول المسجد : و هذا القياس قياس مع الفارق لأنّ الجنب بيده أن يرفع حدث نفسه و ليست الحائض كذلك.
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-02, 11:26 PM
جزا ك الله خيرا وعلما انا انما اتيت باثر ابن عمر رضي الله عنه تأييدا للفهم الصحيح والمتفق عليه من الائمة قبل المزني وداود الظاهري (( من ينشط ويأتينا بصحة نسبته اليهما فجزاه الله عنا كل خير ))
بخصوص أثر عبد الله بن عمر -رضيّ الله عنه- فقد وجدته هنا :
http://www.elharakah.com/kutub/mouwatta-malik.doc
برقم : [ 757 ]
[ 757 ] حدثني يحيى عن مالك عن نافع ان عبد الله بن عمر كان يقول المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة انها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت ولكن لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة وهي تشهد المناسك كلها مع الناس غير انها لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ولا تقرب المسجد حتى تطهر
و رواية مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر هذا الإسناد يصفه علماء بالذهبي
و القربٌ لغة غير الدخول
و قد ثَبَت سٌكنةٌ أزواج النّبي صلى الله عليه و سلّم قُرب المسجد و معلوم بأنّه تمر عليهن فترات يَكّن فيها حُيّض و مع ذلك لم يٌنقل إلينا أمر النّبي صلى الله عليه و سلّم أمره لهنّ بالإبتعاد عن المسجد رغم أنّ هذا الأمر مما تَعُمُ به البلوى
بل و كما هو واضح فقد أقرّ النّبي صلى الله عليه و سلّم قُربَ عائشة من المسجد عندما طَلَبَ منها أن تناوله الخمرة من المسجد و كما واضح فهي لم تتحرج لما كانت قرب المسجد
اللهم إلا إني قيل بأنّ الأصل ابتعاد الحيُّض عن المسجد و تُسثنى حالات الحاجة و التي من بينها سَكن زوجات النّبي صلى الله عليه و سلّم قُرب المسجد؛ و هذا القول في الحقيقة قوّي (يعني تقييد الجواز بالحاجة) و لكن يُحتاج لإثبات صحّته إثبات أنّ عبد الله بن عمر-رضيّ الله عنه- يُحتّج بقوله في هذا الأمر؟
و الغريب أني لم أجد أحدا من المانعين في البحوث التي عندي استدلّ بأثر عبد الله بن عمر رضيّ الله عنه على منع الحائض من دخول المسجد لعل سبب ذلك حملهم لهذا الأثر على الوقف وعدم إعطائهم له حكم الرفع لأنّه مما يدخله الإجتهاد.
فظهر أنّ القول بالمنع له حظ من النّظر و لكن فيه تَردد و الأصل البقاء على البراءة الأصلية
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-03, 12:49 AM
أستغفر الله العظيم و أتوب إليه؛ بدا لي أني وقعت في شيء من التسرع في تفسير : "القرب" في كلام عبد الله بن عمر رضيّ الله عنه فأنا أسحبه الآن
و القول هو ما قاله الأخ ربيع أحمد السلفي وفقه الله
أين الدليل الصحيح الصريح في أن قول آحاد الصحابة من الشرع وحجة في دين الله ؟
و هذا بحث للأخ :
الإيجاد في بيان أن قول الصحابي ليس بحجة فيما يجوز فيه الاجتهاد:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=15271
ربيع أحمد السلفي
2008-05-03, 01:03 AM
جزاكم الله خيرا على جهدكم في إثراء الموضوع بالنقولات عن بعض أهل العلم والمشايخ
و قد أنزلت بحثي خلاصة ما اعلمه أو تلخيص لما اعلمه في حجية الاجماع السكوتي وحجية قول الصحابي وإليكم رابطي البحثين ، ومن أراد التعقيب فلا يتردد كي يستفيد الجميع فمرحبا ببيان وجهة النظر ما دمنا نريد الوصول للحق :
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=15271
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=108092#post10 8092
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-03, 01:07 AM
و فيك بارك الله أخي الكريم
ربيع أحمد السلفي
سعودالعامري
2008-05-03, 03:35 PM
قال ابن القيم في إعلام الموقعين :
فصل: اتفاق الصحابيين
وإن لم يخالف الصحابي صحابيا آخر فإما أن يشتهر قوله في الصحابة أولا يشتهر فإن اشتهر فالذي عليه جماهير الطوائف من الفقهاء انه إجماع وحجة وقالت طائفة منهم هو حجة وليس بإجماع وقالت شرذمة من المتكلمين وبعض الفقهاء المتأخرين لا يكون إجماعا ولا حجة وإن لم يشتهر قوله أولم يعلم هل اشتهر ام لا فاختلف الناس هل يكون حجة ام لا فالذي عليه جمهور الامة انه حجة .
وقال في وجوه وجوب اتباع الصحابي :
الوجه الرابع والاربعون ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال طائفة من امتي ظاهرين على الحق" وقال علي كرم الله وجهه ورضى عنه لن تخلو الارض من قائم لله بحجة لكيلا تبطل حجج الله وبيناته فلو جاز ان يخطئ الصحابي في حكم ولا يكون في ذلك العصر ناطق بالصواب في ذلك الحكم لم يكن في الامة قائم بالحق في ذلك الحكم لأنهم بين ساكت ومخطئ ولم يكن في الارض قائم لله بحجة في ذلك الامر ولا من يأمر فيه بمعروف أوينهى فيه عن منكر حتى نبغت نابغة فقامت بالحجة وامرت بالمعروف ونهت عن المنكر وهذا خلاف ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع
محمد الذهبي
2008-05-03, 10:55 PM
[size="5"]الحمد أما بعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو إعلام عامة المسلمين بترجيح قول من جوز مكث الحائض في المسجد [/ize]
هذا ضرب من الخيال, وطلب المحال, ومرام لا يطلب ولا ينال
أشرف بن محمد
2008-05-03, 11:15 PM
[ الإمام ابن المنذر أثبت الخلاف في "الأوسط" و"الإشراف" ]
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-03, 11:18 PM
السؤال : أين استدلّ العلماء بأثر عبد الله بن عمر رضيّ الله عنه في مسألتنا هاته ؟
يعني من كان عنده بحث لأحد المانعين للحائض من القرب من المسجد كان من بين استدلالاته أثر عبد الله بن عمر -رضيّ الله عنه- هذا فاليتحفنا به ؟ و جزاكم الله خيرا
يعني نرجو الفائدة لأني في الحقيقة استغربت عدم التطرق لهذا الأثر في البحوث التي عندي سواء من عند المانعين أو المجوزين فلعل هذا يُشير إلى ضعف كون هذا الأثر حجّة في مسألتنا عند أغلب المعاصرين ؟
يعني نرجو الفائدة و مزيد كلام حول أثر عبد الله بن عمر رضيّ الله عنه- ففي رأيي أنّه لو كان له حكم الرفع لكان أقوى دليل يُمكنُ أن يستدل به على منع الحُيّض من دخول المسجد لغير الحاجة مع نقل كلام أهل العلم فيه -بارك الله فيكم-
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-03, 11:32 PM
قال ابن القيم في إعلام الموقعين :
فصل: اتفاق الصحابيين
وإن لم يخالف الصحابي صحابيا آخر فإما أن يشتهر قوله في الصحابة أولا يشتهر فإن اشتهر فالذي عليه جماهير الطوائف من الفقهاء انه إجماع وحجة وقالت طائفة منهم هو حجة وليس بإجماع وقالت شرذمة من المتكلمين وبعض الفقهاء المتأخرين لا يكون إجماعا ولا حجة وإن لم يشتهر قوله أولم يعلم هل اشتهر ام لا فاختلف الناس هل يكون حجة ام لا فالذي عليه جمهور الامة انه حجة .
وقال في وجوه وجوب اتباع الصحابي :
الوجه الرابع والاربعون ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال طائفة من امتي ظاهرين على الحق" وقال علي كرم الله وجهه ورضى عنه لن تخلو الارض من قائم لله بحجة لكيلا تبطل حجج الله وبيناته فلو جاز ان يخطئ الصحابي في حكم ولا يكون في ذلك العصر ناطق بالصواب في ذلك الحكم لم يكن في الامة قائم بالحق في ذلك الحكم لأنهم بين ساكت ومخطئ ولم يكن في الارض قائم لله بحجة في ذلك الامر ولا من يأمر فيه بمعروف أوينهى فيه عن منكر حتى نبغت نابغة فقامت بالحجة وامرت بالمعروف ونهت عن المنكر وهذا خلاف ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع
بارك الله فيك
الأخ ربيع قد وضع بحثه في هذا و نحتاج إلى مذاكرة في هذا و مناقشة حجج الطرفين
ربيع أحمد السلفي
2008-05-03, 11:55 PM
بالنسبة لإجماع الصحابة السكوتي
أولا : ضابط الاشتهار ليس بحجة على أن قول الصحابي الذي اشتهر ، و لم يعلم له مخالف على إن إجماع الصحابة السكوتي حجة ، و لا دليل على قولهم لا من الكتاب ولا من السنة ، وإنما هي آراء قابلة للأخذ و الرد ، و في المسألة خلاف فلنرد الأمر للكتاب والسنة فما واففقهما أخذ به وما خالفهما طرح ،و إن قيل بالإجماع نطالب بالدليل عليه ، وقول ابن القيم نتيجة بلا مقدمات .
ثانيا : هل تجزمون أو يغلب على ظنكم أن الصحابي عرف هذا القول المنتشر أصلا ؟ فقد يكون القول منتشرا ،ولا يعلمه الصحابي ،فهذا عمر بن الخطاب قد خفي عليه بعض الأحاديث ، و هي منتشرة كحديث الاستئذان ،وهذا أبو هريرة قد خفي عليه غسل اليدين إلى المرفقين ،وليس إلى إبطيه ،وهذا ابن عباس قد خفي عليه حرمة نكاح المتعة ،والأمثلة كثيرة فإذا خفي على الصحابي بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف لا يخفى عليه أقوال غيره من الصحابة ؟ ثم هل تجزمون أنه لا أحد خالف في المسألة أصلا ،وهل معنى عدم علمكم بمن خالف ألا يوجد مخالف ؟ ثم هل شققتم قلوب المجتهدين الساكتين فوجدتم أنهم لايرون أن هذا القول خلاف سائغ لا ،وأنهم موافقون لهذا القول ؟ ثم هل استقصيتم الظروف والملابسات التي تمنع من إظهار باقي المجتهدين القول الصحيح فوجدتم عدم وجود مانع والسكوت متردد فقد يسكت من غير إضمار الرضا ؟
ثالثا : إجماع الصحابة السكوتي يتوقف على السكوت الدال على الرضا و الموافقة فهو يحتاج لقرينة تدل على الرضا والموافقة حتى يصرف لها و لا يصرف لغيرها ،وإذا كان المطلوب أخص من الدليل لم يصح الاستدلال به .
رابعا : لا ينسب لساكت قول فالسكوت لا يعتبر وفاقا ،ولا خلافا ،وما يدرينا معنى سكوته لعله مخالف ، و احتمال أنه موافق احتمال غير متيقن أما عدم القول فهو متقين ، و قد تؤخذ المعاني من السكوت أحيانا لدلالة القرائن المرجحة ،وإذا وجدت قرينة تدل على الرضا فليس هذا محل النزاع
خامسا : احتمال وجود قول صحابي مخالف و عدم الإطلاع عليه احتمال وارد ،و ليس معنى العدم العدم ،وليس معنى عدم معرفة صحابي قال بخلاف هذا القول ألا يوجد مخالف ،وقد لا يُحفَظ قول المخالف أصلاً ، إذ لم يتكفل الله عز و جل بحِفْظِ جَميعِ أقاويلِ العُلَماءِ ، وهذا أمر بين فقد اندثرت مذاهب كثيرة لفقهاء أجلاء كاللَّيْث والأوزاعي وابن جرير لانقراض اتباعهم أو لأن تلاميذ فقه تلك المذاهب لم يدونوا فقه أئمتهم ،و لم يقوموا به ، و قد انتشر فقه الأئمة الأربعة بفضل تلاميذتهم الموهوبين الذين دونوا مذهب أئمتهم وحفظوا كثيرا من أقوالهم والصحابة من ضمن العلماء والتفريق بينهم وبين غيرهم تفريق بلا مفرق فكلاهما بشر غير معصوم يخطيء و يصيب .
سادسا : قد لا يعلم الصحابي قول الصحابي الآخر فينكره أو يوافقه ،فالصحابي كغيره من العلماء قد يخفى عليه الأدلة في بعض الأحيان فيوجد نص بحرمة الشيء وهو يحلله أو العكس ،وهذا لخفاء الدليل على العالم من الكتاب أو السنة فكيف لا يخفى على الصحابي قول عالم غيره ؟!!! فمثلا حبر أمتنا وابن عم نبينا محمدصلى الله عليه وسلم وردت عنه الفتوى بإباحة نكاح المتعة في بعض الأحيان ،ومن المعلوم أن المتعة حرمت للأبد ..وابن عمر رضي الله عنه يرد عنه جواز نكاح المرأة في دبرها ! ، و لا يخفى على المطلع النهي الشديد عن ذلك ...و أبو هريرة يتوضأ حتى يصل بالوضوء إلى إبطيه ،وقد قال تعالى : ﴿ و َأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ﴾ و عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ،وهو من أكثر الناس ملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يرى التطبيق في الصلاة ( أي وضع اليدين بين الرجلين أثناء الركوع ،وليس على الركبتين ) حتى يقول سعد بن أبي وقاص : ( رحم الله أبا عبد الرحمن قد كنا نفعل ذلك ثم نهينا ) و عمر رضي الله عنه يخفى عليه حديث الاستئذان ثلاثا ،ويطلب من أبي موسى الأشعري رضي الله عنه البينة فإذا كان عمر بن الخطاب خفي عليه حديث الاستئذان ، وهو من أكثر الناس ملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، و الاستئذان من الأمور التي تعم بها البلوى فإذا خفي على هؤلاء الأعلام تلامذة المصطفى عليه الصلاة والسلام بعض أقواله ، وهم أحرص الناس على اقتفاء آثاره فكيف بأقوال غيره ؟!
سادبعا : احتمال أن صحابي آخر سكت ،وهو غير موافق احتمال قائم ، فيحتمل أنه سكت لكونه موافقاً لما قيل كما يحتمل أنه سكت ؛ لأنه لم يجتهد في المسألة أوً أنه أجتهد فيها لكنه سكت لأنه متردد فيها ولم يظهر عنده المرجح فقد يكون ساكتا للتروي والتأمل والنظر وغير ذلك من الأسباب المانعة لإظهار الرأي ،و يحتمل أيضاً أنه أجتهد و توصل إلى حكم معين مخالف لرأي من أعلن رأيـــه لكنه لم يظهره لعارض طرأ عليه ، و لم يعلم فهو ينتظر فرصة الإنكـــــار ، و لا يرى البدار مصلحة لعارض من العوارض ينتظر زواله ثم يموت قبل زوال ذلك العارض أو يشتغل عنه ، ويحتمل أيضا أنه اجتهد في المسألة و توصل إلى حكم مخالف و لكنه سكت لاعتقاده أن كل مجتهد مصيب ،و يحتمل أيضاً أنه سكت لأنه يرى أن قول المجتهد جائز و إن لم يكن هو موافقاً عليه بل كان يعتقد خلافه و إذا كان السكوت يحتمل هذه الاحتمالات فلا دلالة فيه على الموافقة و لا على الرضا لا قطعاً و لا ظاهراً و لا حجة مع الاحتمال الناشيء عن دليل .
ثامنا : انتفاء المخالفة القولية لصحابي لقول صحابي آخر لا يستلزم انتفاء مخالفته القلبية لهذا القول ، ولا يعلم بالقلوب إلا الله .
ربيع أحمد السلفي
2008-05-03, 11:59 PM
بالنسبة للاستدلال بحديث لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق
قوله صلى الله عليه وسلم : « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله » ،لا يستلزم قولهم أن قول الحق لا يخفى ، وأن قول الواحد إذا لم يكن له مخالف حجة فمعنى الحديث مختلف فيه فالبعض قال لا تزال طائفة من الأمة ظاهرة على الحق إلى أن تقوم الساعة وهم العلماء ،وقال السرخسي : ( في قوله لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من ناوأهم فلا بد من أن تكون شريعته ظاهرة في الناس إلى قيام الساعة ،و قد انقطع الوحي بوفاته فعرفنا ضرورة أن طريق بقاء شريعته عصمة الله أمته من أن يجتمعوا على الضلالة فإن في الاجتماع على الضلالة رفع الشريعة وذلك يضاد الموعود من البقاء ) وقال آخرون المقصود الجهاد في سبيل الله فقد بينته الروايات الأخرى قال الشوكاني :( قد ورد تعيين هذا الأمر الذي يتمسكون به ويظهرون على غيرهم بسببه فأخرج مسلم من حديث عقبة مرفوعا : « لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون عن أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك » ) ،وغاية ما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن طائفة من أمته يتمسكون بالحق ،ويظهرون على غيرهم أي هناك من تمسك بالباطل ،وهناك من تمسك بالحق فهناك رأي صحيح وهناك رأي خطأ فأين هذا من محل النزاع الذي هو حجية قول العالم إذا لم يكن له مخالف ؟ وعلى التسليم بهذا القول فمن أين نعلم أن قول العالم إذا لم يكن له مخالف قول حق ، ومخالفة هذا القول خطأ ؟ ومن الذي خذل الفقيه المجتهد حتى لا يضره من خذله ؟ والحديث يدلّ على وجود القائم بالحقّ بين الاَُمّة في كلّ الاَزمنة والاَعصار لا الناطق بالحقّ ، وشتان ما بين القائم بالحقّ والناطق بالحقّ ، والقائم بالحقّ بطبيعة الحال يكون ناطقاً، ولكن ربما يكون ساكتا لأنه رأى القول الآخر قولا سائغا ،وإن لم يكن موافقا عليه بل يعتقده خطأ أو يسكت ، و هو منكر ،وينتظر فرصة الإنكار ،ولا يرى البدار مصلحة لعارض من العوارض ينتظر زواله ثم يموت قبل زوال هذا العارض أو يشتغل عنه أو لأنه يعتقد أن كل مجتهد مصيب ،وأسباب السكوت كثيرة ، أو أنه أصلا لم يعرف قول المجتهد الذي أعلن رأيه فلا يكون سكوت باقي المجتهدين دليلاً على إصابة قول المجتهد الناطق برأيه إلا إذا ظهر علامة الرضا من الآخرين والإقرار ،ومعلوم أن الأمة لا تجتمع على باطل ،فهل الأمة أجمعت أم قال شخص ،والباقي لا يعلم مخالفتهم ؟
ربيع أحمد السلفي
2008-05-04, 12:36 AM
هذا ضرب من الخيال, وطلب المحال, ومرام لا يطلب ولا ينال
مهلا أخيي ما كان الرفق في شيء
إلا زانه البينة على من ادعى والذي يثبت حكما شرعيا هو المطالب فلا نتيجة بلا مقدمات فأين هي ؟
ربيع أحمد السلفي
2008-05-04, 12:53 AM
الأخ أمجد الأخ سعود الأخ المسندي الأخ أبو مالك الأخ محمد الذهبي الأخ أشرف الأخ سراج جزاكم الله خيرا على مشاركتكم المثمرة الفعالة نحن أخوة في الله إن اتفقنا أو اختلفنا في هذه المسألة وأشهد الله إني أحبكم في الله و جزاكم الله عني خيرا و معذرة إن تأخر ردي فظروف العمل عندي قد تمنعني أو قد يمنعي عطل بجهازي وهو متكرر أو قد يمنعني عطل بالشبكة عندنا في المنطقة وهو أيضا متكرر .
ابن رشد
2008-05-04, 08:13 AM
ماأحسن هذه المذاكرة والمناقشة
زيدونا زادكم الله من تقواه
محمد الذهبي
2008-05-05, 12:21 AM
مهلا أخيي ما كان الرفق في شيء
إلا زانه البينة على من ادعى والذي يثبت حكما شرعيا هو المطالب فلا نتيجة بلا مقدمات فأين هي ؟
تأمل ما قلتُه, وما قلتَه, أنا لا أعقب على بحثك وما توصلت إليه, وإنما كان التعقيب على مطلع كلامك فحسب.
علمنا الله وإياك
ربيع أحمد السلفي
2008-05-05, 07:58 AM
تأمل ما قلتُه, وما قلتَه, أنا لا أعقب على بحثك وما توصلت إليه, وإنما كان التعقيب على مطلع كلامك فحسب.
علمنا الله وإياك
إذن بين أخي ما في مطلع الكلام من الملاحظة فما تتأمله قد لا أتأمله فكلنا بشر يجوز عليه الخطأ والنسيان محبكم ربيع
محمد الذهبي
2008-05-05, 02:40 PM
قلت أخي الكريم:
"فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو إعلام عامة المسلمين بترجيح قول من جوز مكث الحائض في المسجد".
فكلامك مشعر بأن القول الذي هو مرجوح لديكم بلغ من الضعف وما إلى ذلك ما يستوجب تنبيه الناس جميعا عليه, كما أنه مشعر بأنك تريد الناس جميعا أن ينتبهوا لهذا الخطأ, وأن يعملوا جميعا بضده, وهذا مطلب فيه ما لا يخفى على مقامكم, والسلام
أبومروة
2008-05-05, 04:30 PM
ما أحوجنا إلى مثل هذه المناقشات الهادفة ، وبما أن الموضوع لم يحسم من قبل الأوائل من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ، سيبقى مفتوحا للنقاش ولايحق لأحد أن ينظر للرأي المخالف له على أنه خطأ ، ولقد أسهب الإخوة إسهابا عظيما في المسألة .
لكن أعتقد أن مكوث الجنب والحائض في المسجد من الأمور المحرمة لحديث أم عطية رضي الله عنها قالت : أَمَرَنَا تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ . رواه البخاري ومسلم
وبهذا قال الشيخ ابن عثيمين من المعاصرين رحمه الله أنظر -رسالة الدماء الطبيعية للنساء (ص 52-53) .
وقدأفتت اللجنة الدائمة بعدم الجواز بناء على قول الجمهور على مايبدو ، ويجب أن نفرق بين المرور والمكث ، لقوله تعالى :" ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا "
ولعل حديث أم عطية واضح الدلالة في منع الحيض من اقتراب مصلى العيد ناهيك عن المسجد .
ثم إن رأي الجمهور في المسألة كاف والله أعلم.
جلال علي الجهاني
2008-05-05, 05:57 PM
أحب لفت نظر الأخ الكاتب أن استدلاله بقاعدة (الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال) خطأ، وخطأ جداً.
وذلك أن هذه القاعدة إنما تكون في ما يطلب فيه القطع، أما ما يطلب فيه الظن، مثل المسائل الفقهية، فلا يجوز أصولياً تطبيق هذه القاعدة ..
والمسألة مشبعة البحث في مثل محصول الإمام الرازي وغيره ..
ولذا فاستدلال العلماء على المسائل الفقهية يكفي فيه غلبة الظن في دلالة الخبر على الحكم.. والله أعلم وأحكم وهو الموفق .
ربيع أحمد السلفي
2008-05-05, 11:50 PM
أولا : كوني أريد إعلام الناس بجواز شيء لا يستلزم أن يكون الرأي الآخر ضعيف لدرجة استوجاب التنبيه بل لإعلامهم بأن الأمر فيه سعة ،وأنه يجوز للمرأة الحائض دخول المسجد والمكث فيه إن احتاجت لذلك .
ثانيا : كوني انبه الناس على ترجيح القول بجواز مكث الحائض فهذا لا يستلزم عمل الناس جميعا بضده فمثلا جواز كشف وجه المرأة عند الجمهور لا يستلزم أن كل النساء تعمل بهذا الحكم فمنهن رغم أنه جائز عليهن عدم الانتقاب إلا أنهن ينتقبن .
ثالثا : حديث أم عطية فسر برواية في مسلم أن النساء الحيض تعتزل الصلاة لا موضع الصلاة ، وعليه فلا يجوز تفسيره بغير ذلك ؟
رابعا : الآية ليست نصا في الحكم ، والمراد بالصلاة الصلاة نفسها لا موضع الضلاة بدلالة حتى تعلموا ما تقولون ، وبدلالة النهي عن القرب فالنهي يكون عن قرب الفعل لا النهي عن قرب موضع الفعل ،والمعنى لا تصلوا في حالة السكر حتى تعلموا قبل الشروع ما تقولونه قبلها إذ بذلك يظهر أنكم ستعلمون ما ستقرءُونه فيها ،وعابر السبيل المسافر إذا لم يجد الماء يتيمم ،وقوله وإن كنتم مرضى بعد ذلك تفصيل لما أجمل في الاستثناء وبيان ما هو في حكم المستثنى من الأعذار ، والاقتصار فيما قبل على استثناء السفر مع مشاركة الباقي له في حكم الترخيص للإشعار بأنه العذر الغالب المبني على الضرورة الذي يدور عليها أمر الرخصة ، ولهذا قيل : المراد بغير عابري سبيل غير معذورين بعذر شرعي إما بطريق الكناية أو بإيماء النص ودلالته . وبهذا يندفع الإيراد السابق على الحصر وإنما لم يقل : إلا عابري سبيل أو مرضى فاقدي الماء حساً أو حكماً لما أن ما في النظم الكريم أبلغ وأوكد منه لما فيه من الإجمال والتفصيل ،وقال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: ((اختلف العلماء في المراد بالصلاة هنا؟ فقالت طائفة: هي العبادة المعروفة نفسها وهو قول أبي حنيفة؛ ولذلك قال: "حتى تعلموا ما تقولون"، وقالت طائفة: المراد مواضع الصلاة وهو قول الشافعي؛ وقد قال تعالى: "لهدِّمت صوامع وبيع وصلوات" فسمى مواضع الصلاة: صلاة؛ ويدل على هذا التأويل: قوله تعالى: "ولا جنباً إلا عابري سبيل" وهذا يقتضي جواز العبور للجنب في المسجد لا الصلاة فيه، وقال أبو حنيفة: المراد بقوله تعالى: "ولا جنباً إلا عابري سبيل" المسافر إذا لم يجد الماء فإنه يتيمم ويصلي؛ وسيأتي بيانه، وقالت طائفة: المراد الموضع والصلاة معاً؛ لأنهم كانوا حينئذ لا يأتون المسجد إلا للصلاة ولا يصلون إلا مجتمعين فكانا متلازمين )) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/202 (و ليراجع الطبري و ابن كثير ليعلم أن في تفسير الصلاة خلاف فمن السلف من قال بأنها الصلاة نفسها ومنهم من قال غير ذلك ،وليس تفسير الصلاة بمواضعها مجمع عليه هاهنا ، ولم ينكر العلماء على المخالف أنه خالف إجماعا .
خامسا : من قال لا يجوز تطبيق قاعدة إذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال في المسائل الفقهية ، وهل أنا قد استدللت بهذه القاعدة على بطلان مذهب الجمهور أم ذكرت أن استدلالهم خطأ ،والاستدلال الصحيح كذا ،وقلت لو كان فيه احتمال ماقالوه فإذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال فذكرت القاعدة للتأييد لا للاسقاط ، فإذا كان الدليل محتمل أمرين متساويين فليس بأحدهما بأولى من الآخر ، و أدلة المسألة التي نحن بصددها احتمالات المبيحين فيها أقوى من احتمالات المانعين ، وليست متساوية فتسقط أدلة المانعين .
وجزاكم الله عني خيرا لحسن الاعتراض وحسن التعقيب والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
محبكم ربيع
أبومروة
2008-05-06, 02:41 AM
أخرج البيهقي في السنن الكبرى قال :أخبرنا مـحمد بن عبد الله الـحافظ ثنا أبو عبد الله مـحمد بن يعقوبَ إملاء ثنا حسين بن حسن بن مهاجر ثنا هارون بن سعيد الأَيْلِـيُّ ثنا ابن وَهْبٍ أخبرنـي عمرو بن الـحارث عن أبـي الأسود عن عروة عن عائشةَ أَنَّها قالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله يُخْرِجُ إلـيَّ رأسَهُ من الـمسجِدِ وهو مُـجَاوِرٌ، فاغْسِلُهُ وأنا حَائِضٌ. رواه مسلـم فـي الصحيح عن هارونَ بن سعيد الأَيْلِـيِّ. وأخرجه البخاري من وجه آخَرَ عن عُرْوَةَ.
ج 2 ص 5-ح رقم (1507)
وَعَن أُمِّ عطيّة رضيَ الله عَنْهَا قالت: «أُمِرْنا أَنْ نُخْرِجَ الْعواتِقَ والحُيّضَ في العيديْنِ، يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدعْوَةَ المسْلمينَ، ويعْتَزلُ الحُيّضُ المصلى» مُتّفقٌ علَيه.
قال النووي رحمه الله في شرح الحديث:وإنما لم يحرم لأنه ليس مسجداً. وحكى أبو الفرج الدارمي من أصحابنا عن بعض أصحابنا أنه قال: يحرم المكث في المصلى على الحائض كما يحرم مكثها في المسجد لأنه موضع للصلاة فأشبه المسجد والصواب الأول.] شرح مسلم للنووي
بارك الله فيك أخي ربيع ونفع الله بك
ونحن أيضا نحبك في الذي أحببتنا فيه
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-06, 08:09 AM
الأخ أبو مروة
وبما أن الموضوع لم يحسم من قبل الأوائل من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ، سيبقى مفتوحا للنقاش ولايحق لأحد أن ينظر للرأي المخالف له على أنه خطأ
في كلامك نظر؛ كون المسألة اختلافية لا يعني أنّه لا يحقّ لمن اقتنع بقول أن لا يرى القول الآخر خطأ ثم في الحقيقة استغربت كيف تقول ما يلي :
لكن أعتقد أن مكوث الجنب والحائض في المسجد من الأمور المحرمة لحديث أم عطية رضي الله عنها قالت : أَمَرَنَا تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ . رواه البخاري ومسلم
وبهذا قال الشيخ ابن عثيمين من المعاصرين رحمه الله أنظر -رسالة الدماء الطبيعية للنساء (ص 52-53) .
وقدأفتت اللجنة الدائمة بعدم الجواز بناء على قول الجمهور على مايبدو ، ويجب أن نفرق بين المرور والمكث ، لقوله تعالى :" ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا "
ولعل حديث أم عطية واضح الدلالة في منع الحيض من اقتراب مصلى العيد ناهيك عن المسجد .
ثم إن رأي الجمهور في المسألة كاف والله أعلم.
/// كيف تعتقد شيئا هو الصواب و ترى بأنّه لا يحق لك أن ترى القول الآخر المضاد لقولك خطأ،
/// أيضا منذ متى و قول الجمهور أصبح كاف ؟! و كأنّ قول الجمهور حجّة؛ نعم هو حجّة للمقلّدة!
/// ثم نحن في معرض المناقشة للأدلّة فكيف تنقل لنا نصوصا شرعية من غير أن تُوضّح وجه الدلالة منها على المطلوب ؟!
سراج بن عبد الله الجزائري
2008-05-06, 08:30 AM
أخرج البيهقي في السنن الكبرى قال :أخبرنا مـحمد بن عبد الله الـحافظ ثنا أبو عبد الله مـحمد بن يعقوبَ إملاء ثنا حسين بن حسن بن مهاجر ثنا هارون بن سعيد الأَيْلِـيُّ ثنا ابن وَهْبٍ أخبرنـي عمرو بن الـحارث عن أبـي الأسود عن عروة عن عائشةَ أَنَّها قالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله يُخْرِجُ إلـيَّ رأسَهُ من الـمسجِدِ وهو مُـجَاوِرٌ، فاغْسِلُهُ وأنا حَائِضٌ. رواه مسلـم فـي الصحيح عن هارونَ بن سعيد الأَيْلِـيِّ. وأخرجه البخاري من وجه آخَرَ عن عُرْوَةَ.
ج 2 ص 5-ح رقم (1507)
وَعَن أُمِّ عطيّة رضيَ الله عَنْهَا قالت: «أُمِرْنا أَنْ نُخْرِجَ الْعواتِقَ والحُيّضَ في العيديْنِ، يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدعْوَةَ المسْلمينَ، ويعْتَزلُ الحُيّضُ المصلى» مُتّفقٌ علَيه.
قال النووي رحمه الله في شرح الحديث:وإنما لم يحرم لأنه ليس مسجداً. وحكى أبو الفرج الدارمي من أصحابنا عن بعض أصحابنا أنه قال: يحرم المكث في المصلى على الحائض كما يحرم مكثها في المسجد لأنه موضع للصلاة فأشبه المسجد والصواب الأول.] شرح مسلم للنووي
بارك الله فيك أخي ربيع ونفع الله بك
ونحن أيضا نحبك في الذي أحببتنا فيه
أولا : عليك أن تنتبه بأنّ ما نقلته عن النووي هو ليس من قوله بل هو ناقل لقول غيره و قد نقلنا فوق الكلام بأكمله لهذا العالم و نُعيده هنا :
قال النووي [شرح صحيح مسلم 6/179]: ((قولها: "وأَمَرَ الحُيَّضَ أن يعتزلن مصلَّى المسلمين" هو بفتح الهمزة والميم في "أمر"، فيه: منع الحيض من المصلَّى، واختلف أصحابنا في هذا المنع؛ فقال الجمهور: هو منع تنزيه لا تحريم؛ وسببه الصيانة والاحتراز من مقارنة النساء للرجال من غير حاجة ولا صلاة, وإنما لم يُحرم لأنه ليس مسجداً!!.
وحكى أبو الفرج الدارمي من أصحابنا عن بعض أصحابنا أنه قال: يُحرم المكث في المصلَّى على الحائض كما يحرم مكثها في المسجد؛ لأنه موضع للصلاة فأشبه المسجد، والصواب الأول)).
فكما تُلاحظ ففي نَقلك قد تغير المعنى لكلام النووي-رحمه الله إلى معنى غير سليم، فههنا لم يتطرق النووي -رحمه الله- إلى ترجيح قول الجمهور في حكم دخول الحائض للمسجد و إنّما تطرّق إلى ترجيح قول جمهور أصحابه في أنّ منع الحيّض من مصلى العيد هو للكراهة و ليس للتحريم ثم إن كنت تٌسلّم بأنّ ترجيح النووي سليم يعني أنّ الراجح هو منع الحيّض من مصلى العيد هو للكراهة و ليس للتحريم فكيف تقيس على هذا حرمة الصلاة في المسجد ؟ من شروط القياس الإتحاد في الحكم فكيف تقيس شيئا على شيئ ثم تكون نتيجة الحكم مختلفة ؟!
فكما هو واضح :
- النووي انتصر إلى أنّ منع الحيّض من مصلى العيد هو للكراهة و ليس للتحريم،و التسليم بهذا للنووي يستلزم من باب أولى التسليم بأنّ الحديث الذي جاء فيه أمر الحيّض بعتزال مصلى العيد لا دلالة فيه على موضوعنا لأنّ من شروط القياس الإتّحاد في الحكم،
- و ما أوهم نقلك من نسبة هذا الكلام للنووي : "وإنما لم يُحرم لأنه ليس مسجداً" غير سليم فالنووي نقل هذا عن جمهور أصحابه و ليس من كلامه،
- في نقلك لم يتطرّق النووي إلى أي ترجيح جول حكم دخول أو مكث الحائض في المسجد.
ثانيا : لما تريد أن تنتصر لقولك في مناقشة، فعليك أن تبيّن وجه الدلالة من النصوص التي تنقلها ؟!
وفقك الله
ربيع أحمد السلفي
2008-05-07, 01:02 AM
أرجو ممن يشارك ألا يكرر ما ذكر وإخراج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ، وعدم دخول السيدة عائشة المسجد ، وهي حائض ليس نصا في أن الحائض لاتدخل المسجد فهذا ترك فعل غاية ما فيه جواز ترك دخول المسجد للحائض فترك الفعل لا يفيد المنع كما أن فعل الشيء لا يفيد الوجوب .
اعتزال المصلى جاء في رواية لمسلم اعتزال الصلاة ،وليس اعتزال مكان الصلاة .
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.