تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لم يعط أخواته نصيبهن من العمارة ، فهل يجوز لولده أن يستأجر منه شقة فيها ؟



أم أروى المكية
2016-03-09, 08:20 AM
السؤال:
أسكن مع والدي ووالدتي في عمارة هي بالأصل إرث ، وفيها حقوق لعماتي فيها ، وهذا الإرث قديم جدا منذ مايقارب 15 سنة ، ووالدي لم يعط عماتي حقهن من الميراث ، حيث لم يكن معه المال ، والآن منذ سنة تقريبا توفر معه المال ولكنه لم يعط عماتي حقهن بالميراث ، وهو يؤجل دائما .
وسؤالي :
أنا متزوج ، وأسكن في طابق من العمارة التي فيها والداي ، ووالدتي تحتاجني معهم في نفس العمارة ، وتطلب مني البقاء معهم ، علما بأني أدفع لوالدي ما قيمته نصف الإيجار ، وأنفق النصف الاخر على احتياجات الوالدين ، فهل أنا آثم إن بقيت في البيت الذي فيه حقوق للورثة ؟

الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا يجوز لوالدك أن يستأثر بالميراث دون أخواته ، فإما أن يعطيهن نصيبهن أو يشتريه منهن
ويجب على والدك أن يسارع بإبراء ذمته ، قبل أن يحال بينه وبين ذلك ، فإذا كان من ترك الصدقة يندم عند موته ، حيث لا ينفعه الندم ، مع أنه لم يأخذ نصيب شخص آخر، كما قال تعالى : ( وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ )، فكيف بمن يأتيه الموت وقد أخذ أموال أقاربه ، وقطع الرحم ؟!
وعليك أن تنصحه وتذكره ، ولو استعنت ببعض أهل الخير والصلاح ، كأن تشير على خطيب الجامع أن يتكلم على الظلم وأكل المال بالباطل ويشير إلى الاعتداء على ميراث الأخوات ، فإن هذا المنكر مما تساهل فيه الناس ، مع أن الوعيد الوارد فيه شديد جدا .
فقد روى البخاري (3198) ، ومسلم (1610) واللفظ له عن سعيد بن زيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ) ، وهذا قد اقتطع أشبارا من الأرض والبناء أيضا ، فنسأل الله له الهداية وحسن الخاتمة .
ولو عرضت عليه السؤال : (89609 (https://islamqa.info/ar/89609)) ففيه عبرة لمن يأخذ أموال الناس بغير حق .

ثانيا :
البيت المغصوب لا يجوز البقاء فيه ، ويجب الخروج منه ، والصلاة فيه محل خلاف بين أهل العلم ، فمن العلماء من يرى بطلان الصلاة في المكان المغصوب كما هو مذهب الحنابلة ، ومنهم من يرى صحتها مع الإثم ، وهو مذهب الجمهور .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ولا أعلم دليلا أثريا يدل على عدم صحة الصلاة في الأرض المغصوبة ، لكن القائلين بذلك عللوا بأن الإنسان منهي عن المقام في هذا المكان ؛ لأنه ملك غيره ، فإذا صلى فصلاته منهي عنها ؛ والصلاة المنهي عنها لا تصح ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) ولأنها مضادة للتعبد ، فكيف يتعبد لله بمعصيته ؟ " انتهى من " الشرح الممتع " (2/248) .
وبناء عليه : فلا يجوز لك أن تستأجر من والدك هذه الشقة ؛ لأنه لا يملكها ؛ إلا أن تستأذن من عماتك في الجلوس فيها ، ولو بأن تدفع لهن نصيبهن من إيجار شقتك ، إن رضين به ، وعسى أن تجد بيتا قريبا من بيتكم ؛ لتقوم بما يجب عليك من بر والديك وإعانتهما
لكن الواجب عليك أن تبين لوالدك العذر الشرعي في ذلك ، برفق وأدب وأناة ، ومن يدري ؛ فلعل ذلك أن يكون سببا لأن يراجع والدك موقفه ، ويعجل بدفع الحق لأهله .
وينظر جواب السؤال : (105529 (https://islamqa.info/ar/105529)) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (https://islamqa.info/ar/240525)

أم أروى المكية
2016-03-09, 08:29 AM
كيف تنقذ جدها المتوفى من عاقبة أكله مال الآخرين ؟

أنا حفيدة لجد مات ، وأنا أحبه ولن أنساه بالدعاء : توفي جدي والد أبي ، وبعد أن مات أصبحنا نراه في أحلامنا بأحوال غريبة ومفزعة ، فمرة نراه محروقا ، ومرة نراه يتقلب في دورة المياه ، وهكذا ، وبعد البحث تبين لنا أنه قد أخذ قطعة أرض ليتيم وبنى عليها منزله ، وأن هذا اليتيم لا يعلم ، ولكنه قبل أن يموت استسمح منه وأعطاه ثلاثة آلاف ريال دون أن يخبره ، وقد سامحه وهو لا يعلم إلى الآن ، كما أن جدي هذا وأخاً له - وقد مات أيضا - لم يعطوا أخواتهم وعمتهم ورثهم ، كما هو متعارف بأن المرأة لا ترث ، أما أخواتهم فقد ماتوا ولهم بنات ، أما عمتهم فقد ماتت ولها ابن واحد ، لكن المسألة لا تقف عند هذا الحد ، فقد رفض الأبناء الاعتراف بحقوق الآخرين ، بحجة أنهم لن يوزعوا أراضيهم على الناس ، مع أنهم لا يذهبون إلى القرية ، ويسكنون في المدن ، والبيوت أصبحت مهجورة ، والأراضي لم تعد تزرع ، ونحن الأحفاد في حيرة من أمرنا ، فهذا جدنا ، ونحن الذين دائما نحلم به ، فأرجو إعطائي الحل والنصيحة ؛ فجدي في عذاب .

الحمد لله
أولاً :
من أخطر ما يمكن أن يلقى العبدُ ربَّه به يوم القيامة أكل أموال الناس بالباطل ، فهي كبيرة من الكبائر التي تهلك العبد وتثقل وزره يوم القيامة ، وتفضي به إلى النار ، نسأل الله السلامة والعافية .
ومن أعظم الظلم والتعدي : أكل أموال المستضعفين من اليتامى والنساء ، فقد خصهم الله تعالى بمزيد عناية ، ومزيد تحذير من أكل أموالهم ، لأن أيدي الظلمة تجد أموالهم سهلة المنال بسبب ضعفهم وعجزهم .
فلما ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة النساء نصيب أصحاب الفروض من الوارثين ، حذر من تجاوز هذه القسمة الشرعية ، فقال سبحانه : ( وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) النساء/14 .
كما عد الله تعالى أكل أموال اليتامى من الكبائر .
يقول الله تعالى : ( وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً ) النساء/2 .
ويقول عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) النساء/10 .
وغصب الأرض من كبائر الذنوب ، وعقابه شديد ، ويزداد العقاب شدة إذا كانت الأرض ليتيم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ) رواه البخاري (3198) ومسلم (1610) .
فالعجب - والله - ممن تجده يحرص على أداء الصلوات ونوافل العبادات ، ثم تجده قد شغل ذمته بحقوق الناس ، وحمل على ظهره أوزارا تنوء بها الجبال يوم القيامة ، فلم تردعه صلاته ولا صيامه ولا قراءته القرآن عن طمع نفسه وشحها ، ولم يرحم ضعف امرأة أو صغير أو يتيم فاعتدى على حقوقهم التي كتبها الله لهم .
وبعد ذلك كله نرجو النجاة لهم عند الله ؟!

أختنا :
نسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على حرصك الشديد لإنقاذ جدك المتوفى مما تظنينه واقعاً فيه من العذاب ، ولكننا لا نملك إلا أن نذكر لك الحقيقة التي قررها الله في كتابه ، وقررها نبينا صلى الله عليه وسلم ، أن غصب الأرض ، وأكل أموال اليتامى ظلما ، والتعدي في قسمة المواريث ، كل ذل من كبائر الذنوب ، فإذا لم يتب الرجل منها قبل موته ( ومن توبته : رد الحقوق إلى أهلها ) فإذا لم يتب كان معرضا لعقاب الله تعالى ، ثم إذا كان يوم القيامة أخذ أصحاب الحقوق من حسناته بقدر حقوقهم ، فإن فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم وطرحت عليه ، ثم طرح في النار ، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه عن المفلس . رواه مسلم (2581) .
وتوبة جدك من غصب أرض اليتيم بالصورة التي ذكرت لا تكفي ، بل كان الواجب عليه أن يخبره بحقيقة الأمر ، ويعطيه حقه كاملا .
قال الغزالي رحمه الله - في شروط التوبة من مظالم الناس - :
"وعليه أن يعرفه قدر جنايته وتعرضه له ، فالاستحلال المبهم لا يكفي ، وربما لو عرف ذلك وكثرة تعديه عليه لم تطب نفسه بالإحلال ، وادخر ذلك في القيامة ذخيرة يأخذها من حسناته أو يحمله من سيئاته " انتهى . " إحياء علوم الدين " ( 4 / 47 ) .
وجدك قد انتقل من دار العمل إلى دار الجزاء ، فلا تملكون له إلا أمرين :
الأول : الدعاء له بأن يتجاوز الله عنه .
الثاني : رد الحقوق إلى أصحابها وسؤالهم أن يعفوا عن جدك ويسامحوه ، فإنَّ ردَّ الحقوقِ إليهم ـ وإن كان لا يبرئ ذمة جدك تماماـ إلا أنه ولا شك يخفف كثيرا من المظالم التي تحملها ، وحيث إنك تقولين إن بعض أصحاب الحقوق قد ماتوا ، فالواجب دفع حقهم إلى ورثتهم .

ثانيا :
وأما أعمامك فالنصيحة لهم أن يبادروا إلى رد الحقوق إلى أصحابها ، فإن لم يفعلوا كانوا مغتصبين لهذه الحقوق ، وسيلقون الله تعالى بهذه الكبائر إن لم يتوبوا منها ، وقولهم : " إنهم لن يعطوا أراضيهم للناس " قول عجيب منهم ، وهم يعلمون أنها ليست أرضهم ولا أرض أبيهم ، والقول الحق الموافق للواقع هو أن يقولوا : ( إننا سنستمر غاصبين لأراضي الناس ) والظن بهم وبجميع المسلمين أنهم لا يقحمون أنفسهم فيما يستوجبون به عذاب الله ، فإن عذاب الله شديد ، ونعيم الدنيا بأجمعها لا يساوي لحظة في نار جهنم ، نسأل الله العافية .
ونسأل الله أن يوفق أعمامك للتوبة النصوح .
والله أعلم
هنا (https://islamqa.info/ar/89609)