المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بطلان نسبة كتاب (تنبيه الرجل العاقل ) لابن تيمية للشيخ دغش العجمي



فالح العجمي
2007-03-17, 08:47 PM
(منقول )

تنبيه الغافل
إلى عدم صحة نسبة الكتاب المطبوع باسم :
«تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل»
لشيخ الإسلام ابن تيمية

الحمد لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من بعثه اللهُ رحمةً للعالمين ، وعلى آله وأصحابه الغُرِّ الميامين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أمَّا بعد :
فكم يفرح صاحب السنة حينما يسمعُ أن كتاباً من كُتب أئمة السنة عثر عليه بعد فُقدانه ، أو وُجِدَ بعدَ طول بحث ، أو حتى نُشِرَ بعدَ طُولِ عَنَاءٍ مِن محققه والمعتني به في تحقيقه والعناية به ، كيف لا وهم صِلتُنَا بمنهج سلفنا الصالح ، لا سيما من عُرِف منهم بطول الباع في العلم ، وكانت كتبه حلاً لكثير من الإشكالات ، ودفعاً لكثير من البدع والضلالات كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . ولستُ ههنا لأترجم له -رحمه الله - أو أثني عليه وهو الذي بارك الله في علومه في قرون متفاوتة ، أمَّا مِنَنُ عوارفهِ فهي غَزِيرة ، لا أستطيع لها حصراً ، ولا أقدِر أن أحصيها سبراً .
وقد كان أهل العلم في غابر الزمان يتباشرون بوجود نسخ من كتبه في مكتبة مَا أو عند فلان من الناس ، بل وحتى في هذا الزمن قبل هذه الطفرة العلمية والمعلوماتية كانوا يتباشرون بأن الكتاب الفلاني لابن تيمية سيُنشر ، وإن لم يستطيعوا نشره استأجروا من ينسخه لهم (1) .
ومن الكتب المهمة التي لا تزال مفقودة والتي حرص على اقتنائها العلماء وطلاب العلم كتاب : «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» لشيخ الإسلام ابن تيمية والذي قال فيه ابن عبدالهادي في العقود الدرية (29) : «وهو مِن أحسَن الكُتب وأكثرها فوائد» . ثم ذكر خطبته التي تَدُلُّ على نَفَاسَتِهِ .
وقبلَ فترةٍ -ليست باليسيرة- ظَهَرَ إعلانٌ عن العثور على هذا الكتاب ، ثم تبِعَهُ الاشتغال بتحقيقه فَفَرِحَ أهلُ العلم ومحبو تراث هذا الجبل بهذه البُشْرَى ، وما هي إلا فترة -ليست باليسيرة- حتى ظَهَرَ الكِتَابُ في دار عالم الفوائد المكيّة بتحقيق محمد عزير شمس ، وعلي بن محمد العمران في مجلدين يقعان في (868) مع المقدمة والفهارس . وسَارَعْتُ لاقتنائه لطول انتظاري له ولكن انطفأت حرارة الشوق لهذا الكتاب بمجرد وقوعه بين يَدَي ونظري فيه ! وذلك أن محقّقي الكتاب لم يَذْكُرَا ولو دليلاً واحداً على صحة نسبة هذا الكتاب الذي بين أيدينا لابن تيمية !! وأن هذه النسخة الخطيّة التي عَثَرَ عليها أحدُهُمَا هي كتاب «تنبيه الرجل العاقل» ، وكلّ ما عِندَهما هو مُجَرَّدُ قَرَائن لا تَرْتَقي لئن تكون دليلاً ، بل حتى هذه القرائن لا نُسَلّمُ لهما بها ، فإنَّ من الأمور المهمة لدى الباحثين في مجال دراسة المخطوطات وتحقيق الكتب إثبات نسبة الرسالة المراد تحقيقها إلى مؤلفها بأدلة قاطِعة لا ظنيّة ، والعناية بهذا الأمر ، ولهم في ذلك طرق شتى مبسوطة في مظانها (2) .
والكتاب الذي بينَ أيدينا شأنه غريب : فليسَ له إلاَّ نسخة خطية واحدة -كما ذكر المحققان- ، وهذه النسخة الخطية ذهب أولها ، وبالتالي لا يوجد عليها اسم الكتاب واسم مؤلِّفه ، وقد نسبها صاحب الفهرس إلى ابن عقيل خطأً ؟؛ لأنَّ ابن عقيل توفي سنة (513هـ) والمؤلف يناقش كتاب النسفي المتوفى سنة (687هـ) ! واستنتج المحققان من بعض القرائن أنها لشيخ الإسلام ابن تيمية !! وسيأتي ذِكْرُ هذه القرائن والإجابة عنها بما تيسَّر .
ثمَّ لَمَّا تأمّلتُ الكتابَ تَبَيَّنَ لي - بما لا يَدَعُ مجالاً للشكّ - أَنَّ الكتاب يحتاجُ إلى إعادةِ النّظر في نِسْبَتِهِ لشيخ الإسلام ، وسأُبْدِي أسباب التشكيك في صحة نسبته لابن تيمية ثم أذكر قرائنهم وأجيب عنها بما تيسَّر؛ وأسباب التشيك هي :
أولاً : عنوان الرسالة هو : «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» فظاهره أنه بيانٌ لحقيقة الجدل الباطل ونقضٌ له وهو يخالف مَضمُون الكتاب المطبوع ، لأنه شرحٌ لكتاب «الفصول في الجدل» لبرهان الدين النَّسفي الحنفي «شيخ الفلسفة ببغداد» كما قال الحافظ الذهبي (3) ، وفي هذا الشرح تعقَّبَهُ في أشياء ووافقه في أخرى كشأن شروحات المتون .
ثانياً : مِن المعلومِ مِنْ طُرُقِ التَّأَكّد من تَسْمِيَةِ الكتاب وصحة نِسبته إلى مُؤَلِّفه قراءةُ مقدِّمة الكتاب ، إذْ أنه في الغالب يُصَرِّحُ المصنِّف باسم الكتاب وسبب تأليف ، ولكن خطبة الكتاب ليست موجودة في المخطوط ؛ لأنه قد فُقِدَ منهُ أوَّلهُ ، لكن مِن فَضْلِ الله ، وعظيم صُنعِهِ لهذا الإمام أنَّ خُطبَةَ الكتاب محفوظةٌ عند ابن عبد الهادي ! فقد ذكرها كلها في «العقود الدرّية» وليسَ فيها أيُّ إشارة للنسفي أو لكتابه أو أنه سيرد على فلان من الناس وإنما فيها الكلام على الجدل عموماً كما قال رحمه الله : «... فلِذلكَ آخُذُ في تمييز حقِّهِ مِن باطِلهِ ، وحالِيهِ (4) مِن عاطِله ، بكلامٍ مختصر مُرتجل ، كتبهُ كاتِبهُ على عجل ..» (5) .
ثالثاً : جميعُ مَن ذَكَرَ كِتاب ابن تيمية «تنبيه العاقل» لم يذكروا أَنَّهُ رَدَّ على النسفي ، أو تَعَقَّبَهُ في كتابه ، أو حتى تعرض له ولو حتى بإشارةٍ يسيرة ، وهم : ابن عبدالهادي ، والصفدي ، وابن شاكر الكتبي ، وحاج خليفة [ انظر : التنبيه 1/25] .
فهذا –مثلاً- «بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية» لابن تيمية ذَكَرَ أَهْلُ العِلم ومَن تَرجم لابن تيمية أنه رَدٌّ على الرازي ونَقْضٌ لكتابه «التأسيس» ، و«منهاج السنة» ذكروا أن المقصود بالرد هو ابن المطهر الرافضي كما صرح بذلك : البزار ، والصفدي ، وابن كثير ، وابن شاكر الكتبي ، والشيخ مرعي الحنبلي (6) ، هذا فضلاً عن المؤلف نفسه فقد ذكر الرازي وابن المُطَهّر في كِتَابَيْه ؛ هذا فَضْلاً عن الكتب التي عنوانها يُظهر مضمونها كـ«الإخنائية» و«الرد على البكري» . وحتى الكتب التي شرحَ فيها بعض المتون أو نَقَضَهَا ذَكَرُوا مَن صاحِبُ الكتاب ككتاب : «شرح عقيدة الأصفهاني» ، و«شرح مسائل الأربعين» للغزنوي ، و«المسائل الإسكندرية» التي ردَّ فيها على ابن سبعين والأمثلة عليه كثيرة جداً (7) .
رابِعاً : لم يذكر أحدٌ ممن ترجم للنسفي أن ابن تيمية شرح كتابه أو ردَّ عليه أو تعقبه في أشياء لا سيما الذهبي ، ولو كان كتابه رَدٌّ على النسفي لذكر ذلك الذهبي في ترجمته للنسفي وأشاد به .
خامساً : الغريب في الأمر أن النسفي هذا ليس لَهُ ذِكْرٌ - فيما اطَّلعتُ عليه - في كتب ابن تيمية .
سادِساً : من أصول التوثيق للكتاب النظرُ فيمن ذَكَرَ الكتاب من العلماء أو استفاد منه حتى يتمّ توثيق الكتاب على أكمل وجه، والذي حصل من المحَقِّقَيْن هو هذا ! فَبَحَثَا عَمَّن نَقَلَ عن المؤلف أو استفاد منه فَوَقَفَا على ثلاثة من العلماء -كما ذكرَا- وهُم : ابن القيم ، وابن عبدالهادي (744هـ) ، والمرداوي (885هـ) (8) والأخيران كِلاهما نقل عن ابن تيمية من كتاب «التنبيه» لكن النَّصّ غير مَوْجُود في الكتاب الذي بين أيدينا !! واعتذر المحققان بأنَّ نَقْلَ ابن عبدالهادي كان هو عبارة عن خطبة الكتاب والخطبة مفقودة لأن النسخة الخطية ناقصة مِن أولها ! وحتى يستقيم لَهـُـمَا هذا الاعتذار ويخرُجا مِن هذا المأزق قالاً في نقل المرداوي (1/33) (9) : «ويبدو أن هذا الاقتباس من أوائل التنبيه ، وأوائله ساقطة من نسختنا كما سلف» !!
سابعاً : مَعْرِفَةُ القَدْرِ العِلْمِي للمؤلف مما يُسْعِفُ في تحقيقِ ِنِسْبَةِ الكتاب (10) ، والكتاب -تنبيه العاقل - وصَفَهُ ابن عبد الهادي بأَنَّهُ : «مِن أحسَن الكُتب وأكثرها فوائد» وهذا الكتاب الذي بين أيدينا جَدَليٌّ قليل الفوائد بالنسبةِ لِـما عُرفت به كتب ابن تيمية رحمه الله ، ويزيده توضيحاً ما بعدهُ :
ثامناً : الكتاب يخالف تماماً نَفَس ابن تيمية السلفي الأثري المعروف في سائر كتبه، قال الشيخ محمد عزير شمس في تحقيقهِ لـ«قاعدة في الاستحسان» لابن تيمية صفحة (22) : «منهج المؤلف فيه : للمؤلف منهج متميِّزٌ لا يَحِيدُ عنه في جميع مُؤَلَّفَاته، فهو يَعْتَمِدُ على الكتاب والسنة وأقوال السلف في الكلام على أيِّ مسألةٍ ، سواءٌ كانت في العقيدة أو الأصول أو المصطلح أو التفسير أو الفقه أو غيرها» .
أقول - قوله إن ابن تيمية له منهج لا يحيد عنه في كل كتبه : «فهو يعتمد على الكتاب والسنة» - : أين هذا المنهج في هذا الكتاب الذي نشره الأخ محمد عزير - «تنبيه العاقل» - ؟! فإنَّ هذا الاعتماد لم نره في هذا الكتاب وإليكَ البيان :
في الجزء الأول : من ص (46) إلى (108) ، ومِن ص (144) إلى (225) ، ومن (288) إلى (317) ، ومن(323) إلى (353)، ومن (355) إلى (428) ، ومن (430) إلى (471) ، ومن (473) إلى (487) ، ومن (584) إلى (638) وغيرها كثير ، وهذه المواضع - كلها - ليسَ فيها ولا آية واحِدة احتجَّ بها المؤلف !! وبعضها يأتي على المؤلف أكثر من ثمانين صفحة لا يذكرُ فيها ولا آيةً واحدةً فأينَ هذا مِن منهج ابن تيمية المعروف «المتميّز بالاعتماد على الكتاب» !!
أينَ هذا من منهج ابن تيمية الذي قال فيه تلميذه الحافظ الذَّهبي : «ما رأيتُ أحداً أسرع انتِزاعاً للآيات الدَّالة على المسألة التي يُورِدُها مِنْهُ» (11) .
أمَّا الأحاديث فلها شأنٌ آخر فالكتاب وحده من دون الفهارس والمقدمة طبع في (638) صفحة ، لم يذكر المؤلف فيه إلا (67) حديثاً فقط !! (12) ، وأحياناً تمر عشرات الصفحات من غير إيرادِ حَدِيثٍ وَاحِدٍ ! ، وفي بعض المواطن تمر أكثر من ستين صفحة ليس فيها حديث واحد !! [ انظر مثلاً : (1/46-108)، (1/144-212) ، (1/288-317) ] فهل هذا هو منهج شيخ الإسلام الإمام المحدّث ؟!!
أمَّا الآثار فكذلك (13) ...
أمَّا اعتماده على «المصادر المعتمدة لدى أصحابها» (14) فهذا مَا لاَ نَرَاهُ في الكتاب ، بل أعظم منه أن المؤلف لم يذكر في كتابه هذا إلاَّ أربعة كتب فقط !! وهي : الصحيحان ومسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه ! ولم يذكر المسند إِلاَّ في موضع واحدٍ فقط ! (15) ، والسنن في موضع ، ومسلم في موضعين !! كما في فهرس التنبيه (2/694) .
ولنأخُذْ كتاب «الإخنائية» - الذي أَلَّفه ابن تيمية في سجنه الذي توفي فيه - مِثَالاً فنقارِنُ بينه وبين هذا الكتاب : بَلَغَت الكُتُب التي ذكرها وأحال إليها أكثر من (65) كتاباً !! كما في «الفهارس العلمية للإخنائية» (68 -72) (16) ، أما المُكَرَّرُ مِنها ككتب الحديث فهي على التفصيل كما أحصيتها بنفسي : ذَكَرَ «المسند» (12) مرة ، والبخاري (17) مرة ، ومسلم (21) مرة ، وأبا داود (15) مرة ، والترمذي (9) مرات ، والنسائي (5) مرات ، وابن ماجه (5) مرات ، وذكر الصحيحين بهذا اللفظ (31) مرة ، والسنن (8) مرات ، هذا هو ابن تيمية حقاً ! مع أن الإخنائية طبعت في (410) إذا حذفنا المقدمة والفهارس فيساوي ثلثي «التنبيه» ! ، ومع أنَّ «التنبيه» أَلَّفَهُ وهو في سَعةٍ مِن أَمْرِهِ، أمَّا«الإخنائية » فَأَلَّفَهَا وهو في السّجن !
فإن قيل : لعله لم يُكثر مِن ذِكْرِ الآيات والأحاديث ويحيل إلى الكتب والمصادر الأصلية لأن الكتاب ردٌّ على أهل الجدل والمُمَوِّهين ... وهُم مِن أبعد الناس عن الكتاب والسنة والآثار السلفية فلذلك ناسب إن يرد عليهم من جنس كلامهم ؟
قلنا : الناظر في «الرد على المنطقيين» ، و«نقض المنطق» و«درء التعارض» يعلم بطلان هذه الشبهة ومن قارن -بل من نظر فقط- بينها وبين «التنبيه» تبيَّن له بُعد هذا الكلام .
تاسعاً : الظاهر أَنَّ المُؤَلِّفَ صاحبُ «التنبيه» (17) لم يكن ذا اطلاع واسع في الحديث كابن تيمية ، وإليكَ الدليل : قال في (1/9) في حديث: «أَدُّوا زكاةَ أموالكم» : «هذا الحديث بهذا اللفظ لا أَصْلَ له ! ولا يُعرَفُ في شيءٍ مِن كُتُبِ الحديث والفقه المعتبرة» !!
قلتُ : هذا الحديث أحال المحقق في تخريجه إلى ص (502)! وفيها أحال إلى ص (504) !! وهناك قال : «أخرجه أحمد..والترمذي.. وابن خزيمة ..، وابن حبان ..، والحاكم.. وصححه الترمذي ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم» .
فتأمل أيها القارئ الكريم كيف يزعم المؤلف أنه لا أصلَ له وأنه لا يُعْرَفُ في شيءٍ من كُتُبِ الحديث والفقه المعتبرة ، وهو مُدَوَّنٌ في دواوين السنة !!
أين هذا ممن قيل فيه : «كُلُّ حديث لا يعرِفُه ابن تيمية فليسَ بحديث» (18) ، وأين هذا ممن «كاد يستوعب السنن والآثار حفظاً» (19) ، وأين هذا ممن قال فيه تلميذه الذهبي : «ما رأيتُ أحداً أسرع انتِزاعاً للآيات الدَّالة على المسألة التي يوردها منه ، ولا أشدَّ استِحضاراً لمتون الأحاديث ، وعزوِها إلى «الصحيح» أو إلى «المسند» أو إلى «السنن» منهُ (20) ، كأنَّ الكتاب والسُّنن نصب عَيْنَيْه ، وعلى طَرَفِ لِسَانه» (21) . وهو -رحمهُ الله - : «إليه المنتهى في عزو الحديث إلى «الكتب الستة» و«المسند» . » (22) .
والعجيبُ أنَّ المحقِّقَيْن - غفر الله لهما - أخَّرَا تخريج الحديث إلى الجزء الثاني مع أن حَقّه أن يخرّج مع أولٍ مَوْضِعٍ ، ويُنَبِّها إلى وَهْمِ المؤلف في كلامه ، لكن لَعَلَّ تأخيره لحاجة في نفسيهما ؟! سِيَّمَا والمؤلف حَكَمَ عليه بما قد رأيتَ ، أَمَّا في المَوْضِعِ الثاني المحال عليه لم يَتَكَلَّم عليه بشيء !!
عاشِراً : الظنُّ بشيخ الإسلام ابن تيميَّة أَنَّهُ لا يحتفي بشرح كتابٍ كَهَذَا ، مُؤَلِّفه برهان الدين النسفي الحنفي الفيلسوف الذي شرح الإشارات والتنبيهات لابن سينا!! وشرح الرسالة القدسية للغزالي !! (23) .
حادي عشر : لم يعزُ المُؤَلِّف إلى شيءٍ مِن كُتُبِه على غير عادة ابن تيمية ، فالمؤلف تكلم - مثلاً - على مسألة التشبه بالأعاجم وقال: «وليس هذا موضع استقصاء القول في ذلك» ولو كان ابن تيمية لكان أقل القليل أن يقول : وقد بسطناه في غير هذا الموضع .. أو تكلمنا عليه في الاقتضاء أو غير ذلك ، أَمَّا أن يأتي في كتاب في أكثر من (638) صفحة ولا يحيل ولو على موضع واحد من كتبه فهذا يحتاج إلى نظر ، لأنه على خلاف عادة ابن تيمية ، ففي كتاب «الإخنائية» -مثلاً- يقول في كثير من المواضع : «مبسوط في مواضع .. أو كما بسط الكلام عليه في موضع آخر» وهي في (25) موضعاً أنظرها في «فهرس الإخنائية» (76) .
ثاني عشر : لم يقف المحققان ولو على نَصٍّ واحِدٍ مِن كلام ابن تيمية مُطَابِقٌ تماماً لما في التَّنْبِيه ! وقد اعتَرَفَا بهذا فقالا (1/30) : «ونرى أن أكثر هذه الأبحاث-الجدلية- جديدة لنا» !
وقد أحال المحققان إلى بعض كتب ابن تيمية وهي (1/269، 322، 349 ، 359) ، و(2/420 ، 421 ، 422) وليس فيها موضع واحد يطابق كلام شيخ الإسلام !!
- فمثلاً - أحال محقق الجزء الثاني من «التنبيه» على «الرد على المنطقيين » لابن تيمية حينما تكلَّم المؤلف على بعض التعاريف وهي : الشَّرْطي المُنْفَصِل ، ومانع الجمع ، ومانعة الخلو ؟ وحينما تَرْجِع -أيها القارئ الكريم - إلى «الرد على المنطقيين» لا تجد أيَّ تطابق بين التعاريف ؟!! (24) .
ثالث عشر : الكتاب سار فيه مؤلِّفهُ على طريقة المتكلمين في الجدل !! وهذا ما اعترفَ به المحققان فَقَالاَ في منهج التحقيق (1/48) : «[و]قد اعترض ذاك الهدف بعضُ العوائق ، وبرزت هذه المرَّة !! في :
1- وعُورة موضوع الكتاب ، إذْ هوَ في الجدل على طريقة المتكلمين ، وفي عباراتهم ما فيها مِن الغموض والإلغاز ، والتراكيب العَسِرَة المغلقة» .
قلتُ : هذا الكلام الذي خطَّه الأَخَوَان أساءا فيه إلى شيخ الإسلام ابن تيميّة الذي أَفْنَى عُمُرَهُ في الرَّدِّ على أهل البدع ومنهم المتكلمون ثم يعود في آخر حياته ليسير على طريقتهم في الجدل الباطل !
شيخ الإسلام الذي كان يعيب على المتكلمين عُسرة ألفاظهم التي لا تُفْهَم لعيبٍ فيها أصبح يسير على هذا الدَّرب (25) ؟!!
شيخ الإسلام الذي كان يسيرُ على طريقَةِ القُرآنِ والسُّنةِ التي هي طريقةٌ بيِّنَةٌ واضِحةٌ لا لبسَ فيها ولا غموض (26) ، أصبحَ الآن صاحب ألغاز وأحاجي !!
شيخ الإسلام الذي رَدَّ النَّاسَ إلى علم الكتاب والسنّة بعدما كانوا يسيرون على طرائق الفلاسفة والمتصوّفة !
شيخ الإسلام الذي قالوا فيه : «ما أَسْلَمَت مَعَارِفُنا إلاَّ على يدِ ابن تيْمِيَّة» (27) أصبحَ صاحِبَ طَرِيقَةٍ جَدَلِيَّة ، وصاحب ألغازٍ وأحاجي !!
هل يقول هذا من شمَّ رائحة علوم ابن تيمية ؟! لا والله !
كيفَ يكتبُ هذا من قالَ بالأمس في بيان منهج شيخ الإسلام في جميع مؤلفاته : «.. ويستطرد أحياناً إلى موضوعاتٍ أُخرى يأتي فيها بفوائد علمية جليلة . كُلُّ ذلِكَ بأسلوبٍ سهلٍ ميسَّر يجري كالماء سلاسةً وعذوبةً ، يكادُ يفهمهُ الجميع : المتعلِّمُ منهم وغير المتعلِّم» (28) . وَهُنَا يزعُم أنَّهُ سارَ على طريقةِ المتكلمين في الجدل والتي منها : «الغموض والإلغاز ، والتراكيب العَسِرَة المغلقة» !!! (29) .
هذا ما ظهر لي ومن تأمَّل وجد أكثر من ذلك ، وبالله التوفيق .
* * *
* كيف أثبتا صِحَّةَ نِسبة هذا الكتاب لابن تيمية :
من الأمورِ المُهِمَّة – كما تقدّم - لدى الباحثين في مجال تحقيق الكتب إثبات نسبة الرسالة إلى مؤلفها والعناية بهذا الأمر ، لا سيما إن وُجِدَ من يُشككُ في صحة نسبة الرسالة إلى مؤلفها ، أو أن النسخة الخطية لم تصرح بذلك أو غيرها من الأمور ، وهذا الأمر لم يفعله أصحاب «التنبيه» ؟! فَهُم اعترفوا أنه ليس عندهم دليل واحد في صحة نِسبة هذا الكتاب إلى شيخ الإسلام سوى قرائن لا نُسَلِّم لهم في شيء منها ، وهل يجوز أن ننسب كتاباً في مجلدين لمؤلفٍ مَا ظَناً !! .
أمَّا قرائنهم فإليكَ عرضها ونقضها :
لا يوجد على النسخة الخطيّة أي دليل في نسبتها لابن تيمية حتى في العنوان ، وقد ذكر المحققان أن الرسالة نُسِبَت لابن عقيل خطأً - وهو كما قالا - لكن المؤلف غير معروف ، واسْتَخْلَصَا مِن كَوْنِ الكتاب يُناقش ! كتاب النسفي المتوفى سنة (687) وتاريخ النسخ سنة (759) فلا بُدّ أن المؤلف بين هاتين الفترتين ! (30) وكأنه لا يوجد في تلك الفترة إلاَّ ابن تيمية ! ثم قال المحقق : «وبعدَ عُكُوفِنَا على النُّسْخَة ! والقراءة المتأنية فيها وجدنا قرائن !! تشير إلى أن المؤلف هو شيخ الإسلام ، ثمَّ توصلنا إلى القطع بذلك بعدما وجدنا نصوصاً مقتبسةً منه في إعلام الموقعين لابن القيّم !!
أمَّا القرائن فكانت عديدة :
منها : أنَّ المترجمين لشيخ الإسلام ذكروا له كتاباً في الجدل بعنوان: «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» والكتاب الذي بينَ أيدينا نقدٌ لأصحاب الجدل الباطل وبيانٌ لتمويهاتهم ، ولا نَعرف أحداً غيرهُ ألَّفَ على هذا النحو في الرد على الجدليين المتأخرين» (1/27) .
والجواب عن هذه القرينة من وجوه :
أولها : أنهما لم يُحِيلاَ إلى هذه الانتقادات أو بيان هذه التمويهات في هذا الكتاب .
ثانيها : كونهما لم يَعْلَمَا أحداً انتقد أصحاب الجدل الباطل لا يلزم منه أن ينسِباه إلى ابن تيمية وإِلاَّ لأتى كلُّ أَحَدٍ بكتابٍ لا يَعْرِفُ مُؤَلِّفه تكلم مؤلفه على أهل البدع أو الجهمية أو الجدل أو إثبات الصفات وقال : لا أعلم أحداً تكلم في هذا الأمر غير ابن تيمية وهكذا !!
ثالثها : عدم العلم لا يلزم منه العدم .
رابعها : لم يذكر المحققان أين وكيف بحثا فيمن ردَّ أَوْ أَلَّف في الجدل ونَقْضِهِ في تلك الفترة حتى يستنتجا مَا تَقَدَّم حتى تكون الدراسة علميّة موثقة لا أن يُرْسَل الكلام هكذا .
ثم قالا في القرينة الثانية (1/27) : «ومنها : أن شيخ الإسلام كان في هذه الفترة التي حدّدناها ، أي بعد وفاة النسفي ... ولا نعرف أحداً غيره برز في هذه الفترة للرد على الجدلييين» اهـ .
الجواب : ألا ترى معي- أيها القارئ الكريم -– أنَّ هذه القرينةَ جزءٌ لا يتجزأُ مِن القرينةِ التي سَبَقَتْهَا ؟!
القرينة الثالثة والرابعة (1/28) : «ومنها : أن الكتاب ذكر تمويه الجدليين والجدل المُمَوّه وأصحاب الجدل المموهين ومشتقاته بكثرة . وإذا قرأنا مقدمة الكتاب التي اقتبسها ابن عبد الهادي في العقود عرفنا أن المقصود الأصلي من الكتاب نقد جدل المموهين وبيان تمويهاتهم .
ومنها : أن هذه المقدمة المقتبسة فيها أنَّ المؤلف يأخذ في تمييز حقه من باطله وحاليه من عاطله بكلام مختصر ، والنسخة كلها تحوي نقد كتاب النسفي وتميّز حقه من باطله ...» .
الجواب : لم يحيلوا إلى المواضع التي ذكر فيها المؤلف الجدال المموّه وأصحابه «بكثرة» !
ثانياً : على فَرَضِ ذِكْرِ كِتَابٍ مَا للجِدَالِ وأهلِهِ بِكَثْرَةٍ ولم نَعْرِف مؤلفه هل ننسبه لابن تيمية ؟!
ثالثاً : قولهم ابن تيمية قال في خطبة الكتاب «أنه يأخذ في تمييز حقه من باطله .. والنسخة كلها تحتوي نقد كتاب النسفي ..» نقول : إن شيخ الإسلام قال إنه سيُميّز الحق من الباطل في الجَدَل لا كتاب النسفي فما دخل هذا بهذا ؟!!
القرينة الخامسة والأخيرة ! (1/28) قال : «أنَّ في الكتاب موضوعات وأبحاثاً اشتهر شيخ الإسلام بالحديث عنها ، منها كلام الإمام أحمد : «ينبغي للمتكلم في ..» إلخ
وتكلّم على موضوع النهي عن التشبه بالأعاجم والكفار(ص 268-271) وقد فصَّل فيه الكلام .. في كتابه «الاقتضاء .. » .
وتكلم في موضوع التنافي ( ص 219 وما بعدها) (31) ، ونحوه في «الرد على المنطقيين» (205-206) .
وهناك موضوعات أُخرَى أشرنا إلى ما ورد منها ما يماثلها في كتبه الأخرى» .
الجواب : كون المؤلف يشارك شيخ الإسلام في نقل بعض العبارات عن فلان من العلماء لا يَدُلّ أبداً على أن هذا الكتاب لابن تيمية ، وإلا لفتحنا باباً لا يُغلق من الدعاوى .
ثانياً : العبارات التي في هذا الكتاب تخالف ما أحالوا إليه من كتب شيخ الإسلام عند المقارنة ، وإنما الموجود كلام عام لو بحثت في كتب أهل العلم التي تتكلم على هذه المباحث لوجدت مثله وزيادة . وقد تَقَدَّم مَا ذَكَرْتُهُ مِن الخلاف بين ما ذكره المؤلف وبين ما أحال عليه محقق الجزء الثاني إلي «الرد على المنطقيين» .
ثالثاً : قولهم : «وهناك موضوعات أُخرى أشرنا إلى ما ورد منها ما يماثلها في كتبه الأخرى» ! هذا من باب الاستكثار فقط ! وإِلاَّ فَمَا ذَكَرُوهُ هو كلّ ما في جعبتهم ، ولو كان عندهم شيء - ولو كان يسيراً- لذكروه .
وما أشاروا إليه من موضوعات فليس له دخل لا من قريب ولا من بعيد في إثبات الكتاب فقد أحال صاحب الجزء الأول إلى أربعة مواضع من كتب ابن تيمية وكلها نستطيع أن نحيل فيها إلى كتب ابن قدامة ! أو ابن القيم ، أو ابن كثير وغيرهم! وقارن تجد [ انظر ص269، 322 ، 349 ، 359] .
وأما الجزء الثاني فأحال إلى ثلاثةِ مواضعٍ كلها في مبحث واحد هو التنافي [ انظر ص : 420،421،422] وقد تقدَّمتِ الإشارةُ إليه من قِبلهم فأين الموضوعات الأخرى ؟!!.
في الحقيقة ليس هناك أيَّةُ موضوعات !!
أمَّا الأمر الذي يقطَعُ بصحة نسبة الكتاب لابن تيمية عِندَهُمَا فَقَالاَ : «..ثم وجدنا تلميذه ابن قيِّم الجوزية ذَكَر في «إعلام الموقعين» (5/546-581، 6/5-40) مبحثاً طويلاً في حجيَّةِ قول الصحابي ، وكلُّه منقول مِن هنا دون عزوٍ مع إضافات (ص560-589) على طريقته في نقل كلام شيخه بعزوٍ أو بدون عزوٍ . وهذا مِمَّا يقطعُ بصِحّة نسبته إلى شيخ الإسلام» ا.هـ .
قلتُ : الجواب عن هذا من وجوهٍ :
الأول : الاحتمالات في الجواب عن هذه الكلمة كثيرة :
فمنها : عكس الدليل عليهم فقد يكون المؤلف هو الذي أخذ من ابن القيم ، فإن الكتاب فُرِغَ مِن نَسْخه سنة (759هـ) وابن القيم توفي (751هـ) وقد يكون الناسخ هو المؤلف ، أو عاصر المؤلف ، أو من تلاميذ المؤلف ..
ومنها : قد يكون العكس ، أن ابن القيم أخذ من المؤلف والمؤلف معاصِرٌ لابن تيمية ؟
ومنها : أنه قد يكون المؤلف وابن القيم كِلاهما أخذ من شيخ الإسلام ابن تيميّة .
ثانياً : ثُمَّ إِنَّ ابن القيّم لم يعز – كما اعْتَرَفَا بذلك – شيئاً منه إلى شيخه ، مع أنَّ مَا أَخَذَهُ ليسَ بالهيِّن ، فهو مِن عادته أن يذكر شيخه ولو في وسط الكلام ، كما ذكره في «الإعلام» في مواضع كثيرة جداً .
ثالثاً : ابن القيم لم يعز ولو كلِمةً منه لشيخه فكيف يتسنى لهما أن يقطَعاَ بأنه أخذه من شيخه ؟!!
* * *
إفادةُ العلماء منهُ قال المحققان – وفَّقَهُما الله للخير - (1/32) : «وقَفْنَا – ولله الحمد – على ثلاثةٍ من العلماء اقتبسوا من هذا الكتاب :
1- الإمام ابن عبدالهادي (744) ، فقد ذكر الكتاب وأثنى عليه ، وساق خطبته كاملة في ترجمته لشيخ الإسلام ابن تيمية «العقود الدريَّة» : (ص29-35) .» ا.هـ كلامهما .
قال مقيّده -عفا الله عنه- : هذه الخطبة غير موجودة في الكتاب الذي بينَ أيدينا فما فائِدَة هذا الكلام ؟!!
2-« الإمام ابن القيّم في كتابه «إعلام الموقعين» …»
قلتُ : تقدّم الجواب عن نقل ابن القيّم قريباً فلا أُعيد .
أمَّا الإفادة الثالثة والأخيرة فقالا :
« 3- الإمام علاء الدين المرداوي (885) في كتابه «التحبير شرح التحرير» (1/212-213) أنه قال : «قال الشيخ تقي الدين في الرد على الجست : النَّظر له معانٍ عِدَّة . منها : نَظَرُ العَيْن .. » - إلى آخر نَقْلِ المرداوي – ثم قالاَ بعدَهُ مباشرة : «ويبدو أنَّ هذا الاقتباس مِن أوائل كتاب «التنبيه» وأوائِلهُ ساقطة مِن نسختنا كما سلف» !!!
الجواب : لا أدري من أين أتيا بهذه المعلومة أن «الرد على الجست » هو «تنبيه العاقل» ؟!! فأنهما لم يذكُرا في «اسم الكتاب» أن أحداً ممن ذَكَرَهُ سماهُ بهذا الاسم ؛
ولم أقف – حسب إطلاعي – على شيءٍ مِن ذلِك ! فإن كان عندهما شيء فليخرجاه .
ثانياً : هذا الكلام الذي ذكره المرداوي ليسَ موجوداً في الكتاب الذي بينَ أيدينا فهو حجةٌ عليهم لا لهم .
* أمَّا مباحث الكتاب وكونها موافقة لمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية في البحث والتقرير فهذا يحتاج إلى من يتفرغ له ، ويقارن بين ما دَوَّنَهُ المؤلف هنا وبين ما كتبه ابن تيمية في سائر كتبه ، ولذلك خَشِيَ المحققان مِن أن يُنسب إلى ابن تيمية شيء لا يقولُ بهِ مِن كلامِ هذا المؤلف فأَكَّدَا على «وجوب معرفة الغَرَضِ الأصلي من تأليف هذا الكتاب» ؟! و«أن الشيخ كان كثيراً ما يُعَقِّب كلام النسفي بما يشرحهُ ويوضحهُ فَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يؤيدهُ وينصره»!!! (32) .
وفي الخاتمة : أنا أعلم كم عانى المحققان في البحث عن صحة نسبة هذا الكتاب لشيخ الإسلام ، لكن كونُهُما تَعِبَا في ذلك ولم يَقِفَا على شيء يروي غليلهما لا يُجَوِّزُ لهما أنْ يَنْسِبَا هذا الكتاب لابن تيميّة ، وكان الواجب عليهما أنْ يَقِفَا فَترَةً مِنَ الزَّمن - لعلَّ وعَسَى - فإن ظهر لهما شيء وإلاَّ طَوَياهُ وَأَجْرُهُما على الله .
هذا وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهُ إلى يوم الدين . والحمد لله أولاً وآخراً ، وظاهِراً وباطناً .
كتبه
دَغَشُ بن شَبِيب العَجْمِيُّ
غفر الله له ولوالديه
لثلاثِ ليالٍ بقين من شهر ربيع الثاني لعام (1426ﻫ) في الكويت
ملاحظة : نُشرت هذه المقالة في مجلة «عالم الكتب» المجلد السابع والعشرون ، العددان الخامس والسادس ، الربيعان –الجماديان 1427ﻫ
إبريل –مايو/يونيو-يوليو 2006م
الرياض
--------------------------
الحواشي:
( 1) انظر – عـلى سبيل المثال - : «الرسائل المتبادلـة بين القاسمي والآلوسي» (47-48 ، 57 ، 146-147 ، 224 دار البشائر ) .
(2) انظر : «تحقيق النصوص ونشرها» لعبدالسلام هارون ، و«توثيق النصوص وضبطها» للدكتور موفق بن عبدالله بن عبدالقادر .
(3) «دول الإسلام» (2/211) ط دار صادر .
(4) في المطبوع من التنبيه : «حالِيْهِ» !
(5) «العقود الدّريَّة» لابن عبد الهادي (35) ط الفقي .
تنبيه : اسم الكتاب هو مِن وضع الشيخ محمد حامد الفقي ! وقد ذُكِر بأسماء متعددة ولم يصرح المؤلف باسم معيّن وليسَ هذا موضع تحقيق الكلام على اسمه ، والكتاب عندي منه ثلاث نسخ خطية ، وقد اشتغلتُ بتحقيقه منذُ سنوات عديدة ثم أعلن أصحاب «عالم الفوائد» أن الكتاب يحقق عندهم في مكتبهم ! وسينشر فظننتُ أنهم سيسبقوني إلى نشره سيماً مع الأعداد الوفيره من المحققين ومكاتب .. والدعم المالي ..إلخ ، فأشار عليَّ أحد المشايخ أن أتوقف عن العمل حتى لا تتشتت الجهود فتوقفت منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا ولم أرَ شيئاً سوى منع الناس من نشر الكتب وحبسها على فلان من الناس ، فإذا نَشَرَها أَحَدٌ بعد نشرتهم قالوا فيه وفيه… نسأل الله العافية . ولو استقبلتُ مِن أمري ما استدبرتُ ما توقفتُ عن العمل فيه ولو قالوا ما قالوا ولكن : قدّر الله وما شاء فعل !
(6) انظر مقدمة «منهاج السنة» للدكتور محمد رشاد سالم رحمه الله (1/82-86) .
(7) انظر – مثلاً – «الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية» (233 ، 236 ، 240 ، 241 ،244 ...) وغيرها كثير ، ومَن تأمَّلَ في أسماءِ مؤلَّفات شيخ الإسلام ابن تيمية التي أوْرَدَهَا ابن عبدالهادي في ترجمته للشيخ وجد الكثير من ذلك .
(8) سيأتي الجواب عن نقلِهما عن هؤلاء العلماء في الإجابة عن «إفادة العلماء منه».
(9) لأنَّ المرداوي نقلَ كلاماً لشيخ الإسلام في النَّظر ومعانيه ، ولم ينقل الخطبة كما فعل ابن عبد الهادي .
(10 ) انظر : «تحقيق النصوص ونشرها» (45) ط مكتبة الخانجي ، ط 1418هـ .
(11 ) «ثلاث تراجم نفيسة» (23) دار ابن الأثير الكويت .
(12 ) إذا حذفنا حديث «نهى عن أغلوطات المسائل» لأنه ليسَ مِنَ الكتاب وإنما هو مما نقله ابن عبدالهادي من خطبة الكتاب .
(13 ) إلاَّ في فصل واحد هو «فصل في الأثر» … وهذا الفصل على خلاف طريقة المؤلف في سائر كتابه ، فلعله أخذه من غيره أو ما شابَهَ ذلِكَ ..
(14 ) مقدمة محمد عزير شمس لـ«قاعدة في الاستحسان » (22) دار عالم الفوائد ، ثم أعاد نشرها ضمن «جامع المسائل» له !
(15 ) شيخ الإسلام من القلائل الذين استَظْهَرُوا «المسند» وقد قرأ «المسند» عدة مرات ، وسيأتي بعد قليل شهادة العلماء له بأن له قُوَّة في استحضار أحاديث «المسند» و«الأصول الستة» !
(16 ) مَنَّ الله عليَّ بإخراج فهارس علميَّـة دقيقـة لهـذا الكتاب العظيم في (95) صفحة من القطع المتوسط ، وطبع في دار الإمام أحمد بالكويت عام (1420ﻫ) .
(17 ) أعني الذي طُبِع كتابه باسم «تنبيه الرجل..» .
(18 ) «العقود الدرية» (25) ، و«الرد الوافر» (68 –69) ، و«الشهادة الزكية» (41) ، وانظر : «الجامع لسيرة ابن تيمية» (271 ،404 ط 1 ) ، و(333 ط 2) !! .
(19 ) «العقود الدرية» (10) ، و«الدرر الكامنة» (1/156) ، و«ذيل طبقات الحنابلة» (1/390) .
(20) صاحب «التنبيه» لم يعزو في كتابه إلا في ستة مواضع فقط !! وبقية الأحاديث – وهي أكثر من ستين حديثاً – لم يعزها إلى شيء من كتب السُّنة !!
(21) «ثلاث تراجم نفسية» (23) .
(22) «الجامع» (271 ، 404 ،533 ، 563 ط 1) .
(23) ذكره بروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» (9/128 -129) كما في مقدمة «التنبيه» (1/37) .
والغريب أن المحقّقان نَشَرَا نَصَّ «الفصول» لهذا المبتدع وألحقاه بكتاب ابن تيمية السلفي – على رأيهما - !! فلا حول ولا قُوَّة إلا بالله !
(24) نعم ، هناك توافق عام في التعاريف لأنها تخرج - في الغالب - عن أصل واحد .
(25) انظر : «الرد على المنطقيين» (30) .
(26) انظر : «القاعدة المرَّاكشية» (34-39) دار ابن حزم .
(27) «شذرات الذهب» (6/84) ط إحياء التراث ، وذَكَره صاحبا «الجامع» (567) !
قلتُ ومعنى قوله هو : أنهم كانت عُلُومهم على خِلاف الشرع ، اتَّبعوا فيها الفلاسفة الأُول ، ثم ردَّ ابن تيميـة علومهم إلى الشرع والتَّعلق بالكتاب والسنة .
(28) «قاعدة في الاستحسان» (22) تحقيق محمد عُزير شمس !
(29) مقدّمة «التنبيه» (1/48) . بعضُ الناس أصبح همّه التسابق في نشر الكتب بغض النظر عن نفعها أو ضررها ، وبغض النظر عن صحة نِسبتها لمن ستطبع باسمه أو لا المهم أن يحصل على ما تُريدُ نفسُهُ .
(30) هناك احتمال آخر وهو أن المؤلف معاصر للنسفي ، بدليل أني لم أقف على نصّ في الكتاب المطبوع ترَحَّمَ فيه على النسفي ؟!
(31) كذا ! والصواب (419) .
(32) انظر (1/31) . وهل كانت هذه هي طريقة شيخ الإسلام في ردوده على أهل البدع من أهل الكلام والمنطق والجدل وغيرهم ؟!

عبدالله العلي
2007-03-17, 08:52 PM
لابد من سماع رأي المحققين الفاضلين محمد عزير شمس وعلي العمران ..ومن ثم تتبين الأمور

المحرر
2007-03-18, 05:25 PM
من جهة أخرى :

تعجبت من تعليق الشيخ الفاضل / علي العمران - وفقه الله - حيث علق على قول المؤلف ( 2 / 533 ) : ... ورواه ابن ماجه في سننه مقطعاً .
علق - حفظه الله - بقوله : أي : مختصراً !
قلت : بل المقصود : المعنى الظاهر من اللفظ ، وهو أن رواية ابن ماجه جاءت في عدة أحاديث متفرقة جمعها المؤلف في سياق واحد . ( 2337 ) ، ( 2339 ) ، ( 2341 ) ، والله أعلم .

أبو محمد الحافظ
2007-03-25, 01:41 AM
رأيت في موقع المقال الأصلي أن المحققين اعتبرا المقال مجموعة من التشكيكات وأنه ضعيف ومتهافت وأن الكتاب ثابت النسبة لابن تيمية ، وأنهما ردا على صاحب المقال الشيخ دغش العجمي وسينشراه في عالم الكتب . فإذا ظهر الرد سنجزم باحد الأمرين .
ورأيي الشخصي ان نقل ابن القيم بحثا طويلا من هذا الكتاب يؤيد ثبوته لابن تيمية مع ما ذكروا من قرائن أخرى .

عبد الرحمن السديس
2007-03-27, 11:41 AM
الأدلة القوية في إثبات نسبة كتاب (تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل) لمؤلفه شيخ الإسلام ابن تيمية

كتبه
علي بن محمد العمران و محمد عزير شمس

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه أهم القرائن التي اعتمدنا عليها في إثبات نسبة كتاب (تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل) لمؤلفه شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728) رحمه الله تعالى ، الذي نشرناه عام (1425هـ) في مجلدين . وقد كنا في مقدمة الكتاب (26-29) قد ذكرنا بعض هذه القرائن التي أفادتنا ظنًّا راجحًا يعتمد عليه ويطمأنّ إليه في إثبات الكتاب إلى مؤلفه ، وظننا كفايتها للمتأمل ، ورأينا الآن أن نزيدها عددًا وبيانًا وتوضيحًا فنقول :
الكتاب الذي نتكلم عليه (تنبيه الرجل العاقل ) عثرنا له على نسخة واحدة فريدة ، وهذه النسخة سقطت منها ورقة العنوان وعدة صفحات نحو العشر (كما حققناه في المقدمة 46) وهذا الخرم ذهبَ بعنوان الكتاب واسم مؤلفه ومقدمة المؤلف وأوائل الرد على كتاب النسفي .
ولمعرفة من هو مؤلف الكتاب توجهنا للنظر في مادته لننظر في القرائن الدالة على من ألَّفه ، فوجدنا الكتاب في موضوع الجدل ، ووجدنا مؤلفه ينقل نصوصَ كتابٍ في الجدل ، ويردّ عليها ويناقشها ، وبمطابقة هذه النصوص التي ينقلها وجدنا أنها من كتاب (الفصول في الجدل) لبرهان الدين النسفي الحنفي (ت687) . وهو متن مختصر في (10ورقات) في صناعة الجدل على طريقة المتأخرين المُحْدَثين . وقد استوفاه المؤلف بالشرح والنقض والرد . ووجدنا أن تاريخ كتابة المخطوط في سنة (759) .
فالقرينة الأولى : أن المؤلف لابد أن يكون عاش في الفترة مابين (687 تاريخ وفاة النسفي و 759 تاريخ نسخ المخطوط) . وشيخ الإسلام قد عاش في بعض هذه الفترة .
القرينة الثانية : أن موضوع المخطوط الذي وجدناه الرد على الجدليين ونقض مذهبهم ، فبحثنا عمن ألَّف في هذه الفترة ردًّا على أهل الجدل المحدث ــ الذي عُرف بـ ((الجُست)) كما شرحناه في المقدمة : 19 ،20 ــ ، وناقشهم فيه وبيَّن بطلان طريقتهم وزيَّف قواعدهم ، فلم نجد بعد طول بحث وتقَصٍّ أحدًا من العلماء رد على هؤلاء الجدليين غير شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه المسمَّى (تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل بالباطل) وقد علمنا أن هذا الكتاب رد على الجدليين المحدثين من عنوانه الواضح ، ومن قوله في مقدمة الكتاب التي حفظها تلميذه ابن عبد الهادي في ترجمة شيخه :34-35 قال : (ثم إن بعض طلبة العلوم من أبناء فارس والروم صاروا مولعين بنوعٍ من جدل المموهين استحدثه طائفة من المشرقيين وألحقوه بأصول الفقه في الدين..) .
وهذا النوع من الجدل المحدث هو الذي أشار إليه شيخ الإسلام بقوله : (وفي ذلك الوقت ــ أي سنة 615ــ ظهرت بدع في العلماء والعُبَّاد ؛ كبحوث ابن الخطيب ، وجست العميدي ، وتصوف ابن العربي ..) جامع المسائل ــ الأموال السلطانية : 5/396-397 .
وزاد الأمر وضوحًا ما قاله شيخ الإسلام في (جواب الاعتراضات المصرية : ق 35 – قطعة منه) قال : (ومثل هذه الأغلوطات من المسائل يسلكها أهل اللدد في الجدل في أمر الدنيا والدين في الأصول والفروع ، من جنس الأغلوطات الذي ابتدعه العميدي السمرقندي في مثل نكته التي يسميها البرهان ويدعي أنها قطعية وغير ذلك من فرض أمور ممتنعة ويستنتج نتائجها على ذلك التقدير الذي يمتنع وجوده) .
وقد أفاد ابن القيم تلميذ ابن تيمية في الصواعق المرسلة ( 3 / 1078-1079) أن شيخه رد على هذا الجدل المحدث ــ الجست ــ فقال : (ثم إنه خرج مع هذا الشيخ المتأخر المعارض بين العقل والنقل أشياء لم تكن تعرف قبله : جست العميدي وحقائق ابن عربي وتشكيكات الرازي وقام سوق الفلسفة والمنطق ... فأقام الله لدينه شيخ الإسلام أبا العباس ابن تيمية قدس الله روحه فأقام على غزوهم مدة حياته باليد والقلب واللسان وكشف للناس باطلهم وبين تلبيسهم وتدليسهم وقابلهم بصريح المعقول وصحيح المنقول وشفى واشتفى..) .
وهذا العميدي هو الذي أشار إليه المصنف في كتابنا (التنبيه : 634) ( ) بقوله : (ذكر المُبَـرِّز في جملة الأدلة التي يستدل بها دليلاً سماه البرهان) . وهذا النقل موجود في كتاب العميدي (مخطوط) .
فإذا علمنا ذلك كله فإن برهان الدين النسفي (ت687) صاحب (الفصول) من أصحاب هذا الجدل المحدث الذين سلكوا مسلك العميدي كما نص عليه ابن خلدون في المقدمة : 507 . وكتابنا هذا رد عليه .
ولننظر الآن إلى هذه النصوص في أثناء الكتاب :
ص260 (وإنما حاققنا فيها .. الجدليين أصحاب الجدل المحدث) .
ص328(كما يفعله هؤلاء أرباب الجدل المحدث) .
ص330 (أصحاب هذا الجدل) .
ص401 (أهل الجدل المحدث) .
فبات واضحًا الآن أن كتابنا هذا رد على أصحاب الجدل المحدث (الجُست ــ طريقة العميدي) متمثلاً في كتاب النسفي (الفصول) .
ولنذكر أيضًا بعض المواضع التي تبرهن على أن غرض كتابنا نقض هذه الطريقة في الجدل المحدث المموَّه وتزييفها لا أنه شرح كسائر الشروح كما زعم الزاعم :
قال شيخ الإسلام : (متى عرفت هذا تبين لك فساد جميع هذا الباب, وأمكنك إبطال نكت هؤلاء الملبسين بأدنى شيء, وعلمت أن العاقل لا يرضاها البتة ولا يستحسن الكلام بمثلها) ص23.
وقال: (واعلم أني نبهتُ على فساد هذه النكت لأنها مما اعتمد عليه بعض هؤلاء المموهين المغالطين من الجدليين) ص24.
وقال: (وهذا أيضًا من قواعدهم الفاسدة التي يبنون عليها كثيرًا من كلامهم, فيرجحون أحد الخصمين بكثرة دعاويه, كما يرجحونه بإبهام دعواه, ولا يخفى على عاقل أنه باطل) ص98.
وقال: (والغرض أن نبين فساد الطريقة الجدلية...) ص131.
وقال: (هذا كله مبني على محض التحكم بلا مرجح, وعليه مبنى عامة كلام الجدليين المموهين) ص134.
وقال : (وهو مسلك رديء جدًّا ... وإنما يسلكه من لا خلاق له من المغالطين) ص358-359 .
وقال: (فاحذره فإنه باب عظيم من باب أغاليط هؤلاء المغالطين) ص388.
ومثل هذا في عشرات المواضع من الكتاب, وهذه إشارة إلى بعضها: (ص16, 28, 36, 39, 43, 62, 63, 64, 84, 90, 92, 172, 178, 190, 199, 204 ـــ 205, 209, 210, 260,,301, 310, 314, 361, 378, 445) .
فتبين لكل ذي عينين أن كتابنا ليس شرحًا كباقي الشروح أو حاشية لكتاب الفصول بل هو نقدٌ للكتاب ونقض له ، وإبطال لطريقة الجدل المحدث التي انتهجها العميدي (ت606) وتبعه عليها النسفي .
وهذا لا يعني أن لا يقع في كلام النسفي وغيره ممن ألف في هذه الطريقة شيءٌ من الحق ، بل قد يقع منهم ذلك ، بل نص على ذلك شيخ الإسلام في مقدمة الكتاب التي حفظها لنا ابن عبد الهادي (ت744) في ((ترجمة شيخه)) : 34-35 . قال : (ومع ذلك فلا بد أن يدخل في كلامهم قواعد صحيحة ونكت من أصول الفقه مليحة ، لكنهم إنما أخذوا ألفاظها ومبانيها دون حقائقها ومعانيها ، بمنزلة ما في الدرهم الزائف من العين ، ولولا ذلك لما نفق على من له عين . فلذلك آخذ في تمييز حقه من باطله وحاليه من عاطله ..) . وهو ما نص عليه أيضًا في أثناء الكتاب ص445 كما سيأتي نقله
القرينة الثالثة : إذا تبين هذا فلننظر إلى مقدمة الكتاب التي حفظها لنا ابن عبد الهادي ، ومدى تطابقها مع موضوع المخطوط الذي عثرنا عليه . إذ سرد شيخ الإسلام في تلك المقدمة تاريخ علم الجدل والمراحل التي مر بها ، فذكر المرحلة الأولى والثانية ثم ذكر الثالثة المحدثة فقال :
(ثم إن بعض طلبة العلوم من أبناء فارس والروم صاروا مولعين بنوعٍ من جدل المموهين استحدثه طائفة من المشرقيين وألحقوه بأصول الفقه في الدين ، راوغوا فيه مراوغة الثعالب ، وحادوا فيه عن المسلك اللاحب ، وزخرفوه بعبارات موجودة في كلام العلماء قد نطقوا بها غير أنهم وضعوها في غير مواضعها المستحقة لها ، وألفوا الأدلة تأليفًا غير مستقيم وعدلوا عن التركيب الناتج إلى العقيم ..) .
قارن هذا النصَّ الأخير الذي سقناه من مقدمة (التنبيه) التي حفظها لنا ابن عبد الهادي بقول المؤلف في الكتاب ص445 : (واعلم أن نكت هؤلاء المموهين إذا صح بعضها وكان مبنيًّا على أصول الفقه ، فإنه لا بد من حشوٍ وإطالة وذِكْر ما لا يفيد ، ووقف الاستدلال على ما لا يتوقف ، وإدخال ما ليس من مقدمات الدليل في المقدمات ، فهي دائرة بين تغليط وتضييع ، وبين الإحالة والإطالة ، وبين الباطل الصريح والحشو القبيح) . فإنهما قد خرجا من مشكاة واحدة .
ثم إذا نظرنا ثانيةً في مقدمة الكتاب التي ساقها ابن عبد الهادي نجد أن سبب تأليف الكتاب كان طلبًا من بعض الطلاب قال : (فلما استبان لبعضهم أنه كلام ليس له حاصل ، ولا يقوم بإحقاق حق ولا إبطال باطل = أخذ يطلب كشف مشكله وفتح مقفله ، ثم إبانة علله وإيضاح زللـه ، وتحقيق خطئه وخطله ، حتى يتبين أن سالكه يسلك في الجدل مسلك اللدد ، وينأى عن مسلك الهدى والرشد ، ويتعلق من الأصول بأذيال لا توصل إلى حقيقة ويأخذ من الجدل الصحيح رسومًا يموِّه بها على أهل الطريقة) .
ونجد المؤلف في الكتاب (ص210) يقول إشارةً إلى هؤلاء الطلاب : (وإنما ذكرتُ هذا لأنَّ بعض الطلبة قال : أُحِبُّ أن تذكر لي في آخر كلامك مَن فَلَجَ بالحجة من المستدل والمعترض , فذكرت ذلك) .
ونقول أيضًا في تطابق المقدمة مع الكتاب : إنَّ كل من يقرأ مقدمة الكتاب التي اقتبسها ابن عبد الهادي يعرف أن المقصود الأصلي من الكتاب هو نقد جدل «المموّهين» وبيان «تمويهاتهم».
ثم إذا تصفَّح الكتاب متصفِّح وجد ذِكر ((تمويه الجدليين)) و ((الجدل المموّه)) وأصحاب ((الجدل المموهين)) ومشتقاته بكثرة , وهذه بعض المواضع :
ص23(وعلى هذه الأغلوطة بنى المموه كلامه) .
ص24 (اعتمد عليه بعض هؤلاء المموهين المغالطين من الجدليين) . وأيضًا فيها (ولولا أنه ليس هذا موضع الاستقصاء في إفساد خصائص النكت المموهة ، وإنما الكلام في عموم هذه الصناعة التمويهية) .
ص30 (قد استدل عليه بالجدل المموَّه ) .
ص 63(وكثيرًا ما يسلك هؤلاء المموهون هذا المسلك) .
ص473 قال تعليقا على قول صاحب الفصول :يقال في الخلافيات (يعني به خلافيات أهل الجدل المموه ، وإلا فالخلافيات المشهورة عند كل الطوائف لا يلتفتون فيها إلى هذا الكلام) .
ومواضع أخرى : 64, 134, 190(مرتين), 296, 425، 428, 445, 472, 634, ولا نُطيل على القراء بنقل النصوص الموجودة فيها.
فهذا التطابق ــ لمن يتدبر ويفهم ــ لا يعني إلا شيئًا واحدًا : أن تلك المقدمة المحفوظة في كتاب ابن عبد الهادي هي لهذا الكتاب الذي نحن بصدده .
القرينة الرابعة : أن عنوان الكتاب (تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل) ، فما مدى تطابق العنوان مع المضمون ؟ انظر معي إلى عبارات المؤلف في الكتاب ، حيث يقول في وصف النسفي صاحب الكتاب المردود عليه ، ووصف أصحاب هذه الطريقة :
قال (ص187): «قال صاحب الجدل الباطل» ويقتبس من كلامه .
ويقول (ص39): «هو من أفسد أنواع الشغب والجدل الباطل» .
ويقول (ص210): «الجدل الباطل لا يفلح فيه من سلكه استدلالاً وسؤالاً وانفصالاً, فإن من استدل بالباطل فهو مبطل, ومن ردَّ الباطل بالباطل.... فهو مبطل...».
وفي (ص84): «وهذا كلام أصحاب هذا النوع من الجدل...».
ويقول في (ص260): «إنما حاققنا فيها من عدَّها قاعدةً من نظرائه الجدليين أصحاب الجدل المحدث...».
وأشار إلى المراوغة ــ التي سبق في المقدمة أن وصفها بـ مراوغة الثعالب ــ بقوله (ص28): «وانقطع باب المراوغة الذي فتحوه». وبقوله (ص308) :(( فكيف تروغ من هذه المعارضة مراوغة الثعلب الأملس )).
واقرأ أيضًا في الكتاب (ص16): «هذا الكلام على تعقيده وقبح التعبير به ــ لما فيه من الألفاظ المشتركة الخالية عن قرينة التمييز, ولما فيه من حشو كلماتٍ لا حاجة إليها ــ فهو مع خلوِّه عما يحتاج إليه في البيان, واشتماله على ما لا يحتاج إليه خالٍ عن الفائدة».
وفي (ص36): «وأمثلة هذا الكلام المزيف الذي لا يقوله عاقل كثيرة, حتى يتمكن مِن تقوُّلِه مَن استباح القضايا المتناقضة من التراكيب الفاسدة».
وفي (ص301): «وكثيرًا ما يستعملها هذا الجدليُّ في أغاليطه, بل كثير من الأغاليط إنما تروج بها, فإنه يغيّر العبارة ويكثّر الأقسام, ويُطيل المقدمات, ويجعل الشيء مقدمةً في إثبات نفسه من حيث لا يَشعُر الغبي».
واستهزأ شيخ الإسلام فيه (ص204ــ205) بهذا الجدل الباطل وأصحابه فقال: «واعلم أن هذا الكلام دعوى عارية ليس فيها زيادة على الدعاوي الماضية سوى تغيير العبارة وتطويلها بغير فائدة, وسلوك الطريق المعوجّة المنكوسة, وما مثل هذا إلاّ مثل من قيل له: أين أُذُنك اليسرى؟ فوضع يده اليمنى فوق رأسه, ثم نزل بها إلى أذنه, وترك أن يوصل إليها من تحت ذقنه...». إلى آخر ما في الكتاب في هذا الموضع .
وقد سبق أن ذكرنا التمويه ومشتقاته فيما مضى ، فإذا قرأنا هذه العبارات في أثناء الكتاب = عَلِمْنا أن عنوان الكتاب «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» مطابق تمامًا لمضمون الكتاب الذي بين أيدينا, وأن المؤلف قصد فيه الرد على الجدل الباطل وأصحابه المموّهين, وأن هذا الجدل محدث, وأن أصحابه راغوا فيه مراوغة الثعالب, وحادوا فيه عن المسلك اللاحب .
وبعد هذا البيان الواضح هل سيبقى من يقول : إن كتابنا مجرد شرح لكتاب النسفي ؟! وهل سيبقى لهذا الزعم أي اعتبار في ميزان النقد العلمي !! كلا !!
القرينة الخامسة : أن المؤلف نقل في مواضع كثيرة عن الإمام أحمد (انظر فهرس الأعلام 689) أكثر من أي إمام آخر ، وكان مهتمًا بنقل رواياته على طريقة شيخ الإسلام المعروفة ، ولنذكر نماذج (ص8 ..فعن أحمد فيها روايتان إحداهما .. وهي المنصورة عند أصحابه ..) ، (ص211 .. وهو قول المالكية أو أكثرهم وأكثر الشافعية وإحدى الروايتين عن أحمد وقول كثير من أصحابه) ، (ص244 ولم يجب عند الشافعي وأحمد في المشهور عنه) ، (ص323 وهو أشهر الروايتين عن أحمد) وهكذا في بقية المواضع (347 ، 354، 388 ، 457، 461، 546، 561، 562، 607، 608) وهذه هي طريقة ابن تيمية التي لا تخفى على من قرأ شيئًا من كتبه .
القرينة السادسة : أن في الكتاب استعمال عبارات اشتهر شيخ الإسلام بالإكثار منها كقوله في مواضع كثيرة : (ص216 ليس هذا موضع استقصاء الكلام في ذلك) (ص217 تفصيل ليس هذا موضعه) (ص218 ليس هذا موضعها) (ص288 ليس هذا موضع استقصائه) (ص588 تحتمل بسطا عظيما ليس هذا موضعه) وغيرها من المواضع .
القرينة السابعة : كلامه في الكتاب على الأحاديث رواية ودراية هي عينها طريقة ابن تيمية :
كقوله : (ص9 هذا الحديث بهذا اللفظ لا أصل له, ولا يعرف في شيء من كتب الحديث والفقه المعتبرة) .
وقوله : (ص217 وهذا اللفظ ليس هو مشهورًا في كتب الحديث ، وأظنه قد روي من حديث أُبي بن كعب) قلت : وحديث أبي أخرجه أبو نعيم في ((مسند أبي يحيى فراس)):ق91أ والديلمي في الفردوس: 2/70 .
وقوله : (ص492 اعلم بأن هذا الحديث ببهذا اللفظ لا يعرف في كتاب معتمد من كتب الحديث ) .
وقوله : (ص591 وهذا الحديث الذي ذكره لا أصل له ، ولا يعرف في شيء من دواوين الحديث) . وقال بعد ذلك : (وهذا الحديث ليس معزوًّا عزوًا يصح التمسك به ، وأهل الحديث لا يعرفون له أصلاً ، فلا يقبل) .
وكلامه ص533-559 على حديث ((لا ضرر ولا ضرار )) رواية ودراية بما لا يوجد في مكان آخر .
وكلامه ص596-601 على حديث «أصحابي كالنجوم...» رواية ودراية.
وقوله (ص534وهؤلاء المتأخرون من الخلافيين ونحوهم من المتفقهة أقل الناس علمًا بالحديث وأبعدهم عن ضبطه ومعرفته ..
وقوله ص 535 عن صاحب الفصول وما يورده من أحاديث: (هذا المصنف ذكر في كتابه هذا عدة أحاديث عامتها ليست محفوظة عن رسول الله ^, مع أنَّ في الباب الذي يذكره عدة أحاديث صحاح مشهورة) .
وكلامه ص585-586 على رواية الصحابة للحديث وتحرّزهم فيها ..
فهذا أسلوب معروف لشيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه على الأحاديث لمن قرأ في كتبه وخبرها وانظر على سبيل المثال (الفتاوى : 18/123، 383 . 25/180 ) (المنهاج : 4/45، 236 ، 274، 316 ، 483، 561) .
القرينة الثامنة : في كتابنا ص 359 عزا إلى ((مسروق )) قولاً في مسألة أصولية ، وعزاه إليه أيضًا شيخ الإسلام في (( المسودة : 327 )) . وهذا العزو إلى مسروق مخالف لبقية المصادر فإنهم قد عزوه لابن سيرين كما في (مصنف ابن أبي شيبة 6/241 ، وقواطع الأدلة : 3/265 ، والواضح : 5/165 ، والمغني : 9/23) .
القرينة التاسعة : أن القول المعروف عند الشافعية أن قول الصحابي ليس بحجة في مذهب الشافعي الجديد ، لكن شيخ الإسلام خالف ذلك وقال : إنه حجة حتى في الجديد أيضًا (الفتاوى 20/14) ، وانتصر له تلميذه ابن القيم في (إعلام الموقعين : 5/550-555) ، وهذا القول موجود أيضًا في كتابنا (ص561) . وقد ألف أبو سعيد العلائي كتاب (إجمال الإصابة في أقوال الصحابة) في الانتصار لهذا القول .
القرينة العاشرة : توافق الكثير من مباحث الكتاب مع ما في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولنذكر بعضها :
1- كلامه في التقليد وأنواعه (التنبيه : 590 . الفتاوى : 20/15، 17) .
2- مسألة تخصيص عموم الكتاب والسنة بالقياس ( التنبيه : 211 . المسودة : 107) .
3- نقله لقول أحمد : ((ينبغي للمتكلم في الفقه أن يجتنب هذين الأصلين )) وقوله : ((أكثر ما غلط الناس من جهة التأويل والقياس )) وبيان معناه (التنبيه : 213. قاعدة في الاستحسان : 74 ، الفتاوى : 7/391-392) .
4- الكلام على اللغة العربية وتعلمها والاهتمام بها والكلام على التشبه بالأعاجم ( التنبيه : 264 – 271 . اقتضاء الصراط المستقيم : 1/518-528) .
5- كلامه في تفسير قوله تعالى : (نور على نور ) ( التنبيه : 594 . الفتاوى : 20/45-46) .
6- نقله كلام الشافعي : ((المحدثات ضربان ..)) (التنبيه : 562 . المسودة : 337 ولم ينقله أحد من الأصوليين غير الشيخ ، ونَقْل الزركشي له في المنثور ليس على شرطنا لأنه توفي سنة 795)) .
7- الآثار السلفية الكثيرة التي ساقها المصنف في الحث على اتباع السلف وعدم الابتداع هي التي يكثر شيخ الإسلام من إيرادها في عموم كتبه (التنبيه : 578-580 . الفتاوى : 3/126-127وغيرها) .
8- من نظر في (فصل في الأثر) ممن كتابنا (التنبيه : 560-601) وما في من التحقيق والتحرير والانتصار لحجية قول الصحابة والرد على من خالف ذلك ، ثم نقل ابن القيم لأغلب هذا البحث حذو القذة بالقذة مع بعض الإضافات في كتابه (إعلام الموقعين : 5/546-581 ، 6/5-40) = علم أنه لشيخ الإسلام ابن تيمية لا لغيره .
9- قوله : إن عمر ــ رضي الله عنه ــ مع كونه المُحَدَّث الملهم إلا أنه لم يكن يأخذ بظن نفسه حتى يتأمل دلالات الكتاب والسنة (التنبيه : 594 . الصفدية : 1/253 ، بغية المرتاد : 388 ، الفتاوى : 2/226 ، 11/205-208 ) .
10- قوله : إن تسمية العام والمطلق مجملاً عُرْفٌ معروف في لسان الأئمة . (التنبيه : 213 . الفتاوى : 7/391-392) .
11- قوله : إن العام لا يخصص حتى ينصب دليلاً على عدم إرادة الصورة المخصوصة (التنبيه : 219 . بيان الدليل : 386) .

القرينة الحادية عشرة : نقول العلماء منه وهي كالتالي :
1-تلميذه ابن عبد الهادي (744) نقل خطبة الكتاب كاملة في ترجمة شيخه : 29-35 ، ولأن الأوراق الأولى من المخطوط قد فقدت = لم توجد هذه المقدمة ولا أوائل الرد على كتاب النسفي . وقد دللنا في أوائل هذا المقال أن هذه المقدمة التي حفظها لنا ابن عبد الهادي هي لنفس المخطوط الذي نشرناه وهو (التنبيه) بدلائل كالشمس وضوحًا ، ومن تعاشى عن الشمس (( فالتعاشي الداءُ )) !!.
2-تلميذه ابن قيم الجوزية (751) نقل من كتابنا هذا (التنبيه : 560-601) بحث الاحتجاج بقول الصحابة نقله حذو القذة بالقذة مع بعض الإضافات في كتابه (إعلام الموقعين : 5/546-581 ، 6/5-40) دون إشارة إلى شيخه. وهذه طريقة معروفة لابن القيم في النقل من كتب شيخه ، ففي كتاب (إعلام الموقعين : 1/350 ــ 383) أيضًا نقل رسالة قاعدة في شمول النصوص للأحكام وهي لشيخه (انظرها ضمن جامع المسائل 2/253 ــ 351) دون أيّ إشارة إليه . ونقل فيه أيضًا (2/135 ــ 146) من «فصل في آيات الربا» لشيخه, ولم يشر إليه ولو مرةً واحدةً . وينقل عنه أحيانًا أخرى ويسميه ، وقد يسمي كتابه ، وهذا أمرٌ يعرفه الممارسون لكتب الشيخين .
3-علاء الدين المرداوي (885) نقل منه في كتابه (التحبير في شرح التحرير : 1/212-213) نصًا نحو صفحة كاملة في معاني النظر ، وسمى الكتاب (الرد على الجست ــ تصحفت في المطبوع : الجشت) وقد سبق لنا في أول المقال التدليل على أن كتابنا هذا (التنبيه) هو نفسه الرد على الجست . لكن هذا النقل ليس في مخطوطتنا بسبب الخرم المشار إليه ، ونحن نرجح أن الشيخ ذكر معاني النظر التي نقلها المرداوي عند شرحه قول صاحب الفصول في أوائله : (( المعنيّ من الدليل ما لو جرد النظر إليه ..)) .
ونختم بما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ بأن هذه الأدلة والقرائن التي سقناها = ( تفيد الاعتقاد القوي والظن الغالب . وهذا فيه إنصاف وعدل ، وهو خير من دعوى البراهين القطعية التي يظهر عند التحقيق أنها شبهات وخيالات فاسدة !!
ومن قال : لا يجوز أن يحتج في هذا الباب إلا بالقطعي الذي لا يحتمل النقيض ، قيل له : أولاً أنت أول من خالف هذا ، فأنت دائمًا تحتج بما لا يفيد الظن الغالب فضلاً عن اليقين .
وقيل له ثانيًا : لا نسلم ، بل الواجب على كل إنسان أن يأتي بما هو الحق ، فإن كان عنده علمٌ قاطع قال به ، وإن كان عنده ظنُّ غالب قال به ، والمسائل التي تنازع بنو آدم فيها لأن يحصل للإنسان فيها ظنٌّ غالب خير من أن يكون في الحيرة والجهالة ، أو يكون في التقليد أو الحجج الفاسدة كما هو الواقع كثيرًا) اهـ . (بيان تلبيس الجهمية :2/371 ) .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين .


المحققان
8/ربيع الأول/1428هـ

ملاحظة : الرد على ما ذكره الأخ دغش في مقاله واستيفاء بقية القرائن سيكون في مجلة عالم الكتب بإذن الله .

نضال مشهود
2008-01-12, 04:28 PM
جزاكم الله خيرا .

أبو عثمان السلفي
2008-01-13, 12:16 PM
المحققان
8/ربيع الأول/1428هـ
ملاحظة : الرد على ما ذكره الأخ دغش في مقاله واستيفاء بقية القرائن سيكون في مجلة عالم الكتب بإذن الله .

هل صدر الرد في «مجلة عالم الكتب»؟

علي الفضلي
2008-01-13, 01:56 PM
جزاكم الله خيرا ، وجزى الله الشيخ دغشا خيرا ، وإن كان المحققان الفاضلان ليس عندهما إلا ما ساقه الأخ السديس ، فتعقبات أخينا دغش تعقبات سديدة وفي محلها .

أبو عثمان السلفي
2008-01-13, 02:46 PM
فتعقبات أخينا دغش تعقبات سديدة وفي محلها .

بل فيها نَظر.

أبو عثمان السلفي
2008-01-13, 02:59 PM
[منقول]


تنبيه حول مقالة «الأدلة القوية في إثبات نسبة كتاب «تنبيه الرجل العاقل»
لمؤلفه شيخ الإسلام ابن تيمية»الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :

فقد اطَّلعتُ على المقال المنشور في ملتقى أهل الحديث –وفقهم الله- بعنوان «الأدلة القوية في إثبات نسبة كتاب «تنبيه الرجل العاقل» لمؤلفه شيخ الإسلام ابن تيمية ، والذي كتبه علي العمران ومحمد عزير شمس كما في المنشور !
وقد ظننتُ لأول وهلة أن ثمة أدلة قد وَقَفَا عليها بعد نشر الكتاب ، أو بعد اطلاع أحدهما على مقالي قبل أكثر من سنة ، لكن وللأسف العنوان يخالف المضمون تماماً ، فالكاتبان لم يُفَرِّقا بين الأدلة والقرائن ، فالعنوان «أدلة» والمحتوى «قرائن» ، وهذه القرائن ضعيفة جداً لا تليق بطالب علم «محقق» .

وهذه القرائن على قسمين :
الأول : قرائن تقدم ذكرها في نشرتهم «للتنبيه» فما أتوا بشيء جديد !! وإنما هو شرح وحشو لا فائدة منه ، وهي المقدمة الطويلة بتمامها ، والقرينة الأولى ، والثانية ، والثالثة ، والرابعة ، والخامسة والحادية عشر . [ قارنها بما كتباه في مقدمة «التنبيه » (1/27-28) ] .
الثاني : قرائن مكررة الحقيقة والمعنى وهي الخامسة ، والثامنة ، والتاسعة ، ويستطيعون صياغتها في قرينة واحدة ، وتفريقها استكثار لا ينطلي إلا على الأغمار .

ولي على مقالتهم ملاحظات :
الأولى : أنهما لم يأتيا بجديد – في القرائن- كما تقدَّمت الإشارة إليه .
الثانية : التمويه على للقارئ ، ففي القرينة السابعة قالا : «كلامه في الكتاب على الأحاديث رواية ودراية هي عينها طريقة ابن تيمية .
كقوله : «ص 9 هذا الحديث بهذا اللفظ لا أصل له ، ولا يُعرف في شيء من كتب الحديث والفقه المعتبرة .
وقوله : ص (492) اعلم بأنَّ هذا الحديث بهذا اللفظ لا يُعرف في كتاب معتمد من كتب الحديث» اﻫ
وهذه الإحالة في الحقيقة على حديث واحد فقط !!
ثم هو –المؤلف- قد خالف الصواب فيه فقد روى الحديث : «أحمد..والترمذي.. وابن خزيمة ..، وابن حبان ..، والحاكم.. وصححه الترمذي ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم» .
وقد ذكرتُ أنا هذا الكلام على أنه قرينة على أن صاحب الكتاب قليل العلم بالحديث وليس العكس !!
، وقلتُ فيها : «فتأمل أيها القارئ الكريم كيف يزعم المؤلف أنه لا أصلَ له وأنه لا يُعْرَفُ في شيءٍ من كُتُبِ الحديث والفقه المعتبرة ، وهو مُدَوَّنٌ في دواوين السنة !!
أين هذا ممن قيل فيه : «كُلُّ حديث لا يعرِفُه ابن تيمية فليسَ بحديث» ، وأين هذا ممن«كاد يستوعب السنن والآثار حفظاً» ، وأين هذا ممن قال فيه تلميذه الذهبي : «ما رأيتُ أحداً أسرع انتِزاعاً للآيات الدَّالة على المسألة التي يوردها منه ، ولا أشدَّ استِحضاراً لمتون الأحاديث ، وعزوِها
إلى «الصحيح» أو إلى «المسند» أو إلى «السنن» منهُ ، كأنَّ الكتاب والسُّنن نصب عَيْنَيْه ، وعلى طَرَفِ لِسَانه» . وهو رحمه الله : «إليه المنتهى في عزو الحديث إلى «الكتب الستة» و«المسند». »
اﻫ ما ذكرته في مقالي السابق ، فكيف يأتيان الآن ليزعما أن هذا النص وهذا الكلام «هي عينها طريقة ابن تيمية» ؟!!!.
الثالثة : بساطة التفكير ، وأرجو من القارئ الكريم أن يتأمل القرينة الثامنة ولينظر فيها ليعرف مدى جدية البحث والتحقيق في «الأدلة القوية» .
حيث قالا: «في كتابنا ص 359 عزا إلى «مسروق» قولاً في مسألة أصولية ، وعزاه إليه أيضاً شيخ الإسلام في (المسودة : 327) وهذا العزو إلى مسروق مخالف لبقية المصادر فإنهم قد عزوه لابن سيرين كما في مصنف ابن أبي شيبة 6/241 ، وقواطع الأدلة 3/265 ، والواضح 5/165 ، والمغني 9/23) ] اﻫ . هل هذه قرينة ؟!!!
ختاماً : في الحقيقة ليس عندهم أدلة ، ولو كان عندهم دليل واحد لسلَّمنا لهم ورضينا بالحق لأنه مقصدنا ، وإنما عندهم قرائن –كما يقولون- ليس لها أية قيمة علمية عند البحث والتحقيق ، وكان الواجب عليهما أن يحترما عقول طلاب العلم ، فبعد انتظارهم لوعدٍ دائم أكثر من عشرة أيام لم يخرجا بشيء يُذكر .
كما لا يجوز لهما أن يؤخرا البيان عن وقت الحاجة ، فإن المجلة قد تنشر مقالهما ولكن متى ؟
فلماذا لا ينشران ولو دليلاً واحداً – إن وُجِد- حتى تطمئن النفوس .
أمَّا توعّدهما بالرد عليَّ فإني أتمثل قول القائل :
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا أبشر بطول سلامة يا مربع

تنبيه : لا أدري هل كَتَبَا البحث أو تكفَّل به أحدهما فإنهما قالا في أول الكلام «اعتمدنا .. كنا ... ذكرنا ... وظننا ...ورأينا ...عثرنا» ثم تغير الأسلوب بعد ذلك في القرينة الرابعة إلى «انظر معي ..»
والقرينة السابعة إلى : «قلتُ ...» ؟!!

تنبيه آخر : قولهما في القرينة السابعة : [ وقوله ص (217) وهذا اللفظ ليس هو مشهوراً في كتب الحديث ، وأظنه قد روي من حديث أُبي بن كعب) قلتُ ؟! : وحديث أبي أخرجه أبو نعيم في مسند أبي فراس (ق 91) ، والديلمي في «الفردوس» (2/70) ] اهـ.
قلتُ –مقيده- : هذا التخريج مأخوذ من «الصحيحة» للشيخ الألباني (1808) !! كما في «التنبيه » (1/217) فما الجديد ؟!! وكان الواجب عليه أن يعزو للشيخ هنا للأمانة العلمية وحتى لا أن يظن القارئ أنه استخرجه من بطون المخطوطات بكدِّه وتعبه لإثبات نسبة الكتاب لابن تيمية .


كتبه
دغش بن شبيب العجمي
9 ربيع الأول 1428هـ

أبو بكر المكي
2009-02-13, 04:44 PM
ما النتيجة ؟
كأني أميل إلى ما رقمه الأخ دغش بن شبيب العجمي

وأرجو التنبه إلى أثر هذه النسبة على مؤلفات شيخ الإسلام وفِكره

ابو تيماء
2010-03-15, 09:49 PM
يا إخوان ..


اذكروا قول الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه:
( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً )


إلى متى هذا الشغب !!

ابن العميد
2010-03-16, 05:36 PM
فالح العجمي
موضوع جيد ومهم بارك الله فيك
لقد قرأت جملة من كتب شيخ الإسلام رحمه الله ولله الحمد وحينما طبع كتاب تنبيه العاقل فرحت به واقتنيته وقرأت المجلد الأول منه تقريبا وخلال قرائتي له أخذت تتناوبني الشكوك حول الكتاب وهل هو فعلا لشيخ الإسلام فراجعت كلام المحققين فأثبتوه بقرائن ضعيفة ثم توقفت عن إكمال الكتاب وبحثت عمن يفيدني فيه.
وبتصفحي للإنتنت وقعت على مقال الشيخ دغش حفظه الله فوافق ما في نفسي وأثبت بالأدلة الصريحة عدم صحة ذلك.
فعلى الأخوة المتصدين لنشر تراث هذا العالم أن يتمهلوا قبل إخراج أي عمل له ذلك لأنه يعتبر مرجعا من مراجع أهل السنة فإذا زلزلت الثقة بمؤلفاته وأدخل فيها ماليس منها وتبدلت العبارات فقد تراث هذا الجبل المصداقية عند الأجيال القادمة فسقطت قيمة كتبه فيما بعد وأدخل في كلامه ماليس منه واحتج به على الباطل والقائل ابن تيمية ماذا تقولون وقد يكون هو براء منه .!
هذه وجهة نظر
وفق الله الأخوة الناشرين للكتاب والمستدرك لكل خير