عبدالقادر بن محي الدين
2008-04-22, 09:40 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن المنهج النقدي في نشر التراث وقراءته أيا كان نوعه مطلوب , بل هو ظاهرة صحية في الأمة حتى تبني عقائدها , ومن ثم باقي أعمالها على الحق , وهو السبيل إلى الابتعاد عن هذا التقليد الذي أطبق علينا , وكان من أعظم أسباب تخلفنا , فلنربأ بأنفسنا عن مبدإ السكوت والتسليم الذي دأبت بعض الجهات عليه , وأدى إلى كبائر في العقائد وغيرها , تلقاها المتأخر عن المتقدم دون نظر .
إن الانتفاع بالتراث والاعتبار بالماضي لا يكون إلا إذا قوم تقويماً صحيحاً , لا إفراط فيه ولا تفريط , ولا سيما في هذا الوقت الذي تتجه فيه معظم الجهود إلى التنويه بعلماء البلد وزعمائها مدحاً وإطراء , وكأن القائمين بذلك يجارون من يريدون التعويض عن تقصيرهم في النهوض بحاضر البلد , إن لم أقل سعيهم في تخريبه , فيلجأون إلى بعث الاهتمام بالماضي اهتماماً شكلياً , يغلب عليه الطابع المظهري الاحتفالي , دون دراسة موضوعية متجردة في غالب الأحوال .
فما أقل أن تسمع كلمة فيها تقويم صحيح للرجال وفترات التاريخ كما هو المطلوب من الباحثين , ومن جازف بذلك فقلما يسلم من الأخطار , وما العهد ببعيد عن الجدال الذي احتدم في بلادنا حول كتابة تاريخ الثورة الجهادية وما يزال , حتى رفعت الدعاوى أمام القضاء ضد كل من تجرّأ على كشف المخبوء ! , وهب أن الأمر سار كما أرادوا , فما القول يوم تبلى السرائر , وتفضح الضمائر , وتشهد الألسن والأيدي والجلود ؟ ,
أما المنازل التي أقامها الدهماء وحتى بعض المثقفين في نفوسهم لبعض أسلافهم ذامين أو مادحين , فإنها لا تغير الحقائق , وكثير من تلك المنازل قائم على غير التقويم الصحيح , حتى إذا نقبت في سير من أفضو إلى ما قدموا , لم تجد الأمر كما ظن المادحون وفهموا .
عجباً لأمر الناس عندنا : يصغرون الكبير , ويكبرون الصغير , وكثيراً ما يعدون في الزعماء والمصلحين من سعى في إهلاك الحرث والنسل بلسانه أو بيده أو بهما , وأحسن أحوالهم أن يسكتوا إذا ذكر الصالحون العاملون , حتى إذا ماتوا دفنوا في صمت وإغماض جرس , على أنهم كثيراً ما يبخسون حقهم , وقد يشوهون سمعتهم بعد موتهم أكثر مما يفعلون بهم وهم أحياء , أما غيرهم فلو اقتصر تفضيلهم على النياحة المصطنعة في رثاء من مات لهان الخطب , علماً أن النائحة ليست كالثكلى كما قال الحسن البصري , لكن الأمر قد تجاوز ذلك إلى هذه المفاضلة الجائرة بين الأحياء , حيث يوسد الأمر لغير أهله , , والذي تعجب له من أمر الدهماء , أنهم إذا اعتقدوا في بعض الأموات صلاحاً ظنوا أن من الإحسان إليهم أن يقيموا على قبورهم ضرائح , تقصد باطلاً لقضاء الحاجات ,وتفريج الكربات , وطلب الذريات , ويتخذها أقاربهم وسيلة لجمع الأموال والاسترزاق , واكتساب المحامد والمفاخر , ويصبح ذلك من بين ما يذكر في تراجمهم وسيرهم على سبيل التنويه بفضلهم ومكانتهم , وقد يثبت ذلك لهم بعض العلماء الموثوقين !! , والأموات إن كانوا صالحين لا ضير عليهم , كما قال تعالى " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أو لئك عنها مبعدون " .
ولا ننكر أن بعض زعماء الإصلاح وقادة الجهاد , تقام لهم الذكريات , وتعقد من أجلهم الملتقيات , ويعتقد كثير من الناس أن ذلك من تكريمهم , ولكن عليك أن تبحث عن مبادئهم وقيمهم , لتعلم مدى وفاء المحتفلين بهم لهذه المبادئ , فابحث عما يربط كثيراً من الناس عندنا بالشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمه الله- فلنقتصد في هذا الزينة الظاهرة , ولنعلم أن المبالغة في تزيين الظاهر قد تنبئ برداءة الباطن :
وما الحلي إلا زينة من نقيصة \\ يتمم من حسن إذا الحسن قصرا
فأما إذا كان الجمال موفرا \\ كحسك لم يحتج إلا أن يزورا
إن المنهج النقدي في نشر التراث وقراءته أيا كان نوعه مطلوب , بل هو ظاهرة صحية في الأمة حتى تبني عقائدها , ومن ثم باقي أعمالها على الحق , وهو السبيل إلى الابتعاد عن هذا التقليد الذي أطبق علينا , وكان من أعظم أسباب تخلفنا , فلنربأ بأنفسنا عن مبدإ السكوت والتسليم الذي دأبت بعض الجهات عليه , وأدى إلى كبائر في العقائد وغيرها , تلقاها المتأخر عن المتقدم دون نظر .
إن الانتفاع بالتراث والاعتبار بالماضي لا يكون إلا إذا قوم تقويماً صحيحاً , لا إفراط فيه ولا تفريط , ولا سيما في هذا الوقت الذي تتجه فيه معظم الجهود إلى التنويه بعلماء البلد وزعمائها مدحاً وإطراء , وكأن القائمين بذلك يجارون من يريدون التعويض عن تقصيرهم في النهوض بحاضر البلد , إن لم أقل سعيهم في تخريبه , فيلجأون إلى بعث الاهتمام بالماضي اهتماماً شكلياً , يغلب عليه الطابع المظهري الاحتفالي , دون دراسة موضوعية متجردة في غالب الأحوال .
فما أقل أن تسمع كلمة فيها تقويم صحيح للرجال وفترات التاريخ كما هو المطلوب من الباحثين , ومن جازف بذلك فقلما يسلم من الأخطار , وما العهد ببعيد عن الجدال الذي احتدم في بلادنا حول كتابة تاريخ الثورة الجهادية وما يزال , حتى رفعت الدعاوى أمام القضاء ضد كل من تجرّأ على كشف المخبوء ! , وهب أن الأمر سار كما أرادوا , فما القول يوم تبلى السرائر , وتفضح الضمائر , وتشهد الألسن والأيدي والجلود ؟ ,
أما المنازل التي أقامها الدهماء وحتى بعض المثقفين في نفوسهم لبعض أسلافهم ذامين أو مادحين , فإنها لا تغير الحقائق , وكثير من تلك المنازل قائم على غير التقويم الصحيح , حتى إذا نقبت في سير من أفضو إلى ما قدموا , لم تجد الأمر كما ظن المادحون وفهموا .
عجباً لأمر الناس عندنا : يصغرون الكبير , ويكبرون الصغير , وكثيراً ما يعدون في الزعماء والمصلحين من سعى في إهلاك الحرث والنسل بلسانه أو بيده أو بهما , وأحسن أحوالهم أن يسكتوا إذا ذكر الصالحون العاملون , حتى إذا ماتوا دفنوا في صمت وإغماض جرس , على أنهم كثيراً ما يبخسون حقهم , وقد يشوهون سمعتهم بعد موتهم أكثر مما يفعلون بهم وهم أحياء , أما غيرهم فلو اقتصر تفضيلهم على النياحة المصطنعة في رثاء من مات لهان الخطب , علماً أن النائحة ليست كالثكلى كما قال الحسن البصري , لكن الأمر قد تجاوز ذلك إلى هذه المفاضلة الجائرة بين الأحياء , حيث يوسد الأمر لغير أهله , , والذي تعجب له من أمر الدهماء , أنهم إذا اعتقدوا في بعض الأموات صلاحاً ظنوا أن من الإحسان إليهم أن يقيموا على قبورهم ضرائح , تقصد باطلاً لقضاء الحاجات ,وتفريج الكربات , وطلب الذريات , ويتخذها أقاربهم وسيلة لجمع الأموال والاسترزاق , واكتساب المحامد والمفاخر , ويصبح ذلك من بين ما يذكر في تراجمهم وسيرهم على سبيل التنويه بفضلهم ومكانتهم , وقد يثبت ذلك لهم بعض العلماء الموثوقين !! , والأموات إن كانوا صالحين لا ضير عليهم , كما قال تعالى " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أو لئك عنها مبعدون " .
ولا ننكر أن بعض زعماء الإصلاح وقادة الجهاد , تقام لهم الذكريات , وتعقد من أجلهم الملتقيات , ويعتقد كثير من الناس أن ذلك من تكريمهم , ولكن عليك أن تبحث عن مبادئهم وقيمهم , لتعلم مدى وفاء المحتفلين بهم لهذه المبادئ , فابحث عما يربط كثيراً من الناس عندنا بالشيخ عبد الحميد بن باديس - رحمه الله- فلنقتصد في هذا الزينة الظاهرة , ولنعلم أن المبالغة في تزيين الظاهر قد تنبئ برداءة الباطن :
وما الحلي إلا زينة من نقيصة \\ يتمم من حسن إذا الحسن قصرا
فأما إذا كان الجمال موفرا \\ كحسك لم يحتج إلا أن يزورا