المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصل مهم من أصول الإيمان عند أهل السنة



أبو مالك المديني
2015-12-24, 03:22 PM
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
إن الإيمان أصل له شعب كثيرة متعددة ، كل شعبة منها تسمى إيمانا ، فأعلاها - كما في الحديث الذي خرجه مسلم ( 35 / 58 ) - : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق .

فمن هذه الشعب ما يزول الإيمان بزوالها إجماعا ؛ كشعبة الشهادتين ، ومنها ما لا يزول بزوالها إجماعا ، كترك إماطة الأذى عن الطريق .

وبين هاتين الشعبتين شعب كثيرة متفاوتة ، منها ما يلحق بشعبة الشهادتين ، ويكون إليها أقرب ، ومنها ما يلحق بشعبة إماطة الأذى ، ويكون إليها أقرب ، والتسوية بين هذه الشعب المتعددة في اجتماعها مخالف للنصوص الشرعية ، ومخالف لما عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان .

وكذلك الكفر أيضا ذو أصل وشعب ، فكما أن شعب الإيمان إيمان ، فشعب الكفر كفر ، والمعاصي كلها من شعب الكفر ،كما أن الطاعات كلها من شعب الإيمان ، ولا يسوى بينهما في الأسماء والأحكام .

وفرق بين من ترك الصلاة والزكاة والصيام ، وأشرك بالله أو استهان بالمصحف ، وبين من سرق ، أو زنى ، أو شرب ، أو انتهب ، أو صدر منه نوع من موالاة الكفار ، كما جرى لحاطب بن أبي بلتعة - وحديثه في البخاري (3007 ) ، ومسلم ( 2494 ) من حديث علي - فمن سوى بين شعب الإيمان في الأسماء والأحكام ، وسوى بين شعب الكفر في ذلك فهو مخالف للكتاب والسنة ، خارج عن سبيل سلف هذه الأمة ، داخل في عموم أهل الزيغ والبدع والأهواء .

ومن المعروف عند أهل السنة والجماعة:
أن الإيمان مركب من قول وعمل ، والقول قسمان : قول بالقلب ، وهو اعتقاده ، وقول اللسان ، وهو التكلم بكلمة الإسلام .
والعمل قسمان : عمل القلب ، وهو قصده واختياره ومحبته ورضاه وتصديقه ، وعمل الجوارح ،كالصلاة والزكاة والحج والجهاد ، ونحو ذلك من الأعمال الظاهرة .

فإذا زال تصديق القلب ورضاه ومحبته وصدقه، زال الإيمان بالكلية ، وإذا زال شيء من الأعمال ،كالصلاة والحج والجهاد مع بقاء تصديق القلب وقبوله ، فهذا محل خلاف بين العلماء ؛ هل يزول الإيمان بالكلية إذا ترك أحد الأركان المعروفة ،كالصلاة والزكاة والصيام والحج ، أو لا يكفر ؟

وهل يفرق بين الصلاة وغيرها أو لا يفرق ؟
وأهل السنة مجمعون على أنه لابد من عمل القلب الذي هو محبته ورضاه وانقياده.
وأما المرجئة فتقول : يكفي التصديق فقط ! ويكون بذلك مؤمنا .

والخلاف في أعمال الجوارح : هل يكفر أو لا ؟ واقع بين أهل السنة .
والمعروف عند السلف:
تكفير من ترك أحد المباني المعروفة؛ كالصلاة ، والزكاة، والصيام، والحج .
والقول الثاني : أنه لا يكفر إلا من جحدها.
والقول الثالث : االفرق بين الصلاة وغيرها.
وهذه الأقوال معروفة في كتب العلماء .

وكذلك المعاصي والذنوب التي هي فعل المحظورات ؛ فرقوا بين ما يصادم أصل الإسلام وينافيه ، وما دوون ذلك ، وبين ما سماه الشارع كفرا وما لم يسمه .

هذا هو الذي عليه أهل العلم والأثر المتمسكون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأدلة هذا مبسوطة في أماكنها .

انظر: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ، من كلام العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ الإمام.
بتصرف وزيادات يسيرة.

محمد طه شعبان
2015-12-25, 07:25 AM
جزاكم الله خيرًا شيخنا.

أبو مالك المديني
2015-12-29, 07:19 PM
وجزاكم بالمثل حبيبنا أبا يوسف .

عمر عباس الجزائري
2015-12-29, 07:57 PM
إشكال في كتاب السنة من سنن أبي داود.
عقد الإمام أبو داود في كتاب السنة من سننه باباً ترجم له بـــ:(باب فِى رَدِّ الإِرْجَاءِ)، ثم أورد تحت الباب حديث جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَةِ » ؟ وقد أشكل علي مناسبة إيراد الحديث في الباب، هل الإمام يرى أن من لم يقل بكفر تارك الصلاة والذي قال به بعض السلف يعدُ قولُه ذا من الإرجاء؟ ام أن السبب الذي لأجله ساق الحديث المذكور للرد على المرجئة الذين أخرجوا العمل من مسمى الإيمان؟ نرجو الإفادة.

أبو مالك المديني
2015-12-31, 11:18 PM
سؤال وجيه ، نفع الله بكم .
هذا الحديث يدل على ما ذكره المصنف في هذا الباب في الرد على المرجئة من جهة أن الصلاة هي من جملة الأعمال وهي داخلة في مسمى الإيمان ؛ لأن تركها يكون كفراً - والذي يظهر من صنيعه رحمه الله أنه يرى كفر تارك الصلاة - والكفر مقابل للإيمان.