حسن التمام
2015-10-01, 10:30 PM
" إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا "، وشبك بين أصابعه، قال: فقمت إليه، فقلت له: كيف أفعل عند ذلك، جعلني الله فداك؟ قال: " الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة " .
صحيح - جاء من حديث عبدالله بن عمرو , وعبدالله بن مسعود , ومحمد بن مسلمة , وأبي هريرة , وسهل بن سعد , وثوبان , وعمر بن الخطاب , وأبي بكر الصدّيق , وأبي ذر .
أما حديث ابن عمرو , فله عنه طرق :
أخرجه أبو داود (4343) , والنسائي في "الكبرى" (9962), وأحمد 2/ 212 , وابن المبارك في " المسند" (257) , و ابن أبي شيبة 15/9 ، والحاكم 4/ 282 -283 , وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (441) , والطحاوي في " مشكل الآثار" (1181) , والشجري في "الأمالي" (1627) , والداني في " السنن الواردة في الفتن" (117) , وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4375) , والطبراني في "الدعاء" (1963) , والخطابي في "العزلة" (6):
من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، عن هلال بن خباب أبي العلاء، قال: حدثني عكرمة، حدثني عبد الله بن عمرو، قال:
بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ذكروا الفتنة - أو ذكرت عنده -، فقال : فذكره
و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي .
قلت : إسناده حسن من أجل هلال بن خباب فإنه : صدوق تغير بأخرة كما قال الحافظ , وقد تفرّد بهذه الزيادة : " الزم بيتك، واملك عليك لسانك " , لكن لها شاهد من حديث ابن مسعود , ومحمد بن مسلمة كما سيأتي بيان ذلك عند تخريج حديث ابن مسعود
ومحمد بن مسلمة, ومن حديث أبي ثعلية الخشني , فهي زيادة صحيحة , وقد ضعفها الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في "الصحيحة" (204) !
وأخرجه ابن عبدالبر في "التمهيد" 24/ 315-316 : من طريق أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع حدثنا يونس بن أبي اسحاق عن أبي اسحاق عن هلال به , ولم يذكر هذه الزيادة لكنه زاد في إسناده أبا اسحاق
وعلته : أحمد بن الفضل الدينوري : فإنه صاحب مناكير .
وتابع عكرمةَ عليه : عمارةُ بنُ عمرو , وعقبةُ بن أوس , وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , والحسنُ البصري , وقتادة , وسعيد بن زربي , ومحمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب .
أما متابعة عمارة بن عمرو :
فأخرجها أبو داود (4342) , وابن ماجه (3957) , وأحمد 2 / 221 , ونعيم بن حماد في "الفتن" (696) و(725) , والحاكم 2/ 159 و4/ 435 , والطحاوي في "مشكل الآثار" (1176) , والشجري في "أماليه" (2080) , والداني في "السنن الواردة في الفتن" (253) , وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 313 : من طريق عُمارة بن عَمرو ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" كيف بكم وبزمان أو يوشك أن يأتي زمان يغربل الناس فيه غربلة تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا ،فكانوا هكذا وشبك بين أصابعه ، فقالوا : وكيف بنا يا رسول الله قال : تأخذون ما تعرفون وتذرون ما تنكرون وتقبلون على أمر خاصتكم وتذرون أمر عامتكم " .
وقال أبو داود :" هكذا روي عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ".
وقال الحاكم:
" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين , ولم يخرجاه بهذه السياقة " وأقره الذهبي !
وقال في موضع آخر : " صحيح الإسناد " وأقره الذهبي .
قلت : عمارة بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ثقة استشهد بالحرة وقيل مع ابن الزبير من كبار الثالثة كما في "التقريب" و لم يرو له الشيخان شيئا , فالحديث
صحيح الإسناد فقط .
أما متابعة عقبة بن أوس :
فأخرجها البزار (2484- البحر الزخار) : سمعت أحمد بن محمد بن بلال ، يذكر عن عيسى بن عبد الله ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن عقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .
وقال البزار :
"وهذا الحديث يروى عن عبد الله بن عمرو ، من وجوه ، ولا نعلم له إسنادا أحسن من إسناد عقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو ".
قلت : وهذا إسناد ضعيف فيه عيسى بن عبدالله : وهو مجهول الحال , وجاء هذا الحديث من طريق عبيدالله بن عمرو بإسناد صحيح :
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4299) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني عيسى بن سالم الشاشي ، قال : نا عبيد الله بن عمرو ، عن معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن عقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو به .
وقال الطبراني : " لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا معمر ، ولا عن معمر إلا عبيد الله بن عمرو ، تفرد به : عيسى بن سالم " .
قلت : وكلهم ثقات .
أما متابعة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده :
فأخرجها أحمد 2 / 220 : من طريق حسين بن محمد ، حدثنا محمد بن مطرف ، عن أبي حازم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
" يأتي على الناس زمان يغربلون فيه غربلة ، يبقى منهم حثالة ، قد مرجت عهودهم وأماناتهم ، واختلفوا فكانوا هكذا ، " وشبك بين أصابعه ، قالوا : يا رسول الله ، فما المخرج من ذلك ؟ قال : " تأخذون ما تعرفون ، وتدعون ما تنكرون ،
وتقبلون على أمر خاصتكم ، وتدعون أمر عامتكم " .
وهذا اسناد حسن
وأما متابعة الحسن البصري :
فأخرجها أحمد 2 / 220 , والطبراني في "الأوسط" (2086) , وتمام في "الفوائد" 1/ 238 , وأبو الحسن الأسواري في "أماليه" (7) , وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (362) ,
وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 196 , وهناد في "الزهد" (1238): من طرق عن الحسن، أن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس ؟ " قال: قلت: يا رسول الله، كيف ذلك ؟ قال : " إذا مرجت عهودهم وأماناتهم، وكانوا هكذا " وشبك يونس بين أصابعه، يصف ذاك، قال: قلت: ما أصنع عند ذاك يا رسول الله؟ قال: " اتق الله عز وجل، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك، وإياك وعوامهم " .
وزاد تمام : " قال الحسن : فترك والذي لا إله غيره أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخبط فيها خبط العشواء في الظلمة ".
قلت : الحسن وهو ابن أبي الحسن البصري في سماعه من ابن عمرو خلاف ، و أيهما كان ، فهو مدلس و قد عنعنه , لكن رواه عبدالرزاق في "المصنف" (20741) , ومن طريقه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (373) : عن معمر ( وهو في " الجامع لمعمر بن راشد " (20741) , عن غير واحد منهم الحسن أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لعبد الله بن عمرو : " كيف أنت إذا بقيت في حثالة الناس مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فكانوا هكذا - وشبك بين أصابعه - قال فبم تأمرني يا رسول الله ؟ قال عليك بما تعرف ودع ما تنكر وعليك بخاصتك وإياك وعوامهم قال يقول الحسن فوالله ما تمالك إن كان في على أسواء ذلك ".
وهذا مرسل .
وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (4221) : أخبرنا أبو سعيد الطاهري ، أنا جدي عبد الصمد البزاز ، نا محمد بن زكريا العذافري ، أنا إسحاق الدبري ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن غير واحد ، منهم قتادة ، عن الحسن ،
أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لعبد الله بن عمرو : فذكره .
قلت : وهذا مرسل ضعيف , فإن شيخ البغوي وشيخ شيخه كلاهما مجهولان .
وأما متابعة سعيد بن زربي :
فأخرجها البزار (2484- البحر الزخار) : حدثنا روح بن حاتم ، قال : أخبرنا شهاب بن عباد ، قال : أخبرنا ذواد بن علبة ، قال : أخبرنا مطرف ، عن سعيد بن زربي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يا عبد الله بن عمرو كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا وشبك بين أصابعه ، قال : فكيف أصنع يا رسول الله ؟ قال : خذ -أحسبه قال -خذ ما عرفت ، ودع ما أنكرت ،
وعليك بخويصتك ، وإياك وعوامهم " .
قلت : وهذا إسناد ضعيف لأجل ذواد بن علبة .
وأما متابعة محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب :
فأخرجها البخاري (478) و (479): حدثنا حامد بن عمر عن بشر حدثنا عاصم حدثنا واقد عن أبيه عن ابن عمر أو ابن عمرو قال : " شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه ".
ثم أخرجه معلقًا (480) بقوله : وقال عاصم بن علي : حدثنا عاصم بن محمد ، سمعت هذا الحديث من أبي فلم أحفظه فقومه لي واقد ، عن أبيه ، قال : سمعت أبي وهو يقول : قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يا عبد الله بن عمرو كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس بهذا ".
وذكر الحافظ في " تغليق التعليق" 2/ 242 مَنْ وصله بقوله : " رواه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" له ، قال : حدثنا عاصم بن علي ، ثنا عاصم بن محمد ، عن واقد ، سمعت أبي ، يقول : قال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة من الناس ، قد مرجت عهودهم ، وأماناتهم " . وأنبأنا أبو الحسن بن أبي المجد ، عن عيسى بن عبد الرحمن ، وغيره ، عن جعفر بن علي ، أن السلفي أخبرهم ، أنا محمد بن علي بن أبي العلاء السلمي ، بدمشق ، أنا الخطيب ، أنا أبو الحسين بن رزق ، أنا أبو عمرو بن الساك ، أنا حنبل بن إسحاق ، ثنا عاصم بن علي ، فذكره مثل ما ساقه البخاري ، وقال بعد قوله : في حثالة من الناس ، قد مرجت عهودهم ، وأماناتهم ، واختلفوا ، فصاروا هكذا
وشبك بين أصابعه . قال : كيف تأمرني يا رسول الله ؟ قال : تأخذ بما تعرف ، وتدع ما تنكر ، وتقبل على خاصتك ، وتدعهم وغوغاءهم " .
وأما حديث عبدالله بن مسعود :
فأخرجه ابن عبدالبر في "التمهيد" 17/ 440 : من طريق إبراهيم بن عبد الله العبسي ، أخبرنا وكيع ، عن الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن عدسة ، قال :
" مر بنا ابن مسعود ، فأهدي له طائر ، فقال ابن مسعود : وددت أني حيث صيد هذا الطائر ، لا يكلمني أحد ولا أكلمه " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر :
" إذا رأيت الناس مرجت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، فالزم بيتك ، واملك عليك لسانك ، وخذ ما تعرف ، ودع ما تنكر " .
قلت : وهذا اسناد رجاله ثقات .
وقد جاء نحوٌ منه موقوفا عليه :
أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (527) , والطبري في "التفسير" 11/ 138 -139 و141, والطبراني (9072) : عن الحسن، عن ابن مسعود في هذه الآية قال: "قولوها ما قبلت منكم، فإذا ردت عليكم فعليكم أنفسكم".
قلت : والحسن لم يسمع من ابن مسعود , لكن له طريق أخرى عند أبي عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (526) , والطبري في "التفسير" 11/ 143 -144 , والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 92: من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن عبد الله بن مسعود، أنه ذكرت عنده هذه الآية:
{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم} , فقال: " لم يجئ تأويل هذه بعد، إن القرآن أنزل حين أنزل ومنه آي قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن وكان منه آي قد وقع تأويلهن على عهد النبي صلى الله عليه وكان منه آي وقع تأويلهن بعد النبي صلى الله عليه بيسير، ومنه آي يقع تأويلهن بعد اليوم، ومنه آي يقع تأويلهن عند الساعة، ومنه آي يقع تأويلهن يوم الحساب بين الجنة والنار، فأما ما دامت قلوبكم واحدة وأهواؤكم واحدة، ولم تلبسوا شيعا ولم يذق بعضكم بأس بعض،
فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فإذا اختلفت القلوب والأهواء وألبستم شيعا وذاق بعضكم بأس بعض فاجروا وتقدموا، عند ذلك جاء تأويل هذه الآية ".
قلت : واسناده ضعيف , فيه أبو جعفر الرازي وهو عيسى بن ماهان : صدوق سىء الحفظ خصوصا عن مغيرة كما في "التقريب" .
وأما حديث محمد بن مسلمة :
فأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 55/ 261 و 284: عن حجاج بن منهال : عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي بردة ، قال : مررنا بالربذة ، فإذا فسطاط محمد بن مسلمة ، فقلت : لو خرجت إلى الناس ، فأمرت ونهيت ، فقال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا محمد بن مسلمة ، ستكون فرقة وفتنة واختلاف ، فاكسر سيفك ، واقطع وترك ، واجلس في بيتك " ، ففعلت الذي أمرني به النبي صلى الله عليه وسلم .
واسناده ضعيف , فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف .
ويشهد لها أيضا حديث أبي ثعلبة :
أخرجه أبو داود (4341) , والترمذي (3058) , وابن ماجه (4014) , وابن حبان (385) , والحاكم 4/ 319 , وابن أبي عاصم في "الزهد" (266) , والطبراني (587) , وفي "مسند الشاميين" (753) , والبيهقي 10/ 90 , وفي "الشعب" (7551) و (9731), وفي "الإعتقاد إلى سبيل الرشاد" 1/ 204 , وأبو نعيم في "الحلية" (1447) , والطحاوي في "شرح المشكل" (1171) , ونعيم بن حماد في "الفتن" (1741) , وابن وضاح في "البدع والنهي عنها" (192) , والمروزي في "السنة" (32) , وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (363) , والبغوي في "شرح السنة" (4156) : من طريق عتبة بن أبي حكيم حدثني عن عمه عمرو بن جارية عن أبي أمية الشعباني قال :
أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت : كيف تصنع بهذه الآية ؟ قال : أية آية ؟ قال : قلت : قوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } ، قال : أما والله ، لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
" بل أنتم ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، ورأيت أمرا لا يدان لك به ، فعليك نفسك ، ودع عنك أمر العوام ، فإن من ورائك أيام الصبر ، الصبر فيهن مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا ، يعملون مثل عمله " .
وقال الترمذي :
"هذا حديث حسن غريب"
وقال الحاكم :
" هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه " وأقره الذهبي !
قلت : إسناده ضعيف فيه عتبة بن حكيم : صدوق يخطئ كثيرا كما قال الحافظ في "التقريب".
وعمه عمرو بن جارية , قال في ترجمته من "التقريب" : " مقبول " يعني حيث يتابع , وإلا فلين الحديث , وكذا أبو أمية الشعباني : مقبول , وقد تقدّم تخريج شواهده مستوفى عند الحديث الرابع من هذا الكتاب .
وأما حديث أبي هريرة :
فأخرجه ابن حبان ( 5950) و(5951) و(6730) , والطبراني في "المعجم الأوسط" (8791) , والطحاوي في " شرح مشكل الآثار" (1182) , والدولابي في "الأسماء والكنى" (1296) , والداني في "السنن الواردة في الفتن" (255) :
من طريق العلاء بن عبدالرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو :
" كيف بك يا عبد الله إذا كنت في حثالة من الناس قد مرجت أماناتهم وعهودهم واختلفوا فكانوا هكذا وأدخل بعض أصابعه في بعض ؟ " قال عبد الله : فكيف تأمرني يا رسول الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" تعمل ما تعرف وتدع ما تنكر وتعمل بخاصة نفسك وتدع عنك عوام الناس " .
وهذا إسناد حسن .
وأما حديث سهل بن سعد :
فأخرجه ابن أبي الدنيا في " العقوبات" (42) , و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (29) , و "مكارم الأخلاق" (276) , وابن شاهين في "جزء من حديثه" (41) , والطبراني (5984) : من طريق سويد بن سعيد ، قال : حدثنا صالح بن موسى ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما لعبد الله بن عمرو :
" كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم ، فاختلفوا فصاروا هكذا ؟ " ، وشبك بين أصابعه ، قال : الله ورسوله أعلم ، قال : " اعمل بما تعرف ، ودع ما تنكر ، وإياك والتلون في دين الله عز وجل ، وعليك بخاصة نفسك ، ودع عوامهم " .
قلت : وهذا اسناد ضعيف جدًا , وفيه علتان:
الأولى : سويد بن سعيد , قال الحافظ في ترجمته من "التقريب" : (2690) : " صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه فأفحش فيه ابن معين القول ".
والثانية : صالح بن موسى بن عبيد الله بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله : متروك .
وله طريق أخرى عن أبي حازم :
أخرجه الطبراني (5868) , وابن شاهين في " جزء من حديثه" (42) : من طريق أبي الطاهر بن السرح ، ثنا بكر بن سليم ، حدثني أبو حازم به .
وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 279 : "رواه الطبراني بإسنادين، رجال أحدهما ثقات".
قلت : اسناده ضعيف من أجل بكر بن سليم الصواف , قال ابن عدى : " يحدث عن أبى حازم و غيره ما لا يوافقه أحد عليه ، و عامة ما يرويه غير محفوظ ، و لا يتابع عليه ، و هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم " .
ولخّص الحافظ ترجمته من "التقريب" بقوله: " مقبول" يعني حيث يُتابع وإلا فليّن الحديث .
وقال الذهبي في "الكاشف" : صدوق" .
وله طريق أخرى عن سهل :
أخرجه الروياني في "مسنده" (1118): نا أحمد ، نا عمي ، أخبرني ابن لهيعة , عن خالد بن أبي عمران ، عن أبي عياش المعافري ، عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعًا به .
وإسناده ضعيف من أجل شيخ الروياني وهو ابن أخي عبدالله بن وهب , واسمه : أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم : صدوق تغير بأخرة كما في "التقريب".
وأما حديث ثوبان :
فأخرجه البزار ( 4165- البحر الزخار) , ورقمه في "الكشف" (3324) : من طريق يزيد بن ربيعة ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أبي عثمان ، عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
"من أحدث حدثا أو آوى محدثا أو دعا إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كيف أنتم في قوم مرجت عهودهم وأماناتهم وصاروا حثالة ؟ " وشبك بين أصابعه . قالوا : فكيف نصنع يا رسول الله ؟ قال : " اصبروا اصبروا وخالقوا الناس بأخلاقهم وخالفوهم في أعمالهم "
و قال البزار:" قد روي بعضه من وجوه، وبعضه لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ".
وقال الهيثمي في " المجمع" 7/ 555:
" رواه البزار وفيه يزيد بن ربيعة وهو متروك وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ".
وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
فأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 4/ 138 , والطبراني في "الأوسط" (6252) : من طريق إسماعيل بن داود المخرافي ، ثنا سليمان بن بلال ، عن أبي الحسين الأيلي ، عن الحكم بن عبد الله الأيلي ، أن محمد بن كعب القرظي ، حدثه أن الحسن بن أبي الحسن ،حدثه أنه سمع شريحا وهو قاضي عمر بن الخطاب ، يقول : قال عمر بن الخطاب : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ستغربلون حتى تصيروا في حثالة من الناس ، قد مرجت عهودهم ، وخرجت أماناتهم " ، فقال قائل :
فكيف بنا يا رسول الله ؟ قال : " تعملون بما تعرفون ، وتتركون ما تنكرون ، وتقولون أحد أحد ، انصرنا على من ظلمنا ، واكفنا من بغانا " .
وقال أبو نعيم :
" غريب من حديث محمد بن كعب ، والحسن ، وشريح ، ما علمت له وجها غير هذا ".
وقال الطبراني :
" لا يروى هذا الحديث عن شريح القاضي إلا بهذا الإسناد ، تفرد به : يعقوب بن حميد ".
وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 555:
"رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم ".
قلت : إسناده ضعيف جدًا , إسماعيل بن داود المخرافي : منكر الحديث , وأبو الحسين الأيلي : مجهول , والحكم بن عبد الله : متروك .
وأما حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه :
فأخرجه ابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (91) : من طريق الحكم بن عبد الله بن سعيد الأيلي ، أنه سمع محمد بن عبد الله التيمي يحدث ، عن أبيه ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :
" ستغربلون حتى تصيروا في حثالة في قوم قد مرجت عهودهم ، وخربت أماناتهم " ، قال : فكيف بنا ؟ قال : " تعرفون ما تعرفون ، وتنكرون ما تنكرون " .
وإسناده ضعيف , فيه الحكم بن عبد الله بن سعيد الأيلي : منكر الحديث .
وأما حديث أبي ذر :
فأخرجه الحاكم 3/ 386 : من طريق أبي توبة الربيع بن نافع ، ثنا ربيعة بن يزيد ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي ذر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
" يا أبا ذر ، كيف أنت إذا كنت في حثالة ؟ " ، وشبك بين أصابعه قلت : يا رسول الله ، فما تأمرني ؟ قال : " اصبر ، اصبر ، اصبر ، خالقوا الناس بأخلاقهم ، وخالفوهم في أعمالهم " .
وقال الحاكم :
" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه " , فتعقبه الذهبي بقوله : " ابن يزيد لم يخرجوا له ".
قلت : وهذا التعقب لا شيء فإن ربيعة بن يزيد من رجال الشيخين , ولكن اسمه مقلوب , فقد أخرج هذا الحديث البيهقي في "الزهد الكبير" (203) من طريق الحاكم نفسه , وفيه ( يزيد بن ربيعة ) , ومما يؤكد ذلك أن الطبراني أخرجه في "الأوسط" (470) :
عن أحمد بن خليد بن يزيد قال : نا أبو توبة ، قال : نا يزيد بن ربيعة ، عن أبي الأشعث الصنعاني به .
والذي يروي عن أبي الأشعث الصنعاني إنما هو يزيد بن ربيعة : وهو منكر الحديث .
وكتب
أبو سامي العبدان
حسن التمام
18 من ذي الحجة 1436 من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
صحيح - جاء من حديث عبدالله بن عمرو , وعبدالله بن مسعود , ومحمد بن مسلمة , وأبي هريرة , وسهل بن سعد , وثوبان , وعمر بن الخطاب , وأبي بكر الصدّيق , وأبي ذر .
أما حديث ابن عمرو , فله عنه طرق :
أخرجه أبو داود (4343) , والنسائي في "الكبرى" (9962), وأحمد 2/ 212 , وابن المبارك في " المسند" (257) , و ابن أبي شيبة 15/9 ، والحاكم 4/ 282 -283 , وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (441) , والطحاوي في " مشكل الآثار" (1181) , والشجري في "الأمالي" (1627) , والداني في " السنن الواردة في الفتن" (117) , وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4375) , والطبراني في "الدعاء" (1963) , والخطابي في "العزلة" (6):
من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، عن هلال بن خباب أبي العلاء، قال: حدثني عكرمة، حدثني عبد الله بن عمرو، قال:
بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ذكروا الفتنة - أو ذكرت عنده -، فقال : فذكره
و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي .
قلت : إسناده حسن من أجل هلال بن خباب فإنه : صدوق تغير بأخرة كما قال الحافظ , وقد تفرّد بهذه الزيادة : " الزم بيتك، واملك عليك لسانك " , لكن لها شاهد من حديث ابن مسعود , ومحمد بن مسلمة كما سيأتي بيان ذلك عند تخريج حديث ابن مسعود
ومحمد بن مسلمة, ومن حديث أبي ثعلية الخشني , فهي زيادة صحيحة , وقد ضعفها الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في "الصحيحة" (204) !
وأخرجه ابن عبدالبر في "التمهيد" 24/ 315-316 : من طريق أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع حدثنا يونس بن أبي اسحاق عن أبي اسحاق عن هلال به , ولم يذكر هذه الزيادة لكنه زاد في إسناده أبا اسحاق
وعلته : أحمد بن الفضل الدينوري : فإنه صاحب مناكير .
وتابع عكرمةَ عليه : عمارةُ بنُ عمرو , وعقبةُ بن أوس , وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , والحسنُ البصري , وقتادة , وسعيد بن زربي , ومحمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب .
أما متابعة عمارة بن عمرو :
فأخرجها أبو داود (4342) , وابن ماجه (3957) , وأحمد 2 / 221 , ونعيم بن حماد في "الفتن" (696) و(725) , والحاكم 2/ 159 و4/ 435 , والطحاوي في "مشكل الآثار" (1176) , والشجري في "أماليه" (2080) , والداني في "السنن الواردة في الفتن" (253) , وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 313 : من طريق عُمارة بن عَمرو ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" كيف بكم وبزمان أو يوشك أن يأتي زمان يغربل الناس فيه غربلة تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا ،فكانوا هكذا وشبك بين أصابعه ، فقالوا : وكيف بنا يا رسول الله قال : تأخذون ما تعرفون وتذرون ما تنكرون وتقبلون على أمر خاصتكم وتذرون أمر عامتكم " .
وقال أبو داود :" هكذا روي عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ".
وقال الحاكم:
" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين , ولم يخرجاه بهذه السياقة " وأقره الذهبي !
وقال في موضع آخر : " صحيح الإسناد " وأقره الذهبي .
قلت : عمارة بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ثقة استشهد بالحرة وقيل مع ابن الزبير من كبار الثالثة كما في "التقريب" و لم يرو له الشيخان شيئا , فالحديث
صحيح الإسناد فقط .
أما متابعة عقبة بن أوس :
فأخرجها البزار (2484- البحر الزخار) : سمعت أحمد بن محمد بن بلال ، يذكر عن عيسى بن عبد الله ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن عقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .
وقال البزار :
"وهذا الحديث يروى عن عبد الله بن عمرو ، من وجوه ، ولا نعلم له إسنادا أحسن من إسناد عقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو ".
قلت : وهذا إسناد ضعيف فيه عيسى بن عبدالله : وهو مجهول الحال , وجاء هذا الحديث من طريق عبيدالله بن عمرو بإسناد صحيح :
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4299) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني عيسى بن سالم الشاشي ، قال : نا عبيد الله بن عمرو ، عن معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن عقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو به .
وقال الطبراني : " لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا معمر ، ولا عن معمر إلا عبيد الله بن عمرو ، تفرد به : عيسى بن سالم " .
قلت : وكلهم ثقات .
أما متابعة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده :
فأخرجها أحمد 2 / 220 : من طريق حسين بن محمد ، حدثنا محمد بن مطرف ، عن أبي حازم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
" يأتي على الناس زمان يغربلون فيه غربلة ، يبقى منهم حثالة ، قد مرجت عهودهم وأماناتهم ، واختلفوا فكانوا هكذا ، " وشبك بين أصابعه ، قالوا : يا رسول الله ، فما المخرج من ذلك ؟ قال : " تأخذون ما تعرفون ، وتدعون ما تنكرون ،
وتقبلون على أمر خاصتكم ، وتدعون أمر عامتكم " .
وهذا اسناد حسن
وأما متابعة الحسن البصري :
فأخرجها أحمد 2 / 220 , والطبراني في "الأوسط" (2086) , وتمام في "الفوائد" 1/ 238 , وأبو الحسن الأسواري في "أماليه" (7) , وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (362) ,
وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 196 , وهناد في "الزهد" (1238): من طرق عن الحسن، أن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس ؟ " قال: قلت: يا رسول الله، كيف ذلك ؟ قال : " إذا مرجت عهودهم وأماناتهم، وكانوا هكذا " وشبك يونس بين أصابعه، يصف ذاك، قال: قلت: ما أصنع عند ذاك يا رسول الله؟ قال: " اتق الله عز وجل، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك، وإياك وعوامهم " .
وزاد تمام : " قال الحسن : فترك والذي لا إله غيره أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخبط فيها خبط العشواء في الظلمة ".
قلت : الحسن وهو ابن أبي الحسن البصري في سماعه من ابن عمرو خلاف ، و أيهما كان ، فهو مدلس و قد عنعنه , لكن رواه عبدالرزاق في "المصنف" (20741) , ومن طريقه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (373) : عن معمر ( وهو في " الجامع لمعمر بن راشد " (20741) , عن غير واحد منهم الحسن أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لعبد الله بن عمرو : " كيف أنت إذا بقيت في حثالة الناس مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فكانوا هكذا - وشبك بين أصابعه - قال فبم تأمرني يا رسول الله ؟ قال عليك بما تعرف ودع ما تنكر وعليك بخاصتك وإياك وعوامهم قال يقول الحسن فوالله ما تمالك إن كان في على أسواء ذلك ".
وهذا مرسل .
وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (4221) : أخبرنا أبو سعيد الطاهري ، أنا جدي عبد الصمد البزاز ، نا محمد بن زكريا العذافري ، أنا إسحاق الدبري ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن غير واحد ، منهم قتادة ، عن الحسن ،
أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لعبد الله بن عمرو : فذكره .
قلت : وهذا مرسل ضعيف , فإن شيخ البغوي وشيخ شيخه كلاهما مجهولان .
وأما متابعة سعيد بن زربي :
فأخرجها البزار (2484- البحر الزخار) : حدثنا روح بن حاتم ، قال : أخبرنا شهاب بن عباد ، قال : أخبرنا ذواد بن علبة ، قال : أخبرنا مطرف ، عن سعيد بن زربي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يا عبد الله بن عمرو كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا وشبك بين أصابعه ، قال : فكيف أصنع يا رسول الله ؟ قال : خذ -أحسبه قال -خذ ما عرفت ، ودع ما أنكرت ،
وعليك بخويصتك ، وإياك وعوامهم " .
قلت : وهذا إسناد ضعيف لأجل ذواد بن علبة .
وأما متابعة محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب :
فأخرجها البخاري (478) و (479): حدثنا حامد بن عمر عن بشر حدثنا عاصم حدثنا واقد عن أبيه عن ابن عمر أو ابن عمرو قال : " شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه ".
ثم أخرجه معلقًا (480) بقوله : وقال عاصم بن علي : حدثنا عاصم بن محمد ، سمعت هذا الحديث من أبي فلم أحفظه فقومه لي واقد ، عن أبيه ، قال : سمعت أبي وهو يقول : قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يا عبد الله بن عمرو كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس بهذا ".
وذكر الحافظ في " تغليق التعليق" 2/ 242 مَنْ وصله بقوله : " رواه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" له ، قال : حدثنا عاصم بن علي ، ثنا عاصم بن محمد ، عن واقد ، سمعت أبي ، يقول : قال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة من الناس ، قد مرجت عهودهم ، وأماناتهم " . وأنبأنا أبو الحسن بن أبي المجد ، عن عيسى بن عبد الرحمن ، وغيره ، عن جعفر بن علي ، أن السلفي أخبرهم ، أنا محمد بن علي بن أبي العلاء السلمي ، بدمشق ، أنا الخطيب ، أنا أبو الحسين بن رزق ، أنا أبو عمرو بن الساك ، أنا حنبل بن إسحاق ، ثنا عاصم بن علي ، فذكره مثل ما ساقه البخاري ، وقال بعد قوله : في حثالة من الناس ، قد مرجت عهودهم ، وأماناتهم ، واختلفوا ، فصاروا هكذا
وشبك بين أصابعه . قال : كيف تأمرني يا رسول الله ؟ قال : تأخذ بما تعرف ، وتدع ما تنكر ، وتقبل على خاصتك ، وتدعهم وغوغاءهم " .
وأما حديث عبدالله بن مسعود :
فأخرجه ابن عبدالبر في "التمهيد" 17/ 440 : من طريق إبراهيم بن عبد الله العبسي ، أخبرنا وكيع ، عن الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن عدسة ، قال :
" مر بنا ابن مسعود ، فأهدي له طائر ، فقال ابن مسعود : وددت أني حيث صيد هذا الطائر ، لا يكلمني أحد ولا أكلمه " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر :
" إذا رأيت الناس مرجت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، فالزم بيتك ، واملك عليك لسانك ، وخذ ما تعرف ، ودع ما تنكر " .
قلت : وهذا اسناد رجاله ثقات .
وقد جاء نحوٌ منه موقوفا عليه :
أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (527) , والطبري في "التفسير" 11/ 138 -139 و141, والطبراني (9072) : عن الحسن، عن ابن مسعود في هذه الآية قال: "قولوها ما قبلت منكم، فإذا ردت عليكم فعليكم أنفسكم".
قلت : والحسن لم يسمع من ابن مسعود , لكن له طريق أخرى عند أبي عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (526) , والطبري في "التفسير" 11/ 143 -144 , والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 92: من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن عبد الله بن مسعود، أنه ذكرت عنده هذه الآية:
{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم} , فقال: " لم يجئ تأويل هذه بعد، إن القرآن أنزل حين أنزل ومنه آي قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن وكان منه آي قد وقع تأويلهن على عهد النبي صلى الله عليه وكان منه آي وقع تأويلهن بعد النبي صلى الله عليه بيسير، ومنه آي يقع تأويلهن بعد اليوم، ومنه آي يقع تأويلهن عند الساعة، ومنه آي يقع تأويلهن يوم الحساب بين الجنة والنار، فأما ما دامت قلوبكم واحدة وأهواؤكم واحدة، ولم تلبسوا شيعا ولم يذق بعضكم بأس بعض،
فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فإذا اختلفت القلوب والأهواء وألبستم شيعا وذاق بعضكم بأس بعض فاجروا وتقدموا، عند ذلك جاء تأويل هذه الآية ".
قلت : واسناده ضعيف , فيه أبو جعفر الرازي وهو عيسى بن ماهان : صدوق سىء الحفظ خصوصا عن مغيرة كما في "التقريب" .
وأما حديث محمد بن مسلمة :
فأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 55/ 261 و 284: عن حجاج بن منهال : عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي بردة ، قال : مررنا بالربذة ، فإذا فسطاط محمد بن مسلمة ، فقلت : لو خرجت إلى الناس ، فأمرت ونهيت ، فقال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا محمد بن مسلمة ، ستكون فرقة وفتنة واختلاف ، فاكسر سيفك ، واقطع وترك ، واجلس في بيتك " ، ففعلت الذي أمرني به النبي صلى الله عليه وسلم .
واسناده ضعيف , فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف .
ويشهد لها أيضا حديث أبي ثعلبة :
أخرجه أبو داود (4341) , والترمذي (3058) , وابن ماجه (4014) , وابن حبان (385) , والحاكم 4/ 319 , وابن أبي عاصم في "الزهد" (266) , والطبراني (587) , وفي "مسند الشاميين" (753) , والبيهقي 10/ 90 , وفي "الشعب" (7551) و (9731), وفي "الإعتقاد إلى سبيل الرشاد" 1/ 204 , وأبو نعيم في "الحلية" (1447) , والطحاوي في "شرح المشكل" (1171) , ونعيم بن حماد في "الفتن" (1741) , وابن وضاح في "البدع والنهي عنها" (192) , والمروزي في "السنة" (32) , وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (363) , والبغوي في "شرح السنة" (4156) : من طريق عتبة بن أبي حكيم حدثني عن عمه عمرو بن جارية عن أبي أمية الشعباني قال :
أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت : كيف تصنع بهذه الآية ؟ قال : أية آية ؟ قال : قلت : قوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } ، قال : أما والله ، لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
" بل أنتم ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، ورأيت أمرا لا يدان لك به ، فعليك نفسك ، ودع عنك أمر العوام ، فإن من ورائك أيام الصبر ، الصبر فيهن مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا ، يعملون مثل عمله " .
وقال الترمذي :
"هذا حديث حسن غريب"
وقال الحاكم :
" هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه " وأقره الذهبي !
قلت : إسناده ضعيف فيه عتبة بن حكيم : صدوق يخطئ كثيرا كما قال الحافظ في "التقريب".
وعمه عمرو بن جارية , قال في ترجمته من "التقريب" : " مقبول " يعني حيث يتابع , وإلا فلين الحديث , وكذا أبو أمية الشعباني : مقبول , وقد تقدّم تخريج شواهده مستوفى عند الحديث الرابع من هذا الكتاب .
وأما حديث أبي هريرة :
فأخرجه ابن حبان ( 5950) و(5951) و(6730) , والطبراني في "المعجم الأوسط" (8791) , والطحاوي في " شرح مشكل الآثار" (1182) , والدولابي في "الأسماء والكنى" (1296) , والداني في "السنن الواردة في الفتن" (255) :
من طريق العلاء بن عبدالرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو :
" كيف بك يا عبد الله إذا كنت في حثالة من الناس قد مرجت أماناتهم وعهودهم واختلفوا فكانوا هكذا وأدخل بعض أصابعه في بعض ؟ " قال عبد الله : فكيف تأمرني يا رسول الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" تعمل ما تعرف وتدع ما تنكر وتعمل بخاصة نفسك وتدع عنك عوام الناس " .
وهذا إسناد حسن .
وأما حديث سهل بن سعد :
فأخرجه ابن أبي الدنيا في " العقوبات" (42) , و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (29) , و "مكارم الأخلاق" (276) , وابن شاهين في "جزء من حديثه" (41) , والطبراني (5984) : من طريق سويد بن سعيد ، قال : حدثنا صالح بن موسى ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما لعبد الله بن عمرو :
" كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم ، فاختلفوا فصاروا هكذا ؟ " ، وشبك بين أصابعه ، قال : الله ورسوله أعلم ، قال : " اعمل بما تعرف ، ودع ما تنكر ، وإياك والتلون في دين الله عز وجل ، وعليك بخاصة نفسك ، ودع عوامهم " .
قلت : وهذا اسناد ضعيف جدًا , وفيه علتان:
الأولى : سويد بن سعيد , قال الحافظ في ترجمته من "التقريب" : (2690) : " صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه فأفحش فيه ابن معين القول ".
والثانية : صالح بن موسى بن عبيد الله بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله : متروك .
وله طريق أخرى عن أبي حازم :
أخرجه الطبراني (5868) , وابن شاهين في " جزء من حديثه" (42) : من طريق أبي الطاهر بن السرح ، ثنا بكر بن سليم ، حدثني أبو حازم به .
وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 279 : "رواه الطبراني بإسنادين، رجال أحدهما ثقات".
قلت : اسناده ضعيف من أجل بكر بن سليم الصواف , قال ابن عدى : " يحدث عن أبى حازم و غيره ما لا يوافقه أحد عليه ، و عامة ما يرويه غير محفوظ ، و لا يتابع عليه ، و هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم " .
ولخّص الحافظ ترجمته من "التقريب" بقوله: " مقبول" يعني حيث يُتابع وإلا فليّن الحديث .
وقال الذهبي في "الكاشف" : صدوق" .
وله طريق أخرى عن سهل :
أخرجه الروياني في "مسنده" (1118): نا أحمد ، نا عمي ، أخبرني ابن لهيعة , عن خالد بن أبي عمران ، عن أبي عياش المعافري ، عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعًا به .
وإسناده ضعيف من أجل شيخ الروياني وهو ابن أخي عبدالله بن وهب , واسمه : أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم : صدوق تغير بأخرة كما في "التقريب".
وأما حديث ثوبان :
فأخرجه البزار ( 4165- البحر الزخار) , ورقمه في "الكشف" (3324) : من طريق يزيد بن ربيعة ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أبي عثمان ، عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
"من أحدث حدثا أو آوى محدثا أو دعا إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كيف أنتم في قوم مرجت عهودهم وأماناتهم وصاروا حثالة ؟ " وشبك بين أصابعه . قالوا : فكيف نصنع يا رسول الله ؟ قال : " اصبروا اصبروا وخالقوا الناس بأخلاقهم وخالفوهم في أعمالهم "
و قال البزار:" قد روي بعضه من وجوه، وبعضه لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ".
وقال الهيثمي في " المجمع" 7/ 555:
" رواه البزار وفيه يزيد بن ربيعة وهو متروك وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ".
وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
فأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 4/ 138 , والطبراني في "الأوسط" (6252) : من طريق إسماعيل بن داود المخرافي ، ثنا سليمان بن بلال ، عن أبي الحسين الأيلي ، عن الحكم بن عبد الله الأيلي ، أن محمد بن كعب القرظي ، حدثه أن الحسن بن أبي الحسن ،حدثه أنه سمع شريحا وهو قاضي عمر بن الخطاب ، يقول : قال عمر بن الخطاب : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ستغربلون حتى تصيروا في حثالة من الناس ، قد مرجت عهودهم ، وخرجت أماناتهم " ، فقال قائل :
فكيف بنا يا رسول الله ؟ قال : " تعملون بما تعرفون ، وتتركون ما تنكرون ، وتقولون أحد أحد ، انصرنا على من ظلمنا ، واكفنا من بغانا " .
وقال أبو نعيم :
" غريب من حديث محمد بن كعب ، والحسن ، وشريح ، ما علمت له وجها غير هذا ".
وقال الطبراني :
" لا يروى هذا الحديث عن شريح القاضي إلا بهذا الإسناد ، تفرد به : يعقوب بن حميد ".
وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 555:
"رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم ".
قلت : إسناده ضعيف جدًا , إسماعيل بن داود المخرافي : منكر الحديث , وأبو الحسين الأيلي : مجهول , والحكم بن عبد الله : متروك .
وأما حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه :
فأخرجه ابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (91) : من طريق الحكم بن عبد الله بن سعيد الأيلي ، أنه سمع محمد بن عبد الله التيمي يحدث ، عن أبيه ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :
" ستغربلون حتى تصيروا في حثالة في قوم قد مرجت عهودهم ، وخربت أماناتهم " ، قال : فكيف بنا ؟ قال : " تعرفون ما تعرفون ، وتنكرون ما تنكرون " .
وإسناده ضعيف , فيه الحكم بن عبد الله بن سعيد الأيلي : منكر الحديث .
وأما حديث أبي ذر :
فأخرجه الحاكم 3/ 386 : من طريق أبي توبة الربيع بن نافع ، ثنا ربيعة بن يزيد ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي ذر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
" يا أبا ذر ، كيف أنت إذا كنت في حثالة ؟ " ، وشبك بين أصابعه قلت : يا رسول الله ، فما تأمرني ؟ قال : " اصبر ، اصبر ، اصبر ، خالقوا الناس بأخلاقهم ، وخالفوهم في أعمالهم " .
وقال الحاكم :
" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه " , فتعقبه الذهبي بقوله : " ابن يزيد لم يخرجوا له ".
قلت : وهذا التعقب لا شيء فإن ربيعة بن يزيد من رجال الشيخين , ولكن اسمه مقلوب , فقد أخرج هذا الحديث البيهقي في "الزهد الكبير" (203) من طريق الحاكم نفسه , وفيه ( يزيد بن ربيعة ) , ومما يؤكد ذلك أن الطبراني أخرجه في "الأوسط" (470) :
عن أحمد بن خليد بن يزيد قال : نا أبو توبة ، قال : نا يزيد بن ربيعة ، عن أبي الأشعث الصنعاني به .
والذي يروي عن أبي الأشعث الصنعاني إنما هو يزيد بن ربيعة : وهو منكر الحديث .
وكتب
أبو سامي العبدان
حسن التمام
18 من ذي الحجة 1436 من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم