المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلا رسول الله .. ( عبارة للمناقشة )



فريد المرادي
2008-04-13, 11:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


إلا رسول الله .. ( عبارة للمناقشة )



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد : أسعد الله أوقاتكم جميعاً وجعلها عامرة بالعلم النافع والعمل الصالح ، آمين .


فهذا موضوع أردتُ طرحه في هذا المنتدى المبارك على طاولة النقاش العلمي ، وتحت مجهر النقد الشرعي ، فتقبلوه بقبول حسن ، ولا تبخلوا عليه بتعليقاتكم وآرائكم .


الموضوع هو عن عبارة ( إلا رسول الله ) التي رفعها المسلمون شعاراً في وجه الكفار ـ قاتلهم الله ـ ؛ ممن سوَّلت لهم شياطينهم وأنفسهم الاستهزاء برسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

فانقسم أهل العلم ـ والناس تبع لهم ـ حول هذه العبارة ؛ فذهب بعضهم إلى جوازها ، ومنعها آخرون لأمور ذكروها .

فهل عبارة ( إلا رسول الله ) ؛ يصح إطلاقها شرعاً ؟ أم لا يصح ؟ أم في الأمر تفصيل ؟


بداية أشير إلى أن الاستثناء في العبارة هو استثناء موجب منقطع ، ومن أغراضه هنا : التعظيم ، والمنقطع ( أو المنفصل ) ألا يكون المستثنى بعضا مما قبله .

ولما كان المستثنى منه محذوفاً ، فكأن تقديره هو : مهما صبرنا على ظلم الكفار لنا واعتدائهم علينا وتعييرهم لنا ، لكن إذا بلغ الأمر إلى رسولنا الكريم ــ صلى الله عليه وسلم ــ ، فسنفديه بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ــ بأبي هو وأمي ــ ، والله أعلم .

والصبر يُحمد في المواطن كلها * إلا عليك فإنه مذموم


ويذكرني هذا بقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ( إن رحمة الله اقتضت ـ على مر الدهور ـ أنه يسب القرآن ، ويسب الصحابة ، فإذا سب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء النصر والانتقام ؛ لأن الله يغار على رسوله أشد غيرة مما سواه ، ومن طعن فيه فقد طعن في الله ؛ لأنه هو الذي اصطفاه ) .


وفيما يلي عرض لبعض الأقوال التي وقفتُ عليها حول هذه العبارة :


1- قال الدكتور سالم بن محمد القرني جواباً على سؤال ورد إلى موقع ( الإسلام اليوم ) ، هذا نصه : عبارة ( إلا رسول الله ) جعلناها عبارة للدفاع عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فخطَّأنا البعض وعنفوا علينا كثيراً ، وقالوا مضمون هذه العبارة ( إلا رسول الله ) أن كل شيء يمكن غض الطرف عنه والمسامحة فيه إلا رسول الله ، وأيضا هذا من الغلو في الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والعبارة هنا تقتضي ـ وإن لم يكن واضعها يقصد ذلك ـ أنه لو تعرضت إلى الذات الإلهية أو القرآن فلا يهم ذلك ، لأن الاستثناء دليل التناول ، ولم يتناول إلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولم يستثن إلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فأرجو إفادتي وتبيين الصواب لنا لكي يتسنى لنا تصحيح خطأنا إن أخطأنا فنحن مجموعة إعلامية ، وستصل مقالاتنا وحملتنا إلى الصحف الدنمركية وتعريفهم بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، بارك الله فيكم .

فأجاب ـ وفقه الله ـ :

( الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :

هذه العبارة : " إلا رسول الله " أو : " إلا رسولنا " أو نحو ذلك : فيها إجمال ، فإن كان المقصود التحذير من الكلام فيه ، أو الإساءة إليه ، أو الطعن في رسالته أو نحو ذلك كمن يقول : إلا فلان لا تتكلم فيه ، يعني أن منزلته عندي عظيمة ، ولا أقبل الكلام عنه بسوء أو أذية . فهذا المقصد الذي يقصده المتكلم لا حرج عليه فيه .

وإن كان المقصود ما ذكره السائل أنه يمكن الكلام في ذات الله أو في القرآن أو الطعن في غيره من الذات الإلهية أو القرآن فهذا لا يجوز ، وما أظن أحداً يقصده والحمد لله .

ثم إن من ذبّ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنع الطعن فيه أو إيذاءه أو نصره في أي أمر أو موقف أو زمان أو مكان فإنما ذلك لكونه رسول الله ، ومبلِّغ كلام الله ، والداعي إلى تعظيم الله وعبادة الله . هذا ما أرى أن كاتب العبارة يقصده من المسلمين .

لكن رأي أن تغير العبارة إلى ما هو أوضح ، وليس فيه إجمال أو شك ، وليس فيه تعصب يلغي مكانة الرسل قبله المبشرين به ، ودافعي الشفاعة العظمى إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) .

( المصدر (http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=1 51895) )


2- سئل الشيخ العلامة عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ في درس شرح سنن ابن ماجه ( يوم السبت 28 / 03 / 1429 هـ ) : ما حكم تعليق اللوحات التي عليها بعض الشعارات مثل : ( كلنا فداك يا رسول الله ) و ( إلا رسول الله ) ؟

فأجاب فضيلته بقوله : ( اللوحات لا تنبغي ، الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حقه أن يُتبع ويُحب أعظم من محبة الوالد والولد والناس أجمعين ، ومن محبته كثرة الصلاة والسلام عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا شك أن التفدية في حقه جائزة ولكن هذه الشعارات لا وجه لها ، وأما ( إلا رسول الله ) فهذا كلام غير صحيح ؛ لا بد أن يؤتى بالمستثنى منه ، ولا شك أن الإساءة لله ـ تعالى ـ أعظم من الإساءة إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهي عبارة غير مستقيمة ولا تصح ) .


3- كتب الشيخ علي الحلبي ـ وفقه الله ـ قصيدة بعنوان " إلا رسول الله " ، هذا مطلعها :

إلا رسولَ الله هذا أَحْمَدُ *** هذا النبيُّ الهاشِميُّ مُحَمَّدُ

فلما انتقدها عليه بعض الطلاب ، قال في أحد دروسه :

( هذا الانتقاد غير صحيح وانتقاد باطل ؛ لأن الاستثناء نوعان : استثناء منفصل واستثناء متصل ، عندما نقول : ( جاء القوم إلا حمارهم ) ؛ يعني القوم حمير ؟! لا يلزم .

{ فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس } ؛ إبليس هل كان من الملائكة ؟! لم يكن من الملائكة .
إذاً الاستثناء وحده لا يدل على أن المستثنى صنف واحد .

نتكلم -الآن- عما يخوض به الكفار من ملاهٍ ومن مفاسد ومن سب ، هل الكفار يسبون عيسى ابن مريم اليوم ؟! لا يفعلون ، هل الكفار يسبون جبرائيل عليه السلام ؟! لا يفعلون .

وإنما يتطاولون على رموزنا يتطاولون على ديننا على عقيدتنا ، يزداد غلوهم على أمة الإسلام وعلى شعوب الإسلام وعلى رموز الإسلام ، والأمة ساكتة حتى وصل الأمر إلى نبي الإسلام !

كأننا نقول : سكتنا عن كل شيء ، لكن لا نسكت عن رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ أما ليس معنى ذلك ـ كما فهم المبطلون الجهلة ـ أننا نقول ( إلا رسول الله ) ، يعني : تكلموا في عيسى ، في موسى ، تكلموا في الملائكة لكن فقط الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ .

هذا فهم لا يرد على ذهن عاقل وإنما يفهمه إما جاهل أو حاقد ) .


4- قال بعض طلبة العلم ـ سددهم الله ـ : ( هذه العبارة : ( إلا رسولَ اللهِ ) ( !!! ) غلط ؛ فإنّ ( الاستثناء يقتضي العموم ) ؛ كما يقول الأصوليّون ؛ ولازم ذلك قَبول الإساءة لكل أحدٍ دون النّبيّ ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ ؛ وفي هؤلاء من الملائكة ، والصّحابة ، والصّالحين مَنْ انتقاصُه كفرٌ .

فلْيُلاحظ ذلك ، وليحذر من الانسياقِ وراء الحزبيّين في عباراتهم وانفعالاتهم ، واللهُ أعلم ) .

بعد هذا العرض الموجز للمسألة ، أرجو من المشايخ وطلبة العلم في هذا المنتدى الإدلاء بآرائهم وتوجيهاتهم للعبارة ، وليكن هدف الجميع البحث عن الحق واتباعه ، والله الموفق .

فريد المرادي ( 07 / ربيع الثاني / 1429 هـ ) .

عيد فهمي
2008-04-13, 12:48 PM
ويذكرني هذا بقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ( إن رحمة الله اقتضت ـ على مر الدهور ـ أنه يسب القرآن ، ويسب الصحابة ، فإذا سب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء النصر والانتقام ؛ لأن الله يغار على رسوله أشد غيرة مما سواه ، ومن طعن فيه فقد طعن في الله ؛ لأنه هو الذي اصطفاه ) .هل يمكن عزو هذا القول إلى موضعه في كتب شيخ الإسلام بارك الله لك؟

عبد الله آل سيف
2008-04-13, 03:02 PM
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله له تأصيل جيد بالنسبة لألفاظ الناس المحتملة :
فإن كان مرادهم بهذا اللفظ قصد صحيح فيتركوا هم ومرادهم ما دام أن اللفظ محتمل ولم يريدوا المعنى الباطل فلايشدد في هذا ، وإن أرادوا معنا باطلا فيمنعوا ، وإن شككنا في قصدهم فيمنعوا حتى لا يقعوا في المعنى الباطل .
فالأقسام ثلاثة .
والله أعلم .

أبو عاصم النبيل
2008-04-13, 06:06 PM
الاخ آل سيف أين أجد هذا الكلام لابن عثيمين رحمه الله لأني أذكر كلاما خلاف هذا له
وهذه مشاركة لي في ملتقى اهل الحديث (http://ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=796917&postcount=3)
ثم بعد الرجوع الى ملتقى اهل الحديث وجدت هذا التعقيب من الاخ الفاضل علي الفضلي
فهاكمها (http://ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=798021&postcount=2)

فريد المرادي
2008-04-18, 07:30 PM
الشيخ الفاضل عيد فهمي : لا أتذكر مصدر ذلك الكلام ، ربما هو في ( الصارم المسلول ) ولا أجزم ...
ويا حبذا لو تدلي بدلوك في الموضوع ، بارك الله فيكم ...

=====

الأخ الكريم عبد الله آل سيف : وأنعم بفقيه الزمان العثيمين - رحمه الله - ، بارك الله فيك ...

=====

الأخ الكريم أبا عاصم النبيل : جزاك الله خيراً على إضافتك ...

فريد المرادي
2008-07-26, 10:46 AM
جواب الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي - حفظه الله - :


السؤال :

أرجو معرفة حكم قول جملة ( إلاَّ رسول الله ) ؛ فقد قرأتُ في أحد المواقع أنه لا يَجوز قول هذه الجملة ؛ لأنَّنا لا نشمل بها الملائكة والأنبياء والصحابة ، وكان الموضوع عنوانه ( احذَرُوا كلمة : إلاَّ رسول الله ) ؛ فأرجو التوضيح : هل هذا صحيح أم لا ؟

الجواب :


الحمدُ لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه ، أمَّا بعدُ :

فكلمة " إلا رسول الله " التي يقولها المسلمون في معرض الدفاع عن نبينا المعظم - صلى الله عليه وسلم - تُعدُّ من الكلام المُجمل ؛ بسبب الحذْف في أوَّله ، فإن كان كذلك ؛ فالأَوْلَى أن يُحمل - هذا المجمل - على أفضلِ ما يُظَنُّ بالمسلمين إرادَتُه ، وأنه لا مفهوم مخالفة لهذه الكلمة ، وإن كانت الفحوى - أو قياس الأولى - ثابتة لها .

وأقربُ ما يُحمل عليه الحرفُ ( إلا ) من المعاني في هذا التعبير : هو أن يكون بِمعنى ( غير ) ، لا بِمعنى الاستثناء ، وحتى يصحَّ للكلام معنًى ؛ تُقَدَّر جملةٌ تَليق بالكلام وتكون لازمةً لمعناه ، فيكون التَّقدير : إذا سَبَبْتُم فسُبُّوا غيرَ رسولِ الله ؛ وهذا التَّقدير واضح من سياق توجيهِ عبارة (( إلا رسول الله )) ؛ فإنَّ قائِلِيها يتوجَّهون بِها إلى مَن صدر منهم سبٌّ وإيذاءٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

ولا يُفهَمُ من هذا الغير - عند هؤلاء - أن يكون هم الصحابة أو الأنبياء أو الملائكة ... أو غير هؤلاء من المستحقّين للتَّعظيم ، أو حتى غيرهم من آحاد المسلمين ؛ ولا سيَّما عند النَّاطقين بلفظة (( إلا رسول الله )) ؛ إنما يُفهم منه أنكم - معشر السَّببة - إن وقع منكم سبٌّ فلْيَكُنْ لمن يستحقُّه ، وهذا أشبه شيء بمن أجاب إنسانًا قال له : (( ماذا تأكل ؟ )) بقوله : (( إلا السَّمك )) ، لا يتوجه عقلُ سامعٍ للإجابة إلى أنَّ المقصودَ أن يأتي للمجيب بطعامٍ فاسد ، فضلاً عن أن يأتي له بشيء لا يؤكل أصلاً من المحرمات أو غيرها مما لا يصلح للأكل ؛ فكذا هنا : فقائلُ (( إلا رسول الله )) هم المعظِّمون له صلى الله عليه وسلم - وللأنبياءِ والعَشرة المبشَّرين وآل البيت وسائر الصحابة وغيرهم من المعظَّمِينَ في الإسلام ؛ فلا يَرِدُ على كلامهم إباحةُ سبِّ أحدِ هؤلاء المعظَّمِين ، أو حتى غيرهم من آحاد المسلمين .

هذا ؛ ولا يفهم عاقلٌ عن مسلمٍ يدفع سبَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقصد من ذلك سبَّ الله تعالى ، ولا من دون الرسول - عليه الصلاة والسلام - من الرُّسُلِ - صلى الله عليهم جميعًا ، وسلم - ولا الصحابة ، رضوان الله عليهم جميعًا ، بل ولا يُفهم منه أنه يُجوِّز سب أحد ممن لا يستحق سبًّا ؛ إذِ البدعة لا تُردّ ببدعة ، ولا الضلالة بضلالة ؛ فكيف يُردُّ سبُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتجويز سبّ أحدٍ فوقه أو دونه ، وهو بين كفر أو فسوق !! والله أعلم .

المصدر : http://alukah.net/Counsels/CounselDetails.aspx?CounselID= 327