تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل صلاة العيد واجبة على الكفاية أم على الأعيان؟



محمد طه شعبان
2015-07-16, 02:20 PM
قال صاحب ((أخصر المختصرات)): (وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ):
قلت في شرحي على الكتاب: أي: إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين.
ودليل كونها فرضًا علىٰ الكفاية؛ أن النبي ﷺ والخلفاء بعده كانوا يداومون عليها، ولأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، فكانت فرضًا كالجهاد، ولا تجب علىٰ الأعيان؛ لأن النبي ﷺ ذكر للأعرابي خمس صلوات، فقال: هل علي غيرها؟ قال: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّع»([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وفي رواية عن أحمد $ أنها فرض عين([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))، وابن القيم([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))، والشوكاني([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))، وابن عثيمين([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)) رحمهم الله.
قلت: وهو الراجح، والله أعلم؛ ودليل ذلك أن النبي ﷺ أمر بها؛ والأصل في الأمر الوجوب؛ فَعَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمُومَةٌ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: غُمَّ عَلَيْنَا هِلَالُ شَوَّالٍ، فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا، فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، فَشَهِدُوا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الناسَ أَنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ، وَأَنْ يَخْرُجُوا لِعِيدِهِمْ مِنَ الْغَدِ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)).
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ ڤ، قَالَتْ: أَمَرَنَا - تَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ - أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ، الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّىٰ الْمُسْلِمِينَ([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)).
قال الشوكاني $: «قَدْ انْضَمَّ إلَىٰ مُلَازَمَتِهِ ﷺ لِصَلَاةِ الْعِيدِ عَلَىٰ جِهَةِ الِاسْتِمْرَارِ وَعَدَمِ إخْلَالِهِ بِهَا، الْأَمْرُ بِالْخُرُوجِ إلَيْهَا، بَلْ ثَبَتَ كَمَا تَقَدَّمَ أَمْرُهُ ﷺ بِالْخُرُوجِ لِلْعَوَاتِقِ وَالْحُيَّضِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ حَتَّىٰ أَمَرَ مَنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ تُلْبِسَ مَنْ لَا جِلْبَابَ لَهَا، وَلَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا مِنَ الْفَرَائِضِ، بَلْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْقُرْآنِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَىٰ: {فصل لربك وانحر} [الكوثر: 2]؛ فَقَالُوا: الْمُرَادُ صَلَاةُ الْعِيدِ وَنَحْرُ الْأُضْحِيَّةِ.
وَمِنْ مُقَوَّيَاتِ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ: إسْقَاطُهَا لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالنَّوَافِلُ لَا تُسْقِطُ الْفَرَائِضَ فِي الْغَالِبِ»اهـ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)).
وقال الشوكاني أيضًا بعدما ذكر نحوًا مِنْ كلامه السابق: «وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَىٰ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ وُجُوبًا مُؤَكَّدًا عَلَىٰ الْأَعْيَانِ لَا عَلَىٰ الْكِفَايَةِ»([10] (http://majles.alukah.net/#_ftn10)).
وأما الاستدلال بما قاله النبي ﷺ للأعرابي: خمس صلوات، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّع»، بأنه صارف للأمر من الوجوب إلىٰ الاستحباب، فيجاب عنه بأن هذا الحديث لم يشمل جميع واجبات الشريعة؛ بل هناك واجبات أخرىٰ وردت بعد ذلك وثبتت بأحاديث أخرىٰ([11] (http://majles.alukah.net/#_ftn11)).

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) «الكافي» (1/ 338، 339).

[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) «الإنصاف» (2/ 420).

[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) «مجموع الفتاوى» (24/ 183).

[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) «الصلاة وحكم تاركها» (14).

[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) «نيل الأوطار» (3/ 369).

[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) «الشرح الممتع» (5/ 116).

[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) أخرجه أحمد (20584)، وأبو داود (1157)، والنسائي (1557)، وابن ماجه (1653)، وصححه الألباني في «الإرواء» (634)، وقال محققو المسند: إسناده جيد.

[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) متفق عليه: أخرجه البخاري (974)، ومسلم (890).

[9] (http://majles.alukah.net/#_ftnref9))) «نيل الأوطار» (3/ 369).

[10] (http://majles.alukah.net/#_ftnref10))) «السيل الجرار» (1/ 192).


[11] (http://majles.alukah.net/#_ftnref11))) انظر: «نيل الأوطار» (3/ 48).

أبو مالك المديني
2015-07-18, 09:17 PM
وَمِنْ مُقَوَّيَاتِ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ: إسْقَاطُهَا لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالنَّوَافِلُ لَا تُسْقِطُ الْفَرَائِضَ فِي الْغَالِبِ»اهـ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)).
نفع الله بكم .
إسقاط الجمعة بالعيد أمر مرجوح مخالف لقول الجمهور - على تفصيل معروف في ذلك - والأحاديث الواردة في تقوية ذلك أحاديث ضعيفة لا تقوم بها حجة ، وهو اختيار ابن حزم وغيره ، والله أعلم .

أبو البراء محمد علاوة
2015-07-19, 03:18 AM
اختلف العلماء في حكم صلاة العيدين على ثلاثة أقوال:



الأول: واجب على الأعيان:

وهو مذهب أبو حنيفة والأوزاعي والليث بن سعد وأحد أقوال الشافعي ورواية عن أحمد وبه قال بعض المالكية واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)) وحجتهم:

- قوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) الكوثر : 2

قالوا الأمر للوجوب.



- حديث عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِى الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاَةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لاَ يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ (لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا) .([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))



وفي رواية لمسلم أيضًا: (قَالَتْ كُنَّا نُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ فِى الْعِيدَيْنِ وَالْمُخَبَّأَة ُ وَالْبِكْرُ قَالَتِ الْحُيَّضُ يَخْرُجْنَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ يُكَبِّرْنَ مَعَ النَّاسِ).

ففيها التصريح بالأمر بالخروج والأمر يفيد الوجوب كما هو مقرر في الأصول.



الثاني: أنها واجبة على الكفاية:

وهو مذهب الحنابلة وبعض الشافعية([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))وحجتهم نفس أدلة الفريق الأول ولكنهم حملوها على الكفاية لا على الأعيان؛ لأن العيدين لا يشرع لهما الأذان.



الثالث: سنة مؤكدة:

وهو مذهب مالك والشافعي([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))وحجتهم:

حديث طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وفيه: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ في الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، قَالَ: هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُنَّ قَالَ: (لاَ إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ).



والراجح القول الأول القائل بالوجوب على الأعيان سواء رجل أو امرأة لصراحة الأدلة وقواتها فأمر النبي صلى الله عليه وسلم للحُيض بالخروج وكذا أمره لمن ليس لها جلباب أن تُلبسها جارتها لا يكون إلا لأمر واجب ولو كان للكفاية لمَا أمر من ليس عندها جلباب بالتصرف من جارتها، وكذا عدم أمره للنساء للخروج للجُمَع وأمره للعيد يدل على ما قلناه، والأمر بالخروج يقتضي الأمر بالصلاة لمن لا عذر لها بفحوى الخطاب والرجال أولى من النساء في ذلك، ومما يؤكد الوجوب مداومة النبي صلى الله عليه وسلم وملازمته هو وخلفائه من بعده على صلاة العيدين دون ترك.

أما حديث طلحة بن عبيد الله فإنما مقصوده الصلوات التي في اليوم والليلة خلافًا لصلاة العيدين فهي سنوية فلا يشملها الحديث ولا تدخل في التقييد .([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))


([1]) انظر مجموع الفتاوى (24/181)، والسيل الجرار (1/315) .


([2]) البخاري (980)، ومسلم (890) .

([3]) المغني (2/304)، المجموع (5/2) .

([4]) المجموع (5/2) .

([5]) انظر مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/23) .

أبو البراء محمد علاوة
2015-07-19, 03:19 AM
ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))،


[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) «مجموع الفتاوى» (24/ 183).



قال شيخ الإسلام: (24/ 183): (والقول بوجوبه على الأعيان أقوى من القول بأنه فرض على الكفاية).

أبو البراء محمد علاوة
2015-07-19, 03:42 AM
وقال أيضًا: (24/ 183 - 184): ( ومن قال: هو فرض على الكفاية. قيل له: هذا إنما يكون فيما تحصل مصلحته بفعل البعض كدفن الميت وقهر العدو وليس يوم العيد مصلحة معينة يقوم بها البعض بل صلاة يوم العيد شرع لها الاجتماع أعظم من الجمعة فإنه أمر النساء بشهودها ولم يؤمرن بالجمعة بل أذن لهن فيها وقال: {صلاتكن في بيوتكن خير لكن} . ثم هذه المصلحة بأي عدد تحصل؟ فمهما قدر من ذلك كان تحكما سواء قيل بواحد أو اثنين أو ثلاثة. وإذا قيل بأربعين فهو قياس على الجمعة وهو فرض على الأعيان فليس لأحد أن يتخلف عن العيد إلا لعجزه عنه وإن تخلف عن الجمعة لسفر أو أنوثة. والله أعلم).

محمد طه شعبان
2015-10-26, 05:07 PM
جزاكم الله خيرًا أبا البراء.

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-26, 05:50 PM
جزاكم الله خيرًا أبا البراء.

وجزاك مثله يالحبيب الغالي.

أبو مالك المديني
2015-10-26, 06:03 PM
وَمِنْ مُقَوَّيَاتِ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ: إسْقَاطُهَا لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالنَّوَافِلُ لَا تُسْقِطُ الْفَرَائِضَ فِي الْغَالِبِ»اهـ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)).

ولو كان الأمر كذلك لكان مقويا للقول بأنها فرض عين ، لا فرض كفاية . والله أعلم.

أبو مالك المديني
2015-10-26, 06:04 PM
ولو كان الأمر كذلك لكان مقويا للقول بأنها فرض عين ، لا فرض كفاية . والله أعلم.
قلت هذا قبل أن أرى نقل كلام شيخ الإسلام المنقول من أخينا الحبيب أبي البراء .

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-26, 06:08 PM
قلت هذا قبل أن أرى نقل كلام شيخ الإسلام المنقول من أخينا الحبيب أبي البراء .

دمت مسددًا موفقًا شيخنا الحبيب.

أبو مالك المديني
2015-10-26, 07:18 PM
جزاك الله خيرا أبا البراء ، ونفع بك.

محمد طه شعبان
2015-10-26, 07:20 PM
بارك الله في شيخي الحبيب أبي مالك، وأخي الحبيب أبي البراء.

عمر عباس الجزائري
2015-10-26, 08:05 PM
والقول بوجوب صلاة العيد على الأعيان رجحه العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع، وبوجوبها حتى على النساء قال جمعٌ من المحققين وممن مال إليه من المعاصرين العلامة الألباني في جزئه الذي ألفه حول سنية صلاة العيدين في المصلى مستدلا بحديث أم عطية الآنف ذكره وبما صححه الشيخ عند ابن أبي شيبةَ في المصنف من قول أبي بكر رضي الله عنه: حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين".

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-26, 08:50 PM
وجزاكم الله خير الجزاء.