أبو عبد الأكرم الجزائري
2015-06-30, 09:19 PM
تَبْصِيرُ المُتَعَبِّدِ بكلام الأئمة حول نّقْضِ الوتر لمن سَبَقَ له الوتر
وكتبه: عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.
الحمد لله العزيز الحميد، والصلاة والسلام على نبيه محمد إمام كل زاهد وعابد وساجد، وعلى آله وأصحابه الأئمة الأماجد، وعلى أتباعه المستمسكين بهديه في كل زمن وبلاد.
أما بعد:
فهذا جزء فقهي صغير عن: " حكم نقض الوتر لمن سبق له الوتر "، عسى الله أن ينفع به الكاتب والقارئ والناشر، إنه جواد كريمhttp://majles.alukah.net/imgcache/2014/02/934.jpg (http://islamancient.com/play.php?catsmktba=215131#6017 5241).
وسيكون الكلام عن هذا الحكم في وقفات خمس، ليحصل الإلمام به، ويتأكد استيعابه، ويقوى ضبطه، ويرسخ فهمه.
فأقول مستعينا بالله مالك الملك:
الوقفة الأولى / عن المراد بنقض الوتر.
المراد بنقض الوتر:
شفعه بركعة تُلْغِيِهِ لِيُتَنَفَّلَ بعدَها ثم يُوتَر.
قال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمهما الله ـ في "مسائله عن أبيه"(325):
قلت لأبي وكيف ينقض الوتر؟.
قال: إذا أوتَر الرجل يقوم فيصلي ركعة أخرى حتى يشفع إليها فيكون نَقَض الوتر.
ويكون أيضاً:
أن يُوتر ثم ينام فإذا استيقظ صلى ركعة يشفع بها إلى وتره فيكون هذا نَقْض الوتر.اهـ
وقال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في كتابه "المغني"(3/598):
ومعناه:
إذا قام للتهجد يصلي ركعة تشفع الوتر الأول، ثم يصلي مثنى مثنى، ثم يوتر في آخر التهجد.اهـ
وقال ابن رشد القرطبي ـ رحمه الله ـ في كتابه " البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة"(1/291):
ومنهم من يقول:
إذا أوتر أول الليل بعد أن صلى نافلة ثم أراد أن يصلي آخر الليل يشفع وتره بركعة، ثم يصلي ما شاء، ويوتر مرة أخرى.
وهذا القول مشهور في السلف، ويسمونه مسألة: " نقض الوتر ".اهـ
الوقفة الثانية / عن الأصناف التي تحتاج إلى معرفة حكم نقض الوتر.
يحتاج إلى معرفة حكم نقض الوتر، وما ورد حوله من أحاديث وآثار، وما للعلماء فيه من كلام، صنفان جليلان طيِّبان من الناس:
الصنف الأول: المُتَعَبِّدُون الصُّلَحاء.
وسبب ذلك أنه قد يقع منهم الوتر في أول الليل قبيل النوم ثم الاستيقاظ في منتصفه أو آخره والرغبة في مزيد من التهجد والقيام.
الصنف الثاني: طُلَّابُ العلم والفقه في الدين.
وذلك ليتقرر هذا الحكم في نفوسهم على بصيرة، ويحصل لهم فيه قوة ورسوخ، وإذا بينوه في أثناء تدريسهم أو إفتائهم كان بيانهم عن طمأنينة وثبات.
الوقفة الثالثة / عن كلام أهل العلم والفقه حول نقض الوتر لمن سبق له الْإِيتَار.
اختلف أهل العلم والفقه ـ رحمهم الله تعالى ـ في حكم نقض المتعبد وِتْرَهُ إذا رغب في مَزيد من الصلاة بعده على أقوال ثلاثة:
القول الأول: أنه لا ينقض وتره، ويتنفل بعده ما شاء مثنى مثنى من غير وتر.
وبه قال جماهير أهل العلم، وقد نسبه إليهم جمع كثير من العلماء، ومنهم:
ابن العربي في كتابه "عارضة الأحوذي"(2/255)، والقاضي عياض في كتابه "إكمال المعلم"(3/91) وابن رشد في كتابه "بداية المجتهد"(1/475-476) وابن جُزَي في كتابه "القوانين الفقهية"(ص107) وابن رجب الحنبلي في كتابه "فتح الباري"(6/256) والعيني في كتابه " البناية شرح الهداية"(2/504) والعراقي كما في "نيل الأوطار"(3/45) وابن حجر العسقلاني في كتابه "فتح الباري"(2/558عند حديث رقم:990) وعبيد الله المباركفوري في "مرعاة المفاتيح"(4/266عند حديث رقم:1266).
واختاره:
ابن المنذر وابن عبد البر والبغوي وابن حجر العسقلاني وعبيد الله المباركفوري وابن باز وابن عثيمين ومحمد علي آدم الأتيوبي.
وذلك لأمور عدة:
أولها: حديث: (( لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَة )).
وهو يدل على أنه لا يُوتَر في الليلة إلا وتر واحد.
وقد أخرجه أحمد (4/23) وأبو داود (1439) والترمذي (470) والنسائي (3/229) وابن خزيمة (2/156 رقم:1101) وابن حبان (2449) وغيرهم من حديث طلق بن علي ـ رضي الله عنه ـ.
وصححه: ابن حبان وابن خزيمة وأبو العباس القرطبي وأحمد شاكر والألباني ومحمد علي آدم الأتيوبي.
وقال الترمذي: حسن غريب.اهـ
وقال عبد الحق الإشبيلي عقب قول الترمذي المتقدم: وغيره يصحح الحديث.اهـ
وحسنه ابن الملقن وابن حجر العسقلاني والزرقاني.
وذكره الضياء المقدسي في "المختارة".
إلا أن في سنده قيس بن طلق بن علي الحنفي اليمامي، وهو مُخْتَلف فيه.
فقال الشافعي ــ رحمه الله ــ: قد سألنا عن قيس بن طلق فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره.اهـ
وقال ابن أبي حاتم ــ رحمه الله ــ: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث محمد بن جابر هذا فقالا: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة، ووهناه ولم يثبتاه.اهـ
وقال ابن معين ــ رحمه الله ــ: وقد أكثر الناس في قيس بن طلق، ولا يُحتج بحديثه.اهـ
وقال الدارقطني ــ رحمه الله ــ: ليس بالقوي.اهـ
وضعفه أيضاً: الإمام أحمد ــ رحمه الله ــ
وقال عثمان بن سعيد الدارمي ــ رحمه الله ــ: سألت يحيى بن معين قلت: عبد الله بن النعمان عن قيس بن طلق؟ قال: شيوخ يمامية ثقات.اهـ
وقال أبو داود ــ رحمه الله ــ: قلت لأحمد: قيس بن طلق؟ قال: ما أعلم به بأساً.اهـ
ونقل الخلال ــ رحمه الله ــ عن الإمام أحمد ــ رحمه الله ــ أنه قال: غيره أثبت منه.اهـ
وقال العجلي ــ رحمه الله ــ: تابعي ثقة.اهـ
وذكره ابن حبان ــ رحمه الله ــ في كتابه "الثقات".
وقال ابن حجر العسقلاني ــ رحمه الله ــ في كتابه "كشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر"(ص31) عن الإمام أحمد:
وضعف حديث: (( لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَة )) أو حمله على الضرورة.اهـ
وأجيب عن هذا الحديث بجوابين:
أحدهما: أنه ضعيف.
والثاني: أن من شفع وتره فقد ألغاه، وأصبح كمن لم يوتر.h
ثانيها: حديث: (( اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْراً )).
وقد أخرجه البخاري (998) ومسلم (750) من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
وهو يدل على أن الوتر واحد.
وأجيب عن هذا الحديث بأجوبة:
الأول: أن من شفع وتره فقد ألغاه، وأصبح كمن لم يوتر، فإذا أوتر بعد ذلك فقد صدق عليه أنه جعل آخر صلاته بالليل وتراً.
الثاني: بما قاله الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه "فتح الباري" (6/255) إذ قال:
ولهذا روى ابن عمر هذا الحديث، وهو كان ينقض وتره، فدل على أنه فهمه منه.اهـ
الثالث: أن من أوتر، ثم نام، ثم قام فلم يشفع وتره، وصلى مثنى مثنى قد خالف هذا الحديث إذ لم يجعل آخر صلاته بالليل وتراً، بل جعلها شفعاً.
وإلى هذا المعنى أشار الإمام إسحاق بن راهويه ـ رحمه الله ـ كما في "مسائل إسحاق بن منصور الكوسج"(299).
ثالثها: القياس على الفريضة.
إذ قال الحافظ ابن المنذر ـ رحمه الله ـ في كتابه "الأوسط"(5/199):
ولا أعلم اختلافاً في أن رجلاً بعد أن أدى صلاة فرض كما فُرضت عليه، ثم أراد بعد أن فرغ منها نقضها أن لا سبيل له إليه، فحكم المختلف فيه من الوتر حكم ما لا نعلمهم اختلفوا فيه مما ذكرناه، وكذلك الحج والصوم والعمرة والاعتكاف لا سبيل إلى نقض شيء منها بعد أن يكملها.اهـ
وقد ثبت هذا القول عن ثلاثة من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، وهم:
أولاً: عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
فقد ذُكِر لها ـ رضي الله عنها ـ: الرجل يوتر ثم يستيقظ فيشفع بركع؟ فقالت: ((ذَلِكَ يَلْعَبُ بِوِتْرِه )).
وقد أخرجه عبد الرزاق (3/31 رقم:4687) واللفظ له، وابن أبي شيبة (:83 رقم:6744).
وقال سعيد بن جبير ـ رحمه الله ـ: (( ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ نَقْضُ الْوِتْرِ، فَقَالَتْ: لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ )).
وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2020).
ثانياً: عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ.
فقد قال ـ رضي الله عنه ـ: (( أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ، فَإِذَا قُمْتُ صَلَّيْتُ مَثْنَى مَثْنَى وَتَرَكْتُ وَتْرِي الْأَوَّلَ كَمَا هُوَ )).
وقد أخرجه ابن أبي شيبة (2/83 رقم:6734) واللفظ له، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"( 2004و 2019).
ثالثاً: عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
إذ قال ـ رضي الله عنه ـ: (( إِذَا أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَلَا يَشْفَعْ بِرَكْعَةٍ، وَصَلَّى شَفْعًا حَتَّى يُصْبِحَ )).
وقد أخرجه عبد الرزاق (3/30-31 رقم:4686و4685) واللفظ له، وابن أبي شيبة (6739و 6738).....يتبع
وكتبه: عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.
الحمد لله العزيز الحميد، والصلاة والسلام على نبيه محمد إمام كل زاهد وعابد وساجد، وعلى آله وأصحابه الأئمة الأماجد، وعلى أتباعه المستمسكين بهديه في كل زمن وبلاد.
أما بعد:
فهذا جزء فقهي صغير عن: " حكم نقض الوتر لمن سبق له الوتر "، عسى الله أن ينفع به الكاتب والقارئ والناشر، إنه جواد كريمhttp://majles.alukah.net/imgcache/2014/02/934.jpg (http://islamancient.com/play.php?catsmktba=215131#6017 5241).
وسيكون الكلام عن هذا الحكم في وقفات خمس، ليحصل الإلمام به، ويتأكد استيعابه، ويقوى ضبطه، ويرسخ فهمه.
فأقول مستعينا بالله مالك الملك:
الوقفة الأولى / عن المراد بنقض الوتر.
المراد بنقض الوتر:
شفعه بركعة تُلْغِيِهِ لِيُتَنَفَّلَ بعدَها ثم يُوتَر.
قال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمهما الله ـ في "مسائله عن أبيه"(325):
قلت لأبي وكيف ينقض الوتر؟.
قال: إذا أوتَر الرجل يقوم فيصلي ركعة أخرى حتى يشفع إليها فيكون نَقَض الوتر.
ويكون أيضاً:
أن يُوتر ثم ينام فإذا استيقظ صلى ركعة يشفع بها إلى وتره فيكون هذا نَقْض الوتر.اهـ
وقال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في كتابه "المغني"(3/598):
ومعناه:
إذا قام للتهجد يصلي ركعة تشفع الوتر الأول، ثم يصلي مثنى مثنى، ثم يوتر في آخر التهجد.اهـ
وقال ابن رشد القرطبي ـ رحمه الله ـ في كتابه " البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة"(1/291):
ومنهم من يقول:
إذا أوتر أول الليل بعد أن صلى نافلة ثم أراد أن يصلي آخر الليل يشفع وتره بركعة، ثم يصلي ما شاء، ويوتر مرة أخرى.
وهذا القول مشهور في السلف، ويسمونه مسألة: " نقض الوتر ".اهـ
الوقفة الثانية / عن الأصناف التي تحتاج إلى معرفة حكم نقض الوتر.
يحتاج إلى معرفة حكم نقض الوتر، وما ورد حوله من أحاديث وآثار، وما للعلماء فيه من كلام، صنفان جليلان طيِّبان من الناس:
الصنف الأول: المُتَعَبِّدُون الصُّلَحاء.
وسبب ذلك أنه قد يقع منهم الوتر في أول الليل قبيل النوم ثم الاستيقاظ في منتصفه أو آخره والرغبة في مزيد من التهجد والقيام.
الصنف الثاني: طُلَّابُ العلم والفقه في الدين.
وذلك ليتقرر هذا الحكم في نفوسهم على بصيرة، ويحصل لهم فيه قوة ورسوخ، وإذا بينوه في أثناء تدريسهم أو إفتائهم كان بيانهم عن طمأنينة وثبات.
الوقفة الثالثة / عن كلام أهل العلم والفقه حول نقض الوتر لمن سبق له الْإِيتَار.
اختلف أهل العلم والفقه ـ رحمهم الله تعالى ـ في حكم نقض المتعبد وِتْرَهُ إذا رغب في مَزيد من الصلاة بعده على أقوال ثلاثة:
القول الأول: أنه لا ينقض وتره، ويتنفل بعده ما شاء مثنى مثنى من غير وتر.
وبه قال جماهير أهل العلم، وقد نسبه إليهم جمع كثير من العلماء، ومنهم:
ابن العربي في كتابه "عارضة الأحوذي"(2/255)، والقاضي عياض في كتابه "إكمال المعلم"(3/91) وابن رشد في كتابه "بداية المجتهد"(1/475-476) وابن جُزَي في كتابه "القوانين الفقهية"(ص107) وابن رجب الحنبلي في كتابه "فتح الباري"(6/256) والعيني في كتابه " البناية شرح الهداية"(2/504) والعراقي كما في "نيل الأوطار"(3/45) وابن حجر العسقلاني في كتابه "فتح الباري"(2/558عند حديث رقم:990) وعبيد الله المباركفوري في "مرعاة المفاتيح"(4/266عند حديث رقم:1266).
واختاره:
ابن المنذر وابن عبد البر والبغوي وابن حجر العسقلاني وعبيد الله المباركفوري وابن باز وابن عثيمين ومحمد علي آدم الأتيوبي.
وذلك لأمور عدة:
أولها: حديث: (( لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَة )).
وهو يدل على أنه لا يُوتَر في الليلة إلا وتر واحد.
وقد أخرجه أحمد (4/23) وأبو داود (1439) والترمذي (470) والنسائي (3/229) وابن خزيمة (2/156 رقم:1101) وابن حبان (2449) وغيرهم من حديث طلق بن علي ـ رضي الله عنه ـ.
وصححه: ابن حبان وابن خزيمة وأبو العباس القرطبي وأحمد شاكر والألباني ومحمد علي آدم الأتيوبي.
وقال الترمذي: حسن غريب.اهـ
وقال عبد الحق الإشبيلي عقب قول الترمذي المتقدم: وغيره يصحح الحديث.اهـ
وحسنه ابن الملقن وابن حجر العسقلاني والزرقاني.
وذكره الضياء المقدسي في "المختارة".
إلا أن في سنده قيس بن طلق بن علي الحنفي اليمامي، وهو مُخْتَلف فيه.
فقال الشافعي ــ رحمه الله ــ: قد سألنا عن قيس بن طلق فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره.اهـ
وقال ابن أبي حاتم ــ رحمه الله ــ: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث محمد بن جابر هذا فقالا: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة، ووهناه ولم يثبتاه.اهـ
وقال ابن معين ــ رحمه الله ــ: وقد أكثر الناس في قيس بن طلق، ولا يُحتج بحديثه.اهـ
وقال الدارقطني ــ رحمه الله ــ: ليس بالقوي.اهـ
وضعفه أيضاً: الإمام أحمد ــ رحمه الله ــ
وقال عثمان بن سعيد الدارمي ــ رحمه الله ــ: سألت يحيى بن معين قلت: عبد الله بن النعمان عن قيس بن طلق؟ قال: شيوخ يمامية ثقات.اهـ
وقال أبو داود ــ رحمه الله ــ: قلت لأحمد: قيس بن طلق؟ قال: ما أعلم به بأساً.اهـ
ونقل الخلال ــ رحمه الله ــ عن الإمام أحمد ــ رحمه الله ــ أنه قال: غيره أثبت منه.اهـ
وقال العجلي ــ رحمه الله ــ: تابعي ثقة.اهـ
وذكره ابن حبان ــ رحمه الله ــ في كتابه "الثقات".
وقال ابن حجر العسقلاني ــ رحمه الله ــ في كتابه "كشف الستر عن حكم الصلاة بعد الوتر"(ص31) عن الإمام أحمد:
وضعف حديث: (( لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَة )) أو حمله على الضرورة.اهـ
وأجيب عن هذا الحديث بجوابين:
أحدهما: أنه ضعيف.
والثاني: أن من شفع وتره فقد ألغاه، وأصبح كمن لم يوتر.h
ثانيها: حديث: (( اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْراً )).
وقد أخرجه البخاري (998) ومسلم (750) من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
وهو يدل على أن الوتر واحد.
وأجيب عن هذا الحديث بأجوبة:
الأول: أن من شفع وتره فقد ألغاه، وأصبح كمن لم يوتر، فإذا أوتر بعد ذلك فقد صدق عليه أنه جعل آخر صلاته بالليل وتراً.
الثاني: بما قاله الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه "فتح الباري" (6/255) إذ قال:
ولهذا روى ابن عمر هذا الحديث، وهو كان ينقض وتره، فدل على أنه فهمه منه.اهـ
الثالث: أن من أوتر، ثم نام، ثم قام فلم يشفع وتره، وصلى مثنى مثنى قد خالف هذا الحديث إذ لم يجعل آخر صلاته بالليل وتراً، بل جعلها شفعاً.
وإلى هذا المعنى أشار الإمام إسحاق بن راهويه ـ رحمه الله ـ كما في "مسائل إسحاق بن منصور الكوسج"(299).
ثالثها: القياس على الفريضة.
إذ قال الحافظ ابن المنذر ـ رحمه الله ـ في كتابه "الأوسط"(5/199):
ولا أعلم اختلافاً في أن رجلاً بعد أن أدى صلاة فرض كما فُرضت عليه، ثم أراد بعد أن فرغ منها نقضها أن لا سبيل له إليه، فحكم المختلف فيه من الوتر حكم ما لا نعلمهم اختلفوا فيه مما ذكرناه، وكذلك الحج والصوم والعمرة والاعتكاف لا سبيل إلى نقض شيء منها بعد أن يكملها.اهـ
وقد ثبت هذا القول عن ثلاثة من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، وهم:
أولاً: عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
فقد ذُكِر لها ـ رضي الله عنها ـ: الرجل يوتر ثم يستيقظ فيشفع بركع؟ فقالت: ((ذَلِكَ يَلْعَبُ بِوِتْرِه )).
وقد أخرجه عبد الرزاق (3/31 رقم:4687) واللفظ له، وابن أبي شيبة (:83 رقم:6744).
وقال سعيد بن جبير ـ رحمه الله ـ: (( ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ نَقْضُ الْوِتْرِ، فَقَالَتْ: لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ )).
وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2020).
ثانياً: عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ.
فقد قال ـ رضي الله عنه ـ: (( أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ، فَإِذَا قُمْتُ صَلَّيْتُ مَثْنَى مَثْنَى وَتَرَكْتُ وَتْرِي الْأَوَّلَ كَمَا هُوَ )).
وقد أخرجه ابن أبي شيبة (2/83 رقم:6734) واللفظ له، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"( 2004و 2019).
ثالثاً: عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
إذ قال ـ رضي الله عنه ـ: (( إِذَا أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَلَا يَشْفَعْ بِرَكْعَةٍ، وَصَلَّى شَفْعًا حَتَّى يُصْبِحَ )).
وقد أخرجه عبد الرزاق (3/30-31 رقم:4686و4685) واللفظ له، وابن أبي شيبة (6739و 6738).....يتبع