تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جنايات على العلم والمنهج (1) العكوف والدوران على كتب بعينها لا تُجاوز...



أبو فهر السلفي
2008-04-03, 01:22 PM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى له وصحبه ومن والاه وبعد...

فمن أشد المسالك خطراً على العلم وأهله =العكوف على كتب بعينها والدوران حولها قراءة وشرحاً وتحشية وتقريراً بحيث تهوي هذه الكتب بأخوات لها قبلها ومعها وبعدها في غياهب النسيان وجب الغفلة...وبحيث يؤدي هذا العكوف بالطالب إلى صنع سياج من الإلف والعادة يحول بينه وبين تتبع أوائل الأمور ،وتحقيق ما في هذا الكتب من تصورات وأحكام،ثم يقوده كل ذلك إلى سجن كبير يتعامل الطالب فيه مع ما ورد في هذه الكتب على أنه حزم من المسلمات التي لا يجوز نقضها أو حتى مجرد البحث في مدى سلامتها.

وهذه الجناية تحديداً هي التي أودت بالأزهر ذلكم الصرح العلمي الشامخ،والذي بات –من أثر هذه الجناية-عقبة كؤوداً في طريق التجديد والمجددين،وسيفا ً مسلولاً في وجه كل من يفكر في تجاوز تقريرات الرازي والسبكي ونظرائهم في مجالات العلم المختلفة.

وأنت تجد أثر هذه الجناية أينما وجهت بصرك وطوفت به في أبواب العلم..ولا يخفاك ما لمقدمة ابن الصلاح ونزهة الحافظ من سطوة على قلوب طلاب علم الحديث حتى أصبح مجرد التعرض لما فيهما من خلل منهجي تهمة ومن بدع المحدثين..

ولا يفوتني الإشارة إلى عبارة ابن الملقن الشهيرة عندما قال لبعض المالكية : أنتم قاسميون..أي إن دورانكم حول مدونة ابن قاسم وعدم تجاوزها إلى غيرها من المنقولات وسبل العلم بما كان علي مالك =رفع عنكم لقب المالكية ولم يبق لكم إلا لقب صاحب الكتب الذي تطوفون حوله...

وأنت اليوم تجدُ هذه الجناية في أوساط التعليم غير النظامي للسلفيين =وقد اتخذت أعتى صورها شراً وأشدها خطراً...

ذلك أن الدوران حول كتب بعينها قديماً كان يحصل في مستويات مختلفة من الكتب والمراحل العلمية..أما اليوم فالسلفيون يدورون حول مجموعة من الكتب المتقاربة المستوى ولا يعدونها إلى غيرها مما هو أشد صعوبة وأكثر عمقاً في العلم محل البحث...

فالكتب التي تُدَّرس في الاعتقاد بداية من ثلاثة الأصول وانتهاء بمتن الطحاوية كلها قريب من قريب..وليس فيها ما هو بعيد الغور بحيث يرفع من مستوى طالب العلم ويجعله مؤهلاً لفهم مطولات شيخ الإسلام أو لتحرير بعض مشكلات عقائد أهل السنة فضلاً عن فهم كتب أهل الفرق..ولا أستثني من الكتب المدرسة شيئاً سوى التدمرية على قلة ظاهرة في شروحها ومن يَدرسها ويُدرسها...

وأصول الفقه من الورقات إلى قواعد الأصول إلى...إلى...كلها كالسابق لا يُستثنى إلى ما يصنعه البعض من تدريس وشرح روضة الناظر وهو شيء يكاد يكون محصوراً في الدراسة النظامية أما خارجها فأندر من النادر فضلاً عن الخلل الناتج من اعتبار الروضة مرحلة صالحة للتدريس بعد المتون المختصرة...

وقس على هذا....

ولولا عناية بعض مدرسي مصطلح الحديث بتدريس مثل شرح العلل ومقدمة ابن الصلاح والنكت لكانت العلوم جميعاً هكذا...على أن الصورة في المصطلح أيضاً ليست وردية تماماً...


وفوق ماذكرنا من سلبيات هذا العكوف فإن الصورة المعاصرة تضيف لنا سلبية جديدة وهي : أن المدرسين المعاصرين لديهم القدرة على شرح الكتب المتقدمة الأشد عمقاً ولكن هذه الصورة ستُنتج لنا جيلاً من المدرسين عاجز عن تجاوز هذه الكتب وفهمها وبالتالي عاجز عن شرحها...إلا إذا عانى هذا الشرح اعتماداً على الفهم الذاتي والمصيبة عندئذ تكون غالباً أعظم....

وأنت تجد أن لطالب المجد إذا تجاوز الكتب المبتدئة فإنه لا يجد من يأخذ بيده ويساعده على ما هو أبعد غوراً منها وأشد عمقاً...فلا يجد حيلة إلا أن ينقلب مدرساً لما درسه هو من كتب البدايات...وبالت لي تخسر الأمة عالماً كان منتظراً...أو أن يُقبل هو على فهم المطولات بنفسه وغالباً ما يُنتج هذا متعالماً متفيهقاً جديداً تبتلى به الأمة...


وإذاً:

فلابد من الترقي في مدارج الطلب وأن يُصاحب هذا الترقي ترقياً من المدرسين والشراح فلا يطوفون حول كتب معينة لا يغادرونها إلا لما هو أغرب اسماً ولا يبعد عن مستوى ما يدرسون...في سلسلة نكدة من التكرار والاجترار...بل لابد من الانطلاق إلى تراث القرون السابقة ومعاناة شرحه وتقريبه للأجيال المعاصرة..وأن نعرفهم مظان العلم وأن نعودهم التحقيق ومعاناة بذل الوسع في الوصول إلى الحق دونما آصار أو أغلال تقعد بهم عن بلوغ أسمى الغايات...

رشيد الحضرمي
2008-04-03, 05:06 PM
هذه من روائعك يا أبا فهر .
فالتجديد في القراءة يولّد تجديداً في التفكير.

عبد الوهاب أحد
2008-04-03, 05:53 PM
كلام يحتاج إلى التأمل..
لكن فهم كلام درء التعارض وغيره من الكتب الصعبة متوقف على الغوص في اعماق علم الفلاسفة وعلم الكلام، وقد حرّم ذلك على السلفيين، خوفا على عقيدتهم، فما السبيل لهم إذا؟؟

أبو فهر السلفي
2008-04-03, 11:11 PM
بارك الله فيكم...وإهمال بعض آلات الشر التي لا هي أحد سبل كتب الخير كالفلسفة =أحد الجنايات...

أبو هارون الجزائري
2008-04-03, 11:45 PM
حبذا لو ركز اخواننا على الكتب الفقهية الأساسية، بل إذا وجدت البعض من الاخوة الحريصين على الإطلاع لوجدته منهمكا على سبل السلام ونيل الأوطار وهي كتب حديث وليست بكتب فقه. وبينهما فرق معلوم لذا أهل الإختصاص.

لكن الذي أعرفه أن المدارس التقليدية وأضرب لك مثلا ببلاد المغرب فالفقه يدرس على الأسس الصحيحة. فمالكية المغرب يبدؤون بالأخضري ثم منظومة ابن عاشر ثم الرسالة ثم متن خليل.

ومن سيطر على مسائل ابن عاشر فقد حاز علما وفيرا في أحكام العبادات.

مالكية مصر يبدؤون بالعشماوية على حد علمي.

بارك الله فيك أخي، نصيحتك في الصميم.

أسأل الله أن يعجل برجوع الأيام الزاهية أيام الحضارة والإزدهار.

نضال مشهود
2010-03-22, 04:25 PM
كلام يحتاج إلى التأمل..
لكن فهم كلام درء التعارض وغيره من الكتب الصعبة متوقف على الغوص في اعماق علم الفلاسفة وعلم الكلام، وقد حرّم ذلك على السلفيين، خوفا على عقيدتهم، فما السبيل لهم إذا؟؟

بل وجدتُ العكس . . نقرأ الدرء ومن ثم نفهم مقاصد الكلام والفلسفة . أما محاولة تفهم الكلام والفلسفة قبل الدرء فلن ينتج - في الغالب - شيئا . وسببه أن عبارات شيخ الإسلام وطريقة عرضه للمسائل = أسهل بكثير من صنيع القوم في كتبهم فضلا عن سعة الأفق وصحة المضمون .

أبو فهر السلفي
2010-03-22, 10:48 PM
أختلف معك أخي نضال ،ولا تهمني القبلية ولا البعدية بقدر ما يهمني إخبارك أن طالب العلم الذي يكتفي بكتب الشيخ في معرفة مقالات الفلاسفة = تكون معرفته ناقصة مشعثة ولا يكون صاحب تصور تام أبداً..

نضال مشهود
2010-03-23, 09:38 AM
أما أن يكتفي الطالب بكتب الشيخ لمعرفة مقالات القوم فلا أقوله ولا أحث عليه . فالمصادر الثانوية لا تغني أبدا عن الأولية . لكن كتب الشيخ هي النافذة الأساسية للتعرف على عقائد السلف المفصلة وللتعرف على ما يخالفها من آراء المتكلمين وأهواء المتفلسفين . وفيه شرح واضح متوازن لمبادئها وأصولها لا نجدها في كتب القوم نفسه لا في (عيون الحكمة) ولا حتى في (مقاصد) الغزالي . ثم إن كتاب (درء التعارض) بالذات - وهو الذي عليه كلامي السابق - كتاب جماع وليس مجرد تصوير وأخذ ورد . فكم نقل فيه الشيخ نصوصا مهمة من بطون الكتب الفلسفية والكلامية - قديمها ومتأخرها ، مطبوعها ومخطوطها ومفقودها - ما يجعل مطالعة هذا الكتاب أدت ببعض وظيفة مطالعة المصادر الأولية وزيادة . ومن تجربتي الشخصية أنني كنت قابلت على (النجاة) و (تهافت التهافت) وليس عندي حينها من المادة السنية غير كتاب (التوحيد) و(الأصول الثلاثة) وشيئ من الفتاوى العثيمينية ، فلا أفهم منهما غير حرف واحد . . حتى أتيت إلى (الجواب الصحيح) و(درء التعارض) ففهمت مقاصد القوم فقرأت الكتابين بدون عناء يذكر وسهل علي بعدها قراءة ملخصات الرازي وشروح الطوسي - فلله الحمد في الأولى والآخرة .

أبو فهر السلفي
2010-03-23, 12:09 PM
المهم أننا متفقان أن مقالات الفلاسفة تدرك إدراكاً تاماً من مصادرها الأصلية..

أبو عبد الله عيسى
2010-03-23, 10:02 PM
والله نصائح في القمة تدل على فطنة صاحب المقال
نعم لا بد من وفقة تأمل في هذه المقالة ....وفقك الله لكل خير

أبو الحسن الرفاتي
2010-03-24, 02:00 PM
لي عودة بارك الله فيكم

نضال مشهود
2010-03-28, 10:11 AM
المهم أننا متفقان أن مقالات الفلاسفة تدرك إدراكاً تاماً من مصادرها الأصلية..
متفق عليه ، لكن مع التنبيه بأن هذا لا يكفي للإدراك التام بالفلسفة ، بل لا بد من مقارنتها بكتب السلف وأتباعهم كي نستطيع أن نضع أفكار الفلاسفة في مكانها اللائق بها من الحقيقة والبطلان والنفع والضرر والصلاح والفساد . بارك الله فيكم شيخنا الحبيب .

بوشجاع عبدالله
2010-07-26, 10:51 PM
جزاكم الله خيرا ....
ورفع قدركم ،،

بدرالسعد
2010-07-27, 01:21 PM
لابد من الدوران حول منظومة واحدة في بدايات التكوين الفكري
ولولا الدوران لضعف العقل عن المقارنة والتحليل

فالدوران حول منظومة اجمع على صحتها ضمان من التردي يمينا او شمالا
اما التجديد والبحث فهذا مطلب الجميع المهم الدوران حول منظومة صحيحة

فالمتغيرات المعاصرة والفتن تواجهها الثوابت والا فسد التجديد بأصحابه

السليماني
2010-07-28, 11:21 PM
بل يجب إماتة هذه العلوم ومنها الفلسفة

ففائدتها قليلة وخطرها عظيم فإن القلوب ضعيفة والشبه خطافة

فقد حذر السلف من كتب الكلام وبينوا خطرها

ورد العلماء على هؤلاء من باب الضرورة

فيجب على السني دراسة العقيدة وضبطها على المشايخ

والاهتمام بعلم الحديث والتفسير والفقه المدعم بالدليل

فإن العمر قصير والعلم النافع في كتب السلف التي نسيها أكثر طلبة العلم ...