محمد شمس الحق صديق
2015-05-21, 10:57 PM
يقول الدكتور حسن فرحان المالكي بأن الملحد سيدخل الجنة، ومرجع قوله أن الإلحاد أصبح أمرا شائكا، والملحد يجد في نفسه شكوكا لا يجد إجابة، وهو في الوقت ذاته باحث عن الحقيقة. فالباحث عن الحقيقة في وقت تشوشت فيه صورة الإسلام من المتوقع أنه سيدخل الجنة.
وهذا كلام غريب حقًا. فالملحد إذا كان باحثًا عن الحقيقة لدرس القرآن الكريم وتعمق فيه ووجد ضالته فيه. وإذا كان لا يجد ضالته في القرآن الكريم فمعناه أن في قلبه مرض يمنعه من اكتشاف الحقيقة وتبنيها والاعتراف بها.
ثم إن الإلحاد، رغم اتكائه على نظريات كثيرة في العصر الحديث، إلا أنه لا يستند إلى أي أساس علمي متين. فرفض وجود الله تعالى يقتضي أن تكون بيد الإنسان تفسير مادي متكامل ومقنع حول خلق السماوات والأرض وما بينهما من غير أي تدبير وخلق إلهي. وهذا النوع من التفسير مفقود إلى حد اليوم وسيظل مفقودا إلى الأبد. فجميع التفسيرات التي حاولت تحييد فكرة الإله عن الكون قد فشلت فشلا ذريعا وسيظل يفشل حتى تخرج دابة الأرض لتكلمهم أنهم كانوا بآيات الله لا يوقنون. كما ورد في قوله تعالى : (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) النمل-82
نعم يجب على الدعاة أن يوفروا الأجوبة المقنعة للملحدين و يطرقوا أبوابهم بخطابهم الدعوي المقنع وأن يهدوهم إلى سواء السبيل غير أن تقاعسهم عن ذلك لا يعني أبدا أنهم سيدخلون الجنة بدعوى عدم قيام الحجة، بل الحجة الأولية قد قامت عليهم فعلا بعد بعثة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم وسمع الناس به، سواء أكان سمعهم به إجمالا أم تفصيلا. فقد روى أبي هريرة رضى الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ( رواه مسلم: رقم الحديث 153)
نعم ينبغي على الدعاة أن يصلوا بالناس إلى مرحلة البلاغ المبين الذي يستحق بعده المدعو الرافض العذاب الأدني في الدنيا قبل الآخرة انطلاقًا من قوله تعالى : وَلَنُذِيقَنَّه ُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (سورة السجدة: 21)
وقوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" (سورة الإسراء:15)
يقول ابن عاشور: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً }عطف على آية { من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه } الآية.
وهذا استقصاء في الإعذار لأهل الضلال زيادة على نفي مؤاخذتهم بأجرام غيرهم، ولهذا اقتصر على قوله: { وما كنا معذبين } دون أن يقال ولا مثيبين. لأن المقام مقام إعذار وقطع حجة وليس مقام امتنان بالإرشاد.والعذا هنا عذاب الدنيا بقرينة السياق وقرينة عطف{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها }[الإسراء: 16] الآية. ودلت على ذلك آيات كثيرة، قال الله تعالى:{ وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين }[الشعراء: 209] وقال: { فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون } [يونس: 47].
على أن معنى (حتى) يؤذن بأن بعثة الرسول متصلة بالعذاب شأن الغاية، وهذا اتصال عرفي بحسب ما تقتضيه البعثة من مدةٍ للتبليغ والاستمرار على تكذيبهم الرسول والإمهال للمكذبين، ولذلك يظهر أن يكون العذاب هنا عذاب الدنيا وكما يقتضيه الانتقال إلى الآية بعدها." (ابن عاشور: التحرير والتنوير، تفسير الآية رقم 15 من سورة الإسراء)
أما عذاب الآخرة فسوف يطال كل من سمع ببعثة الرسول ولم يؤمن به وإن كان الدعاة سيؤاخذون على تقاعسهم عن البلاغ المبين على وجهه الأمثل بدليل قوله تعالى : فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7) (سورة الأعراف: 6-7 )
والمقصود بالمرسلين هنا هم الرسل وكل من ينوب عنهم في توصيل رسالة الله تعالى إلى البشرية الضالة، ويدل عليه قوله تعالى : وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ . إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) ( سورة يس:13- 14)
يقول قتادة في تفسير هذه الآية: ( وَاضْربْ لَهُمْ مَثَلاً أصحَابَ القَرْيَةِ إذْ جاءَها الـمُرْسَلُونَ إذْ أرْسَلْنا إلَـيْهِمُ اثْنَـيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ( قال: ذُكر لنا أن عيسى بن مريـم بعث رجلـين من الـحواريـين إلـى أنطاكية مدينة بـالروم فكذّبوهما، فأعزّهما بثالث، ( فَقالُوا إنَّا إلَـيْكُمْ مُرْسَلُونَ ). ( انظر الطبري: تفسير الآيتين 13 و 14 من سورة يس).
فالمشرك والملحد الذي يعيش في العصر الحديث، بخاصة، لا يدخل الجنة أبدا إذا مات على ما هو عليه. فالبلاغ الأولي قد تم بواسطة وسائل حديثة وفرها الله تعالى لتبليغ دينه وتوصيل كلمته إلى كل بيت مدر ووبر. أما الإمعان في البلاغ و الاستمرار في تبيين الرشد من الغي وتوجيه دعوة الدخول في دين الله فذلك واجب شرعي يلزم على المسلم أن يقوم به إذا أراد إدراج نفسه ضمن قائمة متبعي النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم. يقول تعالى:
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (سورة يوسف: 108)
يقول الطبري في تفسير هذه الآية: "يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا مـحمد { هَذِهِ } الدعوة التـي أدعو إلـيها، والطريقة التـي أنا علـيها من الدعاء إلـى توحيد الله وإخلاص العبـادة له دون الآلهة والأوثان والانتهاء إلـى طاعته وترك معصيته، { سَبِـيـلِـي } وطريقتـي ودعوتـي { أدْعُو إلـى اللّهِ } وحده لا شريك له { علـى بَصِيرَةٍ } بذلك، ويقـين وعلـم منـي به، { أنَا وَ } يدعو إلـيه علـى بصيرة أيضاً { مَن اتَّبَعَنِـي } وصدّقنـي وآمن بـي. { وَسُبْحانَ اللّهِ } يقول له تعالـى ذكره: وقل تنزيهاً لله وتعظيـماً له من أن يكون له شريك فـي ملكه أو معبود سواه فـي سلطانه، { وَما أنا مِنَ الـمُشْرِكِينَ } يقول: وأنا بريء من أهل الشرك به، لست منهم ولا هم منـي" ( الطبري: تفسير الآية 108 من سورة يوسف)
وهذا كلام غريب حقًا. فالملحد إذا كان باحثًا عن الحقيقة لدرس القرآن الكريم وتعمق فيه ووجد ضالته فيه. وإذا كان لا يجد ضالته في القرآن الكريم فمعناه أن في قلبه مرض يمنعه من اكتشاف الحقيقة وتبنيها والاعتراف بها.
ثم إن الإلحاد، رغم اتكائه على نظريات كثيرة في العصر الحديث، إلا أنه لا يستند إلى أي أساس علمي متين. فرفض وجود الله تعالى يقتضي أن تكون بيد الإنسان تفسير مادي متكامل ومقنع حول خلق السماوات والأرض وما بينهما من غير أي تدبير وخلق إلهي. وهذا النوع من التفسير مفقود إلى حد اليوم وسيظل مفقودا إلى الأبد. فجميع التفسيرات التي حاولت تحييد فكرة الإله عن الكون قد فشلت فشلا ذريعا وسيظل يفشل حتى تخرج دابة الأرض لتكلمهم أنهم كانوا بآيات الله لا يوقنون. كما ورد في قوله تعالى : (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) النمل-82
نعم يجب على الدعاة أن يوفروا الأجوبة المقنعة للملحدين و يطرقوا أبوابهم بخطابهم الدعوي المقنع وأن يهدوهم إلى سواء السبيل غير أن تقاعسهم عن ذلك لا يعني أبدا أنهم سيدخلون الجنة بدعوى عدم قيام الحجة، بل الحجة الأولية قد قامت عليهم فعلا بعد بعثة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم وسمع الناس به، سواء أكان سمعهم به إجمالا أم تفصيلا. فقد روى أبي هريرة رضى الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ( رواه مسلم: رقم الحديث 153)
نعم ينبغي على الدعاة أن يصلوا بالناس إلى مرحلة البلاغ المبين الذي يستحق بعده المدعو الرافض العذاب الأدني في الدنيا قبل الآخرة انطلاقًا من قوله تعالى : وَلَنُذِيقَنَّه ُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (سورة السجدة: 21)
وقوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" (سورة الإسراء:15)
يقول ابن عاشور: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً }عطف على آية { من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه } الآية.
وهذا استقصاء في الإعذار لأهل الضلال زيادة على نفي مؤاخذتهم بأجرام غيرهم، ولهذا اقتصر على قوله: { وما كنا معذبين } دون أن يقال ولا مثيبين. لأن المقام مقام إعذار وقطع حجة وليس مقام امتنان بالإرشاد.والعذا هنا عذاب الدنيا بقرينة السياق وقرينة عطف{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها }[الإسراء: 16] الآية. ودلت على ذلك آيات كثيرة، قال الله تعالى:{ وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين }[الشعراء: 209] وقال: { فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون } [يونس: 47].
على أن معنى (حتى) يؤذن بأن بعثة الرسول متصلة بالعذاب شأن الغاية، وهذا اتصال عرفي بحسب ما تقتضيه البعثة من مدةٍ للتبليغ والاستمرار على تكذيبهم الرسول والإمهال للمكذبين، ولذلك يظهر أن يكون العذاب هنا عذاب الدنيا وكما يقتضيه الانتقال إلى الآية بعدها." (ابن عاشور: التحرير والتنوير، تفسير الآية رقم 15 من سورة الإسراء)
أما عذاب الآخرة فسوف يطال كل من سمع ببعثة الرسول ولم يؤمن به وإن كان الدعاة سيؤاخذون على تقاعسهم عن البلاغ المبين على وجهه الأمثل بدليل قوله تعالى : فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7) (سورة الأعراف: 6-7 )
والمقصود بالمرسلين هنا هم الرسل وكل من ينوب عنهم في توصيل رسالة الله تعالى إلى البشرية الضالة، ويدل عليه قوله تعالى : وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ . إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) ( سورة يس:13- 14)
يقول قتادة في تفسير هذه الآية: ( وَاضْربْ لَهُمْ مَثَلاً أصحَابَ القَرْيَةِ إذْ جاءَها الـمُرْسَلُونَ إذْ أرْسَلْنا إلَـيْهِمُ اثْنَـيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ( قال: ذُكر لنا أن عيسى بن مريـم بعث رجلـين من الـحواريـين إلـى أنطاكية مدينة بـالروم فكذّبوهما، فأعزّهما بثالث، ( فَقالُوا إنَّا إلَـيْكُمْ مُرْسَلُونَ ). ( انظر الطبري: تفسير الآيتين 13 و 14 من سورة يس).
فالمشرك والملحد الذي يعيش في العصر الحديث، بخاصة، لا يدخل الجنة أبدا إذا مات على ما هو عليه. فالبلاغ الأولي قد تم بواسطة وسائل حديثة وفرها الله تعالى لتبليغ دينه وتوصيل كلمته إلى كل بيت مدر ووبر. أما الإمعان في البلاغ و الاستمرار في تبيين الرشد من الغي وتوجيه دعوة الدخول في دين الله فذلك واجب شرعي يلزم على المسلم أن يقوم به إذا أراد إدراج نفسه ضمن قائمة متبعي النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم. يقول تعالى:
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (سورة يوسف: 108)
يقول الطبري في تفسير هذه الآية: "يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } يا مـحمد { هَذِهِ } الدعوة التـي أدعو إلـيها، والطريقة التـي أنا علـيها من الدعاء إلـى توحيد الله وإخلاص العبـادة له دون الآلهة والأوثان والانتهاء إلـى طاعته وترك معصيته، { سَبِـيـلِـي } وطريقتـي ودعوتـي { أدْعُو إلـى اللّهِ } وحده لا شريك له { علـى بَصِيرَةٍ } بذلك، ويقـين وعلـم منـي به، { أنَا وَ } يدعو إلـيه علـى بصيرة أيضاً { مَن اتَّبَعَنِـي } وصدّقنـي وآمن بـي. { وَسُبْحانَ اللّهِ } يقول له تعالـى ذكره: وقل تنزيهاً لله وتعظيـماً له من أن يكون له شريك فـي ملكه أو معبود سواه فـي سلطانه، { وَما أنا مِنَ الـمُشْرِكِينَ } يقول: وأنا بريء من أهل الشرك به، لست منهم ولا هم منـي" ( الطبري: تفسير الآية 108 من سورة يوسف)