مشاهدة النسخة كاملة : عرِّف الكفر شرعا ؟
الموحد
2007-03-12, 01:24 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا شك أن أعظم ما يجتهد الإنسان في معرفته معرفته ربه ودينه ونبيه
وإن أعظم هذه الأمور خطرا ، وأجلها ذكرا ، هي مسائل الإيمان والكفر
ولدي هاهنا تساؤلان اثنان :
الأول : تعريف الكفر شرعا ؟
الثاني : كيف ينطبق هذا التعريف على نوعي الكفر ؟
أتمنى عليكم الاجتهاد في تعليمي ، وألا تبخلوا عليَّ بما تجوده فهومكم .
أخوكم الموحد
الناصح الصادق
2007-03-12, 01:28 AM
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أدب رفيع في طرح السؤال
أعجبني
ربنا يوفقك
و سؤالين جيّدين
الموحد
2007-03-19, 02:32 PM
للرفع
بروق أندلسية
2007-03-29, 03:45 AM
الكفر فيما أعرف هو:
فعل مايناقض الإيمان
ولأنه من أجل الأمور خطراً
فقد:
1) حذرنا من طرقه وانحرافاته
2) وحذرنا من أن يقول أحدنا لأخيه ياكافر
وعلمنا أصحاب نبينا الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية كيف تورعوا عن هذين الأمرين كلاهما حتى عند فتنة الخوارج الذين أصابوا أموراً شنيعة
بروق أندلسية
2007-03-29, 03:53 AM
أبحاث مفيدة في هذا الجانب عند شيخ الإسلام ابن تيمية:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=1635
وفقكم الله للهدى والرشاد
الموحد
2007-03-31, 02:40 AM
الكفر فيما أعرف هو:
فعل مايناقض الإيمان
سؤالي هو كيف ينطبق هذا على نوعي الكفر
الناصح الصادق
2007-04-07, 10:12 PM
السلام عليكم و رحمة الله
للرفع من أجل إزالة الإشكال عن أخينا
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الموحد
2007-04-15, 02:06 AM
السلام عليكم و رحمة الله
للرفع من أجل إزالة الإشكال عن أخينا
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
رفع الله قدرك ، وأعلى منزلتك
بوركت أخي من ناصحٍ وصادقٍ فيما أحسب وأنت أهل
الموحد
2007-05-06, 02:38 AM
الكفر فيما أعرف هو:
فعل مايناقض الإيمان
هذا يعني أن تعريف الكفر لابد له من تعرف الإيمان
وهذا هو أحد أوجه السؤال من جهة الضد
فسؤالي التالي ولا تستغرب منه
ما الإيمان شرعاً ؟
ننتظر جوابكم وأعتذر عن التأخير
الموحد
2007-08-04, 04:34 AM
يرفع
لعل أخينا بروق أندلسية يتكرم ويجيبنا على سؤالنا
ما الإيمان شرعا ؟
وعذرا على الانقطاع
أبو المقداد
2007-08-04, 03:53 PM
الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح . وهذا لا يخفى.
فلعل أخانا الموحد يوضح ما يرمي إليه وفقه الله.
الموحد
2007-08-05, 11:43 AM
الأخ الكريم أبو المقداد
ما تفضلت به لا يختلف عليه أهل السنة أنه حق ، ولكن ليس هو جوابا لسؤالي
لو كان سؤالي ما محل الإيمان شرعا ؟ لقلتُ مثل ما قلتَ
ولكن سؤالي بارك الله فيك ما الإيمان شرعا ؟
وأظنك تعلم بأن محل الإيمان ليس هو الإيمان ، وإن كان لازما له .
هذا ما بدا لي ، فإن كان خطأً فبينه لي رحمني الله وإياك
أخوك الموحد
أبو حازم الكاتب
2007-08-05, 10:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
أخي الكريم الموحد وفقني الله وإياك :
هناك من عرف الكفر بالضد وهو المسمى بالتعريف السلبي فقال : ( هو عدم الإيمان ) كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ في أحد تعريفيه والكفوي في الكليات ( ص 763 ) وابن فارس في معجم مقاييس اللغة ( 5 / 191 ) وغيرهم .
قال ابن تيمية رحمه الله : ( والكفر عدم الايمان باتفاق المسلمين سواء اعتقد نقيضه وتكلم به او لم يعتقد شيئا ولم يتكلم ولا فرق فى ذلك ) مجموع الفتاوى ( 20 / 86 ) وينظر مجموع الفتاوى ( 8 / 348 )
وقال ايضاً : ( الكفر عدم الايمان بالله ورسله سواء كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب بل شك وريب أو إعراض عن هذا كله حسدا أو كبرا أو اتباعا لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة .. ) مجموع الفتاوى ( 12 / 335 )
وهنا نقول ما هو الإيمان إذا المراد هنا حتى نعلم الكفر ؟الجواب : عرف الإيمان بالمعنى العام عدة تعريفات منها :
- ( أنه جميع الطاعات الظاهرة والباطنة والباطنة أعمال القلب وهو تصديق القلب والظاهرة هي أفعال البدن الواجبات والمندوبات ) وهذا تعريف القاضي أبي يعلى : مسائل الإيمان ( ص 151 ) وبنحوه قال قوام السنة في الحجة في بيان المحجة ( 1 / 403 )
- وعرفه السعدي _ رحمه الله _ بقوله ( اعتقاد ما جاء به الرسول والتزامه جملة وتفصيلاً ) الإرشاد إلى معرفة الأحكام ( ص 203 ، 204 )
ويفصلون ذلك اكثر حينما وجد من خالف في هذا المعنى العام من المرجئة وغيرهم فيقولون هو : قول وعمل وتارة يقولون : ( قول وعمل ونية ) وتارة يقولون : ( قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح ) وهذا تعريف بحقيقة الإيمان كما نقول الصلاة : ( أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم )
والتعريف قد يكون بأجزاء الشيء وأركانه أو بذكر أقسامه على حسب ما يحصل به التمييز بينه وبين غيره .
وهناك من عرف الكفر بغير الضد وهو التعريف الإيجابي ومن ذلك :
1 - تعريف ابن القيم رحمه الله : ( الكفر جحد ما علم أن الرسول جاء به سواء كان من المسائل التي تسمونها علمية أو عملية ) مختصر الصواعق المرسلة ( 2 / 421 )
2 - تعريف ابن تيمية رحمه الله : ( الكفر يكون بتكذيب الرسول (ص) فيما أخبر به أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه ) درء تعارض العقل والنقل ( 1 / 242 )
3 - تعريف ابن حزم رحمه الله قال : ( جحد الربوبية وجحد نبوة نبي من الأنبياء صحت نبوته في القرآن أو جحد شيء مما أتى به رسول الله (ص) مما صح عند جاحده بنقل الكافة أو عمل شيء قام البرهان بأن العمل به كفر ) الفصل في الملل والنحل ( 3 / 253 ) وينظر الإحكام ( 1 / 45 )
4 - وقال السبكي رحمه الله : ( جحد الربوبية أو الوحدانية أو الرسالة أو قول أو فعل حكم الشارع بأنه كفر وإن لم يك جحداً ) فتاوى السبكي ( 2 / 586 )
5 - وقال السعدي رحمه الله في تعريفه : ( جحد ما جاء به الرسول أو جحد بعضه ) الإرشاد إلى معرفة الأحكام ( ص 203 ، 204 )
ولعل تعريف ابن حزم والسبكي يكون أجمعها لكونهما أدخلا الكفر العملي وهو داخل عند ابن تيمية وابن القيم لكنهما ذكر أهم الأجزاء .
يبقى سؤال وهو أن هذا يخص الكفر الأكبر فأين الكفر الأصغر ؟والجواب : أن العلماء يذكرون أحيانا في التعريف أهم أجزاء المعرف وهو التعريف بالأخص وأحيانا يعرفون بالتعريف الأعم ، وتعريف الشيء بأهم أجزائه وأفراده جرت به العادة إذ يصعب أحيانا تعريف الشيء إذا كان يندرج تحته أقسام مختلفة في حقائقها وأحكامها فهنا يعرف بأهم هذه الأجزاء ولذلك مثلاً القياس يشتمل على قياس صحيح وقياس فاسد وقياس عكس وقياس طرد ومع ذلك اشتهر تعريفه بأنه ( إلحاق مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت ) وهذا لا يدخل فيه القياس الفاسد مع أنه قياس ولا يدخل فيه قياس العكس مع أنه قياس ولذلك ذهب بعضهم إلى عدم تعريف القياس لهذا السبب كالجويني لكن الجمهور عرفوه بأهم أجزائه ؛ لأن المقصود تصوره وتمييزه عن غيره وأهم أقسامه القياس الصحيح الطردي .
وهكذا هنا لم يدخل الكفر الأصغر لكون الكفر الأكبر هو أهم الأجزاء هذا من وجه ومن وجه آخر هناك فرق بين الاسم المطلق وبين المعنى المطلق للاسم فالكفر المطلق هو الأكبر ومطلق الكفر يدخل فيه الأصغر ونحن هنا نعرفه بالكفر المطلق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ليس كل من قام به شعبة من شعب الكفر يصير بها كافرا الكفر المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير بها مؤمنا حتى يقوم به أصل الإيمان وحقيقته ، وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله (ص) : " ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة " وبين كفر منكر في الإثبات .
وفرق أيضا بين معنى الاسم المطلق إذا قيل : كافر أو مؤمن وبين المعنى المطلق للاسم في جميع موارده كما في قوله : " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " فقوله : يضرب بعضكم بعض تفسير للكفار في هذا الموضع وهؤلاء يسمون كفارا تسمية مقيدة ولا يدخلون في الاسم المطلق إذا قيل كافر أو مؤمن كما أن قوله تعالى : ففف من ماء دافق ققق سمى المني ماء تسمية مقيدة ولم يدخل في الاسم المطلق حيث قال : ففف فلم تجدوا ماء فتيمموا ققق ) اقتضاء الصراط المستقيم ( 1 / 208 - 209 )
ثم ليعلم أن المناطقة المتأخرين اشترطوا في التعريف المساواة بين التعريف والمعرف في الماصدقات بحيث لا يكون أعم ولا أخص ولا مباينا له لكن المتقدمين منهم لم يشترطوا ذلك في كل التعريفات وجوزوا تعريف الشيء بالأعم والأخص والتعريف بالعرض العام كتعريف الإنسان بأنه حيوان ماش فهم اعتبروا التصور في الكنه أو بوجه ما سواء كان يميزه عن جميع ما عداه أو عن بعض ما عداه .
والتعريف بالضد وهو التعريف السلبي جائز وإن كان الأدق أن يكون التعريف إيجابيا ما أمكن .
والمقصود أن الغاية من التعريف تمييز المحدود عن غيره وعليه فهو يشمل الحد المنطقي والرسمي واللفظي .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( الحد هو الفصل والتمييز بين المحدود وغيره يفيد ما تفيده الأسماء من التمييز والفصل بين المسمى وبين غيره فهذا لا ريب فى أنه يفيد التمييز فأما تصور حقيقة فلا لكنها قد تفصل ما دل عليه الاسم بالاجمال وليس ذلك من ادراك الحقيقة فى شىء ) مجموع الفتاوى ( 9 / 49 ) نقض المنطق .
وقد أنكر كثير من الأصوليين والمتكلمين الحد المفهوم عند المناطقة ولذلك قال الباقلاني في تعريف الحد : هو العبارة عن المقصود بما يحصره ويحيط به إحاطة تمنع أن يدخل فيه ما ليس منه وأن يخرج عنه ما هو منه ) أي أنه يكون جامعا مانعا يمنع الوالج من الخروج والخارج من الولوج وهذا الضابط أبرد من الثلوج .
قال ابن تيمية : ( وكلما تدبر العاقل هذا وعرفه معرفة جيدة تبين له أن الصواب ما عليه نظار المسلمين جماهير العقلاء من أن الحدود بمنزلة الاسماء وهو تفصيل ما دل عليه الاسم بالاجمال وأن المطلوب من الحد هو التمييز بين المحدود وغيره وذلك يكون بالوصف الملازم له طردا وعكسا بحيث يكون الحد جامعا مانعا ) الرد على المنطقيين ( ص 358 - 359 )
والله أعلم
عبدالله الشهري
2007-08-05, 10:55 PM
قال ابن تيمية رحمه الله : ( والكفر عدم الايمان باتفاق المسلمين سواء اعتقد نقيضه وتكلم به او لم يعتقد شيئا ولم يتكلم ولا فرق فى ذلك ) مجموع الفتاوى ( 20 / 86 ) وينظر مجموع الفتاوى ( 8 / 348 )
وقال ايضاً : ( الكفر عدم الايمان بالله ورسله سواء كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب بل شك وريب أو إعراض عن هذا كله حسدا أو كبرا أو اتباعا لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة .. ) مجموع الفتاوى ( 12 / 335 )
أفهم من هذا أن الجاهل بأمر الدين والرسالات لا يسمى "كافراً" ، وعزز فهمي عموم الآيات التي تطلق لفظ الكفر في سياقات الجحد والتكذيب والمعاندة. فما رأيكم ؟
عبدالله الشهري
2007-08-05, 11:13 PM
قال ابن تيمية : ( وكلما تدبر العاقل هذا وعرفه معرفة جيدة تبين له أن الصواب ما عليه نظار المسلمين جماهير العقلاء من أن الحدود بمنزلة الاسماء وهو تفصيل ما دل عليه الاسم بالاجمال وأن المطلوب من الحد هو التمييز بين المحدود وغيره وذلك يكون بالوصف الملازم له طردا وعكسا بحيث يكون الحد جامعا مانعا ) الرد على المنطقيين ( ص 358 - 359 )
والله أعلم
جزاكم الله خيرا. والدليل على صدق هذا أن كل مسمى في الوجود لابد أن يكون بينه وبين مسمى آخر قدر مشترك ، قل أو كثُر ، إن لم يكن ذلك في الجنس الأقرب فهو (القدر المشترك) لا محالة سيوجد في الجنس الأبعد ، والأمثلة تفوق الحصر. ولذلك لا يمكن بأي حال أن يتحقق ضابط الجمع والمنع تحققاً تاماً من كل وجه.
أبو حازم الكاتب
2007-08-05, 11:52 PM
بارك الله فيك .
من أين فهمت هذا ؟
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عرف الكفر بعدم الإيمان وعدم الإيمان قد يكون للتكذيب وقد يكون للجحود وقد يكون للجهل .
قال ابن القيم رحمه الله : ( قالوا والقلب عليه واجبان لا يصيره مؤمنا الا بهما جميعا واجب المعرفة والعلم وواجب الحب والانقياد والاستسلام فكما لا يكون مؤمنا إذا لم يأت بواجب العلم والاعتقاد لا يكون مؤمنا إذا لم يأت بواجب الحب والانقياد والاستسلام بل إذا ترك هذا الواجب مع علمه ومعرفته به كان اعظم كفرا وابعد عن الايمان من الكافر جهلا فإن الجاهل إذا عرف وعلم فهو قريب إلى الانقياد والاتباع وأما المعاند فلا دواء فيه ) مفتاح دار السعادة ( 1 / 95 )
وكفر الجهل داخل في كفر الإنكار والتكذيب فسبب الكفر هو الجهل وهو إنكار في قيامه في القلب أي متعلقه وتكذيب بلسانه ولذلك سماه الحكمي في معارج القبول ( 2 / 593 ) كفر جهل وتكذيب .
لكن ينبغي أن يعلم أن الجهل بوجود الله ووحدانيته هو الكفر ويطلق على من اتصف بذلك اسم الكافر .
أما من جحد أمرا معلوما من الدين بالضرورة أو أنكر أمرا يكفر منكره جهلاً لكونه يعيش في مكان تندرس فيه الشريعة فلا يعلم كثيراً مما جاء به الرسول (ص) فهذا يكون الجهل فيه عذراً .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( كثير من الناس قد ينشأ فى الأمكنة والأزمنة الذى يندرس فيها كثير من علوم النبوات حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة فلا يعلم كثيرا مما يبعث الله به رسوله ولا يكون هناك من يبلغه ذلك ومثل هذا لا يكفر ولهذا اتفق الأئمة على ان من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والايمان وكان حديث العهد بالاسلام فأنكر شيئا من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة فانه لا يحكم بكفره حتى يعرف ما جاء به الرسول ولهذا جاء فى الحديث يأتى على الناس زمان لا يعرفون فيه صلاة ولا زكاة ولا صوما ولا حجا إلا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يقول ادركنا آباءنا وهم يقولون لا إله إلا الله وهم لا يدرون صلاة ولا زكاة ولا حجا فقال ولا صوم ينجيهم من النار وقد دل على هذا الأصل ما اخرجاه فى الصحيحين عن أبى هريرة ان رسول الله قال : " قال رجل لم يعجل حسنة قط لأهله اذا مات فحرقوه ثم اذروا نصفه فى البر ونصفه فى البحر فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبنه أحدا من العالمين فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه ثم قال لم فعلت هذا قال من خشيتك يا رب وأنت أعلم فغفر الله له " وفى لفظ آخر " أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال إذا انامت فأحرقونى ثم اسحقونى ثم أذرونى فى البحر فوالله لئن قدر على ربى ليعذبنى عذابا ما عذبه أحدا قال ففعلوا ذلك به فقال للأرض أد ما اخذت فاذا هو قائم فقال له ما حملك على ما صنعت قال خشيتك يا رب أو قال مخافتك فغفر له بذلك وفى طريق آخر قال الله لكل شىء اخذ منه شيئا أد ما اخذت منه " ... ) مجموع الفتاوى ( 11 / 407 )
وهنا أوضح أمرا وهو أن النطق بالشهادتين يجعل المرء مسلماً في الظاهر وأما شروط كلمة التوحيد من العلم والإخلاص واليقين وغيرها فهذه ترتبط بالحكم الأخروي لا الدنيوي فالإسلام يثبت بالشهادتين وبه يعصم دمه وماله .
فتبين هنا أن الناس في الجهل قسمان :
1 - الجاهل بوحدانية الله ولم ينطق بالشهادتين فهذا يسمى كافراً وهو أحد أنواع الكفر الأكبر .
2 - من نطق بالشهادتين فهو مسلم في الظاهر وتجري عليه أحكام المسلمين فإن أنكر بعد ذلك امرا أو جحده جهلاً لعذر مما سبق وهو مما يكفر منكره وجاحده فهذا لا يكفر .
وهذا الأمر في أحكام الدنيا وهو المسمى بالأسماء .
عبدالله الشهري
2007-08-06, 01:25 AM
لا تؤاخذني ، هذا موضوع مهم وكبير ، وسأضع فيه نتيجة تأملي في النصوص الشرعية والتي وجدتها لا تتسق مع بعض تقريرات العلماء. أخي ، لو رجعنا للقرآن الكريم من أوله إلى آخره ، فإنك لاتجد وصف الكفر إلا لاحقاً بأولئك الذين اختاروا نقيض الإيمان والطاعة ، فهو لم يلحقهم إلا بعد البيان أو ظهور كل ما لازمه الطاعة والانقياد، والآيات كلها كذلك ، ولا تجد في القرآن آية واحدة تلحق وصف الكفر بمن لم تقم عليه الحجة وكان جاهلاً بأمر الدين والكتب والرسالات. ولذلك سمى الله العرب الذين بُعث فيهم الرسول "أميين" - ولم يقل "هو الذي بعث في الكافرين" - لأنهم جهلة ليسوا بأهل كتاب ولا علم لديهم بالرسالات. أما كلام ابن تيمية وغيره فهو اجتهاد مستفاد وليس نصاً يُحتكم إليه في مواطن النزاع. ولذلك تجد الكفار في القرآن قل ألا يدركهم الوعيد بالعذاب و النار والغضب والطبع على القلوب وغير ذلك إلا وقد اتضح من السياق عنادهم أو جحدهم أو مكابرتهم ، المهم أنهم ردوا الحق بعد بيانه وظهوره لهم. فكل كافر في القرآن كذلك مهدد وموعود ومبشر بالعذاب والويل وغير ذلك من أصناف الوعيد. أما من جهل أمر الدين والرسالات فلم يحلقه وعيد ، والكفر في القرآن دائماً مقترن بالوعيد ، فدل على أن من لم تبلغه الرسالة ولم تقم عليه حجة لا كافر ولا مسلم يوكل أمره إلى الله. تأمل كيف جاء الكفر في هذه الآية : (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل). تجد الكفر هنا حاصل بعد البيان وحصول العلم ، كذلك تأمل قوله تعالى ( إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً. أولئك هم الكافرون حقاً واعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً. والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفوراً رحيما). تجد ان هنا اختيار وإرادة وردّ للعلم والحق بعد العلم به. أما من يجهل الله والرسالات والرسل ولا يعلم الحق فهو كافر بماذا ؟ ، كذلك تأمل قوله تعالى (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين نارا احاط بهم سرادقها وان يستغيثو يغاثو بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) ، فهنا حصول الكفر بعد حصول قول الحق. والآيات كثيرة ، وإنما أردت أن أبين أن تكفير الجاهل لا يستقيم مع طريقة القرآن. وأما قول بعض العلماء هذا "كفر جهل" فاصطلاح لهم لا يلزم احداً ، والمراد التوقف في حال من لم يعلم كفره من إسلامه لجهله بالدين الحق وعدم قيام الحجة عليه ، أنا لا اتحدث إلا عن الجاهل الذي لم يجد الحق ويهتد إليه. ولذلك يقول العلماء أهل الفترة ولا يقولون كفار أهل الفترة ، لأن الكافر مصيره معروف بالنصوص بسبب أن الكفر وصف زائد يحصل بالاختيار ، أما الجهل فلا يقدم ولا يؤخر إذا كان بغير تفريط ، ولذلك قال تعالى (لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم). فهنا ذكر أن الحق بيّن ثم ذكر أن الكفر عمل اختياري إرادي لأنه جاء بصيغة الفعل. والله أعلم.
عبدالله الشهري
2007-08-06, 01:31 AM
فالأقسام ثلاثة :
1- مسلم
2- كافر
3 - قسم متوقف فيه أمره إلى الله. إلا أن هؤلاء من حيث أعيانهم وأشخاصهم يُعرض عليهم الحق فإن قبلوه فمسلمين وإن ردوه فكفار. ولذلك أجرى الرسول صلى الله عليه وسلم لجملة المنافقين وصف الإسلام لظاهرهم ولم يجر عليهم احكام الكفار مع علمه بكفرهم الباطن، يصدّق هذا خشيته من ظن الناس أنه يقتّل أصحابه مع أنهم ليسوا أهل لوصف الصحبة ، فدل على أن إلحاق وصف الكفر يكون بحسب ما يصدر من أصحابه بعد معرفتهم بما يجب عليهم من الحق. ولذلك قد قضى الله أن مصير الكافرين و المنافقين إلى جهنم : ( إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً ) ، ولو كان وصف الكفر يتناول كل من عدا المسلم ، لدخل في هذا الوعيد من يسمى "الكافر جهلاً" ممن لم تقم عليه الحجة ، وهذا بعيد لا يستقيم مع عموم دلائل النصوص.
ويدل على ما ذكره أخونا عبد الله /
قولُ الله تعالى : ((ما يودّ الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزَّل عليكم من خيرٍ من ربكم )) .
أفهم من ذِكر الله سبحانه للتبعيض (مِن) أنّ هناك أهل كتاب ومشركين ليسوا بكافرين .
ولكن يشكل عليّ قوله سبحانه في سورة البينة : ((لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكّين حتى تأتيهم البينة * رسول من الله ..))
أفهم من الآية أنّ هناك كفراً وقع قبل أن تأتيهم البينة .
فما لديك أخي الحبيب عبد الله لحل الإشكال :)
الرابط في توقيعك لا يعمل لدي
عبدالله الشهري
2007-08-06, 02:05 PM
قال البغوي رحمه الله : (( لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } , وهم اليهود النصارى، { وَٱلْمُشْرِكِين } ، وهم عبدة الأوثان، { مُنفَكِّينَ } منتهين عن كفرهم وشركهم, وقال أهل اللغة: زائلين منفصلين، يقال: فككت الشيء فانفكَّ أي: انفصل، { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } ، لفظه مستقبل ومعناه الماضي, أي: حتى أتتهم, الحجة الواضحة، يعني محمد صلى الله عليه وسلم, أتاهم بالقرآن فبيّنَ لهم ضلالالتهم وجهالتهم ودعاهم إلى الإيمان. فهذه الآية فيمن آمن من الفريقين، أخبر أنهم لم ينتهوا عن الكفر حتى أتاهم الرسول فدعاهم إلى الإيمان فآمنوا فأنقذهم الله من الجهل والضلالة, ثم فسَّر البينة فقال:
{ رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ } ، يقرأ، { صُحُفاً } ، كتباً، يريد ما يتضمنه الصحف من المكتوب فيها، وهو القرآن؛ لأنه كان يتلو عن ظهر قلبه لا عن الكتاب، قوله: { مُّطَهَّرَةً } ، من الباطل والكذب والزور.
{ فِيهَا } ، أي في الصحف، { كُتُبٌ } ، يعني الآيات والأحكام المكتوبة فيها، { قَيِّمَةٌ } ، عادلة مستقيمة غير ذات عوج.
ثم ذكر من لم يؤمن من أهل الكتاب فقال: { وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتواْ ٱلْكِتَـٰبَ } ، في أمر محمد صلى الله عليه وسلم، { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } ، أي البيان في كتبهم أنه نبي مرسل. قال المفسرون: لم يزل أهل الكتاب مجتمعين في تصديق محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله، فلما بُعث تفرقوا في أمره واختلفوا، فآمن به بعضهم, وكفر آخرون. وقال بعض أئمة اللغة: معنى قوله " منفكِّين " أي هالكين، من قولهم: انفك صلا المرأة عند الولادة، وهو أن ينفصل فلا يلتئم فتهلك.ومعنى الآية: لم يكونوا هالكين معذبين إلاّ من بعد قيام الحجة عليهم بإرسال الرسول وإنزال الكتاب، والأول أصح.))
وإن رجح البغوي لمعنى الأول فالمعنى الثاني أيضاً له ما يشهد له كقوله تعالى : ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)) وقوله (( وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون )). وبهذا يكون كفرهم بعد حصول البينة ، بدليل أنه قال بعد ذلك في السورة نفسها ((وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة )) ، قال ابن تيمية (( ..من هؤلاء من جعل تفرقهم إيمان بعضهم وكفر بعض . قال البغوي : ثم ذكر من لم يؤمن من أهل الكتاب فقال { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } أي البيان في كتبهم أنه نبي مرسل . قال المفسرون : لم يزل أهل الكتاب مجتمعين في تصديق محمد حتى بعثه الله . فلما بعث تفرقوا في أمره واختلفوا . فآمن به بعضهم وكفر به بعضهم)).
أما الرابط في التوقيع فالموقع تحت الإصلاح. والله يرعاكم.
أبو حازم الكاتب
2007-08-06, 02:12 PM
بارك الله فيك أخي الكريم عبد الله
تنظير جميل وكلام ظاهره حسن لكني لن أذكر الأجوبة عنه ولا ما يعارضه حتى لا يطول النقاش وعرض الأدلة ومناقشتها ويكثر الجدل وسأختصر الطريق ونقف في مفترق الطرق فأقول :
لنفرض يا شيخ عبد الله أن شاباً أتاك وقال : يا شيخ عبد الله أنا مسلم وهذه جنازة أبي مات ولم يدخل في الإسلام وكان جاهلاً وهذه أمي أتت معي وهي لم تدخل في الإسلام أيضاً وهي جاهلة وهذا مال أبي فأفتنا يا شيخ عبد الله ما أصنع في جنازة أبي هل أغسله وأكفنه وأصلي عليه وأدفنه في مقابر المسلمين أو ماذا أصنع ؟ وهذا المال الإرث لمن هو هل هو لي أو لأمي أو لمن ؟
فما هو جوابك ؟ هل ستجري عليه أحكام المسلمين ؟ أم ستجري عليه أحكام الكفار ؟ أم ستضع له أحكاماً خاصة بالمتوقف فيهم ؟
جزاك الله خيراً أخي عبد الله
هذا بالنسبة لأهل الكتاب ،
فما نقول في المشركين ؟
أقصد الموصوفين بالكفر قبل أن ((تأتيهم البينة :رسول من الله)) في آية البينة
حيث أنّ الله سبحانه لم يقل : والمشركون ، وإنما ((والمشركين)) لأنه اسم مجرور بـ(مِن) المتعلقة بـ(الذين كفروا)
وأود التنبيه على نقطة وهي أنّ أهل الفترة يُطلق عليهم : مشركون
ولكن هل يُطلق على بعضهم : كافرون .
هذا هو محل استشكالي من الآية الكريمة
عبدالله الشهري
2007-08-06, 05:00 PM
بارك الله فيك أخي الكريم عبد الله
تنظير جميل وكلام ظاهره حسن لكني لن أذكر الأجوبة عنه ولا ما يعارضه حتى لا يطول النقاش وعرض الأدلة ومناقشتها ويكثر الجدل وسأختصر الطريق ونقف في مفترق الطرق فأقول :
لنفرض يا شيخ عبد الله أن شاباً أتاك وقال : يا شيخ عبد الله أنا مسلم وهذه جنازة أبي مات ولم يدخل في الإسلام وكان جاهلاً وهذه أمي أتت معي وهي لم تدخل في الإسلام أيضاً وهي جاهلة وهذا مال أبي فأفتنا يا شيخ عبد الله ما أصنع في جنازة أبي هل أغسله وأكفنه وأصلي عليه وأدفنه في مقابر المسلمين أو ماذا أصنع ؟ وهذا المال الإرث لمن هو هل هو لي أو لأمي أو لمن ؟
فما هو جوابك ؟ هل ستجري عليه أحكام المسلمين ؟ أم ستجري عليه أحكام الكفار ؟ أم ستضع له أحكاماً خاصة بالمتوقف فيهم ؟
جزاك الله خيرا. حديثي أيها الفاضل عن الناس في حال الحياة ، الحكم عليهم في حال الحياة، هذه من جهة. ومن جهة أخرى كوننا نجري عليهم احكام الكفار ليس لأنهم كفار حقيقة لأنهم كانوا جاهلين، ولذلك فمجرد جريان أحكام الكفار عليهم بعد موتهم لا يعني كفرهم حقيقة على المعنى المستفاد من طريقة القرآن في وصف الكفر وأهله. هذا محور حديثي. وهاك المثال بطريقة أخرى : لو توفي إنسان تعرفه وهو مشرك بالله يعبد الأصنام والأوثان وعرف الإسلام قبل موته و تبين له أنه الحق ولكنك علمت أنه رفضه واستكبر ومات على ذلك، فإضافة إلى جريان أحكام الكفار عليه فإننا نجزم بأنه مات كافراً ، ونقول مات الكافر بالله.
عبدالله الشهري
2007-08-06, 05:39 PM
جزاك الله خيراً أخي عبد الله
هذا بالنسبة لأهل الكتاب ،
فما نقول في المشركين ؟
أقصد الموصوفين بالكفر قبل أن ((تأتيهم البينة :رسول من الله)) في آية البينة
حيث أنّ الله سبحانه لم يقل : والمشركون ، وإنما ((والمشركين)) لأنه اسم مجرور بـ(مِن) المتعلقة بـ(الذين كفروا)
وأود التنبيه على نقطة وهي أنّ أهل الفترة يُطلق عليهم : مشركون
ولكن هل يُطلق على بعضهم : كافرون .
هذا هو محل استشكالي من الآية الكريمة
"من" لها وظائف غير التبعيض، ولا يمكن أن يكون هناك "كفار" - على المعنى الذي بينت سابقا - من المشركين قبل أن تأتيهم البينة ، وذلك متوجه لأسباب منها:
1- أن "من" هنا التنصيص على العموم [وليست للتبعيض]، وهي الزائدة في نحو : {ما جاءنا من بشير} ، أو لتوكيد العموم ، وهي الزائدة في نحو : ماجاءني من دَيَّارٍ . وشرطٌ لزيادتها تقدم نفي أو نهي أو استفهام بـ(هل) [1] وقد قال تعالى ((لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب)) الآية فهي مسبوقة بنفي كما ترى.
2- أن هذه الآية مشكلة أصلاً ، اختلف المفسرون فيها اختلافاً كثيراً ، قال الطاهر ابن عاشور ((استصعب في كلام المفسرين تحصيل المعنى المستفاد من هذه الآيات الأربع من أول هذه السورة تحصيلاً ينتزع من لفظها ونظمها، فذكر الفخر عن الواحدي في «التفسير البسيط» له أنه قال: هذه الآية من أصعب ما في القرآن نظماً وتفسيراً وقد تخبط فيها الكبار من العلماء)) ، وأنا لا أود أن اجعل هذه الآية المختلف فيها هذا الاختلاف الواسع قاضية على عشرات الآيات الواضحات ، مما لم يختلف فيها العلماء كاختلافهم في هذه.
إلا أن ابن عاشور عاد فقال ((إن هذه الآيات وردت مورد إقامة الحجة على الذين لم يؤمنوا من أهل الكتاب وعلى المشركين بأنهم متنصلون من الحق متعللون للإِصرار على الكفر عناداً)) ، ثم قـال : ((فلنسلك بالخَبر مسلك مورد الحجة لا مسلك إفادة النسبَةِ الخبرية فتعين علينا أن نصرف التركيب عن استعمال ظاهره إلى استعمال مجازي على طريقة المجاز المرسل المركب من قَبيل استعمال الخبر في الإِنشاء والاستفهامِ في التوبيخ)) ، وهذا المسلك يقضي على الإشكال لأنه صرف لظاهر المعنى بأسلوب لغوي اعتادته العرب في خطابها ، ومثار إشكالك من تأمل الظاهر والوقوف عنده. والآية مشكلة على كل حال.
====================
[1] مختصر مغني اللبيب ، ابن عثيمين.
أبو حازم الكاتب
2007-08-06, 07:01 PM
أخي الكريم عبد الله وفقني الله وإياك
أنت لم تجب على سؤالي حبذا لو أجبت ثم بعد ذلك نتناقش فيما ذكرته أخي الكريم من كونه كفراً حقيقياً أو لا ؟ أحب أن أعرف بمَ ستفتي هذا السائل .
وجزاك الله خيراً
سراج بن عبد الله الجزائري
2007-08-06, 08:01 PM
الشيخ أبو حازم
هل أهل الفترة عندك يقال عنهم بأنّهم كفار ؟
أرجو الإفادة
أبو حازم الكاتب
2007-08-06, 10:41 PM
بارك الله فيك أخي الكريم سراج وزادني وإياك علما وعملاً .
ينبغي أن يعلم ان ها هنا مسألتان :
1 - الاسم في الدنيا مثل مسلم ومؤمن وكافر ومنافق .
2 - الحكم في الاخرة هل هو في الجنة أو النار .
وكلاهما الأسماء والأحكام مبني على النصوص الشرعية .
إذا علم هذا فإن من لم تبلغه الرسالة أو أدركه الإسلام وهو شيخ هرم لا يعي أو أطفال المشركين ومجانينهم ومن في حكمهم فهؤلاء على الصحيح من أقوال أهل العلم أنهم يمتحنون في الآخرة ولا يعذبون لعدم قيام الحجة عليهم لقوله تعالى : ففف وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ققق وقال تعالى : ففف رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ققق فهذا حكمهم في الآخرة .
وهناك من رأى أنهم في النار واختاره النووي في أهل الفترة وحكى بعضهم ذلك إجماعا والصحيح ما سبق والله أعلم
أما في الدنيا فحكمهم حكم الكفار وتجري عليهم أحكام الكفار وهذا هو الثمرة من المسألة وأما تسميتهم بالكفار أو عدمه مع تطبيق هذه الأحكام عليهم فهو خلاف لفظي لا ثمرة له ولا يترتب عليه شيء .
والأصل أن من لم ينطق بالشهادتين فليس بمسلم وليس في الشريعة سوى هذين القسمين مسلم وكافر حتى المنافق الذي هو كافر باطنا هو مسلم ظاهراً وتجري عليه أحكام المسلمين فليس العبرة بالتسمية هو ما يقع حقيقة وفي واقع الأمر وإنما العبرة بما يظهر مما يترتب عليه الأحكام .
وبما أنه لا خلاف بيننا في :
1 - إجراء أحكام الكفار عليهم في الدنيا .
2 - أنهم يمتحنون يوم القيامة .
فالخوض بعد ذلك في المسألة لا ثمرة فيه والأمر فيه يسير فلا مشاحة وإن كنت أقول الصحيح في ذلك ما تقرر عند أهل العلم من التقسيم السابق وأن من لم يكن مسلماً فهو كافر .
ولذلك يقول الله تعالى : ففف وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ققق
قال البغوي عند تفسير الآية : ( لا يعلمون دين الله تعالى وتوحيده فهم محتاجون إلى سماع كلام )
وللفائدة يمكن النظر فيما ذكره ابن القيم _ رحمه الله _ في مدارج السالكين في الطبقة السابعة عشرة . والله أعلم
عبدالله الشهري
2007-08-06, 11:05 PM
جزاك الله خيرا. حديثي أيها الفاضل عن الناس في حال الحياة ، الحكم عليهم في حال الحياة، هذه من جهة. ومن جهة أخرى كوننا نجري عليهم احكام الكفار ليس لأنهم كفار حقيقة لأنهم كانوا جاهلين، ولذلك فمجرد جريان أحكام الكفار عليهم بعد موتهم لا يعني كفرهم حقيقة على المعنى المستفاد من طريقة القرآن في وصف الكفر وأهله. هذا محور حديثي. وهاك المثال بطريقة أخرى : لو توفي إنسان تعرفه وهو مشرك بالله يعبد الأصنام والأوثان وعرف الإسلام قبل موته و تبين له أنه الحق ولكنك علمت أنه رفضه واستكبر ومات على ذلك، فإضافة إلى جريان أحكام الكفار عليه فإننا نجزم بأنه مات كافراً ، ونقول مات الكافر بالله.
جزاكم الله خيرا ، الفتوى المطلوبة مضمنة في الجواب كما ترى ، ولي تعليق على ما تلا إن شاء الله ، وحبذا لو فندنا الحجج بطريقة القرآن فإني إنما استندت في فهمي للآيات ، وأرجو الصواب لي ولكم ، ولنقلل من اصطلاحات أهل العلم قدر الإمكان.
أبو حازم الكاتب
2007-08-06, 11:41 PM
بارك الله فيكم أخي عبد الله
لا حاجة إلى أن أدخل في هذا النقاش وتفنيد الحجج وذكر الأدلة كما أشرت أخي الفاضل ؛ لأني لا أرى ثمرة أو فائدة لهذا إلا إن كنت ترى أن الخلاف معنوي ويترتب عليه ثمرات فحبذا لو ذكرتها قبل النقاش وإلا فأنا لا أحب البحث فيما لا ثمرة فيه فقضاء الوقت بما هو أنفع من العلوم هو الأولى .
لا سيما وهذه المسألة لم يهتم فيها العلماء والمحققون استقلالاً وإنما يذكر نتف منها عرضاً .
عبدالله الشهري
2007-08-06, 11:46 PM
أيها الإخوة ، المهم عندي هو حكم الجاهل بأمر الأديان والرسالات في الدنيا ، إن حكمنا عليه بالكفر ظاهراً فالحكم عليه بالكفر حقيقة لا يؤيده القرآن. والذي أخالف فيه هو قول بعض العلماء أن هناك كفر يسمى "كفر الجهل". الكفر كفر واحد دلت عليه معاني آيات كثيرة وهو حالة الآدمي بعد جحود الحق ، بعد رد البيان ، بعد المكابرة والإصرار على الضلال.هذا هو المذكور في القرآن ومنه يستفاد مسمى الكفر واستعمالاته ، لا يوجد في القرآن ما يدل على أن هناك كفر ناتج عن الجهل ، ولذلك قد يسمي الله الناس قبل ظهور الحق ووصول البيان ضالين وهذا وصف للحال ولكن لا يجعلهم كفاراً إلا بعد أن يرد في السياق ما يفيد ردهم للحق واختيار غيره. كما قال تعالى في سورة الجمعة ((هو الذى بعث فى الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمه وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين)) فوصفهم بالضلال وهذا صحيح لأنه مجرد وصف للحال القائم ولم يصفهم بأنهم كفار ، تتبع مادة "كفر" واستعمالاتها في القرآن تجد اطراد ما ذكرت لك.
تنبيه : لم أضف مشاركتي إلا بعد مشاركتك بثوان ، وأما تفنيد الحجج وسوق البراهين فلا حاجة إليه من جهتي كذلك ، نزولاً عند رغبتكم.
عبدالله الشهري
2007-08-11, 10:52 AM
...ومع ذلك إن مال أخي أبو حازم إلى أنه لا حاجة للنقاش في هذا المسألة ونزلت عند رغبته لذلك ، فلا أظنه يمانع من فتح باب النقاش مع غيره ممن يريد المشاركة ، ورغبة الشيخ أبي حازم محل احترامي.
عبدالله الشهري
2007-08-11, 11:17 AM
أعود فأقول ، اعتبار ما يسمى بـ "كفر الجهل" من أنواع الكفر محل نظر لاطراد جملة القرآن على خلافه وللتعارض الضمني بين معنى الكفر ومقتضى الجهل. والبحث الآن سيتناول بمشيئة الله هذه المسألة من جهتين :
الأولى : من جهة اللغة ، ما الكفر لغةً ؟
الثانية : من جهة علم الأصول : الشكر وقبل ذلك المعرفة ، هل معرفة (وشكره) الخالق واجبة عقلاً ؟
وليعذرني أخي "الموحد" على التشعيب ولا يؤاخذني.
...وتفصيل ما ذكرت سيأتي إن شاء الله.
عبدالله الشهري
2007-08-19, 07:36 PM
فائدة عارضة قبل استكمال النقاش : قال ابن عبد البر رحمه الله (التمهيد : 18/42): " من جهل بعض الصفات وآمن بسائرها لم يكن بجهل البعض كافرا لأن الكافر من عاند لا من جهل ، و هذا قول المتقدمين من العلماء و من سلك سبيلهم من المتأخرين".
أخي هناك جهل ناتج عن الهوى
و هناك جهل معذور فيه صحابه
فمن بلغته الحجّة بكون فعل ما كفر و كان قادرا على فهم هذه الحجّة ثم أعرض عن العلم بها عن هوى و من غير عذر فهذا لا يعذر و يطلق عليه إسم الكفر إن وقع في هذا الكفر عن هوى و من غير عذر
و الجاهل عن هوى هو معاند فكفر الجهل موجود
و لكن من كان معذورا في جهله و ليس أصله الإسلام و يقع في الكفر الأكبر هل يسمى كافرا أم يكتفى بوصفه بأنّه ليس بمسلم أو بوصفه بأنّه مشرك دون التعدي إلى وصفه بأنّه كافر؟ نرجو كلام للعلماء في هذا الأمر مع أدلتهم
مثلا الشيخ عبد اللطيف يقول: (والشيخ محمد رحمه الله من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر، حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور، أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها). دعاوى المناوئين.
فهل الشيخ محمد بن عبد الوهاب لا يكفر من ذكر في سؤالي ؟
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرسالة التاسعة من الرسائل الشخصية
(ولكن نكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه ؛ وكذلك من عبد الأوثان بعد ما عرف أنها دين للمشركين)
فهل يفهم من كلام الشيخ هذا بأنّه لا يكفر عبدة الأوثان إذا لم يعلم أنّها دين المشركين ؟
عبدالله الشهري
2007-08-19, 08:21 PM
جزاك الله خيرا ، ليس المراد هذا النوع من الجهل ، هو معروف وجاء في القرآن كما في قوله تعالى ((إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً. وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً))
قال مجاهدٌ: كُلَّ عامل بمعصية الله فهو جاهل حين عملها . وقال ابن عباس رضي الله عنهما: مِنْ جهالته عمل السوء.
وهذا هو الجهل بمغبة فعله وعظمة خالقه مع أنه قد يكون عالماً بحرمة فعلته عامداً لما أقدم عليه ، وهذا يبين الفرق بين الجهل بالحكم من أصله والجهل بعاقبة ونتيجة اقتراف الفعل المحكوم عليه مع علمه بحكمه ، فالأول معذور ، ولذلك قال بعض الفقهاء لا رجم على من جهل حكم الزنا ، ولكن لا يعذر لو علم حكمه ولكن جهل عقوبته.
وحديثي هو عمن لا يعلم شيئاً ، الجاهل بأمور الدين والرسالات ممن لم تبلغه أو تقم عليه الحجة ، أما جهل الهوى فهو حاصل مع البيان ومعرفة الحق ، وهذا ليس بمقصود هنا.
ابن عقيل
2007-08-20, 11:36 AM
جزاك الله خيرا ، ليس المراد هذا النوع من الجهل ، هو معروف وجاء في القرآن كما في قوله تعالى ((إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً. وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً))
قال مجاهدٌ: كُلَّ عامل بمعصية الله فهو جاهل حين عملها . وقال ابن عباس رضي الله عنهما: مِنْ جهالته عمل السوء.
وهذا هو الجهل بمغبة فعله وعظمة خالقه مع أنه قد يكون عالماً بحرمة فعلته عامداً لما أقدم عليه ، وهذا يبين الفرق بين الجهل بالحكم من أصله والجهل بعاقبة ونتيجة اقتراف الفعل المحكوم عليه مع علمه بحكمه ، فالأول معذور ، ولذلك قال بعض الفقهاء لا رجم على من جهل حكم الزنا ، ولكن لا يعذر لو علم حكمه ولكن جهل عقوبته.
وحديثي هو عمن لا يعلم شيئاً ، الجاهل بأمور الدين والرسالات ممن لم تبلغه أو تقم عليه الحجة ، أما جهل الهوى فهو حاصل مع البيان ومعرفة الحق ، وهذا ليس بمقصود هنا.
الأخ عبد الله
إن عنى أهل العلم بكفر الجهل الإعراض أو الجهل الذي شرحته مما هو ليس بمقصودك فعلام المخالفة وفقك الله؟
فالإعراض يؤدي إلى الجهل والهوى سببه الجهل ولا مشاحة إن سمي كفر الجهل.
وأما الجهل البسيط فهو متفق على عذر صاحبه لوجود النص بذلك في قوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } والله اعلم
عبدالله الشهري
2007-08-20, 01:19 PM
أحسنت ، والاعتراض فقط على ما اصطلح عليه بعضهم من أن هناك كفر جهل (يريدون البسيط). فكيف يكفر من لم يعاند ويعرض ولم يعلم شيئا.
ابن عقيل
2007-08-20, 03:45 PM
أحسنت ، والاعتراض فقط على ما اصطلح عليه بعضهم من أن هناك كفر جهل (يريدون البسيط). فكيف يكفر من لم يعاند ويعرض ولم يعلم شيئا.
هل هناك من قال بهذا؟
الرجاء الإفادة إن اطلعت على شيء من هذا
دمت بخير
عبدالله الشهري
2007-08-20, 07:23 PM
أخي الحبيب ، هذا مقتضى إطلاقهم بقولهم : كفر جهل.
سراج بن عبد الله الجزائري
2007-08-21, 03:28 PM
الأخ عبد الله الشهري
و ما تعليقك على من يستدل بهذه الآية : "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكّين حتى تأتيهم البينة " على أنّ الواقع في الكفر الأكبر يطلق عليه بأنّه كافر حتى و إن لم تأتيه البيّنة ؟
ثم على قولك فلو فرض أنّ نصراني بعد بعثة النّبي محمّد صلى الله عليه و سلّم لم تقم عليه الحجّة و جهل رسالة محمّد صلى الله عليه و سلّم فلا يصح تكفيره و هذا يناقض كلام ابن حزم التالي : " واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفاراً "
فأرجو التوضيح ؟
عبدالله الشهري
2007-08-21, 09:39 PM
و ما تعليقك على من يستدل بهذه الآية : "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكّين حتى تأتيهم البينة " على أنّ الواقع في الكفر الأكبر يطلق عليه بأنّه كافر حتى و إن لم تأتيه البيّنة ؟
لا أوافق من يستدل بها لأنه سيجد في غير هذا الموضع من القرآن ما هو أصرح في تقرير ما ذهبت إليه ، وراجع تعليقي على هذه الآية في مشاركة سابقة.
ثم على قولك فلو فرض أنّ نصراني بعد بعثة النّبي محمّد صلى الله عليه و سلّم لم تقم عليه الحجّة و جهل رسالة محمّد صلى الله عليه و سلّم فلا يصح تكفيره و هذا يناقض كلام ابن حزم التالي : " واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفاراً "
فأرجو التوضيح ؟
كلام ابن حزم يستدل له لا به ، واستبعد أن يكون إجماعاً [1] يضاد المعنى الذي أردته و أشرت إليه ، وسبق أن ابن عبدالبر ، وهوعندي أوثق في نقل مذاهب العلماء من ابن حزم ، قال ((...لأن الكافر من عاند لا من جهل ، و هذا قول المتقدمين من العلماء و من سلك سبيلهم من المتأخرين)).
======================
[1] ابن حزم عليه تعقبات كثيرة في نقله للإجماعات.
الأخ عبد الله الشهري و لإرتباط ما تفضلت به بما سأله الأخ موحد فأقول :
قال ابن تيمية رحمه الله معرفا الكفر : ( والكفر عدم الايمان باتفاق المسلمين سواء اعتقد نقيضه وتكلم به او لم يعتقد شيئا ولم يتكلم ولا فرق فى ذلك )
ففي تعريف ابن تيمية هنا يكفر من لم يؤمن لجهله بل و يدّعي ابن تيمية هنا الإجماع على هذا التعريف، فكيف نتعامل مع دعوى الإجماع هذه من ابن تيمية ؟ يعني ما نوع الإجماع الذي ادعاه هنا ابن تيمية أهو إجماع حقيقي لا يشترط فيه أن نجد نص من الكتاب أو السّنة لكي نعمل به، أو هو بمعنى عدم العلم بالمخالف بالنسبة لابن تيمية مما يستدعي أن نجد له دليل من الكتاب و السّنة لكي نعمل بما ادعاه هذا العالم؟ و بالتالي فهل دعوى للإجماع هذه يستدل لها لا يستدل بها أم يجب قبول ما ادعاه ابن تيمية و هل هذه الدعوى دليل في حد ذاتها؟
بارك الله فيك أخي الكريم عبد الله
تنظير جميل وكلام ظاهره حسن لكني لن أذكر الأجوبة عنه ولا ما يعارضه حتى لا يطول النقاش وعرض الأدلة ومناقشتها ويكثر الجدل وسأختصر الطريق ونقف في مفترق الطرق فأقول :
لنفرض يا شيخ عبد الله أن شاباً أتاك وقال : يا شيخ عبد الله أنا مسلم وهذه جنازة أبي مات ولم يدخل في الإسلام وكان جاهلاً وهذه أمي أتت معي وهي لم تدخل في الإسلام أيضاً وهي جاهلة وهذا مال أبي فأفتنا يا شيخ عبد الله ما أصنع في جنازة أبي هل أغسله وأكفنه وأصلي عليه وأدفنه في مقابر المسلمين أو ماذا أصنع ؟ وهذا المال الإرث لمن هو هل هو لي أو لأمي أو لمن ؟
فما هو جوابك ؟ هل ستجري عليه أحكام المسلمين ؟ أم ستجري عليه أحكام الكفار ؟ أم ستضع له أحكاماً خاصة بالمتوقف فيهم ؟
الشيخ أبو حازم هذا الذي تسأل عنه بما أنّه ليس بمسلم فلا تجرى عليه أحكام المسلمين بالإجماع و لكن هذا لا يعني بالضرورة بأنّه ستجرى عليه أحكام الكفار الواقعين في كفرهم عن علم و قصد و من غير عذر كمسألة حرمة الترحم عليهم و الإستغفار لهم
لا حاجة إلى أن أدخل في هذا النقاش وتفنيد الحجج وذكر الأدلة كما أشرت أخي الفاضل ؛ لأني لا أرى ثمرة أو فائدة لهذا إلا إن كنت ترى أن الخلاف معنوي ويترتب عليه ثمرات فحبذا لو ذكرتها
الشيخ الفاضل أبو حازم بل يوجد ثمرة لهذا الخلاف و هو خلاف معنوي
و من ذلك هل يترحم على غير المسلم إن مات؟
فمعلوم بأنّه لا يجوز الترحم على الكافر الذي أقيمت عليه الحجّة إن مات و هذا من بين أحكام الكفار التي تجرى على من مات كافرا
و لكن هل يجوز الترحم على غير المسلم إن مات قبل قيام الحجّة عليه ؟ مثلا هل يجوز الترحم على أهل الفترة
فيا حبذا يا شيخ أن تواصل النقاش إذ الخلاف معنوي و له ثمرة
وفقك الله
سراج بن عبد الله الجزائري
2007-08-22, 04:05 PM
لا أوافق من يستدل بها لأنه سيجد في غير هذا الموضع من القرآن ما هو أصرح في تقرير ما ذهبت إليه ، وراجع تعليقي على هذه الآية في مشاركة سابقة.
هل يمكن أن تذكر المواضع التي تقرر ما ذكرت مع وجه الدلالة منها ؟
كلام ابن حزم يستدل له لا به ، واستبعد أن يكون إجماعاً [1] يضاد المعنى الذي أردته و أشرت إليه ، وسبق أن ابن عبدالبر ، وهوعندي أوثق في نقل مذاهب العلماء من ابن حزم ، قال ((...لأن الكافر من عاند لا من جهل ، و هذا قول المتقدمين من العلماء و من سلك سبيلهم من المتأخرين)).
======================
[1] ابن حزم عليه تعقبات كثيرة في نقله للإجماعات.
لا شك أنّ ابن حزم معاصر لابن عبد البر؛ فقد كانت وفاة الحافظ أبي عمر بن عبد البر أول ربيع الآخر 463 هـ، و قد كانت وفاة ابن حزم في قرية «لبلة» غربي الأندلس في 28 شعبان 456هـ. مما قد يشوش على كلام ابن حزم و ليس كلام ابن حزم بأولى بالقبول من كلام ابن عبد البر و من علم حجّة على من لم يعلم. فجزاك الله خيرا أيّها الأخ الفاضل عبد الله الشهري على التوضيح.
بل و في كلام ابن عبد البر ما قد يشوش على دعوى الإجماع من طرف ابن تيمية على هذا التعريف للكفر : ( والكفر عدم الايمان باتفاق المسلمين سواء اعتقد نقيضه وتكلم به او لم يعتقد شيئا ولم يتكلم ولا فرق فى ذلك ) و ليس كلام ابن تيمية في دعوى الإتفاق بأولى في القبول من كلام ابن عبد البر و من علّم حجّة على من لم يعلم و لعل في هذا توجيه عن ما سألته الأخت هالة.
و بالتالي فمن لازم كلام العلماء فلا يمكن أن يكون مؤدى جميع كلام العلماء حول الكفر الأكبر إلى تعريفه بعدم الإيمان حتى و إن كان عن جهل بالإيمان و التوحيد لكون الرسالة لم تبلغه و الله أعلم.
بارك الله فيك أخي الكريم سراج وزادني وإياك علما وعملاً .
ينبغي أن يعلم ان ها هنا مسألتان :
1 - الاسم في الدنيا مثل مسلم ومؤمن وكافر ومنافق .
2 - الحكم في الاخرة هل هو في الجنة أو النار .
وكلاهما الأسماء والأحكام مبني على النصوص الشرعية .
إذا علم هذا فإن من لم تبلغه الرسالة أو أدركه الإسلام وهو شيخ هرم لا يعي أو أطفال المشركين ومجانينهم ومن في حكمهم فهؤلاء على الصحيح من أقوال أهل العلم أنهم يمتحنون في الآخرة ولا يعذبون لعدم قيام الحجة عليهم لقوله تعالى : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً وقال تعالى : رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فهذا حكمهم في الآخرة .
وهناك من رأى أنهم في النار واختاره النووي في أهل الفترة وحكى بعضهم ذلك إجماعا والصحيح ما سبق والله أعلم
أما في الدنيا فحكمهم حكم الكفار وتجري عليهم أحكام الكفار وهذا هو الثمرة من المسألة وأما تسميتهم بالكفار أو عدمه مع تطبيق هذه الأحكام عليهم فهو خلاف لفظي لا ثمرة له ولا يترتب عليه شيء .
والأصل أن من لم ينطق بالشهادتين فليس بمسلم وليس في الشريعة سوى هذين القسمين مسلم وكافر حتى المنافق الذي هو كافر باطنا هو مسلم ظاهراً وتجري عليه أحكام المسلمين فليس العبرة بالتسمية هو ما يقع حقيقة وفي واقع الأمر وإنما العبرة بما يظهر مما يترتب عليه الأحكام .
وبما أنه لا خلاف بيننا في :
1 - إجراء أحكام الكفار عليهم في الدنيا .
2 - أنهم يمتحنون يوم القيامة .
فالخوض بعد ذلك في المسألة لا ثمرة فيه والأمر فيه يسير فلا مشاحة وإن كنت أقول الصحيح في ذلك ما تقرر عند أهل العلم من التقسيم السابق وأن من لم يكن مسلماً فهو كافر .
ولذلك يقول الله تعالى : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون
قال البغوي عند تفسير الآية : ( لا يعلمون دين الله تعالى وتوحيده فهم محتاجون إلى سماع كلام )
وللفائدة يمكن النظر فيما ذكره ابن القيم _ رحمه الله _ في مدارج السالكين في الطبقة السابعة عشرة . والله أعلم
الأخ أبو حازم الكاتب و فيك بارك الله، في الحقيقة لا أعلم من نصوص الكتاب و السّنة ما يدل على أنّه يصلح تسمية أهل الفترة بأنّهم كفار فهذا هو سبب سؤالي لك هذا السؤال : "هل أهل الفترة عندك يقال عنهم بأنّهم كفار ؟" فهل لديك أدلة من الكتاب و السنة على جواز تسمية أهل الفترة بذلك ؟
فالأقسام ثلاثة :
1- مسلم
2- كافر
3 - قسم متوقف فيه أمره إلى الله. إلا أن هؤلاء من حيث أعيانهم وأشخاصهم يُعرض عليهم الحق فإن قبلوه فمسلمين وإن ردوه فكفار. ولذلك أجرى الرسول صلى الله عليه وسلم لجملة المنافقين وصف الإسلام لظاهرهم ولم يجر عليهم احكام الكفار مع علمه بكفرهم الباطن، يصدّق هذا خشيته من ظن الناس أنه يقتّل أصحابه مع أنهم ليسوا أهل لوصف الصحبة ، فدل على أن إلحاق وصف الكفر يكون بحسب ما يصدر من أصحابه بعد معرفتهم بما يجب عليهم من الحق. ولذلك قد قضى الله أن مصير الكافرين و المنافقين إلى جهنم : ( إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً ) ، ولو كان وصف الكفر يتناول كل من عدا المسلم ، لدخل في هذا الوعيد من يسمى "الكافر جهلاً" ممن لم تقم عليه الحجة ، وهذا بعيد لا يستقيم مع عموم دلائل النصوص.
أخي عبدالله الشهري ذكرك للمنافقين في القسم الثالث لا يصلح دليلا على ما ذكرت أو مثالا في هذا القسم، فالمنافقين ليس متوقف فيهم فهم في أحكام الدنيا يعاملون معاملة المسلمين ما لم يظهر نفاقهم و أمرهم في الآخرة هو النار (ليس كمن لم تبلغهم الحجّة و لم يعلموا التوحيد و الإيمان عن عذر، فهؤولاء في أحكام الدنيا لا يعاملون معاملة المسلمين و في الآخرة أمرهم إلى الله).
سراج بن عبد الله الجزائري
2007-08-22, 05:19 PM
الأولى : من جهة اللغة ، ما الكفر لغةً ؟
ذكر العلماء بأنّ الكفر لغة : التغطية، قال الله تعالى -: (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ) فسمي الفلاح كافراً لتغطيته الحب، وسمي الليل كافراً لتغطيته كل شيء.
الثانية : من جهة علم الأصول : الشكر وقبل ذلك المعرفة ، هل معرفة (وشكره) الخالق واجبة عقلاً ؟
أخي الإيمان بالله و بالتالي شكره حق الشكر ليس واجب عقلا من غير وجود الرسول و كذا معرفة الله حق المعرفة فالعقل لا يهتدي إلى الله استقلالا بل لا بد من وجود الرسول
وليعذرني أخي "الموحد" على التشعيب ولا يؤاخذني. ...وتفصيل ما ذكرت سيأتي إن شاء الله.
في إنتظار تفصيلكم للأخ موحد عن سؤاليه و جزاك الله خيرا ؟
عبدالله الشهري
2007-08-22, 11:50 PM
الأخت هالة وفقها الله ،
كلام ابن تيمية ككلام غيره من العلماء يُمحّص في ضوء الأدلة الشرعية ، وأنا متردد في قبول تقريره هذا ، بدليل أن ابن عبد البر حكى ما "يشبه" الإجماع على خلافه أصلاً ، واستعمالات لفظ "الكفر" في القرآن لا تؤيد في جملتها بعض مفردات هذا التعريف الذي ساقه ابن تيمية. أدعوكم - حفظكم الله - لتدبر القرآن في أكثر من موضع للتحقق من صحة ما قلت .
عبدالله الشهري
2007-08-23, 12:30 AM
هل يمكن أن تذكر المواضع التي تقرر ما ذكرت مع وجه الدلالة منها ؟
فضلاً ، تجد طرفاً منها في مشاركة رقم 17.
لا شك أنّ ابن حزم معاصر لابن عبد البر؛ فقد كانت وفاة الحافظ أبي عمر بن عبد البر أول ربيع الآخر 463 هـ، و قد كانت وفاة ابن حزم في قرية «لبلة» غربي الأندلس في 28 شعبان 456هـ. مما قد يشوش على كلام ابن حزم و ليس كلام ابن حزم بأولى بالقبول من كلام ابن عبد البر و من علم حجّة على من لم يعلم. فجزاك الله خيرا أيّها الأخ الفاضل عبد الله الشهري على التوضيح.
بل و في كلام ابن عبد البر ما قد يشوش على دعوى الإجماع من طرف ابن تيمية على هذا التعريف للكفر : ( والكفر عدم الايمان باتفاق المسلمين سواء اعتقد نقيضه وتكلم به او لم يعتقد شيئا ولم يتكلم ولا فرق فى ذلك ) و ليس كلام ابن تيمية في دعوى الإتفاق بأولى في القبول من كلام ابن عبد البر و من علّم حجّة على من لم يعلم و لعل في هذا توجيه عن ما سألته الأخت هالة.
وأزيد على ما ذكرت أن ابن حزم روى في كتابه "الأصول والفروع" بإسناده إلى الطبري أنه قال: من لم يعلم بالله وجميع أسمائه وصفاته فهو كافر حلال الدم والمال ، ثم انتقده ابن حزم فقال: وهذا من أفحش القول وأبعده عن الصواب !! فإذا كان هذا انتقاد ابن حزم لكلام الطبري فيمن جهل "بعض" أسماء الله وصفاته ، فالجاهل بالله ورسالاته وكتبه أولى بأن يعتذر له استناداً إلى المفهوم من كلام ابن حزم هنا.
و بالتالي فمن لازم كلام العلماء فلا يمكن أن يكون مؤدى جميع كلام العلماء حول الكفر الأكبر إلى تعريفه بعدم الإيمان حتى و إن كان عن جهل بالإيمان و التوحيد لكون الرسالة لم تبلغه و الله أعلم.
كلامك صحيح ، كل كفر أكبر يعتبر عدم إيمان ، ولكن لا يلزم أن يكون كل "عدم إيمان" كفر ، لأن الجاهل بالله ورسالاته وكتبه - صحيح أنه لا إيمان عنده - ولكنه لم يكفر لأنه لم تأته الدلائل والآيات والبينات حتى يكفر بها ، ويمكن أن نسميه "ضال" ، "مشرك" ، "أمّي" ، "وثني" ، "ملحد" ، وكل هذه الألقاب إنما هي أوصاف تحكي حاله التي هو عليها ، ولكن لا يقال "كافر" إلا بعد الجحد والمعاندة والإصرار على لزوم الحال القديمة. وبتتبعي هذه طريقة القرآن.
أخي عبدالله الشهري ذكرك للمنافقين في القسم الثالث لا يصلح دليلا على ما ذكرت أو مثالا في هذا القسم، فالمنافقين ليس متوقف فيهم فهم في أحكام الدنيا يعاملون معاملة المسلمين ما لم يظهر نفاقهم و أمرهم في الآخرة هو النار (ليس كمن لم تبلغهم الحجّة و لم يعلموا التوحيد و الإيمان عن عذر، فهؤولاء في أحكام الدنيا لا يعاملون معاملة المسلمين و في الآخرة أمرهم إلى الله).
في الحقيقة أردت شيئاً آخر ، وهو الإشارة إلى أن من اللوازم التي لا تنفك عن معنى الكفر - بحسب وروده في آيات القرآن - أحوال مثل : الجحود ، النكران ، المعاندة ، الإعراض ، وغيرها مما يفيد عدم الاستسلام والطاعة والانقياد لأمر الله. وهذه الأحوال لم يُظهرها المنافقون فعوملوا معاملة المسلمين في الظاهر ، مع أنها مستقرة فيهم باطناً.
أبو حازم الكاتب
2007-08-24, 12:02 AM
بارك الله فيكم
سبق أن ذكرت أنه لا يترتب عليها حكم ، وأما ما ذكرت الأخت هالة من الدعاء لهم فهذا ملحق بالأحكام فهو لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدعى له :
وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة ررر قال : زار النبي (ص) قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال : استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت "
- وقد أخرج الحاكم وابن أبي حاتم من طريق أيوب بن هانئ عن مسروق عن ابن مسعود ررر قال : خرج رسول الله (ص) يوما إلى المقابر فاتبعناه فجاء حتى جلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فبكينا لبكائه فقال إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي واستأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فأنزل علي : ففف ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ققق .
- ومن طريق فضيل بن مرزوق عن عطية لما قدم مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها فنزلت .
- وللطبراني من طريق عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما نحو حديث ابن مسعود ررر وفيه : لما هبط من ثنية عسفان وفيه نزول الآية في ذلك .
فهذه طرق يعضد بعضها بعضا تبين أن الاية نزلت في أم النبي (ص) وهي من أهل الفترة وقد سماهم الله تبارك وتعالى مشركين .
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح وجه الجمع بين نزول هذه الآية في حق أبي طالب وفي حق أم النبي (ص) ، وقد ذكر ابن جرير وابن كثير والبغوي وابن الجوزي وغيرهم القولين وقولاً ثالثاً وهو أنها نزلت من أجل أن قوما من أهل الإيمان كانوا يستغفرون لموتاهم من المشركين ، وقد رجح بعضهم أنها في أم النبي (ص) لسببين :
أحدهما : تأخر نزول هذه السورة وابو طالب مات في مكة قديماً .
الثاني : أنه (ص) قال يوم أحد بعد أن شج وجهه رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، ولو كانت الآية نزلت قبل لما استغفر النبي (ص) لهم يوم أحد .
وعلى أقل الأحوال فلا يمنع من تكرار النزول في حق أبي طالب وأم النبي (ص) .
قال الحافظ في الفتح ( 8 / 508 ) : ( ويحتمل أن يكون نزول الآية تأخر وإن كان سببها تقدم ويكون لنزولها سببان متقدم وهو أمر أبي طالب ومتأخر وهو أمر آمنة ويؤيد تأخير النزول ما تقدم في تفسير براءة من استغفاره (ص) للمنافقين حتى نزل النهي عن ذلك فإن ذلك يقتضي تأخير النزول وإن تقدم السبب ويشير إلى ذلك أيضا قوله في حديث الباب وأنزل الله في أبي طالب إنك لا تهدي من أحببت لأنه يشعر بأن الآية الأولى نزلت في أبي طالب وفي غيره والثانية نزلت فيه وحده ويؤيد تعدد السبب ما أخرج أحمد من طريق أبي إسحاق عن أبي الخليل عن علي قال سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان فذكرت ذلك للنبي (ص) فأنزل الله ما كان للنبي الآية وروى الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال وقال المؤمنون ألا نستغفر لآبائنا كما استغفر إبراهيم لأبيه فنزلت ومن طريق قتادة قال ذكرنا له أن رجالا فذكر نحوه )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وتجوز زيارة قبر الكافر لأجل الاعتبار دون الإستغفار له كما فى الصحيحين عن أبى هريرة قال : إن النبى زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله وقال إستأذنت ربى أن استغفر لها فلم يأذن لى وإستأذنته فى ان ازورها فأذن لى فزوروا القبور فإنها تذكر الموت )
وقال : ( واما زيارة قبر الكافر فرخص فيها لأجل تذكار الآخرة ولا يجوز الإستغفار لهم وقد ثبت فى الصحيحين عن النبى أنه زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله وقال إستاذنت ربى فى أن أزور قبرها فأذن لى وإستاذنته فى ان استغفر لها فلم يأذن لى فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ) ( 27 /165 ، 377 )
وقال أيضاً : ( وزيارة القبور جائزة في الجملة حتى قبور الكفار فإن في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي " ) اقتضاء الصراط المستقيم ( ص 327 )
ويؤخذ من سبب نزول الآية أنهم يطلق عليهم كفار ومشركون ؛ فإن قوله تعالى : ففف ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ققق وأم النبي (ص) من أهل الفترة ولم تبلغها رسالة النبي (ص) .
فهذا أحد الأدلة ومن الأدلة أيضاً :
1 - قوله تعالى : ففف لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ققق قال ابن جرير رحمه الله : ( وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال : معنى ذلك : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مفترقين في أمر محمد حتى تأتيهم البينة وهي إرسال الله إياه رسولا إلى خلقه رسول من الله )
وقال البغوي رحمه الله : ( ففف لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ققق وهم اليهود والنصارى ففف والمشركين ققق وهم عبدة الأوثان ففف منفكين ققق منتهين عن كفرهم وشركهم وقال أهل اللغة : زائلين منفصلين يقال : فككت الشيء فانفك أي : انفصل ففف حتى تأتيهم البينة ققق لفظه مستقبل ومعناه الماضي أي : حتى أتتهم البينة الحجة الواضحة يعني : محمدا (ص) أتاهم بالقرآن فبين لهم ضلالاتهم وجهالتهم ودعاهم إلى الإيمان فهذه الآية فيمن آمن من الفريقين أخبر أنهم لم ينتهوا عن الكفر حتى أتاهم الرسول فدعاهم إلى الإيمان فآمنوا فأنقذهم الله من الجهل والضلالة )
وهذا نص عام وصف به كل من كان قبل الرسول (ص) ثم بلغته الدعوة وهم إما مشركون أو اهل كتاب .
2 - وقال تعالى : ففف ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ققق
قال ابن جرير رحمه الله : ( قوله تعالى ذكره : ففف ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ققق أي : إنما أرسلنا الرسل يا محمد إلى من وصفت أمره وأعلمتك خبره من مشركي الإنس والجن يقصون عليهم آياتي وينذرونهم لقاء معادهم إلي من أجل أن ربك لم يكن مهلك القرى بظلم وقد يتجه من التأويل في قوله : ففف بظلم ققق وجهان : أحدهما : ففف ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ققق أي : بشرك من أشرك وكفر من كفر من أهلها كما قال لقمان : ففف إن الشرك لظلم عظيم ققق ففف وأهلها غافلون ققق يقول : لم يكن يعاجلهم بالعقوبة حتى يبعث إليهم رسلا تنبههم على حجج الله عليهم وتنذرهم عذاب الله يوم معادهم إليه ولم يكن بالذي يأخذهم غفلة فيقولوا : ففف ما جاءنا من بشير ولا نذير ققق
والآخر : ففف ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ققق يقول : لم يكن ليهلكهم دون التنبيه والتذكير بالرسل والآيات والعبر فيظلمهم بذلك والله غير ظلام لعبيده .
قال أبو جعفر : وأولى القولين بالصواب عندي القول الأول أن يكون معناه : أن لم يكن ليهلكهم بشركهم دون إرسال الرسل إليهم والإعذار بينه وبينهم وذلك أن قوله : ففف ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ققق عقب قوله : ففف ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي ققق فكان في ذلك الدليل الواضح على أن نص قوله : ففف ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ققق إنما هو : إنما فعلنا ذلك من أجل أنا لا نهلك القرى بغير تذكير وتنبيه ) ورجح ابن كثير والقرطبي ما رجحه ابن جرير من تفسير الآية وهو قول البغوي .
وقال ابن القيم : ( ثم قال في الأنعام بعدها ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون وعلى أحد القولين وهو أن يكون المعنى لم يهلكهم بظلمهم قبل إرسال الرسل فتكون الآية دالة على الأصلين أن أفعالهم وشركهم ظلم قبيح قبل البعثة وأنه لا يعاقبهم عليه إلا بعد الإرسال ) مدارج السالكين ( 1 / 232 )
ووجه الاستدلال من الآية واضح حيث وصف فعلهم بالشرك مع أنهم غافلون جاهلون ومعلوم ان الغفلة هنا ليس المراد بها الإعراض ؛ لأن هذا لا يكون عذراً في رفع العذاب .
قال ابن تيمية رحمه الله : ( حال الكافر لا تخلو من أن يتصور الرسالة أولا :
فإن لم يتصورها فهو فى غفلة عنها وعدم إيمان بها كما قال ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا وقال فانتقمنا منهم فأغرقناهم فى اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين لكن الغفلة المحضة لا تكون إلا لمن لم تبلغه الرسالة والكفر المعذب علية لا يكون الا بعد بلوغ الرسالة
فلهذا قرن التكذيب بالغفلة وإن تصور ما جاء به الرسول وانصرف فهو معرض عنه كما قال تعالى فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا وكما قال رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا وكما قال وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا وان كان مع ذلك لا حظ له لا مصدق ولا مكذب ولا محب ولا مبغض فهو فى ريب منه كما أخبر بذلك عن حال كثير من الكفار منافق وغيره ... ) مجموع الفتاوى ( 2 / 78 )
وقال أيضاً : ( والغفلة هي ضد العلم التام وإن لم يكن ضدا لأصل العلم وأما للخواطر التي تسنح في القلب من الالتفات إلى الأسباب وإما لغير ذلك ) مجموع الفتاوى ( 3 / 329 )
وقال أيضاً : ( والرب تعالى منزه عن الغفلة والنسيان لان ذلك يناقض حقيقة العلم ) الرد على المنطقيين ( ص 192 )
3 - قوله تعالى : ففف وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ققق
قال البغوي عند تفسير الآية : ( لا يعلمون دين الله تعالى وتوحيده فهم محتاجون إلى سماع كلام )
4 – وقال تعالى : ففف ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ققق
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : ( يقول تعالى : ففف ولما جاءهم ققق يعني اليهود ففف كتاب من عند الله ققق وهو القرآن الذي أنزل على محمد (ص) ففف مصدق لما معهم ققق يعني من التوراة وقوله ففف وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ققق أي وقد كانوا من قبل مجيء هذا الرسول بهذا الكتاب يستنصرون بمجيئه على أعدائهم من المشركين إذا قاتلوهم يقولون : إنه سيبعث نبي في آخر الزمان نقتلكم معه قتل عاد وإرم )
قال ابن القيم رحمه الله : ( الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم ) طريق الهجرتين ( ص 610 )
والله أعلم
سراج بن عبد الله الجزائري
2007-08-24, 01:22 PM
الشيخ الفاضل أبو حازم بل يوجد ثمرة لهذا الخلاف و هو خلاف معنوي
و من ذلك هل يترحم على غير المسلم إن مات؟
فمعلوم بأنّه لا يجوز الترحم على الكافر الذي أقيمت عليه الحجّة إن مات و هذا من بين أحكام الكفار التي تجرى على من مات كافرا
و لكن هل يجوز الترحم على غير المسلم إن مات قبل قيام الحجّة عليه ؟ مثلا هل يجوز الترحم على أهل الفترة
فيا حبذا يا شيخ أن تواصل النقاش إذ الخلاف معنوي و له ثمرة
وفقك الله
الأخت هالة ما أشرت إليه من مسألة التفصيل في الترحم على غير المسلم ؟ ليس بمترتب على التفصيل في وصف غير المسلم بالكفر ؟
فلو صحّ وصف كل ما سوى المسلم بالكفر لأمكن التفصيل في مسألة الترحم فمسألة الترحم على غير المسلم و التفصيل فيها ليست بمتربطة بوصف غير المسلم بالكفر
إلا أني أهتم بفهم على من تطلق الإصطلاحات الشرعية و ما ضوابط إطلاقها
سراج بن عبد الله الجزائري
2007-08-24, 01:31 PM
الأخ أبو حازم الكاتب
فهذه طرق يعضد بعضها بعضا تبين أن الاية نزلت في أم النبي (ص) وهي من أهل الفترة وقد سماهم الله تبارك وتعالى مشركين .
جاء في كتاب عون الودود لتيسير مافي السلسلة الصحيحة من الفوائد والردود :
5- إن أهل الجاهلية الذين ماتوا قبل بعثته عليه الصلاة والسلام معذبون بشركهم وكفرهم , وذلك يدل على أنهم ليسوا من أهل الفترة الذين لم تبلغهم دعوة نبي , خلافاً لما يظنه بعض المتأخرين إذ لو كانوا كذلك , لم يستحقوا العذاب لقوله سبحانه وتعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء 15 .
فالشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله يبيّن هنا بأنّه من مات قبل بعثته من القوم الذين بعث فيهم النّبي صلى الله عليه و سلّم ليسوا من أهل الفترة الذين لم تبلغهم دعوة نبي فذكرك لأم النبيّ صلى الله عليه و سلّم هنا خارج عن محل النزاع و نحن كلامنا عن من لم تبلغه دعوة النبي أو لم تقم عليه الحجّة و لا خلاف في تسيمة من وقع في الشرك من غير المسلم بأنّه مشرك بلغته دعوة النّبي أم لم تبلغه
***************
و مسألة الإمتناع على الترحم و الإستغفار على غير المسلم مرتبطة بالنسبة لي بمن توفرت فيه شروط التكفير و موانعه (لغير من هو معذور في جهله بالإيمان) و علم بأنّه من أصحاب الجحيم ، قال الله تعالى : "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " [التوبة : 113]
فالآية فيها منع للإستغفار للمشرك المتبيّن بأنّه من أصحاب الجحيم يعني كفر ظاهرا و باطنا يعني أقيمت عليه الحجّة ووقع في كفره من غير عذر، فمن هو من أصحاب الجحيم من المشركين ؟ الجواب : هو المشرك الذي جاءه النذير و لم ينتهي عن كفره يعني توفرت فيه شروط التكفير و انتفت عنه موانعه
فالمنع من الإستغفار في هذه الآية هو في من توفرت فيه شروط التكفير و انتفت عنه موانعه من المشركين المتّبعين لأهوائهم المعلوم عنهم بأنّهم من أصحاب الجحيم و الله أعلم.
و هذا نبي من الأنبياء يستغفر لقومه ففي صحيح البخاري : قال عبد الله : "كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون "
و جاء في فتح الباري :
قوله : ( كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه )
لم أقف على اسم هذا النبي صريحا , ويحتمل أن يكون هو نوح عليه السلام , فقد ذكر ابن إسحاق في " المبتدأ " وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسير الشعراء من طريق إسحاق قال " حدثني من لا أتهم عن عبيد بن عمير الليثي أنه بلغه أن قوم نوح كانوا يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " . قلت : وإن صح ذلك فكأن ذلك كان في ابتداء الأمر , ثم لما يئس منهم قال ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) وقد ذكر مسلم بعد تخريج هذا الحديث حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال في قصة أحد " كيف يفلح قوم دموا وجه نبيهم " فأنزل الله ( ليس لك من الأمر شيء ) ومن ثم قال القرطبي : إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الحاكي والمحكي ما سيأتي . وأما النووي فقال : هذا النبي الذي جرى له ما حكاه النبي صلى الله عليه وسلم من المتقدمين , وقد جرى لنبينا نحو ذلك يوم أحد .
و هذا إبراهيم عليه السلام دعا لوالده ففي سورة إبراهيم (الآيات: 39 – 41) :"الْحَمْدُ لله الَّذي وَهَبَ ِلي عَلَى الْكَبرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إنِّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتيِ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء رَبَّناَ اغْفِر لِي وَلِوَالِدَّي وَللْمُؤْمِنِيَ ن يوم يَقُومُ الْحِسَابُ"
و كذا جاء في سورة التوبة ( الآية : 114) " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه ، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم "
الخلاصة أنّ الآية فيها منع للإسغفار للمشرك المتبيّن بأنّه من أصحاب الجحيم يعني كفر ظاهرا و باطنا يعني أقيمت عليه الحجّة ووقع في كفره من غير عذر فإن كان لك أدّلة على غير هذه الحالة أخي أبو حازم فأتمنى أن تتفضل بها ؟ و بارك الله فيك
***************
1 - قوله تعالى : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة قال ابن جرير رحمه الله : ( وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال : معنى ذلك : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مفترقين في أمر محمد حتى تأتيهم البينة وهي إرسال الله إياه رسولا إلى خلقه رسول من الله )
وقال البغوي رحمه الله : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى والمشركين وهم عبدة الأوثان منفكين منتهين عن كفرهم وشركهم وقال أهل اللغة : زائلين منفصلين يقال : فككت الشيء فانفك أي : انفصل حتى تأتيهم البينة لفظه مستقبل ومعناه الماضي أي : حتى أتتهم البينة الحجة الواضحة يعني : محمدا أتاهم بالقرآن فبين لهم ضلالاتهم وجهالتهم ودعاهم إلى الإيمان فهذه الآية فيمن آمن من الفريقين أخبر أنهم لم ينتهوا عن الكفر حتى أتاهم الرسول فدعاهم إلى الإيمان فآمنوا فأنقذهم الله من الجهل والضلالة )
وهذا نص عام وصف به كل من كان قبل الرسول ثم بلغته الدعوة وهم إما مشركون أو اهل كتاب .
حتى على التسليم بصحّة هذا التفسير فلا يلزم منها وصف المعذور في جهله بالإيمان بالكفر و أنّه كافر ؟
فكما أنّه يوجد من كفر قبل بعثة النّبي صلى الله عليه و سلّم من مشركي قومه وهم أصحاب الجحيم فكذلك يوجد من هو من أصحاب الجحيم من أهل الكتاب قبل بعثة النّبي صلى الله عليه و سلّم إذ ما لم يذهب بعد كل ما جاء به الأنبياء من قبل بعثة النّبي صلى الله عليه و سلّم
ثم هؤولاء الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين ازدادو كفرا على كفرهم بعدم إيمانهم بالنّبي صلى الله عليه و سلّم عن هوى بعد بعثته
فالآية ليس صريحة في صحة الوصف بالكفر لمن جهل الإيمان عن عذر ؟ حتى على هذا التفسير الذي نقلت أخي الكريم
السؤال الذي يطرح نفسه أخي أبو حازم الكتاب : أين وُصف من جهل الإيمان عن عذر بالكفر في نصوص الكتاب و السّنة ؟ فهل لك نص في محلّ النزاع ؟
و الآيات التي ذكرتها من وجود كفار سواء من أهل الكتاب أو من المشركين قبل بعثة النّبي صلى الله عليه و سلّم لم يكن في وقتهم هناك جهل مطلق بالإيمان فما زالت بقايا من الديانات الصحيحة السابقة يكفر من بلغته و لم يؤمن بها و ليسوا من أهل الفترة الذين لا يعلمون الإيمان عن عذر و كما أنّهم ليسوا من الذين لم يأتهم أي شيء من النذير
و الذي يظهر لي أنّ المسألة إختلافية بين أهل العلم و لا إجماع فيها و الله أعلم
الغُندر
2007-08-24, 09:58 PM
اخي عبدالله نقلك لكلام ابن عبدالبرّ في غير محله فإن الصفات لا تعلم الا بالكتاب او السنة , ومعلوم ان الله تعالى لم يوجب على كل احد ان يتعلم صفاته واسماءه جل جلاله .
سراج بن عبد الله الجزائري
2007-08-24, 11:12 PM
اخي عبدالله نقلك لكلام ابن عبدالبرّ في غير محله فإن الصفات لا تعلم الا بالكتاب او السنة , ومعلوم ان الله تعالى لم يوجب على كل احد ان يتعلم صفاته واسماءه جل جلاله .
لماذا هو ليس في محله هذا النقل عن ابن عبد البر رحمه الله : " من جهل بعض الصفات وآمن بسائرها لم يكن بجهل البعض كافرا لأن الكافر من عاند لا من جهل ، و هذا قول المتقدمين من العلماء و من سلك سبيلهم من المتأخرين".
مفهوم كلام ابن عبد البر هو أنّ الكافر من عاند لا من جهل و بالتالي فمن جهل بعض الصفات وآمن بسائرها لا يصح تكفيره.
فاعتمد ابن عبد البر على عدم تكفير من جهل بعض الصفات على ما يرى أنّه قول المتقدمين من العلماء و من سلك سبيلهم من المتأخرين و أنّ الجهل ليس بكفر.
هو صحيح ابن عبد البر تكلم في الجزء الأول من كلامه على من جهل بعض صفات الله لا كلّها و لكن قوله فيما بعد : "الكافر من عاند لا من جهل" عام يشمل من جهل جهلا لا عناد فيه بعض الصفات أو كلّها.
و بالتالي فكلام ابن عبد البر رحمه الله يخرم كل دعوى إجماع على من يدخل من جهل الإيمان عن عذر في الكفار
و بالتالي فيظهر لي أنّك أخطأت يإعتراضك على الأخ عبد الله الشهري و الله أعلم
ثم لنفرض أنّه ليس في محله :
السؤال الذي يطرح نفسه هل لك نص شرعي في محل النزاع ؟
يعني هل يمكن أن تأتينا بنص شرعي فيه وصف الجهل بالإيمان عن عذر كفرا ؟ و بالتالي يحسم الخلاف بشرط أن توضح وجه الدلالة
أظن أنّه سؤال بسيط و سهل
أبو حازم الكاتب
2007-08-25, 12:47 AM
بارك الله فيك أخي الكريم سراج
ما نقلته عن عون الودود خلاف ما عليه عامة أهل العلم والذي ذكره ابن جرير وابن كثير والبغوي وابن الجوزي والبيضاوي والقرطبي والسيوطي في تفاسيرهم عند تفسير الآية _ ( على فترة من الرسل ) _ وابن حجر في الفتح والعيني في عمدة القاري والنووي في شرح مسلم وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم أن الفترة هي المدة بين عيسى عليه السلام ونبينا محمد (ص) .
قال ابن تيمية رحمه الله : ( وقبل محمد عليهم الصلاة والسلام فى الفترة حين كان عامة الناس كفرة ) مجموع الفتاوى ( 11 / 436 )
والفترة في الصل تطلق على كل زمن لا يبعث فيه رسول :
قال الحافظ في الفتح ( 7 / 277 ) : ( والمراد بالفترة المدة التي لا يبعث فيها رسول من الله ولا يمتنع أن ينبأ فيها من يدعو إلى شريعة الرسول الأخير )
أما ما يتعلق بما ذكرته في الآيات السابقة فأنا لم اذكر وجه الاستدلال واضحاص لظني انه مفهوم ولكن يبدو أنه يحتاج إلى بيان فأقول :
أما قوله تعالى : ففف ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ققق فسبق أن ذكرلات أن طائفة من أهل العلم رأوا أنها نزلت في أم النبي (ص) وهي من أهل الفترة الذين لم يبعث إليهم رسول وقد جعلها الله ضمن المشركين وكذا الحال في القول الثاني لسبب النزول وهي انها نزلت في بعض الصحابة الذين يستغفرون لآبائهم المشركين .
وأما قوله تعالى : ففف لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ققق فهنا وصف الله عز وجل الناس من أهل الكتاب والمشركين عباد الوثن بالكفر قبل أن تأتيهم البينة وهو الرسول (ص) كما في تمام الآيات .
وأما قوله تعالى : ففف وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ققق فهنا وصف الله عز وجل من يأتي النبي (ص) بالشرك مع أنه وصفه بعدم العلم فأمر النبي (ص) بأن يجيره حتى يسمع القرآن وتقوم عليه الحجة ومعنى هذا أنه موصوف بالكفر قبل قيام الحجة عليه .
وأما قوله تعالى : ففف ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ققق فهنا وصفهم الله بالظلم وهو الشرك مع أنهم غافلون جاهلون لا يعلمون شيئاً من الحجج ولذلك نفى اله أن يعذبهم لكونهم لم تقم عليهم الحجة وهو يوافق قوله تعالى : ففف وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ققق ونحوها من الآيات .
وأما قوله تعالى : ففف ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ققق فهنا وصف الله من كان في المدينة من المشركين بالكفر قبا بعثة النبي (ص) وأن أهل الكتاب من اليهود كانوا يستفتحون عليهم ويقولون سيبعث نبي ونقتلكم قتل عاد وهؤلاء الذين وصفهم بالكفر قبل البعثة أسلموا وأصبحوا أنصاراً للنبي (ص) بعد بعثته .
وقولك : ( و لا خلاف في تسمية من وقع في الشرك من غير المسلم بأنّه مشرك بلغته دعوة النّبي أم لم تبلغه ) هذا ما ينازع فيه الشيخ عبد الله الشهري وهو ما زعمت فيه أنه لا خلاف والمشرك كافر وأهل الفترة لم تبلغهم دعوة ولا دليل على التفريق بين هذه الأمور ، ولماذ جزمت بوصفه بالشرك ولم تجزم بوصفه بالكفر ما دليل هذا التفريق ؟
والأمر في النصوص الشرعية مربوط بالحجة التي هي بعث الرسل وقد بين الله أن المشركين قبل بعثة النبي (ص) لم يبعث إليهم رسل ولم يأتهم نذير فقال سبحانه وتعالى : ففف لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون ققق وقال تعالى : لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ققق فبين الله في هذه الآيات وغيرها ان أهل الفترة لم يأتهم نذير ولم تبلغهم دعوة ومع هذا وصفهم بالكفر والشرك في نصوصٍ أخرى لكن هذا لا يلزم منه التعذيب والمؤاخذة ؛ لأن ذلك إنما يكون بعد قيام الحجة ببعث الرسل .
سراج بن عبد الله الجزائري
2007-08-25, 02:16 AM
و فيك بارك الله أخي
وقولك : ( و لا خلاف في تسمية من وقع في الشرك من غير المسلم بأنّه مشرك بلغته دعوة النّبي أم لم تبلغه ) هذا ما ينازع فيه الشيخ عبد الله الشهري وهو ما زعمت فيه أنه لا خلاف
لعلك لم تدقق في المشاركات جيّدا أخي
تفضل كلام الأخ عبد الله الشهري بالضبط وهو في المشاركة رقم 47 :
كلامك صحيح ، كل كفر أكبر يعتبر عدم إيمان ، ولكن لا يلزم أن يكون كل "عدم إيمان" كفر ، لأن الجاهل بالله ورسالاته وكتبه - صحيح أنه لا إيمان عنده - ولكنه لم يكفر لأنه لم تأته الدلائل والآيات والبينات حتى يكفر بها ، ويمكن أن نسميه "ضال" ، "مشرك" ، "أمّي" ، "وثني" ، "ملحد" ، وكل هذه الألقاب إنما هي أوصاف تحكي حاله التي هو عليها ، ولكن لا يقال "كافر" إلا بعد الجحد والمعاندة والإصرار على لزوم الحال القديمة. وبتتبعي هذه طريقة القرآن.
و بالنسبة لقولك :
ما نقلته عن عون الودود خلاف ما عليه عامة أهل العلم والذي ذكره ابن جرير وابن كثير والبغوي وابن الجوزي والبيضاوي والقرطبي والسيوطي في تفاسيرهم عند تفسير الآية _ ( على فترة من الرسل ) _ وابن حجر في الفتح والعيني في عمدة القاري والنووي في شرح مسلم وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم أن الفترة هي المدة بين عيسى عليه السلام ونبينا محمد .
قال ابن تيمية رحمه الله : ( وقبل محمد عليهم الصلاة والسلام فى الفترة حين كان عامة الناس كفرة ) مجموع الفتاوى ( 11 / 436 )
والفترة في الصل تطلق على كل زمن لا يبعث فيه رسول :
قال الحافظ في الفتح ( 7 / 277 ) : ( والمراد بالفترة المدة التي لا يبعث فيها رسول من الله ولا يمتنع أن ينبأ فيها من يدعو إلى شريعة الرسول الأخير )
يا أخي الفترة الممتدة من عيسى عليه السلام إلى محمّد صلى الله عليه و سلّم لم ينعدم فيها دعوة لأنبياء الذين من قبلهم بالكلية ففيهم المؤمن كورقة بن نوفل و الذي سيدخل الجنّة و الذي استمد إيمانه مما بقى من الديانات الصحيح السابقة و فيهم من في النار كوالد النّبي صلى الله عليه و سلّم يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
إن أبا النبي صلى الله عليه وسلم مات على الكفر وهو في النار، كما ثبت في الصحيح أن رجلاً جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال يا رسول الله أين أبي؟ قال أبوك في النار، فلما انصرف دعاه النبي عليه الصلاة والسلام فقال له فقال له أبي وأبوك في النار
فكل هذا يؤكّد كلام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني فما الخطأ في كلام الشيخ ناصر بالدليل وفقك الله ؟
فكيف يدخل الجنة من يدخل من أصحاب هذه الفترة و يدخل النار من يدخل من أصحاب هذه الفترة و لم يكونوا قد علموا الإيمان؟
أما قوله تعالى : "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين" فسبق أن ذكرلات أن طائفة من أهل العلم رأوا أنها نزلت في أم النبي وهي من أهل الفترة الذين لم يبعث إليهم رسول وقد جعلها الله ضمن المشركين وكذا الحال في القول الثاني لسبب النزول وهي انها نزلت في بعض الصحابة الذين يستغفرون لآبائهم المشركين .
أخي لا يوجد في ما ذكرت أنّهم وصفوا بأنّهم كفار ثم الآية تتكلم عن من أقيمت عليه الحجّة فالآية خارجة عن محل النزاع و نحن نتكلم عن من لم يعلم الإيمان عن عذر
وأما قوله تعالى : "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة" فهنا وصف الله عز وجل الناس من أهل الكتاب والمشركين عباد الوثن بالكفر قبل أن تأتيهم البينة وهو الرسول كما في تمام الآيات .
قبل بعثة النّبي صلى الله عليه و سلّم في الفترة الممتدة من عيسى عليه الصلاة و السلام إلى محمد عليه الصلاة و السلام
يوجد من أقيمت عليه الحجّة و سيدخل النار
و بالتالي هناك من سيكفر عن عناد قبل بعثة النّبي محمّد من المشركين و أهل الكتاب
فلا يلزم من الآية وصف من جهل الإيمان عن عذر بالكفر لأنّه يحتمل أنّ المقصود بالآية من عاند من الكفار
وأما قوله تعالى : "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون" فهنا وصف الله عز وجل من يأتي النبي بالشرك مع أنه وصفه بعدم العلم فأمر النبي بأن يجيره حتى يسمع القرآن وتقوم عليه الحجة ومعنى هذا أنه موصوف بالكفر قبل قيام الحجة عليه .
في الآية وصف بالشرك فكيف فهمت بأنّه موصوف بالكفر ؟
وأما قوله تعالى : "ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون" فهنا وصفهم الله بالظلم وهو الشرك مع أنهم غافلون جاهلون لا يعلمون شيئاً من الحجج ولذلك نفى اله أن يعذبهم لكونهم لم تقم عليهم الحجة وهو يوافق قوله تعالى : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ونحوها من الآيات .
أنا لا أتكلم عن الوصف بالظلم بل أتكلم عن الوصف بالكفر و الله لا يعاقب إلا من آتاه النذير
وأما قوله تعالى : "ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين" فهنا وصف الله من كان في المدينة من المشركين بالكفر قبا بعثة النبي وأن أهل الكتاب من اليهود كانوا يستفتحون عليهم ويقولون سيبعث نبي ونقتلكم قتل عاد وهؤلاء الذين وصفهم بالكفر قبل البعثة أسلموا وأصبحوا أنصاراً للنبي بعد بعثته .
أنا أثبت وجود الكفار قبل بعثة النّبي محمّد صلى الله عليه و سلّم في الفترة ما بين عيسى و محمد عليهما الصلاة و السلام
فما دراك بأنّ الكفار المذكورين في الآية فيهم من جهل الإيمان عن عذر أفلا يمكن عندك أن يكون الكفار المذكورين هم من عاندوا و بلغهم ما تقوم به عليهم الحجّة
فالآية التي ذكرت ليست نصا في محل النزاع
أخي الكريم أنا أريد نص صريح في وصف من جهل الإيمان عن عذر بأنّه كافر ؟ أو بعبارة أخرى نص صريح (ليس نص محتمل) من الكتاب و السّنة على أنّ جهل الإيمان عن عذر كفر أكبر ؟ و جزاك الله خيرا
و بخصوص تسمية من يشرك في العبادة لمن لم يعلم الإيمان عن عذر بالمشرك فلأنّ هذا يصح لغة و نحن هنا نتكلم عن الإطلاق الشرعي للفظ الكفر و عن تعريف الكفر شرعا
أبو حازم الكاتب
2007-08-25, 06:03 AM
أخي الكريم أنت قلت : ( يا أخي الفترة الممتدة من عيسى عليه السلام إلى محمّد صلى الله عليه و سلّم لم ينعدم فيها دعوة لأنبياء الذين من قبلهم بالكلية )
وقلت : ( قبل بعثة النّبي صلى الله عليه و سلّم في الفترة الممتدة من عيسى عليه الصلاة و السلام إلى محمد عليه الصلاة و السلام يوجد من أقيمت عليه الحجّة و سيدخل النار و بالتالي هناك من سيكفر عن عناد قبل بعثة النّبي محمّد من المشركين و أهل الكتاب )
وأقول قال الله تعالى : ففف لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون ققق
وقال تعالى : ففف لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ققق
وقال الله تعالى : ففف وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير ققق
قال ابن كثير رحمه الله : ( أي ما أنزل الله على العرب من كتاب قبل القرآن وما أرسل إليهم نبيا قبل محمد (ص) وقد كانوا يودون ذلك ويقولون : لو جاءنا نذير أو أنزل علينا كتاب لكنا أهدى من غيرنا فلما من الله عليهم بذلك كذبوه وجحدوه وعاندوه )
وقال تعالى : ففف يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ققق .
فلا أدري هل هذه النصوص التي تنفي بصيغ العموم ( نكرة في سياق النفي ) أن يوجد نذير لا ادري هل تدل على وجود ما ذكرت اخي أو لا ؟؟
قلت : ( ففيهم المؤمن كورقة بن نوفل و الذي سيدخل الجنّة و الذي استمد إيمانه مما بقى من الديانات الصحيح السابقة )
أولاً : ورقة بن نوفل كان نصرانياً وقد تعلم الكتاب وذلك أنه ضرب في الأرض يبحث عن دين الحق فلما نزل الوحي على النبي (ص) أخبر عائشة فأتت به ورقة بن نوفل والقصة مشهورة في الصحيحين وفيه : " فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى يا ليتني فيها جذع ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ... " الحديث
قال الحافظ في الفتح : ( ووقع في مرسل أبي ميسرة أبشر فأنا أشهد إنك الذي بشر به بن مريم وأنك على مثل ناموس موسى وأنك نبي مرسل وأنك ستؤمر بالجهاد وهذا أصرح ما جاء في إسلام ورقة .. )
ثانياً : سبق أن ذكرت ان أهل الفترة ومن شابههم يمتحنون يوم القيامة على القول الصحيح وهو الذي دلت عليه الأدلة وقد قرره ابن تيمية وابن القيم وغيرهما وعليه فهذه الأحاديث تحمل على ما حصل لهم في آخر الأمر فمنهم من دخل الجنة ومنهم من دخل النار .
وورقة بن نوفل وقد ذكره الطبري والبغوي وابن قانع وابن السكن والحافظ ابن حجر وغيرهم في الصحابة وساق ابن حجر عدة روايات في الباب متعارضة .
تنبيه : إذا اعتمد الكلام على ( يحتمل ) و( أظن ) و ( أرى ) بدون أدلة فلن ينتهي النقاش ، ولا ينبغي معارضة النصوص بمثل هذه الأمور إلا بتاويل صحيح منصوراص بقول أهل العلم ، فالمسألة علمية تعتمد على نصوص أو أقوال اهل العلم لا على اجتهادات شخصية فأرجو ممن يتكلم في هذه المسألة أن يأتي بمثل هذا وإلا فلا فائدة ، على أني قلت في البداية هذه المسألة ليس فيها كثير ثمرة لكني ذكرت ما ذكرت أخيراً تعقيباً على طلب الأخت هالة ورفعاً للإشكال في حكم الدعاء لمن كان هذا حاله .
ولذلك فسأكتفي بما ذكرت وأرجو من الإخوة عموما ومن الأخ الكريم سراج خصوصاً العذر وفقني الله وإياكم .
سراج بن عبد الله الجزائري
2007-08-25, 01:11 PM
وأقول قال الله تعالى : ففف لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون ققق
وقال تعالى : ففف لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ققق
وقال الله تعالى : ففف وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير ققق
قال ابن كثير رحمه الله : ( أي ما أنزل الله على العرب من كتاب قبل القرآن وما أرسل إليهم نبيا قبل محمد (ص) وقد كانوا يودون ذلك ويقولون : لو جاءنا نذير أو أنزل علينا كتاب لكنا أهدى من غيرنا فلما من الله عليهم بذلك كذبوه وجحدوه وعاندوه )
هذه الآيات لا تتعارض مع الأخبار التي تثبت فيها بأنّ أب النّبي صلى الله عليه و سلّم في النّار و قد قال الله تعالى : "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" و بالتالي فلا يتصور أن يكون أب النّبي صلى الله عليه و سلّم في النّار ثم هو لم يأته شيء من النذير
صحيح النصوص تثبت وجود أقوام لم يبلغهم النذير و لكن لا يوجد في النصوص نفي بلاغ أي شيء من النذير لكل من كان في الفترة الممتدة من عيسى عليه السلام إلى محمّد صلى الله عليه و سلّم سواء من العرب أو من أهل الكتاب
و قد سبق و أن ذكرت بأنّ هذا قول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني و ليس إجتهاد خاص لي أتيت به من عند نفسي دون سلف
ثم العبرة بالدليل و الدليل يشهد لكلام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني فالنصوص تفهم مع بعضها و لا نأخذ ببعض النصوص و تطرح الأخرى
فلا أدري هل هذه النصوص التي تنفي بصيغ العموم ( نكرة في سياق النفي ) أن يوجد نذير لا ادري هل تدل على وجود ما ذكرت اخي أو لا ؟؟
سبق الجواب
إذا اعتمد الكلام على ( يحتمل ) و( أظن ) و ( أرى ) بدون أدلة فلن ينتهي النقاش
قُدّم الدليل على تلك الإحتمالات بقي ما الدليل على تعيين تلك الإحتمالات على من جهل الإيمان عن عذر ؟
فأخي أنت للآن لم تقدّم وجه دلالة واضح على شمول تلك الآيات التي ذكرت لمن جهل الإيمان عن عذر في مسمى الكفار ؟
في تلك الآيات التي ذكرت إثبات إلى أنّ في الفترة الممتدة من عيسى إلى النّبي عليهما الصلاة و السلام يوجد من وصف بأنّه كافر
و لكن لم تُثبت أخي بأنّه يدخل في هؤولاء الذين وصفوا بالكفر من جهل الإيمان عن عذر ؟ و قد تم إثبات وجود كفار في تلك الفترة معاندين لم يجهلوا الإيمان
فبقيت مسألة دخول من جهل الإيمان عن عذر في مسمى الكفار في تلك النصوص أمر ليس بحتمي و لازم ؟ و لست أدري ما دليلك على شمول ما ذكرت لهذا ؟؟ و لا أظنك تخالف بأنّه لا يصح إدخال شيء في مسمى شرعي لم ترد النصوص في إثبات دخوله ؟؟؟
ورقة بن نوفل كان نصرانياً وقد تعلم الكتاب وذلك أنه ضرب في الأرض يبحث عن دين الحق فلما نزل الوحي على النبي أخبر عائشة فأتت به ورقة بن نوفل والقصة مشهورة في الصحيحين وفيه : " فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى يا ليتني فيها جذع ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ... " الحديث
قال الحافظ في الفتح : ( ووقع في مرسل أبي ميسرة أبشر فأنا أشهد إنك الذي بشر به بن مريم وأنك على مثل ناموس موسى وأنك نبي مرسل وأنك ستؤمر بالجهاد وهذا أصرح ما جاء في إسلام ورقة .. )
لا يوجد في النصوص إثبات بأنّ ورقة بن نوفل وحّد الله عزّوجل و أصبح من المؤمنين بعدما أوحي للنّبي محمّد صلى الله عليه و سلّم فإثبات الإيمان لوقة بن نوفل بمجرد قوله : "يا ليتني فيها جذع ليتني إذ يخرجك قومك" لا يكفي دليلا على أنّه ورقة بن نوفل دخل في عقد المؤمنين بمجرد هذا القول و كما أنّه لا يوجد في النصوص بأنّ ورقة لم يعد نصرانيا فالأصل بقاء ما كان على ما كان عليه و الذي أعلمه من النصوص بأنّ هذا الذي قاله ورقة بن نوفل للنّبي صلى الله عليه و سلّم كان قبل أن يرسل نبينا عليه الصلاة و السلام للعالمين. و دخول أب النّبي صلى الله عليه و سلّم إلى النار يدل على أنّه يمكن لبعض الناس أن يؤمنوا بالله عزّوجل قبل بعثة النّبي صلى الله عليه و سلّم في الفترة المشار إليها.
ولذلك فسأكتفي بما ذكرت وأرجو من الإخوة عموما ومن الأخ الكريم سراج خصوصاً العذر وفقني الله وإياكم .
و وفقك الله
فالمسألة علمية تعتمد على نصوص أو أقوال اهل العلم لا على اجتهادات شخصية فأرجو ممن يتكلم في هذه المسألة أن يأتي بمثل هذا وإلا فلا فائدة
قد قُدّم أقوال للعلماء أخي الكريم في هذا ففي كلامك إيهام بأنّه لم يقدم
على أني قلت في البداية هذه المسألة ليس فيها كثير ثمرة
على العموم ضبط التعاريف الشرعية لا ينبغي إهماله لأهميته كما قرر العلماء و لا يجوز السكوت عن بيان الحق فيه لمن عنده علم
ولا ينبغي معارضة النصوص بمثل هذه الأمور إلا بتاويل صحيح منصوراص بقول أهل العلم
هذا مقتضى كلام من لا يدخل من جهل بالإيمان عن عذر في مسمى الكفار من العلماء و قد سبق ذكرهم و لا توجد معارضة للنصوص من طرفي بل توجد إستفسارات لمن عنده علم ؟ فأنا لا أناظر بل أستفسر عن تعريف صحيح شرعي للكفر مع الدليل؟
وفقك الله و الله أعلم
عبدالله الشهري
2007-09-17, 10:47 AM
...ولذلك يقول البغوي رحمه الله (1: 17) في تفسيره : ((والكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار ، وكفر جحود ، وكفر عناد ، وكفر نفاق . فكفر الإنكار: أن لا يعرف الله أصلا ولا يعترف به، وكفر الجحود هو: أن يعرف الله تعالى بقلبه ولا يقر بلسانه ككفر إبليس ( وكفر ) اليهود. قال الله تعالى: ففف فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ققق ( 89- البقرة ) وكفر العناد هو: أن يعرف الله بقلبه ويعترف بلسانه ولا يدين به)).
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.