المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما حكم الدعاء لولي الأمر في خطبة الجمعة؟



محمد طه شعبان
2015-01-11, 09:38 AM
في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: الاستحباب: وهو لبعض فقهاء المالكية والحنابلة.
قال ابن قدامة رحمه الله في ((المغني)) (2/ 230): ((وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ِ، وَلِنَفْسِهِ، وَالْحَاضِرِينَ ، وَإِنْ دَعَا لِسُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ بِالصَّلَاحِ، فَحَسَنٌ))اهـ.
القول الثاني: الجواز: وهو لبعض الشافعية.
قال النووي رحمه الله في ((المجموع)) (4/ 521): ((وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ فَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ إمَّا مَكْرُوهٌ وَإِمَّا خِلَافُ الْأَوْلَى هَذَا إذا دعا بِعَيْنِهِ فَأَمَّا الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلِجُيُوشِ الْإِسْلَامِ فَمُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ بِعَيْنِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُجَازَفَةً فِي وَصْفِهِ وَنَحْوَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ))اهـ.
القول الثالث: أنه بدعة: وهو لبعض المالكية وبعض الشافعية.
قال الرعيني في ((مواهب الجليل)) (2/ 165): ((قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: سُئِلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ حَاصِلُهَا مَا حُكْمُ ذِكْرِ خَطِيبِ الصَّلَاةِ فِي خُطْبَتِهِ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَالسُّلْطَانَ - سَدَّدَهُ اللَّهُ - وَمَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ وَمَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ شَرْعٌ لَا يُخَالَفُ أَوْ وَاجِبٌ لَا يُتْرَكُ وَجَوَابُهَا أَنَّ نَقُولَ: أَمَّا بِدْعَةُ ذِكْرِ الصَّحَابَةِ فَهَذَا عِنْدِي جَائِزٌ حَسَنٌ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى تَعْظِيمِ مَنْ عُلِمَ تَعْظِيمُهُ مِنْ الشَّرِيعَةِ ضَرُورَةً وَنَظَرًا وَلَا سِيَّمَا إذَا مَزَجَ ذَلِكَ بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ نُصْرَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَذْلِ نُفُوسِهِمْ فِي إظْهَارِ الدِّينِ وَأَمَّا بِدْعَةُ ذِكْرِ السَّلَاطِينِ بِالدُّعَاءِ وَالْقَوْلِ السَّالِمِ مِنْ الْكَذِبِ فَأَصْلُ وَضْعِهَا فِي الْخُطْبَةِ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ مَرْجُوحٌ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا لَمْ يَشْهَدْ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِ حُسْنِهَا فِيمَا أَعْلَمُ.
وَأَمَّا بَعْدَ إحْدَاثِهَا وَاسْتِمْرَارِه َا فِي الْخُطَبِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَصَيْرُورَةِ عَدَمِ ذِكْرِهَا مَظِنَّةَ اعْتِقَادِ السَّلَاطِينِ فِي الْخَطِيبِ مَا يُخْشَى غَوَائِلُهُ وَلَا تُؤْمَنُ عَاقِبَتُهُ فَذِكْرُهُمْ فِي الْخُطَبِ رَاجِحٌ أَوْ وَاجِبٌ. انْتَهَى.
وَقَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِلسَّلَاطِينِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ مُحْدَثٌ))اهـ.
واستدل المانعون بأنه لم يرد ذلك في الشرع.
وأما المبيحون والمستحبون فاستدلوا بما رُوِيَ عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْغَنَوِيِّ، قَالَ: كَانَ عَلَيْنَا أَبُو مُوسَى أَمِيرًا بِالْبَصْرَةِ، فَكَانَ إِذَا خَطَبَنَا حَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: فَأَغَاظَنِي ذَلِكَ مِنْهُ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ صَاحِبِهِ تُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَصَنَعَ ذَلِكَ ثَلاثَ جُمَعٍ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَشْكُونِي، وَيَقُولُ: إِنَّ ضَبَّةَ بْنَ مِحْصَنٍ الْغَنَوِيَّ يَتَعَرَّضُ لِي فِي خُطْبَتِي، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَنْ أَشْخِصْهُ إِلَيَّ، قَالَ: فَأَشْخَصَنِي إِلَيْهِ، فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ، فَضَرَبْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ فَخَرَجَ إِلَيَّ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْغَنَوِيُّ، قَالَ: فَلا مَرْحَبًا وَلا أَهْلا، قَالَ: قُلْتُ: أَمَّا الْمَرْحَبُ فَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الأَهْلُ فَلا أَهْلَ لِي وَلا مَالَ فِيمَ اسْتَحْلَلْتَ يَا عُمَرُ إِشْخَاصِي مِنْ مِصْرِي بِلَا ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ.
قَالَ: وَمَا الَّذِي شَجَرَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَامِلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: الآنَ أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَ إِذَا خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ يَدْعُو لَكَ، فَأَغَاظَنِي ذَلِكَ مِنْهُ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ صَاحِبِهِ تُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ، فَصَنَعَ ذَلِكَ ثَلاثَ جُمَعٍ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْكَ يَشْكُونِي، قَالَ: فَانْدَفَعَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَاكِثًا، فَجَعَلْتُ أَرْثِي لَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَوْثَقُ مِنْهُ وَأَرْشَدُ، فَهَلْ أَنْتَ غَافِرٌ لِي ذَنْبِي يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ انْدَفَعَ بَاكِيًا وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَيَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ... الحديث.
قالوا: وهذا أثر عن أبي موسى رضي الله عنه فيه الدعاء لولي الأمر، وأقره عمر رضي الله عنه.
ولكن هذا الأثر ضعيف لا يصح([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
كما عللوا ذلك بعلة؛ قالوا: لأن سلطان المسلمين إذا صلح كان فيه صلاح لهم؛ ففي الدعاء له دعاء لهم، وذلك مستحب غير مكروه.
قلت: وهي علة صحيحة؛ حيث ليس هناك ما يمنع من الدعاء لولي الأمر. والله أعلم.

[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) أخرجه أبو الحسين بن بشران في الجزء الأول من فوائده (624)، وهو مطبوع ضمن ((الفوائد)) لابن منده طـ دار الكتب العلمية، وهذا الأثر فيه فرات بن السائب وهو متروك منكر الحديث؛ قال يحيى بن معين في ((تاريخه)) رواية الدوري (4/ 421): ((فرات بن السَّائِب لَيْسَ بِشيء))، وقال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (7/ 130): ((تركوه، منكر الحديث))، وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (7/ 80): ((سألت أبي عنه فقال: ضعيف الحديث منكر الحديث))، وقال النسائي في ((الضعفاء والمتروكين)) (87): ((فرات بن السَّائِب مَتْرُوك الحَدِيث)).

أبوعاصم أحمد بلحة
2015-01-11, 12:05 PM
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) أخرجه أبو الحسين بن بشران في الجزء الأول من فوائده (624)، وهو مطبوع ضمن ((الفوائد)) لابن منده طـ دار الكتب العلمية، وهذا الأثر فيه فرات بن السائب وهو متروك منكر الحديث؛ قال يحيى بن معين في ((تاريخه)) رواية الدوري (4/ 421): ((فرات بن السَّائِب لَيْسَ بِشيء))، وقال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (7/ 130): ((تركوه، منكر الحديث))، وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (7/ 80): ((سألت أبي عنه فقال: ضعيف الحديث منكر الحديث))، وقال النسائي في ((الضعفاء والمتروكين)) (87): ((فرات بن السَّائِب مَتْرُوك الحَدِيث)).

وعن ابن بشران: أخرجه البيهقي في "الدلائل" (2/476-477). ومن طريقه: أخرجه ابن بلبان الفارسي في "تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصديق" (ص: 124 وما بعدها).
وأخرجه إسماعيل الأصبهاني في "سير السلف الصالحين" (ص: 78-80)، وابن عساكر في "تاريخه" (30/79-81)، كلاهما من طريق يحيى بن جعفر بن أبي طالب، عن عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي، عن الفرات به.
قلت: والخبر مُعل قبل الفرات: فعبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي هذا-راويه عن الفرات-: قال الذهبي في "ميزانه" (3/545): "عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي. عن مالك. أتى بخبر باطل طويل، وهو المتهم به، وأتى عن فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن، عن أبي موسى بقصة الغار. وهو يشبه وضع الطُّرقية". انتهى.
وبه أعلَّ هذا الخبر في "السير" (1/268)، وفي "تاريخ الإسلام" (1/673)، بقوله: "وآفته من هذا الراسبي فإنه ليس بثقة، مع كونه مجهولا، ذكره الخطيب في تاريخه فغمزه عن مالك". وكان قد قال في ترجمتة في "تاريخ الإسلام" (5/368): "منكر الحديث". وفي "الديوان" (ص: 238): "متهم".

أبوعاصم أحمد بلحة
2015-01-11, 12:07 PM
وفاتني أن أشكرك شيخ محمد على جهدك الطيب، نفع الله بك.

محمد طه شعبان
2015-01-11, 12:09 PM
بارك الله فيكم حبيبنا أبا عاصم، ونفع بكم.

محمد طه شعبان
2015-01-11, 12:12 PM
وإنما أعللته بفرات؛ لأن ابن بشران يرويه عنه مباشرة

أبوعاصم أحمد بلحة
2015-01-11, 12:19 PM
وإنما أعللته بفرات؛ لأن ابن بشران يرويه عنه مباشرة
أضحك الله سنك شيخ محمد.
أين ابن بشران من الفرات! بينهما مفاوز (ابتسامة)!

أبوعاصم أحمد بلحة
2015-01-11, 12:23 PM
النسخة المطبوعة الظاهر أن بها سقط في أول السند، وإليك إسناده من البيهقي: قال:
وأخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد، قال: حدثنا أحمد بن سلمان التجار الفقيه إملاء، قال: قرئ على يحيى بن جعفر وأنا أسمع، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي، قال: حدثني فرات بن السائب عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن العنزي، عن عمر ابن الخطاب...
وهكذا السند في "تحفة الصديق".

محمد طه شعبان
2015-01-11, 12:30 PM
بارك الله فيكم أبا عاصم، لم أفطن لهذا السقط؛ وإنما غرَّني التصريح عنه بالتحديث

أبوعاصم أحمد بلحة
2015-01-11, 12:35 PM
بارك الله فيكم أبا عاصم، لم أفطن لهذا السقط؛ وإنما غرَّني التصريح عنه بالتحديث
وفيك بارك، وبك نفع أبا يوسف!

أبو مالك المديني
2015-01-15, 05:57 PM
نفع الله بكم .
والأثر ضعفه العراقي في تخريجه للإحياء ( 2276 ) .

أبو مالك المديني
2015-01-15, 06:10 PM
وأخرجه قوام السنة الأصبهاني في سير السلف الصالحين ص 78 قال : حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ الرَّارَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الشَّيْخِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّاسِبِيُّ، حَدَّثَنَا الْفُرَاتُ، عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ، قَالَ: كَانَ عَلَيْنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَمِيرًا بِالْبَصْرَةِ .... فذكره .

رامي المالكي
2015-01-15, 07:53 PM
بارك الله فيكم يامشائخنا ونفع الله بكم