المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملاحظة لغوية نفسية قد تعزز موقف من يُقسِّم إلى حقيقة ومجاز.



عبدالله الشهري
2008-03-19, 10:41 PM
المشاهدات اليومية لنا و كذا المستفادة من علم اللغة النفسي تؤكد على قضية جوهرية يمكن أن تضيف دليلاً قوياً لصحة التقسيم إلى حقيقة ومجاز. هذه القضية هي طريقة تعلم الأطفال للكلمات والعبارات اللغوية و إدراكهم لدلالاتها في المراحل الأولى من التعلم. مثلاً ، عندما تقول لطفل ، ولأول مرة : أنت أسد ! فإنه يستغرب من ذلك وبرد متعجباً : أنا أسد ؟! بل ربما أبى وقال : لا أنا عبد الله ، أحمد ، خالد...الخ. ماذا يمكن أن تدلنا عليه هذه الظاهرة ؟ إنها تدل على أن الطفل بالفطرة يدرك أن هناك معنى حقيقي (أو قل أساسياً ظاهرياً) للألفاظ لا ينبغي - من وجهة نظره – أن تحيد عنه. ولذلك يحتاج لوقت حتى ينمو وتنضج ملكته اللغوية لكي يكتشف أن الاقتصار على هذا المستوى الدلالي لا يكفي ، بل هناك معان أخر تمت إليها بصلات ولكنها غير مباشرة. لهذا نجد الطفل يفتقر إلى مهارة الانتباه لما يسمى القرائن الصارفة للفظ عن معناه الأول أو الأصلي أو الظاهر..سمه ما شئت ، ولا يفطن لهذه المسألة إلا بعد معالجة اللغة ردحاً من الزمن والاحتكاك والتفاعل الاجتماعي مع من حوله. مرة أخرى : ماذا تحمل في طياتها هذه المشاهدات ؟ وأقول: أولاً لا ينبغي أن يهمل التأمل فيها على الأقل فهذه الظاهرة جديرة بالدراسة والملاحظة. ثانياً : إنها تدل على أن الإنسان مفطور بشكل حيوي (بيولوجي) و نفساني على الإقرار بأصالة جانب واحد من المعاني المتعددة للفظ من الألفاظ وعدم أصالة المعاني الأخرى وإن كانت من معانيه .
============================== ==========
كذلك هناك دلالات أخرى لتراكيب لغوية لا يفهم الطفل (وأحياناً الكبير) معناها من ظاهرها ، وهي الأمثال والحكم والرموز والألقاب التي يخلعها المجتمع على بعض الناس أو الأشياء ، فإذا قيل مثلاً: "لكلّ جنبٍ مصرَعُ" (مجمع الأمثال ، ص158) ، يريدون به : لكل حي موت.

أبو فهر السلفي
2008-03-19, 10:46 PM
هذا من أثر الخلط بين الألفاظ ومعانيها وبين سبق القلب والذهن إلى معنى معين ...ولهذه القضية باب مستقل سيأتي معنا...

عبدالله الشهري
2008-03-19, 10:52 PM
هذا من أثر الخلط بين الألفاظ ومعانيها وبين سبق القلب والذهن إلى معنى معين ...ولهذه القضية باب مستقل سيأتي معنا...


جزاك الله خيرا على استجابتك اللطيفة.

ولكن هنا القضية : لماذا يسبق القلب والذهن إلى معنى معين دون غيره ؟

أبو فهر السلفي
2008-03-19, 11:53 PM
لأمور نفسية ومجتمعية واعتقادية و...و...

واعتبر بآيات الصفات،وألفاظها ...

فسبق إلى ذهن الصحابة معنى....

وسبق إلى ذهن الجهمية معنى...

وسبق إلى ذهن المعتزلة معنى...

وسبق إلى ذهن الأشاعرة معنى...

وسبق إلى ذن شيخ الإسلام معنى...

وهكذا...

وليس لسبق الذهن قانون مستقل..

ولو كنتُ واقفاً في الحقل وقال أبي هات الحمار =لسبق إلى ذهني معنى

ولو كنتُ واقفاً في ورشة النجارة وقال أبي هات الحمار=لسبق إلى ذهني معنى...

فتأمل....

عبدالله الشهري
2008-03-20, 12:50 AM
لأمور نفسية ومجتمعية واعتقادية و...و...
واعتبر بآيات الصفات،وألفاظها ...
فسبق إلى ذهن الصحابة معنى....
وسبق إلى ذهن الجهمية معنى...
وسبق إلى ذهن المعتزلة معنى...
وسبق إلى ذهن الأشاعرة معنى...
وسبق إلى ذن شيخ الإسلام معنى...
وهكذا...
وليس لسبق الذهن قانون مستقل..
ولو كنتُ واقفاً في الحقل وقال أبي هات الحمار =لسبق إلى ذهني معنى
ولو كنتُ واقفاً في ورشة النجارة وقال أبي هات الحمار=لسبق إلى ذهني معنى...
فتأمل....

اشكرك على تجاوبك الطيب.
لاحظ أن الموضوع عن تفسير ظاهرة تتعلق بالإدراك الأولي عند "الأطفال" ، لا عن فهوم الصحابة والطوائف.

توبة
2008-03-20, 02:21 AM
كذلك هناك دلالات أخرى لتراكيب لغوية لا يفهم الطفل (وأحياناً الكبير) معناها من ظاهرها ، وهي الأمثال والحكم والرموز والألقاب التي يخلعها المجتمع على بعض الناس أو الأشياء ، فإذا قيل مثلاً: "لكلّ جنبٍ مصرَعُ" (مجمع الأمثال ، ص158) ، يريدون به : لكل حي موت.
جزاكم الله خيرا ،يحضرني مثال هنا، أظنه يؤدي المعنى :
"أريه السها و يريني القمر!"
أم تراه يحتاج إلى قرينة لفهمه يا شيخ أبا فهر؟

أبو فهر السلفي
2008-03-20, 06:59 PM
اشكرك على تجاوبك الطيب.
لاحظ أن الموضوع عن تفسير ظاهرة تتعلق بالإدراك الأولي عند "الأطفال" ، لا عن فهوم الصحابة والطوائف.

ليس في الظاهرة إلا أنه يسبق إلى ذهن الأطفال كذا وكذا...
وكلامنا عن أن سبق الذهن ليس بشيء يعتمد عليه ولربما كان الذي يسبق إلى ذهن أطفال عرب الجاهلية غير هذا

(فكان ماذا)

وأي حجة يفيدها سبق الذهن بعد اضطرابه وعدم انضباطه كما أشرنا...

بارك الله فيك...

عيد فهمي
2008-03-20, 07:50 PM
عندما تقول لطفل ، ولأول مرة : أنت أسد ! فإنه يستغرب من ذلك ويرد متعجباً : أنا أسد ؟! بل ربما أبى وقال : لا أنا عبد الله ، أحمد ، خالد...الخ. ماذا يمكن أن تدلنا عليه هذه الظاهرة ؟ إنها تدل على أن الطفل بالفطرة يدرك أن هناك معنى حقيقي (أو قل أساسياً ظاهرياً) للألفاظ لا ينبغي - من وجهة نظره – أن تحيد عنه.ليس السبب هو الإدراك الفطري
وإنما قلّة المعارف عند الطّفل
فالذي يفهمه من اللغة هو ما تعلمه دون غيره
وبيان ذلك:
أن هذا الطفل في أوائل تعلمه للغة لا يقبل خبرا للجملة التي مبتدؤها (أنت) غير اسمه الذي يناديه به أبواه
فهذا الطفل الذي ذكرت أنه يستغرب إذا قلت له: أنت أسد
بل ربما أبى وقال : لا أنا عبد الله ، أحمد ، خالد...الخ.
كما تفضلتم بذكره
لو لم يكن تعلّم بعدُ معنى الشجاعة
فقلت له: أنت شجاع
فبماذا سيجيب؟
بالجواب نفسه : لا أنا عبد الله ، أحمد ، خالد...الخ.
فهل شجاع أيضا مجاز؟
وسآتيك بمثل طريف:
ابن أخي الصغير اسمه (عبد الرحمن) لكنهم ينادونه: عبده لأنه الوحيد في العائلة الذي يبدأ اسمه بـ (عبد) وكما هي عادة المصريين في (الدلع)
فلا يناديه أحد مطلقا بـ (عبد الرحمن)
ولا يعلم هو من اسمه غير (عبده)
ولأني قليل الزيارة لهم بسبب سكناي بعيدا عن بلد أخي
وعندما كنت هناك قريبا فناديته وأنا أداعبه (يا عبد الرحمن)
فقال لي: لأ أنا عبده
فهل ستعتبر أن (عبد الرحمن) أيضا مجاز والحقيقة (عبده)؟!
فإدخال ما يسبق إلى الذهن في مبحث المجاز خطأ وإن وقع فيه كثير من مثبتة المجاز
ولعل من طالع موضوعي:
ماذا لو عكسنا السؤال ... مَن أوّل مَن أنكر المجاز؟
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13307 (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13307)
علم أنني لا أدافع عن منكري المجاز ولا عن مثبتيه أيضا ولكن أحاول دراسة الأمر دراسة علمية تاريخية
والله الموفق

عبدالله الشهري
2008-03-20, 09:28 PM
جزاكم الله خيرا. والمثال مفترض في طفل تعلم كلمة "أسد" ويعرف ما هو "الأسد" ، ولكن لم يتعلم بعد استعمالاً أكثر تعقيداً يمكنه من التعبير عن قيمة "الشجاعة" بواسطة كلمة " أسد" ، ولذلك عندما قلت أنت : فالذي يفهمه من اللغة هو ما تعلمه دون غيره ، نجد أنفسنا أمام سؤال آخر: لماذا إذاً يتعلم الطفل المستوى "الحقيقي" قبل المستوى "المجازي" أصلاً ؟ وبمعنى آخر: لماذا نجد التربويين قاطبة ، في كل اللغات ، يعلمون الأطفال المعاني الحقيقية قبل المعاني المجازية للفظ من الألفاظ ؟ تخيل ماذا سيحصل للطفل لو علموه أن "أسد" تعني "شجاع" في المراحل الأولى من تكوينه اللغوي ، قبل أن يعلموه أنها تعني "ذلك الحيوان المفترس" وهكذا سائر الألفاظ : صخرة (قوي) ، برق (سريع) ، الخ ، لو تعلم من محيطه أن المعنى الثاني - بين قوسين - هو الأصل فإن الحقائق ستصبح مشوهة عنده ، وستختلط عنده المفاهيم على نحو فاحش ، وتضطرب قدرته على الاتصال السليم والتعبير الصحيح عن الأشياء.
لا مناص من القول بأن اللفظ له معنى أصيل ومعان زائدة على هذا المعنى الأصيل.

أبو مالك العوضي
2008-03-20, 09:44 PM
جزاكم الله خيرا. والمثال مفترض في طفل تعلم كلمة "أسد" ويعرف ما هو "الأسد" ، ولكن لم يتعلم بعد استعمالاً أكثر تعقيداً يمكنه من التعبير عن قيمة "الشجاعة" بواسطة كلمة " أسد" ، ولذلك عندما قلت أنت : فالذي يفهمه من اللغة هو ما تعلمه دون غيره ، نجد أنفسنا أمام سؤال آخر: لماذا إذاً يتعلم الطفل المستوى "الحقيقي" قبل المستوى "المجازي" أصلاً ؟ وبمعنى آخر: لماذا نجد التربويين قاطبة ، في كل اللغات ، يعلمون الأطفال المعاني الحقيقية قبل المعاني المجازية للفظ من الألفاظ ؟ تخيل ماذا سيحصل للطفل لو علموه أن "أسد" تعني "شجاع" في المراحل الأولى من تكوينه اللغوي ، قبل أن يعلموه أنها تعني "ذلك الحيوان المفترس" وهكذا سائر الألفاظ : صخرة (قوي) ، برق (سريع) ، الخ ، لو تعلم من محيطه أن المعنى الثاني - بين قوسين - هو الأصل فإن الحقائق ستصبح مشوهة عنده ، وستختلط عنده المفاهيم على نحو فاحش ، وتضطرب قدرته على الاتصال السليم والتعبير الصحيح عن الأشياء.
لا مناص من القول بأن اللفظ له معنى أصيل ومعان زائدة على هذا المعنى الأصيل.



وفقك الله يا شيخنا الفاضل
راقني كلامكم هذا ( ربما لأنه صادر من متخصص )
ولكن عندي إشكال أرجو الجواب عنه، وهو أن كثيرا من الألفاظ التي أطبق أهل المجاز على أنها مجاز ومع ذلك تعلم للأطفال في المراتب الأولى.
وكذلك فهناك كثير من الألفاظ التي أطبق أهل المجاز على أنها حقيقة ومع ذلك لا تعلم إلا في مرتبة متأخرة.
وكذلك إشكال آخر، وهو أن كلامكم ينطبق على (المشترك) أيضا، فيلزمكم إنكار القول بالاشتراك.

عيد فهمي
2008-03-20, 09:57 PM
جزاكم الله خيرا. والمثال مفترض في طفل تعلم كلمة "أسد" ويعرف ما هو "الأسد" ، ولكن لم يتعلم بعد استعمالاً أكثر تعقيداً يمكنه من التعبير عن قيمة "الشجاعة" بواسطة كلمة " أسد" ، ولذلك عندما قلت أنت : فالذي يفهمه من اللغة هو ما تعلمه دون غيره ، نجد أنفسنا أمام سؤال آخر: لماذا إذاً يتعلم الطفل المستوى "الحقيقي" قبل المستوى "المجازي" أصلاً ؟ وبمعنى آخر: لماذا نجد التربويين قاطبة ، في كل اللغات ، يعلمون الأطفال المعاني الحقيقية قبل المعاني المجازية للفظ من الألفاظ ؟ تخيل ماذا سيحصل للطفل لو علموه أن "أسد" تعني "شجاع" في المراحل الأولى من تكوينه اللغوي ، قبل أن يعلموه أنها تعني "ذلك الحيوان المفترس" وهكذا سائر الألفاظ : صخرة (قوي) ، برق (سريع) ، الخ ، لو تعلم من محيطه أن المعنى الثاني - بين قوسين - هو الأصل فإن الحقائق ستصبح مشوهة عنده ، وستختلط عنده المفاهيم على نحو فاحش ، وتضطرب قدرته على الاتصال السليم والتعبير الصحيح عن الأشياء.



لا مناص من القول بأن اللفظ له معنى أصيل ومعان زائدة على هذا المعنى الأصيل.

وفقك الله يا مولانا
إن اللفظ الواحد لا يتعلم منه الطفل غالبا إلا معنى واحد قد يكون عند أهل المجاز هو الحقيقي وأحيانا المجازي كما ذكر الشيخ أبو مالك ويرجع ذلك إلى ثقافة مَن يُعلّمه لا إلى أصالة المعنى
وأما باقى المعاني فيكتسبها إما بالنظر أو القياس أو التعلّم الذاتي أو البيئي أو الأكاديمي أو غير ذلك
فالطفل الذي يُعلّم في مرحلة من مراحل عمره أن لفظ (الأسد) يطلق على ذلك الحيوان المفترس لا يتصوّر أنه سيُعلّم في مرحلة أخرى أن هذا اللفظ (الأسد) يطلق أيضا على الرجل الشجاع سواء سمّيناه حقيقة أو مجازا، بل أظنه لن يحتاج إلى ذلك أبدا لأنه سيستخدم ذلك بنفسه بغير تعليم لأن الله سبحانه وتعالى فففعلّمه البيانققق
والله الموفق

أبو مالك العوضي
2008-03-20, 10:22 PM
فالطفل الذي يُعلّم في مرحلة من مراحل عمره أن لفظ (الأسد) يطلق على ذلك الحيوان المفترس لا يتصوّر أنه سيُعلّم في مرحلة أخرى أن هذا اللفظ (الأسد) يطلق أيضا على الرجل الشجاع سواء سمّيناه حقيقة أو مجازا، بل أظنه لن يحتاج إلى ذلك أبدا لأنه سيستخدم ذلك بنفسه بغير تعليم لأن الله سبحانه وتعالى فففعلّمه البيانققق
والله الموفق

وفقك الله يا شيخنا الفاضل
هذا الكلام يفتح لنا بابا جديدا من وجوه التأمل في المسألة، فماذا لو قال قائل: إن المعاني الحقيقية هي التي تفتقر إلى التعلم ولا يمكن أن يعرفها الإنسان وحده، أما المعاني المجازية فليست كذلك، فإطلاق لفظة (أ س د) على الحيوان لا يمكن أن يعرف بالعقل، بخلاف إطلاق (أسد) على الرجل الشجاع فإن ذلك ممكن.

عيد فهمي
2008-03-20, 10:38 PM
وفقك الله يا شيخنا الفاضل
هذا الكلام يفتح لنا بابا جديدا من وجوه التأمل في المسألة، فماذا لو قال قائل: إن المعاني الحقيقية هي التي تفتقر إلى التعلم ولا يمكن أن يعرفها الإنسان وحده، أما المعاني المجازية فليست كذلك، فإطلاق لفظة (أ س د) على الحيوان لا يمكن أن يعرف بالعقل، بخلاف إطلاق (أسد) على الرجل الشجاع فإن ذلك ممكن.وفقك الله
ويدخل في ذلك الألفاظ الاصطلاحية
فمثلا قد اصطلحوا على تسمية تلك الآلة المعينة (صاروخا) والأخرى (كمبيوتر)
فيأتي دور العقل حيث يرى أخص خصائص الأولى السرعة الحسية وأخص خصائص الثانية السرعة الحسابية
فيستعير للرجل السريع الجري لفظ (صاروخ) دون (كمبيوتر)
ويستعير للرجل السريع الحساب لفظ (كمبيوتر) دون (صاروخ)
ومثل هذه القياسات العقلية يتفق عليها عقلاء البشر دون حاجة إلى اصطلاح أو توقيف
ولعله يكون في ذلك إجابة على سؤالكم يا شيخنا الفاضل:
استقراء في المجاز ... لماذا لا يطلق الأسد على الجبان؟ (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13065)
فإطلاق الأسد على الشجاع والحمار على البليد لا يفتقر إلى توقيف ولا اصطلاح ولا عرف ولا تعليم بخلاف إطلاق الأسد على ذلك السبع وإطلاق الحمار على تلك البهيمة

أبو حازم البصري
2008-03-21, 02:13 AM
فإطلاق لفظة (أ س د) على الحيوان لا يمكن أن يعرف بالعقل، بخلاف إطلاق (أسد) على الرجل الشجاع فإن ذلك ممكن.
وفقكم الله.
استفسار: هل يمكن أن يعرف العقل معنًى لوصف الرجل الشجاع بالأسد من غير قياس؟

أبو مالك العوضي
2008-03-21, 09:07 AM
وفقك الله يا أخي الكريم
لا أعرف ماذا تقصد، فأرجو توضيح سؤالك.
ولكن إطلاق الأسد على الشجاع عند القائلين بالمجاز استعارة ، من باب المبالغة في التشبيه، كأنك قلت: هو كالأسد ثم أزلت كاف التشبيه للمبالغة.
والتشبيه يقتضي وجود وجه للشبه بين المشبه والمشبه به، وينبغي أن يكون وجه الشبه من أعلى خصائص المشبه والمشبه به، فلا يصح أن أشبه الإنسان بالزرافة مثلا بوجه شبه خفي مثل وجود سبع فقرات في العنق !!

فإن كنت تقصد بالقياس ملاحظة وجه الشبه بينهما، فهذا صحيح عند القائلين بالمجاز.

أبو حازم البصري
2008-03-21, 07:52 PM
أحسن الله إليك.
قصدي هو ما فهمتَه.
ولكن ما هو مذهب نفاة المجاز في هذا؟ وكيف حكمتَ على إمكان إطلاق لفظة (أسد) على الرجل الشجاع عقلاً وامتناع ذلك الإطلاق على الحيوان ابتداءا ؟ ألا يدل ذلك على أن للفظ معنًى أصلاً، وآخر مجازاً ؟
ثم هنا سؤال: لمَ لمْ تطلق العرب على الرجل الشجاع لفظ (ح م ا ر) -مثلاً- بدلاً عن (أسد)؟

أبو مالك العوضي
2008-03-21, 08:08 PM
أما مذهب نفاة المجاز في هذا فهو أنه من باب الوضع التالي، ولا يمتنع أن يضع الناس ألفاظا لما يستجد من المعاني بحسب الحاجة، ولكنهم يفرقون بين ما يضعه الناس وما يضعه العرب بأن ما يضعه الناس قد علم أنه من الوضع التالي، بخلاف كلام العرب فلم يعرف متى وضع.
هذا هو الرد المعروف، أما أنا فعندي رد آخر، وهو أننا لو افترضنا أن الأسد بمعنى الشجاع مجاز من الأسد الذي هو الحيوان، فقد اتفق أصحاب المجاز أن المجاز قد يشتهر حتى يشتق منه مجاز آخر، ومن المجاز الآخر مجاز ثالث وهكذا، فإذا كان الأمر كذلك فما المانع أن يكون الأصل المزعوم أنه حقيقة أيضا مجازا لحقيقة أخرى سابقة؟
فإذا كان الأمر كذلك أمكن أن يكون الكلام كله مجازًا ويبطل التقسيم؛ لأنه يصير نوعا واحدا، ولا فرق حينئذ بين أن تسميه مجازا أو تسميه حقيقة.

وأما ( حكمي على إمكان إطلاق الأسد على الشجاع عقلا وامتناع ذلك في الأسد ) فهو مبني على الاستقراء والمشاهدة،
فأنت إذا رأيت الأسد (الحيوان) من غير أن تعرف اسمه من قبل لا تستطيع أن تعرف أن اسمه (أسد)، وهذا عام في المحسوسات (الذئب) (الثعلب) (الكلب) (الحمار) .... (الشمس) (القمر) (الأرض) (السماء) .... (الفأس) (الرأس) (القدم) .... إلخ.
أما إذا رأيت رجلا شجاعا ولم تكن تعرف أن العرب يطلقون على الشجاع اسم (أسد) فبإمكانك عقلا أن تطلق عليه أنه (أسد) من باب المبالغة في التشبيه؛ كما تقول: (فلان صاروخ) أي سريع جدا، و(الطعام عسل) أي لذيذ، و(السرير زبدة) أي لين جدا، و(دماغه حجر) أي شديد التعصب لرأيه، والناس في استعمالاتهم يفعلون ذلك كثيرا، فإنكار ذلك جحد للضرورة.

وأما: لم لم تطلق العرب على الشجاع ( حمار )، فقد ذكرتُ هذا السؤال هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=13065

عبدالله الشهري
2008-03-21, 11:24 PM
وفقك الله يا شيخنا الفاضل
راقني كلامكم هذا ( ربما لأنه صادر من متخصص )
ولكن عندي إشكال أرجو الجواب عنه، وهو أن كثيرا من الألفاظ التي أطبق أهل المجاز على أنها مجاز ومع ذلك تعلم للأطفال في المراتب الأولى.
وكذلك فهناك كثير من الألفاظ التي أطبق أهل المجاز على أنها حقيقة ومع ذلك لا تعلم إلا في مرتبة متأخرة.
وكذلك إشكال آخر، وهو أن كلامكم ينطبق على (المشترك) أيضا، فيلزمكم إنكار القول بالاشتراك.

جزاك الله خيرا وأحسن إليك. وما ذكرته من أن هناك ألفاظ مجازية تعلم للأطفال في المراحل الأولى صحيح ولكن قد يحصل هذا في المحيط اليومي بعيداً عن المنهج التربوي المقنن للمؤسسات التعليمية ، بل حتى في المحيط اليومي عندما نتحدث عن طفل في السنة الثالثة من عمره نادراً جداً حتى لا يكاد يوجد من يعلمه المجاز قبل الحقيقة. وهذه حجة قاصمة لمنكري المجاز لأن انكارهم - كما أشرت أنت في مشاركة سابقة - للمجاز يعني أن اللفظ حقيقي في كل ما دل عليه ، وبناء على ذلك لا إشكال أن نبدأ في تعليم الطفل بأي معنى شئنا ، لأن الكل متساو في الحقيقة والأحقية. وهذا سيخلق مشكلة كبيرة لو حصل. ولذلك لوجئت أي مكتبة وأردت شراء كتاب يتعلم فيه الطفل الكلمات الأولى في السلم التعليمي لوجدت أنها كلها تعلم المعنى الحقيقي للفظة. ولكن ينبغي التنبه لأمر قد يقع فيه الخلط وهو ضرورة التفريق بين المعنى "المجازي" والمعنى "المجرد" ، فعندما نقول "أسد" نريد به الشجاعة ، ونقول "بطل" أو "حبيبي" نريد بها ما نريد (!!) ، فإنا نكون استعملنا في الأول "المحسوس" للدلالة على قيمة مجردة عي الشجاعة ، وفي الثاني نكون قد استعملنا "غير المحسوس" للدلالة على "المجرد". ماذا نقصد بهذا ؟ الجواب: نريد أن نقرر أن المجاز لا يلزم أن يكون مجرداً على الدوام (شجاعة مثلاً) ، فلا تلازم ، ولذلك قد يكون المعنى الحقيقي محسوساً ويعبر به مجازاً عن معنى محسوس آخر ، "غائط":

وكم من غائط من دون سلمى = = قليل الأنس ليس به كتيع
أما ماذكرته من أن بعض المعاني الحقيقية لا تُعلّم إلا في وقت متأخر فهذا في نظري راجع لصعوبه التركيب الصرفي والصوتي لأنها تكون مستعصية على جهاز النطق عند الأطفال في المراحل الأولى من التعلم ، وتارة تكون بسبب عدم الحاجة إليها في هذا الوقت المبكر ، مثل كلمة "هودج" ، في وقتنا لا يحتاج إليها بعض الكبار فضلاً عن الأطفال. أما المعاني الحقيقية فهي آصل شيء وأقربه لذهن الطفل المتلقي ، وهو أمر مجمع عليه كظاهرة لغوية ، لأن الطفل يعيش في سياق معين ويترعرع فيه ، فلو تعلم ما لا يُعلم إلا بقرينة قبل أن يتعلم ما يعلم بدونها ، أي يُعلم بمجرد التلفظ بالكلمة ، كما يسمونه "المنطوق" ، أقول لو حصل ذلك لحصل فساد كبير. ولأننا ذكرنا "المنطوق" سنذكر "المفهوم" ، فهو ما لايفهم من خلال النطق وحده وإنما يحتاج إلى قرائن وصوارف ، أياً كانت ، لإدراكه ، ويمكننا اعتبار هذا إطار عام يدخل فيه المجاز بهذا الاعتبار.
أما الاشتراك ، فهو كما تعلم دلالة اللفظ على معنيين فأكثر على السواء ، أي حقيقة ، ومثاله المشتهر في كتب اللغة كلمة "عين" ، فهي حقيقة في كل ما دلت عليه مما ذكره أهل اللغة كأمثلة، وهذه ليست مشكلة، أي تعدد المدلولات مع اتحاد الدال ، هذه ظاهرة موجودة في كل لغة (في الانجليزية مثلاً تعرف بـhomophone) ، وفي الحقيقة هذا يفتح لنا باباً آخر للسؤال: لو لم يكن هناك "حقيقة" و "مجاز" لكان لنا أن نقول أن الأصل في كل كلمة دلالة "الاشتراك" ! فتكون كلمة "أسد" لفظ مشترك بين معانٍ كثيرة [1]، فهل يُقبل هذا في العُرف اللغوي ؟ بل هذا يمس الجانب العقلي فهل يجوز عقلاً ؟ وهل كان هذا هو ما أدركه العرب القدماء وكان عليه عرفهم الخطابي ؟
============================== =============
[1] فيصير أسد مثلاً لفظ "مشترك" يدل على: الحيوان ، والشجاعة ، وهلم جراً. أي ينطبق تمام الانطباق على كل معنى ويقتضيه مباشرة. فهل يُعقل هذا ؟ ثم اعلم أن "الشجاعة" أيضاً لفظ لوحده ، مستقل بمفهومه ودلالته الخاصة وكينونته اللغوية ، أي أن له كيانه وقوامه الخاص ، فكيف يصير مجرد معنى من ضمن معان للفظ يدل عليها جميعاً بالتساوي ؟

أبو مالك العوضي
2008-03-21, 11:43 PM
وفقك الله يا شيخنا الفاضل

كلامكم هنا منطبق على المجاز والحقيقة إذا كانت الحقيقة أشهر أو كانا قريبًا من السواء، كما أنه ينطبق على مجاز الإفراد فقط دون مجاز التركيب.

فلا ينطبق على المجاز المشهور والحقيقة المهجورة، مثل (دابة) في ذوات الأربع، و(قام) و(قعد) عند ابن جني مثلا، بل إن (لا إله إلا الله) عندهم مجاز أيضا لأنه عموم مخصوص !! والتوكيد أيضا عند بعضهم مجاز.

فينبغي أن تكون النتيجة الصحيحة المبنية على المقدمات التي تفضلت بذكرها هي تعليم الألفاظ المشهورة في الاستعمال قبل المهجورة، أو الألفاظ المحتاج إليها أكثر في الاستعمال قبل غيرها، أو الألفاظ ذات الدلالة السهلة الفهم قبل الألفاظ ذات الدلالة المعقدة الفهم، وكل هذا لا ينطبق على الحقيقة والمجاز في الاصطلاح.

عبدالله الشهري
2008-03-21, 11:58 PM
فينبغي أن تكون النتيجة الصحيحة المبنية على المقدمات التي تفضلت بذكرها هي تعليم الألفاظ المشهورة في الاستعمال قبل المهجورة، أو الألفاظ المحتاج إليها أكثر في الاستعمال قبل غيرها، أو الألفاظ ذات الدلالة السهلة الفهم قبل الألفاظ ذات الدلالة المعقدة الفهم ، وكل هذا لا ينطبق على الحقيقة والمجاز في الاصطلاح.

ما ذكرت صحيح في الجملة ، ولا يعني هذا عدم تعلق ما ذكرت أو عدم تأثيره في باب الحقيقة والمجاز. ولكن لنقف عند قولك (الألفاظ ذات الدلالة السهلة الفهم قبل الألفاظ ذات الدلالة المعقدة الفهم) ، فإننا سنحتاج إليه في فهم طبيعة العلاقة بين "الحقيقة" و "المجاز" ، وهو أن المعنى "الحقيقي" ألصق باللفظ من المعنى "المجازي" - في العرف اللغوي لكل لغة في العالم - وما كان ألصق وأقرب كان أسبق للذهن وأسهل للفهم لأن العقل لا يحتاج أكثر من التلفظ بهذه الكلمة أو تلك لمعرفة ما تدل عليه. الدلالة المعقدة الفهم قد تكون راجعة لكونها مجازية تارة وتارة لكونها مجردة وتعبر عن مفهوم عميق يصعب إدراكه للرجل العادي ، مثل كلمة "دوران" أو "تسلسل" ، فهذه قد لا يجيد فهمها كل أحد لأنه تنطوي على مفهوم يحتاج إلى شرح وبيان ، وربما لأن جزء من معناها منبثق من اصطلاح خاص. بخلاف "شجاعة" رغم كونها مجردة إلا أنها سهلة الفهم.

أبو مالك العوضي
2008-03-22, 12:09 AM
يبدو أنك ستشجعنا يا شيخنا الفاضل أن نطلب منكم دروسا في تخصصكم ( اللغويات ) على صفحات الألوكة ( ابتسامة )
فمتى سنرى هذا؟

عبدالله الشهري
2008-03-22, 12:19 AM
لن نعدم من يثير عالم الأفكار الجميلة أمثالكم ، ومتى كان النقاش غرضه الحق والفائدة كما لمست منكم جلياً ، كان هذا أدعى للاستمرار في خدمة الجميع بما نستطيع.

عبدالله الشهري
2008-03-22, 12:27 AM
فائـدة :
تفريق مؤثر يراه القرافي رحمه الله
قال القرافي - رحمه الله - : ((وقولي في الكتاب: الحقيقة استعمال اللفظ في موضوعه ، صوابه: اللفظة المستعملة أو اللفظ المستعمل ، وفرق بين اللفظ المستعمل وبين استعمال اللفظ ، فالحق أنها موضوعة للفظ المستعمل لا لنفس استعمال اللفظ ، فالمقضي عليه بأنه حقيقة أو مجاز هو اللفظ الموصوف بالاستعمال المخصوص لا نفس الاستعمال)).
تنقيح الفصول ، ص41.

المجلسي الشنقيطي
2008-03-23, 02:57 AM
الحمد لله

هلا ذكرنا أحد الافاضل بقصة مالك و الشافعي بخصوص حديث واما فلان فلا يضع العصا عن عاتقه...فقد تفيد في الموضوع ان صحت وعذرا لست في بيتي الان .

عبدالله الشهري
2008-05-20, 10:43 AM
جزاكم الله خيرا. والمثال مفترض في طفل تعلم كلمة "أسد" ويعرف ما هو "الأسد" ، ولكن لم يتعلم بعد استعمالاً أكثر تعقيداً يمكنه من التعبير عن قيمة "الشجاعة" بواسطة كلمة " أسد" ، ولذلك عندما قلت أنت : فالذي يفهمه من اللغة هو ما تعلمه دون غيره ، نجد أنفسنا أمام سؤال آخر: لماذا إذاً يتعلم الطفل المستوى "الحقيقي" قبل المستوى "المجازي" أصلاً ؟ وبمعنى آخر: لماذا نجد التربويين قاطبة ، في كل اللغات ، يعلمون الأطفال المعاني الحقيقية قبل المعاني المجازية للفظ من الألفاظ ؟ تخيل ماذا سيحصل للطفل لو علموه أن "أسد" تعني "شجاع" في المراحل الأولى من تكوينه اللغوي ، قبل أن يعلموه أنها تعني "ذلك الحيوان المفترس" وهكذا سائر الألفاظ : صخرة (قوي) ، برق (سريع) ، الخ ، لو تعلم من محيطه أن المعنى الثاني - بين قوسين - هو الأصل فإن الحقائق ستصبح مشوهة عنده ، وستختلط عنده المفاهيم على نحو فاحش ، وتضطرب قدرته على الاتصال السليم والتعبير الصحيح عن الأشياء.
لا مناص من القول بأن اللفظ له معنى أصيل ومعان زائدة على هذا المعنى الأصيل.
تتميماً لهذا الذي ذكرته ، يقول بن الوزير اليماني رحمه الله:
((اعلم أن اللغات بأسرها ما وضعت إلا لبيان المقاصد وإيضاحها وأن المجاز لو صح على الإطلاق من غير شرط ولا دليل عليه لبطلت الفوائد الماخوذة من القرآن والسنة ، بل لبطل فهم بعضنا من بعض ، وإذا أردت أن تعلم أن الأمر في ذلك غير ملتبس لولا الأهواء والعصبيات فانظر إلى أشعار الفصحاء وخطب البلغاء كيف يبين فيها المجاز من الحقيقة من غير لبس ، فكيف يقع اللبس الشديد في كلام المعصوم من التلبيس على المخلوقين المبعوث رحمة للعالمين  بل في كلام الله جل جلاله الذي جعله شفاء لما في الصدور ونورا لا يطفأ إذا طفئ كل نور، فقد وصفه الله أصدق الواصفين بما يجزي الصادين عنه والمتشككين من الأحكام والفصل والفرقان والنور والهدى والتبيين والعقل يدرك هذا لو لم يرد منصوصا في القرآن المبين.فإذا عرفت هذا فاعلم أن شرط الحسن في المجاز أن يكون معلوما عند السامعين غير ملتبس بمقاصد المتخاطبين، ألا ترى أنه لا يلتبس المجاز في قوله تعالى: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} ولا الحقيقة في قوله تعالى: {ولا طائر يطير بجناحيه} وقوله تعالى: {أولي أجنحة} وكذلك لا تخفى عليك في قوله تعالى: {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا} وعدم التجوز في قوله {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} وكذلك لا يخفى التجوز في قوله {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض} ولا الحقيقة في قوله {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها} أو أمثال ذلك مما لا حاجة إلى استقصائه من غير تعلم لعلوم المعاني والبيان ولا تقليد لعلماء هذا الشأن، بل لبقاء سامع هذه النصوص على الفطرة، وعدم ثبوت الفهم السليم بما يعمي عن البصيرة ويورث الحيرة، فهذا الأصل هو المعتمد عليه الجملي، ولذلك يفرق العامة بين قولك زيد أسد وبين قولك من غير قرينة: إن الأسد عدا على الناس ومتى قال القائل: دخلت على الملك ورأيت البلاد في يده لم يشك من لم يسمع بعلم المعاني أنه مجاز ومتى قال: دخلت على الملك فرأيت كتابا في يده أو سيفا أو خاتما لم يشك المبرز في علم المعاني أنه عنى الحقيقة)).
ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان ، 189 - 190 .

عبدالله الشهري
2008-07-21, 12:11 AM
قال ابن نجيم في الأشباه - في تعارض العرف مع الشرع - ((فإذا تعارضا قدم عرف الاستعمال [1] خصوصا في الأيمان ، فإذا حلف لا يجلس على الفراش أو على البساط أو لا يستضيء بالسراج لم يحنث بجلوسه على الأرض ، ولا بالاستضاءة بالشمس ، وإن سماها الله تعالى فراشا وبساطا وسمى الشمس سراجا )).

ص97 ، مكتبة الباز.
= = = = = = = = = = = = = = = = = =
[1] عرف الاستعمال هو هو المجاز من حيث الوظيفة اللغوية.

مساعد أحمد الصبحي
2011-10-07, 09:31 PM
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، " أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ(ص) قُلْنَ لِلنَّبِيِّ (ص): أَيُّنَا أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا؟ قَالَ: أَطْوَلُكُنَّ يَدًا، فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا، فَعَلِمْنَا بَعْدُ أَنَّمَا كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ، وَكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا بِهِ، وَكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ " متفق عليه

خزانة الأدب
2011-10-08, 12:23 AM
فمثلا قد اصطلحوا على تسمية تلك الآلة المعينة (صاروخا) والأخرى (كمبيوتر)
فيأتي دور العقل حيث يرى أخص خصائص الأولى السرعة الحسية وأخص خصائص الثانية السرعة الحسابية
فيستعير للرجل السريع الجري لفظ (صاروخ) دون (كمبيوتر)
ويستعير للرجل السريع الحساب لفظ (كمبيوتر) دون (صاروخ)

صحَّ إذن أن الخلاف لفظي
لأنَّ الإقرار بالاستعارة هو إقرار بالمجاز
الاستعارة = المجاز اللفظي
ولا مشاحَّة في الاصطلاح

ومنكرو المجاز ينكرون الاستعارة، ثمَّ يختلفون:
فيقول بعضٌ: الاسد يطلق على الحيوان والإنسان ، وليس أحدهما أولى به من الآخر، وكلاهما يحتاج إلى قرينة (أي هو مشترك لفظي)
ويقرّ بعضٌ بأنَّ الأسد مطلقًا هو الحيوان، ولا يحتاج إلى قرينة، وأنَّ استعماله للإنسان مع القرينة ليس مجازًا وإنَّما هو أسلوبٌ للعرب
وها هو الأخ الفاضل عيد فهمي - وظاهر أنَّه ينكر المجاز - يقول: استعارة واصطلاح ودورٌ للعقل … إلخ

ولا يخفى أنَّ القول الأوَّل مكابرة للواقع، لأنَّ الَّذي يطلق على الرجل لفظ الأسد إنَّما ينظر إلى صفة مخصوصة مشهورة في الحيوان ، بينما الَّذي يطلق اللفظ على الحيوان لا ينظر إلى صفة مخصوصة في الناس الَّذين يوصفون بأنَّهم أسود
أي إنَّ الاستعارة تتحرك في اتجاه واحد: الحيوان >>> الإنسان
وليس العكس

وأمَّا القول الثَّاني و الثَّالث فهو إقرار بالمجاز مع الاختلاف على المصطلحات

والذي يحسم المسألة، وقد طرحتُه من قبل في هذا المنتدى المبارك، أن نخترع مجازًا لم تتكلَّم به العرب إلاَّ في هذه اللحظة!
فنقول مثلاً إذا تأخر شخصٌ عن الوليمة:
أين عادل إمام؟! (تلويحًا إلى ظرفه أو رقاعته!)
أين شرلوك هولمز؟! (تلويحًا إلى ذكائه أو مهارته في حل الألغاز)
أين أرسين لوبين؟! (تلويحًا إلى خفة يده وسرقاته الظريفة)
أين بيل كلينتون؟! (تلويحًا إلى مغامراته النسائية!)
أين ستيف؟! (لأنَّنا شاهدنا بالأمس على التلفاز رجلًا شجاعًا اسمه ستيف)
… إلخ
وبيت القصيد أن المجاز ههنا وليدة ساعته، وليس ميراث أجيال كلفظ الأسد وعنترة وحاتم الطَّائيّ ، ومع ذلك فالمجاز مفهوم للسامع لأوَّل وهلة، لا فرق بينه وبين الذي تكلمت به العرب منذ ألوف السنين
بل إنَّنا نستطيع أن نصرف لفظ الأسد إلى معنى نخترعه في هذه اللحظ، كالرجل الجبان فنقول:
أين الأسد الهصور؟! للتلويح إلى أنَّه جبان رعديد! على سبيل الاستهزاء طبعًا!

من الواضح أنَّ القائمة غير متناهية، وأننا نستطيع أن نستعير من الألفاظ ما نشاء لهذا الرَّجل، حسب ما يناسب المقام ويدركه المخاطَب، ومن المكابرة أن يقال: جميع هذه الألفاظ هي أسماء لهذا الرجل ، أو أن الاصطلاح قد وقع على إطلاقها عليه أو على أمثاله