المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب: (الشريعة) للآجري ... وقفات وتنبيهات



أبو البراء محمد علاوة
2014-11-20, 11:05 PM
ما من طالب علم إلا ويعلم ما لهذا الكتاب من فضل ومكانة سمية لبيان المنهج القويم والاعتقاد السليم، لما فيه من توضيح اعتقاد الفرقة الناجية والرد على الفرق الزائغة؛ لذا نذكر بعض الفوائد منه راجينا من الله العون والسداد فهو الموفِّق وعليه التكلان:

1- أحق ما ابتدأت به الكلام: الحمد لله مولانا الكريم، وأجل الحمد ما حمد به الكريم نفسه، فأنا أحمده به: {الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين} [سورة: الفاتحة] ، و {الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، وله الحمد في الآخرة، وهو الحكيم الخبير، يعلم ما يلج في الأرض، وما يخرج منها، وما ينزل من السماء، وما يعرج فيها، وهو الرحيم الغفور} [سورة: سبأ، آية رقم: 2] ، و {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} [سورة: الأنعام، آية رقم: 1] ، و {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، وكبره تكبيرًا} [سورة: الإسراء، آية رقم: 111] ، أحمده شكرًا لما تفضل به علينا من نعمه الدائمة، وأياديه القديمة، حمد من يعلم أن مولاه الكريم يحب الحمد، فله الحمد على كل حال، وصلى الله على البشير النذير السراج المنير، سيد ولد آدم عليه السلام، المذكور نعته في التوراة والإنجيل، الخاتم لجميع الأنبياء، ذلك محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين، وعلى أصحابه المنتخبين - أي المختارين -، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، يرزقنا الله وإياكم التمسك بطاعته، وبطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما كان عليه صحابته والتابعون لهم بإحسان، وبما كان عليه الأئمة من علماء المسلمين، وعصمنا وإياكم من الأهواء المضلة، إنه سميع قريب.(15 - 16).

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-20, 11:16 PM
2 - أخبرنا محمد بن بُكير، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه قال: الفقيه: العفيف الزاهد المتمسك بالسنة: أولئك أتباع الأنبياء في كل زمان.

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-20, 11:18 PM
3 - قال محمد بن الحسين - أي الآجُري -: جعلنا الله وإيِّاكم ممن تحيا بهم السنن، وتموت بهم البدع، وتقوى بهم قلوب أهل الحق، وتنقمع بهم نفوس أهل الأهواء، بمنِّه وكرمه.

ابن الصديق
2014-11-20, 11:36 PM
واصل ابا البراء
وصلك الله

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-21, 09:45 AM
آمين، وإيِّاكم، أفعل إن شاء الله.

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-21, 10:34 AM
4 - قال محمد بن الحسين رحمه الله - يعني الآجُري -: (إن الله عز وجل بمنِّه وفضله أخبرنا في كتابه عمن تقدم من أهل الكتابين - اليهود والنصارى - أنهم إنما هلكوا لما افترقوا في دينهم، وأعلمنا مولانا الكريم أن الذي حملهم على الفرقة عن الجماعة والميل إلى الباطل الذي نهوا عنه؛ إنما هو البغي والحسد، بعد أن قد علموا ما لم يعلم غيرُهم، فحملهم شدة البغي والحسد إلى أن صاروا فِرَقًا؛ فهلكوا، فحذرنا مولانا الكريم أن نكون مثلهم، فنهلك كما هلكوا، بل أمرنا عز وجل بلزوم الجماعة، ونهانا عن الفرقة، وكذلك حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الفرقة وأمرنا بالجماعة، وكذلك حذرنا أئمتنا ممن سلف من علماء المسلمين كلهم يأمرون بلزوم الجماعة، وينهون عن الفرقة.
فإن قال قائل: فاذكر لنا ذلك لنحذر ما تقوله، والله الموفق لنا إلى سبيل الرشاد، قيل له: سأذكر من ذلك ما حضرني ذكره مبلغ علمي الذي علمني الله عز وجل، نصيحة لإخواني من أهل القرآن وأهل الحديث، وأهل الفقه وغيرهم من سائر المسلمين، والله الموفق لما قصدت له، والمعين عليه إن شاء الله. (صـ17).

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-21, 10:59 PM
5 - قال محمد بن الحسين - أي الآجُري -: (علامة من أراد الله به خيرًا: سلوك هذا الطريق؛ كتاب الله، وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنن أصحابه رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد إلى آخر ما كان من العلماء مثل: الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والقاسم بن سلام، ومن كان على مثل طريقتهم، ومجانبة كل مذهب يَذُمُّه هؤلاء العلماء، وسنبين ما يرضونه إن شاء الله تعالى. - من باب التبرك - (صـ 24).

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-21, 11:04 PM
6 - قال محمد بن الحسين رحمه الله- أي الآجُري -: (رَحِمَ الله عبدًا حَذِرَ هذه الفرق، وجانب البدع، واتبع ولم يبتدع، ولزم الأثر فطلب الطريق المستقيم، واستعان بمولاه الكريم). (صـ 28).

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-21, 11:06 PM
7 - قال الآجُري: حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ قال: حدثنا ابن عون، عن محمد - يعني ابن سيرين - قال: كانوا يقولون: (إذا كان الرجل على الأثر فهو على الطريق). (صـ 28).

أبو فراس السليماني
2014-11-22, 12:08 AM
بورك فيكم

===============

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-22, 04:21 PM
وفيكم بارك الله.

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-23, 11:58 PM
8 - قال محمد بن الحسين -الأجُري-: من تصفَّح أمر هذه الأمة من عالم عاقل، علم أن أكثرهم -العام منهم- تجري أمورهم على سَنَنِ أهل الكتابين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى سَنَنِ كسرى وقيصر وعلى سنن أهل الجاهلية، وذلك مثل السلطنة وأحكامهم، وأحكام العمال والأمراء وغيرهم، وأمر المصائب والأفراح، والمساكن واللباس والحلية، والأكل والشرب والولائم، والمراكب والخدم والمجالس والمجالسة، والبيع والشراء، والمكاسب من جهات كثيرة، وأشباه لما ذكرت يطول شرحها تجري بينهم على خلاف السنة والكتاب، وإنما تجري بينهم على سنن من قبلنا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، والله المستعان، ما أقل من يتخلص من البلاء الذي قد عمَّ الناس، ولن يميز هذا إلا عاقل عالم قد أدَّبه العلم، والله الموفق لكل رشاد، والمعين عليه). (صـ 30).

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-25, 10:35 PM
قال محمد بن الحسين -الآجُري- : (لم يختلف العلماء قديمًا وحديثًا أن الخوارج قوم سوء عصاة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وإن صلوا وصاموا، واجتهدوا في العبادة، فليس ذلك بنافع لهم، نعم، ويظهرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس ذلك بنافع لهم؛ لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموهون على المسلمين، وقد حذر الله تعالى منهم، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم، وحذرناهم الخلفاء الراشدون بعده، وحذرناهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان.
والخوارج هم الشراة الأنجاس الأرجاس، ومن كان على مذهبهم من سائر الخوارج يتوارثون هذا المذهب قديمًا وحديثًا، ويخرجون على الأئمة والأمراء ويستحلون قتل المسلمين.
فأول قرن طلع منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو رجل طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقسِّم الغنائم، فقال: (اعدل يا محمد، فما أراك تعدل)، فقال صلى الله عليه وسلم: (ويلك، فمن يعدل إذا لم أكن أعدل؟)، فأراد عمر رضي الله عنه قتله، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من قتله وأخبر: (أن هذا وأصحابًا له يحقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه، يمرقون من الدين)، وأمر في غير حديث بقتالهم، وبين فضل من قتلهم أو قتلوه.
ثم إنهم بعد ذلك خرجوا من بلدان شتى، واجتمعوا وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى قدموا المدينة، فقتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد اجتهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان بالمدينة في أن لا يقتل عثمان، فما أطاقوا على ذلك رضي الله عنهم.
ثم خرجوا بعد ذلك على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولم يرضوا لحكمه، وأظهروا قولهم وقالوا: (لا حكم إلا لله)، فقال علي رضي الله عنه: (كلمة حق أرادوا بها الباطل)، فقاتلهم علي رضي الله عنه فأكرمه الله تعالى بقتلهم، وأخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بفضل من قتلهم أو قتلوه، وقاتل معه الصحابة فصار سيف علي رضي الله عنه في الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة). (صـ 30 - 31).

أبو البراء محمد علاوة
2014-11-29, 04:39 PM
قال محمد بن الحسين- الآجُري-: (هذه صفة الحرورية، وهم الشُّرَاةُ الخوارج، الذين قال الله تعالى:{فَيَتَّبِ عُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] الْآيَةَ، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته ممن هذه صفته.

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-05, 12:58 AM
11 - قال الأجري: وأخبرنا عبد الله بن صالح البخاري قال: حدثنا مخلد بن الحسن بن أبي زُمَيْل قال: حدثنا أبو المليح الرقي، عن سليمان بن أبي نشيط، عن الحسن: (وذكر الخوارج فقال: (حيارى سكارى، ليس بيهود ولا نصارى، ولا مجوس فيعذرون).

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-05, 01:00 AM
12 - قال الأجري: حدثنا ابن عبد الحميد أيضًا قال: حدثنا ابن المقرئ قال: حدثنا سفيان، عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت ابن عباس: (وذكر له الخوارج واجتهادهم وصلاتهم، قال: (ليس هم بأشد اجتهادًا من اليهود والنصارى، وهم على ضلالة).

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-05, 01:02 AM
13 - قال الآجري: وحدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال: حدثنا الصلت بن مسعود قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: حدثنا المعلى بن زياد قال: قيل للحسن: (يا أبا سعيد، خرج خارجي بالخريبة، فقال: (المسكين رأى منكرًا فأنكره، فوقع فيما هو أنكر منه).

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-05, 01:08 AM
14 - قال محمد بن الحسين- الآجري-: (فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام، عدلًا كان الإمام أو جائرًا، فخرج وجمع جماعة وسل سيفه، واستحل قتال المسلمين، فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن، ولا بطول قيامه في الصلاة، ولا بدوام صيامه، ولا بحسن ألفاظه في العلم، إذا كان مذهبه مذهب الخوارج، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قتله أخبار لا يدفعها كثير من علماء المسلمين، بل لعله لا يختلف في العلم بها جميع أئمة المسلمين). (صـ 35).

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-12, 12:32 AM
15 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- رحمه الله: (رضي الله عن علي بن أبي طالب، ورضِيَ عن عائشة أم المؤمنين، ونفعنا بحبهما، وحبِّ جميع الصحابة رضي الله عنهم).

قلت: (أبو البراء): يوضح عقيدتنا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-12, 12:39 AM
16 - قال محمد بن الحسين- الآجُري: (قد ذكرتُ من التحذير من مذاهب الخوارج ما فيه بلاغ لمن عصمه الله تعالى عن مذهب الخوارج، ولم ير رأيهم، فصبر على جَوْر الأئمة، وحَيْف الأمراء، ولم يخرج عليهم بسيفه، وسأل الله تعالى كشف الظلم عنه، وعن المسلمين، ودعا للولاة بالصلاح، وحَجَّ معهم، وجاهد معهم كل عدو للمسلمين وصلى معهم الجمعة والعيدين، فإن أمروه بطاعة فأمكنه أطاعهم، وإن لم يمكنه اعتذر إليهم، وإن أمروه بمعصية لم يطعهم، وإذا دارت الفتن بينهم لزم بيته وكف لسانه ويده، ولم يَهْوَ ما هم فيه، ولم يُعِنْ على فتنة، فمن كان هذا وصفه كان على الصراط المستقيم إن شاء الله).

قلت: (أبو البراء): يوضح في كلامه اعتقادنا في ولاة الأمور وبطلان ما عليه الخوارج.

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-22, 01:48 PM
17 - قال محمد بن الحسين -الآجُري-: (فإن قال قائل: إيش الذي يحتمل عندك قول عمر رضي الله عنه فيما قاله؟ -قلت: (أبو البراء): يعني بقول عمر، ما روي عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا أدري لعلك أن تخلف بعدي فأطع الإمام، وإن أمر عليك عبد حبشي مجدع، وإن ظلمك فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن دعاك إلى أمر ينقصك في دنياك فقل: سمعًا وطاعة، دمي دون ديني)-قيل له: يحتمل والله أعلم أن نقول: من أمِّر عليك من عربي أو غيره، أسود أو أبيض أو أعجمي، فأطعه فيما ليس لله فيه معصية، وإن حرمك حقًا لك، أو ضربك ظلمًا لك، أو انتهك عرضك، أو أخذ مالك، فلا يحملك ذلك على أن تخرج عليه بسيفك حتى تقاتله، ولا تخرج مع خارجي يقاتله، ولا تحرض غيرك على الخروج عليه، ولكن اصبر عليه، وقد يحتمل أن يدعوك إلى منقصة في دينك من غير هذه الجهة، يحتمل أن يأمرك بقتل من لا يستحق القتل، أو بقطع عضو من لا يستحق ذلك، أو بضرب من لا يحل ضربه، أو بأخذ مال من لا يستحق أن تأخذ ماله، أو بظلم من لا يحل له ولا لك ظلمه، فلا يسعك أن تطيعه، فإن قال لك: لئن لم تفعل ما آمرك به وإلا قتلتك أو ضربتك، فقل: دمي دون ديني؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف).

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-22, 01:57 PM
18 - قال محمد بن الحسين-الآجُري-: (قد ذكرت هذا الباب في كتاب الفتن في أحاديث كثيرة، وقد ذكرت هاهنا طرفًا منها؛ ليكون المؤمن العاقل يحتاط لدينه، فإن الفتن على وجوه كثيرة، وقد مضى منها فتن عظيمة، نجا منها أقوام، وهلك فيها أقوام باتباعهم الهوى، وإيثارهم للدنيا، فمن أراد الله به خيرًا فتح له باب الدعاء، والتجأ إلى مولاه الكريم، وخاف على دينه، وحفظ لسانه، وعرف زمانه، ولزم المحجة الواضحة السواد الأعظم، ولم يتلون في دينه، وعبد ربه تعالى، فترك الخوض في الفتنة، فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير، ألم تسمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم، وهو محذر أمته الفتن؟ قال: (يصبح الرجل مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنا، ويصبح كافرًا).

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-25, 11:15 PM
19 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- محذرًا من الطوائف التي تعارض سنن النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب الله تعالى-: (ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء قد ثبت عند العلماء، فعارض إنسانٌ جاهلٌ فقال: لا أقبل إلا ما كان في كتاب الله تعالى، قيل له: أنت رجل سوء، وأنت ممن يحذرناك النبي صلى الله عليه وسلم، وحذر منك العلماء، وقيل له: يا جاهل، إن الله أنزل فرائضه جملة، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما أنزل إليهم قال الله عز وجل {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] فأقام الله تعالى نبيه عليه السلام مقام البيان عنه، وأمر الخلق بطاعته، ونهاهم عن معصيته، وأمرهم بالانتهاء عما نهاهم عنه، فقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر : 7] ، ثم حذرهم أن يخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمُ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] وقال عز وجل: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] ثم فرض على الخلق طاعته صلى الله عليه وسلم في نيف وثلاثين موضعا من كتابه تعالى، وقيل: لهذا المعارض لسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جاهل قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] أين تجد في كتاب الله تعالى أن الفجر ركعتان، وأن الظهر أربع , والعصر أربع، والمغرب ثلاث، وأن العشاء الآخرة أربع؟ أين تجد أحكام الصلاة ومواقيتها، وما يصلحها وما يبطلها إلا من سنن النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومثله الزكاة، أين تجد في كتاب الله تعالى من مائتي درهم خمسة دراهم، ومن عشرين دينارًا نصف دينار، ومن أربعين شاة شاة، ومن خمس من الإبل شاة، ومن جميع أحكام الزكاة، أين تجد هذا في كتاب الله تعالى؟
وكذلك جميع فرائض الله، التي فرضها الله في كتابه، لا يعلم الحكم فيها إلا بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا قول علماء المسلمين، من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام، ودخل في ملة الملحدين، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته رضي الله عنهم مثل ما بينت لك فاعلم ذلك). (صـ 52 - 53).

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-25, 11:21 PM
20 - قال محمد بن الحسين- الآجُري-ناصحًا لمن أراد طريق الاستقامة: (فيما ذكرت في هذا الجزء من التمسك بشريعة الحق، والاستقامة على ما ندب الله تعالى إليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وندبهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ما إذا تدبره العاقل عَلِمَ أنه قد ألزمه التمسك بكتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبسنة الخلفاء الراشدين، وجميع الصحابة رضي الله عنهم، وجميع من تبعهم بإحسان، وأئمة المسلمين، وترك الجدال والمراء والخصومة في الدين، ولزم مجانبة أهل البدع، والاتباع وترك الابتداع، فقد كفانا علم من مضى من أئمة المسلمين الذين لا يستوحش عن ذكرهم، من مذاهب أهل البدع والضلالات، والله الموفق لكل رشاد، والمعين عليه). (صـ 56)

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-25, 11:33 PM
21 - قال محمد بن الحسين- الآجُري: وأخبرنا أحمد بن عبد الجبار الصوفي قال: حدثنا هاشم بن القاسم الحراني قال: حدثنا عيسى -يعني: ابن يونس-، عن الأوزاعي، عن مكحول قال: (السنة سنتان: سنة الأخذ بها فريضة، وتركها كفر وسنة الأخذ بها فضيلة، وتركها إلى غير حرج). (صـ 56).

علي أحمد عبد الباقي
2014-12-26, 02:16 AM
مختارات جيدة يا شيخ محمد ، بارك الله فيك واصل أحسن الله إليك !

أبو البراء محمد علاوة
2014-12-26, 02:29 AM
مختارات جيدة يا شيخ محمد ، بارك الله فيك واصل أحسن الله إليك !


وفيك بارك الله، والله المستعان.

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-03, 05:17 PM
22 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- محذرًا من الجدال والمراء في الدين بغير علم: (لما سمع هذا أهل العلم من التابعين ومَنْ بعدهم من أئمة المسلمين لم يماروا في الدين، ولم يجادلوا، وحذَّروا المسلمين المراء والجدال، وأمروهم بالأخذ بالسنن، وبما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، وهذا طريق أهل الحق ممن وفقه الله تعالى، وسنذكر عنهم ما دلَّ على ما قلنا إن شاء الله تعالى). (صـ 58).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-03, 05:19 PM
23 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: (إِيَّاكُمْ وَالْمِرَاءَ فَإِنَّهَا سَاعَةُ جَهْلِ الْعَالِمِ، وَبِهَا يَبْتَغِي الشَّيْطَانُ زَلَّتَهُ). (صـ 59)، بسند صحيح.

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-03, 05:26 PM
24 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- وَحَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: كَانَ أَبُو قِلَابَةَ يَقُولُ: (لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ، وَلَا تُجَادِلُوهُمْ، فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي الضَّلَالَةِ، أَوْ يُلْبِسُوا عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ بَعْضَ مَا لُبِّسَ عَلَيْهِمْ). (صـ 59).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-03, 05:28 PM
25 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: (الْخُصُومَاتُ فِي الدِّينِ تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-05, 03:32 PM
26 - قال محمد بن الحسين رحمه الله: (من كان له علم وعقل، فميَّز جميع ما تقدم ذكري له، من أول الكتاب إلى هذا الموضع علم أنه محتاج إلى العمل به، فإن أراد الله به خيرًا لزم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان من أئمة المسلمين في كل عصر، وتعلم العلم لنفسه، لينتفي عنه الجهل، وكان مراده أن يتعلمه لله تعالى ولم يكن مراده، أن يتعلمه للمراء والجدال والخصومات، ولا للدنيا، ومن كان هذا مراده سلم إن شاء الله تعالى من الأهواء والبدع والضلالة، واتبع ما كان عليه من تقدم من أئمة المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم، وسأل الله تعالى أن يوفقه لذلك فإن قال قائل: فإن كان رجل قد علمه الله تعالى علمًا، فجاءه رجل يسأله عن مسألة في الدين، ينازعه فيها ويخاصمه، ترى له أن يناظره، حتى تثبت عليه الحجة، ويرد عليه قوله؟ قيل له: هذا الذي نهينا عنه، وهو الذي حذرناه من تقدم من أئمة المسلمين فإن قال قائل: فماذا نصنع؟ قيل له: إن كان الذي يسألك مسألته مسألة مسترشد إلى طريق الحق لا مناظرة، فأرشده بألطف ما يكون من البيان بالعلم من الكتاب والسنة، وقول الصحابة، وقول أئمة المسلمين رضي الله عنهم وإن كان يريد مناظرتك، ومجادلتك، فهذا الذي كره لك العلماء، فلا تناظره، واحذره على دينك، كما قال من تقدم من أئمة المسلمين إن كنت لهم متبعا فإن قال: فندعهم يتكلمون بالباطل، ونسكت عنهم؟ قيل له: سكوتك عنهم وهجرتك لما تكلموا به أشد عليهم من مناظرتك لهم كذا قال من تقدم من السلف الصالح من علماء المسلمين). صـ 63 - 64).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-10, 05:11 PM
27 - قال: محمد بن الحسين-الآجُري-: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ: وَمَارَاهُ رَجُلٌ فِي شَيْءٍ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِالْمِرَاءِ مِنْكَ، وَلَكِنِّي لَا أُمَارِيكَ). بسند صحيح. (صـ 64)

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-10, 05:16 PM
28 - قال: محمد بن الحسين-الآجُري-(ألم تسمع رحمك الله إلى ما تقدم ذكرنا له من قول أبي قلابة: (لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم)، أولم تسمع إلى قول الحسن، وقد سأله عن مسألة فقال: (ألا تناظرني في الدين)؟ فقال له الحسن: (أما أنا فقد أبصرت ديني، فإن كنت أنت أضللت دينك فالتمسه)، أولم تسمع إلى قول عمر بن عبد العزيز: (من جعل دينه غرضًا للخصومات أكثر التنقل). (صـ 65).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-10, 05:34 PM
29 - قال: محمد بن الحسين-الآجُري--موضحًا متى تكون المناظرة، وما دار بين الإمام أحمد وبين ابن أبي دؤاد-فمن اقتدى بهؤلاء الأئمة سلم له دينه إن شاء الله تعالى، فإن قال قائل: فإن اضطرني في الأمر وقتا من الأوقات إلى مناظرتهم , وإثبات الحجة عليهم ألا أناظرهم؟ قيل له: الاضطرار إنما يكون مع إمام له مذهب سوء، فيمتحن الناس ويدعوهم إلى مذهبه، كفعل من مضى في وقت أحمد بن حنبل: ثلاثة خلفاء امتحنوا الناس، ودعوهم إلى مذهبهم السوء، فلم يجد العلماء بُدًا من الذَّبِّ عن الدين، وأرادوا بذلك معرفة العامة الحق من الباطل، فناظروهم ضرورة لا اختيارًا، فأثبت الله تعالى الحق مع أحمد بن حنبل ومن كان على طريقته وأذلَّ الله تعالى المعتزلة وفضحهم وعرفت العامة أن الحق ما كان عليه أحمد ومن تابعه إلى يوم القيامة، أرجو أن يعيذ الله الكريم أهل العلم من أهل السنة والجماعة من محنة تكون أبدًا، وبلغني عن المهتدي رحمه الله أنه قال: ما فظع أبي يعني الواثق إلا شيخ جيء به من المصيصة، فمكث في السجن مدة، ثم إن أبي ذكره يومًا، فقال: علي بالشيخ، فأتي به مقيدًا، فلما أوقف بين يديه سلم فلم يرد عليه السلام، فقال له الشيخ: يا أمير المؤمنين، ما استعملت معي أدب الله تعالى، ولا أدب رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}[النساء: 86]
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بردِّ السلام، فقال له: وعليك السلام، ثم قال لابن أبي دؤاد: سله، فقال يا أمير المؤمنين: أنا محبوس مقيد، أصلي في الحبس بتيمم، منعت الماء فمر بقيودي تحل، ومُرْ لي بماء أتطهر وأصلي، ثم سلني قال: فأمر، فحل قيده وأمر له بماء، فتوضأ وصلى ثم قال: لابن أبي دؤاد: سله، فقال الشيخ: المسألة لي، تأمره أن يجيبني فقال: سل، فأقبل الشيخ على ابن أبي دؤاد فقال: أخبرني عن هذا الذي تدعو الناس إليه، أشيء دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، قال: فشيء دعا إليه أبو بكر الصديق بعده؟ قال: لا، قال: فشيء دعا إليه عمر بن الخطاب بعدهما؟ قال: لا، قال: فشيء دعا إليه عثمان بن عفان بعدهم؟ قال: لا، قال: فشيء دعا إليه علي بن أبي طالب بعدهم؟ قال: لا، قال: فشيء لم يدع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر، ولا عمر ولا عثمان، ولا علي رضي اللهم عنهم، تدعو أنت الناس إليه؟ ليس يخلو أن تقول: علموه أو جهلوه، فإن قلت: علموه، وسكتوا عنه، وسعنا وإياك ما وسع القوم من السكوت، وإن قلت: جهلوه وعلمته أنا، فيا لكع بن لكع، يجهل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم شيئًا تعلمه أنت وأصحابك؟ قال المهتدي: فرأيت أبي وثب قائمًا ودخل الحبزي، وجعل ثوبه في فيه، يضحك؟ ثم جعل يقول: صدق، ليس يخلو من أن يقول: جهلوه أو علموه، فإن قلنا: علموه وسكتوا عنه وسعنا من السكوت ما وسع القوم، وإن قلنا: جهلوه وعلمته أنت، فيا لكع بن لكع يجهل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه شيئا تعلمه أنت وأصحابك؟ ثم قال: يا أحمد، قلت: لبيك، قال: لست أعنيك، إنما أعني ابن أبي دؤاد، فوثب إليه فقال: أعط هذا الشيخ نفقته وأخرجه عن بلدنا). (صـ 65 - 66).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-10, 05:36 PM
29 - قال: محمد بن الحسين-الآجُري--موضحًا متى تكون المناظرة، وما دار بين الإمام أحمد وبين ابن أبي دؤاد- (فمن اقتدى بهؤلاء الأئمة سلم له دينه إن شاء الله تعالى، فإن قال قائل: فإن اضطرني في الأمر وقتا من الأوقات إلى مناظرتهم , وإثبات الحجة عليهم ألا أناظرهم؟ قيل له: الاضطرار إنما يكون مع إمام له مذهب سوء، فيمتحن الناس ويدعوهم إلى مذهبه، كفعل من مضى في وقت أحمد بن حنبل: ثلاثة خلفاء امتحنوا الناس، ودعوهم إلى مذهبهم السوء، فلم يجد العلماء بُدًا من الذَّبِّ عن الدين، وأرادوا بذلك معرفة العامة الحق من الباطل، فناظروهم ضرورة لا اختيارًا، فأثبت الله تعالى الحق مع أحمد بن حنبل ومن كان على طريقته وأذلَّ الله تعالى المعتزلة وفضحهم وعرفت العامة أن الحق ما كان عليه أحمد ومن تابعه إلى يوم القيامة، أرجو أن يعيذ الله الكريم أهل العلم من أهل السنة والجماعة من محنة تكون أبدًا، وبلغني عن المهتدي رحمه الله أنه قال: ما فظع أبي يعني الواثق إلا شيخ جيء به من المصيصة، فمكث في السجن مدة، ثم إن أبي ذكره يومًا، فقال: علي بالشيخ، فأتي به مقيدًا، فلما أوقف بين يديه سلم فلم يرد عليه السلام، فقال له الشيخ: يا أمير المؤمنين، ما استعملت معي أدب الله تعالى، ولا أدب رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}[النساء: 86]
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بردِّ السلام، فقال له: وعليك السلام، ثم قال لابن أبي دؤاد: سله، فقال يا أمير المؤمنين: أنا محبوس مقيد، أصلي في الحبس بتيمم، منعت الماء فمر بقيودي تحل، ومُرْ لي بماء أتطهر وأصلي، ثم سلني قال: فأمر، فحل قيده وأمر له بماء، فتوضأ وصلى ثم قال: لابن أبي دؤاد: سله، فقال الشيخ: المسألة لي، تأمره أن يجيبني فقال: سل، فأقبل الشيخ على ابن أبي دؤاد فقال: أخبرني عن هذا الذي تدعو الناس إليه، أشيء دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، قال: فشيء دعا إليه أبو بكر الصديق بعده؟ قال: لا، قال: فشيء دعا إليه عمر بن الخطاب بعدهما؟ قال: لا، قال: فشيء دعا إليه عثمان بن عفان بعدهم؟ قال: لا، قال: فشيء دعا إليه علي بن أبي طالب بعدهم؟ قال: لا، قال: فشيء لم يدع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر، ولا عمر ولا عثمان، ولا علي رضي اللهم عنهم، تدعو أنت الناس إليه؟ ليس يخلو أن تقول: علموه أو جهلوه، فإن قلت: علموه، وسكتوا عنه، وسعنا وإياك ما وسع القوم من السكوت، وإن قلت: جهلوه وعلمته أنا، فيا لكع بن لكع، يجهل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم شيئًا تعلمه أنت وأصحابك؟ قال المهتدي: فرأيت أبي وثب قائمًا ودخل الحبزي، وجعل ثوبه في فيه، يضحك؟ ثم جعل يقول: صدق، ليس يخلو من أن يقول: جهلوه أو علموه، فإن قلنا: علموه وسكتوا عنه وسعنا من السكوت ما وسع القوم، وإن قلنا: جهلوه وعلمته أنت، فيا لكع بن لكع يجهل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه شيئا تعلمه أنت وأصحابك؟ ثم قال: يا أحمد، قلت: لبيك، قال: لست أعنيك، إنما أعني ابن أبي دؤاد، فوثب إليه فقال: أعط هذا الشيخ نفقته وأخرجه عن بلدنا). (صـ 65 - 66).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-10, 05:41 PM
30 - قال: محمد بن الحسين-الآجُري- - موضحًا سبيل النجاة من الجدال والخصومات في الدين-: ( وبعد هذا نأمر بحفظ السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنن أصحابه رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، وقول أئمة المسلمين مثل: مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان الثوري، وابن المبارك وأمثالهم، والشافعي رضي الله عنه وأحمد بن حنبل، والقاسم بن سلام، ومن كان على طريقة هؤلاء من العلماء، وينبذ من سواهم، ولا نناظر، ولا نجادل ولا نخاصم، وإذا لقي صاحب بدعة في طريق أخذ في غيره، وإن حضر مجلسًا هو فيه قام عنه هكذا أدبنا من مضى من سلفنا). (صـ 66).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-14, 11:27 AM
31 - قال محمد بن الحسين -الآجري- موضحًا الفرق بين المناظرة والمناقشة الفقهية، ومتى كانت تعصبًا فالسكوت أسلم: (فإن قال قائل: هذا الذي ذكرته وبينته قد عرفناه، فإذا لم تكن مناظرتنا في شيء من الأهواء التي ينكرها أهل الحق، ونهينا عن الجدال والمراء والخصومة فيها، فإن كانت مسألة من الفقه في الأحكام، مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والنكاح والطلاق، وما أشبه ذلك من الأحكام، هل لنا مباح أن نناظر فيه ونجادل، أم هو محظور علينا، عرفنا ما يلزم فيه كيف السلامة، قيل له: هذا الذي ذكرته ما أقل من يسلم من المناظرة فيه، حتى لا يلحقه فيه فتنة ولا مأثم، ولا يظفر فيه الشيطان فإن قال كيف؟ قيل له: هذا، قد كثر في الناس جدًا في أهل العلم والفقه في كل بلد يناظر الرجل الرجل يريد مغالبته، ويعلو صوته، والاستظهار عليه بالاحتجاج، فيحمر لذلك وجهه، وتنتفخ أوداجه، ويعلو صوته، وكل واحد منهما يحب أن يخطئ صاحبه، وهذا المراد من كل واحد منهما خطأ عظيم، لا يحمد عواقبه ولا يحمده العلماء من العقلاء؛ لأن مرادك أن يخطئ مناظرك: خطأ منك، ومعصية عظيمة، ومراده أن تخطئ خطأ منه ومعصية، فمتى يسلم الجميع؟ فإن قال قائل: فإنما نناظر لتخرج لنا الفائدة؟ قيل له: هذا كلام ظاهر، وفي الباطن غيره وقيل له: إذا أردت وجه السلامة في المناظرة لطلب الفائدة، كما ذكرت، فإذا كنت أنت حجازيًا، والذي يناظرك عراقيًا، وبينكما مسألة، تقول أنت: حلال، ويقول هو: بل حرام فإن كنتما تريدان السلامة، وطلب الفائدة، فقل له: رحمك الله هذه المسألة قد اختلف فيها من تقدم من الشيوخ، فتعال حتى نتناظر فيها مناصحة لا مغالبة فإن يكن الحق فيها معك، اتبعتك، وتركت قولي، وإن يكن الحق معي، اتبعتني وتركت قولك، لا أريد أن تخطئ ولا أغالبك، ولا تريد أن أخطئ، ولا تغالبني فإن جرى الأمر على هذا فهو حسن جميل، وما أعز هذا في الناس فإذا قال كل واحد منهما: لا نطيق هذا، وصدقا عن أنفسهما قيل: لكل واحد منهما، قد عرفت قولك وقول صاحبك وأصحابك واحتجاجهم، وأنت فلا ترجع عن قولك، وترى أن خصمك على الخطأ وقال خصمك كذلك، فما بكما إلى المجادلة والمراء والخصومة حاجة إذا كان كل واحد منكما ليس يريد الرجوع عن مذهبه، وإنما مراد كل واحد منكما أن يخطئ صاحبه، فأنتما آثمان بهذا المراد، أعاذ الله العلماء العقلاء عن مثل هذا المراد فإذا لم تجر المناظرة على المناصحة، فالسكوت أسلم، قد عرفت ما عندك وما عنده وعرف ما عنده وما عندك، والسلام ثم لا نأمن أن يقول لك في مناظرته: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقول له: هذا حديث ضعيف، أو تقول: لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك، لترد قوله، وهذا عظيم، وكذلك يقول لك أيضًا، فكل واحد منكما يرد حجة صاحبه بالمخارقة والمغالبة وهذا موجود في كثير ممن رأينا يناظر ويجادل ونتجادل، حتى ربما خرق بعضهم على بعض هذا الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، وكرهه العلماء ممن تقدم والله أعلم). (صـ 67 - 68).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-15, 11:28 PM
32 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- رحمه الله- موضحًا أن المراء في القرآن كفر-: (فإن قال قائل: عَرِّفْنا هذا المراء الذي هو كفر، ما هو؟ قيل له: نزل هذا القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبعة أحرف، ومعناها:على سبع لغات، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُلَقِّن كلَّ قبيلة من العرب القرآن على حسب ما يحتمل من لغتهم، تخفيفًا من الله تعالى بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، فكانوا ربما إذا التقوا، يقول بعضهم لبعض: ليس هكذا القرآن، وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعيب بعضهم قراءة بعض فنهوا عن هذا، وقيل لهم: اقرءوا كما عُلِّمْتم، ولا يجحد بعضكم قراءة بعض، واحذروا الجدال والمراء فيما قد تعلمتم). (صـ 70).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-15, 11:35 PM
33 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- موضحًا معنى المراء الذي هو كفر-: (فصار المراء في القرآن كفرًا بهذا المعنى يقول هذا: قراءتي أفضل من قراءتك، ويقول الآخر: بل قراءتي أفضل من قراءتك، ويُكَذِّب بعضهم بعضًا، فقيل لهم: ليقرأ كل إنسان كما عُلِّم، ولا يعب بعضكم قراءة غيره، واتقوا الله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، واعتبروا بأمثاله، وأحلوا حلاله، وحَرِّموا حرامه). (صـ 71).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-15, 11:54 PM
34 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- رحمه الله- موضحًا الفرق بين المراء الذي هو كفر وبين استدلالات الفقهاء بالقرآن، وأن المناظرة للنصيحة لا للمغالبة-: (وقد ذكرت في تأليف كتاب المصحف- كتابًا للآجُري- مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي أجمعت عليه الأمة والصحابة، ومن بعدهم من التابعين، وأئمة المسلمين في كل بلد، وقول السبعة الأئمة في القرآن ما فيه كفاية، ولم أحب ترداده هاهنا، وإنما مرادي هاهنا ترك الجدال والمراء في القرآن، فإنا قد نهينا عنه، ولا يقول إنسان في القرآن برأيه، ولا يُفَسِّرُ القرآنَ، إلا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من الصحابة، أو عن أحد من التابعين أو عن إمام من أئمة المسلمين، ولا يماري ولا يجادل.
فإن قال قائل: فإنا قد نرى الفقهاء يتناظرون في الفقه، فيقول أحدهم: قال الله تعالى كذا، وقال النبي كذا وكذا، فهل يكون هذا من مراء في القرآن؟ قيل: معاذ الله، ليس هذا مراء فإن الفقيه ربما ناظره الرجل في مسألة، فيقول له على جهة البيان والنصيحة حجتنا فيه: قال الله تعالى كذا وقال النبي صلى الله عليه وسلم على جهة النصيحة والبيان،لا على جهة المماراة، فمن كان هكذا، ولم يرد المغالبة، ولا أن يخطئ خصمه ويستظهر عليه سلم، وَقُبِلَ إن شاء الله تعالى كما ذكرنا في الباب الذي قبله.
قال الحسن: (المؤمن لا يُدَارِي ولا يُماري، ينشر حكمة الله، فإن قبلت حَمِدَ الله وإن رُدَّتْ حَمِدَ الله).-ضعيف: رواه ابن المبارك كما في زوائد الزهد (30)، بإسناد فيه جهالة، ورواه غير واحد من قول سفيان الثوري-.
وَبَعْدَ هذا فأكره الجدالَ والمراء ورفع الصوت في المناظرة في الفقه إلا على الوقار والسَّكينة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والحلم، وتواضعوا لمن تتعلمون منه، وليتواضع لكم من تُعَلِّمونه، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم). -ضعيف: رواه البيهقي في الشعب (1651)، وغيره بسند فيه انقطاع؛ فإن عمران بن مسلم لم يدرك عمر-. (صـ 71 - 72).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-19, 02:05 PM
35 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- موضحًا جزاء من يُلَبِّس على الناس ويسئل عما لا ينفعه- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: (أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا لَقِينَا رَجُلًا يَسْأَلُ عَنْ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَمْكِنِّي مِنْهُ قَالَ: فَبَيْنَا عُمَرُ ذَاتَ يَوْمٍ يُغَدِّي النَّاسَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَعِمَامَةٌ يَتَغَدَّى حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ {وَالذَّارِيَات ذَرْوًا، فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [الذاريات: 2] فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ هُوَ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ فَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ يَجْلِدُهُ حَتَّى سَقَطَتْ عِمَامَتُهُ، فَقَالَ: (وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، لَوْ وَجَدْتُكَ مَحْلُوقًا لَضَرَبْتُ رَأْسَكَ، أَلْبِسُوهُ ثِيَابَهُ، وَاحْمِلُوهُ عَلَى قَتَبٍ، ثُمَّ أَخْرِجُوهُ حَتَّى تَقْدِمُوا بِهِ بِلَادَهُ، ثُمَّ لِيَقُمْ خَطِيبًا، ثُمَّ لِيَقُلْ: إِنَّ صَبِيغًا- اسم الرجل- طَلَبَ الْعِلْمَ فَأَخْطَأَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَضِيعًا فِي قَوْمِهِ حَتَّى هَلَكَ وَكَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ). صحيح الإسناد. (صـ 73 - 74).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-19, 02:11 PM
36 - قال محمد بن الحسين- الآجُري-: موضحًا سبب ضرب عمر لهذا الرجل- (فإن قال قائل: فمن يسأل عن تفسير {وَالذَّارِيَات ذَرْوًا فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [الذاريات: 2] استحق الضرب، والتنكيل به والهجرة؟ قيل له: لم يكن ضرب عمر رضي الله عنه له بسبب عن هذه المسألة، ولكن لما تأدى إلى عمر ما كان يسأل عنه من متشابه القرآن من قبل أن يراه علم أنه مفتون، قد شغل نفسه بما لا يعود عليه نفعه، وعلم أن اشتغاله بطلب علم الواجبات من علم الحلال والحرام أولى به، وتطلب علم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى به، فلما علم أنه مقبل على ما لا ينفعه، سأل عمر الله تعالى أن يمكنه منه، حتى يُنَكَّل به، وحتى: يحذر غيره؛ لأنه راع يجب عليه تفقد رعيته في هذا وفي غيره، فأمكنه الله تعالى منه.
وقد قال عمر رضي الله عنه: (سيكون أقوام يجادلونكم بمتشابه القرآن فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله تعالى). (صـ 74).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-19, 02:26 PM
37 - قال محمد بن الحسين- الآجُري - موضحًا أن نهي السائل عن السؤال عما لا يعنيه منهج علي بن أبي طالب- (وهكذا كان مَنْ بعد عمر، علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، إذا سأله إنسان عما لا يعنيه عَنَّفَهُ وَرَدَّهُ إلى ما هو أولى به.
روي أن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال يومًا: سلوني، فقام ابن الكواء فقال: ما السواد الذي في القمر؟ فقال له: قاتلك الله، سل تَفَقُهًا، ولا تسأل تعنتًا، ألا سألت عن شيء ينفعك في أمر دنياك أو أمر آخرتك؟ ثم قال: ذلك محو الليل. - صحيح رواه ابن جرير من عدة طرق-
قلت: وقد كان العلماء قديمًا وحديثًا يكرهون عَضْل المسائل ويردونها، ويأمرون بالسؤال عما يعني خوفًا من المراء والجدال الذي نهوا عنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وكثرة السؤال - البخاري (6473)، ومسلم (593) -
ونهى عن الأغلوطات - رواه أحمد (23737)، وضعفه الألباني في تمام المنة (صـ 45)-
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته). -البخاري (7289)، ومسلم (2358).-
كل هذا خوفًا من المراء والجدال، فاتقوا الله يا أهل القرآن، ويا أهل الحديث، ويا أهل الفقه، ودعوا المراء والجدال والخصومة في الدين واسلكوا طريق من سلف من أئمتكم، يستقم لكم الأمر الرشيد، وتكونوا على المحجة الواضحة إن شاء الله تعالى، فقد أثبت في ترك المراء والجدال ما فيه كفاية لمن عقل، والله الموفق لمن أحبّ). (صـ 75).

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-26, 05:40 PM
38 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أن القرآن كلام الله غير مخلوق-: (اعلموا رحمنا الله وإياكم أن قول المسلمين الذين لم يزغ قلوبهم عن الحق، ووفقوا للرشاد قديمًا وحديثًا أن القرآن كلام الله تعالى ليس بمخلوق؛ لأن القرآن من علم الله، وعلم الله لا يكون مخلوقًا، تعالى الله عن ذلك.
دلَّ على ذلك القرآن والسنة، وقول الصحابة رضي الله عنهم وقول أئمة المسلمين لا ينكر هذا إلا جهمي خبيث، والجهمي فعند العلماء كافر قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6]، وقال تعالى: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} [البقرة: 75] وقال تعالى لنبيه عليه السلام {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ، فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} وهو القرآن، وقال لموسى عليه السلام {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144]

أبو البراء محمد علاوة
2015-01-26, 05:46 PM
39 - قال محمد بن الحسين- الآجُري- موضحًا أن الكلام من صفاته سبحانه وتعالى-: (لم يزل الله عالمًا متكلمًا سميعًا بصيرًا بصفاته قبل خلق الأشياء، من قال غير هذا كفر، وسنذكر من السنن والآثار وقول العلماء الذين لا يستوحش من ذكرهم: ما إذا سمعها من له عِلْمٌ وعَقْلٌ، زاده علمًا وفهمًا، وإذا سمعها من في قلبه زيغ، فإن أراد الله هدايته إلى طريق الحق رجع عن مذهبه، وإن لم يرجع فالبلاء عليه أعظم). (صـ 76).

أبو البراء محمد علاوة
2015-02-11, 03:24 PM
40 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- رحمه الله -موضحًا دليل من أدلة أن القرآن كلام الله غير مخلوق-: (وقد احتج أحمد بن حنبل رحمه الله بحديث ابن عباس: (إن أول ما خلق الله من شيء القلم) وذكر أنه حجة قوية على من يقول: إن القرآن مخلوق، كأنه يقول: قد كان الكلام قبل خلق القلم، وإذا كان أول خلق الله من شيء القلم دل على أن كلامه ليس بمخلوق؛ ولأنه قبل خلق الأشياء). (صـ 82).

أبو البراء محمد علاوة
2015-02-11, 03:31 PM
41 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- رحمه الله -موضحًا أن الأدلة من القرآن والسنة تقوي أهل الحق وتخزل أهل الباطل- (وقد خَرَّجت هذا الباب في كتاب القدر، وأنا أذكره ههنا لتقوى به حُجَّة أهل الحق على أهل الزيغ). (صـ 83).

أبو البراء محمد علاوة
2015-02-11, 03:42 PM
42 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا الشاهد من حديث آدم مع موسى على أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق-: (فإن قال قائل: أين موضع الحجة فيما قلت؟ قيل له: قول آدم لموسى: (أنت الذي كلمك الله من وراء حجاب، ولم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه؟)، وإنما كان بينهما الكلام فدلَّ على أن كلام الله تعالى ليس بمخلوق، إذ قال: (لم يجعل بينك وبينه رسولاً، من خلقه)، فَتَفَهَّموا هذا تفقهوا -إن شاء الله-). (صـ 85).

أبو البراء محمد علاوة
2015-02-16, 01:02 PM
43 - قال محمد بن الحسين - الآجُري- موضحًا ضلال من توقفوا ولم يقولوا: القرآن غير مخلوق- : (وأما الذين قالوا: القرآن كلام الله، ووقفوا فيه، وقالوا: لا نقول: غير مخلوق، فهؤلاء عند كثير من العلماء ممن رَدَّ على من قال بخلق القرآن، قالوا: هؤلاء الواقفة: مثل من قال: القرآن مخلوق وأشر؛ لأنهم شكُّوا في دينهم، ونعوذ بالله ممن يشك في كلام الرب: إنه غير مخلوق وأنا أذكر ما تأدى إلينا منه ممن أنكر على الواقفة من أهل العلم). (صـ 86).

أبو البراء محمد علاوة
2015-02-16, 01:09 PM
44 -قال الآجُري: حدثنا ابن مخلد قال: حدثنا أبو داود السجستاني قال: سمعت أحمد يسأل: (هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت؟)، فقال: (وَلِمَ يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون؟). (صحيح).

قال محمد بن الحسين- الآجُري- موضحًا معنى كلام أحمد-: (معنى قول أحمد بن حنبل في هذا المعنى يقول: لَمْ يختلف أهل الإيمان أن القرآن كلام الله تعالى؟ فلما جاء جهم بن صفوان فأحدث الكفر بقوله: القرآن مخلوق لم يسع العلماء إلا الرد عليه؛ بأن القرآن كلام الله غير مخلوق بلا شك، ولا توقف فيه، فمن لم يقل غير مخلوق سمي واقفيًا، شاكًا في دينه). (صـ 86).

أبو البراء محمد علاوة
2015-04-23, 05:23 PM
45 - قال الآجُري: قال أبو داود: وسألت أحمد بن صالح: عمن قال: القرآن كلام الله، ولا يقول غير مخلوق، ولا مخلوق؟ فقال: (هذا شاك، والشاك كافر). صحيح. (صـ 87).

أبو البراء محمد علاوة
2015-04-23, 05:33 PM
46 -قال الآجُري - موضحًا ضلال قول من زعم أن القرآن حكاية لما في اللوح المحفوظ-: (احذروا -رحمكم الله- هؤلاء الذين يقولون: إن لفظه بالقرآن مخلوق، وهذا عند أحمد بن حنبل، ومن كان على طريقته منكر عظيم، وقائل هذا مبتدع، خبيث ولا يكلم، ولا يجالس، ويحذر منه الناس، لا يعرف العلماء غير ما تقدم ذكرنا له، وهو أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال مخلوق، فقد كفر، ومن قال: القرآن كلام الله ووقف فهو جهمي، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي أيضًا، كذا قال أحمد بن حنبل، وغّلَّظَ فيه القول جدًا وكذا من قال: إن هذا القرآن الذي يقرؤه الناس، وهو في المصاحف حكاية لما في اللوح المحفوظ، فهذا قول منكر، ينكره العلماء يقال لقائل هذه المقالة القرآن يكذبك، ويرد قولك، والسنة تكذبك وترد قولك قال الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} [التوبة: 6] فأخبر الله تعالى: إنه إنما يسمع الناس كلام الله، ولم يقل: حكاية كلام الله، وقال تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} [الأعراف: 204] فأخبر أن السامع إنما يسمع القرآن، ولم يقل: حكاية القرآن. وقال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} [الإسراء: 9] ، وقال تعالى: {وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين، قالوا: يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه، يهدي إلى الحق، وإلى طريق مستقيم} [الأحقاف: 30] وقال تعالى: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن، فقالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به} [الجن: 1] ولم يقل يستمعون حكاية القرآن ولا قالت الجن: إنا سمعنا حكاية القرآن، كما قال من ابتدع بدعة ضلالة، وأتى بخلاف الكتاب والسنة وبخلاف قول المؤمنين وقال تعالى: {فاقرءوا ما تيسر من القرآن} [المزمل: 20].
قال محمد بن الحسين: وهذا في القرآن كثير لمن تَدبَّره). (صـ 88 - 89).

أبو البراء محمد علاوة
2015-04-23, 05:41 PM
47 - قال الآجُري - موضحًا وناصحًا للمسلمين كيفية الاعتقاد السليم في القرآن-: (فينبغي للمسلمين أن يتقوا الله تعالى، ويتعلَّموا القرآن، ويتعلَّموا أحكامه، فَيُحِلُّوا حلاله ويحرِّموا حرامه، ويعملوا بمحكمه، ويؤمنوا بمتشابهه، ولا يماروا فيه، ويعلموا أنه كلام الله تعالى، غير مخلوق، فإن عارضهم إنسان جهمي فقال: مخلوق، أو قال: القرآن كلام الله ووقف، أو قال: لفظي بالقرآن مخلوق، أو قال: هذا القرآن حكاية لما في اللوح المحفوظ؛ فحكمه أن يُهجر ولا يُكلم، ولا يُصَلَّى خلفه، ويحذر منه.
وعليكم بعد ذلك بالسنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنن أصحابه رضي الله تعالى عنهم، وقول التابعين، وقول أئمة المسلمين مع ترك المراء والخصومة والجدال في الدين، فمن كان على هذا الطريق رجوتُ له من الله تعالى كُلَّ خير.
وسأذكر بعد ذلك ما لا بُدَّ منه لمن كان هذا مذهبه وعلمه، والعمل به من معرفة الإيمان، وشريعة الإسلام، حالًا بعد حال، والله الموفق لكلِّ رشاد، والمعين عليه إن شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). (صـ 90).

أبو البراء محمد علاوة
2015-04-28, 03:13 PM
48 - قال الآجُري - موضحًا معنى الإيمان-: (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله على كل حال. أما بعد: فاعلموا -رحمنا وإياكم- أن الله تعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ليقروا بتوحيده، فيقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله فكان من قال هذا موقنًا من قلبه وناطقًا بلسانه أجزأه، ومن مات على هذا فإلى الجنة، فلما آمنوا بذلك، وأخلصوا توحيدهم، فرض عليهم الصلاة بمكة، فَصَدَّقوا بذلك، وآمنوا وصلوا، ثم فرض عليهم الهجرة، فهاجروا، وفارقوا الأهل والوطن، ثم فرض عليهم بالمدينة الصيام، فآمنوا وصدقوا وصاموا شهر رمضان، ثم فرض عليهم الزكاة، فآمنوا وصدقوا، وأدَّوا ذلك كما أمروا، ثم فرض عليهم الجهاد، فجاهدوا البعيد والقريب، وصبروا وصدقوا، ثم فرض عليهم الحج، فحجوا وآمنوا به، فلما آمنوا بهذه الفرائض، وعملوا بها تصديقًا بقلوبهم، وقولًا بألسنتهم، وعملا بجوارحهم قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] ثم أعلمهم أنه لا يقبل في الآخرة إلا دين الإسلام فقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] وقال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: 19]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحج البيت الحرام من استطاع إليه سبيلًا)، ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته شرائع الإسلام، حالًا بعد حال، وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى، وهذا رحمكم الله طريق المسلمين فإن احتج محتج بالأحاديث التي رويت: (من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة) قيل له: هذه كانت قبل نزول الفرائض، على ما تقدم ذكرنا له، وهذا قول علماء المسلمين، ممن نفعهم الله تعالى بالعلم، وكانوا أئمة يقتدى بهم، سوى المرجئة الذين خرجوا عن جملة ما عليه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان، وقول الأئمة الذين لا يستوحش من ذكرهم في كل بلد وسنذكر من ذلك ما حضرنا ذكره إن شاء الله تعالى، والله سبحانه وتعالى الموفق لكل رشاد، والمعين عليه، ولا قوة إلا بالله). (صـ 95 - 96).

أبو البراء محمد علاوة
2015-04-28, 03:17 PM
49 - قال الآجُري: -موضحًا سبيل النجاة في باب الإيمان- (هذا بيان لمن عقل، يعلم أنه لا يصح الدين إلا بالتصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح، مثل الصلاة، والزكاة والصيام، والحج، والجهاد، وما أشبه ذلك). (صـ 98).

أبو البراء محمد علاوة
2015-04-28, 03:26 PM
50 - قال الآجُري: - موضحًا أن الإيمان يزيد وينقص، أما الإسلام فلا- (ما أحسن ما قاله محمد بن علي رضي الله عنهما، وذلك أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي، والإسلام لا يجوز أن يقال: يزيد وينقص وقد روى جماعة ممن تقدم أنهم قالوا: إذا زنى نزع منه الإيمان، فإن تاب ردَّه الله إليه، كل ذلك دليل على أن الإيمان يزيد وينقص، والإسلام ليس كذلك، ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة فقد كفر). صحيح
وعن ابن مسعود قال: (إن الله تعالى: قرن الزكاة في كتابه مع الصلاة، فمن لم يزك فلا صلاة له). ضعيف. (صـ 106 - 107).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-10, 12:31 PM
51 - قال محمد بن الحسين -الآجُري-: موضحًا أن ما ذكره من أدلة على أن الإيمان يزيد وينقص فيه غُنية- (فيما ذكرتُ من هذا الباب مقنع لمن وَفَّقَهُ الله تعالى للرشاد، وسَلِمَ من الأهواء الضالة).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-10, 12:50 PM
52 - قال محمد بن الحسين - الآجُري- موضحًا أن الإيمان قول وعمل واعتقاد-: (اعملوا -رحمنا الله وإياكم- أنَّ الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، ثم اعلموا: أنه لا تُجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقًا، ولا تُجزيء معرفة بالقلب، ونطق باللسان، حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال: كان مؤمنًا دلَّ على ذلك القرآن، والسنة، وقول علماء المسلمين.
فأما ما لزم القلب من فرض الإيمان فقول الله تعالى في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} [المائدة: 41] وقال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106] وقال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] الآية فهذا مما يدلك على أن على القلب الإيمان، وهو التصديق والمعرفة، ولا ينفع القول إذ لم يكن القلب مصدقًا بما ينطق به اللسان مع العمل، فاعلموا ذلك.
وأما فرض الإيمان باللسان: فقوله تعالى في سورة البقرة {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ، وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ، وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِي النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ، لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ، فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} الآية وقال تعالى من سورة آل عمران: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ، وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 84] الآية وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأني رسول الله)، وذكر الحديث فهذا الإيمان باللسان نطقًا فرضًا واجبًا.
وأما الإيمان بما فرض على الجوارح تصديقًا بما آمن به القلب، ونطق به اللسان: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] إلى قوله تعالى: {تُفْلِحُونَ} [البقرة: 189] وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] في غير موضع من القرآن، ومثله فرض الصيام على جميع البدن، ومثله فرض الجهاد بالبدن، وبجميع الجوارح فالأعمال رحمكم الله بالجوارح: تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان، فمن لم يصدق الإيمان بعمله وبجوارحه: مثل الطهارة، والصلاة والزكاة، والصيام والحج والجهاد، وأشباه لهذه ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمنًا، ولم ينفعه المعرفة والقول، وكان تركه للعمل تكذيبًا منه لإيمانه، وكان العمل بما ذكرناه تصديقًا منه لإيمانه، وبالله التوفيق). (صـ 111 - 113).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-10, 01:08 PM
53 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا أن من تدبر القرآن أوجب على المؤمنين بعد الإيمان بالله ورسوله: العمل-: (اعلموا -رحمنا الله وإياكم- يا أهل القرآن، ويا أهل العلم، ويا أهل السنن والآثار، ويا معشر من فَقَّههم الله تعالى في الدين، بعلم الحلال والحرام أنكم إن تدبرتم القرآن، كما أمركم الله تعالى علمتم أن الله تعالى أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به وبرسوله: العمل، وأنه تعالى لم يُثْنِ على المؤمنين بأنه قد رضي عنهم وأنهم قد رضوا عنه وأثابهم على ذلك الدخول إلى الجنة، والنجاة من النار، إلا الإيمان والعمل الصالح وقرن مع الإيمان العمل الصالح، لم يدخلهم الجنة بالإيمان وحده، حتى ضم إليه العمل الصالح، الذي قد وفقهم له، فصار الإيمان لا يتم لأحد حتى يكون مصدقًا بقلبه، وناطقًا بلسانه، وعاملًا بجوارحه لا يخفى على من تدبر القرآن وتصفحه، وجده كما ذكرت.
واعلموا -رحمنا الله تعالى وإياكم- أني قد تصفحت القرآن فوجدت فيه ما ذكرته في ستة وخمسين موضعًا من كتاب الله عز وجل أن الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة بالإيمان وحده، بل أدخلهم الجنة برحمته إياهم، وبما وفقهم له من الإيمان به، والعمل الصالح، وهذا رد على من قال: الإيمان: المعرفة، ورد على من قال: المعرفة والقول، وإن لم يعمل نعوذ بالله من قائل هذا). (ص 114).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-16, 12:24 PM
54 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا من القرآن أن الأعمال من الإيمان وإبطال قول المرجئة- (اعتبروا -رحمكم الله- بما تسمعون، لم يعطهم مولاهم الكريم هذا الخير كله بالإيمان وحده، حتى ذكر عز وجل هجرتهم وجهادهم بأموالهم وأنفسهم. وقد علمتم أن الله عز وجل ذكر قومًا آمنوا بمكة، ولم يهاجروا مع رسوله -صلى الله عليه وسلم- ماذا قال فيهم؟
وهو قوله: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} الأنفال: 72
ثم ذكر قومًا آمنوا بمكة وأمكنتهم الهجرة إليه، فلم يهاجروا، فقال فيهم قولًا، هو أعظم من هذا، وهو قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} النساء: 97
ثم عذر جل ذكره من لم يستطع الهجرة ولا النهوض بعد إيمانه، فقال عز وجل: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِ ينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ}
قال محمد بن الحسين -رحمه الله تعالى-: كل هذا يدل على أن الإيمان تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح. ولا يجوز غير هذا، ردًا على المرجئة، الذين لعب بهم الشيطان. ميزوا هذا تفقهوا، إن شاء الله). (صـ 115 - 116).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-16, 12:33 PM
55 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا إقتران الأعمال بالإيمان في القرآن-: (مَيِّزوا -رحمكم الله- قول مولاكم الكريم: هل ذكر الإيمان في موضع واحد من القرآن، إلا وقد قرن إليه العمل الصالح؟
وقال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} فاطر: 10 فأخبر تعالى، بأن الكلم الطيب حقيقته أن يُرفع إلى الله تعالى بالعمل، إن لم يكن عمل بطل الكلام من قائله، ورُدَّ عليه، ولا كلام طيب أجلَّ من التوحيد ولا عمل من أعمال الصالحات أجل من أداء الفرائض). (صـ 116 - 117).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-19, 01:09 AM
56 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا أن اتباع النبي (ص) علامة على محبة الله- (فجعل اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم علمًا لحبه، وكذب من خالفه، ثم جعل على كل قول دليلًا من عملٍ يصدقه، ومن عملٍ يكذبه، وإذا قال قولًا حسنًا، وعمل عملًا حسنًا، رفع الله قوله بعمله، وإذا قال قولًا حسنًا، وعمل عملًا سيئًا، رَدَّ الله القول على العمل، وذلك في كتابه تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} فاطر: 10 (صـ 119).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-19, 01:14 AM
57 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا طريقة أهل الحق في مسمى الإيمان - (فيما ذكرته مقنع لمن أراد الله عز وجل به الخير، فعلم أنه لا يتم له الإيمان إلا بالعمل هذا هو الدين الذي قال الله عز وجل فيه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} البينة: 5 (صـ 122).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-26, 02:10 PM
58 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا حكم تارك الصلاة وأنها من الإيمان- : (هذه السنن والآثار في ترك الصلاة وتضييعها مع ما لم نذكره مما يطَّول به الكتاب، مثل حديث حذيفة وقوله لرجل لم يتم صلاته (لو مات هذا، لمات على غير فطرة محمد صلى الله عليه وسلم)-البخاري: (791)- ومثله عن بلال-صححه الألباني في صحيح الترغيب: (530)- وغيره، ما يدل على أن الصلاة من الإيمان، ومن لم يصل فلا إيمان له ولا إسلام قد سمى الله عز وجل في كتابه الصلاة: إيمانًا، وذلك أن الناس كانوا يصلون إلى بيت المقدس، إلى أن حولوا إلى الكعبة ومات قوم على ذلك، فلما حولت القبلة إلى الكعبة قال قوم: يا رسول الله، فكيف بمن مات من إخواننا ممن كان يصلي إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله عز وجل {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}
البقرة: 143يعني صلاتكم إلى بيت المقدس). (صـ 125).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-26, 02:25 PM
59 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا حكم ذكر الاستثناء في الإيمان من غير شكٍ فيه- (من صفة أهل الحق، ممن ذكرنا من أهل العلم: الاستثناء في الإيمان، لا على جهة الشك، نعوذ بالله من الشك في الإيمان، ولكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان، لا يدري أهو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا؟ وذلك أن أهل العلم من أهل الحق إذا سئلوا: أمؤمن أنت؟ قال: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار، وأشباه هذا، والناطق بهذا، والمصدق به بقلبه مؤمن، وإنما الاستثناء في الإيمان لا يدري: أهو ممن يستوجب ما نعت الله عز وجل به المؤمنين من حقيقة الإيمان أم لا؟ هذا وطريق الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان، عندهم أن الاستثناء في الأعمال، لا يكون في القول، والتصديق بالقلب، وإنما الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان، والناس عندهم على الظاهر مؤمنون، به يتوارثون، وبه يتناكحون، وبه تجري أحكام ملة الإسلام، ولكن الاستثناء منهم على حسب ما بيناه لك، وبينه العلماء من قبلنا.
روي في هذا سنن كثيرة، وآثار تدل على ما قلنا. قال الله عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] وقد علم عز وجل أنهم داخلون، وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم المقبرة فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) -مسلم: (249)-
وقال صلى الله عليه وسلم: (إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله عز وجل) -أصله في البخاري: (5063)-
وروي أن رجلًا قال عند عبد الله بن مسعود: (أنا مؤمن)، فقال ابن مسعود: (أفأنت من أهل الجنة)؟ فقال: (أرجو)، فقال ابن مسعود: (أفلا وكلت الأولى كما وكلت الأخرى)؟ - ضعفه الألباني-
وقال رجل لعلقمة: (أمؤمن أنت)؟ قال: (أرجو إن شاء الله) -صحيح-
قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى: (وهذا مذهب كثير من العلماء، وهو مذهب أحمد بن حنبل واحتج أحمد بما ذكرنا، واحتج بمسألة الملكين في القبر للمؤمن، ومجاوبتهما له، فيقولان له: على اليقين كنت، وعليه مت، وعليه تبعث يوم القيامة إن شاء الله تعالى، ويقال للكافر والمنافق: على شك كنت، وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله). -رواه أحمد: (24566)، وصححه الألباني-
(صـ (125 - 126).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-26, 02:35 PM
60 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا كراهة العلماء لمن يسأل غيره: (أنت مؤمن)؟ وأنه مبتدع، وكيفة الردِّ عليه- : (إذا قال لك رجل: (أنت مؤمن)؟ فقل: (آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والموت والبعث من بعد الموت والجنة والنار)، وإن أحببت أن لا تجيبه تقول له: سؤالك إيِّاي بدعة، فلا أجيبك، وإن أجبته، فقلت: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى على النعت الذي ذكرناه فلا بأس به، واحذر مناظرة مثل هذا، فإن هذا عند العلماء مذموم، واتبع من مضى من أئمة المسلمين تسلم إن شاء الله تعالى). (صـ 130).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-26, 02:48 PM
61 - قال محمد الحسين -الآجُري- موضحًا سوء معتقد المرجئة- (من قال: الإيمان قول دون العمل، يقال له: رددَّت القرآن والسنة، وما عليه جميع العلماء، وخرجت من قول المسلمين، وكفرت بالله العظيم فإن قال: بم ذا؟ قيل له: إن الله عز وجل، أمر المؤمنين بعد أن صدقوا في إيمانهم: أمرهم بالصلاة والزكاة، والصيام والحج والجهاد، وفرائض كثيرة، يطول ذكرها، مع شدة خوفهم، على التفريط فيها، النار والعقوبة الشديدة، فمن زعم أن الله تعالى فرض على المؤمنين ما ذكرنا، ولم يرد منهم العمل، ورضي منهم بالقول، فقد خالف الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله عز وجل لما تكامل أمر الإسلام بالأعمال قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس).
وقال صلى الله عليه وسلم: (من ترك الصلاة فقد كفر).
قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى: (ومن قال: الإيمان: المعرفة، دون القول والعمل، فقد أتى بأعظم من مقالة من قال: الإيمان: قول ولزمه أن يكون إبليس على قوله مؤمنًا؛ لأن إبليس قد عرف ربه: قال {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39]
وقال: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} [الحجر: 36] ويلزم أن تكون اليهود لمعرفتهم بالله وبرسوله أن يكونوا مؤمنين قال الله عز وجل: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] فقد أخبر عز وجل أنهم يعرفون الله تعالى ورسوله، ويقال لهم: إيش الفرق بين الإسلام وبين الكفر؟ وقد علمنا أن أهل الكفر قد عرفوا بعقولهم أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما ولا ينجيهم في ظلمات البر والبحر إلا الله عز وجل، وإذا أصابتهم الشدائد لا يدعون إلا الله، فعلى قولهم إن الإيمان المعرفة كل هؤلاء مثل من قال: الإيمان: المعرفة على قائل هذه المقالة الوحشية لعنة الله بل نقول والحمد لله قولا يوافق الكتاب والسنة، وعلماء المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم، وقد تقدم ذكرنا لهم: إن الإيمان معرفة بالقلب تصديقا يقينا، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، ولا يكون مؤمنًا إلا بهذه الثلاثة، لا يجزئ بعضها عن بعض، والحمد لله على ذلك). (صـ 134 - 135).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-26, 02:52 PM
62 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا بعضًا من كلام المرجئة- (احذروا رحمكم الله قول من يقول إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل، ومن يقول: أنا مؤمن عند الله، وأنا مؤمن مستكمل الإيمان هذا كله مذهب أهل الإرجاء). (صـ 136).

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-26, 03:03 PM
63 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا قبح مقولة المرجئة: (لا يضر مع الإيمان ذنب)- (من قال هذا فلقد أعظم الفرية على الله عز وجل، وأتى بضد الحق، وبما ينكره جميع العلماء؛ لأن قائل هذه المقالة يزعم أن من قال: لا إله إلا الله: لم تضره الكبائر أن يعملها، ولا الفواحش أن يرتكبها، وأن عنده أن البارَّ التقي الذي لا يباشر من ذلك شيئا، والفاجر يكونان سواء، هذا منكر قال الله عز وجل: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءٌ مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: 21]
وقال عز وجل: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِين َ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28]
فقل لقائل هذه المقالة النكرة: يا ضال يا مضل، إن الله عز وجل لم يسو بين الطائفتين من المؤمنين في أعمال الصالحات، حتى فضل بعضهم على بعض درجات قال الله عز وجل: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[الحديد: 10] فوعدهم الله عز وجل كلهم الحسنى، بعد أن فضل بعضهم على بعض، وقال عز وجل {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُو نَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} [النساء: 95] ثم قال: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}[النساء: 95]
وكيف يجوز لهذا الملحد في الدين أن يسوي بين إيمانه وإيمان جبريل، وميكائيل، ويزعم أنه مؤمن حقًا؟). (صـ 136 - 137).

عمر رأفت
2015-05-26, 03:52 PM
كيف تقول (ملحد) و قد سبق منك الاحتجاج بآية (كلا وعد الله الحسنى) ؟؟؟

أبو البراء محمد علاوة
2015-05-26, 03:54 PM
كيف تقول (ملحد) و قد سبق منك الاحتجاج بآية (كلا وعد الله الحسنى) ؟؟؟

هذا كلام الآجُري.

أبو البراء محمد علاوة
2015-06-04, 03:28 PM
64 - قال محمد بن الحسين -الآجُري- موضحًا فساد منهج القدرية-: (حسبي الله وكفى ونعم الوكيل، والحمد لله أهل الحمد والثناء، والعزة والبقاء، والعظمة والكبرياء، أحمده على تواتر نعمه، وقديم إحسانه وقسّمه، حَمْدَ من يعلم أن مولاه الكريم يحب الحمد، فله الحمد على كل حال وصلواته على البشير النذير، السراج المنير، سيد الأولين والآخرين، ذلك محمد صلى الله عليه وسلم، رسول ربّ العالمين، وعلى آله الطيبين، وعلى أصحابه المنتخبين-أي: المختارين لصحبته-، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين أما بعد:
فإن سائلًا سأل عن مذهبنا في القدر؟ فالجواب في ذلك قبل أن نخبره بمذهبنا أنا ننصح للسائل، ونعلمه أنه لا يحسن بالمسلمين التنقير والبحث عن القدر؛ لأن القدر سِرٌّ من أسرار الله عز وجل، بل الإيمان بما جرت به المقادير من خير أو شر واجب على العباد أن يؤمنوا به، ثم لا يأمن العبد أن يبحث عن القدر فيكذب بمقادير الله الجارية على العباد، فيضل عن طريق الحق قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما هلكت أمة قط إلا بالشرك بالله عز وجل، وما أشركت أمة حتى يكون بدو أمرها وشركها: التكذيب بالقدر). -ضعفه الألباني في المشكاة: (3398).-(صـ 139).

أبو البراء محمد علاوة
2015-06-04, 03:43 PM
65 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- رحمه الله -موضحًا سبب كلام العلماء في القدر-: (ولولا أن الصحابة رضي الله عنهم لما بلغهم عن قوم ضلال شردوا عن طريق الحق، وكذبوا بالقدر، فردوا عليهم قولهم، وسبوهم وكفروهم، وكذلك التابعون لهم بإحسان سَبّوا من تكلم بالقدر وكذب به ولعنوهم ونهوا عن مجالستهم، وكذلك أئمة المسلمين ينهون عن مجالسة القدرية وعن مناظرتهم وبينوا للمسلمين قبيح مذاهبهم، فلولا أن هؤلاء ردوا على القدرية لم يسع من بعدهم الكلام على القدر، بل الإيمان بالقدر: خيره وشره، واجب قضاء وقدر، وما قدر يكن، وما لم يقدر لم يكن، فإذا عمل العبد بطاعة الله عز وجل، علم أنها بتوفيق الله له فيشكره على ذاك وإن عمل بمعصيته ندم على ذلك، وعلم أنها بمقدور جرى عليه، فذم نفسه واستغفر الله عز وجل، هذا مذهب المسلمين وليس لأحد على الله عز وجل حجة، بل لله الحجة على خلقه، قال الله عز وجل: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ، فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149]). (صـ 140 - 141).

أبو البراء محمد علاوة
2015-06-04, 03:49 PM
66 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا مذهب أهل السنة والجماعة في القدر-: (ثم اعلموا رحمنا الله وإياكم أن مذهبنا في القدر: أن القدر أن نقول: إن الله عز وجل خلق الجنة وخلق النار، ولكل واحدة منهما أهلًا، وأقسم بعزته أنه يملأ جهنم من الجنة والناس أجمعين، ثم خلق آدم عليه السلام، واستخرج من ظهره كل ذرية هو خالقها إلى يوم القيامة ثم جعلهم فريقين: فريقًا في الجنة وفريقًا في السعير، وخلق إبليس، وأمره بالسجود لآدم عليه السلام، وقد علم أنه لا يسجد للمقدور، الذي قد جرى عليه من الشقوة التي قد سبقت في العلم من الله عز وجل، لا معارض لله الكريم في حكمه، يفعل في خلقه ما يريد عدلًا من ربنا قضاؤه وقدره، وخلق آدم وحواء عليهما السلام، للأرض خلقهما، وأسكنهما الجنة، وأمرهما أن يأكلا منها رغدًا ما شاءا، ونهاهما عن شجرة واحدة أن لا يقرباها، وقد جرى مقدوره أنهما سيعصيانه بأكلهما من الشجرة، فهو تبارك وتعالى في الظاهر ينهاهما، وفي الباطن من علمه: قد قدر عليهما أنهما يأكلان منها: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]
لم يكن لهما بُدٌّ من أكلهما، سببًا للمعصية، وسببًا لخروجهما من الجنة، إذ كانا للأرض خلقًا، وأنه سيغفر لهما بعد المعصية، كل ذلك سابق في علمه، لا يجوز أن يكون شيء يحدث في جميع خلقه، إلا وقد جرى مقدوره به، وأحاط به علمًا قبل كونه أنه سيكون خلق الخلق كما شاء لما شاء، فجعلهم شقيًا وسعيدًا قبل أن يخرجهم إلى الدنيا، وهم في بطون أمهاتهم، وكتب آجالهم، وكتب أرزاقهم، وكتب أعمالهم، ثم أخرجهم إلى الدنيا، وكل إنسان يسعى فيما كتب له وعليه، ثم بعث رسله، وأنزل عليهم وحيه، وأمرهم بالبلاغ لخلقه، فبلغوا رسالات ربهم، ونصحوا قومهم، فمن جرى في مقدور الله عز وجل أن يؤمن آمن، ومن جرى في مقدوره أن يكفر كفر قال الله عز وجل: {هُو الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [التغابن: 2]
أحب من أراد من عباده، فشرح صدره للإيمان والإسلام، ومقت آخرين، فختم على قلوبهم، وعلى سمعهم وعلى أبصارهم فلن يهتدوا إذا أبدًا، يضل من يشاء ويهدي من يشاء: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]
الخلق كلهم له يفعل في خلقه ما يريد، غير ظالم لهم، جل ذكره أن ينسب ربنا إلى الظلم من يأخذ ما ليس له بملك، وأما ربنا تعالى فله ما في السموات وما في الأرض وما بينهما، وما تحت الثرى، وله الدنيا والآخرة، جل ذكره، وتقدست أسماؤه، أحب الطاعة من عباده وأمر بها، فجرت ممن أطاعه بتوفيقه لهم، ونهى عن المعاصي، وأراد كونها من غير محبة منه لها، ولا للأمر بها، تعالى عز وجل عن أن يأمر بالفحشاء، أو يحبها وجل ربنا وعز من أن يجري في ملكه ما لم يرد أن يجري، أو شيء لم يحط به علمه قبل كونه، قد علم ما الخلق عاملون قبل أن يخلقهم، وبعد أن خلقهم، قبل أن يعلموا قضاء وقدرا قد جرى القلم بأمره تعالى في اللوح المحفوظ بما يكون، من بر أو فجور، يثني على من عمل بطاعته من عبيده، ويضيف العمل إلى العباد، ويعدهم عليه الجزاء العظيم، ولولا توفيقه لهم ما عملوا بما استوجبوا به منه الجزاء، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الحديد: 21]
وكذا ذم قوما عملوا بمعصيته، وتوعدهم على العمل بها وأضاف العمل إليهم بما عملوا، وذلك بمقدور جرى عليهم، يضل من يشاء، ويهدي من يشاء.
قال محمد بن الحسين رحمه الله: هذا مذهبنا في القدر الذي سأل عنه السائل فإن قال قائل: ما الحجة فيما قلت؟
قيل له: كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسنة أصحابه رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، وقول أئمة المسلمين، فإن قال: فاذكر من ذلك ما نزداد به علما ويقينا، قيل له: نعم إن شاء الله تعالى، والله الموفق لكل رشاد، والمعين عليه بمنه). (صـ 140 - 142).

أبو البراء محمد علاوة
2015-06-04, 04:04 PM
67 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- ناصحًا وموضحًا سبيل النجاة-: (جميع ما تلوته من هذه الآيات يدلُّ العقلاء على أن الله عز وجل ختم على قلوب قوم، وطبع عليها، ولم يردها لعبادته، وأرادها لمعصيته- المقصود الإرادة الكونية لا الشرعية-، فأعماها عن الحق فلم تبصره، وأصمها عن الحق فلم تسمعه، وأخزاها ولم يطهرها، يفعل بخلقه ما يريد، لا يجوز لقائل أن يقول: لم فعل ذلك بهم؟ فمن قال ذلك، فقد عارض الله عز وجل في فعله، وضَلَّ عن طريق الحق، ثم اختصَّ من عباده من أحبَّ، فشرح قلوبهم للإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلًا من الله ونعمة والله عليم حكيم.
قال محمد بن الحسين رحمه الله: اعقلوا يا مسلمين ما يخاطبكم الله عز وجل به، يُعَلَّمكم أني مالك للعباد، أختص منهم من أريد، فأطهر قلبه، وأشرح صدره، وأزين له طاعتي، وأكره إليه معصيتي، لا ليد تقدمت منه إليَّ، أنا الغني عن عبادي، وهم الفقراء إلي {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الحديد: 21]
والمنَّة لله عز وجل على من هداه للإيمان، ألم تسمعوا رحمكم الله إلى قول مولاكم الكريم حين امتنَّ قوم بإسلامهم على النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأنزل الله عز وجل: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17] (صـ 143).

أبو البراء محمد علاوة
2015-06-04, 04:12 PM
68 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا هداية التوفيق وتمكين الإيمان في القلوب-: (اعلموا يا معشر المسلمين أن مولاكم الكريم يخبركم أنه يهدي من يشاء، فيوصل إلى قلبه محبة الإيمان، فيؤمن ويصدق، ويضل من يشاء، فلا يقدر نبي ولا غيره على هدايته بعد أن أضله الله عن الإيمان). ( صـ 145).

أبو البراء محمد علاوة
2015-06-11, 01:34 PM
69 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا فتنة الشيطان وتزيينه-: (قد أخبركم الله تعالى يا مسلمون أنه يرسل الشياطين على من لم يجر له في مقدوره أنه مؤمن، فيضلهم بالشياطين، فيزينون لهم قبيح ما هم عليه، وقد أخبرنا الله تعالى أنه هو الذي فتن قوم موسى، حتى عبدوا العجل بما قبض لهم السامري، فأضلهم بما عمل لهم من العجل، ألم تسمعوا إلى قوله لموسى عليه السلام: {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه: 85]
وقال تعالى: في سورة الأنبياء: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]
وقال تعالى: في سورة حم المؤمن: {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ، وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ} [غافر: 37] (صـ 146).

أبو البراء محمد علاوة
2015-06-11, 01:41 PM
70 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أن القدرية خالفوا أهل الحق في أن مشيئة الخلق تبع لمشيئة الله-: ( وقد قال زيد بن أسلم: (والله ما قالت القدرية كما قال الله تعالى، ولا كما قالت الملائكة، ولا كما قال النبيون، ولا كما قال أهل الجنة، ولا كما قال أهل النار، ولا كما قال أخوهم إبليس، قال الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وقالت الملائكة: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا}[البقرة: 32]
وقال النبيون منهم شعيب عليه السلام: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} [الأعراف: 89]
وقال أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43]
وقال أهل النار: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106]
وقال أخوهم إبليس {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}[الحجر: 39] (صـ 149 - 150).

أبو البراء محمد علاوة
2015-06-11, 01:50 PM
71 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا سبب ضلال القدرية-: (هكذا القدري يقال له: قال الله كذا، وقال: كذا وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كذا وقال: كذا، وقالت الأنبياء: كذا، وقالت صحابة نبينا: كذا، وقالت أئمة المسلمين: كذا، فلا يسمع ولا يعقل إلا ما هو عليه من مذهبه الخبيث، أعاذنا الله وإياكم من سوء مذهبهم، ورزقنا وإياكم التمسك بالحق، وثبت قلوبنا على شريعة الحق، إنه ذو فضل عظيم، وأعاذنا من زيغ القلوب، فإن المؤمنين قد علموا أن قلوبهم بيد الله، يزيغها إذا شاء عن الحق، ويهديها إذا شاء إلى الحق، من لم يؤمن بهذا كفر قال الله تعالى فيما أرشد أنبياءه إليه والمؤمنين من الدعاء، أرشدهم في كتابه أن يقولوا: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] (صـ 150 - 151).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-06, 06:38 PM
72 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا خلاف ما قالته القدرية من كلام الأنبياء-: (ثم نذكر ما قالته الأنبياء عليهم السلام خلاف ما قالته القدرية قال نوح عليه السلام لقومه لما قالوا: {يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون} وقال شعيب لقومه: قال الله تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا} الآية وقال شعيب أيضًا لقومه: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب} [هود: 88] وقال تعالى في قصة يوسف عليه السلام: {ولقد همت به، وهم بها، لولا أن رأى برهان ربه، كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء، إنه من عبادنا المخلصين} [يوسف: 24] وقال يوسف عليه السلام: {رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه، وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن، وأكن من الجاهلين} [يوسف: 33] قال الله عز وجل: {فاستجاب له ربه، فصرف عنه كيدهن، إنه هو السميع العليم} [يوسف: 34] وقال إبراهيم عليه السلام: {رب اجعل هذا البلد آمنا، واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} [إبراهيم: 35] وقال موسى عليه السلام لما دعا على قومه فقال: {ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا، ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم، واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما} [يونس: 89] وقال تعالى فيما أخبر عن أهل النار: {وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [إبراهيم: 21]
قال محمد بن الحسين: فقد أقر أهل النار أن الهداية من الله لا من أنفسهم.(صـ 151 - 152).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-06, 06:46 PM
73 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا وجوب الإيمان بالقدر والبراهين على ذلك-: (اعتبروا رحمكم الله قول الأنبياء عليهم السلام وقول أهل النار، كل ذلك حجة على القدرية، واعلموا رحمكم الله أن الله عز وجل بعث رسله، وأمرهم بالبلاغ، حجة على من أرسلوا إليهم، فلم يجبهم إلى الإيمان إلا من سبقت له من الله تعالى الهداية، ومن لم يسبق له من الله الهداية، وفي مقدوره أنه شقي من أهل النار لم يجبهم، وثبت على كفره، وقد أخبركم الله تعالى يا مسلمون بذلك، نعم، وقد حرص نبينا صلى الله عليه وسلم، والأنبياء من قبله، على هداية أممهم، فما يقع حرصهم، إذا كان في مقدور الله أنهم لا يؤمنون، فإن قال قائل: بين لنا هذا الفصل من كتاب الله تعالى، فإنا نحتاج إلى معرفته، قيل له: قال الله تعالى في سورة النحل: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله، ومنهم من حقت عليه الضلالة، فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين} [النحل: 36] ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل، وما لهم من ناصرين} [النحل: 37] ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم، وقد أحب هداية بعض من يحبه، فأنزل الله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم أيضًا: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا، إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، وما مسني السوء، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} [الأعراف: 188] وقال تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه، ليبين لهم، فيضل الله من يشاء، ويهدي من يشاء، وهو العزيز الحكيم} [إبراهيم: 4]
قال محمد بن الحسين رحمه الله: كل هذا بين لكم الرب تعالى به أن الأنبياء إنما بعثوا مبشرين ومنذرين، وحجة على الخلق، فمن شاء الله تعالى له الإيمان آمن، ومن لم يشأ له الإيمان لم يؤمن، قد فرغ الله تعالى من كل شيء، قد كتب الطاعة لقوم، وكتب المعصية على قوم، ويرحم أقواما بعد معصيتهم إياه، ويتوب عليهم، وقوم لا يرحمهم، ولا يتوب عليهم: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} [الأنبياء: 23] (صـ 152 - 153).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-06, 06:52 PM
74 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا حكمه في القدرية-: (قد ذكرنا الحجة من كتاب الله تعالى فيما ابتدأنا بذكره من أمر القدر، ثم نذكر الحجة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الحجة إذا كانت من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس لمخالف حجة، ونحن نزيد المسألة فنقول: ومن سنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين لهم بإحسان، وقول أئمة المسلمين من التابعين وغيرهم.
قال محمد بن الحسين: لقد شقي من خالف هذه الطريقة، وهم القدرية، فإن قال قائل: هم عندك أشقياء؟ قلت: نعم.
فإن قال قائل: بم ذا؟ قلت: كذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسماهم مجوس هذه الأمة، وقال: (إن مرضوا، فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم) -حسنه الألباني في صحيح أبي داود: (4691)- وسنذكر هذا في بابه إن شاء الله تعالى). (صـ 153 - 154).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-10, 12:03 PM
75 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا للقدري المنهج الصحيح وكيفية الاستدلال-: (ويقال لمن خالف هذا المذهب الذي بيناه في إثبات القدر من كتاب الله تعالى: اعلم يا شقي أنا لسنا أصحاب كلام، والكلام على غير أصل لا تثبت به حجة، وحجتنا كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا ما حضرنا ذكره من كتاب الله تعالى، وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]
فقد بيَّن صلى الله عليه وسلم لأمته ما فرضه الله تعالى عليهم، من أداء فرائضه، واجتناب محارمه، ولم يدعهم سدى لا يعلمون، بل بيَّن لهم شرائع دينهم، فكان مما بينه لهم: إثبات القدر على نحو مما تقدم ذكرنا له، وهي سنن كثيرة سنذكرها أبوابًا، لا تخفى عند العلماء قديمًا ولا حديثًا، ولا ينكرها عالم، بل إذا نظر فيها العالم إن شاء الله تعالى زادته إيمانًا وتصديقًا، وإذ نظر فيها جاهل بالعلم، أو بعض من قد سمع من قدري جاهل بكتاب الله عز وجل، وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم، وسنن أصحابه ومن تبعهم بإحسان وسائر علماء المسلمين رضي الله عنهم، فإن أراد الله عز وجل به خيرًا كان سماعه لها سببًا لرجوعه عن باطله، وإن تكن الأخرى فأبعده الله وأسحقه). (صـ 155).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-10, 12:57 PM
76 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا المنهج في كيفية فهم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم-: (حسبنا الله ونعم الوكيل، والحمد لله على كل حال، قد ذكرنا ما احتججنا به من كتاب الله، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الردِّ على القدرية، وأنا أذكر ما روي عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن الصحابة أجمعين من ردِّهم على القدرية على معنى الكتاب والسنة، ثم أذكر عن التابعين لهم بإحسان، وعن أئمة المسلمين من ردِّهم على القدرية، وتحذيرهم للمسلمين سوء مذاهبهم). صـ (183).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-10, 02:15 PM
77 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا المنهج في التعامل مع القدرية-: (هذه حجتنا على القدرية: كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسنة أصحابه والتابعين لهم بإحسان وقول أئمة المسلمين، مع تركنا للجدال والمراء، والبحث عن القدر فإنا قد نهينا عنه، وأمرنا بترك مجالسة القدرية، وأن لا نناظرهم، ولا نفاتحهم على سبيل الجدل، بل يهجرون ويهانون ويذلون، ولا يصلى خلف واحد منهم، ولا تقبل شهادتهم ولا يزوج، وإن مرض لم يُعَدْ وإن مات لم يُحْضَرْ جنازته، ولم تُجِبْ دعوته في وليمة إن كانت له، فإن جاء مسترشدًا أرشد على معنى النصيحة له، فإن رجع فالحمد لله، وإن عاد إلى باب الجدل والمراء لم نلتفت عليه، وطرد وحذر منه، ولم يُكَلَّم ولم يُسَلَّم عليه). (صـ 215).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-10, 02:46 PM
78 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا الحجة في ترك مجالسة القدرية-: (فهذا طريق أهل العلم: الإيمان بالقدر خيره وشره، واقع من الله بمقدور جرى به، يضل من يشاء ويهدي من يشاء {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]
وأما الحجة في ترك مجالسة القدرية ولا يفاتحون بكلام، ولا بمناظرة إلا عند الضرورة وإثبات الحجة عليهم وتبكيتهم، أو يسترشد منهم مسترشد للاسترشاد فيرشد، ويوقف على طريق الحق، ويحذر طريق الباطل، فلا بأس بالبيان على هذا النعت، وسأذكر في ذلك ما يدل على ما قلت إن شاء الله، فالله الموفق لكل رشاد). (صـ 219).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-10, 07:47 PM
79 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أئمة القدرية-: (فإن قال قائل: من أئمة القدرية في مذاهبهم؟
قيل له: قد أجل الله تعالى المسلمين عن مذاهبهم، وأئمتهم في مذاهبهم القدرية: معبد الجهني بالبصرة، وقد رد عليه الصحابة والتابعون ما قد تقدم ذكرنا له، وقبله رجل من أهل العراق كان نصرانيا فأسلم، ثم تنصر، فأخذ عنه معبد الجهني القدر، كذا قال الأوزاعي رحمه الله، وأخذ غيلان عن معبد، وقد تقدم ذكرنا لقصة غيلان، وما عجل الله له من الخزي في الدنيا، وما له في الآخرة أعظم، وعمرو بن عبيد وما ذمه العلماء وهجروه وكفروه، هؤلاء أئمتهم الأنجاس والأرجاس). (صـ 22 - 223).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-10, 07:49 PM
80 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا بعضًا من فساد مذهبهم-: (ثم اعلموا رحمنا الله وإياكم أن القدري لا يقول: اللهم وفقني، ولا يقول: اللهم اعصمني، ولا يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأن عنده أن المشيئة إليه، إن شاء أطاع وإن شاء عصى، فاحذروا مذاهبهم لا يفتنوكم عن دينكم).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-10, 07:55 PM
81 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا الدليل على فساد مذهبهم- : (يقال للقدري: يا من لعب به الشيطان، يا من ينكر أن الله تعالى خلق الشر، أليس إبليس أصل كل شر؟ أليس الله خلقه؟ أليس الله تعالى خلق الشياطين وأرسلهم على من أراد ليضلوهم عن طريق الرشد؟ فأي حجة لك يا قدري؟ يا من قد حرم التوفيق، أليس الله تعالى قال: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} إلى قوله {إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ}[فصلت: 25]
وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُم ْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 37] وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83] (صـ 225).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-10, 08:03 PM
82 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا فساد أفهام القدرية-: (فإن اعترض بعض هؤلاء القدرية بتأويله الخطأ، فقال: قال الله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]
فيزعم أن السيئة من نفسه، دون أن يكون الله تعالى قضاها وقدرها عليه، قيل له: يا جاهل، إن الذي أنزلت عليه هذه الآية هو أعلم بتأويلها منك، وهو الذي بين لنا جميع ما تقدم ذكرنا له من إثبات القدر، وكذلك الصحابة الذين شاهدوا التنزيل رضي الله عنهم، هم الذين بينوا لنا ولك إثبات المقادير بكل ما هو كائن من خير وشر، وقيل: لو عقلت تأويلها لم تعارض بها، ولعلمت أن الحجة عليك لا لك فإن قال: كيف؟ قيل له: قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}
[النساء: 79]
أليس الله تعالى أصابه بها: خيرا كان أو شرًا؟ فاعقل يا جاهل، أليس قال الله تعالى: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ}[يوسف: 56]
وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوَ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأعراف: 100] وقال تعالى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا، إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]
وهذا في القرآن كثير، ألا ترى أن الله تعالى يخبرنا أن كل مصيبة تكون بالعباد من خير أو شر فالله يصيبهم بها، وقد كتب مصابهم في علم قد سبق، وجرى به القلم على حسب ما تقدم ذكرنا له، فاعقلوه يا مسلمون فإن القدري محروم من التوفيق، وقد روي أن هذه الآية التي يحتج بها القدري في قراءة عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَنَا كَتَبْتُهَا عَلَيْكَ). (صـ 227).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-10, 08:10 PM
82 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا المذهب الحق في القدر-: ( اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الله تعالى ذكره أمر العباد باتباع صراطه المستقيم، وأن لا يعوجوا عنه يمينا ولا شمالا، فقال تعالى ذكره {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ، فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153]
ثم قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 28]
ففي الظاهر أنه جل ذكره أمرهم بالاستقامة واتباع سبيله وجعل في الظاهر إليهم المشيئة، ثم أعلمهم بعد ذلك: إنكم لن تشاءوا إلا أن أشاء أنا لكم ما فيه هدايتكم، وإن مشيئتكم تبع لمشيئتي، فقال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} فأعلمهم أن مشيئتهم تبع لمشيئته عز وجل وقال عز وجل: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[البقرة: 142]
وقال عز وجل: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً، فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ} إلى قوله: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 213]
قال محمد بن الحسين رحمه الله: انقطعت حجة كل قدري قد لعب به الشيطان فهو في غيه يتردد، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به، وبعد فقد اجتهدت وبينت في إثبات القدر بما قال الله عز وجل وبما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، المبين عن الله عز وجل ما أنزله في كتابه، وذكرت قول الصحابة رضي الله عنهم، وقول التابعين، وكثيرا من أئمة المسلمين، على معنى الكتاب والسنة فمن لم يؤمن بهذا فهو ممن قال الله تعالى فيهم: {لَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: 111] (صـ 228 - 229).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-17, 05:15 PM
83 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أحوال أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأعظم نعيم أهل السعادة- (الحمد لله على جميل إحسانه، ودوام نعمه حمد من يعلم أن مولاه الكريم يحب الحمد، فله الحمد على كل حال، وصل الله على محمد النبي وأصحابه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، أما بعد: فإن الله تعالى جل ذكره وتقدست أسماؤه، خلق خلقه كما أراد لما أراد، فجعلهم شقيًا وسعيدًا، فأما أهل الشقوة فكفروا بالله العظيم وعبدوا غيره، وعصوا رسله، وجحدوا كتبه، فأماتهم على ذلك، فهم في قبورهم يعذبون وفي القيامة عن النظر إلى الله تعالى محجوبون، وإلى جهنم واردون، وفي أنواع العذاب يتقلبون، وللشياطين مقاربون، وهم فيها أبدا خالدون، وأما أهل السعادة: فهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى، فآمنوا بالله وحده، ولم يشركوا به شيئًا، وصدقوا القول بالفعل، فأماتهم على ذلك، فهم في قبورهم ينعمون، وعند المحشر يبشرون، وفي الموقف إلى الله تعالى بأعينهم ينظرون، وإلى الجنة بعد ذلك وافدون، وفي نعيمها يتفكهون، وللحور العين معانقون، والولدان لهم يخدمون، وفي جوار مولاهم الكريم أبدا خالدون؛ ولربهم تعالى في داره زائرون، وبالنظر إلى وجهه الكريم يتلذذون، وله مكلمون، وبالتحية لهم من الله تعالى؛ والسلام منه عليهم يكرمون: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21]
فإن اعترض جاهل ممن لا علم معه، أو بعض هؤلاء الجهمية الذين لم يوفقوا للرشاد، ولعب بهم الشيطان وحرموا التوفيق فقال: المؤمنون يرون الله يوم القيامة؟
قيل له: نعم؛ والحمد لله تعالى على ذلك، فإن قال الجهمي: أنا لا أؤمن بهذا.
قيل له: كفرت بالله العظيم.
فإن قال: وما الحجة. قيل: لأنك رددت القرآن والسنة وقول الصحابة رضي الله عنهم، وقول علماء المسلمين، واتبعت غير سبيل المؤمنين، وكنت ممن قال الله تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: 115] , فأما نص القرآن فقول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23]
وقال تعالى وقد أخبرنا عن الكفار أنهم محجوبون عن رؤيته فقال تعالى ذكره: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المطففين: 15]
فدل بهذه الآية: أن المؤمنين ينظرون إلى الله، وأنهم غير محجوبين عن رؤيته، كرامة منه لهم، وقال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]
فروي أن الزيادة هي النظر إلى الله تعالى، وقال تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِين َ رَحِيمًا تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} [الأحزاب: 43] (صـ 231 - 232).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-17, 05:25 PM
84 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا اللُّقَى والرؤيا- (واعلم رحمك الله أن عند أهل العلم باللغة أن اللُّقَى هاهنا لا يكون إلا معاينة يراهم الله تعالى ويرونه، ويسلم عليهم، ويكلمهم ويكلمونه.
قال محمد بن الحسين: وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]
وكان مما بينه لأمته في هذه الآيات: أنه أعلمهم في غير حديث: (إنكم ترون ربكم تعالى)، روى عنه جماعة من صحابته رضي الله عنهم، وقبلها العلماء عنهم أحسن القبول، كما قبلوا عنهم علم الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وعلم الحلال والحرام، كذا قبلوا منهم الأخبار: أن المؤمنين يرون الله تعالى لا يشكون في ذلك، ثم قالوا: من ردَّ هذه الأخبار فقد كفر). (صـ 232 - 233).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-17, 05:38 PM
85 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا ما أُعدَّ للمؤمنين في الجنة من الكرامات-: (قد ذكر الله عز وجل ما أعدَّ للمؤمنين من الكرامات في الجنة في غير موضع من كتابه عز وجل، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فكان مما أكرمهم به أنه قال عز وجل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحَسَنُ مَآبٍ} [الرعد: 29]
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم عن شجرة طوبى، ومما أعدَّ الله عز وجل فيها من كرامات المؤمنين مما يكرمهم به من زيارتهم لربهم عز وجل على النجب من الياقوت قد نفخ فيها الروح، فيزورون الله عز وجل فيتجلى لهم وينظر إليهم وينظرون إليه، ويكلمهم ويكلمونه، ويُسلَّم عليهم، ويزيد من فضله، وأنا أذكره لَيُقِرَّ الله تعالى به أعين المؤمنين، وتَسْخَنُ به أعين الملحدين، والله ولي التوفيق). (صـ 248 - 249).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-17, 06:04 PM
86 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أدلة رؤية الله، والردِّ على شبه المنكرين لها- (هذه الأخبار كلها يصدق بعضها بعضا مع ظاهر القرآن يُبَيِّنُ أن المؤمنين يرون الله عز وجل، فالإيمان بهذا واجب، فمن آمن بما ذكرنا؛ فقد أصاب حظه من الخير إن شاء الله في الدنيا والآخرة، ومن كذَّب بجميع ما ذكرنا، وزعم أن الله عز وجل لا يُرى في الآخرة فقد كفر، ومن كفر بهذا، فقد كفر بأمور كثيرة مما يجب عليه الإيمان بها، وَسَنُبَيِّنُ جميع ما يكذِّب به الجهمي في كتاب غير هذا الكتاب إن شاء الله.
فإن اعترض بعض من قد استحوذ عليهم الشيطان فهم في غيهم يترددون، ممن يزعم أن الله عز وجل لا يرى في القيامة , واحتج بقول الله عز وجل: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ , وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ , وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرِ} [الأنعام: 103]
فجحد النظر إلى الله عز وجل بتأويله الخاطئ لهذه الآية، قيل له: يا جاهل إن الذي أنزل الله عز وجل عليه القرآن، وجعله الحجة على خلقه، وأمره بالبيان لما أنزل عليه من وحيه هو أعلم بتأويلها منك يا جهمي، هو الذي قال لنا: (إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون هذا القمر)، فقبلنا عنه ما بشرنا به من كرامة ربنا عز وجل على حسب ما تقدم ذكرنا له، من الأخبار الصحاح عند أهل الحق من العلم، ثم فسَّر لنا الصحابة رضي الله عنهم بعده، ومن بعدهم من التابعين: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22]
فسَّروه على النظر إلى وجه الله عز وجل، وكانوا بتفسير القرآن وبتفسير ما احتججت به من قوله عز وجل: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]
أعرف منك، وأهدى منك سبيلًا، والنبي صلى الله عليه وسلم فسَّر لنا قول الله عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]
وكانت الزيادة: النظر إلى وجه الله تعالى، وكذا عند صحابته رضي الله عنهم، فاستغنى أهل الحق بهذا ، مع تواتر الأخبار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى وجه الله عز وجل، وقبلها أهل العلم أحسن قبول وكانوا بتأويل الآية التي عارضت بها أهل الحق أعلم منك يا جهمي.
فإن قال قائل: فما تأويل قوله عز وجل: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]
قيل له: معناها عند أهل العلم: أي: لا تحيط به الأبصار، ولا تحويه عز وجل، وهم يرونه من غير إدراك ولا يشكون في رؤيته، كما يقول الرجل: رأيت السماء وهو صادق، ولم يحط بصره بكل السماء، ولم يدركها وكما يقول الرجل: رأيت البحر، وهو صادق ولم يدرك بصره كل البحر، ولم يحط ببصره، هكذا فسره العلماء، إن كنت تعقل). (صـ 252 - 253).

أبو البراء محمد علاوة
2015-09-17, 06:16 PM
86 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات، وإثبات صفة الضحك لله-: (اعلموا وفقنا الله وإيَّاكم للرشاد من القول والعمل أن أهل الحق يصفون الله عز وجل بما وصف به نفسه عز وجل، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما وصفه به الصحابة رضي الله عنهم، وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع، ولا يقال فيه: كيف؟ بل التسليم له، والإيمان به أن الله عز وجل يضحك، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن صحابته، ولا يُنْكِرُ هذا إلا من لا يُحْمَدُ حاله عند أهل الحق وسنذكر منه ما حضرنا ذكره، والله الموفق للصواب، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). صـ 253 - 254).

وقال أيضًا: (هذه السُّنن كلها نؤمن بها، ولا نقول فيها: كيف؟ والذين نقلوا هذه السُّنن: هم الذين نقلوا إلينا السنن في الطهارة، وفي الصلاة، والزكاة، والصيام، الحج، والجهاد، وسائر الأحكام من الحلال والحرام، فقبلها العلماء منهم أحسن قبول، ولا يَرُدُّ هذه السُّنن إلا من يَذْهب مذهب المعتزلة، فمن عارض فيها أو رَدَّها، أو قال: كيف؟ فَاتَّهِمُوهُ وَاحْذَرُوهُ). (صـ 260).

عمر عباس الجزائري
2015-10-06, 01:01 AM
شرح ماتع ٌ موسوم بــــ:" الذريعة إلى بيان مقاصد كتاب الشريعة".

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-08, 01:39 PM
87 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا ومحذرًا من مذهب الحلولية-: (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله على كل حال، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
أما بعد: فإني أحذر إخواني من المؤمنين مذهب الحلولية: الذين لعب بهم الشيطان، فخرجوا بسوء مذهبهم عن طريق أهل العلم.
مذاهبهم قبيحة لا تكون إلا في كل مفتون هالك؛ زعموا أن الله عز وجل حالٌ في كل شيء، حتى أخرجهم سوء مذهبهم إلى أن تكلموا في الله عز وجل بما ينكره العلماء العقلاء، لا يوافق قولهم كتاب ولا سنة ولا قول الصحابة ولا قول أئمة المسلمين، وإني لأستوحش أن أذكر قبيح أفعالهم تنزيها مني لجلال الله عز وجل وعظمته، كما قال ابن المبارك رحمه الله: (إنا لنستطيع أن نحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية).
ثم إنهم إذا أنكر عليهم سوء مذهبهم قالوا: لنا حجة من كتاب الله عز وجل فإذا قيل لهم: ما الحجة؟ قالوا: قال الله عز وجل: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7] وبقوله عز وجل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] إِلَى قَوْلِهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد: 4]
فلبَّسوا على السامع منهم بما تأولوا، وفسَّروا القرآن على ما تهوى نفوسهم فضلوا وأضلوا، فمن سمعهم ممن جهل العلم ظن أن القول كما قالوه، وليس هو كما تأولوه عند أهل العلم.
والذي يذهب إليه أهل العلم: أن الله عز وجل سبحانه على عرشه فوق سماواته، وعلمه محيط بكل شيء، قد أحاط علمه بجميع ما خلق في السماوات العلا، وبجميع ما في سبع أرضين وما بينهما وما تحت الثرى، يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم الخطرة والهمة، ويعلم ما توسوس به النفوس يسمع ويرى، ولا يعزب عن الله عز وجل مثقال ذرة في السماوات والأرضين وما بينهنَّ، إلا وقد أحاط علمه به فهو على عرشه سبحانه العلي الأعلى ترفع إليه أعمال العباد، وهو أعلم بها من الملائكة الذين يرفعونها بالليل والنهار.
فإن قال قائل: فإيش معنى قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] الآية التي بها يحتجون؟
قيل له: علمه عز وجل والله على عرشه، وعلمه محيط بهم، وبكل شيء من خلقه، كذا فسَّره أهل العلم، والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم.
فإن قال قائل: كيف؟ قيل: قال الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى آخر الآية {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7] فابتدأ الله عز وجل الآية بالعلم، وختمها بالعلم، فعلمه عز وجل محيط بجميع خلقه، وهو على عرشه، وهذا قول المسلمين). (صـ 261 - 261).

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-08, 02:07 PM
88 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا ومجيبًا على شبهات الحلولية-(ومما يحتج به الحلولية مما يلبسون به على من لا علم معه , يقول الله عز وجل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] وقد فسَّر أهل العلم هذه الآية: هو الأول: قبل كل شيء من حياة وموت، والآخر: بعد كل شيء، بعد الخلق، وهو الظاهر: فوق كل شيء يعني ما في السماوات، وهو الباطن: دون كل شيء يعلم ما تحت الأرضين، ودلَّ على هذا آخر الآية {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3] كذا فسَّره مقاتل بن حيان ومقاتل بن سليمان وبينت ذلك السنة.

ومما يلبسون به على من لا علم معه احتجوا بقوله عز وجل: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} وبقوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]
وهذا كله إنما يطلبون به الفتنة كما قال الله تعالى: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7]
وعند أهل العلم من أهل الحق {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} فهو كما قال أهل العلم: مما جاءت به السنن: إن الله عز وجل على عرشه، وعلمه محيط بجميع خلقه {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة: 77] {يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ} [الأنبياء: 110] وقوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]
فمعناه: أنه جل ذكره إله من في السماوات، وإله من في الأرض، إله يعبد في السماوات، وإله يعبد في الأرض، هكذا فسَّره العلماء.
فيما ذكرته وبينته مقنع لأهل الحق؛ إشفاقًا عليهم، لئلا يداخل قلوبهم من تلبيس أهل الباطل ممن يميل بقبيح مذهبه السوء إلى استماع الغناء من الغلمان المرد يتلذذ بالنظر إليهم، ولا يحب الاستماع من الرجل الكبير، ويرقص ويُزَمِّر، قد ظفر به الشيطان فهو يلعب به مخالفًا للحق، لا يرجع في فعله إلى كتاب ولا إلى سنة ولا إلى قول الصحابة ولا من تبعهم بإحسان ولا قول إمام من أئمة المسلمين، وما يخفون من البلاء مما لا يحسن ذكره أقبح، ويدَّعون أن هذا دين يدينون به، نعوذ بالله من قبيح ما هم عليه، ونسأله التوفيق إلى سبيل الرشاد، إنه سميع قريب). (صـ 269 - 271)، بتصرف بسيط.

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-08, 02:36 PM
89 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا كفر من نفى كلام الله لموسى عليه السلام-: (الحمد لله المحمود على كل حال، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم، أما بعد:
فإنه من ادعى أنه مسلم ثم زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى فقد كفر، يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
فإن قال قائل: لم؟ قيل: لأنه ردَّ القرآن وجحده وردَّ السنة وخالف جميع علماء المسلمين وزاغ عن الحق، وكان ممن قال الله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]
وأما الحجة عليهم من القرآن: فإن الله جل وعز قال في سورة النساء: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] وقال عز وجل في سورة الأعراف: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف]: 143] وقال عز وجل: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144] وقال عز وجل في سورة طه: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى , وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} إلى آخر الآيات وقال عز وجل في سورة النمل: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النمل: 9] وقال عز وجل في سورة القصص: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وقال عز وجل في سورة والنازعات: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}
فمن زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى فقد ردَّ نص القرآن وكفر بالله العظيم.
فإن قال منهم قائل: إن الله تعالى خلق كلامًا في الشجرة، فكلم به موسى قيل له: هذا هو الكفر؛ لأنه يزعم أن الكلام مخلوق تعالى الله عز وجل عن ذلك ويزعم أن مخلوقًا يدعي الربوبية، وهذا من أقبح القول وأسمجه -أي: أقبحه-.
وقيل له: يا ملحد، هل يجوز لغير الله أن يقول: إنني أنا الله؟ نعوذ بالله أن يكون قائل هذا مسلمًا، هكذا كافر يستتاب، فإن تاب ورجع عن مذهبه السوء وإلا قتله الإمام، فإن لم يقتله الإمام ولم يستتبه وعلم منه: أن هذا مذهبه هجر ولم يكلم، ولم يُسَلَّم عليه ولم يصل خلفه ولم تقبل شهادته ولم يزوجه المسلم كريمته). (صـ 271 - 272).

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-08, 02:46 PM
90 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا وجوب الإيمان بنزول الله إلى السماء الدنيا كل ليلة-: (الإيمان بهذا واجب، ولا يسع المسلم العاقل أن يقول: كيف ينزل؟ ولا يرد هذا إلا المعتزلة، وأما أهل الحق فيقولون: الإيمان به واجب بلا كيف؛ لأن الأخبار قد صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة)، والذين نقلوا إلينا هذه الأخبار هم الذين نقلوا إلينا الأحكام من الحلال والحرام، وعلم الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، فكما قَبِلَ العلماء عنهم ذلك كذلك قبلوا منهم هذه السنن، وقالوا: مَنْ ردَّها فهو ضالٌ خبيثٌ، يَحْذَرونه ويُحَذِّرون منه). (صـ 277).

عمر عباس الجزائري
2015-10-09, 02:04 AM
شرح نفيسٌ على الكتاب خدم به هذا المؤلَف خدمة علمية تليق به عنون له بـــــ: ((الذريعة في بيان مقاصد كتاب الشريعة)).

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-12, 01:52 PM
شرح نفيسٌ على الكتاب خدم به هذا المؤلَف خدمة علمية تليق به عنون له بـــــ: ((الذريعة في بيان مقاصد كتاب الشريعة)).

بارك الله فيك، لماذا تكرر هذه المعلومة؟ !!!

عمر عباس الجزائري
2015-10-15, 12:18 AM
لأني وفقكم الله لما فيه رضاه وجدتها تُحذف كلما فتحت أيقونة هذه المشاركة

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-15, 12:14 PM
لأني وفقكم الله لما فيه رضاه وجدتها تُحذف كلما فتحت أيقونة هذه المشاركة

كيف حذفت وهي موجودة الآن؟

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-19, 11:51 AM
91 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا ضلال الجهمية في نفيهم أن الله خلق آدم بيده-: (يقال للجهمي الذي ينكر أن الله خلق آدم بيده كفرت بالقرآن ورددت السنة وخالفت الأمة.
فأما القرآن: فإن الله عز وجل لما أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال الله عز وجل: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدِي أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} [ص: 75]
وقال عز وجل في صورة الحجر: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ , فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ , فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ , إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 29]
فحسد إبليس آدم لأن الله عز وجل خلقه بيده ولم يخلق إبليس بيده.
ولما التقى موسى عليه السلام مع آدم عليه السلام فاحتجا، فكان من حجة موسى لآدم أنه قال له: أنت أبونا آدم خلقك الله تعالى بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك؟ فاحتج موسى على آدم بالكرامة التي خص الله عز وجل بها آدم مما لم يخص غيره بها من أن الله عز وجل خلقه بيده وأمر ملائكته فسجدوا له، فمن أنكر هذا فقد كفر.
ثم احتج آدم على موسى: فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه وخطَّ لك التوراة بيده وذكر ... الحديث). (صـ 292 - 293).

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-19, 12:05 PM
92 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا ضلال من أنكر الشفاعة من المعتزلة والرد عليهم-: (اعلموا -رحمكم الله- أن المنكر للشفاعة يزعم أن من دخل النار فليس بخارج منها، وهذا مذهب المعتزلة يكذبون بها، وبأشياء سنذكرها إن شاء الله تعالى مما لها أصل في كتاب الله عز وجل وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنن الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان وقول فقهاء المسلمين فالمعتزلة يخالفون هذا كله، لا يلتفتون إلى سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا إلى سنن أصحابه رضي الله عنهم وإنما يعارضون بمتشابه القرآن، وبما أراهم العقل عندهم، وليس هذا طريق المسلمين وإنما هذا طريق من قد زاغ عن طريق الحق وقد لعب به الشيطان.
وقد حذرنا الله عز وجل ممن هذه صفته، وحذرناهم النبي صلى الله عليه وسلم وحذرناهم أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا.
فأما ما حذرناهم الله عز وجل وأنزله على نبيه صلى الله عليه وسلم وحذرناهم النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ , هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٍ} [آل عمران: 7] إلى قوله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}. (صـ 300 - 301).

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-19, 12:36 PM
93 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا دحض شبهات المعتزلة في نفي الشفاعة): (إن المكذب بالشفاعة أخطأ في تأويله خطأ فاحشًا خرج به عن الكتاب والسنة، وذلك أنه عمد إلى آيات من القرآن نزلت في أهل الكفر، أخبر الله عز وجل: أنهم إذا دخلوا النار أنهم غير خارجين منها، فجعلها المكذب بالشفاعة في الموحدين، ولم يلتفت إلى أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات الشفاعة أنها إنما هي لأهل الكبائر، والقرآن يدل على هذا، فخرج بقوله السوء عن جملة ما عليه أهل الأيمان، واتبع غير سبيلهم قال الله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: 115]

وقال: فكل من ردَّ سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنن أصحابه فهو ممن شاقق الرسول وعصاه وعصى الله تعالى بتركه قبول السنن ولو عقل هذا الملحد وأنصف من نفسه، علم أن أحكام الله عز وجل وجميع ما تعبد به خلقه إنما تؤخذ من الكتاب والسنة، وقد أمر الله عز وجل نبيه عليه السلام: أن يبين لخلقه ما أنزله عليه مما تعبدهم به، فقال جل ذكره: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]
وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم لأمته جميع ما فرض الله عز وجل عليهم من جميع الأحكام وبيَّن لهم أمر الدنيا وأمر الآخرة وجميع ما ينبغي أن يؤمنوا به ولم يدعهم جهلة لا يعلمون حتى أعلمهم أمر الموت والقبر وما يلقى المؤمن، وما يلقى الكافر وأمر المحشر والوقوف وأمر الجنة والنار حالا بعد حال يعرفه أهل الحق، وسنذكر كل باب في موضعه إن شاء الله تعالى. اعلموا يا معشر المسلمين: أن أهل الكفر إذا دخلوا النار ورأوا العذاب الأليم وأصابهم الهوان الشديد نظروا إلى قوم من الموحدين معهم في النار فعيروهم بذلك وقالوا: ما أغنى عنكم إسلامكم في الدنيا وأنتم معنا في النار؟ فزاد أهل التوحيد من المسلمين حزنًا وغمًا، فاطلع الله عز وجل على ما نالهم من الغمِّ بتعيير أهل الكفر لهم فأذن في الشفاعة فيشفع الأنبياء والملائكة والشهداء والعلماء والمؤمنون فيمن دخل النار من المسلمين فأخرجوا منها على حسب ما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على طبقات شتى فدخلوا الجنة، فلما فقدهم أهل الكفر ودوا حينئذ لو كان مسلمين وأيقنوا أنه ليس شافع يشفع لهم، ولا صديق حميم يغني عنهم من عذابهم شيئا قال الله عز وجل في أهل الكفر لما نضجوا بالعذاب وعلموا أن الشفاعة لغيرهم قالوا: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلُ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [الأعراف: 53]
وقال عز وجل: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: 94] , {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [الشعراء: 95] , {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ} [الشعراء: 96] , {تَالَلَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الشعراء: 97] , {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 98] , {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} [الشعراء: 99] , {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} [الشعراء: 100] , {وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: 101] وقال عز وجل في سورة المدثر وقد أخبر أن الملائكة قالت لأهل الكفر: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ}
[المدثر: 42] , {قَالُوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} المدثر: 43] , {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر: 45] , {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر: 46] , {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 47] , {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48]

وقال: هذه كلها أخلاق الكفار فقال عز وجل: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] فدل على أن لابد من شفاعة وأن الشفاعة لغيرهم لأهل التوحيد خاصة، وقال الله عز وجل: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر: 1] , {رُبَّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}[الحجر: 2]

وقال: وإنما يود الكفار أن لو كانوا مسلمين: عندما رأوا معهم في النار قوما من الموحدين فعيروهم وقالوا: ما أغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا في النار فحزنوا من ذلك فأمر الله عز وجل الملائكة والأنبياء ومن سائر المؤمنين أن يشفعوا فيهم فشفعوا فأخرج من في النار من أهل التوحيد ففقدهم أهل الكفر فسألوا عنهم فقيل: شفع فيهم الشافعون لأنهم كانوا مسلمين، فعندها ودوا لو كانوا مسلمين حتى تلحقهم الشفاعة). (صـ 304 - 305).

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-19, 01:36 PM
94 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا الشافعين يوم القيامة-: (وقد روي من غير وجه: أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع يوم القيامة لجميع ذرية آدم عليه السلام من الموحدين بأن يخرج من النار كل موحد ثم يشفع آدم عليه الصلاة والسلام، ثم الأنبياء، ثم الملائكة، ثم المؤمنون فنعوذ بالله ممن يكذِّب بهذا، لقد ضلَّ ضلالًا بعيدًا وخسر خسرانًا مبينًا). صـ 314).

أبو البراء محمد علاوة
2015-10-19, 01:48 PM
95 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا جزاء المؤمنين بالشفاعة-: (فأنا أرجو لمن آمن بما ذكرنا من الشفاعة وبقوم يخرجون من النار من الموحدين، وبجميع ما تقدم ذكرنا له، وبجميع ما سنذكره إن شاء الله من المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم ولأهل بيته وذريته وصحابته وأزواجه رضي الله عنهم أجمعين: أن يرحمنا مولانا الكريم، ولا يحرمنا وإياكم من تفضله ورحمته، وأن يدخلنا وإياكم في شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وشفاعة من ذكرنا من الصحابة وأهل بيته، وأزواجه رضي الله عنهم أجمعين). (صـ 318 - 319).

أبو البراء محمد علاوة
2015-11-01, 11:47 AM
96 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا فتنة الدجال والاستعاذة منه-: (فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الدجال، وعَلَّمَ أمته أن يستعيذوا بالله من فتنة الدجال فينبغي للمسلمين أن يستعيذوا بالله العظيم منه وقد حذَّر أمته في غير حديث الدجال، ووصفه لهم، فينبغي للمسلمين أن يحذروه ويستعيذوا بالله من زمان يخرج فيه الدجال، فإنه زمان صعب، أعاذنا الله وإياكم منه.
وقد روي أنه قد خُلق، وهو في الدنيا مُوثَّق بالحديد إلى الوقت الذي يأذن الله عز وجل بخروجه). (صـ 337).

أبو البراء محمد علاوة
2015-11-01, 12:01 PM
97 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا نزول عيسى حتى موته-: (والذين يقاتلون مع عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام: أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والذين يقاتلون عيسى: اليهود مع الدجال، فيقتل عيسى الدجال، ويقتل المسلمون اليهود، ثم يموت عيسى عليه السلام، ويصلي عليه المسلمون، ويدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما). (صـ 342).

قلت: (أبو البراء): لم يثبت في حديث صحيح أن عيسى يدفن بالحجرة النبوية، أما ما ورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينزل عيسى ابن مريم إلى الأرض، فيتزوج، ويولد له، ويمكث خمسًا وأربعين سنة، ثم يموت فيدفن معي في قبري، فأقوم أنا وعيسى ابن مريم من قبر واحد بين أبي بكر وعمر).
رواه ابن أبي الدنيا – كما عزاه إليه الذهبي في: ميزان الاعتدال: (2/562) - وابن الجوزي في: العلل المتناهية: (2/915) وفي: المنتظم: (1/126)، وفي: الوفا: (2/714) أيضًا: من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي.
قال ابن الجوزي: (هذا حديث لا يصح، والإفريقي ضعيف بمرة).
وأورده الذهبي في: ميزان الاعتدال: في سياق المناكير التي رواها هذا الراوي، وقال : (فهذه مناكير غير محتملة).
وقال الشيخ الألباني في: السلسلة الضعيفة: (6562): (منكر).

أبو البراء محمد علاوة
2015-11-01, 12:42 PM
98 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أن الجنة والنار مخلوقتان-: (اعلموا -رحمنا الله وإياكم- أن القرآن شاهد أن الله عز وجل خلق الجنة والنار قبل أن يخلق آدم عليه الصلاة والسلام، وخلق للجنة أهلًا، وللنار أهلًا، قبل أن يخرجهم إلى الدنيا، لا يختلف في هذا من شمله الإسلام، وذاق حلاوة طعم الإيمان، دلَّ على ذلك القرآن والسنة، فنعوذ بالله ممن يكذب بهذا.
فإن قال قائل: بَيِّن لنا ذلك؟
قيل له: أليس خلق الله عز وجل آدم وحواء عليهما السلام، وأسكنهما الجنة؟ وقال عز وجل في سورة البقرة {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا , وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ , فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 35] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ , يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} الْآيَةَ , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ طه {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَ ا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَنْ لَا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكُ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ ص لِإِبْلِيسَ {فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} [الحجر: 34] الْآيَةَ.
فأخرج الله عز وجل آدم وحواء من الجنة، ثم تاب عليهما ووعدهما أن يردهما إلى الجنة، ولعن إبليس وأخرجه من الجنة وآيسه من الرجوع إلى الجنة). (صـ 348 - 349).

أبو البراء محمد علاوة
2015-11-01, 01:37 PM
99 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أن أهل الجنة خالدين فيها أبدًا وكذا أهل النار-: (بيان هذا في كتاب الله عز وجل، وفي سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى في سورة النساء: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ , خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا , لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطْهَّرَةٌ , وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء: 57] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ , خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا , وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا , وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ , لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119] الْآيَةَ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ , أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ , وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [التوبة: 20] إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 172] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: { وَالسَّابِقونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [التوبة: 100] الْآيَةَ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّإِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ , لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 48] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا , خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} [الكهف: 107] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة: 27] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ التَّغَابُنِ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التغابن: 9] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ لَمْ يَكُنْ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ , جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [البينة: 7] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ...

وقال أيضًا -رحمه الله-: (ولهذا في القرآن نظائر كثيرة تخبر أن المتقين في الجنة خالدين آمنين لا يذوقون فيها الموت أبدًا، ولا يخرجون من الجنة أبدًا، قال الله عز وجل: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ , فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ , يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسِ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ} [الدخان: 51] إِلَى قَوْلِهِ {وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [الدخان: 56].

وقال أيضًا -رحمه الله-: (وقد ذكر الله تعالى في كتابه أن أهل النار الذين هم أهلها، يخلدون فيها أبدًا، قال الله عز وجل في سورة النساء: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ , وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا , إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 168] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} [الأحزاب: 64] إِلَى أَخِرِ الْآيَةِ ,وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} [فاطر: 36] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْجَاثِيَةِ: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا: أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُ مْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ} [الجاثية: 31] إِلَى قَوْلِهِ {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [الجاثية: 34] إِلَى قَوْلِهِ {مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } [الجاثية: 35]

قَالَ أيضًا -رحمه الله-: (فالقرآن شاهد: أن أهل الجنة خالدون فيها أبدًا في جوار الله عز وجل في النعيم يتقلبون، قال الله عز وجل: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ , لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ , وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: 32] الْآيَةَ. وَأَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ أَبَدًا {لَا يُفَتَّرُعَنْهُ مْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزخرف: 75]. (صـ 357 - 359).

أم علي طويلبة علم
2015-11-11, 10:49 PM
نستأذن في نشر بعض مشاركاتكم في هذا الموضوع، بارك الله فيكم ؟

أبو البراء محمد علاوة
2015-11-11, 10:54 PM
نستأذن في نشر بعض مشاركاتكم في هذا الموضوع، بارك الله فيكم ؟

نعم على الرحب والسعة، ونسألكم الدعاء.

أبو البراء محمد علاوة
2015-11-12, 01:28 PM
100 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا فوائد معرفة فضائل النبي صلى الله عليه وسلم-: (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله على كل حال، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم.
أما بعد: فإنه مما ينبغي لنا أن نبينه للمسلمين من شريعة الحق التي ندبهم الله عز وجل إليها وأمرهم بالتمسك بها، وحذرهم الفرقة في دينهم وأمرهم بلزوم الجماعة وأمرهم بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإني أبيِّن لهم فضل نبيهم صلى الله عليه وسلم ليعلموا قدر ما خصهم الله عز وجل به إذ جعلهم من أمته ليشكروا الله على ذلك.
قال الله عز وجل: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا , وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ , وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ , وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]

قال أيضًا: (قبيح بالمسلمين أن يجهلوا معرفة فضائل نبيهم صلى الله عليه وسلم، وما خصه الله عز وجل به من الكرامات والشرف في الدنيا والآخرة، وقد رسمت في هذه أربعة أجزاء مختصرة حسنة جميلة، مما خص الله عز وجل به النبي صلى الله عليه وسلم حالًا بعد حال، وقد أحببت أن أذكر في هذا الكتاب الذي وسمته بكتاب الشريعة من فضائل نبينا صلى الله عليه وسلم ما لا ينبغي للمسلمين جهله، بل يزيدهم علمًا وفضلًا وشكرًا لمولاهم الكريم، والله الموفق لما قصدت له، والمعين عليه إن شاء الله). (صـ 361 - 362).

أبو البراء محمد علاوة
2015-11-12, 01:46 PM
101 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا ما وصف الله به نبيه في القرآن-: (اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الله جل ذكره شرف نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بأعلى الشرف، ونعته بأحسن النعت ووصفه بأجمل الصفة وأقامه في أعلى الرتب أخبرنا مولانا الكريم: أنه بعثه بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا فقال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا , وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا , وَبِشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 46] وقال عز وجل: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا , وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24] (صـ 362).

أبو البراء محمد علاوة
2015-11-12, 01:58 PM
102 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أن نبينا دعوة إبراهيم وإسماعيل وبشرى عيسى-: (فاستجاب الله عز وجل لإبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام واختص من ذريتهما من أحب وهو محمد صلى الله عليه وسلم من أشرف قريش نسبًا وأعلاها قدرًا وأكرمها بيتًا وأفضلها عنده فبعثه بشيرًا ونذيرًا، وقال عز وجل: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ , مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ , وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6] فأثبت الله عز وجل على النصارى الحجة ببشارة عيسى عليه الصلاة والسلام لهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم إن الله عز , وجل ذكره: أخبر عن أهل الكتابين اليهود والنصارى أنهم يجدون صفة محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل , وأنه نبي , وأوجب عليهم اتباعه ونصرته , فقال جل ذكره: {عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ , فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ , وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتُ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ , وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} [الأعراف: 156] إلى قوله {الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5] وقال عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ , قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ , قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15] إلى قوله {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142] وقال عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ , فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ ونَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: 19] (صـ 362 - 363).

أبو البراء محمد علاوة
2016-02-02, 08:39 AM
103 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا وجوب قبول دعوة النبي صلى الله عليه وسلم على جميع الخلق-: (فقطع الله عز وجل حجج أهل الكتابين بما أخبر من صفته في كتبهم.
وأن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو النور، وهو الحق، وإنه يخرجهم من الظلمات إلى النور، وأنه يهديهم إلى صراط مستقيم.
ثم أخبر الله عز وجل: أن الذي يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق وهو الصراط المستقيم، فأوجب على الخلق: الإنس والجن قبوله، وأخبر عن الجن لما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمره الله عز وجل أن يبلغهم، عرفوا أنه الحق، فأمنوا وصدقوا واتبعوه فقال جل ذكره: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ} [الأحقاف: 29] الآية
ثم قال عز وجل: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المؤمنون: 73]
ثم أخبر عز وجل: أنه يظهر نبيه صلى الله عليه وسلم على كل دين خالفه، فقال جل وعز: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]
ثم أخبر الله عز وجل: أنه لا يتم لأحد الإيمان بالله عز وجل وحده، حتى يؤمن بالله ورسوله، ثم أخبر أنه من لم يؤمن بالله ورسوله: لم يصح له الإيمان، فقال جل ذكره: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ , إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَ كَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}[النور: 62] الآية
وقال عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ , ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهَ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15]
وقال عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا}[الفتح: 13]
وقال عز وجل: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا , وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [التغابن: 8]
وقال عز وجل: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}[الحديد: 7] إلى قوله {وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الحديد: 8]
وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِينَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ , وَمَنْ يُكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرَسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 136] (صـ 363 - 364).

أبو البراء محمد علاوة
2016-02-02, 08:42 AM
104 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا علامة محبة الله-: (ثم أعلمنا مولانا الكريم: أن علامة صحة من ادعى محبة الله تعالى: أن يكون محبًا لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم متبعا له، وإلا لم تصح له المحبة لله عز وجل قال الله عز وجل:{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ , وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوه َا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ , وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ , وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]
فجعل الله عز وجل محبة رسوله واتباعه علمًا ودليلًا لصحة محبتهم له، مع اتباعهم رسوله فيما جاء به وأمر به، ونهى عنه). (صـ 364).

أبو البراء محمد علاوة
2016-02-02, 09:02 AM
105 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أن من كفر بنبينا محمد صلى الله عليه وسله فقد كفر بالله-: (ثم أخبر عز وجل أنه من كفر برسوله كمن كفر بالله، ومن كذب رسوله فقد كذب الله عز وجل، فقال الله عز وجل في قصة المنافقين:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا , وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ , إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84]
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ , وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة: 90] إلى آخر الآية. (صـ 364).

أبو البراء محمد علاوة
2016-02-02, 09:07 AM
106 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أن المؤمنين لا يرعبون بأنفسهم عن نفس رسوله-: (ثم إن الله عز وجل أمر المؤمنين أن لا يرغبوا بأنفسهم عن نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد معه، والصبر معه على كل مكروه يلحقهم، فقال الله عز وجل:{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوِّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120] (صـ 364).

أبو البراء محمد علاوة
2016-02-02, 09:08 AM
107 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أن الله أقام نبيه مقام البيان عنه-: (ثم إن الله عز وجل أقام نبيه صلى الله عليه وسلم مقام البيان عنه، فقال عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]
فكان مما بينه لأمته: أن الله عز وجل أوجب عليهم الطهارة والصلاة في كتابه، ولم يخبره بأوقات الصلاة، ولا بعدد الركوع، ولا بعدد السجود، ولابما يجوز من القراءة فيها وما تحريمها؟ وما تحليلها؟ ولا كثير من أحكامها، فبيَّن صلى الله عليه وسلم مراد الله عز وجل من ذلك، وكذلك أوجب الزكاة في كتابه، ولم يبيَّن: كم في الوَرِقِ؟ ولا كم في الذهب؟ ولا كم في الغنم؟ ولا كم في الإبل؟ ولا كم في البقر؟ ولا كم في الزرع والثمر؟
فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم مراد الله عز وجل من ذلك، وكذلك الصيام بين ما يحل فيه للصائم، وما يحرم عليه فيه، وكذلك فرض الله عز وجل الحج على عباده على من استطاع إليه سبيلًا، ولم يخبر عز وجل كيف الإهلال بالحج؟ ولا ما يلزم المحرم من كثير من الأحكام؟
فبينه صلى الله عليه وسلم حالًا بعد حال، وكذلك أحكام الجهاد، وكذلك أحكام البيع والشراء وكذلك حرم الله عز وجل الربا على المسلمين وتوعدهم عليه بعظيم من العقاب ولم يبين لهم في الكتاب: كيف الربا؟ فبينه لهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا في كثير من الأحكام، مما يطول شرحه، لم يعقل ما في الكتاب إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم، زيادة من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم، فيما أعطاه من الفضائل التي شرفه بها). (صـ 364 - 365).

أبو البراء محمد علاوة
2016-03-17, 09:19 PM
108 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أهيمة الاقتداء بالصحابة-: (فلو فعل إنسان فعلًا كان له فيه قدوة بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على الطريق المستقيم، ومن فعل فعلًا يخالف فيه الصحابة فنعوذ بالله منه ما أسوأ حاله). (صـ 482).

أبو البراء محمد علاوة
2016-03-17, 09:27 PM
109 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا تشريف الله لنبيه صلى الله عليه وسلم-: (ألا ترون رحمكم الله كيف شرف الله عز وجل نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم في كل حال؟ يزيده شرفًا إلى شرف في الدنيا والآخرة.
ثم اعلموا يا أمة محمد يا مؤمنين أن الله عز وجل أوجب على جميع الخلق أن يعظموا قدر نبيه صلى الله عليه وسلم بالتوقير له والتعظيم، ولا يرفعوا أصواتهم فوق صوته، ولا يجهروا عليه في المخاطبة، كجهر بعضهم لبعض؛ بل يخفضوا أصواتهم عند صوته، كل ذلك إجلالًا له.
وأعلمهم أنه من خالف ما أمر الله به من التعظيم لرسولي: أنى أحبط عمله وهو لا يشعر فقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ , وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 1]
ثم وعد جل وعز من قبل من الله عز وجل ما أمره به في رسوله: من خفض الصوت والوقار له: المغفرة مع الأجر العظيم، فقال جل ذكره: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات: 3] ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكِمْ بَعْضًا} [النور: 63] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] الْآيَةَ.
كل ذلك يحذر عباده مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم يعظم به قدره عندهم). (صـ 366 - 367).

أبو البراء محمد علاوة
2016-03-17, 09:36 PM
110 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا صيانة صلب النبي صلى الله عليه وسلم من نكاح الجاهلية-: (اعلموا -رحمنا الله وإياكم- أن النكاح كان في الجاهلية على أنواع غير محمودة إلا نكاحًا واحدًا، نكاح صحيح: وهو هذا النكاح الذي سَنَّهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، يخطب الرجل إلى الرجل وليته فيزوجه على الصداق وبالشهود، فرفع الله عز وجل قدر نبينا صلى الله عليه وسلم وصانه عن نكاح الجاهلية، ونقله في الأصلاب الطاهرات بالنكاح الصحيح، من لدن آدم بنقله في أصلاب الأنبياء وأولاد الأنبياء، حتى أخرجه بالنكاح الصحيح صلى الله عليه وسلم). (صـ 373 - 374).

أبو البراء محمد علاوة
2016-03-17, 09:46 PM
111 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا حفظ الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- حتى مبعثه-: (اعلموا -رحمنا الله وإياكم- أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يزل نبيًا من قبل خلق آدم عليه الصلاة والسلام يتقلب في أصلاب الأنبياء، وأبناء الأنبياء بالنكاح الصحيح حتى أخرجه الله تعالى من بطن أمه، يحفظه مولاه الكريم ويكلؤه ويحوطه إلى أن بلغ، وبغض الله عز وجل إليه أوثان قريش، وما كانوا عليه من الكفر، ولم يعلمه مولاه الشعر، ولا شيئًا من أخلاق الجاهلية بل ألهمه مولاه عبادته وحده لا شريك له، ليس للشيطان عليه سبيل، يتعبد لمولاه الكريم خالصًا، حتى نزل عليه الوحي، وأمر بالرسالة، وبعث إلى الخلق كافة، إلى الإنس والجن، بعث على رأس أربعين سنة من مولده، أقام بمكة عشرًا يدعوهم إلى الله عز وجل، يؤذونه فيصبر، ويجهلون عليه فيحلم، ثم أذن الله عز وجل له في الهجرة إلى المدينة، فهاجر إليها، فأقام بها عشرًا، وتوفي بعد الستين صلى الله عليه وسلم). (صـ 380 - 381).

قلت: (أبو البراء): قوله: (أقام بمكة عشرًا)، يعني سنوات الدعوة الجهرية.

أبو البراء محمد علاوة
2016-03-17, 10:30 PM
112 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا غريب ألفاظ حديث ابن أبي هالة في وصف خُلق النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وأنا أبيِّن من غريب حديث أبي هالة، الذي ذكرناه على ما بينه من تقدم من العلماء مثل: أبي عبيد، وغيره، فإنه علم حسن لأهل العلم وغيرهم.
قوله في أول الحديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم , فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر): معناه: عظيمًا معظمًا، يقال: فخم بين الفخامة ويقال: أتينا فلانًا ففخمناه، أي عظمناه ورفعنا من شأنه وقال الشاعر:
نحمد مولانا الأجل الأفخما

وقوله: (أقصر من المشذب): المشذب: الطويل البائن، وأصل التشذيب التفريق يقال: شذبت المال إذا فرقته، فكان المفرط الطويل خلقه ولم يجمع، يريد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مفرط الطول؛ ولكنه بين الربعة وبين المشذب.
وقوله: (إن انفرقت عقيقته فرق): يريد شعره، يريد أنه كان لا يفرق شعره إلا أن يفترق الشعر من قبله، ويقال: كان هذا في أول الإسلام، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (أزهر اللون): يريد أبيض اللون مشرقًا، مثل قولهم: سراج يزهر، أي يضيء، ومنه سميت الزهرة لشدة ضوئها، فأما الأبيض غير المشرق فهو الأمهق.
وقوله: (أزج الحواجب): يعني طول الحاجبين ودقتهما، وسبوغهما إلى مؤخر العينين ثم وصف الحواجب فقال: سوابغ في غير قرن، والقرن أن يطول الحاجبان حتى يلتقي طرفاهما، قال الأصمعي: كانت العرب تكره القرن، ويستحب البلج، والبلج أن ينقطع الحاجبان فيكون ما بينهما نقيا.
وقوله: (أقنى العرنين): يعني المعطس وهو المرسن والقنا فيه، طوله ودقة أرنبته وحدب في وسطه.
وقوله: (يحسبه من لم يتأمله أشم): يعني ارتفاع القصبة وحسنها واستواء أعلاها، وإشراف الأرنبة قليلًا، يقول: يحسن قنا أنفه اعتدال يحسبه قبل التأمل أشمه.
وقوله: (ضليع الفم): يعني عظيمه، يقال: ضليع بين الضلاعة، ومنه قول الجني لعمر رضي الله عنه إني منهم لضليع، وكانت العرب تحمد ذلك وتذم صغر الفم.
قوله: (دقيق المسربة): والمسربة الشعر المسترق ما بين اللبة إلى السرة قوله: كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة: يعني الجيد العنق، والدمية الصورة وشبهها في بياضها بالفضة.
وقوله: (بادن متماسك): والبادن: الضخم، يقال: بدن الرجل، وبدن بالتشديد إذا أسن، ومعنى قوله: (متماسك): يريد أنه مع بدانته متماسك اللحم، ليس بمسترخيه.
وقوله: (سواء البطن والصدر): يعني أن بطنه غير مستفيض فهو مساو لصدره وأن صدره عريض فهو مساو لبطنه.
وقوله: (ضخم الكراديس): يعني الأعضاء هو في وصف علي رضي الله عنه له أنه كان جليل المشاش أي عظيم رءوس العظام مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين.
وقوله: (أنور المتجرد): يعني ما جرد عنه الثوب من بدنه، وهو أنور من النور، يريد شدة بياضه.
وقوله: (طويل الزندين): والزند من الذراع ما انحسر عنه اللحم، وللزند رأسان: الكوع والكرسوع، فالكرسوع رأس الزند الذي يلي الخنصر، والكوع رأس الزند الذي يلي الإبهام، يقال عن الحسن البصري: أنه كان عريض زنده شبرًا.
وقوله: (رحب الراحة): يريد أنه واسع الراحة، وكانت العرب تحمد ذلك وتمدح به وتذم صغر الكف وضيق الراحة.
قوله: (شثن الكفين والقدمين): يعني أنهما إلى الغلظ والقصر.
قوله: (سائل الأطراف): يعني الأصابع أنها طوال ليست بمتعقدة ولا منقبضة.
وقوله: (خمصان الأخمصين): يعني الأخمص في القدم من تحتها وهو ما ارتفع عن الأرض في وسطها، أراد بقوله خمصان الأخمصين أن ذلك منهما مرتفع، وأنه ليس بأرح والأرح هو الذي يستوي باطن قدمه حتى يمس جميعه الأرض، ويقال للمرأة الضامرة البطن خمصانة.
قوله: (مسيح القدمين): يعني أنه ممسوح القدمين فالماء إذا صُبَّ عليهما مَرَّ عليهما مرًا سريعًا لاستوائهما.
قوله: (إذا زال زال تقلعًا): هو بمنزلة ما وصف علي رضي الله عنه إذا مشى تقلع.
وقوله: (يخطو تكفؤا ويمشي هونًا): يعني أنه يمتد إذا خطا، ويمشي في رفق غير مختال، لا يضرب غطفًا، والهون بفتح الهاء الرفق قال الله عز وجل: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} [الفرقان: 63] فإذا ضممت الهاء فهو الهوان قال الله عز وجل: {عذاب الهون} [الأنعام: 93]
قوله: (ذريع المشية): يريد أنه مع هذا المشي سريع المشية، يقال: فرس ذريع بين الذراعة، إذا كان سريعًا، وامرأة تذراع إذا كانت سريعة الغزل.
قوله: (إذا مشى كأنما ينحط من صبب): معنى الصب الانحدار.
قال محمد بن الحسين -رحمه الله-: فهذه صفات خلقه. (صـ 413 - 416).

أبو البراء محمد علاوة
2016-03-17, 10:44 PM
113 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا غريب ألفاظ حديث ابن أبي هالة في وصف أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وأما صفات أخلاقه صلى الله عليه وسلم:
قوله: (يسوق أصحابه): يريد أنه إذا مشى مع أصحابه قدمهم بين يديه ومشى وراءهم، وفي حديث آخر: (يبسر أصحابه): والبسر السوق.
قوله: (دمثًا): والدمث من الرجال السهل اللين.
قوله: (ليس بالجافي ولا المهين): يريد أنه لا يحقر الناس ولا يهينهم وليس بالجافي الغليظ الفظ ولا الحقير الضعيف.
قوله: (يعظم النعمة وإن دقت): يقول: إنه لا يستصغر شيئًا أوتيه، وإن كان صغيرًا، ولا يحقره.
وقوله: (ولا يذم ذواقًا ولا يمدحه): يعني أنه كان لا يصف الطعام بطيب ولا فساد إن كان فيه.
وقوله: (إذا غضب أعرض وأشاح): معنى أعرض عدل بوجهه وذلك فعل الحذر من الشيء والكاره للأمر، وأشاح، الإشاحة تكون بمعنيين: أحدهما الجد في الأمر والإعراض بالوجه، يقال: أشاح إذا عدل بوجهه وهذا معنى الحرف في هذا ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة)، ثم أعرض وأشاح، أي عدل بوجهه وذلك فعل الحذر من الشيء والكاره الأمر.
وقوله: (يفتر): أي يبتسم، ومنه يقال: فررت الدابة إذا نظرت إلى سنها.
وقوله: (عن مثل حب الغمام): يعني: البرد شبه ثغره به، والغمام السحاب.
وقوله: (في دخوله): جزأ جزأه بينه وبين الناس: ويرد ذلك بالخاصة على العامة: يعني أن العامة كانت لا تصل إليه في منزله كل وقت؛ ولكنه كان يوصل إليها حقها من ذلك الجزء بالخاصة التي تصل إليه، فتوصله إلى العامة.
وقوله: (يدخلون روادًا): هو جمع رائد، والرائد أصله الذي يبعث به القوم يطلب لهم الكلأ ومساقط الغيث ولم يرد الكلأ في هذا الموضع؛ ولكنه ضربه مثلًا لما يلتمسون عنده من العلم والنفع في دينهم ودنياهم.
وقوله: (لا يتفرقون إلا عن ذواق): الذواق أصله الطعم، ولم يرد الطعم ها هنا؛ ولكنه ضربه مثلًا لما ينالونه عنده من الخير.
وقوله: (يخرجون أدلة): يعني يخرجون من عنده بما قد تعلموه، فيدلون عليه الناس وينبئونهم به وهو جمع دليل، مثل: شحيح وأشحة، وسرير وأسرة.
وقوله: (وذكر مجلسه): لا تؤبن فيه الحرم: يعني لا تقذف فيه، يقال: أبنته بكذا من الشر، إذا رميته ومنه حديث الإفك: أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي بمن والله ما علمت عليه من سوء قط ومنه رجل مأبون أي: معروف بخلة سوء رمي بها.
وقوله: (ولا تثنى فلتاته): يعني أي لا يتحدث بهفوة أو زلة إن كانت في مجلسه من بعض القوم، ومنه يقال: ثنوت الحديث إذا أذعته، والفلتات جمع فلتة وهى ها هنا الزلة والسقطة.
وقوله: (إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأن على رءوسهم الطير): يعني أنهم يسكنون، فلا يتحركون ويغضون أبصارهم، والطير لا تسقط إلا على ساكن، ويقال للرجل إذا كان حليمًا وقورًا: إنه لساكن الطائر.
وقوله: (لا يقبل الثناء إلا عن مكافئ): عنى إذا ابتدئ بمدح كره ذلك فإذا اصطنع معروفًا فأثنى عليه مثنٍ وشكره قبل ثناءه). (صـ 316 - 318).

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-01, 12:06 PM
114 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا ضرورة الإيمان بالحوض-: (عن أنس قال: دخلت على ابن زياد، وهم يتذاكرون الحوض، فلما رأوني طلعت عليهم، قالوا: قد جاءكم أنس فقالوا: يا أنس ما تقول في الحوض؟ فقلت: (والله ما شعرت أني أعيش حتى أرى أمثالكم تشكون في الحوض , لقد تركت عجائز بالمدينة , ما تصلي واحدة منهن صلاة إلا سألت ربها عز وجل أن يوردها حوض محمد صلى الله عليه وسلم). صححه الألباني في تخريج السنة: (صـ 689).

قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى: ألا ترون إلى أنس بن مالك رحمه الله يتعجب ممن يشك في الحوض إذ كان عنده أن الحوض مما يؤمن به الخاصة والعامة حتى إن العجائز يسألنَّ الله عز وجل أن يسقيهنَّ من حوضه صلى الله عليه وسلم فنعوذ بالله ممن لا يؤمن بالحوض، ويكذب به، وفيما ذكرناه من التصديق بالحوض الذي أعطاه الله عز وجل نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم كفاية عن الإكثار). (صـ 324).

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-01, 12:18 PM
115 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا تحذير النبي صلى الله عليه أمته الدجال-: (فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الدجال، وعَلَّمَ أمته أن يستعيذوا بالله من فتنة الدجال.
فينبغي للمسلمين أن يستعيذوا بالله العظيم منه وقد حذَّر أمته في غير حديث الدجال، ووصفه لهم.
فينبغي للمسلمين أن يحذروه ويستعيذوا بالله من زمان يخرج فيه الدجال.
فينبغي للمسلمين أن يحذروه ويستعيذوا بالله من زمان يخرج فيه الدجال؛ فإنه زمان صعب، أعاذنا الله وإياكم منه.
وقد روي أنه قد خُلِقَ، وهو في الدنيا موثق بالحديد إلى الوقت الذي يأذن الله عز وجل بخروجه). (صـ 337).

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-01, 12:26 PM
116 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أعمال عيسى عليه السلام بعد نزوله-: (والذين يقاتلون مع عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام: أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والذين يقاتلون عيسى: اليهود مع الدجال، فيقتل عيسى الدجال، ويقتل المسلمون اليهود، ثم يموت عيسى عليه السلام، ويصلي عليه المسلمون، ويدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما). (صـ 342).

قلت: (أبو البراء): لم يثبت في حديث صحيح أن عيسى يدفن بجوار النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه؛ بل لم يثبت في حديث صريح أنه يدخل المدينة، والله أعلم.

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-01, 12:39 PM
117 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا خلق الجنة والنار قبل خلق آدم-: (اعلموا رحمنا الله وإياكم أن القرآن شاهد أن الله عز وجل خلق الجنة والنار قبل أن يخلق آدم عليه الصلاة والسلام، وخلق للجنة أهلًا، وللنار أهلًا، قبل أن يخرجهم إلى الدنيا، لا يختلف في هذا من شمله الإسلام، وذاق حلاوة طعم الإيمان، دلَّ على ذلك القرآن والسنة. فنعوذ بالله ممن يكذب بهذا.
فإن قال قائل: بيِّن لنا ذلك؟
قيل له: أليس خلق الله عز وجل آدم وحواء عليهما السلام، وأسكنهما الجنة؟ وقال عز وجل في سورة البقرة {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا، وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ، فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 35]
وقال عز وجل في سورة الأعراف: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ , يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} الآية
وقال عز وجل في سورة طه: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَ ا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَنْ لَا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكُ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}
وقال عز وجل في سورة ص لإبليس: {فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} [الحجر: 34] الآية.
فأخرج الله عز وجل آدم وحواء من الجنة، ثم تاب عليهما، ووعدهما أن يردهما إلى الجنة، ولعن إبليس وأخرجه من الجنة، وأيسه من الرجوع إلى الجنة). (صـ 348 - 349).

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-17, 01:42 PM
118 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا وجود الجنة بدخول النبي صلى الله عليه وسلم إياها-: (قد تقدم ذكرنا في الباب الذي مضى مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (اطلعت في الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار، فرأيت أكثر أهلها النساء)، وسنذكر في هذا الباب مالا يجهله العلماء بالحديث أنه الحق). (صـ 355).

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-17, 01:49 PM
119 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا أن أهل الإيمان في الجنة خالدون أبدًا، وأهل الكفر والنفاق في النار خالدون أبدًا-: (فالقرآن شاهد: أن أهل الجنة خالدون فيها أبدًا في جوار الله عز وجل، في النعيم يتقلبون، قال الله عز وجل:{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ، لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ، وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: 32] الْآيَةَ.
وأهل النار الذين هم أهلها في العذاب الشديد أبدًا {لَا يُفَتَّرُعَنْهُ مْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزخرف: 75]). (صـ 358 - 359).

أبو البراء محمد علاوة
2016-05-17, 01:57 PM
120 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا قُبْح من يجهل فضل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما خصه الله به-: (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله على كل حال، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم، أما بعد:
فإنه مما ينبغي لنا أن نبينه للمسلمين من شريعة الحق التي ندَبهم الله عز وجل إليها وأمرهم بالتمسك بها وحذَّرهم الفرقة في دينهم، وأمرهم بلزوم الجماعة، وأمرهم بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإني أُبيِّن لهم فضل نبيهم صلى الله عليه وسلم، ليعلموا قدر ما خصهم الله عز وجل به إذ جعلهم من أمته ليشكروا الله على ذلك. قال الله عز وجل: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا , وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ , وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَفَاذ ْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ , وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]
قبيح بالمسلمين أن يجهلوا معرفة فضائل نبيهم صلى الله عليه وسلم، وما خصه الله عز وجل به من الكرامات والشرف في الدنيا والآخرة). (صـ 361).

أبو البراء محمد علاوة
2017-01-26, 05:05 PM
المختار في السنة على سياق الشريعة للآجري لابن البنا (http://majles.alukah.net/t158988/)تحقيق: الدكتورعبد الرزاق عبد المحسن البدر