المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشكال في تفريق شيخ الإسلام بين النبي والرسول



أبو عبدالرحمن بن ناصر
2007-03-10, 10:38 AM
قال شيخ الإسلام في النبوات (2/714) ( فالنبي هو الذي ينبئه الله ، وهو ينبيء بما أنبأ الله به ، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه ، فهو رسول وأما إذا كان يعمل بشريعة من قبله ولم يرسل إلى أحد يبلغه عن الله رسالة ، فهو نبي ))


وقال (2/718) : ( فقوله ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ))(الحج: من الآية52) دليل على أن النبي مرسل ، ولا يسمى رسولا عند الإطلاق ، لأنه لم يرسل إلى قوم بما لا يعرفونه ، بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حق ، كالعالم ، ولهذا قال النبي(ص) (( العلماء ورثة الأنبياء )) وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة ،
فإن يوسف كان على ملة إبراهيم ، وداود وسليمان كانا رسولين ، وكانا على شريعة التوارة )

فكلام ابن تيمية أن الرسول يرسل إلى من خالف أمر الله وهم الكفار ، وهذا يشكل عليه أن داود وسليمان رسل ، وأرسلوا إلى بني إسرائيل

وأيضا قال أنه ليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة ، بل قد يعمل الرسول بالشريعة السابقة كيوسف وداود وسليمان ، إذا ما هو الفرق بين النبي والرسول

تنبيه استدل ابن تيمية على أن داود وسليمان رسل بقوله تعالى : (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً) (النساء:164)

وسم المعاني
2007-03-10, 11:59 AM
قرأت بحثاً مطولاً في الفرق بينهما ...
خرجت بنتيجة وهي أنه لا فرق بين الرسول والنبي , والتفريق لايوجد دليل يصح عليه .
اختلفت المسميات والمعنى واحد , مثل : الإيمان والإسلام , والقضاء والقدر, والله أعلم.

وسم المعاني
2007-03-10, 12:41 PM
هذا مصدر البحث :


http://www.alshreef.com/abooksmain.html


الإيمان بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام

و بيان ضعف حديث أبي ذر في حصر عددهم و التفريق بين الأنبياء والرسل


الأنبياء هم بشر اصطفاهم الله لحمل نبوته و تبليغ رسالته . فهو يوحي إليهم من أمره ما يشاء ، ثم يقومون بإبلاغ ما أوحي إليهم من ربهم ، و لا يكتمون الله حديثا ، يقول الله سبحانه:
( يا أيها الرسل بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته ) .

فكلهم ممن أوحي إليهم بشرع ، و أمروا بتبليغه ، يقول الله سبحانه : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس و لا تكتمونه ) .

و الأنبياء ، هم رؤوس من أوتوا الكتاب ، و أخذ منهم العهد و الميثاق في البيان و عدم الكتمان .

فالأنبياء هم الرسل ، و الرسل هم الأنبياء ، تنوع الاسم ، و المسمى واحد . قال الله سبحانه : ( رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) ، و قال: ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين و أنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ) . فأمر الله النبيين بما أمر به المرسلين .

و أما التعريف بقولهم : إن الرسول ، هو من أوحي إليه بشرع ، و أمر بتبليغه ، و النبي: هو من أوحي إليه بشرع ، و لم يؤمر بتبليغه . فهذا يعد من الخطأ المتناقل ، الذي انتشر
واشتهر على ألسنة الناس ، و في عقائدهم في كل بلد ، و حتى التبس الأمر فيه على العلماء الكبار ، فظنوه حقا ، و هو لا صحة له ، إذ لا يوجد نبي أوحي إليه بشرع من الأمر ، و النهي،
والفرائض ، و الأحكام ، و الحلال ، و الحرام ، ثم يصر على كتمانه ، و عدم بيانه لكون هذا ينافي مقتضى الرسالة ، و الأمانة ، فكلهم مكلفون بنشر الدعوة و تبليغ الرسالة .

و أول من رأيناه تكلم بهذا التفريق بين النبي و الرسول ، هو الإمام النووي . فتلقاه الناس عنه ، و هو إنما أخذه من الحديث الموضوع المنسوب إلى أبي ذر في التفريق بين الأنبياء
والرسل ، و سيأتي الكلام على بيانه بما يقتضي بطلانه .

و ليست هذه بأول غلطة دخلت في عقائد الناس ، و تناقلوه من جراء سوء الأحاديث الموضوعة ، التي عملت التأثير في الأمة ، في إدخال البدع ، و تغيير السنن ، إذ تأبى حكمة الله و حكمة بعثته لأنبيائه ، أن يكون فيهم من أوحي بشرع و لم يؤمر بتبليغه .

يقول الله سبحانه : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح و النبيين من بعده و أوحينا إلى إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و الأسباط و عيسى و أيوب و يونس و هارون و سليمان وآتينا داود زبورا . و رسلا قد قصصناهم عليك من قبل و رسلا لم نقصصهم عليك و كلم الله موسى تكليما . رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل و كان الله عزيزا حكيما ) فذكرهم أولا باسم النبيين ، ثم ذكرهم في آخر الآيات باسم الرسل . و المعنى واحد ، كما أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم نبي رسول ، يخاطبه القرآن بقوله: ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا . و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا ) ، و بقوله:
( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته ) .

و قد وصف الله الأنبياء رسالة ربهم ، فقال سبحانه : ( و ما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء و الضراء لعلهم يضرعون ) .

و قال : ( و كم أرسلنا من نبي في الأولين ) ، و » و كم « يؤتي بها للتكثير ، أي عدد كثير . و قال : ( و ما أرسلناك من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته و الله عليم حكيم ) ، فسماهم ــ سبحانه ــ مبشرين
ومنذرين ، كما سماهم مرسلين . فهذه الآيات ، لا تبقى مجالا للجدل . و كيف يتلاءم صفة النبي الذي أوحي إليه بشرع و لم يؤمر بتبليغه ، مع الوعيد الشديد على كتمان العلم ، و عدم بيانه ، في قوله: ( و إذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس و لا تكتمونه ) .

و قال: ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم ) .

والله سبحانه قد سمى محمدا رسولا منذ نزل عليه الوحي بغار حراء في قوله: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ و ربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم ) ، فهذه السورة ليس فيها الأمر بالتبليغ و الدعوة ، لكن الله سماه رسولا منذ أنزلها عليه ، فقال سبحانه : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم
ويعلمهم الكتاب و الحكمة و إن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) . و في الآية الأخرى : ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب
والحكمة و إن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) .

فالبعثة هي ابتداء النبوة و الرسالة ، و هي ابتداء نزول القرآن عليه ، فمنذ نبئ باقرأ
وهو رسول . فالفضل كل الفضل ، هو في البعثة ــ أي ابتداء النبوة بابتداء نزول القرآن عليه
وبينها و بين المولد أربعون سنة ، فقولهم : إنه نبئ باقرأ ، و أرسل بالمدثر كما قاله ابن كثير ليس بصحيح ، و الصحيح أنه نبئ و أرسل باقرأ و بالمدثر و بجميع القرآن .

و إنما الأمر بالجهر بالدعوة و تبليغ الرسالة بعد نزول ( يا أيها المدثر . قم فأنذر. و ربك فكبر . و ثيابك فطهر . و الرجز ) .

وذلك من بعد الفترة المتخللة لما بين نزول اقرأ ، و نزول المدثر . و قد قيل: إنها أربعون يوما ، و قيل أكثر من ذلك . و قد تمثل له جبريل في أثنائها ، و يقول له: إنك لرسول الله حقا .

فالصحيح : أنه أرسل باقرأ ، كما أرسل بالمدثر ، و بالقرآن كله .

ثم إننا متى بحثنا عن سبب انتشار هذا الاعتقاد بين الناس في التفريق بين الرسول والنبي نجد السبب هو: تأثرهم بالحديث المنسوب لأبي ذر ، و يترجح بمقتضى الدلائل و البراهين أنه حديث موضوع مكذوب على الرسول و على أبي ذر ، و إن كان قد رواه الإمام أحمد في مسنده ورواه ابن حبان في صحيحه ، فقد حقق ابن الجوزي: بأنه موضوع ، و اتهم بوضعه إبراهيم بن هشام . و كذلك ابن كثير ، فقد أشار في التفسير إلى ضعفه قائلا : و لا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح و التعديل ، مع العلم أن لفظه ينم بوضعه ، و نحن نسوق بلفظه ، ثم نعقبه بما يوضح بطلانه ، و نصيحة لله ، و لعباده المؤمنين .

فعن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله ! كم الأنبياء ؟ قال: مائة ألف و أربعة و عشرون ألفا . قلت: يا رسول الله ! كم الرسل منهم ؟ قال : ثلاثمائة و ثلاثة عشر ، جم غفير . قلت: يا رسول الله . من كان أولهم ؟ قال : آدم . قلت : يا رسول الله ! أ نبي مرسل ؟ قال : نعم ، خلقه الله بيده ، ثم نفخ فيه من روحه ، ثم سواه قبيلا . ثم قال : يا أبا ذر ، أربعة سريانيون : آدم ، و شيث ونوح ، و خنوخ ، و هو : إدريس ، و هو أول من خط بالقلم . و أربعة من العرب:هود
وصالح ، و شعيب ، و نبيك يا أبا ذر . و أول نبي من بني إسرائيل موسى ، و آخرهم عيسى
وأول النبيين آدم ، و آخرهم نبيك ، قلت يا رسول الله كم كتابا أنزله الله ؟ مائة كتاب وأربعة كتب أنزل على شيث خمسين صحيفة و أنزل على خنوخ ثلاثين صحيفة و أنزل على إبراهيم عشر صحائف و أنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف و أنزل التوراة و الإنجيل والزبور
والفرقان« و روى هذا الحديث الحافظ أبو حاتم ابن حبان البستي في كتابه » الأنواع
والتقاسيم« و قد وسمه بالصحة ، و خالفه أبو الفرج بن الجوزي ،فذكر هذا الحديث في كتابه
» الموضوعات « و اتهم به إبراهيم بن هشام . هذا و لا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من الأئمة الجرح والتعديل ، من أجل هذا الحديث ، و الله أعلم .

واعلم أن الإيمان بالله تعالى ، و ملائكته ، و كتبه ، و رسله ، و البعث بعد الموت ، هو مما اتفقت على وجوبه جميع الأنبياء .

يقول الله : ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق و المغرب و لكن البر من آمن بالله
واليوم الآخر و الملائكة و الكتاب والنبيين ) .

فالإيمان بجميع الأنبياء ، و تصديقهم في كل ما أخبروا به من أمور الغيب ، و طاعتهم في كل ما أمروا به ، و نهوا عنه ، واجبة .

و لهذا أوجب الله سبحانه بكل ما أوتوا به . قال تعالى : ( قولوا آمنا بالله و ما أنزل إلينا
وما أنزل إلى إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب والأسباط و ما أوتي موسى و عيسى و ما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم و نحن له مسلمون . فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به
فقد اهتدوا و إن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله و هو السميع العليم ) .

و قد اتفق علماء الملة على كفر من كذب نبيا معلوم النبوة ، و كذا من سب نبيا لكون الإيمان واجبا بجميع الأنبياء ، و أن لا نفرق بين أحد منهم . يقول الله سبحانه: ( إن الذين يكفرون بالله و رسله و يريدون أن يفرقوا بين الله و رسله و يقولون نؤمن ببعض و نكفر و يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا . أولئك هم الكافرون حقا و أعتدنا للكافرين عذابا مهينا . و الذين آمنوا بالله و رسله و لم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم و كان الله غفورا رحيما ) .

و هذا التفريق الذي ذمه الله ، بما أنه محمول على الإيمان ببعضهم ، و تكذيب بعضهم ، فإنه أيضا يشمل إثبات الرسالة لبعضهم ، و نفيها عن بعضهم . و الله سبحانه قد فضل بعض الأنبياء على بعض ، فقال سبحانه : ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ) .

أما عددهم : فقد جاء في حديث أبي ذر المذكور ، و قد تكلم عليه الولي العراقي بما يحقق وضعه و بطلانه ، و عدم صحته . ورد على ابن حبان ، جماعة من العلماء الحفاظ ، وانتقدوا عليه إدخال هذا الحديث في صحيحه .

و في كتاب » الإيمان « لشيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ في قول الإمام أحمد ــ رضي الله عنه ــ في الرسل ، و عددهم ، أنه يجب الإيمان بهم في الجملة ، مع الكف عن عددهم لعدم صحة الحديث الوارد فيه .

و ذكر محمد بن نصر المروزي و غيره من أئمة السلف نحو هذا الكلام ، مما يبين أنهم
لم يعلموا عدد الكتب ، و الرسل ، و أن حديث أبي ذر في ذلك لم يثبت عندهم . انتهى ــ كلام شيخ الإسلام .

وحاصل ما تقدم : أنه يجب الإقرار بهم في الجملة ، ثم الكف عن عددهم ، لعدم ثبات ما يدل عليه .

و سنتكلم الآن على حديث أبي ذر ، بما يبين بطلانه و عدم صحته من ظاهر لفظه . فأولا قوله قلت: يا رسول الله . كم الأنبياء ؟ قال مائة ألف و أربعة و عشرون ألفا . قلت كم الرسل منهم ؟ فقال: ثلاثمائة و ثلاثة عشر ، جم غفير .

فهذا العدد بهذه الصفة ، و بهذا التفريق ، يبطله صريح القرآن الكريم في قوله سبحانه:
( و رسلا قد قصصناهم عليك من قبل و رسلا لم نقصصهم عليك و كلم الله موسى تكليما ) و هي مدنية ، فلا يمكن أن تنسخ بمثل هذا الحديث الضعيف .

و منها قوله: ( و لقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك و منهم من لم نقصص عليك ) ، فالاشتعال بعدد الأنبياء ، هو مما يشغل الأذهان و لا يزيد في الإيمان ، و هو صريح لمخالفة ما أبهمه القرآن .

فلو طلبنا من المجادلين بصحة ذلك تسمية ثلاثة أشخاص من الأنبياء ، هم أنبياء ، و ليسوا برسل ، لم يحيطوا علما بمعرفتهم .

ثانيا: قوله في الحديث: » قلت يا رسول الله . من أول الرسل ؟ قال: آدم . قلت: أ نبي مرسل ؟ قال: نعم « .

فهذا أيضا مما يدل على عدم صحة الحديث : لأن القرآن لا يثبت لآدم نبوة و لا رسالة،
وما كان ربك نسيا . و إنما هو أبو البشر ، يذنب فيتوب ، يقول الله : ( و عصى آدم ربه فغوى. ثم اجتباه ربه فتاب عليه و هدى ) .

و أصح ، و أصرح ما ورد في فضله هو قوله سبحانه : ( إن الله اصطفى آدم و نوحا
وآل إبراهيم و آل عمران على العالمين ) ، و ليس فيها ما يدل على نبوته بالصراحة ، لكون الاصطفاء افتعال من الصفوة ، و لا يلزم أن تكون نبوة . يقول الله تعالى: ( و إذ قالت الملائكة
يا مريم إن الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساء العالمين ) .

و من المعلوم أن مريم ليست بنبية ، و إنما هي امرأة صالحة من صفوة نساء العالمين .
والصحيح أن أول الرسل نوح ، و آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم و حتى آدم نفسه يعترف بأن أول الرسل نوح ، كما في حديث الشفاعة الذي رواه أنس ، و أنه يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيلهمون ذلك ، فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا ، فأراحنا من مكاننا هذا ، فيأتون آدم ، فيقولون: يا آدم . أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، و أسجد لك ملائكته ، و علمك أسماء كل شيء . فاشفع لنا إلى ربك ، حتى يريحنا من مكاننا هذا . فيقول لهم آدم : لست هنا كم ، و يذكر ذنبه الذي أصاب ، فيستحي من ربه ــ عز و جل ــ و يقول : و لكن ائتوا نوحا ، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض . رواه البخاري . و هذا الحديث قاطع للنزاع ، و يعيد الخلاف إلى مواقع الإجماع .

ثم إن القائلين بنبوة آدم ، ليس عندهم دليل سوى محض الظن و التخمين ، يقولون: إنه لا يمكن أن يبقى آدم و ذريته في حياتهم بدون وحي ينظم أحوالهم و يبين لهم فرائضهم ، و أحكامهم ويستدلون بقوله سبحانه : ( و علم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة ) . و هذا التعليم،
وهذا العرض إنما هو للأرواح قبل خلق آدم ، فلا حجة فيه ، و لن ننسي في هذا الحديث الوارد في عرض الأرواح على ضعفه ، و هو أن الله سبحانه عرض على آدم ذريته كالذر ، فرأى رجلا هو أضوأهم ، قال : يا رب ، من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود . قال : يا رب ، كم عمره ؟ قال: ستون سنة . قال : يا رب زده من عمري أربعين سنة . ثم إنها مضت الأيام و الليالي ، فلما انتهى عمر آدم . إنك استعجلت علي و إنني أعد الأيام و الليالي ، وقد بقى من عمري أربعون سنة . فقال : إن وهبتها لابنك داود ، فجحد أن يكون وهبها له . قال : فجحد آدم ، و جحدت ذريته و نسي ، و فنسيت ذريته ، فمن ثم أمر الله بالكتابة و الشهود ، ثم إن الناس من لدن خلق آدم
وهم يولدون على الفطرة التي هي معرفة الخير و محبته .

فيلهمون فعل ما ينفعهم ، و اجتناب ما يضرهم ، و قد يذنبون ، فيتوبون و قد لا يتوبون . كما في حادثة ابني آدم ، حين قتل أحدهما أخاه و لم يهتد إلى كيفية دفنه ، حتى دله غراب يبحث في الأرض ، ليريه كيف يواري سوأة أخيه ، و كان هذا أول قتيل دفن في الأرض ، و لهذا ورد: » ما قتل قتيل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه أول من سن القتل « .

و كما يوجد في زماننا هذا أمم من الناس لم تبلغهم الدعوة ، و لا الشريعة ، فيعيشون متعاشرين متعاملين ، و يوصفون بأنهم ممن لم تبلغهم الدعوة ، كحالة زمان الفترة . و الله سبحانه ، بحكمته و عدله ، لا يعذب أمة حتى يبعث إليها رسولا فيعصون أمره . قال الله تعالى:
( و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) .

و أما قول بعضهم : إن نبي الله إدريس ، كان قبل نوح ، كما أشار إليه العلامة ابن كثير في التفسير ، فهذا قول لا حظ له من الدليل ، و يخالف نصوص القرآن و السنة .

و قد قال بعض العلماء : إن إدريس من أنبياء بني إسرائيل ، و هذا أقرب إلى المعقول
والمنقول .

و قد رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر في كتاب الإسلام و الإيمان نبوة آدم عليه السلام
وهو اجتهاد منه رحمه الله .

الأمر الثالث : مما يحقق عدم حديث أبي ذر . قوله : و أول نبي من بني إسرائيل هو: موسى ، و آخرهم عيسى . فهذا واضح البطلان ، بالدليل و البرهان ، و بالسنة و القرآن ، فإن أول نبي إسرائيل هو : يوسف الصديق ــ عليه الصلاة و السلام ، فهو الذي أسس دولة بني إسرائيل بمصر ، و استدعى أباه و اخوته من القدس إلى مصر . و إسرائيل اسم يعقوب نبي الله، و بين يوسف الصديق ، و بين موسى سنون طويلة ، لا يعلم عددها إلا الله .

و حكى الله تعالى عن يوسف ، بعدما جمع الله شمله بأبيه و اخوته ، فقال : ( رب
قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات و الأرض أنت وليي في الدنيا و الآخرة توفني مسلما و ألحقني بالصالحين ) .

و أما كون آخر أنبياء بني إسرائيل عيسى ، فهذا صحيح بلا نزاع ، فليس بعد عيسى أحد من الأنبياء سوى محمد نبينا عليه الصلاة و السلام .

و الحاصل: أن حديث أبي ذر في عدد الأنبياء و الرسل ، و تفريقه بين الأنبياء و الرسل
هو حديث موضوع ، أي مكذوب على أبي ذر ، و على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لأحد أن يحدث به الناس إلا في حالة بيانه لبطلانه ، ليحذر الناس عن الاغترار به ، إذ الموضوع هو المكذوب و قد اتهموا بوضعه إبراهيم بن هشام .

و قد قال السيوطي في ألفية الحديث :

و لم ينل درة الحق غائص



من الناس إلا بالروية و الفكر




فمتى تحققنا من وضع هذا الحديث ، تبين لنا بطلان ما تضمنه من عدد الأنبياء
وتقسيمهم بين الأنبياء و الرسل ، و أن هذا التقسيم لا صحة له ، إذ الأنبياء هم الرسل ، مخرجها في القرآن واحد ، فأحيانا يعبر عنهم باسم الأنبياء ، و هو الأكثر ، كقوله سبحانه: ( قولوا آمنا بالله و ما أنزل إلينا و ما أنزل إلى إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و الأسباط و ما أوتي موسى و عيسى و ما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ) ، فذكرهم في هذه الآية باسم النبيين ، و نهى عن التفريق بينهم . و أحيانا يعبر عنه باسم الرسل ، كقوله سبحانه: ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه و المؤمنون كل آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله لا نفرق بين أحد من رسله ) ، فذكرهم هنا باسم الرسل ، و نهى عن التفريق بينهم في الآيتين كلتيهما .

و من نوع التفريق ، إثبات الرسالة لبعضهم ، و نفيها عن بعضهم بدون دليل ، فتسمية الأنبياء بالرسل ، لا تدل على المغايرة ، إذ التسمية متنوعة ، و المسمى واحد .

و له نظائر كثيرة ، منها : القرآن ، فإن اسمه القرآن ، و الفرقان ، و الذكر . و مثل جبريل . فإن اسمه في القرآن : جبريل ، و يسمى الروح الأمين ، و يسمى روح القدس،
و المسمى واحد . و مثل مكة . فإنها تسمى في القرآن : مكة ، و بكة ، و أم القرى ، و البلد الأمين ، و المسجد الحرام . و مثل تسمية المسلمين في القرآن . فإن اسمهم : المسلمون،
والمؤمنون ، و عباد الله ، كما في الحديث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » أنا خاتم النبيين « .

و في رواية لمسلم ، عن جابر ، قال : » أنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء « .
وروى الإمام أحمد بسنده ، عن أبي الطفيل ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: » لا نبوة بعدي إلا المبشرات . قيل : و ما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الحسنة ، و في رواية: الرؤيا الصالحة« .

و روى البرقاني في صحيحه ، عن ثوبان ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ، و إذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة ، و لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين ، و حتى تعبد فئة من أمتي الأوثان ، و أنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبي ، و أنا خاتم النبيين ، لا نبي بعدي ، و لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله تبارك
و تعالى«.

ثم إن السنة تفسر القرآن و تبينه و تدل عليه ، و تعبر عنه ، و هي تذكر الأنبياء دائما بدلا من الرسل . ففي صحيح مسلم . عن ابن عمر ، قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلا منزلا ، فمنا من يصلح جشره ، و منا من ينتضل ، إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة . فاجتمعنا ، فقال : » إنه ما من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، و ينذرهم عن شر ما يعلمه لهم ، و إن هذه الأمة جعل عافيتها في أولها ،
و سيصيب آخرها بلاء ، و أمور تنكرونها ، تجيء الفتن يرقق بعضها بعضا . تجيء الفتنة ، فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ، ثم تنكشف …. إلى آخر الحديث « .

فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم : أنه ما من نبي من الأنبياء ، إلا كان حقا واجبا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، و ينذرهم عن شر ما يعلمه لهم ، فأين هذا النبي الذي لا تجب عليه الدعوة ، و لا تبليغ الرسالة .

لأن بمقتضى أمانة نبوتهم ــ لأنه إنما سمي نبيا من أجل أن الله ينبئه من وحيه بما يشاء ــ كما قال سبحانه : ( قد نبأنا الله من أخباركم ) ثم هو ينبئ عن الله وحيه ، و أمره و نهيه
وحلاله و حرامه ، و سائر فرائضه و أحكامه . فهذه وظيفة جميع الأنبياء ، كما قال تعالى:
( وجعلناهم أئمة يهدونا بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و كانوا لنا عابدين ) .

أما نبي يوحي إليه بشرع ، و لم يؤمر بتبليغه ، فهذا إنما يوجد في الأذهان دون الأعيان
و يجب تنزيه الأنبياء عن الاتصاف به ، و مثله قوله صلى الله عليه وسلم : » مثلي و مثل الأنبياء قبلي ، كمثل رجل بني دارا فأتقنها و جملها إلا موضع لبنة منها ، ثم صنع مأدبة ، و دعا الناس إليها ، فجعلوا يعجبون من حسنها ، إلا موضع تلك اللبنة . قال : فأنا موضع اللبنة ، جئت فختمت الأنبياء« ، رواه مسلم عن جابر ، و قال : ( نحن معاشر الأنبياء بنو علات ، الدين واحد والشرائع متفرقة ) يعني أن لكل نبي شريعة من الصلاة ، و الزكاة و الصيام و الحلال و الحرام تناسب حالة أمته و زمانه ، غير شريعة الآخر ، قال تعالى : ( لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا).

ثم جاءت شريعة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم مهيمنة و حاكمة على جميع الشرائع ، لأن كل نبي يبعث إلى قومه خاصة ، و قد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ، قال تعالى : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) و قال : ( و ما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا و نذيرا ) و لما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمر قطعة من التوراة قال : » يا عمر قد جئتكم بها بيضاء نقية ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ، و لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا إتباعي « .

فبما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم المرسلين فكذلك شريعته هي خاتمة الشرائع .

فلا يجوز لأحد أن يتعبد بشريعة غير شريعته ، إذ هي المهيمنة على سائر الشرائع ،
والحاكمة عليها ، يقول الله : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها و لا تتبع أهواء الذين
لا يعلمون ) .

و مثله ما ورد في القرآن بكثرة من تسمية الإسلام أحيانا و الإيمان أحيانا ، و تسمية المسلمين أحيانا و تسمية المؤمنين أحيانا .

و الصحيح أن الإسلام متى أطلق في القرآن فإنه يراد به الإيمان . و الإيمان يراد به الإسلام .

لكنه عند التفصيل يراد بالإيمان مجرد التصديق الجازم بالقلب ، و الإسلام مجرد العمل بالأقوال و الجوارح .

فلا يصح إيمان بدون إسلام كما لا يصح إسلام بدون إيمان … و في البخاري من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس : » آمركم بالإيمان بالله وحده . أتدرون ما الإيمان بالله ؟ شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ، و إقام الصلاة ، و إيتاء الزكاة و صوم رمضان « ففسر الإيمان بعمل الإسلام .

و قد شبهها بعض العلماء بالشهادتين ، فشهادة أن لا إله إلا الله ، لا تصح إلا بشهادة أن محمدا رسول الله . و شهادة أن محمدا رسول الله ، و لا تصح إلا بشهادة أن لا إله إلا الله .

و قد أكثر القرآن من قرنه الإيمان بالأعمال الصالحات التي هي أعمال الإسلام كقوله سبحانه: ( إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ) في كثير من الآيات .

أما قوله سبحانه: ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم ) .

فإن الصحابة لما لقوا المشركين و غشوهم بسيوفهم أقبلوا يقولون آمنا آمنا ، و منهم من قال صبأنا صبأنا . فقال الله : » قل لم تؤمنوا « ، أي إلى حد الآن ، » و لما يدخل الإيمان في قلوبكم « . أي أن التصديق الجازم بأن الدين حق و رسول الله حق و القرآن حق فهو لم يدخل في قلوبهم إلى حد الآن ، كما قال سهيل بن عمرو في صلح الحديبية لما قال رسول الله لعلي كتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله . فقال سهيل : لا تكتب رسول الله فلوا كنا نعلم أنه رسول الله ما قاتلناه .

و هذا معنى قوله : و لكن قولوا أسلمنا أي استسلمنا و خضعنا . فقول بعضهم : إن كل مؤمن مسلم و ليس كل مسلم مؤمنا ، و هذا خطأ تناقله الناس فيما بينهم فإنه لا يوجد مسلم ليس بمؤمن في طاهر الحكم ، حتى المنافقين فإنهم يدخلون في مسمى المؤمنين في ظاهر الحكم لأنهم يعاملون في الدنيا بالظاهر من أعمالهم و الله يتولى الحكم في السرائر . ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان و الإسلام .

يبقى الكلام في المكثرين من موبقات الفسوق و العصيان ثم يموتون و هم على ذلك و لم يوجد منهم ما يوجب ردتهم ، فهؤلاء يعبر عن أحدهم بأنه مؤمن بإيمانه و فاسق بكبيرته ، أو يعبرون عن أحدهم بأنه ناقص الإيمان . و قد قال السفاريني في عقيدته .

و يفسق المؤمن بالكبيرة



كذا إذا أصر على الصغيرة




ثم قال :

لا يخرج المرء من الإيمان



بموبقات الذنب العصيان



و واجب عليه أن يتوبا



من كل ما جر عليه حوبا




و قال :

و من يمت و لم يتب من الخطأ



فأمره مفوض لذي العطا



فإن يشأ يعفو و إن شاء انتقم



و إن يشأ أعطى و أجزل النعم




و مما يدل على أن الإسلام متى أطلق في القرآن فإنه يراد به الإيمان قوله سبحانه:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ) ، أي مؤمنون ، و قوله سبحانه : ( إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون ) أي مؤمنون . و في دعوة يوسف عليه السلام : ( أنت وليي في الدنيا و الآخرة توفني مسلما و ألحقني بالصالحين ) يعني مؤمنا ، لكون الأنبياء يسألون أعلى المراتب عند الله . و في كتاب رسول الله لهرقل حيث ضمن قوله سبحانه : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم أن لا نعبد إلا الله
ولا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) أي مؤمنون فلا نجد في كتاب الله و لا في سنة رسول الله مسلما ليس بمؤمن أبدا .
والنبي قال : فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله . فالمسلم هو المؤمن
والمؤمن هو المسلم .

واعلم أن بعض العلماء قد ينبو فهمهم عن قبول ما أقول ، لزعمهم أنه خلاف ما يقوله العلماء قبلي ، و خلاف ما يعتقده جميع الناس من العلماء و العوام ، و لا غرابة في هذا ، فإن السنن قد تخفى على بعض الصحابة ، و من بعدهم من الأئمة ، فضلا عن غيرهم ، فيحكمون بخلافها ثم يتبين لهم وجه الصواب فيها ، فيعودون إليه . لكون الإحاطة بكل العلوم غير حاصلة لأحد ، و الإنسان مهما بلغ من سعة العلم ما بلغ ، فإنه سيحفظ شيئا و تضيع عنه أشياء .

و صنف شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة سماها » رفع الملام عن الأئمة الأعلام « أشار فيها إلى أن بعض السنن تخفى على بعض الصحابة و الأئمة فيعذرون حينما يحكمون بخلافها لكونها لم تبلغهم عن طريق صحيح ثابت ، تقوم به الحجة عندهم ، فيحكمون بخلافها حسب اجتهادهم لأنهم مجتهدون إن أصابوا فلهم أجران ، و إن أخطأوا فلهم أجر .

و أنه كلما رسخ علم الشخص في القرآن ، و الحديث ، و التفسير ، و أعطي حظا من سعة البحث في التحقيق ، و التدقيق ، و حكمة الاستنباط للمسائل الخفية من مظانها ، بحيث يخرجهــا
من حيز الخفاء و الغموض إلى حيز التجلي و الظهور ، بالدليل الواضح ، و لم يجمد رأيه
وفهمه على عبارات المتقدمين قبله ، فإنه و الحالة هذه ، سيجد سعة لعذرنا ، و مندوحة عن عذلنا فيما طرقناه من هذه المواضيع التي هي غير معروفة ، و لا مألوفة في عرفهم ، و يحمل كلامنا على المحمل الحسن اللائق به ، فإن الفقيه الحر يجب عليه أن يربط الأصول بعضها ببعض ، فيخصص الشيء بالشيء و يقيس النظير بنظيره ، و يربط المعنى الغريب بالأصل المأخوذ من قريب ، مما يدل على المعنى المراد به .

و قد علمت جهدي في تشخيص هذه القضية ، بالأدلة القويمة القوية ، و المألوفة المعروفة حيث تقبلها العقول ، و يتلقاها العلماء بالقبول ، لاعتبار أن باب الاجتهاد في الجزئيات غير مقفول ــ و الله أعلم ــ و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .

احمد موسى
2008-06-05, 12:34 PM
هناك كلام للشيخ ابن عثيمين يقول فيه ان هناك فرقا بينهما وسأبحث عنه
وكذلك للشيخ عمر الاشقر كلام فيه في كتاب الرسل والرسلات يقول ان هناك فرق
وعلى موقع صيد الفوائد كتيب كتب ببحث لا دري من كتبه وسابحث عنه

ابو قتادة السلفي
2008-06-05, 02:45 PM
الشيخ ابن العثيمين يقول : ان النبي من اوحي اليه ولم يأمر بتبليغ ما اوحي اليه والرسول من اوحي اليه وامر بتبليغه. وان كان بعض اهل العلم خالف في هذا وذكروا من الفروق ان النبي من لا ياتي بشريعة جديدة وانه يبعث في قوم مسلمين وان الرسول يبعث في قوم كافرين وياتي بشريعة جديدة وايضا قال بعضهم ان النبي لا يعصم من ايدي الناس اي انه يقتل و الرسول يعصمه الله من الناس فلا يقتل وغير ذلك فانا انتظر من الاخوة ان يعملوا بحث في هذا ويفيدوننا.

أبو القاسم
2008-06-05, 04:08 PM
القول بعدم الفرق ضعيف..فإن قول الله تعالى "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي"
إما أن يكون للمغابرة وهو الأصل وإما أن يكون من عطف العام على الخاص أو الخاص على العام..وهنا يوجد الفرق أيضا
ولا أرى إشكالا في كلام ابن تيمية..فبنو إسرائيل منهم الكفرة ومنهم المؤمنون..
والله أعلم

نضال مشهود
2008-11-22, 03:44 PM
قال شيخ الإسلام في النبوات (2/714) ( فالنبي هو الذي ينبئه الله ، وهو ينبيء بما أنبأ الله به ، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه ، فهو رسول وأما إذا كان يعمل بشريعة من قبله ولم يرسل إلى أحد يبلغه عن الله رسالة ، فهو نبي ))
وقال (2/718) : ( فقوله ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ))(الحج: من الآية52) دليل على أن النبي مرسل ، ولا يسمى رسولا عند الإطلاق ، لأنه لم يرسل إلى قوم بما لا يعرفونه ، بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حق ، كالعالم ، ولهذا قال النبي(ص) (( العلماء ورثة الأنبياء )) وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة ،
فإن يوسف كان على ملة إبراهيم ، وداود وسليمان كانا رسولين ، وكانا على شريعة التوارة )
فكلام ابن تيمية أن الرسول يرسل إلى من خالف أمر الله وهم الكفار ، وهذا يشكل عليه أن داود وسليمان رسل ، وأرسلوا إلى بني إسرائيل
وأيضا قال أنه ليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة ، بل قد يعمل الرسول بالشريعة السابقة كيوسف وداود وسليمان ، إذا ما هو الفرق بين النبي والرسول
تنبيه استدل ابن تيمية على أن داود وسليمان رسل بقوله تعالى : (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً) (النساء:164)

لا إشكال إن شاء الله . فالفرق بيهما - عند شيخ الإسلام - واضح :
"فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه ، فهو رسول"
وما دون هذا فهو نبي غير رسول .

ويوسف عليه السلام أرسل إلى كفار مصر . وأما داود وسليمان عليهما السلام ، فلم يثبت اختصاصهما بمؤمني بني إسرائيل ، بل قد يرسلان إلى كفار فلسطين واليمن . والله أعلم .

المعتز بدينه
2008-11-23, 09:11 PM
أظهر الأقوال في التفريق بين النبي والرسول أن الرسول يبعث بشريعة جديدة والنبي يبعث بشريعة من قبله .. والله أعلم
والذي يرجحه الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - أن كل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهو رسول .. والله أعلم

الغُندر
2008-11-24, 09:13 AM
لما اعاد البراء رضي الله عنه دعاء النوم فابدل كلمة ونبيك الذي ارسلت بـ ورسولك الذي ارسلت قال النبي صلى الله عليه وسلم :
قل ونبيك الذي ارسلت . اخرجه البخاري , فهذا يدل على التفريق بينهما .

محمّد الأمين
2009-02-08, 10:45 AM
وأما داود وسليمان عليهما السلام ، فلم يثبت اختصاصهما بمؤمني بني إسرائيل ، بل قد يرسلان إلى كفار فلسطين واليمن . والله أعلم .

أخي الكريم

كل نبي يرسل لقومه فقط إلا نبينا عليه الصلاة والسلام

نضال مشهود
2009-02-21, 02:47 AM
أخي الكريم
كل نبي يرسل لقومه فقط إلا نبينا عليه الصلاة والسلام

بارك الله فيكم .
لم نقل أنهما - عليهما السلام - يرسلان إلى الناس كافة ، بل إلى قوم دون قوم .
وإنما الذي ندعيه : أن رسالتهما موجهة كذلك إلى الكفار المكذبين .

محمّد الأمين
2009-02-21, 05:57 AM
أين الدليل على أن النبي يُرسل إلى غير قومه؟

أبو عبد البر رشيد
2009-02-25, 03:16 AM
قولك "و قال : ( نحن معاشر الأنبياء بنو علات ، الدين واحد والشرائع متفرقة )" خطىء، لم يتي الحديث بهذا اللفظ و إنما هو
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ : دِينُهُمْ وَاحِدٌ ، وَأُمَّهَاتُهُم ْ شَتَّى
فلفظة الشرائع لم أرها في كتب الحديث غير ما ذكره الشيخ صالح آل الشيخ في شرح الطحاوية و هو وهم، إلى أن التفسيرها بالشرائع صحيح من وجه أنه جائز النسخ و أن شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا و هذا فيه نظر و ضعيف من وجه لأنه تأويل و هو يحتاج إلى دليل، و أصل حملها على حقيقتها.

نضال مشهود
2009-03-05, 01:04 PM
أين الدليل على أن النبي يُرسل إلى غير قومه؟
إن أردت بالقوم هنا أبناء القبيلة الواحدة ، فقد أرسل موسى عليه السلام إلى فرعون وليس من قبيلته . وإن أردت بالقوم هنا ما ورد في الحديث ، فليس من الأنبياء من أرسل إلى الناس كافة غير نبينا (ص) .

السكران التميمي
2009-03-05, 05:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال في (شرح العقيدة الطحاوية ج1/ص167):
وقد ذكروا فروقا بين النبي والرسول، وأحسنها:
أن من نبأه الله بخبر السماء إن أمره أن يبلغ غيره فهو نبي رسول، وان لم يأمره أن يبلغ غيره فهو نبي وليس برسول، فالرسول أخص من النبي، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا.
ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها؛ فالنبوة جزء من الرسالة، إذ الرسالة تتناول النبوة وغيرها، بخلاف الرسل؛ فإنهم لا يتناولون الأنبياء وغيرهم، بل الأمر بالعكس، فالرسالة أعم من جهة نفسها، وأخص من جهة أهلها.

وقال في (شعب الإيمان ج1/ص150):
والنبوة اسم مشتق من النبأ؛ وهو الخبر، إلا أن المراد به في هذا الموضع خبر خاص، وهو الذي يكرم الله عز وجل به أحدا من عباده فيميزه عن غيره بإلقائه إليه ويوقفه به على شريعته بما فيها من أمر ونهي ووعظ وإرشاد ووعد ووعيد، فتكون النبوة على هذا الخبر والمعرفة بالمخبرات الموصوفة، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو المخبر بها، فإن إنضاف إلى هذا التوقيف أمر بتبليغه الناس ودعائهم إليه؛ كان نبيا رسولا. وإن ألقي إليه ليعمل به في خاصته ولم يؤمر بتبليغه والدعاء إليه؛ كان نبيا ولم يكن رسولا. فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا.

وقال في (الإعلام بما في دين النصارى ص238):
فإذا تقرر أن حقيقة النبوة ما ذكرناه، وأن فضله الخاص به هو ما تحصل له من الإخبار عن الله؛ فذلك الخبر إن أمر النبي بتبليغه لغيره فذلك النبي هو الذي يقال عليه رسول. والرسالة هو الكلام المبلغ عن الله. فلأجل هذا يصح أن يقال: كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا، إذ الرسالة نبوة وزيادة، وهذا بين بنفسه.

وقال في (لسان العرب ج1/ص163):
ومن غير المهموز حديث البراء قلت: ورسولك الذي أرسلت. فرد علي وقال: "ونبيك الذي أرسلت". قال ابن الأثير: إنما رد عليه ليختلف اللفظان ويجمع له الثناء بين معنى النبوة والرسالة، ويكون تعديدا للنعمة في الحالين وتعظيما للمنة على الوجهين.
والرسول أخص من النبي لأن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا.

وقال في (تفسير ابن كثير ج3/ص494):
مقام الرسالة أخص من مقام النبوة؛ فإن كل رسول نبي ولا ينعكس.

وقال في (فتح الباري ج11/ص112):
قال القرطبي تبعا لغيره: فإن لفظ النبوة والرسالة مختلفان في أصل الوضع؛ فإن النبوة من النبأ وهو الخبر، فالنبي في العرف هو: المنبأ من جهة الله بأمر يقتضي تكليفا. وإن أمر بتبليغه إلى غيره فهو رسول، وإلا فهو نبي غير رسول. وعلى هذا فكل رسول نبي بلا عكس، فإن النبي والرسول اشتركا في أمر عام وهو النبأ وافترقا في الرسالة، فإذا قلت: فلان رسول تضمن أنه نبي رسول. وإذا قلت: فلان نبي لم يستلزم أنه رسول. فأراد صلى الله عليه وسلم أن يجمع بينهما في اللفظ؛ لاجتماعهما فيه، حتى يفهم من كل واحد منهما من حيث النطق ما وضع له، وليخرج عما يكون شبه التكرار في اللفظ من غير فائدة.

وقال في (عمدة القاري ج1/ص14):
والرسول عرفه كثير منهم: بمن جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه. وهذا تعريف غير صحيح، لأنه يلزم على هذا أن يخرج جماعة من الرسل عن كونهم رسلا كآدم ونوح وسليمان عليهم السلام، فإنهم رسل بلا خلاف ولم ينزل عليهم كتاب.
وكذا قال صاحب البداية: الرسول هو النبي الذي معه كتاب كموسى عليه السلام، والنبي هو الذي ينبئ عن الله تعالى وإن لم يكن معه كتاب كيوشع عليه السلام. وتبعه على ذلك الشيخ قوام الدين والشيخ أكمل الدين في شرحيهما.
والتعريف الصحيح: أن الرسول من نزل عليه كتاب، أو أتى إليه ملك. والنبي من يوقفه الله تعالى على الأحكام، أو يتبع رسولا آخر، فكل رسول نبي من غير عكس.
قال: وقد قلنا أن كل رسول نبي من غير عكس، وهو الذي عليه المحققون. ومنهم من لم يفرق بينهما وهو غير صحيح.

وقال في (فتح المغيث ج2/ص300):
وعن البدر بن جماعة: أنه لو قيل بالجواز في إبدال النبي بالرسول خاصة لما بعد، لأن في الرسول معنى زائد على النبي وهو الرسالة، إذ كل رسول نبي ولا عكس. وبيانه: أن النبوة من النبأ وهو الخبر، فالنبي في العرف هو المنبأ من جهة الله بأمر يقتضي تكليفا؛ فإن أمر تبليغه إلى غيره فهو رسول، وإلا فهو نبي غير رسول، وحينئذ فالنبي والرسول اشتركا في أمر عام وهو النبأ، وافترقا في الرسالة. فإذا قلت: فلان رسول، تضمن أنه نبي رسول، وإذا قلت: فلان نبي لم يستلزم أنه رسول، ولكن قد نازع ابن الجزري في قولهم كل رسول نبي؛ حيث قال: هو كلام يطلقه من لا تحقيق عنده، فإن جبريل عليه السلام وغيره من الملائكة المكرمين بالرسالة رسل لا أنبياء.
قلت: ولذا قيد الفرق بين الرسول والنبي بالرسول البشري.

وقال في (الإحكام ج1/ص42):
والنبوة اختصاص الله عز وجل رجلا أو امرأة من الناس بإعلامه بأشياء لم يتعلمها إما بواسطة ملك أو بقوة يضعها في نفسه خارجة عن قوى المخلوقين تعضدها خرق العادات؛ وهو المعجزات، وقد انقطعت بعد محمد صلى الله عليه وسلم.
والرسالة أن يأمر الله تعالى نبيا بإنذار قوم وقبول عهده. وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا.

وقد وقعت عبارات كثيرة في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في (شرح العقيدة الأصفهانية) مما يدل على التفريق بينهما.
فمن قال: أن شيخ الإسلام يقول بعدم الفرق؛ فقد أبعد النجعة، ولم يقارب الصواب بل جانبه.

ابو مالك محمد بن احمد
2009-03-06, 02:07 AM
بسم الله والحمد لله حق حمده والصلاه والسلام علي نبيه وعبده وآله وصحبه ووفده: أما بعد
فقد قال الشيخ عبد السلام برجس العبد الكريم في كتابه الماتع " المعتقد الصحيح"- طبعه مكتبه الفرقان فهو كتاب انصح به كل طالب علم"قال رحمه الله في صفحه (46): "والفرقُ بين الرسول والنبيَ : أنً النبي هو الذي يُنَبَؤُهُ الله ، وهويُنبئُ بما أنبأ الله به . فإن أُرسل مع ذلك إلي من خالف أمر الله ليُبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول.
وأمًا من كان إنمًا يعملُ بالشريعة قبله ولم يُرسل هو إلي أحد يُبلغُه عن الله رساله فهو نبيٌ وليس برسول.
قال مجاهد رحمه الله : (( النَبيُ وحدهُ : الذي يُكلمُ ويُنزلُ عليه ولا يُرسلُ)). وعليه فإن كُلَ رسولٍ نبيُ ، وليس كُلُ نبيً رسولاً. انتهي كلامه رحمه الله

نضال مشهود
2009-03-06, 08:53 AM
الأخ السكران . . ليس الموضوع في كون ابن تيمية يفرق أو لا يفرق ، بل ولا في وجه التفرقة عنده . بل الموضوع في مصداقية هذه التفرقة واطرادها .

أبو الفداء
2009-03-06, 11:07 AM
بارك الله فيكم
لماذا لا يقال بأن الفرق بين النبي والرسول أن الرسول أثقل أو أكبر تكليفا وابتلاءا من النبي.. سواء في نوع وحجم الرسالة التي عليه بلاغها، أو في الفئة التي يبعث من أجل تبليغها؟
الرسول قد يرسل بشريعة جديدة إلى قومه (منتسبين إلى الوحي كانوا - أي على انتساب لرسول سابق، مع غلبة الشرك والتحريف والتبديل - أو كفارا)، وقد يرسل بشريعة رسول سابق عليه إلى قومه، وقد يأتي بشريعة جديدة إلى قومه أو إلى قوم غيرهم، وهذه كلها مراتب ودرجات في معنى (الرسول).. أعلاها منزلة في تكليف الرسالة ولا شك: الذي بُعث بأعظم الشرائع وأثقلها إلى سائر أهل الأرض جميعا إلى قيام الساعة..
والنبي قد يأتي في قوم على رسالة رسول سابق ليصلح ما فسد من دينهم وشريعتهم - كأنبياء بني إسرائيل - وينبئهم بمن يبعث من بعده، وقد يبعث في قومه أو في غير قومه لغرض تبليغي أخف مما يبعث بمثله الرسول.. ووجه هذا التفريق ما اتفق عليه أهل العلم من أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول، ودل عليه حديث عدد الأنبياء والرسل وغيره مما يدل على التفريق العام بين النبي والرسول.
أما قول من قال من أهل العلم بأن النبي ليس مكلفا بالتبليغ أصلا فهذا - والله أعلم - ليس بوجيه، فهو يحتاج إلى التدليل على أن هناك من سماه النص نبيا ولم يكن مأمورا بالتبليغ.. فهل يمكن إيجاد مثل هذا الدليل؟ فجميع من سماهم النص أنبياء منصوص في قصصهم على أنهم أمروا بالتبليغ! فعلى أي دليل ينبني القول بأن الأنبياء إذا كانوا مأمورين بالتبليغ فإنهم يقال لهم رسل، وإلا فهم أنبياء؟ إن عدم العلم بطبيعة تكليف بعض من قيل بنبوتهم كالخضر عليه السلام، لا يدل على عدم وجود ذلك التكليف!
زد على ذلك أن خلو تكليف بعض الأنبياء من التبليغ تنتفي معه الحكمة من اصطفائهم للوحي أصلا! قد يقال أن تكليف بعضهم قد لا يزيد على أن يكون ممهدا لرسول أو نبي آخر يأتي من بعده، ولكن هذا لا يتصور أن يكون من نبي إلا بتبليغ ودعوة، تلزم من عمله بذلك التكليف.. ثم كيف يُتصور أن يوحي الرب إلى رجل يعيش بين قوم كفار بأن ما هم عليه كفر وضلال، وفيهم أهله وأولو القربة منه في عشيرته، ولا يحرص على نجاتهم في الآخرة مما هم فيه؟ لابد أن يحرص على التبليغ ولو لعشيرته المقربة منه! فإن كان ذلك كذلك، فهل يمنعه الرب منه لأنه لم يكلفه بالتبليغ؟؟؟ يأمره بأن ينجو وحده ويترك أهله يهلكون دون أدنى محاولة لتبليغهم بما فيه نجاتهم؟؟؟ هل يتصور هذا من رب حكيم رحيم؟ قد يقال: نعم لا يمتنع هذا، فقد يعلم الله خيرا في رجل من أهل الفترة ويعلم شرا عظيما في كل من حوله، فيصطفيه لينجيه بالوحي إليه ولا يبتليه بتبليغهم لأنهم لا خير فيهم! فنقول لو كان ذلك كذلك، والرجل فيه خير وقد علم الله أنه إن جاءه الحق فسيؤمن به، فلماذا لا يتركه هو وقومه ليموتوا على الفترة، ثم يبتليهم في عرصات الآخرة كما جاء النص بذلك، فمن كان فيه الخير منهم فإنه ينجو وإلا فيهلك؟ أليس هذا مطردا في سائر أهل الفترة أن فيهم من كان من أهل الخير الكثير، وقد علم الله أنه سينجو في الآخرة ويكون من أهل الجنة، وإن كات على كفر وضلال قومه؟ فما معنى أنه قد يوحي إلى رجل قد علم فيه خيرا وفي قومه شرا فيوحي إليه وحده ولا يأمره بأي قدر من التبليغ؟
هذا مخالف حتى لحكمة الابتلاء في الدنيا، فكيف يوحى إلى رجل بالتبرؤ من الكفار وعبادتهم، من غير أن يظهر عليه في قول أو في عمل شيء من ذلك ولو لأقرب المقربين إليه؟ إلا إن أمره بالهروب إلى الجبال مثلا أو إلى مكان بعيد لا يراه فيه أحد لينقطع لعبادة الله وحده حتى يموت وحيدا منعزلا دون أن يدري بوحوده أحد من الخلق.. فإن قيل هذا محتمل، قلنا فأين حكمة الابتلاء إذا وأين إقامة الحجة على قومه الذين عاش فيهم وخبر كفرهم وضلالهم، أو انحرافهم عن الدين الحق، وكيف يؤمر بألا يحاول - مجرد محاولة - تبليغ المقربين إليه الذين لا يسعه - بالفطرة التي جبل الناس عليها - أن يتركهم على هلكة وهو يعلم؟؟ إلا إن كانوا قد قامت عليهم الحجة من قبل على يد غيره من الأنبياء المبلغين ولكنهم عاندوا واستكبروا، فإن كان كذلك، وإن كان فيه الخير، فبلوغ الحجة إلى المقربين منه وإلى أم قريته التي يعيش فيها يلزم منه قيامها عليه هو أيضا، فإن كان فيه خير فلن يعاند وسيدخل في دين من جاءه من قبل نذيرا وبشيرا.. وسيجعله الرب بذلك من الناجين من عقوبة يرسلها على المكذبين والمعاندين كما هي سنته فيمن عتوا واستكبروا عن قبول دعوة المرسلين قبل النبي الخاتم عليه وعليهم الصلاة والسلام.. فما الحاجة إذا لمخاطبته وحده بالوحي دون أمره بتبليغ من أجل أن ينجو هو، وقد بلغه ما ينجو به بالفعل؟ لا يمكن - بنص القرءان - أن يهلك الله قرية حتى يقيم على جميع من فيها الحجة الظاهرة وحتى يستحق العقوبة كل من كتب عليه العقوبة! وهذا يكون بإرسال نبي أو رسول مبلغ في أمر القرية ليقيم الحجة الرسالية على القوم، فتزول الفترة ويقع الامتحان وتستحق العقوبة..
فالحاصل والله أعلى وأعلم، أنه لا مدخل لا من جهة النص ولا من جهة النظر في الأصول الشرعية العامة، للقول بأنه قد يوحي الرب إلى نبي ولا يأمره بأي قدر من التبليغ للوحي!

السكران التميمي
2009-03-06, 12:40 PM
الأخ (أبو الفداء)

لكن أليس كلامك هذا؛ هو المتبادر إلى الأذهان المعروف!!.
فبديهة أخي الكريم الكل يعرف من خلال الوظائف أن الرسول أكبر وأشق وظيفة من النبي. فلذك ما قاله العلماء من التفريق بينهما هو من باب هذه الأفضلية.

وجزاكم الله جميعا خيرا

أبو الفداء
2009-03-06, 02:42 PM
الأخ (السكران)
قولك

فلذك ما قاله العلماء من التفريق بينهما هو من باب هذه الأفضلية.
أقول ليس في مطلق الأفضلية وثقل المهمة التي يحتملها الرسول مقارنة بالنبي نزاع يذكر، ولكن من ذهب من أهل العلم إلى تخصيص وجه واحد من الوجوه المحتملة لتلك الأفضلية على أنه هو الفرق بين الرسول والنبي دون غيره، فقد أتى بمعنً إضافي في التخصيص يحتاج إلى دليل إضافي، ولهذا ذكرت ما ذكرته من أوجه التفاضل الممكنة بين الرسول والنبي، التي ربما يكون قد تميز بكل منها بعض المرسلين على بعض النبيين، والعلم في ذلك عند رب العالمين.
أما الذين قالوا بأن الفرق بين الرسول والنبي يتلخص في كون النبي لا يبلغ، فقولهم هذا ليس بوجيه في تصوري للأسباب التي ذكرتها في مشاركتي الآنفة، والله تعالى أعلم.

السكران التميمي
2009-03-06, 04:46 PM
الأخ (السكران)
قولك

أقول ليس في مطلق الأفضلية وثقل المهمة التي يحتملها الرسول مقارنة بالنبي نزاع يذكر، ولكن من ذهب من أهل العلم إلى تخصيص وجه واحد من الوجوه المحتملة لتلك الأفضلية على أنه هو الفرق بين الرسول والنبي دون غيره، فقد أتى بمعنً إضافي في التخصيص يحتاج إلى دليل إضافي، ولهذا ذكرت ما ذكرته من أوجه التفاضل الممكنة بين الرسول والنبي، والتي ربما يكون قد تميز بكل منها بعض المرسلين على بعض النبيين، والعلم في ذلك عند رب العالمين.
أما الذين قالوا بأن الفرق بين الرسول والنبي يتلخص في كون النبي لا يبلغ، فقولهم هذا ليس بوجيه في تصوري للأسباب التي ذكرتها في مشاركتي الآنفة، والله تعالى أعلم.


بيض الله وجهك

أبو مارية البدري
2009-03-07, 04:00 AM
إخوتي في الله عدرا على المداخلة
ولكن أحببت ان تتضح المسالة عندي وعند غيري
أولا عليكم أن تصبروا أقوال أهل العلم هل هناك من قال بعدم التفريق وما دليلة
ثم ذكر من قال بالتفريق اي بين الرسول والنبي وما دليلة

علما إخوتي في الله أن كثيرا ممن خالف شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض المسائل فبعد دراسة المسألة التي خولف فيها وبعض تمحيصها ظهر أن قول شيخ الاسلام ابن تيمية هو الراجح وأنه هو الاقوى والموافق لما كان عليه السلف

فنصيحتي لنفسي ولإخواني أن لا نتسرع في تخطيء شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فقد كان بحرا في العلم واجتمع عنده من العلوم مالم تجتمع عندنا فأقواله وتأصيلاته صادرة عن علم وعن خبرة ومازاد من قوة شيخ الاسلام أنه إنتصب مع التعليم إنتصب لرد على المخالفين للسلف في العقيدة والمنهج

فالتفريق الذي ذهب إليه شيخ الاسلام هو ما ذهبت إليه مجدد دعوة التوحيد محمد بن عبد الوهاب وما ذهبت غليه اللجنة الدائمة وعلى رأسها فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله وهو ماذكره الشيخ صالح ءال الشيخ وغيرهم كثير

وفي حد علمي القاصر لم أسمع أحدا من المشايخ المعتبرين في زمننا لم يقل بالتفريق فهم اتفقوا على التفريق
ولكن إختلفوا بما يكون التفريق

والعلم لله

غالب الساقي
2009-05-20, 03:34 PM
كل الفروق التي اطلعت عليها في التفريق بين الرسول والنبي وجدت فيها إشكالا فمن كان عنده تفريق لا إشكال فيه فليتحفنا به وجزاه الله خيرا

رياض النضرة
2009-05-20, 07:05 PM
كل الفروق التي اطلعت عليها في التفريق بين الرسول والنبي وجدت فيها إشكالا فمن كان عنده تفريق لا إشكال فيه فليتحفنا به وجزاه الله خيرا


أقول مستعينا بالله تعالى أن الفرق بينهما الجامع المانع إن شاء الله تعالى هو:
الرسول: هو من أوحي إليه بشرع جديد إلى قوم كافرين .
النبي: هو من أوحي إليه إلى قوم مؤمنين لتقرير الدين الخالص.

وعليه فكل من الرسول والنبي مأموران بالتبليغ لكن الفرق في أن هذا-أي النبي- جاء ليقرر ما عليه الناس سابقا،وهي الفطرة أي الدين الخالص.
وهذا-أي الرسول- جاء لقوم كافرين ليحيي فيهم تلك الفطرة وبشرع جديد.
وبهذا -أعتقد- لا إشكال بإذن الله تعالى

غالب الساقي
2009-05-20, 10:44 PM
أقول مستعينا بالله تعالى أن الفرق بينهما الجامع المانع إن شاء الله تعالى هو:
الرسول: هو من أوحي إليه بشرع جديد إلى قوم كافرين .
النبي: هو من أوحي إليه إلى قوم مؤمنين لتقرير الدين الخالص.


وعليه فكل من الرسول والنبي مأموران بالتبليغ لكن الفرق في أن هذا-أي النبي- جاء ليقرر ما عليه الناس سابقا،وهي الفطرة أي الدين الخالص.
وهذا-أي الرسول- جاء لقوم كافرين ليحيي فيهم تلك الفطرة وبشرع جديد.


وبهذا -أعتقد- لا إشكال بإذن الله تعالى


جزاك الله خيرا
وهذا أيضا فيه إشكال فهارون رسول مع أنه ليس له شريعة جديدة وإنما كان على شريعة موسى والدليل على أن هارون رسول قوله تعالى :
ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ [المؤمنون : 45]:
وإسماعيل رسول مع أنه كان على شريعة إبراهيم ولم يأت بشريعة جديدة :
والدليل على أن إسماعيل رسول قوله تعالى :
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً [مريم : 54]

وقال شيخ الإسلام في النبوات - (ج 1 / ص 185)
"وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فان يوسف كان رسولا وكان على ملة ابراهيم وداود وسليمان كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة قال تعالى عن مؤمن آل فرعون ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا وقال تعالى انا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح والنبيين من بعده وأوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما"

رياض النضرة
2009-05-20, 11:44 PM
صحيح مازال الإشكال قائما...بارك الله فيك



أقول مستعينا بالله تعالى أن الفرق بينهما الجامع المانع إن شاء الله تعالى هو:
الرسول: هو من أوحي إليه بشرع جديد إلى قوم كافرين .
النبي: هو من أوحي إليه إلى قوم مؤمنين لتقرير الدين الخالص.


وعليه فكل من الرسول والنبي مأموران بالتبليغ لكن الفرق في أن هذا-أي النبي- جاء ليقرر ما عليه الناس سابقا،وهي الفطرة أي الدين الخالص.
وهذا-أي الرسول- جاء لقوم كافرين ليحيي فيهم تلك الفطرة وبشرع جديد.

وبهذا -أعتقد- لا إشكال بإذن الله تعالى

وماذا لو حذفنا الطرف الأخير الملون أعلاه؟

غالب الساقي
2009-05-21, 12:08 AM
هل تعني أن يصبح هكذا :
الرسول : من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه لقوم كافرين به .
والنبي : من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه لقوم مؤمنين به .

أبو الفداء
2009-05-21, 12:40 AM
أحسن الله إليك أخي الساقي. أعدت كتابة الآيتين الكريمتين لأنهما لم تكونا مقروأتين. فإن لم أكن قد وافقت اختيارك في إحداهما فأخبرني لأغيرها.

أبو سلمان الجزائري
2009-05-21, 02:33 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
ما يظهر لي من تعريف ان شاء الله يكون خال من الاشكال
أن الرسول هو ما أتى بشرع جديد وأمر بتبليغه الى قوم مخالفين
والنبي ما أتى بشرع من سبقه وأمر بتبليغه أو لم يؤمر بذلك
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

هبة الله 12
2009-05-21, 05:21 AM
يوجد كلام للشيخ عبدالله الغنيمان في هذه المسألة في شرحه لكتاب التوحيد ، ومتى ما فرغت سآتي به إن شاء الله

غالب الساقي
2009-05-21, 07:46 AM
قال شيخ الإسلام في النبوات (2/714) ( فالنبي هو الذي ينبئه الله ، وهو ينبيء بما أنبأ الله به ، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه ، فهو رسول وأما إذا كان يعمل بشريعة من قبله ولم يرسل إلى أحد يبلغه عن الله رسالة ، فهو نبي ))


وقال (2/718) : ( فقوله ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ))(الحج: من الآية52) دليل على أن النبي مرسل ، ولا يسمى رسولا عند الإطلاق ، لأنه لم يرسل إلى قوم بما لا يعرفونه ، بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حق ، كالعالم ، ولهذا قال النبي(ص) (( العلماء ورثة الأنبياء )) وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة ،
فإن يوسف كان على ملة إبراهيم ، وداود وسليمان كانا رسولين ، وكانا على شريعة التوارة )

فكلام ابن تيمية أن الرسول يرسل إلى من خالف أمر الله وهم الكفار ، وهذا يشكل عليه أن داود وسليمان رسل ، وأرسلوا إلى بني إسرائيل

وأيضا قال أنه ليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة ، بل قد يعمل الرسول بالشريعة السابقة كيوسف وداود وسليمان ، إذا ما هو الفرق بين النبي والرسول

تنبيه استدل ابن تيمية على أن داود وسليمان رسل بقوله تعالى : (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً) (النساء:164)

كون داود وسليمان لم يرسلا إلا إلى قوم مؤمنين الظاهر أنه ليس بصواب فإن سليمان دعا بلقيس وقومها للإسلام " أن لا تعلوا علي وائتوني مسلمين " وقتال داود لأقوام آخرين يشير إلى الدعوة إلى التوحيد .
وكما نبه بعض من علق على الموضوع فموسى دعا فرعون مع كونه ليس من بني إسرائيل فالظاهر أن الدعوة إلى التوحيد لا تقتصر على قوم النبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم لكون الدعوة إلى التوحيد لا تختلف من نبي إلى آخر وإنما الاختلاف في الشرائع .
فلا إشكال في كلام شيخ الإسلام بالنسبة لداود وسليمان .
ولكن الإشكال عندي بالنسبة ليحيى وزكريا فهل نقول هم أنبياء وينتهي الإشكال أم نقول هم رسل وقد رأى الشيخ ابن عثيمين أن كل الأنبياء المذكورين في القرآن رسل فإن قلنا ذلك فهل دعا زكريا ويحيى كفارا فهل كانا مرسلين برسالة لمن يخالفهم ؟
حتى ينطبق عليهما التعريف الذي ذكره شيخ الإسلام للرسول .
أم ينطبق عليهما تعريف النبي "إذا كان يعمل بشريعة من قبله ولم يرسل إلى أحد يبلغه عن الله رسالة ، فهو نبي "
الذي يبدو لي أن التعريف الذي ينطبق عليهما هو تعريف النبي وليس الرسول
قال في تفسير البحر المحيط - (ج 1 / ص 388):
"وأجمل الله ذكر الرسل ، وفصل ذكر عيسى ، لأن من قبله كانوا متبعين شريعة موسى ، وأما عيسى فنسخ شرعه كثيراً من شرع موسى" انتهى .
فيحيى وزكريا كانا يسيران على شريعة موسى وكانا مع بني إسرائيل ولم يرد في القرآن في حقهما أنهما أرسلا إلى قوم كافرين .
فيحصل الإشكال في رأي الشيخ ابن عثيمين في أن كل نبي ذكر في القرآن فهو رسول فقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"قال تعالى { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } .
وبناء على هذه الآية يتبين أن كل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهو رسول ".
فأرجو ممن عنده حل لهذا الإشكال أن يمدنا بمدده .
مع أنني لم أزل أشعر بأن كل ما قرأته من فروق ذكرت بين النبي والرسول فيها بعض الإشكالات وأود الوصول إلى تفريق لا إشكال فيه بدون نفي الفرق لأن الأدلة على التفريق بين النبي والرسول قائمة .
والقول بأنه لا فرق بينهما يترتب عليه أشكالات كبيرة كالمخالفة لظاهر قوله تعالى : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي " [الحج:52]
مع مخالفة حديث أبي ذر فالشيخ الألباني يقول فيه ما يلي :
السلسلة الصحيحة - (ج 6 / ص 167)
2668 - " كان آدم نبيا مكلما ، كان بينه و بين نوح عشرة قرون ، و كانت الرسل ثلاثمائة
و خمسة عشر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 358 :
أخرجه أبو جعفر الرزاز في " مجلس من الأمالي " ( ق 178 / 1 ) : حدثنا عبد
الكريم ابن الهيثم الديرعاقولي : حدثنا أبو توبة - يعني الربيع بن نافع - :
حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني أبو
أمامة : " أن رجلا قال : يا رسول الله ! أنبيا كان آدم ؟ قال : نعم ، مكلم .
قال : كم كان بينه و بين نوح ؟ قال : عشرة قرون . قال : يا رسول الله ! كم كانت
الرسل ؟ قال : ثلاثمائة و خمسة عشر " . قلت : و هذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم
ثقات رجال مسلم غير الديرعاقولي ، و هو ثقة ثبت كما قال الخطيب في " تاريخه " (
11 / 78 ) و كذلك قال ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 423 ) و اعتمده السمعاني في
" الأنساب " ، و الذهبي في " السير " ( 13 / 335 - 336 ) . و الحديث أخرجه ابن
حبان أيضا في " صحيحه " ( 2085 - موارد ) و ابن منده في " التوحيد " ( ق 104 /
2 ) و من طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 2 / 325 / 2 ) و الطبراني في "
الأوسط " ( 1 / 24 / 2 / 398 - بترقيمي ) و كذا في " الكبير " ( 8 / 139 - 140
) و الحاكم ( 2 / 262 ) و قال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي . و
كذا قال ابن عروة الحنبلي في " الكواكب الدراري " ( 6 / 212 / 1 ) و قد عزاه
لابن حبان فقط ، و قال ابن منده عقبه : " هذا إسناد صحيح على رسم مسلم و
الجماعة إلا البخاري . و روي من حديث القاسم أبي عبد الرحمن و غيره عن أبي
أمامة و أبي ذر بأسانيد فيها مقال " . قلت : حديث القاسم ، يرويه معان بن رفاعة
: حدثني علي بن يزيد عنه عن أبي أمامة مطولا ، و فيه : " قال : قلت : يا نبي
الله ! فأي الأنبياء كان أول ؟ قال : آدم عليه السلام . قال : قلت : يا نبي
الله ! أو نبي كان آدم ؟ قال : نعم ، نبي مكلم ، خلقه الله بيده ، ثم نفخ فيه
من روحه ، ثم قال له : يا آدم قبلا . قال : قلت : يا رسول الله ! كم وفى عدد
الأنبياء ؟ قال : مائة ألف و أربعة و عشرون ألفا ، الرسل من ذلك ثلاثمائة و
خمسة عشر ، جما غفيرا " . أخرجه أحمد ( 5 / 265 ) . و علي بن يزيد و هو
الألهاني ضعيف . و معان بن رفاعة لين الحديث كما في " التقريب " ، لكن يبدو أنه
لم يتفرد به ، فقد قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 159 ) : " رواه أحمد و
الطبراني في " الكبير " ، و مداره على علي بن يزيد و هو ضعيف " . هذا و زاد
الطبراني في حديث الترجمة كما تقدم : " قال : كم كان بين نوح و إبراهيم ؟ قال :
عشرة قرون " . و قال الهيثمي ( 8 / 210 ) : " رواه الطبراني ، و رجاله رجال
الصحيح غير أحمد بن خليد ، و هو ثقة " . و لهذه الزيادة شاهد من حديث أبي هريرة
مرفوعا بلفظ : " كان بين آدم و نوح عليهما السلام عشرة قرون ، و بين نوح و
إبراهيم عشرة قرون ، صلى الله عليهما " . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 437
) : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي قال : حدثنا
الوليد بن مسلم قال : حدثنا أبو عمرو عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي
هريرة مرفوعا به . أورده في ترجمة نصر هذا ، و قال : " لا يتابع عليه ، و لا
يعرف إلا به " . و قال الذهبي في " الميزان " . " محدث رحال ، ذكره ابن حبان في
( الثقات ) " . و قال الحافظ في " التقريب " : " لين الحديث " . ( تنبيه ) : (
رحال ) بالراء ، و وقع في المطبوعتين من " الميزان " ( دجال ) بالدال . و هو
تصحيف فاحش ، و التصحيح من مخطوطة الظاهرية . و أما حديث أبي ذر الذي أشار إليه
ابن منده فله عنه طرق : الأولى : عن عبيد بن الخشخاش عنه قال : أتيت النبي صلى
الله عليه وسلم و هو في المسجد ... الحديث بطوله ، و فيه حديث الترجمة ، و فيه
أن الرجل السائل هو أبو ذر نفسه . أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 478 ) : حدثنا
المسعودي عن أبي عمرو الشامي عن عبيد بن الخشخاش . و من هذا الوجه أخرجه أحمد (
5 / 178 و 179 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 1 / 10 و 26 ) من طرق أخرى عن
المسعودي به . و قال الهيثمي ( 1 / 160 ) : " رواه أحمد و البزار و الطبراني في
" الأوسط " ، و فيه المسعودي و هو ثقة ، و لكنه اختلط " . قلت : و عبيد بن
الخشخاش ضعفه الدارقطني ، و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " ( 3 / 170 ) و
قال : " روى عنه الكوفيون " . قلت : و الراوي عنه هذا أبو عمرو الشامي كما ترى
. الثانية : عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر به مطولا جدا ، و فيه حديث
الترجمة و زيادة عدد الأنبياء المتقدم في حديث علي بن يزيد . أخرجه ابن حبان في
" صحيحه " ( 94 - الموارد ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 166 - 168 ) من
طريق إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني : حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس
الخولاني به . قلت : و إبراهيم هذا متروك متهم بالكذب ، لكنه لم يتفرد به ، فقد
قال أبو نعيم عقبه : " و رواه المختار بن غسان عن إسماعيل بن سلمة عن أبي إدريس
" . قلت : و المختار هذا من رجال ابن ماجه ، روى عنه جمع ، و لم يذكروا توثيقه
عن أحد ، و قال الحافظ : " مقبول " . و شيخه إسماعيل بن سلمة لم أجد له ترجمة ،
و غالب الظن أنه محرف و الصواب ( إسماعيل بن مسلم ) فقد ذكروه في شيوخه ، و هو
العبدي الثقة ، و كذلك المختار هو عبدي ، فإذا صح الإسناد إليه ، فهو حسن لغيره
. و الله أعلم . و تابعه الماضي بن محمد عن أبي سليمان عن القاسم بن محمد عن
أبي إدريس الخولاني به . و فيه عدد الأنبياء أيضا . أخرجه ابن جرير في "
التاريخ " ( 1 / 150 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف ، لضعف الماضي بن محمد . و
شيخه أبو سليمان اسمه علي بن سليمان ، مجهول . و مثله القاسم بن محمد ، و ليس
هو المدني الثقة . فقد قال الحافظ ابن حجر : " أظن أنه شامي " . الثالثة : قال
أبو نعيم : و رواه معاوية بن صالح عن أبي عبد الملك محمد بن أيوب عن ابن عائذ
عن أبي ذر بطوله . قلت : و ابن أيوب هذا ذكره ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 196 - 197
) بهذه الرواية ، و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و ابن عائذ لم أعرف اسمه
الآن . الرابعة : عن يحيى بن سعيد العبشمي - من بني سعد بن تميم - : حدثنا ابن
جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر به . أخرجه أبو نعيم ، و البيهقي ( 9 /
4 ) ، لكن رواه من طريقه الحاكم ( 2 / 597 ) فسماه يحيى بن سعيد السعدي البصري
، و سكت عنه ، و قال الذهبي : " قلت : السعدي ليس بثقة " . قلت : الذي ليس بثقة
إنما هو يحيى بن سعيد المدني ، و هذا بصري فهو غيره ، و إليه يميل الحافظ في "
اللسان " ، فراجعه . قلت : و العبشمي هذا لم أعرفه ، و لم يورده السمعاني في
هذه النسبة . و جملة القول : إن عدد الرسل المذكورين في حديث الترجمة صحيح
لذاته ، و أن عدد الأنبياء المذكورين في أحد طرقه ، و في حديث أبي ذر من ثلاث
طرق ، فهو صحيح لغيره ، و لعله لذلك لما ذكره ابن كثير في " تاريخه " ( 1 / 97
) من رواية ابن حبان في " صحيحه " سكت عنه ، و لم يتعقبه بشيء ، فدل على ثبوته
عنده . و كذلك فعل الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 6 / 257 ) و العيني في "
العمدة " ( 7 / 307 ) ، و غيرهم ، و قال المحقق الآلوسي في " تفسيره " ( 5 /
449 ) : " و زعم ابن الجوزي أنه موضوع ، و ليس كذلك . نعم ، قيل : في سنده ضعف
جبر بالمتابعة " . و سبقه إلى ذلك و الرد على ابن الجوزي الحافظ ابن حجر في "
تخريج الكشاف " ( 4 / 114 ) ، و هو الذي لا يسع الباحث المحقق غيره كما تراه
مبينا في تخريجنا هذا و الحمد لله . و في عدد الأنبياء أحاديث أخرى ، هي في
الجملة متفقة مع الأحاديث المتقدمة على أن عددهم أكثر من عدد الرسل ، رويت من
حديث أبي سعيد الخدري ، و من حديث أنس بن مالك من طرق عنه ، عند أبي يعلى و
الطبراني و الحاكم ، لعلنا نتفرغ لتتبعها ، و تخريجها في المكان المناسب لها في
فرصة أخرى إن شاء الله تعالى . ثم خرجتها في " الضعيفة " برقم ( 6090 ) . و
اعلم أن الحديث و ما ذكرنا من الأحاديث الأخرى ، مما يدل على المغايرة بين
الرسول و النبي ، و ذلك مما دل عليه القرآن أيضا في قوله عز وجل : *( و ما
أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته )* الآية
. و على ذلك جرى عامة المفسرين ، من ابن جرير الطبري الإمام ، إلى خاتمة
المحققين الآلوسي ، و هو ما جزم به شيخ الإسلام ابن تيمية في غير ما موضع من
فتاويه ( المجموع 10 / 290 و 18 / 7 ) أن كل رسول نبي ، و ليس كل نبي رسولا . و
قال القرطبي في " تفسيره " ( 12 / 80 ) : " قال المهدوي <1> : و هذا هو الصحيح
أن كل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا . و كذا ذكر القاضي عياض في كتاب " الشفا "
، قال : و الصحيح الذي عليه الجم الغفير أن كل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا و
احتج بحديث أبي ذر .. " . قلت : و يؤكد المغايرة في الآية ما رواه أبو بكر
الأنباري في كتاب " الرد " له بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ : (
و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث ) . و قال أبو بكر : فهذا حديث
لا يؤخذ به على أن ذلك قرآن ، و المحدث هو الذي يوحى إليه في نومه ، لأن رؤيا
الأنبياء وحي . قلت : فإن صح ذلك عن ابن عباس فهو مما يؤكد ما ذكرنا من
المغايرة ، و إن كان لا يثبت به قرآن ، و يؤيده أن المغايرة هذه رويت عن تلميذه
مجاهد رحمه الله ، فقد ذكر السيوطي في " الدر " ( 4 / 366 ) برواية ابن المنذر
و ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : " النبي وحده الذي يكلم و ينزل عليه ، و لا يرسل
" . فهذا نص من هذا الإمام في التفسير ، يؤيد ما تتابع عليه العلماء من القول
بالمغايرة ، الموافق لظاهر القرآن و صريح السنة . و كان الدافع على تحرير هذا
أنني رأيت مجموعة رسائل لأحد فضلاء العصر الحاضر ، فيها رسالة بعنوان : " إتحاف
الأحفياء برسالة الأنبياء " ذهب فيها إلى عدم التفريق بين الرسول و النبي . و
بحثه فيها يدل المحقق المطلع على بحوث العلماء و أقوالهم ، على أن المؤلف لها
حفظه الله ارتجلها ارتجالا دون أن يتعب نفسه بالبحث عن أقوال العلماء في
المسألة ، و إلا فكيف جاز له أن يقول ( ج 1 / 429 ) : 1 - " و أسبق من رأينا
تكلم بهذا التفريق هو العلامة ابن كثير ... " ! و قد سبقه إلى ذلك مجاهد ،
التابعي الجليل ( ت 104 ) و شيخ المفسرين ابن جرير ( ت 310 ) و البغوي ( ت 516
) و القرطبي ( ت 671 ) و الزمخشري ( ت 538 ) ، و غيرهم ممن أشرت إليهم آنفا .
2 - كيف يقول ( ص 431 ) : " إن ابن تيمية لم يذكر التفريق المشار إليه في كتابه
( النبوات ) " ! و ليس من اللازم أن يذكر المؤلف كل ما يعلمه في الموضوع في
كتاب واحد ، فقد ذكر ذلك ابن تيمية في غير ما موضع من فتاواه ، فلو أنه راجع "
مجموع الفتاوى " له لوجد ذلك في ( 10 / 290 و 18 / 7 ) . و من ذلك تعلم بطلان
قوله عقب ذلك : " فهذه الغلطة في التفريق بين الرسول و النبي يظهر أنها إنما
دخلت على الناس من طريق حديث موضوع رواه ابن مردويه عن أبي ذر ، و هو حديث طويل
جدا لا يحتمل أبو ذر حفظه مع طوله .. " ! أقول : ليس العمدة في التفريق المذكور
على هذا الحديث الطويل الذي زعم أن أبا ذر لا يتحمل حفظه كما شرحت ذلك في هذا
التخريج الفريد في بابه فيما أظن ، و تالله إن هذا الزعم لبدعة في علم الجرح و
التعديل ما سبق - و الحمد لله - من أحد إلى مثلها ! و إلا لزمه رد أحاديث كثيرة
طويلة صحيحة ثابتة في الصحيحين و غيرهما ، كحديث صلح الحديبية ، و حديث الدجال
و الجساسة ، و حديث عائشة : " كنت لك كأبي زرع لأم زرع " ، و غيرها . و لعله لا
يلتزم ذلك إن شاء الله تعالى و تقليده لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع
مردود ، لأن التقليد ليس بعلم ، كما لا يخفى على مثله ، ثم لماذا آثر تقليده
على تقليد الذين ردوا عليه حكمه عليه بالوضع ؟ كالحافظ العسقلاني و المحقق
الآلوسي و غيرهما ممن سبقت الإشارة إلى كلامهم ، لاسيما و هو يعلم تشدد ابن
الجوزي في نقده للأحاديث ، كما يعلم إن شاء الله أن نقده لو سلم به ، خاص في
بعض طرق الحديث التي خرجتها هنا . و من غرائبه أنه ذكر آية الأمنية : *( و ما
أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى .. )* و أن الواو تفيد المغايرة
، ثم رد ذلك بقوله : " و الجواب أن مثل هذا يقع كثيرا في القرآن و في السنة
يعطف بالشيء على الشيء ، و يراد بالتالي نفس الأول كما في قوله : *( إن
المسلمين و المسلمات ، و المؤمنين و المؤمنات )* ، فغاير بينهما بحرف العطف ، و
معلوم أن المسلمين هم المؤمنون ، و المؤمنين هم المسلمون " . فأقول : هذا غير
معلوم ، بل العكس هو الصواب ، كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه ، و
بخاصة منها كتابه " الإيمان " ، و لذلك قال في " مختصر الفتاوى المصرية " ( ص
586 ) : " الذي عليه جمهور سلف المسلمين : أن كل مؤمن مسلم ، و ليس كل مسلم
مؤمنا ، فالمؤمن أفضل من المسلم ، قال تعالى 49 : 14 : *( قالت الأعراب آمنا قل
لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا )* " . فالآية كما ترى حجة عليه ، و يؤيد ذلك
تمامها : *( القانتين و القانتات ... )* الآية : فإن من الظاهر بداهة أنه ليس
كل مسلم قانتا ! ثم ذكر آية أخرى لا تصلح أيضا دليلا له ، و هي قوله تعالى : *(
قل من كان عدوا لله و ملائكته و رسله و جبريل و ميكال .. )* ، قال : فعطف
بجبريل و ميكال على الملائكة و هما منهم " . أقول : نعم ، و لكن هذا ليس من باب
عطف الشيء على الشيء و يراد بالتالي نفس الأول كما هو دعواه ، و إنما هذا من
باب عطف الخاص على العام . و هذا مما لا خلاف فيه ، و لكنه ليس موضع البحث كما
هو ظاهر للفقيه . نعم إن ما ذهب إليه المومى إليه في الرسالة السابقة من إنكار
ما جاء في بعض كتب الكلام في تعريف النبي أنه من أوحي إليه بشرع و لم يؤمر
بتبليغه ، فهو مما أصاب فيه كبد الحقيقة ، و لطالما أنكرناه في مجالسنا و
دروسنا ، لأن ذلك يستلزم جواز كتمان العلم مما لا يليق بالعلماء ، بله الأنبياء
، قال تعالى : *( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما
بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون )* . و لعل المشار
إليه توهم أن هذا المنكر إنما تفرع من القول بالتفريق بين الرسول و النبي ،
فبادر إلى إنكار الأصل ليسقط معه الفرع ، كما فعل بعض الفرق قديما حين بادروا
إلى إنكار القدر الإلهي إبطالا للجبر ، و بعض العلماء في العصر الحاضر إلى
إنكار عقيدة نزول عيسى و خروج المهدي عليهما السلام ، إنكارا لتواكل جمهور من
المسلمين عليها . و كل ذلك خطأ ، و إن كانوا أرادوا الإصلاح ، فإن ذلك لا يكون
و لن يكون بإنكار الحق الذي قامت عليه الأدلة . و لو أن الكاتب المشار إليه
توسع في دراسة هذه المسألة قبل أن يسود رسالته ، لوجد فيها أقوالا أخرى
استوعبها العلامة الآلوسي ( 5 / 449 ) ، و لكان بإمكانه أن يختار منها ما لا
نكارة فيه كمثل قول الزمخشري ( 3 / 37 ) : " و الفرق بينهما ، أن الرسول من
الأنبياء : من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه . و النبي غير الرسول : من
لم ينزل عليه كتاب ، و إنما أمر أن يدعو الناس إلى شريعة من قبله " . و مثله
قول البيضاوي في " تفسيره " ( 4 / 57 ) : " الرسول : من بعثه الله بشريعة مجددة
يدعو الناس إليها ، و النبي يعمه ، و من بعثه لتقرير شرع سابق ، كأنبياء بني
إسرائيل الذين كانوا بين موسى و عيسى عليهم السلام ، و لذلك شبه النبي صلى الله
عليه وسلم علماء أمته بهم " . يشير إلى حديث " علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل
" و لكنه حديث لا أصل له ، كما نص على ذلك الحافظ العسقلاني و السخاوي و غيرهما
. ثم إنهم قد أوردوا على تعريفه المذكور اعتراضات يتلخص منها أن الصواب حذف
لفظة " مجددة " منه ، و مثله لفظة " الكتاب " في تعريف الزمخشري ، لأن إسماعيل
عليه السلام ، لم يكن له كتاب و لا شريعة مجددة ، بل كان على شريعة إبراهيم
عليهما السلام ، و قد وصفه الله عز وجل في القرآن بقوله : *( إنه كان صادق
الوعد و كان رسولا نبيا )* . و يبقى تعريف النبي بمن بعث لتقرير شرع سابق ، و
الرسول من بعثه الله بشريعة يدعو الناس إليها ، سواء كانت جديدة أو متقدمة . و
الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] من علماء المغرب ، و اسمه محمد بن إبراهيم المهدوي . توفي سنة ( 595 ) ." انتهى كلام الألباني .

غالب الساقي
2009-05-21, 07:58 AM
أحسن الله إليك أخي الساقي. أعدت كتابة الآيتين الكريمتين لأنهما لم تكونا مقروأتين. فإن لم أكن قد وافقت اختيارك في إحداهما فأخبرني لأغيرها.


جزاك الله خيرا
بالنسبة للآيات الكريمات فكنت قد ذكرت احتجاجا على كون هارون رسولا قوله تعالى : {فأتياه فقولا إنا رسولا ربك } [طه:47] لأنها نص صريح على ذلك بخلاف الآية التي ذكرتها فإن الإرسال يكون للنبي كما يكون للرسول لقوله تعالى : {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} [ الحج52] بارك الله فيك .

أبو سلمان الجزائري
2009-05-22, 04:15 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
الاشكال ليس قائما في كون هارون عليه السلام رسول أو نبي فتوجيه ذلك كما بينه الأخ غالب قد ذكره شيخ الاسلام وبينه من كون النبي يرسل ولا يطلق عليه كونه رسولا
الاشكال هو في وجود بعض الرسل لم يأتوا بشرع جديد وهم رسل فيوسف كان على ملة إبراهيم ، وداود وسليمان كانا رسولين ، وكانا على شريعة التوارة
فكيف الجواب ؟

أبو الفداء
2009-05-22, 11:25 AM
بارك الله فيك أيها الفاضل الساقي.. قد قُمت بدمج الموضوعين ها هنا حتى تجتمع المناقشة في مسار واحد.
قولك حفظك الله:

وأما بالنسبة للآيات الكريمات فكنت قد ذكرت احتجاجا على كون هارون رسولا قوله تعالى : {فأتياه فقولا إنا رسولا ربك } [طه:47] لأنها نص صريح على ذلك بخلاف الآية التي ذكرتها فإن الإرسال يكون للنبي كما يكون للرسول لقوله تعالى : {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي} [ الحج52]
ألا ترى معي أن كلامك في كون هارون عليه السلام رسولا وليس نبيا استنادا إلى آية طه، يرد عليه ما قررتَه من أن الإرسال يكون للنبي كذلك - وهو صحيح على اعتبار الإرسال العارض في حق النبي؟ فهو سبحانه يقول لهما ما معناه "إذهبا إليه وقولا أنكما رسولا الرب"، فيوحي بأن المراد أن يُعلماه بأن الرب قد أرسلهما إليه.. فهذه مثلها من هذه الجهة كمثل قوله تعالى في سورة المؤمنون: ((ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ )) ولا فرق، إما أن يحملا جميعا على الإرسال العارض في حق كل من موسى الرسول وهارون النبي إلى فرعون، وإما على أن كلا من موسى وهارون نبيان رسولان على السواء، عليهما الصلاة والسلام.. فلعله بذلك يُنتقض الاستدلال بكلا الآيتين جميعا لورود الاحتمال عليهما، والله أعلم.

غالب الساقي
2009-05-22, 03:15 PM
يقال أرسل الله نبيه فلانا ولا يلزم من ذلك أن يسمى رسولا لأننا لو استلزمنا ذلك سيلزمنا أن نجعل كل نبي رسولا
لأن النبي قد أرسله الله أيضا وإن لم يكن رسولا لقوله تعالى : " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي "
وقد دلت الأدلة على الفرق والمراد معرفة معنى الرسول شرعا لا لغة ولا سبيل لنا إلى معرفة كون النبي رسولا أم نبيا فقط إلا من خلال النص أن ينص عليه أنه رسول أو إذا عرفنا تعريف الرسول الراجح نعرف الرسول من النبي فقط من خلال انطباق التعريف عليه . والله أعلم .

أبو الفداء
2009-05-22, 08:29 PM
يقال أرسل الله نبيه فلانا ولا يلزم من ذلك أن يسمى رسولا لأننا لو استلزمنا ذلك سيلزمنا أن نجعل كل نبي رسولا
أحسن الله إليك، لم أقل ما يلزم منه ذلك. وإنما عندنا صورتان تفهمان من الآيتين:
/// صورة رسول (باصطلاح الشرع) يُرسل إلى ملك من الملوك بآيات من الله (كما أُرسل موسى الرسولُ إلى فرعون)، ونبي يُرسل كذلك (كما أُرسل هارون النبيُ إلى فرعون أيضا، على القول بأنه نبي وليس رسولا باصطلاح الشرع)،
/// وصورة رسولين (باصطلاح الشرع) أرسلهما الله إلى فرعون (على القول بأن هارون رسول باصطلاح الشرع كأخيه موسى عليهما السلام على السواء).
كلا الصورتين محتملتان من الآيتين!
فالاستدلال بهما وحدهما على دخول هارون عليه السلام في المعنى الشرعي للرسول لا تقوم به حجة.. إذ لا زلنا نحتاج إلى دليل خارجي لنعرف هل الإرسال المذكور في حقهما في الآيتين هو الإرسال لغة أم شرعا، والله أعلم.

ولا سبيل لنا إلى معرفة كون النبي رسولا أم نبيا فقط إلا من خلال النص أن ينص عليه أنه رسول أو إذا عرفنا تعريف الرسول الراجح نعرف الرسول من النبي فقط من خلال انطباق التعريف عليه
بارك الله فيك.. هذا هو المطلب هنا، وهو محل النزاع أصلا كما لا يخفاك.

السكران التميمي
2009-05-23, 06:37 PM
فائدة قد تكون نفيسة جدا

أرجح أقوال العلماء في تعريف كل من النبي والرسول في الشرع:
أن النبي: هو من أوحى الله إليه بما يفعله ويأمر به المؤمنين.
والرسول: هو من أوحى الله إليه وأرسله إلى من خالف أمر الله ليبلغ رسالة الله.

والفرق بينهما:
أن النبي من نبأه الله بأمره ونهيه ليخاطب المؤمنين ويأمرهم بذلك ولا يخاطب الكفار ولا يرسل إليهم.
وأما الرسول فهو من أرسل إلى الكفار والمؤمنين ليبلغهم رسالة الله ويدعوهم إلى عبادته.

وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فقد كان يوسف على ملة إبراهيم، وداوود وسليمان كانا على شريعة التوراة وكلهم رسل.
قال تعالى: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله رسولا}.
وقال تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان واءاتينا داود زبورا * رسلا قد قصصنا عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما}.

وقد يطلق على النبي أنه رسول كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى القى الشيطان في أمنيته}، فذكر الله عز وجل أنه يرسل النبي والرسول.

وبيان ذلك: أن الله تعالى إذا أمر النبي بدعوة المؤمنين إلى أمر فهو مرسل من الله إليهم، لكن هذا الإرسال مقيد.
وأما الإرسال المطلق فهو إرسال الرسل إلى عامة الخلق من الكفار والمؤمنين.

والله تعالى أعلم

أبو عبدالرحمن بن ناصر
2009-05-23, 09:58 PM
فائدة قد تكون نفيسة جدا


أرجح أقوال العلماء في تعريف كل من النبي والرسول في الشرع:
أن النبي: هو من أوحى الله إليه بما يفعله ويأمر به المؤمنين.
والرسول: هو من أوحى الله إليه وأرسله إلى من خالف أمر الله ليبلغ رسالة الله.

والفرق بينهما:
أن النبي من نبأه الله بأمره ونهيه ليخاطب المؤمنين ويأمرهم بذلك ولا يخاطب الكفار ولا يرسل إليهم.
وأما الرسول فهو من أرسل إلى الكفار والمؤمنين ليبلغهم رسالة الله ويدعوهم إلى عبادته.



هذا هو تعريف شيخ الإسلام الذي ذكرته في أول الموضوع

غالب الساقي
2009-05-23, 10:09 PM
فائدة قد تكون نفيسة جدا


أرجح أقوال العلماء في تعريف كل من النبي والرسول في الشرع:
أن النبي: هو من أوحى الله إليه بما يفعله ويأمر به المؤمنين.
والرسول: هو من أوحى الله إليه وأرسله إلى من خالف أمر الله ليبلغ رسالة الله.

والفرق بينهما:
أن النبي من نبأه الله بأمره ونهيه ليخاطب المؤمنين ويأمرهم بذلك ولا يخاطب الكفار ولا يرسل إليهم.
وأما الرسول فهو من أرسل إلى الكفار والمؤمنين ليبلغهم رسالة الله ويدعوهم إلى عبادته.
وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فقد كان يوسف على ملة إبراهيم، وداوود وسليمان كانا على شريعة التوراة وكلهم رسل.
قال تعالى: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله رسولا}.
وقال تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان واءاتينا داود زبورا * رسلا قد قصصنا عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما}.

جزاك الله خيرا
وهل ترى أن زكريا ويحيى من الرسل بناء على قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"قال تعالى { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } .
وبناء على هذه الآية يتبين أن كل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهو رسول ".
فإذا كانا من الرسل فهل ينطبق عليهما الوصف الذي ذكرته .

السكران التميمي
2009-05-23, 10:25 PM
بالنسبة لي هم أنبياء، وإطلاق الرسالة عليهم إطلاق مجازي لغوي فقط

غالب الساقي
2009-05-23, 11:13 PM
إذا الآن نحن بحاجة للنظر في رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والبحث فيه لنقبله أو نرده على بصيرة فإن كان صحيحا ورد الإشكال على تفريق شيخ الإسلام وإن كان مرجوحا فلا إشكال إلا أن ينازع شخص فيقول كل الأنبياء الذين ذكروا في القرآن بعثوا إلى قوم كفار مخالفين لهم حينئذ يزول التعارض بين رأي الشيخين
وعلى كل وجود مثل هذه الإشكالات مع عدم وضوح الدليل على هذا التفريق سوى الاحتمال لا يحسم هذه المسألة ولا يجعل من يقول بهذا التفريق مطمئنا تماما لصحته .
أقول هذا لكوني في طور بحث هذه المسألة ولم يترجح لدي تفريق مما ذكره العلماء للآن فلعل إخواني يكون لهم لفتات مضيئة نستطيع من خلالها الوصول إلى قول واضح بالدليل
وإلا فيمكن التوقف أو الميل إلى أحد الأقوال بدون تأكيد والله أعلم .

غالب الساقي
2009-05-23, 11:42 PM
أحسن الله إليك، لم أقل ما يلزم منه ذلك. وإنما عندنا صورتان تفهمان من الآيتين:
/// صورة رسول (باصطلاح الشرع) يُرسل إلى ملك من الملوك بآيات من الله (كما أُرسل موسى الرسولُ إلى فرعون)، ونبي يُرسل كذلك (كما أُرسل هارون النبيُ إلى فرعون أيضا، على القول بأنه نبي وليس رسولا باصطلاح الشرع)،
/// وصورة رسولين (باصطلاح الشرع) أرسلهما الله إلى فرعون (على القول بأن هارون رسول باصطلاح الشرع كأخيه موسى عليهما السلام على السواء).
كلا الصورتين محتملتان من الآيتين!
فالاستدلال بهما وحدهما على دخول هارون عليه السلام في المعنى الشرعي للرسول لا تقوم به حجة.. إذ لا زلنا نحتاج إلى دليل خارجي لنعرف هل الإرسال المذكور في حقهما في الآيتين هو الإرسال لغة أم شرعا، والله أعلم.

بارك الله فيك.. هذا هو المطلب هنا، وهو محل النزاع أصلا كما لا يخفاك.

أحسن الله إليك قوله "إنا رسولا ربك " يصعب أن لا يفهم منها أن هارون رسول .
فالظاهر من هذا النص أنه رسول الله بالمعنى الشرعي ولا مانع من الوقوف عند هذا الظاهر ولا دليل على عدم كونه مرادا فلا يحسن تأويله إلى المعنى اللغوي والله أعلم .
جاء في تفسير ابن كثير - (ج 6 / ص 137):
"{فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، وقال في الآية الأخرى: { إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ } [طه:47] أي: كل منا رسول الله إليك،"

أبو الفداء
2009-05-24, 12:25 AM
فالظاهر من هذا النص أنه رسول الله بالمعنى الشرعي ولا مانع من الوقوف عند هذا الظاهر ولا دليل على عدم كونه مرادا فلا يحسن تأويله إلى المعنى اللغوي والله أعلمأكرمك الله، بل ظاهرها لا يمنع أن يكون المراد الإرسال اللغوي، ولا يمكن تعيين الوجه المراد إلا بدليل خارجي.
/// ما نقلتَه من كلام ابن كثير رحمه الله في قوله: "أي: كل منا رسول الله إليك" ، هذا لا يفهم منه أن ابن كثير حمله على المعنى الشرعي، بل ظاهر كلامه رحمه الله أن المراد هو الإرسال اللغوي بمعنى "أرسلنا الله بآية إليك أنت". وقد قررتَ قبل قليل أنه لا يمتنع أن يكون مثله في حق نبي كما يكون في حق رسول! فقد قلتَ باللفظ:

يقال أرسل الله نبيه فلانا ولا يلزم من ذلك أن يسمى رسولا لأننا لو استلزمنا ذلك سيلزمنا أن نجعل كل نبي رسولا /// فما المانع إذن - على هذا التأصيل الذي تفضلتَ به - من أن يقال في تأويل هذه الآية: أرسل الله رسوله موسى ونبيه هارون (وزيرا له) إلى فرعون، على نفس هذا التوجيه الذي قررتَه؟ ليس في ظاهر الآية ما يمنعه!
/// والذي يمنعه ههنا ويحمل اللفظ على المعنى الشرعي للإرسال، فإنه يعوزه عين الدليل الذي يحتاج إليه القائل بأن النبي لا يرسله الله إلى قوم كفار، ولكنه يُبعث ليدعو قومه الذين هم أتباع رسول سابق عليه، وكل ما كان على نحو هذا القول في التفريق بين النبي والرسول فإنه يفتقر إلى مثل هذا الدليل ولا فرق، والله أعلم.
/// بل لقد ساق ابن كثير هذه الرواية، قال: "وذكر محمد بن إسحاق بن يسار أن موسى وأخاه هارون خرجا فوقفا بباب فرعون يلتمسان الإذن عليه وهما يقولان إنا رسولا رب العالمين فآذنوا بنا هذا الرجل فمكثا فيما بلغني سنتين يغدوان ويروحان لا يعلم بهما ولا يجترئ أحد على أن يخبره بشأنهما حتى دخل عليه بطال له يلاعبه ويضحكه فقال له أيها الملك إن على بابك رجلا يقول قولا عجيبا يزعم أن له إلها غيرك أرسله إليك قال ببابي ؟ قال نعم قال أدخلوه فدخل ومعه أخوه هارون .." إلى آخر الرواية.
قلت: وهذا أظهر على كون المعنى المراد هنا عنده رحمه الله = الإرسال اللغوي، الذي لا يلزم منه أن يكون المرسَلُ رسولا على وجه الاصطلاح الشرعي.

أبو الفداء
2009-05-24, 02:06 AM
الذي يظهر لي - والله أعلم - أن قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في قوله تعالى: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)) الآية [غافر : 78]
قول ليس بالوجيه.. فلا يلزم من قوله تعالى ((منهم من قصصنا عليك)) - يريد بذلك الرسل وليس النبيين -، ألا يكون في القرءان قصص لأنبياء من دون الرسل! بل إنه من الواضح أن النبيين المذكورين في القرءان (الذين هم ليسوا برسل) لا تعلق لهم بهذه الآية، إذ هي في الرسل دون غيرهم، وهم طائفة مخصوصة من النببين! ولو كان نص الآية هكذا: "ولقد اصطفينا من قبلك أنبياء منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك" لدخل المرسلون الذين قص الله قصصهم أيضا لزوما على وجه الاستيعاب، إذ كل رسول نبي كما هو معلوم، ولكن العكس لا يصح!
فالحاصل أنه لا يستدل بهذه الآية على أن كل من حكى الله قصصهم في القرءان رسل ولابد، والله أعلى وأعلم. وإلا فهل وقف أحدكم على سلف للشيخ رحمه الله في هذا الاستدلال؟

السكران التميمي
2009-05-24, 02:05 PM
إذا الآن نحن بحاجة للنظر في رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والبحث فيه لنقبله أو نرده على بصيرة فإن كان صحيحا ورد الإشكال على تفريق شيخ الإسلام وإن كان مرجوحا فلا إشكال إلا أن ينازع شخص فيقول كل الأنبياء الذين ذكروا في القرآن بعثوا إلى قوم كفار مخالفين لهم حينئذ يزول التعارض بين رأي الشيخين
وعلى كل وجود مثل هذه الإشكالات مع عدم وضوح الدليل على هذا التفريق سوى الاحتمال لا يحسم هذه المسألة ولا يجعل من يقول بهذا التفريق مطمئنا تماما لصحته .
أقول هذا لكوني في طور بحث هذه المسألة ولم يترجح لدي تفريق مما ذكره العلماء للآن فلعل إخواني يكون لهم لفتات مضيئة نستطيع من خلالها الوصول إلى قول واضح بالدليل
وإلا فيمكن التوقف أو الميل إلى أحد الأقوال بدون تأكيد والله أعلم .

يبقى قول شيخنا رحمه الله تعالى مجرد رأي في تأويل الآية وتفسيرها، لعل غيره على الأقل بالنسبة لي أولى منه.

والله تعالى أعلم

غالب الساقي
2009-05-24, 03:26 PM
وجدت الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يحتج بدليل آخر على أن كل نبي ذكر في القرآن فهو رسول وإليك كلامه في
تفسير القرآن للعثيمين - (ج 5 / ص 347):
"قوله تعالى: { الرسول }؛ «أل» هنا للعهد؛ والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم؛ { الرسول } بمعنى مرسَل؛ و «الرسول» - كما قال العلماء - هو من أوحي إليه بشرع، وأُمِر بتبليغه؛ هذا الذي عليه أكثر أهل العلم؛ و «النبي» هو الذي لم يؤمر بتبليغه ما لم يدل الدليل على أن المراد به الرسول؛ ففي القرآن الكريم كل من وصف بالنبوة فهو رسول؛ لقوله تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده...} [النساء: 163] إلى قوله تعالى: {رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [النساء: 165] ؛ ولقوله تعالى: {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله} [غافر: 78] "انتهى كلامه
وهذا مما يجعلنا نحتاج إلى نظر أطول وجهد أكبر لموافقته أو مخالفته وإلا فالتوقف والله أعلم .

أبو الفداء
2009-05-24, 05:29 PM
قول الشيخ رحمه الله:

«النبي» هو الذي لم يؤمر بتبليغه ما لم يدل الدليل على أن المراد به الرسولفيه قيد في حد النبي لم أره عند أحد غيره، وهو قوله "ما لم يدل الدليل على أن المراد به الرسول" وهو احتراز دقيق ولا شك، ولكن عند التأمل تجد أنه هو نفسه مناط النزاع بين النظار! فمآل هذا الحد بهذا الاحتراز إلى القول بأن النبي في القرءان هو من اصطفاه الله بالوحي ولكن لم يدل الدليل على أنه رسول، وهذا لا يخالف فيه أحد! ولأن الشيخ رحمه الله اختار مذهب الجمهور - وهو مذهب ظاهر الضعف، والله أعلم - جاء توجيهه للتفريق بين النبي والرسول في القرءان من هذا الوجه.. وكلام الشيخ رحمه الله يتركنا في حيرة من أمرنا: إذ أنه إن لم يكن الدليل على التفريق بينهما هو الأمر بالتبليغ من عدمه كما نص عليه الشيخ في الحد الذي ذكره، فما هو الدليل إذن؟ يعني ما الدليل الذي يتطلبه الشيخ لمعرفة ما إذا كان النبي المذكور في القرءان نبيا فقط أم نبيا ورسولا، إن لم يكن هذا الدليل - ولابد - داخلا في حد الرسول عنده، حتى يكون الحد - ومن ثم التفريق بينهما - جامعا مانعا؟ فالحاصل أن هذا الحد - على دقة الاحتراز الذي فيه - ليس جامعا مانعا، والله أعلم.
/// أما قوله تعالى: ((إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً)) [النساء : 163]
فليس فيه ما يدل على أن كل نبي جاء ذكره في القرءان فهو رسول! بل غاية ما يؤخذ منه فيما يظهر أن نوحا وإبراهيم وسائر المذكورين في الآية بما فيهم المخاطب محمد، عليهم جميعا صلاة الله وسلامه = أنبياء كلهم! وهذا لا مرية فيه ولا يتحصل منه مراد الشيخ!
/// بل لو تأملت لوجدت أن تفريق الرب جل وعلا بين نوح وغيره من الذين سماهم في الآية، وبين "النببين من بعد نوح" يوحي بأن المراد بالنبيين هنا هم سائر من أوحى الله إليهم واصطفاهم للنبوة من البشر، سواء من ذكر قصصهم في القرءان ومن لم يذكر، وسواء منهم من كان رسولا ومن لم يكن، والله أعلم.
/// ولو أننا اعتمدنا على أن قوله تعالى ((رسلا مبشرين ومنذرين)) منسحب على قوله ((والنبيين من بعده)) كما يوحي كلام الشيخ، لسقط التفريق بين النبي والرسول جملة واحدة، ولقلنا بأن كل من بعث الله من النبيين من بعد نوح = رسل (على وجه الاصطلاح الشرعي)، وليس فقط من ذكرهم الله في القرءان.. وهذا لا قائل به!
/// بل إن الآية على توجيه الشيخ لها، يؤخذ منها خلاف مذهب الجمهور، وهو أن النبيين بدخولهم في قوله تعالى ((رسلا مبشرين ومنذرين)) يكونون مأمورين بالبلاغ والبشارة والنذارة كما هو شأن الرسل سواء بسواء!
/// والذي يظهر لي - والله أعلم - أنها مبنية على الآية السابقة عليها في قوله تعالى: ((وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً)) [النساء : 164] فقوله ((رسلا مبشرين ومنذرين)) صفة للرسل الذين قصهم الله والذين لم يقصهم، ولا دليل في ذلك كما تقدم على أن النببين في القرءان لا يراد بها إلا الرسل، والله أعلم.