عادل الغرياني
2014-09-24, 11:30 AM
الداعية بين الكون وآياتهالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلموبعديقول الله تعالى : " أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر "والله أعلم بمراده سنجول بخواطرنا في ربط آيات الكون بالتذكرة ( هذه الخاطرة سمعتها قديما من د عاطف الغرياني )يأمرنا الله تعالى أن ننظر ونتأمل ؛ لذلك قيل : تفكر ساعة خير من عبادة سنةكيف تكون هذه الآيات حولنا ولا نعتبر ولا نتفكر فيها .أيها الداعية : لو تمعنت الآيات لوجدت ارتباطا وثيقا بين آيات الله في كونه وبين الداعية الذي يذكر الناس ." أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت "انظر إلى الإبل وما تمتازبها خَلقا وخُلقا، فهي في الخلق عظيمة وعجيبة لم تعرفها العرب إنما جاء بها الفرس قديما لبلاد العرب ، وقيل : إنها خلقت من الجن ، ولها فقه يختلف عن باقي الأنعام (( لا تصلوا في مبارك الإبل )) ومريض الكبد والاستسقاء يستشفي (( بأبوالها وألبانها )) – كما في قصة العرنيين – تسمى سفينة الصحراء ، تتحمل المشاق والعطش ؛ هي عنوان الصبر ، ويؤكل لحمها وتحمل الأثقال ومركب ذلول .........ومآرب أخرىفأنت أيها الداعية عندما تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وجب عليك أن تصبر على ماأصابك ؛ لأنه من عزم الأمور ، وكما عزمت على التواصي بالحق وجب عليك أن تتواصى بالصبر ؛لأنه ما قال الحق أحد إلا وسمع مالا يرضى .فالجمل قوي صبور وكذلك الداعية ."و إلى السماء كيف رفعت "العلو والعزة التى تتلألأ في الداعية هي نجومه لو سقطت لانطفأت سماؤه ، فهو عزيز وعال في غير كبر .فالسماء كما هي عالية ، ولكنها تأتي بالسحب لتعطف على العطاشى وتُظل الحيارى ، وكذلك الداعية فهو بدينه عزيز ويعطف على البعيدين يأخذ بأيديهم بلين . فهي بشمسها تضيء وتدفئ ." وإلى الجبال كيف نصبت "الجبال أوتاد الأرض ولولاها لاهتزت وزلزلت فهي الرواسي الشامخات وكذلك الداعية مرفوع الرأس شامخ صامد ما تزيده المحن إلا صلابة ، وتكسر على ظهره عهود الظلم ، وبعدها يقف شامخا فما تؤثر فيه القلاقل كأن ريحا أتته فشاح بوجهه عنها ، قمة الرسوخ والصلابة والجلد والثبات علىالتوحيد وعقيدة الولاء والبراء لا تهزه الرياح ولا تؤثر فيه عوامل التعرية والنحت وهطول السيول . ومع ذلك تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب تدور مع الكون حيث دار يجدد من نفسه في غير ضعة ولا مخالفة ، يجدد وسائل دعوته فهو يكتب ويتكلم وعلى شبكة التواصل يحاور ويذكر ، شامخ وراسي ولا يقف في مكانه ." وإلى الأرض كيف سطحت "مثالا للتواضع في غير ذل وخنوع وضعة ، الأرض مليئة بالكنوز المدفونة ، فهذا الداعية المتواضع المملوء احتراما وأدبا ثم علما ، الأرض تستقبل ما تنزله السماء بكل رضا من ماء لتجعله في أنهار وجداول لخدمة الإنسان .ومع ذلك بداخلها براكين نار ولكن أنت لا ترى إلا ظاهرها الجميل ماء وخضرة وجبال ( مختلف ألوانه )فالداعية مملوءة رأسه بالعلوم ، وقلبه معمور بالاطمئنان ، متواضع لين للمؤمنين ، عزيز مع غيرهم ، يحمل في كبده نيران وهم على أمته لو خرجت لأحرقت السحب المملوءة بالماء ،هذه صفات الداعية المتلائمة مع الكون الذي يعيش فيه ، ومع هذه التذكرة فما أنت إلا مذكر كما ترى آيات الكون . السماء تريد أن تسقط على تارك الصلاة والأرض تريد بلعه والبحار إغراقه فكذلك أنت ما عليك إلا البلاغ القولي ، كما لهم البلاغ البصري فلست بمصيطر عليهم " ما من حسابك عليهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء "-- عفوا هذا ليس تفسيرا ، كي لا أقحم الآيات فالله أعلم بمراده، ولكنها خواطر أثَّرت فيّ فقلت ننشرها كي نتعظ بالتفكر والتذكر والله أعلم ، فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان _إن تجد عيبا فسد الخللا جل من لاعيب فيه وعلاوصل اللهم على محمد وآله .وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين .عادل الغرياني