المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد من تفسير سورة النساء لابن عثيمين



أحمد البكري
2014-08-16, 03:10 PM
6 ـ أن التحاكم إلى غير الله ورسوله تحاكم إلى الطاغوت، لقوله: { {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} }.
7. أن التحاكم إلى غير الله ورسوله كفر، وتؤخذ من تكذيبهم دعوى الإيمان في قوله: { {يَزْعُمُونَ} }؛ لأنهم لو كانوا مؤمنين ما أرادوا التحاكم إلى الله ورسوله.
8. أنه إذا كانت إرادة التحاكم إلى الطاغوت مخرجة من الإسلام فالتحاكم إليه فعلاً من باب أولى، فمن كان يهوى ويريد أن يكون التحاكم إلى الطاغوت ـ وإن لم يتحاكم إليه ـ فإنه ليس بمؤمن، فكيف بمن حقق هذه الإرادة وتحاكم إلى الطاغوت فعلاً؛ ولهذا قال الله تعالى في آية أخرى: { {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *}} [النساء: 65] قيود عظيمة ومؤكدة. {{حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}} وهذا الفعل، {{ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ}} أي: لا يجدوا ضيقاً فيما قضيتَ.
9 ـ أننا مأمورون بأن نكفر بالطاغوت، لقوله: {{وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} } [النساء: 60]، ولا يتم إيماننا إلا بالكفر بالطاغوت؛ لقوله: { {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}} [البقرة: 256]، فلا بد من الكفر بالطاغوت، وإلا لم يصح الإيمان بالله.

أحمد البكري
2014-08-23, 01:42 PM
قال الله تعالى: { {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً *}} [النساء: 59]

... من فوائد الآية الكريمة:

10 ـ وجوب رد الأمور المتنازع فيها إلى الله ورسوله؛ لقوله: { {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} }.
11 ـ تحريم رد المسائل المتنازع فيها إلى القوانين الوضعية، أو تحكيم أهل الكفر والإلحاد، لقوله: { {إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} }.
12 ـ تحريم التقليد مع وضوح الدليل، لقوله: { {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} }، وإنما قلنا: مع وضوح الدليل؛ لأن التقليد يجوز للضرورة إذا لم يعلم الإنسان، لقوله تعالى: { {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}} [النحل: 43] ، ولم يأمر سبحانه بسؤال أهل الذكر إلا للرجوع إلى ما يقولون، وإلا لم يكن هناك فائدة من سؤال أهل الذكر.
13 ـ أن الرد إلى الله والرسول من مقتضيات الإيمان، لقوله: { {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ} }.
14 ـ أن من ادعى الإيمان بالله واليوم الآخر ولكنه لا يرد مسائل النزاع إلى الله ورسوله فإنه كاذب؛ لأن قوله: { {إِنْ كُنْتُمْ} } بمنزلة التحدي، فيكون كاذباً فيما يدعي، وقد قال الله تبارك وتعالى: { {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *}} [النساء: 65] ، انظر القسم المؤكد في قوله: {{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ} } فهذا القسم مؤكد بـ{{لاَ}} التي هي للتنبيه، {{حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} } هذه المرتبة الأولى وهي تحكيم الرسول عليه الصلاة والسلام، فإن حكموا غيرك فليسوا بمؤمنين.
ثانياً : {{ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ}} أي: ضيقاً، حتى المحكوم عليه إذا وجد في نفسه حرجاً وضيقاً فليس بمؤمن، فهذه المرتبة الثانية وهي: انتفاء الحرج والضيق، يعني: يجب أن ينشرح صدره لما يحكم به الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
المرتبة الثالثة : {{وَيُسَلِّمُوا}} أي: ينقادوا، { {تَسْلِيمًا}} وهذا المصدر مؤكد؛ أي: يسلموا إذا انقادوا انقيادا تاماً لما يحكم به الرسول عليه الصلاة والسلام، فنفى الخلاف الباطن والخلاف الظاهر.
والخلاف الباطن : أن يكون في صدرك ضيق وحرج، والظاهر: ألا تسلم التسليم التام، بل تماطل، ولا يكون أمرك أمر استسلام.