مشاهدة النسخة كاملة : أوهام الجوهري في صحاحه التي بينها الفيروزأبادي في قاموسه
أحمد الجبرتي
2014-06-11, 06:13 PM
الحمد لله ربّ العالمين ثم الصلاة والسلام على النذير البشير وعلى آله وأصحابه أجمعين . أمّا بعد : فإنّ من العلوم الّتي نضجت واحترقت وآتت ثمارها علم اللغة العربيّة وقد ألّف أحبار اللسان كتباً يشرحون غريبها ويُزيلون مُشكلها ومن هذه الكتب الصّحاح للإمام الجوهري الّذي صار شامّة في جبين معاجم اللغة فنال قدح المعلى خدمةً واستفادةً فلا يُحْصى كم مُختَصِر ، ومستَدْرِكٍ عليهِ ومُقْتَصِر ، ومُعارِضٍ لهُ ومُنْتَصِر وفي زمرة هولاء العلامة الفيروزأبادي فأقام عثار الكتاب ليسْتَوَي عَلَى سُوقِهِ ويَشهد فضله أهل الفضل فأحببت أن أقيّد ما ذكره في قاموسه من أوهام الصحاح لنستفيد من النّورين ويصيرا بيْنَ أُذُنِنا وَعَاتِقنا . وطريقة عرض الموضوع هو أن أذكر كلام الجوهري بنصّه ثمّ أُردف كلام الفيروزأبادي ثمّ أطرّز التّعليق بقدر الحاجة . وأسأل الله السداد في كلّ شيء وأن يُحسن لنا خواتم الأمور الوهم الأوّل : ذكر مادة "أثأته" في غير موضعها . قال الجوهري في الصحاح (1 /38 ) [ ثأثأ ] ثأثأت الابل، إذا أرويتها. قال الراجز : إنك لن تثأثئ النهالا * بمثل أن تدارك السجالا الاصمعي: ثأثأت عن القوم: دفعت عنهم. ولقيت فلانا فتثأثأت منه، أي: هبته. أبو عمرو: أثأته بسهم إثاءة: رميته. والكسائي مثله" اهــــ وقال الفيروزأباديّ ( ا/35) الأُثْئِيَّةُ كَالأُثْفِيَّةِ : الجماعَةُ . وأثَأْتُهُ بِسَهْمٍ : رَمَيْتُهُ به هنا ذَكَرَهُ أبو عُبَيد والصغَّانِيُّ في : ث و أ ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ فَذَكَرَهُ في ثَأْثَأَ التعليق تأتي هذه الكلمة في مادّة ثأثا ومادّة ثوأ ولهذا لم يهم الجوهري وإنّما ذكر الكلمة في سابق مادّتها كما ذكر الفيروزأبادي في ثاني مادّتها أيّهما أحقّ بالتّخطئة ومع هذا فقد تبع الجوهريُّ في ذلك الخليلَ . قال الزبيدي في التّاج ( 1/127) :" وَوَهِمَ الجَوْهَرِيُّ " حيث لم يَذكُرْه في إِحدى المادَّتينِ ( فذَكره في ثأْثأْ ) ، وقد تَبِع الخليلَ في ذلك .اهــ
زايد بن زايد
2014-06-11, 11:00 PM
وقع صاحب القاموس كذلك في الوهم وكان الصواب مع الجوهري، أنظر تعليقات وملاحظات نصر الهوريني ومرتضى الزبيدي صاحب التاج على القاموس . وعلى العموم فالعلم تراكمي وغطت شهرة اللسان والتاج على الصحاح والقاموس والمحكم والتهذيب .
أحمد الجبرتي
2014-06-12, 02:37 PM
التعليق
تأتي هذه الكلمة في مادّة ثأثا ومادّة ثوأ ولهذا لم يهم الجوهري وإنّما ذكر الكلمة في سابق مادّتها كما ذكر الفيروزأبادي في ثاني مادّتها أيّهما أحقّ بالتّخطئة ومع هذا فقد تبع الجوهريُّ في ذلك الخليلَ .
قال الزبيدي في التّاج ( 1/127) :" وَوَهِمَ الجَوْهَرِيُّ " حيث لم يَذكُرْه في إِحدى المادَّتينِ ( فذَكره في ثأْثأْ ) ، وقد تَبِع الخليلَ في ذلك .اهــ
أحمد الجبرتي
2014-06-13, 03:23 PM
الوهم الثّاني : ذكر همزة" الأشاء " الأخيرة أنّها منقلبة من الياء
قال الجوهري في الصحاح (6/ 2269) الاشاء ، بالفتح والمد: صغار النخل، الواحدة أشاءة، والهمزة فيه منقلبة من الياء، لان تصغيرها أُشَيٌ .
قال الشاعر :
وحبذا حين تمسى الريح باردة * وادى أشى وفتيان به هضم
ياليت شعرى عن جنبى مكشحة * وحيث تبنى من الحناءة الاطم
عن الاشاءة هل زالت مخارمها * وهل تغير من آرامها إرم
وجنة ما يذم الدهر حاضرها * جبارها بالندى والحمل محتزم
ولو كانت الهمزة أصلية لقال أشئ وهو واد باليمامة فيه نخيل. اهـــــ
وقال الفيروزأباديّ في القاموس (1/35) الأشاء كسحاب : صغار النخل قال ابن القطاع : همزته أصلية عن سيبويه فهذا موضعه لا كما توهم الجوهري "اهــــ
التعليق
اختلف اللغويّون في لام هذه الكلمة على ثلاثة أقوال
الأوّل : أن أصل لامها ياء وهو قول أبي بكر محمد بن السري وابن سِيده كما في المحكم (8/135) والجوهري والأثير كما في النّهاية (1/116).
الثّاني : أنّ أصل لامها واو وياء وهو قول القزاز كما في التّاج (1/130) .
الثّالث : أنّ لامها همزة أصلية وهو قول سيبويه وابن جني والحمويّ كما في معجم البلدان (1/ 194) .
وحجتهم أنّ العرب لم يسمع منهم إشاية كما سمع عباءة وعباية وصلاءة وصلاية وعطاءة وعطاية وليس في الكلام كلمة فاؤها وعينها همزتان ولا عينها ولامها أيضا همزتان بل قد جاءت أسماء محصورة فوقعت الهمزة فيها فاء ولاما وهي أاءة وأجأ كما قال ابن جني . قلت : الأشبه بالصّواب هو القول الأوّل لأنّ التصغير يعيد الأشياء إلى أصولها، فالهمزة في الأشاء من ياء، أصله أُشَيٌ وأمّا الادّعاء على أنّ العرب لم يسمع منهم إلا مهموزة فمردود لمجيء التصغير وهو حجة ظاهرة ولا يُصار إلى غيرها إلا بحجة أقوى منها وأمّا القول بأنّ الكلمات مهموزة الفاء واللام معاً محصورة في عدد وهذا صحيح ولكن الخصم لا يسلّم بأنّ الكلمة المتنازع فيها خارجة عن هذا العدد والله أعلم بالصّواب وإليه المئاب .
أحمد الجبرتي
2014-06-15, 04:03 PM
الوهم الثّالث : تفسير " أاء" بأنّه شجر
قال الجوهري في الصحاح (1/34) أَاءٌشجر ، على وزن عاع، واحدتها : آءة .
وقال الفيروزأباديّ في القاموس (1/ 41) أَاءٌ كَعَاعٍ : ثَمَرُ شَجَرٍ لا شَجَرٌ وَوَهِمَ الجَوْهَرِيُّ واحِدَتُهُ بِهاءٍ .
التعليق
قد ذكر بعض أهل اللغة أنّ أَاءٌ شجر منهم أبو عبيد كما في غريب الحديث (3/ 86) والرضي كما في شرح شافية ابن الحاجب (1/ 209) والجوهري وغيرهم .
وذهب جماعة من اللغويين أنّ " آء" ثمر شجر واختاره الفيروزأباديّ .
والأقرب – إن شاء الله تعالى – أنّ الآء يطلق على ثمر شجر حقيقة كما يطلق على شجرها وهو من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل وهذا من أساليب العرب العرباء .
قال الليث : الآءُ شجرٌ لهُ ثمرٌ يأْكلهُ النَّعامُ قال : وتُسمى الشجرةُ سَرْحةً وثَمَرُها الآء .
وقال ابنُ بَرِّي الصحيحُ عندَ أَهلِ اللغةِ أَنَّ الآءَ ثمرُ السَّرحِ وقال أَبو زيد هو عنبٌ أَبيض يأْكلهُ الناس ويتَّخذونَ منهُ رُباًّ وعُذْر من سمَّاه بالشجر أَنهم قد يُسمونَ الشجرَ باسمِ ثمره فيقولُ أَحدُهم في بستاني السفرجل والتفاح وهو يريد الأَشجارَ فيعبر بالثمرة عن الشجرِ ومنهُ قولهُ تعالى « فأَنْبَتْنا فيها حَباًّ وعِنَباً وقَضْباً وزَيتُونا »[راجع : لسان العرب 1/ 166]
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.