المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حُقَّ لِهَذِهِ الْوَاوِ أَنَّ تُكْتَبَ بِمَاءِ الْعَيْنَيْنِ



أبو مالك المديني
2014-05-15, 08:32 PM
قال العلامة القرآني الشنقيطي في أضواء البيان 5 / 489 : قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ : مِنْ أَرْجَى آيَاتِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ قَوْلُهُ تَعَالَى : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ [35 \ 32 - 35] .فَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ إِيرَاثَ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِهَذَا الْكِتَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهَا فِي قَوْلِهِ : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ :
الْأَوَّلُ : الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ ، وَلَكِنَّهُ يَعْصِيهِ أَيْضًا فَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ [9 \ 102] .
وَالثَّانِي : الْمُقْتَصِدُ وَهُوَ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ ، وَلَا يَعْصِيهِ ، وَلَكِنَّهُ لَا يَتَقَرَّبُ بِالنَّوَافِلِ مِنَ الطَّاعَاتِ .
وَالثَّالِثُ : السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ : وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِالْوَاجِبَاتِ وَيَجْتَنِبُ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ بِالطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ ، وَهَذَا عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ فِي تَفْسِيرِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ ، وَالْمُقْتَصِدِ وَالسَّابِقِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ إِيرَاثَهُمُ الْكِتَابَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ مِنْهُ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ وَعَدَ الْجَمِيعَ بِجَنَّاتِ عَدْنٍ وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ فِي قَوْلِهِ : جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا إِلَى قَوْلِهِ : وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ وَالْوَاوُ فِي يَدْخُلُونَهَا شَامِلَةٌ لِلظَّالِمِ ، وَالْمُقْتَصِدِ وَالسَّابِقِ عَلَى التَّحْقِيقِ ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : حُقَّ لِهَذِهِ الْوَاوِ أَنَّ تُكْتَبَ بِمَاءِ الْعَيْنَيْنِ ، فَوَعْدُهُ الصَّادِقُ بِجَنَّاتِ عَدْنٍ لِجَمِيعِ أَقْسَامِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَأَوَّلُهُمُ الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ أَرْجَى آيَاتِ الْقُرْآنِ ، وَلَمْ يَبْقَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ خَارِجٌ عَنِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ ، فَالْوَعْدُ الصَّادِقُ بِالْجَنَّةِ فِي الْآيَةِ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ؛ وَلِذَا قَالَ بَعْدَهَا مُتَّصِلًا بِهَا وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ إِلَى قَوْلِهِ : فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [35 \ 36 - 37] .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي سَبَبِ تَقْدِيمِ الظَّالِمِ فِي الْوَعْدِ بِالْجَنَّةِ عَلَى الْمُقْتَصِدِ وَالسَّابِقِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدَّمَ الظَّالِمَ لِئَلَّا يَقْنُطَ ، وَأَخَّرَ السَّابِقَ بِالْخَيْرِ لِئَلَّا يُعْجَبَ بِعَمَلِهِ فَيَحْبَطَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدَّمَ الظَّالِمَ لِنَفْسِهِ ; لِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ الظَّالِمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ، لِأَنَّ الَّذِينَ لَمْ تَقَعْ مِنْهُمْ مَعْصِيَةٌ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِهِمْ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى : إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [38 \ 24] .

أبو مالك المديني
2014-05-15, 08:35 PM
كلام عذب جميل ، يكتب بماء العينين ، رحم الله العلامة الشنقيطي ، ما أعذب كلامه .

أبو محمد يونس
2014-05-16, 01:20 AM
اللهم آمين
التفاتة جميلة شيخي با أمالك بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.
تحيتي وتقديري.

أبو مالك المديني
2014-05-16, 06:47 PM
بارك الله فيكم على مروركم الطيب .

ئاري احمد
2014-05-17, 11:59 AM
ما شاء الله تعالى
على هذه الالتفاته الدقيقة لرحمة الله تعالى وفضله على عباده
جزاكم الله تعالى خيرا

أبوعاصم أحمد بلحة
2014-05-17, 01:04 PM
نفع الله بكم.
يا مولانا! ماء العيون ده يستورد من أين، علشان عندي حاجات كتير، أود أن أكتبها به؟:)

أبو مالك المديني
2014-05-17, 06:05 PM
أضحك الله سنك أبا عاصم ، لنبحث سويا حتى نكتب ، ولعله بماء عيون الخاشعين ، جعلنا الله وإياكم منهم .

الطُفيل بن عمرو
2014-05-18, 04:01 AM
نسأل الله أن تشملنا هذه الواو وأن نكون من السابقين بالخيرات
اللهم آمين

أبو مالك المديني
2014-05-18, 03:29 PM
آمين ، بارك الله فيكم أخي الطفيل .

أبو مالك المديني
2014-05-24, 04:42 PM
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره :
وقوله: { مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ } كقوله تعالى: { وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } [الأعراف:159]، وكقوله عن أتباع عيسى: { فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ [وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ] (3) } [الحديد:27]. فجعل أعلى مقاماتهم الاقتصاد، وهو (4) أوسط مقامات هذه الأمة، وفوق ذلك رتبة السابقين (5) كما في قوله تعالى: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } الآية [فاطر:32 ، 33]. والصحيح أن الأقسام الثلاثة من هذه الأمة يدخلون الجنة.
وقال أيضا : يقول تعالى: ثم جعلنا القائمين بالكتاب العظيم، المصدق لما بين يديه من الكتب، الذين اصطفينا من عبادنا، وهم هذه الأمة، ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع (3) ، فقال: { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } وهو: المفرط في فعل بعض الواجبات، المرتكب لبعض المحرمات. { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ } وهو: المؤدي للواجبات، التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات. { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ } وهو: الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات.

يسرى عبد الواحد
2014-05-25, 12:23 AM
اللهم اجعلنا منهم يا ربّ


في بلادنا " المغرب العربي" نسمّيها الواو الذهبية وكانت في القديم تكتب بماء الذهب
وقد حدثنا شيخنا أنه لا تزال هناك مصاحف مخطوطة رسمت فيها هذه الواو بماء الذهب.

أبو مالك المديني
2014-05-25, 05:50 PM
بارك الله فيكم .
ما شاء الله .
لكن ماء العينين أغلى وأعلى من ماء الذهب ، وفي كل خير ، اللهم اجعلنا وإياكم من عباده المرحومين المغفور لهم .

عبد الله عمر المصري
2014-05-28, 04:05 AM
جزاك الله خيراً

أبو مالك المديني
2014-05-28, 04:43 PM
بارك الله فيكم .

أبو مالك المديني
2014-07-03, 04:35 PM
وقال القرطبي في تفسيره الجامع : قال مجاهد:" فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ" أصحاب المشأمة،" وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ" أصحاب الميمنة،" وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ" السابقون من الناس كلهم. وقيل: الضمير في" يَدْخُلُونَها" يعود على الثلاثة الأصناف، على ألا يكون الظالم ها هنا كافرا ولا فاسقا. وممن روي عنه هذا القول عمر وعثمان وأبو الدرداء، وابن مسعود وعقبة بن عمرو وعائشة، والتقدير على هذا القول: أن يكون الظالم لنفسه الذي عمل الصغائر. و" المقتصد" قال محمد بن يزيد: هو الذي يعطي الدنيا حقها والآخرة حقها، فيكون" جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها" عائدا على الجميع على هذا الشرح والتبيين .

أبو البراء محمد علاوة
2014-08-31, 11:36 PM
ما أروعها من موعظة إذا خالطة بشاشة القلوب .

أبو البراء محمد علاوة
2014-08-31, 11:39 PM
وهذه الآية مما يستدل به على تفاضل أهل الإيمان وأنهم ليسوا على رتبة واحدة في الفضل والمنزلة .

أبو مالك المديني
2014-09-14, 03:44 PM
وهذه الآية مما يستدل به على تفاضل أهل الإيمان وأنهم ليسوا على رتبة واحدة في الفضل والمنزلة .
أحسنت أبا البراء ، نفع الله بكم .

دكتور محمد سعدي
2014-09-26, 04:30 AM
نعم.حُقَّ لِهَذِهِ الْوَاوِ أَنَّ تُكْتَبَ بِمَاءِ الْعَيْنَيْنِ.

أبو مالك المديني
2014-10-14, 08:56 PM
جزاكم الله خيرا .

أبو مالك المديني
2016-03-03, 06:04 PM
ومن جميل قوله رحمه الله المتقدم آنفا :
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي سَبَبِ تَقْدِيمِ الظَّالِمِ فِي الْوَعْدِ بِالْجَنَّةِ عَلَى الْمُقْتَصِدِ وَالسَّابِقِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدَّمَ الظَّالِمَ لِئَلَّا يَقْنُطَ ، وَأَخَّرَ السَّابِقَ بِالْخَيْرِ لِئَلَّا يُعْجَبَ بِعَمَلِهِ فَيَحْبَطَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدَّمَ الظَّالِمَ لِنَفْسِهِ ; لِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ الظَّالِمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ، لِأَنَّ الَّذِينَ لَمْ تَقَعْ مِنْهُمْ مَعْصِيَةٌ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِهِمْ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى : إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [38 \ 24] .

اسماعيل حمدتو
2016-04-04, 04:23 PM
جزاك الله خيرا

أبو مالك المديني
2016-04-04, 06:42 PM
وجزاك بالمثل أخانا الكريم .