مشاهدة النسخة كاملة : أثر و تعليق
أبو عبد البر طارق
2014-05-14, 04:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على رسول الله و على صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
==============
جاء في مقدمة مسلم:
قال ابْنَ المُبَارَكِ: لو خيرْتُ بَيْنَ أَنْ أَدْخُلَ الجَنَّةً وَبَيْنَ أنْ أَلقَى عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَرر ، لاخترت أَنْ أَلقَاهُ ثُمَ أَدْخُلَ الجَنَّةَ ، فَلمَّا رَأيْتُهُ ، كَانَتْ بَعْرَة أَحَبَّ إِلىَّ مِنهُ.
و قال عنه ابن حبان كان من خيار عباد الله إلا أنه كان يكذب ولا يعلم ويقلب الاسانيد ولا يفهم
--------------------------------------------------------------
قد يغتر بصلاح شخص او بخطبه أو شهرته حتى يصبح معظما في النفوس,و هو قليل البضاعة في العلم , فلو جئت لتبين خطئه قيل لك كيف تتكلم في فلان و قد مات ساجدا ؟ او مات مظلوما؟ أو مات سجينا؟
و حسن الخاتمة لا يلزم منه العلم , فكم من عامي حسنت خاتمته و كم ممن عرف بالعلم ساءت خاتمته
قال ابن مَعِيْنٍ
إِنَّا لَنَطْعَنُ عَلَى أَقوَامٍ لَعَلَّهُمْ قَدْ حَطُّوا رِحَالَهُمْ فِي الجَنَّةِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ مائَتَيْ سَنَةٍ.
فلا ينبغي أن يترك الشرع لقول معظم في النفس فان الشرع أعظم و أحب إلينا من الأشخاص
و سأل رجل أحمد بن حنبل فقال: أكتب كتب الرأي قال: لا تفعل عليك بالآثار والحديث فقال: له السائل إن عبد الله بن المبارك قد كتبها
فقال: له أحمد ابن المبارك لم ينزل من السماء إنما أمرنا أن نأخذ العلم من فوق.( طبقات الحنابلة)
لكن يجب أن تكون النية في تبيين الخطئ ليحذره الناس و نصيحة المسلمين , لا الطعن في الشخص و غيبته , و هذا له ضوابط حددها اهل العلم
أبو عبد البر طارق
2014-05-14, 05:16 PM
رو ى الإمام احمد عن عائشة ، قالت : ((كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني واضع ثوبي ، وأقول : إنما هو زوجي وأبي ، فلما دفن عمر معهم ، فوالله ما دخلته إلا أنا مشدودة عليّ ثيابي حياءً من عمر)).
قال الطيبي : في الحديث دليل بيّن على أنه يجب احترام أهل القبور ، وتنزيل كل منزلته ما هو عليه في حياته من مراعاة الأدب معهم على قدر مراتبهم
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب القبور عن سليم بن غفرانة مر على مقبرة هو حاقن قد غلبه البول ، فقيل له : لو نزلت فبلت ، قال : سبحان الله ، والله إني لأستحيي من الأموات كما أستحيي من الأحياء .(مشكاة المصابيح)
============
نساء اليوم لا يحترمن حيا و لاميتا فهن يتفنن في التبرج و العجب تبرجهن في المقابر
اما مقابر اليوم فهي محل قضاء الحاجة بل رأيت من يتسلل للمقبرة لارتكاب الفاحشة !!
و الأصل احترام المقابر و صونها عن النجاسات و الاعمال القبيحة
أما زيار النساء للمقابر فقد قال القرطبي في التذكرة:
عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : كنت نهيتكم عن زيارة القبور . فزورها . فإنها تزهد في الدنيا و تذكر الآخرة .
فصل : زيارة القبور للرجال متفق عليه عند العلماء ، مختلف فيه للنساء . أما الشواب فحرام عليهن الخروج .
و أما القواعد فمباح لهن ذلك و جائز ذلك لجميعهن إذا انفردن بالخروج عن الرجال و لا يختلف في هذا إن شاء الله تعالى .
و على هذا المعنى يكون قوله عليه الصلاة و السلام : زوروا القبور عاماً . و أما موضع أو وقت يخشى فيه الفتنة من اجتماع الرجال و النساء فلا يجوز و لا يحل ،
فبينا الرجل يخرج ليعتبر فيقع بصره على امرأة فيفتتن ، و بالعكس فيرجع كل واحد من الرجال و النساء مأزوراً غير مأجور و هذا واضح . و الله أعلم
أبو عبد البر طارق
2014-05-15, 03:53 PM
عن حذيفة رضي الله عنه ، قال : « إذا أحب أحدكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا ، فلينظر فإن كان رأى حلالا كان يراه حراما فقد أصابته الفتنة ، وإن كان يرى حراما كان يراه حلالا فقد أصابته » - المستدرك على الصحيحين /الحاكم-
----------------
وقال أبو فَروة: كان طارقٌ صاحبُ شُرَطِ خالد بن عبد اللَّه القَسْريّ مر بابن شُبرُمة، وطارقٌ في مَركِبه، فقال ابن شُبرُمة:
فإن كانت الدُّنيا تُحَبُّ فإنَّها ... سَحابةُ صيفٍ عن قليل تَقَشَّعُ
اللهم لي ديني ولهم دنياهم
فاستُعمل ابنُ شبرمة بعد ذلك على القضاء فقال ابنه: أتذكرُ قولك يوم مَرّ طارقٌ في موكِبه؟
فقال: يا بني، إنّهم يجدون مثل أبيك، ولا يجدُ أبوك مثلهم، يا بُنَيّ، إنّ أباك أَكل من حَلْوائهم وحَطَّ في أهوائهم - البيان والتبيين/ الجاحظ-
-----------------------------------------------------------------------------------
تعرض الفتنة على الإنسان من مال و جاه و زوجة و أولاد فمن الناس من يثبت فيها و يتخذها زادا للآخرة ومنهم من ينقلب على عقبه
فما أصعب الإنقلاب من من الهداية إلى الضلال، ومن الاستقامة إلى الانحراف
و قد ر أيت بعض المستقيمين كا للسلف الصالح رفيقا فأصبح لا يعرف لهم طريقا
فعلى الإنسان الثبات عند الفتن و هذا يحتاج لعلم و صبر و مطالعة أخبار السلف
و ليكثر الإنسان من دعاء: رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا
و يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
ولينظر لأهل البلاء و هم أهل البدع و المعاصي بعين الرحمة لا بعين الإحتقار فالسوط الذي ضربوا به بيد مقلب القلوب
أبو عبد البر طارق
2014-05-17, 12:52 AM
قَامَ أَبُو بَكْرٍ البَاغَنْدِيُّ لِيُصَلِّيَ، فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ:أَخْبَرَن ا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ ، فَسَبَّحْنَا بِهِ، فَقَالَ:بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ. ( سير اعلام النبلاء)
============================== ====
هذا الرجل غلب عليه حب الحديث حتى أنساه قراءة الفاتحة , و قد كان الصحابة يحسبون الوقت بعدد الآيات لشدة تعلقهم بالقرآن
فقد أخرج مسلم : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلاَةِ. قُلْتُ كَمْ كَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا قَالَ خَمْسِينَ آيَةً.
و كذلك المؤمن لو سألته أين ؟و متى؟ نلتقي لقال بعد العصر قرب المسجد الفلاني
اما غيره فيقول بعد مباراة كرة القدم في مقهى.....
و قد كان عمر رضي الله عنه يجهز الجيوش و هو في الصلاة وهذا تشريك عبادة بعبادة
أبو عبد البر طارق
2014-05-21, 11:38 PM
روى مالك عن يحيى بن سعيد: «أن عيسى بن مريم لقي خنزيرًا بالطريق، فقال له: انفذ بسلام!
فقيل له: تقول هذا لخنزير؟!
فقال عيسى: إني أخاف أن أعود لساني بالنطق بالسوء»!
قال أبو عمر: إنما قيل ذلك لعيسى لأن الخنزير كثير الأذى لبني آدم في أموالهم من زروعهم وكرومهم.
ولقد أحسن القائل حيث يقول
تعود الخير فخير عادة *** تدعو إلى الغبطة والسعادة
وقال منصور الفقيه :
عَلَيك السكوتُ فَإن لم يكن *** من القولِ بُدٌّ فقُل أحسنه
فربَّتما فارَقت بِالَّذي *** تقولُ أماكنَها الأَلسنه
وقال آخر :
لسان الفتى سبع عليك مراقب *** فإن لم يدع مرعى به فهو آكله
-الإستذكار-
--------------
قال السبكي :
كنت جالساً بدهليز دارنا فأقبل كلب فقلت : اخسأ كلب ابن كلب
قال : فزجرني والدي من داخل البيت ، قلت : سبحان الله ... أليس هو كلباً ابن كلب !؟
فقال : شرط الجواز عدم قصد التحقير ، قلت : وهذه فائد
------------------
بعض الناس يعود نفسه قول السوء , فيقذف المحصنات و يغتاب الناس و يلعن الخلق , و يطلق زوجه عدة مرات فيأتي يوم القيامة و قد هدم لسانه كل حسانته
و لو أنه عود نفسه القول الحسن لوجد ذلك في صحيفته
لكن أكثر الناس لا يراقب اللسان في النطق بالألفاظ, بل يختار شرها فتكون وبالا عليه في الدنيا و الآخرة
أبو عبد البر طارق
2014-05-22, 10:31 PM
حدثنا أبو بكر محمد بن هارون العسكري الفقيه قال : حدثنا محمد بن يوسف بن الطباع قال : سمعت رجلاً سأل أحمد بن حنبل ، فقال :
يا أبا عبد الله ، أصلي خلف من يشرب المسكر؟
فقال : لا
قال : أصلي خلف من يقول : القرآن مخلوق ؟
فقال : سبحان الله ، أنهاك عن مسلم ، وتسالني عن كافر .
وحدثنا أبو مخلد قال : حدثنا أبو داود ، قال : سمعت أحمد بن حنل - وذكر له رجل أن رجلاً قال : إن أسماء الله تعالى مخلوقة ، والقرآن مخلوق - فقال أحمد : كفر بين .
فقلت لأحمد بن حنبل : من قال : القرآن مخلوق فهو كافر ؟
قال : أقول : هو كافر .
الشريعة/الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري
------------------
قَالَ حَنْبَلٌ : اجْتَمَعَ فُقَهَاءُ بَغْدَادَ فِي وِلَايَةِ الْوَاثِقِ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَقَالُوا لَهُ : إنَّ الْأَمْرَ قَدْ تَفَاقَمَ وَفَشَا يَعْنُونَ إظْهَار الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَغَيْر ذَلِكَ وَلَا نَرْضَى بِإِمْرَتِهِ وَلَا سُلْطَانه ، فَنَاظَرَهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْإِنْكَارِ بِقُلُوبِكُمْ وَلَا تَخْلَعُوا يَدًا مِنْ طَاعَة وَلَا تَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ وَدِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مَعَكُمْ ، وَانْظُرُوا فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكُمْ ، وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيح بَرٌّ أَوْ يُسْتَرَاح مِنْ فَاجِر وَقَالَ لَيْسَ هَذَا صَوَاب ، هَذَا خِلَاف الْآثَار .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَأْمُر بِكَفِّ الدِّمَاء وَيُنْكِر الْخُرُوج إنْكَارًا شَدِيدًا
-الآداب الشرعية-
------------------------------------------------------------------
الفتنة تميز الراسخين في العلم من أشباه العلماء, فترى الراسخين في العلم كالجبال لا يؤثر فيهم الواقع و الأحداث و كلام الجرائد و الصور , بل يزنون الأمور بميزان الشرع , اما اشباه العلماء فهم يتلونون حسب الأحداث و الوقائع
و قد كان الإمام أحمد من الراسخين في العلم فقد كان يرى كفر من قال القرآن مخلوق لكن لم ير الخروج على الحاكم ,و قد اوذي اذى شديدا و حبس و ضرب
و الفتنة لا تأتي بخير إنما تروى الأرض من دماء الأبرياء
و قد كانت للكفار ثورة علمية و صناعية و تكنولوجية , و ثورة للتغيير لكن المسلمين اخذوا الأسوء و تركوا ما فيه خير
أبو عبد البر طارق
2014-05-23, 06:47 PM
عَنْ بَكْرٍ المُزَنِيِّ - وَهُوَ فِي (الزُّهْدِ) لأَحْمَدَ - قَالَ:
كَانَ الرَّجُلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ إِذَا بَلَغ المَبْلَغَ، فَمَشَى فِي النَّاسِ، تُظِلُّهُ غَمَامَةٌ .
---------------------------------------------------------------------------
قال الذهبي:
شَاهِدُهُ أَنَّ اللهَ قَالَ: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الغَمَامَ} [البَقَرَةُ: 57، الأَعْرَافُ: 159] فَفَعَلَ بِهِم تَعَالَى ذَلِكَ عَاماً، وَكَانَ فِيْهِمُ الطَّائِعُ وَالعَاصِي، فَنَبِيُّنَا - صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِ - أَكْرَمُ الخَلْقِ عَلَى رَبِّهِ، وَمَا كَانَتْ لَهُ غَمَامَةُ تُظِلُّهُ، وَلاَ صَحَّ ذَلِكَ ، بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمَّا رَمَى الجَمْرَةَ، كَانَ بِلاَلٌ يُظِلُّهُ بِثَوْبِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ
وَلَكِنْ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ الأَعَاجِيْبُ وَالآيَاتُ، وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ خَيْرَ الأُمَمِ، وَإِيْمَانُهُم أَثْبَتَ، لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى بُرْهَانٍ، وَلاَ إِلَى خَوَارِقَ، فَافْهَمْ هَذَا
وَ كُلَّمَا ازْدَادَ المُؤْمِنُ عِلْماً وَ يَقِيْناً، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الخَوَارِقِ، وَ إِنَّمَا الخَوَارِقُ لِلضُّعَفَاءِ، وَيَكْثُرُ ذَلِكَ فِي اقْتِرَابِ السَّاعَةِ.
سير أعلام النبلاء
أبو عبد البر طارق
2014-05-23, 07:05 PM
حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : سمعت مكي بن إبراهيم ، قال :
كنا عند ابن عون فذكروا بلال بن أبي بردة ، فجعلوا يلعنونه و يقعون فيه و ابن عون ساكت ، فقالوا له : يا أبا عون ، أما تذكره لما ارتكب منك ؟
فقال ابن عون : « إنما هما كلمتان تخرجان من صحيفتي يوم القيامة : لا إله إلا الله ، ولعنه الله .
فلأن يخرج من صحيفتي لا إله إلا الله أحب إلي من أن يخرج لعنه الله
الصمت/ ابن أبي الدنيا
---------------------------------
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ:
قِيْلَ لابْنِ عَوْنٍ: أَلاَ تَتَكَلَّمُ فَتُؤْجَرَ؟
فَقَالَ: أَمَا يَرْضَى المُتكلِّمُ بِالكَفَافِ؟
رَوَى: مِسْعَرٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ذِكْرُ النَّاسِ دَاءٌ، وَذِكْرُ اللهِ دَوَاءٌ.
------------------------------------------------------------
قال الذهبي:
إِيْ وَاللهِ، فَالعجَبُ مِنَّا، وَمِنْ جَهلِنَا، كَيْفَ نَدَعُ الدَّوَاءَ، وَنقتحِمُ الدَّاءَ؟!
قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {فَاذْكُرُوْنِي أَذْكُرْكُمْ} [البَقَرَةُ: 153]، {وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ} [العَنْكَبُوْتُ: 46]،
وَقَالَ: {الَّذِيْنَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوْبُهُم بِذِكْرِ اللهِ، أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القُلُوْبُ} [الرَّعْدُ: 29]
وَلَكِنْ لاَ يَتَهَيَّأُ ذَلِكَ إِلاَّ بِتوفِيْقِ اللهِ، وَمَنْ أَدْمَنَ الدُّعَاءَ، وَلاَزَمَ قَرْعَ البَابِ، فُتِحَ لَهُ.
سير أعلام النبلاء
أبو عبد البر طارق
2014-05-23, 08:16 PM
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم إنه لما نزل قوله تعالى: قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم سورة -الأنعام 65 -
قال النبي صلى الله عليه و سلم أعوذ بوجهك
( أو من تحت أرجلكم) قال النبي صلى الله عليه و سلم: أعوذ بوجهك
( أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) قال :هذا أهون وأيسر
-----------------------------
قال شيخ الإسلام/منهاج السنة النبوية
فهذا أمر لا بد منه للأمة عموما و الصحابة رضي الله عنهم كانوا أقل فتنا من سائر من بعدهم فإنه كلما تأخر العصر عن النبوة كثر التفرق والخلاف
و لهذا لم تحدث في خلافة عثمان بدعة ظاهرة فلما قتل وتفرق الناس حدثت بدعتان متقابلتان بدعة الخوارج المكفرين لعلي وبدعة الرافضة المدعين لإمامته وعصمته أو نبوته أو الإهيته
ثم لما كان في آخر عصر الصحابة في إمارة ابن الزبير وعبد الملك حدثت بدعة المرجئة والقدر به
ثم لما كان في أول عصر التابعين في أواخر الخلافة الأموية حدثت بدعة الجهمية المعطلة والمشبهة الممثلة ولم يكن على عهد الصحابة شيء من ذلك
و كذلك فتن السيف فإن الناس كانوا في ولاية معاوية رضي الله عنه متفقين يغزون العدو فلما مات معاوية قتل الحسين وحوصر ابن الزبير بمكة ثم جرت فتنة الحرة بالمدينة
ثم لما مات يزيد جرت فتنة بالشام بين مروان والضحاك بمرج راهط
ثم وثب المختار على ابن زياد فقتله وجرت فتنة
ثم جاء مصعب بن الزبير فقتل المختار وجرت فتنة
ثم ذهب عبد الملك إلى مصعب فقتله وجرت فتنة وأرسل الحجاج إلى ابن الزبير فحاصره مدة ثم قتله وجرت فتنة
ثم لما تولى الحجاج العراق خرج عليه ابن الأشعث مع خلق عظيم من العراق وكانت فتنة كبيرة فهذا كله بعد موت معاوية
ثم جرت فتنة ابن المهلب بخراسان وقتل زيد بن علي بالكوفة وقتل خلق كثير آخرون
ثم قام أبو مسلم وغيره بخراسان وجرت حروب وفتن يطول وصفها ثم هلم جرا
فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خير من معاوية و لا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيرا منهم في زمن معاوية إذا نسبت أيامه إلى أيام من بعده
و أما إذا نسبت إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل
وقد روى أبو بكر الأثرم ورواه ابن بطة من طريقه حدثنا محمد بن عمرو بن جبلة حدثنا محمد بن مروان عن يونس عن قتادة قال: لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي
أبو عبد البر طارق
2014-05-24, 01:25 AM
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ : أَدْخَلْت إبْرَاهِيمَ الْحُمَيْدِيَّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا فَقَالَ : إنَّ أُمِّيَ رَأَتْ لَك كَذَا وَكَذَا وَذَكَرَتْ الْجَنَّةَ .
فَقَالَ : يَا أَخِي إنَّ سَهْلَ بْنَ سَلَامَةَ كَانَ النَّاسُ يُخْبِرُونَهُ بِمِثْلِ هَذَا ، وَخَرَجَ سَهْلٌ إلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ وَقَالَ : الرُّؤْيَا تَسُرُّ الْمُؤْمِنَ وَلَا تَغُرُّهُ .
الآداب الشرعية
---------------------------
هذه قاعدة مهمة في الرؤيا , فالمؤمن تسره و تبعثه على الخوف و العمل حتى لا يخسر هذه المنزلة , أما المغرور فهو ينشرها و يظنها براءة من النار
و قد قال ابن مسعود :إن الحي لا تؤمن عليه الفتنة
أبو عبد البر طارق
2014-05-26, 10:50 PM
وَقَالَ سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ : أَجْسَرُ النَّاسِ عَلَى الْفُتْيَا أَقَلُّهُمْ عِلْمًا ، يَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ الْبَابُ الْوَاحِدُ مِنْ الْعِلْمِ يَظُنُّ أَنَّ الْحَقَّ كُلَّهُ فِيهِ .
--------------------------------------------------------------------------------
قال ابن القيم / إعلام الموقعين عن رب العالمين :
الْجُرْأَةُ عَلَى الْفُتْيَا تَكُونُ مِنْ قِلَّةِ الْعِلْمِ وَ مِنْ غَزَارَتِهِ وَسِعَتِهِ ، فَإِذَا قَلَّ عِلْمُهُ أَفْتَى عَنْ كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، وَإِذَا اتَّسَعَ عِلْمُهُ اتَّسَعَتْ فُتْيَاهُ
وَلِهَذَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ أَوْسَعِ الصَّحَابَةِ فُتْيَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فَتَاوَاهُ جُمِعَتْ فِي عِشْرِينَ سِفْرًا
وَ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَيْضًا ، وَاسِعَ الْفُتْيَا ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ الجريء كَمَا ذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَرَادِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ : كُنْت أَرَى الرَّجُلَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَإِنَّهُ لَيَدْخُلُ يَسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ فَيَدْفَعُهُ النَّاسُ عَنْ مَجْلِسٍ إلَى مَجْلِسٍ حَتَّى يُدْفَعَ إلَى مَجْلِسِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كَرَاهِيَةً لِلْفُتْيَا
قَالَ : وَكَانُوا يَدْعُونَهُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ الْجَرِيءَ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ : إنِّي لَأَحْفَظُ مَسَائِلَ مِنْهَا مَا فِيهِ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَئِمَّةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ ، فَكَيْف يَنْبَغِي أَنْ أَعْجَلَ بِالْجَوَابِ قَبْلَ الْخَبَرِ ؟ فَلِمَ أُلَامُ عَلَى حَبْسِ الْجَوَابِ ؟
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : حَدَّثَنَا أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ : قَالَ حُذَيْفَةُ : إنَّمَا يُفْتِي النَّاسَ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ : مَنْ يَعْلَمُ مَا نُسِخَ مِنْ الْقُرْآنِ ، أَوْ أَمِيرٌ لَا يَجِدُ بُدًّا ، أَوْ أَحْمَقُ مُتَكَلِّفٌ ، قَالَ : فَرُبَّمَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ : فَلَسْت بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ الثَّالِثَ
أبو عبد البر طارق
2014-05-27, 10:31 AM
وحدثنا أبو عبد الله بن محمد بن شاهين قال حدثنا الصلت بن مسعود قال حدثنا جعفر بن سليمان قال حدثنا المعلى بن زياد قال قيل للحسن : يا أبا سعيد ، خرج خارجي بالخريبة - محلة عند البصرة -
فقال : المسكين رأى منكراً فأنكره ، فوقع فيما هو أنكر منه .
-------------------------------------------------------------------
قال محمد بن الحسين ( الآجري) :
فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام ، عادلاً كان الإمام أم جائراً ، فخرج وجمع جماعة وسل سيفه ، واستحل قتال المسلمين ، فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن ، ولا بطول قيامه في الصلاة ، ولا بدوام صيامه ، ولا بحسن ألفاظه في العلم إذا كان مذهبه مذهب الخوارج .
الشريعة/ الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري
أبو عبد البر طارق
2014-05-29, 12:20 AM
قال بشر الحافي : لأن أطلب الدنيا بمزمار أحب إلى من أن أطلبها بالدين .
منهاج القاصدين/ ابن قدامة المقدسي
--------------------------------------------------------------
طلب الدنيا بمزمار لا يعدو أن يكون معصية لكن طلب الدنيا بالدين يحبط العمل لأنه داخل في الشرك
و هذا مثل قول ابن مسعود (لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا)، فاليمين الغموس من الكبائر، ومع ذلك فقد جعل ابن مسعود رضي الله عنه الشرك الأصغر أكبر منها.
فعلى الإنسان أن يحذر الشرك بكل أنواعه و أن لا يطلب بدينه عرضا زائلا
قال ابن المبارك:
يا جاعل الدين له بازيا ... يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا و لذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنوناً بها بعدما ... كنت دواء للمجانين
أبو عبد البر طارق
2014-05-29, 12:39 AM
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: هُجِر ( الحكيم الترمذي) لتَصنيفه كِتَاب: (ختم الولاَيَة)، وَ(علل الشَّرِيْعَة)، وَلَيْسَ فِيْهِ مَا يوجِبُ ذَلِكَ، وَلَكِن لبعد فَهْمهُم عَنْهُ.
------------------------------------------
قال الذهبي/ سير أعلام النبلاء
كَذَا تُكُلِّمَ فِي السُّلَمِيّ مِنْ أَجل تَأَلِيفه كِتَاب (حَقَائِق التَّفْسِيْر)، فَيَاليتَه لَمْ يُؤلفه، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الإِشَارَات الحَلاَّجيَّة، وَالشَّطَحَات البِسْطَامِيَّة ، وَتَصَوُّف الاَتحَادِيَّة
فَواحُزْنَاهُ عَلَى غُرْبَة الإِسْلاَم وَالسُّنَّة، قَالَ اللهُ تَعَالَى : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيْماً فَاتَّبعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيْلِهِ} [الأَنعَام: 135].
أبو عبد البر طارق
2014-05-29, 05:58 PM
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) /الأنفال
============================== ====
قال شيخ الإسلام/منهاج السنة النبوية
و الفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء فصار الأكابر رضي الله عنهم عاجزين عن إطفاء الفتنة وكف أهلها وهذا شأن الفتن كما قال تعالى:
( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)
و إذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله .
==============================
قال الإمامُ الذهبي / سير أعلام النبلاء
وَقَالَ العِجْلِيُّ : ... لَمْ يَنْجُ بِالبَصْرَةِ مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ إِلاَّ هُوَ – يعني مُطَرِّف بن عَبْدِ اللهِ - وَابْنُ سِيْرِيْنَ .
وَلَمْ يَنْجُ مِنْهَا بِالكُوْفَةِ إِلاَّ خَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ
============================== ==
إن للفتن في أول نشوئها لذة وحلاوة تستهوي كثيرا من الناس ، إلا من عصمه الله ونجاه ، وقد خرج كثير من القراء مع ابن الأشعث ، فضلا عن عامة الناس ، كان كلامهم في أول الفتن قويا ومهيجا ، تكلم متكلموهم ، وأبدع خطباؤهم ، في التحريض على قتال جند الخليفة .
أبو عبد البر طارق
2014-05-30, 12:07 PM
ذكر ابن وهب في جامعه قال: سمعت سليمان بن بلال يقول: سمعت ربيعة يسأل:
لم قدمت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة و إنما نزلتا بالمدينة؟
فقال ربيعة قد قدمتا و ألف القرآن على علم ممن ألفه و قد اجتمعوا على العلم بذلك فهذا مما ننتهي إليه ولا نسأل عنه
جامع بيان العلم وفضله/ يوسف بن عبد البر النمري
-------------------------------------------------------------------------------------
بعض الناس يسأل عَنْ الْغَرائِبِ و عما لَا يُنْتَفَعُ وَ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَمَا لَمْ يَكُنْ , و لو سأل عما ابتلي به و ما يجهله مما فرضه الله عليه من أمور دينه لكان خيرا له , لكن الناس مولعون بالغرائب
قَالَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : سَأَلَنِي رَجُلٌ مَرَّةً عَنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَمُسْلِمُونَ هُمْ ؟
فَقُلْتُ لَهُ أَحْكَمْتَ الْعِلْمَ حَتَّى تَسْأَلَ عَنْ ذَا؟
وَقَالَ الْأَثْرَمُ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ
قَالَ دَعْنَا لَيْتَ أَنَّا نُحْسِنُ مَا جَاءَ فِيهِ الْأَثَرُ
وَ قَالَ مُهَنَّا سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ رَجُلٍ دَارِهِ سَنَةً بِعَبْدٍ فَلَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ وَأَبَقَ الْعَبْدُ ، فَقَالَ لِي اعْفِنَا مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ
وَسَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ الْمَرِيضِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَضْعُفُ عَنْ الصَّوْمِ؟
قَالَ : يُفْطِرُ
قُلْتُ : يَأْكُلُ؟
قَالَ نَعَمْ
قُلْتُ وَيُجَامِعُ امْرَأَتَهُ؟
قَالَ : لَا أَدْرِي ؟
فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ عَنِّي .
وَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ جَيَّانَ الْقَطِيعِيُّ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ : أَتَوَضَّأُ بِمَاءِ النُّورَةِ ؟
فَقَالَ مَا أُحِبُّ ذَلِكَ
فَقُلْتُ : أَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَاقِلَّا؟
قَالَ : مَا أُحِبُّ ذَلِكَ
قَالَ : ثُمَّ قُمْتُ فَتَعَلَّقَ بِثَوْبِي وَقَالَ : أَيْشٍ تَقُولُ إذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ ؟
فَسَكَت !
فَقَالَ : أَيْشٍ تَقُولُ إذَا خَرَجْتُ مِنْ الْمَسْجِدِ ؟
فَسَكَت !
فَقَالَ : اذْهَبْ فَتَعَلَّمْ هَذَا .
أبو عبد البر طارق
2014-05-30, 04:38 PM
عن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ « هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا » . قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ « إِنَّهُ أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِى ، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِى انْطَلِقْ . وَإِنِّى انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا .............
.....فَانْطَلَقْن ا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ ، وَإِذَا فِى النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً ، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ، ثُمَّ يَأْتِى ذَلِكَ الَّذِى قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا - قَالَ - قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقِ انْطَلِقْ ...................
.......وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِى النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا
============================== =======
قَالَ اِبْن هُبَيْرَة إِنَّمَا عُوقِبَ آكِل الرِّبَا بِسِبَاحَتِهِ فِي النَّهَر الْأَحْمَر وَإِلْقَامه الْحِجَارَة لِأَنَّ أَصْل الرِّبَا يَجْرِي فِي الذَّهَب وَالذَّهَب أَحْمَر ، وَأَمَّا إِلْقَام الْمَلَك لَهُ الْحَجَر فَإِنَّهُ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ شَيْئًا وَكَذَلِكَ الرِّبَا فَإِنَّ صَاحِبه يَتَخَيَّل أَنَّ مَاله يَزْدَاد وَاَللَّه مِنْ وَرَائِهِ مَحَقَهُ .
فتح الباري / ابن حجر
-----------------------------------------------------------------------------------
رأيت بعض الناس كان يعيش عيشة طيبة ثم أخذ الربى فانقلب حاله و أصبح يعيش معيشة ضنكا , فقد ظن أن الدخول في الربى سيزيح عنه الهم , و أي هم أشد من الدين الذي لا ينتهي , وسبب هذا عدم القناعة و تسهيل طرق الربى و قلة الإيمان باليوم الآخر, فيريد الإنسان أن يعيش أكثر من مدخوله
و لا يغني عن الإنسان تسمية الربا بالفوائد أو الرسوم فهذا لن يغير حكم الله
أبو عبد البر طارق
2014-05-30, 06:06 PM
وروي عن أبي يزيد البسطامي قال : قم بنا ننظر إلى هذا الرجل الذي قد شهر نفسه بالولاية ـ كان رجلا مقصودا مشهورا بالزهد ـ
قال الرواي : فمضينا فلما خرج من بيته ودخل المسجد رمى ببصاقة تجاه القبلة فانصرف أبو يزيد ولم يسلم عليه وقال : هذا غير مأمون على أدب من آداب رسول الله صلى الله عليه و سلم فكيف يكون مأمونا على ما يدعيه ؟
-----------------------------------
قال الشاطبي:
وهذا أصل أصله أبو يزيد رحمه الله للقوم : وهو أن الولاية لا تحصل لتارك السنة وإن كان ذلك جهلا منه فما ظنك به إذا كان عاملا بالبدعة كفاحا ؟
الاعتصام / الشاطبي
------------------------------------------------------
و أعجب من هذا ان يكون الرجل عنده شركيات و كفريات ثم يدعي الولاية و يعظمه الناس. , و هو لا يعلم ما أوجبه الله عليه من أمور العقيدة
أبو عبد البر طارق
2014-05-30, 08:53 PM
و من نظر إلى طريق أهل البدع في الاستدلالات عرف أنها لا تنضبط لأنها سيالة لا تقف عند حد و على كل وجه يصح لكل زائغ وكافر أن يستدل على زيغه وكفره حتى ينسب النحلة التي التزمها إلى الشريعة
-------------------------------------------
قال الشاطبي:
فقد رأينا وسمعنا عن بعض الكفار أنه استدل على كفره بآيات القرآن كما استدل بعض النصارى على تشريك عيسى بقوله تعالى : { وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه }
و استدل على أن الكفار من أهل الجنة بإطلاق قوله تعالى : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر }
و استدل بعض اليهود على تفضيلهم علينا بقوله سبحانه : { اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين }
و بعض الحلولية استدل على قوله تعالى : { ونفخت فيه من روحي }
والتناسخي استدل بقوله : { في أي صورة ما شاء ركبك }
و كذلك كل من اتبع المتشابهات أو حرف المناطات أو حمل الآيات ما لا تحمله عند السلف الصالح, أو تمسك بالأحاديث الواهية أو اخذ الأدلة ببادي الرأي له أن يستدل على كل فعل أو قول أو اعتقاد وافق غرضه بآية أو حديث لا يعوز ذلك أصلا
و الدليل عليه استدلال كل فرقة شهرت بالبدعة على بدعتها يآية أو حديث من غير توقف
فمن طلب خلاص نفسه تثبت حتى يتضح له الطريق ومن تساهل رمته أيدي الهوى في معاطب لا مخلص له منها إلا ما شاء الله
الاعتصام
أبو عبد البر طارق
2014-05-30, 11:24 PM
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا الوَاقِدِيُّ، :
لَمَّا دُعِيَ مَالِكٌ، وَ شورَ، وَسُمِعَ مِنْهُ، وَقُبِلَ قَوْلُهُ، حُسِدَ، وَبَغَوْهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ المَدِيْنَةَ، سَعَوْا بِهِ إِلَيْهِ، وَكَثَّرُوا عَلَيْهِ عِنْدَهُ، وَ قَالُوا:
لاَ يَرَى أَيْمَانَ بَيْعَتِكُم هَذِهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ يَأْخُذُ بِحَدِيْثٍ رَوَاهُ عَنْ ثَابِتِ بنِ الأَحْنَفِ فِي طَلاَقِ المُكْرَهِ: أَنَّهُ لاَ يَجُوْزُ عِنْدَهُ.
قَالَ: فَغَضِبَ جَعْفَرٌ، فَدَعَا بِمَالِكٍ، فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِمَا رُفِعَ إِلَيْهِ عَنْهُ، فَأَمَرَ بِتَجرِيْدِه، وَضَرْبِهِ بِالسِّيَاطِ، وَجُبِذَتْ يَدُهُ حَتَّى انْخَلَعَتْ مِنْ كَتِفِهِ، وَارتُكِبَ أَمْرٌ عَظِيْمٌ، فَوَاللهِ مَا زَالَ مَالِكٌ بَعْدُ فِي رِفْعَةٍ وَعُلُوٍّ.
---------------------------------------------------
قال الذهبي:
هَذَا ثَمَرَةُ المِحْنَةِ المَحْمُوْدَةِ، أَنَّهَا تَرفَعُ العَبْدَ عِنْدَ المُؤْمِنِيْنَ، وَبِكُلِّ حَالٍ فَهِيَ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيْنَا، وَيَعْفُو اللهُ عَنْ كَثِيْرٍ: (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً، يصب مِنْهُ).
وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كُلُّ قَضَاءِ المُؤْمِنِ خَيْرٌ لَهُ ).
وَقَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {وَلَنَبْلُوَنّ كُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِيْنَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِيْن َ} [مُحَمَّدٌ: 31].
وَأَنْزَلَ -تَعَالَى- فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ قَوْلَهُ: {أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُصِيْبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا، قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُم} [آلُ عِمْرَانَ: 165].
وَقَالَ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيْبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيْكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيْرٍ} [الشُّوْرَى: 30].
فَالمُؤْمِنُ إِذَا امْتُحِنَ صَبَرَ وَاتَّعَظَ وَاسْتَغْفَرَ، وَلَمْ يَتَشَاغَلْ بِذَمِّ مِنِ انْتَقَمَ مِنْهُ، فَاللهُ حَكَمٌ قسطٌ، ثُمَّ يَحْمَدُ اللهَ عَلَى سَلاَمَةِ دِيْنِه، وَيَعْلَمُ أَنَّ عُقُوْبَةَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ وَخَيْرٌ لَهُ.
سير أعلام النبلاء
=================
لا بد لمن ورث علم الأنبياء أن يرث معه الإبتلاء و قد سأل رجل الشافعي فقال :يا أبا عبد الله أيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلي ؟
فقال الشافعي :لا يمكن حتى يبتلي فإن الله ابتلي نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فلما صبروا مكنهم
أبو عبد البر طارق
2014-06-02, 08:39 PM
قال سهل بن عبد الله التستري :ما صار الأبدال أبدالا إلا بأربع خصال بإخماص البطون و السهر والصمت و الاعتزال عن الناس
-----------------------------------------------------------
قال الذهبي / السير:
الطَّرِيْقَةُ المُثْلَى هِيَ المُحَمَّدِيَّة ُ، وَهُوَ الأَخْذُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَتَنَاوُلُ الشَّهَوَاتِ المُبَاحَةِ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى -: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ، كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً } [المُؤْمِنُوْنَ: 51].
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَقُوْمُ وَأَنَامُ، وَآتِي النِّسَاءَ، وَآكُلُ اللَّحْمَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي)
فَلَمْ يَشْرَعْ لَنَا الرَّهْبَانِيَّ ةَ ، وَ لاَ التَّمَزُّقَ وَلا الوِصَالَ، بَلْ وَلا صَوْمَ الدَّهْرِ، وَ دِيْنُ الإِسْلاَمِ يُسْرٌ وَحَنِيْفِيَّةٌ سَمْحَةٌ، فَلْيَأْكُلِ المُسْلِمُ مِنَ الطَّيِّبِ إِذَا أَمْكَنَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ } [الطَّلاَقُ: 7]
وَقَدْ كَانَ النِّسَاءُ أَحَبَّ شَيْءٍ إِلَى نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَالحَلْوَاءُ
وَالعَسَلُ وَالشَّرَابُ الحُلْوُ البَارِدُ وَالمِسْكُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الخَلْقِ وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ -تَعَالَى-.
ثُمَّ العَابِدُ العَرِيُّ مِنَ العِلْمِ، مَتَى زَهَدَ وَتبتَّلَ وَجَاعَ، وَخَلاَ بِنَفْسِهِ، وَ تَرَكَ اللَّحْمَ وَ الثِّمَارَ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الدقَّةِ وَالكِسْرَةِ، صَفَتْ حَوَاسُّهُ وَلَطُفَتْ، وَلاَزَمَتْهُ خَطَرَاتُ النَّفْسِ، وَسَمِعَ خِطَاباً يَتَوَلَّدُ مِنَ الجُوْعِ وَالسَّهَرِ، لاَ وُجُوْدَ لِذَلِكَ الخَطَابِ -وَاللهِ- فِي الخَارِجِ، وَ وَلَجَ الشَّيْطَانُ فِي بَاطِنِهِ وَخَرَجَ، فَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ، وَخُوْطِبَ وَ ارْتَقَى، فَيَتَمَكَّنُ مِنْهُ الشَّيْطَانُ، وَ يُوَسْوِسُ لَهُ، فَيَنْظُرُ إِلَى المُؤْمِنِيْنَ بِعَيْنِ الازْدِرَاءِ، وَ يَتَذَكَّرُ ذُنُوبَهُم، وَ يَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِ الكَمَالِ، وَرُبَّمَا آلَ بِهِ الأَمْرُ إِلَى أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ وَلِيٌّ، صَاحِبُ كَرَامَاتٍ وَتَمَكُّنٍ وَ رُبَّمَا حَصَلَ لَهُ شَكٌّ، وَتَزَلْزَلَ إِيْمَانُهُ.
فَالخَلْوَةُ وَالجُوْعُ أَبُو جَادِ التَّرهُّبِ، وَ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرِيْعَتِنَا فِي شَيْءٍ.
بَلَى، السُّلُوْكُ الكَامِلُ هُوَ الوَرَعُ فِي القُوْتِ، وَ الوَرَعُ فِي المَنْطِقِ، وَ حِفْظُ اللِّسَانِ، وَ مُلاَزَمَةُ الذِّكْرِ، وَتَرْكُ مُخَالَطَةِ العَامَّةِ، وَ البُكَاءُ عَلَى الخَطِيْئَةِ، وَ التِّلاَوَةُ بِالتَّرْتِيْلِ وَ التَّدَبُّرِ، وَ مَقْتُ النَّفْسِ وَ ذَمُّهَا فِي ذَاتِ اللهِ، وَ الإِكْثَارُ مِنَ الصَّوْمِ المَشْرُوْعِ، وَ دَوَامُ التَّهَجُّدِ، وَ التَّوَاضُعُ لِلْمُسْلِمِيْن َ، وَ صِلَةُ الرَّحِمِ، وَ السَّمَاحَةُ وَ كَثْرَةُ البِشْرِ، وَ الإِنْفَاقُ مَعَ الخَصَاصَةِ، وَ قَوْلُ الحَقِّ المُرِّ بِرِفْقٍ وَتُؤَدَةٍ، وَ الأَمْرُ بِالعُرْفِ، وَ الأَخْذُ بِالعَفْوِ، وَ الإِعْرَاضُ عَنِ الجَاهِلِيْنَ، وَ الرِّبَاطُ بِالثَّغْرِ، وَ جِهَادُ العَدُوِّ، وَ حَجُّ البَيْتِ، وَ تَنَاوُلُ الطَّيِّبَاتِ فِي الأَحَايِيْنِ، وَ كَثْرَةُ الاسْتِغْفَارِ فِي السَّحَرِ، فَهَذِهِ شَمَائِلُ الأَوْلِيَاءِ، وَ صِفَاتُ المُحَمَّدِيِّي ْنَ - أَمَاتَنَا اللهُ عَلَى مَحَبَّتِهِم -.
أبو عبد البر طارق
2014-06-03, 10:29 PM
عن ابن عباس . أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عليهم و هم جلوس فقال: ألا أخبركم بخير الناس منزلة ؟
قلنا : بلى
قال : رجل ممسك برأس فرسه- أو قال : فرس - في سبيل الله حتى يموت أو يقتل ، قال : فأخبركم بالذي يليه ؟
فقلنا : نعم يا رسول الله
قال : امرؤ معتزل في شعب يقيم الصلاة ، و يؤتي الزكاة و يعتزل الناس
قال : فأخبركم بشر الناس منزلة ؟
قلنا : نعم يا رسول الله
قال : الذي يسأل بالله العظيم ، و لا يُعطي به "
============================== ===============
قال الألباني:
( فائدة ) في الحديث تحريم سؤال شيء من أمور الدنيا بوجه الله تعالى ، و تحريم عدم إعطاء من سأل به تعالى .
قال السندي في حاشيته على النسائي :
" ( الذي يسأل بالله ) على بناء الفاعل ، أي الذي يجمع بين القبيحتين أحدهما السؤال بالله ، و الثاني عدم الإعطاء لمن يسأل به تعالى ، فما يراعي حرمة اسمه تعالى
في الوقتين جميعا .
و أما جعله مبنيا للمفعول فبعيد إذ لا صنع للعبد في أن يسأله السائل بالله ، فلا وجه للجمع بينه و بين ترك الإعطاء في هذا المحل "
قال الألباني : و مما يدل على تحريم عدم الإعطاء لمن يسأل به تعالى حديث ابن عمر و ابن عباس المتقدمين : " و من سألكم بالله فأعطوه " .
و يدل على تحريم السؤال به تعالى حديث : " لا يسأل بوجه الله إلا الجنة " . و لكنه ضعيف الإسناد كما بينه المنذري و غيره ، و لكن النظر الصحيح يشهد له ، فإنه إذا ثبت وجوب الإعطاء لمن سأل به تعالى كما تقدم ، فسؤال السائل به ، قد يعرض المسؤول للوقوع في المخالفة و هي عدم إعطائه إياه ما سأل و هو حرام ، و ما أدى إلى محرم فهو محرم ، فتأمل .
و قد تقدم قريبا عن عطاء أنه كره أن يسأل بوجه الله أو بالقرآن شيء من أمر الدنيا .
و وجوب الإعطاء إنما هو إذا كان المسؤول قادرا على الإعطاء و لا يلحقه ضرر به أو بأهله ، و إلا فلا يجب عليه . و الله أعلم .
سلسلة الأحاديث الصحيحة
-----------------------
لا يجوز للإنسان أن يذل نفسه بسؤال الناس إلا مضطرا
ولهذا كان مما بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يسألو الناس شيئا، حتى إن عصا أحدهم ليسقط منه وهو على راحلته; فلا يقول لأحد: ناولنيه بل ينزل ويأخذه
لكن من سألك بالله فهل يجب إجابته في كل الحالات؟
إذا سألك بالله لشيئ محرم أو فيه ضرر عليه فلا تجبه
أما إذا سألك لأمر مباح فقد قال الشيخ صالح آل الشيخ / شرح كتاب التوحيد:
يحرم رد السائل بالله : إذا توجه لمعين في أمر معين ، كما إذا خصك بهذا التوجه ، وسألك بالله أن تعينه وأنت قادر على أن تؤتيه مطلوبه .
ويستحب ( ربما تصح العبارة بيكره بدلا من يستحب لأ ن الكلام يعود إلى رد السائل) : إذا كان التوجه ليس لمعين ، كأن يسأل أشخاصا كثيرين
ويباح : إذا كان من سأل بالله يعرف منه الكذب
أبو عبد البر طارق
2014-06-04, 04:18 PM
قال ابن الجوزي/ صيد الخاطر
و لقد حكي لي عن ابن عقيل: أنه كان يقول عن نفسه: أنا عملت في قارب ثم كسر
وهذا غلط، فمن أين له؟!
فكم من معجب بنفسه كشف له من غيره ما عاد يحقر نفسه على ذلك!!
وكم من متأخر سبق متقدمًا!! وقد قيل:
إنَّ اللَّيالِيَ وَالأَيَّامَ حَامِلَةٌ ... وَلَيْسَ يَعْلَمُ غَيْرُ اللهِ مَا تَلِدُ
-------------------------------------------------------------------------
رغم أن ابن الجوزي أنكر على ابن عقيل قوله فقد وقع فيما أنكره
و قال العلماء: لا كلمة أضر بالعلم وبالعلماء والمتعلمين من قول القائل ما ترك الأول للآخر شيئا
قال ابن كثير/ البداية والنهاية/ ترجمة ابن الجوزي
وبالجملة كان استاذا فردا في الوعظ وغيره وقد كان فيه بهاء وترفع في نفسه وإعجاب و سمو بنفسه أكثر من مقامه وذلك ظاهر في كلامه في نثره ونظمه فمن ذلك قوله
ما زلت أدرك ما غلا بل ما علا ... وأكابد النهج العسير الأطولا
تجري بي الآمال في حلباته ... جرى السعيد مدى ما أملا
أفضى بي التوفيق فيه إلى الذي ... اعيا سواي توصلا وتغلغلا
لو كان هذا العلم شخصا ناطقا ... وسألته هل زار مثلي ؟قال :لا
أبو عبد البر طارق
2014-06-04, 09:20 PM
" لا طاعة " لبشر " في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف " .
قال الألباني في /السلسلة الصحيحة.
أخرجه البخاري ( 13 / 203 - فتح ) و مسلم ( 6 / 15 ) و أبو داود ( 2625 ) و النسائي ( 2 / 187 ) و الطيالسي ( 109 ) و أحمد ( 1 / 94 ) عن علي .
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا ، و أمر عليهم رجلا فأوقد نارا ،و قال : ادخلوها ، فأراد ناس أن يدخلوها ، و قال الآخرون : إنا قد فررنا منها ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للذين أرادوا أن يدخلوها : لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة ، و قال للآخرين قولا حسنا ، و قال " فذكره .
و الزيادة للطيالسي و السياق لمسلم .
----------------------------------------------
قال الألباني/السلسلة الصحيحة.
و في الحديث فوائد كثيرة أهمها أنه لا يجوز إطاعة أحد في معصية الله تبارك و تعالى ، سواء في ذلك الأمراء و العلماء و المشايخ . و منه يعلم ضلال طوائف من الناس :
الأولى : بعض المتصوفة الذين يطيعون شيوخهم و لو أمرهم بمعصية ظاهرة بحجة أنها في الحقيقة ليست بمعصية ، و أن الشيخ يرى ما لا يرى المريد
و أعرف شيخا من هؤلاء نصب نفسه مرشدا قص على أتباعه في بعض دروسه في المسجد قصة خلاصتها أن أحد
مشايخ الصوفية أمر ليلة أحد مريديه بأن يذهب إلى أبيه فيقتله على فراشه بجانب زوجته ، فلما قتله ، عاد إلى شيخه مسرورا لتنفيذ أمر الشيخ !
فنظر إليه الشيخ و قال : أتظن أنك قتلت أباك حقيقة ؟ إنما هو صاحب أمك ! و أما أبوك فهو غائب !
ثم بنى على هذه القصة حكما شرعيا بزعمه فقال لهم : إن الشيخ إذا أمر مريده بحكم مخالف للشرع في الظاهر أن على المريد أن يطيعه في ذلك !!
قال : ألا ترون إلى هذا الشيخ أنه في الظاهر أمر الولد بقتل والده ، و لكنه في الحقيقة إنما أمره بقتل الزاني بوالدة الولد ، و هو يستحق القتل شرعا !
و لا يخفى بطلان هذه القصة شرعا من وجوه كثيرة .
أولا : أن تنفيذ الحد ليس من حق الشيخ مهما كان شأنه ، و إنما هو من الأمير أو الوالي .
ثانيا : أنه لو كان له ذلك فلماذا نفذ الحد بالرجل دون المرأة و هما في ذلك سواء ؟ .
ثالثا : إن الزاني المحصن حكمه شرعا القتل رجما ، و ليس القتل بغير الرجم .
و من ذلك يتبين أن ذلك الشيخ قد خالف الشرع من وجوه ، و كذلك شأن ذلك المرشد الذي بنى على القصة ما بنى من وجوب إطاعة الشيخ و لو خالف الشرع ظاهرا
حتى لقد قال لهم : إذا رأيتم الشيخ على عنقه الصليب فلا يجوز لكم أن تنكروا عليه !
و مع وضوح بطلان مثل هذا الكلام ، و مخالفته للشرع و العقل معا نجد في الناس من ينطلي عليه كلامه و فيهم بعض الشباب المثقف . و لقد جرت بيني و بين أحدهم مناقشة حول تلك القصة و كان قد سمعها من ذلك المرشد و ما بنى عليها من حكم ، و لكن لم تجد المناقشة معه شيئا و ظل مؤمنا بالقصة لأنها من باب الكرامات في
زعمه
قال : و أنتم تنكرون الكرامة ؟!
و لما قلت له : لو أمرك شيخك بقتل والدك فهل تفعل ؟
فقال : إنني لم أصل بعد إلى هذه المنزلة ! !
فتبا لإرشاد يؤدي إلى تعطيل العقول و الاستسلام للمضلين إلى هذه المنزلة ، فهل من عتب بعد ذلك على من
يصف دين هؤلاء بأنه أفيون الشعب ؟
أبو عبد البر طارق
2014-06-04, 11:49 PM
خرج الآجري عن أبي موسى قال :
ماتت أخت لعبد الله بن عمر . فقلت لامرأتي : اذهبي فعزيهم . و بيتي عندهم ، فقد كان بيننا و بين آل عمر الذي كان
فجاءت فقال : ألم آمرك أن تبيتي عندهم ؟
فقالت : أردت أن أبيت ، فجاء ابن عمر فأخرجنا . و قال : اخرجن لا تبيتن أختي بالعذاب .
و عن أبي البختري قال : بيتوتة الناس عند أهل الميت ليست إلا من أمر الجاهلية .
------------------
قال القرطبي :
و هذه الأمور كلها قد صارت عند الناس الآن سنة و تركها بدعة ، فانقلب الحال و تغيرت الأحوال .
قال ابن عباس رضي الله عنه : لا يأتي على الناس عام إلا أماتوا فيه سنة . و أحيوا فيه بدعة . حتى تموت السنن و تحيا البدع
و لن يعمل بالسنن و ينكر البدع إلا من هون الله عليه إسخاط الناس بمخالفتهم فيما أرادوا ، و نهيهم عما اعتادوا و من يسر لذلك أحسن الله تعويضه
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنك لن تدع شيئاً إلا عوضك الله خيراً منه
و قال صلى الله عليه و سلم : لا يزال في هذه الأمة عصابة يقاتلون على أمر الله لا يضرهم جدال من جادلهم و لا عداوة من عاداهم
التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة
======
الهدف من تعزية المصاب أن يهون عليه ويذكره بالشيء الذي يخفف وطأة المصيبة عليه, و لا يشترط ان تكون التعزية في البيت بل تكون في أي مكان، فتكون في المقبرة، وتكون في المسجد، وتكون في الطريق
و أعتاد المغاربة رفع الخيام و توزيع أشهى الأطعمة و الأشربة بل قد يصل الأمر إلى تصوير ما يقع , و هذا تبذير لمال الورثة بغير حق , و قد يستمر جلوس الناس للتعزية عدة أيام و هذا فيه زيادة المصيبة على المصاب لا تخفيفها
و قد قال جرير بن عبد الله البجلي:
كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعه الطعام بعد دفنه من النياحة
أبو عبد البر طارق
2014-06-05, 11:01 PM
قَالَ مَرَّةً رَجُلٌ: مَا أَشَدَّ البَرْدَ اليَوْمَ
فَالتَفَتَ إِلَيْهِ المُعَافَى، وَقَالَ: أَسْتَدْفَأْتَ الآنَ؟ لَوْ سَكَتَّ، لَكَانَ خَيْراً لَكَ.
--------------------------------------
قال الذهبي:
قَوْلُ مِثْلِ هَذَا جَائِزٌ، لَكِنَّهُم كَانُوا يَكْرَهُوْنَ فُضُولَ الكَلاَمِ، وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي الكَلاَمِ المُبَاحِ، هَلْ يَكْتُبُهُ المَلَكَانِ، أَمْ لاَ يَكْتُبَانِ إِلاَّ المُسْتَحَبَّ الَّذِي فِيْهِ أَجْرٌ، وَالمَذْمُوْمَ الَّذِي فِيْهِ تَبِعَةٌ؟
وَالصَّحِيْحُ كِتَابَةُ الجَمِيْعِ، لِعُمُوْمِ النَّصِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيْبٌ عَتِيْدٌ} [ق: 18]، ثُمَّ لَيْسَ إِلَى المَلَكَيْنِ اطِّلاَعٌ عَلَى النِّيَّاتِ وَالإِخْلاَصِ، بَلْ يَكْتُبَانِ النُّطْقَ، وَأَمَّا السَّرَائِرُ البَاعِثَةُ لِلنُّطْقِ، فَاللهُ يَتَوَلاَّهَا.
سير أعلام النبلاء/ الذهبي
-----------------------------------------
قال ابن رجب /جامع العلوم والحكم
واختلفوا هل يكتب كل ما يتكلم به أم لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب؟ على قولين مشهورين
وقال على بن أبي طلحة عن ابن عباس: يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى إنه ليكتب قوله: أكلت وشربت ذهبت وجئت , حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر ما كان فيه من خير أو شر و ألقي سائره فذلك قوله تعالى :(يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) -الرعد -
وعن يحيى بن أبي كثير قال ركب رجل الحمار فعثر به فقال تعس الحمار فقال صاحب اليمين: ما هي حسنة أكتبها!
و قال صاحب الشمال: ما هي من السيئات فأكتبها!
فأوحى الله إلى صاحب الشمال ما ترك صاحب اليمين من شيء فاكتبه فأثبت في السيئات تعس الحمار
و ظاهر هذا أن ما ليس بحسنة فهو سيئة و إن كان لا يعاقب عليها فإن بعض السيئات قد لا يعاقب عليها و قد تقع مكفرة باجتناب الكبائر و لكن زمانها قد خسره صاحبها حيث ذهبت باطلا فيحصل له بذلك حسرة في القيامة وأسف عليه وهو نوع عقوبة
أبو عبد البر طارق
2014-06-06, 12:16 AM
وَقَالَ بَكْرُ بنُ مُنِيْرٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: أَرْجُو أَنْ أَلقَى اللهَ وَلاَ يحَاسبنِي أَنِّي اغتبتُ أَحَداً .
---------------------------------------------------
قال الذهبي: صَدَقَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَمَن نظَرَ فَى كَلاَمِهِ فِي الجرحِ وَالتعديلِ عَلِمَ وَرعَهُ فِي الكَلاَمِ فِي النَّاسِ، وَإِنصَافَهُ فِيْمَنْ يُضَعِّفُهُ، فَإِنَّهُ أَكْثَر مَا يَقُوْلُ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ، سَكَتُوا عَنْهُ، فِيْهِ نظرٌ ، وَنَحْو هَذَا. وَقَلَّ أَنْ يَقُوْلَ: فُلاَنٌ كَذَّابٌ، أَوْ كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ. حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: إِذَا قُلْتُ: فُلاَنٌ فِي حَدِيْثِهِ نَظَرٌ، فَهُوَ مُتَّهَمٌ وَاهٍ.
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: لاَ يُحَاسبُنِي اللهُ أَنِّي اغتبْتُ أَحَداً، وَهَذَا هُوَ وَاللهِ غَايَةُ الوَرَعِ.
سير أعلام النبلاء/ الذهبي
-------------------
كان السلف يتكلمون في الرجال بإخلاص و ورع و نصحا للمسلمين , ولو تكلم غيرهم لسكتوا , و لم يكن علم الجرح والتعديل العلم الوحيد الذي يتقنونه بل كانوا علماء في شتى الفنون
و قد ظهر بعض طلبة العلم لا يحسنون إلا الجرح دون تعديل و شغلوا انفسهم بالردود و ليتهم يتقنون هذا الفن بقواعده التي حددها المحدثون , لكن يتكلمون بجهل و سوء قصد فتراهم يرجعون عن الطريق و لم يعرفوه و لو عرفوه لم يرجعوا , و أعجب من هذا من يشغل نفسه بالرد عليهم و تتبعهم , فمتى يقرأ طالب العلم المطولات , و العمر أنفس في أن يضاع في مثل هؤلاء
أبو عبد البر طارق
2014-06-06, 12:43 PM
قال إبن الجوزي/ المدهش
أنت في طلب الدنيا قدري و في طلب الدين جبري أي مذهب وافق غرضك تمذهبت به
-----------------------------------------------
قال ابن تيمية/مجموع الفتاوى
........وَ أَمَّا ( الْقِسْمُ الرَّابِعُ : فَهُوَ شَرُّ الْأَقْسَامِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ قَالَ: أَنْتَ عِنْدَ الطَّاعَةِ قَدَرِيٌّ وَأَنْتَ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ جَبْرِيٌّ أَيُّ مَذْهَبٍ وَافَقَ هَوَاكَ تَمَذْهَبْتَ بِهِ
فَهَؤُلَاءِ شَرُّ أَتْبَاعِ الشَّيْطَانِ وَ لَيْسَ هُوَ مَذْهَبًا لِطَائِفَةِ مَعْرُوفَةٍ وَلَكِنْ هُوَ حَالُ عَامَّةِ الْمَحْلُولِينَ عَنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إنْ فَعَلَ طَاعَةً أَخَذَ يُضِيفُهَا إلَى نَفْسِهِ وَيُعْجَبُ حَتَّى يُحْبِطَ عَمَلَهُ
وَ إِنْ فَعَلَ مَعْصِيَةً أَخَذَ يَعْتَذِرُ بِالْقَدَرِ وَ يَحْتَجُّ بِالْقَضَاءِ وَ تِلْكَ حُجَّةٌ دَاحِضَةٌ وَعُذْرٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ .
وَ تَرَاهُ إذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ بِفِعْلِ الْعِبَادِ أَوْ غَيْرِهِمْ لَا يَسْتَسْلِمُ لِلْقَدَرِ
وَ تَرَاهُ إذَا ظَلَمَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ احْتَجَّ بِالْقَدَرِ وَ يَقُولُ : الْعَبْدُ مِسْكِينٌ لَا قَادِرٌ وَلَا مَعْذُورٌ وَيَقُولُ : أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ مَكْتُوفًا وَ قَالَ لَهُ إيَّاكَ إيَّاكَ أَنْ تَبْتَلَّ بِالْمَاءِ
وَ إِنْ ظَلَمَهُ غَيْرُهُ ظُلْمًا دُونَ ذَلِكَ أَوْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ ظَلَمَهُ أَحَدٌ سَعَى فِي الِانْتِقَامِ مِنْ ذَلِكَ بِأَضْعَافِ ذَلِكَ وَلَا يَعْذُرُ غَيْرَهُ بِمِثْلِ مَا عَذَرَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ الْقَدَرِ وَهُمَا سَوَاءٌ فَهَذِهِ الْجُمَلُ يَجِبُ اعْتِقَادُهَا .
أبو عبد البر طارق
2014-06-06, 01:59 PM
عن عبد الرحيم بن سليمان الرازي ، قال : « كنا عند سفيان الثوري ، فكان إذا أتاه الرجل يطلب العلم سأله : هل لك وجه معيشة ؟
فإن أخبره أنه في كفاية ، أمره بطلب العلم ، وإن لم يكن في كفاية ، أمره بطلب المعاش »
قال شعبة : « من طلب الحديث أفلس ، بعت طستا لأمي بسبعة دنانير »
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع/ للخطيب البغدادي
------------------------------------
قال ابن الجوزي/ صيد الخاطر
ولو نظرنا في سير الرجال ونبلائهم، وتأملنا صحاح الأحاديث عن رؤسائهم، لعلم أن الخليل عليه الصلاة والسلام كان كثير المال حتى ضاقت بلدته بمواشيه، وكذلك لوط عليه الصلاة والسلام، وكثير من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والجم الغفير من الصحابة.
وإنما صبروا عند العدم، ولم يمتنعوا عن كسب ما يصلحهم، ولا من تناول المباح عند الوجود.
وكان أبو بكر رضي الله عنه يخرج للتجارة والرسول صلى الله عليه وسلم حي، وكان أكثرهم يخرج فاضل ما يأخذ من بيت المال، ويسلم من ذل الحاجة إلى الإخوان.
وقد كان ابن عمر لا يرد شيئًا، ولا يسأل.
وإني تأملت أكثر أهل الدين والعلم على هذه الحال، فوجدت العلم شغلهم عن المكاسب في بداياتهم، فلما احتاجوا إلى قوام نفوسهم ذلوا، وهم أحق بالعز.
وقد كانوا قديمًا يكفيهم بيت المال فضلات الإخوان، فلما عدمت في هذا الأوان، لم يقدر متدين على شيءٍ إلا ببذل شيء من دينه، وليته قدر، فربما تلف الدين، ولم يحصل له شيء.
فالواجب على العاقل أن يحفظ ما معه، وأن يجتهد في الكسب ليربح مداراة ظالم أو مداهنة جاهل، ولا يلتفت إلى ترهات المتصوفة، الذين يدعون في الفقر ما يدعون، فما الفقر إلا مرض العجزة، وللصابر على الفقر ثواب الصابر على المرض
اللهم! إلا أن يكون جبانًا عن التصرف، مقتنعًا بالكفاف؛ فليس ذلك من مراتب الأبطال، بل هو من مقامات الجبناء الزهاد.
وأما الكاسب ليكون المعْطِيَ لا المُعْطَى، والمتصدق لا المتصدق عليه، فهي من مراتب الشجعان الفضلاء، ومن تأمل هذا، علم شرف الغنى، ومخاطرة الفقر.
أبو عبد البر طارق
2014-06-06, 02:56 PM
قال إبراهيم بن أدهم : « ما أفلح من أحب أفخاذ النساء »
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع/ للخطيب البغدادي
--
قال أبو بكر المروذي: سمعت أحمد بن حنبل يرغب في النكاح، فقلت له: قال ابن أدهم
فما تركني أتمم حتى صاح علي وقال: أذكر لك حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتأتيني ببنيات الطريق؟!.
تلبيس إبليس/ ابن الجوزي
------------------------------------
قال ابن الجوزي / تلبيس إبليس
وقد لبس إبليس على كثير من الصوفية فمنعهم من النكاح فقدماؤهم تركوا ذلك تشاغلا بالتعبد ورأوا النكاح شاغلا عن طاعة الله عز وجل و هؤلاء وإن كانت بهم حاجة إلى النكاح أو بهم نوع تشوق اليه فقد خاطروا بأبدانهم و أديانهم و إن لم يكن بهم حاجة اليه فاتتهم الفضيلة
و في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "وفي بضع أحدكم صدقة"
قالوا :يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟!
قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر"؟
قالوا نعم
قال: "وكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" ثم قال: "أفتحتسبون الشر ولا تحتسبون الخير"
و منهم من قال النكاح يوجب النفقة والكسب صعب و هذه حجة للترفع عن تعب الكسب
و في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "دينار أنفقته في سبيل الله و دينار أنفقته في رقبة و دينار أنفقته في الصدقة و دينار أنفقته على عيالك أفضلها الدينار الذي أنفقته على عيالك"
و منهم من قال النكاح يوجب الميل إلى الدنيا فروينا عن أبي سليمان الداراني انه قال اذا طلب الرجل الحديث أو سافر في طلب المعاش أو تزوج فقد ركن إلى الدنيا.
قال ابن الجوزي: و هذا كله مخالف للشرع و كيف لا يطلب الحديث والملائكة تضع أجنحتها لطلب العلم؟!
و كيف لا يطلب المعاش وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأن أموت من سعي على رجلي أطلب كفاف وجهي أحب إلي من أن أموت غازيا في سبيل الله؟!
و كيف لا يتزوج وصاحب الشرع يقول: "تناكحوا تناسلوا"؟!
فما أرى هذه الأوضاع الا على خلاف الشرع فأما جماعة من متأخري الصوفية فإنهم تركوا النكاح ليقال زاهد!!
و العوام تعظم الصوفي اذا لم تكن له زوجة فيقولون ما عرف امرأة قط !!فهذه رهبانية تخالف شرعنا
قال أبو حامد: ينبغي أن لا يشغل المريد نفسه بالتزويج فإنه يشغله عن السلوك ويأنس بالزوجة ومن أنس بغير الله شغل عن الله تعالى.
قال ابن الجوزي و إني لأعجب من كلامه!! أتراه ما علم أن من قصد عفاف نفسه و وجود ولد أو عفاف زوجته فإنه لم يخرج عن جادة السلوك؟
أو يرى الأنس الطبيعي بالزوجة ينافي أنس القلوب بطاعة الله تعالى؟
و الله تعالى قد من على الخلق بقوله:( وجعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )
و في الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: "هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك"
و ما كان بالذي ليدله على ما يقطع أنسه بالله تعالى أترى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما كان ينبسط إلى نسائه ويسابق عائشة رضي اله عنها أكان خارجا عن الأنس بالله؟!!
هذه كلها جهالات بالعلم.
و اعلم انه اذا دام ترك النكاح على شبان الصوفية أخرجهم إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: المرض بحبس الماء فان المرء إذا طال احتقانه تصاعد إلى الدماغ منه منيه
قال أبو بكر محمد بن زكريا الرازي: أعرف قوما كانوا كثيري المنى فلما منعوا أنفسهم من الجماع لضرب من التفلسف بردت أبدانهم وعسرت حركاتهم و وقعت عليهم الكآبة بلا سبب و عرضت لهم أعراض الماليخوليا وقَلت شهواتهم وهضمهم
و قال: ورأيت رجلا ترك الجماع ففقد شهوة الطعام وصار أن أكل القليل لم يستمرأه وتقايأه فلما عاد إلى عادته من الجماع سكنت عنه هذه الأعراض سريعا
النوع الثاني :الفرار إلى المتروك فان منهم خلقا كثيرا صابروا على ترك الجماع فاجتمع الماء فأقلقهم فلامسوا النساء ولابسوا من الدنيا أضعاف ما فروا منه فكانوا كمن أطال الجوع ثم أكل ما ترك في زمن الصبر !!
النوع الثالث الإنحراف إلى صحبة الصبيان فان قوما منهم أيسوا أنفسهم من النكاح فأقلقهم ما اجتمع عندهم فصاروا يرتاحون إلى صحبة المرد.
أبو عبد البر طارق
2014-06-06, 05:53 PM
قال الحسن البصري : الدنيا كلها ظلمه إلا مجالس العلماء
جامع بيان العلم وفضله/ ابن عبد البر
-----------------------------------------
كتب سلمان الفارسي رضي الله عنه إلى أبي الدرداء رضي الله عنه :
« إن العلم كالينابيع يغشى الناس فيختلجه هذا ، وهذا ، فينفع الله به غير واحد
وإن حكمة لا يُتكلم بها كجسد لا روح فيه
وإن علما لا يخرج ككنز لا ينفق
وإنما مثل المعلم كمثل رجل عمل سراجا في طريق مظلم يستضيء به من مر به ، وكل يدعو إلى الخير »
أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ/أخلاق العلماء
----------------------------------------
قال محمد بن الحسين الآجري/ أخلاق العلماء :
« فما ظنكم ـ رحمكم الله ـ بطريق فيه آفات كثيرة ، ويحتاج الناس إلى سلوكه في ليلة ظلماء ، فإن لم يكن فيه مصباح وإلا تحيروا ، فقيض الله لهم فيه مصابيح تضيء لهم ، فسلكوه على السلامة والعافية ، ثم جاءت طبقات من الناس لابد لهم من السلوك فيه ، فسلكوا ، فبينما هم كذلك ، إذ طفئت المصابيح ، فبقوا في الظلمة ، فما ظنكم بهم ؟
هكذا العلماء في الناس لا يعلم كثير من الناس كيف أداء الفرائض ، وكيف اجتناب المحارم ، ولا كيف يعبد الله في جميع ما يعبده به خلقه ، إلا ببقاء العلماء ، فإذا مات العلماء تحير الناس ، ودرس العلم بموتهم ، وظهر الجهل ، فإنا لله وإنا إليه راجعون مصيبة ما أعظمها على المسلمين ؟ »
أبو عبد البر طارق
2014-06-10, 06:52 PM
قال ابن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة إنك تموت غداً ما قدر أن يزيد في العمل شيئاً وكان يدخل سوقه فإذا ربح قوته لم يزد عليه شيئاً.
طبقات الحفاظ/ السيوطي
------------------------------
كان السلف الصالح يجمعون بين العبادة و طلب الرزق , فينفقون من العمر في طلب الرزق على قدر الحاجة مع نية صالحة يؤجرون عليها , و رأيت البعض يجد إشكالا في الجمع بين كسب المعيشة و طلب العلم او العبادة و ما هذا إلا لسوء تدبيره للوقت , و قد أنفق موسى عشر سنين في مهر امرأة
و البعض الآخر أنفق عمره في جمع المال معللا ذلك بأن العمل عبادة ؟! و الصحيح أن كل عمل فيه تضييع لحقوق الله فهو عبادة لكن للشيطان , و هذا النوع لم يعلم أن المقصود هو إنفاق المال في العمر ليستعين به على طاعة الله لا إنفاق العمر في جمع المال, فلا هو تمتع بالمال و لا هو قدمه لله بل أبقاه لغيره، وأفنى نفسه، كما قال الشاعر:
كَدُودَةِ القَزِّ ما تَبْنيهِ يَهْدِمُهَا ... وَغَيْرُهَا بِالَّذِي تَبْنِيْهِ يَنْتَفِعُ
أبو عبد البر طارق
2014-06-11, 10:09 PM
قال ابن الجوزي /صيد الخاطر
و لو قلت: إني طالعت عشرين ألف مجلد، كان أكثر، وأنا بعد في الطلب!
--------------------
و يقال إنه جمعت براية أقلام ابن الجوزي فكان شيئاً كثيراً، وأوصى أن يسخن به الماء الذي يغسل به ففعل ذلك وفضل منها
الوافي بالوفيات/ الصفدي
=============================
كانت الكتب قبل الطباعة مخطوطات و هي صعبة القراءة , و قد قرأ ابن الجوزي عشرين ألف مجلد و هو لا زال في مرحلة الطلب فكم يكون قرأ حى وفاته ؟! فهذا الرجل قرأ كثيرا و كتب كثيرا لعلو همته
و الآن قد يسرت الطباعة قراءة الكتب فليسأل الإنسان نفسه كم قرأ ؟و كم كتب ؟ و كم بقي من العمر؟
أبو عبد البر طارق
2014-06-18, 09:27 PM
روى الإمام أحمد (أن نفرا كانوا جلوسا بباب النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم : ألم يقل الله كذا وكذا ؟
وقال بعضهم : ألم يقل الله كذا وكذا ؟
فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج كأنما فقئ في وجهه حب الرمان فقال : أبهذا أمرتم ؟ أو بهذا بعثتم ؟ أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟
إنما ضلت الأمم قبلكم في مثل هذا إنكم لستم مما هاهنا في شيء انظروا الذي أمرتم به فاعملوا به والذي نهيتم عنه فانتهوا.)
----------------------------
قال الشيخ العثيمين / شرح اقضاء الصراط المسقيم
و هذا الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم قد أولع به كثير من الناس الآن , حتى من طلبة العلم , تجده يتتبع النصوص التي ظاهرها التعارض , ثم يوردها على نفسه أولا فيتشكك فيها , ويقول : ما الجمع بين كذا وكذا ؟
و لماذا قال الله كذا وقال كذا ؟
لماذا قال الرسول كذا و قال كذا ؟
فتجده أهم شيء عنده أن يجمع النصوص المتعارضة , ثم يوردها على نفسه أو على غيره , وهذا والله سد باب التوفيق .
و الإنسان إذا سلك هذا المسلك فسيصير عنده شبهات عظيمة , لكن لو سلك الجادة التي كان عليها السلف الصالح , و آمن بالكتاب كله , ما حصلت عنده هذه الإشكالات , و لهذا الصحابة الذين تنازعوا عند باب الرسول عليه الصلاة و السلام كلهم تنازعوا في مثل هذا , هذا يقول : أليس الله يقول كذا و كذا ؟ و هذا يقول : أليس الله يقول كذا و كذا ؟ يعني فأرادوا أن يكذب القرآن بعضه بعض , هم ما أرادوا ذلك ,و لكن هذه إشكالات .
و لهذا أنا أحذر طلاب العلم من ذالك من أن لا يكون لهم هم إلا جمع الآيات والأحاديث التي ظاهرها التعارض ثم يوردون إشكالات عليها , لكن لو مشوا على أن كل شيء على بابه , وكل شيء لا يخالف الآخر لهُدُوا إلى الصراط المستقيم , و لسلموا من هذا التتبع , و لذالك تجد أسلم الناس طريقة الذين يبتعدون عن مثل هذا , احذروا هذا فإنه خطير .
فهذا الرسول عليه الصلاة و السلام طبيب الأبدان و الأديان يقول لهم : انظروا الذي أمرتم به فاتبعوه و الذي نهيتم عنه فاجتنبوه , اما أن تضربوا كتاب الله بعضه بعضا , و كيف -مثلا - يعذبنا و هو الذي قدر علينا أن نعصيه؟ و ما أشبه ذلك من الأشياء التي يوردها الناس , أو يقول كيف هذه الآية تقول كذا ؟ و الآية الثانية تقول كذا ؟
أنا لا أقو ل ذلك إذا ورد إشكال عليك , لكن كونك تتبع ذلك هذا هو الخطأ , و هو الذي يكون سببا للضلال
أبو عبد البر طارق
2014-06-19, 12:25 AM
النسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكثروا ذكر هادم اللذات يعني الموت . أخرجه ابن ماجه و الترمذي أيضاً . و خرجه أبو نعيم الحافظ بإسناده من حديث مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكثروا من ذكر هادم اللذات قلنا يا رسول الله : و ما هادم اللذات ؟ قال : الموت .
التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة/ القرطبي
---------------------------------
بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ : أَيْ قَاطِعَهَا . قَالَ مَيْرَكُ صَحَّحَ الطِّيبِيُّ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ حَيْثُ قَالَ شَبَّهَ اللَّذَّاتِ الْفَانِيَةَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَاجِلَةَ ثُمَّ زَوَالَهَا بِبِنَاءٍ مُرْتَفِعٍ يَنْهَدِمُ بِصَدَمَاتٍ هَائِلَةٍ ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُنْهَمِكَ فِيهَا بِذِكْرِ الْهَادِمِ لِئَلَّا يَسْتَمِرَّ عَلَى الرُّكُونِ إِلَيْهَا ، فيَشْتَغِلَ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْفِرَارِ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ اِنْتَهَى كَلَامُهُ .
لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ : الْهَاذِمُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ الْقَاطِعُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا ، وَقَدْ صَرَّحَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَتْلِ وَحْشِيٍّ لِحَمْزَةَ . وَقَالَ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ : هَادِمٌ يُرْوَى بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ دَافِعُهَا أَوْ مُخَرِّبُهَا ، وَبِالْمُعْجَمَ ةِ أَيْ قَاطِعُهَا . وَاخْتَارَهُ بَعْضٌ مِنْ مَشَائِخِنَا وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُصَحِّحْ الْخَطَّابِيُّ غَيْرَهُ وَجَعَلَ الْأَوَّلَ مِنْ غَلَطِ الرُّوَاةِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
تحفة الأحوذي / المباركفوري
-----------------------
قال القرطبي/لتذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة
و أجمعت الأمة على أن الموت ليس له سن معلوم ، و لا زمن معلوم ، و لا مرض معلوم . و ذلك ليكون المرء على أهبة من ذلك ، مستعداً لذلك .
و كان بعض الصالحين ينادي بليل على سور المدينة : الرحيل . الرحيل . فلما توفي فقد صوته أمير المدينة فسأل عنه . فقيل : إنه قد مات فقال :
ما زال يلهج بالرحيل و ذكره--- حتى أناخ ببابه الجمال
فأصابه متيقظاً متشمراً---- ذا أهبة لم تلهه الآمال
و كان يزيد الرقاشي يقول لنفسه : و يحك يا يزيد ، من ذا يترضى عنك ربك الموت ؟ ثم يقول : أيها الناس ألا تبكون و تنوحون على أنفسكم باقي حياتكم ؟ من الموت طالبه و القبر بيته . و التراب فراشه . و الدود أنيسه . و هو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر يكون حاله ؟ ثم يبكي حتى يسقط مغشياً عليه .
و قال التيمي : شيئان قطعا عني لذة الدنيا : ذكر الموت . و ذكر الموقف بين يدي الله تعالى .
و كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يجمع العلماء فيتذاكرون الموت ، و القيامة ، و الآخرة ، فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة .
و قال أبو نعيم : كان الثوري إذا ذكر الموت لا ينتفع به أياماً . فإن سئل عن شيء قال : لا أدري لا أدري .
و قال الدقاق : من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء : تعجيل التوبة و قناعة القلب ، و نشاط العبادة .
و من نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء : تسويف التوبة ، و ترك الرضى بالكفاف ، و التكاسل في العبادة
ابوخزيمةالمصرى
2014-06-19, 02:12 AM
موضوعك طيب أحسن الله إليك
فيه علم كثير بارك الله فيك وزادك
أبو عبد البر طارق
2014-06-20, 04:43 PM
موضوعك طيب أحسن الله إليك
فيه علم كثير بارك الله فيك وزادك
جزاك الله خيرا و كتب لك الأجر
-----------
شكى رجل إلى إبراهيم بن أدهم كثرة عياله ، فقال له: ابعث إلي منهم من ليس رزقه على الله!
فسكت الرجل .
البداية والنهاية/ ابن كثير
-------------
يولد المولود و قد كتب رزقه و عمله و أجله و شقي أو سعيد, لكن اتباع سنن من كان قبلنا - اليهود و النصارى- جعلنا نحدد النسل و تناسينا قول الرسول صلى الله عليه و سلم تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة.
لكن هذا لا يعني إهمال تربية الأبناء فهو الذي يسبب عقوقهم للآباء
قال ابن القيم/ تحفة المولود
فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة
و أكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين و سننه فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا
كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال يا أبت إنك عققتني صغيرا فعققتك كبيرا وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا!
أبو عبد البر طارق
2014-06-20, 05:40 PM
كانت امرأة عابدة في غنى وكانت لا تنام من الليل إلا يسيرا قال : فعوتبت في ذلك فقالت : « كفى بطول الرقدة في القبور للمؤمنين رقادا »
التهجد/ ابن أبي الدنيا
------------------
البعض يقضي جل وقته في النوم و اللهو و البطالة, و يظن أن هذا عين الراحة لكن ما فائدة راحة يعقبها حساب طويل فلذة البطالة تعقب عدم العلم والعمل، فيزيد الأسى على اللذة أضعافًا.
و تفكر في عابد أين تعب طاعته؟! و في العاصي أين لذة معصيته؟!
الناس في غفلةٍ والموت يوقظهمْ ... وما يفيقون حتَّى ينفد العُمُرُ
فالعجب ممن همته هكذا مع قصر العمر، ثم لا يهتم بآخرته، التي لذتها سليمة من كل شائب، منزهة عن المعايب، دائمة إلى الأمد، باقية ببقاء الأبد! وإنما يحصل تقريب هذه بإبعاد تلك، وعمران هذه بتخريب تلك.
أبو عبد البر طارق
2014-06-20, 07:33 PM
قال عيسى عليه السلام الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها
-------
هذا مثل واضح، فإن الحياة الدنيا معبر إلى الآخرة، والمهد هو الركن الأول على أول القنطرة، واللحد هو الركن الثاني على آخر القنطرة .
ومن الناس من قطع نصف القنطرة، ومن الناس من قطع ثلثيها، ومنهم من لم يبق له إلا خطوة واحدة وهو غافل عنها،
و كيفما كان فلابد من العبور، فمن وقف يبنى على القنطرة ويزينها وهو يستحث للعبور عليها، فهو في غاية الجهل والحمق .
وقيل : مثال طالب الدنيا، مثل شارب ماء البحر كلما ازداد شراباً ازداد عطشاً حتى يقتله .
وكان بعض السلف يقول لأصحابه : انطلقوا حتى أريكم الدنيا فيذهب بهم إلى مزبلة فيقول : انظروا إلى ثمارهم ودجاجهم وعسلهم وسمنهم .
مختصر منهاج القاصدين/ ابن قدامة المقدسي
أبو عبد البر طارق
2014-06-20, 10:27 PM
قال حماد بن زيد قلت لايوب العلم اليوم اكثر او فيما تقدم ؟
فقال الكلام اليوم اكثر والعلم فيما تقدم أكثر !
الفوائد/ ابن قيم الجوزية
----------------
قال ابن رجب الحنبلي/ فضل علم السلف على الخلف:
و قد فتن كثير من المتأخرين فظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك. وهذا جهل محض.
و انظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت كيف كانوا. كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه
و كذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة و الصحابة أعلم منهم
و كذلك تابعوا التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين والتابعون أعلم منهم.
فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق و يميز به بينه وبين الباطل و يعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد.
-----------
قال بعض السلف : كلام السلف قليل كثير البركة و كلام الخلف كثير قليل البركة
فالكتب كثيرة جدا والكلام والجدال والمقدرات الذهنية كثيرة و الردود كثيرة و العلم بمعزل عن أكثرها , بل قد تقرأ كتابا كثير الورق و تخرج بلا فائدة, و قد تقرأ عدة مواضيع على الشبكة و تخرج بلا فائدة بل قد تضيع الوقت و تعلق بقلبك الشبهات
أبو عبد البر طارق
2014-06-24, 04:03 PM
كَانَ الشَّافِعِيُّ يَخْتِمُ فِي رَمَضَانَ سِتِّيْنَ خَتْمَةً
-------
كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يختمُ فِي رَمَضَانَ فِي النَّهَارِ كُلَّ يَوْمٍ خَتْمَةً، وَيقومُ بَعْدَ التّروَايحِ كُلَّ ثَلاَثِ لَيَالٍ بخَتْمَةٍ
سير أعلام النبلاء
=================
وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة وعليه يدل عمل غيرهم
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف/ ابن رجب الحنبلي
أبو عبد البر طارق
2014-06-25, 04:39 PM
عن يسار بن حبيش عن أبيه قال أنا والذي لا إله إلا هو أدخلت ثابت البناني في لحده و معي حميد ورجل غيره فلما سوينا عليه اللبن سقطت لبنه فإذا به يصلي في قبره
فقلت للذي معي ألا تراه؟
قال اسكت فلما سوينا عليه و فرغنا أتينا ابنته فقلنا لها ما كان عمل ثابت ؟
قالت و ما رأيتم؟
فأخبرناها فقالت كان يقوم الليل خمسين سنة فإذا كان السحر قال في دعائه:
اللهم إن كنت أعطيت أحدا الصلاة في قبره فأعطينها فما كان الله ليرد ذلك الدعاء
أهوال القبور/ابن رجب الحنبلي:
-----------------------------------------------
قال ابن رجب/ أهوال القبور:
بعض أهل البرزخ يكرمه الله بأعماله الصالحة عليه في البرزخ و إن لم يحصل له ثواب تلك الأعمال لانقطاع عمله بالموت لكن إنما يبقى عمله عليه ليتنعم بذكر الله و طاعته كما يتنعم بذلك الملائكة وأهل الجنة في الجنة و إن لم يكن لهم ثواب على ذلك.
لأن نفس الذكر و الطاعة أعظم نعيما عند أهلها من نعيم جميع أهل الدنيا و لذاتها فما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله وطاعته
----------
ثبتت الصلاة في القبور للأنبياء اما غيرهم فالمسألة تحتاج لدليل و قد روي أن بعض أهل القبور يقرأ القرآن و بعضهم يشتغل بالعلم و الله أعلم بأحوال أصحاب القبور
وقد ذكر ابن القيم في كتابه / الروح:
.... بل أعجب من هذا أن الرجلين يدفنان أحدهما إلى جنب الآخر و هذا في حفرة من حفر النار لا يصل حرها إلى جاره وذلك في روضة من رياض الجنة لا يصل روحها ونعيمها إلى جاره
وقدرة الرب تعالى اوسع وأعجب من ذلك وقد أرانا الله من آيات قدرته في هذه الدار ما هو أعجب من ذلك بكثير ولكن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به علما إلا من وفقه الله وعصمه
فيفرش للكافر لوحان من نار فيشتعل عليه قبره بهما كما يشتعل التنور فاذا شاء الله سبحانه أن يطلع على ذلك بعض عبيده اطلعه وغيبه عن غيره إذ لو طلع العباد كلهم لزالت كلمة التكليف والإيمان بالغيب ولما تدافن الناس كما في الصحيحين عنه لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع
ولما كانت هذه الحكمة منفية في حق البهائم سمعت ذلك وادركته كما حادت برسول الله بغلته وكادت تلقيه لما مر بمن يعذب في قبره
وحدثنى صاحبنا أبو عبد الله محمد بن الرزيز الحرانى أنه خرج من داره بعد العصر بآمد إلى بستان قال فلما كان قبل غروب الشمس توسطت القبور فاذا بقبر منها وهو جمرة نار مثل كوز الزجاج والميت في وسطه فجعلت أمسح عينى واقول انائم أنا ام يقظان ثم التفت إلى سور المدينة وقلت والله ما انا بنائم ثم ذهبت إلى أهلى وأنا مدهوش فأتونى بطعام فلم استطع أن آكل ثم دخلت البلد فسألت عن صاحب القبر فإذا به مكاس قد توفي ذلك اليوم
فرؤية هذه النار في القبر كرؤية الملائكة والجن تقع احيانا لمن شاء الله ان يريه ذلك/ اهـ
و المسألة تحتاج لتحقيق أهل العلم و الله أعلم بحال أهل القبور
أبو عبد البر طارق
2014-06-25, 05:59 PM
قال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا إله إلا الله إن للموت سكرات)/ البخاري
-----------------
قال القرطبي / التذكرة
قال علماؤنا رحمة الله عليهم : فإذا كان هذا الأمر قد أصاب الأنبياء و المرسلين و الأولين و المتقين فمالنا عن ذكره مشغولين ؟
و عن الاستعداد له متخلفين ؟
قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون غافلون
قالوا : و ما جرى على الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين من شدائد الموت و سكراته ، فله فائدتان .
إحداهما : أن يعرف الخلق مقدار ألم الموت و أنه باطن و قد يطلع الإنسان على بعض الموتى فلا يرى عليه حركة و لا قلقاً و يرى سهولة خروج روحه ، فيغلب على ظنه سهولة أمر الموت و لا يعرف ما الميت فيه ؟
فلما ذكر الأنبياء الصادقون في خبرهم : شدة ألمه ، مع كرامتهم على الله تعالى و تهونيه على بعضهم ، قطع الخلق بشدة الموت الذي يعانيه و يقاسيه الميت مطلقاً لإخبار الصادقين عنه ، ما خلا الشهيد قتيل الكفار على ما يأتي ذكره .
الثانية : ربما خطر لبعض الناس أن هؤلاء : أحباب الله ، و أنبياؤه و رسله ، فكيف يقاسون هذه الشدائد العظيمة ؟
و هو سبحانه قادر أن يخفف عنهم أجمعين ، كما قال في قصة إبراهيم : أما إنا قد هونا عليك .
فالجواب : أن أشد الناس بلاء في الدنيا الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل كما قال نبينا عليه السلام .خرجه البخاري و غيره
فأحب الله أن يبتليهم تكميلاً لفضائلهم لديه ، و رفعة لدرجاتهم عنده ، و ليس ذلك في حقهم نقصاً ، و لا عذاباً . بل هو كما قال ، كمال رفعة ، مع رضاهم بجميل ما يجريه الله عليهم ، فأراد الحق ، سبحانه أن يختم لهم بهذه الشدائد ، مع إمكان التخفيف و التهوين عليهم ، ليرفع منازلهم ، و يعظم أجورهم قبل موتهم .
كما ابتلى إبراهيم بالنار ، و موسى بالخوف و الأسفار ، و عيسى بالصحارى و القفار ، و نبينا محمداً صلى الله عليه و سلم بالفقر في الدنيا و مقاتلة الكفار ، كل ذلك لرفعة في أحوالهم ، و كمال في درجاتهم ، و لا يفهم من هذا أن الله شدد عليهم أكثر مما شدد على العصاة المخلطين فإن ذلك عقوبة لهم ، و مؤاخذة على إجرامهم فلا نسبة بينه و بين هذا .
-------------------------
قال ابن حجر /فتح الباري
و الْمَيِّت لَا يَعْدُو أَحَد الْقِسْمَيْنِ إِمَّا مُسْتَرِيحٌ وَإِمَّا مُسْتَرَاحٌ مِنْهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَجُوزُ أَنْ يُشَدَّدَ عَلَيْهِ عِنْد الْمَوْت وَأَنْ يُخَفَّفَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي يَحْصُل لَهُ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ وَلَا يَتَعَلَّق ذَلِكَ بِتَقْوَاهُ وَلَا بِفُجُورِهِ بَلْ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل التَّقْوَى اِزْدَادَ ثَوَابًا وَإِلَّا فَيُكَفَّر عَنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ ثُمَّ يَسْتَرِيحُ مِنْ أَذَى الدُّنْيَا الَّذِي هَذَا خَاتِمَتُهُ
وَقَدْ قَالَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز : مَا أُحِبُّ أَنْ يُهَوَّن عَلَيَّ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ إِنَّهُ لَآخِرُ مَا يُكَفَّر بِهِ عَنْ الْمُؤْمِنِ .
وَمَعَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْبُشْرَى وَمَسَرَّة الْمَلَائِكَةِ بِلِقَائِهِ وَرِفْقِهِمْ بِهِ وَفَرَحِهِ بِلِقَاءِ رَبِّهِ يُهَوِّن عَلَيْهِ كُلَّ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ أَلَمِ الْمَوْتِ حَتَّى يَصِير كَأَنَّهُ لَا يُحِسُّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ .
أبو عبد البر طارق
2014-06-26, 12:14 AM
أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم تبع جنازة ، فلما صلى عليها دعا بثوب فبسط على القبر و هو يقول : لا تتطلعوا في القبر فإنها أمانة فلعسى يحل العقدة فيرى حية سوداء متطوقة في عنقه فإنها أمانة و لعله يؤمر به فيستمع صوت السلسلة .
التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة/ القرطبي
-----------------------
إبراهيم بن هدبة، أبو هدبة الفارسى ثم البصري.
حدث ببغداد
وغيرها بالاباطيل.
قال عباس، عن ابن معين: قال: قدم أبو هدبة فاجتمع عليه الخلق، فقالوا: أخرج رجلك، كانوا يخافون أن تكون رجله رجل حمار أو شيطان.
وقال محمد بن عبيدالله بن المنادى: كان أبو هدبة ببغداد يسأل الناس على الطريق.
وقيل: كان رقاصا بالبصرة يدعى إلى العرائس فيرقص لهم!
وقال النسائي وغيره: متروك.
وقال الخطيب: حدث عن أنس بالاباطيل.
ميزان الاعتدال/ الذهبي
-------------------------
وقال ابن حبان في ( إبراهيم ابن هدبة) دجال من الدجاجلة كان لا يعرف بالحديث و لا بكتابته و إنما كان يلعب و يسخر به و كان رقاصا بالبصرة يدعى إلى العرسان؟
فلما كبر و شاخ زعم أنه سمع من أنس و جعل يضع عليه
لسان الميزان / ابن حجر
----------------
ذكر القرطبي لهدبة عن أنس في كتابه التذكرة عدة أحاديث و أذكرها للحذر منها فإذا رأيت هدبة عن أنس فاعلم أن الحديث موضوع:
روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن ملك الموت لينظر في وجوه العباد كل يوم سبعين نظرة . قال : إذا ضحك العبد الذي بعث إليه قال : يقول عجباً بعثت إليه لأقبض روحه و هو يضحك
--
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنك لتصدق عن ميتك بصدقة فيجيء بها ملك من الملائكة في أطباق من نور ، فيقوم على رأس القبر فينادي : يا صاحب القبر الغريب : أهلك قد أهدوا إليك هذه الهدية فأقبلها . قال : فيدخلها إليه في قبره و يفسح له في مداخله و ينور له فيه فيقول : جزى الله أهلي عني خير الجزاء قال : فيقول لزيق ذلك القبر أنا لم أخلف لي ولداً و لا أحداً يذكرني بشيء فهو مهموم و الآخر يفرح بالصدقة
--
روى أبو هدبة قال إبراهيم بن هدبة ، قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن العبد الميت إذا وضع في قبره ، و أقعد . قال : يقول أهله : وا سيداه وا شريفاه وا أميراه قال : يقول الملك : اسمع ما يقولون . أنت كنت سيداً ؟ أنت كنت أميراً . أنت كنت شريفاً ؟ قال : يقول الميت : يا ليتهم يسكتون قال : فيضعط ضغطة تختلف فيها أضلاعه
--
روى أبو هدبة قال إبراهيم بن هدبة ، قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن العبد الميت إذا وضع في قبره ، و أقعد . قال : يقول أهله : وا سيداه وا شريفاه وا أميراه قال : يقول الملك : اسمع ما يقولون . أنت كنت سيداً ؟ أنت كنت أميراً . أنت كنت شريفاً ؟ قال : يقول الميت : يا ليتهم يسكتون قال : فيضعط ضغطة تختلف فيها أضلاعه .
--
أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن مشيعي الجنازة قد وكل بهم ملك فهم مهتمون محزنون حتى إذا أسلموه في ذلك القبر ، و رجعوا راجعين أخذ كفاً من تراب فرمى به و هو يقول : ارجعوا إلى دياركم أنساكم الله موتاكم فينسون ميتهم و يأخذون في شرائهم و بيعهم كأنهم لم يكونوا منه و لم يكن منهم .
--
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من مات سكران فإنه يعاين ملك الموت سكران ، و يعاين منكراً و نكيراً سكران ، و يبعث يوم القيامة سكران إلى حندق في سوط جهنم يسمى السكران ، فيه عين يجري ماؤها دماً ، لا يكون له طعام و لا شراب إلا منه .
--
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من أشبع جائعاً و كسا عرياناً و آوى مسافراً أعاذه الله من أهوال يوم القيامة .
--
روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم يتلو هذه الآية يوم تبدل الأرض غير الأرض الآية قال النبي صلى الله عليه و سلم : أين يكون الناس يوم القيامة يا جبريل ؟ قال ، يا محمد : يكونون على أرض بيضاء لم يعمل عليها خطيئة قط و تكون الجبال كالعهن المنفوش قال : الصوف تذوب الجبال من مخافة جهنم . يا محمد : إنه ليجاء بجهنم يوم القيامة تزف زفاً عليها سبعون زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك حتى تقف بين يدي الله تعالى فيقول لها : يا جهنم تكلمي ، فتقول : لا إله إلا الله و عز تك و عظمتك لأنتقمن اليوم ممن أكل رزقك و عبد غيرك لا يجوزني إلا من عنده جواز ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : يا جبريل ما الجواز يوم القيامة ؟ قال أبشر و بشر ألا من شهد أن لا إله إلا الله جاز جسر جهنم ، قال فقال النبي صلى الله عليه و سلم : الحمد لله الذي جعل أمتي أهل لا إله إلا الله .
--
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال ، حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو أن جهنمياً من أهل جهنم أخرج كفه إلى أهل الدنيا حتى يبصروها لأحرقت الدنيا من حرها ، و لو أن خازناً من خزنة جهنم أخرج إلى أهل الدنيا حتى يبصروه لمات أهل الدنيا حين يبصرونه من غضب الله تعالى .
--
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن في جهنم بحراً أسود مظلماً منتن الريح ، يغرق الله فيه من أكل رزقه و عبد غيره
--
روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة ، قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن المستهزئين بعباد الله في الدنيا تفتح لهم أبواب الجنة يوم القيامة يقال لهم : ادخلوا الجنة ، فإذا جاءوا أغلق الباب دونهم . و تفتح الثانية فيقال لهم : ادخلوا الجنة ، فإذا جاءوا أغلق الباب دونهم : و تفتح لهم الثالثة ، فيدعون فلا يجيبون ، قال فيقول لهم الرب . أنتم المستهزئون بعبادي ؟ أنتم آخر الناس حساباً ، فيقومون حتى يغرقوا في عرقهم ، فينادون : يا ربنا إما صرفتنا إلى جهنم و إما إلى رضوانك .
--
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من تعلم القرآن و علمه و لم يأخذ بما فيه و حرفه كان عليه شهيداً و دليلاً إلى جهنم ، و من تعلم القرآن و أخذ بما فيه كان له شهيداً و دليلاً إلى الجنة
--
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن في الجنة أسواقاً لا شراء فيها و لا بيع ........
أبو عبد البر طارق
2014-07-02, 01:41 PM
أخرج الطبراني عن علقمة عن بن مسعود أن النبي صلى الله عليه و سلم كناه أبا عبد الرحمن قبل أن يولد له وسنده صحيح
فتح الباري /ابن حجر
------------------------
قال العلماء كانوا يكنون الصبي تفاؤلا بأنه سيعيش حتى يولد له و للأمن من التلقيب لأن الغالب أن من يذكر شخصا فيعظمه أن لا يذكره باسمه الخاص به
فإذا كانت له كنية أمن من تلقيبه
و لهذا قال قائلهم بادروا أبناءكم بالكنى قبل أن تغلب عليها الألقاب
و قالوا الكنية للعرب كاللقب للعجم
و من ثم كره للشخص أن يكنى نفسه إلا أن يقصد التعريف
فتح الباري/ ابن حجر
ابوخزيمةالمصرى
2014-07-03, 08:22 AM
أخرج الطبراني عن علقمة عن بن مسعود أن النبي صلى الله عليه و سلم كناه أبا عبد الرحمن قبل أن يولد له وسنده صحيح
فتح الباري /ابن حجر
------------------------
قال العلماء كانوا يكنون الصبي تفاؤلا بأنه سيعيش حتى يولد له و للأمن من التلقيب لأن الغالب أن من يذكر شخصا فيعظمه أن لا يذكره باسمه الخاص به
فإذا كانت له كنية أمن من تلقيبه
و لهذا قال قائلهم بادروا أبناءكم بالكنى قبل أن تغلب عليها الألقاب
و قالوا الكنية للعرب كاللقب للعجم
و من ثم كره للشخص أن يكنى نفسه إلا أن يقصد التعريف
فتح الباري/ ابن حجر
ومن ذلك تكنية النبي صلى الله عليه وسلم أخو أنس بن مالك يا أبا عمير
وصهيب الرومي ربح البيع يا أبا يحيا
وتكنيته صلى الله عليه وسلم عائشة بأم عبدالله
قال بن حجر - رحمه الله تعالى - : ( ... ولم تلد للنبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا على الصواب ، وسألته أن تكنّى فقال : اكتني بإبن أختك ، فاكتنت بأم عبدالله) انظر : [ فتح الباري (7 / 34) و (62 9) كتاب فضائل الصحابة – (30) باب : فضل عائشة - رضي الله عنها -].
ومكثت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع سنين ولم تنجب منه أبناء، يؤكد ذلك ما رواه عروة - رضي الله عنه وعنها - أنها قالت : كنّـاني النبي - صلى الله عليه وسلم - أم عبدالله، ولم يكن لي ولد قط) المعجم الكبير : (23 / 18 ) رقم 34).
أبو عبد البر طارق
2014-07-04, 05:31 PM
ومن ذلك تكنية النبي صلى الله عليه وسلم أخو أنس بن مالك يا أبا عمير
وصهيب الرومي ربح البيع يا أبا يحيا
وتكنيته صلى الله عليه وسلم عائشة بأم عبدالله
قال بن حجر - رحمه الله تعالى - : ( ... ولم تلد للنبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا على الصواب ، وسألته أن تكنّى فقال : اكتني بإبن أختك ، فاكتنت بأم عبدالله) انظر : [ فتح الباري (7 / 34) و (62 9) كتاب فضائل الصحابة – (30) باب : فضل عائشة - رضي الله عنها -].
ومكثت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع سنين ولم تنجب منه أبناء، يؤكد ذلك ما رواه عروة - رضي الله عنه وعنها - أنها قالت : كنّـاني النبي - صلى الله عليه وسلم - أم عبدالله، ولم يكن لي ولد قط) المعجم الكبير : (23 / 18 ) رقم 34).
جزاك الله خيرا على الفائدة و ننتظر منك المزيد
---------+
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ النَّجَّارُ، أَخْبَرَنَا الصَّاغَانِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ، قَالَ:
رَأَيْتُ صَبِيّاً ابْنَ أَرْبَعِ سِنِيْنَ قَدْ حُمِلَ إِلَى المَأْمُوْنِ، قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ، وَنَظَرَ فِي الرَّأْيِ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا جَاعَ، بَكَى.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ اللَّبَّانِ: حَفِظْتُ القُرْآنَ وَلِي خَمْسُ سِنِيْنَ.
سير أعلام النبلاء
-------------------
قد يكرم الله بعض الأشخاص بالتمييز في سن مبكرة و يرزقه حافظة قوية و مثل هؤلاء الأشخاص يجب الإعتناء بهم حتى تستفيد منهم الأمة لا إشهارهم و التعجب منهم فقط. وقد يختلف سن التمييز من شخص لآخر
قال ابن القيم/تحفة المودود بأحكام المولود
فإذا انفصل الجنين بكى ساعة انفصاله لسبب طبيعي و هو مفارقة إلفه و مكانه الذي كان فيه و سبب منفصل عنه و هو طعن الشيطان في خاصرته فإذا انفصل وتم انفصاله مد يده إلى فيه
فإذا تم له أربعون يوما تجد له أمر آخر على نحو ما كان يتجدد له وهو في الرحم فيضحك عند الأربعين و ذلك أول ما يعقل نفسه
فإذا تم له شهران رأى المنامات ثم ينشأ معه التمييز و العقل على التدريج شيئا فشيئا إلى سن التمييز و ليس له سن معين بل من الناس ما يميز لخمس كما قال محمود بن الربيع عقلت من النبي مجة مجها في وجهي من دلو في بئرهم و أنا ابن خمس سنين و لذلك جعلت الخمس سنين حدا لحدة سماع الصبي
و بعضهم يميز لأقل منها ويذكر أمورا جرت له وهو دون الخمس سنين وقد ذكرنا عن إياس بن معاوية أنه قال اذكر يوم ولدتني أمي فإني خرجت من ظلمة إلى ضوء ثم صرت إلى ظلمة فسئلت أمه عن ذلك فقالت صدق لما انفصل مني لم يكن عندي ما ألفه به فوضعت عليه قصعة وهذا من أعجب الإشياء وأندرها/ انتهى
هذا أعجب ما قرأته أن الطفل قد يتذكر شيئا عند ولادته و هذا قد يفسر فعل ابن عمر أنه كان يخرج الطفل الرضيع عند الجماع و الله أعلم
أبو عبد البر طارق
2014-07-08, 01:45 AM
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْعَدْلِ فَقَالَ : لَا تَسْأَلْ عَنْ هَذَا فَإِنَّك لَا تُدْرِكُهُ
الآداب الشرعية/ مُحَمَّدُ بْنُ مُفْلِحٍ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ
----------------
بعض الناس لم يحكم العلم و يسأل عن أشياء قد لا يستوعبها عقله فتكون فتنة له و شبهة قد يصعب اقتلاعها , و العلماء لم يتكلموا في مثل هذه الاشياء إلا ضرورة لتكلم المبتدعة بها .
و الناس من يكلم العوام بهذه الأشياء فيكون قد خاطبهم بما لم تدركه عقولهم
و منهم من تصدى لمناظرة المبتدعة دون إحكام العلم و الإحاطة بشبهاتهم فيكون قد ضل و أضل
فقد ذكر الشاطبي/ الإعتصام:
أن ابن فروخ كتب إلى مالك بن أنس : إن بلدنا كثير البدع وإنه ألف كلاما في الرد عليهم
فكتب إليه مالك يقول له : إن ظننت ذلك بنفسك خفت أن تزل فتهلك
لا يرد عليهم إلا من كان ضابطا عارفا بما يقول لهم لا يقدرون أن يعرجوا عليه فهذا لا بأس به وأما غير ذلك فإني أخاف أن يكلمهم فيخطىء فيمضوا على خطئه أو يظفروا منه بشيء فيطغوا ويزدادوا تماديا على ذلك.
أبو عبد البر طارق
2014-07-08, 01:59 AM
قال جعفر الخلدي لو تركني الصوفية لجئتكم باسناد الدنيا لقد مضيت الى عباس الدوري وأنا حدث فكتبت عنه مجلسا واحدا وخرجت من عنده فلقيني بعض من كنت أصحبه من الصوفية فقال إيش هذا معك فأريته إياه فقال ويحك تدع علم الخرق وتأخذ علم الورق ثم خرق الأوراق فدخل كلامه في قلبي فلم أعد إلى عباس.
ورئيت محبرة مع بعض الصفوية، فقال له صوفي آخر: استر عورتك!
و قد أنشدوا للشبلي
إذا طالبوني بعلم الوَرَقْ ... بَرَزْتُ عليْهم بِعِلْمِ الخِرَقْ
----------------
قا ابن الجوزي / صيد الخاطر:
وهذا من خفي حيل إبليس، {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} / سبأ
وإنما فعل وزينه عندهم لسببين:
أحدهما: أنه أرادهم يمشون في الظلمة.
والثاني: أن تصفح العلم كل يوم يزيد في العالم، ويكشف له ما كان خفي عنه، ويقوي إيمانه ومعرفته، ويريه عيب كثير من مسالكه، إذا تصفح منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة.
فأراد إبليس سد تلك الطرق بأخفى حيلة؛ فأظهر أنه المقصود العمل لا العلم لنفسه، وخفي على المخدوع أن العلم عمل، وأي عمل!
فاحذر من هذه الخديعة الخفية، فإن العلم هو الأصل الأعظم والنور الأكبر.
وربما كان تقليب الأوراق أفضل من الصوم والصلاة والحج والغزو، وكم من معرض عن العلم يخوض في عذاب الهوى في تعبده، ويضيع كثيرًا من الفرص بالنفل، ويشتغل بما يزعمه الأفضل عن الواجب، ولو كانت عنده شعلة من نور العلم، لاهتدى، فتأمل ما ذكرت لك، ترشد إن شاء الله تعالى.
----------------------
قال ابن الجوزي/ تتلبيس إبليس
من أكبر المعاندة لله عز وجل الصد عن سبيل الله وأوضح سبيل الله العلم لأنه دليل على الله وبيان لأحكام الله وشرعه وإيضاح لما يحبه ويكرهه فالمنع منه معاداة لله ولشرعه ولكن الناهين عن ذلك ما تفطنوا لما فعلوا
قال أبو عبد الله بن خفيف اشتغلوا بتعلم العلم ولا يغرنكم كلام الصوفية فاني كنت أخبىء محبرتي في جيب مرقعتي والكاغد في حزة سراويلي وكنت أذهب خفية إلى أهل العلم فاذا علموا بي خاصموني وقالوا لا تفلح ثم احتاجوا إلي بعد ذلك
وقد كان الإمام احمد بن حنبل يرى المحابر بأيدي طلبة العلم فيقول هذه سرج الإسلام وكان هو يحمل المحبرة على كبر سنه فقال له رجل الى متى با أبا عبد الله فقال المحبرة إلى المقبرة
وقال في قوله عليه الصلاة والسلام: "لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة" فقال احمد ان لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم
وقال أيضا ان لم يكن أصحاب الحديث الابدال فمن يكون
وقيل له أن رجلا قال في أصحاب الحديث انهم كانوا قوم سوء فقال احمد هو زنديق
وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله اذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني رأيت رجلا من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وقال يوسف بن أسباط :بطلبة الحديث يدفع الله البلاء عن أهل الأرض.
أبو عبد البر طارق
2014-07-11, 12:54 AM
قَال صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا حَقّ اِمْرِئٍ مُسْلِم لَهُ شَيْء يُرِيد أَنْ يُوصِي فِيهِ يَبِيت لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّته مَكْتُوبَة عِنْده / الصحيحين
----------------------------
قال ابن الجوزي/ الثبات عند الممات:
إني رأيت جمهور الناس إذا طرقهم المرض اشتغلوا تارة بالجزع منه و الشكوى و تارة بالتداوي إلى أن يشتد فيشغلهم اشتداده عن الالتفات إلى المصالح من وصية أو فعل للخير أو تأهب للموت
فكم له من ذنوب لا يتوب منها أو عنده وديعة لا يردها أو عليه دين أو زكاة أو في ذمته ظلامة لا يخطر له تداركها
و إنما حزنه على فراق الدنيا إذ لا همة له سواها و ربما أفاق فأوصى بجور
وسبب هذا ضعف الإيمان كما قال عز و جل:
( فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم)
وقد عم هذا أكثر الخلق نعوذ بالله من الخذلان
فينبغي للمتيقظ أن يتأهب في حال صحته قبل هجوم المرض فربما ضاق الوقت عن عمل أو استدراك فارط أو وصية .
أبو عبد البر طارق
2014-07-11, 03:04 PM
قال أبو عمر: والله لقد تجاوز الناس الحد في الغيبة والذم فلم يقنعوا بذم العامة دون الخاصة ولا بذم الجهال دون العلماء وهذا كله يحمل عليه الجهل والحسد
جامع بيان العلم وفضله/ يوسف بن عبد البر النمري
-------------------------------------------
قال ابن حبان/ روضة العقلاء ونزهة الفضلاء:
العاقل إذا خطر بباله ضرب من الحسد لأخيه أبلغ المجهود في كتمانه وترك إبداء مَا خطر بباله
و أكثر مَا يوجد الحسد بين الأقران أو من تقارب الشكل لأن الكتبة لا يحسدها إلا الكتبة كما أن الحجبة لا يحسدها إلا الحجبة
و لن يبلغ المرء مرتبة من مراتب هذه الدنيا إلا وجد فيها من يبغضه عليها أو يحسده فيها
و الحاسد خصم معاند لا يجب للعاقل أن يجعله حكما عند نائبة تحدث فإنه إن حكم لم يحكم إلا عَلَيْهِ وإن قصد لم يقصد إلا له وإن أعطى أعطى غيره و إن قعد لم يقعد إلا عنه و إن نهض لم ينهض إلا إليه و ليس للمحسود عنده ذنب إلا النعم التي عنده
فليحذر المرء مَا وصفت من أشكاله و أقرانه وجيرانه و بنى أعمامه .
أبو عبد البر طارق
2014-07-11, 04:51 PM
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا
------------------
قال ابن حبان:
لست أحفظ عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم خبرا صحيحا في العقل
و إن محبة المرء المكارم من الأخلاق و كراهته سفسافها هو نفس العقل, فالعقل به يكون الحظ ويؤنس الغربة و ينفي الفاقة و لا مال أفضل منه و لا يتم دين أحد حتى يتم عقله
و العقل اسم يقع على المعرفة بسلوك الصواب و العلم باجتناب الخطأ فإذا كان المرء في أول درجته يسمى أديبا ثم أريبا ثم لبيبا ثم عاقلا
كما أن الرجل إذا دخل في أول حد الدهاء قِيلَ له شيطان فإذا عتا في الطغيان قِيلَ مارد فإذا زاد على ذلك قِيلَ عبقري فإذا جمع إلى خبثه شدة شر قِيلَ عفريت.
و كذلك الجاهل يقال له في أول درجته المائق ثم الرقيع ثم الأنوك ثم الأحمق
روضة العقلاء ونزهة الفضلاء/ ابن حبان
أبو عبد البر طارق
2014-07-17, 02:23 AM
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه/ متفق عليه
---------------------------------
قال ابن القيم / الفوائد:
لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة إليهما واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما وعدلوا الى الآراء والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم وظلمة فى قلوبهم وكدر فى أفهامهم ومحق فى عقولهم
وعمتهم هذه الأمور وغلبت عليهم حتى ربي فيها الصغير وهرم عليها الكبير فلم يروها منكرا
فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن والنفس مقام العقل, والهوى مقام الرشد ,والظلال مقام الهدى والمنكر مقام المعروف, والجهل مقام العلم
والرياء مقام الاخلاص ,والباطل مقام الحق, والكذب مقام الصدق ,والمداهنة مقام النصيحة ,والظلم مقام العدل
فصارت الدولة والغلبة لهذه الأمور وأهلها هم المشار اليهم وكانت قبل ذلك لاضدادها وكان أهلها هم المشار اليهم
فإذا رأيت دولة هذه الأمور قد أقبلت وراياتها قد نصبت وجيوشها قد ركبت فبطن الارض والله خير من ظهرها وقلل الجبال خير من السهول ومخالطة الوحش أسلم من مخالطة الناس .
أبو عبد البر طارق
2014-07-17, 10:25 PM
ذكر ابن سعد في الطبقات عن عمر بن عبد العزيز انه كان إذا خطب على المنبر فخاف على نفسه العجب قطعه
و إذا كتب كتابا فخاف فيه العجب مزقه ويقول اللهم أني أعوذ بك من شر نفسي
---------------------------
اعلم أن العبد إذا شرع في قول أو عمل يبتغي فيه مرضاة الله مطالعا فيه منة الله عليه به و توفيقه له فيه و أنه بالله لا بنفسه و لا بمعرفته وفكره و حوله و قوته
بل هو بالذي أنشأ له اللسان و القلب و العين و الأذن فالذي من عليه بذلك هو الذي من عليه بالقول والفعل
فإذا لم يغب ذلك عن ملاحظته و نظر قلبه لم يحضره العجب الذي أصله رؤية نفسه و غيبته عن شهود منة ربه و توفيقه و إعانته
فإذا غاب عن تلك الملاحظة و ثبت النفس و قامت في مقام الدعوى فوقع العجب ففسد عليه القول و العمل
فتارة يحال بينه و بين تمامه و يقطع عليه و يكون ذلك رحمة به حتى لا يغيب عن مشاهدة المنة و التوفيق
و تارة يتم له و لكن لا يكون له ثمرة و إن أثمر أثمر ثمرة ضعيفة غير محصلة للمقصود
و تارة يكون ضرره عليه أعظم من انتفاعه و يتولد له منه مفاسد شتى بحسب غيبته عن ملاحظة التوفيق والمنة و رؤية نفسه وأن القول و الفعل به .
و من هذا الموضع يصلح الله سبحانه أقوال عبده و أعماله ويعظم له ثمرتها أو يفسدها عليه و يمنعه ثمرتها فلا شيئ أفسد للأعمال من العجب و رؤية النفس
فإذا أراد الله بعبده خيرا أشهده منته و توفيقه و إعانته له في كل ما يقوله و يفعله فلا يعجب به
ثم أشهده تقصيره فيه و أنه لا يرضى لربه به فيتوب إليه منه و يستغفره و يستحي أن يطلب عليه أجرا
و إذا لم يشهده ذلك و غيبه عنه فرأى نفسه في العمل و رآه بعين الكمال و الرضا لم يقع ذلك العمل منه موقع القبول والرضا و المحبة
فالعارف يعمل العمل لوجهه مشاهدا فيه منته و فضله و توفيقه معتذرا منه إليه مستحييا منه إذ لم يوفه حقه
و الجاهل يعمل العمل لحظه و هواه ناظرا فيه إلى نفسه يمن به على ربه راضيا بعمله
فهذا لون وذاك لون آخر.
الفوائد / ابن قيم الجوزية
أبو عبد البر طارق
2014-07-18, 03:56 AM
كان ابن عون إذا غضب على أحد من أهله قال: بارك الله فيك
فقال لابن له يوما :بارك الله فيك
فقال :أنا بارك الله في ؟
قال: نعم
فقال بعض من حضر :ما قال لك إلا خيرا
قال :ما قال لي هذا حتى أجهد
تاريخ دمشق/ ابن عساكر
-----------------------------
الواجب على الإنسان أن يدعو لأبنائه بالخير و الصلاح و حسن الخاتمة فدعوة الوالد مستجابة
لكن ما نراه عكس ذلك فالآباء يدعون على أبنائهم بالشر و الهلاك و سوء الخاتمة و هذا خلاف السنة
فقد أخرج مسلم في صحيحه
......... سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِىَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِىَّ وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ فَأَنَاخَهُ فَرَكِبَهُ ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ فَقَالَ لَهُ شَأْ لَعَنَكَ اللَّهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ هَذَا اللاَّعِنُ بَعِيرَهُ »
. قَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ .
قَالَ « انْزِلْ عَنْهُ فَلاَ تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ »
أبو عبد البر طارق
2014-07-19, 02:46 AM
روي عن الأوزاعي قال : بلغني أن من ابتدع بدعة ضلالة خلاه الشيطان و العبادة أو ألقى عليه الخشوع و البكاء كي يصطاد به
وقال بعض الصحابة : أشد الناس عبادة مفتون و احتج بقوله عليه الصلاة و السلام : [ يحقر أحدكم صلاته في صلاته وصيامه في صيامه ] إلى آخر الحديث
ويحقق ما قاله الواقع كما نقل في الأخبار عن الخوارج وغيرهم
الإعتصام/ الشاطبي
-----------------------------
من حيل إبليس أن يزين البدعة للإنسان فيجد المبتدع خفة في نفسه تسهل عليه ما ابتدعه فإذا انضاف إلى ذلك تعظيم العوام اجتهد في العبادة ,و لا يخفى ما يجتهده الرهبان من تحريم الطيبات تعبدا و ما يقاسه الصوفية في الرياضات من جوع و سهر و تعذيب النفس
و قد سُئل ابن عباس عن اليهود لماذا لا يوسوسون في صلاتهم؟
قال: ماذا يصنع الشيطان بالبيت الخرب ؟؟
و العوام تعظم كل من عرف بكثرة العبادة دون النظر هل هي موافقة للسنة أم لا و هذا يكون سبب فتنتهم و هلاكهم
و قد ذكر ابن الجوزي قصة طريفة في تعظيم العوام للمجتهد في العبادة:
قال ابراهيم بن أدهم تعلمت المعرفة من راهب؟؟ يقال له سمعان دخلت عليه في صومعته فقلت له يا سمعان منذ كم أنت في صومعتك هذه ؟
قال: منذ سبعين سنة
قلت: ما طعامك؟
قال: يا حنيفي و ما دعاك إلى هذا ؟
قلت أحببت أن أعلم
قال: في كل ليلة حمصة؟؟
قلت: فما الذي يهيج من قلبك حتى تكفيك هذه الحمصة ؟
قال: ترى الذين بحذائك
قلت: نعم
قال: إنهم يأتونني في كل سنة يوما واحدا فيزينون صومعتي و يطوفون حولها يعظمونني بذلك و كلما تثاقلت نفسي عن العبادة ذكرتها تلك الساعة فأنا أحتمل جهد سنة لعز ساعة فاحتمل يا حنيفي جهد ساعة لعز الأبد
فوقر في قلبي المعرفة ,فقال أزيدك ؟
قلت: نعم
قال: انزل عن الصومعة
فنزلت فأدلى إلي ركوة فيها عشرون حمصة فقال لي أدخل الدير فقد رأوا ما أدليت إليك فلما دخلت الدير اجتمعت النصارى فقالوا :يا حنيفي ما الذي أدلى إليك الشيخ؟
قلت :من قوته
قالوا: و ما تصنع به نحن أحق ساوم
قلت: عشرين دينارا فأعطوني عشرين دينارا فرجعت إلى الشيخ فقال أخطأت لو ساومتهم عشرين ألفا لأعطوك .
هذا عز من لا يعبد فانظر كيف تكون بعز من تعبده يا حنيفي أقبل على ربك.
أبو عبد البر طارق
2014-07-22, 02:26 AM
يروى أن بعض الأكاسرة كان إذا سخط على عالم سجنه مع جاهل في بيت واحد
جامع بيان العلم وفضله/يوسف بن عبد البر النمري
----------------------------------
أصعب شيئ أن تبتلى بالعيش بين الجهال ، لأن التحقيق معهم صعب، ولا يكادون ينتفعون بمر الحق فإذا إذا ابتليت بمخالطتهم، فشمر ثياب الحذر و خالطهم على قدر الضرورة مع نصح من يقبل النصح و استعمل المداراة و اصبر على سوء خلقهم
أما إذا كان الشخص من العلماء فهي المحنة الكبرى فكم من عالم ابتلي من العوام حتى ضربوه و شردوه و قد قيل أزهد الناس في عالم جيرانه
و قال الفضيل بن عياض رحمه الله : ارحموا من الناس ثلاثة : عزيز قوم ذل ، وغني قوم افتقر ، وعالما بين جهال
أبو عبد البر طارق
2014-07-22, 06:21 PM
قال جُنْدَب قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم
« مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ يُرَائِى يُرَائِى اللَّهُ بِهِ »
============================== ======
...... فِي رِوَايَة وَكِيع عَنْ سُفْيَان عِنْد مُسْلِم " مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعْ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ "
وَلِابْنِ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْد مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود " مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ ، وَ مَنْ تَطَاوَلَ تَعَاظُمًا خَفَضَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ تَوَاضَعَ تَخَشُّعًا رَفَعَهُ اللَّه "
وَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد " مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ "
وَ وَقَعَ عِنْد الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن جُحَادَة عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل عَنْ جَابِر فِي آخِر هَذَا الْحَدِيث " وَمَنْ كَانَ ذَا لِسَانَيْنِ فِي الدُّنْيَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ لِسَانَيْنِ مِنْ نَار يَوْمَ الْقِيَامَة "
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا عَلَى غَيْر إِخْلَاصٍ وَ إِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَرَاهُ النَّاس وَ يَسْمَعُوهُ جُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُشَهِّرَهُ اللَّهُ وَ يَفْضَحَهُ وَ يُظْهِرَ مَا كَانَ يُبْطِنُهُ
وَ قِيلَ مَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ الْجَاهَ وَالْمَنْزِلَةَ عِنْد النَّاس وَ لَمْ يُرِدْ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّه يَجْعَلهُ حَدِيثًا عِنْد النَّاس الَّذِينَ أَرَادَ نَيْلَ الْمَنْزِلَة عِنْدهمْ وَ لَا ثَوَاب لَهُ فِي الْآخِرَة
وَ مَعْنَى يُرَائِي يُطْلِعهُمْ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لَهُمْ لَا لِوَجْهِهِ
وَ مِنْهُ قَوْله تَعَالَى { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا - إِلَى قَوْله - مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
وَ قِيلَ : الْمُرَادُ مَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ أَنْ يَسْمَعَهُ النَّاس وَ يَرَوْهُ لِيُعَظِّمُوهُ وَ تَعْلُوَ مَنْزِلَتَهُ عِنْدهمْ حَصَلَ لَهُ مَا قَصَدَ ، وَ كَانَ ذَلِكَ جَزَاءَهُ عَلَى عَمَله ؛ وَ لَا يُثَاب عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة .
وَ قِيلَ الْمَعْنَى ، مَنْ سَمَّعَ بِعُيُوبِ النَّاسِ وَ أَذَاعَهَا أَظْهَرَ اللَّهُ عُيُوبَهُ وَ سَمَّعَهُ الْمَكْرُوه .
وَ قِيلَ الْمَعْنَى مَنْ نَسَبَ إِلَى نَفْسه عَمَلًا صَالِحًا لَمْ يَفْعَلْهُ وَ ادَّعَى خَيْرًا لَمْ يَصْنَعْهُ فَإِنَّ اللَّه يَفْضَحُهُ وَ يُظْهِرُ كَذِبَهُ
وَ قِيلَ الْمَعْنَى مَنْ يُرَائِي النَّاس بِعَمَلِهِ أَرَاهُ اللَّه ثَوَاب ذَلِكَ الْعَمَل وَ حَرَمَهُ إِيَّاهُ .
و قِيلَ مَعْنَى سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ شَهَّرَهُ أَوْ مَلَأَ أَسْمَاعَ النَّاسِ بِسُوءِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْقِيَامَة بِمَا يَنْطَوِي عَلَيْهِ مِنْ خُبْث السَّرِيرَةِ
قُلْت : وَرَدَ فِي عِدَّة أَحَادِيثَ التَّصْرِيحُ بِوُقُوعِ ذَلِكَ فِي الْآخِرَة ، فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ : فَعِنْد أَحْمَدَ وَالدَّارِمِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي هِنْد الدَّارِيّ رَفَعَهُ " مَنْ قَامَ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ رَاءَى اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسَمَّعَ بِهِ " ، وَلِلطَّبَرَانِ يِّ مِنْ حَدِيث عَوْف بْن مَالِك نَحْوه ، وَلَهُ مِنْ حَدِيث مُعَاذ مَرْفُوعًا " مَا مِنْ عَبْد يَقُوم فِي الدُّنْيَا مَقَام سُمْعَة وَ رِيَاء إِلَّا سَمَّعَ اللَّه بِهِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
وَفِي الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب إِخْفَاء الْعَمَل الصَّالِح ، لَكِنْ قَدْ يُسْتَحَبّ إِظْهَاره مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ عَلَى إِرَادَته الِاقْتِدَاءَ بِهِ ، وَيُقَدَّرُ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَة .
قَالَ اِبْن عَبْد السَّلَام : يُسْتَثْنَى مِنْ اِسْتِحْبَاب إِخْفَاء الْعَمَل مَنْ يُظْهِرُهُ لِيُقْتَدَى بِهِ أَوْ لِيُنْتَفَعَ بِهِ كَكِتَابَةِ الْعِلْمِ ، وَ مِنْهُ حَدِيثُ سَهْل الْمَاضِي فِي الْجُمُعَةِ " لِتَأْتَمُّوا بِي وَلْتَعْلَمُوا صَلَاتِي "
قَالَ الطَّبَرِيُّ كَانَ اِبْن عُمَر وَ ابْن مَسْعُود وَجَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ يَتَهَجَّدُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَيَتَظَاهَرُون َ بِمَحَاسِنِ أَعْمَالِهِمْ لِيُقْتَدَى بِهِمْ ، قَالَ : فَمَنْ كَانَ إِمَامًا يُسْتَنُّ بِعَمَلِهِ عَالِمًا بِمَا لِلَّهِ عَلَيْهِ قَاهِرًا لِشَيْطَانِهِ اِسْتَوَى مَا ظَهَرَ مِنْ عَمَلِهِ وَ مَا خَفِيَ لِصِحَّةِ قَصْدِهِ ، وَمَنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَالْإِخْفَاءُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ
وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى عَمَل السَّلَف . فَمِنْ الْأَوَّلِ حَدِيثُ حَمَّادِ بْن سَلَمَة عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس قَالَ " سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأ وَ يَرْفَع صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ فَقَالَ إِنَّهُ أَوَّابٌ قَالَ فَإِذَا هُوَ الْمِقْدَادُ بْن الْأَسْوَدِ " أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ .
وَ مِنْ الثَّانِي حَدِيث الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ " قَامَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تُسْمِعْنِي وَأَسْمِعْ رَبَّك " أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْن أَبِي خَيْثَمَةَ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ .
فتح الباري /ابن حجر
أبو عبد البر طارق
2014-07-22, 09:29 PM
قال حمزة لبعض من سمعه يبالغ في توليد الحروف من الحركات و تكرير الراءات وتحريك السواكن و تطنين النونات بالمبالغة في الغنات :
أما علمت أن ما فوق البياض برص و ما فوق الجعودة قطط و ما فوق القراءة ليس بقراءة
الإتقان في علوم القرآن/ السيوطي / بتصرف
==============================
قال الذهبي/ زغل العلم:
فالقراء المجودة: فيهم تنطع و تحرير زائد يؤدي إلى أن المجود القارىء يبقى مصروف الهمة إلى مراعاة الحروف، و التنطع في تجويدها بحيث يشغله ذلك عن تدبر معاني كتاب الله تعالى، ويصرفه عن الخشوع في التلاوة لله و يخليه قوي النفس مزدريا بحفاظ كتاب الله تعالى. فينظر اليهم بعين المقت و أن المسلمين يلحنون، وبأن القراء لا يحفظون إلا شواذ القراءة،
فليت شعري أنت ماذا عرفت؟! وما علمك؟
وأما عملك فغيرصالح ، وأما تلاوتك فثقيلة عرية عن الخشية و الحزن و الخوف، فالله يوفقك، و يبصرك رشدك، ويوقظك من رقدة الجهل والرياء.
و ضدهم قراء النغم و التمطيط، و هؤلاء في الجملة من قرأ منهم بقلب و خوف قد ينتفع به في الجملة، فقد رأيت من يقرأ صحيحا و يطرب ويبكي.
نعم و رأيت من إذا قرأ قسى القلوب و أبرم النفوس، و بدل كلام الله تعالى، و أسوأهم حالا الجنائزية، والقراء بالروايات، وبالجمع فأبعد شيء عن الخشوع، و أقدم شيء على التلاوة بما يخرج عن القصد، وشعارهم في تكثير وجوه حمزة ، وتغليظ تلك اللامات وترقيق الراآت.
اقرأ يا رجل و اعفنا من التغليظ و الترقيق و فرط الإمالة، و المدود و وقوف حمزة فإلى كم هذا؟
وآخر منهم إن حضر في ختمة أو تلا في محراب جعل ديدنه إحضار غرائب الوجوه والسكت، و التهوع بالتسهيل، و أتى بكل خلاف و نادى على نفسه أنا (أبو فلان) فاعرفوني فإني عارف بالسبع إيش يُعمل بك؟
لا صبحك الله بخير إنك حجر منجنيق ورصاص على الأفئدة.
----------
هذا في عصر الذهبي أما الآن فظهرت فئات أخرى منها أصحاب المقامات و تقليد الأصوات فكل سنة يظهر قارئ يقلده المقرؤون في صوته و طريقة أدائه, وفئة الإقتتال على المحاريب في شهر رمضان ....
أبو عبد البر طارق
2014-07-23, 04:07 AM
خرج ابن مسعود ذات يوم فاتبعه ناس فقال لهم ألكم حاجة؟
قالوا لا و لكن أردنا أن نمشي معك .
قال ارجعوا فانه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع
وعن الحارث بن سويد قال: قال عبدالله :
لو تعلمون ما أعلم من نفسي حثيتم على رأسي التراب.
صفة الصفوة / ابن الجوزي
======================
كان السلف يخافون على أنفسهم العجب و الرياء من كثرة الأتباع
فخفق النعال خلف الشخص تجعله يتصنع الورع و يخفي عيوبه و يسكته على أخطاء متبعيه و يقدح في أقرانه و يفتي بفتاوى توافق أتباعه, وهل يبقى في الدين شيئ بعد هذا؟
و قد حذر السلف من مدائح العوام فروي عن علي ابن أبي طالب:
أنه خرج يوما من المسجد فأتبعه الناس فالتفت إليهم وقال أي قلب يصلح على هذا ثم قال :
خفق النعال مفسدة لقلوب نوكي الرجال
عَن سُلَيْمِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ : أَتَيْنَا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ لِنَتَحَدَّثَ عَندَهُ ، فَلَمَّا قَامَ قُمْنَا نَمْشِي مَعَهُ ، فَلَحِقَهُ عُمَرُ فَرَفَعَ عَلَيْهِ الدِّرَّةَ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اعْلَمْ مَا تَصْنَعُ ؟
قَالَ : إنَّمَا تَرَى فِتْنَةً لِلْمَتْبُوعِ ذِلَّةً لِلتَّابِعِ.
فليحذر من جعل كثرة الأتباع مقصده فهي من مكائد إبليس
أبو عبد البر طارق
2014-07-25, 02:20 AM
قال شيخ الإسلام:في آخرِ أيَّامه في سجن القلعة الذي مات فيه:
"وندمتُ على تضييع أوقاتي في غيرِ معاني القرآن"
ذيل طبقات الحنابلة/ ابن رجب
---------------------------------------------
هذا شيخ الإسلام الذي جمع بين العبادة و الزهد و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كثرة التأليف
الذي رد عل أهل البدع و كان الرد عليهم فرض عين عليه
الذي تستفيد من ردوده القواعد و الفوائد و الفرائد
الذي قعد قواعد لأهل السنة و فند شبهات المبتدعة
الذي برَع في تفسير القرآن، وغاصَ في دقيق معانيه
يندم على تضييع وقته في غير معاني القرآن
فكيف بمن ضيع وقته في قيل و قال , فعلى الإنسان الإهتمام بالقرآن قراءة و تدبرا و عملا
أبو عبد البر طارق
2014-08-20, 01:36 AM
شهد رجل عند عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال له عمر: إنى لست أعرفك ولا يضرك أنى لا أعرفك فائتنى بمن يعرفك
فقال رجل: أنا أعرفه يا أمير المؤمنين
قال: بأى شىء تعرفه ؟
فقال: بالعدالة.
قال: هو جارك الأدنى تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه ؟
قال: لا.
قال: فعاملك بالدرهم والدينار الذى يستدل بهما على الورع ؟
قال: لا.
قال: فصاحبك فى السفر الذى يستدل به على مكارم الأخلاق ؟
قال: لا.
قال: فلست تعرفه , ثم قال للرجل: ائتنى بمن يعرفك ".
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل/ محمد ناصر الدين الألباني
============================== ==========
قد تكون المظاهر سببا للحكم على الناس و تصنيفهم و بناء أحكام عليهم بل الثقة و الإغترار بهم
و المظهر قد يكون عنوانا على الصلاح و قد يكون سترا لخبيئة فاسدة
و قد حدد أمير المؤمنين عمر بعض المقاييس التي يعرف بها سريرة الرجل و هي السفر و المجاورة و المعاملة بالدرهم و الدينار
و قد طلب بعض تلاميذ محمد ابن الحسن- أحد صاحبي أبي حنيفة- أن يؤلف لهم كتابا في الزهد فقال ألفت لكم كتاب البيوع
و هو يقصد أنه من تورع في في معاملة الناس في البيع كان اورع في باقي المعاملات و هذا واضح
و قد قيل:
لا يغرنك من المرء ... إزار رقعه
وقميص فوق كعب ... الساق منه رفعه
وجبين لاح فيه ... أثر قد خلعه
أره الدرهم تعرف ... غيه أم ورعه
أبو عبد البر طارق
2014-12-04, 04:50 PM
قَاْل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِنَّ الْمَرْأَة تُقْبِل فِي صُورَة شَيْطَان وَتُدْبِر فِي صُورَة شَيْطَان فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدكُمْ اِمْرَأَة فَلْيَأْتِ أَهْله فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدّ مَا فِي نَفْسه )
وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( إِذَا أَحَدكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَة فَوَقَعَتْ فِي قَلْبه فَلْيَعْمِدْ إِلَى اِمْرَأَته فَلْيُوَاقِعهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدّ مَا فِي نَفْسه ) .
هَذِهِ الرِّوَايَة الثَّانِيَة مُبَيِّنَة لِلْأُولَى .
--------------------------------------
قال النووي:
وَمَعْنَى الْحَدِيث : أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لِمَنْ رَأَى اِمْرَأَة فَتَحَرَّكَتْ شَهْوَته أَنْ يَأْتِي اِمْرَأَته أَوْ جَارِيَته إِنْ كَانَتْ لَهُ ، فَلْيُوَاقِعهَا لِيَدْفَع شَهْوَته ، وَتَسْكُن نَفْسه ، وَيَجْمَع قَلْبه عَلَى مَا هُوَ بِصَدَدِهِ .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمَرْأَة تُقْبِل فِي صُورَة شَيْطَان وَتُدْبِر فِي صُورَة شَيْطَان ) قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ : الْإِشَارَة إِلَى الْهَوَى وَالدُّعَاء إِلَى الْفِتْنَة بِهَا لِمَا جَعَلَهُ اللَّه تَعَالَى فِي نُفُوس الرِّجَال مِنْ الْمَيْل إِلَى النِّسَاء ، وَالِالْتِذَاذ بِنَظَرِهِنَّ ، وَمَا يَتَعَلَّق بِهِنَّ ، فَهِيَ شَبِيهَة بِالشَّيْطَانِ فِي دُعَائِهِ إِلَى الشَّرّ بِوَسْوَسَتِهِ وَتَزْيِينه لَهُ .
وَيُسْتَنْبَط مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهَا أَلَّا تَخْرُج بَيْن الرِّجَال إِلَّا لِضَرُورَةٍ ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ الْغَضّ عَنْ ثِيَابهَا ، وَالْإِعْرَاض عَنْهَا مُطْلَقًا .
قالَ الْعُلَمَاء : إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا بَيَانًا لَهُمْ ، وَإِرْشَادًا لِمَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ ، فَعَلَّمَهُمْ بِفِعْلِهِ وَقَوْله .
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْس بِطَلَبِ الرَّجُل اِمْرَأَته إِلَى الْوِقَاع فِي النَّهَار وَغَيْره ، وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَغِلَة بِمَا يُمْكِن تَرْكه ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلَبَتْ عَلَى الرَّجُل شَهْوَة يَتَضَرَّر بِالتَّأْخِيرِ فِي بَدَنه أَوْ فِي قَلْبه وَبَصَره
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج/النووي
------------------------------------------------
قال ابن العربي : هذا حديث غريب المعنى لأن ما جرى للمصطفى صلى الله عليه و سلم كان سرا لم يعلمه إلا الله تعالى فأذاعه عن نفسه تسلية للخلق وتعليما وقد كان آدميا وذا شهوة لكنه كان معصوما عن الزلة وما جرى في خاطره حين رأى المرأة أمر لا يؤاخذ به شرعا ولا ينقص منزلته وذلك الذي وجد في نفسه من الإعجاب بالمرأة هي جبلة آدمية ثم غلبها بالعصمة فانطفأت وقضى من الزوجة حق الإعجاب والشهوة الآدمية بالاعتصام والعفة
قال ابن العربي : وفيه رد على الصوفية الذين يرون إماتة الهمة حتى تكون المرأة عند الرجل إذا نطح فيها كجدار يضرب فيه والرهبانية ليست في هذا الدين
فيض القدير – المناوي
-------------------------------------------------
قال ابن الجوزي /ذم الهوى :
وقد نبه هذا الحديث على أمرين:
أحدهما التسلي عن المطلوب بجنسه
والثاني الإعلام بأن سبب الإعجاب قوة الشهوة فأمر بتنقيصها
------------------------------------------
قوله : (( فإن ذلك يردّ ما في نفسه )). وللردّ وجهان :
أحدهما : أنَّ المنَّي إذا خرج ؛ انكسرت الشهوة ، وانطفأت ، فزال تعلُّق النَّفْس بالصّورة الْمَرئية .
وثانيهما : أن محل الوطء والإصابة متساوٍ من النساء كلِّهن ، والتفاوت إنما هو من خارج ذلك ، فليُكْتَف بمحلِّ الوطء ، الذي هو المقصود ، ويُغْفَل عمَّا سواه ، وقد دلّ على هذا ما جاء في هذا الحديث في غير "الأم" بعد قوله : (( فليأت أهله )) : (( فإن معها مثل الذي معها )).
تحذير : لا يُظنُّ برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ - لَمَّا فعل ذلك - ميلُ نَفْسٍ ، أو غلبة شهوة - حاشاه عن ذلك ، وإنما فعل ذلك لِيَسُنَّ ، وليُقتدى به ، وليحسمَ عن نفسه ما يتوقع وقوعه .
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم/القرطبيُّ
أبو عبد البر طارق
2014-12-09, 09:02 PM
عبد الله بن عمرو بن العاص قال : بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة ، أو ذكرت عنده ، فقال صلى الله عليه وسلم : إذا رأيتم الناس مرجت عهودهم وخفت أمانتهم وكانوا هكذا » وشبك بين أصابعه ، قال : فقمت إليه فقلت : كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك ؟
فقال صلى الله عليه وسلم : الزم بيتك وأملك عليك لسانك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر الخاصة ودع عنك أمر العامة
------------------
قال الخطابي: قد نصح صلى الله عليه وسلم كثيرا ولم يأل شفقة و نصحا وكان جديرا أن يفعل ذلك وبه وصفه الله تعالى في كتابه قال سبحانه وتعالى ( عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم )
وذلك أنه قسم له كل واحد من أمر دينه و دنياه إلى قسمين اثنين:
فقال في الأول و هو قسم أمر الدين: « خذ ما تعرف » فكان هذا إشارة إلى معهود تعارفوه فيما بينهم و كان الذي تعارفوه معهودا من حقوق الأئمة و متعلقا بهم من أمر الدين : إقامة الصلاة خلفهم وأداء الزكاة إليهم وجهاد الكفار معهم ، إلى ما يشبه هذا من الأمور التي يليها الأمراء فأمره بطاعتهم فيها
ثم قال : « ودع ما تنكر » و هو كل ما حدث بعده من الفتن و نشب بين بعض أصحابه من الحروب والتنازع في الملك يقول : إذا دعوك إلى شيء منها فدعهم و اعتزلهم و لا تكن معهم .
ثم قسم صلى الله عليه وسلم له القسمة الثانية التي هي قسم أمر دنياه فقال صلى الله عليه وسلم : « عليك بأمر الخاصة » و هو كل ما يخصه و يعنيه و يخص كل إنسان في ذاته من إعالة أهله و سياسة ذويه و القيام لهم و السعي في مصالحهم و نهاه عن التعرض لأمر العامة و التعاطي لسياستهم و الترأس عليهم و التوسط في أمورهم فقال صلى الله عليه وسلم : « دع عنك أمر العامة »
فقد نظم صلى الله عليه وسلم الطويل العريض من أمر دينه ودنياه في القصير الوجيز من كلامه
العزلة/أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي
أبو عبد البر طارق
2014-12-10, 10:14 PM
قال الزجاج : كنا عند المبرد أبي العباس محمد فوقف عليه رجل فقال : أسألك عن مسألة من النحو ؟
قال : لا .
فقال : أخطأت .
فقال : يا هذا كيف أكون مخطئا أو مصيبا ولم أجبك عن المسألة بعد ؟
فأقبل عليه أصحابه يعنفونه فقال لهم : خلوا عنه ولا تعرضوا له أنا أخبركم بقصته ، هذا رجل يحب الخلاف وقد خرج من بيته و قصدني على أن يخالفني في كل شيء أقوله و يخطئني فيه فسبق لسانه بما كان في ضميره
-------------
قال الخطابي:
قال بعضهم : إن من الناس من يولع بالخلاف أبدا حتى إنه يرى أن أفضل الأمور أن لا يوافق أحدا ولا يجامعه على رأي و لا يواتيه على محبة, و من كان هذا عادته فإنه لا يبصر الحق و لا ينصره و لا يعتقده دينا و مذهبا إنما يتعصب لرأيه و ينتقم لنفسه و يسعى في مرضاتها حتى إنك لو رمت أن ترضاه و توخيت أن توافقه على الرأي الذي يدعوك إليه تعمد لخلافك فيه و لم يرض به حتى ينتقل إلى نقيض قوله الأول
فإن عدت في ذلك إلى وفاته عاد إلى خلافك
قال أبو سليمان فمن كان بهذه الحال فعليك بمباعدته و النفار عن قربه فإن رضاه غاية لا تدرك ومدى شأوه لا يلحق
العزلة/أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي
أبو عبد البر طارق
2015-03-05, 12:00 AM
قال ابن عائشة : أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف بين يديه ، فأطبقه وقال : هذا آخر العهد بك .
سير أعلام النبلاء
-------------
قال ابن سعد في عبد الملك بن مروان كان قبل الخلافة عابدا ناسكا بالمدينة و ذكره الذهبي في السير لغزارة علمه بل قال فيه أبو الزناد : فقهاء المدينة : سعيد بن المسيب ، وعبد الملك ، وعروة ، وقبيصة بن ذؤيب .
هذا حال من فتحت عليه الدنيا بعد أن آتاه له علما و تعبدا و قد رايت الكثيرين صبروا للفقر لكن لم يصبروا في الغنى
نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا
ابوخزيمةالمصرى
2015-03-11, 04:09 PM
جزاك الله خيرا
موضوعك طيب ومادتك طيبة
وعرضك طيبك
وأسلوبك طيب
أسأل الله أن ينفعنا وإياك
ويتقبل منا ومنك آمين
أبو عبد البر طارق
2015-09-22, 03:19 PM
آمين و لك بالمثل
====================
قَالَ القرميسيني: عِلْمُ الفَنَاء وَالبَقَاء يَدُور عَلَى إِخْلاَص الوَحْدَانيَّة وَصحَّةِ العبوديَّة، وَمَا كَانَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ مِنَ المُغَالطَة وَالزَّنْدقَة.
-----------------------------------------------------
قال الذهبي: صَدَقتَ وَاللهِ, فَإِنَّ الفَنَاء وَالبَقَاء مِنْ تُرَّهات الصُّوْفِيَّة أَطْلَقَهُ بَعْضهُم, فَدَخَلَ مِنْ بَابه كُلُّ زِنْدِيْق، وَقَالُوا: مَا سِوَى الله بَاطِلٌ فانٍ, وَاللهِ تَعَالَى هُوَ البَاقِي، وَهُوَ هَذِهِ الكَائِنَات, وَمَا ثَمَّ شَيْء غَيْره.
ويَقُوْلُ شَاعرهُم:
وَمَا أَنْتَ غَيْرَ الكُون ... بَلْ أَنْتَ عَيْنُه
ويَقُوْلُ الآخر:
وَمَا ثَمَّ إلَّا اللهُ لَيْسَ سِوَاهُ
فَانظر إِلَى هَذَا الْمُرُوق وَالضَّلاَل, بَلْ كُلُّ مَا سِوَى الله محدَثٌ مَوْجُود, قَالَ الله تَعَالَى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام} . [الفرقان: 59] .
وَإِنَّمَا أَرَادَ قُدَمَاء الصُّوْفِيَّةِ بِالفَنَاء نسيَانَ المخلوقَات وَتركهَا, وَفنَاء النَّفس عَنِ التَّشَاغُل بِمَا سِوَى الله،
وَلاَ يُسَلَّمُ إِلَيْهِم هَذَا أَيْضاً, بَلْ أَمرنَا اللهُ وَرَسُوْلُه بِالتَّشَاغل بِالمخلوقَات وَرؤيتهَا وَالإِقبال عَلَيْهَا, وَتعَظِيْمِ خَالِقهَا,
وَقَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْء} وَقَالَ: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} .
وقال -صلى الله عليه وسلم: "حُبِّبَ إليَّ النِّسَاء وَالطِّيب"
وَقَالَ: "كَأَنَّك علمتَ حُبَّنَا لِلْحم".
وَكَانَ يحِبُّ عَائِشَة, وَيحبُّ أَباهَا، وَيحبُّ أُسَامَة، وَيحبُّ سِبْطَيْه، وَيحبّ الحَلْوَاء وَالعَسَل، وَيحبّ جَبَل أُحُد, وَيحبُّ وَطَنه, وَيحبُّ الأَنْصَار, إِلَى أَشيَاء لاَ تحصَى مِمَّا لاَ يغنِي المُؤْمِن عَنْهَا قَطُّ.
سير أعلام النبلاء/ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
============================== =
وَقَالَ ابْنُ فَارس فِي بَعْضِ أَمَاليه: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ القَطَّان بَعْدمَا عَلَت سِنُّه يَقُوْلُ: كُنْتُ حِيْنَ رَحَلْتُ أَحفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَأَنَا اليَوْمَ لاَ أَقومُ عَلَى حِفْظ مائَة حَدِيْث.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أُصِبْتُ ببصرِي، وَأَظُنُّ أَنِّي عُوِقْبتُ بكَثْرَةِ كَلاَمِي أَيَّامَ الرِّحْلَة.
-----------------------------------
قال الذهبي:صَدَقَ وَاللهِ, فَقَدْ كَانُوا مَعَ حُسْن القَصْدِ، وَصحَّةِ النِّيَّة, غالبًا يخافون من الكلام وَإِظهَار المَعْرِفَة وَالفَضيلَة، وَاليوم يكثرُوْنَ الكَلاَم مَعَ نَقْصِ العِلْمِ وَسوء القَصْد, ثُمَّ إِنَّ اللهَ يفضَحهُم، وَيلوح جهلُهُم وَهوَاهُم وَاضطرَابُهُم فِيمَا عَلِمُوهُ, فنسأَلُ اللهَ التَّوفيقَ وَالإِخلاص.
سير أعلام النبلاء/ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
أبو عبد البر طارق
2016-06-29, 06:05 PM
قال هانىء بنُ المُتَوَكِّلِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عُبَادَةَ المَعَافِرِيُّ قال: كنا عِنْدَ أَبِي شُرَيْحٍ -رَحِمَهُ اللهُ- فَكَثُرَتِ المَسَائِلُ, فَقَالَ: قَدْ دَرِنَتْ قُلُوْبُكُم فَقُوْمُوا إِلَى خَالِدِ بنِ حُمَيْدٍ المَهْرِيِّ اسْتَقِلُّوا قُلُوْبَكُم، وَتَعَلَّمُوا هَذِهِ الرَّغَائِبَ، وَالرَّقَائِقَ فَإِنَّهَا تُجَدِّدُ العِبَادَةَ، وَتُورِثُ الزَّهَادَةَ، وَتَجُرُّ الصَّدَاقَةَ، وَأَقِلُّوا المَسَائِلَ فَإِنَّهَا فِي غَيْرِ ما نزل تقسي القلب، وتورث العداوة.
----------------
قال الذهبي: صَدَقَ، -وَاللهِ- فَمَا الظَّنُّ إِذَا كَانَتْ مَسَائِلُ الأُصُوْلِ، وَلوَازِمُ الكَلاَمِ فِي مُعَارَضَةِ النَّصِّ؟
فَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ مِنْ تَشْكِيكَاتِ المَنطِقِ، وَقَوَاعِدِ الحِكْمَةِ، وَدِيْنِ الأَوَائِلِ؟
فكَيْفَ إِذَا كَانَتْ مِنْ حَقَائقِ "الاتِّحَادِيَّة ِ"، وَزَنْدَقَةِ السَّبْعِيْنِيّ َةِ, وَمَرَقِ "البَاطِنِيَّةِ"؟
فَوَاغُربَتَاهُ ، ويا قلة ناصراه. آمنت بالله، ولا قوةإلَّا بالله.
سير أعلام النبلاء/شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
أبو عبد البر طارق
2016-10-07, 02:18 PM
قال إبراهيم بن أدهم : ما صدق الله عبد أحب الشهرة.
========
قال الذهبي : علامة المخلص الذي قد يحب شهرة ، ولا يشعر بها ، أنه إذا عوتب في ذلك ، لا يحرد ولا يبرئ نفسه ، بل يعترف ، ويقول : رحم الله من أهدى إلي عيوبي ، ولا يكن معجبا بنفسه ، لا يشعر بعيوبها ، بل لا يشعر أنه لا يشعر ، فإن هذا داء مزمن.
سير أعلام النبلاء
أبو عبد البر طارق
2016-11-10, 10:35 AM
قال ابْن إِبْرَاهِيمَ، : «لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعُزْلَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّكَ لَا تَجِدُ أَعْوَانًا عَلَى الْغِيبَةِ لَكَفَى»
===============
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ :
صَدَقَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ جَالَسَ النَّاسَ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَعَاشَرَهُمْ إِلَّا قَلَّتْ سَلَامَتُهُ مِنَ الْغِيبَةِ فَإِنَّ مِنْ شَأْنِهِمُ الْيَوْمَ أَنْ يَقَعَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ وَأَنْ يُشْبِعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأَنْ يَتَمَضْمَضُوا بِذِكْرِ الْأَعْرَاضِ وَيَتَفَكَّهُوا بِهَا وَيَتَنَقَّلُوا بِحَلَاوَتِهَا فَإِمَّا أَنْ يُسَاعِدَهُمْ جَلِيسُهُمْ عَلَى إِثْمٍ وَتَرْكِ مُرُوءَةٍ وَإِمَّا أَنْ يُخَالِفَهُمْ عَنْ قِلًى وَشَنَآنَ
فَمُجَالَسَتُهُ مْ دَاءٌ يُعْدِي يَضُرُّ وَلَا يُجْدِي.
قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعُزْلَةِ إِلَّا السَّلَامَةُ مِنْ آفَةِ الرِّيَاءِ وَالتَّصَنُّعِ لِلنَّاسِ وَمَا يَدْفَعُ إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ إِذَا كَانَ فِيهِمْ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمُدَاهَنَةِ مَعَهُمْ وَخِدَاعِ الْمُوَارَبَةِ فِي رِضَاهُمْ لَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا يُرَغِّبُ فِي الْعُزْلَةِ وَيُحَرِّكُ إِلَيْهَا
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ»
فَمَنْ أَحَبَّ السَّلَامَةَ مِنْ هَذِهِ الْخَلَّةِ فَلْيُقِلَّ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ وَلَيَتَحَذَّرْ مُدَاخَلَتَهُمْ وَالتَّوَسُّطَ فِي أُمُورِهِمْ فَإِنَّهُ إِذَا مُنِيَ بِذَلِكَ وَابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْهُ لَمْ يَسْلَمْ أَنْ يَلْقَى هَذَا بِوَجْهٍ وَصَاحِبَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَلَئِنْ خَالَفَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ أَوْشَكَ أَنْ يَشْنَأَهُ النَّاسُ وَيَتَّخِذُوهُ عَدُوًّا
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلِيْمَانَ وَفِي الْعُزْلَةِ السَّلَامَةِ مِنَ الْمَأْثَمِ فِي الْمُنْكَرِ يَرَاهُ الْإِنْسَانُ فَلَا يُغَيِّرُهُ وَالْأَمانُ مِنْ غَوَائِلِ أَهْلِهِ وَمِنْ عَادِيَتِهِمْ إِذَا غَيَّرَهُ فَقَدْ أَبَى أَكْثَرُ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ قَبُولَ النَّصَائِحَ وَنَصَبُوا الْعَدَاوَةَ لِمَنْ دَعَاهُمْ إِلَى هُدًى أَوْ نَهَاهُمْ عَنْ رَدًى.
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَحْدَةِ وَالتَّبَاعُدِ مِنْهُمْ إِلَّا السَّلَامَةُ مِنْ إِثْمِ الْمُدَاهَنَةِ وَخَطَرِ الْمُكَافَحَةِ لَكَانَ فِي ذَلِكَ الرِّبْحُ الرَّابِحُ وَالْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ
العزلة/أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (المتوفى: 388هـ)
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.