مشاهدة النسخة كاملة : يكره للقاضي أن يقضي وهو غضبان ، وإذا قضى نفذ قضاؤه، ولا ينقض إلا إذا حكم بخلاف النص .
خالد الشافعي
2014-05-02, 12:35 AM
يكره للقاضي أن يقضي وهو غضبان ، وإذا قضى نفذ قضاؤه، ولا ينقض إلا إذا حكم بخلاف النص .
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه :
بَابٌ: هَلْ يَقْضِي القَاضِي أَوْ يُفْتِي وَهُوَ غَضْبَانُ
7158 - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ، وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ، بِأَنْ لاَ تَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « لاَ يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ » .
7159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي وَاللَّهِ لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ، مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فِيهَا، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ أَشَدَّ غَضَبًا فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ»
7160 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الكَرْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «لِيُرَاجِعْهَا ، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَ ا» اهـ .
وقوله : بَابٌ: هَلْ يَقْضِي القَاضِي أَوْ يُفْتِي وَهُوَ غَضْبَانُ أي نعم يجوز ذلك لكن مع الكراهة جمعا بين الأدلة الواردة في هذا الموضوع .
محمد طه شعبان
2014-05-02, 12:45 AM
قال ابن قدامة رحمه الله ((المغني)) (10/ 44): ((لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ، فِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْضِيَ وَهُوَ غَضْبَانُ))اهـ.
محمد طه شعبان
2014-05-02, 12:47 AM
وقال رحمه الله: ((وَفِي مَعْنَى الْغَضَبِ كُلُّ مَا شَغَلَ فِكْرَهُ مِنْ الْجُوعِ الْمُفْرِطِ، وَالْعَطَشِ الشَّدِيدِ، وَالْوَجَعِ الْمُزْعِجِ، وَمُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ ، وَشِدَّةِ النُّعَاسِ، وَالْهَمِّ، وَالْغَمِّ، وَالْحُزْنِ، وَالْفَرَحِ، فَهَذِهِ كُلُّهَا تَمْنَعُ الْحَاكِمَ؛ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ حُضُورَ الْقَلْبِ، وَاسْتِيفَاءَ الْفِكْرِ، الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إصَابَةِ الْحَقِّ فِي الْغَالِبِ، فَهِيَ فِي مَعْنَى الْغَضَبِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَتَجْرِي مَجْرَاهُ))اهـ.
محمد طه شعبان
2014-05-02, 12:48 AM
وقال رحمه الله: ((فَإِنْ حَكَمَ فِي الْغَضَبِ أَوْ مَا شَاكَلَهُ، فَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي، أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. وَقَالَ فِي " الْمُجَرَّدِ ": يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ.
وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِمَا رُوِيَ، أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَصَمَ إلَيْهِ الزُّبَيْرُ وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلزُّبَيْرِ: اسْقِ، ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إلَى جَارِك. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ : أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِك. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْجُدُرَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَحَكَمَ فِي حَالِ غَضَبِهِ. وَقِيلَ: إنَّمَا يَمْنَعُ الْغَضَبُ الْحَاكِمَ إذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَتَّضِحَ لَهُ الْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَأَمَّا إنَّ اتَّضَحَ الْحُكْمُ، ثُمَّ عَرَضَ الْغَضَبُ، لَمْ يَمْنَعْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ اسْتَبَانَ قَبْلَ الْغَضَبِ، فَلَا يُؤَثِّرُ الْغَضَبُ فِيهِ))اهـ.
خالد الشافعي
2014-05-02, 12:50 AM
وما الذي ترجحه يا شيخ محمد ؟ أي هل ينفذ أولا ؟
محمد طه شعبان
2014-05-02, 12:53 AM
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن حكمه يقع.
قال رحمه الله ((الشرح الممتع)) (13/ 27): ((قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان»، ومعنى ذلك أن حكمه معتبر، وإلا لما كان للنهي محل، فالحكم نافذ مع الغضب بنص السنة، وقد حكم النبي صلّى الله عليه وسلّم بين الزبير ورجل من الأنصار في السقي، فقال الرجل المحكوم عليه: أن كان ابن عمتك يا رسول الله؟ يعني حكمت له لأنه ابن عمتك، فغضب النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: «يا زبير: اسق حتى يصل الماء الجدر ثم أرسله إلى جارك»، فهنا نفذ الحكم مع الغضب))اهـ
محمد طه شعبان
2014-05-02, 12:58 AM
وقال النووي رحمه الله ((شرح مسلم)) (12/ 15): ((قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ) فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الْقَضَاءِ فِي حَالِ الْغَضَبِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَيَلْتَحِقُ بِالْغَضَبِ كُلُّ حَالٍ يَخْرُجُ الْحَاكِمُ فِيهَا عَنْ سَدَادِ النَّظَرِ وَاسْتِقَامَةِ الْحَالِ كَالشِّبَعِ الْمُفْرِطِ وَالْجُوعِ الْمُقْلِقِ وَالْهَمِّ وَالْفَرَحِ الْبَالِغِ وَمُدَافَعَةِ الْحَدَثِ وَتَعَلُّقِ الْقَلْبِ بِأَمْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحْوَالِ يُكْرَهُ لَهُ الْقَضَاءُ فِيهَا خَوْفًا مِنَ الْغَلَطِ فَإِنْ قَضَى فِيهَا صَحَّ قَضَاؤُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ وَقَالَ فِي اللقطة مالك وَلَهَا إِلَى آخِرِهِ وَكَانَ فِي حَالِ الْغَضَبِ والله أعلم))اهـ.
محمد طه شعبان
2014-05-02, 01:01 AM
وقال الخطابي رحمه الله ((معالم السنن)) (4/ 165): ((الغضب يغير العقل ويحيل الطباع عن الاعتدال فلذلك أمرالحاكم بالتوقف في الحكم ما دام به الغضب. فقياس ما كان في معناه من جوع مفرط وفزع مدهش ومرض موجع قياس الغضب في المنع من الحكم))اهـ.
محمد طه شعبان
2014-05-02, 01:07 AM
وأما أنا فأميل إلى قول من قال بأن قضاءه حال الغضب محرم، وأن حكمه لا يقع؛ وذلك لأن النهي يقتضي التحريم الفساد، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقاس عليه غيره في هذا الأمر.
قال ابن الجوزي رحمه الله ((كشف المشكل)) (1/ 407): ((وَفِي الحَدِيث الْخَامِس وَالْعِشْرين: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَشْيَاء كرهها، فَلَمَّا أَكثر عَلَيْهِ غضب ثمَّ قَالَ: " سلوني عَمَّا شِئْتُم " فَقَالَ رجل: من أبي؟ فَقَالَ: " أَبوك حذافة ".إِنَّمَا قَالَ: " سلوني عَمَّا شِئْتُم " غَضبا. فَإِن قيل: فَجَوَابه حكم وَقد قَالَ: " لَا يقْضِي القَاضِي بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان " فَالْجَوَاب أَنه لما كَانَ مَعْصُوما من الزلل تساوى غَضَبه وَرضَاهُ فِي أَنه لَا يَقُول إِلَّا الْحق، وَلِهَذَا قَالَ لعبد الله بن عَمْرو وَقد سَأَلَهُ: أكتب عَنْك مَا تَقول فِي السخط وَالرِّضَا؟ قَالَ: " نعم "))اهـ.
محمد طه شعبان
2014-05-02, 01:14 AM
قال ابن حجر رحمه الله ((فتح الباري)) (13/ 138): ((وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى لِلزُّبَيْرِ بِشِرَاجِ الْحَرَّةِ بَعْدَ أَنْ أَغْضَبَهُ خَصْمُ الزُّبَيْرِ لَكِنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِرَفْعِ الْكَرَاهَةِ عَنْ غَيْرِهِ لِعِصْمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَقُولُ فِي الْغَضَبِ إِلَّا كَمَا يَقُولُ فِي الرِّضَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي حَدِيثِ اللُّقَطَةِ فِيهِ جَوَازُ الْفَتْوَى فِي حَالِ الْغَضَبِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ وَيَنْفُذُ وَلَكِنَّهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي حَقِّنَا وَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ فِي الْغَضَبِ مَا يُخَافُ عَلَى غَيْرِهِ))اهـ.
قلت: فإن ثبت عند من قال بالكراهة، التفريق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين غيره من المسلمين في هذا الأمر؛ إذًا يرجع النهي إلى الأصل؛ وهو التحريم والفساد.
محمد طه شعبان
2014-05-02, 01:17 AM
وما الذي ترجحه يا شيخ محمد ؟ أي هل ينفذ أولا ؟
الذي أميل إليه يا شيخ خالد هو ما ذكرته أنه يقتضي التحريم والفساد. والله أعلم.
خالد الشافعي
2014-05-02, 06:31 AM
جزاكم الله خيرا ، لكن لعلكم خالفتم إمامكم في الحديث ( أي البخاري ) .
محمد طه شعبان
2014-05-02, 04:26 PM
جزاكم الله خيرا ، لكن لعلكم خالفتم إمامكم في الحديث ( أي البخاري ) .
نعم خالفت البخاري الإمام، ولكني وافقت أئمة آخرين
خالد الشافعي
2014-05-03, 07:58 AM
ما حكم فتوى القاضي وهو غضبان؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيكره للقاضي أن يقضي وللمفتي أن يفتي وهو غضبان، فإذا قضى القاضي في هذه الحالة نفذ قضاؤه، ولا ينقض إلا إذا حكم بخلاف النص أو الإجماع أو القياس الجلي.
قال العلامة الشربيني رحمه الله في مغني المحتاج: (ويكره) له (أن يقضي في حال غضب وجوع وشبع مفرطين، و) في (كل حال يسوء خلقه فيه) كالمرض، ومدافعة الأخبثين، وشدة الحزن، والسرور، وغلبة النعاس لخبر الصحيحين (لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان) رواه ابن ماجه بلفظ (لا يقضي) وفي صحيح أبو عوانة (لا يقضي القاضي وهو غضبان مهموم ولا مصاب، ولا يقضي وهو جائع)... نعم تنتفي الكراهة إذا دعت الحاجة إلى الحكم في الحال، وقد يتعين الحكم على الفور في صور كثيرة، فإن قضى مع تغير خلقه نفذ قضاؤه لقصة الزبير المشهورة. انتهى.
والله أعلم.
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية / يسألونك / إسلام ويب / مركز الفتوى / قطر
الرابط :
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=72841
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.