المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين الأصمعي والإمام مالك



أبو محمد يونس
2014-04-22, 10:21 PM
ذكر المبرد في كتابه" اللُّحنة" عن محمد بن القاسم التمائمي، عن الأصمعي قال :(دخلتُ المدينة على مالك بن أنس فما هبتُ أحداً هَيبتي له، فتكلم فلحن، فقال:مطرنا البارحة مطراً أيَّ مطراً ّ فخفَّ في عيني، فقلتُ : يا أبا عبد الله ، قد بلغتَ من العلم هذا المبلغ فلو أصلحت من لسانك. فقال:فكيف لو رأيتم ربيعةَ؟كنا نقول له : كيف أصبحتَ ؟ فيقول : بخيراً بخيراً. قال : هو قد جعله لنفسه قدوةً في اللحن وعذراً).

قلت :هذه قصة مكذوبة على الإمام مالك رحمه الله ،فهذا اللحنِ الفاحش لا ينطق به طالب علم ، فضلاً عن عالم ، فضلاً عن الإمام مالكٍ رحمه الله.

وقد رد العلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي العتمي اليماني في كتابه التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل على هذه الحكاية فقال رحمه الله :

(أقول : هذه الحكاية منكرة عن الأصمعي فينظر من حكاها عن كتاب المبرد وعلى فرض ثبوتها عن المبرد ففيه كلام معروف ومحمد بن القاسم التمائمي لم أعرفه ولعله محمد بن القاسم اليمامي وهو أبو العيناء أصله من اليمامة وليس بثقة قد اعترف بوضع الحديث فما بالك بالحكايات . ومما يدل على بطلان هذه الحكاية أمور :
الأول : أن الأصمعي كان من أشد الناس توقيرا لأئمة السنة .
الثاني : أنه كان مبجلا لمالك حتى روي عنه أنه كان يفتخر بأن مالكا روى عنه .
الثالث : أن فيها قرن مالك بشيخه ربيعة وهذا يدل على تحري الطعن في علماء المدينة وليس ذلك دأب الأصمعي إنما هو دأب أصحاب الرأي .
الرابع : أن اللحن الذي تضمنته الحكاية خارج عن المعتاد فإن العامة فضلا عن العلماء يقفون بالسكون . وهذا كله يدل أن هذه الحكاية فرية قصد بها الغض من علماء المدينة .)انتهى

أبو محمد يونس
2014-04-22, 10:23 PM
وهذه حكاية أخرى تشبه ما سبق ،فهل من مشمر لبيان حالها بارك الله في الجميع ،وهاكم الحكاية .
ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻭﺍﻟﻜﺴﺎﺋﻲ ﻳﻮﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ، ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺃﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ، ﻭﺃﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻻ*ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﺬﻝ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻪ. ﻓﺮﺍﺡ ﻳﻨﺘﻘﺺ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻜﺴﺎﺋﻲ.

ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻜﺴﺎﺋﻲ: ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ .. ﻟﻮ ﻗﺪّﻣﺖ ﻟﻚ ﺭﺟﻠﻴﻦ ، ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻚ: ﻫﺬﺍ ﻗﺎﺗﻞُ ﻏﻼ*ﻣِﻚ . ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺎﺗﻞٌ ﻏﻼ*ﻣَﻚ. ﻓﺄﻳﻬﻤﺎ ﺗﺄﺧﺬ؟
ﺍﻷ*ﻭﻝ ﺑﺎﻟﻀﻢ ﺑﺪﻭﻥ ﺗﻨﻮﻳﻦ (ﻗﺎﺗﻞُ) ﻹ*ﺿﺎﻓﺘﻪ ﻟﻼ*ﺳﻢ ﺑﻌﺪﻩ (ﻏﻼ*ﻣِﻚ) ﺍﻟﻤﺠﺮﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ.
ﻭﺍﻵ*ﺧﺮ ﺑﺘﻨﻮﻳﻦ ﺍﻟﻀﻢ (ﻗﺎﺗﻞٌ) ﻭﺇﻋﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻻ*ﺳﻢ ﺑﻌﺪﻩ (ﻏﻼ*ﻣَـﻚ) ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﻔﻌﻮﻝ ﺑﻪ ﻻ*ﺳﻢ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ.
ﻓﺄﻱ ﺍﻟﺮﺟﻠﻴﻦ ﺳﻴﺄﺧﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻭﻳﻘﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺤﺪ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ : ﺁﺧﺬ ﺍﻟﺮﺟﻠﻴﻦ.

ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ: ﺑﻞ ﺗﺄﺧﺬ ﺍﻷ*ﻭﻝ ﻷ*ﻧﻪ ﻗﺘﻞ ، ﺃﻣﺎ ﺍﻵ*ﺧﺮ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﻞ.
ﻓﻌﺠﺐ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ، ﻓﺄﻓﻬﻤﻪ ﺍﻟﻜﺴﺎﺋﻲ ﺃﻥ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺇﺫﺍ ﺃﺿﻴﻒ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﻤﻮﻟﻪ (ﻗﺎﺗﻞُ ﻏﻼ*ﻣِﻚ) ﺩﻝ ﻋﻞ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ؛ ﻓﻬﻮ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻐﻼ*ﻡ. ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻧﻮﻥ ﻓﻨﺼﺐ ﻣﻌﻤﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﻔﻌﻮﻝ ﺑﻪ (ﻗﺎﺗﻞٌ ﻏﻼ*ﻣَﻚ) ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ؛ ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﻘﺘﻞ.
ﻓﺎﻋﺘﺬﺭ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ، ﻭﺃﻗﺮ ﺑﺠﺪﻭﻯ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻭﻋﻬﺪ ﺃﻻ* ﻳﻨﺘﻘﺺ ﻣﻨﻪ ﺃﺑﺪﺍ."

أبو مالك المديني
2014-04-23, 07:27 PM
بارك الله فيك .
حكاية أبي يوسف مع الكسائي أخرجها : المرزباني محمد بن عمران بن موسى ت 384 ـ فيما ذكره ياقوت الحموي (المتوفى: 626هـ) ـ وغيرُه ـ في معجم الأدباء ( إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب ) وقال : وحدّث ـ المرزباني ـ فيما رفعه إلى الأحمر النحوي ( على بن المبارك ، صاحب الكسائي ) قال : دخل أبو يوسف القاضي (وقال عبد الله بن جعفر: محمد بن الحسن )
[ أحد الرواة يروي عن الكسائي بواسطة ] على الرشيد وعنده الكسائي يحدثه، فقال: ... فذكرها .
قال الذهبي في السير 16 / 448 عن المرزباني :
.. وَكَانَ رَاوِيَةً جَمَّاعَةً مُكْثِراً، صَنَّفَ (أَخبارَ الشُّعَرَاءِ)، لَكِنْ غَالِبُ رِوَايَاتِهِ إِجَازَةٌ، فَيُطلِقُ فِي ذَلِكَ:أَخْبَرَ َا ، كَالمُتَأَخِّري نَ مِنَ المغَاربَةِ.
قَالَ القَاضِي الصَّيْمَرِيُّ: َمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
كَانَ فِي دَارِي خَمْسُوْنَ مَا بَيْنَ لِحَافٍ وَدواجٍ مُعَدَّةٍ لأَهلِ العِلْمِ الَّذِيْنَ يَبِيتُوْنَ عِنْدِي.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ:ك انَ المَرْزُبَانِيّ ُ يَضعُ المحبرَةَ وَقنِّينَةَ النَّبِيذِ ، يكتُبُ وَيشربُ، وَكَانَ مُعتزليّاً، صَنَّفَ كِتَاباً فِي أَخبارِ المعتزلةِ، وَمَا كَانَ ثِقَةً.
قَالَ الخَطِيْبُ:لَيْ َ حَالُهُ عِنْدنَا الكَذِبَ، وَأَكثرُ مَا عِيْبَ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ وَتدليسُهُ للإِجَازَةِ.
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ:ك انَ مُعتَزِليّاً، ثِقَةً، مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.أهـ

والقصة ذكره غير واحد ، كأبي حيان في تذكرة النحاة .

أبو محمد يونس
2014-04-23, 07:56 PM
لله درك شيخي الكريم أبا مالك دائما سباق للخيرات جزاك الله خيرا وبارك فيك ووفقك لكل خير .
شيخي الغالي هل أفهم من كلامك أن القصة مكذوبة ؟
ودمتم بخير

أبو مالك المديني
2014-04-23, 08:06 PM
جزاكم الله خيرا أخي الكريم أبا محمد .
في ظني أنها لا تثبت ، فيبدو أن المرزباني ـ على عادته ـ حدث بها إجازة وليست من مسموعاته ، فدلس فيها ، وما كان الرجل ثقة على ما قاله الأزهري ، وكذلك لم يكن كذابا على ما قاله الخطيب . والله أعلم .

أبو محمد يونس
2014-04-23, 08:15 PM
جزاكم الله خيرا شيخي الكريم على البيان الشافي بارك الله فيكم

أبو مالك المديني
2014-04-24, 04:59 PM
نفع الله بكم ، وبفوائدكم المليحة أبا محمد .

أبو محمد يونس
2014-04-26, 01:19 AM
وفقنا الله وإياكم شيخنا لكل خير اللهم آمين.