تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أكثر المعاني المشوَّهة تُسْتَرُ بالعبارات المموّهة



أبو عبد الأكرم الجزائري
2014-04-04, 12:48 AM
قال الامام ابن القيم رحمه الله في كتابه الصواعق المرسلة
ج2ص436 باختصار وتصرف :
« الفصل التاسع عشر في الأسباب التي تسهل على النفوس الجاهلة قبول التأويل مع مخالفته للبيان الذي علمه الله الإنسان وفطره على قبوله .
السبب الأول أن يأتي به صاحبه مموها مزخرف الألفاظ ملفق المعاني مكسوا حلة الفصاحة والعبارة الرشيقة فتسرع العقول الضعيفة إلى قبوله واستحسانه وتبادر إلى اعتقاده وتقليده ويكون حاله في ذلك حال من يعرض سلعة مموهة مغشوشة على من لا بصيرة له بباطنها وحقيقتها فيحسنها في عينه ويحببها إلى نفسه وهذا الذي يعتمده كل من أراد ترويج باطل فإنه لا يتم له ذلك إلا بتمويهه وزخرفته وإلقائه إلى جاهل بحقيقته
قال الله تعالى http://majles.alukah.net/imgcache/2014/08/325.jpgوكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون http://majles.alukah.net/imgcache/2014/08/328.jpg الأنعام112
فذكر سبحانه أنهم يستعينون على مخالفة أمر الأنبياء بما يزخرفه بعضهم لبعض من القول فيغتر به الأغمار وضعفاء العقول فذكر السبب الفاعل والقابل ثم ذكر سبحانه انفعال هذه النفوس الجاهلة به بصغوها وميلها إليه ورضاها به لما كسي من الزخرف الذي يغر السامع فلما أصغت إليه ورضيته اقترفت ما تدعو إليه من الباطل قولا وعملا فتأمل هذه الآيات وما تحتها من هذا المعنى العظيم القدر الذي فيه بيان أصول الباطل والتنبيه على مواقع الحذر منها وعدم الاغترار بها وإذا تأملت مقالات أهل الباطل رأيتهم قد كسوها من العبارات وتخيروا لها من الألفاظ الرائقة ما يسرع إلى قبوله كل من ليس له بصيرة نافذة وأكثر الخلق كذلك حتى إن الفجار ليسمون أعظم أنواع الفجور بأسماء لا ينبو عنها السمع ويميل إليها الطبع فيسمون أم الخبائث أم الأفراح ويسمون اللقمة الملعونة لقيمة الذكر والفكر التي تثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن ويسمون مجالس الفجور والفسوق مجالس الطيبة حتى إن بعضهم لما عذل عن شيء من ذلك قال لعاذله ترك المعاصي والتخوف منها إساءة ظن برحمة الله وجرأة على سعة عفوه ومغفرته فانظر ماذا تفعل هذه الكلمة في قلب ممتلئ بالشهوات ضعيف العلم والبصيرة...»
قال العلامة ابن الوزير في العواصم ج4ص179
«..اعلم أن أبعَدَ الناس من الكفر من عظَّم السمع وعظَّم الإيمان بما فيه مع البُعد من التمثيل والتشبيه، وإن اطلع أهل الأنظار العقلية على غَلَطِه أو رِكَّةِ بعض أدلته، فقد يكون إيمان بعض المؤمنين صحيحاً مؤمناً له من عذاب الله، مُقَرِّباً له من الله، ويكون عليه في تَصَرُّفِه في النظر والاستدلال مؤاخذاتٌ لا سيما في العبارة، وذلك لعدم ارتياضه على تهذيب العبارات، وقلَّة دريته بتحرير المقدِّمات، لا لضعف إيمانه، ولا لضعف دليله، وقد يوردُ المتحذلِقُ في علم الجدل الشُّبَهَ، فيكسوها من حسن الترصيف، وجودة الترتيب ما يُموِّهُ به على كثير من المتعاطين لعلم النظر، والمنقطعين في فنِّ الكلام، فإيَّاك والاغترار بذلك، فإن أكثر المعاني المشوَّهة تُسْتَرُ بالعبارات المموّهة.»

المصباح المنير
2014-04-04, 02:53 AM
ومن ذلك أيضا ما ورد في الحجة في بيان المحجة (2/ 329):
قال الله تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ) قال بعض العلماء : فسمى الله عز وجل الفلاسفة والمتكلمين في هذه الآية بخمسة أسماء سماهم : أعداء النبوات ، وسماهم شياطين الإنس . وقال : ( وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ) أي إن شياطين الجن يوحون إلى أوليائهم من شياطين الإنس ليجادلوكم . وسمى قولهم زخرفا وهو الذي يزوق ظاهره ، وليس تحته معنى يتحصل ، وسماه غروراً وهو كالسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً . وسماه افتراء لأنه قال : ( فذرهم وما يفترون ) أي يكذبون . ثم قال : ( ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) ومعنى تصغى : تميل أي يميل إلى زخارفهم من لا يؤمن بالله واليوم الآخر .