تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إنها صفية !!



أبوعاصم أحمد بلحة
2014-03-25, 10:54 AM
إنها صفية !! ..
من مطالب الشريعة الجالبة لكل خير : صيانة المسلم لعرضه من ذلق ألسنة المتكلمة في أعارض الناس لو جود ظاهر الوقوع في الشبه توهماً لا حقيقةً !! .. فجاءت الشريعة بالحث عن الابتعاد عن مواطن الشبه المؤدية لتعريض الإنسان المسلم نفسه لنقد أهل النصح المتثبتين حفظاً للمجتمع من عبث أهل الفساد .. ، أو أهل البطالة والاستعجال في تحطيم حياة وحدة المسلمين وترابطهم ..
ومن إشارات الشريعة ومحاسنها : ما جاء فيها من التنبيه لهذا المقصد الحكيم الموصل للبراءة والسلامة في دنيا الناس المتصارع .. ما رواه البخاري ومسلم عن أم المؤمنين صفية بنت حيي - رضي الله عنها - قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفاً ، فأتيته أزوره ليلًا ، فحدثته ثم قمت لأنقلب فقام معي ليقلبني ، فمر رجلان من الأنصار - رضي الله عنهما - ، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا . فقال صلى الله عليه وسلم : ( على رسلكما ، إنها صفية بنت حيي ، فقالا : سبحان الله يا رسول الله ، فقال : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً ، أو قال : شيئاً ) ..
فمطلب السلامة من الناس بإظهار البراءة من الريب مقصد شرعي كما تقدم تقريره ..
يقول ابن بطال - رحمه الله - في شرحه لصحيح البخاري : ( ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم : < إنها صفية > السنة الحسنة لأمته ، أن يتمثلوا فعله ذلك في البعد عن التهم ومواقف الريب ) ..
ومن جميل فقه الإمام النووي في شرح مسلم قوله :
( وفيه : استحباب التحرز من التعرض لسوء ظن الناس في الإنسان ، وطلب السلامة والاعتذار بالأعذار الصحيحة ، وأنه متى فعل ما قد ينكر ظاهره مما هو حق ، وقد يخفى ، أن يبين حاله ليدفع ظن السوء ..
وفيه : الاستعداد للتحفظ من مكايد الشيطان ؛ فإنه يجري من الإنسان مجرى الدم ، فيتأهب الإنسان للاحتراز من وساوسه وشره ) ..
ومن فقه الصحابة لهذا المعنى : ما فعله حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - لـمَّـا خرج إلى صلاة الجمعة ، ففاتته فـــرأى الناس وهم راجــعون فاستتر لئلا يسوء ظن الناس به ..
فالابتعاد عن الشبهات ، ومواطن الريب والشكوك : استبراء للدين والعرض، < ولو كان المتروك ليس حراماً > ..
ومن فقه الإمام مالك - رحمه الله - ، ومقاصد مذهبه : التوسع في سد الذرائع، وسد الذريعة هو أن تترك من الحلال جزءاً ابتعاداً عن الحرام ، وتترك بعض المباح ابتعاداً عما ليس بمباح ، وهكذا يستبرئ الإنسان لدينه وعرضه، < لدينه : فيما حقيقته مشتبه> ولعرضه : < حتى لو كان في حقيقته حلال ، ولكن صورته صورة الشبهة > .. رزقنا الله وإياكم الفقه في الدين ، مع الإخلاص في القول والعمل ..
حسن الحملي ..