مشاهدة النسخة كاملة : فوائد مستخلصة من كتاب "الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم"
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 01:12 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (1): في حكم المفاضلة بين الأنبياء:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ"، وما في معناها.
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "لا تفضلوا بين أنبياء الله"، وما شابهه.
الجواب عن التعارض:
يحمل النهي الوارد في الأحاديث على ما إذا كان التفضيل بمجرد الرأي والهوى، وإنما يكون بالدليل.
ويتأكد المنع إذا كان التفضيل يؤدي إلى المخاصمة والمشاجرة، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك حين وقعت الخصومة.
كما يتأكد أيضا إذا كان التفضيل يؤدي إلى توهم النقص في المفضول، أو الغض منه، أو كان على وجه الازدراء به.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 01:26 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (2): في تأخير الأجل بالبر والصلة:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُون"، وما في معناها.
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"، وما شابهه.
الجواب عن التعارض:
يجمع بين الأدلة بأن يقال: الزيادة باعتبار ما في صحف الملائكة، وأما ما في علم الله تعالى فلا تقديم ولا تأخير.
أو يقال: الزيادة باعتبار فعل العبد وكسبه، ففعله من جملة الأسباب التي أمر الله بها شرعا، ورتب عليها جزاء قدريا، وقد علم سبحانه من يصل رحمها ممن يقطعها، ورتب على ذلك أجلا لا يتقدم ولا يتأخر.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 01:42 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (3): في حد الإماء إذا أتين بفاحشة:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ، قَالَ: «إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ»".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة أن لا حدّ على الأمة إذا زنت ولم تُحصن، وهذا الظاهر دل عليه مفهوم الشرط في قوله تعالى: "فَإِذَا أُحْصِنَّ"، فإن مفهومه: أن لا حدّ عليها إذا كانت غير محصنة، وأما منطوق الحديث: فيوهم معارضة هذا المفهوم؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- بين أن عليها الحد.
الجواب عن التعارض:
الظاهر صوابه: هو إعمال منطوق الآية والحديث دون مفهومهما، فإذا زنت الأمة المسلمة فإن عليها نصف ما على الحرة المسلمة البكر من العذاب، وهو خمسون جلدة، ويستوي في ذلك المزوجة وغير المزوجة.
ولفظ الحديث مطلق، والآية جاء الحكم فيها مقيدا بالنصف؛ فيحمل المطلق على المقيد.
وأما مفهوم المخالفة في الآية فلا اعتبار له لمعارضته المنطوق.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 01:52 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (4): هل ينشئ الله تعالى للنار خلقا فيعذبهم فيها؟
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا"، وما في معناها.
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "اخْتَصَمَتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ إِلَى رَبّهِمَا، فَقَالَتِ الجَنَّةُ: يَا رَبِّ، مَا لَهَا لاَ يَدْخُلُهَا إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ، وَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّر ِينَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي، أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، قَالَ: فَأَمَّا الجَنَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ، فَيُلْقَوْنَ فِيهَا، فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، ثَلاَثًا، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَمْتَلِئُ، وَيُرَدُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ".
الجواب عن التعارض:
أن الحديث بهذا اللفظ "وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ، فَيُلْقَوْنَ فِيهَا، فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ" ضعيف.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 03:12 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (5): في الحدود هل هي كفارة لأهلها أم لا؟
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلاَ تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة أن إقامة الحد على المحاربين لا تُسقط عنهم العقوبة في الآخرة؛ وذلك لقوله تعالى: "وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"، وأما الحديث ففيه أن من أقيم عليه الحد فهو كفارة له، ويلزم منه سقوط العقوبة في الآخرة، وهذا يوهم خلاف الآية.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن آية الحرابة عامة في المسلمين وغيرهم، إلا أن وعيد الآخرة المذكور فيها خاص فيمن نزلت فيهم هذه الآية.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 03:41 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (6): في عصمة الله تعالى لنبيه –صلى الله عليه وسلم- من الناس.
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في رأسه .."، وما في معناه.
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة عموم عصمة الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- من الناس، وأما الأحاديث ففيها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أصيب ببعض الأذى من قومه، وهذا يوهم خلاف الآية التي وعدت بالعصمة مطلقا.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن الله تعالى ضمن لنبيه -صلى الله عليه وسلم- العصمة من القتل فقط دون العوارض التي تعرض للبدن، فتكون الآية من العام الذي أريد به الخصوص، وما تعرّض له النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأذى في أحد، ومن السحر والسم لا ينافي العصمة؛ لأن شيئا من ذلك لم يكن له أثر على حياته -صلى الله عليه وسلم-، بل هذا مما أراد الله تعالى به إعلاء منزلة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 03:58 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (7): في تعذيب الميت ببكاء الحي.
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة أن الله تعالى لا يعذب أحدا بوزر غيره، وأما الحديث الشريف ففيه أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وهذا يوهم معارضة الآية؛ لأن بكاء أهله عليه ليس من فعله.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: هو حمل الأحاديث الواردة في المسألة على ظاهرها؛ من أن الميت يعذب بمجرد النوح عليه وإن لم يكن له تسبب في ذلك، والحديث إنما ورد لزجر أهل الميت عن النياحة على ميتهم؛ لأنهم إذا علموا أنه يعذب بذلك فسيكفون عن النياحة عليه خوفا من تعذيبه، وهذا لا يتعارض مع الآيات؛ لأنها عامة، والأحاديث مخصصة لها.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 04:09 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (8): في تحميل اليهود والنصارى ذنوب المسلمين يوم القيامة.
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، دَفَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ"، وفي رواية: "يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَيَغْفِرُهَا اللهُ لَهُمْ وَيَضَعُهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى".
بيان وجه التعارض:
استشكل العلماء الرواية الثانية التي فيها مضاعفة العذاب على اليهود والنصارى بسبب تحملهم ذنوب المسلمين، وهذا المعنى يوهم معارضة الآية الكريمة التي فيها أن أحدا لا يعذب بوزر غيره.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: هو ضعف الحديث بهذه الرواية الثانية.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 04:32 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (9): في إيجاب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني.
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ، عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى أَنَّ دِيَةَ المَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الحديث إيجاب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني، وهذا الظاهر يوهم معارضة الآية التي فيها أن احدا لا يؤخذ بذنب غيره، وبحسب دلالة الآية فإن الأولى وجوب الدية على الجاني لا على العاقلة؛ لأنه هو المتسبب في القتل والمباشر له.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن تغريم العاقلة هو من باب المواساة للجاني والتخفيف عنه، وليس في تغريمهم ما يعارض الآية؛ لأن الآية إنما نفت أن يؤخذ الإنسان بذنب غيره، والجاني لم يرتكب ذنبا حتى تتحمله العاقلة، وإنما وقع منه خطأ أوجب دفع الدية لأهل المقتول حفظا للدماء وصيانة لها من الهدر، ولما كانت الدية تجحف في مال الجاني أوجب الله تعالى على العاقلة تحملها من باب المواساة والتخفيف عنه.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 05:51 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (10): في ولد الزنا، وهل عليه من وزر أبويه شيء؟
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ"، وحديث: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مَنَّانٌ، وَلَا وَلَدُ زِنْيَةٍ، وَلَا مُدْمِنٌ"، وما في معناهما.
بيان وجه التعارض:
ظاهر الأحاديث أن ولد الزنا ملوم بفعل أبويه، وأنه بسبب زناهما صار هو شر الثلاثة، وأنه لا يدخل الجنة، وأنه لا خير فيه، وهذا الظاهر يوهم معارضة الآية التي فيها أن أحدا لا يحمل من إثم غيره شيئا، إلا أن يكون له فيه تسبب، وولد الزنا لا ذنب له في زنا أبويه، ولم يتسبب في زناهما، فكيف جاز أن يلام ويعاقب على فعل ليس له فيه تسبب؟
الجواب عن التعارض:
أولا: لا يصح من الأحاديث الواردة في هذا الباب إلا حديث: "وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ".
ثانيا: ومعناه: أن ولد الزنا أشد الثلاثة تضررا بالزنا، فالأبوان إن تابا اندفعت عنهما معرّة الزنا، لكن لا يزال هو يلاحق بذلك طيلة حياته، وليس معنى ذلك أنه إذا كان رجلا صالحا أن يلام على ذلك أو يعاقب عليه.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 06:02 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (11): في رؤية الإنس للجن.
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ البَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاَةَ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة نفي رؤية الإنس للجن، وأما الحديث ففيه إثبات الرؤية، وهذا يوهم خلاف الآية.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: هو إمكان رؤية الإنس للجن، وأن الآية محمولة على نفي رؤيتهم على الهيئة التي خلقوا عليها، لكن إذا تشكلوا في صور أخرى من إنسان أو حيوان أمكن رؤيتهم، وعليه فتكون الآية مقيدة بمنع رؤيتهم في حال دون حال، وتلك الحال هي هيئتهم التي خلقوا عليها.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 06:36 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (12): في مستقر أرواح الكفار.
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِين".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث الإسراء بطوله، وفيه: "فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ لِجِبْرِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ اليَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة أن أرواح الكفار لا تفتح لهم أبواب السماء، وأما الحديث الشريف ففيه أن أرواح الكفار على يسار آدم -عليه السلام-، وهذا يوهم كونها في السماء الدنيا، وهو خلاف الآية.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن معنى الحديث أن آدم -عليه السلام- كان ينظر إلى نسم بنيه وهم في منازلهم من الجنة أو النار، وهذا القول لا يلزم منه أن تكون النار في السماء؛ إذ من الممكن رؤيتها وهي في الأرض.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-01, 06:52 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (13): في الموجب لدخول الجنة.
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ"، وما في معناه.
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة أن مجرد العمل الصالح هو الذي يُدخل الجنة، وأما الحديث فظاهره أن العمل لا يُدخل الجنة، وهذا يوهم خلاف الآية.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن الله تعالى جعل الأعمال الصالحة سببا لدخول الجنة، وهي في الحقيقة راجعة إلى توفيق الله تعالى وفضله؛ إذ ليس في مقدور العبد الإتيان بها لولا توفيق الله تعالى وتيسيره.
كما أن الأعمال الصالحة لا تفيد العبد شيئا ما لم تكن مقبولة، فالشأن كل الشأن في القبول لا في العمل.
والذي يزيل الإشكال: حمل "الباء" في الآية على السببية، وفي الحديث على المعاوضة، فالآيات أثبتت الأسباب، والحديث نفى وجوب الثواب.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-02, 05:22 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (14): في مدة خلق السموات والأرض.
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ"، وقوله تعالى: "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ. ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ. فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الحديث الشريف أن خلق الأرض وما فيها استغرق سبعة أيام، وهذا يوهم خلاف الآيات، والتي فيها أن الله –عز وجل- خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وفيه أبضا مخالفة لآية فصلت؛ إذ الحديث ظاهره أن خلق الأرض استغرق الأيام الستة كلها، وأما الآية فظاهرها أن مدة خلق الأرض استغرق أربعة أيام، ثم خلقت السماء بعد ذلك في يومين.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن هذا الحديث لا يصح مرفوعا إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-02, 05:23 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (15): فيمن أساء في الإسلام، هل يؤاخذ بما عمل في الجاهلية؟
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلاَمِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلاَمِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ"، وفي رواية: "وَمَنْ أَسَاءَ أُخِذَ بِعَمَلِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة أن الكافر إذا أسلم غفر له بالإسلام كل ما كان منه في الجاهلية من كفر وذنب وغيره؛ لأن لفظ الآية جاء مطلقا، فلم تفرّق بين الذنوب التي تاب منها والتي لم يتب منها، وأما الحديث فظاهره أن الذنوب التي كان الكافر يعملها في الجاهلية ولم يتب منها في الإسلام فإنه يؤاخذ بها، وهذا يوهم خلاف الآية.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن الكافر إذا أسلم فإنما يغفر له ما تاب منه بعد إسلامه، وأما الذنوب التي فعلها في الجاهلية وأصرّ عليها في الإسلام فإنه يؤاخذ بها.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-02, 05:24 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (16): في الوقت الذي يتبرأ فيه إبراهيم الخليل –عليه السلام- من أبيه آزر:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لاَ تَعْصِنِي، فَيَقُولُ أَبُوهُ: فَاليَوْمَ لاَ أَعْصِيكَ، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لاَ تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الكَافِرِينَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة انقطاع رجاء إبراهيم الخليل –عليه السلام- من إيمان أبيه، وجزمه بأنه لا يغفر له، ولذلك تبرأ منه وترك الاستغفار له، وهذا التبرؤ ظاهر الآية أنه كائن من إبراهيم في الدنيا، وأما الحديث فظاهره أنه –عليه السلام- يطلب الاستغفار لأبيه يوم القيامة، ولا ييأس من نجاته إلا بعد المسخ، فإذا مُسخ يئس منه وتبرأ، وهذا المعنى يوهم معارضة الآية.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن تبرؤ إبراهيم من أبيه كائن يوم القيامة؛ ذلك أن إبراهيم يطلب لأبيه الشفاعة يوم القيامة ظنا منه أن ذلك نافعه، فإذا قال الله له: إني حرمت الجنة على الكافرين، ومُسخ أبوه ذبيحا علم أن ذلك غير نافعه، وأنه عدو لله، فيتبرأ منه في الحال.
وهذا الاختيار ليس فيه ما يخالف الظاهر من سياق الآية؛ إذ ليس في الآية ما يدل على أن هذا التبرؤ كائن في الدنيا.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-02, 11:17 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (17): في حكم تمني الموت والدعاء به:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين"، وقوله تعالى: "فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي"، وما في معناه.
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآيتين الكريمتين جواز تمني الموت والدعاء به، وأما الأحاديث ففيها النهي عن ذلك، وهذا يوهم التعارض.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أنه لا معارضة، والتفسير الوارد في الآيتين يوضح هذا، أما يوسف –عليه السلام- فسأل ربه الموت على الإسلام، وهذا لا محذور فيه، وأما مريم –عليها السلام- فلم تسأل الموت إلا عند خوف الفتنة.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-02, 11:29 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (18): في مصير أهل الفَتْرَة ومن في حكمهم:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: " أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: فِي النَّارِ، فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة أنه الله لا يعذب أحدا حتى يبعث إليه رسولا، وأما الأحاديث فظاهرها تعذيب من مات فبل بعثة النبي –صلى الله عليه وسلم- وهم أهل الفترة، وهذا يوهم التعارض.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن أهل الفترة يُمتحنون في الآخرة، وامتحانهم يكون بأمرهم أن يدخلوا النار، فمن أطاع فقد نجا، ومن خالف فقد هلك، وما ورد من تعذيب أهل الفترة فمحمول على من لم يجب.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-02, 11:40 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (19): هل يُورَثُ الأنبياء –عليهم السلام-؟
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ"، وقوله تعالى: "وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُوَرَّثُ مَا تَرَكْنَا، فَهُوَ صَدَقَةٌ".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الحديث أن الأنبياء –عليهم السلام- لا يورثون، وأما الآيات ففيها إثبات الإرث، وهذا يوهم التعارض.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن الأنبياء لا يورثون كما صرّحت بذلك الأحاديث، وأما الإرث المذكور في الآيات فهو للعلم والنبوة، وليس للمال.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-02, 11:49 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (20): في سماع الأموات لكلام الأحياء:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُور"، وما في معناها.
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَرَكَ قَتْلَى بَدْرٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَامَ عَلَيْهِمْ فَنَادَاهُمْ، فَقَالَ: يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ يَا أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ يَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ يَا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ أَلَيْسَ قَدْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا، فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ يَسْمَعُوا وَأَنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا، ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَسُحِبُوا، فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآيات الكريمة أن الموتى لا يسمعون كلام الأحياء، وأما الحديث ففيه إثبات السماع لهم، وهذا يوهم التعارض.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أن ما حدث في بدر خاصٌ بالنبي –صلى الله عليه وسلم-، والصواب أن الموتى لا يسمعون أحدا ولا يشعرون به.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 12:06 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (21): في إضافة تحريم مكة إلى الله تعالى وإلى إبراهيم الخليل -عليه السلام-:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "إنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا، وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام لِمَكَّةَ".
بيان وجه التعارض:
ظاهِرُ الآية الكريمة أَنَّ الله تعالى هو الذي حرَّم مكة، وأما الحديث فظاهره أَنَّ إبراهيم -عليه السلام- هو الذي حرَّمها، وهذا يُوهِمُ التعارض بين الآية والحديث.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أَنَّ إبراهيم -عليه السلام- دعا ربه وسأل تحريم مكة؛ فأجاب الله تعالى دعاءه، وحرَّمها على لسان إبراهيم، وكان الله قد حرَّمها قبل ذلك، يوم أنْ خلق السماوات والأرض؛ إلا أنه لم يُظْهِر تحريمها للناس إلا حينما دعاه إبراهيم، ومعلوم أَنَّ تبليغ التحريم لعموم الناس لا يكون إلا بوحي من الله تعالى لنبي من أنبيائه، وإنما نُسب التحريم إلى الله في الآية؛ لأنه هو المُحَرِّمُ في الحقيقة، ونُسِبَ في الحديث لإبراهيم؛ لأنه هو المبلغ لهذا التحريم، فليس بين الآية والحديث تعارض على هذا المعنى أبدا.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 12:13 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (22): في خراب ذي السويقتين للكعبة:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"، وما في معناها.
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْ نِ مِنْ الْحَبَشَةِ".
بيان وجه التعارض:
ظاهرُ الآيات الكريمة أَنَّ الله تعالى جعل بيته وحرمه آمنا من تسلط الأعداء عليه، وهذا الأمن ظاهره استغراق الأزمنة كلها؛ فلا يستطيع أحدٌ الاعتداء عليه على مرِّ العصور والدهور، وأما الحديث الشريف ففيه تخريب ذي السويقتين للبيت، وهذا يُوهِمُ مُعارضة الآيات.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أَنَّ المراد بالآيات جَعْلُ الحرم آمنا إلى قُرْبِ قيام الساعة وخراب الدنيا، ذلك أنَّ خراب البيت كائنٌ لا محالة عند خراب العالم بأجمعه، إلا أنَّ الله تعالى جعل خرابه على يد ذي السويقتين لحكمة أرادها سبحانه، وهو وقت خرابه لا حاجة للأمن فيه؛ إذ ليس هناك عامر للبيت من المؤمنين حتى يكون هناك حاجة للأمن، وعليه فإنَّ الأمن الموعود في الآيات إنما هو في حال عمارة البيت بأهله من المؤمنين، فإذا اندرس المؤمنون في آخر الزمان كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك أصبح البيت مهجورا لا عامر له، وحينئذ يقع خراب ذي السويقتين له، والذي يكون مؤذنا بنهاية هذا العالم، والله تعالى أعلم.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 12:26 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (22): في خراب ذي السويقتين للكعبة:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"، وما في معناها.
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْ نِ مِنْ الْحَبَشَةِ".
بيان وجه التعارض:
ظاهرُ الآيات الكريمة أَنَّ الله تعالى جعل بيته وحرمه آمنا من تسلط الأعداء عليه، وهذا الأمن ظاهره استغراق الأزمنة كلها؛ فلا يستطيع أحدٌ الاعتداء عليه على مرِّ العصور والدهور، وأما الحديث الشريف ففيه تخريب ذي السويقتين للبيت، وهذا يُوهِمُ مُعارضة الآيات.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أَنَّ المراد بالآيات جَعْلُ الحرم آمنا إلى قُرْبِ قيام الساعة وخراب الدنيا، ذلك أنَّ خراب البيت كائنٌ لا محالة عند خراب العالم بأجمعه، إلا أنَّ الله تعالى جعل خرابه على يد ذي السويقتين لحكمة أرادها سبحانه، وهو وقت خرابه لا حاجة للأمن فيه؛ إذ ليس هناك عامر للبيت من المؤمنين حتى يكون هناك حاجة للأمن، وعليه فإنَّ الأمن الموعود في الآيات إنما هو في حال عمارة البيت بأهله من المؤمنين، فإذا اندرس المؤمنون في آخر الزمان كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك أصبح البيت مهجورا لا عامر له، وحينئذ يقع خراب ذي السويقتين له، والذي يكون مؤذنا بنهاية هذا العالم، والله تعالى أعلم.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 12:55 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (23): هل كتب النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده الشريفة شيئاً أم لا؟
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ"، وقوله تعالى: "فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: " "لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا: لَا نُقِرُّ لَكَ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه-: امْحُ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ عَلِيٌّ: لَا وَاللَّهِ، لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْكِتَابَ -وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ- فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ..".
بيان وجه التعارض:
ظاهرُ رواية مسلم أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- محا اسمه الشريف "رسول الله"، وكتب مكانه بيده الشريفة "ابن عبد الله"، ورواية البخاري جاءت بأصرح من هذا، وفيها: "فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْكِتَابَ -وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ- فَكَتَبَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ"، وهذا المعنى المتبادر من هاتين الروايتين يُوهِم خِلاف الآيات، والتي ظاهرها أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يحسن القراءة ولا الكتابة.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يَخُط بيمينه خَطَّا مقروءا مدة حياته كلها، كما هو صريح الآيات، وأمَّا الروايات التي جاءت في قصة الحديبية؛ فقد وقع فيها اضطراب من قبل الرواة، حيث رويت بخمسة ألفاظ، والصواب في قصة الحديبية أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر عليا أنْ يمحوَ لفظة: "رسول الله"، ويكتب مكانها: "ابن عبد الله"، فَأَبَى عليٌ -رضي الله عنه- ذلك؛ إجلالا لاسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يُمحى، فأمره رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُريَهُ مكانها؛ فأراه مكانها؛ فمحاها النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده الشريفة، ثم إنَّ عليا كتب بعد ذلك: "ابن عبد الله"، نزولا على رغبة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لمَّا رآه محا: "رسول الله".
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 01:12 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (24): في حكم تسمية المدينة النبوية بيثرب:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث أبي هريرة: "مَنْ سَمَّى الْمَدِينَةَ يَثْرِبَ فَلْيَسْتَغْفِر ْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، هِيَ طَابَةُ، هِيَ طَابَةُ"، وحديث البراء: "أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى، يَقُولُونَ: يَثْرِبُ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ".
بيان وجه التعارض:
ظاهرُ حديثِ أبي هريرة كراهَةُ تسميةِ المدينةِ بيثرب، ويؤكد هذا الظاهر حديث البراء، والذي فيه النهي الصريح عن ذلك، إلا أنه حديث ضعيف باتفاق، وأما الآية الكريمة فظاهرها يَدُلُّ على جواز تسمية المدينة بيثرب، وهذا يُوهِمُ التعارض بين الآية والحديث.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ ما وقع في الآية هو عبارة عن حكاية قول المنافقين، وحكاية القرآن لبعض المقولات وسكوته عنها لا يلزم منه إقرارٌ لتلك المقولات، وفي مسألتنا هذه جاء البيان من النبي -صلى الله عليه وسلم- بكراهة تسمية المدينة بيثرب، فَدَلَّ على أنَّ مقولة المنافقين تلك لا يصح استعمالها، والله تعالى أعلم.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 01:22 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (25): في حكم الجمع بين اسم الله تعالى واسم غيره في ضمير واحد:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوِيَ".
بيان وجه التعارض:
ظاهر قوله تعالى: (يُصَلُّونَ) جواز الجمع بين اسم الله تعالى، واسم غيره من المخلوقين في ضمير واحد وكلمة واحدة، وأما الحديث الشريف فيُوهِم خلاف الآية؛ لأَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكر على الخطيب قوله: "ومن يعصهما"، وأمَرَه بأنْ يقول: "ومن يعص الله ورسوله"، وهذا الإنكار يُفهم منه تحريم الجمع بين اسم الله تعالى واسم غيره من المخلوقين في ضمير واحد، وكلمة واحدة.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أَنَّ ما جاء في الآية -من جمع اللهِ تعالى الملائكةَ مع نفسه في ضمير واحد- جائز للبشر فعله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقل: "بئس الخطيب أنت" لهذا المعنى، وإنما قاله لأَنَّ الخطيب وقف على: "ومن يعصهما" وسكت سكتة، فأوهم إدخال العاصي في الرشد.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 01:30 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (26): في نظم النبي -صلى الله عليه وسلم- للشِعْر:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
وأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ
بيان وجه التعارض:
ظاهرُ الآيةِ الكريمة أنَّ الشِّعْرَ مُمتَنِعٌ تَعَلُّمه ونَظْمه على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمَّا الحديثين فقد جاء فيهما ما يُوهِمُ مُعارَضَة هذا الظاهر؛ إذ فيهما أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أنشد ذينك البيتين من تلقاء نفسه، وهذا يُوهِمُ قُدْرَةَ النبي -صلى الله عليه وسلم- على النَّظْمِ، وهو خِلافُ الآية.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ ما رُويَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من إنشاده لبعض الشِّعْر إنما قاله اتفاقا، ولم يقصد به نظم الشِّعْر.
وتَمَثُّل النبي -صلى الله عليه وسلم- ببيتٍ واحدٍ من الشِّعْر لا يلزم منه أنْ يكون عالما بالشِّعْر، لأنَّ الذي نفى الله عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- هو العلم بالشِّعْر، بأصنافه، وأعاريضه، وقوافيه.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 01:39 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (27): في أشد الناس عذابا يوم القيامة:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
حديث: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ".
بيان وجه التعارض:
ظاهرُ الآية الكريمة أَنَّ آل فرعون هم أشد الناس عذابا يوم القيامة، وأنه لا يُعَذَّبُ أحدٌ مثل عذابهم؛ لأنَّ صيغة "أفْعَل" في قوله: "أشد" تفيد الاختصاص وعدم المشاركة، وأما الأحاديث فظاهرها أَنَّ ثَمَّةَ آخرين يشاركون آل فرعون في العذاب الأشد، وأنَّ آل فرعون غير مختصين بهذا العذاب، وهذا يُوهِمُ التعارض بين الآية والأحاديث.
الجواب عن التعارض:
والذي يظهر: أن لا تعارض بين كون آل فرعون في أشد العذاب، وكون المصورين أشد الناس عذابا يوم القيامة؛ ذلك أَنَّ الأحاديث ذكرت بعض أوصاف المستحقين للعذاب الأشد، وهم المصورون، والآية ذكرت أشخاصا بعينهم، وهم آل فرعون، والعلة الموجبة لعذاب هؤلاء وهؤلاء هي مضاهاة الله، وهي التي استحقوا بها العذاب الأشد.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 01:51 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (28): في إخباره -صلى الله عليه وسلم- بعدم جدوى تَأْبِيرِ النَّخْلِ:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: "مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالُوا: يُلَقِّحُونَهُ، يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى فَيَلْقَحُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا. قَالَ: فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ: إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ ، فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ اللَّهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ؛ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ".
وَعَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ فَقَالَ: لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ. قَالَ: فَخَرَجَ شِيصًا، فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ: مَا لِنَخْلِكُمْ؟ قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ".
بيان وجه التعارض:
ظاهِرُ الآيةِ الكريمةِ أَنَّ كل ما يقوله النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو وحي من الله تعالى، وأما الحديث فيُوهِمُ خلاف هذا الظاهر؛ إذ فيه أَنَّ ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- في قضية تأبير النخل إنما كان عن اجتهاد منه -صلى الله عليه وسلم-، بدليل تراجعه عن رأيه هذا لما تبين له خِلافُه.
الجواب عن التعارض:
الذي عليه جماهير أهل العلم من مفسرين ومحدثين: أَنَّ معنى قوله تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى" أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينطق بشيء من أجل الهوى، ولا يتكلم بالهوى، وقوله تعالى: "إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى"؛ يعني أَنَّ كل ما ينطق به من أمور الدين فهو وحي من الله؛ فإنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- معصومٌ عن الخطأ في كل ما يُبَلِّغُه عن الله تعالى من أمور الدين؛ كالأحكام الشرعية، وإخباره عن أمور الغيب والأمم الماضية، وأما قضية التأبير الواردة في حديث الباب فهي من أمور الدنيا التي لا تعلق لها بالدين، ورأيه -صلى الله عليه وسلم- في أمور الدنيا كغيره من الناس، فلا يمتنع وقوع الخطأ منه، ولا يَقْدحُ ذلك في معجزته -صلى الله عليه وسلم-، ولا يقلل من شأنه.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 02:01 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الأول: الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع القرآن الكريم:
المسألة (29): في إخباره -صلى الله عليه وسلم- بعدم جدوى تَأْبِيرِ النَّخْلِ:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، تَصَدَّقْ عَنْهَا".
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ".
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: "إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الآية الكريمة أنَّ الميت ليس له من ثواب الأعمال إلا ما سعى إليه بنفسه في حياته، وأَنَّه لو أَهْدَى إليه أحدٌ من الأحياء ثواب عمله لم ينتفع به، وأما الأحاديث فظاهرها يدل على انتفاع الميت بالصدقة، والصوم، والحج، وأنَّ ثواب هذه الأعمال يصل إلى الميت إذا أُهْدِيَتْ إليه من الأحياء، وهذا يُوهِمُ الاختلاف والتناقض بين الآية والأحاديث.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: هو وصول ثواب الصدقة والصوم والحج إلى الميت مطلقا، سواء كان ذلك من ولد الميت أو من غيره.
وأما الآية فأحسن الأجوبة عنها: أَنَّها إنما دلَّت على نفي ملك الإنسان لغير سعيه، ولم تدل على نفي انتفاعه بسعي غيره؛ لأَنَّه لم يقل: "وأنْ لن ينتفع الإنسان إلا بما سعى"، وإنما قال: "وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى"، وبين الأمرين فرق ظاهر؛ لأَنَّ سعي الغير ملك لساعيه، إنْ شاء بذله لغيره فانتفع به ذلك الغير، وإنْ شاء أبقاه لنفسه".
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-03, 11:32 PM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثاني: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:
المسألة (1): في أخذ الغنيمة وهل يُنقص من أجر المجاهد:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا".
ذكر الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع الآيات:
عن أبي هريرة أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ".
وعن عبد الله بن عمرو أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنْ الْآخِرَةِ، وَيَبْقَى لَهُمْ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ".
بيان وجه التعارض:
في الآيةِ الكريمةِ وعْدٌ من اللهِ تعالى لمن قاتلَ في سبيلِهِ بأنَّ له أجرا عظيماً، إلا أنَّه سبحانه لم يُفَصِّل ويُبَيِّن هذا الأجرَ العظيم، وقد جاء في الحديثين المتقدِّمين بيانٌ وتفصيل لهذا الأجر؛ إلا أنَّ الحديثين ظاهرهما يُوهِمُ التعارض في بيان وتفصيل هذا الأجر:
ففي الأول: أنَّ له الأجرَ إذا لم يَغْنَم، أو الغنيمة ولا أجر، وفي الثاني: أنَّ له الأجَرَ تامَّاً إذا لم يَغْنَم، أو ثُلُث الأجرِ إنْ غَنِم.
كما أنَّ في الحديث الأول إشكالا آخر، حيث يُوهِمُ ظاهره مُعَارَضَة الآية الكريمة؛ إذ في الآية التَّسْويَة بين من قُتِلَ شهيدا أو انقلب غانما، وأمَّا الحديث فغاير بينهما، حيث جعل الأجر في محل، والغنيمة في محل آخر.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ المجاهد يَنْقُصُ أجرهُ إذا أخذ شيئا من الغنيمة كما هو صريح حديث عبد الله بن عمرو، وهو لا يُعارِضُ حديث أبي هريرة، بل هو موافق ومفسِّرٌ له؛ لأنَّ معنى حديث أبي هريرة: أنَّ للمجاهد الأجرَ تامّا إنْ لم يغنم، أو الأجرَ والغنيمةَ معا إنْ غَنِم، فالأجر حاصلٌ على كلِّ حال، غَنِمَ أو لم يَغنَم، لكنَّه مع الغنيمة أنقص، وهو مُقَدَّرٌ في الشِقِّ الثاني مع الغنيمة، وإنْ لم يُصَرِّح بذكره، وكما ترى فإنَّ هذا المعنى لا يُعارِضُ حديث عبد الله بن عمرو، ولا يُعارِضُ الآية أيضا.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 12:41 AM
إعادة المشاركة السابقة بعد إدخال بعض التعديلات:
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثاني: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:
المسألة (1): في أخذ الغنيمة وهل يُنقص من أجر المجاهد؟
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا".
ذكر الأحاديث الواردة في تفسير الآية التي يوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:
عن أبي هريرة أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ".
وعن عبد الله بن عمرو أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنْ الْآخِرَةِ، وَيَبْقَى لَهُمْ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ".
بيان وجه التعارض:
في الآيةِ الكريمةِ وعْدٌ من اللهِ تعالى لمن قاتلَ في سبيلِهِ بأنَّ له أجرا عظيماً، إلا أنَّه سبحانه لم يُفَصِّل ويُبَيِّن هذا الأجرَ العظيم، وقد جاء في الحديثين المتقدِّمين بيانٌ وتفصيل لهذا الأجر؛ إلا أنَّ الحديثين ظاهرهما يُوهِمُ التعارض في بيان وتفصيل هذا الأجر:
ففي الأول: أنَّ له الأجرَ إذا لم يَغْنَم، أو الغنيمة ولا أجر، وفي الثاني: أنَّ له الأجَرَ تامَّاً إذا لم يَغْنَم، أو ثُلُث الأجرِ إنْ غَنِم.
كما أنَّ في الحديث الأول إشكالا آخر، حيث يُوهِمُ ظاهره مُعَارَضَة الآية الكريمة؛ إذ في الآية التَّسْويَة بين من قُتِلَ شهيدا أو انقلب غانما، وأمَّا الحديث فغاير بينهما، حيث جعل الأجر في محل، والغنيمة في محل آخر.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ المجاهد يَنْقُصُ أجرهُ إذا أخذ شيئا من الغنيمة كما هو صريح حديث عبد الله بن عمرو، وهو لا يُعارِضُ حديث أبي هريرة، بل هو موافق ومفسِّرٌ له؛ لأنَّ معنى حديث أبي هريرة: أنَّ للمجاهد الأجرَ تامّا إنْ لم يغنم، أو الأجرَ والغنيمةَ معا إنْ غَنِم، فالأجر حاصلٌ على كلِّ حال، غَنِمَ أو لم يَغنَم، لكنَّه مع الغنيمة أنقص، وهو مُقَدَّرٌ في الشِقِّ الثاني مع الغنيمة، وإنْ لم يُصَرِّح بذكره، وكما ترى فإنَّ هذا المعنى لا يُعارِضُ حديث عبد الله بن عمرو، ولا يُعارِضُ الآية أيضا.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 12:56 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثاني: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:
المسألة (2): في المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين َ".
ذكر الأحاديث الواردة في تفسير الآية التي يوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:
عن أبي سعيد الخدري قال: "دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الْمَسْجِدَيْنِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَالَ: فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا، لِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ".
وعن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين َ) فسألهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء".
بيان وجه التعارض:
ظاهر حديث أبي سعيد الخدري أنَّ المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأما سبب نزول الآية فظاهره أنَّ المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد قباء، وهذا يُوهِمُ الاختلاف والتناقض بين الحديثين.
الجواب عن التعارض:
الذي يظهر صوابه: أنَّ المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دون مسجد قباء، وهذا ما دلّ عليه حديث أبي سعيد الصحيح الصريح، وأما ما ورد في سبب نزول الآية؛ فإنه عند التحقيق لا يظهر أنه يخالف حديث أبي سعيد؛ ذلك أنَّ سبب النزول لم يصح فيه أنَّ الآية نزلت في مسجد قباء، بل الصحيح أنها نزلت في رجال من الأنصار، والطرق التي فيها التصريح بذكر مسجد قباء ضعيفة جدا، لذا فإن القول المختار في سبب نزول الآية أنها نزلت في رجال من الأنصار كانوا في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وليسوا في مسجد قباء، والله تعالى أعلم.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 12:59 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثاني: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:
المسألة (3): في تفسير قوله تعالى: "ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى":
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى. ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى. ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى".
ذكر الأحاديث الواردة في تفسير الآية التي يوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:
عَنْ أَنَس بْن مَالِكٍ أنه ذَكَرَ حديثَ الإسراء بطوله عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، وفيه: "ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ: خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِكَ، كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ".
وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: "كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ، ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ محمدا -صلى الله عليه وسلم- رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قَالَ: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْظِرِينِي وَلَا تَعْجَلِينِي، أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ)، (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى)؟ فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ، سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ".
وفي رواية: قَالَ مَسْرُوق: "قُلْتُ لِعَائِشَةَ: فَأَيْنَ قَوْله: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)؟ قَالَتْ: إِنَّمَا ذَاكَ جِبْرِيلُ عليه السلام، كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرِّجَالِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ، فَسَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ".
وَعَنْ أبي إِسْحَاقٍ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: "سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) قَالَ: «أَخْبَرَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ".
بيان وجه التعارض:
ظاهرُ حديثِ أنس أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أُسريَ به، دنا منه الجبار رب العزة فتدلى، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، وهذا الدنو يُفْهَمُ منه أنه هو المراد من قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى).
وأمَّا حديثُ عائشةَ وابنِ مسعود فظاهرهما يُوهِم مُعارضة حديث أنس؛ لأنهما نسبا الدنو والتدلي في الآية لجبريل -عليه السلام-، وهما وإنْ لم يُصَرِّحَا برَفْعِ ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إلا أنَّ تفسيرهما هذا في حكم المرفوع؛ لأنَّ مثله لا يُقال بالرأي.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: هو ما ذهب إليه عامة المفسرين من تفسير الآية بدنو جبريل عليه السلام من نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأنَّ ما رُوي في حديث أنس من نسبة الدنو والتدلي إلى الله تعالى، هو مما تفرد به شريك، وهو لا يعدو أنْ يكون وهما منه، أو رأياً تأوله في تفسير الآية، ولم يسمعه من أنس.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 01:03 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثاني: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:
المسألة (4): في مكان سدرة المنتهى:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى".
ذكر الأحاديث الواردة في تفسير الآية التي يوهم ظاهرها التعارض فيما بينها:
عَنْ مَالِك بْن صَعْصَعَةَ أنه ذكر حديث الإسراء بطوله عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، وفيه: «فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ .. وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى".
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ .. ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى".
وَعَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن أَنَس بْن مَالِكٍ، وفيه: "ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ .. ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى".
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ".
بيان وجه التعارض:
ظاهر الأحاديث المتقدمة أنَّ لسدرة المنتهى ثلاثة أمكنة:
الأول: أنها في السماء السابعة.
الثاني: أنها فوق السماء السابعة.
الثالث: أنها في السماء السادسة.
وهذه الأحاديثُ الثلاثة يُوهِمُ ظاهرها التعارض فيما بينها في تعيين مكان سدرة المنتهى.
الجواب عن التعارض:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: هو مسلك الجمع بين الأحاديث، إذ يُحمل حديث عبد الله بن مسعود: على أنَّ أصل السدرة في السماء السادسة، ويُحمل حديث مالك بن صعصعة، وأنس: على أنَّ فروعها وأغصانها في السماء السابعة.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 01:05 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (1): في قصة هاروت وماروت:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُون َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُون َ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ آدَمَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَهْبَطَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْأَرْضِ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ: أَيْ رَبِّ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ؟ قَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ، قَالُوا: رَبَّنَا نَحْنُ أَطْوَعُ لَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ : هَلُمُّوا مَلَكَيْنِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، حَتَّى يُهْبَطَ بِهِمَا إِلَى الْأَرْضِ، فَنَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلَانِ؟ قَالُوا: رَبَّنَا هَارُوتُ وَمَارُوتُ، فَأُهْبِطَا إِلَى الْأَرْضِ، وَمُثِّلَتْ لَهُمَا الزُّهَرَةُ، امْرَأَةً مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ، فَجَاءَتْهُمَا فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَكَلَّمَا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ الْإِشْرَاكِ، فَقَالَا: وَاللَّهِ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ أَبَدًا، فَذَهَبَتْ عَنْهُمَا، ثُمَّ رَجَعَتْ بِصَبِيٍّ تَحْمِلُهُ، فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، حَتَّى تَقْتُلَا هَذَا الصَّبِيَّ، فَقَالَا: وَاللَّهِ لَا نَقْتُلُهُ أَبَدًا، فَذَهَبَتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ بِقَدَحِ خَمْرٍ تَحْمِلُهُ، فَسَأَلَاهَا نَفْسَهَا، قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَشْرَبَا هَذَا الْخَمْرَ، فَشَرِبَا فَسَكِرَا فَوَقَعَا عَلَيْهَا وَقَتَلَا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَفَاقَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُمَا شَيْئًا مِمَّا أَبَيْتُمَاهُ عَلَيَّ إِلَّا قَدْ فَعَلْتُمَا حِينَ سَكِرْتُمَا، فَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا".
بيان وجه الإشكال في الحديث:
ظاهر الحديث الوارد في تفسير الآية أَنَّ الله تعالى أنزل إلى الأرض ملَكين، وهما هاروت وماروت، وأنهما عصيا الله تعالى، فشربا الخمر، وحكما بالزور، وقتلا النفس المحرمة، وزنيا، وهذا الظاهر مشكل، لما فيه من القدح بعصمة الملائكة -عليهم السلام- والتي قررها القرآن الكريم في غير ما آية.
الجواب عن الإشكال:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أَنَّ الحديث لا يصح رفعه للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنَّ رفعه خطأ من بعض الرواة، والأصح أنه مما أخذه الصحابة عن مسلمة أهل الكتاب، ككعب الأحبار، وغيره.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 01:09 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (2): في نسبة الشك لإبراهيم الخليل عليه السلام:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عن أبي هريرة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذ قَالَ: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوْ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)".
بيان وجه الإشكال في الحديث:
ظاهر الحديث الشريف إثبات الشك لإبراهيم الخليل -عليه السلام- في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، وهذا الظاهر مشكل؛ لأن الشك كفر، والأنبياء معصومون منه بالإجماع.
الجواب عن الإشكال:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: هو ما ذهب إليه الجمهور من تأويل الحديث، ونفي الشك مطلقا عن إبراهيم الخليل عليه السلام، والمختار من أقوال الجمهور أنَّ معنى الحديث: أنَّ الشك لو كان متطرقا إلى إبراهيم لكنت أنا أحق به منه، ولكن لم أشك ولم يشك إبراهيم، وإنما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك تواضعا منه، وتأدبا مع إبراهيم الخليل عليه السلام.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 01:12 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (3): في بيان الزمن الذي لا ينفع فيه الإيمان:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثَلاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ".
بيان وجه الإشكال في الحديث:
استشكل جمع من العلماء حديث أبي هريرة؛ لأمرين:
الأول: أنَّ ظاهره أنَّ الإيمان لا ينفع بعد خروج الدجال، ووجه الإشكال: أنَّ وقت خروج الدجال يكون قبل زمن عيسى عليه السلام، وعليه فإنه لا ينفع الكفار إيمانهم، ولا الفساق توبتهم، عند نزول عيسى عليه السلام؛ لأن باب التوبة قد أُغلق في زمن الدجال، وقد جاء النص صريحا بأنَّ الإيمان ينفع في زمن عيسى عليه السلام، وإلا لما صار الدين واحدا، ولا كان في نزوله كبير فائدة.
الثاني: أنَّ النصوص متضافرةٌ على تفسير الآية بطلوع الشمس من مغربها، دون ذكر الدجال، أو الدابة.
الجواب عن الإشكال:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ عدم قبول التوبة مترتب على مجموع الثلاث -الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها-، فإذا اجتمعت الثلاث انقطعت التوبة، ويكون طلوع الشمس هو آخرها، وهو الذي يتحقق به عدم القبول.
ويمكن تلخيص المسألة وحصرها في خمسة أمور:
1- أنَّ المراد بـ «البعض» في الآية هو طلوع الشمس من مغربها فقط، دون غيرها.
2- أنَّ التوبة لا تنقطع إلا بطلوع الشمس من مغربها.
3- أنَّ طلوع الشمس من مغربها هو آخر الآيات الثلاث المذكورة في حديث أبي هريرة.
4- أنَّ زمن عيسى -عليه السلام- يعقب الدجال.
5- أنَّ زمن عيسى -عليه السلام- فيه خير كثير، دنيوي وأخروي، والتوبة والإيمان مقبولان فيه.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 01:14 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (4): هل وقع الشرك من آدم وحواء عليهما السلام؟
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآيتين:
عن سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَمَّا حَمَلَتْ حَوَّاءُ، طَافَ بِهَا إِبْلِيسُ، وَكَانَ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ، فَقَالَ: سَمِّيهِ عَبْدَ الْحَارِثِ؛ فَإِنَّهُ يَعِيشُ؛ فَسَمَّوْهُ عَبْدَ الْحَارِثِ، فَعَاشَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ وَأَمْرِهِ".
بيان وجه الإشكال في الحديث:
ظاهر الحديث الشريف وقوع الشرك من آدم وحواء عليهما السلام، حيث جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي وُلِدَ لهما؛ إذ عَبَّدَاهُ لغير الله، وهو الذي تفرد سبحانه بإيجاده، وهذا مشكل؛ لأن الأنبياء عليهم السلام معصومون من الشرك قبل النبوة وبعدها إجماعا.
الجواب عن الإشكال:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ الآيتين ليست في آدم وحواء -عليهما السلام- وإنما هي خطاب للمشركين من قريش وغيرهم، والمقصود بها ضرب المثل، وأنَّ هذه هي حالة المشركين، فهو سبحانه يذكر أنه خلق كل واحد منهم من نفس واحدة، وجعل من جنسها زوجها، ولما كان من طبيعة البشر حب الولد ذكر الله تعالى أنَّ هذين الزوجين كانا حريصين على أنْ يرزقا بولد صالح لينتفعا به، وأنهما قد عاهدا الله لأن آتاهما صالحاً ليكونن من الشاكرين، فلما آتاهما صالحا جعلا لله شركاء فيما آتاهما، حيث نسبا هذه النعمة لغير الله؛ وعبدا أولادهما لغير الله، ثم أخبر سبحانه أنه منزهٌ عما يُشرك به هؤلاء، وغيرهم؛ فقال: (فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)، فالآيات مراد بها ذكر الجنس لا النوع.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 01:17 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (5): في استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبي بن سلول وصلاته عليه:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عن عبد الله بن عمر قال: "لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْه، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ، فَقَالَ: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً)، وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ، قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ)".
بيان وجه الإشكال في الحديث:
في هذا الحديث إشكالان:
الأول: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- فَهِمَ من الآية أنَّ «أو» للتخيير، وأنَّ الزيادة على السبعين نافعة للمُستَغفَرِ له، وهذا مشكل؛ لأن المتبادر إلى الفهم أنَّ ذكر السبعين في الآية إنما هو للمبالغة في أنَّ الزيادة وعدمها سواء.
الثاني: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- منهيٌ عن الاستغفار للمشركين؛ فكيف جاز له أنْ يستغفر للمنافقين ويصلي عليهم، مع علمه بالنهي، والجزم بكفرهم في الآية نفسها؟
الجواب عن الإشكال:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- خُيّر بين الاستغفار وعدمه؛ فاختار الاستغفار، مع علمه بعدم نفعه، ولم يفهم من الآية قط أنَّ الزيادة على السبعين نافعة للمُستَغفَرِ له.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 01:20 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (6): في دسِّ جبريل في فم فرعون من حال البحر:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ قَالَ: (آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ) فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، فَلَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ".
بيان وجه الإشكال في الحديث:
أُورِدَ على الحديث عدة إشكالات:
الأول: أنه لا يجوز لجبريل -عليه السلام- أنْ يمنع فرعون من التوبة، بل يجب عليه أنْ يُعينه على التوبة وعلى كل طاعة.
الثاني: أنه لو منعه من التوبة لكان قد رضي ببقائه على الكفر، والرضا بالكفر كفر.
الثالث: أنه لا يليق بجلال الله أنْ يأمر جبريل بأنْ يمنعه من الإيمان.
الرابع: أَنَّ الإيمان يصح بالقلب كإيمان الأخرس، فحال البحر لا يمنعه.
الخامس: أَنَّ التوبة بعد المعاينة غير نافعة لفرعون؛ فحينئذ لا يبقى لهذا الذي نُسِبَ إلى جبريل فائدة.
الجواب عن الإشكال:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ فعل جبريل -عليه السلام- هو من باب الغضب لله تعالى، ولم يقصد في فعله هذا منع فرعون من الإيمان، وفعله هذا مأذون له فيه، بدليل إقرار الله له، والله تعالى أعلم.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 01:27 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (7): في تفسير الآيات التسع التي أعطيت لموسى عليه السلام:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قوله تعالى: "وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: "قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَقَالَ صَاحِبُهُ: لَا تَقُلْ نَبِيٌّ، إِنَّهُ لَوْ سَمِعَكَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ. فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ؛ فَقَالَ لَهُمْ: لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ، وَلَا تَسْحَرُوا، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً، وَلَا تُوَلُّوا الْفِرَارَ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً الْيَهُودَ: أَنْ لَا تَعْتَدُوا فِي السَّبْتِ، قَالَ: فَقَبَّلُوا يَدَهُ وَرِجْلَهُ؛ فَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي؟ قَالُوا: إِنَّ دَاوُدَ دَعَا رَبَّهُ أَنْ لَا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ، وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ".
بيان وجه الإشكال في الحديث:
أنَّ الآيات المذكورة في الحديث، إنما هي من الوصايا التي ذُكِرَتْ في التوراة، وليس فيها حجج على فرعون وقومه، بينما الآية صريحة بأن التسع إنما هي لإقامة الحجة والبرهان على فرعون؛ لوصفه تعالى إياها بقوله: (بَيِّنَاتٍ).
الجواب عن الإشكال:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: هو القول بضعف الحديث، وأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما سُئِلَ عن العشر الكلمات التي هي وصايا في التوراة، فاشتبهت على الراوي -وهو عبد الله بن سلمة- فظنها التسع الآيات المذكورة في آية الإسراء.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 01:38 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (8): في نسبة الكذب لإبراهيم الخليل عليه السلام:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قال الله تعالى: "قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ. قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ".
وقال تعالى: "وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ. إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ. أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ. فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ. فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عن أبي هريرة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَام قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ: ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ: قَوْلُهُ: (إِنِّي سَقِيمٌ)، وَقَوْلُهُ: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا)، وَوَاحِدَةٌ فِي شَأْنِ سَارَةَ .."، وما في معناه.
بيان وجه الإشكال في الحديث:
ظاهرُ الحديثِ الشريف أنَّ قول إبراهيم: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا)، وقوله: (إِنِّي سَقِيمٌ) كان كذبا منه عليه السلام، وهذا مشكل؛ لأن الكذب لا يجوز في حق الأنبياء عليهم السلام، إذ الرسول ينبغي أنْ يكون موثوقا به؛ ليُعلم صدق ما جاء به عن الله، ولأن الكذب المحض من جملة الكبائر، والأنبياء -عليهم السلام- معصومون منها بالإجماع.
الجواب عن الإشكال:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: هو مذهب إجراء الآيات والأحاديث على ظاهرها، وأن ما قاله إبراهيم الخليل -عليه السلام- كان كذبا على الحقيقة، وليس في فعله هذا قدح بعصمته، أو اتهام له بفعل محذور شرعي، والكذب إنما يكون مُحرّما إذا ترتب عليه مفاسد، وضياعٌ لحقوق الآخرين، وأما إذا كان لغرض شرعي، وفيه مصلحة؛ فإنه لا محذور فيه، وهذا ما قررته الشريعة.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 01:52 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (9): في الوقت الذي تكون فيه زلزلة الساعة:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا آدَمُ، فيَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ، قَالَ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الْحَامِلُ حَمْلَهَا، وَيَشِيبُ الْوَلِيدُ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ..".
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَمَّا نَزَلَتْ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) إِلَى قَوْلِهِ: (وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ذَلِكَ يَوْمَ يَقُولُ اللَّهُ لِآدَمَ ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: تِسْعُ مِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ إِلَى النَّارِ وَوَاحِدٌ إِلَى الْجَنَّةِ".
بيان وجه الإشكال في الحديث:
ظاهر الحديثين الشريفين أنَّ زلزلة الساعة المذكورة في الآية تكون يوم القيامة بعد قيام الناس من قبورهم، وقد اسْتُشْكِلَ بأنَّ ذلك الوقت لا حمل فيه ولا رضاع، فكيف يكون فيه ذهول المرضعة عما أرضعت، ووضع الحامل لحملها؟
الجواب عن الإشكال:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ الزلزلة المذكورة في الآية كائنة يوم القيامة بعد قيام الناس من قبورهم، لثبوت هذا التفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما الإشكال الوارد في الأحاديث فالأقرب هو حمل الأوصاف المذكورة فيها على المجاز، فيكون ذِكْرُ ذهول المرضعة عما أرضعت ووضع الحامل لحملها هو من باب تصوير شدة ذلك اليوم، لا أنَّ ذلك يكون حقيقة.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 02:26 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (10): في قصة الغرانيق:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قال الله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عن ابن عباس أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان بمكة؛ فقرأ سورة النجم حتى انتهى إلى قوله تعالى: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى)، فجرى على لسانه: (تلك الغرانيق العُلى، الشفاعة منها تُرتجى)، قال: فسمع ذلك مشركو مكة، فَسُرُّوا بذلك، فاشتَدَّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فأنزل الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ .. الآية".
بيان وجه الإشكال في الحديث:
ظاهر الحديث الوارد في سبب نزول الآية أنَّ الشيطان ألقى على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الجملة الباطلة التي تمدح أصنام المشركين، وهذا مشكل؛ لما فيه من القدح بعصمة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الجواب عن الإشكال:
الحق أنَّ هذه القصة باطلة، وليس فيها ما يصلح للاحتجاج به، لا سيّما في مثل هذا الأمر الخطير، الذي يمس مقام نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، والحق أنَّ الآية لا يصح في سبب نزولها شيء، وغاية ما في الآية الإخبار من الله تعالى أنَّ الشيطان يُلقي شيئا ما عند تلاوة نبي من الأنبياء، إلا أننا لا نستطيع الجزم بتعيين ذلك الشيء، ولا يَحِلُّ لنا تعيينه بناء على روايات ضعيفة لا يعتمد عليها؛ فإن ذلك من التفسير المذموم الذي حَذَّرَ منه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-.
أبو أمامة عفا الله عنه
2014-03-04, 02:39 AM
القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:
الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:
المسألة (11): في زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من زينب بنت جحش:
ذكر الآيات الواردة في المسألة:
قال الله تعالى: "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا".
ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:
عن أنس بن مالك قال: "أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَنْزِلَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، وَكَأَنَّهُ دَخَلَهُ (لَا أَدْرِي مِنْ قَوْلِ حَمَّادٍ، أَوْ فِي الْحَدِيثِ)؛ فَجَاءَ زَيْدٌ يَشْكُوهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ، قَالَ: فَنَزَلَتْ: (وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) إِلَى قَوْلِهِ: (زَوَّجْنَاكَهَ ) يَعْنِي زَيْنَبَ".
بيان وجه الإشكال في الحديث:
ظاهر هذه الرواية -وما ورد في معناها من الروايات الأخرى- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وقع منه استحسان لزينب بنت جحش، وهي في عصمة زيد، وأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان حريصا على أن يُطلقها زيد فيتزوجها هو، وهذه الرواية مشكلة؛ لما فيها من القدح بعصمة النبي -صلى الله عليه وسلم-، والنيل من مقامه الشريف.
الجواب عن الإشكال:
الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: هو ضعف القصة، وأنَّ الآية لا يصح في سبب نزولها إلا حديث أنس أنه قال: "جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ"، وهذا الحديث ليس فيه شيء مما ذُكِرَ في هذه القصة، فيجب الاقتصار عليه، وطرح ما سواه من الروايات الضعيفة.
وبهذه المشاركة تنتهي الفوائد المستخلصة من هذا الكتاب المبارك، ولله الحمد والمنة.
وأحب أن أنبه على ما نبهت عليه سابقا من أن هذه الفوائد لا تغني عن الرجوع للأصل، فمن أراد التوسع والوقوف على الأدلة والمناقشات فلا بد من الرجوع للكتاب نفسه، سواء في هذا الكتاب المبارك أو أي كتاب أقوم فيه بنفس العمل.
كما أنبه إلى أنني ما أخلص إليه من جواب لإشكال أو لتعارض أو تلخيص مسألة، فإنما هو ترجيح المؤلف دون تدخل مني.
وقد أردت بهذا أن أخرج فكرة جديدة وهي فكرة تلخيص كل مسألة من مسائل الرسالة أو الكتاب وذكر خلاصتها على غرار فكرة خلاصة الرسالة ككل. والله المستعان، وعليه التكلان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
حامد الأنصاري
2014-07-01, 07:13 PM
جزاك الله خيرا ، ما أحسن عملك ـ جعله الله في ميزان حسناتك
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.