نجوان علي
2014-01-23, 05:05 PM
يقول العبد الفقير إلى مولاه الغني، خالد بن عبد الله بن أبي بكر الأزهري، عامله الله بلطفه الخفي، وأجراه على عوائد بره الحفي: الحمد لله رافع مقام المنتصبين لنفع العبيد، الخافضين جناحهم للمستفيد، الجازمين بأن تسهيل النحو إلى العلوم من الله من غير شك ولا ترديد، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المعرب باللسان الفصيح عما في ضميره من غير غرابة ولا تنافر ولا تعقيد، وعلى آله وأصحابه أولي الفصاحة والبلاغة والتجريد، وبعد: فهذا شرح لطيف لألفاظ الآجرومية في أصول علم العربية، ينتفع به المبتدي ـــ إن شاء الله تعالى ـــ ولا يحتاج إليه المنتهي، عملته للصغار في الفن والأطفال لا للممارسين للعلم من فحول الرجال، حملني عليه شيخ الوقت والطريقة ومعدن السلوك والحقيقة، سيدي ومولاي العارف بربه العلي، سيدي الشيخ عباس الأزهري، نفعني الله ببركاته، وأعاد عليَّ وعلى المسلمين من صالح دعواته، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.{الكلام} في اصطلاح النحويين {هو اللفظ} أي: الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء، {المركب} وهو الذي تركب من كلمتين فصاعداً {المفيد} بالإسناد فائدة يحسن سكوت المتكلم عليها بحيث لا يصير السامع منتظراً لشيء آخر {بالوضع} العربي: وهو جعل اللفظ دليلاً على المعنى كما قال بعضهم، وقال جمهور الشارحين: المراد بالوضع هنا القصد، وهو أن يقصد المتكلم إفادة السامع، وهذا الخلاف له التفات إلى الخلاف في أنَّ دلالة الكلام هل هي وضعية أم عقلية؟ والأصح الثاني، فإنَّ من عرف مسمى زيد مثلاً، وعرف مسمى قائم، وسمع زيد قائم بإعرابه المخصوص، فهم بالضرورة معنى هذا الكلام؛ وهذا الحدُّ لجماعة منهم الجزولي، وحاصله يرجع إلى اعتبار أمور أربعة: اللفظ والتركيب والإفادة والوضع، مثال اجتماعها: زيد قائم، فيصدق على زيد قائم: أنه لفظ؛ لأنَّه صوت مشتمل على الزاي والياء والدال والقاف والألف والهمزة والميم، وهي بعض حروف أ ب ت ث إلى آخرها، ويصدق على زيد قائم: أنَّه مركب؛ لأنه تركَّب من كلمتين: الأولى زيد، والثانية قائم، ويصدق على زيد قائم: أنه مفيد؛ لأنه أفاد فائدة لم تكن عند السامع؛ لكون السامع كان يجهل قيام زيد، ويصدق على زيد قائم: أنه مقصود؛ لأنَّ المتكلم قصد بهذا اللفظ إفادة المخاطب، فيخرج بقوله اللفظ: الإشارة والكتابة والنصب والعقد، وتسمى الدوال الأربع ونحوُها، ويخرج بقوله المركب: المفردات كزيد، والأعداد المسرودة نحو: واحد اثنان إلى آخرها، وقيل لا حاجة إلى ذكر التركيب للاستغناء عنه بالمفيد، إذ المفيد الفائدة المذكورة لا يكون إلا مركباً، ويخرج بقوله المفيد: غير المفيد كالمركب الإضافي كعبد الله، والمزجي كبعلبك، والتقييدي كالحيوان الناطق، والإسنادي المتوقف على غيره، نحو: إن قام زيد، والمعلوم للمخاطب نحو: السماء فوقنا والأرض تحتنا، والمجعول علماً، نحو: برقَ نحره، ونحو ذلك، ويخرج بقوله بالوضع: على التفسير الأول ما ليس بعربي كالأعجمي، والمفيد بالعقل كإفادة حياة المتكلم من وراء جدار، ويخرج على التفسير الثاني كلام النائم، ومن زال عقله، ومن جرى على لسانه ما لا يقصده، ومحاكاة بعض الطيور وما أشبه ذلك، ولما كان كل مركَّب لا بدَّ له من أجزاء يتركب منها احتاج إلى ذكر أجزاء الكلام معبّراً عنها بالأقسام مجازاً ـــ كما فعله الزجّاجي في جمله ـــ فقال: {وأقسامه} أي: أجزاء الكلام من جهة تركيبه من مجموعها لا من جميعها {ثلاثة} لا رابع لها بالإجماع، ولا التفات لمن زاد رابعاً، وسمَّاه خالفة، وعنى بذلك اسم الفعل، نحو: صه، فإنه خلَفٌ عن اسكت، وهذه الثلاثة {اسم} وهو ثلاثة أقسام؛ مضمر نحو: أنا، ومظهر: كزيد، ومبهم نحو: هذا {وفعلٌ} وهو ثلاثة أقسام أيضاً ماضٍ كضرب، ومضارع كيضرب، وأمر كاضرب {وحرف جاء لمعنى} وهو ثلاثة أقسام أيضاً، حرف مشترك بين الأسماء والأفعال، نحو: هل، وحرف مختصّ بالأسماء، نحو: في، وحرف مختصٌّ بالأفعال، نحو:لم، واحترز بقوله: جاء لمعنى من حروف التهجي، إذا كانت أجزاء كلمة كزاي زيد ويائه وداله لا مطلقاً، لأنَّ حروف التهجي إذا لم تكن كذلك فهي أسماء لمعان، فجيم مثلا اسم جه، والدليل على أنها اسم قبولها لعلامات الأسماء، نحو: كتبت جيماً، وهذه الجيم أحسن من جيمك، وكذا الباقي. وإذا أردت معرفة كلٍّ من الاسم والفعل والحرف، {فالاسم} المتقدم في التقسيم {يُعرف} من قسيميه: الفعل والحرف {بالخفض} في آخره، والخفض: عبارة عن الكسرة التي تحدث عند دخول عامل الخفض، ككسرة الدال من زيد في قولك: مررت بزيد، فزيد اسم، ويعرف ذلك بكسر آخره {والتنوين}: وهو نون ساكنة تتبع آخر الاسم في اللفظ، وتفارقه في الخط، استغناءً عنها بتكرار الشكلة عند الضبط بالقلم، نحو: زيدٌ ورجلٌ وصهٍ ومسلماتٍ وحينئذٍ، فهذه أسماء لوجود التنوين في آخرها {ودخول الألف واللام} عليه في أوله نحو: الرجل والغلام، فالرجل والغلام اسمان لدخول الألف واللام في أولهما {و} دخول {حروف الخفض} في أوله أيضاً نحو: مِن الرسول، فالرسول اسم لدخول حرف الخفض عليه وهو مِن، وحاصل ما ذكره من علامات الاسم أربع: اثنتان تلحقان الاسم في آخره، وهما: الخفض والتنوين، واثنتان تدخلان عليه في أوله وهما: الألف واللام، وحروف الخفض، وعكَّس الترتيب الطبيعي؛ لطول الكلام على حروف الخفض، وعطف العلامات بالواو المفيدة لمطلق الجمع إشعاراً بأنَّ بعضها قد يجامع بعضاً في الجملة كالخفض مع التنوين أو مع الألف واللام، وقد لا يجامع كالألف واللام مع التنوين، ثم استطرد فذكر جملة من حروف الخفض فقال: {وهي} أي: حروف الخفض {مِن} بكسر الميم، ومن معانيها الابتداء {وإلى} ومن معانيها الانتهاء، ومثالهما: سرت من البصرة إلى الكوفة، فالبصرة والكوفة اسمان؛ لدخول حرف الخفض عليهما، وهو مِن في الأولى، وإلى في الثانية، {وعن} ومن معانيها المجاوزة، نحو: رميت السهم عن القوس، فالقوس اسم؛ لدخول عن عليه، {وعلى} ومن معانيها الإستعلاء، نحو: صعدت على الجبل، فالجبل اسم؛ لدخول على عليه، {وفي} ومن معانيها الظرفية، نحو: الماء في الكوز، فالكوز اسم؛ لدخول في عليه {ورُبَّ} بضم الراء، ومن معانيها التقليل، نحو: رُبَّ رجلٍ كريم لقيته، فـرجل اسم؛ لدخول رُبَّ عليه، {والباء} الموحدة، ومن معانيها التعدية، نحو: مررتُ بالوادي، فالوادي اسم؛ لدخول الباء عليه {والكاف} ومن معانيها التشبيه، نحو: زيد كالبدر، فالبدر اسم؛ لدخول الكاف عليه، {واللام} ومن معانيها الملك، نحو: المال للخليفة، فالخليفة اسم؛ لدخول اللام عليه {وحروف القَسَم} بفتح القاف والسين المهملة بمعنى اليمين، وحروف القسم من حروف الخفض، ولكن سميت حروف القسم؛ لدخولها على المقسم به، {وهي} ثلاثة: {الواو} وتختص بالظاهر، نحو: والله، والطور {والباء} الموحدة، وتدخل على الظاهر، نحو: بالله، وعلى المضمر، نحو: الله أقسم به، {والتاء} المثناة فوق، وتختص بلفظ الجلالة غالباً، نحو: تالله، وأصلها الواو، وقد تجعل هاءً، نحو: هالله لأفعلن، وقد تخلفها اللام، نحو: لله لا يؤخر الأجل، {والفِعل} بكسر الفاء {يُعرف} من قسيميه: الاسم والحرف، {بقد} الحرفية، وتدخل على الماضي، نحو: قد قام، وعلى المضارع، نحو: قد يقوم، فقام ويقوم فعلان؛ لدخول قد عليهما، بخلاف قد الإسمية فإنها مختصة بالأسماء؛ لأنها بمعنى حسب، نحو: قد زيد درهم {والسين وسوف} ويختصان بالمضارع، نحو: سيقول، وسوف يقول، فيقول: فعل مضارع لدخول السين وسوف عليه، {وتاء التأنيث الساكنة} وتختص بالماضي، نحو: قامت، {والحرف} يُعرف بأنَّه {ما لا يصلح معه دليل الاسم} أي: ما يُعرف به الاسم من الخفض والتنوين، ودخول الألف واللام وحرف الخفض، {و} ما {لا} يصلح معه {دليل الفعل} أي: ما يعرف به الفعل من قد والسين وسوف وتاء التانيث الساكنة، فعدم صلاحيته لدليل الاسم ولدليل الفعل، دليلٌ على حرفيته، ونظير ذلك كما قال ابن مالك: ج خ ح فعلامة الجيم نقطة من أسفل، وعلامة الخاء نقطة من فوق، وعلامة الحاء المهملة عدم التنقيط بالكلية. {باب الإعراب} بكسر الهمزة {الإعراب} في اصطلاح من يقول إنه معنوي {هو تغيير} أحوال {أواخر الكلم} حقيقة كآخر زيد، أو حكما كآخر يد، والمراد بتغيير الآخر تصييره مرفوعاً أو منصوباً أو مخفوضاً بعد أن كان موقوفاً قبل التركيب، والمراد بالكلم هنا: الإسم المتمكن والفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره نون الإناث، ولم تباشره نونا التوكيد {لاختلاف العوامل} متعلق بتغيير على أنه علة له، والمراد باختلاف العوامل تعاقبها على الكلم {الداخلة عليها} واحداً بعد واحد، والعوامل جمع عامل، والمراد بالعامل ما به يتقوّم المعنى المقتضي للإعراب، سواء كان ذلك العامل لفظياً أو معنوياً فالعامل اللفظي، نحو: جاء فإنه يطلب الفاعل المقتضي للرفع، ونحو: رأيت، فإنه يطلب المفعول المقتضي للنصب، ونحو: الباء فإنها تطلب المضاف إليه المقتضي هو للجرِّ، والعامل المعنوي هو الإبتداء والتجرد، والمراد بدخول العوامل مجيئها لما تقتضيه من الفاعلية والمفعولية والإضافة سواء استمرت أم حذفت، وسواء تقدمت على المعمولات كرأيت زيداً أم تأخَّرت، نحو: زيداً رأيت، وقول المكودي: إنَّ العوامل لا تكون إلاَّ قبل المعمولات، جرى على الأصل الغالب، وقول المصنف: {لفظاً أو تقديراً} حالان من تغيير، يعني أن تغيير أواخر الكلم تارةً يكون في اللفظ، نحو: يضرب زيد، ولن أكره حاتماً، ولم أذهب بعمرو, فتلفظ بالرفع في يضرب وزيد، وبالنصب في أكره وحاتماً، وبالجزم في أذهب، وبالجر في عمرو، وتارة يكون التغيير على سبيل الفرض والتقدير، وهو المنوي كما تنوي الضمة في موسى يخشى، والفتحة في لن أخشى الفتى، والكسرة في مررت بالرحى، فموسى ويخشى مرفوعان بضمة مقدرة، وأخشى والفتى منصوبان بفتحة مقدرة، والرحى مخفوض بكسرة مقدرة، وهذا هو المراد بقوله: لفظاً أو تقديراً، وأو هنا للتقسيم لا للترديد، وكيفية الإعراب اللفظي أن تقول في نحو: يضرب زيد، يضرب فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره، والعامل فيه الرفعَ التجردُ من الناصب والجازم، وزيدٌ فاعل يضرب وهو مرفوع وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره، والعامل فيه الرفعَ يضربُ، وتقول في مثل لن أكره حاتماً: لن حرف نفي ونصب واستقبال، وأكرهَ فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره، والناصب له لن، وحاتماً مفعول به وهو منصوب وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره، والناصب له أكره، وتقول في لم أذهب بعمرو: لم حرف نفي وجزم وقلب، وأذهب فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره لفظا والجازم له لم، وبعمرو جار ومجرور وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره، والجار له الباء، وكيفية الإعراب التقديري أن تقول: في مثل موسى يخشى: موسى مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، والعامل فيه الرفعَ الابتداءُ، ويخشى فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة في آخره منع من ظهورها التعذر، والعامل فيه الرفع التجرد، وفاعل يخشى مستتر فيه جوازاً تقديره: هو، وهو وفاعله جملة فعلية في محل رفع على الخبرية لموسى، والرافع لمحل الجملة الواقعة خبراً المبتدأ، وتقول في: لن أخشى الفتى، لن حرف نصب ونفي واستقبال، وأخشى فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، والفتى مفعول به وهو منصوب بأخشى، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وتقول في: مررت بالرحى: مررت فعل وفاعلُ الفعلِ مرّ، والفاعل التاء، وبالرحى جار ومجرور، والمجرور مخفوض وعلامة خفضه كسرة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، هذا إذا كانت الألف موجودة، فإن كانت محذوفة، نحو: جاء فتىً، ورأيت فتىً، ومررت بفتىً فإنك تقول في الرفع: علامة رفعه ضمة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، وفي النصب: علامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، وفي الجر: علامة جره كسرة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، وتقول فيما إذا منع من ظهور الحركة الإستثقال، نحو: جاء القاضي، فالقاضي فاعل بجاء وهو مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الإستثقال، ومررت بالقاضي: فالقاضي مجرور بالباء وعلامة جره كسرة مقدرة على الياء منع من ظهورها الإستثقال، هذا كله إذا كانت الياء موجودة، فإن كانت محذوفة، نحو: جاء قاضٍ ومررت بقاضٍ، فإنك تقول في الرفع: علامة رفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين، وفي الجر كذلك، وقس على هذه الأمثلة ما أشبهها، فحيث كان في آخر الاسم المعرب حرف صحيح أو حرف علة يُشبه الصحيح كالواو والياء الساكن ما قبلهما، كدلو وظبي فالإعراب ظاهر في آخره، وحيث كان في آخره ألف مفتوح ما قبلها كالفتى، أو ياء مكسور ما قبلها كالقاضي فالإعراب مقدر فيه، إلا أن الألف تقدر فيها الحركة تعذراً؛ لكونها لا تقبل التحريك، والياء تقدر فيها الحركة استثقالا لكونها تقبل الحركة، ولكنها ثقيلة عليها، والمراد بالألف: الألف في اللفظ ولا التفات إلى كونها تكتب ياء في مثل يخشى والفتى، فظهر أن لآخر كل من الاسم والفعل المعربين ثلاثة أحوال، وأن الانتقال من الوقف إلى الرفع، ومن الرفع إلى النصب، ومن النصب إلى غيره هو الإعراب، وأن تلك الأحوال المنتقل إليها تسمى أنواع الإعراب مجازاً، وقد بيَّنها بقوله: {وأقسامه} أي: أقسام الإعراب بالنسبة إلى الاسم والفعل {أربعة رفع ونصب} في اسم وفعل، نحو: يقوم زيد، وأن زيداً لن يقوم {وخفض} في اسم نحو: مررت بزيد {وجزم} في فعل، نحو: لم يقم، هذا على سبيل الإجمال، وأما على سبيل التفصيل {فللأسماء من ذلك} المذكور من الأقسام الأربعة {الرفع} نحو: جاء زيدٌ {والنصب} نحو: رأيت زيداً {والخفض} نحو: مررت بزيدٍ {ولا جزم فيها} أي: لا جزم في الأسماء {وللأفعال} المعربة {من ذلك} المذكور {الرفع} نحو: يقوم زيد {والنصب} نحو: لن يقومَ {والجزم} نحو: لم يقم {ولا خفض فيها} أي: لا خفض في الأفعال، والحاصل أن هذه الأقسام الأربعة ترجع إلى قسمين: قسم مشترك، وقسم مختص، فالمشترك شيئان: الرفع والنصب، والمختص شيئان: الخفض والجزم، وبيان ذلك: أن الرفع والنصب يشترك فيهما الاسم والفعل، وأن الخفض يختص بالاسم، وأن الجزم يختص بالفعل، وذلك مستفاد من كلامه؛ لأنه كرر الرفع والنصب مع الأسماء والأفعال، فعلمنا أنه مشترك بينهما، وخصَّ الأسماء بالخفض ونفى عنها الجزم، وخص الأفعال بالجزم ونفى عنها الخفض، ثم لكل من الرفع و النصب والخفض والجزم علامات لابد من معرفتها، فلذلك أعقبها بقوله:
{باب معرفة علامات الإعراب} أقسام {الإعراب} التي هي الرفع والنصب والخفض والجزم {للرفع} من حيث هو {أربع علامات: الضمة} على الأصل {والواو والألف والنون} نيابة عن الضمة، وقدم الضمة لأصالتها، وثنى بالواو لكونها تنشأ عن الضمة إذا أشبعت فهي بنتها، وثلَّث بالألف لأنها أخت الواو في المد واللين، وختم بالنون لضعف شبهها بحروف العلة في الغنة عند سكونها، ولكل واحدة من هذه العلامات الأربع مواضع تختص بها، {فأما الضمة فتكون علامة للرفع في أربعة مواضع} الأول {في الاسم المفرد} سواء كان لمذكر نحو: جاء زيد والفتى والقاضي، أو لمؤنث نحو: جاءت هند وحبلى {و} الثاني {في جمع التكسير} سواء كان لمذكر نحو: جاء الرجال والأسارى، أو لمؤنث نحو: جاءت الهنود والعذارى، والمراد بجمع التكسير ما تغير فيه بناء مفرده وهو ستة أقسام، الأول: التغيير بالزيادة على المفرد من غير تغيير شكل، نحو: صنو وصنوان، الثاني: التغيير بالنقص عن المفرد من غير تغيير شكل، نحو: تُخْمَة و تُخَمٌ، الثالث: التغيير بتبديل الشكل من غير زيادة ولا نقص، نحو: أَسَدٌ و أُسْدٌ، الرابع: التغيير بالزيادة على المفرد مع تغيير الشكل كرجل و رجال، الخامس: التغيير بالنقص عن المفرد مع تغيير الشكل كرسول ورُسل، السادس: التغيير بالزيادة والنقص وتغيير الشكل، نحو: غلام وغلمان، فهذه كلها ترفع بالضمة. {و} الموضع الثالث {في جمع المؤنث السالم} وهو ما جمع بألف وتاء مزيدتين نحو: جاءت الهندات، وتقييد الجمع بالتأنيث والسلامة جرى على الغالب، وإلا فقد يكون جمعاً لمذكر، نحو: اصطبلات جمع إصطبل، وقد يكون مكسراً، نحو: حبليات جمع حبلى، {و} الرابع {في الفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شىء} مما يوجب بناءه كنون النسوة، نحو: يتربصن، أو نون التوكيد، نحو: ليسجننَّ وليكوناً، أو ينقل إعرابه كألف الإثنين نحو: يضربان، أو واو الجمع نحو: يضربون، او ياء المخاطبة، نحو: تضربين، ومثال الفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شىء من ذلك، نحو: يضرب ويخشى، {وأما الواو فتكون علامة للرفع في موضعين} الأول {في جمع المذكر السالم} نحو: جاء الزيدون، وسمي سالماً؛ لسلامة بناء المفرد فيه مع قطع النظر عن زيادة الواو والنون رفعاً أو الياء والنون نصباً وجراً، {و} الموضع الثاني {في الأسماء الخمسة وهي أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو مال} نحو: هذا أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو مال، فترفع بالواو نيابة عن الضمة، واستغنى عن اشتراط كونها مفردة مكبرة مضافة لغير ياء المتكلم لكونه ذكرها كذلك، واسقط المصنف الهَنَّ، تبعا للفراء والزجاجي؛ لأن إعرابه بالحروف لغةٌ قليلة {وأما الألف فـتكون علامة للرفع في تثنية الأسماء خاصة} نحو: جاء الزيدان، فالزيدان فاعل وهو مرفوع وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة {وأما النون فتكون علامة للرفع في الفعل المضارع إذا اتصل به ضمير تثنية} وهو الألف نحو: يضربان وتضربان، بالتحتانية والفوقانية {أو ضمير جمع} لمذكر، وهو الواو، نحو: يضربون و تضربون بالتحتانية والفوقانية {أو ضمير المؤنثة المخاطبة} وهي الياء التحتانية، نحو: تضربين، وتسمى الأفعال الخمسة وهي مرفوعة وعلامة رفعها ثبوت النون نيابة عن الضمة، {وللنصب} من حيث هو {خمس علامات الفتحة والألف والكسرة والياء وحذف النون} قدم الفتحة؛ لأنها الأصل، وأعقبها بالألف؛ لأنها تنشأ عنها، وثلث بالكسرة؛ لأنها أخت الفتحة في التحريك، وأعقبها بالياء لأنهَّا بنت الكسرة، وختم بحذف النون؛ لبعد المشابهة فيها، ولكل من هذه العلامات الخمس مواضع تخصُّها {فأما الفتحة فتكون علامة للنصب في ثلاثة مواضع} الأول {في الاسم المفرد} نحو: رأيت زيداً، وعبد الله والفتى، {و} الموضع الثاني في {جمع التكسير} نحو: رأيت الزيود والهنود والأسارى والعذارى {و} الموضع الثالث في {الفعل المضارع إذا دخل عليه ناصب ولم يتصل بآخره شىء} مما تقدم في علامات الرفع نحو: لن يضرب ولن يخشى، {وأما الألف فتكون علامة للنصب في الأسماء الخمسة} المتقدمة في علامات الرفع {نحو: رأيت أباك وأخاك} فأباك وأخاك منصوبان برأيت وعلامة نصبهما الألف نيابة عن الفتحة {وما أشبه ذلك} من نحو: رأيت حماك وفاك وذا مال {وأما الكسرة فتكون علامة للنصب في جمع المؤنث السالم} نحو: خلق الله السموات، فالسموات مفعول به، وقيل مفعول مطلق، وهو منصوب بخلق، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم {وأما الياء فتكون علامة للنصب في التثنية} نحو: رأيت الزيدين، فالزيدين منصوب برأيت وعلامة نصبه الياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها نيابة عن الفتحة، لأنه مثنى {و} في {الجمع} المذكر السالم، نحو: رأيت العمرين، فالعمرين منصوب برأيت وعلامة نصبه الياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها نيابة عن الفتحة، لأنه جمع مذكر سالم، وأطلق الجمع لكونه على حد المثنى فإنه إذا ذكر الجمع مع المثنى انصرف إلى جمع المذكر السالم؛ لأنه أخوه في الإعراب بالحروف، {وأما حذف النون فيكون علامة للنصب في الأفعال الخمسة التي رفعها بثبات النون} وتقدم أنها كل فعل مضارع اتصل به ضمير تثنية نحو: لن يفعلا ولن تفعلا، أو ضمير جمع نحو: لن يفعلوا ولن تفعلوا، أو ضمير المؤنثة المخاطبة نحو: لن تفعلي، فهذه منصوبة بلن وعلامة نصبها حذف النون نيابة عن الفتحة، {وللخفض} من حيث هو {ثلاث علامات: الكسرة والياء والفتحة} بدأ بالكسرة لأنها الأصل، وثنى بالياء لأنها بنتها، وختم بالفتحة؛ لأنها أخت الكسرة في التحريك، ولكل واحدة من هذه العلامات الثلاث مواضع تخصها {فأما الكسرة فتكون علامة للخفض في ثلاثة مواضع} الأول {في الاسم المفرد المنصرف} وهو الاسم المتمكن الأمكن، نحو: مررت بزيد، وسمي منصرفاً؛ لدخول تنوين الصرف عليه، وهو المسمى تنوين التمكين {و} الثاني في {جمع التكسير المنصرف} نحو: مررت بزيود وهنود، وسيأتي أنَّ غير المنصرف يخفض بالفتحة {و} الثالث في {جمع المؤنث السالم} ولا يكون إلا منصرفاً، نحو: مررت بالهندات إذا لم يكن علماً، فإن كان علماً جاز فيه الصرف وعدمه، {وأما الياء فتكون علامة للخفض في ثلاثة مواضع} الأول {في الأسماء الخمسة} المعتلة المضافة، نحو: مررت بأبيك وأخيك وحميك وفيك وذي مال، فهذه مخفوضة بالباء الموحدة وعلامة خفضها الياء نيابة عن الكسرة {و} الثاني {في التثنية} مطلقاً، نحو: مررت بالزيدين والهندين، فالزيدين والهندين مخفوضان بالباء الموحدة وعلامة خفضهما الياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها نيابة عن الكسرة {و} الثالث في {الجمع} المذكر السالم نحو: مررت بالزيدين فالزيدين مخفوض بالباء الموحدة وعلامة خفضه الياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها نيابة عن الكسرة {وأما الفتحة فتكون علامة للخفض في الاسم الذي لا ينصرف} وهو ما كان على صيغة منتهى الجموع نحو: مررت بمساجد ومصابيح، أو كان مختوما بألف التأنيث الممدودة كصحراء، أو المقصورة كحبلى، أو كان فيه العلمية والتركيب المزجي نحو: معد يكرب، أو العلمية والتأنيث، نحو: زينب وفاطمة، أو العلمية والعجمة نحو: إبراهيم، أو العلمية ووزن الفعل، نحو: أحمد ويزيد، أو العلمية وزيادة الألف والنون نحو: عثمان، أو العلمية والعدل نحو: عمر، أو كان فيه الوصف والعدل، نحو: مثنى وثلاث ورباع، أو الوصف ووزن الفعل، نحو: أفضل، أو الوصف وزيادة الألف والنون كسكران، ولها شروط تطلب من المطولات، فهذه كلها تخفض بالفتحة نيابة عن الكسرة مالم تضف أو تتل أل، فإنها حينئذ تخفض بالكسرة على الأصل، نحو: مررت بأفضلكم وبالأفضل، {وللجزم علامتان: السكون} وهو حذف الحركة {والحذف} وهو سقوط حرف العلة أو نون الرفع للجازم، واحترزت بقولي للجازم من نحو: سندع الزبانية، فإن الواو حذفت في الخط تبعاً لحذفها في اللفظ؛ لالتقاء الساكنين، ومن نحو: لتبلون، فإن النون حذفت لتوالي النونات، ولكل من السكون والحذف مواضع تختص به {فأما السكون فيكون علامة للجزم في الفعل المضارع الصحيح الآخر} إذا دخل عليه جازم ولم يتصل بآخره شيء، نحو: لم يضرب، فيضرب مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون، والمراد بالصحيح الآخر: مالم يكن في آخره ألف ولا واو ولا ياء {وأما الحذف فيكون علامة للجزم} في موضعين: الأول {في الفعل المضارع المعتل الآخر} وهو ما كان في آخره حرف علة، نحو: لم يدع ولم يخش ولم يرم، فيدع ويخش ويرم أفعال مجزومة بلم، وعلامة جزمها حذف حرف العلة من آخرها نيابة عن السكون، فالمحذوف من آخر يدع الواو والضمة قبلها دليل عليها، والمحذوف من آخر يخش الألف والفتحة قبلها دليل عليها، والمحذوف من آخر يرم الياء والكسرة قبلها دليل عليها {و} الموضع الثاني {في الأفعال} الخمسة {التي رفعها بثبات النون} وهي كل فعل مضارع اتصل به ضمير تثنية، نحو: لم يضربا ولم تضربا، أو ضمير جمع المذكر، نحو:لم يضربوا ولم تضربوا، أو ضمير المؤنثة المخاطبة نحو: لم تضربي، فهذه الأفعال الخمسة مجزومة بلم وعلامة جزمها حذف النون نيابة عن السكون.
{باب معرفة علامات الإعراب} أقسام {الإعراب} التي هي الرفع والنصب والخفض والجزم {للرفع} من حيث هو {أربع علامات: الضمة} على الأصل {والواو والألف والنون} نيابة عن الضمة، وقدم الضمة لأصالتها، وثنى بالواو لكونها تنشأ عن الضمة إذا أشبعت فهي بنتها، وثلَّث بالألف لأنها أخت الواو في المد واللين، وختم بالنون لضعف شبهها بحروف العلة في الغنة عند سكونها، ولكل واحدة من هذه العلامات الأربع مواضع تختص بها، {فأما الضمة فتكون علامة للرفع في أربعة مواضع} الأول {في الاسم المفرد} سواء كان لمذكر نحو: جاء زيد والفتى والقاضي، أو لمؤنث نحو: جاءت هند وحبلى {و} الثاني {في جمع التكسير} سواء كان لمذكر نحو: جاء الرجال والأسارى، أو لمؤنث نحو: جاءت الهنود والعذارى، والمراد بجمع التكسير ما تغير فيه بناء مفرده وهو ستة أقسام، الأول: التغيير بالزيادة على المفرد من غير تغيير شكل، نحو: صنو وصنوان، الثاني: التغيير بالنقص عن المفرد من غير تغيير شكل، نحو: تُخْمَة و تُخَمٌ، الثالث: التغيير بتبديل الشكل من غير زيادة ولا نقص، نحو: أَسَدٌ و أُسْدٌ، الرابع: التغيير بالزيادة على المفرد مع تغيير الشكل كرجل و رجال، الخامس: التغيير بالنقص عن المفرد مع تغيير الشكل كرسول ورُسل، السادس: التغيير بالزيادة والنقص وتغيير الشكل، نحو: غلام وغلمان، فهذه كلها ترفع بالضمة. {و} الموضع الثالث {في جمع المؤنث السالم} وهو ما جمع بألف وتاء مزيدتين نحو: جاءت الهندات، وتقييد الجمع بالتأنيث والسلامة جرى على الغالب، وإلا فقد يكون جمعاً لمذكر، نحو: اصطبلات جمع إصطبل، وقد يكون مكسراً، نحو: حبليات جمع حبلى، {و} الرابع {في الفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شىء} مما يوجب بناءه كنون النسوة، نحو: يتربصن، أو نون التوكيد، نحو: ليسجننَّ وليكوناً، أو ينقل إعرابه كألف الإثنين نحو: يضربان، أو واو الجمع نحو: يضربون، او ياء المخاطبة، نحو: تضربين، ومثال الفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شىء من ذلك، نحو: يضرب ويخشى، {وأما الواو فتكون علامة للرفع في موضعين} الأول {في جمع المذكر السالم} نحو: جاء الزيدون، وسمي سالماً؛ لسلامة بناء المفرد فيه مع قطع النظر عن زيادة الواو والنون رفعاً أو الياء والنون نصباً وجراً، {و} الموضع الثاني {في الأسماء الخمسة وهي أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو مال} نحو: هذا أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو مال، فترفع بالواو نيابة عن الضمة، واستغنى عن اشتراط كونها مفردة مكبرة مضافة لغير ياء المتكلم لكونه ذكرها كذلك، واسقط المصنف الهَنَّ، تبعا للفراء والزجاجي؛ لأن إعرابه بالحروف لغةٌ قليلة {وأما الألف فـتكون علامة للرفع في تثنية الأسماء خاصة} نحو: جاء الزيدان، فالزيدان فاعل وهو مرفوع وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة {وأما النون فتكون علامة للرفع في الفعل المضارع إذا اتصل به ضمير تثنية} وهو الألف نحو: يضربان وتضربان، بالتحتانية والفوقانية {أو ضمير جمع} لمذكر، وهو الواو، نحو: يضربون و تضربون بالتحتانية والفوقانية {أو ضمير المؤنثة المخاطبة} وهي الياء التحتانية، نحو: تضربين، وتسمى الأفعال الخمسة وهي مرفوعة وعلامة رفعها ثبوت النون نيابة عن الضمة، {وللنصب} من حيث هو {خمس علامات الفتحة والألف والكسرة والياء وحذف النون} قدم الفتحة؛ لأنها الأصل، وأعقبها بالألف؛ لأنها تنشأ عنها، وثلث بالكسرة؛ لأنها أخت الفتحة في التحريك، وأعقبها بالياء لأنهَّا بنت الكسرة، وختم بحذف النون؛ لبعد المشابهة فيها، ولكل من هذه العلامات الخمس مواضع تخصُّها {فأما الفتحة فتكون علامة للنصب في ثلاثة مواضع} الأول {في الاسم المفرد} نحو: رأيت زيداً، وعبد الله والفتى، {و} الموضع الثاني في {جمع التكسير} نحو: رأيت الزيود والهنود والأسارى والعذارى {و} الموضع الثالث في {الفعل المضارع إذا دخل عليه ناصب ولم يتصل بآخره شىء} مما تقدم في علامات الرفع نحو: لن يضرب ولن يخشى، {وأما الألف فتكون علامة للنصب في الأسماء الخمسة} المتقدمة في علامات الرفع {نحو: رأيت أباك وأخاك} فأباك وأخاك منصوبان برأيت وعلامة نصبهما الألف نيابة عن الفتحة {وما أشبه ذلك} من نحو: رأيت حماك وفاك وذا مال {وأما الكسرة فتكون علامة للنصب في جمع المؤنث السالم} نحو: خلق الله السموات، فالسموات مفعول به، وقيل مفعول مطلق، وهو منصوب بخلق، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم {وأما الياء فتكون علامة للنصب في التثنية} نحو: رأيت الزيدين، فالزيدين منصوب برأيت وعلامة نصبه الياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها نيابة عن الفتحة، لأنه مثنى {و} في {الجمع} المذكر السالم، نحو: رأيت العمرين، فالعمرين منصوب برأيت وعلامة نصبه الياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها نيابة عن الفتحة، لأنه جمع مذكر سالم، وأطلق الجمع لكونه على حد المثنى فإنه إذا ذكر الجمع مع المثنى انصرف إلى جمع المذكر السالم؛ لأنه أخوه في الإعراب بالحروف، {وأما حذف النون فيكون علامة للنصب في الأفعال الخمسة التي رفعها بثبات النون} وتقدم أنها كل فعل مضارع اتصل به ضمير تثنية نحو: لن يفعلا ولن تفعلا، أو ضمير جمع نحو: لن يفعلوا ولن تفعلوا، أو ضمير المؤنثة المخاطبة نحو: لن تفعلي، فهذه منصوبة بلن وعلامة نصبها حذف النون نيابة عن الفتحة، {وللخفض} من حيث هو {ثلاث علامات: الكسرة والياء والفتحة} بدأ بالكسرة لأنها الأصل، وثنى بالياء لأنها بنتها، وختم بالفتحة؛ لأنها أخت الكسرة في التحريك، ولكل واحدة من هذه العلامات الثلاث مواضع تخصها {فأما الكسرة فتكون علامة للخفض في ثلاثة مواضع} الأول {في الاسم المفرد المنصرف} وهو الاسم المتمكن الأمكن، نحو: مررت بزيد، وسمي منصرفاً؛ لدخول تنوين الصرف عليه، وهو المسمى تنوين التمكين {و} الثاني في {جمع التكسير المنصرف} نحو: مررت بزيود وهنود، وسيأتي أنَّ غير المنصرف يخفض بالفتحة {و} الثالث في {جمع المؤنث السالم} ولا يكون إلا منصرفاً، نحو: مررت بالهندات إذا لم يكن علماً، فإن كان علماً جاز فيه الصرف وعدمه، {وأما الياء فتكون علامة للخفض في ثلاثة مواضع} الأول {في الأسماء الخمسة} المعتلة المضافة، نحو: مررت بأبيك وأخيك وحميك وفيك وذي مال، فهذه مخفوضة بالباء الموحدة وعلامة خفضها الياء نيابة عن الكسرة {و} الثاني {في التثنية} مطلقاً، نحو: مررت بالزيدين والهندين، فالزيدين والهندين مخفوضان بالباء الموحدة وعلامة خفضهما الياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها نيابة عن الكسرة {و} الثالث في {الجمع} المذكر السالم نحو: مررت بالزيدين فالزيدين مخفوض بالباء الموحدة وعلامة خفضه الياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها نيابة عن الكسرة {وأما الفتحة فتكون علامة للخفض في الاسم الذي لا ينصرف} وهو ما كان على صيغة منتهى الجموع نحو: مررت بمساجد ومصابيح، أو كان مختوما بألف التأنيث الممدودة كصحراء، أو المقصورة كحبلى، أو كان فيه العلمية والتركيب المزجي نحو: معد يكرب، أو العلمية والتأنيث، نحو: زينب وفاطمة، أو العلمية والعجمة نحو: إبراهيم، أو العلمية ووزن الفعل، نحو: أحمد ويزيد، أو العلمية وزيادة الألف والنون نحو: عثمان، أو العلمية والعدل نحو: عمر، أو كان فيه الوصف والعدل، نحو: مثنى وثلاث ورباع، أو الوصف ووزن الفعل، نحو: أفضل، أو الوصف وزيادة الألف والنون كسكران، ولها شروط تطلب من المطولات، فهذه كلها تخفض بالفتحة نيابة عن الكسرة مالم تضف أو تتل أل، فإنها حينئذ تخفض بالكسرة على الأصل، نحو: مررت بأفضلكم وبالأفضل، {وللجزم علامتان: السكون} وهو حذف الحركة {والحذف} وهو سقوط حرف العلة أو نون الرفع للجازم، واحترزت بقولي للجازم من نحو: سندع الزبانية، فإن الواو حذفت في الخط تبعاً لحذفها في اللفظ؛ لالتقاء الساكنين، ومن نحو: لتبلون، فإن النون حذفت لتوالي النونات، ولكل من السكون والحذف مواضع تختص به {فأما السكون فيكون علامة للجزم في الفعل المضارع الصحيح الآخر} إذا دخل عليه جازم ولم يتصل بآخره شيء، نحو: لم يضرب، فيضرب مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون، والمراد بالصحيح الآخر: مالم يكن في آخره ألف ولا واو ولا ياء {وأما الحذف فيكون علامة للجزم} في موضعين: الأول {في الفعل المضارع المعتل الآخر} وهو ما كان في آخره حرف علة، نحو: لم يدع ولم يخش ولم يرم، فيدع ويخش ويرم أفعال مجزومة بلم، وعلامة جزمها حذف حرف العلة من آخرها نيابة عن السكون، فالمحذوف من آخر يدع الواو والضمة قبلها دليل عليها، والمحذوف من آخر يخش الألف والفتحة قبلها دليل عليها، والمحذوف من آخر يرم الياء والكسرة قبلها دليل عليها {و} الموضع الثاني {في الأفعال} الخمسة {التي رفعها بثبات النون} وهي كل فعل مضارع اتصل به ضمير تثنية، نحو: لم يضربا ولم تضربا، أو ضمير جمع المذكر، نحو:لم يضربوا ولم تضربوا، أو ضمير المؤنثة المخاطبة نحو: لم تضربي، فهذه الأفعال الخمسة مجزومة بلم وعلامة جزمها حذف النون نيابة عن السكون.