مشاهدة النسخة كاملة : فقه البلدان وعلل الحديث
أبو عبيدة الكاتب
2014-01-04, 06:48 PM
*الحديث إذا تسلسل إسناده في بلد من البلدان، والعمل على خلافه، فهذا من أمارات النكارة؛ لأن الحديث إذا كان مرفوعاً عندهم عن النبي عليه الصلاة والسلام لابد أن يحدث انشقاقاً في المدرسة الفقهية. فإذا وُجد فيهم ينقله راوي عن راوي آخر من طبقات متعددة، ثم لا يوجد قول يوافق ذلك الحديث، دلّ على أن الحديث وهم وغلط، وأن الوهم متأخر أيضاً. ولهذا جعلنا الوهم هنا في طبقة العلاء بن صالح ، وذلك لمخالفته لمن هو أوثق منه.
-من المواضع:معرفة فقه الراوي وأهل بلده، أن الراوي ربما روى حديثاً يوافق قوله. ولكن هذا الحديث يخالف ما عليه أشياخ ذلك الراوي، وهذا يوجد كثيراً في المدرسة الكوفية. هذا أيضا من مواضع النكارة لماذا؟ لأن المدرسة الكوفية لديها ميل إلى الرأي، وتجوّز في ترك الحديث والعمل برأي الأشياخ، بخلاف مدرسة المدينة، فمدرسة المدينة يتشبتون بالنص ولو خالف قول الشيخ.
ولهذا قد نعل بهذه القرينة حديثاً كوفياً، ولا نعله في المدينة، باعتبار أن أهل المدينة يتمسكون بالحديث ولو خالف قول الأشياخ.
ولهذا من الأمور المهمة في أبواب العلل، أن طالب العلم إذا أراد أن ينظر إلى إسناد من الأسانيد، أن ينظر إلى فقه الراوي، وفقه شيخه ليس في هذا الحديث، في غيره ممن أخذ عنه الفقه، ممن أخذ عنه الفقه
*وكذلك أيضاً من القرائن، أن الراوي إذا تفرد بحديث يخالف قول أشياخه، ولكن هذا الحديث يرويه عن شيخ ليس من أهل بلده -كأن يروي الكوفي حديثاً عن مدني يخالف قول الكوفيين، وهو يقول بهذا الحديث ويخالف في ذلك أشياخه- نقول حينئذ هذا الحديث يُصحح، لماذا؟ لأنه جاءه من بلد آخر، وربما لم يعلم به أشياخه؛ لأنه جاء بعد زمنهم.
ولهذا الذي يدرس الأحاديث منفكة عن فقه الرواة، أو فقه أهل البلدان الذين يدور الإسناد عليهم، هذا يكون لديه ترجيح لكثير من الأحاديث الشاذة، التي يخالف فيها أهل العلم من النقاد.
أبو عبيدة الكاتب
2014-01-04, 06:48 PM
الأصول الظاهرة التي يحتاج إليها لا بد ان ترجع إلى المدينة:
الحديث الذي يطوف الآفاق، وهو من الأصول الظاهرة التي يُحتاج إليها ، فإنه لابد أن يرجع إلى المدينة. فإذا كانت المسألة ظاهرة عند المكيين والمدنيين على سبيل القوة والوفرة، ولم يرد عندهم في أقوالهم ذلك الحديث الذي يروى في غير بلدهم، فإن هذا من قرائن الضعف، وعدم الاعتبار بذلك الخبر.
أبو عبيدة الكاتب
2014-01-04, 06:49 PM
إعلال خبر الراوي الفقيه إذا خالف رأيه
ينبغي لطالب العلم إذا وقف على إسناد، أن ينظر في الرواة من منهم الفقيه. فإذا كان فيهم فقيه، رجع إلى فقهه ليقارنه بالمتضمن في هذا المتن. فإذا كان ذلك المتن يدل على معنى من المعاني، ووجد الفقيه يفتي به، فهذا من قرائن تقوية الحديث. كما أن المخالفة من قرائن التعليل.
فإن قيل : قد يخالف الفقيه من السلف الحديث للمُعارِض الراجح؟
فالجواب أن المعارض الراجح لابد أن يُعلم؛ لأن هذه مسائل دينية، ولابد أن تظهر. ولو لم يبينه، أظهره غيره. فلم نلجأ لإعلال الحديث المرفوع بمخالفة راويه له إلا وقد قصرنا عن وجود حديث يخالف ذلك الحديث حتى يعلّه؛ إما أن يكون ناسخا، أو مخصصا له، أو مقيدا لعمومه، أو أثر صحابي أيضاً أقوى من قول التابعي فيعل ويبيّن.
أبو عبيدة الكاتب
2014-01-04, 06:50 PM
عمل فقهاء البلدان على خلاف حديث يروى ببلدهم قرينة على التعليل
*الحديث إذا وُجد في بلد، فإن الأصل في كبار فقهائه أنهم يعملون به، وإذا وُجد الحديث قريباً منهم، ثم لم يأخذوا به، دلّ هذا على عدم القطع بصحته مرفوعاً إلى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _.فلا بد من النظر في الإسناد ودخوله للبلدان. فإذا كان الإسناد بصري، فينظر في فقه البصريين. وإذا كان الإسناد كوفي، فينظر في فقه الكوفيين. وإذا كان الإسناد مدني، فينظر في فقه المدنيين.
* من قرائن الإعلال أن طالب العلم ينظر في أبواب فقه ذلك البلد الذي جاء فيه الإسناد. الإسناد هذا مدني، ولما كان هذا العمل يُنسب إلى غيرهم مع الحاجة إليه، فإن هذا من قرائن الإعلال.
أبو عبيدة الكاتب
2014-01-04, 06:51 PM
الأحاديث الكوفية يكثر فيها الغلط :
*أهل الكوفة يتساهلون في رفع الموقوفات، في رواية الأحاديث بالمعنى، وفيهم العجم، والعجم يميلون إلى إحسان الظن بأعمال الصحابة، فيجعلون الموقوف مرفوعاً.
فتمييزهم لمثل ذلك، يختلف عن تمييز غيرهم من أهل الحجاز كمكة والمدينة، فإنهم يميّزون أن بعض الصحابة ربما اجتهد في مسألة من المسائل، فقال بقول لم يقل به أحد غيره، فكان ذلك من باب الاجتهاد، بخلاف العجم الذين يظنون أن كل فعل يفعله الصحابة مسند.
ولهذا تجد العجم حتى المتأخرين، يجعلون أعمال العرب على أنها سنن، وأن مثل هذا لابد أن يكون على أثر، وهذا بعد قرون مديدة، فكيف إذا كان ذلك يروى وبينهم وبين الصحابي راوي أو راويين أو نحو ذلك؟!
وهذا من أسباب رفع الموقوفات عند الكوفيين؛ وذلك لأن أكثر أهل الكوفة ليسوا من العرب؛ وإنما إما أن يكونوا موالي، أو ربما من قبائل غير العرب، فاستعربوا فدخلوا في أبواب العلم، ورووا عن جماعة من الصحابة، ورفعوا كثير من الموقوفات، وربما رووا شيئاً من المعاني بخلاف ما قصده ذلك الراوي.
**الأحاديث المسلسلة بالكوفيين، يرد فيها الوهم والغلط من جهة الرفع ومن جهة الرواية بالمعنى، لأن الكوفي ممن يترخص في رواية الحديث بالمعنى. وإذا روى عنه غيره مثله ثم مثله، فيزيد بذلك احتمال رواية الحديث بالمعنى، وكذلك احتمال الرفع. فالمسلسل في الكوفيين هو من الإعلال. كما أن من قرائن القوة أن تسلسل الأحاديث بالمدنيين، وبالمكيين.
وكثير من الذين يتكلمون في الأحاديث وتخريجها ونحو ذلك، لا ينظرون إلى أمثال هذه المسائل، فيقعون في شيء من الوهم والغلط، وربما استنكروا كلام الأئمة في حكمهم على الأحاديث.
أبو عبيدة الكاتب
2014-01-04, 06:54 PM
ينبغي لطالب العلم أن يكون محيطاً في أبواب الفقهيات:
ونلمس كثيراً حتى عند الفقهاء من المشهورين من المتأخرين، من يتكلم على حديث من الأحاديث على سبيل الانفراد، ولا يُلحِق ذلك بفقهيات السلف، حتى يستنبط علّة أو لا يستنبط علة.
ومن المحدثين أيضاً من يقع في مثل هذا وهو أظهر من الفقهاء في هذا الأمر، حينما يقع أو يتكلم في حديث على سبيل الانفراد وهو يجهل المرويات في هذا الباب.
لهذا أبواب السبر في أمور مسائل الديانة من المسائل المهمة أن يسبر حديث الباب في ذاته، وهذا هو الأهم ثم يتوسع في ذلك. وكلما كان من أهل التوسع في أبواب الديانة، استطاع أن يحكم على حديث من الأحاديث. وربما كانت القرائن في هذا أظهر وأبعد من هذا.
أبو عبيدة الكاتب
2014-01-04, 06:55 PM
فيصل مهم في الحكم على الأحاديث بين نقاد الحديث وغيرهم:
الأئمة قاموا بالسبر التام في أبواب الفقه، وأبواب الرجال، وأبواب المتون. فعرفوا الحديث وهل هو فرد أم ليس بفرد، فصح عندهم الخبر أولم يصح.
وهذه المسألة من أظهر المسائل التي يجهلها عامة المتأخرين، وهي فيصل بين أحكام كثير من الأئمة الأوائل، وبين كثير من المتأخرين.
وكثير من طلاب العلم لا يستبين الخلاف في أمثال هذه المسائل؛ لأنه لم يمكن نفسه أن ينظر في أبواب الفقهيات؛ بل لم يكن لديه مبادئ التفريق بين الرواة أن هذا راوي له دراية، وهذا راوي ليس له دراية. فهذا الأصل ليس موجوداً في ذهنه،
فهو غاية ما يعرف من هذا الراوي أنه ثقة، وأدرك فلان، وهو من أخص تلاميذه أو ليس من أخص تلاميذه. وأما أبواب الدراية، فهذا ليس من نظره.
انتهى
وهذه الفوائد متناثرة في دروس الشيخ في الأحاديث المعلة
أبو زُرعة الرازي
2014-01-04, 07:12 PM
الأخ الحبيب الغالي / أبو عبيدة الكاتب - نفع الله بك - .
أولاً لقد اشتقنا لحضوركم ورؤيتكم - سلمك الله - ، ثانياً باركك الله فيك ونفع الله بك
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.