تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دعوة لمدارسة أصول الفقه من خلال متن البداية للشيخ وحيد بالي



محمد طه شعبان
2013-12-20, 09:58 PM
وهذا هو المتن بصيغة pdf
9325

محمد طه شعبان
2013-12-20, 10:37 PM
قال الشيخ وحيد بالي حفظه الله:

أُصُولُ الْفِقْهِ
وَفِيهِ ثَلَاثَةُ عَشَرَ بَابًا:
الباب الأول: الْأحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّ ةُ.
الباب الثاني: الْأَحْكَامُ الْوَضْعِيَّةُ.
الباب الثالث: الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ.
الباب الرابع: الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ.
الباب الخامس: السُّنَّةُ النَّبوِيَّةُ.
الباب السادس: الْإِجْمَاعُ.
الباب السابع: الْقِياسُ.
الباب الثامن: الْأَدِلَّةُ الِاسْتِئنَاسِي َّةُ.
الباب التاسع: قَوَاعِدُ فِي فَهْمِ النُّصُوصِ الشَّرْعيَّةِ.
الباب العاشر: النَّسْخُ.
الباب الحادي عشر: التَّعَارُضُ والتَّرْجِيحُ.
الباب الثاني عشر: الِاجْتِهَادُ وَالتَّقْلِيدُ.
الباب الثالث عشر: كَيْفيَّةُ الْوصُولِ إِلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ.

الْبَابُ الْأَوَّلُ
الْأَحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّ ةُ
وَفِيهِ عَشْرَةُ ضَوَابِطَ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: الْأحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ قِسْمَانِ:
1- تَكْلِيفِيَّةٌ.
2- وَوَضْعِيَّةٌ.
الضَّابِطُ الثَّانِي: الْأحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّ ةُ خَمْسَةٌ: الْوجُوبُ، وَالِاسْتِحْبَا بُ، وَالْحُرْمَةُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْإِبَاحَةُ.
الضَّابِطُ الثَّالِثُ: الْوَاجِبُ: مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ امْتِثَالًا، وَيَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ الْعِقَابَ.
الضَّابِطُ الرَّابِعُ: الْوَاجِبُ: مُوَسَّعٌ وَمُضَيَّقٌ، وَمعَيَّنٌ وَمُخَيَّرٌ، وَكِفَائِيٌّ وَعَيْنِيٌّ، وَمُقَدَّرٌ وَغَيْرُ مُقَّدَّرٍ.
الضَّابِطُ الْخَامِسُ: الْمُسْتَحَبُّ: مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ امْتِثَالًا، وَلَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ.
الضَّابطُ السَّادِسُ: الْحَرَامُ: مَا يُثَابُ تَارِكُهُ امْتِثَالًا، وَيَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الْعِقَابَ.
الضَّابِطُ السَّابِعُ: الْحَرَامُ قِسْمَانِ:
1- حَرَامٌ لِذَاتِهِ.
2- حَرَامٌ لِكَسْبِهِ.
الضَّابِطُ الثَّامِنُ: مَا حُرِّمَ لِذَاتِهِ لَا يُبَاحُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَمَا حُرِّمَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ.
الضَّابِطُ التَّاسِعُ: الْمَكْرُوهُ: مَا يُثَابُ تَارِكُهُ امْتِثَالًا، وَلَا يُعَاقَبُ فَاعِلُهُ، وَإِنْ كَانَ مَلُومًا.
الضَّابِطُ الْعَاشِرُ: الْمُبَاحُ: مَا خُيِّرَ الْمُكَلَّفُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ.

الْبَابُ الثَّانِي
الْأَحْكَامُ الْوَضْعِيَّةُ
وَفِيهِ تِسْعَةُ ضَوَابطَ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: الْأَحْكَامُ الْوَضْعِيَّةُ خَمْسَةٌ: السَّبَبُ، وَالشَّرْطُ، وَالْمَانِعُ، وَالصِّحَّةُ، وَالْفَسَادُ.
الضَّابِطُ الثَّانِي: السَّبَبُ: مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ، وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ.
الضَّابطُ الثَّالِثُ: الشَّرْطُ: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ.
الضَّابِطُ الرَّابِعُ: الشَّرْطُ الشَّرْعِيُّ نَوْعَانِ:
1- شَرْطُ وُجُوبٍ.
2- وَشَرْطُ صِحَّةٍ.
الضَّابِطُ الْخَامِسُ: الشَّرْطُ الْجُعْلِيُّ وَاجِبُ التَّنْفِيذِ مَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا شَرْعِيًّا.
الضَّابِطُ السَّادِسُ: الْمَانِعُ: مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ.
الضَّابِطُ السَّابِعُ: الصَّحِيحُ: الْمُسْتَوفِي لِشُرُوطِهِ وَأَرْكَانِهِ، وَتَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ آثَارُهُ، وَبَرِئَتْ بِهِ الذِّمَّةُ.
الضَّابِطُ الثَّامِنُ: الْفَاسِدُ: مَا فَقَدَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِهِ، أَوْ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِهِ، أَوْ وُجِدَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهِ.
الضَّابِطُ التَّاسِعُ: الْفَاسِدُ: هُوَ الْبَاطِلُ إِلَّا فِي الْحَجِّ وَالنِّكَاحِ.

الْبَابُ الثَّالثُ
الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ
وَفِيهِ ضَابِطَانِ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ أَرْبَعَةٌ: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالْقِيَاسُ.
الضَّابِطُ الثَّانِي: الْأَدِلَّةُ الِاسْتِئْنَاسِ يَّةُ سِتَّةٌ: إِجْمَاعُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ، وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي عَصْرِ التَّابِعِينَ، وَالِاسْتِصْحَا بُ، وَالْعُرْفُ، وَالْمَصَالِحُ الْمُرْسَلَةُ.

الْبَابُ الرَّابعُ
الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ
وفِيهِ ثَلاثَةُ ضَوَابِطَ:
الضَّابِطُ الْأوَّلُ: الْقُرْآنُ: هُوَ كَلاَمُ اللهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِلَفْظِهِ الْعَرَبيِّ، الْمُتَعَبَّدُ بِتِلاَوَتِهِ، الْمَنْقُولُ بِالتَّوَاتُرِ، الْمَكْتُوبُ فِي الْمَصَاحِفِ.
الضَّابطُ الثَّانِي: يُحْمَلُ الْمُتَشَابِهُ عَلَى الْمُحْكَمِ، وَيُرْجَعُ فِي الْمَنْسُوخِ إِلَى حُكْمِ النَّاسِخِ.
الضَّابِطُ الثَّالِثُ: الْقِرَاءَاتُ الشَّاذَّةُ لَيْسَتْ قُرْءَانًا، وَلَكِنْ تَصِحُّ تَفْسِيرًا.

الْبَابُ الْخَامِسُ
السُنَّةُ النَّبَوِيَّةُ
وَفِيهِ سَبْعَةُ ضَوَابطَ:
الضَّابطُ الْأَوَّلُ: السُنَّةُ: مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ تَقْرِيرٍ.
الضَّابطُ الثَّاني: مَا تَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ وُجُودِ المُقْتَضِي وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ فَتَرْكُهُ سُنَّةٌ.
الضَّابِطُ الثَّالِثُ: السُّنَّةُ تُفَصِّلُ مُجْمَلَ الْقُرآنِ، وتُبَيِّنُ مُبْهَمَهُ، وَتُخَصِّصُ عُمُومَهُ، وَتُقَيِّدُ مُطْلَقَهُ، وَتُضِيفُ حُكْمًا جًدِيدًا.
الضَّابِطُ الرَّابِعُ: الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ حُجَّةٌ فِي الْعَقَائِدِ وَالْأَحْكَامِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَاتِرًا.
الضَّابِطُ الْخَامِسُ: الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: مَا اتَّصَلَ سَندُهُ، بِرِوَايَةِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنْ مِثْلِهِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، مِنْ غَيْرِ شُذُوذٍ وَلَا عِلَّةٍ.
الضَّابِطُ السَّادِسُ: الْحَدِيثُ الْحَسَنُ: مَا جَمَعَ شُرُوطَ الصَّحِيحِ وَلَكنْ خَفَّ ضَبْطُ أَحَدِ رُوَاتِهِ.
الضَّابِطُ السَّابعُ: الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ؛ مَا فَقَدَ أَحَدَ شُرُوطِ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ.

محمد طه شعبان
2013-12-20, 10:43 PM
الْبَابُ السَّادِسُ
الْإِجْمَاعُ
وَفِيهِ ضَابِطَانِ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: الْإِجْمَاعُ: اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي الْأُمَّةِ بَعْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي عَصْرٍ مِنَ الْعُصُورِ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ.
الضَّابِطُ الثَّانِي: الْإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ حُجَّةٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.

الْبَابُ السَّابِعُ
الْقِيَاسُ

وَفِيهِ ثَلَاثَةُ ضَوَابِطَ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: الْقِيَاسُ: إِلْحَاقُ فَرْعٍ بِأَصْلٍ لِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ شَبَهٍ.
الضَّابِطُ الثَّانِي: أَرْكَانُ الْقِيَاسِ أَرْبَعَةٌ:
1- أَصْلٌ مَقِيسٌ عَلَيْهِ.
2- حُكْمٌ ثَابِتٌ لِلْأَصْلِ.
3- فَرْعٌ مُلْحَقٌ بِالْأَصْلِ.
4- عِلَّةٌ أَوْ شَبَهٌ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا.
الضَّابِطُ الثَّالثُ: شُروطُ صِحَّةِ الْقِيَاسِ خَمْسَةٌ:
1- أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ ثَابِتًا بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ.
2- أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ مَعْلُومَةً بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ.
3- أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مُؤَثِّرَةً فِي الْحُكْمِ.
4- أَنْ تُوجَدَ الْعِلَّةُ فِي الْفَرْعِ.
5- أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنَ الْقِيَاسِ مَانِعٌ.

الْبَابُ الثَّامِنُ
الْأَدِلَّةُ الِاسْتِئْنَاسِ يَّةُ

وَفِيهِ سِتَّةُ ضَوَابِطَ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: إِذَا أَجْمَعَ الْخُلفَاءُ الرَّاشِدُونَ عَلَى أَمْرٍ وَلمْ يُخَالِفْهُمْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ.
الضَّابِطُ الثَّانِي: قَولُ الصَّحَابيِّ إِذَا لَمْ يُخَالَفْ قَرِينَةٌ مُرَجِّحَةٌ.
الضَّابِطُ الثَّالِثُ: عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي عَصْرِ التَّابِعِينَ إِذَا لَمْ يُخَالِفِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَهُوَ قَرِينَةٌ مُرَجِّحَةٌ.
الضَّابِطُ الرَّابعُ: عَلَى الْفَقِيهِ أَنْ يَسْتَصْحِبَ الْأَصْلَ فِي الْأَحْكَامِ حَتَّى يَثْبُتَ نَاقِلٌ صَحِيحٌ.
الضَّابِطُ الْخَامِسُ: الْمَعْرُوفُ عُرْفًا، كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا مَا لَمْ يخُالِفْ نَصًّا.
الضَّابِطُ السَّادِسُ: يُشْرَعُ الْعَمَلُ بِالْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ مَا لَمْ تُخَالِفْ نَصًّا.

الْبَابُ التَّاسِعُ
قَوَاعِدُ
فَهْمِ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ

وَفِيهِ اثْنَا عَشَرَ ضَابِطًا:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: الْـمُجْمَلُ: مَا احْتَمَلَ أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى دُونَ رُجْحَانٍ.
وَالْـمُبَيَّنُ : مَا دَلَّ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرادِ.
وَيُحْمَلُ الْمُجْمَلُ عَلَى الْمُبَيَّنِ.
الضَّابِطُ الثَّانِي: الْعَامُّ: هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغرِقُ لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً.
وَالْخَاصُّ: قَصْرُ حُكْمِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ.
وَيُحْمَلُ الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ.
الضَّابِطُ الثَّالِثُ: تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي مَقَامِ الِاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ.
الضَّابِطُ الرَّابعُ: الظَّاهِرُ: هُو الْمُتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ عِنْدَ سَمَاعِ اللَّفْظِ.
وَالتَّأْوِيلُ مَعْنًى آخَرُ يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ.
وَالظَّاهِرُ لَا يُؤَوَّلُ إِلَّا بشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ:
1- عِنْدَ تَعَذُّرِ حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الظَّاهِرِ.
2- بِدَلِيلٍ يُرَجِّحُ الْمَعْنَى الْآخَرَ.
3- أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الَآخَرُ مِمَّا تَحْتَمِلُهُ اللَّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ .
الضَّابِطُ الْخَامِسُ: النَّصُّ: هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا مَعْنًى وَاحِدًا، وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الظَّاهِرِ.
الضَّابِطُ السَّادِسُ: السِّيَاقُ مِنَ الْمُقَيِّدَاتِ وَتَرْجِيحِ أَحَدِ الْمُحْتَمَلَات ِ.
الضَّابِطُ السَّابِعُ: الْمُطْلَقُ مَا كَانَ شَائِعًا فِي جِنْسِهِ، وَالْمُقَيَّدُ مَا قُيِّدَ بِوَصْفٍ.
الضَّابِطُ الثَّامِنُ: لَا يُـحْمَلُ الْـمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَـيَّدِ إِلَّا إِذَا اتَّفَقَ الْـحُكْمُ وَالـسَّبَبُ.
الضَّابِطُ التَّاسِعُ: الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ إِلَّا بِقَرِينَةٍ صَارِفَةٍ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَهُ صِيَغٌ مَشْهُورَةٌ.
الضَّابِطُ الْعَاشِرُ: الْأَمْرُ بَعْدَ الْحَظْرِ يَدُلُّ عَلَى حُكْمِ الْفِعْلِ قَبلَ الْحَظْرِ.
الضَّابِطُ الْحَادِي عَشَرَ: النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ إِلَّا بِقَرِينَةٍ صَارِفَةٍ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَهُ صِيَغٌ مَشْهُورَةٌ.
الضَّابِطُ الثَّانِي عَشَرَ: إِذَا انْصَبَّ النَّهْيُ عَلَى ذَاتِ الْفِعْلِ أَوْ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ اقْتَضَى الْفَسَادَ وَالْبُطْلَانَ، وَإِذَا انْصَبَّ علَى أَمْرٍ مُقَارِنٍ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ.

الْبَابُ الْعَاشرُ
النَّسْخُ

وَفِيهِ سِتَّةُ ضَوَابِطَ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: النَّسْخُ يَقَعُ فِي نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
الضَّابِطُ الثَّانِي: الْإجْمَاعُ لَا يَنْسِخُ نَصًّا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
الضَّابطُ الثَّالثُ: النَّصُّ لَا يَنْسَخُ إِجْمَاعًا.
الضَّابِطُ الرَّابِعُ: الْقِيَاسُ لَا يَنْسِخُ نَصًّا وَلَا إِجْمَاعًا.
الضَّابِطُ الْخَامِسُ: لَا يُقَالُ بِالنَّسْخِ إِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ النَّصَّيْنِ.
الضَّابِطُ السَّادِسُ: لَا يُقَالُ بِالنَّسْخِ إلَّا إذَا عُرِفَ الْمُتَقَدِّمُ وَالْمُتَأَخِّر ُ.

الْبَابُ الْحَادِي عَشَر
التَّعَارُضُ وَالتَّرْجِيحُ

وَفِيهِ ضَابِطَانِ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: لَا تَعَارُضَ بَيْنَ نُصُوصِ الشَّرِيْعَةِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي ذِهْنِ الْمُجْتَهِدِ.
الضَّابِطُ الثَّانِي: المُرَجِّحَاتُ عِنْدَ التَّعَارُضِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ مُرَجِّحًا:
1- يُرَجَّحُ الْمُتَوَاتِرُ عَلَى الْآحَادِ.
2- يُرَجَّحُ الْمُتَّصِلُ عَلَى الْمُرْسَلِ.
3- تُرَجَّحُ رِوَايةُ الْأَوْثَقِ وَالْأَضْبَطِ وَالْأَفْقَهِ عَلَى مَنْ دُونَهُ.
4- يُرَجَّحُ الْأَكْثَرُ رُوَاةً علَى الْأَقَلِّ.
5- تُرَجَّحُ رِوَايَةُ الرَّاوِي الْمُتَّفَقِ علَى عَدَالَتِهِ علَى الْمُخْتَلَفِ فِي عَدَالَتِهِ.
6- يُرَجَّحُ مَا سَلِمَ مِنَ الِاضْطِّرَابِ علَى الْمُضْطَّرِبِ.
7- يُرَجَّحُ مَا لَهُ شَوَاهِدُ عَلَى مَا لَا شَاهِدَ لَهُ.
8- تُرَجَّحُ رِوَايَةُ الصَّحَابِيِّ صَاحِبُ الْوَاقِعَةِ علَى غَيْرِهِ.
9- تُرَجَّحُ رِوَايَةُ الرَّاوِي علَى رَأْيِهِ.
10- تُرَجَّحُ رِوَايَةُ الْمُثْبِتِ علَى النَّافِي.
11- يُرَجَّحُ مَا اتُّفِقَ علَى رَفْعِهِ علَى مَا اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ.
12- يُرَجَّحُ مَا اتُّفِقَ عَلَى وَصْلِهِ علَى مَا اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ.
13- تُرَجَّحُ رِوَايَةُ مَنْ لَا يُجَوِّزُ رِوَايَةَ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى علَى مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ.
14- يُرَجَّحُ النَّصُّ علَى الظَّاهِرِ.
15- يُرَجَّحُ الظَّاهِرُ علَى الْمُؤَوَّلِ.
16- يُرَجَّحُ الْمَنْطُوقُ عَلَى الْمَفْهُومِ.
17- يُرَجَّحُ الْقَوْلُ علَى الْفِعْلِ.
18- يُرَجَّحُ مَا ذُكِرَتْ عِلَّتُهُ علَى مَا لَمْ تُذْكَرْ.
19- يُرَجَّحُ الْحَظْرُ عَلَى الْإِبَاحَةِ.
20- يُرَجَّحُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ.
21- يُرَجَّحُ الْمُقَيَّدُ عَلَى الْمُطْلَقِ.
22- يُرَجَّحُ الْمُبَيَّنُ علَى الْمُجْمَلِ.
23- تُرَجَّحُ الْحَقِيقَةُ عَلَى الْمَجَازِ.

الْبَابُ الثَّانِي عَشَر
الِاجْتِهَادُ والتَّقْلِيدُ

وَفِيهِ سَبْعَةُ ضَوابِطَ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: الِاجْتِهَادُ: بَذْلُ الْعَالِمِ الْمُؤَهَّلِ وُسْعَهُ فِي اسْتِنْبَاطِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ.
الضَّابِطُ الثَّانِي: الِاتِّبَاعُ: قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ مَعَ مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ.
الضَّابطُ الثَّالثُ: التَّقْلِيدُ: قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ بِدُونِ مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ.
الضَّابِطُ الرَّابِعُ: قَدْ يَكُونُ الْعَالِمُ مُجْتَهِدًا فِي إِثْبَاتِ النَّصِّ، مُقَلِّدًا فِي اسْتِنْبَاطِ الْحُكْمِ، وَالْعَكْسُ، وَقَدْ يَكُونُ مُجْتَهِدًا ِفِي بَابٍ، مُقَلِّدًا فِي غَيْرِهِ.
الضَّابِطُ الْخَامِسُ: شُرُوطُ الْمُجْتَهِدِ تِسْعَةٌ:
1- الْإِسْلَامُ.
2- التَّكْلِيفُ.
3- أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْقُرْآنِ.
4- أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالسُّنَّةِ مُمَيِّزًا صَحِيحِهَا مِنْ سَقِيمِهَا.
5- أنْ يَكُونَ عَالِمًا بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ.
6- أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِأُصُولِ الْفِقْهِ.
7- أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَسَائِلِ الْإِجْمَاعِ.
8- أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ.
9- أَنْ يَكُونَ ذَا ذَكَاءٍ وَفِطْنَةٍ.
الضَّابِطُ السَّادِسُ: الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ.
الضَّابِطُ السَّابِعُ: لَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ:
1- أَنْ يَكُونَ الْمُقَلِّدُ عَامِّيًّا عَاجِزًا عَنْ فَهْمِ الدَّلِيلِ.
2- أَنْ يَسْتَفْتِيَ عَالِمًا ثِقَةً تَقِيًّا.

الْبَابُ الثَّالِثُ عَشَر
كَيْفيَّةُ الْوصُولِ
إِلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ

وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ ضَوَابِطَ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: تَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ تَصَوُّرًا صَحِيحًا.
الضَّابِطُ الثَّانِي: إِذَا كَانَ فِي الْمَسْألَةِ إِجْمَاعٌ فَلَا يُخَالِفُهُ.
الضَّابِطُ الثَّالِثُ: الِاطِّلَاعُ عَلَى أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَمَعْرِفَةُ أَدِلَّةِ كُلِّ فَرِيقٍ.
الضَّابِطُ الرَّابِعُ: دِرَاسَةُ أَدِلَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
1- الثُّبُوتُ. 2- الدَّلَالَةُ.
الضَّابِطُ الْخَامِسُ: الْبَحْثُ عَنْ أَدِلَّةٍ أُخْرَى تُوَضِّحُ حُكْمَ الشَّرْعِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
الضَّابِطُ السَّادِسُ: الِاطِّلاعُ عَلَى أَقْوَالِ الْمَجَامِعِ الْفِقْهِيَّةِ، وَدُورِ الْفَتْوَى، وَالْعُلَمَاءِ الْمُعَاصِرينَ فِي الْمَسْأَلَةِ، إِذَا كَانَتْ حَدِيثَةً نَازِلَةً).
الضَّابِطُ السَّابِعُ: إِذَا لَمْ يَجِدْ قَوْلًا لِلْعُلَمَاءِ، وَلَا نَصًّا فِي الْمَسْأَلَةِ، نَظَرَ إِلَى عُمُومَاتِ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَدْرَجَهَا تَحْتَهَا إِنْ كَانَتْ مِنْ أَفْرَادِهَا.
الضَّابِطُ الثَّامِنُ: إِذَا لَمْ يَجِدْ قَاسَهَا عَلَى مَا يُشَابِهُهَا أَوْ يَتَّفِقُ مَعَهَا فِي الْعِلَّةِ.

ابوخزيمةالمصرى
2013-12-21, 02:44 PM
جزاكم الله خيرا

فمتى تضربون الأمثلة ليتضح المراد؟

محمد طه شعبان
2013-12-21, 11:07 PM
جزاكم الله خيرا

فمتى تضربون الأمثلة ليتضح المراد؟
وجزاكم مثله أخانا الحبيب أبا خزيمة, سنبدأ إن شاء الله

محمد طه شعبان
2013-12-21, 11:22 PM
قَوْلُهُ (أُصُولُ الْفِقْهِ)؛
تَعْرِيفُ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ:
أَوَّلًا: تَعْرِيفُهُ بِاعْتِبَارِ مُفرَدَيْهِ:
قَالَ الرَّازِي: ((اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَكَّبَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِمُفْرَدَاتِهِ ))([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وَلِذَا فَنَحْنُ نُعَرِّفُهُ بِاعْتِبَارِ مُفْرَدَيْهِ، فَنَقُولُ:
أُصُولٌ لُغةً: جَمْعُ أَصْلٍ؛ وَأَصْلُ الشَّيْءِ: مَا يَتَفَرَّعُ مِنْهُ الشَّيْءُ؛ كَالْوَالِدِ لِلْوَلَدِ، وَالشَّجَرَةِ لِلْغُصْنِ.
وَالْأَصْلُ هُوَ الْأسَاسُ، الَّذِي يُبنَى عَلَيهِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
وَالْأصْلُ اصْطِلاحًا: مَا لَهُ فَرْعٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ لَا يَنْشَأُ إَلَّا عَنْ أَصْلٍ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
وَالْفِقْهُ لُغَةً: الْفَهْمُ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))؛ وَمِنهُ قُولُهُ تَعَالَى: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ [طه: ٢٧- ٢٨]، أيْ: يَفْهَمُوا قَوْلِي، وَقَوْلُهُ تَعَالى: ﴿فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٧٨].
وَالْفِقْهُ اصْطِلَاحًا: مَعْرفَةُ الْأحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ العَمَلِيَّةِ بِأدِلَّتِهَا السَّمْعِيَّةِ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)).
فَتَعْرِفُ كَيْفَ تُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَكَيْفَ تُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَكَيْفَ تَصُومُ، وَكَيْفَ تَبِيعُ وَتَشْتَرِي، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ؛ كُلُّ ذلِكَ، بِأَدِلَّتِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُنَّةِ.
ثَانِيًا: التَّعْرِيفُ بِاعْتِبَارِهِ لَقَبًا عَلَى عِلْمٍ خَاصٍّ:
تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ ((الْأَصْلِ)) أَنَّهُ هُوَ: الْأَسَاسُ الَّذِي يُبْنَى عَلَيْهِ، وَيَتَفَرَّعُ عَنْهُ غَيْرُهُ؛ وَالْمَقْصُودُ بِالْأَصْلِ هُنَا: الدَّلِيلُ.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ ((الْفِقْهَ)) هُوَ مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِأَدِلَّتِهَا.
فَإِذَا تَبَيَّنَ لَكَ ذَلِكَ، تَبَيَّنَ لَكَ أَنَّ ((عَلْمَ أُصُولِ الْفِقْهِ)) هُوَ الْعِلْمُ بِالْأَدِلَّةِ الْإِجْمَالِيَّ ةِ الَّتِي يَتَفَرَّعُ مِنْهَا الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةِ.
فَإِنَّكَ إِذَا كُنْتَ تَدْرُسُ فِي عِلْمِ ((الْفِقْهِ)) كَيْفَ تُقِيمُ الصَّلَاةَ بِأَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا، وَكَيْفَ تُزَكِّي عَنْ مَالِكَ، وَكَيْفَ تَحُجُّ أَوْ تَعْتَمِرُ ... إِلَى آخِرِهِ؛ كُلُّ ذَلِكَ بِدَلِيلِهِ.
فَأَنْتَ تَدْرُسُ فِي عِلْمِ ((أُصُولِ الْفِقْهِ)) أَنَّ الْأَدِلَّةَ الْعَامَّةَ هِيَ: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالْقِيَاسُ ...، وَأَنَّ الْأَمْرَ يَدُلُّ عَلَى كَذَا، وَالنَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى كَذَا، وَالْفِعْلَ الْمُجَرَّدَ يَدُلُّ عَلَى كَذَا، وَأَنَّهُ قَدْ تَقْتَرِنُ بِذَلِكَ قَرِينَةٌ فَتَدُلُّ عَلَى كَذَا.
فَهَذَا هُوَ عِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ.
وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ عَرَّفُوا عِلْمَ أُصُولِ الْفِقْهِ بأنه هُوَ: الْعِلْمُ بِالْقَوَاعِدِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ مِن أدِلَتِهَا التَّفْصِيلِيةِ ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)).
فَهَذِهِ الْقَوَاعِدُ يُعْرَفُ مِنْ خِلَالِهَا أَنَّ الْأَدِلَّةَ الْعَامَّةَ هِيَ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ...، وَأَنَّ الْأَمْرَ يَدُلُّ عَلَى كَذَا، وَالنَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى كَذَا... إِلَى آخِرِهِ.
نَحْوُ؛ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [النور: ٥٤].
فَالْآيَةُ دَلِيلٌ عَامٌّ عَلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥] .
فَالْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأُمَّةَ إِذَا أَجْمَعَتْ عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ.
وَنَحْوُ؛ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣].
فَالآيَةُ دَلِيلٌ، أُخِذَ مِنْهُ قَاعِدَةٌ عَامَّةٌ في أُصُولِ الفِقْهِ، وهِي: (الأَمْرُ يُفِيدُ الوُجُوبَ).
الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ:
يُعَدُّ الإمَامُ القَرَافيُّ -رحمه الله- أوَّلَ مَنْ مَيَّزَ بَيْنَ الْقَاعِدَةِ الأُصُولِيَّةِ وَالْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ حَيْثُ قَالَ -رحمه الله-:
((إِنَّ الشَّرِيعَةَ المُعَظَّمَةَ المُحَمَّدِيَّة َ - زَادَ اللهُ تَعَالَى مَنَارَهَا شَرَفًا وَعُلُوًّا- اشْتَمَلَتْ عَلَى أُصُولٍ وَفُروُعٍ، وَأصُولُهَا قِسْمَانِ:
أحَدُهُمَا: المُسَمَّى بأُصُولِ الْفِقْهِ؛ وَهُوَ - فِي غَالِبِ أَمْرِهِ - لَيْسَ فِيهِ إِلَّا قَوَاعِدَ الْأَحْكَامِ النَاشِئَةَ عَنِ الْأَلفَاظِ... نَحْوُ: الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ...
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: قَوَاعِدُ فِقْهيَّةٌ كُلِّيَّةٌ: كَثِيرَةُ العَدَدِ، عَظِيمَةُ المَدَدِ، مُشْتَمِلَةٌ عَلى أسْرَارِ الشَّرعِ وَحِكَمِهِ، لِكُلِّ قَاعِدَةٍ مِنَ الْفُرُوعِ فِي الشَّرِيعَةِ مَا لَا يُحْصَى، وَلَمْ يُذْكَرْ شَيْءٌ مِنْهَا فِي أُصُولِ الفِقْهِ)) ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)) .
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رحمه الله-: ((إنَّ الْفَرْقَ هُوَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ أُصُولَ الْفِقْهِ هِي الْأَدِلَّةُ الْعَامَّةُ، خِلَافًا لِقَوَاعِدِ الْفِقَهِ؛ فَإنَّهَا عِبَارَةٌ عَنِ الْأَحْكَامِ الْعَامَّةِ)) ([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)).
إِذًا فالَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ شَيْئَانِ:
1- القَوَاعِدُ الأُصُولِيَّةُ: هِيَ الَّتِي يُسْتَنْبَطُ بِهَا الحُكْمُ مِنَ الدَّلِيلِ التَّفْصِيلِي.
أمَّا الْقَاعِدَةُ الفِقْهِيَّةُ فَهِي الَّتِي تَنْدَرِجُ تَحْتَهَا مَسَائِلُ فِقْهِيَّةٌ كَثِيرَةٌ.
2- الْقَوَاعِدُ الْأُصُولِيَّةُ هِيَ ذَرِيعَةٌ لِاسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَأمَّا الْقَوَاعِدُ الفِقْهِيَّةُ فَالْغَرَضُ مِنْهَا: تَقْرِيبُ الْمَسَائلِ الْفِقْهِيَّةِ وَتَسْهِيلِهَا.
نَشْأَةُ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ:
كَانَ الصَّحَابَةُ ﭫ بَعْدَ عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إذَا اسْتَنْبَطُوا أحْكَامًا شَرْعِيَّةً لِتَطْبِيقِهَا عَلَى وَقَائِعَ جَدِيدَةٍ يُصْدِرُونَ فِي اسْتِنْبَاطِهِم ْ عَنْ أُصُولٍ مُسْتَقِرَّةٍ فِي أَنْفُسِهِمْ، عَلِمُوهَا مِنْ نُصُوصِ الشَّرِيعَةِ وَرُوحُهَا، وَمِنْ تَصَرُّفَاتِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم التِّي عَاشُوهَا وَشَاهَدُوهَا، وَرُبَّمَا صَرَّحَ بَعضُهُمْ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ بِالْأَصْلِ الذِّي اسْتَنَدَ إِلَيْهِ فِي اسْتِنْبَاطِهِ للحُكْمِ الفَرْعِيِّ؛ كَقَولِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمَنْ سَمِعَهُ يَنْهَى عَنِ التَّمَتُّعِ بِالحَجِّ اتِّباعًا لِنَهْيِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: يُوشِكُ أنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ!! أقُولُ لَكُمْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ، وَتَقُولُونَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟!!.
فَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: إنَّ التَّمَتُّعَ جَائِزٌ، وَهَذَا حُكْمٌ فِقْهيٌّ فَرْعِيٌّ، وَهُوَ يَسْتَنِدُ فِي دَفْعِ القَولِ بِعَدَمِ جَوَازِه إِلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ يُصَرِّحُ بِهَا، وَهِيَ: أَنَّ الدَّلِيلَ مِنَ السُنَّةِ النَّبَويَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِ الصَّحَابيِّ، وَلَوْ كَانَ قَائِلُهُ أَحَدُ الشَّيْخَينِ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنه.َ
وَكَقَوْلِ عُمَرُ رضي الله عنه لِأَبي مُوسَى - عِنْدَمَا وَلَّاه القَضَاءَ -: اعْرِفِ الْأَشْبَاهَ وَالْأَمْثَالَ وَقِسِ الْأُمُورَ بِرَأْيِكَ.اهـ.
فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالعَمَلِ بِالقِيَاسِ، وَهِيَ مَسْأَلةٌ أُصُوليَّةٌ.
ثُمَّ فِي عَهْدِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ كَثُرَتْ الْحَاجَةُ إِلَى الِاسْتِنْبَاطِ ؛ لِكَثْرةِ الْحَوَادِثِ الَّتِي نَشَأتْ عَنْ دُخُولِ بِلَادٍ شَاسِعَةٍ تَحْتَ الحُكْمِ الْإسْلَامِيِّ، فَتَخَصَّصَ فِي الْفُتْيَا كَثِيرٌ مِنَ التَّابِعِينَ، فَاحْتَاجُوا إِلَى أنْ يَسِيرُوا فِي اسْتِنْبَاطِهِم ْ عَلَى قَوَاعِدَ مُحَدَّدَةٍ، وَمَنَاهِجَ مَعْرُوفَةٍ، وَأُصُولٍ وَاضِحَةٍ، وَكَانَ لِبَعْضِهِمْ فِي ذَلِكَ كَلامٌ وَاضِحٌ فِي أثْنَاءِ كَلامِهِم فِي عِلْمِ الْفِقْهِ.
غَيْرَ أنَّ عِلْمَ الْأُصُولِ لَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ غَيْرِهِ إلَّا عِنْدَمَا جَمَعَ مَسَائِلَهُ الْإمَامُ الشَّافِعيُّ -رحمه الله- (ت: 204هـ) فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ: «الرِّسَالةُ»، أَفْرَدَهَا لِلْكَلامِ فِي أُصُولِ الِاسْتِنْبَاطِ مِنَ الْكِتَابِ، وَالسُنَّةِ، وَالْإجْمَاعِ، وَالْقِيَاسِ، وَتَكَلَّمَ فَي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَالْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَمَا يَكُونُ حُجَّةً مِنَ الْأَحَادِيثِ وَمَا لَا يَكُونُ.
فَجَمَعَ الشَّافِعيُّ فِي رِسَالَتِهِ أَشْتَاتَ هَذَا الْعِلْمِ، وَصَنَعَ لَهُ هَيْكَلًا حَذَا فيهِ مَنْ بَعْدَهُ حَذْوَهُ.
فَكَثُرَتْ الْمُؤَلَّفاتُ الأُصُولِيَّةُ بَعْدَه؛ فَأَلَّفَ أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كِتَابًا فِي طَاعَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَآخَرُ فِي النَّاسِخِ وَالمَنْسُوخِ.
ثُمَّ تَتَابَعَ الْعُلَمَاءُ فِي الْكِتَابةِ، وَأخَذُوا يُنَظِّمُونَ هَذَا العِلْمَ وَيُوَسِّعُونَه ُ وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ.
وَحَرَّرَ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ مَسَائِلَهُ، وَنَمَا عِلْمُ الأُصُولِ، وَأَصْبَحَ الِاجْتِهَادُ وَالِاسْتِنْبَا طُ مُيَسَّرًا؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ أَصْبَحَتْ مَحْصُورَةً، وَطُرقَ الِاسْتِنْبَاطِ أصْبَحَتْ وَاضِحَةً مُنْضَبِطَةً ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)).
حُكْمُ تَعَلُّمِ أُصُولِ الْفِقْهِ:
تَعَلُّمُ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ كَأَغْلَبِ العُلُومِ الصَّحِيحَةِ النَّافِعَةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ.
وَإنَّمَا كَانَ تَعَلُّمُ أُصُولِ الْفِقْهِ وَاجبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فَهْمُ نُصُوصِ الشَّرْعِ - لِأَجْلِ الْعَمَلِ بِهَا، وَاسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ لِلْوَقَائِعِ - إِلَّا بِهِ؛ إذْ لَوْ تُرِكَ تَعَلُّمَهُ لَتَخَبَّطَ النَّاسُ فِي فَهْمِ الْكِتَابِ وَالسُنَّةِ.
وَإِنَّمَا لَم يَكُنْ عَيْنِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ فَرْدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِحَاجَةٍ إِلَيْهِ، بَلْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أُلُو الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، وَالَّذِينَ نَصَّبُوا أنْفُسَهُمْ لِلْفَتْوَى أوْ لِلْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ ([10] (http://majles.alukah.net/#_ftn10)).[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) ((المحصول)) (1/ 78)، ط. الرسالة.

[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) ((البحر المحيط))، للزركشي (1/ 24)، ط. دار الكتبي.

[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) ((مختصر التحرير شرح الكوكب المنير))، لأبي البقاء ابن النجار الحنبلي (1/ 38)، ط. العبيكان.

[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) السابق (1/ 40).

[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (20/ 212).

[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) ((رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب))، لتاج الدين السبكي، (1/ 242)، ((المختصر في أصول الفقه))، لابن اللحام، (30)، ((التحبير شرح التحرير))، للمرداوي، (1/ 177).

(1) «الفروق» (1/2-3) .

([8]) «مجموع الفتاوى» (29/167) .

([9]) «الواضح في أصول الفقه» للأشقر (14، 15)، بتصرف.

([10]) السابق: (16)، باختصار.

أبو مالك المديني
2013-12-22, 07:16 PM
بارك الله فيكم أبا يوسف ، وفي الشيخ وحيد .

محمد طه شعبان
2013-12-23, 08:59 PM
بارك الله فيكم أبا يوسف ، وفي الشيخ وحيد .
وفيكم بارك اللهُ شيخَنا الحبيب

محمد طه شعبان
2013-12-23, 09:27 PM
الْبَابُ الْأَوَّلُ
الْأَحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّ ةُ

وَفِيهِ عَشْرَةُ ضَوَابِطَ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ: الْأحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ قِسْمَانِ:
1- تَكْلِيفِيَّةٌ.
2-وَوَضْعِيَّةٌ.
الشرح:
قَوْلُهُ: (الْأَحْكَامُ):
جَمْعُ (حُكْمٍ).
وَالْحُكْمُ لُغَةً: الْمَنْعُ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:


أَبَنِي حَنيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهاءَكُمْ







إِنِّي أَخَافُ عَلَيكُمُ أَنْ أَغْضَبَا









أَيِ: امْنَعُوا سُفَهَاءَكُمْ.
وَالْحُكْمُ اصْطِلَاحًا: إِثْبَاتُ أَمْرٍ لِأَمْرٍ أوْ نَفْيُهُ عَنْهُ.
نَحْوُ؛ (زَيْدٌ قَائِمٌ) فَفِيهِ إِثْبَاتُ الْقِيَامِ لِزَيْدٍ، وَ(عَمْرٌو لَيْسَ بِقَائِمٍ) فَفِيهِ نَفْيُ الْقِيَامِ عَنْ عَمْرٍو.
قَوْلُهُ: (الْأحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ):
عَرَّفَ الْأُصـُوليُّون َ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ بِقَوْلِهِمْ: هُوَ خِطَابُ اللهِ الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِالطَّلَبِ أَوِ التَّخْييرِ أَوِ الْوَضْعِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
فَـخَــرَجَ بِقَوْلهِمْ: (خِطَابُ اللهِ): خِطَابُ غَيْرِ اللهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [الأنعام: ٥٧] .
وَقَوْلُهُمْ: (بِالطَّلَبِ أَوِ التَّخْييرِ أَوِ الْوَضْعِ):
الطَّلَبُ؛ يَشْمَلُ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَّ، نَحْوُ؛ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣].
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: ١٢].
وَالتَّخْييرُ؛ يَشْمَلُ الْإِبَاحَةَ، نَحْوُ؛ حَدِيثِ النَّبيِّ صلى الله علي وسلم أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فقَالَ: أَنتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، قَالَ: «إِنْ شِئْتَ تَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ لَا تتَوَضَّأْ»([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
وَالْوَضْعُ؛ سَيَأتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ.
قَوْلُهُ: (... قِسْمَانِ: 1- تَكْلِيفِيَّةٌ 2- وَوَضْعِيَّةٌ):
يَنْقَسِمُ الْحُكمُ الشَّرْعِيُّ إِلَى قِسْمَيْنِ:
1- حُكْمٌ تَكْلِيفِيٌّ: وَهُوَ مَا اقْتَضَى طَلَبَ فِعْلٍ مِنَ الْمُكَلَّفِ، أَوْ كَفَّهُ عَنْ فِعْلٍ، أَوْ تَخْيِيرِهِ بَيْنَ فِعْلٍ وَالكَفِّ عَنْهُ.
وَسُمِّيَتْ أَحْكَامًا تَكْلِيفيَّةً لِمَا فِيهَا مِنْ نَوْعِ كَلَفَةٍ وَمَشَقَّةٍ.
2- حُكْمٌ وَضْعِيٌّ: وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.([1]) «لسان العرب»، مادة: (حكم).

([2]) انظر: «الإحكام» للآمدي 1/95، «المستصفى» للغزالي 1/55، «المنهاج» للبيضاوي ص41، «إرشاد الفحول» للشوكاني 1/71.

([3]) صحيح: أخرجه مسلم (360).

محمد طه شعبان
2013-12-26, 12:06 AM
الضَّابِطُ الثَّانِي: الْأحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّ ةُ خَمْسَةٌ: الْوجُوبُ، وَالِاسْتِحْبَا بُ، وَالْحُرْمَةُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْإِبَاحَةُ.
الشرح:
قَوْلُهُ: (الْأحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّ ةُ خَمْسَةٌ: الْوجُوبُ، وَالِاسْتِحْبَا بُ، وَالْحُرْمَةُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْإِبَاحَةُ):
تَقَدَّمَ أَنَّ الحُكْمَ التَّكْلِيفِيَّ هــُوَ: مَا اقْتَضَى طَلَبَ فِعْلٍ مِنَ الْمُكَلَّفِ، أوْ كَفَّهُ عَنْ فِعْلٍ، أَوْ تَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْفِّعْلِ وَالْكَفِّ عَنْهُ.
فَمَا اقْتَضَى طَلَبَ فِعْلٍ، فَإنْ كَانَ اقْتِضَاؤُهُ عَلَى سَبيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ، فَهُوَ (الْوَاجِبُ)، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ، فَهُوَ (الْمُسْتَحَبُّ) .
وَمَا اقْتَضَى طَلَبَ كَفِّ عَنْ فِعْلٍ، فَإنْ كَانَ اقْتِضَاؤُهُ عَلَى سَبيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ، فَهُوَ (الْمُحَرَّمِ)، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى سَبيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ، فَهُوَ (الْمَكْرُوهُ).
وَمَا اقْتَضَى تَخْيِيرًا بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، فَهُوَ (الْمُبَاحُ).

محمد طه شعبان
2013-12-29, 12:10 AM
الضَّابِطُ الثَّالِثُ: الْوَاجِبُ: مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ امْتِثَالًا، وَيَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ الْعِقَابَ.
الشرح:
قَوْلُهُ: (الْوَاجِبُ: مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ امْتِثَالًا، وَيَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ الْعِقَابَ):
الْوَاجِبُ لُغَةً: السَّاقِطُ وَاللَّاَزِمُ.
وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ [الحج: ٣٦]، أَيْ: سَقَطَتْ لَازِمَةً مَحِلَّهَا.
وَالْوَاجِبُ اصْطِلَاحًا: مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ عَلَى وَجْهِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
فَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: (مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ): المُحَرَّمُ وَالمَكْرُوهُ؛ لأنَّهُمَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِمَا الشَّارِعُ، وَإنَّمَا نَهَى عَنْهُمَا.
كَمَا خَرَجَ بِهِ: الْمُبَاحُ؛ لِأَنَّ فِيهِ التَّخْييرُ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: (عَلَى وَجْهِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ): الْمُسْتَحَبُّ، لِأنَّهُ لَمْ يُؤمَرْ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
وَأمَّا حُكْمُ الْوَاجِبِ وَثَمَرَتُهُ، فَقَدْ ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ امْتِثَالًا، وَيَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ الْعِقَابَ).
فَقَوْلُهُ: (امتِثَالًا):
أَيِ: امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللهِ ، وَأَنْ يُرِيدَ بِفِعْلِهِ التَّقَرُّبَ إِلَى الله ﻷ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَدْ يَفْعَلُ الْفِعْلَ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ، وَلَا يَقْصِدُ بِفِعْلِهِ التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ تَعَالَى؛ كَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةَ لِلتَّنَظُّفِ فَحَسْبْ، أَوْ كَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ لِلْعُرْفِ، وَلَا يَقْصِدُ التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ، أَوْ كَمَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ لِأُمُورٍ دُنْيَوِيَّةٍ، لَا بَقْصْدِ التُّقَرُّبِ إِلَى اللهِ.
وَقَوْلُهُ: (وَيَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ الْعِقَابَ):
لِأَنَّهُ تَرَكَ مَا أُمِرَ بِهِ وَأُلْزِمَ بِهِ مِنْ قِبَلِ اللهِ ﻷ، فَاسْتَحَقَّ الْعِقَابَ لِذَلِكَ.
قَالَ تَعَالَى:﴿فَخَلَ فَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: ٥٩].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٤- ٥].
وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [فصلت: ٦- ٧].
فَهَذِهِ أَمْثِلَةٌ مِنْ تَوَعُّدِ اللهِ ﻷ بِالْعِقَابِ لِمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا مِنَ الْوَاجِبَاتِ.
ثُمَّ إنَّ اللهَ ﻷ قَدْ يَغْفُرُ ذَلِكَ الذَّنْبَ، فَـهُوَ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨].
وَلِذَلِكَ قَالَ المُصَنِّفُ: (وَيَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ العِقَابَ)، مِنْ غَيْرِ جَزْمٍ بِأَنَّهُ مُعَاقَبٌ.

محمد طه شعبان
2014-01-07, 10:57 PM
أَدِلَّةُ الْوُجُوبِ:
يُسْتَفَادُ الْوجُوبُ مِنْ:
أَوَّلًا: صِيَغُ الْأَمْرِ: وَتَنْقَسِمُ إِلَى:
1- التَّصْرِيحُ بالْأَمْرِ: نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٥٨].
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النحل: ٩٠].
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: ١٣٢].
2- فِعْلُ الْأَمْرِ:
نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ١١٠].
وقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٢] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١].
3- الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ الْمُقْتَرِنُ بِلَامِ الْأَمْرِ:
نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُو ا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩].
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلْيَضْرِب نَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [ النور:31 ] .
4- الْمَصْدَرُ النَّائبُ عَنْ فِعْلِ الْأَمْرِ:
نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ [محمد: ٤].
أَيْ: فَاضْرِبُوا الرِّقَابَ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [النساء: 92] .
أَيْ: فَحَرِّرُوا رَقَبَةً.
ثَانِيًا: التَّصْرِيحُ بِالْإِيجَابِ أَوِ الْفَرْضِيَّةِ:
نَحْوُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ»([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُون َ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُون َ مِمَّا قُلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ [النساء: ٧].
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ: شَهَادَةُ أنْ لاَ إلَه إلاَّ الله وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَإنْ هُمْ أَجَابُوكَ لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُم أنَّ اللهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي اليَومِ وَالليْلَة ...» الحَدِيثُ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
ثَالِثًا: لَفْظُ كَتَبَ، وَمَا يُشْتَقُّ مِنْهُ:
نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣].
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: ١٧٨].
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: ٢١٦].
رَابِعًا: لَفْظَةُ (حَقٌّ):
نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١].
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
خَامِسًا: لَفْظَةُ (عَلَى):
نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤].
وَقَـوْلِـهِ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩7] .
قَـــالَ الشَّوْكَانيُّ رحمه الله:
«اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: (للهِ) هِي اللَّامُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا : لَامُ الْإِيْجَابِ وَالْإِلْزَامِ، ثُمَّ زَادَ هَذَا المَعْنَى تَأْكِيدًا: حَرْفُ (عَلَى)؛ فَإنَّهُ مِنْ أَوْضَحِ الدَّلَالَاتِ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَ الْعَرَبِ، كَمَا إِذَا قَالَ قَائِلٌ: لِفُلانٍ عَلَيَّ كَذَا»([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)).
وقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ»([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)).
سَادِسًا: الْوَعِيدُ أَوِ الذَّمُّ عَلَى التَّرْكِ:
نَحْوُ قَوْلِه تَعَالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ [المدثر: ٤٢- ٤٣].
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: ٥٩].
وَقَوْلِـِهِ تَعَالَى: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [فصلت: ٦- ٧].
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٤- ٥].
وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ»([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)).([1]) متفق عليه: أخرجه البخاري (858)، ومسلم (846).

([2]) متفق عليه: أخرجه البخاري (1395)، ومسلم (19).

([3]) صحيح: أخرجه أبو داود (1067)، وصحَّحه الألباني في «صحيح أبي داود» (978)، «المشكاة» (1377)، «الإرواء» (592).

[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) ((فتح القدير)) (1/ 416).

([5]) صحيح: أخرجه مسلم (1836).

([6]) صحيح: أخرجه الترمذي (2621)، وقال: حسن صحيح غريب، وابن ماجة (1079)، والنسائي في «الكبرى» (329)، وصحَّحه الألباني في «المشكاة» (574).

أم علي طويلبة علم
2016-07-10, 06:55 AM
جزاكم الله خيرا ونفع بكم فكتاب الهداية شرح البداية في أصول الفقه سهل نافع، واصلوا وصلكم الله بهداه

أم علي طويلبة علم
2016-07-10, 07:12 AM
"الضابط والرابع: الواجب : موسع ومضيق ، ومعين ومخير، وكفائي وعيني، ومقدر وغير مقدر.
الضابط الخامس: المستحب: ما يثاب فاعله امتثالا، ولا يعاقب تاركه.
الضابط السادس: الحرام: ما يثاب تاركه امتثالا، ويستحق فاعله العقاب.
الضابط السابع: الحرام قسمان: 1- حرام لذاته. 2- حرام لكسبه.
الضابط الثامن: ما حرم لذاته لايباح إلا لضرورة، وما حرم سدا للذريعة أبيح للحاجة.
الضابط التاسع: المكروه: ما يثاب تاركه امتثالا، ولايعاقب فاعله، وإن كان ملوما.
الضابط العاشر: المباح: ما خير المكلف بين فعله وتركه."

محمد طه شعبان
2016-07-10, 05:30 PM
جزاك الله خيرًا، نستكمل بإذن الله.

محمد طه شعبان
2016-07-10, 05:32 PM
جزاكم الله خيرا ونفع بكم فكتاب الهداية شرح البداية في أصول الفقه سهل نافع، واصلوا وصلكم الله بهداه
بارك الله فيكم، وسنستكمل من الطبعة الرابعة منه، ففيها زيادات.

محمد طه شعبان
2016-07-10, 06:39 PM
الضَّابِطُ الرَّابِعُ: الْوَاجِبُ: مُوَسَّعٌ وَمُضَيَّقٌ، وَمُعَيَّنٌ وَمُخَيَّرٌ، وَكِفَائِيٌّ وَعَيْنِيٌّ، وَمُقَدَّرٌ وَغَيْرُ مُقَّدَّرٍ.
الشرح:
قوله: (الْوَاجِبُ: مُوَسَّعٌ وَمُضَيَّقٌ): فَإِنَّ الْوَاجِبَ يَنقَسِمُ بِاعْتِبَارِ وَقْتِهِ إِلَى:
أَوَّلًا: وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ: وَهُوَ مَا يَسَعُ وَقْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ فِعْلِهِ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
1- امْتِدَادُ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ.
فَهَذَا الْوَقْتُ يَتَّسِعُ لِأَدَاءِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَرِيضَةِ الظُّهْرِ، وَيَتَّسِعُ أَيْضًا لِأَدَاءِ غَيْرِهَا.
2- وَقْتُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، يَبْدَأُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ الْعِيدِ، وَيَتَّسِعُ وَيَمْتَدُّ إِلَى دُخُولِ لَيْلِ هَذَا اليَومِ.
3- وَقْتُ رَمْيِ جِمَارِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَبْدَأُ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ – وَهَذَا هُوَ الْوَقْتُ الْأَفْضَلُ- وَلَكِنَّهُ يَمْتَدُّ وَيَتَّسِعُ إِلَى مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إِلَى قُبَيْلِ فَجْرِ الْيَومِ التَّالِي.
ثَانِيًا: وَاجِبٌ مُضَيَّقٌ: وَهُوَ مَا لَا يَسَعُ وَقْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ فِعْلِهِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
1- وَقْتُ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ يَبْدَأُ مِنْ طُلـُوعِ هِلَالِ رَمَضَانَ إِلَى طُـلـُوعِ هِلاَلِ شَهْرِ شَوَّالٍ، وَهَذَا الْوَقْتُ لَا يَتَّسِعُ لِأَدَاءِ غَيْرِهِ.
2- وَقْتُ أَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ لَا يَتَّسِعُ لِأَدَاءِ غَيْرِهَا.
([1]) «مذكرة في أصول الفقه» (14)، طـ مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة.

([2]) «مذكرة في أصول الفقه» (14).

محمد طه شعبان
2016-07-10, 06:41 PM
ما يترتب على الواجب الموسع والمضيق:
أوَّلًا: أنَّ الوَاجِبَ المُوَسَّعَ لَوْ أخَّرَهُ المُكَلَّفُ عَنْ أوَّلِ وَقْتِهِ جَـــازَ لَهُ ذَلِكَ.
بِخِلَافِ الْمُضَيَّقِ؛ فَإنَّهُ لَا سَبِيلَ لِتَأْخِيرِهِ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
ثَانِيًا: أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُوَسَّعَ لَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ الْمُكَلَّفُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ، وَمَاتَ أثْنَاءَ وَقْتِهِ الَّذِي حَدَّدَهُ الشَّرْعُ، قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيهِ، لَا يُعَدُّ عَاصِيًا وَلَا آثِمًا بِذَلِكَ التَّأْخِيرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ - إِنْ كَانَ يَنْوِي أَدَاءَهُ - وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ، وَهُوَ جَوَازُ التَّأْخِيرِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)). بِخِلافِ الْمُضَيَّقِ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ -رحمه الله-:
«إذَا أَخَّرَ الْوَاجِبَ الْمُوَسَّعَ فَمَاتَ فَي أَثْنَاءِ وَقْتِهِ قَبْلَ ضَيْقِهِ لَمْ يَمُتْ عَاصِيًا لِأَنَّه فَعَلَ مَا أُبِيحَ لَهُ فِعْلُهُ لِكَوْنِهِ جُوِّزَ لَهُ التَّأْخِيرُ.
فَإنْ قِيلَ: إِنَّمَا جَازَ لَهُ التَّأخِيرُ بِشَرطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ.
قُلْنَا: هَذَا مُحَالٌ فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ مَسْتُورَةٌ عَنْهُ.
وَلَوْ سَأَلَنَا فَقَالَ: عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ؛ فَهَلْ يَحِقُّ لِيَ تَأْخِيرُهُ إِلَى غَدٍ؟ فَمَا جَوَابُهُ؟
إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَلِمَ أَثِمَ بِالتَّأْخِيرِ؟ وَإِنْ قُلْنَا: لَا، فَخِلَافُ الْإِجْمَاعِ فِي الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللهِ أَنَّكَ تَمُوتُ قَبْلَ غَدٍ لَمْ يَحِلَّ، وَإِلَّا فَهُوَ يَحِلُّ، فَيَقُولُ وَمَا يُدْرِينِي مَا فِي عِلْمِ اللهِ؟ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَزْمِ بِجَوَابٍ، وَهُوَ التَّحْلِيلُ أَوِ التَّحْرِيمُ.
فَإذًا مَعنَى الْوُجُوبِ وَتَحْقِيقُهُ: أنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ إِلَّا بِشَرْطِ الْعَزْمِ، وَلَا يُؤَخِّرُ إِلَّا إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْبَقَاءُ إِلَيْهِ. وَاللهُ أعْلَمُ»اهـ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).

([1]) انظر: «شرح مختصر الروضة»، نجم الدين الطوفي (1/322)، طـ الرسالة.

([2]) السابق.

(2) روضة الناظر (1/116، 117)، طـ مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع.

محمد طه شعبان
2016-07-10, 06:42 PM
الواجب الموسع يضيق بمرور الوقت:
وَالْوَاجِبُ الْمُوَسَّعُ يُضَيَّقُ بِمُرُورِ الْوَقْتِ؛ إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ إِلَّا مَا يَسَعُ الفَرْضَ لَا غَيْرَ؛ كَمَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الظُّهْرِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ عَلَى وَقْتِ الَعَصْرِ إِلَّا مَا يَسَعُ لِأَدَاءِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَقَطْ.
وَقَدْ يَضِيقُ بِغَيْرِ مُرُورِ الْوَقْتِ؛ كَمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا نُزُولُ دَمِ الْحَيْضِ عَلَيهَا فِي مُنْتَصَفِ الْوَقْتِ – مَثَلًا - فَإِنَّهُ يُضَيَّقُ عَلَيْهَا الْوَقْتُ إِلَى مُنْتَصَفِهِ.
أَوْ كَمَنْ سَيُقَامُ عَليْهِ حَدُّ الْقَتْلِ فِي ثُلُثِ الْوَقْتِ – مَثلًا - فَإنَّهُ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوَقْتُ إِلَى ثُلُثِهِ.

أم علي طويلبة علم
2016-07-10, 10:17 PM
وَقَدْ يَضِيقُ بِغَيْرِ مُرُورِ الْوَقْتِ؛ كَمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا نُزُولُ دَمِ الْحَيْضِ عَلَيهَا فِي مُنْتَصَفِ الْوَقْتِ – مَثَلًا - فَإِنَّهُ يُضَيَّقُ عَلَيْهَا الْوَقْتُ إِلَى مُنْتَصَفِهِ.

أحسن الله إليكم، لو غلب على ظنها نزول دم الحيض وقت الظهر-ولم تؤدي فريضة الظهر بعد- فحاضت هل تأثم بذلك؟
قال بعض العلماء عليها قضاء الصلاة بعد طهرها، هل ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المرأة أن تصلي -بعد طهرها- صلاة فاتتها قبل نزول الحيض عليها ؟؟

عادل الغرياني
2016-07-10, 10:32 PM
بارك الله فيكم ، وأحسن إليكم وزادكم رفعة وعلما
آمين

أم علي طويلبة علم
2016-07-11, 04:52 AM
في جامع أحكام النساء للشيخ مصطفى العدوي (1/145):

وإذا حاضت المرأة قبيل العصر مثلا ولم تكن صلت الظهر لم يلزمها إعادة صلاة الظهر على الصحيح من أقوال أهل العلم
* برهان ذلك أن النساء على رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يحضن في كل الأوقات، ولم يرد قط أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة منهن بعد طهرها أن تصلي صلاة فاتتها قبل نزول الحيض عليها.
وبهذا القول قال عدد من أهل العلم.

أبو مالك المديني
2016-07-13, 07:13 PM
في جامع أحكام النساء للشيخ مصطفى العدوي (1/145):

وإذا حاضت المرأة قبيل العصر مثلا ولم تكن صلت الظهر لم يلزمها إعادة صلاة الظهر على الصحيح من أقوال أهل العلم
* برهان ذلك أن النساء على رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يحضن في كل الأوقات، ولم يرد قط أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة منهن بعد طهرها أن تصلي صلاة فاتتها قبل نزول الحيض عليها.
وبهذا القول قال عدد من أهل العلم.
بارك الله فيكم .
ينظر هنا :
http://majles.alukah.net/t154628/#post827982

أم علي طويلبة علم
2016-07-14, 05:21 AM
جزاكم الله خيرا

محمد طه شعبان
2016-07-14, 06:50 AM
نعم، وما رجحه الشيخ العدوي هو الراجح. والله أعلم.

محمد طه شعبان
2016-07-20, 10:55 PM
قَوْلُهُ: (وَمُعَيَّنٌ وَمُخَيَّرٌ): فَإِنَّ الْوَاجِبَ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِهِ إِلَى:
أَوَّلًا:وَاجِب مُعَيَّنٌ:وَهُو مَا لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامُهُ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُكَلَّفِ فِي نَوْعِهِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
الْوُضُوءُ، وغُسْلُ الْجَنَابَةِ، وَالصَّلَاةُ، وَالصِّيامُ، وَالزَّكَاةُ، وَالْحَجُّ، وَصِلَةُ الْأَرْحَامِ.
فَالْمَطْلُوبُ فِي هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ وَاحِدٌ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامُهُ، وَلَا خِيَارَ فِيهِ لِلْمُكَلَّفِ.
ثَانِيًا:وَاجِب مُخَيَّرٌ:وَهُو مَا خُيِّرَ فِيهِ الْمُكَلَّفُ، وَيَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامُهُ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
1- كَفَّارَةُ الْيَمِينِ: فَإِنَّ المُكَلَّفَ مُخَيَّرٌ فِيهَا حَالَ الِاسْتِطَاعَةِ بَيْنَ: الْإِطْعَامِ، أَوِ الْكِسْوَةِ، أَوِ الْعِتْقِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿فَكَفَّارَتُه إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ﴾ [المائدة: ٨٩].
2- زَكَاةُ الْفِطْرِ: خُيِّرَ المُكَلَّفُ فِي أَدَائِهَا بَيْنَ عِدَّةِ أَصْنَافٍ.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
3- التَّخْييرُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ حَالَ الْإِحْرَامِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ﴾ [ المائدة: ٩٥].
4- التَّخْييرُ فِي فِدْيَةِ الْحَلْقِ لِلْأَذَى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [ البقرة: ١٩٦] .
5 - تَخْييرُ الْإِمَامِ فِي حُكْمِ الْأَسْرَى بَيْنَ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء﴾ [ محمد: ٤ ].
6- التَّخْيِيرُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِين َ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [المجادلة: 3، 4].
7- تَخْييرُ الْمَرْأَةِ فِي التَّزْوُّجِ بَيْنَ كُفْئَينِ.
8- التَّخْييرُ بَيْنَ رَجُلَينِ كِلاَهُمَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ.
([1]) متفق عليه: أخرجه البخاري (1506)، ومسلم (985).

محمد طه شعبان
2016-07-20, 11:01 PM
مسألة: هَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الأُمُورِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهَا؟
الجواب: بَعْضُ الْأُمُورِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا؛ كَزَوَاجِ الْمَرْأَةِ مِنْ كُفْئَينِ، وَكَتَعْيينِ إِمَامَينِ.
وَبَعْضُهَا يَجُوزُ؛ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ لِلْأَذَى، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

محمد طه شعبان
2016-07-20, 11:33 PM
قَوْلُهُ: (وَكِفَائِيٌّ وَعَيْنِيٌّ): وَيَنْقَسِمُ الْوَاجِبُ بِاعْتِبَارِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ إِلَى:
أوَّلًا: وَاجِبٌ عَيْنِيٌّ: وَهُوَ: مَا يَجبُ أَدَاؤُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِعَيْنِهِ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ إِلَّا بِأَدَائِهِ بِنَفْسِهِ.
فَالْوَاجِبُ الْعَيْنِيُّ يَنْظُرُ فِيهِ الشَّارِعُ إِلَى ذَاتِ الْفَاعِلِ، وَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَعَدِمِ الْحَاجَةِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
الصَّلَاةُ، وَالطَّهَارَةُ، وَالصَّوْمُ، وَالزَّكَاةُ, وَالْحَجُّ.
ثَانِيًا: وَاجِبٌ كِفَائِيٌّ: وَهُوَ: الْمَطْلُوبُ فِعْلُهُ مِنْ مَجْمُوعِ الْمُكَلَّفِينَ ، لَا مِنْ كُلِّ فَرْدٍ بِعَيْنهِ؛ بِحَيْثُ إنَّهُ إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ الْمُكَلَّفِينَ سَقَطَ الْإِثْمُ وَالْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ أَيُّ فَرْدٍ أثِمَ كُلُّ مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ.
فَالْوَاجِبُ الْكِفَائيُّ يَنْظُرُ فِيهِ الشَّارِعُ إِلَى ذَاتِ الْفِعْلِ، بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنِ الْفَاعِلِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
تَغْسِيلُ الْمَيِّتِ، وَتَكْفِينُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَالْقَضَاءُ، وَالْإِمَامَةُ، وَالْإِفْتَاءُ، وَالْجِهَادُ، وَرَدُّ السَّلَامِ.
فهَذِهِ الْوَاجِبَاتُ مَطْلُوبٌ فِعْلُهَا وَوُجُودُهَا فِي الْأُمَّةِ، بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ فَاعِلهَا.
والواجب الكفائي قد يتعين في بعض الأوقات أو بعض الحالات:
مِنْ ذلِكَ: أَنَّ الْعَدُوَّ إِذَا دَاهَمَ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْجِهَادَ – حِينَهَا - يَصِيرُ فَرْضًا عَيْنِيًّا عَلَى كُلِّ مَنْ يَسْتَطيعُ الْجِهَادَ.
وَكَذَلِكَ إِذَا اسْتَنْفَرَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ؛ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ.
وَيَتَعَيَّنُ الْوَاجِبُ الْكِفَائِيُّ – أَيْضًا - في حَقِّ رَجُلٍ لَا يَصْلُحُ للإمَامَةِ غَيْرُهُ، وَرَجُلٌ لَا يَصْلُحُ لِإِقَامَةِ الْقَضَاءِ غَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (وَمُقدَّرٌ وَغَيْرُ مُقَدَّرٍ): وَيَنْقَسِمُ الْوَاجِبُ أَيْضًا – مِنْ حَيْثُ مِقْدَارُهُ - إِلَى:
أَوَّلًا: وَاجِبٌ مُقَدَّرٌ: وَهُوَ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ بِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ؛ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ، إِلَّا إِذَا أَدَّاهُ بِالْقَدْرِ الَّذِي حَدَّدَهُ الشَّرْعُ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالزَّكَاةُ، وَالصَّوْمُ، وَالْحَجُّ.
فَهَذِهِ الْوَاجِبَاتُ قَدْ حَدَّدَهَا الشَّارِعُ بِكَيْفِيَّاتٍ مُعَيَّنَةٍ، وَقَدَّرَهَا بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ إِلَّا بِأَدَائِهَا عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي حَدَّدَهُ الشَّارِعُ.
ثَانِيًا: وَاجِبٌ غَيْرُ مُقَدَّرٍ: وَهُوَ مَا لَمْ يُحَدِّدْ لَهُ الشَّارِعُ مِقْدَارًا مُعَيَّنًا؛ وَإِنَّمَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ بِأَدَائِهَا عَلَى أَيِّ مِقْدَارٍ؛ حَسْبَ سَدِّ الْحَاجَةِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
صِلَةُ الْأَرْحَامِ، وَبِرُّ الْوَالِدَينِ، وَالْإِنْفَاقُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالتَّعَاونُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى؛ فَكُلُّ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ لَيْسَ لَهَا مِقْدَارًا مُعَيَّنًا؛ وَإِنَّمَا تُؤَدَّى بِحَسَبِ الْحَاجَةِ.

محمد طه شعبان
2016-07-30, 01:49 PM
الضَّابِطُ الْخَامِسُ: الْمُسْتَحَبُّ: مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ امْتِثَالًا، وَلَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ.
الشرح:
الْمُسْتَحَبُّ اصْطِلَاحًا: هُوَ مَا طَلَبَ الشَّارِعُ فِعْلَهُ، لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
فَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: (مَا طَلَبَ الشَّارِعُ فِعْلَهُ): الْمُحَرَّمُ، وَالْمَكْرُوهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ نَهَى عَنْهُمَا.
وَخَــرَجَ بِــهِ أَيْضًا: الْمُبَاحُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُطَالِبْ بِــهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ الـتَّخْييرُ.
وَخَـرَجَ بِقَولِنَا: (لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَـتْمِ وَالْإِلْـزَامِ ): الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ طَالَبَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
وَحُكْمُ الْمُسْتَحَبِّ وَثَمَرَتُهُ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ امْتِثَالًا، وَلَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ).
فَقَوْلُهُ: (امْتِثَالًا): أَيِ: امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَقْصِدَ بِفِعْلِهِ التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَدْ يَفْعَلُ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ، لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ؛ كَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى، أَوْ كَمَنْ يَسْتَاكُ عِنْدَ دُخُولِ الْبَيْتِ عَادَةً، لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، أَوْ كَمَنْ يَنَامُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ عَادَةً، لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ.
وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ): لِأَنَّهُ تَرَكَ شَيْئًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
كَمَا جَاءَ في حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ﭬ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ، وَلَا نفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ، وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ»، فقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ، فقَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»، وَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الزَّكَاةَ، فقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا، فقَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»، فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
فَهَذَا رَجُلٌ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَنْ يَفْعَلَ الْمُسْتَحَبَّا تِ؛ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ.

([1]) متفق عليه: أخرجه البخاري (46)، ومسلم (11).

محمد طه شعبان
2016-07-30, 01:54 PM
· أدلة الاستحباب:
يُسْتَفَادُ الِاسْتِحْبَابُ مِنْ:
أَوَّلًا: التَّرْغِيبُ فِي الْفِعْلِ:
نَحْوُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وَقَوْلِهِ ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
وَقَوْلِهِ ﷺ: «صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
وَقَوْلِهِ ﷺ: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)).
ثَانِيًا: ذِكْرُ ثَوَابٍ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ تَكْفِيرِ ذُنُوبٍ:
نَحْوُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ الناس صَدَقَةٌ؛ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ عِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى»([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)).
وَقَولِهِ ﷺ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ»([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)).
وَقْولِهِ ﷺ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)).
وَقَولِهِ ﷺ: «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)).
وَحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ ﭬ، أَنَّ النَّبيَّ ﷺ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، قَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ» ؛ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ»([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)).
ثَالِثًا: الْأَمْرُ مَعَ قَرِينَةٍ صَارِفَةٍ لَهُ عَنِ الْوُجُوبٍ:
وَمِنْ هَذِهِ الْقَرَائِنِ:
1- التَّخْييرُ بَعْدَ الْأَمْرِ: نَحْوُ قَوْلِهِ ﷺ: «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ، صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ»، ثم قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ»([10] (http://majles.alukah.net/#_ftn10)).
فَقَوْلُهُ ﷺ: «لِمَنْ شَاءَ» دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأمْرَ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ.
2- أَنْ يَتْرُكَ ﷺ مَا أَمَرَ بِهِ، وَلَا يُدَاوِمُ عَلَيْهِ: نَحْوُ قَوْلِهِ تعَالَى: ﴿وَأَشْهِدُوْا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [ البقرة: 282].
فَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ ﷺ أنَّهُ اشْتَرَى وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى شِرَائِهِ، كَشِرَائِهِ جَمَلَ جَابِرٍ.
وَنَحْوُ قَولِهِ ﷺ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا»([11] (http://majles.alukah.net/#_ftn11)).
فَهُنَاكَ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لِهَذَا الأَمْرِ عَنِ الْوُجُوبِ، وَهِي عَدَمُ مَدَاوَمَتِهِ ﷺ عَلَى ذَلكَ.
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﭭ، أنَّ النَّبيَّ ﷺ كَانَ لَا يُصَلِّيَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ([12] (http://majles.alukah.net/#_ftn12)).
3- أَنْ يَفْعَلَ الصَّحَابَةُ مَا يُخَالِفُ الْأَمْرَ، وَيُقِرُّهُمُ النَّبيُّ ﷺ، وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ: نَحْوُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿فَكَاتِبُوهُم إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ [ النور: ٣٣].
فَهُنَاكَ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لِهَذَينِ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْوُجُوبِ إِلَى الِاسْتِحْبَابِ ؛ وَهِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُكَاتِبْ، وَلَمْ يُؤْتِ مَوَالِيهِ مِنْ مَالِهِ؛ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ؛ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَنْكَرَ عَلَيهِمُ النَّبِيُّ ﷺ.
رَابِعًا: فِعْلُ النَّبيِّ ﷺ المُجَرَّدُ لِمَا يُتَقَرَّبُ بِهِ، دُونَ دَلِيلٍ عَلَى الْوُجُوبِ:
كَصَوْمِهِ ﷺ يَوْمَيِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ([13] (http://majles.alukah.net/#_ftn13)).
وَكَصَوْمِهِ ﷺ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ([14] (http://majles.alukah.net/#_ftn14)).
وَاعْتِكَافِهِ ﷺ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ([15] (http://majles.alukah.net/#_ftn15)).
وَكَصَلاتِهِ ﷺ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ([16] (http://majles.alukah.net/#_ftn16)).
وَصَلَاتِهِ ﷺ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا([17] (http://majles.alukah.net/#_ftn17)).
· تفاوت المستحبات:
الْمُسْتَحَبَّا تُ مِنْهَا مَا هُوَ مُتَأَكَّدٌ؛ وَهُوَ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبيُّ ﷺ وَلَمْ يَتْرُكْهُ؛ كَصَلَاةِ الْوِتْرِ، وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ.
وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ؛ وَهُوَ مَا فَعَلَهُ النَّبيُّ ﷺ أَحْيَانًا وَتَرَكَهُ أَحْيَانًا؛ كَصَلَاةِ الضُّحَى، وَصَلَاةِ أرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ.

([1]) صحيح: أخرجه مسلم (1163).

([2]) صحيح: أخرجه مسلم (1164).

([3]) متفق عليه: أخرجه البخاري (1979)، ومسلم (1159).

([4]) متفق عليه: أخرجه البخاري (1923)، ومسلم (1095).

([5]) صحيح: أخرجه مسلم (720).

([6]) صحيح: أخرجه الترمذي (807)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجة (1746)، وأحمد (4/114)، وصحَّحه الألباني في «التعليق الرغيب» (2/95).

([7]) متفق عليه: أخرجه البخاري (38)، ومسلم (760).

([8]) صحيح: أخرجه مسلم (597).

([9]) صحيح: أخرجه مسلم (1162).

([10]) صحيح: أخرجه البخاري (1183).

([11]) صحيح: أخرجه مسلم (881).

([12]) صحيح: أخرجه مسلم (882).

([13]) صحيح: أخرجه الترمذي (745)، وقال: «حسن غريب من هذا الوجه»، وابن ماجه (1739)، وصحَّحه الألباني في «الإرواء» (4/105، 106).

([14]) صحيح: أخرجه مسلم (1160).

([15]) متفق عليه: أخرجه البخاري (2025)، ومسلم (1171).

([16]) صحيح: أخرجه البخاري (1182).

([17]) متفق عليه: أخرجه البخاري (1165)، ومسلم (729).

محمد طه شعبان
2016-07-30, 01:59 PM
الضَّابطُ السَّادِسُ: الْحَرَامُ: مَا يُثَابُ تَارِكُهُ امْتِثَالًا، وَيَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الْعِقَابَ.
الشرح:
الْحَرَامُ لُغَةً: الْمَمْنُوعُ، وَالتَّحْريمُ: الْمَنْعُ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وحرمنا عليه المراضع﴾ [القصص: ١٢].
وَالْحَرَامُ اصْطِلَاحًا: مَا طَلَبَ الشَّارِعُ تَرْكَهُ عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
فَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: (مَا طَلَبَ الشَّارعُ تَرْكَهُ): الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبّ ُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ طَلَبَ فِعْلَهُمَا.
وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا: الْمُبَاحُ؛ لِأَنَّ فِيهِ التَّخْييرَ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: (عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ): الْمَكْرُوهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ طَلَبَ تَرْكَهُ، وَلَكِنْ لَا عَلَى سَبيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
وَحُكْمُ الْحَرَامِ وَثَمَرَتُهُ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (مَا يُثَابُ تَارِكُــهُ امْتِثَالًا، وَيَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الْعِقَابَ).
فَقَوْلُهُ: (امْتِثَالًا): لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَدْ يَتْرُكُ الْحَرَامَ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ، لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ؛ كَمَنْ تَرَكَ أَذِيَةَ جَارِهِ، أَوْ كَمَنْ تَرَكَ شُرْبَ الْخَمْرِ، وتَرَكَ الزِّنَا عَادَةً؛ لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ.
وَقَوْلُهُ: (وَيَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الْعِقَابَ): لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا طَلَبَ الشَّارِعُ مِنْهُ تَرْكَهُ عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [النساء: ١٤].
وَقَوْلُهُ: (يَسْتَحِقُّ): مِنْ غَيرِ جَزْمٍ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ يَغْفِرُ لَهُ ذَنْبَهُ.

أم علي طويلبة علم
2016-07-30, 03:38 PM
وَقَوْلُهُ: (يَسْتَحِقُّ): مِنْ غَيرِ جَزْمٍ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ يَغْفِرُ لَهُ ذَنْبَهُ.

أحسن الله أليكم

محمد طه شعبان
2016-07-30, 03:40 PM
أحسن الله أليكم
بارك الله فيكم.

أم علي طويلبة علم
2016-08-11, 02:07 PM
للرفع