محمد علي الطاهر
2013-10-12, 09:19 AM
آل محمد الذين تحرم عليهم الصدقات
((((( بحث محكم مقارن)))))
للدكتور مولاي الإدريسي
الأقوال
القول الأول : هم بنو هاشم بن عبد مناف.قال به جمهور أهل العلم .
وهؤلاء اختلفوا بعدُ إلى مذهبين اثنين :
المذهب الأول من القول الأول : هُم آل أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب (أي آل عليّ بن أبي طالب ؛ وآل جعفر بن أبي طالب ؛ وآل عقيل بن أبي طالب) ؛ وآل حمزة بن عبد المطلب بن هاشم ؛ وآل العباس بن عبد المطلب بن هاشم ؛ وآل الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ؛ وآل أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم.
هذا القول عزاه ابنُ عبد البر المالكيّ لأبي حنيفة في الإستذكار نقلاً عن مختصر الطحاويّ (1). وهو كذلك في كتاب اختلاف العلماء للطحاويّ الذي اختصره الجصاص ، (2) . وهو قول حكاه ابن حزم من الظاهريّة في المحلى ولم يعزه لأحدٍ (3) . واختاره القرافيّ المالكيّ في الذخيرة وعزاه لابن القاسم منهم ، قال : "وهو الأظهر ، لأنه إنما يتناول عند الإطلاق الأدنين" (4) . وكذلك عزاه لابن القاسم ؛ ابنُ شَاسَ المالكيّ في عقد الجواهر (5) .
وهو كذلك في التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح للشويكيّ (6) . وبه قال مالك وأكثر أصحابه كما في شرح ميارة
__________
(1) الإستذكار الجامع لمذهب فقهاء الأمصار ، ابن عبد البر المالكي ، تحقيق عبد المعطي أمين قلعجي ، دار الوعي ، حلب القاهرة ، ط1، 1414هـ ( 27/430 ) .
(2) اختلاف العلماء ( 1/447ـ448 ) .
(3) المُحلّى ( 6/146 ) .
(4) الذخيرة ، العلامة أحمد القرافيّ المالكيّ المتوفى عام 684هـ ، تحقيق . د.محمد حجيّ ، ومحمد بوخبزة ، ط 1، 1994م ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ( 3/142) .
(5) عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة ، للجلال ابن شاش المالكي ، ط 1 ، 1405هـ ، دار الغرب الإسلامي ( 1/348 ).
(6) التوضيح ( 1/442 ) .
على ابن عاشر (1) . وقال أبو عبد الله بن الحاج في شرحه على ميارة: "في مقام حرمة الزكاة الأصح عند المالكية أقاربه المؤمنون من بني هاشم كالحنابلة " (2) . وهذا القول حكاه المرداويّ في التنقيح المشبع (3) , والإنصاف (4) . وبه قال ابن نجيم رحمه الله في البحر الرائق شرح كنز الدقائق كما هو الأظهر ، قال: "أطلق ـ أي النسفيّ في الكنز ـ في بني هاشم فشمل من كان ناصراً للنبي ومن لم يكن ناصراً له منهم كولد أبي لهب ، فيدخل من أسلم منهم في حرمة الصدقة لكونه هاشمياً ، فإن تحريم الصدقة حكم يختص بالقرابة من بني هاشم لا بالنصرة ، كذا في غاية البيان (5) أهـ وفي الأحكام للجصاص ما يدلٌّ عليه ، قال : لو كانت النصرة أصلاً لتحريم الصدقة لوجب أن يخرج منها آل أبي لهب وبعض آل الحارث بن عبد المطلب من أهل البيت ، لأنهم لم يجيبوه .. وهذا ساقط" (6) . فهو قول لدى الحنفية . وعزاه صاحب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داوود إلى مالك وأحمد (7) .
قال البيهقيُّ في السنن الكبرى تحت باب الدليل على أن كل من حرم الصدقة من آله : " إذا كان بني هاشم وإن لم يكن من أولاد من سماهم زيد بن أرقم - رضي الله عنه - " (8) . إلاّ أنه أضاف إليهم بني المطلب بن عبد مناف وكذا فعل ابن عبد البر في الإنباه (9) .
قال الشوكانيّ في نيل الأوطار : "والمراد ببني هاشم ؛ آل عليّ ؛ وآل عقيل ؛ وآل جعفر ؛ وآل العباس ؛ وآل الحارث ، ولم يدخل في ذلك آل أبي لهب لما قيل من أنه لم يُسْلم أحد منهم في حياته ويرده ما في جامع الأصول أنه أسلم عتبة ومعتِّب ابنا أبي لهب عام الفتح وسُرَّ النبي بإسلامهما ودعا لهما وشهدا معه حنيناً والطائف ولهما عقب عند أهل النسب" (10) . وهو قول ابن عبد البر من المالكية (11).
وأهملت الموسوعة المصرية هذا القول بالمرّة (12) .
__________
(1) شرح ميّارة ( 1/11 ) .
(2) ابن الحاج ( 1/11 ) .
(3) التنقيح ( 122 ) .
(4) الإنصاف ( 3/256 ) .
(5) غاية البيان ( 2/265 ) .
(6) أحكام القرآن ( 3/171 ) .
(7) المنهل ( 9/292) .
(8) السنن الكبرى ( 2/149) .
(9) طبعة الأنباري ( 45) ـ طبعة كمال ( 77 ) .
(10) نيل الأوطار ( 4/241) .
(11) الإنباه .
(12) انظر (1/59) وانظر هذا القول في الخرشي على مختصر خليل ( 1/214) ، وفيض القدير ( 1/17 ) ولوامع الأنوار ( 1/51 ).
وحكاه عن الجعفرية في إرشاد الأذهان في أحكام الإيمان (1) . وقال به في مدارك الأحكام، قال وبسبب الخمس (2) . وروي عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال : "لا تحل الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم " (3) ، قال السيد محسن الحكيم: "والهاشميّ هو المنتسب ـ شرعاً ـ لهاشم بالأب دون الأمّ ، وحكى بعض علماء الجعفرية أنه يجوز للهاشميّ أخذ زكاة غير الهاشميّ مع الإضطرار ، وفي تحديد الإضطرار إشكال ، قال: وقد ذكر جماعة من العلماء أنّ المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية ، وهو أيضاً مشكل ، والأحوط تحديده بعدم كفاية الخمس" (4) .
وحكى الطوسيّ في الخلاف أنّ الذين تحرم عليهم هم بني هاشم ولا تحرم على ولد المطلب ؛ ونوفل ؛ وعبد شمس بن عبد مناف (5) .
المذهب الثاني من القول الأول : هُم آل أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف (وهُم : آل عليّ ، وآل عقيل ، وآل جعفر) وآل العبّاس بن عبد المطلب ، وآل الحارث بن عبد المطلب .
فخرج آلُ حمزة بن عبد المطلب بن هاشم لكونه منقرضاً ؛ وهم قطعاً داخلون ما لو بقيت لهم بقية , وخرج طالبُ بن أبي طالب لكونه درج ولم يعقب , وخرج آلُ أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم لأنه لم تُسْلِم نفسُه ، ولأن آل أبي لهب لا نصرة لهم , وبعضهم يُهمل آل الحارث بن عبد المطلب بن هاشم .
حكاه أبو بكر الجصاص من الحنفية وعزاه لأصحابه وعزاه لزيد بن أرقم - رضي الله عنه - ، وقال : "هو المشهور عن أصحابنا جميعاًَ" (6) , غير أن ظاهر كلام الجصاص في موضع آخر يدلُّ على خلافه أعني المذهب السابق (7) .
وعزاه صاحبُ المنهل المورود شرح سنن أبي داوود إلى أبي حنيفة وأصحابه (8), وكذا كان فعل القرافيّ في الذخيرة (9), وكذا هو في اللباب وأصله (10) , وكذا هو في بداية المبتدىء وشرحه الهداية وشرحها فتح القدير لابن الهمام من الحنفية (11) , وبه قال ابن عابدين من الحنفية في حاشيته على الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجزم به (12) , وبه قال
__________
(1) إرشاد ( 1/42 ) .
(2) مدارك الأحكام ( 5/128ـ153) .
(3) مدارك الأحكام ( 5/154) ، التهذيب ( 4/59ـ158) ، الإستبصار ( 2/35ـ109) ، وسائل الشيعة ( 6/186 ) .
(4) منهاج الصالحين ، السيد محسن الطباطبائي الحكيم ، تعليق السيد أبو القاسم الخوئي ( 1/315ـ316).
(5) الخلاف ( 2/227ـ مسألة 4 من كتاب الوقف والصدقات ، 2/353 مسألة 26 من كتاب قسمة الصدقات ) .
(6) أحكام القرآن ( 3/84, 169، 170 ) .
(7) أحكام القرآن ( 3/85، 171 ) ، وأنظر اختلاف العلماء للطحاوي الذي اختصره الجصاص ( 1/ 477ـ478 ) .
(8) المنهل المورود ( 9/291ـ292 ) .
(9) الذخيرة ( 3/142) .
(10) اللباب شرح الكتاب ( 1/150 ) .
(11) البداية ( 2/274 ) .
(12) حاشية ابن عابدين ( 2/350 ) .
العينيّ كما في البناية في شرح الهداية كأصله (1), وعزاه ابن العربيّ المالكيّ في عارضة الأحوذيّ لأبي حنيفة (2) .
وهذا القول حكاه ابن هبيرة في الإفصاح عن معاني الصحاح وهو كتاب يجمع المذاهب الأربعة قال : اتفقوا على أن الصدقة المفروضة حرام على بني هاشم وهم خمس بطون : وذكرهم (3) , وجزم به في الرعاية (4) , وبه جزم في التلخيص والرعاية الكبرى فلم يدخلا أبا لهب ، حكاه المرداويّ في الإنصاف (5) , وعزاه الزيلعيُّ للقدوريِّ منهم وهو الذي اختاره الزيلعيّ وقال : "وفائدة تخصيصهم بالذكر جواز الدفع إلى بعض بني هاشم وهم بنو أبي لهب ، لأن حرمة الصدقة كرامة لهم استحقوها بنصرة النبيّ في الجاهلية والإسلام ، ثم سرى ذلك إلى أولادهم ، وأبو لهب آذى النبيّ وبالغ في أذيته فاستحق الإهانة ، قال أبو نصر البغداديّ وما عدا المذكورين لا تحرم عليهم . أهـ قاله في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (6).
وقال ابن نجيم في البحر الرائق شرح كنز الدقائق : "قيده المصنف في الكافي تبعاً لما في الهداية وشروحها بآل عليّ ؛ وعباس ؛ وجعفر ؛ وعقيل ؛ وحارث بن عبد المطلب ، ومشى عليه الشارحُ الزيلعيّ والمحقق في فتح القدير وصرّحا بإخراج أبي لهب وأولاده من هذا الحكم، لأنّ حرمة الصدقة لبني هاشم كرامة من الله تعالى لهم ولذريتهم حيث نصروه في جاهليتهم وإسلامهم ، وأبو لهب كان حريصاً على أذى النبي فلم يستحقها بنوه ، واختاره المصنف في المستصفى وروى حديثاً لا قرابة بيني وبين أبي لهب ، ونصَّ في البدائع على أن الكرخي قيد بني هاشم بالخمسة من بني هاشم فكان المذهب التقييد لأن الإمام الكرخي ممن هو أعلم بمذهب أصحابنا" (7) .
وبهذا القول قال أبو الطيب العظيم أباديّ في عون المعبود (8) . وبه قال الأمير القنوجيّ وقدمه لكون زيد بن أرقم فسّرهم ولم يذكر معهم غيرهم(9).
قالت الموسوعة الفقهية المصرية : "إنّ مذهب الحنفية في تحريم الزكاة ـ وتعني هذا القول ـ هو مذهب الزيدية
__________
(1) البناية ( 3/554ـ556 ) .
(2) العارضة ( 3/161) .
(3) الإفصاح ( 1/230 ) .
(4) حاشية المقنع لآل الشيخ ( 1/354 ) .
(5) الإنصاف ( 3/256 ) .
(6) تبيين الحقائق ( 1/303 ) .
(7) البحر (2/265) .
(8) عون (2/45) .
(9) فتح العلام شرح بلوغ المرام (1/285) .
والإمامية" (1) .
وقال أبو عبد الله الشافعيّ في كتابه رحمة الأمة في اختلاف الأئمة : اجمعوا على تحريم الصدقة المفروضة على بني هاشم وهم خمس بطون: "آل عليّ ؛ وآل عباس ؛ وآل جعفر ؛ وآل عقيل ؛ وآل الحارث بن عبد المطلب" (2) . وهو تسرّع منه رحمه الله في حكايته الإجماع أو سهو .
مَنْ ذكر أن آل محمد هم بنو هاشم ثم لم يُفصِّل في القول
قال هؤلاء : إن آل محمد هم بنو هاشم لا أحد معهم ، ولكنهم لم يفصلوا القول ، ونحن أفردناهم هنا توخياً للدقة ، وإلاَّ فإنّ ما حكوه مجملاً يبينه المفصل المذكور في كتبهم ، وكونه مجملاً فإنه كذا هو عند الطحاويّ في مختصره (3) . وعزاه الجصاص في أحكام القرآن للثوريّ (4) . قال المرداوي في الإنصاف : "وبنو هاشم من كان من سلالة هاشم على الصحيح من المذهب وذكره القاضي وأصحابه وجزم به المجد في شرحه وغيره ، وقدَّمه في الفروع" (5) . وقال :"قوله (ولا بني هاشم) هذا المذهب مطلقاً ، نصَّ عليه ، وعليه أكثر الأصحاب , وكالنبي إجماعاً" (6)، ثم قال: فائدة: بنو هاشم من كان من سلالة هاشم على الصحيح من المذهب , وذكره القاضي وأصحابه ، وجزم به المجد في شرحه وغيره ، وقدمه في الفروع ، فيدخل فيهم آل العباس ، وآل عليّ , وآل جعفر , وآل عقيل ، وآل الحارث بن عبد المطلب ، وآل أبي لهب ، وجزم في التلخيص والرعاية الكبرى أن بني هاشم هم آل العباس , وآل عليّ , وآل جعفر , وآل عقيل , وآل الحارث بن عبد المطلب ، فلم يدخلا آل أبي لهب مع كونه أخا العباس وأبي طالب (7) . وحكاه ابن قدامة في المغني (8) . وفي الكافي (9) . وفي المقنع (10) . وابن الجوزيّ في المذهب الأحمد (11) . وحكاه ابن عبد البر المالكيّ في الكافي وقال: "وسواء أعطوا حقهم من الخمس أو منعوه لعموم الخبر ، ولأن منعهم لشرفهم ،
__________
(1) الموسوعة (1/59) .
(2) رحمة الأمة (88) .
(3) مختصر الطحاوي ( 52 ) .
(4) أحكام القرآن ( 3/170) .
(5) الإنصاف ( 1/255ـ256 ) .
(6) الإنصاف (3/254 ) ، وفي نسخة ( 3/229 ) .
(7) الإنصاف ( 3/230 ) .
(8) المغني ( 2/655ـ656 ) .
(9) الكافي ( 1/337ـ338 ) .
(10) المقنع ( 1/352 ) .
(11) المذهب الأحمد ( 53 ) .
وشرفهم باقٍ ، فينبغي المنع"(1). وحكاه ابن حجر في الفتح عن أبي حنيفة وأحمد في رواية عنه (2) . وكذا النوويّ في شرح مُسلم (3) . وعزاه ابن العربيّ لأكثر أهل العلم (4) . وعزاه ابن قيم الجوزية في جلاء الأفهام لأبي حنيفة وأحمد في رواية ثانية عنه وحكى أنه اختيار ابن القاسم من أصحاب مالك (5) . وعزاه ابن تيمية في فتاويه لأبي حنيفة ومالك (6) . وعزاه الخطابيّ لأكثر العلماء (7). وكذلك ابن رشد الحفيد حكاه قولاً وعزاه لأكثرهم في فتاويه (8) . وعزاه ابن الموّاز لابن القاسم من المالكية كما في التاج والإكليل لمختصر سيدي خليل للموّاق بهامش مواهب الجليل ، وكذا نسبه ابن المواق أيضاً لابن حبيب (9) . وفي حاشية الدردير على مختصر خليل أنهم بنو هاشم فقط (10) , وهو قول الدسوقيّ في حاشيته على شرح الدردير وعليش في حاشيته على الدسوقيّ (11) . وحكاه الباجوريّ الشافعيّ في حاشيته على الشنشوريّ عن المالكية قال: وأما عند المالكية فبنو هاشم فقط على المعتمد(12). وعزاه الشوكانيّ في نيل الأوطار لأبي حنيفة ومالك والهادوية من الزيدية وأحمد في رواية ، وعزاه كذلك لابن رسلان ولأبي طالب من أهل البيت ، قال حكى ذلك عنه في البحر (13) . فهذا هو مذهب الزيدية كما في المنتزع المختار لابن مفتاح (14) . والبحر الزخار للإمام المرتضى (15) . والسيل الجرار للشوكانيّ ، وقد أقر بهذا القول الشوكانيّ ولكنه لم يفصّل (16) . وهذا القول حكاه السرخسيّ في المبسوط (17) , وأبو الحسن السغديّ في النُتَف في الفتاوى وعزاه لأبي يوسف ومحمد وأبي
__________
(1) الكافي في فقه أهل المدينة ، للعلامة ابن عبد البر ، ط 2 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ( 1/337ـ338 ) .
(2) فتح الباري ( 3/354) .
(3) شرح صحيح مسلم ( 7/176) .
(4) أحكام القرآن ، للعلامة محمد بن العربي المالكي المتوفى عام 543هـ ، تحقيق محمد عبد القادر عطا ، ط 1 ، 1408هـ ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان (2/539 ) .
(5) جلاء الأفهام (159) .
(6) الفتاوى (1/178) .
(7) 2/244 ) .
(8) الفتاوى (1/403ـ405 ) ، وانظر البيان والتحصيل له ( 2/460، 382 ) .
(9) صفحة ( 2/223 ) , وفي نسخة ( 2/344 ) التاج والإكليل لمختصر خليل ، للمواق ، ط1، 1416هجرية ، دار الكتب العلمية ، وهو بهامش مواهب الجليل , وانظر تفسير القرطبي ( 7/121 ) .
(10) الشرح الكبير ( 2/101 ) .
(11) حاشية عليش ( 2/100ـ102 ) .
(12) حاشية الباجوري ( 5، 24) .
(13) نيل الأوطار ( 4/240ـ241 ) .
(14) المنتزع المختار من الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار في فقه الأئمة الأطهار ، لأبي الحسن بن مفتاح ، ط 1401هجرية ، صنعاء ( 1/522 ) وما بعدها.
(15) البحر ( 3/184) .
(16) السيل ( 2/64 ) .
(17) المبسوط ، للشمس محمد السرخسي المتوفى 490 هـ ، ط 1 ، 1414 هـ ، مصور في دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ( 3/12) .
عبد الله (1) , وحكاه السمرقنديّ في تحفة الفقهاء (2) , والنسفيّ في كنْز الحقائق كما في البحر الرائق (3) , وتبيين الحقائق (4) , وعزاه ابن العربيّ المالكيّ في عارضة الأحوذيّ للإمام الشافعيّ من غير ذكر لآل المطلب .. وإذن فليس هذا مذهب الإمام الشافعيّ قطعاً (5) . وعزاه اللخميّ في التبصرة لابن القاسم وحسَّنه وبه أخذ (6) . كما عزاه له ابن أبي زيد القيروانيّ (7) .
وحكاه من الجعفرية صاحب مدارك الأحكام ، قال وبسبب الخمس (8) . وكتاب الوسيلة إلى نيل الفضيلة (9) . (10)
خلاصة ما تقدم : أن هذا هو قول منسوب إلى الحنفية والمالكية لم يُفَصِّله الأتباع ، إلا أنه قد فَصَّل فيه آخرون فيما تقدم ، وبه قال الزيدية والجعفرية من الإمامية .
قالوا : لأن لفظة (آل محمد) لفظة مجملة تحتاج إلى بيان ، وقد تكفل الشرع ببيانه ، وكفى بالشريعة ، ويجب علينا أن نقف عند حدودها ولا نتجاوزها ، والكلام كما قد قيل يُجملُ في غير مقصوده ، ويتبين في مقصوده .
كما يجب علينا أن نعطي كل مقام ما يستحق من المقال .
القول الثاني : إنّ آل محمد هم بنو هاشم بن عبد مناف ، وبنو أخيه المطلب بن عبد مناف وإنْ تناسلوا وإنْ بعُدوا إلى يوم الدين.
وقال به كل من :
أولاً : الشافعية
اشتهر به الشافعية وبه صرّح الإمامُ الشافعي في الأمّ في غير موضع ، حيث قال : "إن الذين تحرم عليهم الصدقة هم أهل الخمس آل محمد " (11) . وقال في موضع آخر : "هم صليبة بني هاشم وبني المطلب ؛ أهل الشعب" (12) . كما
__________
(1) النتف في الفتاوى ، أبو الحسن السغدي ، تحقيق د.صلاح الدين الناهي ، ط 2 ، 1404هـ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ( 1/199).
(2) تحفة الفقهاء ( 1/302 ) .
(3) البحر ( 2/265 ) .
(4) تبيين الحقائق ( 1/303 ) .
(5) عارضة الأحوذي ( 3/161 ) .
(6) التبصرة (1/81ب ـ 82أ) .
(7) النوادر والزيادات ( 2/296) ، وذلك أخذاً من كتاب ابن المواز والعتبية.
(8) مدارك الأحكام ( 5/128ـ153 ) .
(9) الوسيلة ( 51 ) .
(10) انظر هذا القول بهذا الوصف في المشرع الروي لباعلوي (1/44) .
(11) الأم ( 2/62 ) .
(12) الأم ( 2/69 ) ، وأنظره في مختصر المزني ( 171) .
صرّح رحمه الله في أحكام القرآن بأن هؤلاء هم قرابته التي ينفرد بها دون غيرها من قرابته التي لا ينفرد بها ، وأنهم بنو هاشم و بنو المطلب ، وأن ذلك جارٍ في جميع المقامات ، في مقام الصدقات ، ومقام سهم خمس خمس المغنم وفي مقام الصلاة عليهم (1) .
وحكاه مع تصريح الإمام أتباعُه ونسبوه له ، فقد حكاه ابن هبيرة في الإفصاح عن الشافعيّ(2). وعزاه له ابن حجر في الفتح (3) . والنووي واختاره (4) . وبه قال الماورديّ في أحكام القرآن له(5) . والبيضاويّ في الغاية القصوى (6) . والمناوي في فيض القدير (7) . وبه قال الشرف إسماعيل بن المقريّ اليمنيّ , وشيخ الإسلام زكريا الأنصاريّ كذا في أسنى المطالب شرح روضة الطالب (8) , والشيرازيّ في المهذب (9) , وأيده الشارح النوويّ في المجموع (10), كما أن النوويّ صرح به في المنهاج ، وأيده الشارح الشربينيّ في مغني المحتاج (11)، وهو كذا في متن أبي شجاع ، وشرحه الإقناع ، و حاشيته للبيجيرميّ (12) . قال النوويّ في المجموع شرح المهذب : "فالزكاة حرام على بني هاشم وبني المطلب بلا خلاف" (13) . وفي حكايته الاتفاق نظر لما ترى من الإختلاف ، إلاَّ إن قصد اتفاق الشافعية فمسلم . كما أن الشليّ في المجمع الروي عزاه للجمهور(14) . وفي عزوه للجمهور نظر! كما حكاه عن الشافعية الطحاويّ الحنفيّ في اختلاف العلماء (15) . والجصاص الحنفيّ في أحكام القرآن (16) . وابن العربيّ المالكيّ في أحكام القرآن (17) . وابن رشد المالكيّ الحفيد في فتاويه (18) . وابن قيم الجوزية الحنبليّ في جلاء الأفهام (19) .
__________
(1) أحكام القرآن (76ـ77 ).
(2) الإفصاح (1/230).
(3) فتح الباري (3/354).
(4) شرح مسلم (7/176، 15/180).
(5) أحكام القران (124ـ130).
(6) الغاية القصوى في دراية الفتوى ، القاضي عبد الله بن عمر البيضاويّ المتوفى عام 685 هـ ، ت.عليّ القره داغي ، دار الإصلاح ، الدمام (1/394).
(7) في أكثر من موضع ، منها (1/17).
(8) أسنى المطالب (1/399).
(9) المهذّب (1/576).
(10) المجموع (6/176).
(11) مغني المحتاج (3/94).
(12) المتن مع شروحه ( 3/91) ، قال العلامة البيجيرمي رحمه الله : والمشهور أن الأشراف من نسبوا للحسن أو الحسين ، فيكون آل البيت أعم من الأشراف .
(13) المجموع (6/176) .
(14) المجمع الروي (1/43) .
(15) اختصار الجصاص ( 1/477 ) .
(16) أحكام القرآن ( 3/170 ) .
(17) أحكام القرآن ( 2/539 ) .
(18) الفتاوى ( 1/406 ) .
(19) جلاء الأفهام ( 159) .
((((( بحث محكم مقارن)))))
للدكتور مولاي الإدريسي
الأقوال
القول الأول : هم بنو هاشم بن عبد مناف.قال به جمهور أهل العلم .
وهؤلاء اختلفوا بعدُ إلى مذهبين اثنين :
المذهب الأول من القول الأول : هُم آل أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب (أي آل عليّ بن أبي طالب ؛ وآل جعفر بن أبي طالب ؛ وآل عقيل بن أبي طالب) ؛ وآل حمزة بن عبد المطلب بن هاشم ؛ وآل العباس بن عبد المطلب بن هاشم ؛ وآل الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ؛ وآل أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم.
هذا القول عزاه ابنُ عبد البر المالكيّ لأبي حنيفة في الإستذكار نقلاً عن مختصر الطحاويّ (1). وهو كذلك في كتاب اختلاف العلماء للطحاويّ الذي اختصره الجصاص ، (2) . وهو قول حكاه ابن حزم من الظاهريّة في المحلى ولم يعزه لأحدٍ (3) . واختاره القرافيّ المالكيّ في الذخيرة وعزاه لابن القاسم منهم ، قال : "وهو الأظهر ، لأنه إنما يتناول عند الإطلاق الأدنين" (4) . وكذلك عزاه لابن القاسم ؛ ابنُ شَاسَ المالكيّ في عقد الجواهر (5) .
وهو كذلك في التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح للشويكيّ (6) . وبه قال مالك وأكثر أصحابه كما في شرح ميارة
__________
(1) الإستذكار الجامع لمذهب فقهاء الأمصار ، ابن عبد البر المالكي ، تحقيق عبد المعطي أمين قلعجي ، دار الوعي ، حلب القاهرة ، ط1، 1414هـ ( 27/430 ) .
(2) اختلاف العلماء ( 1/447ـ448 ) .
(3) المُحلّى ( 6/146 ) .
(4) الذخيرة ، العلامة أحمد القرافيّ المالكيّ المتوفى عام 684هـ ، تحقيق . د.محمد حجيّ ، ومحمد بوخبزة ، ط 1، 1994م ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ( 3/142) .
(5) عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة ، للجلال ابن شاش المالكي ، ط 1 ، 1405هـ ، دار الغرب الإسلامي ( 1/348 ).
(6) التوضيح ( 1/442 ) .
على ابن عاشر (1) . وقال أبو عبد الله بن الحاج في شرحه على ميارة: "في مقام حرمة الزكاة الأصح عند المالكية أقاربه المؤمنون من بني هاشم كالحنابلة " (2) . وهذا القول حكاه المرداويّ في التنقيح المشبع (3) , والإنصاف (4) . وبه قال ابن نجيم رحمه الله في البحر الرائق شرح كنز الدقائق كما هو الأظهر ، قال: "أطلق ـ أي النسفيّ في الكنز ـ في بني هاشم فشمل من كان ناصراً للنبي ومن لم يكن ناصراً له منهم كولد أبي لهب ، فيدخل من أسلم منهم في حرمة الصدقة لكونه هاشمياً ، فإن تحريم الصدقة حكم يختص بالقرابة من بني هاشم لا بالنصرة ، كذا في غاية البيان (5) أهـ وفي الأحكام للجصاص ما يدلٌّ عليه ، قال : لو كانت النصرة أصلاً لتحريم الصدقة لوجب أن يخرج منها آل أبي لهب وبعض آل الحارث بن عبد المطلب من أهل البيت ، لأنهم لم يجيبوه .. وهذا ساقط" (6) . فهو قول لدى الحنفية . وعزاه صاحب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داوود إلى مالك وأحمد (7) .
قال البيهقيُّ في السنن الكبرى تحت باب الدليل على أن كل من حرم الصدقة من آله : " إذا كان بني هاشم وإن لم يكن من أولاد من سماهم زيد بن أرقم - رضي الله عنه - " (8) . إلاّ أنه أضاف إليهم بني المطلب بن عبد مناف وكذا فعل ابن عبد البر في الإنباه (9) .
قال الشوكانيّ في نيل الأوطار : "والمراد ببني هاشم ؛ آل عليّ ؛ وآل عقيل ؛ وآل جعفر ؛ وآل العباس ؛ وآل الحارث ، ولم يدخل في ذلك آل أبي لهب لما قيل من أنه لم يُسْلم أحد منهم في حياته ويرده ما في جامع الأصول أنه أسلم عتبة ومعتِّب ابنا أبي لهب عام الفتح وسُرَّ النبي بإسلامهما ودعا لهما وشهدا معه حنيناً والطائف ولهما عقب عند أهل النسب" (10) . وهو قول ابن عبد البر من المالكية (11).
وأهملت الموسوعة المصرية هذا القول بالمرّة (12) .
__________
(1) شرح ميّارة ( 1/11 ) .
(2) ابن الحاج ( 1/11 ) .
(3) التنقيح ( 122 ) .
(4) الإنصاف ( 3/256 ) .
(5) غاية البيان ( 2/265 ) .
(6) أحكام القرآن ( 3/171 ) .
(7) المنهل ( 9/292) .
(8) السنن الكبرى ( 2/149) .
(9) طبعة الأنباري ( 45) ـ طبعة كمال ( 77 ) .
(10) نيل الأوطار ( 4/241) .
(11) الإنباه .
(12) انظر (1/59) وانظر هذا القول في الخرشي على مختصر خليل ( 1/214) ، وفيض القدير ( 1/17 ) ولوامع الأنوار ( 1/51 ).
وحكاه عن الجعفرية في إرشاد الأذهان في أحكام الإيمان (1) . وقال به في مدارك الأحكام، قال وبسبب الخمس (2) . وروي عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال : "لا تحل الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم " (3) ، قال السيد محسن الحكيم: "والهاشميّ هو المنتسب ـ شرعاً ـ لهاشم بالأب دون الأمّ ، وحكى بعض علماء الجعفرية أنه يجوز للهاشميّ أخذ زكاة غير الهاشميّ مع الإضطرار ، وفي تحديد الإضطرار إشكال ، قال: وقد ذكر جماعة من العلماء أنّ المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية ، وهو أيضاً مشكل ، والأحوط تحديده بعدم كفاية الخمس" (4) .
وحكى الطوسيّ في الخلاف أنّ الذين تحرم عليهم هم بني هاشم ولا تحرم على ولد المطلب ؛ ونوفل ؛ وعبد شمس بن عبد مناف (5) .
المذهب الثاني من القول الأول : هُم آل أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف (وهُم : آل عليّ ، وآل عقيل ، وآل جعفر) وآل العبّاس بن عبد المطلب ، وآل الحارث بن عبد المطلب .
فخرج آلُ حمزة بن عبد المطلب بن هاشم لكونه منقرضاً ؛ وهم قطعاً داخلون ما لو بقيت لهم بقية , وخرج طالبُ بن أبي طالب لكونه درج ولم يعقب , وخرج آلُ أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم لأنه لم تُسْلِم نفسُه ، ولأن آل أبي لهب لا نصرة لهم , وبعضهم يُهمل آل الحارث بن عبد المطلب بن هاشم .
حكاه أبو بكر الجصاص من الحنفية وعزاه لأصحابه وعزاه لزيد بن أرقم - رضي الله عنه - ، وقال : "هو المشهور عن أصحابنا جميعاًَ" (6) , غير أن ظاهر كلام الجصاص في موضع آخر يدلُّ على خلافه أعني المذهب السابق (7) .
وعزاه صاحبُ المنهل المورود شرح سنن أبي داوود إلى أبي حنيفة وأصحابه (8), وكذا كان فعل القرافيّ في الذخيرة (9), وكذا هو في اللباب وأصله (10) , وكذا هو في بداية المبتدىء وشرحه الهداية وشرحها فتح القدير لابن الهمام من الحنفية (11) , وبه قال ابن عابدين من الحنفية في حاشيته على الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجزم به (12) , وبه قال
__________
(1) إرشاد ( 1/42 ) .
(2) مدارك الأحكام ( 5/128ـ153) .
(3) مدارك الأحكام ( 5/154) ، التهذيب ( 4/59ـ158) ، الإستبصار ( 2/35ـ109) ، وسائل الشيعة ( 6/186 ) .
(4) منهاج الصالحين ، السيد محسن الطباطبائي الحكيم ، تعليق السيد أبو القاسم الخوئي ( 1/315ـ316).
(5) الخلاف ( 2/227ـ مسألة 4 من كتاب الوقف والصدقات ، 2/353 مسألة 26 من كتاب قسمة الصدقات ) .
(6) أحكام القرآن ( 3/84, 169، 170 ) .
(7) أحكام القرآن ( 3/85، 171 ) ، وأنظر اختلاف العلماء للطحاوي الذي اختصره الجصاص ( 1/ 477ـ478 ) .
(8) المنهل المورود ( 9/291ـ292 ) .
(9) الذخيرة ( 3/142) .
(10) اللباب شرح الكتاب ( 1/150 ) .
(11) البداية ( 2/274 ) .
(12) حاشية ابن عابدين ( 2/350 ) .
العينيّ كما في البناية في شرح الهداية كأصله (1), وعزاه ابن العربيّ المالكيّ في عارضة الأحوذيّ لأبي حنيفة (2) .
وهذا القول حكاه ابن هبيرة في الإفصاح عن معاني الصحاح وهو كتاب يجمع المذاهب الأربعة قال : اتفقوا على أن الصدقة المفروضة حرام على بني هاشم وهم خمس بطون : وذكرهم (3) , وجزم به في الرعاية (4) , وبه جزم في التلخيص والرعاية الكبرى فلم يدخلا أبا لهب ، حكاه المرداويّ في الإنصاف (5) , وعزاه الزيلعيُّ للقدوريِّ منهم وهو الذي اختاره الزيلعيّ وقال : "وفائدة تخصيصهم بالذكر جواز الدفع إلى بعض بني هاشم وهم بنو أبي لهب ، لأن حرمة الصدقة كرامة لهم استحقوها بنصرة النبيّ في الجاهلية والإسلام ، ثم سرى ذلك إلى أولادهم ، وأبو لهب آذى النبيّ وبالغ في أذيته فاستحق الإهانة ، قال أبو نصر البغداديّ وما عدا المذكورين لا تحرم عليهم . أهـ قاله في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (6).
وقال ابن نجيم في البحر الرائق شرح كنز الدقائق : "قيده المصنف في الكافي تبعاً لما في الهداية وشروحها بآل عليّ ؛ وعباس ؛ وجعفر ؛ وعقيل ؛ وحارث بن عبد المطلب ، ومشى عليه الشارحُ الزيلعيّ والمحقق في فتح القدير وصرّحا بإخراج أبي لهب وأولاده من هذا الحكم، لأنّ حرمة الصدقة لبني هاشم كرامة من الله تعالى لهم ولذريتهم حيث نصروه في جاهليتهم وإسلامهم ، وأبو لهب كان حريصاً على أذى النبي فلم يستحقها بنوه ، واختاره المصنف في المستصفى وروى حديثاً لا قرابة بيني وبين أبي لهب ، ونصَّ في البدائع على أن الكرخي قيد بني هاشم بالخمسة من بني هاشم فكان المذهب التقييد لأن الإمام الكرخي ممن هو أعلم بمذهب أصحابنا" (7) .
وبهذا القول قال أبو الطيب العظيم أباديّ في عون المعبود (8) . وبه قال الأمير القنوجيّ وقدمه لكون زيد بن أرقم فسّرهم ولم يذكر معهم غيرهم(9).
قالت الموسوعة الفقهية المصرية : "إنّ مذهب الحنفية في تحريم الزكاة ـ وتعني هذا القول ـ هو مذهب الزيدية
__________
(1) البناية ( 3/554ـ556 ) .
(2) العارضة ( 3/161) .
(3) الإفصاح ( 1/230 ) .
(4) حاشية المقنع لآل الشيخ ( 1/354 ) .
(5) الإنصاف ( 3/256 ) .
(6) تبيين الحقائق ( 1/303 ) .
(7) البحر (2/265) .
(8) عون (2/45) .
(9) فتح العلام شرح بلوغ المرام (1/285) .
والإمامية" (1) .
وقال أبو عبد الله الشافعيّ في كتابه رحمة الأمة في اختلاف الأئمة : اجمعوا على تحريم الصدقة المفروضة على بني هاشم وهم خمس بطون: "آل عليّ ؛ وآل عباس ؛ وآل جعفر ؛ وآل عقيل ؛ وآل الحارث بن عبد المطلب" (2) . وهو تسرّع منه رحمه الله في حكايته الإجماع أو سهو .
مَنْ ذكر أن آل محمد هم بنو هاشم ثم لم يُفصِّل في القول
قال هؤلاء : إن آل محمد هم بنو هاشم لا أحد معهم ، ولكنهم لم يفصلوا القول ، ونحن أفردناهم هنا توخياً للدقة ، وإلاَّ فإنّ ما حكوه مجملاً يبينه المفصل المذكور في كتبهم ، وكونه مجملاً فإنه كذا هو عند الطحاويّ في مختصره (3) . وعزاه الجصاص في أحكام القرآن للثوريّ (4) . قال المرداوي في الإنصاف : "وبنو هاشم من كان من سلالة هاشم على الصحيح من المذهب وذكره القاضي وأصحابه وجزم به المجد في شرحه وغيره ، وقدَّمه في الفروع" (5) . وقال :"قوله (ولا بني هاشم) هذا المذهب مطلقاً ، نصَّ عليه ، وعليه أكثر الأصحاب , وكالنبي إجماعاً" (6)، ثم قال: فائدة: بنو هاشم من كان من سلالة هاشم على الصحيح من المذهب , وذكره القاضي وأصحابه ، وجزم به المجد في شرحه وغيره ، وقدمه في الفروع ، فيدخل فيهم آل العباس ، وآل عليّ , وآل جعفر , وآل عقيل ، وآل الحارث بن عبد المطلب ، وآل أبي لهب ، وجزم في التلخيص والرعاية الكبرى أن بني هاشم هم آل العباس , وآل عليّ , وآل جعفر , وآل عقيل , وآل الحارث بن عبد المطلب ، فلم يدخلا آل أبي لهب مع كونه أخا العباس وأبي طالب (7) . وحكاه ابن قدامة في المغني (8) . وفي الكافي (9) . وفي المقنع (10) . وابن الجوزيّ في المذهب الأحمد (11) . وحكاه ابن عبد البر المالكيّ في الكافي وقال: "وسواء أعطوا حقهم من الخمس أو منعوه لعموم الخبر ، ولأن منعهم لشرفهم ،
__________
(1) الموسوعة (1/59) .
(2) رحمة الأمة (88) .
(3) مختصر الطحاوي ( 52 ) .
(4) أحكام القرآن ( 3/170) .
(5) الإنصاف ( 1/255ـ256 ) .
(6) الإنصاف (3/254 ) ، وفي نسخة ( 3/229 ) .
(7) الإنصاف ( 3/230 ) .
(8) المغني ( 2/655ـ656 ) .
(9) الكافي ( 1/337ـ338 ) .
(10) المقنع ( 1/352 ) .
(11) المذهب الأحمد ( 53 ) .
وشرفهم باقٍ ، فينبغي المنع"(1). وحكاه ابن حجر في الفتح عن أبي حنيفة وأحمد في رواية عنه (2) . وكذا النوويّ في شرح مُسلم (3) . وعزاه ابن العربيّ لأكثر أهل العلم (4) . وعزاه ابن قيم الجوزية في جلاء الأفهام لأبي حنيفة وأحمد في رواية ثانية عنه وحكى أنه اختيار ابن القاسم من أصحاب مالك (5) . وعزاه ابن تيمية في فتاويه لأبي حنيفة ومالك (6) . وعزاه الخطابيّ لأكثر العلماء (7). وكذلك ابن رشد الحفيد حكاه قولاً وعزاه لأكثرهم في فتاويه (8) . وعزاه ابن الموّاز لابن القاسم من المالكية كما في التاج والإكليل لمختصر سيدي خليل للموّاق بهامش مواهب الجليل ، وكذا نسبه ابن المواق أيضاً لابن حبيب (9) . وفي حاشية الدردير على مختصر خليل أنهم بنو هاشم فقط (10) , وهو قول الدسوقيّ في حاشيته على شرح الدردير وعليش في حاشيته على الدسوقيّ (11) . وحكاه الباجوريّ الشافعيّ في حاشيته على الشنشوريّ عن المالكية قال: وأما عند المالكية فبنو هاشم فقط على المعتمد(12). وعزاه الشوكانيّ في نيل الأوطار لأبي حنيفة ومالك والهادوية من الزيدية وأحمد في رواية ، وعزاه كذلك لابن رسلان ولأبي طالب من أهل البيت ، قال حكى ذلك عنه في البحر (13) . فهذا هو مذهب الزيدية كما في المنتزع المختار لابن مفتاح (14) . والبحر الزخار للإمام المرتضى (15) . والسيل الجرار للشوكانيّ ، وقد أقر بهذا القول الشوكانيّ ولكنه لم يفصّل (16) . وهذا القول حكاه السرخسيّ في المبسوط (17) , وأبو الحسن السغديّ في النُتَف في الفتاوى وعزاه لأبي يوسف ومحمد وأبي
__________
(1) الكافي في فقه أهل المدينة ، للعلامة ابن عبد البر ، ط 2 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ( 1/337ـ338 ) .
(2) فتح الباري ( 3/354) .
(3) شرح صحيح مسلم ( 7/176) .
(4) أحكام القرآن ، للعلامة محمد بن العربي المالكي المتوفى عام 543هـ ، تحقيق محمد عبد القادر عطا ، ط 1 ، 1408هـ ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان (2/539 ) .
(5) جلاء الأفهام (159) .
(6) الفتاوى (1/178) .
(7) 2/244 ) .
(8) الفتاوى (1/403ـ405 ) ، وانظر البيان والتحصيل له ( 2/460، 382 ) .
(9) صفحة ( 2/223 ) , وفي نسخة ( 2/344 ) التاج والإكليل لمختصر خليل ، للمواق ، ط1، 1416هجرية ، دار الكتب العلمية ، وهو بهامش مواهب الجليل , وانظر تفسير القرطبي ( 7/121 ) .
(10) الشرح الكبير ( 2/101 ) .
(11) حاشية عليش ( 2/100ـ102 ) .
(12) حاشية الباجوري ( 5، 24) .
(13) نيل الأوطار ( 4/240ـ241 ) .
(14) المنتزع المختار من الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار في فقه الأئمة الأطهار ، لأبي الحسن بن مفتاح ، ط 1401هجرية ، صنعاء ( 1/522 ) وما بعدها.
(15) البحر ( 3/184) .
(16) السيل ( 2/64 ) .
(17) المبسوط ، للشمس محمد السرخسي المتوفى 490 هـ ، ط 1 ، 1414 هـ ، مصور في دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ( 3/12) .
عبد الله (1) , وحكاه السمرقنديّ في تحفة الفقهاء (2) , والنسفيّ في كنْز الحقائق كما في البحر الرائق (3) , وتبيين الحقائق (4) , وعزاه ابن العربيّ المالكيّ في عارضة الأحوذيّ للإمام الشافعيّ من غير ذكر لآل المطلب .. وإذن فليس هذا مذهب الإمام الشافعيّ قطعاً (5) . وعزاه اللخميّ في التبصرة لابن القاسم وحسَّنه وبه أخذ (6) . كما عزاه له ابن أبي زيد القيروانيّ (7) .
وحكاه من الجعفرية صاحب مدارك الأحكام ، قال وبسبب الخمس (8) . وكتاب الوسيلة إلى نيل الفضيلة (9) . (10)
خلاصة ما تقدم : أن هذا هو قول منسوب إلى الحنفية والمالكية لم يُفَصِّله الأتباع ، إلا أنه قد فَصَّل فيه آخرون فيما تقدم ، وبه قال الزيدية والجعفرية من الإمامية .
قالوا : لأن لفظة (آل محمد) لفظة مجملة تحتاج إلى بيان ، وقد تكفل الشرع ببيانه ، وكفى بالشريعة ، ويجب علينا أن نقف عند حدودها ولا نتجاوزها ، والكلام كما قد قيل يُجملُ في غير مقصوده ، ويتبين في مقصوده .
كما يجب علينا أن نعطي كل مقام ما يستحق من المقال .
القول الثاني : إنّ آل محمد هم بنو هاشم بن عبد مناف ، وبنو أخيه المطلب بن عبد مناف وإنْ تناسلوا وإنْ بعُدوا إلى يوم الدين.
وقال به كل من :
أولاً : الشافعية
اشتهر به الشافعية وبه صرّح الإمامُ الشافعي في الأمّ في غير موضع ، حيث قال : "إن الذين تحرم عليهم الصدقة هم أهل الخمس آل محمد " (11) . وقال في موضع آخر : "هم صليبة بني هاشم وبني المطلب ؛ أهل الشعب" (12) . كما
__________
(1) النتف في الفتاوى ، أبو الحسن السغدي ، تحقيق د.صلاح الدين الناهي ، ط 2 ، 1404هـ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ( 1/199).
(2) تحفة الفقهاء ( 1/302 ) .
(3) البحر ( 2/265 ) .
(4) تبيين الحقائق ( 1/303 ) .
(5) عارضة الأحوذي ( 3/161 ) .
(6) التبصرة (1/81ب ـ 82أ) .
(7) النوادر والزيادات ( 2/296) ، وذلك أخذاً من كتاب ابن المواز والعتبية.
(8) مدارك الأحكام ( 5/128ـ153 ) .
(9) الوسيلة ( 51 ) .
(10) انظر هذا القول بهذا الوصف في المشرع الروي لباعلوي (1/44) .
(11) الأم ( 2/62 ) .
(12) الأم ( 2/69 ) ، وأنظره في مختصر المزني ( 171) .
صرّح رحمه الله في أحكام القرآن بأن هؤلاء هم قرابته التي ينفرد بها دون غيرها من قرابته التي لا ينفرد بها ، وأنهم بنو هاشم و بنو المطلب ، وأن ذلك جارٍ في جميع المقامات ، في مقام الصدقات ، ومقام سهم خمس خمس المغنم وفي مقام الصلاة عليهم (1) .
وحكاه مع تصريح الإمام أتباعُه ونسبوه له ، فقد حكاه ابن هبيرة في الإفصاح عن الشافعيّ(2). وعزاه له ابن حجر في الفتح (3) . والنووي واختاره (4) . وبه قال الماورديّ في أحكام القرآن له(5) . والبيضاويّ في الغاية القصوى (6) . والمناوي في فيض القدير (7) . وبه قال الشرف إسماعيل بن المقريّ اليمنيّ , وشيخ الإسلام زكريا الأنصاريّ كذا في أسنى المطالب شرح روضة الطالب (8) , والشيرازيّ في المهذب (9) , وأيده الشارح النوويّ في المجموع (10), كما أن النوويّ صرح به في المنهاج ، وأيده الشارح الشربينيّ في مغني المحتاج (11)، وهو كذا في متن أبي شجاع ، وشرحه الإقناع ، و حاشيته للبيجيرميّ (12) . قال النوويّ في المجموع شرح المهذب : "فالزكاة حرام على بني هاشم وبني المطلب بلا خلاف" (13) . وفي حكايته الاتفاق نظر لما ترى من الإختلاف ، إلاَّ إن قصد اتفاق الشافعية فمسلم . كما أن الشليّ في المجمع الروي عزاه للجمهور(14) . وفي عزوه للجمهور نظر! كما حكاه عن الشافعية الطحاويّ الحنفيّ في اختلاف العلماء (15) . والجصاص الحنفيّ في أحكام القرآن (16) . وابن العربيّ المالكيّ في أحكام القرآن (17) . وابن رشد المالكيّ الحفيد في فتاويه (18) . وابن قيم الجوزية الحنبليّ في جلاء الأفهام (19) .
__________
(1) أحكام القرآن (76ـ77 ).
(2) الإفصاح (1/230).
(3) فتح الباري (3/354).
(4) شرح مسلم (7/176، 15/180).
(5) أحكام القران (124ـ130).
(6) الغاية القصوى في دراية الفتوى ، القاضي عبد الله بن عمر البيضاويّ المتوفى عام 685 هـ ، ت.عليّ القره داغي ، دار الإصلاح ، الدمام (1/394).
(7) في أكثر من موضع ، منها (1/17).
(8) أسنى المطالب (1/399).
(9) المهذّب (1/576).
(10) المجموع (6/176).
(11) مغني المحتاج (3/94).
(12) المتن مع شروحه ( 3/91) ، قال العلامة البيجيرمي رحمه الله : والمشهور أن الأشراف من نسبوا للحسن أو الحسين ، فيكون آل البيت أعم من الأشراف .
(13) المجموع (6/176) .
(14) المجمع الروي (1/43) .
(15) اختصار الجصاص ( 1/477 ) .
(16) أحكام القرآن ( 3/170 ) .
(17) أحكام القرآن ( 2/539 ) .
(18) الفتاوى ( 1/406 ) .
(19) جلاء الأفهام ( 159) .