أبوعاصم أحمد بلحة
2013-09-30, 01:57 PM
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.feqhweb.com/clike.php?id=3)
مناهج تأليف الفقهاء في التراث السياسي الإسلامي
البيانات (http://www.feqhweb.com/articles.php) (http://www.feqhweb.com/articles.php?do=show&ids=) : الموضوعات المميزة (http://www.feqhweb.com/articles.php?do=show&ids=29) :
مناهج تأليف الفقهاء في التراث السياسي الإسلامي
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.feqhweb.com/showimg.php?pic=src1296332283. jpg)
د / عبدالعزيز بن سعود الضويحي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن كتب التراث السياسي في الإسلام تُعَدُّ بالمئات، وقد أَلَّف هذا التراث الفقهاء والأدباء والفلاسفة؛ لذلك نجد أن مناهج هذه الكتب مختلفة تبعاً للمنهج الذي أُلِّفت من خلاله، والهدف الذي كُتبت من أجله، ومن الخطأ الظن أن هذه الكتب صُنِّفت على نسق واحد، وأن التراث السياسي في الإسلام أُلِّف بطريقة واحدة، ويتعرض للسياسة من منظور واحد، بل نجد من خلال استقراء التراث السياسي الإسلامي أن هذا التراث كُتب بمناهجَ مختلفة، ونجد الموضوع الواحد يُعالج في هذا التراث بطرق مختلفة؛ تبعاً لاختلاف المنهج والتصور العام للمفهوم السياسي للإسلام.
لذلك أحببت أن أكتب باختصار عن مناهج تأليف الفقهاء في التراث السياسي؛ نظراً لأهمية وكثرة مصنفات الفقهاء في التراث السياسي على امتداد العصور الإسلامية.
وكثرة مؤلفات الفقهاء في التراث السياسي نتيجة طبيعية لارتباط الأحكام الفقهية بالسياسة في الإسلام.
فالدين الإسلامي جاء لينظم جميع جوانب الحياة، سواء جانب الاعتقاد أو السياسة وإدارة الدولة أو الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية.
قال الله تعالى: +" [النحل: 89]، وقال الله تعالى: +" [الأنعام: 38].
ومن خلال استقراء ما كتب الفقهاء في التراث السياسي؛ نجد تنوع مناهج الفقهاء في التأليف في التراث السياسي.
وفي هذا البحث عَرْضٌ لمناهج الفقهاء في التأليف في التراث السياسي، وذكر أمثله لكل منهج من كتب التراث السياسي، مع ذكر خصائص كل منهج وفق خطة تتكون من سبعة مباحث وخاتمة على النحو التالي:
المبحث الأول: منهج الأحكام السلطانية.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات الأحكام السلطانية.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات الأحكام السلطانية.
المبحث الثاني: منهج الإصلاح السياسي.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات الإصلاح السياسي.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات الإصلاح السياسي.
المبحث الثالث: منهج السياسة القضائية.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات السياسة القضائية.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات السياسة القضائية.
المبحث الرابع: منهج دراسة النوازل في السياسة الشرعية.
المطلب الأول: نموذج لمؤلف في دراسة النوازل في السياسة الشرعية.
المطلب الثاني: خصائص منهج الجويني في دراسة النوازل في السياسة الشرعية.
المبحث الخامس: منهج نصائح الملوك.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات نصائح الملوك.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات نصائح الملوك.
المبحث السادس: منهج دراسة أصول وأدلة السياسة الشرعية.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات أصول وأدلة السياسة الشرعية.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات أصول وأدلة السياسة الشرعية.
المبحث السابع: منهج علم الاجتماع السياسي.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات علم الاجتماع السياسي.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات علم الاجتماع السياسي.
الخاتمة وفيها أهم نتائج البحث
وسلكت في هذا البحث المنهج التالي:
أولاً: الاقتصار على دراسة مؤلفات الفقهاء في التراث السياسي من خلال استقراء مؤلفاتهم.
ثانياً: عرض أمثلة لكل منهج من مؤلفات الفقهاء.
ثالثاً: استخلاص خصائص كل منهج من مناهج الفقهاء في مؤلفاتهم في التراث السياسي.
رابعاً: عدم ترجمة الأعلام الواردة في البحث؛ تلافياً للإطالة.
هذا واللهَ أسألُ التوفيق والسداد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
المبحث الأول
منهج الأحكام السلطانية
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات الأحكام السلطانية
كُتُبُ الأحكامِ السلطانية تُمثل الأساس لفهم الفقه السياسي في الإسلام، فقد عرض الفقهاء في الأحكام السلطانية مؤسسات الدولة، وأنواع السلطات والولايات، مع عرض لأحكام رئاسة الدولة الإسلامية، وقد فَصّل الفقهاء الأحكام الفقهية المتعلقة بالسلطان والشروط التي يجب أن تتوفر فيه، لذلك أطلقوا عليها الأحكام السلطانية؛ لأنها تتعلق بالسلطان في الدولة الإسلامية.
ومن مؤلفات الفقهاء في الأحكام السلطانية ما يلي:
أولاً: الأحكام السلطانية والولايات الدينية([1] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn1))
تأليف: الإمام أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (364 – 450هـ).
كتاب الأحكام السلطانية للماوردي من أشهر ما كُتب في الأحكام السلطانية، ويعتبر مؤسس لمؤلفات الأحكام السلطانية، بل نجد أكثر من كتب في الأحكام السلطانية ينقل عنه ولا يخرج عن موضوعات كتاب الماوردي في الغالب.
وقد بين الإمام الماوردي سبب تأليفه لكتابه.
قال الماوردي: (ولما كانت الأحكام السلطانية بولاة الأمور أحق وكان امتزاجها بجميع الأحكام يقطعهم من تصفحها مع تشاغلهم بالسياسة والتدبير، أفردت لها كتاباً امتثلت فيه أمر من لزمت طاعته) ([2] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn2)).
وقسم الإمام الماوردي كتابه الأحكام السلطانية إلى عشرين باباً، في عقد الأمانة، وفي تقليد الوزارة، وفي تقليد الإمارة على البلاد، وعلى الجهاد، والولاية على ضروب من المصالح، وفي ولاية القضاء، وفي ولاية المظالم، وفي ولاية النقابة على ذوي الأنساب، وفي الولاية على إمام الصلوات، وفي الولاية على الحج، وعلى الصدقات، وفي قسم الفيء والغنيمة، وفي وضع الجزية والخراج, وفيما تختلف أحكامه في البلاد، وفي إحياء الموات واستخراج المياه، وفي الْحِمَى والأرفاق، وفي أحكام الإقطاع، وفي وضع الديوان وذكر أحكامه، وفي أحكام الجرائم وأحكام الحسبة.
ثانياً: الأحكام السلطانية ([3] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn3)) .
تأليف: الإمام أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء الحنبلي (380 – 458هـ)
وكتاب الأحكام السلطانية لأبي يعلى لا يقل شهرة عن كتاب الماوردي، ولذلك إذا ذكرت الأحكام السلطانية تبادر إلى الذهن كتاب الماوردي وأبي يعلى، وقد اعتمد فقهاء الحنابلة على كتاب الأحكام السلطانية لأبي يعلى، ولا يخلو كتاب من كتب فقهاء الحنابلة وإلا وينقل من كتاب أبي يعلى ومن هؤلاء الحافظ ابن رجب (736 ـ 795هـ) في كتابه الاستخراج لأحكام الخراج فقد اعتمد على كتاب الإمام أبي يعلى (الأحكام).
وقد ذكر الإمام أبو يعلى سبب تأليف كتابه فقال: (وقد رأيت أن أفرد كتاباً في الإمامة، أحذف فيه ما ذكرت هناك – أي كتابه المعتمد – من الخلاف والدلائل وأزيد فيه فصولاً أخر تتعلق بما يجوز للإمام فعله من الولايات وغيرها) ([4] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn4)) .
وقد قسم الإمام أبو يعلى كتابه الأحكام السلطانية إلى سبعة عشر فصلاً، وهي الأبواب التي ذكر الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية، إلا أن الإمام أبي يعلى جمع بعض الأبواب في فصل واحد فجمع تقليد الوزارة والإمارة على البلاد والإمارة على الجهاد والولاية على ضروب من المصالح في فصل في ولايات الإمام ([5] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn5)) .
ولتطابق الموضوعات في كتاب أبي يعلى مع كتاب الماوردي جعلت بعض الباحثين يصرح بنقل الإمام أبي يعلى من كتاب معاصره الماوردي، مع الإشارة إلى أن نقل الإمام أبي يعلى من الماوردي كان لسبب وفائدة عظيمة للفقه السياسي، فقد اهتم الإمام الماوردي بذكر آراء الشافعية والحنفية والمالكية عند مخالفتهم للشافعية، ولم يذكر مذهب الإمام أحمد، فسد هذا النقص الإمام أبو يعلى في كتابه.
يقول الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس: (أن نقل أبي يعلى الفراء من كتاب الماوردي لا يفقد الكتاب قيمته العلمية في نظرنا، بل يبقى ساداً للنقص الذي تركه كتاب الماوردي، الذي اهتم بذكر آراء الشافعية والحنفية والمالكية عند مخالفتهم للشافعية، وأغفل مذهب أحمد بالكلية، فقام أبو يعلى يصنف هذا الكتاب ليكمل البناء)([6] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn6)).
وقد ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله (736 – 795هـ) كلاماً له يفيد أنه يرى أن الإمام أبي يعلى استفاد من الماوردي
قال الحافظ ابن رجب: (وذكر القاضي أبو يعلى الفراء متابعة للماوردي)([7] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn7)).
وكما ذكرنا سابقاً: فإن نقل الإمام أبي يعلى من الماوردي إذا ثبت؛ فإنه لا يقل من شأن كتابه ، وسوف أذكر في آخر هذا المطلب جدول يمثل مقارنة بينه وبين كتاب الماوردي.
ثالثا: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام. ([8] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn8))
تأليف: الإمام بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة (635-733هـ)
كتاب ابن جماعة يعتبر إحياء لمنهج الأحكام السلطانية في القرن الثامن، وقد بين في أول كتابه مضمون كتابه فقال: (وهذا مختصر في جمل من الأحكام السلطانية، ونبذ من القواعد الإسلامية) ([9] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn9)) .
وقد قسم ابن جماعة كتابه إلى: سبعة عشر باباً، ويذكر تحت الأبواب: فصول وموضوعات الأبواب، والفصول عند ابن جماعة هي موضوعات كتاب الماوردي وأبي يعلى، إلا أن ابن جماعة توسع في أحكام الجهاد، والأسرى، والغنائم.
يقول الدكتور فؤاد عبد المنعم: (أولى ابن جماعة الجهاد عناية خاصة، باعتباره سبيل إعلاء كلمة الله في الأرض، فتناول أحكام الحرب والقتال، والأسرى والغنائم، والصلح والموادعة، مما يندرج الآن في القانون الدولي والعلاقات الدولية) ([10] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn10)) .
وفيما يلي جدول يوضح الموضوعات المشتركة التي تناولها الإمام الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية، والإمام أبو يعلى في كتابه الأحكام السلطانية وابن جماعة في كتابه تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام.
الموضــــــــــ وع
الأحكام السلطانية للماوردي
الأحكام السلطانية
لأبي يعلى
تحرير الأحكام
لابن جماعة
وجوب الإمامة وشروط الإمام أحكامه
3
19
48
تقليد الوزارة
30
28
75
الإمارة على البلاد
40
34
58
الإمارة على الجهاد
47
39
94
الولاية على القضاء
88
64
88
الولاية على المظالم
102
73
66
ولاية النقابة على ذوي الأنساب
126
90
-
الولاية على إمامة الصلوات
13
94
66
الولاية على الحج
139
108
66
الولاية على الصدقات
145
115
68
قسمة الفيء والغنيمة
161
136
98-188
وضع الجزية والخراج
181
153
102-248
ما تختلف أحكامه من البلاد
201
187
204
أحكام إحياء الموات
231
209
108
أحكام الحمى والإرفاق
242
222
115
أحكام الإقطاع
248
227
106
وضع الديوان
259
236
138
أحكام الجرائم
285
257
67
أحكام الحسبة
315
284
91
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات الأحكام السلطانية
عند دراسة ما كتب في الأحكام السلطانية في التراث السياسي الإسلامي نجد أنها تتميز بما يلي من الخصائص.
أولاً: تَعرِضُ لأحكام الدولة الإسلامية معتمدة في ذلك على مصدر الشريعة الإسلامية كتاب الله وسنة رسوله ×.
ثانياً: تعرض لمؤسسات الدولة الإسلامية، مع بيان أقوال الفقهاء والمذاهب الفقهية، وذكر الأدلة الشرعية المعتبرة عند الفقهاء من الإجماع والقياس.
ثالثاً: عرض لأنواع السلطات في الدولة والولايات، مع الإشارة إلى مقاصد الشريعة الإسلامية من الولايات ووجوب مراعاة مقصد الشرع في الولايات، سواء رئاسة الدولة الخلافة أو الوزارة، أو ولاية القضاء وولاية المظالم أو الفتوى أو ولاية الجند، مع بيان الشروط المعتبرة في هذه الولايات وأقوال الفقهاء في هذه الشروط.
رابعاً: في كتب الأحكام السلطانية بحث للموارد المالية للدولة الإسلامية وبيان مصارفها وطريقة توزيعها.
خامساً: تتعرض كتب الأحكام السلطانية لأحكام الجرائم وبيان العقوبات المستحقة وأحكام الحسبة لأهمية هذه المباحث في المحافظة على النظام العام للدولة الإسلامية.
سادساً: تخلو كتب الأحكام السلطانية من أسلوب الوعظ الذي يكثر في كتب التراث السياسي.
سابعاً: أصالة أسلوب كتب الأحكام السلطانية وعدم تأثرها بالثقافات الأخرى.
يقول د. فؤاد عبد المنعم: (أنها لا تمزج بين التراث الإسلامي وغيره من ثقافات غير المسلمين من تراث اليونان والفرس والهند على غرار المؤلفات في الأدب الإسلامي) ([11] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn11)) .
ثامناً: باستقراء كتب التراث السياسي نجد أن أبرز مؤلفات هذا المنهج.
1-الأحكام السلطانية في الولايات الدينية لأبي الحسن علي بن محمد الماوردي الشافعي (364-450هـ).
2-الأحكام السلطانية لأبي يعلى محمد بن الحسين الفراء (380-458هـ)
3-تحرير الأحكام السلطانية في تدبير أهل الإسلام. لبدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة (635-733هـ).
المبحث الثاني
منهج الإصلاح السياسي
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات الإصلاح السياسي
من كتب التراث السياسي الإسلامي كتب تناولت جانب الإصلاح السياسي والإداري في الدولة الإسلامية، من خلال تدبير أمور الحكم والإدارة على أساس الشريعة الإسلامية، وإصلاح موارد ومصارف الدولة، وبيان مصادر الأموال التي تتفق مع نصوص الشريعة الإسلامية الكتاب والسنة، وبيان ما يعارض ذلك مع إصلاح الجهاز الإداري للدولة بتولية الأصلح في كل ولاية، ومحاربة الفساد بتطبيق العقوبات الشرعية، والتأكيد على أهمية الشورى في اتخاذ القرار الأنسب، إذا لم يرد في ذلك دليل من الشرع.
ومن مؤلفات الإصلاح السياسي ما يلي:
أولاً: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ([12] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn12)) .
تأليف: شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية (661-728هـ)
أسس شيخ الإسلام في كتابه السياسة الشرعية منهج الإصلاح السياسي وقد ألفه بطلب من ولي الأمر في مصر والشام في عصره الملك الناصر أبي الفتح محمد بن قلاوون بن عبد الله الصالحي (684-741هـ).
وقد أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة رسالته الأسس والمبادئ العامة التي يهدف إلى تحقيقها من خلال رسالته.
قال شيخ الإسلام: (هذه رسالة مختصرة فيها جوامع من السياسة الإلهية والإنابة النبوية لا يستغني عنها الراعي والرعية) ([13] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn13)) .
فشيخ الإسلام يهدف من خلال رسالته المختصرة إلى توضيح المبادئ العامة لتدبير الحكم والإدارة على أساس الشريعة الإسلامية.
يقول قمر الدين خان: (كتاب السياسة الشرعية هو الأكثر أهمية والتصاقاً بالفكر السياسي، وهو يقوم على فكرة السياسة الشرعية كأساس لإدارة الدولة الإسلامية على منهج القرآن والسنة النبوية، إضافة إلى ما يحويه الكتاب من بعض الأفكار ذات الطبيعة النظرية) ([14] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn14)).
وقد قسم شيخ الإسلام كتابه السياسة الشرعية إلى قسمين، بعد أن أوضح أن جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة؛ أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل.
فالقسم الأول من الكتاب في أداء الأمانات، ويتمثل في صنفين من الأمانات صنف الولايات، وذلك بتولية الأصلح في كل ولاية.
يقول شيخ الإسلام: (فيجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل) ([15] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn15)) .
والصنف الثاني من الأمانات الأموال، ويدخل في هذا القسم الأعيان والديون الخاصة والعامة، والأموال السلطانية التي أصلها في الكتاب والسنة وهي: الغنيمة والصدقة والفيء.
يقول شيخ الإسلام عن هذا القسم: (وهذا القسم يتناول الولاية والرعية، فعلى كل منهما أن يؤدي إلى الآخر ما يجب أداؤه إليه، فعلى ذي السلطان ونوابه في العطاء أن يؤتوا كل ذي حق حقه، وعلى جباة الأموال: كأهل الديوان أن يؤدوا إلى ذي السلطان ما يجب إيتاؤه إليه، وكذلك على الرعية)([16] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn16)) .
والقسم الثاني من الكتاب يتناول فيه حدود الله،وحقوق الناس مثل القصاص وواجب الولاية، وفي خاتمة الكتاب يؤكد على أهمية الشورى وضرورتها ووجوبها.
يقول شيخ الإسلام: (لا غنى لولي الأمر عن المشاورة، فإن الله تعالى أمر بها نبيه × فقال تعالى +"[آل عمران : 159] ([17] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn17)) .
ثانياً: حسن السلوك الحافظ دولة الملوك([18] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn18)).
تأليف: الإمام محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي (699 – 774هـ).
منهج كتاب حسن السلوك هو منهج الإصلاح السياسي وقد نَهِجَ الإمام الموصلي في كتابه حسن السلوك منهجَ شيخ الإسلام في كتابه السياسة الشرعية.
ومن خلال استقراء الكتاب ومقارنته لكتاب شيخ الإسلام نجد أن 18% من الكتاب أخذه من كتاب السياسة الشرعية لشيخ الإسلام، ولم يشر إلى ذلك في كتابه، وإن كان أشار إلى المصادر الأخرى التي نقل منها، والسبب في ذلك أنه معاصر لشيخ الإسلام، وبعد وفاة شيخ الإسلام في السجن ضيق على تلامذته وتمت محاربة مؤلفاته، ولم يسلم أكثر تلاميذه والمتأثرين بمدرسة شيخ الإسلام من السجن والتضييق عليهم.
ومن أمثلة المعاصرين للموصلي ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني (773-852هـ) في ترجمة يوسف بن ماجد المرداوي المتوفى سنة 783هـ قال: (كان فاضلاً في الفقه وامتحن مراراً بسبب فتياه بمسألة ابن تيمية في الطلاق، وكذا في عدة من مسائله ـ إلى أن قال ـ: وكان شديد التعصب لمسائل ابن تيمية وسجن بسبب ذلك)([19] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn19)).
لذلك نجد العلامة محمد الموصلي ينقل عن شيخ الإسلام ولا يشير إلى ذلك وفي موضع واحد قال: (قال بعض العلماء) ([20] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn20)) .
وقد بدأ العلامة محمد الموصلي كتابه ببيان أن دافعه إلى الكتابة؛ تلبية لحاكم عصره، وبَيَّنَ منهجه العام الذي لا يختلف عن منهج شيخ الإسلام في كتابه السياسة الشرعية.
قال العلامة الموصلي: (فرأيت أن أكتب له ما ورد في فضل العدل والإحسان فإنه متصف بهما مع ما فيه من الفضائل، وأقص في ضمن ذلك السياسة الشرعية مما فيه مصلحة الراعي والرعية) ([21] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn21)) .
وقد قسم كتابه على فصول ذكر فيها تعريف الحكم بالعدل، ووجوب نصب السلطان وجزاء السلطان الجائر، وطريق العدل، وأدلة الشورى من الكتاب والسنة، والولايات العامة، وطبيعة الولاية، وبيان أركان الولاية، وحكم عزل الإمام للقضاة، وبيان حكم اتخاذ الحجاب للوالي، وتقسيم السلطان لأوقاته، والتسوية بين الخصمين، وتحذير القاضي من الهوى والرِّشْوَة والهدية، وخطر الولاية وأنه لا يصلح أمر الناس على العدل المجرد من الإحسان، وبيان أن من العدل المساواة في القصاص، ووجوب دفع الضرر عن المسلمين.
المطلب الثاني
خصائص مؤلفات الإصلاح السياسي
باستقراء كتب الإصلاح السياسي نجد أنها تشترك فيما يلي من الخصائص:
أولاً: الأصل في تدبير أمور الحكم والإدارة في كتب الإصلاح السياسي؛ السياسة الشرعية المعتمدة على نصوص الكتاب والسنة.
ثانياً: إيضاح أن جماع السياسة العادلة يقوم على أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل([22] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn22)).
ثالثاً: التأكيد على أن السياسة الشرعية تقتضي إصلاح الإدارة في الدولة الإسلامية، باستعمال الأصلح في كل موضع ويختار الأمثل فالأمثل في كل منصب.
يقول شيخ الإسلام: (فيختار الأمثل فالأمثل في كل منصب بحسبه) ([23] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn23)) .
ويقول العلامة محمد الموصلي (فيجب على الإمام أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل) ([24] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn24)) .
رابعاً: الإشارة إلى أهمية مراعاة المقاصد في كل ولاية واختيار الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق المقاصد المشروعة.
يقول شيخ الإسلام: (والمهم في هذا الباب معرفة الأصلح، وذلك إنما يتم بمعرفة مقصود الولاية، ومعرفة طريق المقصود، فإذا عرفت المقاصد والوسائل تم الأمر)([25] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn25)).
خامساً: التأكيد على اعتبار المصلحة الشرعية، وذلك بتحصيل المصالح وتكميلها وإبطال المفاسد وتقليلها، وعند التعارض تحصل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما.
قال شيخ الإسلام: (إن الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتبطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناها هو المشروع) ([26] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn26)) .
سادساً: بيان أن المقصود من الولاية والسلطة السياسية في الإسلام أن تكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين لله تعالى.
قال شيخ الإسلام: (فالمقصود أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه، فمن عدل عن الكتاب قُوِّمَ بالحديد، ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف) ([27] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn27)) .
وقال شيخ الإسلام: (فالمقصود الواجب بالولايات إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح مالا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم)([28] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn28)).
المبحث الثالث
منهج السياسة القضائية
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات السياسة القضائية
من أهم ما يحتاج إليه الولاة والحكام في إدارة الدولة الأمن للمجتمع واستقرار النظام العام، وذلك عن طريق محاربة الفساد وأسبابه، لذلك نجد الفقهاء توسعوا في بيان الطرق التي يسلكها الولاة والقضاة في محاربة الفساد، والقضاء على الجريمة، وغلق باب التحايل على القضاء، لذلك عرف عبد الله بن فودي (1180-1243هـ) السياسة بأنها (رعي مصالح العباد ودرء الفساد بالكشف عن المظالم بآداب تبين الحق)([29] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn29)).
وقد أفرد بعض الفقهاء مؤلفات في طرق الإثبات, أو طرق الحكم التي يعتمد عليها القضاة في أحكامهم، ويعول عليها في تنفيذ الأحكام ومن هؤلاء: الإمام ابن القيم (691-751هـ) في كتابه الطرق الحكمية في السياسة الشرعية يقول رحمه الله (فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان فثم شرع الله ودينه، والله سبحانه أعلم وأحكم وأعدل أن يخص طرق العدل وأماراته وأعلامه بشيء ثم ينص ما هو أظهر منها وأقوى دلالة وأبين أمارة فلا يجعله منها)([30] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn30)).
وأوضح الفقهاء أن من السياسة الشرعية تغليظ العقوبة في من عُرف بالفساد، وتوسعوا في ذكر أنواع العقوبات التي يجوز للقضاة الحكم بها، بل إننا نجد بعض الفقهاء قصر مدلول السياسة الشرعية على هذا المدلول لأهميته.
قال علاء الدين علي بن خليل الطرابلسي المتوفى سنة (844هـ) (اعلم أن السياسة شرع مغلظ)([31] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn31)).
وقال أكمل الدين البابرتي الحنفي (714-786هـ) (السياسة الشرعية تغليظ جزاء جناية لها حكم شرعي حسماً لمادة الفساد) ([32] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn32)) .
وقال ابن عابدين (1198-1252هـ) (والظاهر أن السياسة والتعزير مترادفان ولذا عطفوا أحدهما على الآخر لبيان التفسير) ([33] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn33)) .
وقد بين الشيخ عبد العال عطوه سبب قصر مدلول السياسة الشرعية عند بعض الفقهاء على الحدود والتعزيرات وطرق القضاء.
قال الشيخ عبد العال عطوة (ولعل العذر في قصر مدلول لفظ السياسة الشرعية على مجالات الحدود، والتعزيرات، وطرق القضاء، كما يرى الكثير من الفقهاء ذلك هو أن هذه المجالات من أهم ما يحتاج إليه الولاة والحكام وكل من يلي أمر الأمة ويدبر شؤونها؛ لأن أكبر همهم توطيد الأمن بالضرب على أيدي المجرمين، والقضاء على الفساد في المجتمع)([34] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn34)).
وقد صنف العلماء في هذا المنهج كتباً مستقلة تحت مسمى السياسة الشرعية ومن هذه الكتب:
[يتبع]
مناهج تأليف الفقهاء في التراث السياسي الإسلامي
البيانات (http://www.feqhweb.com/articles.php) (http://www.feqhweb.com/articles.php?do=show&ids=) : الموضوعات المميزة (http://www.feqhweb.com/articles.php?do=show&ids=29) :
مناهج تأليف الفقهاء في التراث السياسي الإسلامي
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.feqhweb.com/showimg.php?pic=src1296332283. jpg)
د / عبدالعزيز بن سعود الضويحي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن كتب التراث السياسي في الإسلام تُعَدُّ بالمئات، وقد أَلَّف هذا التراث الفقهاء والأدباء والفلاسفة؛ لذلك نجد أن مناهج هذه الكتب مختلفة تبعاً للمنهج الذي أُلِّفت من خلاله، والهدف الذي كُتبت من أجله، ومن الخطأ الظن أن هذه الكتب صُنِّفت على نسق واحد، وأن التراث السياسي في الإسلام أُلِّف بطريقة واحدة، ويتعرض للسياسة من منظور واحد، بل نجد من خلال استقراء التراث السياسي الإسلامي أن هذا التراث كُتب بمناهجَ مختلفة، ونجد الموضوع الواحد يُعالج في هذا التراث بطرق مختلفة؛ تبعاً لاختلاف المنهج والتصور العام للمفهوم السياسي للإسلام.
لذلك أحببت أن أكتب باختصار عن مناهج تأليف الفقهاء في التراث السياسي؛ نظراً لأهمية وكثرة مصنفات الفقهاء في التراث السياسي على امتداد العصور الإسلامية.
وكثرة مؤلفات الفقهاء في التراث السياسي نتيجة طبيعية لارتباط الأحكام الفقهية بالسياسة في الإسلام.
فالدين الإسلامي جاء لينظم جميع جوانب الحياة، سواء جانب الاعتقاد أو السياسة وإدارة الدولة أو الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية.
قال الله تعالى: +" [النحل: 89]، وقال الله تعالى: +" [الأنعام: 38].
ومن خلال استقراء ما كتب الفقهاء في التراث السياسي؛ نجد تنوع مناهج الفقهاء في التأليف في التراث السياسي.
وفي هذا البحث عَرْضٌ لمناهج الفقهاء في التأليف في التراث السياسي، وذكر أمثله لكل منهج من كتب التراث السياسي، مع ذكر خصائص كل منهج وفق خطة تتكون من سبعة مباحث وخاتمة على النحو التالي:
المبحث الأول: منهج الأحكام السلطانية.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات الأحكام السلطانية.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات الأحكام السلطانية.
المبحث الثاني: منهج الإصلاح السياسي.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات الإصلاح السياسي.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات الإصلاح السياسي.
المبحث الثالث: منهج السياسة القضائية.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات السياسة القضائية.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات السياسة القضائية.
المبحث الرابع: منهج دراسة النوازل في السياسة الشرعية.
المطلب الأول: نموذج لمؤلف في دراسة النوازل في السياسة الشرعية.
المطلب الثاني: خصائص منهج الجويني في دراسة النوازل في السياسة الشرعية.
المبحث الخامس: منهج نصائح الملوك.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات نصائح الملوك.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات نصائح الملوك.
المبحث السادس: منهج دراسة أصول وأدلة السياسة الشرعية.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات أصول وأدلة السياسة الشرعية.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات أصول وأدلة السياسة الشرعية.
المبحث السابع: منهج علم الاجتماع السياسي.
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات علم الاجتماع السياسي.
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات علم الاجتماع السياسي.
الخاتمة وفيها أهم نتائج البحث
وسلكت في هذا البحث المنهج التالي:
أولاً: الاقتصار على دراسة مؤلفات الفقهاء في التراث السياسي من خلال استقراء مؤلفاتهم.
ثانياً: عرض أمثلة لكل منهج من مؤلفات الفقهاء.
ثالثاً: استخلاص خصائص كل منهج من مناهج الفقهاء في مؤلفاتهم في التراث السياسي.
رابعاً: عدم ترجمة الأعلام الواردة في البحث؛ تلافياً للإطالة.
هذا واللهَ أسألُ التوفيق والسداد وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
المبحث الأول
منهج الأحكام السلطانية
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات الأحكام السلطانية
كُتُبُ الأحكامِ السلطانية تُمثل الأساس لفهم الفقه السياسي في الإسلام، فقد عرض الفقهاء في الأحكام السلطانية مؤسسات الدولة، وأنواع السلطات والولايات، مع عرض لأحكام رئاسة الدولة الإسلامية، وقد فَصّل الفقهاء الأحكام الفقهية المتعلقة بالسلطان والشروط التي يجب أن تتوفر فيه، لذلك أطلقوا عليها الأحكام السلطانية؛ لأنها تتعلق بالسلطان في الدولة الإسلامية.
ومن مؤلفات الفقهاء في الأحكام السلطانية ما يلي:
أولاً: الأحكام السلطانية والولايات الدينية([1] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn1))
تأليف: الإمام أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (364 – 450هـ).
كتاب الأحكام السلطانية للماوردي من أشهر ما كُتب في الأحكام السلطانية، ويعتبر مؤسس لمؤلفات الأحكام السلطانية، بل نجد أكثر من كتب في الأحكام السلطانية ينقل عنه ولا يخرج عن موضوعات كتاب الماوردي في الغالب.
وقد بين الإمام الماوردي سبب تأليفه لكتابه.
قال الماوردي: (ولما كانت الأحكام السلطانية بولاة الأمور أحق وكان امتزاجها بجميع الأحكام يقطعهم من تصفحها مع تشاغلهم بالسياسة والتدبير، أفردت لها كتاباً امتثلت فيه أمر من لزمت طاعته) ([2] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn2)).
وقسم الإمام الماوردي كتابه الأحكام السلطانية إلى عشرين باباً، في عقد الأمانة، وفي تقليد الوزارة، وفي تقليد الإمارة على البلاد، وعلى الجهاد، والولاية على ضروب من المصالح، وفي ولاية القضاء، وفي ولاية المظالم، وفي ولاية النقابة على ذوي الأنساب، وفي الولاية على إمام الصلوات، وفي الولاية على الحج، وعلى الصدقات، وفي قسم الفيء والغنيمة، وفي وضع الجزية والخراج, وفيما تختلف أحكامه في البلاد، وفي إحياء الموات واستخراج المياه، وفي الْحِمَى والأرفاق، وفي أحكام الإقطاع، وفي وضع الديوان وذكر أحكامه، وفي أحكام الجرائم وأحكام الحسبة.
ثانياً: الأحكام السلطانية ([3] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn3)) .
تأليف: الإمام أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء الحنبلي (380 – 458هـ)
وكتاب الأحكام السلطانية لأبي يعلى لا يقل شهرة عن كتاب الماوردي، ولذلك إذا ذكرت الأحكام السلطانية تبادر إلى الذهن كتاب الماوردي وأبي يعلى، وقد اعتمد فقهاء الحنابلة على كتاب الأحكام السلطانية لأبي يعلى، ولا يخلو كتاب من كتب فقهاء الحنابلة وإلا وينقل من كتاب أبي يعلى ومن هؤلاء الحافظ ابن رجب (736 ـ 795هـ) في كتابه الاستخراج لأحكام الخراج فقد اعتمد على كتاب الإمام أبي يعلى (الأحكام).
وقد ذكر الإمام أبو يعلى سبب تأليف كتابه فقال: (وقد رأيت أن أفرد كتاباً في الإمامة، أحذف فيه ما ذكرت هناك – أي كتابه المعتمد – من الخلاف والدلائل وأزيد فيه فصولاً أخر تتعلق بما يجوز للإمام فعله من الولايات وغيرها) ([4] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn4)) .
وقد قسم الإمام أبو يعلى كتابه الأحكام السلطانية إلى سبعة عشر فصلاً، وهي الأبواب التي ذكر الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية، إلا أن الإمام أبي يعلى جمع بعض الأبواب في فصل واحد فجمع تقليد الوزارة والإمارة على البلاد والإمارة على الجهاد والولاية على ضروب من المصالح في فصل في ولايات الإمام ([5] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn5)) .
ولتطابق الموضوعات في كتاب أبي يعلى مع كتاب الماوردي جعلت بعض الباحثين يصرح بنقل الإمام أبي يعلى من كتاب معاصره الماوردي، مع الإشارة إلى أن نقل الإمام أبي يعلى من الماوردي كان لسبب وفائدة عظيمة للفقه السياسي، فقد اهتم الإمام الماوردي بذكر آراء الشافعية والحنفية والمالكية عند مخالفتهم للشافعية، ولم يذكر مذهب الإمام أحمد، فسد هذا النقص الإمام أبو يعلى في كتابه.
يقول الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس: (أن نقل أبي يعلى الفراء من كتاب الماوردي لا يفقد الكتاب قيمته العلمية في نظرنا، بل يبقى ساداً للنقص الذي تركه كتاب الماوردي، الذي اهتم بذكر آراء الشافعية والحنفية والمالكية عند مخالفتهم للشافعية، وأغفل مذهب أحمد بالكلية، فقام أبو يعلى يصنف هذا الكتاب ليكمل البناء)([6] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn6)).
وقد ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله (736 – 795هـ) كلاماً له يفيد أنه يرى أن الإمام أبي يعلى استفاد من الماوردي
قال الحافظ ابن رجب: (وذكر القاضي أبو يعلى الفراء متابعة للماوردي)([7] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn7)).
وكما ذكرنا سابقاً: فإن نقل الإمام أبي يعلى من الماوردي إذا ثبت؛ فإنه لا يقل من شأن كتابه ، وسوف أذكر في آخر هذا المطلب جدول يمثل مقارنة بينه وبين كتاب الماوردي.
ثالثا: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام. ([8] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn8))
تأليف: الإمام بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة (635-733هـ)
كتاب ابن جماعة يعتبر إحياء لمنهج الأحكام السلطانية في القرن الثامن، وقد بين في أول كتابه مضمون كتابه فقال: (وهذا مختصر في جمل من الأحكام السلطانية، ونبذ من القواعد الإسلامية) ([9] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn9)) .
وقد قسم ابن جماعة كتابه إلى: سبعة عشر باباً، ويذكر تحت الأبواب: فصول وموضوعات الأبواب، والفصول عند ابن جماعة هي موضوعات كتاب الماوردي وأبي يعلى، إلا أن ابن جماعة توسع في أحكام الجهاد، والأسرى، والغنائم.
يقول الدكتور فؤاد عبد المنعم: (أولى ابن جماعة الجهاد عناية خاصة، باعتباره سبيل إعلاء كلمة الله في الأرض، فتناول أحكام الحرب والقتال، والأسرى والغنائم، والصلح والموادعة، مما يندرج الآن في القانون الدولي والعلاقات الدولية) ([10] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn10)) .
وفيما يلي جدول يوضح الموضوعات المشتركة التي تناولها الإمام الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية، والإمام أبو يعلى في كتابه الأحكام السلطانية وابن جماعة في كتابه تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام.
الموضــــــــــ وع
الأحكام السلطانية للماوردي
الأحكام السلطانية
لأبي يعلى
تحرير الأحكام
لابن جماعة
وجوب الإمامة وشروط الإمام أحكامه
3
19
48
تقليد الوزارة
30
28
75
الإمارة على البلاد
40
34
58
الإمارة على الجهاد
47
39
94
الولاية على القضاء
88
64
88
الولاية على المظالم
102
73
66
ولاية النقابة على ذوي الأنساب
126
90
-
الولاية على إمامة الصلوات
13
94
66
الولاية على الحج
139
108
66
الولاية على الصدقات
145
115
68
قسمة الفيء والغنيمة
161
136
98-188
وضع الجزية والخراج
181
153
102-248
ما تختلف أحكامه من البلاد
201
187
204
أحكام إحياء الموات
231
209
108
أحكام الحمى والإرفاق
242
222
115
أحكام الإقطاع
248
227
106
وضع الديوان
259
236
138
أحكام الجرائم
285
257
67
أحكام الحسبة
315
284
91
المطلب الثاني: خصائص مؤلفات الأحكام السلطانية
عند دراسة ما كتب في الأحكام السلطانية في التراث السياسي الإسلامي نجد أنها تتميز بما يلي من الخصائص.
أولاً: تَعرِضُ لأحكام الدولة الإسلامية معتمدة في ذلك على مصدر الشريعة الإسلامية كتاب الله وسنة رسوله ×.
ثانياً: تعرض لمؤسسات الدولة الإسلامية، مع بيان أقوال الفقهاء والمذاهب الفقهية، وذكر الأدلة الشرعية المعتبرة عند الفقهاء من الإجماع والقياس.
ثالثاً: عرض لأنواع السلطات في الدولة والولايات، مع الإشارة إلى مقاصد الشريعة الإسلامية من الولايات ووجوب مراعاة مقصد الشرع في الولايات، سواء رئاسة الدولة الخلافة أو الوزارة، أو ولاية القضاء وولاية المظالم أو الفتوى أو ولاية الجند، مع بيان الشروط المعتبرة في هذه الولايات وأقوال الفقهاء في هذه الشروط.
رابعاً: في كتب الأحكام السلطانية بحث للموارد المالية للدولة الإسلامية وبيان مصارفها وطريقة توزيعها.
خامساً: تتعرض كتب الأحكام السلطانية لأحكام الجرائم وبيان العقوبات المستحقة وأحكام الحسبة لأهمية هذه المباحث في المحافظة على النظام العام للدولة الإسلامية.
سادساً: تخلو كتب الأحكام السلطانية من أسلوب الوعظ الذي يكثر في كتب التراث السياسي.
سابعاً: أصالة أسلوب كتب الأحكام السلطانية وعدم تأثرها بالثقافات الأخرى.
يقول د. فؤاد عبد المنعم: (أنها لا تمزج بين التراث الإسلامي وغيره من ثقافات غير المسلمين من تراث اليونان والفرس والهند على غرار المؤلفات في الأدب الإسلامي) ([11] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn11)) .
ثامناً: باستقراء كتب التراث السياسي نجد أن أبرز مؤلفات هذا المنهج.
1-الأحكام السلطانية في الولايات الدينية لأبي الحسن علي بن محمد الماوردي الشافعي (364-450هـ).
2-الأحكام السلطانية لأبي يعلى محمد بن الحسين الفراء (380-458هـ)
3-تحرير الأحكام السلطانية في تدبير أهل الإسلام. لبدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة (635-733هـ).
المبحث الثاني
منهج الإصلاح السياسي
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات الإصلاح السياسي
من كتب التراث السياسي الإسلامي كتب تناولت جانب الإصلاح السياسي والإداري في الدولة الإسلامية، من خلال تدبير أمور الحكم والإدارة على أساس الشريعة الإسلامية، وإصلاح موارد ومصارف الدولة، وبيان مصادر الأموال التي تتفق مع نصوص الشريعة الإسلامية الكتاب والسنة، وبيان ما يعارض ذلك مع إصلاح الجهاز الإداري للدولة بتولية الأصلح في كل ولاية، ومحاربة الفساد بتطبيق العقوبات الشرعية، والتأكيد على أهمية الشورى في اتخاذ القرار الأنسب، إذا لم يرد في ذلك دليل من الشرع.
ومن مؤلفات الإصلاح السياسي ما يلي:
أولاً: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ([12] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn12)) .
تأليف: شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية (661-728هـ)
أسس شيخ الإسلام في كتابه السياسة الشرعية منهج الإصلاح السياسي وقد ألفه بطلب من ولي الأمر في مصر والشام في عصره الملك الناصر أبي الفتح محمد بن قلاوون بن عبد الله الصالحي (684-741هـ).
وقد أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة رسالته الأسس والمبادئ العامة التي يهدف إلى تحقيقها من خلال رسالته.
قال شيخ الإسلام: (هذه رسالة مختصرة فيها جوامع من السياسة الإلهية والإنابة النبوية لا يستغني عنها الراعي والرعية) ([13] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn13)) .
فشيخ الإسلام يهدف من خلال رسالته المختصرة إلى توضيح المبادئ العامة لتدبير الحكم والإدارة على أساس الشريعة الإسلامية.
يقول قمر الدين خان: (كتاب السياسة الشرعية هو الأكثر أهمية والتصاقاً بالفكر السياسي، وهو يقوم على فكرة السياسة الشرعية كأساس لإدارة الدولة الإسلامية على منهج القرآن والسنة النبوية، إضافة إلى ما يحويه الكتاب من بعض الأفكار ذات الطبيعة النظرية) ([14] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn14)).
وقد قسم شيخ الإسلام كتابه السياسة الشرعية إلى قسمين، بعد أن أوضح أن جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة؛ أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل.
فالقسم الأول من الكتاب في أداء الأمانات، ويتمثل في صنفين من الأمانات صنف الولايات، وذلك بتولية الأصلح في كل ولاية.
يقول شيخ الإسلام: (فيجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل) ([15] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn15)) .
والصنف الثاني من الأمانات الأموال، ويدخل في هذا القسم الأعيان والديون الخاصة والعامة، والأموال السلطانية التي أصلها في الكتاب والسنة وهي: الغنيمة والصدقة والفيء.
يقول شيخ الإسلام عن هذا القسم: (وهذا القسم يتناول الولاية والرعية، فعلى كل منهما أن يؤدي إلى الآخر ما يجب أداؤه إليه، فعلى ذي السلطان ونوابه في العطاء أن يؤتوا كل ذي حق حقه، وعلى جباة الأموال: كأهل الديوان أن يؤدوا إلى ذي السلطان ما يجب إيتاؤه إليه، وكذلك على الرعية)([16] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn16)) .
والقسم الثاني من الكتاب يتناول فيه حدود الله،وحقوق الناس مثل القصاص وواجب الولاية، وفي خاتمة الكتاب يؤكد على أهمية الشورى وضرورتها ووجوبها.
يقول شيخ الإسلام: (لا غنى لولي الأمر عن المشاورة، فإن الله تعالى أمر بها نبيه × فقال تعالى +"[آل عمران : 159] ([17] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn17)) .
ثانياً: حسن السلوك الحافظ دولة الملوك([18] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn18)).
تأليف: الإمام محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي (699 – 774هـ).
منهج كتاب حسن السلوك هو منهج الإصلاح السياسي وقد نَهِجَ الإمام الموصلي في كتابه حسن السلوك منهجَ شيخ الإسلام في كتابه السياسة الشرعية.
ومن خلال استقراء الكتاب ومقارنته لكتاب شيخ الإسلام نجد أن 18% من الكتاب أخذه من كتاب السياسة الشرعية لشيخ الإسلام، ولم يشر إلى ذلك في كتابه، وإن كان أشار إلى المصادر الأخرى التي نقل منها، والسبب في ذلك أنه معاصر لشيخ الإسلام، وبعد وفاة شيخ الإسلام في السجن ضيق على تلامذته وتمت محاربة مؤلفاته، ولم يسلم أكثر تلاميذه والمتأثرين بمدرسة شيخ الإسلام من السجن والتضييق عليهم.
ومن أمثلة المعاصرين للموصلي ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني (773-852هـ) في ترجمة يوسف بن ماجد المرداوي المتوفى سنة 783هـ قال: (كان فاضلاً في الفقه وامتحن مراراً بسبب فتياه بمسألة ابن تيمية في الطلاق، وكذا في عدة من مسائله ـ إلى أن قال ـ: وكان شديد التعصب لمسائل ابن تيمية وسجن بسبب ذلك)([19] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn19)).
لذلك نجد العلامة محمد الموصلي ينقل عن شيخ الإسلام ولا يشير إلى ذلك وفي موضع واحد قال: (قال بعض العلماء) ([20] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn20)) .
وقد بدأ العلامة محمد الموصلي كتابه ببيان أن دافعه إلى الكتابة؛ تلبية لحاكم عصره، وبَيَّنَ منهجه العام الذي لا يختلف عن منهج شيخ الإسلام في كتابه السياسة الشرعية.
قال العلامة الموصلي: (فرأيت أن أكتب له ما ورد في فضل العدل والإحسان فإنه متصف بهما مع ما فيه من الفضائل، وأقص في ضمن ذلك السياسة الشرعية مما فيه مصلحة الراعي والرعية) ([21] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn21)) .
وقد قسم كتابه على فصول ذكر فيها تعريف الحكم بالعدل، ووجوب نصب السلطان وجزاء السلطان الجائر، وطريق العدل، وأدلة الشورى من الكتاب والسنة، والولايات العامة، وطبيعة الولاية، وبيان أركان الولاية، وحكم عزل الإمام للقضاة، وبيان حكم اتخاذ الحجاب للوالي، وتقسيم السلطان لأوقاته، والتسوية بين الخصمين، وتحذير القاضي من الهوى والرِّشْوَة والهدية، وخطر الولاية وأنه لا يصلح أمر الناس على العدل المجرد من الإحسان، وبيان أن من العدل المساواة في القصاص، ووجوب دفع الضرر عن المسلمين.
المطلب الثاني
خصائص مؤلفات الإصلاح السياسي
باستقراء كتب الإصلاح السياسي نجد أنها تشترك فيما يلي من الخصائص:
أولاً: الأصل في تدبير أمور الحكم والإدارة في كتب الإصلاح السياسي؛ السياسة الشرعية المعتمدة على نصوص الكتاب والسنة.
ثانياً: إيضاح أن جماع السياسة العادلة يقوم على أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل([22] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn22)).
ثالثاً: التأكيد على أن السياسة الشرعية تقتضي إصلاح الإدارة في الدولة الإسلامية، باستعمال الأصلح في كل موضع ويختار الأمثل فالأمثل في كل منصب.
يقول شيخ الإسلام: (فيختار الأمثل فالأمثل في كل منصب بحسبه) ([23] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn23)) .
ويقول العلامة محمد الموصلي (فيجب على الإمام أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل) ([24] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn24)) .
رابعاً: الإشارة إلى أهمية مراعاة المقاصد في كل ولاية واختيار الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق المقاصد المشروعة.
يقول شيخ الإسلام: (والمهم في هذا الباب معرفة الأصلح، وذلك إنما يتم بمعرفة مقصود الولاية، ومعرفة طريق المقصود، فإذا عرفت المقاصد والوسائل تم الأمر)([25] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn25)).
خامساً: التأكيد على اعتبار المصلحة الشرعية، وذلك بتحصيل المصالح وتكميلها وإبطال المفاسد وتقليلها، وعند التعارض تحصل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما.
قال شيخ الإسلام: (إن الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتبطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناها هو المشروع) ([26] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn26)) .
سادساً: بيان أن المقصود من الولاية والسلطة السياسية في الإسلام أن تكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين لله تعالى.
قال شيخ الإسلام: (فالمقصود أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه، فمن عدل عن الكتاب قُوِّمَ بالحديد، ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف) ([27] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn27)) .
وقال شيخ الإسلام: (فالمقصود الواجب بالولايات إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح مالا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم)([28] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn28)).
المبحث الثالث
منهج السياسة القضائية
المطلب الأول: نماذج لمؤلفات السياسة القضائية
من أهم ما يحتاج إليه الولاة والحكام في إدارة الدولة الأمن للمجتمع واستقرار النظام العام، وذلك عن طريق محاربة الفساد وأسبابه، لذلك نجد الفقهاء توسعوا في بيان الطرق التي يسلكها الولاة والقضاة في محاربة الفساد، والقضاء على الجريمة، وغلق باب التحايل على القضاء، لذلك عرف عبد الله بن فودي (1180-1243هـ) السياسة بأنها (رعي مصالح العباد ودرء الفساد بالكشف عن المظالم بآداب تبين الحق)([29] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn29)).
وقد أفرد بعض الفقهاء مؤلفات في طرق الإثبات, أو طرق الحكم التي يعتمد عليها القضاة في أحكامهم، ويعول عليها في تنفيذ الأحكام ومن هؤلاء: الإمام ابن القيم (691-751هـ) في كتابه الطرق الحكمية في السياسة الشرعية يقول رحمه الله (فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان فثم شرع الله ودينه، والله سبحانه أعلم وأحكم وأعدل أن يخص طرق العدل وأماراته وأعلامه بشيء ثم ينص ما هو أظهر منها وأقوى دلالة وأبين أمارة فلا يجعله منها)([30] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn30)).
وأوضح الفقهاء أن من السياسة الشرعية تغليظ العقوبة في من عُرف بالفساد، وتوسعوا في ذكر أنواع العقوبات التي يجوز للقضاة الحكم بها، بل إننا نجد بعض الفقهاء قصر مدلول السياسة الشرعية على هذا المدلول لأهميته.
قال علاء الدين علي بن خليل الطرابلسي المتوفى سنة (844هـ) (اعلم أن السياسة شرع مغلظ)([31] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn31)).
وقال أكمل الدين البابرتي الحنفي (714-786هـ) (السياسة الشرعية تغليظ جزاء جناية لها حكم شرعي حسماً لمادة الفساد) ([32] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn32)) .
وقال ابن عابدين (1198-1252هـ) (والظاهر أن السياسة والتعزير مترادفان ولذا عطفوا أحدهما على الآخر لبيان التفسير) ([33] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn33)) .
وقد بين الشيخ عبد العال عطوه سبب قصر مدلول السياسة الشرعية عند بعض الفقهاء على الحدود والتعزيرات وطرق القضاء.
قال الشيخ عبد العال عطوة (ولعل العذر في قصر مدلول لفظ السياسة الشرعية على مجالات الحدود، والتعزيرات، وطرق القضاء، كما يرى الكثير من الفقهاء ذلك هو أن هذه المجالات من أهم ما يحتاج إليه الولاة والحكام وكل من يلي أمر الأمة ويدبر شؤونها؛ لأن أكبر همهم توطيد الأمن بالضرب على أيدي المجرمين، والقضاء على الفساد في المجتمع)([34] (http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=22#_ftn34)).
وقد صنف العلماء في هذا المنهج كتباً مستقلة تحت مسمى السياسة الشرعية ومن هذه الكتب:
[يتبع]