تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فَمَا ظَنك بِمَلِكٍ استولى عَلَيْهِ عدوه



محمد طه شعبان
2013-07-11, 07:17 PM
قال ابن القيم - رحمه الله -:
((فَمَا ظَنك بِملك استولى عَلَيْهِ عدوه فأنزله عَن سَرِير ملكه وأسَرَهُ وحبسه وَحَال بَينه وَبَين خزائنه وذخائره وخدمه وصيّرها لَهُ وَمَعَ هَذَا فَلَا يَتَحَرَّك الْملك لطلب ثَأْره وَلَا يستغيث بِمن يغيثه وَلَا يستنجد بِمن ينجده، وَفَوق هَذَا الْملك ملك قاهر لَا يُقهر وغالب لَا يُغلب وعزيز لَا يُذل، فَأرْسل إِلَيْهِ: إِن استنصرتني نصرتك، وَإِن استغثت بِي أغثتك، وَإِن التجأت إِلَيّ أخذت بثأرك، وَإِن هربت إِلَيّ وأويت إِلَيّ سلطتك على عَدوك وَجَعَلته تَحت أسرك، فَإِن قَالَ هَذَا الْملك المأسور: قد شدّ عدوي وثاقي وَأحكم رباطي واستوثق مني بالقيود وَمَنَعَنِي من النهوض إِلَيْك والفرار إِلَيْك والمسير إِلَى بابك فَإِن أرْسلت جندًا من عنْدك يحل وثاقي ويفك قيودي ويخرجني من حَبسه أمكنني أَن أوافي بابك وَإِلَّا لم يمكنني مُفَارقَة محبسي وَلَا كسر قيودي؛ فَإِن قَالَ ذَلِك احتجاجًا على ذَلِك السُّلْطَان ودفعًا لرسالته ورضًا بِمَا هُوَ فِيهِ عِنْد عدوّه؛ خلَّاه السُّلْطَانُ الْأَعْظَم وحاله وولاه مَا تولى، وَإِن قَالَ ذَلِك افتقارًا إِلَيْهِ وإظهارًا لعَجزه وذله وَأَنه أَضْعَف وأعجز أَن يسير إِلَيْهِ بِنَفسِهِ وَيخرج من حبس عدوه ويتخلص مِنْهُ بحوله وقوته وَأَن من تَمام نعْمَته عَلَيْهِ كَمَا أرسل إِلَيْهِ هَذِه الرسَالَة أَن يمده من جنده ومماليكه بِمن يُعينهُ على الْخَلَاص وَيكسر بَاب محبسه ويفك قيوده، فَإِن فعل بِهِ ذَلِك فقد أتم إنعامه عَلَيْهِ، وإن تخلى عَنهُ فَلم يَظْلمه وَلَا مَنعه حَقًا هو له، وَأَنَّ حَمده وحكمته اقْتضى مَنعه وتخليته فِي محبسه[1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)، وَلَا سِيمَا إِذا علم أَن الْحَبْس حَبسه وَأَن هَذَا الْعَدو الَّذِي حَبسه مَمْلُوك من مماليكه وَعبد من عبيده ناصيته بِيَدِهِ لَا يتَصَرَّف إِلَّا بِإِذْنِهِ ومشيئته فَهُوَ غير ملتفت إِلَيْهِ وَلَا خَائِف مِنْهُ وَلَا مُعْتَقد أَن لَهُ شَيْئا من الْأَمر وَلَا بِيَدِهِ نفع وَلَا ضرّ بل هُوَ ناظر إِلَى مَالِكه ومتولي أمره وَمَنْ ناصيته بِيَدِهِ قد أفرده بالخوف والرجاء والتضرّع إِلَيْهِ والالتجاء وَالرَّغْبَة والرهبة فهناك تَأتيه جيوش النَّصْر وَالظفر[2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))).[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) أي: إذا لم يأته النصر من الله بعد ذلك عَلِمَ أن الله تعالى لم يعجز عن نصره؛ وإنما اقتضت حكمة الله تعالى أن يبقى كذلك.
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2) ((الفوائد)) (61).

هويدامحمد
2013-07-26, 06:35 PM
إن التسليم لله والتفويض إليه قبل وبعد فعل الأسباب المقدور عليها من شأنه أن يريح النفس من عناء لا طائل منه، ويربط على القلوب، فتجدها أثبت ما تكون في أوقات الأزمات والشدائد، وكيف لا يكون ذلك وهو يأوي إلى ركن شديد و رب مجيد؟!
كم نحن بحاجة إلى اللجوء إلى الله في كل ما يعرض علينا من ظلم وعدوان أو فقر وحرمان أو مرض في الأبدان أو غير ذلك مما لا يملك كشفه وإزالته إلا الله وحده، قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنّى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ [الأنعام:14].
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرًا ثقالاً
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تَحمل عذبًـا زلالاً
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الريح تصرف حالاً فحالاً
إذا حل الهم وخيم الغم واشتدّ الكرب وعظم الخطب وضاقت السبل وبارت الحيل فنادِ الربَّ بدعاء الكرب: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم)، عندها يفرج الهم وينفس الكرب و يذلل الصّعب.
فالله تعالى هو الملاذ في الشدة والأنيس في الوحشة والنصير في القلة.
إليه وإلاّ لا تشدّ الركائب ومنه وإلاّ فالمؤمَّل خائب
وفيـه وإلاّ فالغرام مُضيَّع وعنه وإلا فالمحدِّث كاذب
وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَـٰشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدُيرٌ[الأنعام:17].

محمد طه شعبان
2013-07-26, 06:50 PM
نعم؛ جزاكم الله خيرًا