تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مسائل الصيام



محمد طه شعبان
2013-06-15, 06:47 AM
المسألة الأولى: تعريف الصوم لغة واطلاحًا:
الصوم لغة: الْإِمْسَاكُ، عَنِ الشَّيْءِ والتَّرْكُ لَهُ؛ وَقِيلَ لِلصَّائِمِ صائمٌ لإِمْساكِه عَنِ المَطْعَم والمَشْرَب والمَنْكَح، وَقِيلَ لِلصَّامِتِ صَائِمٌ لإِمساكه عَنِ الْكَلَامِ، كما قال تعالى: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا).
وَقِيلَ لِلْفَرَسِ صَائِمٌ لإِمساكه عَنِ العَلَفِ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: كلُّ مُمْسكٍ عَنْ طعامٍ أَو كلامٍ أَو سيرٍ فَهُوَ صائمٌ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
والصوم اصطلاحًا: هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ، مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ بِنِيَّةٍ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) انظر: ((لسان العرب)) (12/ 350).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) ((المغني)) (3/ 105).

محمد طه شعبان
2013-06-15, 08:26 AM
المسألة الثانية: فضل الصيام:
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)))).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)))).
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)))).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((الصِّيَامُ جُنَّةٌ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)))).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)))).
وفي لفظ في الصحيحين أيضًا: ((إِنَّ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَيْنِ: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ اللهَ فَرِحَ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)))).
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: مُرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: ((عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ)) ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ لِي : ((عَلَيْكَ بِالصِّيَامِ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)))).
وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الفِتْنَةِ، قُلْتُ: أَنَا - كَمَا قَالَهُ - قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ، قُلْتُ: ((فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ . . .([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)))).
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ "، قَالَ: «فَيُشَفَّعَانِ ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)))).[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1896)، ومسلم (1152).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) متفق عليه: أخرجه البخاري (38)، ومسلم (759).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) متفق عليه: أخرجه البخاري (2840)، ومسلم (1153).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151).
(جُنَّة): أي: ((وقاية وسترة مِنَ الوقوع في المعاصي التي تكون سببًا في دخول النار، أو وقاية مِنَ دخول النار لأنه إمساك عَنِ الشهوات والنار قد خفت بها)).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) متفق عليه: أخرجه البخاري (5927)، ومسلم (1151).
((الْخُلُوفُ)): بِضَمِّ الْخَاءِ وَاللَّامِ: تَغَيُّرُ رَائِحَةِ فَمِ الصَّائِمِ، وَإِنَّمَا يَحْدُثُ مِنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ بِتَرْكِ الْأَكْلِ.
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) البخاري (1904)، ومسلم (1151).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) صحيح: أخرجه النسائي (2220)، وأحمد (22149)، وغيرهما، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع))، (4044).
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) صحيح: أخرجه البخاري (525).
[9] (http://majles.alukah.net/#_ftnref9))) صحيح: أخرجه أحمد (6626)، وصححه الألباني ((صحيح الجامع)) (3882).

محمد طه شعبان
2013-06-16, 02:41 PM
المسألة الثالثة: أقسام الصوم:
ينقسم الصوم إلى:
أولًا: صوم واجب؛ وهو:
1- صوم شهر رمضان: ودليل وجوبه قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة: 183.
و(كُتِبَ)؛ أَي: فُرِضَ.
وقوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) البقرة: 185.
والأمر يدل على الوجوب.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)))).
ثم إنَّ الأُمَّة مُجْمِعَةٌ على وجوب صوم رمضان.
2- صوم الكفارات.
3- صوم النذر.
4- صوم الفدية.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (8)، ومسلم (16).

محمد طه شعبان
2013-06-16, 02:44 PM
ثانيًا: صوم مُسْتَحَبٌّ؛ وهو:
1- صوم يوم ويوم:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ((أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))))
2- صوم الاثنين والخميس:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)))).
وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: ((ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)))).
3- صوم يوم عرفة لغير الحاج:
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)))).
4- صوم تاسوعاء وعاشوراء:
عَنْ أَبي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ، قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)).
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: ((يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)))).
5- صوم ستة أيام من شوال:
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)))).
6- صوم الأيام البيض:
وهي أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر مِنْ كل شهر هجري.
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ، وَأَيَّامُ الْبِيضِ صَبِيحَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)))).
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((صَوْمُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)))).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثٍ: ((صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ([10] (http://majles.alukah.net/#_ftn10)))).
7- صوم غالب المحرم:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ([11] (http://majles.alukah.net/#_ftn11)))).
8- صوم غالب شعبان:
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ([12] (http://majles.alukah.net/#_ftn12)).[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1131)، ومسلم (1159).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) صحيح: أخرجه الترمذي (747)،ابن ماجه (1740)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (2959).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) صحيح: أخرجه مسلم (1162).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) صحيح: أخرجه مسلم (1162).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) صحيح: أخرجه مسلم (1134).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) صحيح: أخرجه مسلم (1162).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) صحيح: أخرجه مسلم (1164).
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) حسن: أخرجه النسائي (2420)، والبيهقي في ((الكبرى)) (3853)، وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3849).
[9] (http://majles.alukah.net/#_ftnref9))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1979)، ومسلم (1159).
[10] (http://majles.alukah.net/#_ftnref10))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1981)، ومسلم (721).
[11] (http://majles.alukah.net/#_ftnref11))) صحيح: أخرجه مسلم (1163).
[12] (http://majles.alukah.net/#_ftnref12))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1969)، ومسلم (1156).

محمد طه شعبان
2013-06-16, 06:31 PM
ثالثًا:صوم منهي عنه؛ وهو:
1- صوم العيدين:
عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَاليَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
2- صوم أيام التشريق:
عَنْ أَبِي مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ عَمْرٌو: كُلْ، فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا، قَالَ مَالِكٌ: وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
ويجوز صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهدي.
عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
3- صوم يوم الشك: وهو اليوم الذي يُشك فيه؛ أهو المتمم لشعبان أم هو غرة رمضان؟
عَنْ صِلَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَمَّارٍ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَأَتَى بِشَاةٍ فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَالَ عَمَّارٌ: مَنْ صَامَ هَذَا الْيَوْمَ، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)).
4- صوم يوم الجمعة منفردًا:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)))).
5- صوم يوم السبت منفردًا:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)))).
6- صوم الدهر:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ)) مَرَّتَيْنِ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)).
7- صوم المرأة - غير رمضان - وزوجها حاضر إلا بإذنه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،قَالَ : ((لاَ تَصُومُ المَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)))).
وفي رواية: (( مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ)).
8- صوم يوم أو يومين قبل رمضان لمن لم تكن له عادة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)))).[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1990)، ومسلم (1137).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) صحيح: أخرجه أبو داوود (2418)، وأحمد (17768)، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (2089).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) صحيح: أخرجه البخاري (1997).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) صحيح: أخرجه أبو داود (2334)، والترمذي (686)، والنسائي (2188)، وابن ماجه (1645)، صححه الألباني في ((الإرواء))، (961).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1985)، ومسلم (1144).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) صحيح: أخجه أبو داود (2418)، والترمذي (744)، وابن ماجه (1726)، وأحمد (26534)، والدارمي (1749)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7358).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1977)، ومسلم (1159).
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) متفق عليه: أخرجه البخاري (5192)، ومسلم (1026).
[9] (http://majles.alukah.net/#_ftnref9))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1914)، ومسلم (1082).

محمد طه شعبان
2013-06-17, 12:41 PM
المسألة الرابعة: بِمَ يثبت دخولُ شهر رمضان وخُروجُهُ؟
يثبت دخول شهر رمضان بشهادة ولو عدل واحد، أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: تَرَاءى النَّاسُ الْهِلَالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
فإن لم يُرَ الهلالُ لغيم أو غبار كثيف ونحوه أتمُّوا عدة شعبان ثلاثين يومًا.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))».
وأما خروج شهر رمضان ودخول شوال فلا يثبت إلا بشهادة اثنين.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَقَالَ: أَلَا إِنِّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَاءَلْتُهُمْ ، وَإِنَّهُمْ حَدَّثُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَانْسُكُوا لَهَا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ، فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا، وَأَفْطِرُوا([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))».
وعَنْ أَمِيرِ مَكَّةَ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّه خَطَبَ ثُمَّ قَالَ: «عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَنْسُكَ لِلرُّؤْيَةِ، فَإِنْ لَمْ نَرَهُ، وَشَهِدَ شَاهِدَا عَدْلٍ نَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَ ا([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))».
فدلَّ هذان الحديثان بمفهومهما على أنه لا يثبت دخول الشهر وخروجه إلا بشهادة عدلين، فخرج دخول الشهر بمنطوق حديث ابن عمر المتقدم، وبقي خروجه إذ لا دليل على إثباته بواحد.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) صحيح: أخرجه أبو داود (2342)، والدارمي (1733)، وغيرهما، وصححه الألباني في ((الإرواء)) (908).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1909)، ومسلم (1081).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) صحيح: أخرجه النسائي (2115)، وأحمد (18895)، وصححه الألباني في ((الإرواء)) (909).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) صحيح: أخرجه أبوداود (2321)،وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (205).

محمد طه شعبان
2013-06-17, 01:07 PM
المسألة الخامسة: حكم الحسابات الفلكية في مسألة دخول الشهر أو خروجه:
فهذا قرار رقم (34) وتاريخ 14\2\1395هـ
هيئة كبار العلماء بالسعودية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه، وبعد:
فبناء على خطاب معالي رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء رقم (4680) وتاريخ 23\2\1394هـ المتضمن: أمر جلالة الملك بإحالة خطاب أمين عام هيئة الدعوة والإرشاد في (سورابايا) بشأن توحيد مواقيت الصلاة والصوم والحج إلى هيئة كبار العلماء، وإشارة لخطاب سعادة وكيل وزارة الخارجية رقم (300\5\6 \855\3) في 15\1\1394هـ ومشفوعاته: ما تبلغته سفارة جلالة الملك في الجزائر من وزارة التعليم الأصلي والشئون الدينية من وثائق حول الاعتماد على الحساب الفلكي لتحديد مواقيت العبادات.
وبناء على المحضر رقم (7) من محاضر الدورة الخامسة لمجلس هيئة كبار العلماء المشتمل على إعداد قرار مدعم بالأدلة يعرض على الهيئة في دورتها السادسة لإقراره.
وبعد دراسة المجلس للقرارات والتوصيات والفتاوى والآراء المتعلقة بهذا الموضوع وإعادة النظر في البحث الذي سبق أن أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في موضوع توحيد أوائل الشهور القمرية، والاطلاع على القرار الصادر من الهيئة في دورتها الثانية برقم (2) وتاريخ 13\2\1393هـ ومداولة الرأي في ذلك كله- قرر ما يلي:
أولا: أن المراد بالحساب والتنجيم هنا معرفة البروج والمنازل، وتقدير سير كل من الشمس والقمر وتحديد الأوقات بذلك؛ كوقت طلوع الشمس ودلوكها وغروبها، واجتماع الشمس والقمر وافتراقهما، وكسوف كل منهما، وهذا هو ما يعرف بـ (حساب التسيير، وليس المراد بالتنجيم هنا الاستدلال بالأحوال الفلكية على وقوع الحوادث الأرضية؛ من ولادة عظيم أو موته، ومن شدة وبلاء، أو سعادة ورخاء، وأمثال ذلك مما فيه ربط الأحداث بأحوال الأفلاك علما بميقاتها، أو تأثيرا في وقوعها من الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله، وبهذا يتحرر موضوع البحث.
ثانيا: أنه لا عبرة شرعا بمجرد ولادة القمر في إثبات الشهر القمري بدءا وانتهاء بإجماع ما لم تثبت رؤيته شرعا، وهذا بالنسبة لتوقيت العبادات، ومن خالف في ذلك من المعاصرين فمسبوق بإجماع من قبله.
ثالثا: أن رؤية الهلال هي المعتبرة وحدها في حالة الصحو ليلة الثلاثين في إثبات بدء الشهور القمرية وانتهائها بالنسبة للعبادات فإن لم ير أكملت العدة ثلاثين بإجماع.
أما إذا كان بالسماء غيم ليلة الثلاثين: فجمهور الفقهاء يرون إكمال العدة ثلاثين؛ عملا بحديث: «فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»، وبهذا تفسر الرواية الأخرى الواردة بلفظ: «فاقدروا له».
وذهب الإمام أحمد في رواية أخرى عنه، وبعض أهل العلم إلى اعتبار شعبان في حالة الغيم تسعة وعشرين يوما احتياطا لرمضان، وفسروا رواية: «فاقدروا له» : بضيقوا، أخذًا من قوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} أي: ضيق عليه رزقه.
وهذا التفسير مردود بما صرحت به رواية الحديث الأخرى الواردة بلفظ: «فاقدروا له ثلاثين» ، وفي رواية أخرى: «فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» .
وحكى النووي في شرحه على صحيح مسلم لحديث: «فإن غم عليكم فاقدروا له» عن ابن سريج وجماعة، ومنهم مطرف بن عبد الله - أي: ابن الشخير - وابن قتيبة وآخرون- اعتبار قول علماء النجوم في إثبات الشهر القمري ابتداء وانتهاء، أي: إذا كان في السماء غيم.
وقال ابن عبد البر: روي عن مطرف بن الشخير، وليس بصحيح عنه، ولو صح ما وجب اتباعه؛ لشذوذه فيه، ولمخالفة الحجة له ثم حكى عن ابن قتيبة مثله، وقال: ليس هذا من شأن ابن قتيبة، ولا هو ممن يعرج عليه في مثل هذا الباب. ثم حكى عن ابن خويز منداد أنه حكاه عن الشافعي، ثم قال ابن عبد البر: والصحيح عنه في كتبه وعند أصحابه وجمهور العلماء خلافه. انتهى.
وبهذا يتضح: أن محل الخلاف بين الفقهاء إنما هو في حال الغيم وما في معناه. وهذا كله بالنسبة للعبادات، أما بالنسبة للمعاملات فللناس أن يصطلحوا على ما شاءوا من التوقيت.
رابعا: أن المعتبر شرعا في إثبات الشهر القمري هو رؤية الهلال فقط دون حساب سير الشمس والقمر لما يأتي:
أ - أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصوم لرؤية الهلال والإفطار لها في قوله: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» ، وحصر ذلك فيها بقوله: «لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه» ، وأمر المسلمين إذا كان غيم ليلة الثلاثين أن يكملوا العدة، ولم يأمر بالرجوع إلى علماء النجوم، ولو كان قولهم أصلا وحده أو أصلا آخر في إثبات الشهر- لأمر بالرجوع إليهم، فدل ذلك على أنه لا اعتبار شرعا لما سوى الرؤية، أو إكمال العدة ثلاثين في إثبات الشهر، وأن هذا شرع مستمر إلى يوم القيامة، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} ودعوى أن الرؤية في الحديث يراد بها العلم أو غلبة الظن بوجود الهلال أو إمكان رؤيته لا التعبد بنفس الرؤية - مردودة؛ لأن الرؤية في الحديث متعدية إلى مفعول واحد، فكانت بصرية لا علمية، ولأن الصحابة فهموا أنها رؤية بالعين، وهم أعلم باللغة ومقاصد الشريعة، وجرى العمل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهدهم على ذلك، ولم يرجعوا إلى علماء النجوم في التوقيت، ولا يصح أيضا أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: «فإن غم عليكم فاقدروا له» أراد أمرنا بتقدير منازل القمر لنعلم بالحساب بدء الشهر ونهايته؛ لأن هذه الرواية فسرتها رواية: «فاقدروا له ثلاثين» وما في معناه، ومع ذلك فالذين يدعون إلى توحيد أوائل الشهور يقولون بالاعتماد على حساب المنازل في الصحو والغيم، والحديث قيد القدر له بحالة الغيم.
ب - أن تعليق إثبات الشهر القمري بالرؤية يتفق مع مقاصد الشريعة السمحة؛ لأن رؤية الهلال أمرها عام يتيسر لأكثر الناس، بخلاف ما لو علق الحكم بالحساب فإنه يحصل به الحرج ويتنافى مع مقاصد الشريعة، ودعوى زوال وصف الأمية في علم النجوم عن الأمة لو سلمت لا يغير حكم الشرع في ذلك.
ج - أن علماء الأمة في صدر الإسلام قد أجمعوا على اعتبار الرؤية في إثبات الشهور القمرية دون الحساب، فلم يعرف أن أحدا منهم رجع إليه في ذلك عند الغيم ونحوه، أما عند الصحو فلم يعرف عن أحد من أهل العلم أنه عول على الحساب في إثبات الأهلة أو علق الحكم العام به.
خامسا: تقدير المدة التي يمكن معها رؤية الهلال بعد غروب الشمس لولا المانع من الأمور الاعتبارية الاجتهادية التي تختلف فيها أنظار أهل الحساب، وكذا تقدير المانع، فالاعتماد على ذلك في توقيت العبادات لا يحقق الوحدة المنشودة؛ ولهذا جاء الشرع باعتبار الرؤية فقط دون الحساب.
سادسا: لا يصح تعيين مطلع دولة أو بلد - كمكة مثلا - لتعتبر رؤية الهلال منه وحده، فإنه يلزم من ذلك أن لا يجب الصوم على من ثبتت رؤية الهلال عندهم من سكان جهة أخرى، إذ لم ير الهلال في المطلع المعين.
سابعا: ضعف أدلة من اعتبر قول علماء النجوم في إثبات الشهر القمري. ويتبين ذلك بذكر أدلتهم ومناقشتها:
أ- قالوا: إن الله أخبر بأنه أجرى الشمس والقمر بحساب لا يضطرب، وجعلهما آيتين وقدرهما منازل؛ لنعتبر، ولنعلم عدد السنين والحساب، فإذا علم جماعة بالحساب وجود الهلال يقينا وإن لم تمكن رؤيته بعد غروب شمس التاسع والعشرين أو وجوده مع إمكان الرؤية لولا المانع، وأخبرنا بذلك عدد منهم يبلغ مبلغ التواتر - وجب قبول خبرهم؛ لبنائه على يقين، واستحالة الكذب على المخبرين؛ لبلوغهم حد التواتر، وعلى تقدير أنهم لم يبلغوا حد التواتر وكانوا عدولا فخبرهم يفيد غلبة الظن، وهي كافية في بناء أحكام العبادات عليها.
والجواب: أن يقال: إن كونها آيات للاعتبار بها والتفكير في أحوالها للاستدلال على خالقها ومجريها بنظام دقيق لا خلل فيه ولا اضطراب، وإثبات ما لله من صفات الجلال والكمال - أمر لا ريب فيه.
أما الاستدلال بحساب سير الشمس والقمر على تقدير أوقات العبادات فغير مسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم - وهو أعلم الخلق بتفسير كتاب الله - لم يعلق دخول الشهر وخروجه بعلم الحساب، وإنما علق ذلك برؤية الهلال أو إكمال العدة في حال الغيم، فوجب الاقتصار على ذلك، وهذا هو الذي يتفق وسماحة الشريعة وسهولتها مع ما فيه من الدقة والضبط، بخلاف تقدير سير الكواكب فإن أمره خفي عقلي لا يدركه إلا النزر اليسير من الناس، ومثل هذا لا تبنى عليه أحكام العبادات.
ب - وقالوا: إن الفقهاء يرجعون في كثير من شئونهم إلى أهل الخبرة فيرجعون إلى الأطباء في فطر المريض في رمضان، وتقدير مدة التأجيل في العنين والمعترض، وإلى أهل اللغة في تفسير نصوص الكتاب والسنة، إلى غير ذلك من الشئون، فليرجعوا في معرفة بدء الشهور القمرية ونهايتها إلى علماء النجوم.
والجواب: أن يقال: هذا قياس مع الفارق؛ لأن الشرع إنما جاء بالرجوع إلى أهل الخبرة في اختصاصهم في المسائل التي لا نص فيها. أما إثبات الأهلة فقد ورد فيه النص باعتبار الرؤية فقط، أو إكمال العدة دون الرجوع فيه إلى غير ذلك.
ج- وقالوا: إن توقيت بدء الشهر القمري ونهايته لا يختلف عن توقيت الصلوات الخمس وبدء صوم كل يوم ونهايته، وقد اعتبر الناس حساب المنازل علميا في الصلوات والصيام اليومي فليعتبروه في بدء الشهر ونهايته.
وأجيب: بأن الشرع أناط الحكم في الأوقات بوجودها، قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} وقال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} وفصلت السنة ذلك، وأناطت وجوب صوم رمضان برؤية الهلال ولم تعلق الحكم في شيء من ذلك على حساب المنازل، وإنما العبرة بدليل الحكم.
د- وقالوا: إن الله تعالى قال: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} إذ المعنى: فمن علم منكم الشهر فليصمه، سواء كان علم ذلك عن طريق رؤية الهلال مطلقا أو عن طريق علم حساب المنازل.
والجواب: أن يقال: إن معنى الآية: فمن حضر منكم الشهر فليصمه، بدليل قوله تعالى بعده: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وعلى تقدير تفسير الشهود بالعلم، فالمراد: العلم عن طريق رؤية الهلال، بدليل حديث: «لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه» .
هـ- وقالوا: إن علم الحساب مبني على مقدمات يقينية، فكان الاعتماد عليه في إثبات الشهور القمرية أقرب إلى الصواب وتحقيق الوحدة بين المسلمين في نسكهم وأعيادهم.
وأجيب: بأن ذلك غير مسلم؛ لأن الحس واليقين في مشاهدة الكواكب لا في حساب سيرها، فإنه أمر عقلي خفي لا يعرفه إلا النزر اليسير من الناس، كما تقدم؛ لحاجته إلى دراسة وعناية، ولوقوع الغلط والاختلاف فيه، كما هو الواقع في اختلاف التقاويم التي تصدر في كثير من البلاد الإسلامية، فلا يعتمد عليه ولا تتحقق به الوحدة بين المسلمين في مواقيت عباداتهم.
ووقالوا: إن تعليق الحكم بثبوت الشهر على الأهلة معلل بوصف الأمة بأنها أمية، وقد زال عنها هذا الوصف، فقد كثر علماء النجوم، وبذلك يزول تعليق الحكم بالرؤية أو بخصوص الرؤية، ويعتبر الحساب وحده أصلا، أو يعتبر أصلا آخر إلى جانب الرؤية.
والجواب: أن يقال: إن وصف الأمة بأنها أمية لا يزال قائما بالنسبة لعلم سير الشمس والقمر وسائر الكواكب، فالعلماء به نزر يسير، والذي كثر إنما هو آلات الرصد وأجهزته، وهي مما يساعد على رؤية الهلال في وقته، ولا مانع من الاستعانة بها علة الرؤية وإثبات الشهر بها، كما يستعان بالآلات على سماع الأصوات، وعلى رؤية المبصرات، ولو فرض زوال وصف الأمية عن الأمة في علم الحساب - لم يجز الاعتماد عليه في إثبات الأهلة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علق الحكم بالرؤية، أو إكمال العدة، ولم يأمر بالرجوع إلى الحساب واستمر عمل المسلمين على ذلك بعده.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
حرر في 14\2\1395هـ.
هيئة كبار العلماء
. ... . ... رئيس الدورة السادسة
عبد العزيز بن باز ... عبد الله بن حميد ... عبد الرزاق عفيفي
محمد بن جبير ... عبد المجيد حسن ... عبد الله بن منيع
له وجهة نظر مرفقة ... لي وجهة نظر مكتوبة ... له وجهة نظر مرفقة
صالح بن غصون ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ ... عبد العزيز بن صالح
محمد الحركان ... عبد الله بن غديان ... سليمان بن عبيد
صالح بن لحيدان ... عبد الله خياط ... راشد بن خنين

محمد طه شعبان
2013-06-18, 12:49 PM
المسألة السادسة: اختلاف المطالع:
ذهب بعض أهل العلم إلى اعتبار اختلاف الأهلة؛ وأنَّ الهلال إذا رُئيَ في بلد فلا يلزم غيرهم، وإنما يلزمهم هم الذين رأوه فقط.
واستدل هؤلاء بما ورد عند مسلم في ((صحيحه))؛ عَنْ كُرَيْبٍ، أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ، بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ، فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا، وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ، فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ؟ فَقُلْتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: " لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ، أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)) ".
فقد صرح ابن عباس هنا بأنه لا يُؤخذ برؤية أهل الشام لأهل المدينة، وقال: ((هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)).
وذهب آخرون إلى أنَّ رؤية الهلال في بلد (ما) تُعَدُّ رؤيةً لجميع البلاد؛ فيلزمهم الصوم أو الفطر.
واستدل هؤلاء بحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))».
قال الشوكاني – رحمه الله -:
((وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ نَاحِيَةٍ عَلَى جِهَةِ الِانْفِرَادِ؛ بَلْ هُوَ خِطَابٌ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَالِاسْتِدْلَا لُ بِهِ عَلَى لُزُومِ رُؤْيَةِ أَهْلِ بَلَدٍ لِغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ أَظْهَرُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَآهُ أَهْلُ بَلَدٍ فَقَدْ رَآهُ الْمُسْلِمُونَ؛ فَيَلْزَمُ غَيْرَهُمْ مَا لَزِمَهُمْ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)))).
وقد رَدَّ هؤلاء على الاستدلال بحديث ابن عباس؛ حيث قال الشوكاني – رحمه الله -:
((وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُجَّةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَرْفُوعِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَا فِي اجْتِهَادِهِ الَّذِي فَهِمَ عَنْهُ النَّاسُ، وَالْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: " هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " هُوَ قَوْلُهُ: فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)))).
فبيَّن الشوكاني إلى أنَّ ما ذهب إليه ابن عباس – مِنْ عدم الأخذ برؤية أهل الشام - هو اجتهاد منه رضي الله عنه، وأما قوله: ((هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))، عائد على قوله: ((فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ)).
وهو ما ذهب إليه ابن قدامة – رحمه الله – حيث قال:
((وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: 185] . «وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَعْرَابِيِ ّ لَمَّا قَالَ لَهُ: اللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنْ السَّنَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ» .
وَقَوْلُهُ لِلْآخَرِ لَمَّا قَالَ لَهُ: مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصَّوْمِ؟ قَالَ: (شَهْرَ رَمَضَانَ)، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، بِشَهَادَةِ الثِّقَاتِ، فَوَجَبَ صَوْمُهُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)))).
وهو ما اختاره ابن تيمية – رحمه الله – حيث قال:
((فَالصَّوَابُ فِي هَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ((صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ))، فَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَنَّهُ رَآهُ بِمَكَانِ مِنْ الْأَمْكِنَةِ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ وَجَبَ الصَّوْمُ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)))).
وأما ((المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة)) فذهب إلى أن الأمر واسع؛ وأن القول باختلاف المطالع فيه تخفيف على المكلفين.
حيث جاء في القرار رقم (7) سنة 1401ه:
((كما ذهب - المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة - إلى اعتبار اختلاف المطالع، لما في ذلك من التخفيف على المكلفين، مع كونه هو الذي يقتضيه النظر الصحيح، فما يدعيه القائلون من وجوب الاتحاد في يومي الصوم والإفطار مخالف لما جاء شرعًا وعقلاً، أما شرعًا فقد أورد أئمة الحديث حديثَ كريب، وهو أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، فاستهل علي شهر رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا نكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه مسلم في صحيحه) . وقد ترجم الإمام النووي على هذا الحديث في شرحه على مسلم بقوله: (باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم، وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد، لا يثبت حكمه لما بَعُدَ عنهم) . ولم يخرج عن هذا المنهج من أخرج هذا الحديث من أصحاب الكتب الستة (أبو داود والترمذي والنسائي) في تراجمهم له)).[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) صحيح: أخرجه مسلم (1087).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1906)، ومسلم (1080).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) ((نيل الأوطار)) (4/ 231).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) السابق.
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) ((المغني)) (3/ 107).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) ((مجموع الفتاوى)) (25/ 105).

محمد طه شعبان
2013-06-19, 04:07 PM
المسألة السابعة: شروط وجوب الصوم؛ وهي أربعة:
لا بد أن تتوافر في العبد أربعة شروط لكي يجب في حقه الصوم:
الشرط الأول: الإسلام؛ لأن الكافر ليس أهلًا للعبادة.
الشرط الثاني: البلوغ؛ فلا يجب الصوم على الصغير الذي لم يبلغ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ...([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)))).
وإذا صام الصبي أو الصبية قُبِلَ صيامُهُمَا.
ويُستحب تمرين الصغار على الصوم، ومكافئتهم إذا صبروا عليه:
فَعَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ»، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
وفي لفظ لمسلم: وَنَصْنَعُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَنَذْهَبُ بِهِ مَعَنَا، فَإِذَا سَأَلُونَا الطَّعَامَ، أَعْطَيْنَاهُمُ اللُّعْبَةَ تُلْهِيهِمْ حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمَهُمْ.
ويحصل البلوغ بواحدة من العلامات الثلاث الآتية:
1- إنزال المني؛ باحتلام أو غيره:
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ ... وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)))).
فتبيَّن أنَّ غير المُحْتَلِم يسمى صبيًّا، وليس مُكَلَّفًا.
وَعَنْ كَثِيرِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنَا قُرَيْظَةَ أَنَّهُمْ عُرِضُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَمَنْ كَانَ مُحْتَلِمًا، أَوْ نَبَتَتْ عَانَتُهُ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَلِمًا، أَوْ لَمْ تَنْبُتْ عَانَتُهُ تُرِكَ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))».
2- نبات شعر العانة: وهو الشعر النابت حول قُبُل الرجل والمرأة:
لحديث عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «عُرِضْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ، خُلِّيَ سَبِيلُهُ، فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ، فَخُلِّيَ سَبِيلِي([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))».
3-بلوغ خمس عشرة سنة:
لحديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6))».
في لفظ: ((فَلَمْ يُجِزْنِي، وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)))).
فهذه العلامات الثلاث للذكر والأنثى، وتزيد الأنثى بعلامة، وهي: الحيض أو الحمل.
الشرط الثالث: العقل: فلا يجب الصوم على المجنون؛ لحديث النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)))).
الشرط الرابع: القدرة على الصيام؛ لأنَّ العبادة تسقط عن العاجز؛ وقد قال تعالى: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة: 184.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) صحيح: أخرجه أبو داود (4403)، والترمذي (1423)، وابن ماجه (2041)، والنسائي (3432)، وأحمد (24694)، وصححه الألباني في ((الإرواء)) (3512).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1960)، ومسلم (1136).
و(الْعِهْنِ) هُوَ: الصُّوفُ.
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) تقدم تخريجه.
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) صحيح لغيره: أخرجه النسائي (3429)، وفي الكبرى (5593)، وانظر التخريج التالي.
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) صحيح: أخرجه أخرجه الترمذي (154)، وقال: ((هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ))، والنسائي (3429)، وابن ماجه (2541)، وأحمد (18776)، وصححه الألباني ((المشكاة)) (3974).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) متفق عليه: أخرجه البخاري (2664)، ومسلم (1868).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) أخرجه ابن حبان (4728)، والدارقطني في ((سننه)) (4202)، والبيهقي في ((الكبرى))، (11299)، وفي ((الصغرى)) (2069).
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) تقدم تخريجه.

محمد طه شعبان
2013-06-23, 03:11 PM
المسألة الثامنة: أركان الصوم:
للصوم ركنان:
الركن الأول: النِّيَّة: لأن الصوم عبادة والعبادات لا بد لها مِنْ نِيَّة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
فَمَنْ أمسك عن المفطرات بلا نِيَّة فلا يصح صومه، باتفاق أهل العلم.
ولا بُدَّ في صيام الفرض - سواء كان رمضان أو كفارة أو نذر أو غيره- مِنْ تبييت النِيَّةِ مِنَ الليل؛ وذلك لِمَا روَتْهُ حَفْصَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))».
ولأنَّ النيَّة لا بُدَّ أنْ تكون سابقةً للعمل.
والقول بوجوب تبييت النِّيَّة هو قول الجمهور.
وخالف بعضُهُم وقال بعدم الوجوب؛ واستدلوا على ذلك بحديث سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ
رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ: «إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلاَ يَأْكُلْ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))». وذلك حيث فُرِضَ عليهم صيامُ عاشوراء أثناء النهار.
قال الشوكاني – رحمه الله -:
((وَأُجِيبَ بِأَنَّ خَبَرَ حَفْصَةَ مُتَأَخِّرٌ؛ فَهُوَ نَاسِخٌ لِجَوَازِهَا فِي النَّهَارِ، وَلَوْ سَلِمَ عَدَمُ النَّسْخِ فَالنِّيَّةُ إنَّمَا صَحَّتْ فِي نَهَارِ عَاشُورَاءَ لَكون الرُّجُوعَ إلَى اللَّيْلِ غَيْرُ مَقْدُورٍ، وَالنِّزَاعُ فِيمَا كَانَ مَقْدُورًا؛ فَيَخُصُّ الْجَوَازَ بِمِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ؛ أَعْنِي مَنْ ظَهَرَ لَهُ وُجُوبُ الصِّيَامِ عَلَيْهِ مِنْ النَّهَارِ كَالْمَجْنُونِ يُفِيقُ، وَالصَّبِيُّ يَحْتَلِمُ، وَالْكَافِرُ يُسْلِمُ، وَكَمَنْ انْكَشَفَ لَهُ فِي النَّهَارِ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)))).
وأما صيام النفل فيجوز فيه إنشاءُ نِيَّةٍ في النهار، وإنْ لم ينوِ بالليل -وهو قول الجمهور- واستدلوا على ذلك بحديث عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَاتَ يَوْمٍ «يَا عَائِشَةُ، هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))».
فدل هذا الحديث على أنه يصح صوم التطوع بِنِيَّة مِنَ النهار، وأنَّ صوم التطوع مستثنىً مِنْ عموم حديث «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ...».
واختلف العلماء بالنسبة لصيام شهر رمضان: هل تجزئ فيه نِيَّةٌ واحدة في أوَّل الشهر، أم لا بُدَّ مِنْ تجديد النِّيَّةِ لكل يوم؟
ومنشأ الخلاف هو: هل يُعَدُّ شهرُ رَمَضَانَ جَمِيعُهُ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ مُتَّصِلَةٌ، أَمْ هو عِبَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ؛ فكل يوم عِبَادَة مُسْتَقِلَّة عَنِ اليوم الآخر؟
فذهب مالك ورواية عَنْ أحمد إلى أنه يُعَدُّ عِبَادَةً مُتَّصِلَةً فَتُجْزِئ فيه نِيَّةٌ
وَاحِدَةٌ في أول الشهر.
وذهب الجمهور إلى أنه عِبادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ، تَجِبُ فيه النِّيَّةُ لكل يوم على حِدَةٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ عِبَادَاتٌ لَا يَفْسُدُ بَعْضُهَا بِفَسَادِ بَعْضٍ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابنُ قُدَامَةَ والشَّوْكَانِيُ ّ رَحِمَهُمَا اللهُ.
قال ابنُ قُدَامَةَ:
((وَلَنَا أَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْوِيَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ لَيْلَتِهِ، كَالْقَضَاءِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ عِبَادَاتٌ لَا يَفْسُدُ بَعْضُهَا بِفَسَادِ بَعْضٍ، وَيَتَخَلَّلُهَ ا مَا يُنَافِيهَا، فَأَشْبَهَتِ الْقَضَاءَ، وَبِهَذَا فَارَقَتِ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)))).
وقال الشَّوْكَانِيُّ :
((وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَجْدِيدِهَا لِكُلِّ يَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مُسْقِطَةٌ لِفَرْضِ وَقْتِهَا، وَقَدْ وَهِمَ مَنْ قَاسَ أَيَّامَ رَمَضَانَ عَلَى أَعْمَالِ الْحَجِّ بِاعْتِبَارِ التَّعَدُّدِ لِلْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ عَمَلٌ وَاحِدٌ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِفِعْلِ مَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَالْإِخْلَالُ بِوَاحِدٍ مِنْ أَرْكَانِهِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ إجْزَائِهِ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7)))).
الركن الثاني: تَرْكُ المُفَطِّرَاتِ؛ مِنْ أكْلٍ وَشُرْبٍ وَغَيْرِهَا، مِنْ طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
لقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة: 187.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) أخرجه: أبو داود (2454)، والنسائي في ((المجتبى)) (2334)، وفي ((الكبرى)) (2655)، والترمذي (730)، وابن ماجه (1700)، وأحمد (26457)، وابن خزيمة (1933)، والبيهقي في ((الكبرى)) (7909)، وفي ((فضائل الأوقات)) (134)،وصححه الألباني في ((الإرواء)) (914).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1924)، ومسلم (1135).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) ((نيل الأوطار)) (4/ 233).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) صحيح: أخرجه مسلم (1154).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) ((المغني)) (3/ 111).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) ((نيل الأوطار)) (4/ 233).

محمد طه شعبان
2013-06-25, 10:52 AM
المسألة التاسعة: شروط صحة الصوم:
وهي الشروط التي لا يصح الصوم إلا بتوفرها.
1-الإسلام: فلا يصح صوم الكافر؛ لأن الصوم عبادة، والعبادة لا تصح مِنَ الكافر، قال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر: 65.
وقال تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) التوبة: 54.
2-العقل: فلا يصح الصوم مِنْ فاقد العقل ؛كالمجنون والمغمى عليه جميع النهار؛ لأنه لا نِيَّة له.
3-التمييز: فلا يصح صوم غير المميِّز؛ لأنه لا نِيَّة له أيضًا.
4-طهارة المرأة مِنَ الحيض والنفاس: فلا يصح صوم الحائض والنفساء؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) صحيح: أخرجه البخاري (304)، عن أبي سعيد، ومسلم (79)، عن ابن عمر.

محمد طه شعبان
2013-06-28, 07:44 PM
المسألة العاشرة: مُسْتَحَبَّاتُ الصِّيامِ؛ وَهِيَ سِتَّةٌ:
1-تَعْجِيلُ الْفِطْرِ:
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
وفي لفظ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا لَمْ تَنْتَظِرْ بِفِطْرِهَا النُّجُومَ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))».
فَيُفْطِرُ الصَّائِمُ بِمُجَرَدِ سماع النداء؛ لأنه إعلام بدخول الوقت، ولا ينتظر إلى نهاية الأذان، فهذا لا معنى له، وهو مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعجيل الفطر.
وقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))».
قال الشوكاني – رحمه الله -:
((قَوْلَهُ: «فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» أَيْ: دَخَلَ فِي وَقْتِ الْفِطْرِ كَمَا يُقَالُ أَنْجَدَ: إذَا أَقَامَ بِنَجْدٍ، وَأَتْهَمَ: إذَا أَقَامَ بِتِهَامَةَ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَقَدْ صَارَ مُفْطِرًا فِي الْحُكْمِ؛ لِكَوْنِ اللَّيْلِ لَيْسَ ظَرْفًا لِلصِّيَامِ الشَّرْعِيِّ، وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: هُوَ لَفْظُ خَبَرٍ وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ، أَيْ: فَلْيُفْطِرْ، وَيُرَجِّحُ الْأَوَّلَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: «فَقَدْ حَلَّ الْإِفْطَارُ»([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))))ا ه.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ، لِأَنَّ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))».
2- السحور:
فَمِنْ مُسْتَحَبَّاتِ الصِّيامِ أَنْ يَتَسَحَّرَ الصَّائِمُ.
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6))».
وَرُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَرَكَةُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْجَمَاعَةِ، وَالثَّرِيدِ، وَالسَّحُورِ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7))».
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِي نَ([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8))».
وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9))»
3-تأخير السحور:
لحديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ»، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: «قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً([10] (http://majles.alukah.net/#_ftn10))».
4-السحور على تَمْرٍ:
لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ([11] (http://majles.alukah.net/#_ftn11))»
5-الدعاء عند الفطر:
فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ([12] (http://majles.alukah.net/#_ftn12))».
وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ للصَّائِمِ دَعْوَةٌ لَا تُرَدُّ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ لاَ تُرَدُّ، دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ([13] (http://majles.alukah.net/#_ftn13))».
6-الْفِطْرُ عَلَى رُطَبٍ، فَإِنْ عُدِمَ فَتَمْرٌ، فَإِنْ عُدِمَ فَمَاءٌ:
فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ([14] (http://majles.alukah.net/#_ftn14))».[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1957)، ومسلم (1098).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) أخرجه ابن خزيمة (2061)، وابن حبان (3510)، والحاكم (1584)، قال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ».
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1954)، ومسلم (1100).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) ((نيل الأوطار)) (4/ 260).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) إسناده حسن: أخرجه أبو داود (2353)، وأحمد (9810)، وابن خزيمة (2060)، وابن حبان (3509)، والبيهقي في ((الكبير)) (8119)، والحاكم (1573)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»، ووافقه الذهبي وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2538): إسناده حسن.
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1923)، ومسلم (1059).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (6127)، والبيهقي في ((الشعب)) (7114)، وصححه الألباني في ((الصحيحة)) (1045).
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) أخرجه أحمد (11086)، وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3683).
[9] (http://majles.alukah.net/#_ftnref9))) صحيح: أخرجه أبو داود (2344)، والنسائي (2163)، وأحمد (17152)، وابن خزيمة (1938)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7043).
[10] (http://majles.alukah.net/#_ftnref10))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1921)، ومسلم (1097).
[11] (http://majles.alukah.net/#_ftnref11))) صحيح: أخرجه أبو داود (2345)، وابن حبان (3475)، والبيهقي في ((الكبير)) (8117)، وفي ((الصغير)) (1381)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع))، (6772).
[12] (http://majles.alukah.net/#_ftnref12))) حسن: أخرجه أبو داود (2357)، والدارقطني في ((سننه)) (2279)، والبيهقي في ((الكبير)) (8133)، وفي ((الصغير)) (1390)، والحاكم (1536)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ»، وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (4678).
[13] (http://majles.alukah.net/#_ftnref13))) إسناده حسن: أخرجه البيهقي في ((الكبير)) (6392)، والضياء في ((المختارة)) (2057)، وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3032).
[14] (http://majles.alukah.net/#_ftnref14))) حسن: أخرجه أبو داود (2356)، والترمذي (696)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ»، وأحمد (12676)، والدارقطني في ((سننه)) (2278)، والبيهقي في ((الكبير)) (8131)، وفي ((الصغير)) (1388)، والحاكم (1576)، وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (4995).

محمد طه شعبان
2013-06-30, 02:27 PM
المسألة الحادية عشرة: مبطلات الصوم:
1- الأكل والشرب عَمْدًا:
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
((أَنَّهُ يُفْطِرُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَبِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة: 187. مَدَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ إلَى تَبَيُّنِ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالصِّيَامِ عَنْهُمَا، وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ؛ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْفِطْرِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِمَا يُتَغَذَّى بِهِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))))ا ه.
وعلى مَنْ أكل أو شرب عَمْدًا أَنْ يقضي يومًا مكانه، إِنْ كان صومًا واجبًا.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
((أَنَّهُ مَتَى أَفْطَرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ كَانَ ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ، فَلَا تَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِأَدَائِهِ، وَلَمْ يُؤَدِّهِ، فَبَقِيَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))))ا ه.
2- الجماع عَمْدًا:
فَمَنْ جامع زوجته أو ما ملكت يمينه عَمْدًا نهارًا بطل صَوْمُهُ، وعليه كفارة؛ إِنْ كان ذلك في رمضان؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ، قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ »، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)) فِيهَا تَمْرٌ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ - قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: «خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))».
فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الجِماعَ يُبْطِلُ الصوم.
كما دَلَّ عَلَى وجوب الكفارة في حَقِّ المجامع إِنْ كان ذلك في رمضان.
وأما إنْ كان في غير رمضان، فهو إمَّا أَنْ يكون: صيام نفل؛ فهذا لا كفارة عليه بالإجماع؛ لِأَنَّ المتطوع أمير نفسه؛ إِنْ شاء أتمَّ صومه، وإِنْ شاء أفطر.
فَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَدَعَا بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6))».
وإمَّا أَنْ يكون واجبًا؛ كنذر، أو قضاء، أو كفارة، وغيره؛ فالجمهور على أنه لا كفارة عليه أيضًا؛ وإنما عليه قضاء يوم مكانه فقط.
قال ابن رشد – رحمه الله -:
((وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفِطْرِ عَمْدًا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ كَفَّارَةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ زَمَانِ الْأَدَاءِ - أَعْنِي: رَمَضَانَ - إِلَّا قَتَادَةُ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7))))ا ه.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (5927)، ومسلم (1151).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) ((المغني)) (3/ 119).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) السابق (3/ 130).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) قال النووي – رحمه الله –((شرح مسلم)) (7/ 226): (((بِعَرَقٍ): هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ؛ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ وَاللُّغَةِ، وَكَذَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ، ثُمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ كَثِيرٌ مِنْ شُيُوخِنَا وَغَيْرُهُمْ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ، وَيُقَالُ لِلْعَرَقِ: الزَّبِيلُ بِفَتْحِ الزَّايِ مِنْ غَيْرِ نُونٍ، وَالزِّنْبِيلُ بِكَسْرِ الزَّايِ وَزِيَادَةِ نُونٍ، وَيُقَالُ لَهُ: الْقُفَّةُ، والمكتل بكسر الميم وفتح التاء المثناة فوق، والسَّفيفة بفتح السين المهملة وبالفائين، قال القاضي: قال بن دُرَيْدٍ: سُمِّيَ زَبِيلًا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ فِيهِ الزِّبْلُ، وَالْعَرَقُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا يَسْعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا؛ وَهِيَ سِتُّونَ مُدًّا لِسِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ))ا ه.
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1936)، ومسلم (1111).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) صحيح: أخرجه الترمذي (732)، وأحمد (26893)، والحاكم (1600)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»، والبيهقي في ((الكبير)) (8347)، وفي ((الصغير)) (1436)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3854).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) ((بداية المجتهد ونهاية المقتصد)) (2/ 69).

محمد طه شعبان
2013-06-30, 02:30 PM
وهل على المرأة التي جامعها زوجها في نهار رمضان كفارةٌ أم لا؟ خلاف بين أهل العلم.
فأما المُكْرَهَةُ؛ فالراجح أنه لا كفارة عليها؛ وإنما عليها قضاء يوم بدلًا مِنْ هذا اليوم؛ وذلك لأنَّ الخطأ والنسيان والإكراه معفوٌّ عنه.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
((وَإِنْ أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْجِمَاعِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ، قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ امْرَأَةٍ غَصَبَهَا رَجُلٌ نَفْسَهَا، فَجَامَعَهَا، أَعْلَيْهَا الْقَضَاءُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَعَلَيْهَا كَفَّارَةٌ؟ قَالَ: لَا. وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِي ِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ، إذَا وَطِئَهَا نَائِمَةً([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))))ا ه.
وَأَمَّا غَيْرُ المُكْرَهَةِ فَالصَّوابُ أنَّ عليها كَفَّارَةٌ كالرَّجُلِ تمامًا؛ وذلك لأنَّ النساء شقائق الرجال، وهنَّ مأمورات بما يُؤمَرُ الرِّجَال إلَّا بِدَلِيلٍ، ولا دليل هنا يُخْرِجُ المرأة، وهو قول الجمهور.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) ((المغني)) (3/ 137).

محمد طه شعبان
2013-06-30, 02:33 PM
وهل كفارة الجماع على التخيير، أم على الترتيب؟ فيه خلاف.
والصواب أنها على الترتيب.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
((وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ، رَوَاهُ مَعْمَرٌ، وَيُونُسُ، وَالْأَوْزَاعِي ُّ، وَاللَّيْثُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ، وَغَيْرُهُمْ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْوَاقِعِ عَلَى أَهْلِهِ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ »، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قَالَ: لَا، وَذَكَرَ سَائِرَ الْحَدِيثِ، وَهَذَا لَفْظُ التَّرْتِيبِ، وَالْأَخْذُ بِهَذَا أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ الزُّهْرِيِّ اتَّفَقُوا عَلَى رِوَايَتِهِ هَكَذَا، سِوَى مَالِكٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ، فِيمَا عَلِمْنَا، وَاحْتِمَالُ الْغَلَطِ فِيهِمَا أَكْثَرُ مِنْ احْتِمَالِهِ فِي سَائِرِ أَصْحَابِهِ،
وَلِأَنَّ التَّرْتِيبَ زِيَادَةٌ، وَالْأَخْذُ بِالزِّيَادَةِ مُتَعَيِّنٌ، وَلِأَنَّ حَدِيثَنَا لَفْظُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدِيثَهُمْ لَفْظُ الرَّاوِي، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَوَاهُ (بأَوْ) لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ سَوَاءٌ، وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ فِيهَا صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، فَكَانَتْ عَلَى التَّرْتِيبِ، كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))))ا ه.
وقال الشوكاني – رحمه الله -:
((وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الْكَفَّارَةَ بِالْخِصَالِ الثَّلَاثِ عَلَى التَّرْتِيبِ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقَلَهُ مِنْ أَمْرٍ بَعْدَ عَدَمِهِ إلَى أَمْرٍ آخَرَ، وَلَيْسَ هَذَا شَأْن التَّخْيِيرِ، وَنَازَعَ عِيَاضٌ فِي ظُهُورِ دَلَالَةِ التَّرْتِيبِ فِي السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إنَّ مِثْلَ هَذَا السُّؤَالِ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا هُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ وَقَرَّرَهُ ابْنُ الْمُنَيِّرِ، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ : إنَّ تَرْتِيبَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي بِالْفَاءِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّخْيِيرِ، مَعَ كَوْنِهَا فِي مَعْرِضِ الْبَيَانِ وَجَوَابِ السُّؤَالِ، فَتَنَزُّلُهُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ، وَإِلَى الْقَوْلِ بِالتَّرْتِيبِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))))ا ه.
وهل يقضي يومًا بدلًا عَنِ اليوم الذي أفطره، أَمْ يكتفي بالكفارة؟
فيه خلاف بَيْنَ أهل العلم، والراجح – والله أعلم – أنه يقضي، وإنْ كانت الزِيادَةُ الواردة في بعض طرق الحديث: «صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ»، ضعيفة؛ حيث ضعفها جمهور الحفاظ؛ إلَّا أنه يُسْتَدَلُّ على وجوب القضاء بعموم قوله تعالى: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة: 184.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
((مَنْ أَفْسَدَ صَوْمًا وَاجِبًا بِجِمَاعٍ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ ... وَلِأَنَّهُ أَفْسَدَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، فَلَزِمَهُ قَضَاؤُهُ، كَمَا لَوْ أَفْسَدَهُ بِالْأَكْلِ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))))ا ه.
وقال ابن العربي – رحمه الله -:
((لَا كَلَامَ فِي الْقَضَاءِ؛ لِكَوْنِهِ أَفْسَدَ الْعِبَادَةَ، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَإِنَّمَا هِيَ لِمَا اقْتَرَفَ مِنَ الْإِثْمِ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))))ا ه.
وقال الصنعاني – رحمه الله -:
((وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ: إنَّهُ لَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْهُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ لَا غَيْرُ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ اتَّكَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا عَلِمَ مِنَ الْآيَةِ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))))ا ه.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) السابق (3/ 140، 141).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) ((نيل الأوطار)) (4/ 255)، وانظر: ((فتح الباري)) (4/ 167).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) ((المغني)) (3/ 134).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) ((فتح الباري)) (4/ 172).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) ((سبل السلام)) (1/ 578).

محمد طه شعبان
2013-06-30, 02:36 PM
3- الاستمناء:
فالاستمناء يبطل الصيام لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
والاستمناء شهوة.
وعليه بأنْ يتوب إلى الله تعالى؛ لِمَا اقترفه مِنْ إثمٍ عظيمٍ، ويقضي يومًا مكانه، ولا كفارة عليه.
4- القيءُ عَمْدًا:
لِقَولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))».
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
((مَعْنَى اسْتَقَاءَ: تَقَيَّأَ مُسْتَدْعِيًا لِلْقَيْءِ، وَذَرْعُهُ: خُرُوجٌ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ، فَمَنِ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ يَفْسُدُ بِهِ، وَمَنْ ذَرَعَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ اخْتِلَافًا.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ صَوْمِ مَنْ اسْتَقَاءَ عَامِدًا([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))))ا ه.
5- الْعَزْمُ عَلَى الْفِطْرِ:
لِأَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ يَجِبُ اسْتِصّْحَابُهُ طُولَ الوقْتِ؛ فِإنْ قُطِعَتْ فَسَدَ الصَّومُ.
6- الحيض والنفاس:
فإذا حاضت المرأةُ أو نَفِسَتْ، فقد فَسَدَ صومُها، وعليها قضاء يوم غيره؛ لِقَولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))».
وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ[5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)».
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
((وَمَتَى وُجِدَ الْحَيْضُ فِي جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ فَسَدَ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، سَوَاءٌ وُجِدَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6))))ا ه.
7- الرِّدَّةُ:
لقول الله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر: 65.
وقال تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) التوبة: 54.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
((لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي أَنَّ مِنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ، أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ؛ سَوَاءٌ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ، أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهِ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7))))ا ه.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (5927)، ومسلم (1151).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) صحيح: أخرجه أبو داود (2380)، والترمذي (720)، وابن ماجه (1676)، وأحمد (10463)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (6243).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) ((المغني)) (3/ 132).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) متفق عليه، تقدم تخريجه.
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) متفق عليه، تقدم تخريجه.
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) ((المغني)) (3/ 152).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) ((المغني)) (3/ 133).

محمد طه شعبان
2013-07-03, 07:45 AM
المسألة الثانية عشرة: مكروهات الصيام:
1- القُبْلَةُ للشَّابِّ:
لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
فبيَّنتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ الذي لا يَمْلِكُ إِرْبَهُ لا يجوز له ذلك.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
((فَإِنَّ الْمُقَبِّلَ إذَا كَانَ ذَا شَهْوَةٍ مُفْرِطَةٍ؛ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا قَبَّلَ أَنْزَلَ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْقُبْلَةُ؛ لِأَنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِصَوْمِهِ، فَحَرُمَتْ، كَالْأَكْلِ. وَإِنْ كَانَ ذَا شَهْوَةٍ، لَكِنَّهُ لَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهُ ذَلِكَ، كُرِهَ لَهُ التَّقْبِيلُ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُ صَوْمَهُ لِلْفِطْرِ، وَلَا يَأْمَنُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))))ا ه.
2- المبالغة في المضمضة والاستنشاق:
لحديث لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ، قَالَ: «أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))».[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1927)، ومسلم (1106).
((الْإِرْبُ)) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ هُوَ الْعُضْوُ. ((نووي)).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) ((المغني)) (3/ 127).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) صحيح: أخرجه أبو داود (2366)، والترمذي (788)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، وابن ماجه (407)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (927).

محمد طه شعبان
2013-07-03, 11:46 AM
المسألة الثالثة عشرة: أحكام أهل الأعذار:
أولًا: الشيخ الكبير، والمريض الذي لا يُرجى بُرْؤه:
وحكمهما أَنْ يُفْطِرا ويُطْعِمَا عَنْ كل يوم مسكينًا.
فَعَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقْرَأُ: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلاَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ؛ هُوَ الشَّيْخُ الكَبِيرُ، وَالمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
قال البخاري – رحمه الله -:
((وَأَمَّا الشَّيْخُ الكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ؛ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ، كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، خُبْزًا وَلَحْمًا، وَأَفْطَرَ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)))).
وهذا مُجْمَعٌ عليه بين العلماء.
قال ابن المنذر – رحمه الله -:
((وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ للشَّيخِ الْكَبِيرِ، وَالْعَجُوزِ الْعَاجِزِينَ عَنِ الصَّومِ أَنْ يُفْطِرَا([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)))).
وَلَمْ يَرِدْ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ للْإِطْعَامِ.
قال الشوكاني – رحمه الله -:
((وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ طَعَامِ الْمِسْكِينِ، فَقِيلَ: نِصْفُ صَاعٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيِّ قُوتٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو طَالِبٍ وَأَبُو الْعَبَّاسِ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْهَادَوِيَّةِ ، وَقِيلَ: صَاعٌ مِنْ غَيْرِ الْبُرِّ وَنِصْفُ صَاعٍ مِنْهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ، وَقِيلَ: مُدٌّ مِنْ بُرٍّ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَيْسَ فِي الْمَرْفُوعِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّقْدِيرِ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)))).[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) صحيح: أخرجه البخاري (4505).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) ((صحيح البخاري)) (6/ 25).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) ((الإجماع)) (153).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) ((نيل الأوطار)) (4/ 275).

رضا الحملاوي
2013-07-03, 01:04 PM
جزاكم الله خيرا

محمد طه شعبان
2013-07-03, 02:49 PM
جزاكم الله خيرا
وجزاكم مثله أستاذنا الحبيب

محمد طه شعبان
2013-07-03, 06:54 PM
ثانيًا: المريض الذي يُرْجى بُرْؤه:
وحكمه أنه يُفطِر، وعليه القضاءُ بعد شفائه.
قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة: 184.

بدربدر
2013-07-04, 01:31 AM
كفيتم و وفيتم جزاكم الله خير

محمد طه شعبان
2013-07-04, 11:34 AM
كفيتم و وفيتم جزاكم الله خير
وجزاكم مثله أخانا الحبيب

محمد طه شعبان
2013-07-05, 01:30 AM
ثالثًا: المسافر:
وَلَيسَ للسَّفَرِ مَسَافَةً مُحَدَّدَةً؛ وَإِنَّمَا كُلُّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا فِي الْعُرْفِ فَهُوَ سَفَرٌ، وَقَدْ قَصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَسَافةِ خَمْسَةَ عَشَرَ كِيلُو مِتْرًا تقريبًا.
فَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)) - شُعْبَةُ الشَّاكُّ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))».
وَحُكْمُ الْمُسَافِرِ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الفِطْرُ وَعَلَيهِ الْقَضَاءُ بَعْدَ إِقَامَتِهِ.
لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة: 184.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ -، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))».
وَفِي لَفْظٍ: عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا، فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))».
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ، وَلاَ المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))».
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ، قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ، أَكْثَرُنَا ظِلًّا صَاحِبُ الْكِسَاءِ، وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ، قَالَ: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ، وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ، فَضَرَبُوا الْأَبْنِيَةَ، وَسَقَوْا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6))».
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ: هَلِ الصَّومُ أَفْضَلُ للْمُسَافِرِ أَمِ الْفِطْرُ؟
فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الفطر أفضل؛ لأنه رخصة، والأخذ بالرخصة أحبُّ؛ لحديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7))».
وَلِحَدِيثِ «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8))».
وذهب بعض أهل العلم إلى أَنَّ الصوم أفضل؛ لأنه فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ، إِلَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9))».
إلَّا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَيضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ، فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، - وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ -، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «قَدْ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ([10] (http://majles.alukah.net/#_ftn10))».
وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الرَّاجِحَ فِي هَذَا التَّفْصِيلُ – وَهُوَ مَا عَلَيهِ الْجُمْهُورُ – وَهُوَ أَنَّ الصَّومَ أَفْضَلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَشَقَّةً، والفِطْرُ أفضل لِمَنْ وَجَدَ مَشَقَّةً.
وَدَلِيلُ ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ، فَلَا يَجِدُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ، يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ضَعْفًا، فَأَفْطَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ([11] (http://majles.alukah.net/#_ftn11))».
وَعَنْ رَبِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَزَعَةُ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مَكْثُورٌ عَلَيْهِ([12] (http://majles.alukah.net/#_ftn12))، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ، قُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْأَلُكَ عَمَّا يَسْأَلُكَ هَؤُلَاءِ عَنْهُ، سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ، قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ» فَكَانَتْ رُخْصَةً، فَمِنَّا مَنْ صَامَ، وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلًا آخَرَ، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَأَفْطِرُوا» وَكَانَتْ عَزْمَةً، فَأَفْطَرْنَا، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَصُومُ، مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ، فِي السَّفَرِ([13] (http://majles.alukah.net/#_ftn13)).
وَمِمَّا يَدُلُّ على هذا التفصيل أيضًا مَا وَرَدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ([14] (http://majles.alukah.net/#_ftn14))».
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ مَشَقَّةً فِي السَّفَر فَلَيسَ لَهُ أَنْ يَصُومَ، وَلَيسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ يَصُومَ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْفِطْرَ أَفْضَلُ، وَقَالُوا بِأَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ». والْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ.
وَأُجِيبَ عَلَى هَذَا بِأَنَّ السِّياقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ؛ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ السِّياقَ مِنَ الْمُقَيِّدَاتِ ؛ فَقَيَّدَ السِّياقُ هَذَا العُمُومَ، خَاصَّةً إِذَا مَا جَمَعْنَا بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ الْأحَادِيثِ السَّابِقَةِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ – رَحِمَهُ اللهُ -:
((وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: أُخِذَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ كَرَاهَةَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ هُوَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ مِمَّنْ يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ، أَوْ يُؤَدِّي بِهِ إِلَى تَرْكِ مَا هُوَ أَوْلَى مِنَ الصَّوْمِ مِنْ وُجُوهِ الْقُرَبِ، فَيُنَزَّلُ قَوْلُهُ: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ، قَالَ: وَالْمَانِعُونَ فِي السَّفَرِ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ، وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِهِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَنَبَّهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ دَلَالَةِ السَّبَبِ وَالسِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَعَلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ، وَبَيْنَ مُجَرَّدِ وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سَبَبٍ؛ فَإِنَّ بَيْنَ الْعَامَّيْنِ فَرْقًا وَاضِحًا، وَمَنْ أَجْرَاهُمَا مُجْرًى وَاحِدًا لَمْ يُصِبْ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سَبَبٍ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِهِ؛ كَنُزُولِ آيَةِ السَّرِقَةِ فِي قِصَّةِ سَرِقَةِ رِدَاءِ صَفْوَانَ، وَأَمَّا السِّيَاقُ وَالْقَرَائِنُ الدَّالَّةُ عَلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ فَهِيَ الْمُرْشِدَةُ لِبَيَانِ الْمُجْمَلَاتِ وَتَعْيِينِ الْمُحْتَمَلَات ِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنَيِّرِ فِي ((الْحَاشِيَةِ)): هَذِهِ الْقِصَّةُ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَنِ اتَّفَقَ لَهُ مِثْلُ مَا اتَّفَقَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنَّهُ يُسَاوِيهِ فِي الْحُكْمِ، وَأَمَّا مَنْ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ فَهُوَ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ عَلَى أَصْلِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ([15] (http://majles.alukah.net/#_ftn15))))ا ه.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) الفرسخ: ثلاثة أميال. والميل البري 1609 مترًا تقريبًا.
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) صحيح: أخرجه مسلم (691).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1943)، ومسلم (1121).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) صحيح: أخرجه مسلم (1121).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1947)، ومسلم (1118).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) متفق عليه: أخرجه البخاري (2890)، ومسلم (1119).
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) أخرجه أحمد (5866)، وابن حبان (2742)، والضياء في ((المختارة)) (305)، وصححه الألباني في ((الإرواء)) (564).
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) سيأتي.
[9] (http://majles.alukah.net/#_ftnref9))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1945)، ومسلم (1122).
[10] (http://majles.alukah.net/#_ftnref10))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1893)، ومسلم (1125).
[11] (http://majles.alukah.net/#_ftnref11))) صحيح: أخرجه مسلم (1116).
[12] (http://majles.alukah.net/#_ftnref12))) أي: عنده كثير من الناس.
[13] (http://majles.alukah.net/#_ftnref13))) صحيح: أخرجه مسلم (1120).
[14] (http://majles.alukah.net/#_ftnref14))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1946)، ومسلم (1115).
[15] (http://majles.alukah.net/#_ftnref15))) ((فتح الباري)) (4/ 184، 185)، وانظر: ((إحكام الأحكام شرح عمدة الاحكام)) لابن دقيق العيد (2/ 21).

محمد طه شعبان
2013-07-07, 03:27 PM
رابعًا: الحامل والمرضع:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ، وَشَطْرَ الصَّلاَةِ، وَعَنِ الحَامِلِ أَوِ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
وَقَدِ اِتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ للْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، أَوْ عَلَى أَوْلَادِهِمَا، وَبَعْضُهُمْ أَوْجَبَ عَلَيْهَا الْفِطَرَ حَالَ الْخَوْفِ؛ لِمَنْعِ الضَّرَرِ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ – رَحِمَهُ اللهُ -:
((وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْعِتْرَةُ وَالْفُقَهَاءُ: إذَا خَافَتِ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الرَّضِيعِ، وَالْحَامِلُ عَلَى الْجَنِينِ، وَقَالُوا: إنَّهَا تُفْطِرُ حَتْمًا، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)))).
وَأَمَّا إِنْ لَمْ تَخَافَا فَلَا يَحِلُّ لَهَا الْفِطْرُ.
قَالَ الْمِرْدَاوِيُّ – رَحِمَهُ اللهُ -:
((وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ خَافَتْ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ عَلَى حَمْلٍ وَوَلَدٍ، حَالَ الرَّضَاعِ لَمْ يَحِلَّ الصَّوْمُ، وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ، وَلِمَنْ لَمْ تَخَفْ لَمْ يَحِلَّ الْفِطْرُ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)))).
وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْفِطْرِ للْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ؛ وَهُوَ الرَّاجِحُ - مَعَ أَنَّ حَدِيثَ «وَضَعَ عَنِ الحَامِلِ أَوِ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ» مُطْلَقٌ يَشْمَلُ حَالَ الْخَوْفِ وَعَدَمِهِ-؛ وَإِنَّمَا رَجَّحْنَا قَوْلَ الْجُمْهُورِ لِأَمْرَيْنِ:
الْأَوَلُ: أَنَّ الْآثَارَ الْوَارِدَةَ عَنِ الصَّحَابَةِ جَاءَتْ مُقَيَّدَةً بِحَالِ الْخَوْفِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ.
الثَّانِي: أَنَّ آيَةَ إِبَاحَةِ الْفِطْرِ للْمَرِيضِ جَاءَتْ مُطْلَقَةً أَيْضًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّاجِحَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ للْمَرِيضِ الْفِطْرُ إِلَّا حَالَ وُجُودِ الْخَوْفِ أَوِ الْمَشَقَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ؛ مِنْهُمُ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ؛ عَمَلًا بِالْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا شُرِعَ الْحُكْمُ؛ وَهِيَ الْمَشَقَّةُ.
وَهَلْ تَقْضِي الْمُرْضِعُ والْحَامِلُ، أَمْ تُطْعِمُ، أَمْ تَقْضِي وَتُطْعِمُ؟
خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ – رَحِمَهُ اللهُ -:
((وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ يُفْطِرَانِ وَيَقْضِيَانِ وَيُطْعِمَانِ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُفْطِرَانِ وَيُطْعِمَانِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ شَاءَتَا قَضَتَا وَلَا طَعَامَ عَلَيْهِمَا، وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ اهـ. وَقَدْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَعَ الْقَضَاءِ: الْأَوْزَاعِيُّ ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ: إنَّهَا تَلْزَمُ الْمُرْضِعَ لَا الْحَامِلَ إذْ هِيَ كَالْمَرِيضِ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4)))).
وَالرَّاجِحُ – وَاللهُ أَعْلَمُ – أَنَّ عَلَيْهِمَا الْإِطْعَامَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا؛ وَذَلِكَ هُوَ الْوَارِدُ عَنِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، كَمَا قَالَ اِبْنُ قُدَامَةَ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)).
فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «إِذَا خَافَتِ الْحَامِلُ عَلَى نَفْسِهَا، وَالْمُرْضِعُ عَلَى وَلَدِهَا فِي رَمَضَانَ، قَالَ: يُفْطِرَانِ، وَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا يَقْضِيَانِ صَوْمًا([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6))».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَيْضًا، أَنَّهُ رَأَى أُمَّ وَلَدٍ لَهُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا، فَقَالَ «أَنْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي لَا يُطِيقُهُ، عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِي مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْكِ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7))».
وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ إِذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا، فَقَالَ: «تُفْطِرُ وَتُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8))».[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) صحيح: أخرجه أبو داود (2408)، والترمذي (715)، وقال: «حَدِيثٌ حَسَنٌ»، والنسائي (2275)، وفي الكبرى (2596)، وابن ماجه (1667)، أحمد (19047)، وصححه الألباني في ((مشكاة المصابيح)) (2025).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) ((نيل الأوطار)) (4/ 273).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) ((الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف)) (3/ 290).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) ((نيل الأوطار)) (4/ 273).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) انظر ((المغني)) (3/ 150).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) صحيح: أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) (1607)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِي، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»، والطبراني في ((السنن)) (2380)، وقال: «وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ»، والطبري في ((التفسير)) (3/ 170)، وابن أبي حاتم في ((التفسير)) (1635)، وقال الألباني في ((الإرواء)) (4/ 19): وإسناده صحيح على شرط مسلم.
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) أخرجه الطبري في ((التفسير)) (3/ 170)، بإسناد صحيح، وقال: ثنا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ.
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) إسناده صحيح: أخرجه البيهقي في ((الكبير)) (8079)، وفي ((الصغير)) (1353)، والدارقطني في ((السنن)) (2389)، بإسناد صحيح.

محمد طه شعبان
2013-07-07, 05:56 PM
خَامِسًا: الْحَائِضُ والنُّفَسَاءُ:
وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الصِّيامُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْفِطْرُ والْقَضَاءُ بَعْدَ الطُّهْرِ، وَذَلِكَ بِالْإجْمَاعِ.
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
وَعَنْ مُعَاذَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللهِ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ، فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ، قَالَتْ: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))».[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (304)، ومسلم (79)، واللفظ للبخاري.
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) متفق عليه: أخرجه البخاري (321)، ومسلم (335).

محمد طه شعبان
2013-07-09, 02:20 PM
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ عَشَرَةُ: حُكْمُ الْوِصَالِ:
وَهُوَ أَنْ يَمْكُثَ يَوْمَيْنِ بِلَا أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
فَأَمَّا إِنْ وَاصَلَ يَوْمًا وَاحِدًا مِنَ السَّحَرِ إِلَى السَّحَرِ، فَلَيْسَ بِوِصَالٍ.
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرَ[2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)».
وَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَلَوْ شَيْئًا يَسِيرًا فَقَدْ خَرَجَ عَنِ النَّهْيِ وَلَيْسَ بِمُوَاصِلٍ.
وَأَمَّا أَدِلَّةُ النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ:
فَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصَلَ، فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَنَهَاهُمْ، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))».
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))».
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ» قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِنَّكُمْ لَسْتُمْ فِي ذَلِكَ مِثْلِي، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي، فَاكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))».
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ تُوَاصِلُوا» قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ، وَأُسْقَى، أَوْ إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6))».
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرَ»، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وَسَاقٍ يَسْقِينِ([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7))».
وَهَلِ الْنَّهْيُ للتَّحْرِيمِ أَمْ للْكَرَاهَةِ؟
ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالظَّاهِرِيَّ ةُ إِلَى أَنَّهُ للتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّهْيِ التَّحْرِيمُ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ هُنَا للْكَرَاهَةِ َفقَطْ، وَأَجَابُوا بِأَنَّ هُنَاكَ صَارِفًا صَرَفَ النَّهْيَ مِنَ التَّحْرِيمِ إِلَى الْكَرَاهَةِ؛ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصَلَ بِأَصْحَابِهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ تُوَاصِلُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ، فَقَالَ: «لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ لَزِدْتُّكُمْ» كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8)).
قَالَوا: فَلَوْ كَانَ مُحَرَّمًا لَمَا وَاصَلَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّ النَّهْيَ عَزِيمَةٌ لَمَا فَعَلُوا مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9)).
وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الرَّاجِحَ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَأَنَّ النَّهْيَ للْكَرَاهَةِ – وَاللهُ أَعْلَمُ -.[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) انظر: ((المغني)) (3/ 175).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) صحيح: أخرجه البخاري (1963).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1922)، ومسلم (1102).
قال الشوكاني – رحمه الله – ((النيل)) (4/ 258): ((قَالَ فِي الْفَتْحِ: اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤْتَى بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَرَامَةً لَهُ فِي لَيَالِي صِيَامِهِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُوَاصِلًا، وَبِأَنَّ قَوْلَهُ: " أَظَلُّ " يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ فِي النَّهَارِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّاجِحَ مِنَ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ " أَبِيتُ " دُونَ " أَظَلُّ "، وَعَلَى تَقْدِيرِ الثُّبُوتِ فَلَيْسَ حَمْلُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَلَى الْمَجَازِ بِأَوْلَى مِنْ حَمْلِ لَفْظِ ظَلَّ عَلَى الْمَجَازِ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَلَا يَضُرُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ مَا يُؤْتَى بِهِ الرَّسُولُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَامَةِ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ وَشَرَابِهَا لَا يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ ، وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنَيِّرِ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَكْلَهُ وَشُرْبَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ كَحَالَةِ النَّائِمِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ الشِّبَعُ وَالرَّيُّ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَيَسْتَمِرُّ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ فَلَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ صَوْمُهُ وَلَا يَنْقَطِعُ وِصَالُهُ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُوَ مَجَازٌ عَنْ لَازِمِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَهُوَ الْقُوَّةُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُعْطِينِي قُوَّةَ الْآكِلِ وَالشَّارِبِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ)).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1964)، ومسلم (1105).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1966)، ومسلم (1103).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1961)، ومسلم (1104)، مطولًا.
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) صحيح: أخرجه البخاري (1963).
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) متفق عليه: أخرجه البخاري (7242)، ومسلم (1103).
[9] (http://majles.alukah.net/#_ftnref9))) انظر: ((فتح الباري)) (4/ 205)، و((نيل الأوطار)) (4/ 259).

محمد طه شعبان
2013-07-10, 03:03 PM
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ عَشَرَةُ: حُكْمُ الْحِجَامَةِ للصَّائِمِ:
الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْحِجَامَةَ لَا تُفْطِرُ الصَّائِمَ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَدِ اِسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))».
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْفِطْرِ بِأَحَادِيثَ أُخَرَ، أَجَابَ عَنْهَا الْجُمْهُورُ، وَقَدْ فَصَّلَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ الْإمَامُ النَّوَوِيُّ رحمه الله.
قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ رحمه الله:
((قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا: أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِهَا لَا الْحَاجِمُ وَلَا الْمَحْجُومُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بِنُ الزُّبَيْرِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَدَاوُدُ، وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ صَاحِبُ ((الْحَاوِي)) وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الْحِجَامَةُ تُفْطِرُ.
وَهُوَ قَوْلُ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءٍ، وَالْأَوْزَاعِي ِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: يُفْطِرُ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ، وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: يَلْزَمُ الْمُحْتَجِمَ فِي رَمَضَانَ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ .
وَاحْتَجَّ لِهَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ ثَوْبَانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، وَإِسْنَادُ أَبِي دَاوُدَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ بِالْبَقِيعِ، وَهُوَ يَحْتَجِمُ، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِىُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ، بِأَسَانِيدَ صَحِيْحَةٍ.
وَعَنْ رَافِعٍ بِنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ ([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6)).
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي ((الْمُسْتَدْرَك ِ))([7] (http://majles.alukah.net/#_ftn7))، وَقَالَ: هُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ صَحِيحٌ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي ((الْمُسْتَدْرَك ِ)) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ثَوْبَانَ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: لَا أَعْلَمُ فِيهَا أَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ الْحَاكِمُ: قَدْ حَكَمَ أَحْمَدُ لِأَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ بِالصِّحَةِ، وَعَلَى الْآخَرِ بِالصَّحِةِ، وَحَكَمَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ لِحَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ بِالصِّحَّةِ، ثُمَّ رَوَى الْحَاكِمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ شَدَّادٍ: هَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((صَحِيحِهِ))، وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: «لَا، إلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ : «عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْحِجَامَةِ وَالْمُوَاصَلَة ِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُمَا إلَّا إبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ([8] (http://majles.alukah.net/#_ftn8))»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ كَمَا سَبَقَ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيُ ّ وَغَيْرُهُمَا فِي أَنَّ الْحِجَامَةَ لَا تُفْطِرُ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ وَالْحِجَامَةِ» ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ([9] (http://majles.alukah.net/#_ftn9))، وَقَالَ إسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، قَالَ: كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ.
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَفْطَرَ هَذَانِ»، ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ للصَّائِمِ، وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ([10] (http://majles.alukah.net/#_ftn10)) وَقَالَ: رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، قَالَ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً.
وَاسْتَدَلُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْفَصْدِ وَالرُّعَافِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» ، فَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ:
أَحَدُهَا: جَوَابُ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْأُمِّ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ الْخَطَّابِىُّ وَالْبَيْهَقِىُ ّ وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذَكَرْنَا؛ وَدَلِيلُ النَّسْخِ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَالْبَيْهَقِيَ ّ رَوَيَاهُ بِإِسْنَادِهِمَ ا الصَّحِيحِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَانَ الْفَتْحِ فَرَأَى رَجُلًا يَحْتَجِمُ لِثَمَانِ عَشَرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَابْنُ عَبَّاسٍ إنَّمَا صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مُحْرِمًا فِي حَجَّةِ الْوَداَعِ سَنَةَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَلَمْ يَصْحَبْهُ مُحْرِمًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ الْفَتْحُ سَنَةَ ثَمَانٍ بِلَا شَكٍّ، فَحَدِيثُ اِبْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ حَدِيثِ شَدَّادٍ بِسَنَتَيْنِ وَزِيَادَةٍ، قَالَ: فَحَدِيثُ اِبْنِ عَبَّاسٍ نَاسِخٌ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَيَدُلُّ عَلَي النَّسْخِ أَيْضًا: قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ فِي قِصَّةِ جَعْفَرٍ: «ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ»، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ كَمَا سَبَقَ.
قَالَ: وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ السَّابِقُ أَيْضًا فِيهِ لَفْظُ التَّرْخِيصِ وَغَالِبُ مَا يُسْتَعْمَلُ التَّرْخِيصُ بَعْدَ النَّهْيِ.
الْجَوَابُ الثَّانِي: أَجَابَ بِهِ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا: أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ، وَيُعَضِّدُهُ أَيْضًا الْقِيَاسُ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ([11] (http://majles.alukah.net/#_ftn11)))).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) صحيح: أخرجه البخاري (1938).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) صحيح: أخرجه البخاري (1940).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) صحيح: أخرجه أبو داود (2371)، والنسائي في ((الكبرى))(3120)، وأحمد (15828)، عن ثوبان، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1136).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) صحيح: أخرجه أبو داود (2369)، وابن ماجه (1681)، والنسائي في ((الكبرى)) (3126)، وأحمد (17112)، وصححه الألباني في ((المشكاة)) (2012).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) صحيح: أخرجه الترمذي (774)، عن رافع بن خَدِيج وقال: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، وصححه الألباني في ((الإرواء)) (931).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) أخرجه ابن ماجه (1679)، عن أبي هريرة.
[7] (http://majles.alukah.net/#_ftnref7))) (1567).
[8] (http://majles.alukah.net/#_ftnref8))) أخرجه أبو داود (2374)، وأحمد (23071).
[9] (http://majles.alukah.net/#_ftnref9))) في ((السنن)) (2268).
[10] (http://majles.alukah.net/#_ftnref10))) في ((السنن)) (2260)، ورواه البيهقي في ((الكبير)) (8302)، والضياء في ((المختارة)) (1748).
[11] (http://majles.alukah.net/#_ftnref11))) ((المجموع)) (6/ 349- 352)، مختصرًا.

محمد طه شعبان
2013-07-11, 12:05 PM
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ عَشَرَةُ: حُكْمُ الْحُقَنِ، وَالْمُنْظَارِ، وَبَخَّاخَةِ الرَّبْوِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ:
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ:
((وَأَمَّا الْكُحْلُ وَالْحُقْنَةُ وَمَا يُقْطَرُ فِي إحْلِيلِهِ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)) وَمُدَاوَاةُ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)) فَهَذَا مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُفَطِّرْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَطَّرَ بِالْجَمِيعِ لَا بِالْكُحْلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَطَّرَ بِالْجَمِيعِ لَا بِالتَّقْطِيرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُفَطِّرْ بِالْكُحْلِ وَلَا بِالتَّقْطِيرِ وَيُفَطِّرُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ.
وَالْأَظْهَرُ؛ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الصِّيَامَ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ؛ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مِمَّا حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي الصِّيَامِ وَيَفْسُدُ الصَّوْمُ بِهَا لَكَانَ هَذَا مِمَّا يَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ بَيَانُهُ، وَلَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ لَعَلِمَهُ الصَّحَابَةُ وَبَلَّغُوهُ الْأُمَّةَ كَمَا بَلَّغُوا سَائِرَ شَرْعِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَنْقِلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ لَا حَدِيثًا صَحِيحًا وَلَا ضَعِيفًا وَلَا مُسْنَدًا وَلَا مُرْسَلًا؛ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي الْكُحْلِ ضَعِيفٌ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)) وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، وَلَا هُوَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَلَا سَائِرِ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا النفيلي، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ، ثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَالَ: «لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))))ا ه.
وَجَاءَ فِي قَرَارٍ لِمَجْمَعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ بِمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ:
((الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين
قرار رقم : 93 (1/10)
بشأن المفطرات في مجال التداوي
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة من 23–28 صفر 1418هـ الموافق 28 حزيران (يونيو) – 3 تموز (يوليو) 1997م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في موضوع المفطرات في مجال التداوي، والدراسات والبحوث والتوصيات الصادرة عن الندوة الفقهية الطبية التاسعة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، بالتعاون مع المجمع وجهات أخرى، في الدار البيضاء بالمملكة المغربية في الفترة من 9–12 صفر 1418هـ الموافق 14-17 حزيران (يونيو) 1997م، واستماعه للمناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة الفقهاء والأطباء، والنظر في الأدلة من الكتاب والسنة، وفي كلام الفقهاء،
قرر ما يلي:
أولاً : الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات:
1- قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق،
2- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
3- ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس)، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.
4- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.
5- ما يدخل الإحليل أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى، من قثطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.
6- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
7- المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذ اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
8- الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية.
9- غاز الأكسجين.
10- غازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية.
11- ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية.
12- إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء.
13- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها.
14- أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من العضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.
15- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى.
16- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.
17- القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد (الاستقاءة).
ثانياً: ينبغي على الطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكور فيما سبق)).
وَجَاءَ فِي فَتْوَى للَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ بالسُّعُودِيَّة ِ:
السُّؤالُ: يوجد دواء مع المرضى بمرض الربو يأخذونه بطريق الاستنشاق، هل يفطر أم لا؟
وقد أجابت اللجنة بما يلي:
دواء الربو الذي يستعمله المريض استنشاقا يصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لا إلى المعدة، فليس أكلا ولا شربا ولا شبيها بهما، وإنما هو شبيه بما يقطر في الإحليل وما تداوى به المأمومة والجائفة وبالكحل والحقنة الشرجية ونحوها من كل ما يصل إلى الدماغ أو البدن من غير الفم أو الأنف.
وهذه الأمور اختلف العلماء في تفطير الصائم باستعمالها:
فمنهم من لم يفطر الصائم باستعمال شيء منها.
ومنهم من فطره باستعمال بعض دون بعض، مع اتفاقهم جميعا على أنه لا يسمى استعمال شيء منها أكلا ولا شربا.
لكن من فطر باستعمالها أو شيء منها جعله في حكمهما، بجامع أن كلا من ذلك يصل إلى الجوف باختيار، ولما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما» فاستثنى الصائم من ذلك؛ مخافة أن يصل الماء إلى حلقه أو معدته بالمبالغة في الاستنشاق، فيفسد الصوم، فدل على أن كل ما وصل إلى الجوف اختيارا يفطر الصائم.
ومن لم يحكم بفساد الصوم بذلك كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ومن وافقه لم ير قياس هذه الأمور على الأكل والشرب صحيحا، فإنه ليس في الأدلة ما يقتضي أن المفطر هو كل ما كان واصلا إلى الدماغ أو البدن، أو ما كان داخلا من منفذ، أو واصلا إلى الجوف، وحيث لم يقم دليل شرعي على جعل وصف من هذه الأوصاف مناطا للحكم بفطر الصائم يصح تعليق الحكم به شرعا. وجعل ذلك في معنى ما يصل إلى الحلق أو المعدة من الماء بسبب المبالغة في استنشاقه - غير صحيح أيضا؛ لوجود الفارق، فإن الماء يغذي، فإذا وصل إلى الحلق أو المعدة أفسد الصوم، سواء كان دخوله من الفم أو الأنف، إذ كل منهما طريق فقط؛ ولذا لم يفسد الصوم بمجرد المضمضة أو الاستنشاق دون مبالغة، ولم ينه عن ذلك، فكون الفم طريقا وصف طردي لا تأثير له، فإذا وصل الماء ونحوه من الأنف كان له حكم وصوله من الفم، ثم هو يستعمل طريقا للتغذية في بعض الأحيان، فكان هو والفم سواء.
والذي يظهر عدم الفطر باستعمال هذا الدواء استنشاقا؛ لما تقدم من أنه ليس في حكم الأكل والشرب بوجه من الوجوه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5)).
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) (الإِحْلِيلُ) هو: مَخْرَجُ الْبَوْلِ مِنَ الإِنسان، ويقعُ عَلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ وفَرْج المرأَة، ومَخْرج اللَّبَنِ مِنَ الثَّدْيِ والضَّرْع. ((لسان العرب)) (11/ 170).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) (المَأْمُومَةُ) وَيُقَالُ: الآمَّةُ وَهِيَ: الإصَابَةُ الَّتِي لَا يَبْقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدِّمَاغِ إِلا جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ. ((لسان العرب)) (2/ 303).
وَ(الْجَائِفَةُ) : الطَّعْنةُ الَّتِي تَبْلُغُ الْجَوْفَ. ((لسان العرب)) (9/ 34).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) برقم (2377).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) ((مجموع الفتاوى)) (25/ 233، 234).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) (فتاوى اللجنة الدائمة) الفتوى رقم (1240).

محمد طه شعبان
2013-07-12, 10:23 AM
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ عَشَرَةُ: حُكْمُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ:
مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))».
وَفِي لَفْظٍ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ، فَقَالَ: «اقْضِهِ عَنْهَا([4] (http://majles.alukah.net/#_ftn4))».
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ، قَالَ: فَقَالَ: «وَجَبَ أَجْرُكِ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: «صُومِي عَنْهَا» قَالَتْ: إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: «حُجِّي عَنْهَا([5] (http://majles.alukah.net/#_ftn5))».
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَصُومَ عَنْ وَلِيِّهِ.
وَهَلْ ذلِكَ عَلَى الوُجُوبِ أَمْ عَلَى الاسْتِحْبَابِ؟
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ :
((وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ صَوْمَ الْوَلِيِّ عَنْ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَبَالَغَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَمَنْ تَبِعَهُ فَادَّعَوْا الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الظَّاهِرِ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ([6] (http://majles.alukah.net/#_ftn6))))ا ه.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1952)، ومسلم (1147).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1953)، ومسلم (1148).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) صحيح: أخرجه مسلم (1148).
[4] (http://majles.alukah.net/#_ftnref4))) متفق عليه: أخرجه البخاري (2761)، ومسلم (1638).
[5] (http://majles.alukah.net/#_ftnref5))) صحيح: أخرجه مسلم (1149).
[6] (http://majles.alukah.net/#_ftnref6))) ((نيل الأوطار)) (4/ 280).

محمد طه شعبان
2013-07-13, 12:23 PM
الْمَسْأَلَةُ الثَامِنَةُ عَشَرَةُ: الِاعْتِكَافُ:
أَوَّلًا: تَعْرِيفُهُ:
الِاعْتِكَافُ لُغَةً: هُوَ: الْحَبْسُ وَالْمُكْثُ وَاللُّزُومُ.
قَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ رَحِمَهُ اللهُ: الِاعْتِكَافُ والعُكُوفُ: الإِقَامَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَبِالْمَكَانِ ولزُومُهُمَا، وَالِاعْتِكَافُ : الاِحْتِبَاسُ، وَعَكَفُوا حَوْلَ الشَّيْءِ: اسْتَدَارُوا، وَقَوْمٌ عُكُوفٌ: مُقِيمُونَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا)، أَي: مُقيمًا، وَعَكَفَه عَنْ حَاجَتِهِ يَعْكُفُهُ ويَعْكِفُهُ عَكْفًا: صَرَفَه وحَبَسَهُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا)، فإنَّ مُجَاهِدًا وَعَطَاءً قَالَا مَحْبُوسًا([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1)).
وَالِاعْتِكَافُ شَرْعًا: حَبْسُ النَّفْسِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ النِّيَّةِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) ((لسان العرب)) (9/ 255)، بتصرف واختصار.
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) ((شرح مسلم)) للنووي (3/ 208).

محمد طه شعبان
2013-07-14, 12:06 PM
ثَانِيًا: مَشْرُوعِيَّتُه ُ:
الِاعْتِكَافُ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
فَأَمَّا الْكِتَابُ: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) [البقرة: 187].
وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))».
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الِاعْتِكَافِ([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3)).
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (2025)، ومسلم (1171).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) متفق عليه: أخرجه البخاري (2026)، ومسلم (1172).
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) انظر: ((الإجماع)) لابن المنذر، كتاب: الصيام والاعتكاف.

محمد طه شعبان
2013-07-15, 11:40 AM
ثَالِثًا: حُكْمُهُ:
الِاعْتِكَافُ مُسْتَحَبٌّ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَلَمْ يُوجِبْهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَحِمَهُ اللهُ:
((وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ فَرْضًا إِلَّا أَنْ يُوجِبَهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))))ا ه.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:
((الِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ بِالْإِجْمَاعِ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2))))ا ه.
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) ((الإجماع)) (155).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) ((المجموع)) (6/ 475).

محمد طه شعبان
2013-07-17, 12:22 PM
رَابِعًا: أَرْكَانُ الِاعْتِكَافِ:
لِلِاعْتِكَافِ رُكْنَانِ:
الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: النِّيَّةُ: لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ، وَالْعِبَادَاتُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نِيَّةٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ: فَالْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ رُكْنٌ، وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي مَكَانٍ غَيْرِ الْمَسْجِدِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وأنتم عاكفون في المساجد)، وَلِأَنَّ هَذَا هُوَ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ غَيْرَهُ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)).[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) انظر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (5/ 211).

محمد طه شعبان
2013-07-19, 06:29 PM
خَامِسًا: شُرُوطُ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ:
وَهِي الشُّرُوطُ الَّتِي لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إِلَّا بِتَوَفُّرِهَا.
1- الْإِسْلَامُ: فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ، وَالْعِبَادَةُ لَا تَصِحُّ مِنَ الْكَافِرِ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر: 65.
وَقَالَ تَعَالَى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) التوبة: 54.
2- الْعَقْلُ: فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ فَاقِدِ الْعَقْلِ ؛كَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ جَمِيعَ فَتْرَةِ الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّهُ لَا نِيَّةَ لَهُ.
3- التَّمْييزُ: فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ غَيْرِ المُمَيِّزِ؛ لِأَنَّهُ لَا نِيَّةَ لَهُ أَيْضًا.

محمد طه شعبان
2013-07-21, 01:02 PM
سَادِسًا: مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ:
1- الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ:
كَالْخُرُوجِ للْعَمَلِ، أَوْ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِمَا لَيْسَ لِحَاجَةِ الْمُعْتَكَفِ، أَوْ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ،أَوِ اتِّبَاعِ جَنَازَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا اعْتَكَفَ، يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ([1] (http://majles.alukah.net/#_ftn1))».
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ قَالَتْ: «إِنْ كُنْتُ لَأَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ، وَالْمَرِيضُ فِيهِ، فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إِلَّا وَأَنَا مَارَّةٌ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ، إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا».
وَيَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ لِشِرَاءِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، أَوْ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ، أَوْ لِتَوْصِيلِ إِحْدَى مَحَارِمِهِ إِلَى بَيْتِهَا؛ إِنْ كَانَ يُخْشَى عَلَيْهَا، وَغَيْرِهَا مِنَ الضَّرُرِيَّاتِ .
فَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ، ثُمَّ قُمْتُ لِأَنْقَلِبَ، فَقَامَ مَعِيَ لِيَقْلِبَنِي - وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ([2] (http://majles.alukah.net/#_ftn2)) - فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ»، فَقَالَا: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا» أَوْ قَالَ: «شَيْئًا([3] (http://majles.alukah.net/#_ftn3))».
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1))) متفق عليه: أخرجه البخاري (2029)، ومسلم (297).
[2] (http://majles.alukah.net/#_ftnref2))) أي: التي صارت دارًا له بعد ذلك.
[3] (http://majles.alukah.net/#_ftnref3))) متفق عليه: أخرجه البخاري (3281)، ومسلم (2175).

علي عبدالعزيز
2013-07-22, 02:59 AM
جزاك الله خيرا

محمد طه شعبان
2013-07-23, 06:23 PM
جزاك الله خيرا
وجزاكم مثله أخانا الحبيب، ومرحبًا بكم في مجلسكم العلمي

أم حبيبة محمد
2013-07-29, 06:04 PM
للرفع

محمد طه شعبان
2014-06-02, 01:23 AM
للرفع والمدارسة

أبو فراس السليماني
2014-09-24, 09:04 PM
بارك الله فيكم

محمد طه شعبان
2014-09-24, 10:33 PM
بارك الله فيكم
وفيكم بارك الله