مشاهدة النسخة كاملة : شرح كتاب العبودية
أم علي طويلبة علم
2013-06-15, 12:46 AM
انتقيت بعض الفوائد وباختصار للشرح ، لكتاب شرح كتاب العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله شرحه الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
- وهناك فرق بين العبادة والعبودية ، فالعبادة هي : ما أمر الله - جل وعلا - به من الطاعات ، وتجنب المحرمات ، وأما العبودية فهي تتجه للأشخاص ، فالناس كلهم عباد لله ،لكن منهم من عبوديته لله طوعية اختيارية ، وهم المؤمنون ، ومنهم من عبوديته لله قهرية ...
- فكيف نعرف أن الله يحب هذا الشيء ويرضاه ؟ إذا أمر به ، وشرعه فإنه يحبه ويرضاه ، وأما إذا لم يأمر به ولم يشرعه ، فإنه لا يحبه ولا يرضاه .
- فالمحبة من أعمال القلوب ، وهي المحركة على على الطاعة والامتثال .
- قوله ( والشكر لنعمه ) : الشكر أيضا من أعمال القلوب ، فالشكر يكون بالقلب ، ويكون بالجوارح ، أي بالعمل ، قال تعالى { اعملوا ءال داود شكرا } فالشكر يكون بالقلب والاعتراف لله سبحانه وتعالى بالنعم ، والثناء عليه بها ، ويكون بالعمل بأن يصرف هذه النعم لطاعة الله عز وجل .
- ... ولما كان الناس لا يعرفون أو لا يعلمون العبادة التي ترضي الله سبحانه وتعالى ، فإنه لم يكلهم إلى اجتهادهم ، ولا إلى ظنهم ، وإنما أرسل الرسل يبينون لهم كيف يعبدون الله سبحانه وتعالى ، وأنزل الكتب أيضا لبيان عبادة الله جل وعلا .
- قوله تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } فأمر الرسل أن يأكلوا من الطيبات أي : الحلال المباح ، وفي هذا نهي عن الأكل من الحرام ، والتغذي بالحرام ، لأن الأكل من الطيبات يعين على العمل الصالح ، والأكل من الحرام يصرف عن العمل الصالح .
- قوله : ( وجعل ذلك لزاما لرسوله إلى الموت كما قال : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } ) :
أي جعل عبادة الله وحده لازمة للرسول صلى الله عليه وسلم إلى الموت ، كما قال تعالى : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } واليقين هو الموت ، فليس لعمل المسلم غاية دون الموت ، وليس هناك حد من العبادة إذا بلغه الإنسان يترك العبادة ، لأنه وصل إلى الله كما تقول غلاة الصوفية ، كما يظن الذين يرون أن من بلغ مرتبة من الولاية فإنه تسقط عنه التكاليف ويصير من الخاصة ، أو من خاصة الخاصة ، لأنهم بزعمهم وصلوا إلى الله عز وجل ، وهذا مخالف لهذه الآية الكريمة ، وهل هناك أعظم من الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وهل هناك أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وهل هناك أعلى مقاما من الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ ومع هذا أمره الله بمواصلة العبادة إلى الموت ، ولم يجعل لها حدا إذا وصله ينتهي ...
- فالعبادة شاملة لكل الخلق بما فيهم الملائكة الكرام عموما ، والملائكة المقربون خصوصا ، والأنبياء والرسل ، والأولياء والصالحون ، وسائر الخلق ، فكلهم عباد لله سبحانه وتعالى يجب أن يعبدوه وحده لا شريك له وأن لا يشركوا به شيئا ، ولا يستكبروا عن عبادته .
- يتبع إن شاء الله تعالى -
محب الشيخ العلوان
2013-06-15, 01:59 AM
جزاك الله خير
ورفع الله قدرك
أم علي طويلبة علم
2013-06-15, 10:48 PM
بارك الله فيكم
أم علي طويلبة علم
2013-06-15, 10:49 PM
- لعن الله إبليس أي : طرده من رحمته بسبب كفره واستكباره عن أمر الله حينما أمره أن يسجد لآدم ، قال إبليس : { رب بما أغويتني } ولم يقل أني غويت فاغفر لي فاحتج بالقدر على المعصية ، ولم يتب من الذنب كما تاب آدم عليه السلام ثم قال : { لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين } توعد أن ينتقم من بني آدم ، إلا أنه استثنى بعضهم فقال : { إلا عبادك منهم المخلصين } ...
- ...أما الله جل وعلا فإنه غني ، له ما في السموات وما في الأرض ولا يحتاج إلى ولد ، ولأن الولد جزء من الوالد ، وشبيه بالوالد ، والله جل وعلا ليس له جزء من خلقه ولا شبيه له ، فلا أحد من الخلق يكون من الله جل وعلا ، أو بعضا من الله ، ولا شبيها له ، قال تعالى : { بل عباد مكرمون } فوصف الملائكة بأنهم عباد مع شرفهم ومكانتهم ، فلم يخرجوا عن العبودية ، ولم يكونوا ولدا لله سبحانه وتعالى .
- ...{ تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولد } فالسموات والأرض والجبال تستنكر أن يكون للرحمن ولد ، وأن يوصف الله بأنه اتخذ ولدا ، { وما ينبغي } أي : لا يليق ولا يجوز في حقه سبحانه أن يتخذ ولدا ، لأن ذلك تنقص لله عز وجل ، ووصف له بأن له شريك ، له جزء من عباده ، وأنه محتاج إلى الولد ، ثم بين سبحانه أن الجميع عباد لله ، فقال تعالى : { إن كل من في السموات والأرض إلا ءاتي الرحمن عبدا } ...
- يتبع إن شاء الله تعالى -
أم علي طويلبة علم
2013-06-17, 12:14 AM
- قوله : ( فالدين كله داخل في العبادة ) : أي دين الله جل وعلا كله داخل في العبادة ، فالعبادة والدين بمعنى واحد ، فالدين كله عبادة والعبادة كلها دين .
- ... ثم في نهاية الحديث قال : ( فإنه جبريل آتاكم يعلمكم دينكم ) ، فدل على أن الإسلام والإيمان والإحسان كل ذلك داخل في الدين ، وأن الدين شامل لكل أنواع العبادة من إسلام وإيمان وإحسان .
- العبادة هي الذل والانقياد لله عز وجل ، يقال : دان لله ، أي : ذل لله وخضع وانقاد له سبحانه وتعالى ، فدين الله عبادته وطاعته والخضوع له ، كلها بمعنى واحد .
- قوله : ( فهي تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له ) : فعبادة الله جل وعلا تتضمن معنيين أساسين : غاية الذل مع غاية الحب ، لا تكون ذلا فقط بدون محبة ، ولا تكون محبة فقط بدون ذل ، فإن من ذل لشيء ولم يحبه لا يكون عابدا له ، فتعريف العبادة إجمالا أنها غاية الذل مع غاية المحبة .
- فالإنسان يذل للجبابرة والطواغيت ، ولكنه لا يحبهم ، فلا يقال : هذه عبادة ، وكذلك الإنسان يحب زوجته ، ويحب أولاده ، ولكنه لا يذل لهم فلا يقال : إنه عبدهم ، فالعبادة ما اجتمع فيها : غاية الذل مع غاية الحب ، كما قال ابن القيم رحمه الله في النونية :
وعبادة الرحمن غاية حبه ... مع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائر ... ما دار حتى قامت القطبان
- يتبع إن شاء الله تعالى -
أم علي طويلبة علم
2013-06-17, 10:54 PM
- قوله : ( فإن آخر مراتب الحب هو التتيم ) : الحب درجات يصل عددها إلى عشر ، لأن المحبة تتفاوت ، بعضها أشد من بعض ، فغايتها وآخرها التتيم ، وهذا إنما يكون لله سبحانه وتعالى ، لأن المحبة الكاملة لا تكون إلا لله عز وجل ، أما المحبة لغير الله فتكون ناقصة ، ولا يكون معها ذل ولا خضوع .
- قوله : ( يقال : تيم الله أي : عبدالله ) هذا اسم من أسماء قبائل العرب ، وأصل تيم الله عبدالله ، فتيم الله أي المحب لله غاية الحب وأكمل الحب ، فلا يقال : تيم فلان ، وإنما يقال : تيم الله ، أي : عبدالله .
- قوله : ( ولو أحب شيئا ولم يخضع له لم يكن عابدا له ) : كذلك من أحب شيئا ولم يخضع له لم يكن عابدا ، فالمحبة وحدها لا تكون عبادة ، والذل وحده لا يكون عبادة ، بل لابد من اجتماع الأمرين : غاية الذل ، مع غاية الحب .
- يتبع إن شاء الله -
أم علي طويلبة علم
2013-06-19, 09:28 AM
- قوله : ( وتحرير ذلك أن العبد يراد به " المعبد " الذي عبده الله فذلـله ودبره وصرفه ) : العبودية على قسمين :
القسم الأول : عبودية عامة :
وهي لكل من في السموات والأرض من المؤمنين والكفار ، فالكفار عباد لله ، بمعنى أنهم تجري عليهم مقادير الله سبحانه وتعالى ، وينفذ بهم قضاؤه ، فكلهم بهذا الاعتبار عباد لله : المؤمن والكافر، فالكافر لا يخرج عن العبودية ، فهو عبد لله ، عبادة قهرية ، قال تعالى : { ءأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل }.
القسم الثاني : عبودية خاصة :
وهي عبودية المؤمن لله ، فالمؤمن عبد لله عبادة اختيارية ، لأن العبودية الخاصة الشرعية ، خاصة بالمؤمنين دون الكفار ، قال تعالى : { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان } ، هذه عبودية خاصة ، وهي عبودية المؤمنين لله ، الذين انقادوا لشرعه وأفردوه بالعبادة .
- ( ومثل هذه العبودية لا تفرق بين الجنة والنار ) : أي : إن هذه العبودية القاصرة التي يعبد فيها الله ببعض أنواع العبادة ويشرك به في البعض الآخر لا تنفع العابد ، فقد كان للمشركين شيء من توحيد الألوهية حيث كانوا يحجون ويعتمرون ، وكانوا يتقربون إلى الله ببعض أنواع العبادات ، ولكنهم يشركون في الأنواع الأخرى كالذبح والنذر والدعاء والاستغاثة وغير ذلك ، فلا فرق بين هذا الذي أتى ببعض توحيد الألوهية وبين الذي جحده كله ، فلا تفريق بينهما في الحكم ، لأن الدين كله لله عز وجل ، ولا يصلح الدين إلا أن يكون كله خالصا لله ، قال تعالى : { فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون } .
أم علي طويلبة علم
2013-06-20, 07:57 PM
- ( وقال تعالى : { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون } إلى قوله : { قل فأنى تسحرون } ) .
هذه الآيات من سورة ( المؤمنون ) تدل على أن المشركين معترفون بتوحيد الربوبية ، ولكنهم جحدوا توحيد الألوهية أو بعضه ، فلم يدخلهم إقرارهم بتوحيد الربوبية أو ببعض توحيد الألوهية في الإسلام ، ولم ينجهم من النار ، فالمدار على توحيد الألوهية . توحيدا خالصا من الشرك .
- ... وقال لربه : { أرءيتك هذا الذي كرمت علي } يخاطب الله بهذا الخطاب الكفري القبيح ، والله جل وعلا وهو يعلم أن الله له الفضل يؤتي فضله من يشاء لا حجر على الله جل وعلا ، وكان الواجب أن يدعو الله أن يكرمه وأن يعزه ، أما أن يعترض على الله جل وعلا ، فهذا كفر بالله عز وجل . لا اعتراض على الله جل وعلا .
- ... وزعم إبليس أن النار أحسن من الطين ، وهذا من انتكاس الفهم ، فالطين أحسن من النار ، لأن الطين طيب ينبت ويثمر وبارد ، وأما النار فهي محرقة ولا تنتج شيئا ، ولهذا قيل : أول من قاس القياس الفاسد إبليس .
أم علي طويلبة علم
2013-06-21, 07:54 PM
- وقوله : ( بخلاف من يقر بربوبيته ولا يعبده أو يعبد معه إلها آخر ) : أي : من لا يعبده أصلا وهو المستكبر ، أو يعبده ويعبد معه غيره وهو المشرك ، فكثير من الناس اليوم يصومون ويصلون ويحجون ويذكرون الله ويسبحونه ، ولكن يعبدون مع الله غيره بأنواع من العبادات كالذبح والنذر والاستغاثة وغير ذلك مما يفعلونه عند القبور ، ويشركون بالله الشرك الأكبر مع أنهم يعبدون الله ببعض أنواع العبادات ، فهذا لا يكفي وعباداتهم باطلة ، لأن الشرك يبطل الأعمال ، قال تعالى : { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } ، فالشرك يحبط الأعمال .
- قوله : ( فالإله الذي يألهه القلب .. ) : الإله هو المألوه بأنواع العبادة وأعظمها الحب في القلب بأن يألهه القلب يعني : يحب الله عز وجل ، قال تعالى : { والذين ءامنوا أشد حبا لله } .
- قوله : ( وهذه العبادة هي التي يحبها الله ويرضاها ) ، ولهذا قال رحمه الله في بداية الرسالة : ( العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه : من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ) : هذه هي العبادة التي يحبها الله ويرضاها ، أما العبادة التي لا يحبها الله ولا يرضاها وهي عبادة المشرك فهي باطلة .
- قوله : ( وبها بعث رسله ) : اي : بعبادة الله المستمرة بعث الله رسله ، قال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }
وقال : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين } ، فهذه رسالة الرسل عليهم السلام ، جاؤوا بالأمر بعبادة الله وحده لا شريك له . والاستمرار عليها إلى الممات .
أم علي طويلبة علم
2013-06-23, 12:28 AM
- الناس مع التوحيد ثلاثة أنواع :
* النوع الأول : من أقر بالربوبية ولم يعبد الله فإنه كافر من اتباع إبليس حيث آمن بربه ولم يفعل ما أمر به .
* النوع الثاني : ( ومن اكتفى بها في بعض الأمور دون بعض ..) ، من الناس من يرفض التوحيد ويأتي ببعضه كمن يعبد الله ويعبد معه غيره فهو مشرك .
* النوع الثالث : من يعبد الله وحده لا شريك له لكن عنده بعض الذنوب التي دون الشرك .
فهذا ( نقص من إيمانه وولايته لله بحسب ما نقص من الحقائق الدينية ) ، قد يكون النقص دون الشرك ، فالمعاصي التي دون الشرك تنقص الإيمان والتوحيد ، سواء كانت كبائر أو صغائر ، فالكبيرة التي دون الشرك تنقص حقيقة الإيمان ولا تبطله كما يقول الخوارج وأتباعهم ، والذنوب الصغائر تنقص كمال الإيمان .
- قوله : ( وهذا مقام عظيم فيه غلط الغالطون ..) : وهو أمر التوحيد والعبادة ، ومن هو المشرك ومن هو الموحد ، ومن هو المؤمن ومن هو الكافر ، ومن هو ناقص الإيمان هذا مقام عظيم يحتاج إلى اهتمام ، ويحتاج إلى تأمل ودراسة لئلا يزل الإنسان فيه فيهلك ، وقد زل فيه أكابر العلماء كالمعتزلة والأشاعرة ، مع أنهم علماء ، فالخطر في هذا عظيم ، ولهذا تعد هذه الرسالة - رسالة العبودية - رسالة قيمة وجيدة ، ينبغي العناية بها ودراستها ، وفهم ما فيها ، وتفهيم الناس إياها .
- قوله : ( وإلى هذا أشار الشيخ " عبدالقادر " ) : الشيخ عبدالقادر الجيلاني رحمه الله ، من علماء الحنابلة ومن أئمتهم ، وهو عابد من العباد ، وله كتاب في المذهب الحنبلي اسمه ( الغُنية ) مطبوع مشهور ، وقد غلا فيه الصوفية والقبورية وادعوا له أنه ينفع ويضر كسائر الأولياء والصالحين ، وجعلوا له طريقة يسمونها (القادرية) : وهي طريقة صوفية نسبوها إليه ، وهو برئ منها ، لأنه على المنهج السليم ، والمنهج المستقيم ، لكن غلا في صلاحه وعلمه كثير من الصوفية ، وجعلوه شيخ طريقة ، وهو برئ من ذلك .
أم علي طويلبة علم
2013-06-23, 09:37 PM
- ... فالاحتجاج بالقدر إنما يكون على المصائب التي لا حيلة للعبد في دفعها ، أما المعايب والذنوب فلا يحتج عليها بالقضاء والقدر ، بل يتوب إلى الله ويستغفر الله عز وجل . لأن العبد فعلها باختياره ومشيئته .
- ... فلو كان في القضاء والقدر حجة لكم لما بعث الله الرسل تنهى عن الشرك والمعاصي فالله بعث الرسل بذلك ، قال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } فهذا دليل على أنه لا حجة لهم فيما قالوا ، فلماذا يأخذون جانبا يوافق أهواءهم وهو القضاء والقدر ، ويتركون الجانب الآخر الذي يخالف أهواءهم ، وهو الأمر والنهي والشريعة وقدرتهم واستطاعتهم على الفعل والترك ، فهم تركوا ما أمروا به اختيارا منهم لا اضطرارا ولا إكراها .
ولذلك فإن أهل الإيمان جمعوا بين الأمرين : فآمنوا بقضاء الله وقدره ، وآمنوا بشرعه ، وفعلوا الطاعات وتركوا المعاصي والمحرمات ، فجمعوا بين هذا وذاك ولم يحصل منهم تناقض و لا اضطراب ، كما حصل عند هؤلاء .
- ... فقد احتج إبليس بالقدر فقال : { رب بما أغويتني } فنسب الإغواء إلى الله ولم يقل : غويت ولذلك فآدم لم يحتج بالقضاء والقدر على آكله من الشجرة ومعصيته لله ، بل اعترف بذنبه وتاب إلى الله : { قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } .
فالمؤمن لا يحتج بالقضاء والقدر على المعصية ويعتذر لنفسه ، بل يتوب إلى الله ويستغفر ويندم ، هذا هو الفرق بين إبليس وآدم ، فآدم تاب الله عليه وغفر الله له ، وأما إبليس فاحتج بالقدر ولم يتب فلعنه وطرده .
أم علي طويلبة علم
2013-06-24, 07:51 PM
- وقوله : ( ولو كان هذا عذرا لكان عذرا لإبليس وقوم نوح وقوم هود وكل كافر ). وكذا كل مشرك يقول : { لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا } ، لو كان القضاء والقدر حجة على المعصية لصار حجة للأمم السابقة من إبليس وأتباعه ، ولم يرسل الله الرسل بالأوامر والنواهي .
- قوله : ( قال تعالى : { فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك } ) : تصبر على مشقة الطاعة وعلى ألم المصيبة ، وتستغفر لذنبك إذا وقع منك ذنب ، ولا تقل : هذا قضاء وقدر ، فهناك فرق بين الصبر وبين الاستغفار ، إذ الصبر يكون على ما لا حيلة لك فيه ، وأما الاستغفار فإنه يكون عما وقع منك ، ولك حيلة في تركه .
- قوله : ( وقال تعالى : { وإن تصبروا وتتقوا } ) : تأمل كيف جمع بين الأمرين : أن تصبروا على القضاء والقدر ، وتتقوا الله بفعل أوامره وترك نواهيه .
أم علي طويلبة علم
2013-07-02, 10:36 PM
- قوله : ( وكذلك ذنوب العباد ، يجب على العبد فيها أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ) : فلو كان القضاء والقدر حجة ؛ لما شرع الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلا تأمر الناس بشيء مقدر عليهم ! ، أو تنهاهم عن شيء مقدر عليهم ! ، فهذا دليل على أنه لا تعارض بين الشريعة وبين القضاء والقدر ، كما تقوله الجبرية وأهل الضلال ، ولماذا شرع الله جهاد الكفار ، ولا يقال : الكفار معذورون ! لأن الكفر مقدر عليهم فكيف نجاهدهم ! ، فدل على أن القضاء والقدر ليس فيه حجة على الكفر ، لأنهم باستطاعتهم أن يتركوا الكفر ويدخلوا في الإيمان ، ولكنهم لم يفعلوا ذلك .
- وكذلك قوله : ( ويحب في الله ويبغض في الله ) : فيحب أهل الإيمان ويبغض أهل الكفر والمعاصي ، ويسمى هذا ( باب الولاء والبراء ) : وهو باب عظيم ، يحاول الملاحدة اليوم أن يكسروه وأن يلغوه ، ويقولون : الناس إخوان في الإنسانية ولابد من التسامح وما أشبه ذلك من الألفاظ القبيحة ، ويريدون أن يذيبوا الولاء والبراء ، ويزيلوا الفوارق بين المسلمين والكفار ، وبين أهل الطاعة والمعصية ، وبين أهل الفجور وأهل التقوى ، ويسووا بين الناس ، ويسمون هذا بالتسامح والإنسانية ، وبعدم كره الآخر وما أشبه ذلك من الألفاظ والأسماء البراقة ، وهذا باطل ، وهو إلغاء لأصل من أصول الإسلام ، فإذا زالت الفوارق بين المسلمين والكفار ، وصاروا كلهم سواء ؛ لم يكن للإيمان ميزة ولا للطاعة ميزة ولا للكفر ذم ، وصار المطيع والعاصي سواء ، وصار الكفر والإيمان سواء عندهم ، نسأل الله العافية .
- ... فالإنسان عبد ، خلقه الله عبدا ، فهو إما أن يكون عبدا لله ، وإما أن يكون عبدا لغيره .
يقول ابن القيم :
هربوا من الرق الذي خلقوا له ... فبدلوا برق النفس والشيطان
سلطان ابو ابراهيم
2013-07-02, 11:47 PM
رفع الله قدرك ؛ نحن بحاجة الى كلام السلف .. بوركت الجهود
أم علي طويلبة علم
2013-08-12, 01:49 AM
- وقال تعالى : { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله } إلى قوله { أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه } [ المجادلة : 22 ]
فالإيمان يتنافى مع موالاة الكفار فالذي في قلبه إيمان لا يمكن أن يوالي الكفار ويحبهم أبدا ؛ لأن الله يبغضهم ، والمؤمن يبغض من بغضه الله سبحانه ، ويحب من يحبه الله ، وتلك علامات المؤمن ، و { ومن حاد الله ورسوله } هو الذي كفر بالله ورسوله ، ولو كانوا أقرب الناس إليهم ، بأن { كانوا ءاباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم } فإذا كان هذا في الأقارب ؛ فكيف بغير الأقارب من الكفار .
الشاهد من هذا : أنه لو كان هناك عذر بالاحتجاج بالقضاء والقدر ما أمر الله بمعاداتهم ومقاطعتهم .
- وقال تعالى : { لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون } :
كذلك لا يستوي أصحاب النار وهم الكفار والمشركون ، وأصحاب الجنة من المؤمنين المتقين ، هؤلاء في نعيم ، وهؤلاء في جحيم ، والله لم يسو بينهم ففي هذه الآيات أنه لو كان القضاء والقدر حجة على الكفر والمعاصي لسَوى الله بينهم في الآخرة وصاروا كلهم في الجنة .
أم علي طويلبة علم
2013-08-12, 01:51 AM
- قوله : ( بل قد آل الأمر بهؤلاء إلى أن سووا الله بكل موجود ) :
هؤلاء هم غلاة الصوفية كابن عربي وأتباعه أهل وحدة الوجود ، فهم يقولون : لا تفريق في الكون بين خالق ومخلوق ، كله سواء ، كل الكون هو الله ، والتوحيد عندهم أنك لا تقسم الكون إلى مخلوق وخالق ، بل تجعل الكون كله هو الله ، حتى الكلاب والخنازير فهي عندهم هي الله ، فمن فرق بينهما فهو مشرك ، ويقولون : إن فرعون لم يخطئ إلا لأنه ادعى الربوبية لنفسه ، ففرق بين الكائنات ؛ ولذلك كفر ، وإلا لو اعتقد أن الكون كله هو الله لصار موحدا .
- ( وهذا ليس بشهود لحقيقة ؛ لا كونية ولا دينية ) :
أي هذا المذهب الخبيث ليس فيه إثبات شيء ، هذا أشد أنواع الإلحاد لأنه مخالف للحس والعقل والشرع .
- فالواجب على الإنسان إذا اطلع على هذه الأمور - وهي واقعة - أن يسأل الله السلامة والعافية ، وأن يشكر الله على نعمته ، وعلى فضله أن هداه للإسلام والإيمان وركب فيه العقل الذي يميز بين الحق والباطل ، هذا من ناحية .
ومن ناحية أخرى يخاف على نفسه من الضلال والزيغ والإلحاد ، فهؤلاء آدميون لهم عقول ، ولكن طمس الله بصائرهم وأبصارهم وأضلهم على علم والعياذ بالله ، فالإنسان يخشى على نفسه من هذه الأمور ، وإنما يدرسها من أجل أن يحذر منها ، وأن يشكر الله وأن يسأل الله الثبات ، أما إذا لم يعرفها فإنه لربما وقع فيها واغتر بها وهو لا يدري ، نسأل الله العافية لا سيما ولها دعاة يروجونها بين الناس .
أم علي طويلبة علم
2013-08-15, 07:22 AM
- .. وأما أهل النفاق فيجاهدون باللسان ؛ لأنهم يظهرون الإسلام ، ويظهر منهم كلام سيئ وتفوح منهم روائح الكفر ، فهؤلاء يجاهدون باللسان وذلك بالرد عليهم وإبطال شبهاتهم ، وتتبع مقالاتهم ومؤلفاتهم والرد عليهم لئلا تروج عند الناس ، فتشيع ويظنونها حقا ؛ لأنهم قد يُعطون فصاحة ، وبلاغة ، فيغرون الناس بأساليبهم وفصاحتهم ويلبسون الحق بالباطل ، ولا يقوم بهذا إلا أهل العلم ، فهم الذين يردون على المنافقين ، ويبطلون شبهاتهم ، قال تعالى : { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم } .
- قوله : ( فيجتهدون في إقامة دينه ، مستعينين به ، دافعين مزيلين بذلك ما قُدر من السيئات ، دافعين بذلك ما قد يخاف من ذلك ) :
فالمؤمنون يقومون بالجهاد في سبيل الله لأهل الكفر ولأهل النفاق ؛ لئلا ينتشر الكفر ويختفي الإيمان ، ويذل المسلمون ويعز الكفار ، فلابد من الجهادين : جهاد الكفار من الخارج وجهاد المنافقين من الداخل ، فالمنافقون يعيشون مع المسلمين ويزعمون أنهم مسلمون ، ولكنهم ينشرون الشر ، وهم خدم للكفار في كل زمان زمكان ، فلابد من جهاد الكفار من الخارج وجهاد المنافقين من الداخل ؛ حتى ينتصر الإسلام وينقمع أهل الشر .
- ثم ذكر المصنف رحمه الله لذلك أمثلة محسوسة على وجوب فعل الأسباب، فقال : ( كما يزيل الإنسان الجوع الحاضر بالأكل ) :
فنحن ندافع الكفر والشرك والنفاق وإن كان ذلك مقدرا ولا نستسلم له ، كما أننا ندافع الفقر والجوع والظمأ بالأكل والشرب ، ولا نحتج بالقدر لنجلس ونستسلم ، فلماذا لا يحتج هؤلاء بالقدر على ترك الطعام والشراب ؟ فهم بفطرهم يأكلون ويشربون ويطلبون الرزق ، ولا يقولون : هذا مقدر ، فلماذا يحتجون بالقدر في ناحية ، ويتركونه في ناحية أخرى ؟ فالقدر إذن ليس حجة لنا في ترك مدافعة الشرور ، فكما ندافع الجوع والعطش ، ندافع الكفار والمنافقين والمشركين والعصاة .
أم علي طويلبة علم
2013-08-16, 09:45 PM
- فالمشركون كذبوا على الله سبحانه وتعالى ، كما قال الله عنهم : { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها ءاباءنا والله أمرنا بها } أي : أن الله قدرها علينا فاحتجوا بالقدر على فعل الفواحش وأن الله راض عنهم في ذلك ، فرد الله عليهم بقوله : { قل إن الله لا يأمر بالفحشاء } .
- قوله : ( وإذا حُققٓ على هؤلاء ما يزعمونه من العقليات المخالفة للكتاب والسنة وجدت جهليات واعتقادات فاسدة ) :
هم يقولون أن الأدلة العقلية يقينيات ، فيعتبرون الأدلة وهي في الحقيقة جهليات لأن اليقينيات ما دل عليه الكتاب والعقل السليم لا يخالف النقل الصحيح أبدا ، فإن اختلفا : فإما أن يكون النقل غير صحيح ، وإما أن العقل غير سليم ، هذه هي القاعدة ، لأن العقل لا يدرك كل شيء ، فهو قاصر وتابع للنقل ، ولو كانت العقول كافية لما احتجنا إلى نزول القرآن والسنة .
- الذي يتبع هواه لا يكون متبعا لدين شرعه الله ، وإنما يتبع الدين الذي يمليه عليه هواه وله حالتان : إما أن يكون صوفيا غاليا يتبع ما يسمى بالحقيقة ولا يتبع الشريعة ويقولون الحقيقة للخواص والشريعة للعوام وهذه الحقيقة بدعة ابتدعوها . وإما أن يكون جبريا يحتج بالقدر كما سبق بيانه .
-
أم علي طويلبة علم
2013-09-05, 12:55 AM
- وقال : { ومن يتق الله يجعل له مخرجا } ، وقال تعالى : { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا } ، فالتقوى سبب للخروج من الشدائد ، وهي عمل من الأعمال .- قال شعيب عليه السلام لقومه : { إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } ، فالتوفيق سبب التوكل والإنابة .- قوله : ( الاعتصام بالسنة نجاة ) :أي : من أسباب النجاة مخالفة هؤلاء والتمسك بالسنة ، قال : ( فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ) : فعند ظهور الفتن والشرور لا نجاة إلا بالتمسك بالسنة ، وهي من أعظم الأسباب التي أمر بها النبي .- قوله : ( والعبادة والطاعة والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم ) هذه كلها أمور مطلوبة ، ولكن متى تحصل ؟ تحصل إذا اتخذت أسبابها .وهي الاستقامة والطاعة وسلوك الصراط المستقيم والعبادة والدين كل منهما ينبني على أصلين ، إن حققت الأصلين تحقق لك ما تريد ، وإن لم تحقق الأصلين لم يتحقق لك شيء ، والأصلان هما :الأول : الإخلاص لله عز وجل في القصد والنية ، فلا يكون في عملك شرك أو قصد وتوجه لغير الله سبحانه .الثاني : المتابعة للرسول ،قال تعالى : { بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ،فقوله : { أسلم وجهه لله } أي أخلص عمله لله من الشرك ،{ وهو محسن } أي : وهو متبع لسنة الرسول ،من جمع بين الشرطين ، فإنه يحصل على هذه النتيجة ، وله أجره عند ربه ..- قال تعالى : { فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم } ، فليس هناك هداية إلا بالاستجابة لرسول الله والتمسك بسنته ، ولن يحصل ذلك إلا إذا تعلم الإنسان سنة الرسول وفهمها وأتقنها ، ثم بعد ذلك يتمسك بها على بصيرة ...
أم علي طويلبة علم
2013-09-06, 01:59 AM
- وقال : { ومن يتق الله يجعل له مخرجا } ، وقال تعالى : { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا } ، فالتقوى سبب للخروج من الشدائد ، وهي عمل من الأعمال .
- قال شعيب عليه السلام لقومه : { إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } ، فالتوفيق سبب التوكل والإنابة .
- قوله : ( الاعتصام بالسنة نجاة ) :
أي : من أسباب النجاة مخالفة هؤلاء والتمسك بالسنة ، قال (ص): ( فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ) : فعند ظهور الفتن والشرور لا نجاة إلا بالتمسك بالسنة ، وهي من أعظم الأسباب التي أمر بها النبي (ص).
- قوله : ( والعبادة والطاعة والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم ) هذه كلها أمور مطلوبة ، ولكن متى تحصل ؟
تحصل إذا اتخذت أسبابها . وهي الاستقامة والطاعة وسلوك الصراط المستقيم والعبادة والدين كل منهما ينبني على أصلين ، إن حققت الأصلين تحقق لك ما تريد ، وإن لم تحقق الأصلين لم يتحقق لك شيء ، والأصلان هما :
الأول : الإخلاص لله عز وجل في القصد والنية ، فلا يكون في عملك شرك أو قصد وتوجه لغير الله سبحانه .
الثاني : المتابعة للرسول ،قال تعالى : { بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ،
فقوله : { أسلم وجهه لله } أي أخلص عمله لله من الشرك ،
{ وهو محسن } أي : وهو متبع لسنة الرسول ،
من جمع بين الشرطين ، فإنه يحصل على هذه النتيجة ، وله أجره عند ربه ..
- قال تعالى : { فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم } ، فليس هناك هداية إلا بالاستجابة لرسول الله والتمسك بسنته ، ولن يحصل ذلك إلا إذا تعلم الإنسان سنة الرسول وفهمها وأتقنها ، ثم بعد ذلك يتمسك بها على بصيرة ...
.................
أم علي طويلبة علم
2013-09-07, 01:29 AM
- ( فالعمل الصالح هو الإحسان وهو فعل الحسنات . و " الحسنات " هي ما أحبه الله ورسوله ) :
فلا يغتر الإنسان بما عليه الناس ، وإن كان يظهر عليهم العلم والفضل ، حتى يرى ما هم عليه هل يوافق السنة أو يخالفها ، فإن كان موافقا للسنة فهو إحسان وعمل صالح ، وأما إن كان مخالفا للسنة فهو ضلال وعمل فاسد ، وإن كان عليه من عليه من الناس . فلا يغتر أحد بالمظاهر ولا يحسن الظن ، مادام معه مقياس يقيس به الصحيح من الفاسد ، والسنة النبوية من البدعة ، والصحيح من السقيم وليس المقياس ما عليه الناس أو الكثرة فقط .
- فما خالف الكتاب والسنة فإنه ضلال ، وإن كان صاحبه يظن أنه حسن ، فالعبرة ليست بالظن ولا بالقصد ، بل العبرة بالمتابعة بصدق .
- هذا دعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيه شرطا قبول العمل قال : ( اللهم اجعل عملي كله صالحا ) هذا هو المتابعة وترك البدعة فيكون العمل صالحا إذا كان على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : ( واجعله لوجهك خالصا ) هذا هو الإخلاص بأن لا يكون فيه شرك .
أم علي طويلبة علم
2013-09-13, 03:41 AM
- قوله : ( وكلما ازداد العبد تحقيقا للعبودية ازداد كماله وعلت درجته ):
هذا فيه رد على الصوفية الذين يقولون : إن المخلوق إذا وصل إلى المعرفة وإلى مرتبة المشاهدة ، لم يعد بحاجة إلى العبادة ؛ لأنه كمل .
ونقول : إن العبد بحاجة إلى العبادة دائما ، ولا يستغني عن العبادة أبدا ، ولا يكمل إلا بالعبادة ، فليس هناك حالة لا يحتاج فيها إلى العبادة.
فالعبد بحاجة إلى العبادة دائما وأبدا ، لايستغني عنها في لحظة من اللحظات ، فهو عبد ، ولا يخرج عن العبودية ؛ ولهذا قال الله لنبيه : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } .
- قوله تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } ، فمن يستكبر عبادة الله فإن الله توعدهم بجهنم ، يدخلونها صاغرين بسبب أنهم استكبروا عن عبادة الله ، فلا أحد يستكبر عن عبادة الله جل وعلا إلا الأشقياء وأهل النار . ومن استكبر على الله أهانه ومن تواضع له رفعه .
- فقوله تعالى : { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } فيه ذم الخروج عن عبادة الله ، فالذي يخرج عن عبادة الله مستكبر ،والذي يعبد الله ويعبد معه غيره مشرك ، وكل من المشرك والمستكبر في نار جهنم .
أم علي طويلبة علم
2013-09-23, 10:06 AM
- فكل نبي يقول لقومه أول ما يبدأ : { اعبدوا الله } ، فيبدأ بالتوحيد ، وهكذا أتباع الرسل أول ما يبدؤون بالدعوة إلى التوحيد وإصلاح العقيدة ، ثم بعد ذلك يتوجهون إلى إصلاح بقية أمور الدين ، أما الذي يترك الدعوة إلى التوحيد ويدعو إلى أمور جانبية من أمور الدين فهذا مخالف لدعوة الرسل ، فالجمعيات والدعوات والدعاة الآن الذين لا يهتمون بالتوحيد ، ولا يدعون الناس إلى التوحيد وهم يشاهدون الشرك واقعا في الناس ولا ينكرونه ، هؤلاء مخالفون لدعوة الرسل ، فأول مراتب الدعوة وأول أوليات الدعوة ، الدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك ..
- لما لعن الله إبليس بسبب تكبره عن أمر الله ، عند ذلك توعد الخبيث ذرية آدم ، بأنه سيهلكهم بالذنوب وبالكفر والمعاصي ، قال : { رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين }، فلا ينجو من الشيطان ومن تسلطه إلا من أخلص العبادة لله عز وجل .
- ( وقال تعالى : { إنه }) أي : الشيطان ، { ليس له سلطان } ، أي : قوة يصرف بها العبد المخلص لله عز وجل ، لأن الله عصمه من ذلك ، فهو ليس له سلطان { على الذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه } ، أي : سلطان الشيطان ، { على الذين يتولونه }، أي : يطيعونه وينقادون له ، { والذين هم به مشركون } في عبادته هؤلاء يتسلط عليهم الشيطان .
- قوله : ( ومثل هذا كثير متعدد في القرآن ) : أي : وصف الله عباده المتقين والأبرار والصالحين بل والأنبياء والصالحين ، وصفهم بالعبودية كثير في القرآن ، وهذا يرد على الصوفية الذين يزعمون أن من الناس من يخرج عن عبودية الله ويستغني عنها .
أم علي طويلبة علم
2013-09-23, 10:48 PM
- قوله (ص): (( تعس عبدالدرهم )) أي : الذي يتعلق قلبه بالدرهم ، ويرضى له ويسخط له ، فهذا عبد الدرهم ، فالطمع بالشيء : عبودية لهذا الشيء ، وهي عبودية شرك أصغر ، (( تعس )) يعني : هلك ، دعا عليه النبي (ص) بالتعس وهو الهلاك ، قال تعالى : { والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم }، أي : هلاكا ، والدرهم من الفضة ، و (( تعس عبد الدينار )) والدينار من الذهب .
- قوله (ص) : (( تعس عبد القطيفة )) نوع من الفراش أي : يتعلق قلبه بطمع الدنيا ، إما بدرهم أو بدينار وإما بقطيفة .
- قوله (ص) : (( تعس عبد الخميصة ))، الخميصة كساء .
- قوله (ص) : (( تعس وانتكس )) كرر النبي (ص) الدعاء على من تعلق قلبه بأطماع الدنيا ، ويرضى لها ويغضب لها ، فالمؤمن لا يتعلق قلبه بحب المال ، فهو يحب المال ولكن لا يتعلق قلبه به بحيث يرضى له ويسخط .
- قوله (ص) : (( وإذا شيك ))، أي : أصابته شوكة ، (( فلا انتقش )) أي : لا يقدر على أخذ الشوكة من رجله ، فهذا دعاء من الرسول (ص) عليه بالعجز .
- قوله (ص) : (( إن أعطي رضي وإن منع سخط )) ، هذا سبب دعاء النبي (ص) عليه : أن سخطه ورضاه من أجل الدنيا ، يحب من أجلها ، ويبغض من أجلها ، ولا يحب من أجل الإيمان ولا يبغض من أجل الكفر والمعاصي .
- قوله : ( فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الدرهم وعبد الدينار وعبد القطيفة وعبد الخميصة ) :
فدل على أن العبودية قد تكون للمخلوقات إما عبودية عامة أو عبودية خاصة .
أم علي طويلبة علم
2013-09-25, 11:19 PM
- قوله :
العبــد حر ما قنع ... والحر عبد ما طمع
فالقناعة هي الحرية ، والطمع فهو رق ، فإذا طمعت فأنت رقيق لما طمعت به ، وإذا قنعت فإنك تستغني وتكون حرا ولا تتشوف إلى الأطماع ؛ ولهذا يقال : ( القناعة كنز لا ينفذ ) : فالقناعة كنز وهي غنى القلب ، والغنى غنى النفس ..
- ولهذا قال عمر : (( الطمع فقر )) : فلو حاز الدنيا كلها فإنه يظل يريد الزيادة ، وفي الصحيح : ( لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان ولن يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب ) .
- قوله : ( فإذا طلب رزقه من الله صار عبدا لله ، فقيرا إليه ) : وهذا هو الواجب ، قال تعالى : { فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه } .
- قوله : ( وإن طلبه من مخلوق صار عبدا لذلك المخلوق فقيرا إليه ) :
لأنه يخضع له ويذل له ويلتمس رضاه ، ويخاف من سخطه عليه وغضبه ، ويذل له ويداريه ، وهو عبد مثله .
- وقال (ص) : (( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله )) ، فإن الله هو الغني الحميد الذي عنده حوائجك ، ولا تسأل غيره ، واستغن بالله عن غيره ، وهذا توجيه لابن عباس ولغيره بأن يوجهوا سؤالهم لله سبحانه .
أم علي طويلبة علم
2013-09-28, 11:29 PM
- قوله : ( فكذلك طمع العبد في ربه ورجاؤه له يوجب عبوديته له ) :
أما طمع العبد فيما عند الله ورجاؤه له ورغبته فيما عند الله فتترسخ عقيدته ، لأن العبرة بالحاجة ، فإذا احتاج إلى أحد من الخلق تعلق قلبه به ، أما إذا علق الإنسان قلبه بالله وأنزل حوائجه بالله صار عبدا لله ، وإذا أنزل حوائجه بالمخلوقين صار عبدا لهم ، قال تعالى : { فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين } .
- قوله : ( وإن كان في الظاهر أميرا لهم مدبرا لهم منصرفا بهم ؛ فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر ) :
فالملك إذا علق أمره بخدمه وعبيده وقوته وجيوشه وجنوده فإنه يكون عبدا لهم وإن كان ملكا في الظاهر .
- قوله : ( فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن ) :
لأنه لما تعلق قلبه بها صار أسيرا ، وأسير البدن مكبل بالحديد أو بالحبال ، وأسير القلب مكبل بالحب وهو أشد من الحديد والحبل ؛ فقد يكون الإنسان موثق في بدنه ، ولكن قلبه حر قوي ؛ لأنه متعلق بالله سبحانه وتعالى ، فأسر القلب أشد من أسر البدن .
- قوله : ( فالحرية حرية القلب والعبودية عبودية القلب ) :
هذه هي القاعدة : الحرية حرية القلب ، والأعضاء تبع له ، والعبودية عبودية القلب والأعضاء تبع له ، فالمدار على القلوب .
أم علي طويلبة علم
2013-10-04, 04:49 PM
- قوله : [ كما أن الغنى غنى النفس قال النبي (ص): (( ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس )) ].
فربما يكون كثير المال فقير النفس وربما يكون قليل المال غني النفس .
فكثير من الناس عنده الملايين والمليارات والأرصدة الضخمة ، ولكنه فقير القلب لا يجد لذة بأمواله ، ويريد دائما الزيادة ؛ لأن قلبه فقير ، لا يقنع بشيء ، وأما من رزق القناعة وغنى القلب ؛ فهو غني وإن لم يكن عنده إلا القليل من المال .
- قوله : ( فأما من استعبد قلبه صورة محرمة : امرأة أو صبيا ، فهذا هو العذاب الذي لا يدان فيه ) :
إذا تعلق قلبه بامرأة حتى وإن كانت زوجة له فهذا في تعلقه بالمرأة ذليل لها عبد لها .
- قوله : ( وهؤلاء من أعظم الناس عذابا وأقلهم ثوابا ) :
أي : الذين يعشقون الصور يكونون في عذاب دائم .
- والسبب في ذلك : ( فإن العاشق لصورة إذا بقي قلبه متعلقا بها ، مستعبدا لها اجتمع له من أنواع الشر والفساد ما لايحصيه إلا رب العباد ) :
ولذلك أمر الله بغض البصر ، قال الله سبحانه : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } ، فمن غض بصره فإن الله يزكي قلبه ويطهره من التعلق بهذه المعشوقات أو هذه المناظر الفاتنة ، فغض البصر ينير القلب ويزكيه ، وأما إطلاق البصر إلى ما حرم الله ؛ فإنه يؤثر في القلب ويعميه ، ويعلقه بما يعشق ، ولا يحصل له ذلك فيبقى في عذاب .
قد استشرى التعلق بالصور في وقتنا من خلال الصور الفاتنة التي تعرض في الجرائد والمجلات ، وأشد من ذلك في الفضائيات والإنترنت وفي شاشات التلفزيونات وفي الندوات والحفلات وفي الاختلاط بين الرجال والنساء متجملات متبرجات في هذه الوسائل وهذه الأمكنة المختلطة وكأنها أمنت الفتنة وذهبت الشهوة من الرجال والنساء ولم تذهب الشهوة ولم تؤمن الفتنة بل اشتدت ولكنها فقدت الغيرة وسرت فينا أخلاق الغرب والكفرة .
- قوله : ( ولو سلم من فعل الفاحشة الكبرى ... ) :
فالعاشق بين أمرين ، إذا تعلق قلبه بامرأة لا تحل له أو بصبي فإنه بين أمرين :
إما أن يقع في الفاحشة الكبرى والعياذ بالله .
وإما أن يبقى قلبه معلقا بهذه الصورة دائما وأبدا فيظل في عذاب ، وهذا أشد ممن وقع في الفاحشة ؛ لأن من وقع في الفاحشة يمكن أن تنتهي رغبته ويتوب إلى الله عز وجل ، ولكن من تعلق قلبه بهذه الصور والمعشوقات ؛ فإنه لا يتوب بل يزيد ذلك في قلبه ، ويؤثر فيه ؛ ولهذا جاء في الحديث : ( النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة ) : لأنه يقع السم في قلبه من هذا السهم . ولا يقع في جسمه .
أم علي طويلبة علم
2013-10-29, 06:43 PM
- وقوله :
( قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم ... العشق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه ... وإنما يصرع المجنون في حين )
القائل يقول : العشق أشد من الجنون ؛ لأن العاشق لا يفيق الدهر كله ، بل قلبه متعلق بمعشوقه ، أما المجنون فإنه يصرع في بعض الأحيان ويفيق ، ولكن العاشق لا يستفيق أبدا ، فسكره مستمر ، نسأل الله العافية .
- لا علاج لهذا العشق و الغرام واتباع الهوى إلا بالرجوع إلى الله عز وجل ، وتعليق القلب بالله عز وجل ، وحينئذ يشفيه الله - جل وعلا - ويزيل عنه هذا البلاء إذا رجع وتاب إلى الله عز وجل .
فالذي يريد أن يعالج ما أصابه من العشق والهوى اللذين هما خطر عليه في حياته وأخلاقه ؛ لا يعالج هذا إلا بالتوبة والرجوع إلى الله وغض البصر ، والابتعاد عن مواطن الشر والفتنة والنظر في الشاشات الهابطة ، والامتناع عن الذهاب إلى معارض أسواق النساء ومتابعتهن ، فالإنسان يبتعد عن مواطن الفتنة وبذلك ينجو بإذن الله . لا تسلم من الشر إلا إذا تجنبت أسبابه .
ومن أعظم أسباب الفتنة اليوم : اختلاط النساء بالرجال في المكاتب ، والمستشفيات ، والمدارس ، ومواطن الأعمال ، والبيع والشراء والحفلات والندوات واللقاءات ، وهذا من أعظم أسباب الفتنة .
فمن أعظم أسباب الفتنة : اختلاط الرجال والنساء المتبرجات المتزينات بأنواع الزينة ! ، فالفتنة شديدة ؛ ولذلك تشتد غربة الدين في آخر الزمان ويكون القابض على دينه كالقابض على الجمر ، فهذه فتن عظيمة نسأل الله العافية منها ، وقد تلاحق الإنسان وهو في بيته وعلى فراشه بواسطة الفضائيات والشاشات والجوالات التي تعرض الجرائم والشرور على الناس ، وتدخل عليهم في بيوتهم . فالفتنة شديدة ، وغربة الدين شديدة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ولذلك ضاع كثير من شباب الأمة بل ورجال الأمة ونساؤها .
أم علي طويلبة علم
2013-10-31, 10:37 PM
- قوله : ( ولهذا يكون قبل أن يذوق حلاوة العبودية لله والإخلاص له تغلبه نفسه على اتباع هواها ) :
يحصل عنده قبل ذلك ميل إلى الفتن ، ولكنه إذا ذاق حلاوة الإيمان والإخلاص لله ؛ فإنه يستقر قلبه مع الله سبحانه وتعالى ، فلا يلتفت إلى فتنة أو إلى مناظر سوء ، أو إلى لذة عاجلة ، وشهوة حاضرة ، وإنما ينظر إلى المستقبل والعواقب .
- قوله : ( وعبادة القلب لله مقصودة لذاتها . أما اندفاع الشر عنه فهو مقصود لغيره على سبيل التبع ) :
ترك المحرمات والمعاصي والمنكرات هذه وسيلة للغاية ، والغاية هي عبادة الله وحده لا شريك له .
- قوله : ( وبين أن ترك الفواحش من زكاة النفوس ) :
وتركها من قبل العبد ، فهو يزكي نفسه بذلك ، ثم الله - جل وعلا - يوفقه ويزكيه ويمنعه ويطهره من هذه الأمور .
أم علي طويلبة علم
2013-11-10, 12:07 AM
- عاد الشيخ رحمه الله إلى سياق كلامه الأول بأن الإنسان يكون رقيقا لرغبته ، وهواه ؛ ولذلك يخضع ويذل لمطامعه ، وإن كانت تضره ، ويخضع أيضا لمن يعينه على مطامعه ويكون رقيقا له حتى ولو كان ملكا أو رئيسا ، فإنه يخضع لخدمه وأعوانه الذين يعينونه على ما يريد ، فهو وإن كان في الظاهر سيدا لهم ، ولكنه رقيق لهم ، يلتمس رضاهم ، ولا يريد أن يبتعدوا عنه ؛ لأنه يستخدمهم لأغراضه وأهوائه ، وهم يتسلطون عليه ويتهددونه بهجره وتركه والبعد عنه إن لم يحقق لهم رغباتهم .
أم علي طويلبة علم
2013-11-11, 10:09 PM
- قال صلى الله عليه وسلم : ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله ؛ والبغض في الله )( 1 ) العُروة هي ما يتمسك به الإنسان عند المخاطر وعند الأضرار لينجو من المكاره ، قال تعالى : { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم }؛ لأن العرى قد لا تكون وثقى ، يتمسك بها الإنسان فتنصرم به وتنقطع فيهلك ، ولكن العروة الوثقى التي لا تنفصم هي الإيمان بالله والكفر بالطاغوت ، والطاغوت هو كل ما عبد من دون الله عز وجل ورضي بذلك أو دعا إليه .
فالإيمان له عرى يتمسك بها المسلم ، أوثقها الحب في الله والبغض في الله ، لا يحب إلا لله عز وجل ، و لا يبغض إلا لله ، لا يحب ولا يبغض من أجل الدنيا أو الهوى ، وإنما حبه وبغضه لأجل الله عز وجل ، وبذلك يكون تمسك بأوثق عرى الإيمان .
______________________________ __________
( 1 ) مصنف ابن أبي شيبة 7/ 229 ، الإمام أحمد ( 18524 )
أم علي طويلبة علم
2013-11-12, 11:01 PM
- قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمانِ : من كان اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه ممَّا سواهُما . ومن كان يحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلَّا للهِ . ومن كان يكرهَ أنْ يرجع في الكفرِ بعد إذ أنقذَه اللهُ منه ، كما يكرهُ أنْ يلقى في النَّارِ ) .
الإيمان له حلاوة وله لذة ، وليس كل مؤمن يجد هذه اللذة وهذه الحلاوة ، إلا إذا استقر الإيمان وتوثق في قلبه ، فإنه يجد هذه الحلاوة وهذه اللذة ، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث :
الأولى : ( من كان اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه ممَّا سواهُما ) : أي : أحب إليه من والديه ومن أولاده ومن الدنيا وما فيها ، فالله ورسوله أحب إليه من كل شيء .
الثاني : ( ومن كان يحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلَّا للهِ ) ، هذا هو الحب في الله ومن أجل الله عز وجل ، وهو تابع لمحبة الله ، ودليل على صدقها .
الثالثة : ( ومن كان يكرهَ أنْ يرجع في الكفرِ بعد إذ أنقذَه اللهُ منه ) ، فهو يكره كل ما خالف دين الإسلام من الأديان ، ولا يحب إلا دين الإسلام ، فلذلك يكره أن يعود في الكفر الذي هو ضد الإسلام ، بعد إذ أنقذه الله منه ، (كما يكرهُ أنْ يلقى في النَّارِ ) ، فلا أحد يحب أن يقذف في النار إلا في هذه الحالة ، فالمسلم الحق والمؤمن الحق يكره الكفر ، ويكره أن يعود إليه ، ويكره أهله ، كما يكره أن يقذف في النار ، فهذه الخصلة من وجدها في نفسه وجد حلاوة الإيمان ، والطمأنينة ، واللذة ، ومن فقدها أو فقد شيئا منها فإنه لا يجد حلاوة الإيمان أو يجد بعضها ولا يجدها كاملة ، وهنا استقرار إيماني ، لا يزحزحه شيء ، ولا يلتفت إلى من يلوم من الناس ، فلا تأخذه في الله لومة لائم ، هذا هو الذي استقر الإيمان في قلبه ، ووجد حلاوته فتمسك به ، واطمأن إليه .
أم علي طويلبة علم
2013-11-19, 09:06 PM
- قال الله - جل وعلا - : { يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه } وعلاماتهم :
أولا : أنهم { أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لآئم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم } ، الشاهد في قوله { يحبهم ويحبونه } ، يحبهم الله جل وعلا ، وهم يحبون الله ، فمن أعظم صفاتهم محبتهم لله ومحبة الله لهم ، ومن صفاتهم أيضا أنهم :
{ أذلة على المؤمنين } : يعني : يلينون لإخوانهم المؤمنين ، ولا يتكبرون عليهم بل يتواضعون لهم .
ثانيا : وأنهم : { أعزة على الكافرين } فيهم قوة على الكافرين ، فيبغضونهم ويعادونهم ويقاتلونهم ، لأنهم يبغضونهم في الله عز وجل .
ثالثا : وأنهم { يجاهدون في سبيل الله } أي : يبذلون أنفسهم وأموالهم لأجل إرضاء الله سبحانه وتعالى ، ولأجل إعلاء كلمته ، وكون المسلم يبذل نفسه في سبيل الله ويُعرض حياته للموت والخطر ويدخل المعركة والسلاح ؛ دليل على صدق محبته لله عز وجل ، وأنه يحب الله أكثر مما يحب نفسه ؛ ولذلك قدم نفسه لله .
رابعا : وأنهم { لايخافون لومة لآئم } : لأنهم سيلقون من ينتقصهم ومن يلومهم ، ومن يتكلم فيهم ويستخف عقولهم ، ولكن لا يلتفتون إليه ، ولا تأخذهم في الله لومة لائم .
هذه صفات أولياء الله - سبحانه وتعالى - وعلامات الذين يحبونه حقا .
أم علي طويلبة علم
2013-11-20, 09:34 PM
- قوله : ( وذلك لأن الجهاد حقيقته الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح .. ) :
الجهاد بذل الوسع فيما يحبه الله وهو أنواع :
الأول : جهاد النفس .
الثاني : جهاد الشيطان .
الثالث : جهاد العصاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
الرابع : جهاد المنافقين ، برد شبهاتهم وإبطال دعواهم .
الخامس : جهاد الكفار بالسلاح وخوض المعارك .
فمن قام بهذا الجهاد بأنواعه فهو المؤمن الإيمان الصادق .
فهو يجاهد لدفع هذه الأمور .
- ( ومعلوم أن المحبوبات لا تنال غالبا إلا باحتمال المكروهات ) :
فلا يحصل المحبوب عفوا ، بل لابد من تحمل المكروه في سبيله ، فالجنة محبوبة ، ولكن لا تحصل إلا بتحمل المشاق : والعمل الصالح ، والجهاد في سبيل الله ، والإنفاق ، والأعمال الصالحة ، فالمحبوب لا ينال إلا بتحمل المكاره ؛ ولهذا جاء في الحديث : (( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات )) .
أم علي طويلبة علم
2013-11-24, 11:24 AM
- ولذلك : ( فالقلب لا يصلح ، ولا يفلح ، ولا يلتذ ولا يسر ، ولا يطيب ، ولا يسكن ، ولا يطمئن إلا بعبادة ربه ، وحبه والإنابة إليه ) :
فقلب المؤمن لا يطمئن ولا يسكن إلا بعبادة ربه ، كما قال - سبحانه وتعالى - : { الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } ، فلا يطمئن المؤمن إلى شيء ، إلا إلى ربه سبحانه وتعالى ، أما بقية الأمور وإن مال إليها فإنه لا يطمئن إليها ، ولهذا قال :
( ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ) : أي : لو حصلت له كل الملذات الدنيوية كلها من الملك والمال والولد والصحة والعافية وأنواع المأكولات والمشروبات ؛ فإنه لا يطمئن قلبه إليها ؛ لأنها على سبيل الزوال ولا يبقى إلا الله سبحانه وتعالى وما أريد به وجهه .
أم علي طويلبة علم
2013-11-26, 09:21 PM
- قوله : ( وكل من استكبر عن عبادة الله لابد أن يعبد غيره ) :
الإنسان أصله عبد ، فلابد أن يعبد شيئا يشبع غريزته ، فإما أن يعبد الله ، وإما أن يعبد غيره ... ؛ لأنه يحن إلى العبادة ، فلا يترك العبادة ، ولكن إن وفق لعبادة الله - عز وجل - وضع العبادة في موضعها وسعد في الدنيا والآخرة ، وأما إذا عبد غير الله فهو مشرك ، قال تعالى : { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير } فالموحد لله مرتفع ؛ فإذا أشرك بالله انحط ولا يدري أن يقع !، { تهوى به الريح في مكان سحيق } أي : بعيد عن الحق والصواب.
- قوله : ( فإن الإنسان حساس يتحرك بالإرادة ) :
هو يريد أن يفعل فهو ليس جامدا بل خلقه الله متحركا حساسا لابد أن يتحرك بشيء : فإما أن يتحرك بالحق ، وإما أن يتحرك بالباطل .
أم علي طويلبة علم
2013-11-28, 12:45 AM
- خلق الله الإنسان لعبادته ، قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ، فإذا عبد غير الله صار مشركا ، حتى ولو عبدالله إذا عبد معه غيره صار مستكبرا عن عبادة الله مشركا ، فالكافر مستكبر عن عبادة الله التي خلق من أجلها ، والاستكبار والشرك متلازمان ، قال تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } ، فالمستكبر إما أن يكون مستكبرا لا يعبد شيئا ، وإما أن يكون مستكبرا مشركا يعبد غير الله فيكون مستكبرا مشركا .
- قد وصف الله فرعون بالشرك وذلك في قوله تعالى : { وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وءالهتك } ، وفي قراءة ( إلاهتك ) يعني : وعبادتك ، والإله هو : المعبود ، فهم عبدوا فرعون وأحبوه حب عبادة واتخذوه ربا ، وذلك شرك بالله ؛ فهو أشرك نفسه مع الله جل وعلا . وقومه جعلوه شريكا لله و خوفوا فرعون من أن يسلبه إلهيته لما دعاه وقومه إلى عبادة الله .
- قوله : ( ولن يستغني القلب عن جميع المخلوقات ) :
لا يستغني القلب عن الخلق إلا إذا كان الله - جل وعلا - هو معبوده وحده لا شريك له ، حينئذ يستغني عن غير الله عز وجل ، ثم إذا ترك عبادة الله وكله الله للخلق ؛ لأنه بنفسه لا يستطيع أن يحقق ما يصبو إليه من الكبر ، فلا بد من الأعوان والأتباع والقوة ، فهو يحتاج إلى الناس ، لكن لو استغنى بالله لأغناه الله عن جميع الخلق ، وتولاه ونصره وأعزه ورفعه في الدنيا والآخرة . ولذلك قال :
( إلا بأن يكون الله هو مولاه الذي لا يعبد إلا إياه ... ) : هذا كمال العبودية لله عز وجل ، أن يحب الله ويعبده ، ثم يحب من يحبه الله ، ويحب ما يحبه الله من الأعمال ، ومن يحبه الله من الصالحين .
أبوأحمد المالكي
2013-12-05, 12:16 AM
أما الذي يترك الدعوة إلى التوحيد ويدعو إلى أمور جانبية من أمور الدين فهذا مخالف لدعوة الرسل ، فالجمعيات والدعوات والدعاة الآن الذين لا يهتمون بالتوحيد ، ولا يدعون الناس إلى التوحيد وهم يشاهدون الشرك واقعا في الناس ولا ينكرونه ، هؤلاء مخالفون لدعوة الرسل ، فأول مراتب الدعوة وأول أوليات الدعوة ، الدعوة إلى التوحيد والنهي عن
وهذا هو الحق جزاك الله خيرا موفثقة بإذن الله
أم علي طويلبة علم
2013-12-05, 10:47 AM
- قوله : ( والشرك غالب على النصارى ، والكبر غالب على اليهود ) : هما متلازمان لكن يغلب أحدهما عند الأمتين : اليهود والنصارى .
أولا : ( فالشرك يغلب على النصارى ) : قال تعالى في النصارى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما آمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } .فالنصارى أشركوا بالله حيث اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، والأحبار هم : العلماء ، والرهبان هم : العباد ، واتخذوا المسيح أيضا ربا وإلها من دون الله عز وجل ...
ثانيا : ( الكبر غالب على اليهود ) : قال تعالى عنهم : { كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون } ، فكلما جاء اليهود رسول يخالف أهواءهم فهم : إما أن يكذبوه ، وإما أن يقتلوه .
ومثلهم من ينتقد علماء الشريعة الآن ويقول : لا كهنوت في الإسلام ليس هناك أحد فوق النقد .
- قوله تعالى : { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض } أي : إذا رأوا الدليل والبرهان لم يقبلوه والسبب هو الكبر ، فبسببه يصرفهم الله عن آياته ، فنتج عن ذلك ، { وإن يروا كل ءاية لا يؤمنوا بها } ، { وإن يروا سبيل الرشد } الذي جاءت به الرسل {لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي } الذي جاء به طواغيتهم { يتخذوه سبيلا } والسبب ، { ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الأخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون } .
فالله أخبر أنه سيصرف عن آياته الذين يتكبرون ، فالذي يستكبر يصرفه الله عن الانتفاع بالآيات ، وهذا شأن الكفار والملاحدة والمنافقين في كل وقت ...
أبوأحمد المالكي
2013-12-08, 12:08 AM
موضوع جدير بالإهتام والمتابعة والإستفادة , فجزاك الله خيرا, أرجو من الإخوة أن يستفيدوا منه لسهولة الشرح وبساطة العبارة
موفقة مرة أخرى , ولكن لو حبذا تخريج بعض الأحاديث المذكورة تخريجا مجملا لإتمام الفائدة
أم علي طويلبة علم
2013-12-08, 09:11 AM
سيتم تخريجها إن شاء الله ، بارك الله فيكم
أم علي طويلبة علم
2013-12-08, 09:24 AM
- قال الشيخ : ( وهو وإن كان قد خلق ما خلقه بأسباب ، فهو خالق السبب والمقدر له ) :
فهو الخالق لكل شيء ، وإن كان بعض الأشياء يوجد بأسباب ، مثل الولد يوجد بسبب الزواج والاتصال الجنسي ، ولكن من الذي خلق قدر الزواج وخلق الولد ؟ هو الله ، فكم من متزوج ولا يرزق الأولاد ؛ لأن الله لم يرد له ذلك ، فالسبب وحده لا يكفي حتى يُقدر الله تأثيره فهو مسبب الأسباب ، وهو الذي خلق الأسباب والمسببات . والأسباب أيضا تحتاج إلى أسباب ولا تستقل بالتأثير .
- ولهذا قال الشيخ : ( وليس في المخلوقات سبب مستقل ) :
لإيجاد النتيجة المترتبة عليه إلا بانضمام أسباب أخرى إليه قال تعالى : { ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون }أما الله تعالى فإنه لا يحتاج إلى من يعينه ولا أحد يمانعه ويضاده .
- قال الشيخ : ( وهو سبحانه وحده الغني عن كل ما سواه ، ليس له شريك يُعاونه ولا ضد يناوئه ويعارضه ) .
أم علي طويلبة علم
2013-12-08, 10:35 PM
- وإبراهيم عليه السلام ، خليل الله ، قال تعالى : { واتخذ الله إبراهيم خليلا } ، والخلة : هي أعلى درجات المحبة ولم ينلها إلا إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، فهما أفضل الأنبياء .
ومحمد خليل الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ) - أخرجه مسلم - ، ثبت هذا في الصحيح.
- قال صلى الله عليه وسلم : ( لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله ) - أخرجه مسلم - ، لماذا لم يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر خليلا مع أنه يحبه ؟ لأنه خليل الله ، وخليل الله لا يتخذ معه خليلا آخر .
- ... فهناك توحيد وهناك تحقيق التوحيد ، فالمؤمنون كلهم موحدون ولله الحمد ، ولكن لم يحقق التوحيد منهم إلا القليل ، الذين بلغوا مرتبة السابقين ، المقربين ، وهم الذين حققوا التوحيد ، ومن حقق التوحيد دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب ، أما بقية الموحدين فهم يدخلون الجنة ولكن قد يكون هناك حساب وهناك عذاب ، ثم يدخلون الجنة بعده .
- الخلة هي تمام المحبة وهي أعلى درجاتها ، والله - جل وعلا - يحب كل مؤمن ، وكل متق ٍ ، وكل محسن ، ولكن لا يبلغ إلى أعلى درجات المحبة ، وهي الخلة ، فالمسلمون متفاوتون في نيل محبة الله عز وجل ، ولكن لا يصل أي منهم إلى الخلة ، ولم يصل إليها إلا الخليلان إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام .
أم علي طويلبة علم
2013-12-10, 10:41 PM
- والإيمان له حلاوة ، وليس كل مؤمن يجدها ، بل يجدها الخواص من المؤمنين ، قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ) ، فإذا أراد المرء أن يختبر نفسه هل يجد حلاوة الإيمان ؟ فإنه ينظر هل فيه الثلاث التي وردت بالحديث ، وهي : ( من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار ) - أخرجه البخاري - ، فإذا كانت فيه هذه الثلاث فقد وجد حلاوة الإيمان .
والحلاوة : التلذذ بالإيمان وبالأعمال الصالحة ، فقد يعمل الإنسان الأعمال الصالحة من باب الطاعة لا يجد لها لذة في أول الأمر ، بل قد يجد لها مشقة وتعبا ومجاهدة مع النفس ، والنهاية يتلذذ بها فهذا دليل على أنه وجد حلاوة الإيمان .
محمد طه شعبان
2013-12-10, 10:55 PM
موضوع نافع بارك الله فيكم
أم علي طويلبة علم
2013-12-11, 10:03 PM
- هذا فيه بيان الفرق بين الخلة ومطلق المحبة فالخلة أخص من مطلق المحبة فالمحبة تقبل الاشتراك وأما الخلة فلا تقبل الاشتراك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يحب أصحابه لكنه لم يتخذ منهم خليلا لأن الله اتخذه خليلا ، والخلة التي لا تقبل الاشتراك هي الخلة بين الله وبين عبده .
أما الخلة بين سائر الناس فلا مانع أن يكون للإنسان عدة أخلاء ثم إن المحبة لله إذا لم يكن معها خوف ورجاء فليست عبادة وإن كان معها ذل وخضوع .
- قوله : ( من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ) :
كما تدعيه الصوفية ، ويقولون : العبادة هي المحبة فقط ليس معها خوف ولا رجاء وهذه زندقة وضلال .
- قوله : ( ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ ) :
فالمرجئ يعبد الله بالرجاء فقط ولا يخاف ويقول : لا يضر مع الإيمان معصية .
- قوله : ( ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري ) :
حروي يعني خارجي ، هذه عبادة الحرورية وهم الخوارج ، سمي الخوارج بالحرورية لأنهم اجتمعوا في مكان في العراق يسمى حرورا .
- قوله : ( ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد ) :
فالعبادة هي مجموع المحبة والخوف والرجاء ، فمن جمع هذه الأمور الثلاثة فهو المؤمن حقا .
أم علي طويلبة علم
2013-12-16, 10:02 PM
* دليل المحبة الصحيحة وثمرتها :
( ولهذا أنزل الله للمحبة محنة يمتحن بها المحب فقال : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } ) :
هذا أمر من الله جل وعلا لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول لليهود والنصارى الذين يزعمون أنهم يحبون الله { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين } ،
فعلامة محبة الله ودليلها اتباع رسوله ، فمن زعم أنه يحب الله ولكنه لا يتبع رسوله فهو كاذب كالصوفية وأمثالهم
{ يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم }، وهذه ثمرة المحبة لله عز وجل ، فمحبة الله علامتها :
اتباع الرسل صلى الله عليه وسلم ، وثمرتها : { يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } ففي هذه الآية علامة محبته وثمرتها.
وليس هذا الخطاب خاص باليهود والنصارى ، فقوله : { فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } ليس خاصا باليهود والنصارى ، وإن كان سبب نزول الآية فيهم ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فهذا عام فمن يدعي محبة الله من الصوفية وغيرهم ، فمن لا يتبع الرسول ، فهو كاذب في دعوى محبة الله ، بل منهم من يرى سقوط الأمر والنهي عن المحب ، فيقول : لا يحرم عليّ شيء ، ولا يجب عليّ شيء ؛ لأنني وصلت إلى الله ، وهذه الأوامر والنواهي إنما هي للعوام ، وأما الخواص والعارفون بالله ، فليسوا بحاجة إلى اتباع الرسل ولا إلى الأمر ولا إلى النهي ؛ لأنهم وصلوا إلى الله ، فالرسل إنما هم للعوام .
- قوله : ( بل قد جعل محبة الله ومحبة رسوله الجهاد في سبيله ) :
أي : ومن علامة المحبة لله : الجهاد في سبيله ، قال تعالى : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله } ، فالقتال في سبيل الله علامة على محبة الله ، قال تعالى : { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين } يرفقون بالمؤمنين ويرحمونهم ويحبونهم ،{ أعزة } أقوياء ، { على الكافرين } لا يخافون فيهم لومة لائم ، { يجاهدون في سبيل الله } وهذه علامة محبتهم لله عز وجل .
أم علي طويلبة علم
2018-08-06, 12:15 AM
للرفع
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.