أبوعاصم أحمد بلحة
2013-04-23, 06:18 AM
طفلٌ يرضعُ من كلبةٍ....
____________________
قال الجاحظ في "الحيوان/هارون"(2/155):" زعم علماء البصريين ...أنَّ طَاعوناً جارِفاً جاءَ عَلى أهلِ دار فلم يشكَّ أهلُ تِلك المحَلَّةِ أنَّه لم يَبْقَ فيها صَغيرٌ ولا كبير وقد كان فيها صَبِيٌّ يرتضع ويحبو ولا يقوم على رجليهِ فعمَد مَن بقي من المطعونين من أهل تلك المحَلَّةِ إلى باب تلك الدار فسدَّهُ فلمَّا كان بعد ذلك بأشهرُ ؛ تحوَّل فيها بعضُ وَرَثَةِ القوم ففتح البابَ فلمَّا أفضَى إلى عَرْصة الدّار إذا هو بصِبيٍّ يلعبُ مع أجراء كلبةٍ ، وقد كاَنت لأَهل الدار فراعَهُ ذلك فلم يلبَثْ أَنْ أقبلتْ كلبةٌ ، كانت لأهل الدار فلمَّا رآها الصبيُّ حبا إليها فأمكنتْه من أطبائها فمصَّها فَظَنُّوا أنّ الصّبيّ لما بقي في الدارِ وصارَ منسِيًّا واشتدَّ جوعُهُ ورأى أجراءَها تستقي من أطبائها حَبا إليها ، فعطفت عليه فلمَّا سقَتْهُ مرَّةً أدامتْ ذلك لَهُ وأَدَامَ هو الطلب ..
[تحليل الجاحظ]
والذي أَلَهَم هذا المَوْلودَ مَصَّ إبهامه سَاعَةَ يُولَدُ من بطن أُمّهِ ولم يعرف كيفيَّةَ الارتضاع هو الذي هداه إلى الارتضاع منْ أطباءِ الكلبةِ ، وَلَوْ لم تكُن الهدايَةُ شيئاً مجعولاً في طبيعته ؛ لما مَصَّ الإبهامَ وحلمَةَ الثّدْي ، فلمّا أفرط عليهِ الجوعُ واشتدَّت حالُهُ وطلبَتْ نفْسُهُ وتلك الطبيعةُ فيهِ دعَتْهُ تلك الطبيعة وتلكَ المَعْرِفَهُ إلى الطلب والدنوّ فسبحانَ مَنْ دبَّرَ هذا وألهمه وسَوّاهُ ،ودلَّ إلهام الحمام.."
____________________
قال الجاحظ في "الحيوان/هارون"(2/155):" زعم علماء البصريين ...أنَّ طَاعوناً جارِفاً جاءَ عَلى أهلِ دار فلم يشكَّ أهلُ تِلك المحَلَّةِ أنَّه لم يَبْقَ فيها صَغيرٌ ولا كبير وقد كان فيها صَبِيٌّ يرتضع ويحبو ولا يقوم على رجليهِ فعمَد مَن بقي من المطعونين من أهل تلك المحَلَّةِ إلى باب تلك الدار فسدَّهُ فلمَّا كان بعد ذلك بأشهرُ ؛ تحوَّل فيها بعضُ وَرَثَةِ القوم ففتح البابَ فلمَّا أفضَى إلى عَرْصة الدّار إذا هو بصِبيٍّ يلعبُ مع أجراء كلبةٍ ، وقد كاَنت لأَهل الدار فراعَهُ ذلك فلم يلبَثْ أَنْ أقبلتْ كلبةٌ ، كانت لأهل الدار فلمَّا رآها الصبيُّ حبا إليها فأمكنتْه من أطبائها فمصَّها فَظَنُّوا أنّ الصّبيّ لما بقي في الدارِ وصارَ منسِيًّا واشتدَّ جوعُهُ ورأى أجراءَها تستقي من أطبائها حَبا إليها ، فعطفت عليه فلمَّا سقَتْهُ مرَّةً أدامتْ ذلك لَهُ وأَدَامَ هو الطلب ..
[تحليل الجاحظ]
والذي أَلَهَم هذا المَوْلودَ مَصَّ إبهامه سَاعَةَ يُولَدُ من بطن أُمّهِ ولم يعرف كيفيَّةَ الارتضاع هو الذي هداه إلى الارتضاع منْ أطباءِ الكلبةِ ، وَلَوْ لم تكُن الهدايَةُ شيئاً مجعولاً في طبيعته ؛ لما مَصَّ الإبهامَ وحلمَةَ الثّدْي ، فلمّا أفرط عليهِ الجوعُ واشتدَّت حالُهُ وطلبَتْ نفْسُهُ وتلك الطبيعةُ فيهِ دعَتْهُ تلك الطبيعة وتلكَ المَعْرِفَهُ إلى الطلب والدنوّ فسبحانَ مَنْ دبَّرَ هذا وألهمه وسَوّاهُ ،ودلَّ إلهام الحمام.."