مشاهدة النسخة كاملة : تَخريجُ حَديث : [ أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ من خانك ]
أبو زُرعة الرازي
2013-04-20, 09:41 PM
الْحَمْدُ للهِ الْوَاقِي مَنْ اتَّقَاهُ مَرَجَ الأَهْواءِ وَهَرَجِهَا . وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً كَامِنَةً فِي الْقَلْبِ وَاللِّسَانُ يَنْطِقُ بِهَا وَالْجَوَارِحُ تَعْمَلُ عَلَى مِنْهَاجِهَا . آمِنَةً مِنْ اخْتِلالِ الأَذْهَانِ وَغَلَبَةِ الأَهْوَاءِ وَاعْوِجَاجِهَا . ضَامِنَةً لِمَنْ يَمُوتُ عَلَيْهَا حُسْنَ لِقَاءِ الأَرْوَاحِ عِنْدَ عُرُوجِهَا . وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِمَامُ التَّقْوَى وَضِيَاءُ سِرَاجِهَا . وَالسِّرَاجُ الْمُنِيْرُ الْفَارِقُ بَيْنَ ضِيَاءِ الدِّينِ وَظُلُمَاتِ الشِّرْكِ وَاعْوِجَاجِهَا . وَالآخِذُ بِحُجُزِ مُصَدِّقِيهِ عَنِ التَّهَافُتِ فِي النَّارِ وَوُلُوجِهَا . صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ أَزْكَى صَلاتِهِ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍ لَهَا فِي أَبْرَاجِهَا .... وَبَعْدُ ..
نا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ ، عَنْ شَرِيكٍ ، وَقَيْسٍ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " . قد جاء هذا الحديث عَنْ ستةِ أنفسٍ : (( أبو هريرة - رضي الله عنه - ، أنس بن مالك - رضي الله عنهُ - ، وعَنْ يوسف بن ماهك ، ورواية أبي بن كعب - رضي الله عنه - ، ورواية الحسن البصري - رحمه الله - مُرسلاً ، وعَنْ أبي أمامة الباهلي )) رحمهم الله تعالى ورضي عنهم أجمعين ، وأحسنُ هذه الطُرق ما روي عَنْ الصحابي الجليل أبو هريرة - رضي الله عنهُ - مرفوعاً عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم .
@ الحُكم على الحديث : [ صحيحٌ لغيرهِ ] .
[ أولاً ] رواية أبو هريرة - رضي الله عنهُ - عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم .
أخرجه الدارمي (2597) قال: أخبرنا محمد بن العلاء، حدَّثنا طَلْق بن غَنَّام، عن شريك، وقيس. و"أبو داود" 3535 قال: حدَّثنا محمد بن العلاء، وأحمد بن إبراهيم، قالا: حدثنا طَلْق بن غَنَّام، عن شريك، قال ابن العلاء: وقيس. و"التِّرمِذي" 1264 قال: حدَّثنا أبو كُريب، حدَّثنا طَلْق بن غَنَّام، عن شريك، وقيس كِلاهما : (( شريك النخعي ، قيس بن الربيع )) عَنْ أبي حصين عَنْ أبي صالح وهو - السمان - عَنْ أبي هريرة - رضي الله عنه - عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً .
قال الترمذي في سننه (1/238) : (( هذا حديثُ حسنٌ غريب )) .
وقال الحاكم في مُستدركه (2/46) : ((صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه )) ووافقهُ الإمام الذهبي .
قُلتُ : وقولُ الحاكم أبي عبد الله النيسابوري - رحمه الله تعالى - محلُ نظرٍ إذ أن شريك بن عبد الله النخعي - القاضي - قد أخرج لهُ الإمام مُسلم في الشواهد والمُتابعات ولم يخرج لهُ في أصولهِ حديثاً ، وقد جاء حديثهُ مقروناً بحديث قيس بن الربيع عَنْ أبي حصينٍ عَنْ ابي صالح السمان عَنْ أبو هريرة - رضي الله عنه - وهو نحوهُ في الضعف وكلاهما يقوي رواية الأخر كما قال الإمام الألباني - رحمه الله تعالى - في إرواء الغليل (5/381) وصحح إسنادهُ - رحمه الله - .
وفي العلل عند أبي حاتم الرازي (1/375) : (( وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ هُوَ ابْنُ عَمِّ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، وَهُوَ كَاتِبُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، رَوَى حَدِيثًا مُنْكَرًا عَنْ شَرِيكٍ ، وَقَيْسٍ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " . قَالَ أَبِي : وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُهُ )) أهـ .
قُلتُ : رضي الله عنكَ ! ورحمكَ قد ثبت لنا وثاقة طلق بنُ غنامٍ قال أبو داود السجستاني [ صالح ] ومعناهُ إن قيلت في أحد الرواة فأن الصلاح في الدين والإسلام وأنهُ صاحبُ عبادةٍ ودين ، وقال ابن حزم الظاهري [ ضعيف ] فتبعهُ بذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - وقال : [ قالها وحدهُ ] وقال الجيلي [ ثقة ] قال ابن حجر : [ ثقة، ومرة: من كبار شيوخ البخاري وشذ بن حزم فضعفه في المحلي بلا مستند واحتج به أصحاب السنن ] وقال الدارقطني [ ثقة ] وقال عثمان بن أبي شيبة [ ثقة صدوق ، لم يكن بالمتبحر بالعلم ] ووثقهُ محمد بن سعد كاتب الواقدي وقال ابن نمير [ ثقة ] ولعل الدافع لكلام ابي حاتم الرازي فيه أنهُ في كتاب الجرح والتعديل لم يذكر فيه جرحا ولا تعديلاً وهذا لا يضرُ طلق بن غنام لثبوت وثاقته عِنْدَ أئمةِ الجرحِ والتعديل وقد شذ في تضعيفه ابن حزم وقولهُ مردودٌ ، وليس في كلام ابي حاتم - رضي الله عنه - ما يُعَلُّ بهِ حَديثُ طلق بن غنام عَنْ أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - عَنْ النبي صلوات ربي وسلامهُ عليه وعلى آل بيتهِ وأصحابه وأمهاتنا .
وفي جامع الترمذي - رحمه الله - أنهُ قال : [ وَفِي الْبَاب ، عَنْ سَمُرَةَ ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَأَنَسٍ ، قَالَ : وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ] قُلتُ : وسيأتي إن شاء الله الكلام على قول الإمام الترمذي - رحمه الله تعالى - حسنٌ غريب ! هل يقصدُ بها التضعيف أم أنهُ أراد بقرن لفظة الغريب بالحسن إطلاقهُ ولذلك جاء القرنُ عند الترمذي - رحمه الله - للفظتي ( الحسن ) و ( الغريب ) . والله أعلم .
وقال الحافظ في البلوغ كما في روضة المُحدثين (9/288) : (( حسنه أبو داود، وصححه الحاكم، واستنكره أبو حاتم الرازى، وأخرجه جماعة من الحفاظ وهو شامل للعارية )) وفي الباب ذاتهِ قال الفقي (1/183) : (( إنما استنكره أبو حاتم لأنه روى من طرق فى أحدها طلق بن غنم، وفى الآخر أيوب بن سويد، وفى الآخر من لا يعرف. ولذا قال ابن الجوزى: لا يصح من جميع طرقه شىء )) قُلت : رضي الله عنكَ وهذا غيرُ مقبولٍ مِنْكَ البتةَ إذ أن رواية أبو هريرة - رضي الله عنه - صحيحٌ لغيرهِ ، وطُرق الحديث الأخرى تُعضدُ رواية أبو هريرة - رضي الله عنه - فلا يكونُ الحديث ضعيفاً بل صحيحاً لغيره .
- صححه الإمام الألباني في أكثر مِنْ موضعٍ في كُتبهِ .
- وقد تكلم فيه أحمد وابن ماجة والشافعي كَما نقل السخاوي في المقاصد الحسنة وحسنهُ الترمذي وصححه الحاكمُ والإمام الألباني - رحمهم الله - وطُرق الحديث تعضدُ بعضها البعضْ فيكونُ الحديث في منزلة الصحيح لغيرهِ كما قال الإمام الألباني في كتابه ارواء الغليل في تخريج أحاديث المنار ، قال الدوريُّ : (( قلتُ (لطلق) بن غَنَّام، أكتب شَرِيكا وأدع قيسا؟ (قَالَ: أَنْت أبْصر. قَالَ الْحَاكِم) : وَحَدِيث شريك عَلَى شَرط مُسلم، وَلم يخرجَاهُ )) أهـ .
- وقد خالف الإمام البيهقي - رحمه الله - أبي حاتم الرازي في قولهِ أن تفرد به طلق بن غنام فقال في السنن : (( تفرد بِهَذَا الحديثِ شريكُ القَاضِي وقيسُ بن الرّبيع، وَقيس ضَعِيف، وَشريك لم يحْتَج بِهِ أَكثر أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا ذكره مُسلم بن الْحجَّاج فِي الشواهد )) فيكونُ حديثُ أبي هريرة - رضي الله عنه - صحيحٌ لغيرهِ لا ضعيفاً كما قال بعضُ طلبة العلمِ .
[ إستدراك ] قولُ الترمذي - رحمه الله - حسنٌ غريبٌ هل يُريدُ بهِ الضعف !! .
أخطأ بعضُ طلبة العلمِ في فهم مُصطلح الإمام الترمذي - رحمه الله - فجعل قولهُ [ حسنٌ غريب ] تضعيفٌ للحديث وهذا ليس في محلهِ إذ أن الغريب : [ هُو ما تفرد بهِ الراوي وحدهُ إما بسندهِ أو متنهِ أو الإثنين معاً ] ويقولُ الترمذيُّ - رضي الله عنه - في علله الصغير في تعريف الحسن : [ وما ذكرنا فى هذا الكتاب حديث حسن ، فإنما أردنا حسن إسناده عندنا ، وهو كلُّ حديثٍ لا يكون فى إسناده من يتهم بالكذب ، ولا يكون شاذاً ، ويروى من غير وجهٍ نحو ذاك ، فهو عندنا حديث حسن ] قال الشيخ أبو محمد الألفي فيما قرأتُ لهُ في مُلتقى أهل الحديث : [أن الترمذى كثيراً ما أورد هذا الاصطلاح مقروناً بقوله (( وقد روى من غير وجه نحوه )) ، وبقوله (( وفى الباب عن فلان )) ، وهذا أقوى البراهين على إرادة الترمذى بقاء رسم الحسن على إطلاقه ؛ أطلق اللفظ أو قرنه بالغرابة أو الصحة أو هما معاً ] ويشهدُ لهُ حُكم الإمام الترمذي رحمه الله تعالى عَلى الأحاديث بهذا اللفظ مُبينا أنها قد وردت مِنْ طريقٍ أخر ولهذا قال (( ويروى مِنْ غير وجهٍ نحو ذاك )) وبالإطلاع على أحكامهِ في السُنن فإن الصحيح أن نقول بأن الترمذي أراد بقولهِ - حسن - : هو تعدد مخارج الحديث ، وقولهُ - غريب - :تفرد الراوي بالحديث الذي ذكرهُ عنهُ وعَنْ شيخنا الألفي أنهُ قال في الأليق بما يجبُ قولهُ عنْ قول الترمذي : [ كلُّ حديث قال عنه ((حسن غريب )) فهو حديث قد رُوى من غير وجهٍ نحوه ، وإنما يُستغربُ من الطريق المذكورة لتفرد راوٍ بها ] وبهذا يتبينُ القولُ ويُرجى النظر لرسالة الشيخ المُحدث السكندري أبو محمد الألفي التي أسماها [ إتحاف الأريب بمعنى قول الترمذي حسن غريب ] . والله أعلم .
[ ثانياً ] شاهدٌ مِنْ رواية أنس بن مالك - رضي الله عنه - للحديث مِنْ رواية أبي التياح .
قال الإمام الألباني في الإرواء (5/381) : [ أخرجه الدارقطنى (303 ـ 304) والحاكم والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 96) وأبو نعيم فى " الحلية " (6/132) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (ق 248/2) كلهم من طريق أيوب بن سويد أخبرنا ابن شوذب عن أبى التياح به ] . قُلتُ : قال الطبراني في مُعجمهِ الصغير : [ لم يَرْوِهِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، إِلا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ ، تَفَرَّدَ بِهِ أَيُّوبُ ، وَلا يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ ، إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ ] ! رضي الله عنكَ بل لم يتفرد بهِ أيوب بن سويد عَنْ ابن شوذب بهذا الإسناد بل قد تابعهُ ضُمرة وأنْتَ نفسكَ قد أخرجتَ روايتهُ في المُعجم الكبير : [ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدٍ الْقَزَّازُ ، ثنا ضَمْرَةُ ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " ] وهذا في مُعجمك أيها الإمام الجليل - رضي الله تعالى عنكَ - فلا يكونُ أيوب قد تفرد بهِ بل رواهُ الإثنين [ أيوب بن سويد - ضمرة بن ربيعة الفلسطيني ] وضمرة بن ربيعة الفلسطيني (( ثقة )) قال آدم بن أياس العسقلاني : [ ما رأيت أحدا أعقل لما يخرج من رأسه من ضمرة ] وقال أبي حاتم الرازي [ صالح ] وقال أبو سعيد بن يونس المصري [ فقيههم في زمانه ] وقال الإمام أحمد بن حنبل : [ صالح الحديث من الثقات المأمونين، لم يكن بالشام رجل يشبهه ] وقال النسائي [ ثقة ] وقال الجيلي [ ثقة ] وابن معين [ ثقة ] وقال ابن حجر [ صدوقٌ يهم قليلا ] وفي إسنادهِ عِنْدَ الطبراني في المُعجم الكبير - أحمد بن زيد القزاز - [ مجهول الحال ] ، وقد نقل بعضُ طلبةُ العلم في مُلتقى أهل الحديثِ عَنْ ابن عدي قولهُ ولم يذكرهُ كاملاً فقال ابن عدي في الكامل : [ وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الإِسْنَادِ لا يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ غَيْرُ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ ، وَهُوَ مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ ، وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا الْمَتْنُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ] فلا يكونُ أيوب قد تفرد برواية الحديث بل تابعهُ عليه ضمرة الفلسطيني وفي إسنادهِ عِنْد الطبراني - مجهول الحال - والضعفُ في هذه الطريق ليس شديداً لجهالة حال القزاز فيصلحُ شاهداً لرواية أبي هريرة رضي الله عنهُ فإجتماعهُ مَعْ الطريق السابق ويحيى بن عثمان شيخ الطبراني - مقبول - وأيوب ممن يستشهدُ بهِ .
[ ثالثا ]وشاهدٌ مِنْ رواية أبي بن كعب - رضي الله عنهُ - عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا الطريق ضعيفٌ قال ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - في تلخيص الحبير (1/73) : [ ذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية. وفي إسناده من لا يعرف ] ذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» من هَذَا الْوَجْه، وَأعله بِيُوسُف بن يَعْقُوب قَاضِي الْيمن، قَالَ أَبُو حَاتِم: مَجْهُول. وَمُحَمّد بن مَيْمُون الزَّعْفَرَانِي ، قَالَ خَ س: مُنكر الحَدِيث .
[ رابعاً ] رواية يوسف بن ماهك المكي تابعي عَنْ فلان .
أخرجهُ ابو داود في سُننه (3/290) والبيهقي في سُننه الكبرى (10/271) عَنْ يوسف بن ماهك المكي أنهُ قال : [ كنتُ أكتب لفلانٍ نَفَقَة أَيْتَام كَانَ وليهم، فغالطوه بِأَلف دِرْهَم؛ فأدَّاها إِلَيْهِم، فأدركتُ لَهُم (أَمْوَالهم) مثلهَا، قَالَ: قلت: اقبض الْألف الَّذِي ذَهَبُوا بِهِ مِنْك. قَالَ: لَا. حَدثنِي (أبي) أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول: أدِّ الْأَمَانَة إِلَى مَنِ ائتمنك ] قال الإمام البيهقي في السُنن : [ هُوَ فِي حكم الْمُنْقَطع، حَيْثُ لم يذكر يوسفُ بن مَاهك اسْمَ مَنْ حدَّثه، وَلَا اسْمَ مَنْ حدَّث عَنهُ (من حَدثهُ) ] قال ابن حزم في المحلى (8/182) : [أما حديث فلان عن أبيه، ناهيك بهذا السند! ليت شعري: مَن فلان؟ ونبرأ إلى الله تعالى من كل دين أُخِذَ عن فلان الذي لا يُدرى من هو، ولا ما اسمه، ولا من أبوه، ولا اسمه ] قُلتُ : وقد أسرف ابن حزم في كلامهِ لأن مَنْ لم يذكرهُ يوسف بن ماهك يُحتمل أن يكون صحابياً لَا يُحتاج إِلَى اسْمِ مَنْ حدَّث عَنهُ (من حَدثهُ) فَإِنَّهُ صَحَابِيّ؛ فَلَا تضر جهالته، وَأخرجه ابْن السكن فِي «صحاحه» وَقَالَ: رُوي من أوجه ثَابِته .
[ خامساً ] رواية أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رواهُ البيهقي مِنْ حديث أبي حفص الدمشقي عَنْ مكحول عَنْ أبي أمامة بهِ وقال : [ هُوَ ضَعِيف؛ لِأَن مَكْحُولًا لم يسمع من أبي أُمَامَة شَيْئا و [أَبُو حَفْص] الدِّمَشْقِي مَجْهُول ] وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : [ رواهُ البيهقي مِنْ طريق أبي أمامة بسندٍ ضعيفٍ ] وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4|145): [ رواه الطبراني في الكبير. وفيه يحيى بن عثمان بن صالح المصري: قال ابن أبي حاتم: تكلموا فيه ] .
[ سادساً ] رواية الإمام البصري مُرسلاً عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم .
رواهُ البيهقي عنهُ ثُم قال : [ وهو منقطع ] .
وبعد هذا كُلهِ أقولُ كما قال الإمام الألباني - رحمه الله - : أن الحديث بمجموع هذه الطرق ثابت , فما نقل عن بعض المتقدمين أنه ليس بثابت , فذلك باعتبار ما وقع له من طرق , لا بمجموع ما وصل منها إلينا والله أعلم.
وصلي اللهم وسلم على الحبيب مُحمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان الرجيم ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد .
كَتبهُ وأملاهُ العبدُ العاثرِ كثير الزلل والأخطاءْ /
أبو زُرعة الغزي الفلسطيني
20/4/2013
البراء
2013-04-21, 07:52 AM
تصحيح الحديث بمجموع الطرق هو مما زل فيه المتأخرون (وخاصة منهم المعاصرون) زللا كبيرا.
رضا الحملاوي
2013-04-21, 12:09 PM
جزاكم الله خيرا
أبو زُرعة الرازي
2013-04-21, 04:09 PM
تصحيح الحديث بمجموع الطرق هو مما زل فيه المتأخرون (وخاصة منهم المعاصرون) زللا كبيرا.
الأخ الكريم البراء - وفقه الله - /
قولك هُنا فيهِ جرأةٌ عجيبةٌ على الإمام الألباني - رحمه الله - وليس هُو وحدهُ فالذي نُريدُ مِنْكَ أن تُبين الزلل الذي وقع فيهِ المُعاصرونَ كالألباني وغيرهُ مِنْ العُلماء ، كما وأريدُ ان تُبين الخطأ الذي وقعنا فيهِ في دراستنا لهذا الحديث .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-21, 04:10 PM
جزاكم الله خيرا
الأخ الكريم رضا الحملاوي - وفقه الله - /
بارك الله تعالى فيكم وجزاكم الله كُل خيرٍ ولا تنسونا مِنْ صالح الدُعاء .
أبو مالك المديني
2013-04-21, 04:35 PM
الحمد لله وحده .
جزاك الله خيرا أخي أبا زرعة وسددك الله . لكن اسمح لي أن أقول :
إن البيهقي نقل في السنن الكبير (10/ 271) عن الشافعي ـ كما أشرت في كلامك ، سددك الله ـ أنه قال : هذا الحديث ليس بثابت عند أهل الحديث، ونقل ابن حجر في التلخيص (3/97) عن أحمد بن حنبل أنه قال : حديث باطل لا أعرفه من وجه صحيح . مع تضعيف أبي حاتم له في قوله : منكر . كما تفضلت بالنقل عنه من علل ابنه رحمهما الله .
وكأن أبا حاتم رحمه الله يرى أن طلق بن غنام لا يحتمل التفرد بهذا الطريق ـ وإن كان ثقة فليس كل ثقة يحتمل منه التفرد ، كما بين ذلك مسلم في التمييز وغيره من أهل العلم كالدارقطني في علله وكذا أبي حاتم وأبي زرعة ـ فأبو حَصين عثمان بن عاصم ، عن أبي صالح سلسلة مشهورة، وأبو حصين له تلاميذ كبار ثقات حريصون على حديثه ، ومع ذلك لم يرووا هذا الحديث ، فكيف يتفرد طلق بن غنام به من بينهم ، ولو كان ثابتاً لرواه الثقات عن أبي صالح . هذه مسألة تتعلق بالعلل ، لذا حكم أبو حاتم بما حكم به وغيره من أهل الحديث .
وكذا ضعفه ابن القطان ـ مع من ذكرت ، وفقك الله ، عنهم التضعيف ـ وقال ابن الجوزي في الأحاديث الواهية : لَا يَصِحُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ .
وقولك ـ سددك الله ـ : وقد أسرف ابن حزم في كلامهِ لأن مَنْ لم يذكرهُ يوسف بن ماهك يُحتمل أن يكون صحابياً لَا يُحتاج إِلَى اسْمِ مَنْ حدَّث عَنهُ (من حَدثهُ) فَإِنَّهُ صَحَابِيّ؛ فَلَا تضر جهالته .
قال أبو داود : حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ أن يزيد بن زريع ، حدثهم قال : ثنا حميد الطويل ، عن يوسف بن ماهك المكي ، قال : كنت أكتب لفلان نفقة أيتام كان وليهم ، فغالطوه بألف درهم ، فأداها إليهم ، فأدركت لهم من مالهم مثليها ، قال : قلت : أقبض الألف الذي ذهبوا به منك ؟ قال : لا ؛ حدثني أبي ، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " أد الأمانة إلى من أئتمنك ، ولا تخن من خانك " .
أخرجه : أبو داود (3534) ، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبير (10/270) .
وكذلك ؛ رواه : محمد بن أبي عدي ، عن حميد . أخرجه : أحمد (4/414) .
فسياق هذه الرواية ؛ أنها عن يوسف بن ماهك ، عن رجل ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهكذا ؛ ساقه المزي في " أطرافه " (11/237) : "فصل : ومما رواه من لم يسم ( فلان ) عمن لم يسم أيضا( أبيه )عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
لكن ؛ رواه محمد بن ميمون الزعفراني ، عن حميد الطويل ، عن يوسف بن يعقوب ، عن رجل من قريش ، عن أُبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أخرجه : الدارقطني (3/35) ، فخالفهما في موضعين : الأول : في يوسف بن ماهك ، إذ قال فيه : " يوسف بن يعقوب " .
الثاني : في جعله الحديث من مسند " أُبي بن كعب " ، لا من مسند هذا المبهم .
والظاهر ؛ أنه تصحف عليه " أبي " بفتح الألف وكسر الباء ، إلى " أبي " بضم الألف وفتح الباء ، ثم رواه بالمعنى ، فنسبه اجتهاداً لا رواية ، فقال " أبي بن كعب " . فالاحتمال بأنه صحابي ، هو مجرد احتمال لا دليل عليه ، وليس صحيحا والله أعلم .
لذا قال الحافظ في التلخيص :... يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ فُلَانٍ عَنْ آخَرَ وَفِيهِ هَذَا الْمَجْهُولُ .أهـ ولم يتعرض لكونه صحابيا .
وقال البيهقي : هذا في حكم المنقطع ـ ولو كان صحابيا ما قال هذا ـ : حيث لم يذكر يوسف بن ماهك اسم من حدثه، ولا اسم من حدث عنه من حدثه. (كما تفضلت بالنقل عنه )
وقد ذهب بعض أهل العلم كالشافعي أن في متنه نكارة ؛ فقال البيهقي في السنن الكبير :
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِى عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ قَالَ قَالَ الشَّافِعِىُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِى هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْكُمْ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَيْنَا ثُمَّ سَاقَ الْكَلاَمَ إِلَى أَنْ قَالَ إِذَا دَلَّتِ السُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ حَقَّهُ لِنَفْسِهِ سِرًّا مِنَ الَّذِى هُوَ عَلَيْهِ فَقَدْ دَلَّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِخِيَانَةٍ ، الْخِيَانَةُ أَخْذُ مَا لاَ يَحِلُّ أَخْذُهُ فَلَو خَانَنِى دِرْهَمًا فَقُلْتُ قَدِ اسْتَحَلَّ خِيَانَتِى لَمْ يَكُنْ لِى أَنْ آخُذَ مِنْهُ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ مُكَافَأَةً بِخِيَانَتِهِ لِى وَكَانَ لِى أَنْ آخُذَ دِرْهَمًا وَلاَ أَكُونُ بِهَذَا خَائِنًا ظَالِمًا كَمَا كُنْتَ خَائِنًا ظَالِمًا يَأْخُذُ تِسْعَةً مَعَ دِرْهَمِى لأَنَّهُ لَمْ يَخُنْهَا.أهــ
ومن الأمثال في " الكلب " :(( وقع الكلبُ على الذئبِ )) . (مجمع الأمثال[2/373]) وفيه :
: (هذا مِن قول عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهم. وذلك أنَّه سئل عن رجلٍ غصب رجلاً مالاً، ثمَّ قدِرَ المغصوبُ على مال الغاصب، أيأخذ منه مثلَ ما أخذ؟ فقال عكرمة: وقع الكلبُ على الذئبِ، ليأخذ منه مثل ما أخذ، يضرب في الانتصار مِن الظالم). ا.هـ.
قلت: وهذه المسألة تسمَّى عند العلماء: (مسألة الظَفَر).
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله:
يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ( وإن عاقبتم ..) إنْ ظلمك إنسانٌ بأنْ أخذَ شيئاً مِن مالِك؛ بغير الوجه الشرعي، ولم يمكن لك إثباتُه، وقدرتَ له على مثل ما ظلمك به على علو وجهٍ تأمن معه الفضيحة والعقوبة، فهل لك أنْ تأخذَ قدرِ حقِّك أو لا؟
أصحُّ القولين، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس: أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك مِن غيرِ زيادةٍ؛ لقوله تعالى في هذه الآية: فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ… الآية، وقوله: فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم .
وممن قال بِهذا القول: ابن سيرين، وإبراهيم النخعي، وسفيان، ومجاهد، وغيرهم. وقالت طائفة من العلماء -منهم مالك-: لا يجوز ذلك، وعليه دَرَج خليل بن إسحاق المالكي في "مختصره" بقوله في الوديعة: وليس له الأخذ منها لمن ظلمه بمثلها، واحتج من قال بِهذا القول بحديث: (أَدِّ الأمَانَةَ إِلى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) .
وهذا الحديث -على فرض صحته- لا ينهض الاستدلال به؛ لأنَّ مَن أخذَ قدرَ حقِّه ولم يزد عليه لم يخن مَن خانه، وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه. ا.هـ. (أضواء البيان [3/353]).
وهو قول البخاري، والشافعي، وانظر (طرح التثريب [8/226]) ، وقال الترمذي: ورخَّص فيه بعضُ أهل العلم مِن التابعين، وهو قول الثوري.
فالصواب أن الحديث لا يصح إسنادا ولا متنا كما قاله الشافعي وغيره ، وجزاك الله خيرا على كلامك ونقلك الطيب ، ودمتم في أمان الله .
أبو مالك المديني
2013-04-21, 04:40 PM
رحمة الله على العلامة الألباني فهو مسبوق في تصحيحه للحديث ، وهو كغيره من أهل العلم له أجران إن أصاب وله أجر إن أخطأ ، والشيخ له جهود كبيرة لا ينكرها إلا جاحد أو جاهل ، كيف لا وهو محدث هذا العصر ، فرحمه الله رحمة واسعة ، وجزاك الله خيرا أخي أبا زرعة وكذا أخي البراء ، بارك الله فيكما وسددكما .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-21, 09:53 PM
الأخ الحبيب أبو مالك المديني - سدده الله ووفقهُ - /
وأما ما نقلتَ ووردَ في دراستنا مِنْ أقوال الأئمة المُتقدمين فحالهُ أن الحُكم مِنْهم - رضي الله عنهم - لما ظهر لهم مِنْ طُرق الحديثِ لا ما وصل إلينا وهذا هو صنيع الإمام الألباني - رحمه الله - وقولهُ كذلك وقد سبقنا فيه الإمام الألباني كما قُلتَّ سدد الله خُطاك يا أبا مالكٍ ولذلك فإن الحُكم بالصحيح لغيرهِ مثيل قول الألباني - رضي الله عنهُ ورحمه - .
[ أولاً ] تفردِ الثقةِ بما حدثَ بهِ عَنْ شيخٍ ولم يَكُنْ مِنْ أصحابهِ .
وحاصلهُ أنكَ أعللت تفردَّ طلق بن غنام بأن الحديث لم يروهِ أحدٌ مِنْ أصحاب أبي حصين ! والصوابُ ان تفرد الثقةِ مِنْ حيثُ القبولُ والرد يرجحُ للمُرجحات التي قعدها أهل الحديثِ في مُصنفاتهمْ وإِنْ كَان الشيخُ قد حدثَّ بحديثٍ عَنْ شيخٍ لم يَكُنْ مِنْ أصحابهِ فإنهُ محلٌ للتعليلِ وهذا ما حصلتهُ مِنْ معرضِ كلامكَ إلا أن التفرد لا يُعلُّ الحديثَّ بالإطلاقْ وليس كُل تفردٍ مِنْ ثقةٍ مَردوداً وإستدليتَ بكلام أبي حاتم الرازي - رضي الله عنه - العلل عند أبي حاتم الرازي (1/375) : (( وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ هُوَ ابْنُ عَمِّ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، وَهُوَ كَاتِبُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، رَوَى حَدِيثًا مُنْكَرًا عَنْ شَرِيكٍ ، وَقَيْسٍ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " . قَالَ أَبِي : وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُهُ )) أهـ ، أقولُ : وصنيعُ أبي حاتم الرازي أن مَنْ كان صدوقاً وتفرد بالحديثِ عِنْدَهُ وله نصوص كثيرة جداً في كتاب (العلل) لابنه دالة على أنه يستنكر بعض تفردات الرواة ممن هم في نظره لم يبلغوا درجة من يقبل ذلك منهم، وقد ذكرنا سابقاً أن الحجة في اصطلاحه ليست كما عند الآخرين لما عرف من تشدده رحمه الله .
[ مثال ] وسئل عَنْ حديث روتهُ أم المؤمنين عائشة ... لا يحضرني مَتنهُ في عللهِ فقال : [ لم يرو هذا الحديث أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم غير بُرْد"، وهو حديث منكر، ليس يحتمل الزهري مثل هذا الحديث، وكان بُرد يرى القدر ] وهُنا عد أبو حاتم الرازي تفرد الصدوق عَنْ الزُهري مُنكراً ولم يكن أحدٌ مِنْ أصحاب الزُهري قد رواهُ عَنْهُ وهو [ صدوقٌ لا بأس بهِ ] وهذا الراوي الصدوق لم يخالف غيرهُ ! والإمام الألباني كان قد حكم على الحديث بأنهُ حسنٌ لذاتهِ لأنه يحسن تفرد الصدوق، وأبو حاتم يرى أن هذا التفرد عن الزهري في جلالته وكثرة الملازمين له لا يُحتمل، وإلا فأين كان أصحاب الزهري المكثرين عنه عن هذا الحديث؟! وكان هذا صنيعُ أبي مالك المديني في رواية طلق بن غنام وهو ثقة !
طلق بن غنام - أخرج لهُ البخاري - ووثقهُ مَنْ سبق ذكرهم وإستنكارُ أبي حاتم - رضي الله عنه - للحديث لتفرد طلقٍ بهِ ولم يكن استنكاره وعللتُ إستنكار أبو حاتم والأئمة السابقين لهذا الحديثِ سابقاً - رضي الله عنهم - بأن طُرق الحديث علها لم تصلهُ أو تصلهم جميعاً - رضي الله عنهم - كما وصلتنا الآن ولأجله حكم الإمام الألباني على الحديث بأنهُ صحيحٌ لغيرهِ ولم يتكلم - رحمه الله - عَنْ تفرد الثقةِ مُطلقاً لأن تفرد طلق بن غنام للحديث مُحتملٌ عِنْدَهُ فلم يثبت لنا أن خالف ! ولو كان خالفَ فمَنْ خالف مِنْ أصحاب الحديث الذين هُم أوثقُ مِنْهُ روايةً وأثبتُ مِنْهُ ؟! .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور خالد الدريس : [ وعلى أية حال فالشواهد كثيرة على أن أبا حاتم يكثر من التوقف والاستنكار لتفردات من هم دون مرتبة الثقة، وفيما ذكر آنفاً نماذج على ذلك، ولمن رغب في الزيادة فعليه بكتاب (العلل) لابنه ففيه من النصوص المؤكدة لذلك ما يرضي يقين الباحث ] وعليهِ فإن تفرد طلقاً برواية الحديثِ مُحتملٌ لما ورد مِنْ الشواهد والقرآئنِ على أن أبا حاتم يتوقفُ ويستنكرُ تفردات مَنْ هُم دُون مرتبة الثقةِ ! ومِنْ أئمةِ العلمِ مَنْ يقبل تفرد الثقة ما لم يُخالف ومِنْهُم مَنْ قال بأن تفرد الصدوقِ أو مَنْ هُو أعلى مِنْهُ مرتبةً لابد مِنْ التوقفِ فيه والصحيحُ أن يرجع للقرآئن والمُرجحات التي تُحيطُ بهِ .
ويشهدُ لتحسن الحديثِ ما قالهُ ابن الصلاح : [ ليس كل ضعيف يزول بمجيئه من وجوه بل ذلك يتفاوت فمنه ضعيف ٍيزيله ذلك بان يكون ضعفه ناشئا من ضعف حفظ راويه مع كونه من اهل الصدق والديانة فاذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر عرفنا انه مما قد حفظه ولم يختل ضبطه له وكذلك اذا كان ضعفه من حيث الارسال زال بنحو ذلك كما في المرسل الذي يرسله امام حافظ اذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر. ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب او كون الحديث شاذا ]
[ ثانياً ] رواية يوسف بن ماهك عَنْ المَجهولِ .
وأما احتمال أن يكون مَنْ حدث عَنْهُ يوسف بن ماهك - مِنْ الصحابة - فواردٌ وليس فيما ذكرتَّ ما يُقوي أن يكون مَنْ حدث عَنْهُ يوسف بن مهاك - مجهولاً - وهل قولهُ : [فصل : ومما رواه من لم يسم ( فلان ) عمن لم يسم أيضا( أبيه )عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] مما يُعل بهِ الحديثُ ويُظْهِرُ أن مَنْ حدث عنهُ لم يكن إلا مَجهولاً ! والذي يشهدُ أن يكونَ مَنْ حدث عَنْهُ يوسف بن مَاهك أنهُ أدرك جمعاً مِنْ الصحابة ففي التاريخ الكبير للبخاري (8/375) : [ سَمِعَ أُم هانئ، وابْن عَبّاس، وابْن عُمَر ] قال ابن حبان في ثقاتهِ (5/549) : [ أَصله من فَارس سكن مَكَّة وَكَانَ مولى للحضرميين وَكَانَ ينزل فيهم يروي عَن بن عَبَّاس وَابْن عمر وَأم هَانِئ روى عَنهُ أَبُو بشر وَإِبْرَاهِيم بن مهَاجر مَاتَ سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَة بِمَكَّة وَقد قيل سنة سِتّ وَمِائَة ] ومفادهُ أن إحتمال لقاء يوسف بن ماهك للصحابة - كبيرةٌ - فيُرجحُ ان يكون قد حدث بهِ عَنْ صحابيٍ ! وليس فيما نقلتَّ ما يُحتمل علةً لحديثهِ فاحتمالُ أن يكون صحابياً واردٌ للقاءِ يوسف بن ماهك عدداً مِنْ الصحابة . والله أعلم .
البراء
2013-04-22, 12:17 AM
الموضوع علمي بحت، و ليس فيه مجال للجرأة، بل للحجة. أقترح على الإخوة جمع كل ما ثبت عن الأئمة المتقدمين في موضوع تصحيح الحديث بمجموع الطرق لاستقراء منهجهم و التأصيل الصحيح لهذا الموضوع.
أبو مالك المديني
2013-04-22, 12:41 AM
نفع الله بك أخي أبا زرعة .
قولك : لما ظهر لهم مِنْ طُرق الحديثِ لا ما وصل إلينا وهذا هو صنيع الإمام الألباني - رحمه الله - وقولهُ كذلك وقد سبقنا فيه الإمام الألباني كما قُلتَّ سدد الله خُطاك يا أبا مالكٍ ولذلك فإن الحُكم بالصحيح لغيرهِ مثيل قول الألباني - رضي الله عنهُ ورحمه - .
هؤلاء هم أئمة حفاظ قد وصلهم ما تشير إليه لكنهم لا يعبأون بهذه الطرق إذ لا تصح ولا تصلح للاستشهاد عندهم . هذا أولا .
ثانيا : قولك سددك الله : وحاصلهُ أنكَ أعللت تفردَّ طلق بن غنام بأن الحديث لم يروهِ أحدٌ مِنْ أصحاب أبي حصين ! والصوابُ ان تفرد الثقةِ مِنْ حيثُ القبولُ والرد يرجحُ للمُرجحات التي قعدها أهل الحديثِ في مُصنفاتهمْ وإِنْ كَان الشيخُ قد حدثَّ بحديثٍ عَنْ شيخٍ لم يَكُنْ مِنْ أصحابهِ فإنهُ محلٌ للتعليلِ وهذا ما حصلتهُ مِنْ معرضِ كلامكَ إلا أن التفرد لا يُعلُّ الحديثَّ بالإطلاقْ وليس كُل تفردٍ مِنْ ثقةٍ مَردوداً .
بل الثقة قد ترد روايته عند التفرد ، وليس كل ثقة ، وكلامي واضح في هذا ، فتعليل أبي حاتم وغيره من الأئمة الحفاظ كالشافعي وأحمد ينصب على هذا فلم يروا أن طلقا ـ وإن كان ثقة ـ لا يحتمل منه التفرد ، وعليه فحديثه هذا لا يصح ، وقد ذكرت لك آنفا أن مسلما رحمه الله قد ذكر أمثلة في التمييز تتعلق بهذا ، وهو القائل رحمه الله : والجهة الأخرى أن يروي نفر من حفاظ الناس حديثاً عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة بإسناد واحد و متن واحد، مجتمعون على روايته في الإسناد و المتن، لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمن حدث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه فيخالفهم في الإسناد أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكى من وصفنا من الحفاظ، فيعلم حينئذ أن الصحيح من الروايتين ما حدث الجماعة من الحفاظ، دون الواحد المنفرد و إن كان حافظاً، على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث، مثل شعبة و سفيان بن عيينة و يحيى بن سعيد و عبدالرحمن بن مهدي و غيرهم من أئمة أهل العلم.و سنذكر من مذاهبهم و أقوالهم في حفظ الحفاظ و خطأ المحدثين في الروايات ما يستدل به على تحقيق ما فسرت لك إن شاء الله ...
فطلق بن غنام ـ وإن كان ثقة ـ لكنه أتى بشئ لم يأت به الملازمون العارفون بحديث أبي حصين ، ولو كان من حديثه فأين هم منه ؟! بل قد يكون تفرد الصدوق منكرا كما قاله الذهبي في الموقظة ، وقد يكون تفرد الثقة الذي لا يحتمل منه التفرد كذلك ، بل قد أنكر الأئمة بعض الأحاديث من حديث الزهري ـ وهو أهل للتفرد ـ لكن لما ترجح للأئمة أنه أخطأ حكموا عليه بالتفرد ومن ثم بالخطأ ، كحديث ذي الشمالين ، فإن الأئمة خطؤه في ذلك ، حتى قال ابن عبد البر : لا أعلم أحداً من أهل العلم والحديث المنصفين فيه عول على حديث ابن شهاب في قصة ذي اليدين لاضطرابه فيه وأنه لم يتم له إسنادا ولا متنا وإن كان إماماً عظيما في هذا الشأن فالغلط لا يسلم منه أحد والكمال ليس لمخلوق وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم فليس قول ابن شهاب أنه المقتول يوم بدر حجة لأنه قد تبين غلطه في ذلك أهـ
وقال الحافظ رحمه الله في الفتح : لكن اتفق أئمة الحديث كما نقله بن عبد البر وغيره على أن الزهري وهم في ذلك وسببه أنه جعل القصة لذي الشمالين وذو الشمالين هو الذي قتل ببدر وهو خزاعي واسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة وأما ذو اليدين فتاخر بعد النبي صلى الله عليه و سلم بمدة لأنه حدث بهذا الحديث بعد النبي صلى الله عليه و سلم ...إلخ
فالزهري قد تفرد هنا ومع ذلك الأئمة ردوا روايته هذه ، مع جلالته وحفظه وهو أهل للتفرد ، كما ذكر مسلم في مقدمة الصحيح أنه يتفرَّد بسبعين حديثا، أو بتسعين حديثا لا يشارِكُه أحد فيها، هذا لسعة روايته وكثرة شيوخه رحمه الله .فإذا كان الراوي واسع الرواية، فإنه إذا روي الحديث عنه على أوجه مختلفة، وكان الرواة ثقات أثبات ، ولا تعارض بينها، أو انفرد فيقبل حديثه كما قرره مسلم نفسه ، ومع ذلك فهو في نفس الحديث ـ حديث ذي الشمالين ـ أنكره على الزهري .
وغير ذلك من الأمثلة التي تدلل لنا أن الثقة ـ ممن ليس يحتمل منه التفرد ـ قد لا يقبل منه بعض ما انفرد به . وهذه أخي أبا زرعة ـ وفقك الله ـ مسألة تتعلق بعلم العلل ، وتفرد الثقة من أدق الأمور ، والخطب فيها واسع جدا وليس بالهين ، وإن كان حفاظ الحديث وصيارفته وهم أهل الصنعة ، يحكمون على الحديث بعدم الصحة ، فلا شك ولا ريب أن القول قولهم . والله أعلم .
وقولك نفع الله بك :
أن الحجة في اصطلاحه ليست كما عند الآخرين لما عرف من تشدده رحمه الله .
فهل الشافعي وأحمد وغيرهما متشددون . ولا سيما أحمد عندما قال : باطل ؟!
وقولك : .... لأنه يحسن تفرد الصدوق ..
قلت : أما تحسين ما تفرد به الصدوق مطلقا ففيه نظر ، وهو مخالف لصنيع أكثر العلما ، وقد سبق أن نقلنا كلام الذهبي في الموقظة .
وقولك نفع الله بك : وكان هذا صنيعُ أبي مالك المديني في رواية طلق بن غنام وهو ثقة ! . فهذا صنيعي أم صنيع أبي حاتم ومن ذكرنا من الأئمة والقول قولهم وهو الصواب ؟!
قولك - بأن طُرق الحديث علها لم تصلهُ أو تصلهم جميعاً - رضي الله عنهم - كما وصلتنا الآن
لا يقال هذا في حق الحفاظ أهل الصنعة بل يعلمون هذه الطرق ، لكنها لا تغني شيئا عندهم بدليل قول الشافعي وابن الجوزي والله أعلم .
وأما يوسف بن ماهك ، فقولك بالاحتمالية ، هو نفسه يرد قولك ، إذ لابد من دليل يؤيد هذا ، ولا نستطيع أن نجزم أنه صحابي ، فهو يروي عن تابعين وصحابة ، فأين الدليل القاطع هنا أنه صحابي ، ولهذا لو دققت النظر تجد الأئمة كالبيهقي والحافظ وغيرهما نصا على الانقطاع ، ويبقى جهالة شيخ يوسف بن ماهك أيضا ، ثم جهالة الثاني ، ولهذا أوردت لك كلام المزي .
وفي هذا القدر كفاية فالوقت قد تأخر ، وهذا ما عندي في هذه الساعة ، وجزاك الله خيرا على نقاشك الطيب الهادف ، ونفع بك .
جعلنا الله وإياك من أهل الحديث المتبعين له .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-22, 01:03 AM
الموضوع علمي بحت، و ليس فيه مجال للجرأة، بل للحجة. أقترح على الإخوة جمع كل ما ثبت عن الأئمة المتقدمين في موضوع تصحيح الحديث بمجموع الطرق لاستقراء منهجهم و التأصيل الصحيح لهذا الموضوع.
الأخ الكريم البراء - وفقه الله - /
هذا الأمر يتطلبُ دراسةً واسعةً ويحتاجُ لوقتٍ ليُدرس وفقك الله .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-22, 03:22 AM
الأخ الحبيب المُبارك أبو مالك المديني - نفع الله بعلمهِ وأيدهُ بنصرهِ والمؤمنين - /
قولكَ حفظكَ الله تعالى : [ هؤلاء هم أئمة حفاظ قد وصلهم ما تشير إليه لكنهم لا يعبأون بهذه الطرق إذ لا تصح ولا تصلح للاستشهاد عندهم . هذا أولا ] قُلتُ : هُم الأئمةُ الحُفاظُ الثقاتُ الأثباتُ إليهم مرجعُنا نحنُ الصغارُ كثيروا العثراتِ في طريقِ هذا الفنِ وهُم الحملةُ بعد الصحابةِ والتابعين وطبقاتهم ، وهُم الجبالُ الراسياتُ والأمراءُ في الفنِ والصنعةِ والأولى بها وطُوبى والله لمَنْ رُزق ملكةَ فهم مُصطلحاتِهم وألفاظهم في الحديث ومنَاهجهم فليسَّ كُل حُكمٍ عُمم بمُطلق الأحاديثْ ! وليس كُل لفظٍ أطلق على ما ورد مِنْهُم هُو الحُكم بالتعميم ! فحريٌ بنا أن نُبحر في هذا الفن العظيم يا أبا مالك لا أن نُطلق نُعمم حديثهم فنجعلهُ في كُل ما ورد مِنْ طُرق الأحاديث مع الإقرار مِنْكُمْ بأنهُم حكموا عليهِ لما ورد لهُمْ مِنْ طُرقهِ فكيف يستقيمْ .
فكيف حكمت على أنهم لا يعبأون بكُل طُرق الحديث وليس عَنْهُم نصٌ بذلك ؟!
فقُلت أنها لا تصحُ ولا تصلح للإستشهاد وألفاظهم التي وردت عليهم ليست مُطلقةً أبداً في الحديثِ ! وقد حسنهُ الإمام الترمذي رحمه الله تعالى وصحح إسنادهُ الإمام الألباني وصححهُ الحاكمُ إلا أن قولهُ على شرط الشيخين ليس في محلهِ ، فحُكمهم قُلناهُ ونُكررهُ لما ظهر لهم مِنْ طُرق الحديث وليس لما وصل إلينا مِنْ طُرقهِ .
قال ابن الصلاح ابن الصلاح : [ ليس كل ضعيف يزول بمجيئه من وجوه بل ذلك يتفاوت فمنه ضعيف ٍيزيله ذلك بان يكون ضعفه ناشئا من ضعف حفظ راويه مع كونه من اهل الصدق والديانة فاذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر عرفنا انه مما قد حفظه ولم يختل ضبطه له وكذلك اذا كان ضعفه من حيث الارسال زال بنحو ذلك كما في المرسل الذي يرسله امام حافظ اذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر. ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب او كون الحديث شاذا ].
وأغربُ ما رأيتهُ مِنْ فضيلتكُمْ قولكم : [ بل الثقة قد ترد روايته عند التفرد ، وليس كل ثقة ، وكلامي واضح في هذا ، فتعليل أبي حاتم وغيره من الأئمة الحفاظ كالشافعي وأحمد ينصب على هذا فلم يروا أن طلقا ـ وإن كان ثقة ـ لا يحتمل منه التفرد ، وعليه فحديثه هذا لا يصح ] قُلتُ : وهذا خطأٌ منْ سماحتكم أيها الحبيب الغالي فكيف وقولُ الشافعي : [ هذا الحديث ليس بثابت عند أهل الحديث ] فكيف صار قولهُ هُنا حفظك الله إعلالاً بتفرد طلق بن غنام ! وليس في كلام أحمد ما أشرتْ إليه مِنْ إعلالهِ بتفردِ طلق بن غنام إنما قال بالضعف ! وأنت قُلت أن تفرد طلق لا يحتمل ولم تأتِ بالبينةِ على ذلك وهو ثقةٌ وقد أشرنا في حديثنا السابق أن تفرد الثقة مقبولٌ مالم يثبت أنهُ قد خالف وأنْتَ لم تأتِ بمنْ خالفهُ وهذا الواضحُ مِنْ كلام الإمام مُسلم الذي نقلتْ : [ والجهة الأخرى أن يروي نفر من حفاظ الناس حديثاً عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة بإسناد واحد و متن واحد، مجتمعون على روايته في الإسناد و المتن، لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمن حدث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه فيخالفهم في الإسناد أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكى من وصفنا من الحفاظ، فيعلم حينئذ أن الصحيح من الروايتين ما حدث الجماعة من الحفاظ، دون الواحد المنفرد و إن كان حافظاً، على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث، مثل شعبة و سفيان بن عيينة و يحيى بن سعيد و عبدالرحمن بن مهدي و غيرهم من أئمة أهل العلم.و سنذكر من مذاهبهم و أقوالهم في حفظ الحفاظ و خطأ المحدثين في الروايات ما يستدل به على تحقيق ما فسرت لك إن شاء الله ] وهُنا كلامُ الإمام مُسلم - رضي الله عنه - عَنْ الشاذ ولا يكونُ الشاذُ مثل تفردِ الثقةِ برواية حديثْ فإن تفرد الثقة مقبولٌ عِنْدَ أهل العلمِ ما لم يثبت أنهُ خالف ! وأما إعلالهُ بأن طلق قد تفرد برواية الحديث ولم يأتِ أحدٌ مِنْ أصحاب أبي حصين بهِ ! وهذا مما لا أخالفكَ فيهِ بأن يكونَ علةً كأن يحدث الراوي بحديثٍ لم يعرفهُ أحدٌ مِنْ أصحابِ الشيخِ فيكونُ محل التعليل ولكن هل العلةُ قادحةٌ ؟! وقد ذكرهُ الشيخ ماهر بن ياسين الفحل - حفظه الله - في بعض كُتبهِ إلا أني هُنا أرى أن تفرد طلقا مُحتملاً لكونه ثقة وقد تبين لنا حالهُ مِنْ قبل ! فلو كان هذا الراوي ضعيفاً وحدث عَنْ الشيخ مالم يعرفهُ أحدٌ مِنْ أصحابهِ فهُنا يكونُ التعليلُ أما إن كان ثقةً يُحتمل فكيف يُعلُ بهِ ؟! .
- لابد مِنْ قرائن ومُرجحات لمعرفة ما إن كان هذا الثقة يحتملُ تفردهُ ام لا يُحتمل ؟! فما هي القرائنُ التي رجحت لديك عدم تحمل طلق لحفظ الحديثِ وقد ورد هذا الحديثُ مِنْ غير طريقٍ ولهُ شواهدٌ وإن كان في أسانيدها ضعفٌ وليس الضعفُ فيها شديداً أخي الكريم أبو مالك المديني ؟! فما هي القرآئنُ والتي لا يخفى على علمكم أنها الميزانُ في التفردِ ؟!.
وضابطُ معرفة التفردِ وعلتهِ ما قالهُ أبو عمر بن الصلاح - رحمه الله - في علوم الحديث ص89 : [ ويستعان على إدراكها (أي العلة) بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك ] ويقول الدكتور الجديع في تحرير علوم الحديث (2/659) : [ والأصل في تفرد الثقات القبول، لا خلاف بين أهل العلم بالحديث في ذلك، وعلى هذا بنى أصحاب الصحاح كتبهم، وعليه جرى حكم الأئمة في تصحيح أكثر الحديث ، وعلى هذا جرى المبرزون من أئمة الحديث في معرفة علله، كأحمد وابن المديني والبخاري ومسلم، والرازيين، وغيرهم، يحتجون بأفراد الثقات ]أهـ.
وقال كذلك : [ رابعاً: تفرد الصدوق الذي لم يبلغ في الإتقان مبلغ الثقات، كمحمد بن عمرو بن عَلْقَمَة، وعمر بن شعيب، وأسامة بن زيد اللَّيثي، بما لم يروه غيره مطلقاً ، فهذا مقبول بتحقيق ما يُطلب لحسن الحديث ] وقد يُعل الحديث في حال أثبت أن هذا الثقة أو - الصدوق - ليس لهُ عناية بحديث الشيخ ! أو ليس مِنْ اهل الحفظِ والضبطِ ومُتكلمٌ فيه وهذا ليس حاصلاً في طلق بن غنام إذ أنه ثقة تفرد برواية الحديثِ وقد قُلتَّ أين أصحابُ أبي حُصين قُلنا قد تفرد بروايتهِ مُطلقاً ولم يروه أحدٌ مِنْ أصحابِ أبي حصين - رضي الله عنهم - إلا أن روايتهُ تُحتمل لحفظهِ وثقتهِ وليس في حديثهِ ما يُعابْ !
وقولكِ حفظكَ الله : [ فهل الشافعي وأحمد وغيرهما متشددون . ولا سيما أحمد عندما قال : باطل ؟! ] أهـ .
قلتُ : ولابد مِنْ معرفة مناهج المُحدثين فمنهم [ المُعتدل - والمُتشدد - ومُعتدلٌ مع بعض التساهل - ومُعتدلٌ مع بعض التشدد - ومُتساهلٌ ] والإمام أحمد مِنْ المُعتدلين مع بعضٍ مِنْ التساهل ! والإمامُ الشافعيُّ لم يحكم بعلةِ الحديث بتفرد طلقٍ وفقك الله للخير وإنما أعلهُ بالتفردِ أبو حاتم الرازي - رضي الله عنه - وقد سبق أن بينا الأمر ولا حاجة للتكرار .
قُلتَ حفظكَ الله : [قلت : أما تحسين ما تفرد به الصدوق مطلقا ففيه نظر ، وهو مخالف لصنيع أكثر العلما ، وقد سبق أن نقلنا كلام الذهبي في الموقظة ، وقولك نفع الله بك : وكان هذا صنيعُ أبي مالك المديني في رواية طلق بن غنام وهو ثقة ! . فهذا صنيعي أم صنيع أبي حاتم ومن ذكرنا من الأئمة والقول قولهم وهو الصواب ؟!] .
قُلت : وليس معناهُ أن تحسين حديث الصدوقِ يأتي مُطلقاً ! وإستنكارُ الإمام أبو حاتم لتفردِ طلق في محل نظر ولم يأتِ أبي زُرعة الرازي بهذا القول مِنْ عندهِ بل قالهُ الإمام الألباني قبلي وهو ما ظهر لي مِنْ كلام أبي حاتم الرازي .
وقُلتَ أخي أبو مالك المديني : [ لا يقال هذا في حق الحفاظ أهل الصنعة بل يعلمون هذه الطرق ، لكنها لا تغني شيئا عندهم بدليل قول الشافعي وابن الجوزي والله أعلم ] قُلت : غفر الله لي ولك يا أبا مالك لستُ مُتفرداً بهذا الصنيع فقد سبقني بهِ الإمام الألباني - رحمه الله - فهل تظنُ أنهُ قالها تقليلاً مِنْ شأنهم ! حاش وكلا يا عبد الله فإننا ما قلنا هذا إلا لما ظهر لنا وكما سبقنا به الإمام الألباني - رضي الله عنهُ ورحمه - ولهذا فإننا نستنكر عليك أن جعلت كلامنا كأنهُ إساءةً في حق هؤلاء العمالقة الجبال الأثبات الذين حملوا السنة جيلا بعد جيل حتى وصلت إلينا الأن ومن أنا ! .
أما فيما يتعلق في رواية يوسف بن ماهك فلدي بعضُ المُلاحظات :-
- سمِ لنا مَنْ روى عَنْهُمْ يوسف بن ماهك مِنْ التابعين ؟! .
- صنيعُ الإمام البيهقي أن حكم بالإنقطاع لا حكم بجهالة الراوي ! ولمَ لم يحكم بجهالتهِ ؟! .
- فجهالةُ مَنْ حدث عنهُ يوسف بن ماهك إحتمالُ ان يكون صحابياً واردٌ لما أوردتُ لكَ مَن القرآئن التي تُرجحُ أن يكون مَنْ حدث عَنْهُ هو صحابيٌ وهُناك قاعدةٌ تقول إذا ورد الإحتمال بطل الإستدلال وأنت يا شيخ لم يكن لديك دليلٌ ! .
وأكتفي بهذا القدر وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد ونقاشكم هُو الطيبُ طيب الله أنفاسكم .
والله أعلى وأعلم .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-22, 02:01 PM
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-22, 08:07 PM
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-23, 12:12 AM
نرفعهُ في انتظار الأخ الكريم أبو مالك المديني - سددهُ الله - وأسأل الله تعالى أن يكلأهُ بحفظهِ .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-23, 03:02 PM
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .
أبو مالك المديني
2013-04-23, 04:39 PM
جزاك الله خيرا .
أبو مالك المديني
2013-04-23, 04:42 PM
معذرة أخي الحبيب ـ وفقك الله ـ فلقد شغلت الفترة السابقة ، ولم أر كلامك إلا الساعة ، جزاك الله خيرا على اهتمامك ، وبارك الله فيك وفي أمثالك وهدانا وإياك إلى سواء السبيل .
قولك أخي الكريم : فكيف حكمت على أنهم لا يعبأون بكُل طُرق الحديث وليس عَنْهُم نصٌ بذلك
؟!
كيف وابن الجوزي يقول :
لَا يَصِحُّ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ
. وقول أحمد : باطل ، وقول الشافعي ...
وقولك نفع الله بك :
قُلتُ : وهذا خطأٌ منْ سماحتكم أيها الحبيب الغالي فكيف وقولُ الشافعي : [
هذا الحديث ليس بثابت عند أهل الحديث
] فكيف صار قولهُ هُنا حفظك الله إعلالاً بتفرد طلق بن غنام ! وليس في كلام أحمد ما أشرتْ إليه مِنْ إعلالهِ بتفردِ طلق بن غنام إنما قال بالضعف ! وأنت قُلت أن تفرد طلق لا يحتمل ولم تأتِ بالبينةِ على ذلك وهو ثقةٌ..
أولا :جزاك الله خيرا على أدبك الجم .
ثانيا : قول الشافعي وأحمد بعدم ثبوت الحديث ، ولم يبينا لنا هذا ، فإما أن يكون الإعلال منهما بتفرد طلق ، وإما بشريك وقيس وكلاما متكلم فيه ، مع أن كلا منهما متابع ، فالأقرب أن إعلالهما بطلق لتفرده ،
وهذا الذي حمل أبا حاتم على إعلاله الحديث
، وهو من أئمة هذا الشأن ، وأما قولك ـ وفقك الله ـ على عدم إتياني بالبينة في أن طلقا ممن لا يحتمل منه التفرد ، بلى قد أتيت لك بالبينة ، وذلك من خلال ترجمة طلق ـ التي تعلمها ـ أنه ليس بالحافظ ولا بالمكثر بل هو صدوق أو ثقة ، بل قال فيه أبو داود : صالح . وقال عثمان بن أبى شيبة : ثقة صدوق ، لم يكن بالمتبحر فى العلم . نعم وثقه جماعة من أهل العلم ، وهو ثقة ، لا أخالفك في هذا ، لكنه أتى بشيء لم يأت به غيره من تلاميذ شيخه ، فلا يحتمل منه التفرد ، وهذه طريقة أهل العلل كأبي حاتم وغيره كالدارقطني .
وقولك نفع الله بك :
وأما إعلالهُ بأن طلق قد تفرد برواية الحديث ولم يأتِ أحدٌ مِنْ أصحاب أبي حصين بهِ ! وهذا مما لا أخالفكَ فيهِ بأن يكونَ علةً كأن يحدث الراوي بحديثٍ لم يعرفهُ أحدٌ مِنْ أصحابِ الشيخِ فيكونُ محل التعليل ولكن هل العلةُ قادحةٌ ؟! وقد ذكرهُ الشيخ ماهر بن ياسين الفحل - حفظه الله - في بعض كُتبهِ إلا أني هُنا أرى أن تفرد طلقا مُحتملاً لكونه ثقة..
جزاك الله خيرا فأنت قد اختصرت علي الطريق ، إذا كنت لا تخالفني في أنه علة ، لكنها عندك غير قادحة ، فالعلة عندي هنا قادحة ، كما تفضلت بالنقل عن الشيخ ماهر ـ وفقه الله ـ لأن طلقا ممن لا يحتمل منه التفرد .
قولك : - سمِ لنا مَنْ روى عَنْهُمْ يوسف بن ماهك مِنْ التابعين ؟! .
هو أولا من أواسط التابعين يعني أنه يروي عن الصحابة والتابعين وهذا واضح ، ولكن للزيادة ، روى عن التابعين ومنهم : عبد الله بن منبه أخو وهب بن منبه ـ وعبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار ، وهو في طبقته من أواسط التابعين ـ وعبد الله بن عصمة ـ وعبيد بن عمير الليثي وغيرهم .
وقولك أبا زرعة وفقك الله : - صنيعُ الإمام البيهقي أن حكم بالإنقطاع لا حكم بجهالة الراوي ! ولمَ لم يحكم بجهالتهِ ؟! .
- فجهالةُ مَنْ حدث عنهُ يوسف بن ماهك إحتمالُ ان يكون صحابياً واردٌ لما أوردتُ لكَ مَن القرآئن التي تُرجحُ أن يكون مَنْ حدث عَنْهُ هو صحابيٌ وهُناك قاعدةٌ تقول إذا ورد الإحتمال بطل الإستدلال وأنت يا شيخ لم يكن لديك دليلٌ ! .[right]
البيهقي لم يحكم بجهالته (رجل) لأنها واضحة ، وأراد أن يزيد بأنه منقطع وهو ظاهر أيضا لكن له أن يعبر بأحد الأمرين أو كليهما وهذا الذي بينه المزي وغيره، والمنقطع مردود أليس كذلك ؟! هذا والله أعلم .
وإذا كان ذلك كذلك ومع رواية يوسف بن ماهك للصحابة والتابعين ، فيبقى هذا الاحتمال فيبطل به الاستدلال ، وعليه فلا يصح الحديث بهذا ، وأنت ـ وفقك الله ـ لم تأت بقرينة ، بل نقلت أنه يروي عن أم هانيء و...من الصحابة ولم تنقل أنه روى كذلك عن التابعين ممن سميت لك آنفا ، فيبقى أنه مجرد احتمال ، ولقائل أن يقول : روى هنا عن تابعي . ولا نستطيع أن نرده .
وتبقى إشكالية النكارة التي أوردتها عن الشافعي والشنقيطي رحمهما الله ، فيما يتعلق بالمتن ، فمن أخذ حقهممن سلبه منه فليس بخيانة كما قرره العلما .
وأما العلامة الألباني فله كل الاحترام والتقدير فهو محدث زماننا ، فرحمه الله رحمة واسعة ، وهو مسبوق كما تفضلت .
وفي هذا كفاية وغنية ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-23, 05:50 PM
الأخ الكريم أبو مالك المديني - سدد الله خُطاهُ وأيدهُ بنصرهِ - /
لا بأس عليكم أخي الحبيب أبو مالك ما نحنُ إلا مُكملون لبعضنا البعض وكُلٌ مِنْا مرآةُ أخيهِ أيها المُبارك ، فبارك الله تعالى فيك وأحسن إليك وسدد خُطاك وأعاننا وإياك على فهمِ مُصطلحات الأئمةِ وكلامهم بارك الله فيكَّ وأكثر مِنْ أمثالكُمْ .
[ أولاً ] أما قول ابن الجوزي - رحمه الله - [ لا يصحُ مِنْ جميع طُرقهِ ] محلُ نظرٍ لما عُرف عَنْ الإمام - رحمه الله - مِنْ تضعيفِ أحاديثٍ صحاح أخرجها الإمام أحمد في مُسندهِ ، وهذا النص عَنْ ابن الجوزي وفيه - تشدد - رحمه الله تعالى .
[ ثانياً ] أما إحتمالُكَ لقول الإمام الشافعي وأحمد على أنهُ قد يكونُ إعلالاً بتفرد طلق فليس بقائمٍ أبداً لأننا لا نعلمُ عَنْهم ذلك وليس في ما ورد عنهم أن إعلالهم قد يكونُ لتفرد طلق ! ومِنْ الجميل أنك تقول أن قيس وشريك كلاهما مُتابعٌ ولحديثهما شاهدٌ مِنْ غير رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - فلا يُحتمل إعلال الأئمة الباقين للحديث لمجرد تفرد طلق .
[ ثالثاُ ] وأما مَنْ أعل الحديث بتفرد طلق فهو الإمام الثقة الثبت أبو حاتم الرازي - رحمه الله - وإن كان هو مِنْ أئمة العلل وهذا مما لا خلاف فيه ولا إنكار ومَنْ ينُكر أنهُ مِنْ أئمةِ هذا الشأن إلا مَنْ سفه نفسهُ ! ولكن الإمام قد تفرد بقولهِ بإعلال الحديثِ لمُجرد تفرد طلق بن غنام بهِ وقد سبق وأن بينا العلة في ذلك وأنها علةٌ غير قادحة في الحديث لأن الذي يثبت لنا أن إحتمال حفظ طلق للحديث أنهُ جاء مِنْ غير هذا الطريق وكما لا يخفى على شريف علمكم أننا لا نعل إلا بعد ورود القرائن على ذلك والمُرجحات فإن كان ثقةً تفرد برواية حديث وكان ممن لا يحتمل تفردهُ وجاء هذا الحديث مِنْ طرق أخرى فإنها تقوي إحتمال حفظ هذا الثقة للحديث فإحتمل تفردهُ وأما إعتبارك بأن ترجمة طلق هي الحُجة في إثبات أن طلق لا يحتمل هذا الحديث فهذا - محل نظر - إذ أنهُ ثقة وإن لم يكن قد ورد عَنْ أئمةٍ أنهُ حافظٌ ثبتٌ فيما يرويهِ فورود هذا الحديث مِنْ عدةِ طُرقٍ وتعدد مخرجهُ فإنهُ يقوي إحتمال حفظ طلق للحديث وبهِ قلت بأن إسناده حسنٌ أيها الشيخ المُبارك .
[ رابعاً ] أن يكونَ الثقة تفرد بحديث لا يعرفهُ أحدٌ مِنْ تلامذة الشيخ المُلازمين لهُ الثقات الأثبات محلُ علةٍ وأنا لم أختلف أبداً معك في هذا وأنهُ منهج أبي حاتم والدارقطني وغيرهُ وقُلنا أننا نعرفُ تفرد الثقة بين الرد والقبول للمُرجحات التي تُحيطُ بالرواية فمثلهُ مما يُحتمل حديثهُ لثقتهِ وورد هذا الحديث مِنْ عدةِ طُرقٍ ! ومثلُ ما يمكنُ أن يعل لتفردهِ وهو رواية محمد بن عبد الله بن الحسن لحديث بروك الجمل ووتفردهِ برواية الحديث ولم يأتِ باللفظ الذي حدث به إلا مِنْ طريقهِ وهو مُتكلمٌ فيهِ ! فمثلُ هذا نُعل حديثَهُ بتفرده بالرواية لأن مثله لا يحتمل تفردهُ وعدم رواية غير أصحاب مَنْ حدث عنهُ للحديث ومِنْهُمْ الشموس .
[ خامساً ] حدث عَنْ مَنْ في طبقتهِ مِنْ التابعين أحسنتُمْ ولكن هذا لا يُزيلُ إحتماليةَ أن يكون مَنْ حدث عنهُ صحابيٌ لما ورد في تراجم الرجال أن خُصَ ثلاثةٌ مِنْ الصحابة في ذكر ترجمتهِ وأنهُ قد حدث عنهم - وفقك الله - فالاحتمال مازال قائماً لدينا مع محبتي وتقديري لفضيلتكم وسماحتكم ومنكم أنا أتعلم إلي كون الذي حدث عنهُ أحدُ الصحابة ، وقد بنيت إستدلالاتكَ على الإحتمال كما سبق بيانهُ في النقاط السابقة فالحديثُ بمجموع طُرقهِ وشواهدهِ يرتقي لدرجة الحسنِ عندنا ! وإن كان في رواية يوسف بن ماهك علةٌ ورجحنا روايته عَنْ التابعي فتبقى الطُرق مُعضدةً للرواية عَنْ أبي هريرة - رضي الله عنه - فجزاك الله تعالى كل خير ونفع بك وسدد خُطاك وأعاننا وإياكم على الخير شيخنا الكريم ونفع الله بك وأعلى شأنكم على هذا النقاش الطيب المُفيد الذي أشهد أني قد إستفدتُ منهُ كثيراً فوفقك الله تعالى للخير ونفع الله بك . والله أعلم .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-24, 02:16 AM
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .
أبو مالك المديني
2013-04-25, 01:36 PM
نفع الله بك أخي أبا زرعة .
قولك سددك الله :
أما قول ابن الجوزي - رحمه الله - [
لا يصحُ مِنْ جميع طُرقهِ
] محلُ نظرٍ لما عُرف عَنْ الإمام - رحمه الله - مِنْ تضعيفِ أحاديثٍ صحاح أخرجها الإمام أحمد في مُسندهِ ، وهذا النص عَنْ ابن الجوزي وفيه - تشدد - رحمه الله تعالى .
ذكرت لك ذلك في معرض الرد على قولك :
وليس عنهم نص . فأحببت أن أنقل لك النص عن بعضهم ، علما بأن قول الشافعي وأحمد يحتمل أنه بسبب تفرد طلق ، وقد يكون به وغيره أيضا لأن الشافعي يقول لا يثبت عند أهل الحديث ، وأحمد يقول باطل . مما تدلك على أن الحديث عندهم معلول من كل طرقه وبهذا صرح ابن الجوزي فقال ما ذكر آنفا ، وهذا بحمد الله واضح .
وأما الشاهد من غير حديث أبي هريرة فلا يصح كما سبق .
قولك نفع الله بك
: ولكن الإمام قد تفرد بقولهِ بإعلال الحديثِ لمُجرد تفرد طلق بن غنام بهِ وقد سبق وأن بينا العلة في ذلك وأنها علةٌ غير قادحة
هذا لأن أبا حاتم صرح بذلك ، وأما قول غيره ممن حكم على الحديث بالإعلال ولم يصرح بالعلة ، فلعله يعل الحديث بما أعله أبو حاتم لكنه لم يصرح بشيء بل أطلق ، وهذه طريق بعض الحفاظ أحيانا لا يصرح بالعلة ، كما يصنع البخاري كثيرا ، فالبخاري يعل الحديث ولا يصرح بما فيه كأنه يريد أن يفتش الباحث عن علته بنفسه ، فالأمر محتمل لي ولك لكن القرائن أحسبها تدل على قولي والله أعلم .
وقولك
: فإن كان ثقةً تفرد برواية حديث وكان ممن لا يحتمل تفردهُ وجاء هذا الحديث مِنْ طرق أخرى فإنها تقوي إحتمال حفظ هذا الثقة للحديث
مجيئ هذه الطرق الضعيفة قد لا تقوي الحديث إلا وهنا ، وإذا حكمنا على حديث بأنه منكر ـ مثلا ـ فإننا نقول كما قال أحمد : المنكر أبدا منكر . ومعنى قوله رحمه الله ـ كما تعلم وفقك الله لكل خير ـ أن المنكر إذا جاء من طرق ضعيفة ربما تكون خطأ أصلا فلا تزيده إلا نكارة ولا تقوي الحديث ، وعليه فإني أقول : الحديث لا يصح من جميع طرقه كما قاله الأئمة .
وقولك :
فمثلهُ مما يُحتمل حديثهُ لثقتهِ وورد هذا الحديث مِنْ عدةِ طُرقٍ ! ومثلُ ما يمكنُ أن يعل لتفردهِ وهو رواية محمد بن عبد الله بن الحسن لحديث بروك الجمل ووتفردهِ برواية الحديث ولم يأتِ باللفظ الذي حدث به إلا مِنْ طريقهِ وهو مُتكلمٌ فيهِ ! فمثلُ هذا نُعل حديثَهُ بتفرده بالرواية لأن مثله لا يحتمل تفردهُ وعدم رواية غير أصحاب مَنْ حدث عنهُ للحديث ومِنْهُمْ الشموس .
لكني أوردت لك بعض ما استنكر الأئمة من حديث الثقات وكتب العلل مليئة بذلك ، مما استنكره الأئمة كما تعلم بارك الله فيك . ولا بأس أن أنقل لك مثالا ينطبق على ما نحن بصدده من حيث تفرد الثقة بما لم يأت به بقية تلاميذ الشيخ وهو ممن يحتمل منه التفرد وكان من الممكن أن يحكم الحفاظ بأن الروايتين محفوظتان لكن لم يفعلوا .
قال الترمذي في علله الكبير : حدثنا عبد الله بن أبي زياد ، حدثنا أبو الجواب الأحوص بن جواب ، عن عمار بن رزيق ، عن الأعمش ، عن شعبة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين قال أبو عيسى : هذا وهم والأصح شعبة ، عن قتادة ، عن أنس .
قال أبو عيسى : هذا وهم والأصح شعبة , عن قتادة , عن أنَس أهـ
جزم أبو عيسى الترمذي بأنه وهم ، ترى ممن الوهم ؟!
أولا : شيخ الترمذي صدوق ليس من الثقات الكبار المعروفين ، وأبو الجواب الأحوص
صدوق ربما وهم
، وكذا عمار لا بأس به ، فمن المتوقع أن يعل الأئمة الحديث بأقرب رجل إلى الضعف ، لكنهم لم يفعلوا بل جزموا بأن الوهم من الأعمش وهو من كبار الحفاظ ـ كما تعلم ـ ومنهم البزار حيث قال ـ كما في إتحاف المهرة لابن حجر : لا نعلم روى الأعمش عن شعبة غير هذا الحديث ...ومعن قوله : أن الأعمش قد أتى بما لم يأت به المتخصصون بحديث شعبة من تلاميذه ، وكما تعلم بأن الأعمش شيخ شعبة ، لكن هنا وقعت رواية الأكابر عن الأصاغر ، فأتى الأعمش بما لم يأته غيره ممن اعتنى بحديث شعبة فحكم النقاد بوهم الأعمش وليس ممن دونه في الحفظ ، حتى جزم أبو حاتم أيضا بأن الوهم من الأعمش فقال ابن أبي حاتم :
وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ أبُو الجوّابِ ، عن عمّارِ بن رُزيقٍ ، عنِ الأعمشِ ، عن شُعبة ، عن ثابِتٍ ، عن أنسٍ ، قال : صلّيتُ خلف النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وأبِي بكرٍ وعُمر ، فلم يجهرُوا بِ {بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحِيمِ}.
فقال أبِي : هذا خطأٌ ، أخطأ فِيهِ الأعمشُ ، إِنّما هُو شُعبةُ ، عن قتادة ، عن أنسٍ.أهـ( قلت ـ ابن المديني ـ : الحديث ثابت عند البخاري من طريق شعبة عن قتادة عن أنس )
فإذا كان الأعمش قد تفرد عن الشيخ بما لم يأت به بقية التلاميذ ، فطلق أولى بذلك في هذا الموضع حيث انفرد بذكر ما لم يذكره غيره من المهتمين لحديث الشيخ . وتبقى علة المتن قائمة وهي التي نقلناه عن العلماء آنفا وهذا يؤيد أن طلقا أتى بشيء فيه نكارة ولم يتابعه أحد من أصحابه على شيخه وعليه فلا يصح الحديث من جميع طرقه لأنها معلولة كلها ومن حسنها بمجموع طرقه فتلك نظرته والله يؤجرنا جميعا خيرا بفضله ومنه .
ومرة أخرى جزاك الله خيرا كثيرا على أدبك وطيب أخلاقك وأنا أيضا قد أفدت من هذه المشاركة ، كيف لا وهي مع أبي زرعة الرازي .
أبو مالك المديني
2013-04-25, 06:21 PM
في الحقيقة لم أفهم مرادك أخي ولعلك تخاطب بهذا أخانا الفاضل أبا زرعة ، لكني أقول : المتن قد استنكره الأئمة كالشافعي وغيره .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-25, 11:20 PM
الأخ الحبيب أبو مالك المديني - نفع الله بك - /
[ أولاً ] إنهُ لمِنْ محبتي لكُمْ أن أقول أنك تُكرر نفسَّ الكلامِ في كُل مرةٍ - سددك الله - فكلامُنا عَنْ ما نقلهُ ابن الجوزي - رحمه الله - مِنْ تضعيفهِ للحديث بالجُملةِ فإننا علمنا سابقاً أن ابن الجوزي - رحمه الله - قد ضعف أحاديثاً لا يَختلفُ أحداً على صحتها في مُسند الإمام أحمدِ وقال بـ[بوضعها] وتعقبهُ بذلك الإمام ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - وأما ما رويَّ مِنْ غير طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - فتعدد مخارج هذا الحديث يثبت لنا أن طلقاً قد حفظهُ وإن سلمنا مِنْ باب الجدل بضعفِ طُرق الحديث كُلها فإنها تعضدُ بعضها البعض لما فيه مِنْ الضعف الغير شديدٍ مما يستوجبُ على الباحث تركِّ الأخذِ بها أو إتخاذها عضداً يقوى بها الحديث إن لم يكن ضعفها شديداً .
[ ثانيا ] وإن لم يكن أحدٌ ممن نقل عنهم ابن الجوزي - رحمه الله - بإعلال الحديث فنظريتُكَ تبقى إحتمالاً بأن إعلالهم للحديث كان بتفرد طلق بن غنام بهِ وهذا ليس صواباً - سددك الله - لا يخفى صنيعُ الأئمةِ مِنْ تضعيف الأحاديثِ وإِنْ كانتْ علةٌ مثل التفردِ فالأئمةُ على بيانهم لعلةِ الحديثِ بالتفردِ كثير وحسبك بمظانِّ كُتب الغرابةِ والتفردِ ! وقولكَ بأن القرائن تُشيرُ تماما إلي ما ذهبت إليه فلكَّ على خلافِ ما أرى مِنْ بحثيَّ لطُرق الحديثِ وتطريقيَّ لما وردَّ مِنْها ! فلو أردنا أن نُعلَّ الحديثَّ على منهجِ المُتقدمين وأهل هذا الفنِ فلابد مِنْ أن ننظر للقرآئن والمُرجحات التي تُرجحُ كفةَ علةِ الحديث بتفرد طلقٍ بهِ إلا أن كُل القرآئنِ تُشيرُ إلي أن طلقاً قد حفظهُ وقد سبق بيانُ ذلك في الحديثِ .
[ ثالثاً ] أما قولُ بأن مجيء هذه الطُرق الضعيفة لا تزيدُ الحديث إلا وهناً لا أعلمُّ أهُناك مِنْ أئمةِ هذه الصنعةِ قال بهذا القولِ أخي الفاضل أبو مالك ! وأما صنيعُ الإمام أحمد بإطلاقِ لفظِ النكارةِ فقد رجحَ لدينا مِنْ النظر الطَويل في كلام العُلماء والمشيخة في قول الإمام أحمد [ مُنكرٌ ] فإنهُ إذا أطلقها فإنهُ يريدُ بها الغرابة والتفردِ لا النكارة بإصطلاحها في كُتب الإصطلاحْ عند المُتأخرين كالإمام ابن حجر العسقلاني [تفرد الضعيف بالحديث ، مع مخالفة من هو أوثق منه] إلا أن النكارة عِند المُتقدمين أتت على عدة وجوه مِنْها التفرد الذي لم يُتابعهُ عليهِ أحدٌ مِنْ تلامذةِ الشيخ وقال الحافظ في مقدمة الفتح ما نصه :(ص436) " المنكر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له " .
و قال الحافظ ابن الصلاح في مقدمته الشهيرة :(ص80) " بلغنا عن أبي بكر أحمد بن هارون البزديجي الحافظ: أنه الحديث الذي ينفرد به الرجل، ولا يعرف متنه من غير رواته، لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر " قال الشيخ الدكتور ابراهيم اللاحم : [ وفوق ذلك أن النقاد قد صححوا من الأحاديث الغريبة غرابة مطلقة أونسبية شيئا كثيرا ، وفي الصحيحين من ذلك قدر كبير ، وأول حديث في صحيح البخاري ، وآخر حديث فيه هو الغريب المطلق ] ويقولُ : [ والقسم الثاني هم من الثقات ، وهم جماعة يوصف الواحد منهم بلأنه ثقة ، لكن ليس من الحفاظ المتقنين ، وهم مع ذلك متوسطو المعرفة ، أي المعرفة بنقد الحديث ، فلا يؤمن أن يخطيء الواحد منهم ، ولا ينتبه لذلك فهؤلاء يقبل تفرد التابعين منهم عن الصحابة ويتوقف في ما عدا ذلك ] ولعل إستنكاركُمْ للحديثِ مِنْ نكارةٍ في المتنِ فهذهِ حُجةٌ أخرى أوافِقَكُمْ تماماً عليها إذا وردَّ في متن الخبر ما يستنكرُ أو نكارةٌ تُوجبُ الباحث مِنْ خلالها إعلال الحديثِ ! ومن أهم ما يستدل به على خطا المتفرد ما يكون في متن حديثه الذي تفرد به من نكارة ، فإن نكارة المتن قد تدفع الناقد إلى تضعيف الحديث بما لا يوجب ضعفه لولا هذه النكارة ، ومن ذلك تفرد الثقة ) ويستدلُ لنكارة المتنِ جمع ابن القيم قدرا منها في كتابه (المنار المنيف ) .
ثم عن ما ذكره مسلم والذهبي من عمل الأئمة هي ضوابط عامة ، لا يفهم منها أنهم لا يستنكرون الحديث بالتفرد إلا مع وجودها ، إذ هناك أمور دقيقة قد تصاحب التفرد توجب التوقف فيه واستنكار الحديث ، وإن لم تتوفر الضوابط المذكورة ولذا قال ابن رجب ( أكثر الحفاظ المتقدمين يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه : إنه لا يتابع عليه ، ويحعلون ذلك علة فيه ، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات به الثقات الكبار أيضا ، ولهم في كل حديث نقد خاص ، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه ) ومُفادهُ أنهُ ما مِنْ ضابطٍ لتفرداتِ الثقاتِ عِنْد الأئمةِ والسعيُّ خلف القرائنِ والمُرجحات التي تقوي الرواية مِنْ ضعفها ! والذي نعلمهُ أن ورود الحديثِ مِنْ غير هذا الباب مِنْ رواية الصحابة وإن كان فيها ضعفاً تُعضدُ أن طلقاً وإن تفرد برواية الحديث قد حفظهُ ! وإعلم أن الإمام الألباني لم يتطرق لمسألة التفرد والنكارة لتفردِ طلقٍ بن غنام ولم ينظر إليها . والله تعالى أعلى وأعلم .
[ رابعاً ] وأما ما نقلتهُ - سددك الله - فلا أجدُ نفسي أختلفُ أبداً فيه معكَّ إلا أني أرى التعليل بتفردِ طلقٍ ليس محلاً للإعتبارِ كونهُ قد تفردَ بهِ ولو كان تفرده علةً لتنبه لذلك الشيخ الألباني - رحمه الله - بل تعقب أبي حاتم - رضي الله عنهُ - لأعلالهِ الحديث بتفرد طلقٍ ! فالرجلُ ثقةٌ وقد جاء الحديث مِنْ غير طريقٍ يُؤكدُ أن العلةَ ليست في تفردهِ برواية الحديثِ فهي تُعضدهُ وحقيقةً لا أختلفُ أبداً فيما نلقتَّ عَنْ الترمذي في علله مِنْ حديث الأعمش عَنْ شُعبة بما لا يعرفهُ أصحابُ شعبة مِمَنْ عُرف بالعنايةِ بحديثهِ وغايةُ ما أقولهُ أني أحسنُ الحديث لجمُوعِ طُرقهِ كما صنع الإمام الألباني وسبقنا بذلك وكُلٌ مِنْا أعطى ما يرى في المسألةِ وإني لا أختلفُ أبداً معك في تعليل الأفرادِ إلا أني اختلفتُ في إعلال الحديث بتفرد طلق بن غنام . والله أعلم .
نفع الله تعالى بكُمْ وأجزل عليكم المثوبة الحسنة فنقاشُكمْ مِنْ أمتع النقاشات التي أخوضها فجزاك الله تعالى كُل خيرٍ ونفع الله تعالى بكَ وإن أردت أن نتكلم في المتن مِنْ ناحية كَونْ الأئمة يعلون الحديث مِنْ نكارةٍ في المتن فلا مانع لديَّ .
فإن أصبتُ فمن الله وإن أخطأتُ فمن نفسي والشيطان .
أبو مالك المديني
2013-04-26, 01:21 AM
أخي الكريم أبا زرعة جزاك الله خيرا .
قولك :
إنهُ لمِنْ محبتي لكُمْ أن أقول أنك تُكرر نفسَّ الكلامِ في كُل مرةٍ - سددك الله - فكلامُنا عَنْ ما نقلهُ ابن الجوزي -رحمه الله - مِنْ تضعيفهِ للحديث بالجُملةِ فإننا علمنا سابقاً أن ابن الجوزي -
رحمه الله
- قد ضعف أحاديثاً لا يَختلفُ أحداً على صحتها في مُسند الإمام أحمدِ...
أنا لا أكرر الكلام إلا إذا احتاج الأمر للرد على ما لم تتنبه إليه من كلامي أو لأجيب عن شيء قد سألته وقد أجبت عنه في أثناء كلامي فأراك قد تتساءل مرة أخرى ، فأكرر الكلام للتوضيح أوللتأكيد . ثم أنتقل إلى فقرة جديدة . وأراك تفعل هذا تكرر أحيانا وذلك للتوضيح فيما أحسب أيضا .
وقولك :..
قد ضعف أحاديثاً لا يَختلفُ أحداً
على صحتها
في مُسند الإمام أحمدِ...
هذا عجيب منك ـ سددك الله ـ بل الخلاف في كونها موضوعة أم لا ؟ لكن قد تكون ضعيفة وليست صحيحة ، وقد يكون بعضها صحيحا أو حسنا ، والبعض ضعيف ، فتنبه .
وكون ابن الجوزي قد حكم على بعض الأحاديث في المسند أو غيره بالوضع لا يعني أنه يخطيء في كل حكم ، وزد على ذلك أنه لم يحكم على هذا الحديث بأنه موضوع بل قد يذكر الحديث في كتابه الموضوعات وقد تبين له أنه غلط أو خطأ من بعض الرواة وإن لم يتعمد الكذب ، قال شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله :
ولهذا تنازع الحافظ أبو العلاء الهمداني والشيخ أبو الفرج ابن الجوزي : هل في المسند حديث موضوع ؟ فأنكر الحافظ أبو العلاء أن يكون في المسند حديث موضوع وأثبت ذلك أبو الفرج وبين أن فيه أحاديث قد علم أنها باطلة ؛ ولا منافاة بين القولين . فإن الموضوع في اصطلاح أبي الفرج هو الذي قام دليل على أنه باطل وإن كان المحدث به لم يتعمد الكذب بل غلط فيه ولهذا روى في كتابه في الموضوعات أحاديث كثيرة من هذا النوع ....
وقولك وفقك الله
: وأما صنيعُ الإمام أحمد بإطلاقِ لفظِ النكارةِ فقد رجحَ لدينا مِنْ النظر الطَويل في كلام العُلماء والمشيخة في قول الإمام أحمد [
مُنكرٌ
] فإنهُ إذا أطلقها فإنهُ يريدُ بها الغرابة والتفردِ لا النكارة بإصطلاحها في كُتب الإصطلاحْ عند ..
نعم هذا ما أردت ، فأنت قد اتفقت معي على هذا ، وهذا هو المراد الغرابة والتفرد وطلق قد تفرد بهذا الحديث ، واسمح لي أن أقول : أحيانا أراك ـ وفقك الله ـ تقول ما أذكره لك من حيث لا تشعر وتوافقني عليه وهذا من إنصافك بارك الله فيك .
وقولك :
وقال الحافظ في مقدمة الفتح ما نصه :(ص436) "
المنكر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له
" .
هذا ينطبق على طلق فقد تفرد ولا متابع له عن شيخه ،وأما الشواهد الأخرى فهي خطأ وغلط ، وأنت تنقل لي ما يؤيد قولي ، فتدبر . والحافط البرديجي على طريقة المتقدمين من أهل الحديث يعل بما نذكره ، كما يفعل أبو يعلى في الإرشاد أيضا وغيره .
ونقلك عن اللاحم حفظه الله :
فهؤلاء يقبل تفرد التابعين منهم عن الصحابة ويتوقف في ما عدا ذلك ..
فطلق ليس من التابعين فيتوقف فيما تفرد به ـ أي لا يقبل تفرده ـ وأنت تؤيد ما أقوله لك بهذه النقول ـ بارك الله فيك ـ .
وقولك :
أكثر الحفاظ المتقدمين يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه : إنه لا يتابع عليه ، ويحعلون ذلك علة فيه ، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات به الثقات الكبار أيضا ، ولهم في كل حديث نقد خاص ، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه
في الحقيقة أنا أكرر لك شكري فأنت تؤيد ما أقوله بالحرف الواحد ، لأن طلقا ليس كالزهري ، وليس ممن كثر حفظه وعليه فتفرده غير مقبول.
وقولك :
ولو كان تفرده علةً لتنبه لذلك الشيخ الألباني - رحمه الله - بل تعقب أبي حاتم - رضي الله عنهُ - لأعلالهِ الحديث بتفرد طلقٍ ! فالرجلُ ثقةٌ وقد جاء الحديث مِنْ غير طريقٍ يُؤكدُ أن العلةَ ليست في تفردهِ برواية الحديثِ ..
جزاك الله خيرا أخي الحبيب أبا زرعة ، أنت تكرر ما سبق مرة أخرى ، ولا بأس عليك في هذا ، فأنت تريد التوضيح والتأكيد على ما تعتقده .
الشيخ الألباني كغيره من العلماء قد يصيب وقد يخطيء ، وقد يوافق بعض الأئمة ، أو يخالف البعض ، فرحمه الله .
وأخيرا وقد يكون آخرا ، جزاك الله خيرا على كلامك الطيب ، وأدبك العالي ، ودمت في أمان الله ، وهذا ما أعتقده في إعلال الحديث من حيث التفرد والنكارة في المتن ، والله أعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله ، والحمد لله رب العالمين .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-26, 03:09 AM
الأخ أبو مالك المديني - وفقه الله - /
لا أحسبُ نفسي أخالفك في شيءٍ مما أتيتَ أو أتيتُ أنا بهِ - يا رعاك الله - إنما المسألةُ في الحُكم بتفرد طلق بن غنام لحديثنا هذا عَنْ أبي هريرة - رضي الله عنهُ - ولم إختلفتُ معكَ في الحُكم باحتمال طلق لرواية الحديث مِنْ حيث إتيانها مِنْ عدةِ طُرقٍ مما يعضدُ قولنا مِنْ أن طلقاً قد حفظَّ الحديث ! فما أتيتُ بهِ مِنْ النصوص عَنْ العُلماء مما لا أختلفُ أبداً فيهِ معكَّ ولم أنبهِ على أن موطن الخلاف في هذا الموضع إنما في كونه إحتمل الحديث أم لا ! والذي يترجحُ أنهُ احتملهُ لما إحتفت به روايته مِنْ قرائنٍ كونهُ ثقةٌ وجاء حديثهُ مِنْ عدةِ مخارجٍ - وفقك الله - وأظنُكَ قد إستكفيتَّ الكلام مِنْ عندك وأوردتَّ أدلتكَ وفعلتُ بدوري ولا أزيدُ في هذا الأمر أكثر مِنْ ذلك وهو ما أراهُ مِنْ حسن حال الحديثِ والله أعلم .
الخضر بن ادم القرشي
2013-04-26, 03:45 AM
في الحقيقة لم أفهم مرادك أخي ولعلك تخاطب بهذا أخانا الفاضل أبا زرعة ، لكني أقول : المتن قد استنكره الأئمة كالشافعي وغيره .
ردودك عليها العلم والنور أخي,
مجرد ضيق شعرت به لعدم اخذ احكام مثل ابي حاتم على وزن صاحبها والرد عليه بفلان وفلان!
الاخ الحبيب ابو زرعة الرازي: حسب ردودك, مجرد رد ابن حجر على الجوزي يعني بطلان مايقوله الاخير!!
ان كنت تعني كتاب القول المسدد في الذب عن مسند احمد, فإنك إذا تصفحت المسند من مبتداه الى منتهاه, تعلم حقيقة احاديثه صحيحها وضعيفها وباطلها! وتدرك عن يقين وهاء ذلك الكتاب المنسوب لابن حجر وقلة فائدته
مثال: تعلم قولهم في ابن لهيعة مثلا! هل ال 700 حديث ونيف في المسند من طريق ابن لهيعة صحيحة
تعلم قولهم في فائد! هل احاديثه العديدة هناك توضع تحت خانة الصحيح
تعلم قولهم مثلا في محمد بن مصعب الفرقساني! هل احاديثه هناك تستطيع انت ان تقول عنها احاديث صحيحة بيقين واطمئنان!
وهلم جرا
لا يستطاع العلم براحة الجسد ومن لم يكن له فيه مرارة ويكتفي بغيره سيكون تبعا لغيره
قال امامنا ايوب رحمه الله: لا تعرف خطأ شيخك حتى تجالس غيره
وما اعظم ما قال
أبو زُرعة الرازي
2013-04-26, 10:27 AM
الأخ الكريم الخضر بن آدم القرشي - وفقه الله تعالى - /
قال السيوطي في طبقات الحفاظ (1\480): قال الذهبي في التاريخ الكبير: « لا يُوصَفُ ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة، بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه » ، وقد قالَّ رحمه الله : [ أما الحديث فله اطلاع تام على متونه و ليس له فيه ذوق المحدثين و لا نقد الحفاظ المبرزين ] وقال الحافظ ابن حجر : [ و هذا الحديث في صحيح مسلم من هذا الوجه و لم يذكر ابن الجوزي من الصحيح غيره و إنها لغفلة شديدة منه ] فليس لابن الجوزي - رحمه الله - منهج في التعليل المُعتمدِ ولذلكِ قد ذهبنا إلي أن ابن الجوزي إنما علل الأخبار بناءاً لما وصلهُ وحشدهُ مِنْ النصوص عَنْ الأئمة الكبار أرباب هذه الصنعة فمُشاركتك تحتاجُ لتحرير وقراءة وتأني في الحُكم فعلى إمامتهِ ومنزلتهِ الكبيرة في نفسيَّ إلا أن الحق أنه - رضي الله عنه - لهُ بعض الأوهام في التضعيف وليس لهُ منهجٌ في تعليل الأخبار والأحاديث فرحمه الله تعالى ورضي الله عنه .
أبو مالك المديني
2013-04-26, 07:27 PM
الأخ أبو مالك المديني - وفقه الله - /
لا أحسبُ نفسي أخالفك في شيءٍ مما أتيتَ أو أتيتُ أنا بهِ - يا رعاك الله - إنما المسألةُ في الحُكم بتفرد طلق بن غنام لحديثنا هذا عَنْ أبي هريرة - رضي الله عنهُ - ولم إختلفتُ معكَ في الحُكم باحتمال طلق لرواية الحديث مِنْ حيث إتيانها مِنْ عدةِ طُرقٍ مما يعضدُ قولنا مِنْ أن طلقاً قد حفظَّ الحديث ! فما أتيتُ بهِ مِنْ النصوص عَنْ العُلماء مما لا أختلفُ أبداً فيهِ معكَّ ولم أنبهِ على أن موطن الخلاف في هذا الموضع إنما في كونه إحتمل الحديث أم لا ! والذي يترجحُ أنهُ احتملهُ لما إحتفت به روايته مِنْ قرائنٍ كونهُ ثقةٌ وجاء حديثهُ مِنْ عدةِ مخارجٍ - وفقك الله - وأظنُكَ قد إستكفيتَّ الكلام مِنْ عندك وأوردتَّ أدلتكَ وفعلتُ بدوري ولا أزيدُ في هذا الأمر أكثر مِنْ ذلك وهو ما أراهُ مِنْ حسن حال الحديثِ والله أعلم .
أحسن الله إليك أخي الحبيب أبا زرعة ، وجزاك الله خيرا على مشاركاتك النافعة ، ودمت في أمان الله وحفظه ، رزقنا الله وإياك العلم النافع والعلم الصالح .
أبو زُرعة الرازي
2013-04-27, 06:44 AM
الأخ الكريم أبو مالك المديني - وفقه الله - /
ولك بمثل ما دعوتَ لنا وزيادةً أيها المُبارك نفع الله تعالى بنا وبكم وعلمنا العلم النافع ورزقنا فهماً ثاقباً لمُصطلحات الأئمة .
أبو زُرعة الرازي
2013-09-04, 11:32 AM
الأخ الكريم أبو مالك المديني - وفقه الله - /
أعلنُ تَراجعيَّ عَن تَحسين هذا الحَديث ، فالصَوابُ أن طَلقاً بن غَنام ليس ممن يَحتمل تَفردهُ هُنا . والله أعلم.
أبو مالك المديني
2013-09-04, 02:39 PM
بارك الله فيك أخي الحبيب أبا زرعة ، على تواضعك وإنصافك ، وزادك علما وتقى وتواضعا .
قال عمار بن ياسر رضي الله عنه :
ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ : الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ ، وَالْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ .
أخرجه البخاري تعليقا ، ووصله عبد الرزاق والبزار وغيرهما ، وإسناده صحيح .
أبو زُرعة الرازي
2013-09-04, 09:08 PM
بارك الله فيك أخي الحبيب أبا زرعة ، على تواضعك وإنصافك ، وزادك علما وتقى وتواضعا .
قال عمار بن ياسر رضي الله عنه :
ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ : الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ ، وَالْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ .
أخرجه البخاري تعليقا ، ووصله عبد الرزاق والبزار وغيرهما ، وإسناده صحيح .
الأخ الشيخ الحبيب اللبيب / أبو مالك المديني - نفع الله بك - .
وفيكَ بارك الرحمن وأحسن إليك ونفع بكَ ورزقني الله وإياكَ التَواضع والإنصاف ، وزادنا وإياك علماً وتقى وتواضعاً ، أرجوا أن أكون منهم جعلني الله وإياك منهم ! وأما تراجعي فوالله ليس إلا لأنهُ الحق والإنصاف وأما أن يكون تواضعاً فما أبعدني عنه.
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.