أبو مريم السني
2013-04-20, 09:05 PM
الأسس التي تساعد الآباء على تنمية الجانب الأخلاقي في الأبناء
- الأساس الأول: خلق الأدب:
إن عناصر الأدب تحتوي على فروع متعددة وكل فرع منها لا ينقص أهمية عن الآخر. ومن النظر إلى الفروع التالية سنجدها مترابطة ببعضها البعض وهي تعتبر من العناصر المهمة للمعاملة مع الآخرين. عن الحافظ ابن حجر فإن كلمة الأدب مؤخوذة من المأدبة لأنه يدعى إليه (فتح الباري). ومن المتعارف عليه أن الأدب هو عبارة عن حسن المعاشرة والمعاملة مع الآخرين ويعتبر من أولويات التربية الخلقية. فالرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه أهمية كبرى حتى جعل غرسه في الطفل وتعوده عليه ليصبح طبيعة من طبائعه الخلقية. فإذا تهاون الآباء في هذا الأمر فستكون العاقبة شديدة على الطفل والآباء، فعاقبته في الدنيا والآخرة. إن الطفل الذي يكتسب الأدب الصالح يفوز بالتفكير الجيد والعادات الحسنة والعمل الصالح ورضا الله، فأما الطفل الذي يكتسب الأدب السيء يفسد عقله وعاداته وطبعه وعمله وبالتالي يكون قد أغضب الخالق وبذلك ينزل عليه السخط والذل الدائم. قال بعض السلف لابنه: "يابني لأن تتعلم باباً من الأدب، أحب إليَّ من أن تتعلم سبعين باباً من أبواب العلم" وقال أبو زكريا العنبري: "علم بلا أدب كنار بلا حطب، وأدب بلا علم كروح بلا جسم" (عن أدب الإملاء والإستملاء، وكتاب الجامع - للخطيب البغدادي).
أنواع الأدب...
الأول - مع الوالدين:
خطاب الوالدين:
الأب والأم هما المثل الأعلى للأطفال، والطفل بطبيعته يحب التقليد، فكثيراً ما نرى الطفلة تقلد أمها في لباسها أو طفلاً يقلد أباه في جلسته. فكيف لهذا الطفل أن ينشأ على احترام والديه وحسن معاملتهم إن لم يكن هؤلاء الآباء قدوة حسنة له. فعلى المربي التحلي بالخلق الحسن والأدب في معاملته لطفله ليستطيع أن يغرس هذه الصفة بطفله. وعلينا أن نتكلل بالأخلاق الكريمة الصالحة؛ فالصغير ينشأ على ما كان عليه والديه. فإذا كان المربي يتقي الله ويحرص دائماً على الإحسان والتحلي بالصبر والمسؤولية والعلم بشؤون دينه ودنياه فلسوف ينجح في إنشاء طفل صالح الخلق. فعلينا كمربين أن نحترم الطفل ونخاطبه بالأدب لنأمن بمخاطبة أبنائنا لنا بمثلما عوَّدناهم وأنشأناهم عليه.
وقوله تعالى حكاية عن لقمان ﴿يبُنَيَّ﴾ يدل أنه على المربي أن يختار الألفاظ المحببة والمشوقة لدى المتربي، وأن يشعره بأنه يحبه، وأنه لا ينصحه إلا من باب حبه الكثير، وأنه حتى لو تشدد معه فهو كالطبيب المعالج الذي تقتضي مصلحة مريضه أن يقوم باللازم، فالقرآن الكريم استعمل في البداية لفظ﴿يبُنَيَّ﴾الذ ي يدل على نداء المحبة والإشفاق وأن تصغير بني للتحبب ولبيان زيادة الحب والعطف، فعلى المربين والمعلمين أن لا يستعملوا الألفاظ الجارحة، أو حتى الألفاظ العادية، بل أن يتفننوا في استعمال الكلمات الجميلة الراقية التي تدل على الاحترام والمحبة والإشفاق.
وعليناعدم الاكتفاء بسرد الأشياء المجردة عن أدلتها وحكمها وأسبابها فقط، بل اللجوء إلى التعليل والبيان حيث لم يكتف لقمان الحكيم بمجرد النهي، بل بين السبب وأوضح العلة وشرح الحكمة فقال ﴿يلاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ وقال أيضاً ﴿يبُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَآ أَصَابَكَ﴾ ثم علل ذلك بقوله ﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ وقال أيضاً ﴿وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً﴾ ثم بين السبب بقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ وقال ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ﴾ ثم علل ذلك بقوله ﴿إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾. وهذا منهج تربوي قوي، يدل على أنه يخاطب عقول الأولاد ولا يفرض عليهم المعلومات، بل نشرح لهم أسبابها وحكمها، فيكون ذلك أدعى للقبول [لقمان:17-19].
وهنالك ضرورة تعظيم المربي في نفوس المتربين، والنظرة إليهم نظرة تقدير واحترام، وذلك بأن يقدم المربي إلى المتربين بشكل يشعر فيه المتربون والمتعلمون بأن مربيهم له مكانة عظيمة. وهذه النظرة من المتربي إلى المربي لها دور كبير في قبول وصاياه وتقبل نصائحه، واحترام أقواله وآرائه، وهي تقتضي أن تعطي للمربين مكانة لائقة بهم، قوله تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ [لقمان:13] يدل على ضرورة أن يجلس الأب مع ابنه دائماً للوعظ والتوجيه والتربية، وجملة ﴿وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ تدل على الثبوت والدوام والاستقرار. فلا يصح أن يعلو صوت الطفل فوق صوت والديه أو أن يظهر ضيقاً من طلبهما، بل على الوالدين نصح أبنائهم باستعمال الأسلوب المرضي معهم.
النظر إلى الوالدين:
روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا نظر الوالد إلى ولده فسره، كان للولد عتق نسمة، قيل: يا رسول الله، وإن نظر إليه ثلاثمئة وستين نظرة؟ قال: الله أكبر.. » إسناده حسن قاله الهيثمي (8/156). وكل ما أوضحنا سابقاً يبين لنا تعظيم مكانة الوالدين، فعلينا أن نحرص شديد الحرص على تنمية وغرس هذه القيم في أولادنا. ولن نستطيع أن نحقق ذلك إلا إذا كنا قدوة حسنة لهم في معاملتنا مع أبائنا وكبار السن في مجتمعنا. فبغرس أدب احترام الوالدين لدى الطفل نكون قد أعددناه لاحترام أفراد المجتمع كافة.
الثاني: مع العلماء:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد » (الترمذي). ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم: « فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم رجلاً » (الترمذي). فالعلم للإسلام كالحياة للإنسان، فعلينا كمربين أن نرشد أطفالنا إلى أهمية احترام العلماء، سواءً كانوا مدرسين أو شيوخ جامع واتباع الآداب التالية:
- النظر إلى المحدث والانتباه إلى مايسرده عليه، حتى يفهم ما يقال.
- أن لا يتكلم بوجود من هو أكثر منه علماً، وأن لا يجادل المعلم ولا يقاطعه أوينتقده.
روي الطبراني عن أبي أمامة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: « ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم، وإمام مقسط ». فمن هذا الحديث الشريف توجيه للأمة بأهمية التعليم والمعلمين. ومن أجل سنح الفرصة للطفل لتلقي التعليم وتشربه للمعلومات عند بلوغه سن معاشرة العلماء والمدرسين، علينا أن نهيئه للاحترام والأدب مع والديه وأقاربه، وبالتالي أدبه مع المدرسين والعلماء يأتي تلقائياً ونساعده على تلقي العلم بسهولة. فعلى الآباء أن يعرضوا الطفل على أجواء العلماء ومدحهم أمامهم وتعزيز كلمتهم لتأصيل هذه العادة بهم. ولاشك أن الطفل لن يجد صعوبة في احترام مدرسيه أو شيخ المسجد إذا نشأ على احترام كبار السن وتوقيرهم.
الثالث: الاحترام والتوقير:
الإسلام أقام العلاقة بين أفراد المجتمع على دعائم صلبة وهي الحفاظ على روابط الأخوة والنفس والمال والعرض. فالإنسان اجتماعي بفطرته، وعلينا كآباء أن ننمي في أطفالنا احترام شعور الآخرين.
فالطفل يتعلم احترام الآخرين بمجرد ملاحظة والديه أولاً في تعاملهم مع بعضهم، وثانياً مع معاملتهم مع الآخرين. فذلك يصبح شيء طبيعي في حياته ويمتد إلى احترام الآخرين كالجيران والأصدقاء والإخوة وكل من يتعامل معه. وعلى الوالدين متابعة وملاحظة سلوك الطفل وتوجيهه في الأوقات المناسبة وحيثما دعت الحاجة.
قال تعالى: ﴿وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان:18-19].
الرابع: الأدب مع الإخوة:
المؤمنون إخوة، فلا مبرر للحسد والتباغض، وما على الإخوة إلا أن يحافظوا على نعمة الأخوة التي امتن الله بها عليهم ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾ [آل عمران:103]. ومن الآداب الواجبة بين الإخوة التواضع والليونة، فلا يؤذي الأخ أخاه بكلمة قاسية أو يستهزء به، وأن يكون سمحاً معه إذا أخطأ، والبعد عن اللوم والعتاب للحفاظ على المودة والوئام. وعلى الأخ أن ينصر أخاه ويساعده عن رد أذى المعتدين عليه، وبنصحه إذا أخطأ ومساعدته وقت الحاجة.
فبمجرد محافظتنا كآباء على هذه الخصال ومراقبة تصرفات أطفالنا ووعظهم، نكون قد وضعنا المثل العليا لأطفالنا لاتباع خطواتنا، وعلينا أيضاً تشجيع الطفل على إعطاء كل ذي حق حقه من أقارب وإخوان وأصدقاء، ولن يتسنى ذلك إلا إذا نشأ في جو حب ووئام، وكان الوالدان يمطرون بعضهم بعضاً بالرحمة والعطف، وكانت معاملتهم للأقارب معاملة حسنة. فعلينا أن نولِّد حب واحترام الإخوة فيما بينهم، فلا نسمح لأي أخ سواء كان صغيراً أم كبيراً بالسوء لأخيه.
الخامس: الأدب مع الجار:
لقد حثنا القرآن الكريم على حسن معاملة الجار، والرسول صلى الله عليه وسلم أشار وأرشدنا باتباع ذلك أيضاً ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾ [النساء:36].
فللجار حقوق شرعية إسلامية وذلك لتقوية روابط المجتمع المسلم. وحث الرسول على عدم إيذاء الجار ومعاملته بالحسنى. فالمرء يعيش مع جاره أكثر مما يعيش مع أقاربه، يشاهده صباح مساء، لذا وجب علينا أن نحسن معاملة الجار لنعيش في إطمئنان.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: « أتدري ما حق الجار؟ إذا استعانك أعنته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا مرض عدته، وإذا أصابه خير هنأته، وإذا أصابته مصيبة عزيته، وإذا مات اتبعت جنازته، ولاتستطل عليه بالبيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقتارِ ريح قدرك إلا أن تغرف له منها، وإذا اشتريت فاكهة فاهد له، فإذا لم تفعل فأدخلها سراً، ولا يخرج بها ولدك ليغظ بها ولده» (من كتاب الترغيب والترهيب). فهنا يأتي دورنا كمربين بأن ننمِّي أدب احترام الجار في أطفالنا، وأن نحرص على أن لايغيظ الطفل ابن الجار بلعبة أو طعام، وأن نعلمه بحب المشاركة.
السادس: أدب الاستئذان:
الاستئذان من السنة، والأدب الاجتماعي الأخلاقي الذي أمرنا الله عز وجل بأن نتخلق به. وحثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك أيضاً. والاستئذان مطلوب مع أقرب الناس إلينا، فقد روى سعد عن زيد بن أسامة عن عطاء: «أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "أأستئأذن على أمي؟" قال: نعم، فأمر أن يـُـستأذن عليها» (حديث مرسل بإسناد جيد ورد في الموطأ).
ومن بلغ سن الوعي من الأطفال عليهم الاستئذان كذلك، لقوله تعالى ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِن ُواْ كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [النور:59]. وعلى الأطفال الصغار الاستئذان على والديهم ثلاث مرات في اليوم، وذلك في قوله تعالى ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُ مُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَـلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَآءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النور:58].
السابع: أدب الطعام
فترة تناول الطعام تعتبر فترة استمتاع بما أنعم الله علينا، لذا يحسن بنا أن نذكر الله قبل البدء بالطعام فندعوه: "اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار" وأن نتقيد بآداب الطعام التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) يجب أن نغسل أيدينا قبل الطعام وبعده، فالإسلام دين نظافة، وذلك لمنع الجراثيم من الانتقال لنا. فلقد رغَّبنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالنظافة فقال: «بركة الطعام الوضوء قبله وبعده» (أخرجه أبو داود والترمذي).
(2) وعلينا أن نجلس جلسة صحية متواضعة؛ فقد كره الرسول صلى الله عليه وسلم الجلوس على الطعام متكئين، فقال عن جحيفة: «أما أنا لاآكل متكئاً».
(3) ومن الأدب أيضاً أن لا نبدأ بالطعام قبل اكتمال عدد الطاعمين أو انتظار صاحب الدعوة قبل البدء بالطعام، ومن واجب الأخ الاهتمام بأخيه الأصغر منه وقت الطعام.
(4) أن نبدأ طعامنا باسم الله وننهيه بحمد الله: «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين» (أخرجه أبو داود والترمذي).
(5) ومن الأدب الاعتدال في تناول الطعام، أن لا نأكل بنهم ولا نترك المائدة جائعين. ففي الحديث الشريف: «ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه. بحسب ابن آدم لقيمات يقمن به صلبه، فإن لم يفعل، فثلث طعام وثلث شراب نفس»(راواه الترمذي وابن ماجه والنسائي).
الثامن: أدب المظهر:
قال تعالى ﴿يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف:26]. فحكمة اللباس ستر العورة وزينة الإنسان، ولو اجتمع جمال اللباس مع جمال الأخلاق لكان خيراً، فلذلك علينا المراعاة في اللباس والتزام السنة وهو بأن يكون الثوب نظيفاً، فالنظافة من الإسلام، وأن يكون فضفاضاً لا يصف تفاصيل العورة ولا يشف عما تحته وهذه صفات لباس الرجل والمرأة.
كما اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بمظهر الطفل، سواء كان في شعره وحلاقته، أو في لون اللبس وخروجه به. فعلى الوالدان الحرص على مايلبسه الطفل من لباس وإبعاده عن اللبس الذي ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهنالك أحاديث عديدة تحث على ذلك: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبياً قد حلق بعض شعر رأسه، وقد ترك بعضه، فنهاهم عن ذلك، وقال: « احلقوه كله، أو اتركوه كله» (رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري). وبالنسبة لشعر البنت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الواصلة والموصولة».(في الصحيحين عن أسماء رضي الله عنها).
وأما في اللبس فقد وضع الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدة في عدم متابعة الكفار في اللباس، ومنها لباس الحرير للذكور ولبس الثياب ذات الألوان الصارخة. فحبب لبس الثياب البيض دون الملون والإبريسم. فعلى الآباء تعويد أبنائهم منذ الصغر، وإبعادهم عن لبس الحرير والذهب؛ ابتعاداً عن الترف والتكبر. فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» (متفق عليه).
التاسع: أدب الإنصات أثناء تلاوة القرآن:
﴿وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف:204]. من واجبات الوالدين الحرص على تنبيه الطفل لاحترام القرآن وتوضيح هذه الأهمية له والنتائج التي تنجم عن عدم اتباعها، فذلك يساعدهم على فهمه وتقديره ويأهبهم لتعظيم القرآن. ولا نقاش هنا بأن الحزم مع الأبناء في الأمور الشرعية التي لا مجال للتهاون فيها. فبمجرد ملاحظة الطفل إنصات والديه عند قراءة القرآن وتنبيهه على اتباع ذلك سيعي الطفل للإنصات ويكون ملماً بأهمية هذا الأدب.
الأساس الثاني: خلق الصدق:الإسلام احترم الصدق احتراماً شديداً، وشدد على الكذابين بالنكير. فالكذب من علامات النفاق والبعد عن الدين. عن أبي بكرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ -ثلاثا- قلنا: بلى، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس... وكان متكئاً فجلس، وقال: ألا وقول الزور وشاهدة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت!! » (البخاري).
فعلى المربي الصالح الحرص على الصدق في معاملة أولاده، وبذل جهده في تنمية هذه الخصلة الحميدة فيهم. فالصدق في الأقوال يؤدي بصاحبه إلى الصدق في الأعمال. وفي قوله تعالى ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:70-71]. فالكذبة تعتبر كذبة، وليس هنالك كذبة صغيرة أو كذبة كبيرة، ولا كذبة بيضاء. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من قال لصبي: تعال، هاك، ثم لم يعطه فهي كذبة » (أحمد).
الأساس الثالث: خلق كتم الأسرار:الطفل الذي يتعود على كتم الأسرار ينشأ قوي الإرادة وضابط للِّسان، فتنشأ عن ذلك الثقة الاجتماعية بين أفراد المجتمع. فعلينا تعويد الطفل على عدم مناقشة أحوال منزله مع الآخرين كبداية للطفل لتفهم معنى كتم السروعدم الإفشاء بخصوصيات منزله للآخرين.
فالرسول صلى الله عليه وسلم عني بتنشئة الطفل على هذا الخلق لأنه يمثل صلاح الطفل وسلامة الأسرة، وللمحافظة على المجتمع من ترابط وبناء.
الأساس الرابع: خلق الأمانة:
الأمانة تعني الحرص على أداء الواجب كاملاً في العمل، وأن يبذل الإنسان كل سعيه وجهده في إتمامه على أحسن وجه. وفي قوله تعالى ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ [الأحزاب:72].
ولقد اتصف نبينا صلى الله عليه وسلم بالأمانة، وكان يلقب بالأمين. فالأمانة عماد المجتمع الصالح وهي فريضة على المسلمين وعليهم مراعاتها والحفاظ عليها، فالأمة التي لا أمانة فيها هي الأمة الخاسرة، والتي يكثر فيها مظاهر الفساد بلا شك.
« جاء رجل يسأل رسول الله: متى تقوم الساعة؟ فقال له: إذا ضُيِّعَت الأمانة، فانتظر الساعة! فقال: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة » (البخاري).
فعلى الأباء تأصيل هذه الخصلة في أطفالهم، وذلك بمراقبتهم عندما يوكلون إليهم عملاً والحرص على أنهم يتبعون ذلك في دراستهم ومعاملتهم مع أصدقائهم وإخوتهم. قال النووي في الأذكار: "روينا في كتاب ابن السني عن عبدالله بن بسر الصحابي رضي الله عنه قال: بعثتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطف عنب، فأكلت منه قبل أن أبلغه إياه، فلما جئت به، أخذ بأذني، وقال:"غدراً" (النووي - الاذكار).
الأساس الخامس: خلق سلامة الصدر من الحقد:ليس هنالك راحة كراحة النفس والقلب، ولن توجد هذه الراحة إلا إذا خلا القلب من وساوس الحقد والضغينة. فالحقد والخصومة تشل زهرة الإيمان وتفسد الأعمال الصالحة. والإنسان الذي قلبه مليء بالحقد والحسد والبغض، يتميز بالقسوة العناد، وهذا يؤدي إلى هلاكه في الدنيا والآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدق؟ قالوا: بلى! قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هو الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن تحلق الدين ».
وعلى الآباء توضيح مساويء الكراهية والحسد وغيرها من أمراض القلب التي تسبب التفريق والعداوة والبغضاء، وردع الطفل إذا شعر بالحسد والغيرة اتجاه الآخرين، وحثه على لزوم الصفح والعفو عن الإخوان والأصدقاء. ولعلنا إذا رجعنا إلى قصة هابيل وقابيل، فسنرى عواقب الحسد والحقد كيف كانت واضحة وتعتبر مثالاً قيِّماً للطفل وللمربي. ومن هذه القصة نستنتج عاقبة الحسد والبغي، حيث هذا الشعور أهلك ودمر قابيل ودفعه إلى فعل الباطل، وأعماه عن الحق وبالتالي أوقعه في الخسران المبين. فالحسد يأكل الحسنات وليس هنالك من يود أن يخرج من الحياة الدنيا بدون حسنات. ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة:27].
- الأساس الأول: خلق الأدب:
إن عناصر الأدب تحتوي على فروع متعددة وكل فرع منها لا ينقص أهمية عن الآخر. ومن النظر إلى الفروع التالية سنجدها مترابطة ببعضها البعض وهي تعتبر من العناصر المهمة للمعاملة مع الآخرين. عن الحافظ ابن حجر فإن كلمة الأدب مؤخوذة من المأدبة لأنه يدعى إليه (فتح الباري). ومن المتعارف عليه أن الأدب هو عبارة عن حسن المعاشرة والمعاملة مع الآخرين ويعتبر من أولويات التربية الخلقية. فالرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه أهمية كبرى حتى جعل غرسه في الطفل وتعوده عليه ليصبح طبيعة من طبائعه الخلقية. فإذا تهاون الآباء في هذا الأمر فستكون العاقبة شديدة على الطفل والآباء، فعاقبته في الدنيا والآخرة. إن الطفل الذي يكتسب الأدب الصالح يفوز بالتفكير الجيد والعادات الحسنة والعمل الصالح ورضا الله، فأما الطفل الذي يكتسب الأدب السيء يفسد عقله وعاداته وطبعه وعمله وبالتالي يكون قد أغضب الخالق وبذلك ينزل عليه السخط والذل الدائم. قال بعض السلف لابنه: "يابني لأن تتعلم باباً من الأدب، أحب إليَّ من أن تتعلم سبعين باباً من أبواب العلم" وقال أبو زكريا العنبري: "علم بلا أدب كنار بلا حطب، وأدب بلا علم كروح بلا جسم" (عن أدب الإملاء والإستملاء، وكتاب الجامع - للخطيب البغدادي).
أنواع الأدب...
الأول - مع الوالدين:
خطاب الوالدين:
الأب والأم هما المثل الأعلى للأطفال، والطفل بطبيعته يحب التقليد، فكثيراً ما نرى الطفلة تقلد أمها في لباسها أو طفلاً يقلد أباه في جلسته. فكيف لهذا الطفل أن ينشأ على احترام والديه وحسن معاملتهم إن لم يكن هؤلاء الآباء قدوة حسنة له. فعلى المربي التحلي بالخلق الحسن والأدب في معاملته لطفله ليستطيع أن يغرس هذه الصفة بطفله. وعلينا أن نتكلل بالأخلاق الكريمة الصالحة؛ فالصغير ينشأ على ما كان عليه والديه. فإذا كان المربي يتقي الله ويحرص دائماً على الإحسان والتحلي بالصبر والمسؤولية والعلم بشؤون دينه ودنياه فلسوف ينجح في إنشاء طفل صالح الخلق. فعلينا كمربين أن نحترم الطفل ونخاطبه بالأدب لنأمن بمخاطبة أبنائنا لنا بمثلما عوَّدناهم وأنشأناهم عليه.
وقوله تعالى حكاية عن لقمان ﴿يبُنَيَّ﴾ يدل أنه على المربي أن يختار الألفاظ المحببة والمشوقة لدى المتربي، وأن يشعره بأنه يحبه، وأنه لا ينصحه إلا من باب حبه الكثير، وأنه حتى لو تشدد معه فهو كالطبيب المعالج الذي تقتضي مصلحة مريضه أن يقوم باللازم، فالقرآن الكريم استعمل في البداية لفظ﴿يبُنَيَّ﴾الذ ي يدل على نداء المحبة والإشفاق وأن تصغير بني للتحبب ولبيان زيادة الحب والعطف، فعلى المربين والمعلمين أن لا يستعملوا الألفاظ الجارحة، أو حتى الألفاظ العادية، بل أن يتفننوا في استعمال الكلمات الجميلة الراقية التي تدل على الاحترام والمحبة والإشفاق.
وعليناعدم الاكتفاء بسرد الأشياء المجردة عن أدلتها وحكمها وأسبابها فقط، بل اللجوء إلى التعليل والبيان حيث لم يكتف لقمان الحكيم بمجرد النهي، بل بين السبب وأوضح العلة وشرح الحكمة فقال ﴿يلاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ وقال أيضاً ﴿يبُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَآ أَصَابَكَ﴾ ثم علل ذلك بقوله ﴿إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ وقال أيضاً ﴿وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً﴾ ثم بين السبب بقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ وقال ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ﴾ ثم علل ذلك بقوله ﴿إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾. وهذا منهج تربوي قوي، يدل على أنه يخاطب عقول الأولاد ولا يفرض عليهم المعلومات، بل نشرح لهم أسبابها وحكمها، فيكون ذلك أدعى للقبول [لقمان:17-19].
وهنالك ضرورة تعظيم المربي في نفوس المتربين، والنظرة إليهم نظرة تقدير واحترام، وذلك بأن يقدم المربي إلى المتربين بشكل يشعر فيه المتربون والمتعلمون بأن مربيهم له مكانة عظيمة. وهذه النظرة من المتربي إلى المربي لها دور كبير في قبول وصاياه وتقبل نصائحه، واحترام أقواله وآرائه، وهي تقتضي أن تعطي للمربين مكانة لائقة بهم، قوله تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ [لقمان:13] يدل على ضرورة أن يجلس الأب مع ابنه دائماً للوعظ والتوجيه والتربية، وجملة ﴿وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ تدل على الثبوت والدوام والاستقرار. فلا يصح أن يعلو صوت الطفل فوق صوت والديه أو أن يظهر ضيقاً من طلبهما، بل على الوالدين نصح أبنائهم باستعمال الأسلوب المرضي معهم.
النظر إلى الوالدين:
روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا نظر الوالد إلى ولده فسره، كان للولد عتق نسمة، قيل: يا رسول الله، وإن نظر إليه ثلاثمئة وستين نظرة؟ قال: الله أكبر.. » إسناده حسن قاله الهيثمي (8/156). وكل ما أوضحنا سابقاً يبين لنا تعظيم مكانة الوالدين، فعلينا أن نحرص شديد الحرص على تنمية وغرس هذه القيم في أولادنا. ولن نستطيع أن نحقق ذلك إلا إذا كنا قدوة حسنة لهم في معاملتنا مع أبائنا وكبار السن في مجتمعنا. فبغرس أدب احترام الوالدين لدى الطفل نكون قد أعددناه لاحترام أفراد المجتمع كافة.
الثاني: مع العلماء:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد » (الترمذي). ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم: « فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم رجلاً » (الترمذي). فالعلم للإسلام كالحياة للإنسان، فعلينا كمربين أن نرشد أطفالنا إلى أهمية احترام العلماء، سواءً كانوا مدرسين أو شيوخ جامع واتباع الآداب التالية:
- النظر إلى المحدث والانتباه إلى مايسرده عليه، حتى يفهم ما يقال.
- أن لا يتكلم بوجود من هو أكثر منه علماً، وأن لا يجادل المعلم ولا يقاطعه أوينتقده.
روي الطبراني عن أبي أمامة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: « ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم، وإمام مقسط ». فمن هذا الحديث الشريف توجيه للأمة بأهمية التعليم والمعلمين. ومن أجل سنح الفرصة للطفل لتلقي التعليم وتشربه للمعلومات عند بلوغه سن معاشرة العلماء والمدرسين، علينا أن نهيئه للاحترام والأدب مع والديه وأقاربه، وبالتالي أدبه مع المدرسين والعلماء يأتي تلقائياً ونساعده على تلقي العلم بسهولة. فعلى الآباء أن يعرضوا الطفل على أجواء العلماء ومدحهم أمامهم وتعزيز كلمتهم لتأصيل هذه العادة بهم. ولاشك أن الطفل لن يجد صعوبة في احترام مدرسيه أو شيخ المسجد إذا نشأ على احترام كبار السن وتوقيرهم.
الثالث: الاحترام والتوقير:
الإسلام أقام العلاقة بين أفراد المجتمع على دعائم صلبة وهي الحفاظ على روابط الأخوة والنفس والمال والعرض. فالإنسان اجتماعي بفطرته، وعلينا كآباء أن ننمي في أطفالنا احترام شعور الآخرين.
فالطفل يتعلم احترام الآخرين بمجرد ملاحظة والديه أولاً في تعاملهم مع بعضهم، وثانياً مع معاملتهم مع الآخرين. فذلك يصبح شيء طبيعي في حياته ويمتد إلى احترام الآخرين كالجيران والأصدقاء والإخوة وكل من يتعامل معه. وعلى الوالدين متابعة وملاحظة سلوك الطفل وتوجيهه في الأوقات المناسبة وحيثما دعت الحاجة.
قال تعالى: ﴿وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان:18-19].
الرابع: الأدب مع الإخوة:
المؤمنون إخوة، فلا مبرر للحسد والتباغض، وما على الإخوة إلا أن يحافظوا على نعمة الأخوة التي امتن الله بها عليهم ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾ [آل عمران:103]. ومن الآداب الواجبة بين الإخوة التواضع والليونة، فلا يؤذي الأخ أخاه بكلمة قاسية أو يستهزء به، وأن يكون سمحاً معه إذا أخطأ، والبعد عن اللوم والعتاب للحفاظ على المودة والوئام. وعلى الأخ أن ينصر أخاه ويساعده عن رد أذى المعتدين عليه، وبنصحه إذا أخطأ ومساعدته وقت الحاجة.
فبمجرد محافظتنا كآباء على هذه الخصال ومراقبة تصرفات أطفالنا ووعظهم، نكون قد وضعنا المثل العليا لأطفالنا لاتباع خطواتنا، وعلينا أيضاً تشجيع الطفل على إعطاء كل ذي حق حقه من أقارب وإخوان وأصدقاء، ولن يتسنى ذلك إلا إذا نشأ في جو حب ووئام، وكان الوالدان يمطرون بعضهم بعضاً بالرحمة والعطف، وكانت معاملتهم للأقارب معاملة حسنة. فعلينا أن نولِّد حب واحترام الإخوة فيما بينهم، فلا نسمح لأي أخ سواء كان صغيراً أم كبيراً بالسوء لأخيه.
الخامس: الأدب مع الجار:
لقد حثنا القرآن الكريم على حسن معاملة الجار، والرسول صلى الله عليه وسلم أشار وأرشدنا باتباع ذلك أيضاً ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾ [النساء:36].
فللجار حقوق شرعية إسلامية وذلك لتقوية روابط المجتمع المسلم. وحث الرسول على عدم إيذاء الجار ومعاملته بالحسنى. فالمرء يعيش مع جاره أكثر مما يعيش مع أقاربه، يشاهده صباح مساء، لذا وجب علينا أن نحسن معاملة الجار لنعيش في إطمئنان.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: « أتدري ما حق الجار؟ إذا استعانك أعنته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا مرض عدته، وإذا أصابه خير هنأته، وإذا أصابته مصيبة عزيته، وإذا مات اتبعت جنازته، ولاتستطل عليه بالبيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقتارِ ريح قدرك إلا أن تغرف له منها، وإذا اشتريت فاكهة فاهد له، فإذا لم تفعل فأدخلها سراً، ولا يخرج بها ولدك ليغظ بها ولده» (من كتاب الترغيب والترهيب). فهنا يأتي دورنا كمربين بأن ننمِّي أدب احترام الجار في أطفالنا، وأن نحرص على أن لايغيظ الطفل ابن الجار بلعبة أو طعام، وأن نعلمه بحب المشاركة.
السادس: أدب الاستئذان:
الاستئذان من السنة، والأدب الاجتماعي الأخلاقي الذي أمرنا الله عز وجل بأن نتخلق به. وحثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك أيضاً. والاستئذان مطلوب مع أقرب الناس إلينا، فقد روى سعد عن زيد بن أسامة عن عطاء: «أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "أأستئأذن على أمي؟" قال: نعم، فأمر أن يـُـستأذن عليها» (حديث مرسل بإسناد جيد ورد في الموطأ).
ومن بلغ سن الوعي من الأطفال عليهم الاستئذان كذلك، لقوله تعالى ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِن ُواْ كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [النور:59]. وعلى الأطفال الصغار الاستئذان على والديهم ثلاث مرات في اليوم، وذلك في قوله تعالى ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُ مُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَـلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَآءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النور:58].
السابع: أدب الطعام
فترة تناول الطعام تعتبر فترة استمتاع بما أنعم الله علينا، لذا يحسن بنا أن نذكر الله قبل البدء بالطعام فندعوه: "اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار" وأن نتقيد بآداب الطعام التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) يجب أن نغسل أيدينا قبل الطعام وبعده، فالإسلام دين نظافة، وذلك لمنع الجراثيم من الانتقال لنا. فلقد رغَّبنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالنظافة فقال: «بركة الطعام الوضوء قبله وبعده» (أخرجه أبو داود والترمذي).
(2) وعلينا أن نجلس جلسة صحية متواضعة؛ فقد كره الرسول صلى الله عليه وسلم الجلوس على الطعام متكئين، فقال عن جحيفة: «أما أنا لاآكل متكئاً».
(3) ومن الأدب أيضاً أن لا نبدأ بالطعام قبل اكتمال عدد الطاعمين أو انتظار صاحب الدعوة قبل البدء بالطعام، ومن واجب الأخ الاهتمام بأخيه الأصغر منه وقت الطعام.
(4) أن نبدأ طعامنا باسم الله وننهيه بحمد الله: «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين» (أخرجه أبو داود والترمذي).
(5) ومن الأدب الاعتدال في تناول الطعام، أن لا نأكل بنهم ولا نترك المائدة جائعين. ففي الحديث الشريف: «ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه. بحسب ابن آدم لقيمات يقمن به صلبه، فإن لم يفعل، فثلث طعام وثلث شراب نفس»(راواه الترمذي وابن ماجه والنسائي).
الثامن: أدب المظهر:
قال تعالى ﴿يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف:26]. فحكمة اللباس ستر العورة وزينة الإنسان، ولو اجتمع جمال اللباس مع جمال الأخلاق لكان خيراً، فلذلك علينا المراعاة في اللباس والتزام السنة وهو بأن يكون الثوب نظيفاً، فالنظافة من الإسلام، وأن يكون فضفاضاً لا يصف تفاصيل العورة ولا يشف عما تحته وهذه صفات لباس الرجل والمرأة.
كما اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بمظهر الطفل، سواء كان في شعره وحلاقته، أو في لون اللبس وخروجه به. فعلى الوالدان الحرص على مايلبسه الطفل من لباس وإبعاده عن اللبس الذي ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهنالك أحاديث عديدة تحث على ذلك: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبياً قد حلق بعض شعر رأسه، وقد ترك بعضه، فنهاهم عن ذلك، وقال: « احلقوه كله، أو اتركوه كله» (رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري). وبالنسبة لشعر البنت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الواصلة والموصولة».(في الصحيحين عن أسماء رضي الله عنها).
وأما في اللبس فقد وضع الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدة في عدم متابعة الكفار في اللباس، ومنها لباس الحرير للذكور ولبس الثياب ذات الألوان الصارخة. فحبب لبس الثياب البيض دون الملون والإبريسم. فعلى الآباء تعويد أبنائهم منذ الصغر، وإبعادهم عن لبس الحرير والذهب؛ ابتعاداً عن الترف والتكبر. فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» (متفق عليه).
التاسع: أدب الإنصات أثناء تلاوة القرآن:
﴿وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف:204]. من واجبات الوالدين الحرص على تنبيه الطفل لاحترام القرآن وتوضيح هذه الأهمية له والنتائج التي تنجم عن عدم اتباعها، فذلك يساعدهم على فهمه وتقديره ويأهبهم لتعظيم القرآن. ولا نقاش هنا بأن الحزم مع الأبناء في الأمور الشرعية التي لا مجال للتهاون فيها. فبمجرد ملاحظة الطفل إنصات والديه عند قراءة القرآن وتنبيهه على اتباع ذلك سيعي الطفل للإنصات ويكون ملماً بأهمية هذا الأدب.
الأساس الثاني: خلق الصدق:الإسلام احترم الصدق احتراماً شديداً، وشدد على الكذابين بالنكير. فالكذب من علامات النفاق والبعد عن الدين. عن أبي بكرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ -ثلاثا- قلنا: بلى، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس... وكان متكئاً فجلس، وقال: ألا وقول الزور وشاهدة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت!! » (البخاري).
فعلى المربي الصالح الحرص على الصدق في معاملة أولاده، وبذل جهده في تنمية هذه الخصلة الحميدة فيهم. فالصدق في الأقوال يؤدي بصاحبه إلى الصدق في الأعمال. وفي قوله تعالى ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:70-71]. فالكذبة تعتبر كذبة، وليس هنالك كذبة صغيرة أو كذبة كبيرة، ولا كذبة بيضاء. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من قال لصبي: تعال، هاك، ثم لم يعطه فهي كذبة » (أحمد).
الأساس الثالث: خلق كتم الأسرار:الطفل الذي يتعود على كتم الأسرار ينشأ قوي الإرادة وضابط للِّسان، فتنشأ عن ذلك الثقة الاجتماعية بين أفراد المجتمع. فعلينا تعويد الطفل على عدم مناقشة أحوال منزله مع الآخرين كبداية للطفل لتفهم معنى كتم السروعدم الإفشاء بخصوصيات منزله للآخرين.
فالرسول صلى الله عليه وسلم عني بتنشئة الطفل على هذا الخلق لأنه يمثل صلاح الطفل وسلامة الأسرة، وللمحافظة على المجتمع من ترابط وبناء.
الأساس الرابع: خلق الأمانة:
الأمانة تعني الحرص على أداء الواجب كاملاً في العمل، وأن يبذل الإنسان كل سعيه وجهده في إتمامه على أحسن وجه. وفي قوله تعالى ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ [الأحزاب:72].
ولقد اتصف نبينا صلى الله عليه وسلم بالأمانة، وكان يلقب بالأمين. فالأمانة عماد المجتمع الصالح وهي فريضة على المسلمين وعليهم مراعاتها والحفاظ عليها، فالأمة التي لا أمانة فيها هي الأمة الخاسرة، والتي يكثر فيها مظاهر الفساد بلا شك.
« جاء رجل يسأل رسول الله: متى تقوم الساعة؟ فقال له: إذا ضُيِّعَت الأمانة، فانتظر الساعة! فقال: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة » (البخاري).
فعلى الأباء تأصيل هذه الخصلة في أطفالهم، وذلك بمراقبتهم عندما يوكلون إليهم عملاً والحرص على أنهم يتبعون ذلك في دراستهم ومعاملتهم مع أصدقائهم وإخوتهم. قال النووي في الأذكار: "روينا في كتاب ابن السني عن عبدالله بن بسر الصحابي رضي الله عنه قال: بعثتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطف عنب، فأكلت منه قبل أن أبلغه إياه، فلما جئت به، أخذ بأذني، وقال:"غدراً" (النووي - الاذكار).
الأساس الخامس: خلق سلامة الصدر من الحقد:ليس هنالك راحة كراحة النفس والقلب، ولن توجد هذه الراحة إلا إذا خلا القلب من وساوس الحقد والضغينة. فالحقد والخصومة تشل زهرة الإيمان وتفسد الأعمال الصالحة. والإنسان الذي قلبه مليء بالحقد والحسد والبغض، يتميز بالقسوة العناد، وهذا يؤدي إلى هلاكه في الدنيا والآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدق؟ قالوا: بلى! قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هو الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن تحلق الدين ».
وعلى الآباء توضيح مساويء الكراهية والحسد وغيرها من أمراض القلب التي تسبب التفريق والعداوة والبغضاء، وردع الطفل إذا شعر بالحسد والغيرة اتجاه الآخرين، وحثه على لزوم الصفح والعفو عن الإخوان والأصدقاء. ولعلنا إذا رجعنا إلى قصة هابيل وقابيل، فسنرى عواقب الحسد والحقد كيف كانت واضحة وتعتبر مثالاً قيِّماً للطفل وللمربي. ومن هذه القصة نستنتج عاقبة الحسد والبغي، حيث هذا الشعور أهلك ودمر قابيل ودفعه إلى فعل الباطل، وأعماه عن الحق وبالتالي أوقعه في الخسران المبين. فالحسد يأكل الحسنات وليس هنالك من يود أن يخرج من الحياة الدنيا بدون حسنات. ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة:27].