المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسألة: الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.. هل هي محل إجماع؟؟



عبدالعزيز الألمعي
2013-04-17, 08:37 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:

مسألة: الحكم يدور مع علته وجودا وعدما

مثال على المسألة:
1- قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا وُضع العَشاء وأحدكم صائم، فابدؤوا به قبل أن تصلوا)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (فابدؤوا به قبل أن تصلوا المغرب).
الشرح:
إذ ليس يقتضي ذلك حصرًا في المغرب، والجائع قد يكون أتوق إلى الطعام من الصائم، وقد يكون الصائم لا تشوُّف له إلى الطعام والحالة هذه، فينبغي أن يدور الحكم مع العلة وجوداً وعدماً، فحيث أمِنّا التشويش، قدّمت الصلاة، والعكس، فلا يختص ذلك بالمغرب، ولا غيرها.

2- قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله).
الشرح:
مناسبة تقتضي الإباحة؛ أعني: كونهن إماء الله بالنسبة إلى خروجهن إلى مساجد الله، ولهذا كان التعبير بإماء الله أوقع في النفس من التعبير بالنساء لو قيل، وإذا كان مناسباً، أمكنَ أن يكون علة الجواز، فإذا انتفى، انتفى الحكم؛ لأن الحكم يزول بزوال علته.
السؤال :
1- هل الأمثلة متطابقة مع عنوان المسألة: الحكم يدور مع علته وجودا وعدما ؟ أم أنها ألصق بمسألة أخرى كإفادة الدوران العلية أو الطرد والعكس في صحة العلة؟
2- هل الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، مسألة محل اتفاق بين العلماء؟
(سبب السؤال: كنت في نقاش مع أحد الزملاء حول المسألة، فقال: كون الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، هذا محل اتفاق، ولا خلاف فيها)
3- أين أجد مراجع لهذه المسألة إن أمكن؟

محمد طه شعبان
2013-04-17, 06:31 PM
قال ابن القيم - رحمه الله - ((أعلام الموقعين)) 4/ 80 - 82:
((الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وَسَبَبِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَلِهَذَا إذَا عَلَّقَ الشَّارِعُ حُكْمًا بِسَبَبٍ أَوْ عِلَّةٍ زَالَ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِزَوَالِهِمَا كَالْخَمْرِ عُلِّقَ بِهَا حُكْمُ التَّنْجِيسِ وَوُجُوبُ الْحَدِّ لِوَصْفِ الْإِسْكَارِ، فَإِذَا زَالَ عَنْهَا وَصَارَتْ خَلًّا زَالَ الْحُكْمُ، وَكَذَلِكَ وَصْفُ الْفِسْقِ عُلِّقَ عَلَيْهِ الْمَنْعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ، فَإِذَا زَالَ الْوَصْفُ زَالَ الْحُكْمُ الَّذِي عُلِّقَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ السَّفَهُ وَالصِّغَرُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ تَزُولُ الْأَحْكَامُ الْمُعَلَّقَةُ عَلَيْهَا بِزَوَالِهَا، وَالشَّرِيعَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، فَهَكَذَا الْحَالِفُ إذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ لَا يَفْعَلُهُ لِسَبَبٍ فَزَالَ السَّبَبُ لَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَعَلَّقَتْ بِهِ لِذَلِكَ الْوَصْفِ، فَإِذَا زَالَ الْوَصْفُ زَالَ تَعَلُّقُ الْيَمِينِ فَإِذَا دُعِيَ إلَى شَرَابٍ مُسْكِرٍ لِيَشْرَبَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَهُ، فَانْقَلَبَ خَلًّا فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنَّ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْهُ نَظِيرَ مَنْعِ الشَّارِعِ، فَإِذَا زَالَ مَنْعُ الشَّارِعِ بِانْقِلَابِهِ خَلًّا وَجَبَ أَنْ يَزُولَ مَنْعُ نَفْسِهِ بِذَلِكَ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ تَحَكُّمٌ مَحْضٌ لَا وَجْهَ لَهُ؛ فَإِذَا كَانَ التَّحْرِيمُ وَالتَّنْجِيسُ وَوُجُوبُ الْإِرَاقَةِ وَوُجُوبُ الْحَدِّ وَثُبُوتُ الْفِسْقِ قَدْ زَالَ بِزَوَالِ سَبَبِهِ فَمَا الْمُوجِبُ لِبَقَاءِ الْمَنْعِ فِي صُورَةِ الْيَمِينِ وَقَدْ زَالَ سَبَبُهُ؟وَهَلْ يَقْتَضِي مَحْضُ الْفِقْهِ إلَّا زَوَالَ حُكْمِ الْيَمِينِ؟ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْحَالِفَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ شُرْبٍ غَيْرِ الْمُسْكِرِ، وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ، فَإِلْزَامُهُ بِبَقَاءِ " حُكْمِ الْيَمِينِ وَقَدْ زَالَ سَبَبُهَا إلْزَامٌ بِمَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ هُوَ، وَلَا أَلْزَمَهُ بِهِ الشَّارِعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ عَلَى رَجُلٍ أَنْ لَا يَقْبَلَ لَهُ قَوْلًا وَلَا شَهَادَةً لِمَا يَعْلَمُ مِنْ فِسْقِهِ، ثُمَّ تَابَ وَصَارَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ؛ فَإِنَّهُ يَزُولُ حُكْمُ الْمَنْعِ بِالْيَمِينِ كَمَا يَزُولُ حُكْمُ الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ بِالشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ هَذَا الطَّعَامَ أَوْ لَا يَلْبَسَ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ لَا يُكَلِّمَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَلَا يَطَأَهَا لِكَوْنِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، فَمَلَكَ الطَّعَامَ وَالثَّوْبَ وَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ فَأَكَلَ الطَّعَامَ وَلَبِسَ الثَّوْبَ وَوَطِئَ الْمَرْأَةَ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ بِيَمِينِهِ كَالْمَنْعِ بِمَنْعِ الشَّارِعِ، وَمَنْعُ الشَّارِعِ يَزُولُ بِزَوَالِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْمَنْعُ؛ فَكَذَلِكَ مَنْعُ الْحَالِفِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ.
وَكَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ أَنَّهَا تُعْمَلُ فِيهَا الْمَعَاصِي وَتُشْرِبُ الْخَمْرُ؛ فَزَالَ ذَلِكَ وَعَادَتْ مَجْمَعًا لِلصَّالِحِينَ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، أَوْ قَالَ: " لَا أَدْخُلُ هَذَا الْمَكَانَ " لِأَجْلِ مَا رَأَى فِيهِ مِنْ الْمُنْكَرِ، فَصَارَ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تُقَامُ فِيهِ الصَّلَوَاتُ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لِفُلَانٍ طَعَامًا، وَكَانَ سَبَبُ الْيَمِينِ أَنَّهُ يَأْكُلُ الرِّبَا، وَيَأْكُلُ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؛ فَتَابَ وَخَرَجَ مِنْ الْمَظَالِمِ وَصَارَ طَعَامُهُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ أَوْ تِجَارَةٍ مُبَاحَةٍ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ طَعَامِهِ، وَيَزُولُ حُكْمُ مَنْعِ الْيَمِينِ كَمَا يَزُولُ حُكْمُ مَنْعِ الشَّارِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا بَايَعْت فُلَانًا، وَسَبَبُ يَمِينِهِ كَوْنِهِ مُفْلِسًا أَوْ سَفِيهًا؛ فَزَالَ الْإِفْلَاسُ وَالسَّفَهُ؛ فَبَايَعَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَأَضْعَافُ أَضْعَافِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، كَمَا إذَا اُتُّهِمَ بِصُحْبَةِ مُرِيبٍ فَحَلَفَ لَا أُصَاحِبُهُ فَزَالَتْ الرِّيبَةُ وَخَلَفَهَا ضِدُّهَا فَصَاحَبَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ الْمَرِيضُ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا أَوْ طَعَامًا وَسَبَبُ يَمِينِهِ كَوْنُهُ يَزِيدُ فِي مَرَضِهِ فَصَحَّ وَصَارَ الطَّعَامُ نَافِعًا لَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهِ.
وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِمَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، فَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لِوَالٍ أَنْ لَا أُفَارِقَ الْبَلَدَ إلَّا بِإِذْنِك فَعُزِلَ فَفَارَقَ الْبَلَدُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ لَا تَخْرُجِينَ مِنْ بَيْتِي إلَّا بِإِذْنِي، أَوْ عَلَى عَبْدِهِ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ، ثُمَّ طَلَّقَ الزَّوْجَةَ، وَأَعْتَقَ الْعَبْدَ فَخَرَجَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.
قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي: لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ تَنْقُلُ حُكْمَ الْكَلَامِ إلَى نَفْسِهَا، وَهُوَ يَمْلِكُ مَنْعَ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ مَعَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَا دُمْتُمَا فِي مِلْكِي، وَلِأَنَّ السَّبَبَ يَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ فِي الْخُصُوصِ كَدَلَالَتِهِ عَلَيْهَا فِي الْعُمُومِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لِقَاضٍ أَنْ لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْتُهُ إلَيْك فَعُزِلَ لَمْ يَحْنَثْ بِعَدَمِ الرَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَزْلِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لِامْرَأَتِهِ أَلَّا أَبِيتَ خَارِجَ بَيْتِك أَوْ خَارِجَ هَذِهِ الدَّارِ فَمَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا لَمْ يَحْنَثْ إذَا بَاتَ خَارِجَهَا، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ عَلَى ابْنِهِ أَلَّا يَبِيتَ خَارِجَ الْبَيْتِ لِخَوْفِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْفُسَّاقِ؛ لِكَوْنِهِ أَمْرَدَ، فَالْتَحَى وَصَارَ شَيْخًا لَمْ يَحْنَثْ بِمَبِيتِهِ خَارِجَ الدَّارِ)).

محمد طه شعبان
2013-04-17, 06:47 PM
جاء في ((مجموعة الفوائد البهية شرح القواعد الفقهية للسعدي)) (112): (( (الحكم يدور مع علته نفيا وإثباتا، وجودا وعدما)
وقد اتفق عليها الفقهاء، قاله ابن النجار في: "شرح مختصر التحرير"، وبنحوه قال الشاطبي في "الموافقات"، ومثالها: ما جاء في: "الصحيحين" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إنما نهيتكم من أجل الدَّافَّة التي دَفَّت، فكلوا وادخروا وتصدقوا}، والدَّافَّة هم الأعراب الفقراء)).
قلت: غير أهل الظاهر، والله أعلم.

عبدالعزيز الألمعي
2013-04-18, 07:47 AM
هل بالإمكان أن تدلّني على موضعها في شرح مختصر التحرير وكذلك الموافقات ؟؟؟

وشكر الله لكم