المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرثاء اللطيف للشيخ المحدِّث / محمد عمرو عبد اللطيف !



مهند المعتبي
2008-01-22, 04:18 PM
إنَّا للهِ وإنا لله راجِعون .. اللهمَّ اغفرْ له وارحمه ..

أيُّها الأحبَّة : هذه - واللهِ - زفرةٌ من مُحبٍّ غَلَبَ حُبَّه صناعةَ الشِّعر ؛ فالشَّيخ محمد عمرو بالمكان الأسمى ، والمحلِّ الأعلى ...

فتقبَّلوا الشُّعور ..

وللقارئ أن ينقد الصِّناعةَ الشعريَّة بما شاء ؛ فلستُ من أهلِ الشأن - واللهِ - ، ولم أعتد كتابة الشعر كثيراً

لكنَّ حُبَّ الشَّيْخِ أخرجَ بعضَ ما يختلجُ في القلب على صورةِ أبيات !
ولا أخفيكم سراً إن قلتُ أنه لما بلغني الخبر لم تطب نفسي لقراءة الموضوعات العلمية البحثة ؛ حزناً على هذا العَلَم !



يا ( ابنَ عبدِ اللَّطيفِ ) ماذا دهاني ** إذْ سمعتُ النَّبَا ؛ فهزَّ كيَاني



أتُراني أسَأْتُ بالفِعْلِ إذْ لمْ ** أُوْقِفِ الدَّمعَ ؛ فالنَّوى أشْجَاني



لا يُؤَاخِذْ إلـَهُنا بِبُـكَاءٍ ** لَيْسَ سُخْطاً وإنْ مَحَا أجْفاني



عَلِمَ اللهُ أنَّنا قَدْ فُجِعْنا ** ورُزِينا بِمَوْتِ ذي الرُّجْحَانِ



أُشْهِدُ اللهَ لوْ فقدتُ بَنِـيِّيْ ** لرجَوْتُ الثوابَ بالسّلْوانِ



ونَسيتُ المُصَابَ بعدَ ثلاثٍ ** وتَلَهَّيتُ بالمُنَى والأماني



مَوْتُ أَلْفٍ - واللهِ - أَهْوَنُ وَقْعاً ** في فُؤَادي مِنْ مَوتِ ذِي القُرآنِ



مَوْتُ حَبْرٍ عَـزَاءُ كُلِّ غَيُورٍ ** ليسَ يَسْلُو به سوى الشَّيطانِ



أُشْرِبَ القَلْبُ حُبَّكمْ ؛ فهنيئاً ** يا سَلِيلاً لأحمدَ الشَّيباني



وعَليٍّ [1] ، ومُسلمٍ ، والبُخاريْ ** ورفيقاً لناصرِ الألبــَاني



نضَّرَ اللهُ وجهَكُمْ فلأهْلِ الـْ ** عِلْمٍ في سُنَّةِ النَّبيْ العدناني



نُوْرُ وَجْهٍ ، وهَيْبَةٌ ، ووقـارٌ ** حُسْنُ سَمْتٍ ، و رِقَّةٌ في الجَنَان



كُنْتُ بالأمسِ ذاكِراً لخلالٍ ** حازها الفذُّ شَيخُنا الرَّباني



ذاكراً ذاكَ لـ’الطَّرِيفِي [2] فأَثْنَى ** "ذاكَ صِدْقُ الرِّجالِ في الإيمانِ "



إنْ تَشَا أنْ ترى التَّواضُعَ حَقاًّ ** فَاقْرَأَنْ ما يَقُولُ " في الميزانِ " [3]



كُلُّ بَيْتٍ أقُولُه في قَصِيدي ** عَلِـمَ اللهُ نابـعٌ من جَنَاني



ليتَني قدْ شَرُفْتُ قَبْلَ رَحِيلٍ ** بِلقـاءٍ ؛ لتَهنَيأ العيـنَانِ !



ليتَني نِلْتُ قُبْـلةً فِيْ جَبِينٍ ** وَسْمُهُ النُّوْرُ ؛ قُبْـلَةَ التَّحْنَانِ



أسألُ اللهَ سُؤْلَ عَبْدٍ ضَعِيفٍ ** أنْ تَحُطَّ الرِّحَالَ أعلى الجِنَانِ



جَنَّةٍ عَرْضُها السَّماواتُ والأرْضْ ** فهنيئاً بِالرَّوْحِ والرَّيْحـَانِ



ذاكَ فَضْلُ الإلـَـهِ أنْعِمْ بربِّي ** يُكْرِمُ المُتَّقـينَ بِالغُفْـرانِ


رحــمه اللهُ رحمةً واسعةً

____________

[1] عليّ بن المديني .

[2] سبحان الله !

كُنتَ قبل وفاتِه بيومٍ أذكرُ تواضعَ الشيخ محمد عمرو ؛ فأثنى عليه ؛ فجاءَنا الخبرُ فاجعاً للقُلُوب .

[3] قال - رحمه الله - في مقدمة كتابه : [ أحاديث ومرويات في الميزان ] : ( كما أتقدم إلى الجميع ـ ناصحاً ـ أن يتقوا الله عز وجل فيَّ ، ويقدروني قدري ، ويكرروا النظر والتأمل فيما سطرته في تقدمتى للجزء الأول من «تكميل النفع» وفي ص 103 : 105 منه أيضاً .
<b>

والذي استبان لي بيقين أن استعجالي في تصنيف الرسائل والكتب ، والتعليق عليها ، بل ومراجعة بعضها ، هو الذي جرَّ عليَّ أموراً لم تكن في الحسبان ، وتَعَرُّفاً من الكثيرين عَلَيَّ ، بصورة لم تخطر على القلب ، بحيث ارتسم في أذهان الكثيرين تصور غير صادق لحقيقة أمري ومبلغ علمي ، وزادهم اغتراراً بي : إجازةٌ من الشيخ محمد نجيب المطيعي ـ رحمه الله ـ لم أستشرف لها ولم أسع إليها ، ولم أُرِه من نفسي ما يؤهلني لها. إنما هو مجرد توسم للخير فِيَّ من شيخ فاضل لم ألازمه ولم أُطِل صحبته ولا الانتفاع به .

وقد صرت أسمع ألقاباً وأوصافاً لا تنبغي للمتقين ، ولا تليق إلا بالعلماء ـ حقاً وصدقاً ـ من الحفاظ العاملين!

ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل تجاوزه إلى تعليق آمالٍ على المسكين وأنه أهل أن يدرس فقهاً ، أو يلقي محاضرة في قضية عامة ، أو يُطْلَب منه موعد لحل مشكلة زوجية ينبني عليها تقرير مصير!! وجماعة من المتقين من علماء الأمة ـ حقاً وصدقاً ـ كانوا يتحاشون كثيراً من هذه الأمور فلا ينطقون فيها بحرف ، مع الأهلية والكفاءة !
<b>

إن إنساناً ابتُلِي بمعرفة الناس إيَّاه وتمييزه في المعاملة ومبالغتهم في أمره أحياناً إلى درجة الكذب عليه (!) ينبغي أن يُرحم وأن يُعان على تخليص رقبته ، وعلى هوى نفسه وشيطانه ودنياه ، فإن النفوس ـ في هذا الزمان ـ ضعيفة تسارع إليها الفتنة إن لم يتداركها ربها ـ تعالى ـ برحمته فأرجو هؤلاء وأولئك أن يصححوا تصورهم ، وألاَّ يحملوا ما ذكرتُ على تواضع أو غيره ، فإن لكل مقام مقالاً كما قال أبو الطفيل عليه رضوان الله ، وذلك قبل أن يؤاخذني ربي ـ جل وعلا ـ على ما يقولون(1)ويفعلون ويعتقدون ويغالون .

إذ أن المقصد الأسمى عند كل من عرف هذا الرب الجليل ـ تعالى ـ ورضيه رباً وإلهاً ، ورضي محمداً ـ ? ـ نبياً ورسولاً ، وشريعة الإسلام ديناً ومنهجاً هو رضوانه ـ تعالى ـ في الدنيا والآخرة ، ومغفرته للذنوب الأوزار ، وستره عليه في الدنيا والآخرة ، ودخول جنته ، والتزحزح عن ناره وعذابه ، وكل ما سوى ذلك فهو تابع له ، دائر في فلكه .

فعلى كل امرئٍ أن يُقبل على شأنه ويعرض عما لا ينفعه في الدنيا ولا في الآخرة . اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد .

وكتبه :

محمد عمرو بن عبد اللطيف

القاهرة في أوقات متفرقة كان آخرها يوم الثلاثاء الموافق

7 من صفر سنة 1414 هـ ..) ا . هـ .

أبو محمد الطنطاوي
2008-01-22, 09:50 PM
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11391