مشاهدة النسخة كاملة : دروس في شرح مختصر النخبة في علم مصطلح الحديث سهلة وواضحة.
صفاء الدين العراقي
2013-04-04, 02:39 PM
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد..
فهذه دروس ميسرة في علم مصطلح الحديث نشرح فيه متن المختصر من نخبة الفكر للشيخ العلامة عبد الوهاب بن أحمد بن بركات الشافعي رحمه الله أسأل الله أن يتمها على خير وأن ينفع بها إنه سميع مجيب.
( الدرس الأول )
مقدمة
مصطلح الحديث: قواعد يعرف بها حال السند والمتن من حيث القبول والرد.
وفائدته: معرفة المقبول والمردود من الأحاديث.
بمعنى أن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ويتناقلها الناس ليست كلها صحيحة وثابتة عنه بل فيها ما هو كذب صريح، وفيها ما هو مشكوك فيه لا تطمئن النفس إليه، فاحتجنا إلى علم نعرف به المقبول والمردود من الأحاديث فمن أجل ذلك وضع العلماء علم مصطلح الحديث.
ووظيفة هذا العلم بيان حال شيئين:
أولا: حال السند.
ثانيا: حال المتن.
مثال: قال الإمام البخاري: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ).
فالسند هو قول الإمام البخاري: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا سفيان، قال : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي، يقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على المنبر ، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
والمتن هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
فالمتن هو: نفس الحديث، والسند هو: سلسلة الرواة الموصولة إلى المتن، أي رجال الحديث.
فمصطلح الحديث يعطي القواعد التي يتمكن بها من معرفة حال السند: هل هو مقبول أو مردود، ومن معرفة حال المتن: هل هو مقبول أو مردود.
مثال: هنالك قاعدة في هذا العلم تقول: إذا كان في سند راو ضعيف الحفظ فيرد السند.
فنطبق هذه القاعدة على الأحاديث لنعرف حالها.
مثال: قال الإمام البزَّار في مسنده: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: نا كَيْسَانُ أَبُو عُمَرَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلَا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ فَإِنَّ الصَّائِمَ إِذَا يَبِسَتْ شَفَتَاهُ كَانَ لَهُ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).
فلما بحثنا في الكتب التي تبين حال الرواة وجدنا الآتي: قال الحافظ ابن حجر في كتابه تقريب التهذيب: كيسان القصار أبو عمر الفزاري ضعيف.
ومعنى قولهم في فلان ضعيف هو أنه ضعيف حفظه.
فيكون إسناد الحديث ضعيفا، والضعيف من قسم المردود، وبالتالي لا يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ... إلخ.
فتلخص أن مصطلح الحديث هو قواعد يعرف بها حال السند والمتن من حيث القبول والرد، وفائدته معرفة المقبول والمردود من الروايات، لنأخذ المقبول ونترك المردود.
( الأسئلة )
1- في ضوء ما تقدم ما هو المقصود بمصطلح الحديث وما هي فائدته ؟
2- ما المقصود بالسند والمتن ؟
3- اذكر قاعدة من قواعد مصطلح الحديث ؟
( تدريب )
قال الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( آيَةُ الْمُنَافِقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ الْمُؤْمِنِ حُبُّ الْأَنْصَارِ ).
بين السند والمتن ؟
صفاء الدين العراقي
2013-04-06, 05:18 AM
( الدرس الثاني )
تعريف الحديث
قد علمتَ أن مصطلح الحديث هو: قواعد يعرف بها حال السند والمتن من حيث القبول والرد، وأن فائدته هي: معرفة المقبول والمردود من الأحاديث. فلا بد أن نعرف ما هو المقصود بالحديث.
فالحديث هو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
مثال: القول: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) رواه البخاري ومسلم.
ومثال الفعل ما جاء عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ( أَنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ، أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ ) رواه البخاري ومسلم.
ومثال التقرير: ما رواه البخاري ومسلم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: ( كَانَ يُهِلُّ الْمُهِلُّ مِنَّا، فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ مِنَّا، فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ ).
والمعنى أن الصحابة حينما كانوا في حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم ذاهبين من منى إلى عرفة للوقوف هنالك فمنهم من كان يهل أي يرفع صوته بالتلبية قائلا لبيك اللهم لبيك، ومنهم من كان يقطع التلبية ويكبر الله فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أحد من الفريقين فدل على جواز الأمرين.
والمقصود بالتقرير هو: أن يفعل أحد فعلا ويعلم به الرسول صلى الله عليه وسلم فلا ينهه عنه ، فيدل على أنه جائز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقر أحدا على باطل.
وأما الوصف فهو أن يصف الصحابي أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو خِلقته.
مثال الوصف الخُلُقي ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ) رواه البخاري ومسلم. ومثال الوصف الخِلْقِي ما جاء عن الْبَرَاءَ رضي الله عنه قال: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُمْ خَلْقًا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الذَّاهِبِ وَلَا بِالْقَصِيرِ ) رواه البخاري ومسلم. الذاهب: أي المفرط بالطول.
والخبر بمعنى الحديث فهما مترادفان.
فتلخص أن الحديث ومثله الخبر: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هو الحديث ؟
2- ما الفرق بين الوصف الخُلُقي والوصف الخِلْقي ؟
3- مثل بمثال من عندك لحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
( تدريب )
قال الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو الرَّبِيعِ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ( خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللهِ مَا قَالَ لِي: أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟ وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا ).
بين نوع هذا الحديث ؟.
صفاء الدين العراقي
2013-04-10, 10:56 AM
( الدرس الثالث )
تقسيم الحديث إلى متواتر وآحاد
قد علمت أنَّ الحديث هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
وهو ينقسم إلى: متواتر وآحاد.
فالمتواتر هو: الذي رواه جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب، وكان مستندهم الحسّ.
أي هو الحديث الذي نقله جمع من الصحابة رضي الله عنهم إلى الناس الذين لم يروه صلى الله عليه وسلم وهم التابعون، ثم ينقله هؤلاء إلى من بعدهم وهكذا، وحينما ينظر الشخص في هذا الحديث يجد أنه من المستحيل أن يتفق الرواة فيه على الكذب إما لأنهم كثيرون جدا بحيث يؤمن أنهم قد اتفقوا مسبقا على الكذب، أو لصلاحهم وقوة حفظهم أو لتباعد بلدانهم كأن يكون بعضهم في الشام وبعضهم في اليمن مع انتفاء الداعي والمبرر للكذب فيحصل من تلك الأخبار يقين في النفس بصدق هذا الحديث وأن احتمال الكذب أو الخطأ فيه منتفية عادة فهذا هو الحديث المتواتر.
فشروط المتواتر أربعة هي:
1-أن يرويه عدد كثير.
2- أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند.
3- أن يحصل مع تلك الكثرة جزم العقل بانتفاء الكذب أو الخطأ.
4- أن يكون مستندهم فيما أخبروا به هو الحس.
ولنبدأ بتفصيل هذه الشروط:
أولا: أن يروي الحديث عدد كثير، فلو روى الحديثَ واحد فقط أو اثنان فقط أو ثلاثة فقط فهو حديث آحاد وليس بمتواتر، وهنا سؤال وهو: كم هو العدد المطلوب للتواتر ؟ الجواب: هو غير محدد برقم معين بل مدار الأمر فيه على حصول العلم اليقيني بصدق هذا الخبر، فربما كفى 10 رواة في حصول التواتر وربما لم يكف أكثر من ذلك كأن يكون ما رواه هؤلاء أقوى حفظا ودينا ممن هم أكثر منهم عددا فيحصل اليقين بما رواه العشرة ولا يحصل بمن هم أكثر منهم.
فالضابط هو حصول اليقين في النفس متى حصل فقد تم العدد.
ثانيا: أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند، أي في كل حلقة من حلقات السند في طبقة الصحابة وفي طبقة التابعين وفي طبقة تابع التابعين وفي طبقة من بعدهم وهكذا. مثال: لو ورد الحديث هكذا: 100- عن 70- عن 120- عن 3 -عن 20- عن النبي صلى الله عليه وسلم فهل هو متواتر؟
الجواب: لا لأنه توجد طبقة فيها 3 رجال فقط وهم لا يكفون لحصول التواتر فيسمى الحديث حديث آحاد.
ثالثا: أن يحصل مع تلك الكثرة جزم العقل بانتفاء الكذب أو الخطأ، وهذا هو مدار التواتر فمتى لم يحصل مع تلك الكثرة اليقين التام لم يعتبر الحديث متواترا.
مثال: لو ورد الحديث هكذا: 10- عن 16- عن 12- عن 10 -عن 10- عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن بدراسة تلك الأسانيد ومعرفة حال الرواة لم نحصل على قناعة كافية ويقين تام بانتفاء احتمال الكذب أو الخطأ فلا يعد متواترا رغم أنه رواه عدد كثير عن عدد كثير في جميع طبقات السند.
رابعا: أن يكون مستندهم فيما أخبروا به هو الحس، أي أنهم رووا شيئا سمعوه بآذانهم، أو أبصروه بأعينهم فحدثوا به لا أنهم نقلوا رأيا استنبطوه بعقولهم فهذا لا يفيد اليقين، فلا بد أن يكون الصحابة قد سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول كذا أو رأوه يفعل كذا، فحدثوا بما سمعوا أو رأوا.
مثال: جاء في الصحيحين: البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب من نسائه واعتزلهن ففهم كثير من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نسائه وصار هذا الخبر يتناقله جمع من الصحابة، حتى فشا في المدينة، ثم تبين أنه صلى الله عليه وسلم لم يطلق نسائه، وإنما قد فهموا ذلك من القرائن، فمثل هذا الخبر لا يعد متواترا ولا يفيد العلم لأنهم لم يسمعوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطلق نسائه أو يحدثهم بذلك فلم يرجع أصل خبرهم إلى أمر محسوس.
ثم إنَّ المتواتر من الحديث قسمان:
1-المتواتر اللفظي وهو: ما تواتر لفظه ومعناه.
2- المتواتر المعنوي وهو: ما تواتر معناه دون لفظه.
مثال الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم فقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ستين صحابيا، ورواه عنهم جمع كثير بهذا اللفظ.
ومثال الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند الدعاء، فهذا المعنى وردت فيه أحاديث كثيرة جدا ولكنها لم تتفق في لفظها، فمرة ورد أنه يرفع صلى الله عليه وسلم كان يديه في الاستسقاء، ومرة يدعو على الكفار ومرة يدعو ربه في غير ذلك في وقائع مختلفة لكن القدر المشترك بين تلك الروايات هو رفع اليدين في الدعاء فهذا المعنى هو المتواتر.
فالمتواتر المعنوي هو أن ترد أحاديث كثيرة لكل منها لفظها الخاص وظرفها الخاص الذي وردت فيه ولكن يستخلص منها قدر مشترك تتفق عليه الروايات الكثيرة، فحينئذ إذا نظرنا إلى كل حديث على حدة لا نجده متواترا ولكن ذلك القدر المشترك يعتبر متواترا لتحقق شروط التواتر فيه، وهو الذي يوجب العلم اليقيني وينتفي معه احتمال الكذب أو الخطأ.
والتطبيق العملي لمعرفة التواتر هو أن نمسك المتن، ثم نجمع كل الأسانيد التي جاءت بذلك المتن، ثم نبدأ بالصحابة فننظر عددهم في تلك الأسانيد ونكتب الرقم، ثم ننظر في التابعين ونقيد عددهم، ثم ننتقل إلى من بعدهم إلى آخر السند، مع ما يكتنف تلك الأسانيد من معلومات فإن وقع في النفس العلم اليقيني الذي يستحيل معه الكذب والخطأ فهو متواتر.
فتلخص أن المتواتر هو الحديث الذي رواه جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب، وكان مستندهم الحسّ وهو لفظي إن اتفق الرواة فيه على لفظ واحد ومعنوي إن حصل قدر مشترك بين تلك الروايات.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هو الحديث المتواتر ؟
2- ما هي شروط الحديث المتواتر ؟
3- ما هي أقسام الحديث المتواتر ؟
( تدريب 1 )
قال الإمام البخاري: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ).
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: قَالَ الْحُفَّاظُ وَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَا عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَلَا عَنْ عَلْقَمَةَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَلَا عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَعَنْ يَحْيَى انْتَشَرَ فَرَوَاهُ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْ إِنْسَانٍ أَكْثَرُهُمْ أَئِمَّةٌ. اهـ.
هل هذا الحديث متواتر أو آحاد ولم ؟
( تدريب 2 )
وردت أحاديث كثيرة تدل على معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم كتسبيح الحصا في يديه وتسليم الحجر عليه وتكثير الماء بين يديه حتى بلغت مبلغ التواتر .
فما هو الذي تواترت به تلك الأحاديث وأي قسم هو من أقسام المتواتر ؟
صفاء الدين العراقي
2013-04-13, 06:11 AM
( الدرس الرابع )
تقسيم حديث الآحاد
قد علمت أنَّ الحديث ينقسم إلى متواتر، وهو الذي رواه جمع عن جمع يستحيل تواطئهم على الكذب وكان مستندهم الحس، وإلى آحاد.
فالآحاد هو: ما عدا المتواتر.
فالحديث إذا رواه واحد عن واحد، أو اثنان عن اثنين، أو ثلاثة عن ثلاثة، أو أكثر من ثلاثة ولكن لم يصل إلى درجة التواتر فهو آحاد.
وقد قسم العلماء حديث الآحاد بحسب عدد الرواة إلى ثلاثة أقسام:
1-غريب وهو: ما رواه واحد عن واحد.
وكذا إذا رواه جمع ولكن في طبقة من طبقات السند كان هنالك راو واحد فقط فهو غريب.
فلو جاء الحديث: عن 100، عن 1 عن 100 فالحديث غريب لأن الاعتبار يكون للعدد الأقل دائما.
مثال الغريب: حديث إنما الأعمال بالنيات فلم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر. فكان غريبا.
2- عزيز وهو: ما رواه اثنان عن اثنين. وكذا إذا رواه جمع ولكن في طبقة من طبقات السند كان هنالك راويان فقط.
مثاله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ ) رواه الشيخان:البخاري ومسلم.
فهذا الحديث رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم صحابيان هما: ( أبو هريرة وأنس ) رضي الله عنهما.
فحديث أبو هريرة رواه البخاري قال: حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وحديث أنس رواه البخاري أيضا قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ.
فحديث أنس بسبب أن رواته غير رواة حديث أبي هريرة أوجب ذلك كون الخبر عزيزا.
( فكل حديث له إسنادان عن صحابيينِ، وكل صحابي له سلسلة رواة غير سلسلة الآخر؛ فهو عزيز).
3- المشهور وهو: ما رواه ثلاثة فأكثر ولم يبلغ مبلغ التواتر.
مثاله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ ) رواه الشيخان والترمذي وغيرهم.
فهذا الحديث رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة هم: ( عبد الله بن عمرو، وعائشة، وأبو هريرة ) رضي الله عنهم، وكل صحابي له رواته الخاصين به فيكون الحديث مشهورا.
( فكل حديث جاء عن ثلاثة من الصحابة وكل صحابي له سلسلة رواة غير سلسلة الآخر؛ فهو مشهور ).
وهنا سؤالهم وهو كيف يتوصل إلى معرفة أن الحديث عزيز أو مشهور ؟
الجواب: بالنظر في كتب الحديث المتعددة كالبخاري ومسلم وسنن النسائي وأبي داود ومسند أحمد ومستدرك الحاكم ومعجم الطبراني وغيرها فحينما نجد للحديث إسناد آخر يصير عزيزا وإذا وجدنا أكثر من إسناد صار الحديث مشهورا.
فمثلا لو جاء حديث في كتاب من كتب السنة من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا الحديث يبدو لأول وهلة غريبا لأنه رواه واحد عن واحد، فنتنقل بين كتب الحديث فإن لم نجد طريقا آخر بعد استقراء جميع كتب الحديث فحينئذ نحكم بأن الحديث غريب، وإن وجدنا طريقا آخر ولنفرضه أنه جاء من رواية أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ يخرج الحديث من وصف الغرابة، فإن لم نجد غير هذا الطريق الثاني حكمنا بأن الحديث عزيز، وإن وجدنا طريقا آخر ولنفرضه أنه جاء من طريق هشام بن عروة عن عروة بن الزبير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم صار الحديث مشهورا، فإن تعددت الطرق وصارت بحيث يستحيل معها التواطؤ على الكذب صار متواترا.
فتلخص أن الآحاد هو ما ليس بمتواتر، وهو ثلاثة أقسام: غريب، وعزيز، ومشهور.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هو حديث الآحاد ؟
2- إلى كم قسم ينقسم الآحاد ؟
3- عرف كل قسم من أقسام الآحاد ؟
( تدريب )
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: ( قَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ ) رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم ( رِعل وذَكوان ) قبيلتان من قبائل العرب يرجعان إلى بني سُليم. فهذا الحديث رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنس بن مالك- وعبد الله بن عباس- وخُفاف بن إيماء الغِفاري ) ورواه عن أنس ( قَتادة- وأبو مِجلَز- وإسحاق بن عبد الله- وعاصم الأحول ) ورواه عن قتادة عدد، وعن كل رواه عدد كثير.
هذا الحديث من أي قسم من أقسام الآحاد ؟
رضا الحملاوي
2013-04-13, 12:35 PM
جزاكم الله خيرا
أبو عبد الله المصري
2013-04-13, 03:22 PM
جزاكم الله خيرا
صفاء الدين العراقي
2013-04-16, 11:13 AM
( الدرس الخامس )
الغريب المطلق والغريب النسبي
قد علمت أنَّ حديث الآحاد هو: ما ليس بمتواتر، وهو غريب وعزيز ومشهور.
ثم إن لفظ الغريب يطلق عند العلماء على معنيين:
1-الغريب المطلق.
2-الغريب النسبي.
فالغريب المطلق هو: الحديث الذي انفرد بروايته صحابي واحد.
فهو لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من طريق هذا الصحابي، سواء استمر التفرد بعد الصحابي أو انقطع.
فمثلا لو لم يرد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من طريق علي رضي الله عنه فيكون غريبا مطلقا سواء أكان من روى عن علي واحدا فقط أو أكثر من واحد.
مثال: قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ ).
فهذا الحديث غريب مطلق لأنه لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي هريرة رضي الله عنه، وقد استمرت هنا سلسلة الغرابة فلم يروه عن أبي هريرة غير أبي زرعة، ولم يروه عن أبي زرعة غير عمارة بن القعقاع، ولم يروه عن عمارة بن القعقاع غير محمد بن الفضيل، ثم عنه اشتهر الحديث ورواه عنه أناس فيكون الحديث غريبا في أربع طبقات. ويسمى الغريب المطلق بالفرد المطلق أيضا.
والغريب النسبي هو: الحديث الذي انفرد بروايته شخص واحد عن راو معين.
مثل أن يرد الحديث عن أكثر من صحابي فهو ليس بغريب مطلقا ولكن انفرد تابعي واحد بروايته عن أحد الصحابة. فمثلا لو روى أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما حديثا واحدا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يروه عن ابن عمر غير نافع، فيقال هذا غريب نسبي أي هو بالنسبة لابن عمر لم يروه عنه غير واحد لا مطلقا لأن الحديث يعرف من طريق آخر وهو طريق أبي هريرة.
ومثل لو روى أبو هريرة وابن عمر وأنس رضي الله عنهم حديثا واحدا عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه عن ابن عمر شخصان هما نافع وسالم، ثم رواه عن نافع شخص واحد فقط وهو مالك فيقال حينئذ هذا غريب نسبي أي هو بالنسبة لنافع لم يروه عنه غير واحد لا مطلقا لأنه جاء من طريق سالم أيضا. ويسمى الغريب النسبي بالفرد النسبي أيضا. مثال: قال الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ).
فهذا الحديث أخرجه الإمام مسلم من طريق أربعة من الصحابة هم: ( ابن عمر - جابر- أبو موسى الأشعري- أبو هريرة ) رضي الله عنهم فهو حديث مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواه عن كل واحد منهم أكثر من تابعي باستثناء حديث أبي موسى فلم يروه عنه غير ابنه أبي بردة، ولم يروه عن أبي بردة غير حفيده بريد بن عبد الله، ولم يروه عن بريد بن عبد الله غير أبي أسامة ولم يروه عن أبي أسامة غير أبي كريب محمد بن العلاء، فحينئذ نقول هذا غريب نسبي بأربع طبقات.
وقد ظهر لك أن الغرابة النسبية لا تنافي العزة والشهرة، فمتن الحديث نقول فيه هو عزيز أو مشهور بالنظر إلى مجموع أسانيده، فإذا أمسكنا واحدا من تلك الأسانيد على حدة نقول فيه هو غريب من رواية فلان عن فلان.
فتلخص أن الغريب يستعمل بمعنيين: الأول هو: الذي ينفرد بروايته صحابي واحد، ويسمى بالغريب المطلق والفرد المطلق، والثاني هو: الذي انفرد بروايته شخص واحد عن راو معين، ويسمى بالغريب النسبي والفرد النسبي.
( الأسئلة )
1-في ضوء ماتقدم ما هو الغريب المطلق ؟
2- ما هو الغريب النسبي ؟
3- هل تتنافى الغرابة النسبية مع العزة والشهرة ؟
( تدريب )
قال الإمام البخاري: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ). قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: قَالَ الْحُفَّاظُ وَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَا عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَلَا عَنْ عَلْقَمَةَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَلَا عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَعَنْ يَحْيَى انْتَشَرَ فَرَوَاهُ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْ إِنْسَانٍ أَكْثَرُهُمْ أَئِمَّةٌ. اهـ قد علمت أن هذا الحديث غريب فهل هو غريب مطلق أو غريب نسبي ولم ؟ وفي كم طبقة وقعت الغرابة ؟
أبو زُرعة الرازي
2013-04-16, 11:53 AM
أحسنتم كثيراً أخي الحبيب شرحٌ ماتعٌ وكلامٌ طيبٌ بارك الله فيك .
صفاء الدين العراقي
2013-04-17, 10:27 AM
http://majles.alukah.net/imgcache/2013/04/497.jpg
صفاء الدين العراقي
2013-04-17, 10:30 AM
( خلاصة الباب )
مصطلح الحديث هو: قواعد يعرف بها حال المتن والسند من حيث القبول والرد.
وفائدته: معرفة ما يقبل من الأحاديث وما يرد.
والحديث هو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
وينقسم باعتبار وصوله إلينا إلى: متواتر وآحاد.
فالمتواتر هو: الحديث الذي رواه جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب وكان مستندهم الحس.
وينقسم إلى لفظي إن اتفق الرواة فيه على لفظ واحد، ومعنوي إن لم يتفقوا فيه على لفظ واحد.
والآحاد هو: ما ليس بمتواتر.
وينقسم إلى: مشهور وعزيز وغريب.
فالمشهور: ما رواه ثلاثة فأكثر ولم يبلغ مبلغ التواتر.
والعزيز: ما رواه اثنان عن اثنين.
والغريب: ما رواه واحد عن واحد.
وينقسم الغريب إلى مطلق ونسبي.
فالمطلق هو: الذي لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير صحابي واحد.
والنسبي هو: الذي انفرد بروايته شخص واحد عن راو معين.
صفاء الدين العراقي
2013-04-18, 10:23 AM
( تعليقات على النص )
قال الشيخ العلامة: عبدُ الوهَّابِ بنُ أحمدَ بنِ بركاتٍ الشافعيُّ:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:
فَهَذِهِ كَلِمَاتٌ سَمَّيْتُهَا: «الْمُخْتَصَر مِنْ نُخْبَةِ الْفِكَرِ».
الْخَبرُ:إِنْ رَوَاهُ فيِ سَائِرِ طَبَقَاتِهِ جِمْعٌ يَسْتَحِيلُ عَادَةً تَواطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَاسْتَنَدَ إلَى الْحِسِّ؛ فَهُوَ الْمُتَواتِرُ.
وَإِنْ رَوَاهُ أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُ الْمـُتَوَاتِرِ الثَّلَاثَةُ؛ فَهُوَ الْمـَشْهُورُ.
وَإِنْ رَوَاهُ اثْنَانِ؛ فَهُوَ الْعَزِيزُ.
وَإِنْ رَوَاهُ واحِدٌ؛ فَهُوَ الْغَرِيبُ، وَيُقَالُ لَهُ: الْفَرْدُ الْمُطْلَقُ، إِنْ كَانَ التَّفَرُّدُ فيِ أَصْلِ السَّنَدِ؛ وإِلَّا فَهُوَ الْفَرْدُ النِّسْبِيُّ.
وَمَا سِوَى الْمُتَوَاتِرِ؛ آحَادٌ، وَبَعْضُهَا مَقْبُولٌ، وَبَعْضُهَا مَرْدُودٌ.
......................... ......................... ......................... ......................... ......................... ......................... ....
أقول: مؤلف هذه الرسالة هو الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن بركات الشافعي الطنطاوي- نسبة إلى طنطا بلدة في مصر- نزيل مكة من مؤلفاته هذه الرسالة، والتيسير لمريد التفسير توفي في مكة عام 1154 هـ رحمه الله.
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ) المشهور هو البدء بالبسملة فقط، ولكن سار بعض المؤلفين على البدء بالبسملة مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كاستفتاحية ثم يعقبون ذلك بالحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصلاة الأولى المقرونة بالبسملة هي للاستفتاح والصلاة الثانية المقرونة بالحمدلة هي المعتادة التي تقع عقب الحمد.
( أَمَّا بَعْدُ: فَهَذِهِ كَلِمَاتٌ سَمَّيْتُهَا: «الْمُخْتَصَر مِنْ نُخْبَةِ الْفِكَرِ» ) نخبة الفكر كتاب ألفه الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله وقد اختصره المؤلف بعبارة رائقة كي يكون مدخلا للبدء به، ومعنى النخبة في اللغة هو الخلاصة والفِكَر جمع فكرة، فنخبة الفكر = خلاصة الأفكار.
( الْخَبرُ ) وهو بمعنى الحديث ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف ( إِنْ رَوَاهُ فيِ سَائِرِ طَبَقَاتِهِ ) أي في كل طبقاته والطبقة هم جماعة اشتركوا في السن واللقاء بالشيوخ، فمثلا إذا جاء حديث رواه: مالك عن نافع عن ابن عمر، فمالك في طبقة وهنالك من أهل عصره من يقاربه في السن وأخذ معه عن نفس شيوخه، ونافع في طبقة أخرى، وابن عمر رضي الله عنه في طبقة أخرى هي طبقة الصحابة، فالمتواتر لا بد في كل طبقاته وحلقات سنده من الكثرة التي يستحيل معها التواطؤ على الكذب (جِمْعٌ يَسْتَحِيلُ عَادَةً تَواطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَاسْتَنَدَ إلَى الْحِسِّ ) فإن لم يستند إلى الحس بأن كان يستند إلى النظر والفكر العقلي فليس بمتواتر (فَهُوَ الْمُتَواتِر) وهو يفيد العلم اليقيني.
( وَإِنْ رَوَاهُ أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُ الْمـُتَوَاتِرِ الثَّلَاثَةُ؛ فَهُوَ الْمـَشْهُورُ ) أي أن يرويه ثلاثة فأكثر بشرط أن لا يصل إلى حد المتواتر بأن يبلغ كثرة يستحيل معها التواطؤ على الكذب.
(وَإِنْ رَوَاهُ اثْنَانِ؛ فَهُوَ الْعَزِيزُ ) أي لا يرويه أقل من اثنين وإن زاد في بعض الطبقات على الاثنين لأن الحكم للأقل.
(وَإِنْ رَوَاهُ واحِدٌ؛ فَهُوَ الْغَرِيبُ ) أي ولو في بعض طبقاته فلا يضر الزيادة في بعض الطبقات ما دام أنه في طبقة واحدة يوجد راو واحد لا غير.
(وَيُقَالُ لَهُ: الْفَرْدُ الْمُطْلَقُ، إِنْ كَانَ التَّفَرُّدُ فيِ أَصْلِ السَّنَدِ ) هذا تقسيم للغريب إلى غريب مطلق ويسمى بالفرد المطلق أيضا، وإلى غريب نسبي ويسمى بالفرد النسبي أيضا، ويقصد بأصل السند طرفه الذي فيه الصحابي، فإذا جاء الحديث من طريق صحابي واحد فهو غريب مطلق.
(وإِلَّا فَهُوَ الْفَرْدُ النِّسْبِيُّ ) أي وإن لا يكون التفرد في أصل السند فهو الغريب النسبي بأن يكون التفرد قد حصل بالنسبة لراو معين لا مطلقا فيكون الحديث في أصله عزيزا أو مشهورا ولكن بالنسبة لراو معين يقال: لم يروه عنه إلا فلان.
(وَمَا سِوَى الْمُتَوَاتِرِ؛ آحَادٌ، وَبَعْضُهَا مَقْبُولٌ، وَبَعْضُهَا مَرْدُودٌ ) أي كل ما لم يبلغ التواتر فهو آحاد سواء أكان مشهورا أو عزيزا أو غريبا، والمتواتر كله مقبول لأنه يفيد القطع والعلم اليقيني، بينما أحاديث الآحاد فيها المقبول الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها المردود الذي لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
صفاء الدين العراقي
2013-04-20, 10:43 AM
الباب الأول في المرفقات.
أبو زُرعة الرازي
2013-04-20, 06:44 PM
أحسنتم كثيراً أخي الحبيب .
صفاء الدين العراقي
2013-04-27, 04:46 AM
( الدرس السادس)
أسباب ردّ الحديث- الانقطاع
قد علمت أنَّ حديث الآحاد منه ما هو مقبول ومنه ما هو مردود، ونريد أن نبين الأسباب التي من أجلها يرد الحديث.
فمن هذه الأساب عدم اتصال السند.
واتصال السند هو: أن يكون كل راو قد أخذ الحديث ممن فوقه من أول السند إلى منتهاه.
مثال: قال الأمام البخاري: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ).
فهذا السند متصل فالبخاري قد سمع الحديث من مكي، ومكي سمعه من يزيد، ويزيد قد سمعه من سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وسلمة سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون السند متصلا لا يوجد فيه أي انقطاع.
فمعنى عدم اتصال السند هو: وجود انقطاع فيه.
وأنواع انقطاع السند أربعة هي:
1- الـمُرْسَلُ وهو: ما نسبه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
أي هو أن يقول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا، فهذا غير متصل؛ لأن التابعي هو من لقي الصحابي ولم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف عرف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا أو فعل كذا ؟
مثال: روى الإمام عبد الرزاق في كتابه المصنف عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَانَ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ). فعطاء بن أبي رباح تابعي وقد نسب هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يذكر الواسطة التي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ يكون إسناد هذا الحديث ضعيفا لوجود انقطاع في السند إذْ المفروض أن يقول عطاء حدثني فلان من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد....
2- الـمُعَلَّقُ وهو: ما حذف من أول سنده راو فأكثر.
أي هو أن يحذفَ المصنفُ صاحب الكتاب راويا أو أكثر من بداية السند بأن يحذف شيخه فقط، أو شيخه وشيخ شيخه، وقد يحذف السند كله ويقول مباشرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا.
مثال: قال الإمام الترمذي في سننه: وَيُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (فِي الأُضْحِيَّةِ لِصَاحِبِهَا بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ ) فهنا المصنف وهو الترمذي حذف السند كله وذكر الحديث مباشرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3- الـمُعْضَلُ وهو: ما سقط من سنده راويان فأكثر على التوالي.
مثال: قال الدارمي في سننه: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا، أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ ).
هذا حديث معضل لأن عبيد الله بن أبي جعفر من أتباع التابعين توفي سنة 136 هـ فأدنى ما يكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم واسطتان أي يكون هكذا: عبيد الله بن أبي جعفر- عن فلان- عن فلان- عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو مردود لوجود انقطاع شديد في سنده.
4- الـمُنْقَطِعُ وهو: ما سقط من سنده راو فأكثر من غير توال وكان السقط في أثناء السند.
أي أن المنقطع هو الذي حصل في سنده سقط مما لا يشمله اسم المرسل والمعلق والمعضل.
ومعنى أثناء السند أي ما ليس في أوله فيكون معلقا أو آخره فيكون مرسلا.
مثال: أخرج الإمام أبو داود قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ).
أبو مِجْلَز واسمه لاحق بن حميد البصري تابعي لكنه لم يدرك حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فيكون الحديث منقطعا وقد سقط من السند رجل بين أبي مجلز وحذيفة ، وكما ترى أن هذه الصورة لا ينطبق عليها اسم المرسل لأن التابعيَّ أبا مجلز لم ينسب الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، ولا ينطبق عليها اسم المعلق لأنه لم يسقط رجل في أول السند من جهة المصنف أبي داود، ولا ينطبق عليها اسم المعضل لعدم حذف رجلين على التوالي.
وإذا أردنا أن نقرب الأنواع السابقة نفرض أن بين المصنف وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة رواة وننظر كيف يتصور الانقطاع:
1-المصنف-؟- 2- 3 - النبي صلى الله عليه وسلم ( معلق ).
2- المصنف-1- ؟- 3 - النبي صلى الله عليه وسلم ( منقطع ).
3- المصنف-1- 2- ؟ - النبي صلى الله عليه وسلم ( مرسل ).
4- المصنف-؟- ؟- 3 - النبي صلى الله عليه وسلم ( معلق ومعضل). فهذه صورة اجتماع لهما.
5-المصنف-1- ؟- ؟ - النبي صلى الله عليه وسلم ( معضل ). ولا يكون مرسلا لأن المرسل ما سقط منه الصحابي فقط.
6- المصنف-؟- 2- ؟ - النبي صلى الله عليه وسلم ( معلق ). ولا يكون مرسلا لأن المرسل ما سقط منه الصحابي فقط.
7- المصنف-؟- ؟- ؟ - النبي صلى الله عليه وسلم ( معلق ومعضل ).
وأما إذا ورد السند هكذا: المصنف-1- 2- 3 - النبي صلى الله عليه وسلم فـهو ( متصل ).
وهذه قاعدة: ( متى وجد انقطاع في سند يرد ذلك السند ).
فتلخص أنه يشترط في قبول الحديث اتصال سنده فإن لم يكن متصلا بأن كان مرسلا أو معلقا أو معضلا أو منقطعا فهو مردود.
( الأسئلة )
1- في ضوء ما تقدم ما هو المرسل ؟
2- ما هو المنقطع ؟
3- ما هو المعلق والمعضل ومتى يجتمعان ومتى يفترقان ؟
( تدريب )
عين نوع الانقطاع في الأسانيد التالية:
1- قال الإمام البخاري في صحيحه: وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ- أي نسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ) .
2- قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نُمَيْرِ بْنِ عَرِيبٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الغَنِيمَةُ البَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ ).
قال الإمام الترمذي: عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اهـ .
3- قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ:{وَلِلّ َهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ «فَسَكَتَ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: (لَا، وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ , لَوَجَبَتْ )، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
قال الإمام الترمذي: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا ( هو الإمام البخاري ) يَقُولُ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا.اهـ.
4- قال الإمام الدارمي في سننه: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ، وَإِضَاعَتُهُ، أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ غَيْرَ أَهْلِهِ).
قال الإمام الترمذي في سننه: وَيُقَالُ: لَمْ يَسْمَعِ الْأَعْمَشُ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَلَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ نَظَرَ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَأَيْتُهُ يُصَلِّي.اهـ
صفاء الدين العراقي
2013-04-30, 01:57 PM
( الدرس السابع)
الانقطاع الخفي
قد علمت أنَّ من أسباب رد الحديث هو عدم اتصال السند، وأنه يشمل أربعة أنواع: المرسل والمعلق والمعضل والمنقطع.
فهذه الأنواع تندرج تحت قسم الانقطاع الظاهر وهو: الذي يكون مكشوفا للناظر في السند لا يخفى عليه.
وهنالك قسم آخر يسمى بالانقطاع الخفي وهو لا يدرك بسهولة بل يبدو للناظر من أول وهلة أنه متصل مع أنه ليس كذلك وهو يشمل نوعين:
1-الـمُدَلَّسُ. 2- الـمُرسَلُ الخفيُّ.
ولنبدأ بالأول فالتدليس هو: أن يروى الراوي عمن سمع منه حديثا لم يسمعه منه بصيغة موهمة للسماع.
وهذا كلام يحتاج لتوضيح فنقول: إذا قال زيد حدثني عمرو أو أخبرني أو سمعته يقول كذا فالمعنى فيها واحد وهو أن زيدا قد سمع عمرا يقول كذا فنقل عنه كلامه، فهذه الصيغ ( حدثني وأخبرني وسمعت ) صريحة في سماع بعض الرواة من بعض وتدل على اتصال السند.
ولكن هنالك بعض الرواة- سامحهم الله- لجئوا إلى طريقة ملتوية وهي أن يروي عن شيخه بعض الأحاديث التي لم يسمعها منه بل سمعها من غيره ثم لا يذكر ذلك الغير في السند بل يذكر شيخه ليوهم الناس أنه قد سمع ذلك الحديث من شيخه وهو لم يسمعه.
مثل: أن يسمع زيد من عمرو بعض الأحاديث، فيقول سمعت عمرا يقول كذا فهذا صريح في السماع ولا إشكال فيه، وأحيانا يسمع زيد من بكر يحدثه حديثا عن عمرو، فيأتي زيد ويحذف من السند بكرا ويجعله عن عمرو فهذا هو التدليس.
أي أن السند المفروض أن يكون هكذا: قال زيد: حدثني بكر قال: حدثني عمرو، ولكنّ زيدا أسقط بكرا وقال عن عمرو. فيأتي الناظر فيظن أن زيدا قد سمع هذا الحديث من عمرو وهو لم يسمعه منه في الواقع بل سمعه عنه بواسطة بكر.
والتدليس له أغراض متعددة فأحيانا يسقط المدلس الواسطة لأنه صغير في السن فيستحي أن يذكره كشيخ له وأحيانا يسقطه لأنه ضعيف الحفظ مثلا، فيأتي الناظر في الحديث فيجد الإسناد عبارة عن رجال ثقات فيتبادر لذهنه أن السند نظيف فيبادر للحكم بصحة الحديث بينما في واقع الأمر هنالك في السند رجل ضعيف مخفي ولذا كان التدليس من الانقطاع الخفي.
والفرق بين التدليس والكذب هو أن الراوي لم يقل سمعت أو حدثني أو أخبرني لأنه إن قالها فهو كاذب، بل قال ( عن فلان ) وهذه الكلمة لا تدل صراحة على أنه سمعه منه فلذا قلنا بصيغة موهمة للسماع أي هي عادة ما تستعمل للسماع ولكنها ليست صريحة في ذلك، ولذا لو أن تلميذ زيد قال له هل سمعت هذا الحديث من شيخك عمرو ؟ للزمه أن يقول لا بل سمعته عن رجل عن شيخي لأنه لم يعد أمامه سوى أن يقول هذا فإنه إن قال غير ذلك فهو كاذب لا عبرة بأحاديثه.
مثال: قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ الأَجْلَحِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَان ِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا ).
أبو إسحاق السَّبِيعي مدلسٌ وهذا الحديث لم يسمعه من البراء بن عازب رضي الله عنه رغم أنه قد سمع منه أحاديث أخر وإنما سمعه من رجل يسمى بأبي داود الأعمى وهو متهم بالكذب، ولكن كيف عرفنا أنه قد سمعه من أبي داود الأعمى ؟ الجواب: لأنه قد جاء من طريق آخر يكشف هذا الأمر فقد روى ابن أبي الدنيا في رسالة له اسمها الإخوان من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن أبي داود قال: دخلت على البراء بن عازب فأخذت بيده فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من مسلمين يلتقيان .... ) فذكر الحديث.
فهذا الحديث مُدلَّسٌ، والحديث المدلس هو: الذي وقع من أحد رواته التدليس.
وحكم الحديث المدلس هو: أنه إن صرح الراوي الذي اتهمه العلماء بالتدليس بالتحديث بأن قال: سمعت أو حدثني أو أخبرني فيقبل حديثه أي يعتبر أنه متصل السند، وإن قال: عن فلان فلا يقبل حديثه.
وأما المرسل الخفي فهو: أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يَلْقَه، أو لقيه ولم يسمع منه حديثا بصيغة موهمة للسماع. فالفرق بين التدليس والإرسال هو أن المدلِّسَ قد سمع ممن روى عنه بعض الأحاديث ولكن هذا الحديث بخصوصه لم يسمعه منه وإنما أخذه بواسطة، بينما في الإرسال الخفي يكون الراوي لم يسمع ممن روى عنه أي شيء بل إما أن يكون عاش معه في نفس العصر ولم يلتقيا إطلاقا كأن يكون أحدهما في الشرق والآخر في الغرب وإما أن يكون التقى به ورآه ولكنه لم يسمع منه أي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كي يرويه عنه.
مثال: قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَهَنَّادٌ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، وَأَبُو عَمَّارٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ؟ فَضَحِكَتْ.
قال الإمام الترمذي: وسَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ- هو الإمام البخاري وهو شيخ الترمذي- يُضَعِّفُ هَذَا الحَدِيثَ، وقَالَ: حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ. اهـ.
فرواية حبيب عن عروة مرسلة إرسالا خفيا لأنه عاصره لكنه لم يسمع منه.
ولهذا كان الإرسال الخفي من الانقطاع الخفي لأن ما دام أنه قد عاصره أو رآه وقال الراوي عن فلان فالظاهر أنه قد سمع منه ولكن نص الأئمة الكبار كالبخاري كشف لنا أنه لم يسمع منه فهذا إرسال وليس تدليس وقد علمت الفرق بينهما.
وحكم رواية المرسل إرسالا خفيا هو الرد وعدم القبول لانقطاع السند إلا أن يقوم الدليل على أنه قد سمع منه.
فتلخص أن الانقطاع نوعان: ظاهر وهو: الذي يكون واضحا بسبب أن الراوي لم يدرك عصر من روى عنه فيعرف الانقطاع حينئذ من معرفة تاريخ الولادة والموت وهو أربعة أنواع: المرسل والمعلق والمعضل والمنقطع.
وخفي وهو يشمل التدليس والإرسال الخفي والفرق بينهما هو ثبوت السماع في التدليس دون الإرسال.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هو المدلس وما هو المرسل ؟
2- ما الفرق بين التدليس والإرسال الخفي ؟
3- ما الفرق بين الانقطاع الظاهر والانقطاع الخفي ؟
( تدريب )
قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا يُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوَضِّئٌ ).
قال الإمام الترمذي: وَالزُّهْرِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. اهـ
هل هذا الحديث مُدلَّس أو مرسل إرسالا خفيا ولم ؟
صفاء الدين العراقي
2013-04-30, 01:57 PM
http://majles.alukah.net/imgcache/2013/04/785.jpg
بشار مجيد القيسي
2013-04-30, 03:47 PM
الأخ صفاء الدين العراقي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:بارك الله في جهدك هذا، وعملك الدؤوب في خدمة طلبة العلم، ونسألك المزيد، ونرجو منك أن تجمع هذه الدروس الرائعة في ملف واحد في المستقبل القريب _إن شاء الله_، وتقبَّل أجمل تحياتي.
صفاء الدين العراقي
2013-05-04, 05:27 AM
( الدرس الثامن)
عدم عدالة الراوي
قد علمت أنَّ من أسباب رد الحديث هو عدم اتصال السند، سواء أكان ظاهرا أو خفيا.
ومن أسباب رد الحديث أيضا عدم عدالة الراوي.
والعدالة هي: ملكة تحمل صاحبها على ملازمة التقوى بفعل الطاعات واجتناب المعاصي.
وليس المراد أن العدل من الرواة لا يقع في معصية قط فهذا لا يكون لغير المعصوم ولكن المراد هو التدين وتعظيم أمر الشريعة ومعالجة الذنوب بالتوبة والاستغفار، وإنما اشترطوا ذلك لنضمن أن الراوي يمنعه دينه من الكذب في الحديث.
وقد ذكر العلماء خمسة أشياء تطعن في عدالة الراوي وتجعل حديثه مردودا وهي:
1-الكذب في الحديث النبوي.
ويعرف بنص أئمة الجرح والتعديل على ذلك ( وهم الذين يجرحون الراوي في عدالته أو حفظه أو يعدلونه ويوثقونه ).
مثل أن يقولوا: كذاب أو وضاع أو يضع الحديث ونحو ذلك.
مثال: روى الإمام الحاكم في مستدركه قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أَنْبَأَ عَمَّارُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الطَّحَّانُ، ثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الشَّمْسِ فَإِنَّهَا تُبْلِي الثَّوْبَ، وَتُنْتِنُ الرِّيحَ، وَتُظْهِرُ الدَّاءَ الدَّفِينَ ).
هذا حديث موضوع أي مختلق مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، والذي وضعه هو محمد بن زياد الطحان، قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: محمد بن زياد اليشكري الطحان الأعور الفأفاء الميموني الرقي ثم الكوفي كذبوه. اهـ. وقال الإمام الذهبي في تعليقه على مستدرك الحاكم: ذا من وضع الطحان. اهـ.
2- التهمة بالكذب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
والتهمة بالكذب إذا لم يثبت أنه كان يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن عرف عنه الكذب على الناس، فيقال بما أنه اعتاد لسانه على الكذب فلا يستبعد أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتركون ما يرويه من الأحاديث. ويصفونه في كتب الجرح والتعديل بقولهم: متهم بالكذب أو متروك الحديث.
3- الفِسق بارتكاب الكبائر، كالزنا والسرقة.
لأن الفاسق لا يؤمن أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدنى منفعة له، ويصفونه أيضا: بمتروك الحديث.
مثال: قال الإمام ابن ماجَهْ في سننه: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا ).
هذا حديث متروك شديد الضعف بسبب عدي بن الفضل، قال الحافظ ابن حجر في التقريب: عدي بن الفضل التيمي أبو حاتم البصري متروك مات سنة إحدى وسبعين.اهـ
4- البدعة المكفرة.
والبدعة هي: ما أحدث في الدين من غير دليل. وهي نوعان:
أ-مكفرة وهي: التي يخرج صاحبها من الإسلام كبدعة غلاة القدرية القائلين بأن الله لا يعلم ما يقع في الكون قبل أن يقع.
ب- غير مكفرة وهي: التي لا يخرج صاحبها من الإسلام كبدعة عامة القدرية القائلين بأن الله لم يشأ وجود أفعال العباد.
فالبدعة المكفرة يرد حديث صاحبها لأنه خرج من الإسلام وسقطت عدالته بالكلية، والبدعة غير المكفرة لا يرد حديث صاحبها ما دام أنه معروف بالصدق.
5- الجهالة وهي: أن لا يرد في الراوي توثيق ولا تضعيف. والمجهول من الرواة نوعان:
أ-مجهول العين وهو: الشخص الذي روى عنه راو واحد.
ب- مجهول الحال وهو: الشخص الذي روى عنه راويان فأكثر. ويسمى أيضا بالمستور.
وحكم رواية المجهول سواء من كان مجهول العين أو مجهول الحال هو الضعف، فيقال هذا حديث ضعيف لجهالة فلان.
مثال مجهول العين: قال الإمام الترمذي: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا فِي إِدَاوَتِكَ؟» ، فَقُلْتُ: نَبِيذٌ، فَقَالَ: «تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ» ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ).
قال الإمام الترمذي: وَإِنَّمَا رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو زَيْدٍ رَجُلٌ مَجْهُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الحَدِيثِ لَا تُعْرَفُ لَهُ رِوَايَةٌ غَيْرُ هَذَا الحَدِيثِ.
وقال الحافظ المزي: أَبُو زيد القرشي المخزومي الكوفي، مولى عَمْرو بْن حريث رَوَى عَن: عَبد اللَّهِ بْن مسعود فِي الوضوء بالنبيذ، رَوَى عَنه: أبو فزارة راشد بْن كيسان. اهـ بتصرف.
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: أبو زيد المخزومي مولى عمرو بن حريث وقيل أبو زائد مجهول. اهـ أي مجهول العين.
ومثال مجهول الحال: قال الإمام أبي داود في سننه: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبَانُ بْنُ طَارِقٍ مَجْهُولٌ.اهـ.
قال الحافظ المزي في تهذيب الكمال: رَوَى عَنه: خالد بْن الحارث، ودرست بْن زياد. اهـ.
ولذا قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: أبان بن طارق بصري مجهول الحال. اهـ.
فتلخص أن يشترط في الحديث الصحيح عدالة الرواة، وثمة خمسة أسباب تطعن في عدالة الراوي وتجعل حديهم مردودا وهي: الكذب في الحديث النبوي، والتهمة بالكذب، والفسق، والبدعة المكفرة، والجهالة.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هي العدالة ؟
2- ما هي الأشياء التي تطعن في عدالة الراوي ؟
3- ما الفرق بين مجهول العين ومجهول الحال ؟
( تدريب )
قال الإمام أبو داود في سننه: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَعَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ، مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ ).
قال الحافظ ابن حجر في التقريب: حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري مجهول. اهـ
احكم على الإسناد وبين علة الحكم ؟
صفاء الدين العراقي
2013-05-07, 02:38 PM
( الدرس التاسع)
عدم ضبط الراوي
قد علمت أنَّ من أسباب رد الحديث عدم عدالة الراوي سواء بسبب الكذب في الحديث، أو التهمة به، أو الفسق، أو البدعة المكفرة، أو الجهالة. ومن أسباب رد الحديث أيضا عدم ضبط الراوي.
وضبط الراوي هو: حفظه للحديث الذي تلقاه من شيخه.
فإما أن يحفظه في صدره، وإما أن يحفظه في كتابه ويصونه عن الخطأ والزيادة.
وينقسم الضبط بحسب قوته وضعفه إلى ثلاثة أقسام:
1-الضبط التام وهو: حفظ الراوي للحديث وأداؤه على الوجه الذي تلقاه من شيخه.
2- الضبط الخفيف وهو: نزول حفظ الراوي عن درجة الضبط التام مع بقائه ضمن دائرة الضبط.
3- الضبط السيئ وهو: اختلال ضبط الراوي وكثرة أغلاطه.
وليس المقصود هو أن تام الضبط لا يخطئ ولكن خطئه قليل، وخفيف الضبط هو أيضا يخطئ ولكن خطئه أكثر من خطأ تام الضبط من غير أن يخرج عن أصل الضبط، فإن نزل عن ذلك فهو سيء الضبط.
ويعرف ضبط الراوي بمقارنة رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان، فإن وافقهم فيما روى فهو ضابط ولا يضره المخالفة اليسيرة التي لا ينفك عنها البشر والتي تدل على أنه قد أخطأ قليلا، وإن كان كثير المخالفة لهم فهو مختل الضبط لا يقبل حديثه.
فمثلا لو جمعنا مرويات الراوي ووجدنا أنه قد أصاب بنسبة 90% وأخطأ بنسبة 10% ؛ فهو تام الضبط.
وإذا جمعنا مروياته ووجدنا أنه قد أصاب بنسبة 75 % وأخطأ في 25 % ؛ فهو خفيف الضبط.
( وحديث التام الضبط والخفيف الضبط مقبول، فإذا نزل ضبط الراوي عن حد الاعتدال صار سيء الضبط ورد حديثه ).
فيمكننا أن نعرف الضابط بما يشمل صاحب الضبط التام والضبط الخفيف بأنه هو: الذي يقل خطؤه في الرواية.
فتحصَّل أن الأغلاط التي يقع فيها رواة الحديث نوعان:
1-أغلاط يسيرة لا تسقط حديث الراوي وهي قسمان:
أ-ما لا تزعزع صاحبها عن درجة الضبط التام لندرتها أو قلتها بالنسبة لمروياته، الصواب 90% والخطأ 10%.
ب- ما تزعزع صاحبها عن الدرجة العالية في الضبط وتجعله خفيف الضبط، الصواب 75% والخطأ 25%.
2-أغلاط كثيرة وهي ثلاثة أقسام:
أ- أن يكون الخطأ أكثر من صوابه أي أن ما أخطأ فيه من الأحاديث أكثر مما أصاب، الصواب: 40% والخطأ 60%.
ب- أن يكون الخطأ مساويا للصواب، الصواب 50% والخطأ 50%.
ج- أن يكون الخطأ أقل من الصواب أي أن صوابه أكثر من خطئه، الصواب 60% والخطأ 40%.
فمن كان في المرتبة الأولى أو الثانية فهو فاحش الغلط وكثير الغفلة متروك الحديث وحديثه شديد الضعف.
ومن كان في المرتبة الثالثة فهو سيء الحفظ وحديثه ضعيف، وإنما لم يقبلوا حديثه لأنه من أجل كثرة غلطه لا تطمأن النفس إلى صحة حديثه.
ويمكننا أن نعرف غير الضابط بما يشمل صاحب المراتب الثلاث بأنه هو: الذي يكثر غلطه في الرواية.
ولا يخفى أن ذكر النسب المئوية فيما سبق لأجل تقريب الأمر للأذهان وليس للتحديد.
فاتضح أن الخطأ الكثير- وهو الذي يعده أهل هذا الشأن كثيرا- هو الذي ينافي الضبط ويقدح فيه.
مثال: قال الإمام ابن ماجَه في سننه: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ، فَقَالَ: ( إِنَّمَا هُوَ جِذْيَةٌ مِنْكَ )اهـ. الجذية: القطعة.
هذا إسناد ضعيف جدا، قال الحافظ في التقريب: جعفر ابن الزبير الحنفي أو الباهلي الدمشقي نزيل البصرة متروك الحديث وكان صالحا في نفسه. اهـ فكونه صالحا في نفسه دليل على أنه تُرِك بسبب فحش غلطه.
مثال: قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا الحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ، فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ، وَأَنْقُوا البَشَرَ).
هذا حديث ضعيف، قال الحافظ في التقريب: الحارث بن وجيه أبو محمد البصري ضعيف. اهـ. أي من جهة حفظه.
فتلخص أنه يشترط في قبول الحديث ضبط الرواة سواء أكان ضبطا تاما أم خفيفا، فإن نزل الضبط عن ذلك بأن كان الراوي فاحش الغلط أو كثير الغلط وإن لم يبلغ حد الفحش فالحديث مردود.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هو الضبط وما هي مراتبه؟
2- ما هي الأشياء التي تطعن في ضبط الراوي ؟
3- ما هي أنواع الأغلاط التي يقع فيها الرواة ؟
( تدريب )
قال الإمام ابن ماجَهْ في سننه: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ، وَلَا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعَيْرَيْنِ ).
قال العلامة السندي في حاشيته على سنن ابن ماجه: قوله : ( تجرد العَيْرَيْنِ ) تثنية عَيْرٍ وهو حمار الوحش. وفي الزوائد إسناده ضعيف الأحوص بن حكيم ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وغيرهم. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: الأحوص بن حكيم بن عمير العنسي بالنون أو الهمداني الحمصي ضعيف الحفظ.. وكان عابدا. اهـ.
احكم على الإسناد وبيّن علة الحكم ؟
صفاء الدين العراقي
2013-05-07, 02:40 PM
http://majles.alukah.net/imgcache/2013/05/77.jpg
صفاء الدين العراقي
2013-05-11, 01:44 PM
( الدرس العاشر)
وجود علة في الحديث
قد علمت أَنَّ من أسباب رد الحديث عدم ضبط الراوي بأن كان سيء الضبط سواء أكان فاحش الغلط أو غير فاحشه.
ومن أسباب رد الحديث أيضا وجود علة في الحديث.
والعلة هي: سبب خفي يدل على خطأ الراوي.
بمعنى أننا قلنا إن صاحب الضبط التام أو الخفيف قد يخطئ قليلا، فما يدرينا أن الحديث الذي رواه ليس من ذلك الخطأ القليل ؟! فلكي نحكم بصحة الحديث لا بد من أن نطمئن إلى أن الراوي لم يغلط في حديثه فمتى تحققنا من عدم وجود علة في الحديث أمكننا حينئذ الحكم بقبوله.
مثال: أخرج الإمام أحمد في مسنده قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حُجْرٍ أَبِي الْعَنْبَسِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ وَائِلٍ، أَوْ سَمِعَهُ حُجْرٌ، مِنْ وَائِلٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَرَأَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قَالَ: " آمِينَ " وَأَخْفَى بِهَا صَوْتَهُ ).
فلو نظرنا في هذا الإسناد لوجدنا رجاله ثقات لم يطعن في عدالتهم ولا في حفظهم، وليس فيه انقطاع فالمفروض بحسب الظاهر أن نحكم بصحة الحديث، ولكن اكتشف العلماء فيه علة تقدح في صحته وذلك عندما جمعوا طرق الحديث أي جمعوا كل الأسانيد التي جاء بها هذا المتن فوجدوا فيه اختلافا وتعارضا، فقد رواه الإمام أحمد والترمذي والدارقطني وغيرهم من طريق سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حُجْرٍ بنِ عَنْبَسٍ ، عَنْوَائِلٍ بنِ حُجْر ٍ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قرأ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ }فَقَالَ " آمِينَ " وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ ). أي رفع بها صوته.
فهنا مشكلة وهي هل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخفض صوته بالتأمين كما يفيده الطريق الأول، أو كان يرفع صوته بالتأمين كما يفيده الطريق الثاني ؟.
الجواب: لا بد من الترجيح أي إما أن نقدم الطريق الأول أو نقدم الطريق الثاني، والعلماء قدموا الطريق الثاني واعتبروا الطريق الأول خطأً أي فيه علة والذي أخطأ في ذكر الإخفاء بالتأمين هو ( شعبة بن الحجاج ) وذلك لثلاثة أدلة هي:
1-أن علماء الجرح والتعديل قالوا:إن شعبة إذا خالفه سفيان فيقدم قول سفيان وهو أحفظ لأحاديث سلمة بن كهيل منه.
2- هنالك رواة آخرون وافقوا سفيان في رواية الجهر وهما: ( العلاء بن صالح- ومحمد بن سلمة بن كهيل ).
3- أن رواية شعبة قد خالفت السنة العملية التي تواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي أنه كان يجهر بآمين.
فلما خالف شعبة الأحفظ منه وهو سفيان وخالف الأكثر وهم: ( سفيان والعلاء ومحمد بن سلمة) وخالف الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم حكمنا بخطئه وحينئذ نقول: حديث الخفض بالتأمين معلٌّ أي فيه علة يرد الحديث بها.
ولمزيد من التوضيح نرسم هذا المخطط ونعلق عليه:
8744
الشرح: نلاحظ أن الطريق رقم ( 1 ) والطريق رقم ( 2 ) يدوران على رجل واحد هو ( سلمة بن كهيل ) ويسمى مدار الحديث وهو أول راو تلتقي عنده الأسانيد المتعددة للحديث الواحد، وهذا المدار له تلاميذ سمعوا منه الحديث وبلغوه للناس، وقد اختلفوا عليه: فقال أحد تلاميذه وهو شعبة: إن سلمة بن كهيل حدثه بحديث خفض الصوت بالتأمين، وقال سفيان الثوري والعلاء ومحمد: إن سلمة بن كهيل حدثهم برفع الصوت بالتأمين فمن أصاب ومن أخطأ ؟
الجواب: إن سفيان لوحده أحفظ من شعبة، وفوق هذا وافقه على روايته العلاء ومحمد، فخالف شعبة من هو أحفظ منه وأكثر عددا وخالف فوق ذلك ما هو معروف في السنة فحكم العلماء أنه هو الذي أخطأ وأصاب الآخرون.
فحديث شعبة معلّ أي فيه خطأ، وهذا الخطأ لم نكن لنقف عليه لولا أننا جمعنا طرق الحديث فتبين لنا وجود الاختلاف فيه فلذا قلنا في تعريف العلة إنها سبب خفي ، فمعنى الخفاء هو أن الناظر لنفس طريق شعبة لا يتبين له الخطأ فيه فإذا جمع الطرق ظهر حينئذ الخطأ ولهذا يقول العلماء: ( إن الحديث إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه ). فالحديث من طريق واحد لا تظهر علته بل قد يستعجل الناظر فيحكم بصحة الحديث اعتمادا على ظاهر السند فإذا جمع باقي طرقه أمكن أن تظهر العلة؛ لأننا متى وجدنا اختلافا فحينئذ ننظر ما هو الراجح وما هو المرجوح فالراجح هو الصواب والمرجوح هو الخطأ.
وعليه فيمكننا تعريف العلة بأنها: وهم من أحد الرواة لا يوقف عليه إلا بعد جمع طرق الحديث كلها.
فتلخص أنه يشترط لقبول الحديث سلامته من العلة وهي: سبب خفي يدل على خطأ الراوي، ولمعرفة وجود علة في الحديث أو عدم وجودها لا بد أن لا نكتفي بالنظر في سند واحد بل نجمع أسانيد الحديث الواحد وننظر: فإن لم يوجد فيها اختلاف علمنا سلامة الحديث من العلة، ومتى وجدنا فيها اختلافا علمنا أن في الحديث علة فعلينا أن ننظر في الرواة ونعرف الأحفظ ومقدار ضبطهم وملازمتهم لشيخهم والقرائن التي تحف بالرواية لنرجح أحد الطرق ونعتبر الطريق الذي خالفه خطأ.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هي العلة ؟
2- ما معنى خفاء العلة ؟
3- كيف تعرف علة الحديث ؟
( تدريب )
قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ أَبِي مَطَرٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ وَالصَّوَاعِقِ، قَالَ: ( اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ ).
وقال الإمام أحمد في مسنده: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، حَدَّثَنِي أَبُو مَطَرٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ، وَالصَّوَاعِقَ قال فذكره.
وقال الإمام الحاكم في مستدركه: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثَنَا أَبُو مَطَرٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ وَالصَّوَاعِقَ قَالَ فذكره.
قال الحافظ في التقريب: حجاج بن أرطاة بفتح الهمزة ابن ثور بن هبيرة النخعي أبو أرطاة الكوفي القاضي أحد الفقهاء صدوق كثير الخطأ والتدليس. اهـ
وقال أيضا: أبو مطر شيخ لحجاج بن أرطاة مجهول. اهـ
استخرج المدار من الأسانيد السابقة واحكم على الحديث مع بيان سبب الحكم ؟
صفاء الدين العراقي
2013-05-14, 03:46 PM
( الدرس الحادي عشر)
أقسام العلة
قد علمت أَنَّ من أسباب رد الحديث وجود علة فيه، وأنها:سبب خفي يدل على خطأ الراوي ينكشف باختلاف الروايات.
ثم إن الاختلاف الحاصل بين الروايات على عدة أنحاء:
أولا: اختلاف يمكن الجمع بين رواياته بحيث يرتفع الخلاف ويزول الإشكال.
مثال: قال الإمام البخاري: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعَ سَلَّامَ بْنَ مِسْكِينٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ ).
وقال الإمام مسلم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ( خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ ).
فهذا اختلاف والناظر في الروايتين لا يدري أخدم أنس الرسول صلى الله عليه وسلم عشر سنين أم تسع سنين.
ولكن الجمع بينهما متيسر قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ فَإِنَّ مُدَّةَ خِدْمَتِهِ كَانَتْ تِسْعَ سِنِينَ وَبَعْضَ أَشْهُرٍ فَأَلْغَى الزِّيَادَةَ تَارَةً وَجَبَرَ الْكَسْرَ أُخْرَى. اهـ.
فهنا لا توجد علة ترد بها إحدى الروايتين.
ثانيا: اختلاف لا يجمع بين رواياته بل يصار إلى الترجيح، فحينئذ توجد رواية صحيحة وأخرى خاطئة.
كما تقدم في حديث شعبة في الخفض بالتأمين فهذه رواية خاطئة، والصحيحة هي رواية سفيان الثوري ومن وافقه في الجهر بالتأمين، ويقال لرواية شعبة شاذة، ولرواية سفيان محفوظة أي محفوظة من الخطأ.
فالشاذ هو: حديث معلّ خالف فيه الثقة من هو أرجح منه، فشعبة ثقة وقد خالف في روايته من هو أرجح منه فرد حديثه وقبل حديث من هو أرجح منه، والرواية المرجوحة تسمى شاذة، والرواية الراجحة تسمى محفوظة.
وأما إذا خالف ضعيف الثقة أو الثقات فيسمى حديثه منكرا، فلو كان بدل شعبة في حديث الخفض بالتأمين رجل ضعيف مثل عبد الله بن لهيعة لقلنا إن الحديث منكر لأنه خالف الثقات، فثقة يخالف الأوثق= شاذ، وضعيف يخالف الثقة = منكر.
مثال آخر: قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال ( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ).
قال الإمام الدارقطني في كتابه العلل الواردة في الأحاديث النبوية: يرويه شعبة، واختلف عنه؛فرواه عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْمـَدَائِنِيّ ُ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ خُبَيْبٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم. وخالفه أصحاب شعبة، رووه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ مُرْسَلًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كَذَلِكَ قَالَ غُنْدَرٌ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ. اهـ.
ولمزيد من التوضيح نرسم هذا المخطط ونعلق عليه:
http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif
الشرح: نلاحظ أن الطريق رقم ( 1 ) والطريق رقم ( 2 ) يدوران على رجل واحد هو ( شعبة بن الحجاج ) وهذا المدار له تلاميذ سمعوا منه الحديث وبلغوه للناس، وقد اختلفوا عليه، فقال أحد تلاميذه وهو علي بن حفص: إن شعبة حدثه بحديث كفى بالمرء كذبا متصلا بذكر أبي هريرة، وقال غندر والنضر بن شميل وسليمان بن حرب وآخرون: إن شعبة حدثهم بحديث كفى بالمرء كذبا مرسلا أي بدون ذكر أبي هريرة في السند فمن أصاب ومن أخطأ ؟
الجواب: إن من رواه متصلا شخص واحد وهو علي بن حفص وقد خالف العدد الكثير، وفيهم من هو بمفرده أوثق وأضبط لحديث شعبة منه فكيف بهم مجتمعين، فلذا نقول إن الرواية المرسلة هي المحفوظة، والرواية المتصلة شاذة؛ لأن المخالفة وقعت بين ثقة ومن هو أرجح منه، ولو كان علي بن حفص ضعيفا لحكمنا على الحديث بأنه منكر.
ثالثا: اختلاف لا يمكن الجمع بين رواياته ولا الترجيح فيتوقف في الحديث ولا يقبل. مثال: قال الإمام الترمذي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُخْتَارِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ( مِنْ غُسْلِهِ الغُسْلُ، وَمِنْ حَمْلِهِ الوُضُوءُ ). يعني الميت. اهـ.
هذا سند متصل وليس في رجاله ضعيف فالظاهر هو الحكم بقبوله ولكن لما جمعنا رواياته وجدنا اختلافا في سنده كالتالي:
( 1) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: عن( سُهَيْلِ ) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
( 2 ) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: عن( سُهَيْلِ )عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ .
( 3 ) إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ: عن( سُهَيْلِ ) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفا.
( 4 ) إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ: عن( سُهَيْلِ ) عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفا.
فهذه أسانيد ثابتة وفيها اختلاف شديد فهل أخذ الحديثَ سهيل عن أبيه أم عن إسحاق، أم عن أبيه عن إسحاق، وهل هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، أو هو من كلام أبي هريرة فليت شعري أي هذه الأوجه هو الصواب ؟!.
فهذا هو المضطرب وهو: حديث نقل على أوجه متساوية لا يترجح أحد منها ولا يمكن الجمع بينها فيحكم على الحديث بالضعف؛ لأنه دليل على عدم ضبط الراوي للحديث. والظاهر هنا أن سبب الاضطراب هو سهيل نفسه فكل مرة يحدث به الناس بسند غير الآخر.
فتلخص أن الحديث المعل ثلاثة أقسام: شاذ ومنكر ومضطرب.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هي أوجه الاختلاف بين الروايات ؟
2- ما الفرق بين الشاذ والمنكر ؟
3- ما هو المضطرب ؟
( تدريب )
قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِ يُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، ثُمَّ يَمِيلُ إِلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ شَيْئًا ).
قال الحافظ ابن حجر في التقريب: زهير بن محمد التميمي أبو المنذر الخراساني سكن الشام ثم الحجاز ثقة إلا أن رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها. اهـ وعمرو بن أبي سلمة دمشقي.
وقال الإمام الدارقطني في العلل: ورواه وهيب بن خالد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، موقوفا أيضا وكذلك رواه عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة، مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَمَنْ رَفَعَهُ فَقَدْ وَهِمَ. اهـ
بين حكم الحديث مع ذكر السبب ؟.
صفاء الدين العراقي
2013-05-14, 04:02 PM
http://majles.alukah.net/imgcache/2013/05/184.jpg
صفاء الدين العراقي
2013-05-18, 05:38 PM
( الدرس الثاني عشر)
أنواع الشاذ والمنكر
قد علمت أَنَّ الحديث المعل ثلاثة أقسام: شاذ ومنكر ومضطرب، لأن مخالفة الثقات إن لم يترجح طريق منها فهو المضطرب، وإن ترجح فإما أن تصدر المخالفة من ثقة أو ضعيف فالأول الشاذ والثاني المنكر.
ثم إن الشذوذ والنكارة قد يكونان بالزيادة والنقصان، وقد يكونان بالتبديل وإليك البيان:
أولا: الزيادة والنقصان ونعني بها: أن تكون إحدى الروايتين فيها زيادة والأخرى خالية منها.
وقد تكون الزيادة في السند أو في المتن.
مثالها في السند: ( تعارض الوصل والإرسال ).
بأن تكون إحدى الروايتين مرسلة ينسب فيها التابعي الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم من دون ذكر الصحابي، والرواية الأخرى يزاد فيها ذكر الصحابي فيصير الحديث متصلا.
مثل حديث ( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ) فقد ورد بصورتين:
الأولى: } شُعْبَةَ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ { وهذا الوجه رواه عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ.
الثانية: } شُعْبَةَ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ { وهذا الوجه رواه غُنْدَرٌ والنَّضْرُ وسُلَيْمَانُ وَغَيْرُهُمْ.
فكما ترى أن السندين لا يختلفان إلا بزيادة رجل هو أبو هريرة، فرواية على بن حفص زائدة، ورواية الباقيين ناقصة.
وهنا الزيادة التي زادها الثقة علي بن حفص شاذة غير مقبولة، والنقصان أي الإرسال هو المحفوظ المقبول.
ومثالها في المتن: قال الإمام البيهقي في سننه الكبرى: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ اسْتَفْتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: ( ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ،ف َإِذَا أَقْبَلَتْ فَدَعِي الصَّلَاةَ،وَإِ ذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ أَثَرَ الدَّمَ وَتَوَضَّئِي فَصَلِّي، فَإِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ ).
فهذا الحديث رواه حماد بن زيد عن هشام بن عروة بزيادة}وتوضئي{ور واه جمع من الثقات عن هشام بدونها فتكون شاذة.
http://majles.alukah.net/imgcache/2013/05/273.jpg
ومن صور الزيادة نوع يسمى عند العلماء بالمزيد في متصل الأسانيد وهو: أن تكون إحدى الروايتين فيها زيادة في السند بذكر رجل، والرواية الأخرى ليس فيها ذكر لهذا الرجل، ومن لم يزدها أتقن ممن زادها.
مثال: قال الإمام مسلم في صحيحه: وحَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( لَا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ، وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا ).
فهذا الحديث رجاله ثقات والإسناد متصل ولكن لما جمعنا الروايات تبين لنا وجود خلل في السند فقد رواه الإمام مسلم بسند آخر وهو: وحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ وَاثِلَةَ، عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكره. من غير إضافة أبي إدريس الخولاني في السند.
قال الإمام الدارقطني في العلل: يَرْوِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛ فَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَبَكْرُ بْنُ يَزِيدَ الطَّوِيلُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَغَيْرُهُمْ، عَنِ ( ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ ).
وَخَالَفَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، فَرَوَيَاهُ عَنِ: ( ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ ).
وَالْمَحْفُوظُ مَا قَالَهُ الْوَلِيدُ، ومن تَابَعَهُ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، لَمْ يَذْكُرْ أَبَا إِدْرِيسَ فِيهِ. اهـ.
فذكر أبي إدريس في السند شاذ لأن جماعة من الثقات رووه من دون ذكره في السند والحديث متصل لأن بسرا سمع الحديث من واثلة مباشرة بلا واسطة.
http://majles.alukah.net/imgcache/2013/05/274.jpg
فاتضح أن المزيد في متصل الأسانيد هو: زيادة راو في السند وهمًا، والسند متصل من دون ذكر ذلك الراوي.
ثانيا: التبديل ونعني به: أن يقع في إحدى الروايات إبدال كلمة أو أكثر بأخرى.
مثل قلب أسماء الرواة كأن يكون اسمه الوليد بن مسلم، فيقلبه أحد الرواة غلطا ويجعله مسلم بن الوليد.
فتلخص أن الشاذ – ومثله المنكر- نوعان: ما حصلت فيه زيادة في سند أو متن وهمًا، و ما حصل فيه تبديل وهمًا.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هي أنواع الشاذ والمنكر ؟
2- ما معنى زيادة الثقة ؟
3- ما هو المزيد في متصل الأسانيد ؟
( تدريب )
في علل الدارقطني ما نصه: وَسُئِلَ- أي الدارقطني- عَنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: ( الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الخُيَلَاءِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) ؟
فقال: اختُلِفَ فيه على نَافِعٍ؛ فَرَوَاهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِي ُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عمر، ويحيى بن سعيد، ومالك، عن نافع، عن ابن عمر.
ورواه زيد بن يحيى بن عبيد من أهل دمشق ثقة، عن مالك، فقال فيه: عن نافع، عن سالم، عن ابن عمر.
وذكرُ سالمٍ فيه غيرُ محفوظٍ.
والصحيح: عن نافع، عن ابن عمر. اهـ.
ماذا يسمى هذا النوع من الزيادة وما هي الرواية الراجحة وما هي المرجوحة وماذا تسميان ؟
صفاء الدين العراقي
2013-05-20, 04:29 AM
( الدرس الثالث عشر)
المدرج
قد علمت أَنَّ الشاذ والمنكر قد يكونان بالزيادة والنقصان في السند أو في المتن، ومن تلك الأحاديث التي وقعت فيها زيادة خاطئة هو المدرج.
والمدرج هو: الحديث الذي أدخل فيه الراوي زيادة ليست منه على وجه الخطأ فيتوهم الناظر أنها منه.
مثال: قال الإمام الخطيب البغدادي في كتابه الفصلُ للوصلِ المدرجِ من النقلِ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أنا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ نا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْدِيُّ نا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ - هُوَ الزَّعْفَرَانِي ُّ - نا أَبُو قَطَنٍ نا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ).
وقال أيضا: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الْبَرْقَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْحَافِظِ أن أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُورِ يَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا شَبَابَةُ نا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ).
فهنا الناظر في هذا المتن يحسب أنه جميعا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه ليس كذلك بل ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم هو ( ويل للأعقاب من النار ) فقط، وأما جملة ( أسبغوا الوضوءَ ) فهي من كلام أبي هريرة رضي الله عنه.
ولهذا قال الإمام الخطيب البغدادي: وَهِمَ أَبُو قَطَنٍ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ القُطَعي، وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ في روايتهما هذا الحديث عَنْ شُعْبَةَ عَلَى مَا سُقْنَاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ( أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ ) كَلامُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَوْلُهُ:( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ) كَلامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ رواه أبو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُندر، وهشيم بْنُ بَشِيرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، وَجَعَلُوا الْكَلامَ الأَوَّلَ مِنْ قَوْلِ أَبِي هريرة والكلام الثاني مرفوعا. اهـ.
فالخلاصة هي أن اثنين من الرواة وهما: ( أبو قَطَنٍ- وشَبابَة بن سَوارٍ ) أخطئا في رواية الحديث عن شعبة بجعل كلام أبي هريرة وكلام النبي صلى الله عليه وسلم واحدا، بدليل أنه قد خالفهما اثنا عشر راويا فرووه عن شعبة بفصل كلام أبي هريرة عن كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا هو ما يسمى بمدرج المتن وخلاصته ( أن يضاف للمتن كلام آخر فيتوهم الناظر أنه متن واحد ).
وهناك نوع آخر يسمى بمدرج السند مثل أن يروي جماعة حديثا واحدا بأسانيد مختلفة، فيجيء راو فيجمع الأسانيد المختلفة على إسناد واحد ولا يبين الاختلاف الذي بينهم.
مثال: قال الإمام الخطيب البغدادي في كتابه الفصلُ للوصلِ المدرجِ من النقلِ: أخبرنا أَبُو سَعِيدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ الكاتب بِأَصْبَهَانَ، نَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بن مزيد الخشاب، نا أَبُو خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، نا أَبُو عَاصِمٍ، نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلا شُفْعَةَ ).
قال الإمام الخطيب البغدادي: كَذَا رَوَاهُ عَبْدُ العزيز بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ أبا سلمة وسعيداً ـ هو ابْنُ الْمُسَيِّبِ ـ رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ أَبُو عَاصِمٍ يَرْوِيهِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّهْرَانِيُّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَحَكَى بَيَانَهُ الْقَوْلَيْنِ وَتَمْيِيزَهُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ. اهـ.
يقصد أن هنا سندين:
الأول: أبو عاصم- عن مالك -عن الزهري- عن أبي سلمة- عن أبي هريرة -عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أبو عاصم- عن مالك- عن الزهري- عن سعيد بن المسيب- عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فحديث أبي سلمة متصل، وحديث سعيد مرسل منقطع.
أي أن الزهري كان له في هذا الحديث شيخان هما: ( أبو سلمة، وسعيد ) فالأول يرويه عن أبي هريرة والثاني يرويه مباشرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان لأبي العاصم في هذا الحديث تلميذان هما: ( عبد العزيز بن معاوية- ومحمد بن حماد الطهراني ).
فالأول رواه عن شيخه بدمج السندين معا فجعله عن أبي عاصم عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد عن أبي هريرة عن النبي ﷺ ، وهذا إدراج في السند ووهم وخطأ لأن سعيدا لم يروه عن أبي هريرة وإنما أرسله عن النبي ﷺ فكان عليه أن يفصّل؛ لأن صنيعه يوهم أن أبا سلمة وسعيدا روياه معا عن أبي هريرة وهو ليس كذلك لأن الأول هو من رواه عن أبي هريرة دون الثاني.
وأما الثاني وهو الطهراني فقد فصل فجعل حديث أبي سلمة عن أبي هريرة متصلا، وحديث سعيد مرسلا فتمييزه بين الروايتين مما يدل على أنه قد حفظ الصواب.
فتلخص أن المدرج هو الحديث الذي زاد فيه الراوي ما ليس منه في السند أو في المتن فيُظن أنه منه.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هو المدرج ؟
2- ما هو مدرج المتن ؟
3- ما هو مدرج السند ؟
( تدريب )
قال الإمام الدَّارَقُطْنِي ُّ في سننه: نا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ , نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو قِلَابَةَ , نا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ , نا شُعْبَةُ , عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ , قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ , يَقُولُ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: («مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَ ا فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَ ا إِنْ شَاءَ» , قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَتُحْتَسَبُ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ؟ , قَالَ: «نَعَمْ» ).
قال الإمام الخطيب البغدادي في كتابه الفصل: وَذَلِكَ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ الاسْتِفْهَامَ مِنْ قَوْلِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ وَأَنَّ جَوَابَهُ قَوْلٌ لابْنِ عُمَرَ. بَيَّنَ ذَلِكَ: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُندر، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْمَازِنِيُّ فِي رِوَايَتِهِمْ عَنْ شُعْبَةَ . اهـ.
بيّن نوع الإدراج ؟
صفاء الدين العراقي
2013-05-22, 01:35 PM
( الدرس الرابع عشر)
المقلوب- المصحَّف والمحرَّف
قد علمت أَنَّ الشاذ والمنكر قد يكونان بالتبديل، ومن الأحاديث التي وقع فيها خطأ التبديلِ المقلوب، والمصحَّف والمحرّف.
فالمقلوب هو: الحديث الذي أبدل فيه الراوي شيئا بغيره في السند أو في المتن وهمًا منه.
كالتقديم والتأخير في أسماء الرواة كحديث مروي عن (مُرَّة بن كعب) فأخطأ فيه البعض وجعله عن (كعب بن مُرَّة).
مثال: قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: وَقَالَ أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا عبد الأعلى ثنا حَمَّادِ عَنْ قتادة عن أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ أبي قتادة قال: إنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ الْعَامَ الَّذِي قَبْلَهُ وَالَّذِي بَعْدَهُ وَصَوْمُ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ الْعَامَ الَّذِي قَبْلَهُ).
قُلْتُ هَذَا إسناده مَقْلُوبٌ وَمَتْنٌ مَقْلُوبٌ أَمَّا الْإِسْنَادُ فَالصَّوَابُ حَرْمَلَةُ بن إياس هكذا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الْمَتْنُ فَالصَّوَابُ أَنَّ يوم عرفة هو الذي يُكَفِّرُ السَّنَتَيْنِ وَعَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً كَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أبي قتادة رَضِيَ الله عَنْه. اهـ.
فهذا مثال لما وقع فيه القلب في السند والمتن معا. فأما السند فـ( حرملة بن إياس ) قلب إلى ( إياس بن حرملة ).
وأما المتن فالمعروف في السنة النبوية أن صيام عرفة يكفر سنتين، ويوم عاشوراء يكفر سنة فقلبه الراوي فجعل صيام عاشوراء يكفر سنتين ويوم عرفة يكفر سنة.
هذا ما يتعلق ببيان المقلوب.
وأما المصحف والمحرف فكلاهما عبارة عن: تغيير يطرأ على كلمة في السند أو في المتن وهمًا من أحد الرواة.
فالمصحَّف هو: التغيير الحاصل بالحروف. كحديث من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال صحفه بعضهم فقال شيئا من شوال.
فالسين جعل فوقها نقطا فصارت شينا، والتاء بدل النقط من فوقها إلى تحتها فصارت ياءا، وأضاف همزة. وكتغيير الْعَوَّامِ بْنِ مُرَاجِمٍ إلى: العوام بن مزاحم.
والمحرَّف هو: التغيير الحاصل بالشَّكْلِ، أي بالحركات والسكنات.
كتغير ابن لَهِيعَة إلى لُهَيعَة فحصل التغيير في الحركة فقط دون تغيير الحروف.
فتلخص أن المقلوب هو: الحديث الذي أبدل فيه الراوي شيئا بغيره في السند أو في المتن وهمًا منه، وأن المصحَّف هو التغيير الحاصل بالحروف، والمحرَّف هو التغيير الحاصل بالحركات والسكنات.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هو المقلوب ؟
2- ما هو المصحَّف ؟
3- ما هو المحرَّف ؟
( تدريب )
عين القلب والتصحيف والتحريف في الأمثلة التالية :
( المؤمنُ كيّس فطِن: المؤمن كِيسُ قُطن- واصل الأحدب: عاصم الأحول- سوار بن داود: داود بن سوار- حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه: حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله- احتجَر في المسجد: احتجم في المسجد- تشقيق الخُطَب: تشقيق الحَطَب- سعد بن سنان: سنان بن سعد -صلى إلى عَنَزَة : صلى إلى عَنْزَة- زينوا القرآن بأصواتكم: زينوا أصواتكم بالقرآن).
صفاء الدين العراقي
2013-05-23, 01:09 PM
http://majles.alukah.net/imgcache/2013/05/407.jpg
صفاء الدين العراقي
2013-05-23, 01:10 PM
http://majles.alukah.net/imgcache/2013/05/408.jpg
صفاء الدين العراقي
2013-05-24, 01:15 PM
( خلاصة الباب الثاني )
الحديث منه مقبول ومنه مردود.
وأسباب رد الحديث أربعة هي:
أولا: وجود انقطاع في السند وهو نوعان:
1-الانقطاع الظاهر ويشمل:
أ*- المرسل وهو: ما نسبه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ب*- المعلق وهو: ما سقط من أول سنده راو فأكثر.
ت*- المعضل وهو: ما سقط من سنده راويان فأكثر على التوالي.
ث*- المنقطع وهو: ما سقط من سنده راو فأكثر من غير توال وكان السقط في أثناء السند.
2-الانقطاع الخفي ويشمل:
أ*- المدلَّس وهو: الحديث الذي وقع فيه تدليس. والتدليس هو: أن يروى الراوي عمن سمع منه حديثا لم يسمعه منه بصيغة موهمة للسماع.
ب*- المرسل الخفي وهو: الحديث الذي وقع فيه إرسال خفي. والإرسال الخفي هو: أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يَلْقَه، أو لقيه ولم يسمع منه حديثا بصيغة موهمة للسماع. ثانيا: وجود مطعن في عدالة الراوي والمطاعن خمسة هي: 1- الكذب في الحديث. 2- التهمة به بأن كان يكذب في حديث الناس. 3- الفسق بارتكاب الكبائر. 4- الجهالة وهي عدم ورود توثيق أو تضعيف في الراوي وهي نوعان: أ*- جهالة عين إذا لم يرو عنه غير واحد. ب*- جهالة حال إذا روى عنه أكثر من واحد. 5- البدعة المكفرة.
ثالثا: وجود خلل في ضبط الراوي لفحش غلطه أو لكثرته من غير فحش.
رابعا: العلة وهي: سبب خفي يدل على خطأ الراوي.
وأقسامها ثلاثة:
1- الشذوذ وهو: مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه.
2- النكارة وهو: مخالفة الضعيف للثقة.
3- الاضطراب وهو: رواية الحديث على أوجه متساوية يتعذر الجمع بينها والترجيح.
والشذوذ والنكارة نوعان: ما يحصل بزيادة، وما يحصل بتبديل.
فما يحصل بزيادة يشمل المزيد في متصل الأسانيد، والمدرج، وما يحصل بتبديل يشمل المقلوب والمصحف والمحرف.
صفاء الدين العراقي
2013-05-24, 01:16 PM
وبذا نكون قد انتهينا من الباب الثاني وقد بقي علينا باب واحد.
نسأل الله التيسير.
صفاء الدين العراقي
2013-05-25, 03:55 PM
( الدرس الخامس عشر)
أقسام الحديث المقبول
قد علمت أن الحديث منه مقبول ومنه مردود، وقد تحدثنا أولا عن المردود وأسبابه بالتفصيل وآن الأوان أن نشرع في الحديث المقبول فنقول:
الحديث المقبول قسمان:
1- صحيح.
2-حَسَن. وهو أدنى درجة من الصحيح.
فالصحيح هو: ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
والحسن هو: ما اتصل سنده بنقل العدل الخفيف الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
وهذا كلام يحتاج إلى توضيح فنقول:
يشترط وجود أربعة شروط في الحديث كي يحكم عليه بأنه صحيح أو حسن وهي:
1-اتصال السند ومعناه أن يكون كل راو قد أخذ الحديث عمن فوقه من أول السند إلى منتهاه.
ولكي يتصل السند لا بد أن لا يكون مرسلا ولا معلقا ولا معضلا ولا منقطعا ولا مدلسا ولا مرسلا إرسالا خفيا.
2- العدالة وهي ملكة تحمل صاحبها على ملازمة التقوى بفعل الطاعات واجتناب المعاصي.
ولكي تتحقق العدالة في الراوي لا بد أن لا يكذب في الحديث أو يتهم به أو يكون فاسقا أو مجهولا أو مبتدعا بدعة مكفرة
3-الضبط ويشترط لصحة الحديث أن يكون الراوي تام الضبط فلا تكفي خفة الضبط لصحة الحديث، ويشترط لحسن الحديث أن يكون أحد الرواة في السند قد وصف بأنه خفيف الضبط فلذا كان الصحيح أعلى منزلة من الحسن؛ لأن ضبط رواته وحفظهم أقوى من ضبط وحفظ رواة الحسن.
ويعبر العلماء عمن جمع بين العدالة والضبط التام بقولهم هو ثقة، ويعبرون عمن جمع بين العدالة والضبط الخفيف بقولهم هو صدوق.
فثقة= عدل+ ضابط ضبطا تاما، وصدوق= عدل + ضابط ضبطا خفيفا.
4-السلامة من العلة بأن لا يكون الحديث شاذا أو منكرا أو مضطربا.
فشروط الحديث المشتركة بين الصحيح والحسن هي: ( اتصال السند، والعدالة، والسلامة من العلة ) والشرط الخاص بالصحيح هو : ( الضبط التام ) والشرط الخاص بالحسن هو: ( الضبط الخفيف ).
ولو كان جميع رجال السند ثقات باستثناء رجل واحد هو صدوق فالحديث حسن؛ لأن العبرة بالأقل.
وهنا سؤالان:
الأول: لماذا قلتم في تعريف الحديث الصحيح والحسن ( من غير شذوذ ولا علة ) أليس الشذوذ داخلا في العلة فلم أفردتموه بالذكر ؟
والجواب هو: أن الشذوذ داخل في العلة كما تقدم شرحه، ولكن خالف كثير من الفقهاء في اشتراط سلامة الحديث من الشذوذ وقالوا يصح الحديث ولو كان شاذا ولهذا إذا تعارض مرسل ومتصل لم ينظروا في الأرجح بل يقولوا: الوصل قد جاء به رجل ثقة وزيادة الثقة مقبولة فيأخذون بالمتصل خذ هذا!!.
فهذا مذهبهم وهو خلاف ما كان عليه أئمة هذه الصنعة كعلي بن المديني وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي والدارقطني وغيرهم فلذا صرحوا في تعريف الصحيح والحسن بانتفاء الشذوذ كي ينصوا على مخالفة الفقهاء.
الثاني: لماذا قيدتم العلة بالقادحة في قولكم ( من غير شذوذ ولا علة قادحة ) ؟
والجواب: لأن بعض العلل لا تقدح في صحة الحديث وثبوت المتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أن يحصل اختلاف بين الثقات في تعيين الصحابي الذي روى الحديث كأن يرد سند عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت، ويرد سند آخر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة .
فهذه علة ولكنها غير قادحة في المتن فسواء أكان الراوي زيد بن ثابت أم أبا هريرة كلاهما صحابيان والصحابة كلهم عدول بتعديل الله لهم في القرآن الكريم فلا يضر ذلك في صحة الحديث.
فاتضح أننا لو لم نقيد العلة بالقادحة لتوهم أحد أن الاختلاف الحاصل بتعيين الصحابي يجعل الحديث مردودا.
مثال الحديث الصحيح حديث إنما الأعمال بالنيات فرواته ثقات، وقد سمع بعضهم من بعض وليس فيه أي علة.
ومثال الحديث الحسن: قال الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ، بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ، ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ، وَبِأُذُنَيْهِ كِلْتَيْهِمَا، ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا ) . قال الترمذي عقبه : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ اهـ.
فهذا الحديث قد استوفى شروط الحسن فحكموا عليه بأنه حسن، ورجاله ثقات باستثناء عبد الله بن محمد بن عقيل ففي حفظه شيء وفيه كلام يجعله خفيف الضبط حسن الحديث. والله أعلم.
بقي أن ننبه على مسألة مهمة وهي: أن العلماء يحكمون على الحديث بمراتب مختلفة هي:
أولا: يقولون على حديث ما ( رجاله ثقات ) فهذا لا يعني إلا أن رواته عدول ضابطونَ، ولا يعني أنه متصل السند أو قد سلم من العلة القادحة فعلينا أن نتحقق من بقية الشروط. ثانيا: يقولون على حديث ما ( إسناده صحيح أو حسن ) وهذا لا يعني صحته بل يدل على تحقق العدالة والضبط واتصال السند فقط أما سلامة الحديث من العلل فعلينا أن نتحقق منه فقد يكون سند صحيح ولكن بجمع الروايات يتبين أنه معل.
ثالثا: يقولون على حديث ما ( صحيح أو حسن ) وهذا حكم بقبول الحديث وثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فتلخص أن الحديث الصحيح هو ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة، وأن الحسن هو مثله ولكن يقال فيه بنقل العدل الخفيف الضبط.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هو الحديث الصحيح ؟
2- ما هو الحديث الحسن ؟
3-لماذا اشترطوا لقبول الحديث سلامته من الشذوذ مع أنه داخل في العلة ؟
( تدريب )
قال الإمام الترمذي: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ( نَهَى عَنْ تَنَاشُدِ الأَشْعَارِ فِي المَسْجِدِ، وَعَنِ البَيْعِ وَالِاشْتِرَاءِ فِيهِ، وَأَنْ يَتَحَلَّقَ النَّاسُ فِيهِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ ).
قال الحافظ في التقريب في ترجمة رجال السند:
قتيبة بن سعيد بن جميل بفتح الجيم ابن طريف الثقفي أبو رجاء البغلاني ثقة ثبت مات سنة أربعين عن تسعين سنة.
الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري ثقة ثبت فقيه إمام مشهور مات في شعبان سنة خمس وسبعين.
محمد بن عجلان المدني صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة مات سنة ثمان وأربعين.
عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص صدوق مات سنة ثماني عشرة ومائة.
شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص صدوق ثبت سماعه من جده.
وأما جد شعيب فهو عبد الله بن عمرو بن العاص وهو صحابي جليل.
احكم على الإسناد مع بيان سبب الحكم ؟
صفاء الدين العراقي
2013-05-26, 05:25 AM
( الدرس السادس عشر )
الصحيح والحسن لغيرهما
قد علمت أن الحديث المقبول ينقسم إلى صحيح وحسن، وعلمت شروطهما، وكان ذلك بيانا للصحيح والحسن لذاتهما وهنالك صحيح وحسن لغيرهما وإليك البيان:
الصحيح لغيره هو: الحديث الحسن إذا تعددت طرقه.
أي هو الحديث الحسن الذي يكون أحد رواته خفيف الضبط إذا ورد من سند آخر.
فإذا جاء حديث بسندين حسنين ارتقى إلى درجة الصحة، حسن+ حسن= صحيح لغيره.
ومعنى قولنا صحيح لغيره هو أن الصحة لم تأت من ذات السند لأن أحد رجاله خفيف الضبط وإنما لكون الحديث قد جاء من طريق آخر غير الطريق الأول.
وسبب الارتقاء إلى الصحة هو أن الراوي الخفيف الضبط في حفظه ضعف يسير، يجعلنا نحكم بثبوت حديثه بنسبة 75% فإذا جاء سند آخر فيه خفيف الضبط فحينئذ نتأكد أن هذا الحديث مما حفظه الراوي بدليل الموافقة فنحكم عليه بالصحة.
فاتضح أن الصحيح لذاته هو صحيح بالنظر إلى سند واحد فقط، بينما الصحيح لغيره هو صحيح بالنظر إلى مجموع طريقين حسنين.
مثال: قال الإمام أبو داود في سننه: بَابُ مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلَامُ بِالصَّلَاةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى يَعْنِي ابْنَ الطَّبَّاعِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ، وَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ).
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ يَعْنِي الْيَشْكُرِيَّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سَوَّارٍ أَبِي حَمْزَةَ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ سَوَّارُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو حَمْزَةَ الْمُزَنِيُّ الصَّيْرَفِيُّ - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ). اهـ.
فالحديث الأول في إسناده ( عبد الملك بن عبد الربيع بن سبرة ) وفيه كلام من جهة حفظه وهو حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات.
والحديث الثاني في إسناده ( سوار بن داود ) وفيه كلام أيضا ولعله لا ينزل عن مرتبة الحسن.
والحديث يصير بمجموع الطريقين صحيح لغيره. كذا ذكروا والله أعلم.
وأما الحسن لغيره فهو: الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه ولم يكن الضعف فيه شديدا.
بمعنى أن يكون للحديث سندان فأكثر كلاهما ضعيف إما بسبب ضعف الحفظ أو لانقطاع خفيف في سنده، ولكن ليس في رواته من هو كذاب أو متهم بالكذب أو بالفسق أو ترك لفحش غلطه أو كان منكرا أو فيه علة قادحة فحينئذ نستدل بتعدد الطرق على أن هذا الحديث له أصل ثابت، ويصير الحديث بمجموع الطريقين حسنا لغيره.
ضعيف ضعفا محتملا+ ضعيف ضعفا محتملا= حسن لغيره.
ومعنى كونه حسنا لغيره هو أن الحسن جاء من خارج الإسناد بسبب تعدد الطرق، وأما الحسن لذاته فالحسن نابع من نفس السند.
مثال: قال الإمام ابن ماجَهْ في سننه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ اسْتَنْجَى مِنْ تَوْرٍ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ ). التور: إناء من صفر أو من حجارة.
ثم قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( دَخَلَ الْغَيْضَةَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، فَأَتَاهُ جَرِيرٌ، بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَاسْتَنْجَى مِنْهَا، وَمَسَحَ يَدَهُ بِالتُّرَابِ). اهـ. الغيضة: موضع يجتمع فيه الأشجار، الإداوة : إناء صغير من جلد يتخذ للماء.
فالحديث الأول سنده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله القاضي.
والحديث الثاني سنده ضعيف أيضا لانقطاع في سنده بين إبراهيم وأبيه، قال الحافظ ابن حجر في التقريب: إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي صدوق إلا أنه لم يسمع من أبيه وقد روى عنه بالعنعنة. اهـ.
والحديث بمجموع الطريقين يصير حسنا لغيره.
فتلخص أن الحديث المقبول أربعة أقسام: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لذاته وحسن لغيره.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هو الصحيح لغيره ؟
2-ما هو الحسن لغيره ؟
3-ما هي أقسام الحديث المقبول ؟
( تدريب )
قال الإمام عبد الرزاق في المصنف: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ).
وقال أيضا: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا صَلَاةَ بَعْدَ النِّدَاءِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ). اهـ.
قال الحافظ في التقريب: عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم -بفتح أوله وسكون النون وضم المهملة- الإفريقي قاضيها ضعيف في حفظه مات سنة ست وخمسين وقيل بعدها وقيل جاز المائة ولم يصح، وكان رجلا صالحا.
وقال: عبد الرحمن بن حرملة بن عمرو ابن سَنَّة- بفتح المهملة وتثقيل النون- الأسلمي أبو حرملة المدني صدوق ربما أخطأ مات سنة خمس وأربعين. اهـ.
احكم على الحديث بالنظر لهذين الطريقين ؟
صفاء الدين العراقي
2013-05-26, 05:27 AM
http://majles.alukah.net/imgcache/2013/05/430.jpg
صفاء الدين العراقي
2013-05-27, 01:03 PM
( الدرس السابع عشر)
المتابعات والشواهد
قد علمت أن الحديث الحسن يرتقي بحسن آخر إلى صحيح لغيره، وأن الضعيف المحتمل ضعفه يرتقي بضعيف مثله إلى حسن لغيره، والطريق الثاني الذي يقوي الأول لا يخلو إما أن يكون مُتابِعا أو شاهِدا.
فالمتابِعُ هو: الحديث الذي يوافق فيه الراوي غيره في رواية حديث معين من طريق الصحابي نفسه.
والشاهِدُ هو: الحديث الذي يوافق متن حديث آخر في لفظه أو معناه من رواية صحابي آخر.
فمثلا إذا ورد حديث ( عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ) فقد يبدو لأول وهلة أن هذا الحديث مداره على مالك وأنه لم يروه غيره عن نافع ، فنقلب كتب السنة ونفتش فيها فإذا وجدنا الحديث قد ورد من غير طريق مالك وليكن من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر فحينئذ يكون هذا الطريق متابِعا لطريق مالك، ومالك وأيوب تابع أحدهما الآخر في رواية الحديث نفسه عن نافع، وبما أن الصحابي واحد وهو ابن عمر في الطريقين فهذه مُتَابَعَةٌ.
ولنفرض أننا لم نجد أحدا قد وافق مالكا في روايته عن نافع ولكنا وجدنا أحدا تابع شيخ مالك وهو نافع في روايته عن ابن عمر وليكن قد ورد من طريق الزهري عن سالم عن ابن عمر فهذه أيضا متابعة، ولم تحصل لمالك وإنما لشيخه نافع، فسالم ونافع تابع أحدهما الآخر في رواية الحديث نفسه عن ابن عمر، ثم لا يضر إذا حصل تفاوت يسير في الألفاظ بين الطريقين ما دام المعنى واحدا فالمهم هو التوافق في المعنى سواء مع الاتحاد في اللفظ أو بدونه. ولنفرض أننا لم نجد أحدا تابع مالكا أو نافعا بل وجدنا طريقا آخر عن صحابي آخر وليكن من طريق الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وجاء بنفس ألفاظ حديث ابن عمر أو بمعناه فحينئذ نسمِّي طريق أبي هريرة شاهدا لأنه يشهد لحديث ابن عمر ويقويه.
مثال: قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلاَلَ وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ ).
فهذا الحديث ظن قوم أن الشافعي تفرد به عن مالك بهذا اللفظ لأن أصحاب مالك رووه بنفس الإسناد ولكن باختلاف في المقطع الأخير فرووه بلفظ: (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فاقْدِرُوا لَهُ ).
ولو لم يكن بين اللفظين خلاف في المعنى فلا إشكال ولا حاجة للبحث عن المتابعات والشواهد ولكن قد حصل تفريق عند بعض الفقهاء فقالوا:
معنى ( فأكملوا العدة ثلاثين ) هو أنه إذا حصل غيم في يوم 29 من شعبان ولنفرضه أنه يوم الأحد ولم نتمكن من رؤية هلال رمضان فيه، فحينئذ نعتبر شهر شعبان 30 يوما ويكون أول يوم رمضان هو يوم الثلاثاء.
ومعنى ( فاقْدِروا له ) هو أنه إذا حصل غيم في يوم 29 من شعبان وكان يوم الأحد ولم نتمكن من رؤية هلال رمضان فيه فحينئذ نعتبر شهر شعبان 29 يوما، ويكون أول يوم رمضان هو يوم الاثنين، وفسروا عبارة فاقدروا أي ضيقوا.
فصار معنى الحديثين مختلفا.
وصار الشافعي هو محل البحث هل تفرد بذلك اللفظ عن مالك أو لا ؟
فلما بحثنا في الكتب وجدناه لم يتفرد فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ ).
فهذه متابعة حيث تابع عبدُ اللهِ بن مسلمة الشافعيَّ في روايته الحديث عن مالك بنفس اللفظ، وتسمى هذه المتابعة بالمتابعة التامة لأنها حصلت للراوي نفسه محل البحث فالشافعي كان يظن أنه تفرد فجاء راو آخر شاركه بنفس الرواية عن شيخه.
فزالت الغرابة وزال ظن تفرد الشافعي به.
وهنالك متابعة أخرى تسمى بالمتابعة القاصرة وهي أن لا تحصل للراوي محل البحث في شيخه بل في شيخ شيخه فما فوق.
فقد جاء في صحيح ابن خزيمة من طريق عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ محمدِ بنِ زيدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، عَنْ جدِّهِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره بلفظ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَثَلَاثِينَ.
فطريق الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، وهذا الطريق عن عاصم عن أبيه محمد بن زيد عن ابن عمر، فوافق محمد بن زيد نافعا في روايته الحديث عن ابن عمر فالمتابعة حصلت لشيخ شيخ الشافعي وهو نافع. فهذه متابعة قاصرة. وقد ورد شاهد أيضا أخرجه النسائي من طريق مُحَمَّدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ ).
وهذا شاهد لأنه جاء من طريق صحابي آخر هو ابن عباس.
وإذا أردنا أن نقرب الصورة نفرض أن عدد الرواة في الحديث أربعة رجال ونتصور كيف يحصل التوافق: (1) الراوي---(2) شيخ الراوي---(3) التابعي---(4) الصحابي (5) --- حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
حيث يمثل رقم (1 ) الراوي محل البحث أي الذي يظن أنه تفرد ونبحث له عن موافق.
فالمتابعة التامة هي: المحافظة على الأرقام ( 2- 3- 4- 5 ) ويأتي راو جديد يحل محل رقم ( 1 ).
والمتابعة القاصرة هي: المحافظة على الأرقام ( 3- 4- 5 ) أو ( 4- 5 ) فقط، ويحل رواة جدد محل الأرقام غير المذكورة.
والشاهد هو: المحافظة على الرقم ( 5 ) فقط.
فتلخص أن المتابعة هي: موافقة الراوي لغيره فيما رواه من طريق الصحابي نفسه، وهي قسمان: تامة وقاصرة.
فالتامة هي: موافقة الراوي لغيره في شيخه المباشر فيما رواه من طريق الصحابي نفسه.
والقاصرة هي: موافقة الراوي لغيره فيمن فوق شيخه المباشر فيما رواه من طريق الصحابي نفسه.
والشاهد هو: الحديث الذي يوافق حديثا آخر في لفظه أو معناه من رواية صحابي آخر.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما هي المتابعة ؟
2-ما هي المتابعة التامة والمتابعة القاصرة ؟
3- ما هو الشاهد ؟
( تدريب )
قال الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( آيَةُ الْمُنَافِقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ الْمُؤْمِنِ حُبُّ الْأَنْصَارِ) وقال أيضا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( حُبُّ الْأَنْصَارِ آيَةُ الْإِيمَانِ، وَبُغْضُهُمْ آيَةُ النِّفَاقِ ). وقال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ).
بين المتابعات والشواهد فيما سبق من الروايات ؟
صفاء الدين العراقي
2013-05-29, 01:05 PM
( الدرس الثامن عشر)
خاتمة في بيان مصطلحات حديثية
أولا: بيان أقسام الحديث من جهة ما ينتهي إليه السند.
1-السند إن كان منتهاه هو النبي ﷺ فهذا يسمى مرفوعا مثل حديث إنما الأعمال بالنيات فنهاية السند هو قول للنبي ﷺ.
2- وإن كان منتهاه هو الصحابي كأن يروى عنه قول له أو فعل فهذا يسمى موقوفا.
مثال: قال الإمام ابن أبي شيبة في المصنف: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ، فَأَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ فِي وَجْهِهِ حِينَ أَدْبَرَ، فَقَالَ: ( عَقَرْتَ الرَّجُلَ، عَقَرَكَ الله ).
3- وإن كان منتهاه هو التابعي أو من دونه فيسمى مقطوعا.
مثال: قال الإمام ابن أبي شيبة في المصنف: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: ( لَا تَعَلَّمُوا رَطَانَةَ الْأَعَاجِمِ، وَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ كَنَائِسَهُمْ، فَإِنَّ السَّخَطَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ ).
ويسمى الموقوف والمقطوع بالأثر، فيقال وفي الأثر عن أبي هريرة أو عن ابن سيرين مثلا.
ثانيا: يقول المحدِّثونَ هذا حديث مُسْنَدٌ، فماذا يعنون به؟ الجواب: هو الحديث المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم بسند ظاهره الاتصال، فلا يعد الموقوف والمقطوع مسندا، ولا يعد المرفوع إذا كان الانقطاع فيه ظاهرا مسندا كأن كان مرسلا أو معلقا أو معضلا أو منقطعا، فإن كان منقطعا انقطاعا خفيا وهو المدلس والمرسل الخفي فيسمى مسندا.
ثم إن السند بين المصنف وبين النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون عاليا وإما أن يكون نازلا.
فالسند العالي هو: الذي يقل عدد رجاله، والسند النازل هو: الذي يزيد عدد رجاله.
فمثلا إذا نظرنا إلى حديث في صحيح البخاري ووجدناه قد رواه وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم 3 رجال، ثم نظرنا فإذا الإمام مسلم رواه وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم 5 رجال فالأول سنده عال والثاني نازل.
وقد يكون العلو بالنسبة لإمام معين، فمثلا لو أن أحدا اليومَ يروي صحيح البخاري وبينه وبين الإمام البخاري 20 رجلا ويرويه شخص آخر بينه وبين الإمام البخاري 22 رجلا فالأول عال والثاني نازل.
ثالثا: الراوي ومن روى عنه قد يكونا أقرانا بأن اشتركا في لقاء نفس الشيوخ وتقاربا في السن، مثل رواية سليمان التميمي عن مِسعَر بن كِدام، فهما قرينان، ولكن لا نعلم أن مسعرا روى عن سليمان، فهذه تسمى رواية الأقران.
وقد يكون كل واحد منهما روى عن الآخر مثل الأوزاعي ومالك كل واحد منهما روى عن الآخر، فهذا يسمى بالمُدَبَّج.
والفرق بينهما مع أنه في المدبج أيضا يكون الراويان أقرانا هو أنه في الأول يروي أحدهما عن الآخر فقط، وفي المدبج يروي كل منهما عن الآخر.
وإن روى الراوي عمن هو دونه كأن روى الشيخ عن تلميذه فهذه تسمى رواية الأكابر عن الأصاغر مثل رواية البخاري عن تلميذه الترمذي، ومثل رواية الآباء عن الأبناء.
وإذا اجتمع تلميذان في الرواية عن شيخ وتباعد ما بين وفاتيهما فهذا يسمى بالسابق واللاحق مثل الزهري وأحمد بن إسماعيل السهمي اشتركا في الرواية عن مالك، وقد تباعد الزمن بين وفاة التلميذين فالزهري مات سنة 124 هـ، ومات أحمد بن إسماعيل السهمي سنة 259 هـ فبين وفاتيهما 135 سنة !.
وإذا اتفق الرواة في الحديث على صفة واحدة فهذا يسمى بالمسلسل مثل أن يحدث الصحابي التابعي وهو آخذ بيده ثم يحدث التابعي نفس هذا الحديث لتابع التابعين وهو آخذ بيده وهكذا، ومثل أن يتفقوا في صيغة الأداء للحديث كأن يكون السند من أوله إلى آخره يقول الرواة فيه جميعا حدثنا ، أو سمعنا أو أخبرنا فيتتابعون جميعا على نفس صيغة واحدة.
فالحديث المسلسل هو: الذي تتكرر فيه حالة معينة في جميع السند .
رابعا: صيغ الأداء هي العبارات التي يعبر بها الراوي عن طريقة أخذه هذا الحديث من شيخه، وهي تختلف باختلاف طريقة أخذ التلميذ الحديث عن شيخه وهي:
1- أن يحدث الشيخ تلميذه بالحديث أي يسمعه إياه سواء حدثه الشيخ من حفظه أو من كتاب والتلميذ يسمع.
فحينئذ يقول التلميذ: سمعت فلانا، أو حدثني فلان أي يختار إما صيغة التسميع أو التحديث.
2- أن يقرأ التلميذ على شيخه الحديث كأن يأخذ أحد تلاميذ البخاري كتابه المسمى بالجامع الصحيح ويقرأه على الإمام البخاري فحينئذ يقول التلميذ: أخبرني، أو قرأت عليه.
3- أن يقرأ أحد التلاميذ على الشيخ والبقية يستمعون في المجلس فحينئذ يقول المستمع منهم قُرئ على فلان وأنا أسمع.
4-أن يجيز الشيخ تلميذه بكتابه كأن يؤلف الشيخ كتابا فيه مروياته كسنن الترمذي ثم يقول للطالب الفلاني أجزتك برواية الكتاب عني، فيقول الطالب أنبأني، أو شافهني، وإن أجازه بالكتابة أي كان بعيدا عنه فكتب في ورقة أجزت فلانا برواية الكتاب عني فيقول الطالب كتبَ إلي فلان، وإن دفع إليه الكتاب ولم يجزه بالرواية فيقول الطالب ناولني أي ناولني الكتاب، والمناولة أضعف الصيغ إلا إن اقترنت بالإجازة أي يناوله كتاب مروياته ويجيزه بها فتكون قوية معتبرة.
خامسا: الرواة في السند أحيانا تتفق أسماؤهم وأسماء آبائهم فتجد رجلين أو أكثر تتشابه أسماؤهم وأسماء آبائهم مثل عبد الرحمن بن محمد يوجد أكثر من شخص بهذا الاسم فهذا النوع يسمى بالمتفق والمفترِق اتفقت أسماؤهم وافترقت ذواتهم.
وقد تتفق أسماؤهم في الكتابة والخط وتختلف في النطق مثل سَلِيم وسُلَيْم، الخط واحد ولكن النطق مختلف لاختلاف الحركات ، فهذا يسمى بالْـمُؤْتَلِفِ وَالْمـُخْتَلِف ِ، ائتلف الخط واختلف النطق.
وقد تتفق أسماؤهم وتختلف أسماء آبائهم في النطق دون الخط مثل محمد بن عَقِيل، ومحمد بن عُقَيْل، أو تتفق أسماء آبائهم وتختلف أسماؤهم في النطق دون الخط مثل شُرَيح بن النعمان وسُرَيج بن النعمان، وشريح وسريج متفقان في الخط، إذْ أنهم في السابق لم يكونوا ينقطون الكلمات أو يضبطونها في الشكل فاهتموا بضبط أسماء الرواة جيدا فهذا النوع يسمى بالمتشابِهِ.
( الأسئلة )
1-في ضوء ما تقدم ما الفرق بين المرفوع والموقوف والمقطوع ؟
2- ما هو المسند وما الفرق بين السند العالي والنازل ؟
3-ما هي صيغ الأداء ؟
( تدريب )
ميز بين المرفوع والموقوف والمقطوع فيما يلي من الروايات:
1-قال الإمام البخاري في صحيحه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا للهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ).
2-قال الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مَنْ سُنَنَ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ).
(يهادى بين رجلين) أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهم بسبب المرض.
3-قال الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: ( مَا مِنْ شَيْءٍ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ لَحْدٍ قَدِ اسْتَرَاحَ مِنْ هُمُومِ الدُّنْيَا وَأَمِنَ مِنْ عَذَابِ اللهِ ).
صفاء الدين العراقي
2013-05-30, 01:31 PM
( خلاصة الباب الثالث )
الحديث المقبول أربعة أقسام:
1-صحيح لذاته وهو: ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
2-حسن لذاته وهو: ما اتصل سنده بنقل العدل الخفيف الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
3-صحيح لغيره وهو: الحسن إذا تعددت طرقه.
4-الحسن لغيره وهو: الضعيف ضعفا محتملا إذا تعددت طرقه.
وإنما يتقوى الحديث بالمتابعات والشواهد.
فالمتابعة هي: موافقة الراوي لغيره فيما رواه من طريق الصحابي نفسه.
وهي قسمان: تامة وقاصرة:
فالتامة هي: موافقة الراوي لغيره في شيخه المباشر فيما رواه من طريق الصحابي نفسه.
والقاصرة هي: موافقة الراوي لغيره فيمن فوق شيخه المباشر فيما رواه من طريق الصحابي نفسه.
والشاهد هو: الحديث الذي يوافق حديثا آخر في لفظه أو معناه من رواية صحابي آخر.
وهذه خاتمة في مصطلحات متعلقة بالسند:
أولا: الحديث المرفوع هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والموقوف ما أضيف إلى الصحابي والمقطوع ما أضيف إلى التابعي أو من دونه، ويسمى الموقوف والمقطوع بالأثر.
ثانيا: المسند هو الحديث المرفوع بسند ظاهره الاتصال.
ثم إن السند بين المصنف وبين النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون عاليا وإما أن يكون نازلا.
فالسند العالي هو: الذي يزيد عدد رجاله. وهذا يسمى بالعلو المطلق.
والسند النازل هو: الذي يقل عدد رجاله.
وقد يكون العلو بالنسبة لإمام معين ويسمى بالعلو النسبي.
ثالثا: إذا روى أحد القرينين عن الآخر فهي رواية الأقران، وإذا روى كل واحد منهما عن الآخر فهو المُدَبَّج.
وإذا روى الراوي عمن دونه فهي رواية الأكابر عن الأصاغر.
وإذا اجتمع تلميذان في الرواية عن شيخ وتباعد ما بين وفاتيهما فهذا يسمى بالسابق واللاحق.
وإذا اتفق الرواة في الحديث على صفة واحدة فهذا يسمى بالمسلسل.
رابعا: وصيغ الأداء هي العبارات التي يعبر بها الراوي عن طريقة أخذه الحديث من شيخه، وهي تختلف باختلاف طريقة أخذ التلميذ الحديث عن شيخه وهي:
1- طريقة السماع من الشيخ وفيها يقول الراوي سمعت أو حدثني.
2- طريقة القراءة على الشيخ وفيها يقول الراوي أخبرني أو قرأت عليه فإن كان القارئ غيره فيقول قرئ عليه وأنا أسمع.
3- أن يجيز الشيخ تلميذه بمروياته وفيها يقول الراوي أنبأني أو شافهني أو كتب إليَّ- إن كتب له الإجازة بورقة- أو ناولني إن دفع إليه الشيخ مروياته في كتاب.
خامسا: الرواة في السند أحيانا تتفق أسماؤهم وأسماء آبائهم فتجد رجلين أو أكثر تتشابه أسماؤهم وأسماء آبائهم فهذا النوع يسمى بالمتفق والمفترِق اتفقت أسماؤهم وافترقت ذواتهم.
وقد تتفق أسماؤهم في الكتابة والخط وتختلف في النطق مثل سَلِيم وسُلَيْم، الخط واحد ولكن النطق مختلف لاختلاف الحركات ، فهذا يسمى الْـمُؤْتَلِفُ وَالْمـُخْتَلِف ُ، ائتلف الخط واختلف النطق.
وقد تتفق أسماؤهم وتختلف أسماء آبائهم في النطق دون الخط أو تتفق أسماء آبائهم وتختلف أسماؤهم في النطق دون الخط فهذا النوع يسمى بالمتشابِهِ للتشابه بين الاسمين في الخط.
صفاء الدين العراقي
2013-06-03, 02:16 AM
( تعليقات على النص )
الْـمَقْبُولُ: إِنْ رَوَاهُ عَدْلٌ تَامُّ الْضَّبْطِ، وَاتَّصَلَ سَنَدُهُ، وَسَلِمَ مِنْ الشُّذُوذِ، وَمِنَ الْعِلَّةِ القَادِحَةِ؛ فَهُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِهِ. وَإِنْ وُجِدَتِ الشُّرُوطُ الخَمْسُ، لَكِنْ خَفَّ الضَّبْطُ؛ فَهُوَ الْحَسَنُ لِذَاتِهِ. وَتَفَاوَتُ مَرَاتِبِ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ بِتَفَاوُتِ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِالْقُوَّةِ. وَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْحَسَنِ إِذَا كَثُرَتْ طُرُقُهُ. وَزِيَادَةُ رَاوِي الصَّحِيحِ، وَالْحَسَنِ مَقْبُولَةٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُنَافِيَةً لِرِوَايَةِ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ.
فَإِنْ خَالَفَ الرَّاوِي مَنْ هُوَ أَرْجَحُ؛ فَالرَّاجِحُ هُوَ: الْمـَحْفُوظُ، وَمُقَابِلُهُ هُوَ: الشَّاذُّ. وَمَعَ الضَّعْفِ؛ فَالرَّاجِحُ هُوَ: الْـمَعْرُوفُ، وَمُقَابِلُهُ هُوَ: الْـمُنْكَرُ.
.............................. .............................. .............................. ...........................
أقول: بدأ بتقسيم الحديث إلى مقبول ومردود فقال: ( الْـمَقْبُولُ: إِنْ رَوَاهُ عَدْلٌ تَامُّ الْضَّبْطِ ) هذان شرطان ( وَاتَّصَلَ سَنَدُهُ، وَسَلِمَ مِنْ الشُّذُوذِ، وَمِنَ الْعِلَّةِ القَادِحَةِ ) هذه ثلاثة شروط فيكون المجموع خمسة شروط (فَهُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِهِ ) أي بذات ونفس الحديث لا بسبب حديث آخر (وَإِنْ وُجِدَتِ الشُّرُوطُ الخَمْسُ، لَكِنْ خَفَّ الضَّبْطُ؛ فَهُوَ الْحَسَنُ لِذَاتِهِ ) فالفرق بين الصحيح لذاته والحسن لذاته هو خفة الضبط فقط ( وَتَفَاوَتُ مَرَاتِبِ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ بِتَفَاوُتِ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِالْقُوَّةِ ) يقصد أن الصحيح والحسن ليسا على مرتبة واحدة من القوة فالصحيح الذي رواته أئمة كبار كمالك عن نافع عن ابن عمر ليس كحديث رجاله لم يبلغوا ذلك المبلغ فيوجد صحيح وأصح. (وَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْحَسَنِ إِذَا كَثُرَتْ طُرُقُهُ ) أي أسانيده فحسن لذاته+ حسن لذاته= صحيح لغيره. (وَزِيَادَةُ رَاوِي الصَّحِيحِ، وَالْحَسَنِ مَقْبُولَةٌ ) يقصد إذا روى الثقات حديثا واحدا بإسناد واحد ومتن واحد ثم جاء راو ثقة أو صدوق فزاد زيادة، فهذه الزيادة مقبولة وتكون صحيحة إذا كان الراوي ثقة، وحسنة إذا كان الراوي صدوقا، وهذه المسألة تعرف بزيادة الثقات ولكن ذكر شرطا لذلك وهو ( إِنْ لَمْ تَكُنْ مُنَافِيَةً لِرِوَايَةِ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ ) يقصد أن الزيادة إذا كانت منافية للأوثق بأن تعارض رواية من ذكر الزيادة رواية من لم يذكرها تعارضا لا يمكن الجمع بينهما، فحينئذ ترد تلك الزيادة وتعتبر شاذة والمحفوظ هو الحديث الخالي منها، فإن لم تكن منافية فحينئذ تكون تلك الزيادة مقبولة صحيحة أو حسنة، هذا ما اختاره الحافظ ابن حجر رحمه الله، والمختار هو أن الزيادة ترد إذا اقتضت القرائن ردها وإن لم تكن منافية ومن تلك القرائن كون من لم يزدها أحفظ أو أكثر عددا أو خالفت الزيادة المعلوم من السنة. والله أعلم.
الشاذ موضعه في المردود وليس هنا ولكنه تكلم عليه هنا لما تحدث عن المنافاة في الزيادة، وأن الزيادة قد ترد فتكون شاذة، فاستدعى ذلك بيان الشاذ وهو ما خالف الراوي فيه من هو أرجح منه لحفظ أو كثرة عدد ونحو ذلك من القرائن، هذا إذا كانت المخالفة بين ثقة وأوثق فإن كانت بين ضعيف وثقة فقد بينه بقوله ( وَمَعَ الضَّعْفِ؛ فَالرَّاجِحُ هُوَ: الْـمَعْرُوفُ، وَمُقَابِلُهُ هُوَ: الْـمُنْكَرُ ) وهو أسوأ حالا من الشاذ.
صفاء الدين العراقي
2013-06-03, 08:36 PM
وَمَا يُظَنُّ أنَّهُ فَرْدٌ نِسْبِيٌّ: إِنْ وُجِدَ لَهُ مُوَافِقٌ، وَلَو مَعْنًى مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيِّهِ؛ فَذَلِكَ الْمـُوَافِقُ هُوَ: الْـمُتَابِـعُ. وَالْـمُتَابَعَ ةُ: إِنْ كَانَتْ لِلرَّاوِي نَفْسِهِ؛ فَهِيَ التَّامَّةُ. وَإِنْ كَانَتْ لِشَيْخِهِ فَمَنْ فَوْقَهُ؛ فَهِيِ الْقَاصِرَةُ، وَكلٌّ مِنْهُمَا يُفْيُد التَّقْوِيَةَ.و إِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ -وَلَوْ فِي المعْنَى- مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ آخَرَ؛ فَهْوَ الشَّاهِدُ. وتَتَبُّعُ الطُّرُقِ هُوَ: الاعْتِبَارُ.ثُ َّ إِنْ سَلِمَ الْحَدِيثُ مِنَ الْـمُعَارَضَةِ بِمِثْلِهِ؛ فَهُوَ الْـمُحْكَمُ؛ وَإِلَّا: فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ؛ فَهُوَ مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ؛ وَإِلَّا: فَإِنْ عُرِفَ المُتَّأَخِرُ؛ فَهُوَ النَّاسِخُ، وَالْآخَرُ الْـمَنْسُوخُ
.......................... ......................... ......................... ......................... ...................
ثم تحدث عن المتابعات والشواهد لأنها هي التي يرتقي بها الحديث إلى صحيح لغيره أو حسن لغيره ( وَمَا يُظَنُّ أنَّهُ فَرْدٌ نِسْبِيٌّ ) أي إذا حسب الناظر أن هذا الراوي تفرد بهذا الحديث عن فلان فحينئذ يبدأ بالبحث في كتب السنة عن المتابعات والشواهد وحينها ( إِنْ وُجِدَ لَهُ ) أي لمن يظن أنه فرد نسبي( مُوَافِقٌ، وَلَو مَعْنًى مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيِّهِ ) أي صحابي ما يظن أنه فرد نسبي، والحاصل هو أن يشترط في المتابِع إتحاد الصحابي ولو كان المروي موافقا في المعنى وليس في اللفظ، فالمتابعة إذا اتحد الصحابي فيها تحصل باللفظ أو بالمعنى (فَذَلِكَ الْمـُوَافِقُ هُوَ: الْـمُتَابِـعُ ) فالراوي الثاني هو المتابِع والراوي الأول هو المتابَع. ( وَالْـمُتَابَعَ ةُ: إِنْ كَانَتْ لِلرَّاوِي نَفْسِهِ؛ فَهِيَ التَّامَّةُ. وَإِنْ كَانَتْ لِشَيْخِهِ فَمَنْ فَوْقَهُ؛ فَهِيِ الْقَاصِرَةُ، وَكلٌّ مِنْهُمَا يُفْيُد التَّقْوِيَةَ ) للحديث وقد تم التمثيل لهما مسبقا ( وَإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ ) أي يشبه رواية ما يظن أنه فرد نسبي ( وَلَوْ فِي المعْنَى مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ آخَرَ؛ فَهْوَ الشَّاهِدُ ) وهو يفيد التقوية أيضا وقد يكون باللفظ أو بالمعنى ( وتَتَبُّعُ الطُّرُقِ هُوَ: الاعْتِبَارُ ) أي أن عملية البحث والتفتيش في كتب السنة بحثا عن الشواهد والاعتبارات تسمى بالاعتبار.( ثُمَّ إِنْ سَلِمَ الْحَدِيثُ مِنَ الْـمُعَارَضَةِ بِمِثْلِهِ؛ فَهُوَ الْـمُحْكَمُ؛ وَإِلَّا: فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ؛ فَهُوَ مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ؛ وَإِلَّا: فَإِنْ عُرِفَ المُتَّأَخِرُ؛ فَهُوَ النَّاسِخُ، وَالْآخَرُ الْـمَنْسُوخُ ) خلاصته أن الحديث إما أن يسلم من معارضته بحديث آخر كحديث إنما الأعمال بالنيات فلا معارض له فهذا يسمى بالمحكم، وإما أن يعارض بحديث آخر ويمكن الجمع بينهما مثل حديث لا عدوى ، مع حديث فر من المجذوم فرارك من الأسد، فقد حمل على أن المنفي هو العدوى الحاصلة باعتقاد أهل الجاهلية من أن الأشياء تعدي بطبعها، والمثبت هو العدوى الحاصلة بإذن الله التي قد تتخلف ولا تحصل لمشيئة الله سبحانه فهذا النوع يسمى مُخْتَلِفَ الحديثِ، أو لا يمكن الجمع بينهما فحينئذ يصار إلى النسخ إن علم التاريخ كحديث من مس ذكره فليتوضأ مع حديث إنما هو بضعة منك فقد حمل الثاني على النسخ.
صفاء الدين العراقي
2013-06-04, 01:12 PM
وَالْمـَرْدُودُ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَدُّهُ لِسَقْطٍ مِنَ السَّنَدِ، أَوْ طَعْنٍ فِي رَاوٍ:فَمَا سَقَطَ أَوَّلُ سَنَدِهِ، تَصَرُّفًا مِنْ مُصَنِّفٍ؛ فَهُوَ الْـمُعَلَّقُ.و مَا سَقَطَ صَحَابِيُّهُ؛ فَهُوَ الْـمُرْسَلُ.وَ َا سَقَطَ مِنْهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مَعَ التَّوَالي؛ فَهُوَ الْـمُعْضَلُ.وَ َا سَقَطَ مِنْهُ وَاحِدٌ، وَلَوْ فِي مَوَاضِعَ؛ فَهُوَ الْـمُنْقَطِعُ. َإِنْ خَفِيَ السُّقُوطُ بِأَنَ رَوَى عَنْ مُعَاصِرِهِ شَيئًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، بِصِيَغةٍ تَحْتَمِلُ السَّمَاعَ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ لَقِيَهُ؛ فَهُوَ الْمـُدَلَّسُ، وَإِلَّا: فَهُوَ الْـمُرْسَلُ الْخَفِيُّ.
.............................. .............................. .............................. ..............................
ثم لما انتهى من المقبول بدأ بالمردود فقال ( وَالْمـَرْدُودُ :إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَدُّهُ لِسَقْطٍ مِنَ السَّنَدِ، أَوْ طَعْنٍ فِي رَاوٍ: فَمَا سَقَطَ أَوَّلُ سَنَدِهِ، تَصَرُّفًا مِنْ مُصَنِّفٍ؛ فَهُوَ الْـمُعَلَّقُ ) وسواء أكان الذي سقط من أول سند راو أو أكثر ( وَمَا سَقَطَ صَحَابِيُّهُ؛ فَهُوَ الْـمُرْسَلُ ) أي لم يذكر الصحابي في الحديث بل نسبه التابعي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة ( وَمَا سَقَطَ مِنْهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مَعَ التَّوَالي؛ فَهُوَ الْـمُعْضَلُ، وَمَا سَقَطَ مِنْهُ وَاحِدٌ، وَلَوْ فِي مَوَاضِعَ؛ فَهُوَ الْـمُنْقَطِعُ ) أي بشرط عدم التوالي فإن توالى السقط فهو معضل، والتمثيل والتفصيل قد سبق وإنما القصد هنا التعليق الخفيف على النص.
هذا إذا كان السقط ظاهرا ( فَإِنْ خَفِيَ السُّقُوطُ بِأَنَ رَوَى عَنْ مُعَاصِرِهِ شَيئًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، بِصِيَغةٍ تَحْتَمِلُ السَّمَاعَ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ لَقِيَهُ؛ فَهُوَ الْمـُدَلَّسُ ) أي لقيه وسمع منه بعض الأحاديث ولكن بعض الأحاديث لم يسمعها منه مباشرة بل بواسطة ثم دلسها عنه بقوله عن فلان( وَإِلَّا: فَهُوَ الْـمُرْسَلُ الْخَفِيُّ )وإن لم يعرف أنه لقيه وسمع منه سواء عاصره ولم يلقه أو لقيه ولم يسمع منه شيئا من الحديث؛ فهو المرسل الخفي.
صفاء الدين العراقي
2013-06-04, 01:16 PM
وَالطَّعْنُ يَكُونُ بِوَاحِدٍ مِنْ عَشَرَةِ أَشْيَاءَ: خَمْسَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْعَدَالَةِ؛ وَهِيَ:
1- الكَذِبُ فيِ الْحَدِيثِ النَّبوِيِّ، 2- وَالتُّهَمَةُ بِذَلِكَ، 3- وَظُهُورُ الْفِسْقِ، 4- وَالْجَهْلُ بِحَالِ الرَّاوِي، 5- وَبِدْعَتُهُ المُكَفِّرَةُ.
وَخَمْسَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالضَّبْطِ؛ وَهِيَ: 1- فُحْشُ غَلَطِهِ، 2- وَكَثْرَةُ غَفْلَتِهِ، 3- وَوَهَمُهُ، 4- وَمُخَالَفَتُهُ لِلثِّقَاتِ، 5- وَسُوءُ حِفْظِهِ. .............................. .............................. .............................. .............................
ولما أنهى الكلام على المردود بسبب السقط في السند، بدأ بالمردود بسبب الطعن في الراوي فقال: ( وَالطَّعْنُ يَكُونُ بِوَاحِدٍ مِنْ عَشَرَةِ أَشْيَاءَ: خَمْسَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْعَدَالَةِ؛ وَهِيَ: الكَذِبُ فيِ الْحَدِيثِ النَّبوِيِّ، وَالتُّهَمَةُ بِذَلِكَ ) أي بالكذب في الحديث النبوي بسبب كونه قد عرف بالكذب في حديث الناس فيتهم بالكذب في الحديث النبوي ويترك حديثه ( وَظُهُورُ الْفِسْقِ ) بفعل الكبائر( وَالْجَهْلُ بِحَالِ الرَّاوِي ) وتنقسم الجهالة إلى جهالة عين وجهالة حال ( وَبِدْعَتُهُ المُكَفِّرَةُ ) بخلاف غير المكفرة لأن الأئمة الكبار رووا عمن اتصف بالبدعة غير المكفرة. ( وَخَمْسَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالضَّبْطِ؛ وَهِيَ: فُحْشُ غَلَطِهِ ) أي أن يكون الغلط كثيرا جدا ( وَكَثْرَةُ غَفْلَتِهِ ) الغفلة هي عدم التيقظ والانتباه وشرود الذهن والسرحان وتحصل في حال تحمل الحديث وفي حال الأداء، ففي حال تحمل الحديث أي تلقيه له من شيخه قد يصاب الشخص بالغفلة والشيخ يحدث فيسرح ذهنه في أمر ما فيسمع الحديث غلطا ثم يبلغه للناس على الغلط، وفي حال التأدية قد يُقرأ عليه الحديث ويغلط فيه القارئ وهو غافل وربما نام أثناء القراءة فلا يدري ما يقال في مجلسه فهذه الغفلة إذا كثرت ترك حديث الراوي بسببها وقيل عنه إنه مغفل وهي من أسباب الضعف الشديد الذي يجعل روايته ساقطة لا تصلح في المتابعات والشواهد أي لا يتقوى بها الطريق الآخر؛ لأن المراد بالغفلة هنا من كانت تلك عادته لا من أصيب بها قليلا فإنه لا يكاد يسلم منها أحد (وَوَهَمُه) أي خطؤه ( وَمُخَالَفَتُهُ لِلثِّقَاتِ ) فيما يروونه ( وَسُوءُ حِفْظِهِ ) سواء كان سوء الحفظ ملازما له أو عرضَ له بعد ذلك بسبب كبر سنه أو إصابته بمرض. وهنا سؤال مهم وهو ما الفرق بين هذه الخمسة ؟ والجواب هو أنها جميعا تشترك في صدق الغلط عليها فكلها أسماء تدل على وقوع الغلط من الراوي والفرق بينها هو: أن الغلط ثلاثة أنواع: أولا: غلط كثير جدا ويندرج تحته ( فحش الغلط، وكثرة الغفلة ) والفرق بينهما هو أن الأول يحصل مع التيقظ والانتباه فهو واع لما يقول ولكن مروياته أكثرها خطأ بسبب سوء حفظه جدا، و الثاني يحصل مع عدم الانتباه وشرود الذهن، ثانيا: غلط كثير ويندرج تحته ( سوء الحفظ ). وغلط قليل ويندرج تحته ( الوهم، ومخالفة الثقات ) والوهم أعم فإنَّ مخالفة الثقات دليل على وهم الراوي، وهذان في التحقيق يندرجان تحت اسم المعل ويكون الفرق بينهما- فيما يظهر- هو أن المعل قد يكون له اسم خاص يحصل من المخالفة كالمدرج والمقلوب والمضطرب والمصحف والمحرّف، وقد لا يكون له اسم خاص كوصل مرسل أو رفع موقوف فهذا النوع أي ما ليس له اسم خاص هو المراد بالوهم، وما له اسم خاص فهو المراد بمخالفة الثقات. والله أعلم.
صفاء الدين العراقي
2013-06-04, 01:20 PM
وَالْوَهْمُ: كَوَصْلِ مُرْسَلٍ، وَإِدْخَالِ حَدِيثٍ فيِ حَدِيثٍ؛ وَهَذَا هُوَ الْـمُعَلَّلُ. والْـمُخَالَفَة ُ: إِنْ كَانَتُ بِتَغْيِيرِ سِيَاقِ الْإِسْنَادِ؛ فَهُوَ مُدْرَجُ الْإِسْنَادِ.
أَوْ بِدَرْجِ مَوْقُوفٍ بِمَرْفُوعٍ؛ فَهُوَ مُدْرَجُ الْـمَتْنِ. أَوْ بِتَقْدِيمٍ وتَأْخِيرٍ فِي الْأَسْماءِ؛ فَهُوَ الْـمَقْلُوبُ، وَقَدْ يَقَعُ الْقَلْبُ فِي الـْمـَتْنِ أَيْضًا. أَوْ بِزِيَادَةِ رَاوٍ؛ فَهُوَ الْـمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ.
أَوْ بِإِبْدَالِ رَاوٍ، وَلَا مُرَجِّحَ؛ فَهُوَ الـمُضْطَرِبُ.
أَوْ بِتَغْيِيرِ بَعْضِ الْحُرُوفِ بِالْنِّسْبَةِ إِلَى النَّقْطِ: فَهُوَ الْـمُصَحَّفُ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّكْلِ: فَهُوَ الـمُحَرَّفُ.
.............................. .............................. .............................. .............................
ثم أخذ في بيان الوهم والمخالفة اللذينِ تقدم ذكرهما فقال ( وَالْوَهْمُ: كَوَصْلِ مُرْسَلٍ، وَإِدْخَالِ حَدِيثٍ فيِ حَدِيثٍ؛ وَهَذَا هُوَ الْـمُعَلَّلُ ) وصل المرسل هو أن يكون الحديث قد رواه الثقات مرسلا فَيَهمُ شخص منهم فيرويه متصلا بذكر الصحابي، ومثله أن يكونَ موقوفا فَيَهمُ شخص منهم فيرويه مرفوعا، وإدخال حديث في حديث هو أن يأتي حديثان مستقلان فيأتي راو يأخذ بعض الحديث الأول ويدرجه في الثاني فيصيران حديثا واحدا مثل: ما رواه بعضهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا ) فالحديث أصله بدون قوله في آخره ولا تنافسوا، فإنه جاء من حديث آخر ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ) فأخذ الراوي جملة ولا تنافسوا فأضافها على الحديث السابق، وهذا بالمدرج ألصق ، وإن كان الإدراج هو علة كما ذكرنا. ( والْـمُخَالَفَة ُ:إِنْ كَانَتُ بِتَغْيِيرِ سِيَاقِ الْإِسْنَادِ؛ فَهُوَ مُدْرَجُ الْإِسْنَادِ ) تغيير سياق الإسناد معناه أن يساق السند الصحيح بصورة معينة فيأتي من يغيره عن تلك الصورة مثل أن يروي جماعة حديثا واحدا بأسانيد مختلفة، فيأتي راو يجمع الأسانيد المختلفة على إسناد واحد ولا يبين الاختلاف الذي بينهم وقد سبق التمثيل له ( أَوْ بِدَرْجِ مَوْقُوفٍ بِمَرْفُوعٍ؛ فَهُوَ مُدْرَجُ الْـمَتْنِ ) كما تقدم في حديث أسبغوا الوضوء ( أَوْ بِتَقْدِيمٍ وتَأْخِيرٍ فِي الْأَسْماءِ؛ فَهُوَ الْـمَقْلُوبُ ) كأن يكون اسمه زيد بن عمرو فيقلب إلى عمرو بن زيد (وَقَدْ يَقَعُ الْقَلْبُ فِي الـْمـَتْنِ أَيْضًا ) مثل حديث لا تعلم شماله ما تنفق يمينه قلب إلى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ومعلوم أن الإنفاق يكون باليمين لا بالشمال ( أَوْ بِزِيَادَةِ رَاوٍ؛ فَهُوَ الْـمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ ) ويكون الصواب هو عدم الزيادة، ويكون السند متصلا بدون ذكر ذلك الرجل (أَوْ بِإِبْدَالِ رَاوٍ، وَلَا مُرَجِّحَ؛ فَهُوَ الـمُضْطَرِبُ ) أي أن يرد على صور مختلفة متساوية وضع راو فيها مكان آخر فلا يدرى أن الصواب في الحديث عن فلان أو عن فلان وقد تقدم مثاله.
( أَوْ بِتَغْيِيرِ بَعْضِ الْحُرُوفِ بِالْنِّسْبَةِ إِلَى النَّقْطِ: فَهُوَ الْـمُصَحَّفُ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّكْلِ: فَهُوَ الـمُحَرَّفُ ) مثال المصحف بالنقط كلمة يضرب تجعل تضرب، ومثال المصحف بالشكل يَضرِب يجعل يُضرَب.
عبد الله عمر المصري
2013-06-05, 04:03 AM
هل انتهت الدروس إلى هنا أم هناك باقٍ لها ؟؟ ومتى ستظهر في شكل pdf ؟؟
صفاء الدين العراقي
2013-06-05, 02:53 PM
وَالْإِسْنَادُ: إِنِ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَالْمرْفُوعُ، أَوْ إِلَى الصَّحَابِيِّ: فَالْموْقُوفُ، أَوْ إِلَى التَّابِعِيِّ، أَوْ منْ دُونَهُ: فَالْـمَقْطُوعُ .
وَيُقَالُ لِلأَخِيَريْنِ: الْأَثَرُ.
وَالـمُسْنَدُ: مَرْفُوُع صَحَابِيٍّ بِسَنَدٍ ظَاهِرُهُ الِاتِّصَالُ.
فَإِّنْ قَلَّ عَدَدُ رِجَالِ السَّنَدِ، وَانْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَهُوَ الْعُلُوُّ الْـمُطْلَقُ. أَوْ إِلَى إِمَامٍ ذِي صِفَةٍ عَلِيَّةٍ؛ فَهُوَ الْعُلُوُّ النِّسْبِيُّ. .............................. .............................. .............................. .............................
( أَوْ بِتَغْيِيرِ بَعْضِ الْحُرُوفِ بِالْنِّسْبَةِ إِلَى النَّقْطِ: فَهُوَ الْـمُصَحَّفُ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّكْلِ: فَهُوَ الـمُحَرَّفُ ) مثال المصحف بالنقط كلمة يضرب تجعل تضرب، ومثال المصحف بالشكل يَضرِب يجعل يُضرَب. ولا يخفى على المتأمل أن في كلام المصنف قصورا فهناك تغيير بغير النقط والشكل كجعل حرف مكان حرف آخر مثل قلب العين واوا أو قلب الميم لاما، قال الشيخ العلامة محمد أكرم بن عبد الرحمن السندي رحمه الله في كتابه إمعان النظر في توضيح نخبة الفكر : ولا يخفى أن تغيير الحرف أو الحروف قد لا يكون بالنسبة إلى النقطة، ولا بالنسبة إلى الشكل كتغيير عاصم الأحول بواصل الأحدب مع أنه مصحَّف أيضا، فلعل المراد تغيير بالنسبة إلى النقطة أو ما يشبهه في كونه تغيير الحرف حقيقة. اهـ ثم لما انتقل من الكلام على لب مصطلح الحديث أعني مبحث المقبول والمردود شرع يتكلم في مصطلحات متعلقة بالسند فقال: ( وَالْإِسْنَادُ: إِنِ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَالْمرْفُوعُ، أَوْ إِلَى الصَّحَابِيِّ: فَالْموْقُوفُ، أَوْ إِلَى التَّابِعِيِّ، أَوْ منْ دُونَهُ: فَالْـمَقْطُوعُ وَيُقَالُ لِلأَخِيَريْنِ: الْأَثَرُ ) يقصد بالأخيرين الموقوف والمقطوع. (وَالـمُسْنَدُ: مَرْفُوُع صَحَابِيٍّ بِسَنَدٍ ظَاهِرُهُ الِاتِّصَالُ ) فاحترز بمرفوع الصحابي عن مرفوع التابعي فإنه مرسل، وبسند ظاهره الاتصال عن السند الذي ظاهره الانقطاع من مرسل ومعلق ومعضل ومنقطع، وأما الانقطاع الخفي فداخل فيه. ( فَإِّنْ قَلَّ عَدَدُ رِجَالِ السَّنَدِ، وَانْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَهُوَ الْعُلُوُّ الْـمُطْلَقُ ) وإنما تكون القلة بالنظر إلى عدد أكبر من الرجال، فمن روى حديثا معينا بأربعة رجال، ورواه غيره بخمسة رجال فالأول عال والثاني نازل. ( أَوْ إِلَى إِمَامٍ ذِي صِفَةٍ عَلِيَّةٍ؛ فَهُوَ الْعُلُوُّ النِّسْبِيُّ )يقصد بالصفة العلية أن يكون ذلك الإمام صاحب مصنف من المصنفات كالبخاري ومسلم أو يكون ذا شهرة بالعلم والحفظ كشعبة بن الحجاج وعبد الرحمن بن مهدي، فلو عاش شخص في القرن العاشر الهجري ووصل سنده إلى صحيح الإمام مسلم بـ 12 رجلا بينما أقرانه يصلون بـ 13 رجلا فهذا هو العلو النسبي، وقد يكون حديث الإمام مسلم بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم نازلا لأن عدد الرجال بين مسلم والنبي صلى الله عليه وسلم أكثر مما هو عليه ذلك الحديث عند الإمام البخاري مثلا، ولكن لأنه بين من عاش في القرن العاشر وبين الإمام مسلم عدد قليل فيكون عاليا نسبيا. فافهم.
صفاء الدين العراقي
2013-06-05, 02:55 PM
فِإِنْ تَشَارَكَ الرَّاوِي وَمَنْ رَوَى عَنْهُ في صِفَةِ مِنَ الصِّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَة ِ بِالرِّوَايَةِ؛ كَالسِّنِّ، واللُّقِيِّ: فَهُوَ الْأَقْرَانُ. وَإِِنْ رَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ: فَهُوَ الْـمُدَبَّجُ، وَإِنْ رَوَى عَمَّنْ دُوْنَهُ: فَهُوَ رِوَايَةُ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِر. وإِنِ اجتَمَعَ اثْنَانِ عَلَى شَيْخٍ، وَتَقَدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا: فَهُوَ السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ. وَإِنِ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ فِي صِيغِ الْأَدَاء، أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْحَالَاتِ؛ فَهُوَ الْـمُسَلْسَلُ.
.............................. .............................. .............................. .............................
لا يزال الكلام في بيان بعض المصطلحات المتعلقة بالسند قال: ( فِإِنْ تَشَارَكَ الرَّاوِي وَمَنْ رَوَى عَنْهُ في صِفَةِ مِنَ الصِّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَة ِ بِالرِّوَايَةِ ) يلاحظ أن كلامه يدل على أنه يكفي صفة واحدة لتسميتها برواية الأقران كأن يكونا اشتركا في السن أي تقاربا فيه، أو أخذا عن شيخ واحد (كَالسِّنِّ، واللُّقِيِّ ) أي لقاء الشيوخ والأخذ عنهم ( فَهُوَ الْأَقْرَانُ ) أي فهذا النوع يسمى برواية الأقران. ( وَإِِنْ رَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ: فَهُوَ الْـمُدَبَّجُ ) سميا بذلك أخذ من ديباجتي الوجه وهما: الخدان، لتساويهما في رواية كل منهما عن الآخر مثل أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما فكل واحد منهما روى عن الآخر. ( وَإِنْ رَوَى عَمَّنْ دُوْنَهُ: فَهُوَ رِوَايَةُ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِر ) ويدخل فيه رواية الشيخ عن تلميذه والأب عن ابنه. (وإِنِ اجتَمَعَ اثْنَانِ عَلَى شَيْخٍ، وَتَقَدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا: فَهُوَ السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ )أي هذا النوع يسمى بالسابق واللاحق مثل الزهري وأحمد بن إسماعيل السهمي اشتركا في الرواية عن مالك، وقد تباعد الزمن بين وفاة التلميذين فالزهري مات سنة 124 هـ، ومات أحمد بن إسماعيل السهمي سنة 259 هـ فبين وفاتيهما 135 سنة !. ( وَإِنِ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ فِي صِيغِ الْأَدَاء ) كسمع وحدثنا وأخبرنا( أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْحَالَاتِ ) كالأخذ باليد عند رواية الحديث أو أن يأخذ بلحيته وهو يحدث الحديث، ثم يتتابع الرواة على نفس تلك الحالة ( فَهُوَ الْـمُسَلْسَلُ ) سمي بذلك لتسلسل واتصال الرواة فيه على حالة واحدة.
صفاء الدين العراقي
2013-06-05, 05:42 PM
وصَيَغُ الْأَدَاءِ: سَمِعْتُ، وَحَدَّثَنِي، ثُمَّ أَخْبَرَنِي، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، ثُمَّ أَنْبَأَنِي، ثُمَّ نَاوَلَنِي، ثُمَّ شَافَهَنِي، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيَّ -أيْ: بِالْإِجَازَةِ فِيْهِمَا- ثُمَّ عَنْ ونَحْوِهَا. وَعَنْعَنَةُ الْـمُعَاصِرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّمَاعِ، إِلَّا مِنَ الْـمُدَلِّسِ، وَقِيِلَ: يُشْتَرَطُ ثُبُوتُ لِقَائِهِمَا وَلَوْ مَرَّةً؛ وَهُوَ الْـمُخْتَارُ عِنْدَ الْمـُصَنِّف.
ثُمَّ الرُّوَاةُ: إِنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ فَصَاعِدًا: فَهُوَ الْمـُتَّفِقُ وَالْمـُفْتَرِق ُ. وَإِنِ اتَّفَقَتِ الْأَسْمَاءُ خَطًّا، وَاخْتَلَفَتْ نُطْقًا: فَهُوَ الْـمُؤْتَلِفُ وَالْمـُخْتَلِف ُ. وَإِن اتَّفَقَتِ الْأَسْمَاءُ، وَاخْتَلَفَتِ الْآباءُ، أَوْ بِالْعَكْسِ: فَهُوَ الْـمُتِشَابِهُ . وَتَرَكْتُ تَفَاصِيلَ وَمُهِمَّاتٍ أَحَلْتُهَا عَلَى الْمـُطَوَّلَات ِ؛ لِغَرَضِ الِاخْتِصَارِ، وَاللهُ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
.............................. .............................. .............................. ............................
ثم انتقل إلى بيان مسألة أخرى متعلقة بالسند وهي صيغ الأداء فقال: ( وصَيَغُ الْأَدَاءِ )أي الألفاظ التي يعبر بها الرواة عن طريقة أخذهم الحديث عن شيوخهم هل أخذوه بالسماع منهم أو بغير ذلك وهي على مراتب بعضها أعلى وأقوى في الدلالة على الاتصال من البعض الآخر فذكرها المصنف بحسب ترتيبها من الأعلى إلى الأدنى فقال (سَمِعْتُ، وَحَدَّثَنِي)هذ هي المرتبة الأولى وهي أن يحدثه الشيخ الحديث بلسانه وهو يستمع ( ثُمَّ أَخْبَرَنِي، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ) هذه هي المرتبة الثانية وهي أن يقرأ الراوي الحديث من كتاب شيخه والشيخ يستمع له هذا إن كان الراوي هو الذي يقرأ فإن كان غيره هو من يقرأ وهو يستمع في مجلس الشيخ فهي المرتبة الثالثة ( ثُمَّ قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ ) أي يقول الراوي المستمع قرئ على الشيخ الفلاني وأنا أسمع ( ثُمَّ أَنْبَأَنِي ) هذه الصيغة تستعمل عن المتقدمين من أهل الحديث بمعنى أخبرني أي تقال عند السماع من لفظ الشيخ، وعند أهل الحديث المتأخرين تستعمل عند الإجازة فلأنها تحتمل هذين الأمرين صارت أقوى ممن بعدها من ألفاظ الإجازة، والمقصود بالمتقدمين هم إلى 500 للهجرة أي من عاش في 100 أو 200 إلى 500 ، والمتأخرين هم من بعد 500 للهجرة الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم ( ثُمَّ شَافَهَنِي، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيَّ -أيْ: بِالْإِجَازَةِ فِيْهِمَا- ) هاتان من صيغ الإجازة فإن أجازه الشيخ وهو حاضر عنده يسمع إجازة الشيخ له فيقول الراوي شافهني أي بالإجازة، وإن كان الراوي بعيدا عن الشيخ فكتب إليه بورقة الإجازة وأرسلها إليه مع شخص ثقة فيقول الراوي حينئذ كتب إلي أي كتب إليّ بالإجازة (ثُمَّ عَنْ ونَحْوِهَا ) أي نحو عَن مثل قال فهذه أدناها وهي محتملة للسماع وللإجازة ومحتملة للانقطاع.
وهنا مسألة متعلقة بعن ونحوها وهي إذا ورد في سند عن ونحوها وكان الراوي قد عاصر من روى عنه بهذه الصيغة ولم يعرف عنه التدليس فهل نحملها على الاتصال أو نشترط شرطا آخر وهو ثبوت السماع في بعض الروايات ولو لمرة واحدة؟ بمعنى أنه جاءَ في سند قال زيد: عن عمرو، ووجدنا أن زيدا قد عاصر عمرا، ولم يتهم بالتدليس فهل نقول هذه الرواية متصلة، أو نقول ليست متصلة إلا أن يثبت في سند ما أن زيدا قال سمعت أو حدثني عمرو ؟ فلو أن زيدا روى عن عمرو بلفظ عن 99 حديثا وجاء في حديث واحد أن زيدا قال سمعت عمرا، فحينئذ تكون الأحاديث الـ 100 كلها متصلة اتفاقا ولكن لو لم يأت التصريح بالسماع ولو لمرة واحدة فهل السند متصل أو منقطع ؟
ذهب الإمام مسلم إلى أنه متصل وتبعه كثير من العلماء، وذهب الإمام البخاري إلى أنه منقطع وتبعه كثير من العلماء كالحافظ ابن حجر. والله أعلم.
ولهذا قال ( وَعَنْعَنَةُ الْـمُعَاصِرِ ) العنعنة هي قوله عن فلان ( مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّمَاعِ، إِلَّا مِنَ الْـمُدَلِّسِ ) وهو رأي قوي لأنه مع المعاصرة وانتفاء التدليس ينتفي سبب الرد ( وَقِيِلَ: يُشْتَرَطُ ثُبُوتُ لِقَائِهِمَا وَلَوْ مَرَّةً ) بقول الراوي سمعت من فلان، أو بأن ينص إمام من المحدثين على أن فلانا سمع من فلان ( وَهُوَ الْـمُخْتَارُ عِنْدَ الْمـُصَنِّف ) وهو الحافظ ابن حجر.
ثم أخذ في تقسيم الرواة بحسب تشابه أسمائهم فقال: ( ثُمَّ الرُّوَاةُ: إِنِ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ فَصَاعِدًا ) أي قد يستمر التشابه إلى أسماء الأجداد أيضا مثل محمد بن جعفر بن محمد يوجد ثلاثة أشخاص بهذا الاسم ( فَهُوَ الْمـُتَّفِقُ وَالْمـُفْتَرِق ُ ) أي هذا النوع يسمى بالمتفق والمفترق اتفقت أسماؤهم وافترقت ذواتهم.
( وَإِنِ اتَّفَقَتِ الْأَسْمَاءُ خَطًّا، وَاخْتَلَفَتْ نُطْقًا: فَهُوَ الْـمُؤْتَلِفُ وَالْمـُخْتَلِف ُ ) مثل سَلِيم وسُلَيْم، الخط واحد ولكن النطق مختلف لاختلاف الحركات ، فهذا يسمى الْـمُؤْتَلِفُ وَالْمـُخْتَلِف ُ، ائتلف الخط واختلف النطق.
(وَإِن اتَّفَقَتِ الْأَسْمَاءُ، وَاخْتَلَفَتِ الْآباءُ ) مثل محمد بن عَقِيل، ومحمد بن عُقَيْل، ( أَوْ بِالْعَكْسِ ) اتفقت أسماء الآباء واختلفت أسماء الرواة في النطق مثل شُرَيح بن النعمان وسُرَيج بن النعمان، وشريح وسريج متفقان في الخط، إذْ أنهم في السابق لم يكونوا ينقطون الكلمات أو يضبطونها في الشكل فاهتموا بضبط أسماء الرواة جيدا ( فَهُوَ الْـمُتِشَابِهُ ) للتشابه بينهما في الخط.
ثم أراد المصنف أن يبين أنه ترك بعض التفاصيل والأمور المهمة من الأصل الذي هو نخبة الفكر من باب الاختصار فقال: ( وَتَرَكْتُ تَفَاصِيلَ وَمُهِمَّاتٍ أَحَلْتُهَا عَلَى الْمـُطَوَّلَات ِ؛ لِغَرَضِ الِاخْتِصَارِ ) لأن المخاطب بهذا المختصر هو المبتدئ في هذا الفن.
( وَاللهُ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ) وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
صفاء الدين العراقي
2013-06-05, 05:44 PM
نسأل الله أن يتقبل منا إنه هو السميع العليم.
والحمد لله رب العالمين.
صفاء الدين العراقي
2013-06-05, 07:21 PM
هل انتهت الدروس إلى هنا أم هناك باقٍ لها ؟؟ ومتى ستظهر في شكل pdf ؟؟
حمل الدروس مجموعة في كتاب من هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?116906-%D8%AD%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%B6 %D8%AD-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A %D8%AB-pdf&p=665557#post665557
عبد الله عمر المصري
2013-06-05, 10:55 PM
السلام عليكم
أخي الحبيب
لقد وقعت في خطأ - وأنا آسف على التجرؤ بهذا القول - عندما قلت
الدرس السادس
أسباب رد الحديث - الانقطاع :
5 - المصنف-1-؟-؟-النبي صلى الله عليه وسلم (معضل) . ولا يكون مرسلاً لأن المرسل ما سقط منه الصحابي فقط .
6- المصنف-؟-2-؟- النبي صلى الله عليه وسلم (معلق) . ولا يكون مرسلاً لأن المرسل ما سقط منه الصحابي فقط .
وللأسف لقد عارضتَ حضرتك نفسك لما قلت في (خلاصة الباب الثاني)
أولاً: وجود انقطاع في السند وهو نوعان:
1 - الانقطاع الظاهر ويشمل:
أ - المرسل وهو : ما نسبه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم
انتهى
فهذا التابعي قد يكون أخذه من صحابي وقد يكون أخذه من تابعي آخر
فهذا التعريف صحيح
لكن قولك " ولا يكون مرسلاً لأن المرسل ما سقط منه الصحابي فقط . "
هو الخطأ لأنه يناقض التعريف من ناحية ويناقض كلام ابن حجر العسقلاني في نزهة النظر الذي ألفه شرحاً لكتابه نخبة الفكر :
" (والثاني): وهو ما سَقَط من آخره مَن بعدَ التابعيِّ هو (المرسل):
وصورته: أن يقول التابعيُّ - سواءٌ كان كبيراً أم صغيراً -: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو فُعِلَ بحضرتِه كذا، أو: فعل كذا، أو نحو ذلك.
وإنما ذُكِرَ في قسم (المردود) للجهل بحال المحذوف؛ لأنه يُحتمل أن يكون صحابياً، ويحتمل أن يكون تابعياً، وعلى الثاني يُتحمل أن يكون ضعيفاً، ويُحتمل أن يكون ثقة، وعلى الثاني يُتحمل أن يكون حمل عن صحابي، ويُتحمل أن يكون حمل عن تابعي آخر، وعلى الثاني فيعود الاحتمال السابق " انتهى كلام ابن حجر
ولا يغرنك قول المؤلف: " وما سَقَطَ صحابِيُّهُ؛ هو المرسل "
فهو مثل قولي البيقوني في منظومته : " ومرسلٌ منه الصحابيُّ سقط "
وقد رد ابن حجر على ذلك في قوله " ويحتمل أن يكون تابعياً "
ومن عادة شراح المتون أن ينتقدوا ما وقع فيه مؤلف المتن من خطأ لو جَانَبَ الصواب في مسألة
ولا أدل على ذلك من شرح ابن العثيمين على نظم العمريطي لمتن الورقات في أصول الفقه ففي أول 100 صفحة من شرح ابن العثيمين البالغ عدد صفحاته 250 انتقد ابن العثيمين على العمريطي ما لا يقل عن خمس انتقادات .
صفاء الدين العراقي
2013-06-06, 01:05 PM
ليس بخطأ أخي فالمقصود هو سقط منه ذكر الصحابي أي أن لا يذكر في الحديث بأن يضيفه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ولا يذكر الصحابي في السند.
لكن هل وصلت بالقراءة إلى الدرس السادس ؟ أرجو أن تكمل فالكتاب قليل الصفحات.
عبد الله عمر المصري
2013-06-06, 03:37 PM
ليس بخطأ أخي فالمقصود هو سقط منه ذكر الصحابي أي أن لا يذكر في الحديث بأن يضيفه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ولا يذكر الصحابي في السند.
لكن هل وصلت بالقراءة إلى الدرس السادس ؟ أرجو أن تكمل فالكتاب قليل الصفحات.
حتى أكون صادقاً معك
أنا لا أقرأ كتاب إلا بعد أن أمرر صفحاته بنظرة سريعة عليه خصوصاً لو كان عندي خلفية عن موضوعه فكما قلت لك من قبل أنني قرأت شرحاً للبيقونية وتحقيق الرغبة في توضيح النخبة لعبد الكريم الخضير
فبالتالي عندي فكرة عما سيكون مكتوب
فلما مررت بالصفحات ووجدتك تقول :
ولا يكون مرسلاً لأن المرسل ما سقط منه الصحابي فقط
هذا يعني أنك تُخرِج (ما سقط منه صحابي وتابعي) من تعريف المرسل
فلو قال أحد التابعين: قال رسول الله
فهذا الحديث قد يكون مرسل فقط على فرض أن الساقط هو صحابي فقط، وقد يكون الحديث معضل مرسل ، معضل لأنني افترضتُ أن الحديث وصل للراوي - الذي هو تابعي - عن طريق تابعي مثله، ووصل الحديث لهذا الأخير عن طريق صحابي
فأتى الراوي - وهو تابعي أيضاً - فأسقط زميله التابعي الذي أخذ عنه الحديث والصحابي الذي أخذ زميله منه الحديث ثم نسبه للرسول ، وبالتالي يكون مرسل
وواضح بقولك :
ولا يكون مرسلاً لأن المرسل ما سقط منه الصحابي فقط
أنك تُخرج هذه الصورة من تعريف المرسل لقولك " ما سقط منه الصحابي فقط "
مع أن المرسل هو : ما قال فيه التابعي " قال رسول الله "
وقد يكون هذا التابعي أخذ الحديث عن صحابي - كما هو الحال مع مراسيل سعيد بن المسيب لو لم تخونني الذاكرة -
وقد يكون هذا التابعي أخذ الحديث عن تابعي آخر وهو بدوره أخذه عن صحابي
فقولك : ولا يكون مرسلاً لأن المرسل ما سقط منه الصحابي فقط
يتعارض مع قول ابن حجر :
" وإنما ذُكِرَ في قسم (المردود) للجهل بحال المحذوف؛ لأنه يُحتمل أن يكون صحابياً، ويحتمل أن يكون تابعياً، وعلى الثاني يُتحمل أن يكون ضعيفاً، ويُحتمل أن يكون ثقة، وعلى الثاني يُتحمل أن يكون حمل عن صحابي، ويُتحمل أن يكون حمل عن تابعي آخر، وعلى الثاني فيعود الاحتمال السابق "
هل لاحظت الجملة التي باللون الأحمر والتي تتعارض مع قولك عن الحديث المرسل " ما سقط منه الصحابي فقط "
رضا الحملاوي
2013-09-24, 02:29 AM
جزاكم الله خيرا
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.