المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آفات رواية عبد الله بن لهيعة، وهل رواية العبادلة عنه حجة؟



إبراهيم الصبيحي
2013-03-12, 09:38 PM
قال الشيخ المعلمي في حاشية الفوائد المجموعة (ص215):
إذا كان الراوي عن ابن لهيعة: ابن المبارك أو ابن وهب، وصرح مع ذلك بالسماع فهو صالح في الجملة، فأما ما كان من رواية غيرهما ولم يصرح فيه بالسماع وكان منكرًا فلا يمتنع الحكم بوضعه. اهـ.
وفي «الفوائد» (ص309): «هذا الخبر قد رواه عنه ابن وهب، لكن لم يذكر تصريح ابن لهيعة بالسماع وقد عرف تدليسه والله أعلم».
وفي (ص378) رواية من طريق كامل بن طلحة «الجحدري» عن ابن لهيعة، فقال المعلمي: «كامل ممن سمع من ابن لهيعة بأخرة، وليس ذلك بشيء». اهـ.
وفي (ص419): خبر روي من طرق ضعيفة وواهية عن ابن لهيعة، منها من طريق سليم بن منصور عن أبيه عنه.
قال ابن الجوزي: «وسليم ذاهب الحديث».
قال المعلمي: «أبوه أذهب منه على فضله، وأحسب بعض الدجالين كتب صحيفة فيها عدة أخبار منها هذا الخبر فقرأها أو بعضها على ابن لهيعة، وسكت ابن لهيعة على عادته بأخرة كما مر في التعليق (ص215) فتلقفها من كان حاضرًا من الضعفاء كمنصور وغيره، فانتسخوها وراحو يروونها عن ابن لهيعة». اهـ.
أقول: قول المعلمي: إذا كان الراوي عنه ابن المبارك أو ابن وهب، وصرح مع ذلك بالسماع فهو صالح في الجملة:
معناه يُعتبر به فيما يروياه عنه، كما قاله الدارقطني في «الضعفاء والمتروكون» (الترجمة: 322) وأضاف إليهما: عبد الله بن يزيد المقرىء.
والسبب في تفضيل رواية هؤلاء عنه على غيرهم، ما قاله ابن أبي حاتم: «سئل أبو زرعة عن ابن لهيعة سماع القدماء منه؟ فقال: آخره وأوله سواء، إلا أن ابن المبارك وابن وهب كانا يتتبعان أصوله فيكتبان منه، وهؤلاء الباقون كانوا يأخذون من الشيخ، وكان ابن لهيعة لا يضبط، وليس ممن يحتج بحديثه». «الجرح» (5/ت 682).
وسبب آخر، قال عمرو بن علي الفلاس: «عبد الله بن لهيعة احترقت كتبه، فمن كتب عنه قبل ذلك مثل ابن المبارك وعبد الله يزيد المقرئ أصح من الذين كتبوا بعد ما احترقت كتبه، وهو ضعيف الحديث». «الجرح» أيضا.
تنبيه هام:
المقصود هنا أن رواية هؤلاء العبادلة عنه أحسن وأصح من رواية غيرهم عند المفاضلة والترجيح، لا أَنَّهُ يُحْكم على حديثه من روايتهم عنه بالصحة؛ لأن ابن لهيعة في نفسه غير حجة، وإنما يعتبر بما صحَّ أنه حدَّث به من كتابه، وهذا هو مراد الشيخ المعلمي بقوله السابق: «فهو صالح في الجملة».
وقد ختم أبو زرعة كلامه السابق بقوله: وليس ممن يحتج بحديثه.
وختم الفلاس بقوله: وهو ضعيف الحديث.
ويوضح ذلك ويؤكده ما ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح» أيضًا: سألت أبي وأبا زرعة عن ابن لهيعة.. فقالا: ابن لهيعة أمره مضطرب، يكتب حديثه على الاعتبار. قلت لأبي: إذا كان من يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك وعبد الله بن وهب يحتج به؟ قال: لا». اهـ.
ولسياق بعض الشواهد العملية من صنيع الأئمة على ذلك موضع آخر، والله تعالى الموفق.

أبو مالك المديني
2013-03-13, 01:53 PM
جزاك الله خيرا
وكم من حديث وقع من رواية العبادلة عنه ، ومع ذلك نجد الحفاظ يطعنون فيها ، ووقع ذلك في عدة مواضع في علل ابن أبي حاتم والدارقطني وغيرهما ومنها من رواية ابن وهب على سبيل المثال :
وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ ابنُ وهبٍ ، قال : أخبرنِي ابنُ لهِيعة ، عنِ ابن هُبيرة ، عنِ أبي تمِيمٍ ، عن أبِي هُريرة ، عن رسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، أنّهُ قال : الدِّينارُ كنزٌ ، والدِّرهمُ كنزٌ ، والقِيراطُ كنزٌ فقِيل : يا رسُول اللهِ ، أمّا الدِّينارُ والدِّرهمُ قد عرِفناهُ ، فما القِيراطُ ؟ قال : نِصفُ دِرهمٍ ، نِصفُ دِرهمٍ ، نِصفُ دِرهمٍ.
قال أبِي : هذا حدِيثٌ مُنكرٌ.
وسألتُ أبي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ أبُو هارُون البكّاءُ القزوِينِيُّ ، عنِ ابنِ لهِيعة ، عن عُقيلٍ ، عن مكحُولٍ ، قال : كان رِداءُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ أربعة أذرُعٍ ، ونِصفٍ فِي ذِراعينِ ، ونِصفٍ.
فسمِعتُ أبِي يقُولُ : كذا حدّثنِي أبُو هارُون ، وحدّثنا إِبراهِيمُ بن المُنذِرِ ، عنِ ابنِ وهبٍ ، عنِ ابنِ لهِيعة ، عن أبِي الأسودِ ، عن عُروة ، قال : كان رِداءُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
قُلتُ لأبِي : فأيُّهُما أصحُّ ؟ قال : لاَ يُضبطُ عِندِي ، جمِيعًا ضعِيفينِ.

وفي علل الدارقطني :
وسُئِل عَن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرة ، عَن عُمَر ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم : أَنَّهُ نَهَى عَنِ العَزلِ عَنِ الحُرَّةِ إِلاّ بِإِذنِها.
فَقال : تَفَرَّد بِهِ إِسحاقُ الطَّباعُ ، عَنِ ابنِ لَهِيعَة ، عَن جَعفَرِ بنِ رَبِيعَة ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَن مُحَرَّرِ بنِ أَبِي هُرَيرة ، عَن أَبِيهِ ، عَن عُمَر.
وَوَهِم فِيهِ.
وَخالَفَهُ ابن وهبٍ فَرَواهُ عَنِ ابنِ لَهِيعَة ، عَن جَعفَرِ بنِ رَبِيعَة ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَن حَمزَة بنِ عَبدِ الله بنِ عُمَر ، عَن أَبِيهِ ، عَن عُمَر.
وَهُو وهمٌ أَيضًا وَالصَّوابُ مُرسَلٌ عَن عُمَر.

وسُئِل عَن حَديث سالم ، عن ابن عُمَر ، عنِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم : إذا قام أحدكم من نومه ، فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً.
فقال : يرويه ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، وجابر بن إسماعيل ، عن عقيل ، عن الزُّهْرِي ، عن سالم ، عن أبيه ، عنِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم . وهذا غير محفوظ.
والمحفوظ : عن الزُّهْرِي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عنِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم.
وغيرها من الأحاديث من رواية ابن وهب وغيره .
قال الترمذيُّ :((ابن لهيعة ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره من قبل حفظه))
وقال ابن حبان :((كان شيخاً صالحاً، ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه، ثم احترقت كتبه في سنة سبعين ومائة قبل موته بأربع سنين،…وقد سبرتُ أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه، فرأيتُ التخليط في رواية المتأخرين عنه موجوداً، وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيراً، فرجعتُ إلى الاعتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفى، عن أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات، فالتزقت تلك الموضوعات به…، وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكير كثيرة، وذاك أنه كان لا يبالي ما دفع إليه قراءة، سواءً كان ذلك من حديثه أو غير حديثه، فوجب التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه؛ لما فيها من الأخبار المدلسة عن الضعفاء والمتروكين، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه؛ لما فيه مما ليس من حديثه))،
وقال الذهبيُّ -في الكاشف-:((العمل على تضعيف حديثه))، وقال أيضاً -في تذكرة الحفاظ- :((ولم يكن على سعة علمه بالمتقن، حدّث عنه ابن المبارك، وابن وهب، وأبو عبد الرحمن المقرئ وطائفة قبل أن يكثر الوهم في حديثه، وقبل احتراق كتبه فحديث هؤلاء عنه أقوى، وبعضهم يصححه ولا يرتقي إلى هذا…، يروى حديثه في المتابعات ولا يحتج به)) .

وطني الجميل
2017-11-27, 07:06 AM
تنبيه :
(1)اختلف في العبادلة هم ثلاثة أم أربعة
قال ابن حبان:[وقد سيرت حديثه من رواية العبادلة عن عبدالله بن البارك وعبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد المقري وبين حديثه الذي حدث بعد احتراق كتبه فرأيت في القديم أشياء مدلسة ، وأوهاما كثيرة تدل على قلة مبالاة كانت فيه قبل احتراق كتبه ، فلما حدث بما ليس من حديثه بعد احتراق كتبه استحق الترك]اهـ .
وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ ابْنُ لَهِيعَةَ شَيْخًا صَالِحًا، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ عَنِ الضُّعَفَاءِ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ، ثُمَّ احْتَرَقَتْ كُتُبُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ. وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ: سَمَاعُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ مِثْلَ الْعَبَادِلَةِ؛ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، فَسَمَاعُهُمْ صَحِيحٌ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ فَسَمَاعُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ.(المجرو حين ط الصميعي ).
- وروى عن أحمد أنه قال: سماع العبادلة من ابن لهيعة عندي صالح، عبد الله بن وهب، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الله بن المبارك(شرح سنن الترمذي لابن رجب).
- سمعت أبا إسحاق الحبال بمصر يقول: سمعت عبد الغني بن سعيد الحافظ يقول: إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح: عبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك وذكر غيرهما.(ابن القيسراني في المنثور\34)
(2)والعبادلة من الصحابة : أربعة عبد الله بن الزبير ، عبد الله بن عباس ، عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو بن العاص وليس عبد الله بن مسعود منهم،
قال مهنا الشامي: سألت أحمد عن الإقعاء في الصلاة، قلت: ما تقول أنت فيه؟
قال: أليس يروى عن العبادلة أنهم كانوا يفعلون ذلك؟ !
قلت: ومن العبادلة؟
قال: عبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن عمرو، قلت لأحمد: وابن مسعود؟ قال: ليس عبد اللَّه بن مسعود من العبادلة.
"طبقات الحنابلة" 2/ 437، "الذيل على طبقات الحنابلة" 1/ 305 - 306 "بحر الدم" (561)