مشاهدة النسخة كاملة : بحث لطلبة الأزهر والشريعة في إثبات وجود المجاز في القران والسنة بفكر معتدل
ربيع أحمد السلفي
2008-01-18, 07:36 AM
غاية الإيجاز في الرد على من نفى وجود المجاز
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة الرد على من نفى المجاز بأسلوب مختصر فإن هذا الموضوع من الأهمية بمكان وغالب من كتب فيه من أهل الكلام الذين أولوا صفات الرحيم الرحمن فالله المستعان وعليه التكلان .
ربيع أحمد السلفي
2008-01-18, 07:37 AM
فصل مفهوم الحقيقة والمجاز : اللفظ في اللغة العربية قد يستعمل فيما وضع له في اللغة فلا يحتاج لدليل لكي يفهم معناه ، وهذا يسميه غالب علماء اللغة حقيقة ، وقد يستعمل اللفظ في غير ما وضع له في اللغة لعلاقة بين اللفظ والمعنى المراد ، فيحتاج هذا اللفظ لدليل يدل على معناه وهذا يسميه غالب علماء اللغة مجاز لذلك فالحقيقة هي ما سبق إلى الفهم من معنى اللفظ دون الحاجة لدليل ( قرينة ) ،والمجاز هو ما لا يسبق إلى الفهم من معنى اللفظ إلا بوجود دليل فقولك رأيت الرجل يتكلم حقيقة فمن الطبيعي أن يتكلم الإنسان ، و الرجل إنسان أما قولك رأيت القمر يتكلم فيستحيل أن يكون هذا الكلام على الحقيقة ؛ لأن الكلام من صفات البشر والقمر ليس بشراً إذاً هذا مجاز شبه الإنسان بالقمر لوجود علاقة بينه وبين القمر وهي الجمال ، وقولك على شخص أنه شجاع فهذا حقيقة أما قولك على شخص أنه أسد فهذا مجاز لاستحالة أن يكون الشخص أسداً فالأسد حيوان أما هذا الشخص فإنسان أي أنك شبهت هذا الشخص بالأسد لوجود علاقة بينه وبين الأسد ، وهي الشجاعة .
ربيع أحمد السلفي
2008-01-18, 07:39 AM
فصل أدلة ثبوت المجاز : إن أدلة ثبوت المجاز كثيرة ومنها العمل عمل العرب بمقتضى المجاز فالعرب كانوا يفهمون المعنى الموضوع للفظ في اللغة عند إطلاقه ، ويفهمون المعنى غير الموضوع للفظ في اللغة عند تقييده فالعرب استعملت بعض الألفاظ في معنيين عند الإطلاق يفهم المعنى الموضوع لهذه الألفاظ في الأصل ، وعند التقييد يفهم المعنى المنقول إلى هذه الألفاظ فكلمة أسد عند الإطلاق يراد بها السبع ، وعند نسبتها لإنسان ( تقييد ) يراد بها الشجاعة ، و العرب عند إطلاق كلمة الحمار عند الإطلاق يراد بها البهيمة ،وعند نسبتها لإنسان ( تقييد ) يراد بها الغباء والحماقة ،والعرب عند إطلاق كلمة القمر تريد هذا الجرم السماوي ، وعندما تنسبه إلى إنسان تريد الجمال والحسن والعرب عند إطلاق الكلب تريد هذا الحيوان المعروف ، وعندما تنسبه لإنسان تريد الوقاحة والحقارة ،والعرب عند إطلاق كلمة النخلة تريد هذه النخلة المعروفة ، وعندما تنسبها لإنسان تريد الطول ،ولو كان المعنيان قد وضعا في الأصل معاً للفظ لما سبق إلى الفهم أحد المعنيين دون الحاجة لدليل (القرينة ) ، ومن أدلة وجود المجاز ذكر بعض علماء القرون الثلاثة الأول المجاز كأبي عبيدة معمر بن المثني 114 هـ - 210 هـ عالم لغة له كتاب مجاز القرآن[1] وله كتاب المجاز[2] ، ومن العلماء الذين ذكروا المجاز الخليل الفراهيدي 100هـ -174 هـ قال في كتابه الجمل في النحو : ( وكذلك يلزمون الشيء الفعل ولا فعل وإنما هذا على المجاز كقول الله جل وعز في البقرة ﴿فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ﴾[3] والتجارة لا تربح فلما كان الربح فيها نسب الفعل إليها ومثله : ﴿جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[4] ولا إرادة للجدار )[5] ، ولأبي العباس أحمد بن يحيى المشهور بثعلب النحوي المتوفى سنة 291هـ كتاب قواعد الشعر أكثر من ذكر الاستعارة فيه والاستعارة ضرب من المجاز ،وقال ابن السراج النحوي المتوفى 316 هـ في كتابه الأصول في النحو : ( وجائز أن تقول لا قام زيد ولا قعد عمرو تريد الدعاء عليه وهذا مجاز )[6] ، وقال أبو العباس المبرد في كتابه المقتضب : ( وقد يجوز أن تقول أعطي زيدا درهم وكسي زيدا ثوب لما كان الدرهم والثوب مفعولين كزيد جاز أن تقيمهما مقام الفاعل وتنصب زيداً ؛ لأنه مفعول فهذا مجاز )[7]ومن الفقهاء الذين ذكروا المجاز في كتبهم محمد بن الحسن الشيباني 132 هـ - 189 هـ حيث قال في كتابه الجامع الصغير: ( فالحاصل أن أبا يوسف أبى الجمع بين النذر واليمين ؛ لأن هذا الكلام للنذر حقيقة ولليمين مجاز والحقيقة مع المجاز لا يجتمعان تحت كلمة واحدة فإن نواهما فالحقيقة أولى بالاعتبار ؛ لأن الحقيقة معتبر في موضعه والمجاز معتبر في موضعه )[8] ، ومن علماء الحديث الذين ذكروا المجاز في كتبهم ابن قتيبة حيث قال ابن قتيبة : ( والنبات لا يجوز أن يكون شراباً ، وإن كان صاحبه يستغني مع أكله عن شرب الماء إلا على وجه من المجاز ضعيف ، وهو أن يكون صاحبه لا يشرب الماء فيقال إن ذلك شرابه ؛ لأنه يقوم مقام شرابه فيجوز أن يكون قال هذا إن كانت الجن لا تشرب شراباً أصلاً )[9] ومن هنا ندرك أن المجاز ثابت في كتب الفقه واللغة والحديث في القرون الثلاثة الأول فهذا دليل على وجود المجاز .
[1] - انظر الفهرست لمحمد بن إسحاق النديم ص79 دار المعرفة 1398 هـ
[2] - انظر كتاب كشف الظنون لمصطفى الرومي الحنفي 2/1456 دار الكتب العلمية 1413 هـ
[3] - البقرة من الآية 16
[4] - الكهف من الآية 77
[5] - الجمل في النحو للفراهيدي ص73 حققه الدكتور فخر الدين قباوة سنة النشر 1416 هـ
[6] - الأصول في النحو لابن السراج 1/400 مؤسسة الرسالة 1408 هـ الطبعة الثالثة تحقيق الدكتور عبد الحسين الفتلي
[7] - المقتضب للمبرد 4/51 عالم الكتب بيروت تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة
[8] - الجامع الصغير لابن الحسن الشيباني ص 142عالم الكتب بيروت 1406 هـ
[9] - غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 272 مطبعة العاني بغداد 1397 هـ تحقيق الدكتور عبد الله الجبوري
[10] - البقرة : 31
ربيع أحمد السلفي
2008-01-18, 07:41 AM
فصل حجج من نفوا المجاز والرد عليها : رغم أن أدلة وجود المجاز واضحة إلا أن بعض العلماء الأفاضل خالف ونفى المجاز ومنهم ابن تيمية وابن القيم من القدامى وابن عثيمين والشنقيطي من المحدثين ، وأدلتهم عدم قول سلف الأمة كالخليل ومالك والشافعي وغيرهم من اللغويين والأصوليين وسائر الأئمة بالمجاز فهو إذن قول حادث ، والجواب على ذلك أنه لو سلمنا جدلاً تنزلاً معهم بعدم قول أحد من السلف بالمجاز فليس معنى هذا عدم وجود المجاز فلا ينتسب لساكت قول ، وهناك فرق بين وجود العلم وتدوين العلم فالعلم موجود في ذهن العلماء ، ولكن لم يقم أحد بتدوينه بعد وكان المجاز مستقراً في نفوس العرب فالعربي مثلاً لم يقسم الكلام إلى اسم وفعل وحرف ، ولكن استخدم الاسم والحرف والفعل فالتدوين يكشف عن وجود الشيء ( العلم )، وليس منشئا له فوجود العلم يعرف بالعمل بمقتضى العلم ويعرف بتدوينه ، والعرب كانوا يفهمون معنى للفظ عند الإطلاق ويفهمون معنى أخر للفظ عند التقييد فالأول سميناه حقيقة والثاني مجاز ولا مشاحة في الاصطلاح ثم قد ذكر بعض علماء اللغة والفقه والحديث المجاز في كتبهم ، وعليه يسقط هذا الدليل ، و أنكر نفاة المجاز أن يكون للغة وضع أول تفرع عنه المجاز باستعمال اللفظ في غير ما وضع له ،والقول بأن أصل اللغة إلهام من الله ثم كان النطق بألفاظ مستعملة فيما أريد منها نقول هذا الكلام غير مسلم ؛فالخلاف في أصل اللغات وواضع اللغة هل اللغة كانت بإلهام من الله أم بالتقليد أم بالتوقيف ؟ فالخلاف في واضع اللغة يثبت أن للغة وضعا فالوضع ملازم لكل مذهب من هذه المذاهب ، والمراد بالوضع النطق أول مرة باللفظة دالا على معناه سواء كان مصدره الإلهام أو التقليد أو التوقيف والخروج عن الدلالة الأولى للألفاظ مستساغ ومعقول، فبعد استقرار استعمال الكلمة فيمعناها الذي كانت هي من أجله يقع فيها التصرف باستعمالها في دلالة أخرى هي الدلالةالمجازية ،وتلازم الوضعللاستعمال مثل تلازم الحياة للحي، ويستحيل استعمال لفظ بمعزل عن اللفظ نفسه، كمايستحيل وضع لفظ بمعزل عن الاستعمال ؛ لأن الواضع يضع اللفظ ويعينه للدلالة على معنى،وتصور وضع لفظ دون أن تكون حقيقة معناه ومسماه ماثلة في ذهن الواضع مستحيلفمن يرى أن أصل اللغة إلهام من الله ، واستعمال لا وضع متقدم على الاستعمال . فحين ألهم اللهالإنسان أن يستعمل كلمة ( بحر) لصحة هذا الاستعمال فلابد من أحد أمرين
إمارؤية مجتمع الماء عيانا حين الاستعمال أو تخيل تلك الصورة إذا لم تكنحاضرة مرئية. وفي كلتا الحالتين فكلمة بحر اخترعت مقرونة بالاستعمال إما حسا وإمامعنى. ومستحيل أن تخترع كلمة (بحر) أو توضع وليس في ذهن الواضع أو المخترع تصورلمسماها فلو سلمنا أن الاستعمال سابق على الوضع فالكلمة في أول استعمال لها حقيقة، وحين تستعمل استعمالا ثانيا بينه وبين الاستعمالالأول صلة معتبرة ، ووجد في السياق دليل يرجح أو يوجب الأخذ بمعنى الاستعمالالثاني دون الأول كان المجاز لا محالة ، وأنكر نفاة المجاز التجريد والإطلاق في اللغة فلا يجوزون القول بأن الحقيقة ما دلت على معناها عندالإطلاق والخلو من القرائن ، والمجاز ما دل على معناه بمعونة القيود والقرائن أي كل الألفاظ في اللغة لم ترد إلا مقيدة بقيود وقرائن توضح المعنى المراد منها فالقول بورود الألفاظ مجردة أو أنها بدون أية قرائن أو قيود تفيد معنىوبالتالي يكون المجرد منها حقيقة والمقيد بالقرائن مجاز قول خطأ ، ومعنى هذا الكلام إنكار أن يكون هناك معنى يسبق إلى الفهم عند إطلاق اللفظ ، وتجرده عن قرائن ، وهذا الكلام يخالف ظاهر القرآن حيث قال تعالى : ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[10] وأسماء الذوات الألفاظالدالة على الأشياء مثل: أرض-سماء-بحر- فرس- إنسان.. إلخ حيننطق الإنسان الأول بها فمن المؤكد أنه نطق بها مجردة قاصدا بها الدلالة على الصورة المتكاملة – سمعية بصرية حسية- كما هي مختزنة في خياله فآدم عليه السلام أطلق الاسماء كالشجرة والبحر ..وأراد هذه الذوات نفسها أي أطلق الشجرة وأراد الشجرة وأطلق البحر وأراد البحر فثبت أن هناك ألفاظاً مجردة عن القرائن يقصد بها الوضع الأول أو الاستعمال الأول للكلمة فالألفاظ عند تجردها عن القرائن يسبق إلى الفهم ويتبادر إلى الذهن معنى هذا المعنى هو الذي وضع اللفظ له في الأصل فعند إطلاق كلمة عين يتبادر للذهن العضو الباصر ، وعند إطلاق كلمة الأنف يقصد بها العضو الشام فإن قيل لماذا لانقول إن تعدد المعاني من باب الاشتراك اللفظي ، وليس من باب المجاز ؟ نقول هذا لا يصح ؛ لأن اللفظ يحمل على المعنى المجازي عند وجود القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي ، وعند عدم وجود هذه القرينة فاللفظ يحمل على المعنى الحقيقي المتبادر للفهم بخلاف الاشتراك فإنه بدون القرينة يجب التوقف ، والذين نفوا المجاز أبطلوا استدلال الجمهور ببعض الآيات كقوله تعالى ﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[11] فقالوا بأن هذا على الحقيقة ونقول لهم نسبة الإرادة إلى الجدار في الآية مجازية ؛ لأن الله يقول ( فوجدا فيها جدارا ) أي أن جملة يريد أن ينقض صفة للجدار أي هذه هي الصفة التى رأى موسى عليه السلام والخضر الجدار عليها ، والإرادة لا ترى فيستحيل قطعاً أن يكون المراد بإرادة الجدار الانقضاض الإرادة الحقيقية ، وإنما المراد اقتراب الجدار من السقوط ، وعليه فهذه الآية دليل على وجود المجاز . وقال الذين نفوا المجاز يلزم من وجود المجاز الاختلال في التفاهم إذ قد تخفى القرينة ، نقول هذا على اعتباركم أنه لابد للفظ من قرينة تدل على معناه أما القائلون بالمجاز فيقولون ما يحتاج لقرينة هو المجاز فقط أما الحقيقة فتدل على معناها بلا قرينة هذه هي أهم حجج القوم رددنا عليها .
[11] - الكهف من الآية 77
ربيع أحمد السلفي
2008-01-18, 07:42 AM
فصل حد المجاز في القرآن والسنة : ليس معنى وجود المجاز في القرآن والسنة القول به مطلقاً بلا دليل فالضابط أن اللفظ إذا وجد دليل صحيح على أنه منقول عن وضعه في اللغة إلى معنى آخر وجب العمل بالمعنى المنقول إلى اللفظ و إلا فالأصل في الكلام الحقيقة ما لم يأت دليل ، فليس كل ما يستحيل عقلاً يكون مستحيلاً شرعاً ؛ لأن اللغة هي المعبرة عما يستعمله الناس في أغراضهم ، والناس عقولهم لا تدرك إلا المحسوسات ، و لا تدرك الغيبيات لذا الأمور الغيبية لا نحكم فيها عقولنا ، فما أخبر ربنا عنه نؤمن به ولا نحرفه عن معناه فقد قال تعالى : ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾[12] فالله أثبت أن الأشياء تسبحه فنقول كل الأشياء تسبح الله بما يليق بها أن تسبحه ،والله أعلم بكيفية هذا التسبيح ، ولا ننفي التسبيح عن هذه الكائنات لاستحالة إدراكنا هذا التسبيح ، ويجب ألا نتخذ إثبات المجاز في القرآن ذريعة لتأويل صفات الله كما يفعل أهل الكلام فنؤمن بما وصف الله به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه r نؤمن بمعنى الصفة ونفوض كيفية الصفة لله عز وجل فمثلاً قوله تعالى :﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾[13] الله أثبت أن له يدا نقول الله له يد تليق به ليست كيد المخلوقين ؛ لأنه قال :﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾[14]و قال تعالى : ﴿وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[15] فليس معنى اتفاق التسمية اتفاق الحقيقة هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وكتب ربيع أحمد طب عين شمس الفرقة السادسة الأحد 30 محرم 1428هـ 18/2/2007 م
[12] - الإسراء من الآية 44
[13]- المائدة من الآية 64
[14] - الشورى من الآية 11
[15] - النحل من الآية 60
ربيع أحمد السلفي
2008-01-18, 07:44 AM
ليس ثبوت المجاز في القرآن والسنة قولي وحدي فهو قول جل علماء الشريعة ومن تكلموا في أصول الفقه لكن البعض قد اتخذ من المجاز وسيلة لتأويل صفات الله ،وهذا خطأ فشرط القول بالمجاز وجود دليل صحيح صريح خالي من عارض معتبر فالأصل في الكلام الحقيقة هكذا علمنا المشايخ
فتوى تؤيد قولي : رقـم الفتوى : 16870
عنوان الفتوى : المجازفي القرآن...بين المثبتين والنافين
تاريخ الفتوى : 14 ربيع الأول 1423 / 26-05-2002
السؤال
هل يجوز القول بوجود المجاز في القرآن ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وقع الخلاف بين العلماء في مسألة وجود المجاز في القرآن، فقال جماهيرأهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وعلماء اللغة والبيان بوجود المجاز في اللغة وفي القرآن والسنة.
وذهب بعضهم إلى نفيه منهم الأستاذ/ أبو إسحاق الإسفراييني و أبو علي الفارسي و الظاهرية و ابن خويزمنداد و منذر بن سعيد البلوطي و ابن تيمية. ونحن نورد لك حجج القائلين بنفي وجود المجاز في القرآن، ورد القائلين بوجوده على هذه الحجج، وذلك بإيجاز إن شاء الله :
- الحجة الأولى : قالوا: المجاز كذب فيمتنع وجوده في القرآن، ولأن المجاز يجوز نفيه وكتاب الله لا يجوز نفي شيء منه، فمن قال: محمد أسد، يقال له: ليس أسداً، بل هو رجل شجاع.
والرد على هذه الحجة من وجوه:
الوجه الأول : أن المجاز اسم مشترك قد يطلق على الباطل الذي لا حقيقة له، وقد يطلق على اللفظ الذي تجوز به عن موضوعه، والقرآن منزه من الأول، أما الثاني : فليس في وجوده فيه ما يدل على نقص، فلا غضاضة في القول بوجوده فيه.
الوجه الثاني: قولهم: إن المجاز يتطرق إليه النفي، والقرآن لا يجوز نفي شيء منه وهم منهم، لأن كذب المجاز إنما يلزم لو كان النفي والإثبات تواردا على جهة واحدة، فشرط التناقض اتحاد الجهة، وهذا غير حاصل في مسألة الحقيقة والمجاز، فإن النفي وارد على الحقيقة، والإثبات وارد على المجاز، فمن قال: رأيت أسداً يقود السيارة، أراد أنه رأى رجلاً شجاعاً، فإثبات الرؤية هنا متجه إلى المعنى المجازي لكلمة أسد، ومن نفى فقال: لم تر أسداً يقود السيارة بل رأيت رجلاً شجاعاً، فنفيه متجه إلى حقيقة اللفظ، فهو لا ينفي ما أثبته الأول، لأن صدق النفي لا يلزم منه كذب الإثبات، لأنهما لا يتنافيان، وإنما يحدث التنافي لو توجه النفي والإثبات على جهة واحدة كقولنا: هو أسد بالحقيقة، ليس أسداً بالحقيقة.
الوجه الثالث : أن المستعير للفظ المجاز يؤول كلامه ويصرفه عن الظاهر، وينصب قرينة تدل على أن الظاهر ليس بمراد له، بخلاف الكاذب فإنه يدعي الظاهر، ويريده ويصرف همته على إثباته، مع كونه غير ثابت في نفس الأمر.
ثم إن المخاطب بالمجاز المتفطن العارف بأساليب الكلام، ووجوه اعتباراته إذا خوطب بالمجاز محتفاً بقرينة حالية أو مقالية، فهم المعنى المجازي، ولا يتبادر ذهنه للمعنى الحقيقي أصلاً.
الحجة الثانية: قالوا: الخطاب بالمجاز طريق إلى الإخلال بالتفاهم لا حتمال خفاء القرينة.
قال الإمام الشوكاني : "المجاز واقع في لغة العرب عند جمهور أهل العلم وخالف في ذلك أبو إسحاق الإسفراييني وخلافه هذا يدل أبلغ دلالة على عدم اطلاعه على لغة العرب. وينادي بأعلى صوت، بأن سبب هذا الخلاف تفريطه في الاطلاع على ما ينبغي الاطلاع عليه من هذه اللغة الشريفة، وما اشتملت عليه من الحقائق والمجازات التي لا تخفى على من له أدنى معرفة بها، وقد استدل بما هو أوهن من خيوط العنكبوت فقال: لو كان المجاز واقعاً في لغة العرب للزم الإخلال بالتفاهم إذ قد تخفى القرينة.
وهذا التعليل عليل فإن تجويز خفاء القرينة أخفى من السها " انتهى.
ولا شك أن هذا التعليل الذي علل به نفاة المجاز لا معنى له، لأن اللفظ إما أن تحتف به قرائن حاليةأو مقالية، فيحمل على مادلت عليه القرائن، وإما أن يخلو منها فالأصل بقاء اللفظ على الحقيقة فلا خفاء في الحالين.
الحجة الثالثة: قالوا: المتكلم لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا ضاقت به الحقيقة وعجز عنها، فيستعير من المجازات ما يبلغ مراده، وهذا مستحيل في حق الله تعالى.
وللرد على هذه الشبهة يقول المثبتون:
أولاً : قال عبد العزيز البخاري -رحمه الله- في كشف الأسرار شرح أصول البزدوي : "والمجاز طريق مطلق" ، أي طريق جاز سلوكه من غير ضرورة، فإنا نجد الفصيح من أهل اللغة القادر على التعبير عن مقصوده بالحقيقة يعدل إلى التعبير عنه بالمجاز لا لحاجة ولا لضرورة.
ثانيا : أن في المجاز من حسن التصوير، وبديع الأسلوب، وجمال العبارة وتشويق النفوس، وشحذ الأذهان ما ليس في الحقيقة.
قال العلامة عبد العزيز البخاري في شرح أصول البزدوي أيضاً: "وقد ظهر استحسان الناس للمجازات فوق ما ظهر من استحسانهم للحقائق، فتبين بهذا أن قولهم هو ضروري فاسد، والدليل عليه أن القرآن في أعلى رتب الفصاحة، وأرفع درج البلاغة، والمجاز موجود فيه، وعد من غريب بدائعه وعجيب بلاغته قوله تعالى:وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24]، وإن لم يكن للذل جناح ..... إلخ.
ثالثاً : أن هناك أسباباً داعية إلى العدول عن الحقيقة إلى المجاز منها : التعظيم كقوله: سلام على المجلس العالي.
ومنها : التحقير لذكر الحقيقة، كما في قوله تعالى:أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ [المائدة:6]والغائط هو المكان المنخفض من الأرض، واستعير هذا اللفظ للخارج من الإنسان مجازاً ترفعاً عن ذكر القبيح.
ومنها : المبالغة في بيان العبارة، كما في قوله تعالى:وَاشْتَعَ َ الرَّأْسُ شَيْبا [مريم:4]، المعنى شاب شعر رأسه بتحوله من السواد إلى البياض، فجاء هذا المعنى في أبلغ عبارة حيث شبه بياض الشعر باشتعال النار، وحذف املضاف وأبقى المضاف إليه، وهذا مجاز بالحذف، والتقدير: واشتعل شعر الرأس شيباً، إلى غير ذلك من المعاني التي أوضحها البيانيون والتي يطول المقام بذكرها.
والحجة الرابعة: قالوا: اللفظ في سياقه حقيقة ولا يسمى مجازاً، فلفظ الأسد -مثلاً- في قوله: رأيت أسداً يحمل السيف ويقاتل الكفار، حقيقة في الرجل الشجاع، والعرب لم تجتمع وتقرر أن هذا اللفظ وضع أولاً لكذا، ثم استخدم مجازاً في كذا، فيكون هذا التقسيم حادثاً لا دليل عليه.
وللرد على هذه الحجة يقول الآخرون :
أولاً : لم يقل المثبتون للمجاز بأن العرب اجتمعوا في صعيد واحد وتم الاتفاق بيهم أن لفظ الأسد حقيقة الحيوان المفترس مجاز في الرجل الشجاع قال الزركشي في البحر المحيط: قال القاضي عبد الوهاب : "المخالف في وقوعه (يعني المجاز) في اللغة والقرآن لا يخلو إما أن يخالف في أن ما فيهما لا يسمى مجازاً، أو في أن ما فيهما ما هو مستعمل في غير موضوعه، فإن كان الأول رجع الخلاف إلى اللفظ، لأنا لا ندعي أن أهل اللغة وضعوا لفظ المجاز لما استعملوه فيما لم يوضع لإفادته، لأن ذلك موضوع (أي لفظ المجاز) في لغتهم للممر والطريق، وإنما استعمل العلماء هذه اللفظة في هذا المعنى اصطلاحاً منهم، وإن كان الثاني تحقق الخلاف في المعنى، لأن غرضنا بإثبات المجاز يرجع إلى كيفية الاستعمال، وأنه قد يستعمل الكلام في غير ما وضع له، فيدل عليهم وجوده في لغتهم بما لا تنكره الآكابر" انتهى.
وقال العطار في حاشيته على شرح جلال الدين المحلي لجمع الجوامع : "وإن أرادوا (أي نفاة المجاز) استواء الكل في أصل الوضع فهذا مراغمة في الحقائق، فإن العرب ما وضعت اسم الحمار للبليد، وإما أنهم ينكرون أن العرب لم تستعمل لفظ أسد في الشجاع مثلا فبعيد جداً، لأن أشعار العرب طافحة بالمجازات" .
ثانياً : أن الحقيقة ما يسبق إلى الذهن عند الإطلاق، وإنكار هذا مكابرة لا معنى لها، فإن لفظ شجرة يتبادر إلى الذهن عند إطلاقه الغرسة المعروفة في الأرض، فإذا قيل : إن الدعوة إلى الله شجرة مثمرة يجني الناس ثمرتها، انصرف المعنى الأول عن الذهن.
والقول بأن السلف لم يتكلموا بتقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز غير صحيح، فقد ورد في كلام الإمام أبي حنيفة و أحمد وغيرهما، وكتب اللغة مليئة بذلك، والقواميس شاهدة بذلك، فمن رجع إليها عرف الأمر وهي الحجة في إثبات أمر في اللغة، وإليها يرجع العلماء قاطبة.
وننبه إلى مسألة هي من أهم المسائل في هذا الباب وهي: أن الأصل هو الحقيقة فلا ينتقل منها إلا بقرينة.
وعليه، فالأصل هو حمل ألفاظ الكتاب والسنة على حقائقها، فإن قوماً ركبوا ظهر المجاز فتوصلوا به إلى تأويل نصوص الوحي بوجه لا يجوز، فنفوا الأسماء وعطلوا الصفات، وشأن أهل السنة في ذلك هو إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفي ما نفاه عن نفسه ونفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسكتون عما سكت عنه الكتاب والسنة، ويسعنا ما وسع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العلامة ابن القيم : "ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى يكون اتفاق من الأمة أنه أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبادات" انتهى.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
منقول من موقع شبكة الإسلام
ربيع أحمد السلفي
2008-01-18, 07:45 AM
المعني الحقيقي هو المتبادر للذهن و المعني المجازي هو الذي يحتاج إلي قرينة والمتبادر للذهن يقصد به العلماء المتبادر للذهن عند الإطلاق أي بلا قرينة أي بلا دليل أي لا يحتاج لدليل ليفهم معناه ،والمجاز ما يحتاج لقرينة ليفهم معناه أي يحتاج لدليل لكي يفهم معناه ،و القرينة هي العلامة الصالحة للدلالة على عدم إرادة المعنى الحقيقي للفظ من قبل المتكلم ( الوجيز في أصول الفقه د. عبد الكريم زيدان ) أي أريد أن أقول أن اللفظ المجازي يحتاج لدليل يدل على معناه فلا يسبق إلى الفهم من معنى اللفظ إلا بوجود دليل فقولك رأيت الرجل يتكلم حقيقة فمن الطبيعي أن يتكلم الإنسان ، و الرجل إنسان أما قولك رأيت القمر يتكلم فيستحيل أن يكون هذا الكلام على الحقيقة ؛ لأن الكلام من صفات البشر والقمر ليس بشراً إذاً هذا مجاز شبه الإنسان بالقمر لوجود علاقة بينه وبين القمر وهي الجمال ، وقولك على شخص أنه شجاع فهذا حقيقة أما قولك على شخص أنه أسد فهذا مجاز لاستحالة أن يكون الشخص أسداً فالأسد حيوان أما هذا الشخص فإنسان أي أنك شبهت هذا الشخص بالأسد لوجود علاقة بينه وبين الأسد ، وهي الشجاعة ،ومن أنواع القرائن : القرينة الحسية ،أي تدرك بالحس والمشاهدة يدل على ذلك كقول الناس أكلت من هذه الشجرة أي من ثمرتها فالحس يمنع من أكل عين الشجرة ، وسلمت على أسد الحس يمنع تسليم الإنسان على أسد إلا ما ندر والنادر لا عبرة به ،وفي المسألة التي نحن بصددها قوله تعالي : (( تجري بأعيننا )) المعني المتبادر للذهن هو الحفظ والرعاية مع اثبات صفة العين لله تعالي معلومة المعني مجهولة الكيف ،و هذا المعنى تبادر للذهن ( الحفظ والرعاية ) كان بالقرينة الحسية ،وليس من ظاهر الكلام فالحس يمنع أن تسير السفينة داخل عين الله فالسفينة في الأرض وصنعت في الأرض وتمشي في الأرض ،والله فوق السماوات مستوي على عرشه ليس كمثله شيء فالحس يأبى هذا المعنى الحقيقي فحمله على المجازي وليس حمله على المعنى المجازي مباشرة لكي يقول القائل هذا معنى حقيقي . من يقول : (الحفظ والرعاية معنى حقيقي لقوله (( تجري بأعيننا )) لأنه المعنى المتبادر للذهن ) فكلامه خطأ ؛لأنه تبادر للذهن بقرينة حسية وليس مباشرة .
من يقول : ( من أثبت المجاز يجعل للفظ معني لا نحتاج لسياق كي نعرفه ) قوله لا يصح فهو كلام تأباه كتب اللغة فالسياق جعل الذهن ينكر أن يكون المقصود بقوله (( تجري بأعيننا )) في الآية المعنى الحقيقي لها بل المعنى المجازي والمعنى المجازي لا ينفي ثبوت العين . من يقول : ( المتبادر للذهن عند القائلين بالمجاز مقصود به اللفظ دون سياق ) قوله لا يصح فهو كلام تأباه كتب اللغة والتفسير فيجب أن نفرق بين معنى اللفظ والمراد من اللفظ فالمراد من اللفظ هو ما دل عليه سياق الكلام ،و معنى اللفظ هو ما دل عليه اللفظ في اللغة العربية ، والمتبادر للذهن عند القائلين بالمجاز يقصد به ما تبادر للذهن من السياق بقرينة وليس مباشرة . من يقول : ( المعني المتبادر للذهن هو المعني الحقيقي )) قوله يحتاج لتفصيل فإن تبادر للذهن بقرينة كان مجازا ، وإن تبادر للذهن بلا قرينة كان حقيقة .
والمعنى المتبادر للذهن هو المعنى الصريح ،والصريح هو اللفظ الذي ظهر المراد منه ظهورا تاما لكثرة استعماله فيه حقيقة كان أو مجاز فمن الأول : أنت طالق ، فإنه حقيقة شرعية في إزالة النكاح صريح فيه . ومن الثاني قوله تعالى : (( وأسأل القرية )) فهو صريح في أن المراد به وأسأل أهل القرية . ومثله أيضا : قول القائل : والله لا آكل من هذه الشجرة ، فإنه مجاز مشتهر لهجر الحقيقة ؛لأن أكل عين الشجرة متعذر عادة فينصرف يمينه إلى المجاز ،وهو أكل ثمرها ( الوجيز في أصول الفقه د. عبد الكريم زيدان ) .
من يقول : ( من نفى المجاز يعني أن اللفظ يستمد معناه من السياق ) قوله لا يصح فمن يثبت المجاز ومن ينفيه لابد أن يفهم المراد من اللفظ من السياق فإذا تبادر للذهن معني بلا قرينة فهو حقيقة ،و إذا تبادر للذهن معنى بقرينة فهو مجاز .
من يقول : ( اللفظ يكون علي الحقيقة في كل أحواله ) قوله تطفح كتب اللغة والفقه والعقيدة بتخطأته فاللفظ تارة يكون حقيقة وتارة يكون مجاز ، والحقيقة ثلاثة أنواع : 1 - حقيقة لغوية : وهي التي يعرف حدها باللغة ، كلفظ : الشمس والقمر ، والسماء والأرض ، ونحو ذلك .
2 - حقيقة شرعية : وهي التي يعرف حدها بالشرع ، كلفظ : الإيمان والإسلام ، والكفر والنفاق ، والصلاة والزكاة والصوم والحج .
3 - حقيقة عرفية : وهي التي يعرف حدها بعرف الناس وعاداتهم ، كلفظ : البيع ، والنكاح ، والدرهم والدينار ، ونحو ذلك .( خلاصة الأصول للشيخ الفوزان ) . أمثلة : مثال 1: قول النبي : « سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر » (متفق عليه) الظاهر من كلمة الكفر الكفر الأكبر لكن ليس الكفر الأكبر المراد،ومعنى قتاله كفر أى قتال المسلم من أفعال الكفار،والمؤمنو ن لهم عدة صفات من أتى بصفة منها يقال أنه أتى بصفة من صفات المؤمنين،وكذلك الكفار لهم عدة صفات من أتى بصفة منها يقال أنه أتى بصفة من صفات الكافرين ، وصرفنا الكفر عن ظاهره لقوله تعالى : ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ (سورة الحجرات : 9 – 10 ) ، فسماهم الله عز وجل مؤمنين مع الاقتتال . ولقوله تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ (سورة النساء : 48 ) ، فدلت الآية الكريمة على أن كل ذنب دون الشرك تحت المشيئة أي إن شاء الله عذبه بقدر ذنبه وإن شاء عفا عنه من أول وهلة ، إلا الشرك به فإن الله لا يغفره كما هو صريح في الآية وقوله تعالى : ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ (سورة المائدة : 72 ) . مثال 2 : قوله : « بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة » رواه مسلم فظاهر الشرك الشرك الأكبر لكن ليس هو المراد في الحديث لقوله : « ثلاث أحلف عليهن لا يجعل الله من له سهم في الإسلام كمن لا سهم له وأسهم الإسلام ثلاثة الصلاة والصوم والزكاة ولا يتولى الله عبدا في الدنيا فيوليه غيره يوم القيامة ،ولا يحب رجل قوما إلا جعله الله معهم ،والرابعة لو حلفت عليها رجوت أن لا آثم لا يستر الله عبدا في الدنيا إلا ستره يوم القيامة » ( رواه أحمد بإسناد جيد ،صحيح الترغيب والترهيب رقم374 وفى صحيح الجامع رقم3021 ) فمادام من فعل شيئاً من الثلاث له نصيب فى الإسلام إذا تارك أى شئ من الثلاث( الصلاة والصوم والزكاة ) ليس بكافر، فالكافر لا نصيب له فى الإسلام ؛ لأن الكفر سبباً فى حبوط العمل ،وقد قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (الزمر : 65 ) ولقوله : « خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة» (سنن أبى داود صححه الألبانى رحمه الله رقم 1420 ) وفى رواية قال : « خمس صلوات افترضهن الله تعالى من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له ومن لم يفعل فليس له على الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه » (سنن أبى داود صححه الألبانى رحمه الله رقم 425 ) فقد رد النبي أمرمن لم يأت بهن إلى مشيئة الله ،فدل ذلك على أن ترك الصلاة دون الشرك والكفر لقوله تعالى: ﴿إنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ﴾ (النساء : 48 ) فإن قيل المقصود بمن لم يأت بهن أى لم يأت بهن على وضوئهن ومواقيتهن وركوعهن وسجودهن جمعاً بين الأحاديث ،ويؤيد ذلك الرواية التى فيها (فمن وافى بهن على وضوئهن ومواقيتهن وركوعهن وسجودهن كان له عندي بهن عهد أن ادخله بهن الجنة ومن لقيني قد انتقص من ذلك شيئا ً)، ويرد عليهم بأن ما ذكر من شروط وأركان الصلاة التى بدونها لا تصح الصلاة ،فالمراد قطعاً الإتيان بالصلاة التى يدخل فيها الركوع والسجود والخشوع ،والتى لها شروط منها الوضوء ودخول الوقت، فالنفى منصب على الإتيان أى فعل الصلاة نفسه فلو ركع الرجل دون أن يسجد فصلاته باطلة لاتصح ،وإذا صلى بغير وضوء فصلاته باطلة لا تصح ،فالرجل هذا لم يأت بالصلاة أصلاً فكيف يصح أن يقال أنه أتى بالصلاة بلا وضوء أو بلا ركوع ؟!!! ،وإن قيل دل الفعل انتقص فى بعض الروايات على أن الذى يدخل تحت المشيئة هو الذى أتى بالصلوات ،ولكنها ناقصة أى أنه ليس تاركاً للصلاة مطلقاً ؛ لأن الانتقاص يشعر بأن الشئ موجود ولكنه مبالغ فى نقصانه ، ويرد عليهم بأن مادام ترك الكثير من الصلوات كفر فترك القليل منها كفر أيضاً ؛لأن العبرة في الكفر بالفعل لا بعدد الفعل فمادام الفعل كفر فقليله وكثيره سواء كلاهما كفر فسب نبي مثلا كسب كل الأنبياء ، وإنكار حرف من كتاب الله كإنكار القرآن كله ، وتكذيب شيء أخبر الله به كتكذيب كل ما أخبر الله به .
أبو ذر الفاضلي
2008-01-18, 02:39 PM
شكرا لك ... بارك الله فيك ...
ربيع أحمد السلفي
2008-01-18, 02:48 PM
جزاكم الله خيرا على هذه المشاركة الطيبة
محب الفصحى
2008-01-22, 06:59 PM
موضوع جدير بالقراءة المتأنية لأهميته لغة وفكرا وييانا ؛
فشكر الله لك وأثابك .
تحيتي وتقديري
نضال مشهود
2008-02-11, 07:39 PM
وفقك الله أخي الكريم .
وهذا رد لطيف من خرّيج أزهري بطريقة معتدلة :
فصل مفهوم الحقيقة والمجاز : اللفظ في اللغة العربية قد يستعمل فيما وضع له في اللغة فلا يحتاج لدليل لكي يفهم معناه ، وهذا يسميه غالب علماء اللغة حقيقة ،
قال الأزهري :
بل ليس في الكلام الفصيح شيء مستعمل في غير موضعه ،
وليس في الكلام البليغ شيء مستعمل في غير مقتضى الحال .
وهذا واضح .
وقد يستعمل اللفظ في غير ما وضع له في اللغة لعلاقة بين اللفظ والمعنى المراد ، فيحتاج قال الأزهري :
هذا اللفظ لدليل يدل على معناه وهذا يسميه غالب علماء اللغة مجاز
وهل ثَمّ وضعٌ لمعاني الألفاظ اللغوية قبل استعمالها ؟ من أخبرك بهذا ؟؟
لذلك فالحقيقة هي ما سبق إلى الفهم من معنى اللفظ دون الحاجة لدليل ( قرينة ) ،والمجاز هو ما لا يسبق إلى الفهم من معنى اللفظ إلا بوجود دليل
قال الأزهري :
وهل في الكلام الفصيح ما يتجرد عن القرائن حتى يلزم هذا التقسيم ؟؟
فقولك رأيت الرجل يتكلم حقيقة فمن الطبيعي أن يتكلم الإنسان ، و الرجل إنسان أما قولك رأيت القمر يتكلم فيستحيل أن يكون هذا الكلام على الحقيقة ؛ لأن الكلام من صفات البشر والقمر ليس بشراً إذاً هذا مجاز شبه الإنسان بالقمر لوجود علاقة بينه وبين القمر وهي الجمال ، وقولك على شخص أنه شجاع فهذا حقيقة أما قولك على شخص أنه أسد فهذا مجاز لاستحالة أن يكون الشخص أسداً فالأسد حيوان أما هذا الشخص فإنسان أي أنك شبهت هذا الشخص بالأسد لوجود علاقة بينه وبين الأسد ، وهي الشجاعة .
قال الأزهري :
إن هذا لخروج عن التعريف السابق ، فلم يعد للوضع في كلامك هذا أهمية ،
بل أصبح المعيار هو ( التبادر إلى الفهم ) !
نقول : ليس يستحيلا أن يكون الإنسان قمرا بمعنى جميلا ،
كما لا يستحيل أن يكون أسدا أو حمارا بمعنى شجاعا أو بليدا !
فأين الخروج هنا من أصل الوضع ؟! وأين الخروج هنا من السبق إلى الفهم ؟
عندما يقول القائل : " إن هذا الرجل لأسد من أسود الله "
أيهما أسبق إلى فهمك : كونه حيوانا مفترسا يمشى على أربع ؟ أم كونه شجاعا مناضلا ؟!
عندما يقول القائل : " أنت يا أخي بدر منير ! "
أيهما أسبق إلى فهمك : كونه قمرا مستديرا في السماء ؟ أم كونه جميلا بهيا ؟!
نضال مشهود
2008-02-11, 08:05 PM
فصل أدلة ثبوت المجاز : إن أدلة ثبوت المجاز كثيرة ومنها العمل عمل العرب بمقتضى المجاز فالعرب كانوا يفهمون المعنى الموضوع للفظ في اللغة عند إطلاقه ، ويفهمون المعنى غير الموضوع للفظ في اللغة عند تقييده
قال الأزهري :
هذا دعوى بلا برهان . ويكفي في رده المنع والإنكار .
فالعرب استعملت بعض الألفاظ في معنيين عند الإطلاق يفهم المعنى الموضوع لهذه الألفاظ في الأصل ، وعند التقييد يفهم المعنى المنقول إلى هذه الألفاظ فكلمة أسد عند الإطلاق يراد بها السبع ، وعند نسبتها لإنسان ( تقييد ) يراد بها الشجاعة ،
قال الأزهري :
- وما علاقة الإطلاق بالوضع ... ؟!
- وإذا قال العربي مثلا : " أسد " من غير ما سياق ولا قيد ولا حال ، إلى أي شيء ينصرف ؟
- وإذا قال العربي مثلا : " قطار " من غير ما سياق ولا حال ولا قيد ، إلى أي شيء ينصرف ؟
- وإذا قال العربي مثلا : " يرغب " من غير سياق ولا قيود / فإلى أي شيء ينصرف ؟؟
و العرب عند إطلاق كلمة الحمار عند الإطلاق يراد بها البهيمة ،وعند نسبتها لإنسان ( تقييد ) يراد بها الغباء والحماقة ،والعرب عند إطلاق كلمة القمر تريد هذا الجرم السماوي ، وعندما تنسبه إلى إنسان تريد الجمال والحسن والعرب عند إطلاق الكلب تريد هذا الحيوان المعروف ، وعندما تنسبه لإنسان تريد الوقاحة والحقارة ،والعرب عند إطلاق كلمة النخلة تريد هذه النخلة المعروفة ، وعندما تنسبها لإنسان تريد الطول ،ولو كان المعنيان قد وضعا في الأصل معاً للفظ لما سبق إلى الفهم أحد المعنيين دون الحاجة لدليل (القرينة )
قال الأزهري :
نفس وضع هذه الألفاظ في الاستعمال غير منسويا إلى الإنسان دليلٌ ، فتنبه !
ومن أدلة وجود المجاز ذكر بعض علماء القرون الثلاثة الأول المجاز كأبي عبيدة معمر بن المثني 114 هـ - 210 هـ عالم لغة له كتاب مجاز القرآن[1] وله كتاب المجاز[2] ، ومن العلماء الذين ذكروا المجاز الخليل الفراهيدي 100هـ -174 هـ قال في كتابه الجمل في النحو : ( وكذلك يلزمون الشيء الفعل ولا فعل وإنما هذا على المجاز كقول الله جل وعز في البقرة ﴿فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ﴾[3] والتجارة لا تربح فلما كان الربح فيها نسب الفعل إليها ومثله : ﴿جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[4] ولا إرادة للجدار )[5] ، ولأبي العباس أحمد بن يحيى المشهور بثعلب النحوي المتوفى سنة 291هـ كتاب قواعد الشعر أكثر من ذكر الاستعارة فيه والاستعارة ضرب من المجاز ،وقال ابن السراج النحوي المتوفى 316 هـ في كتابه الأصول في النحو : ( وجائز أن تقول لا قام زيد ولا قعد عمرو تريد الدعاء عليه وهذا مجاز )[6] ، وقال أبو العباس المبرد في كتابه المقتضب : ( وقد يجوز أن تقول أعطي زيدا درهم وكسي زيدا ثوب لما كان الدرهم والثوب مفعولين كزيد جاز أن تقيمهما مقام الفاعل وتنصب زيداً ؛ لأنه مفعول فهذا مجاز )[7]
قال الأزهري :
ليس في كل هذه النقول تعريف المجاز بأنه خروج عن أصل الوضع في اللغة ،
بل قول ثعلب : " وجائز أن تقول . . . وتريد " أدل على أن مصطلح المجاز عنده من الجواز لا التجوز عن الحقيقة .
ومن الفقهاء الذين ذكروا المجاز في كتبهم محمد بن الحسن الشيباني 132 هـ - 189 هـ حيث قال في كتابه الجامع الصغير: ( فالحاصل أن أبا يوسف أبى الجمع بين النذر واليمين ؛ لأن هذا الكلام للنذر حقيقة ولليمين مجاز والحقيقة مع المجاز لا يجتمعان تحت كلمة واحدة فإن نواهما فالحقيقة أولى بالاعتبار ؛ لأن الحقيقة معتبر في موضعه والمجاز معتبر في موضعه )[8]
قال الأزهري :
هذا جديد علي . . فنظرة إلى ميسرة .
ومن علماء الحديث الذين ذكروا المجاز في كتبهم ابن قتيبة حيث قال ابن قتيبة : ( والنبات لا يجوز أن يكون شراباً ، وإن كان صاحبه يستغني مع أكله عن شرب الماء إلا على وجه من المجاز ضعيف ، وهو أن يكون صاحبه لا يشرب الماء فيقال إن ذلك شرابه ؛ لأنه يقوم مقام شرابه فيجوز أن يكون قال هذا إن كانت الجن لا تشرب شراباً أصلاً )[9]
قال الأزهري :
تمام الكلام : " ولم أزل لهذا التفسير منكرا لأنه سأله عن شرابهم فأجابه بذكر النبات والنبات لا يجوز أن يكون شرابا " .
ومن هنا ندرك أن المجاز ثابت في كتب الفقه واللغة والحديث في القرون الثلاثة الأول فهذا دليل على وجود المجاز .
قال الأزهري :
ليس المطلوب وجود لفظ (المجاز) في كتب القوم ، بل وجود التقسيم المزعوم على ما عّرفته سابقا .
نضال مشهود
2008-02-11, 08:46 PM
في مشاركة التالية أشياء كثيرة منتقدة ، لكن التركيز يكون لبعض المهمات :
فصل حجج من نفوا المجاز والرد عليها : رغم أن أدلة وجود المجاز واضحة إلا أن بعض العلماء الأفاضل خالف ونفى المجاز ومنهم ابن تيمية وابن القيم من القدامى وابن عثيمين والشنقيطي من المحدثين ، وأدلتهم عدم قول سلف الأمة كالخليل ومالك والشافعي وغيرهم من اللغويين والأصوليين وسائر الأئمة بالمجاز فهو إذن قول حادث ، والجواب على ذلك أنه لو سلمنا جدلاً تنزلاً معهم بعدم قول أحد من السلف بالمجاز فليس معنى هذا عدم وجود المجاز فلا ينتسب لساكت قول ، وهناك فرق بين وجود العلم وتدوين العلم فالعلم موجود في ذهن العلماء ، ولكن لم يقم أحد بتدوينه بعد وكان المجاز مستقراً في نفوس العرب فالعربي مثلاً لم يقسم الكلام إلى اسم وفعل وحرف ، ولكن استخدم الاسم والحرف والفعل فالتدوين يكشف عن وجود الشيء ( العلم )، وليس منشئا له فوجود العلم يعرف بالعمل بمقتضى العلم ويعرف بتدوينه ، والعرب كانوا يفهمون معنى للفظ عند الإطلاق ويفهمون معنى أخر للفظ عند التقييد فالأول سميناه حقيقة والثاني مجاز ولا مشاحة في الاصطلاح ثم قد ذكر بعض علماء اللغة والفقه والحديث المجاز في كتبهم ، وعليه يسقط هذا الدليل ،
قال الأزهري :
ليس القضيتان متساوية .
فتقسيم الألفاظ إلى (اسم) و (فعل) و (حرف ليس باسم ولا فعل) راجع إلى نفس اللفظ ،
وأما التقسيم المزعوم للألفاظ إلى الحقيقة والمجاز فهو راجع إلى (الاستعمال بعد الوضع) .
وقد قلت إن الساكت لا ينسب له قول ، فكيف تنسب له التاريخ المصطنع ؟
و أنكر نفاة المجاز أن يكون للغة وضع أول تفرع عنه المجاز باستعمال اللفظ في غير ما وضع له ،والقول بأن أصل اللغة إلهام من الله ثم كان النطق بألفاظ مستعملة فيما أريد منها نقول هذا الكلام غير مسلم ؛فالخلاف في أصل اللغات وواضع اللغة هل اللغة كانت بإلهام من الله أم بالتقليد أم بالتوقيف ؟ فالخلاف في واضع اللغة يثبت أن للغة وضعا فالوضع ملازم لكل مذهب من هذه المذاهب ، والمراد بالوضع النطق أول مرة باللفظة دالا على معناه سواء كان مصدره الإلهام أو التقليد أو التوقيف والخروج عن الدلالة الأولى للألفاظ مستساغ ومعقول، فبعد استقرار استعمال الكلمة في معناها الذي كانت هي من أجله يقع فيها التصرف باستعمالها في دلالة أخرى هي الدلالةالمجازية ،وتلازم الوضع للاستعمال مثل تلازم الحياة للحي، ويستحيل استعمال لفظ بمعزل عن اللفظ نفسه، كمايستحيل وضع لفظ بمعزل عن الاستعمال ؛ لأن الواضع يضع اللفظ ويعينه للدلالة على معنى،وتصور وضع لفظ دون أن تكون حقيقة معناه ومسماه ماثلة في ذهن الواضع مستحيل فمن يرى أن أصل اللغة إلهام من الله ، واستعمال لا وضع متقدم على الاستعمال . فحين ألهم الله الإنسان أن يستعمل كلمة ( بحر) لصحة هذا الاستعمال فلابد من أحد أمرين
إمارؤية مجتمع الماء عيانا حين الاستعمال أو تخيل تلك الصورة إذا لم تكن حاضرة مرئية. وفي كلتا الحالتين فكلمة بحر اخترعت مقرونة بالاستعمال إما حسا وإمامعنى. ومستحيل أن تخترع كلمة (بحر) أو توضع وليس في ذهن الواضع أو المخترع تصور لمسماها فلو سلمنا أن الاستعمال سابق على الوضع فالكلمة في أول استعمال لها حقيقة، وحين تستعمل استعمالا ثانيا بينه وبين الاستعمالا لأول صلة معتبرة ، ووجد في السياق دليل يرجح أو يوجب الأخذ بمعنى الاستعمال الثاني دون الأول كان المجاز لا محالة ،
قال الأزهري :
يا سلام . . . هذا الكلام أشبه بنقض نظرية ( الحقيقة والمجاز ) منه بإثباته !
مهما قلت إن المراد بالوضع هو الاستعمال الأول ، فأين لك أن الاستعمال الأول للفظ "العين" مثلا يراد به هذا المعنى دون هذا ؟! وأين لك أن "البطن" مستعمل في الاستعمال الأول مضافا إلى الإنسان لا إلى غيره ؟!
وأين لك أنه في الاستعمال الأول مطلقا عن القيود والقرائن - اللفظية منها والسياقية - ؟؟!
وأنكر نفاة المجاز التجريد والإطلاق في اللغة فلا يجوزون القول بأن الحقيقة ما دلت على معناها عند الإطلاق والخلو من القرائن ، والمجاز ما دل على معناه بمعونة القيود والقرائن أي كل الألفاظ في اللغة لم ترد إلا مقيدة بقيود وقرائن توضح المعنى المراد منها فالقول بورود الألفاظ مجردة أو أنها بدون أية قرائن أو قيود تفيد معنى وبالتالي يكون المجرد منها حقيقة والمقيد بالقرائن مجاز قول خطأ ، ومعنى هذا الكلام إنكار أن يكون هناك معنى يسبق إلى الفهم عند إطلاق اللفظ ، وتجرده عن قرائن ، وهذا الكلام يخالف ظاهر القرآن حيث قال تعالى : ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾[10] وأسماء الذوات الألفاظالدالة على الأشياء مثل: أرض-سماء-بحر- فرس- إنسان.. إلخ حيننطق الإنسان الأول بها فمن المؤكد أنه نطق بها مجردة قاصدا بها الدلالة على الصورة المتكاملة – سمعية بصرية حسية- كما هي مختزنة في خياله فآدم عليه السلام أطلق الاسماء كالشجرة والبحر ..وأراد هذه الذوات نفسها أي أطلق الشجرة وأراد الشجرة وأطلق البحر وأراد البحر فثبت أن هناك ألفاظاً مجردة عن القرائن يقصد بها الوضع الأول أو الاستعمال الأول للكلمة فالألفاظ عند تجردها عن القرائن يسبق إلى الفهم ويتبادر إلى الذهن معنى هذا المعنى هو الذي وضع اللفظ له في الأصل فعند إطلاق كلمة عين يتبادر للذهن العضو الباصر ، وعند إطلاق كلمة الأنف يقصد بها العضو الشام
قال الأزهري :
هذا فهم غير صحيح لمراد الأئمة ، ولا جرم أن يصدر منه إلزامات ليس في محلها .
عندما يقول الإنسان : "رأس" ما الذي يتبادر إلى ذهنه وذهن السامع ؟
رأس الإنسان ؟ أم رأس الحيوان ؟ أم رأس الجنى ؟ أم رأس الأمر ؟ أم رأس السنة ؟ أم ماذا ؟!
رأس ذلك الإنسان المتكلم ؟ أم رأس ذلك الإنسان السامع ؟ أم رأس من ؟!
أليس للسياق والقرائن والشهرة والحال وظيفة لتحديد اللدلالة ؟
فأين دعوى التجرد إذن ... ؟!
وأين دعوى استلزام ( التجرد المزعوم ) لذلك ( الوضع المزعوم ) ؟!
فإن قيل لماذا لانقول إن تعدد المعاني من باب الاشتراك اللفظي ، وليس من باب المجاز ؟ نقول هذا لا يصح ؛ لأن اللفظ يحمل على المعنى المجازي عند وجود القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي ، وعند عدم وجود هذه القرينة فاللفظ يحمل على المعنى الحقيقي المتبادر للفهم بخلاف الاشتراك فإنه بدون القرينة يجب التوقف
قال الأزهري :
ولماذا لا يكون ذلك التعدد بـ"التواطؤ" و "التردد" ؟؟!
والذين نفوا المجاز أبطلوا استدلال الجمهور ببعض الآيات كقوله تعالى ﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[11] فقالوا بأن هذا على الحقيقة ونقول لهم نسبة الإرادة إلى الجدار في الآية مجازية ؛ لأن الله يقول ( فوجدا فيها جدارا ) أي أن جملة يريد أن ينقض صفة للجدار أي هذه هي الصفة التى رأى موسى عليه السلام والخضر الجدار عليها ، والإرادة لا ترى فيستحيل قطعاً أن يكون المراد بإرادة الجدار الانقضاض الإرادة الحقيقية ، وإنما المراد اقتراب الجدار من السقوط ، وعليه فهذه الآية دليل على وجود المجاز .
قال الأزهري :
ليس على هذا اعتماد القوم ، بل هو استرسال في الحجاج قال به الشيخ الشنقيطي رحمه الله .
بل المعتمد أن قوله تعالى ( جدارا يريد أن ينقض ) من مشهور اللغة والأسلوب كما بينه شيخ الإسلام .
وقال الذين نفوا المجاز يلزم من وجود المجاز الاختلال في التفاهم إذ قد تخفى القرينة ، نقول هذا على اعتباركم أنه لابد للفظ من قرينة تدل على معناه أما القائلون بالمجاز فيقولون ما يحتاج لقرينة هو المجاز فقط أما الحقيقة فتدل على معناها بلا قرينة هذه هي أهم حجج القوم رددنا عليها .
قال الأزهري :
إذا كان هذا كل ما في جعبتك ، فما أضعف هذا الرد وما أجرمه .
ففي كتاب ( الإيمان ) و ( مختصر الصواعق ) كل ما نحتاجه لنسف هذا الاعتراض ، فأين الجديد ؟!
اللهم سلم !
أبو مالك العوضي
2008-02-12, 12:11 AM
ينبغي أولا تحديد محل الخلاف بين الفريقين حتى يكون النقاش مثمرا؛ لأنه يبدو من بحث الأخ صاحب المقال أنه لم ينتبه لموطن النزاع بين الفريقين، فأرجو منه، وكذلك ممن يناقشه أن يحددوا أولا محل النزاع؛ إذ إن كثيرا من الناس يظن أن الخلاف بين الفريقين في كلمة (مجاز) نفسها، أو في استعمال اللفظ في معنى بعيد لقرينة، وهذا كله لا نزاع فيه.
أبو مالك العوضي
2008-02-12, 12:14 AM
وكذلك في بعض ردود الأخ نضال ما لا يحتاج إليه؛ إذ القرينة المقصودة عندهم هي القرينة اللفظية لا الحالية ولا العقلية.
فإن أردت ما يعم ذلك فكلامك صحيح، وإن أردت الأولى فلا نزاع أن الكلام قد يخلو من هذه القرينة اللفظية.
نضال مشهود
2008-02-13, 08:18 AM
وكذلك في بعض ردود الأخ نضال ما لا يحتاج إليه؛ إذ القرينة المقصودة عندهم هي القرينة اللفظية لا الحالية ولا العقلية.
فإن أردت ما يعم ذلك فكلامك صحيح، وإن أردت الأولى فلا نزاع أن الكلام قد يخلو من هذه القرينة اللفظية.
جزاكم الله خيرا شيخنا الحبيب . . . أعلم أن مثلي لا يتكلم بين يديك . لكن جريا على ما هو الطبيعي في المنتديات ، أضطر إلى أن أطلب منكم ذكر جميع المؤاخذات الموجودة في ردودي السابقة ، حتى يتسنى لي مراجعتها علميا .
وبخصوص قضية (القرينة) ، فحتى الآن لم يظهر لي استحالة أن يتجرد ما سموه بـ"الحقائق" من القرائن اللفظية . فهل من المستحيل أن يقول قائل خارج من المسجد : " رأيت أسدا ! " (هكذا مطلقا عن القيود اللفظية ) وأراد بذلك : الخطيب المتحمس الشجاع ؟؟
أبو مالك العوضي
2008-02-13, 09:12 AM
وفقك الله يا شيخنا الفاضل، هذا من تواضعكم بارك الله فيكم.
أخي الكريم، إذ قال القائل: ( رأيت أسدًا )، فعندنا احتمالات:
- إما أن نقول: لا يمكن أن نفهم كلامه أصلا؛ لأنه لا يوجد في الكلام قرائن تدل على المراد.
- وإما أن نقول: كلامه يحمل على الأسد الحقيقي لأن هذا هو الأصل، ولا يحمل على الرجل الشجاع لأنه ليس في الكلام ما يدل عليه.
- وإما أن نقول: كلامه يحمل على الرجل الشجاع.
أما الاحتمال الثالث فهو بعيد، وأما الاحتمال الأول فيلزم منه إسقاط التكاليف، فلم يبق إلا الاحتمال الثاني.
وأما قولك ( هل من المستحيل .... إلخ)
فنقول: هذا ليس بمستحيل، ولكن هل كل ما ليس بمستحيل يلزم القول به؟
وهل يلزم القول بكل الاحتمالات إذا كان بعضها أقوى من بعض؟
نضال مشهود
2008-02-13, 10:52 AM
وفقك الله يا شيخنا الفاضل، هذا من تواضعكم بارك الله فيكم.
وفيكم بارك الله شيخنا الحبيب . . الذي قلته مجرد محاولة لوضع نفسيى موضعها اللائق بها لا أكثر .
وطالما أن قد وجهتم لي الأسئلة ، فعليّ الجواب قدر الإمكان - مباحثة إن شاء الله لا تعالما - :
أخي الكريم، إذ قال القائل: ( رأيت أسدًا )، فعندنا احتمالات:
- إما أن نقول: لا يمكن أن نفهم كلامه أصلا؛ لأنه لا يوجد في الكلام قرائن تدل على المراد.
- وإما أن نقول: كلامه يحمل على الأسد الحقيقي لأن هذا هو الأصل، ولا يحمل على الرجل الشجاع لأنه ليس في الكلام ما يدل عليه.
- وإما أن نقول: كلامه يحمل على الرجل الشجاع.
أما الاحتمال الثالث فهو بعيد، وأما الاحتمال الأول فيلزم منه إسقاط التكاليف، فلم يبق إلا الاحتمال الثاني.
هناك احتمال رابع ، وهو : أن نفهم كلامه ذاك بالاستناد إلى القرائن الحالية والعقلية والعادية . فإن كان الحال والعقل والعادة يقتضي أن ذلك المرئي ليس حيوانا مفترسا ، فنفهم من كلامه أنه أراد رجلا شجاعا .وإن كان الحال والعقل والعادة يقتضي أن المرئي ليس رجلا ، فنحمله على إرادة الحيوان المعروف . لأنه عندئذ أقوى من الأول ، كما أن الأول أقوى في الحالة الأولى من هذا الثاني ( مع اتحادهما في التجرد عن القرائن اللفظية ) .
فالفهم أبدا لا ينفك عن القرائن . . إما اللفظية مع الحالية ، وإما الحالية مع العرفية .
وأما قولك ( هل من المستحيل .... إلخ)
فنقول: هذا ليس بمستحيل، ولكن هل كل ما ليس بمستحيل يلزم القول به؟
وهل يلزم القول بكل الاحتمالات إذا كان بعضها أقوى من بعض؟
كل ما ليس بمستحيل ، فليس لنا إلا أن نقول : إنه ليس مستحيلا . أي : ممكن الوقوع .
بالإضافة إلى أن هذا الكلام لا ينطبق على ما مثلته في المشاركة السابقة .
فإن في مثالي أن العادة والحال يرجح أن يكون المراد " خطيبا شجاعا " لا " حيوانا مفترسا " .
فالرجل المتكلم خارج من المسجد ، وليس فيه في العادة ذلك الحيوان المفترس ، وحال المتكلم يدل على أنه تعجب من الشجاعة لا من الافتراس . فالقرائن غير اللفظية - في تلك الحالة - لا تقوي إلا إرادة الرجل الشجاع . فالقول والفهم إذن : دائم الدوران مع أقوى الاحتمالين ، من غير تحديد بمعيار الحاجة إلى القيود اللفظية أو عدمها . هذا ما أراه صوابا ، والله أعلم .
أبو مالك العوضي
2008-02-13, 11:09 AM
وفقك الله يا شيخنا الفاضل
أنا قدمتُ لك أنك إن كنت تقصد بالقرائن ما يعم القرائن الحالية والعقلية والعادية، فكلامك صحيح.
لكن الذين فرقوا بين الحقيقة والمجاز بأن الأول ما خلا عن القرينة والثاني ما لم يخل منها، عنوا القرينة اللفظية.
نضال مشهود
2008-02-13, 11:12 AM
فهمت هذا من قبل يا سيدي . . . كلامي متجه إلى ما تجرد عن القرائن اللفظية من كلا الإرادتين ( كما هو الواضح في المثال ) .
يعنى :
- قال رجل : رأيت أسدا ! ( وهو خارج من حديقة الحيوان )
- وقال آخر : رأيت أسدا ! ( وهو خارج من المسجد بعد الصلاة )
كلاهما يتجرد عن القيود اللفظية .
أبو مالك العوضي
2008-02-13, 11:51 AM
وفقك الله، وماذا في هذا؟
نضال مشهود
2008-02-13, 12:36 PM
ما سموه مجازات قد يتجرد عن القيود اللفظية مثل الحقائق . فالتقسيم غير صحيح .
نضال مشهود
2008-02-13, 12:40 PM
تصحيح لمشاركة لي ( رقم 16 ) .
المكتوب :
"وبخصوص قضية (القرينة) ، فحتى الآن لم يظهر لي استحالة أن يتجرد ما سموه بـ"الحقائق" من القرائن اللفظية . فهل من المستحيل أن يقول قائل خارج من المسجد : " رأيت أسدا ! " (هكذا مطلقا عن القيود اللفظية ) وأراد بذلك : الخطيب المتحمس الشجاع ؟؟"
والصحيح كما اقتضاه السياق :
"وبخصوص قضية (القرينة) ، فحتى الآن لم يظهر لي استحالة أن يتجرد ما سموه بـ"المجازات" من القرائن اللفظية . فهل من المستحيل أن يقول قائل خارج من المسجد : " رأيت أسدا ! " (هكذا مطلقا عن القيود اللفظية ) وأراد بذلك : الخطيب المتحمس الشجاع ؟؟"
أبو مالك العوضي
2008-02-13, 12:51 PM
ما سموه مجازات قد يتجرد عن القيود اللفظية مثل الحقائق . فالتقسيم غير صحيح .
وفقك الله، القرينة الحالية قد تكون أقوى من القرينة اللفظية، كما إذا لم يمكن التعبير عنها إلا باللفظ، كما فعلتَ أنت هنا؛ إذ عبرتَ عن القرينة الحالية باللفظ، وبغير هذا اللفظ لا يمكن معرفة هذه القرينة الحالية.
والقرائن العقلية والحالية والعادية لا يخلو منها الكلام مطلقا.
فإذا كانت هذه القرائن ( أعني غير اللفظية ) لا ترجح أحد الاحتمالين، فحينئذ يحمل لفظ (الأسد) على الحيوان إن تجرد من القرائن اللفظية، ويحمل على الشجاع إن اقترن بقرينة لفظية تدل على ذلك.
أبو مالك العوضي
2008-02-13, 12:58 PM
والاحتمال الرابع الذي ذكرتَه يا شيخنا الفاضل مبني على افتراض أن القرائن غير اللفظية سوف ترجح أحدَ الوجهين، وهذا لا ناقش فيه، ولكن النقاش فيما لو تعارضت هذه القرائن أو لم ترجح أحد الوجهين؟
فحينئذ لا يتبقى إلا الاحتمال الثاني الذي ذكرتُه.
وإذا تصفحت كلام أهل العلم قديما وحديثا وجدتهم يقولون: الأصل أن يحمل اللفظ على ظاهره إلا أن يأتي ما يصرفه عن هذا الظاهر، فلو كان الظاهر أيضا يحتاج إلى قرينة لما اختلف الأمر بين ظاهر وغير ظاهر في كلامهم.
والخلاصة يا شيخنا الفاضل أن الألفاظ التي تحتمل عدة معان إما أن يكون بعضها مشهورا يسبق إليه الذهن، وإما أن تتساوى في الشهرة، فإن كان بعضها أشهر من بعض فإن هذه الشهرة بعينها قرينة ترجح المراد إن خلا الكلام من القرائن الأخرى.
وهذا معناه أن المجاز قد يصير حقيقة إذا اشتهر، فيسمونه حقيقة عرفية أو حقيقة لغوية أو حقيقة شرعية، فلا مشاحة في الاصطلاح.
نضال مشهود
2008-02-13, 01:05 PM
جميل يا شيخنا الفاضل !
لا أظن أن يبق بيننا خلاف ،
فإن قولى "القرائن العادية" يشمل ( الشهرة ) بالدرجة الأولى .
نضال مشهود
2008-02-13, 01:15 PM
وهذا بعينه بيت القصيد .
وهو أننا في حال نزولنا إلى التسليم بهذا التقسيم الثنائي : ( الحقيقة - المجاز ) ،
فعلينا أن نعرفهما بأن :
- الحقيقة : ما استعمل من الألفاظ للدلالة على معناه المعتاد الشائع الأشهر الأقرب ،
- والمجاز : ما استعمل من الألفاظ للدلالة على معناه البعيد الذي لا يصار إليه إلا بزيادة البيان وتعيين القرائن له .
وعندها . . أصبح هذا التقسيم : تقسيم نسبي ، لأن الشهرة متفاوتة بتفاوت الزمان والمكان والأوضاع .
ففي الزمان الذي اشتهر فيه أن معنى ( القرية ) شامل للحال والمحل ، يكون قوله تعالى "واسأل القرية" حقيقة ،
وفي الزمان الذي اشتهر فيه أن معنى ( القرية ) خاص بالمحل ، يكون ذلك الكلام مجازا بالتعريف السابق الذكر .
أبو مالك العوضي
2008-02-13, 01:41 PM
وفقك الله
هل تقصد بقولك ( القرية شامل للحال والمحل ) أنه من قبيل المشترك اللفظي؟
إن كنت تعني ذلك فإن الذي يمنع منه أن استقراء كلام العرب لا يدل عليه، والأصل عدم الاشتراك في الألفاظ.
وأنا لم أقل إن المشتهر هو الحقيقة وغير المشتهر هو المجاز، بل قلت إن الاشتهار قرينة من القرائن التي تحدد المراد، بغض النظر عن كونه حقيقة أو مجازا، وقوله تعالى ( واسأل القرية ) معناه ( واسأل أهل القرية)، فهذا هو المفهوم من اللفظ بالاتفاق، وأما تسمية ذلك حقيقة أو تسميته مجازا، فهو اصطلاح ولا مشاحة فيه.
نضال مشهود
2008-02-13, 02:18 PM
لم أقصد ذلك يا شيخنا الفاضل - بارك الله فيك .
بل أقصد به ما يقصده الناس من أن لفظ "الإنسان" شامل للروح والجسد ،
ثم قد يعود الحكم - في سياق معين - إلى أحدهما أو كليهما .
وقد يسمى هذا "تواطؤا" أو "ترددا" أو "فحوى الكلام" أو "لحن الخطاب" أو "دلالة اللزوم" أو "الاشتراك الخاص" أو ما شئنا من المصطلحات .
وأما قصة التعريف بقيد ( الاشتهار ) ، فهو كما قلت : في حال نزولنا إلى التسليم بهذا التقسيم الثنائي .
عيد فهمي
2008-02-13, 02:27 PM
وقوله تعالى ( واسأل القرية ) معناه ( واسأل أهل القرية)، فهذا هو المفهوم من اللفظ بالاتفاق.
باتفاق مَن؟!!!!!!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومن الأمثلة المشهورة لمن يثبت المجاز في القرآن : { واسأل القرية } . قالوا: المراد به أهلها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فقيل لهم : لفظ القرية والمدينة والنهر والميزاب ؛ وأمثال هذه الأمور التي فيها الحال والمحال كلاهما داخل في الاسم . ثم قد يعود الحكم على الحال وهو السكان وتارة على المحل وهو المكان وكذلك في النهر يقال : حفرت النهر وهو المحل . وجرى النهر وهو الماء ووضعت الميزاب وهو المحل وجرى الميزاب وهو الماء وكذلك القرية قال تعالى : { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة } . وقوله : { وكم من قريةأهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون } { فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين } . وقال في آية أخرى : { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون } . فجعل القرى هم السكان . وقال : { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } . وهم السكان . وكذلك قوله تعالى { وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا } . وقال تعالى : { أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها } . فهذا المكان لا السكان لكن لا بد أن يلحظ أنه كان مسكونا ؛ فلا يسمى قرية إلا إذا كان قد عمر للسكنى مأخوذ من القرى وهو الجمع ، ومنه قولهم : قريت الماء في الحوض إذا جمعته فيه.
نظير ذلك لفظ " الإنسان " يتناول الجسد والروح ثم الأحكام تتناول هذا تارة وهذا تارة لتلازمهما ؛ فكذلك القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لأهلها ؛ فما يصيب أحدهما من الشر ينال الآخر ؛ كما ينال البدن والروح ما يصيب أحدهما . فقوله : { واسأل القرية } . مثل قوله { قرية كانت آمنة مطمئنة } . فاللفظ هنا يراد به السكان من غير إضمار ولا حذف فهذا بتقدير أن يكون في اللغة مجاز ، فلا مجاز في القرآن . بل وتقسيم اللغة إلى حقيقة ومجاز تقسيم مبتدع محدث لم ينطق به السلف . والخلف فيه على قولين وليس النزاع فيه لفظيا ؛ بل يقال : نفس هذا التقسيم باطل لا يتميز هذا عن هذا ولهذا كان كل ما يذكرونه من الفروق تبين أنها فروق باطلة وكلما ذكر بعضهم فرقا أبطله الثاني»
وهذا عين ما قاله نضال ونفسه وروحه وفحواه وظاهره وباطنه.
أم تقصد اتفاق أهل المجاز؟
فكيف تحتج عليه باتفاق خصمه؟
نضال مشهود
2008-02-13, 02:47 PM
جزاكم الله خيرا شيخنا عيد الحبيب .
كلام شيخ الإسلام هذا لا يعدل عنه .
لكن من باب الإنصاف ،
يحسن بنا مقارنته بكلام من تقدمه رحمهم الله ،
لندرك شيئا من التباين ينهم في منهج تناول الموضوع .
مثل قول الإمام الشافعي رحمه الله في ( الرسالة ) :
* الصنف الذي يدل لفظه على باطنه دون ظاهره * قال الله تبارك وتعالى وهو يحكي قول إخوة يوسف لأبيهم { ما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون } . فهذه الآية في مثل معنى الآيات قبلها لا تختلف عند أهل العلم باللسان أنهم إنما يخاطبون أباهم بمسألة أهل القرية وأهل العير لأن القرية والعير لا ينبئان عن صدقهم .
قال قبل ذلك رحمه الله :
* باب الصنف الذي يبين سياقه معناه * قال الله تبارك وتعالى { وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إنما تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون } . فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر فلما { إذ يعدون في السبت } الآية دل على أنه إنما أراد أهل القرية لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون . وقال { وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون } . وهذه الآية في مثل معنى الآية قبلها فذكر قصم القرية فلما ذكر أنها ظالمة بان للسامع أن الظالم إنما هم أهلها دون منازلها التي لا تظلم ولما ذكر القوم المنشئين بعدها وذكر إحساسهم الباس عند القصم أحاط العلم انه إنما أحس البأس من يعرف الباس من الآدميين .
قلت : مع أنه قد يجمع ين المنهجين بأن يقال : قولنا ( أهل القرية ) أيضا لا ينحصر معناه في إرادة "أهل المكان" ، بل قد يعنى به ما يعنيه القوم بقولهم : "أهل قريش" و "أهل كنانة" و "أهل سعيد" ، وكلها - قريش وكنانة وسعيد - في الأصل : أسماء الرجال لا الأمكنة .
قلت : لكن ليس هكذا منهج الشافعي رحمه الله ، لأنه قال : " لأن القرية والعير لا ينبئان عن صدقهم " .
عيد فهمي
2008-02-13, 03:05 PM
أعد النظر في كلام الإمام الشافعي:
الصنف الذي يدل لفظه على باطنه دون ظاهره
تراه ماذا يقصد بالباطن والظاهر هنا؟ وما العلاقة بينهما؟
أهي علاقة المجاز بالحقيقة؟
أم علاقة الروح بالجسد؟
لو دققت النظر في قوله:
أن الظالم إنما هم أهلها دون منازلهالاهتديت إلى الصواب، ولعلمت أن كلام الشافعي وكلام ابن تيمية يخرجان من مشكاة واحدة
نضال مشهود
2008-02-13, 03:55 PM
قد يخرجان من مشكاة واحدة ،
لكن يختلفان في النهج والصورة
( أي في طريق التحليل وتناول القضية )
فالشافعي قال : ( إنما أراد "أهل القرية" لأن "القرية" لا تكون عادية ) ،
وابن تيمية قال : ( فاللفظ هنا يراد به السكان من غير إضمار ولا حذف ) .
ومثل هذا التباين قد يصعب جمعه لدى العوام ،
لا سيما مع قول شيخ الإسلام : ( القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لأهلها ) .
لم يقل مثلا : ( القرية ، إذا عذب أهلها خربت منازلها ، وإذا خربت منازلها كان عذابا لأهلها ) .
هذا وأمثاله هو الذي جعلني أقول :
http://majles.alukah.net/showpost.php?p=80099&postcount=5
وقد يقول لي قائل : ليس لأحوالك أهمية بحال !! (ابتسامة)
عيد فهمي
2008-02-13, 04:22 PM
لكن يختلفان في النهج والصورة
( أي في طريق التحليل وتناول القضية )
أبدا
لا فيه اختلاف في النهج ولا في الصورة ولا يحزنون
تقول:
لا سيما مع قول شيخ الإسلام : ( القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لأهلها ) .
لم يقل مثلا : ( القرية ، إذا عذب أهلها خربت منازلها ، وإذا خربت منازلها كان عذابا لأهلها )
أقول لك:
والشافعي أيضا قال: ( الظالم إنما هم أهلها دون منازلها )
ولم يقل مثلا: ( الظالم إنما هم أهلها دون القرية نفسها)
والحدق يفهم يا عمّنا
أبو مالك العوضي
2008-02-13, 04:36 PM
باتفاق أهل العلم جميعا حتى شيخ الإسلام، ولكن الخلاف في كلمة القرية نفسه، هل تطلق على أهلها ( كما هو قول شيخ الإسلام )، أو أن ذلك من مجاز الحذف كما تفضلت بالنقل.
هذا هو الخلاف، أما المعنى فلا خلاف فيه، وهذا هو مرادي كما هو واضح.
نضال مشهود
2008-02-13, 07:13 PM
أبدا
لا فيه اختلاف في النهج ولا في الصورة ولا يحزنون
تقول: .............................. .....
أقول لك:
والشافعي أيضا قال: ( الظالم إنما هم أهلها دون منازلها )
ولم يقل مثلا: ( الظالم إنما هم أهلها دون القرية نفسها)
والحدق يفهم يا عمّنا
كيف إذن يفهم الحدق قول الشافعي : ( إنما أراد "أهل القرية" لأن "القرية" لا تكون عادية ) ؟
ههنا قد قال إن نفس القرية لا تكون عادية ، وإنما الاعتداء من أهلها ؟؟
نضال مشهود
2008-02-13, 07:32 PM
باتفاق أهل العلم جميعا حتى شيخ الإسلام، ولكن الخلاف في كلمة القرية نفسه، هل تطلق على أهلها ( كما هو قول شيخ الإسلام )، أو أن ذلك من مجاز الحذف كما تفضلت بالنقل.
هذا هو الخلاف، أما المعنى فلا خلاف فيه، وهذا هو مرادي كما هو واضح.
على فكرة . . مثال ( القرية ) هذا لا يساعد أهل المجاز .
لأن هذا اللفظ عندهم غير منقول المعنى من معناه الوضعي إلى معنى آخر ،
بل إنما حال محل المحذوف في الإعراب ، فأصبح مفعولا بعد أن كان مضافا إليه .
فحقيقة القرية - عندهم - مكان ، وهو هنا أيضا : مكان ، لا يتغير من معناه الأول .
وإن قالوا : هذا من المجاز التركيبي ، بطلت النظرية من أساسه .
هذا بخلاف مثال ( الأسد ) الذي عند التركيب البسيط تحتمل معنيين أحدهما أسبق إلى الذهن من الآخر ( مع اختزال القرائن العادية والحالية ) .
وقد قال في مختصر الصواعق : هذا غاية ما تقدرون عليه من الفرق ، وهو أقوى ما عندكم ، ونحن لا ننكره ، لكن نقول : اللفظ الواحد تختلف دلالته عند الإطلاق والتقييد ، ويكون حقيقة في المطلق والمقيد .
أبو مالك العوضي
2008-02-14, 12:09 AM
كلام ابن القيم الأخير يدل على أن الخلاف في هذه النقطة لفظي.
لأن ما يسميه دلالة الإطلاق هو عندهم الحقيقة، وما يسميه دلالة التقييد هو عندهم المجاز، ولا مشاحة في الاصطلاح.
نضال مشهود
2008-02-14, 01:05 AM
المشكلة يا شيخنا الفاضل ، أن اصطلاح القوم لا يطرد ولا يستقيم .
فهم لا يسمى قول الخارج من الجامع " رأيت أسدا " حقيقة مع تجرده عن القرائن اللفظية .
أما ابن القيم رحمه الله ، فليس في قواعده تفريق حاسم بين قرينة وقرينة مثل ما لأهل المجاز .
أبو مالك العوضي
2008-02-14, 01:20 AM
والشأن لا يعترض المثال .............. إذ قد كفى الفرض والاحتمال
ومسألة الضوابط والتفريق الحاسم لا يصح الاعتراض بها دائما؛ لأن كثيرا من القواعد التي وضعها أهل العلم يرد عليها الخوارم، وفي خاطري كتابة مقال عن هذه المسألة؛ لأن بعض الناس وخاصة من المبتدئين يعترضون على أهل العلم بقولهم (ما الضابط؟!!) ظانين أنهم بذلك قد أتوا بما لم يأت به الأوائل، وجاءوا بما يفحم القوم، ولا يدرون أنهم إنما أتوا من جهلهم.
-فمثلا: لا يشك اثنان أن هناك أمورا يقطع بها الإنسان وأمورا لا يقطع بها، فإذا حاولت أن تضع لذلك ضابطا أعيتك الحيل.
-ومثلا العلماء يصنفون الرواة ثقات وضعفاء وما بين ذلك درجات، فإذا شئت أن تضع ضابطا للحد الفاصل بين أقل درجات الثقة وأعلى درجات الضعيف أعيتك الحيل.
-ومثلا العلماء قد تكلموا عن شروط المجتهد، ولكنك إذا شئت أن تأتي بالحد الفاصل الذي يصير بعده العالم مجتهدا ولم يكن قبله مجتهدا أعيتك الحيل.
-ومثلا جماهير العلماء يعملون بالعرف، ويرجعون إليه فيما لا نص فيه، فإذا رحت تبحث عن ضابط لهذا العرف، ومتى يصير عرفا، وما عدد الناس الذي يصير به العرف عرفا، أعيتك الحيل.
وهكذا إذا تصفحت مسائل العلوم المختلفة فستجد عشرات بل مئات المسائل من هذا الباب، وكلها يكاد يكون من المستحيل أن تضع ضابطا لها، ومع ذلك لا يشك اثنان في صحتها.
فالخلاصة أن المثال لا يعترض به على القواعد؛ لأن المثال قد يكون شاذا، وقد يكون له تخريج، وقد يكون غير ذلك، فلو كان كل مثال يشذ عن القاعدة يخرمها، لما استقامت لنا قاعدة.
نضال مشهود
2008-02-14, 01:30 AM
لكن كلامنا خاص بقضية (الحقيقة) و (المجاز) .
هل يقول أصحاب المجاز إن تقسيمهم الثنائي تقسيم نسبي ؟
هل يقولون إن هناك واسطة بين الحقيقة والمجاز ؟
هل يقولون إن هناك واسطة بين الحقيقة اللغوية والمجاز اللغوي ؟
أليس جل ردود شيخ الإسلام وابن القيم متجه إلى إبطال التفريق والتقسيم لعدم الانضباط ؟؟؟؟
قاعدتهم لم تثبت بعد وليست هي مسلمة لأصحابها بعد ، فكيف لا يجوز الاعتراض عليها ؟؟؟
أبو مالك العوضي
2008-02-14, 01:37 AM
هم أصلا مختلفون اختلافا كبيرا في هذا التقسيم، وقد رأيت زعم ابن جني أن أكثر اللغة مجاز، وأنا أرى أنه يريد أن كل اللغة مجاز، ولكنه تلطف في العبارة حتى تروج عنه، واختلفوا أيضا في التوكيد هل هو مجاز؟ وكذلك في الكناية، وغير ذلك كثير.
ولذلك ينبغي توجيه الكلام عند الرد إلى قول معين من هذه الأقوال، وهذا ما فعله ابن القيم رحمه الله؛ فإنه يفترض قولا لهم ثم يجيب عنه، ثم يفترض آخر ثم يجيب عنه، وهكذا.
وأما الرد على القول لعدم انضباطه، فاعلم يا أخي أن عدم الانضباط نوعان:
- نوع يكون فيه كل ما يدعى أنه من أحد القسمين يمكن جعله من القسم الآخر، والعكس.
- ونوع يكون فيه أشياء متفق عليها أنها من أحد القسمين، وأشياء متفق عليها أنها من القسم الآخر، وأشياء تختلف فيها وجهات النظر أو لا قد تتخلف عن الانضباط.
فالرد بعدم الانضباط إنما يرد على النوع الأول، ولا يرد على النوع الثاني؛ لأن النوع الثاني لا تكاد تخرج عنه قاعدة من القواعد.
نضال مشهود
2008-02-14, 01:58 AM
وهل نظرية (الحقيقة) و (المجاز) يا شيخنا الفاضل - من حيث هي هي - إلا من النوع الأول ؟؟؟
نضال مشهود
2008-02-14, 02:26 AM
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
فتبين أنه ليس لمن فرق بين الحقيقة والمجاز فرق معقول يمكن به التمييز بين نوعين . فعلم أن هذا التقسيم باطل ... ولهذا لما ادعى كثير من المتأخرين أن فى القرآن مجازا وذكروا ما يشهد لهم رد عليهم المنازعون جميع ما ذكروه .
أبو مالك العوضي
2008-02-14, 08:28 AM
نعم هي من النوع الأول إن زعمنا وجود حقيقة مجردة عن الاستعمال، أما إن كان المقصود استعمال اللفظ في غير ما استعمل له فهذا اصطلاح ولا مشاحة فيه.
كما إذا قلنا: ( فلان صاروخ ) أي سريع جدا، فمما لا نزاع فيه أن كلمة ( صاروخ ) لم توضع لهذا المعنى.
وشيخ الإسلام لا ينازع في هذا، ولكنه يقول إن هذا استعمال وهذا استعمال، وهم يقولون: هذا وضع وهذا استعمال.
وليس عندهم دليل على أن اللفظ وضع هكذا مجردا عن الاستعمال، وحتى لو افترضنا أن اللفظ وضع مجردا عن الاستعمال، فمما لا نزاع فيه بينهم أن المجاز قد يكثر فيصير أشهر من الحقيقة حتى يشتق منه مجاز آخر، وعلى هذا فلا مانع عندهم من أن تكون الحقيقة مجازا لحقيقة أخرى قبلها.
نضال مشهود
2008-02-14, 10:27 AM
هو من النوع الأول حتى وإن عرّفنا ( الوضع ) بأنه الاستعمال الأول . بل عندها أصبح التمييز متعذرا لجهلنا بذاك الاستعمال الأول .
وأما قولكم : " فمما لا نزاع فيه أن كلمة ( صاروخ ) لم توضع لهذا المعنى " ، فماذا تعنون يا شيخنا بالوضع هنا ؟
إن عنيتم به ( تواضعا لمعناه قبل الاستعمال ) فهذا لا تقولون به ،
وإن عنيتم به ( الاستعمال الأول ) ، فهو إذن إنما يكون مجازا في أول نقله . وأما بعد النقل ، فقد صار حقيقة لأنه قد استعمل في ذلك المعنى الثاني . . فيكون كون اللفظ مجازا كائنا مؤقتا مرة واحدة عند النقل ، وبعدها صار حقيقة في الموضعين !
بالإضافة إلى أن لفظ الصاروخ هنا لا يستعمل في نفس السياق والتركيب الذي استعمل فيه استعماله الأول . فلماذا لا نقول : إن كلمة صاروخ موضوع لمعنى الكابسول إذا استعمل في تركيب معين ، وموضوع لإرادة معنى السرعة إذا استعمل في تركيب معين آخر ؟؟؟
وإن عنيتم بالوضع هنا : مطلق الاستعمال ، فقولكم متناقض . لأن ما يفترض موجودا لا يفترض في نفس الحال معدوما .
وإن عنيتم بالوضع غير ما تقدم ، فتفضلوا بذكره لننظر في أمره .
أبو مالك العوضي
2008-02-14, 10:35 AM
الاستعمال نوعان:
- استعمال عام، واستعمال خاص، ولا يمكن التسوية بينهما، فالذي يقول ( فلان صاروخ ) لا يقصد أن يضيف معنى جديدًا لكلمة ( صاروخ )، وإنما يقصد المبالغة في التشبيه.
والمنازعة في ذلك لا تسوغ؛ لأن هذا يُرجع فيه إلى مراد المتكلم نفسه، والأدباء مجمعون على أنهم يريدون ذلك.
ولكن إذا أعجب الناس بهذا التشبيه واستعملوه وكثر استعماله بينهم حتى صار عرفا شائعا، صار حينئذ حقيقة عرفية كما تفضلتَ، لا سيما إذا استعملوه من غير استحضار للأصل.
أما إذا لم يحدث هذا فلا يمكن التسوية بين المعنيين.
فيمكن القول بأن الاستعمال الأول هو الحقيقة والاستعمال الثاني هو المجاز، فإذا كثر صار حقيقة يتأتى استخراج مجاز منها، وهكذا.
فقولكم ( بعد النقل صار حقيقة ) ليس على إطلاقه، بل هذا يعتمد على شهرة النقل وذياعه، فإن كان عاما صح قولكم، وإن كان خاصا ظل مجازا.
عيد فهمي
2008-02-14, 07:25 PM
وقد قال في مختصر الصواعق : هذا غاية ما تقدرون عليه من الفرق ، وهو أقوى ما عندكم ، ونحن لا ننكره ، لكن نقول : اللفظ الواحد تختلف دلالته عند الإطلاق والتقييد ، ويكون حقيقة في المطلق والمقيد.لئن كان هذا كلام ابن القيم فقد قال بالمجاز شاء أم أبى وكتاب المختصر غير متوفر لدي، والأصل غير مكتمل وليس هذا فيه.
ولعله قصد بالإطلاق السبق إلى الذهن فلم يحسن التعبير.
لكن للإنصاف: الإقرار بظاهر ما قاله إقرار بالمجاز وإن زعم خلاف ذلك.
عيد فهمي
2008-02-14, 07:31 PM
كيف إذن يفهم الحدق قول الشافعي : ( إنما أراد "أهل القرية" لأن "القرية" لا تكون عادية ) ؟
كما فهم قول ابن تيمية:
القرية إذا عُذِّب أهلها خربتولم يقل: عُذِّبت
وقال:
وإذا خربت كان عذابا لأهلهاولم يقل: خرابا لأهلها.
هل ما زال الأمر يحتاج إلى شرح؟
أبو مالك العوضي
2008-02-14, 07:33 PM
سبحان الله !!
تتكلم وكأن التكلم بكلمة ( مجاز ) نفسها هو المحرم والممنوع؟
هذا كلام ابن القيم، وبنحوه قال شيخ الإسلام، وبنحوه قال الشنقيطي رحم الله الجميع.
فماذا بقي إذن من أهل العلم لم يقل بذلك ؟
يا جماعة الخير أكثر الخلاف بين أصحاب المجاز ومنكريه خلاف لفظي، وحتى الخلاف الحقيقي بينهم لا يؤثر في مسألة الصفات، ولذلك كانت طريقة ابن تيمية وابن القيم الرد عليهم مرتين: مرة بإنكار المجاز، ومرة حتى مع إثباته.
فحتى لو أثبتنا هذه التفرقة فلا يلزم من ذلك تأويل الصفات لله عز وجل.
وأما من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن أن يتم تقريره إلا بإنكار هذا التقسيم فقد أتى بباطل من القول وزور.
ومثله مثل من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن أن يتم تقريره إلا بإنكار وجود الجوهر الفرد.
ومثله مثل من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن تقريره إلا بإثبات سكون الأرض، ودوران الشمس حولها.
مذهب أهل السنة حقائق ثابتة ثابتة، فهي حق في نفسها، ولا تتأثر بهذه العوارض، ولا يلزم من ثبوت شيء مما سبق أو نفيه إنكار شيء من مذهب أهل السنة.
فلا يلزم من إثبات التقسيم تأويل الصفات، كما لا يلزم من إنكار التقسيم ذلك، وقس على هذا.
عيد فهمي
2008-02-14, 07:48 PM
تتكلم وكأن التكلم بكلمة ( مجاز ) نفسها هو المحرم والممنوع؟
مَن أوحى لك بهذا التصور السقيم عني؟
أتراني أجهل أن هذا اللفظ (مجاز) ورد على لسان الإمام أحمد ومعمر بن المثنى وأبو حاتم الرازي وكبار الأئمة؟
القضية قضية معانٍ وليست ألفاظ يا باشمهندس
وأما من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن أن يتم تقريره إلا بإنكار هذا التقسيم فقد أتى بباطل من القول وزور.ومَن الذي زعم ذلك أيضا، وأين وجدته في كلامي سبحانك ربي!
هذا كلام ابن القيم، وبنحوه قال شيخ الإسلام
غريبة!!!
كأنك لم تقرأ كلام شيخ الإسلام في هذه المسألة بعينها!!!
فاقرأ إذًا:
قال شيخ الإسلام:
«وأما من فرق بين الحقيقة والمجاز ؛ بأن الحقيقة ما يفيد المعنى مجردا عن القرائن ، والمجاز ما لا يفيد ذلك المعنى إلا مع قرينة ، أو قال : " الحقيقة " : ما يفيده اللفظ المطلق . و " المجاز " : ما لا يفيد إلا مع التقييد . أو قال : " الحقيقة " هي المعنى الذي يسبق إلى الذهن عند الإطلاق . " والمجاز " ما لا يسبق إلى الذهن . أو قال : " المجاز " ما صح نفيه و " الحقيقة " ما لا يصح نفيها ، فإنه يقال : ما تعني بالتجريد عن القرائن والاقتران بالقرائن؟ إن عني بذلك القرائن اللفظية مثل كون الاسم يستعمل مقرونا بالإضافة أو لام التعريف ويقيد بكونه فاعلا ومفعولا ومبتدأ وخبرا فلا يوجد قط في الكلام المؤلف اسم إلا مقيدا . وكذلك الفعل إن عني بتقييده أنه لا بد له من فاعل وقد يقيد بالمفعول به وظرفي الزمان والمكان والمفعول له ومعه والحال فالفعل لا يستعمل قط إلا مقيدا وأما الحرف فأبلغ فإن الحرف أتي به لمعنى في غيره . ففي الجملة لا يوجد قط في كلام تام اسم ولا فعل ولا حرف إلا مقيدا بقيود تزيل عنه الإطلاق . فإن كانت القرينة مما يمنع الإطلاق عن كل قيد فليس في الكلام الذي يتكلم به جميع الناس لفظ مطلق عن كل قيد سواء كانت الجملة اسمية أو فعلية ولهذا كان لفظ " الكلام " و " الكلمة " في لغة العرب بل وفي لغة غيرهم لا تستعمل إلا في المقيد . وهو الجملة التامة اسمية كانت أو فعلية أو ندائية إن قيل إنها قسم ثالث . فأما مجرد الاسم أو الفعل أو الحرف الذي جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل فهذا لا يسمى في كلام العرب قط كلمة وإنما تسمية هذا كلمة اصطلاح نحوي كما سموا بعض الألفاظ فعلا وقسموه إلى فعل ماض ومضارع وأمر ، والعرب لم تسم قط اللفظ فعلا ؛ بل النحاة اصطلحوا على هذا فسموا اللفظ باسم مدلوله فاللفظ الدال على حدوث فعل في زمن ماض سموه فعلا ماضيا وكذلك سائرها . وكذلك حيث وجد في الكتاب والسنة بل وفي كلام العرب نظمه ونثره لفظ كلمة ؛ فإنما يراد به المفيد التي تسميها النحاة جملة تامة كقوله تعالى : { وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا } { ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا } . وقوله تعالى { وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا } . وقوله تعالى { تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } . وقوله : { وجعلها كلمة باقية في عقبه } . وقوله : { وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها } . وقول النبي صلى الله عليه وسلم " { أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل } وقوله " { كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم } " . وقوله . " { إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ به ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ به ما بلغت يكتب الله بها سخطه إلى يوم القيامة } " . وقوله : " { لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلته منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله عدد خلقه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله مداد كلماته } " . وإذا كان كل اسم أو فعل أو حرف يوجد في الكلام فإنه مقيد لا مطلق لم يجز أن يقال للفظ الحقيقة ما دل مع الإطلاق والتجرد عن كل قرينة تقارنه . فإن قيل : أريد بعض القرائن دون بعض قيل له : اذكر الفصل بين القرينة التي يكون معها حقيقة والقرينة التي يكون معها مجاز ولن تجد إلى ذلك سبيلا تقدر به على تقسيم صحيح معقول.»
وللكلام بقية بعد الصلاة ...
أبو مالك العوضي
2008-02-14, 07:57 PM
وفقك الله
قرأت كلام شيخ الإسلام منذ خمس عشرة سنة.
ولكن يبدو أنك لم تقرأ بقية الكلام.
أبلغني عندما تصل إلى آخره، وأخبرني بما قال عن القرينة العدمية.
عيد فهمي
2008-02-14, 09:01 PM
وفقك الله
قرأت كلام شيخ الإسلام منذ خمس عشرة سنة.
ولكن يبدو أنك لم تقرأ بقية الكلام.
أبلغني عندما تصل إلى آخره، وأخبرني بما قال عن القرينة العدمية.
ياااااااااااااا اه
كل هذا كتب أثناء وقت ذهابي للصلاة وما بعده الذي لم يتجاوز ساعة واحدة!
على العموم لا يخفى عليكم أن ما قيل في الرد والمناظرة لا يتساوى مع ما قيل في الإثبات والتقرير، فقد يرُدّ المتكلم بكلام تنزلا مع الخصم دون إقرار له في حقيقة الأمر.
وعلى فرض إقراره فلم يُسمِّ شيخ الإسلام مثل ذلك (إطلاقا) ولا أقر به بل ما هو إلا تقييد بالتجريد أو السكوت أو الإمساك أو الاقتصار أو ترك الزيادة، وكل هذا يعتبر أمرا وجوديا فإن أكثر الناس يقولون: الترك أمر وجودي يقوم بذات التارك، وذهب أبو هاشم وطائفة إلى أنه عدمي ويسمون الذمية.
فهل أفهم من تسميتك التي ذكرتها أنك تميل إلى القول الثاني يا مولانا؟
أعيذك من ذلك.
ورغم كل ذلك فقضية التجريد لها عندي كلام آخر ليس هذا موضعه وفيما ذُكر كفاية على قدر ما قُصد إليه.
نضال مشهود
2008-02-15, 01:06 PM
يا جماعة الخير أكثر الخلاف بين أصحاب المجاز ومنكريه خلاف لفظي، وحتى الخلاف الحقيقي بينهم لا يؤثر في مسألة الصفات، ولذلك كانت طريقة ابن تيمية وابن القيم الرد عليهم مرتين: مرة بإنكار المجاز، ومرة حتى مع إثباته.
فحتى لو أثبتنا هذه التفرقة فلا يلزم من ذلك تأويل الصفات لله عز وجل.
وأما من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن أن يتم تقريره إلا بإنكار هذا التقسيم فقد أتى بباطل من القول وزور.
ومثله مثل من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن أن يتم تقريره إلا بإنكار وجود الجوهر الفرد.
ومثله مثل من يزعم أن مذهب أهل السنة لا يمكن تقريره إلا بإثبات سكون الأرض، ودوران الشمس حولها.
مذهب أهل السنة حقائق ثابتة ثابتة، فهي حق في نفسها، ولا تتأثر بهذه العوارض، ولا يلزم من ثبوت شيء مما سبق أو نفيه إنكار شيء من مذهب أهل السنة.
فلا يلزم من إثبات التقسيم تأويل الصفات، كما لا يلزم من إنكار التقسيم ذلك، وقس على هذا.
شيخنا . . . أكثر هذا الأمر معلوم معروف لدينا معاشر محبي أهل السنة .
فما الداعى إلى تكرار ذكره ؟؟؟
قضيتنا ليست قضية العقائد بقدر ما هي قضية لغوية أو تاريخية . وهذا معلوم .
أبو مالك العوضي
2008-02-15, 01:13 PM
معلوم لك يا شيخنا الفاضل، ولكنه ليس معلوما لكثير من الناس، واخبر تقله.
نضال مشهود
2008-02-15, 01:18 PM
الاستعمال نوعان:
- استعمال عام، واستعمال خاص، ولا يمكن التسوية بينهما، فالذي يقول ( فلان صاروخ ) لا يقصد أن يضيف معنى جديدًا لكلمة ( صاروخ )، وإنما يقصد المبالغة في التشبيه.
والمنازعة في ذلك لا تسوغ؛ لأن هذا يُرجع فيه إلى مراد المتكلم نفسه، والأدباء مجمعون على أنهم يريدون ذلك.
ولكن إذا أعجب الناس بهذا التشبيه واستعملوه وكثر استعماله بينهم حتى صار عرفا شائعا، صار حينئذ حقيقة عرفية كما تفضلتَ، لا سيما إذا استعملوه من غير استحضار للأصل.
أما إذا لم يحدث هذا فلا يمكن التسوية بين المعنيين.
فيمكن القول بأن الاستعمال الأول هو الحقيقة والاستعمال الثاني هو المجاز، فإذا كثر صار حقيقة يتأتى استخراج مجاز منها، وهكذا.
فقولكم ( بعد النقل صار حقيقة ) ليس على إطلاقه، بل هذا يعتمد على شهرة النقل وذياعه، فإن كان عاما صح قولكم، وإن كان خاصا ظل مجازا.
قولي ( بعد النقل صار حقيقة ) يتوجه إلى ما تفضلت بالإشارة إليه من التعريف :
أما إن كان المقصود استعمال اللفظ في غير ما استعمل له فهذا اصطلاح ولا مشاحة فيه.
فقبل أن يستعمل مستعمِلٌ لفظ ( صاروخ ) للدلالة على مطلق السرعة لغير الكابسول - نقلا أو تشبيها - ، لم يزل هذه اللفظة في عرف القوم لا دلالة له إلا الكابسول . فإذا استعمله مستعمل بعد ذلك للدلالة على غير ذلك المعنى - بزيادة قيد لفظي أو بغير زيادة - صار اللفظ في هذا الاستعمال منقولا ( وهو المسمى بالمجاز على مقتضى هذا التعريف ) . وأما بعد هذا النقل ، فقد صار اللفظ حقيقة سواء أريد به معنى الكابسول ، أو أريد به مطلق السرعة ، أو أريد به التشبيه .
لماذا . . . ؟
لأنه أصبح مستعملا في ما قد استعمل له قبل ذلك الاستعمال (أي : ولو مرة واحدة ) .
وأما قضية الاشتهار ، فهي كما قلت : ضابط نسبي ، يكون التقسيم المبني عليه تقسيم نسبي .
وأنى للمجازيين تسليم بهذا ؟؟؟
نضال مشهود
2008-02-15, 01:29 PM
كما فهم قول ابن تيمية:
ولم يقل: عُذِّبت
وقال:
ولم يقل: خرابا لأهلها.
هل ما زال الأمر يحتاج إلى شرح؟
نعم يا شيخنا . . . هي بحاجة شديدة إلى تحليل الإشكال .
فإن ابن تيمية قال إن المكان داخل في اسم القرية وليس هو كلها .
وأما الشافعي ، فالظاهر أن في عرفه وعرف أصحابه أن (القرية) اسم للمكان - المنازل والمباني - .
فإذا أطلق في الكلام لفظ "القرية" وأريد به السكان ، كان عند الشافعي : ثمَّ محذوفٌ
(أي مثل قوله تعالى : "ولكن البر من آمن" ، وقوله : "الحج أشهر معلومات") .
وأما عند شيخ الإسلام ، فاسم القرية شامل للمكان والسكان ، فليس في الإطلاق محذوف .
وهذا الاختيار هو الراجح ، لما شاع في القرآن من ذكر (القرية) مع إرادة السكان ، بل هذا هو الأكثر استعمالا فيه .
نضال مشهود
2008-02-15, 01:35 PM
لئن كان هذا كلام ابن القيم فقد قال بالمجاز شاء أم أبى وكتاب المختصر غير متوفر لدي، والأصل غير مكتمل وليس هذا فيه.
ولعله قصد بالإطلاق السبق إلى الذهن فلم يحسن التعبير.
لكن للإنصاف: الإقرار بظاهر ما قاله إقرار بالمجاز وإن زعم خلاف ذلك.
جائز أن يحصل في المختصر شيئ من تغيير العبارات عن وجهها فيأتي إثره الخلل ،
وقد ناقشوا ما فيه من ذكر حكم شيخ الإسلام لكلام الإمام الترمذي حول حديث الادلاء .
لكن نص الكلام الذي نقلته لا يدل على الإقرار بالمجاز .
فإن الذي فيه : "اللفظ الواحد تختلف دلالته عند الإطلاق والتقييد ، ويكون حقيقة في المطلق والمقيد"
لم يقل مثلا : "اللفظ الواحد تختلف دلالته عند الإطلاق من كل قيد وعند التقييد بأي قيد" .
لا سيما وأنه مثل بعد ذلك بلفظ (العمل) الدال نسبيا عند الإطلاق من قيد النسبة إلى القلب على : عمل الجوارح .
والحذق - كما قالو - يفهم .
نضال مشهود
2008-02-18, 11:25 AM
ما طوّل علينا شيخنا يا حنون . . !
عيد فهمي
2008-02-18, 04:27 PM
قد اتفقت معي على أن لفظ القرية يتناول السكان والمنازل نظير لفظ الإنسان يتناول الروح والجسد ((ثم الأحكام تتناول هذا تارة وهذا تارة لتلازمهما ؛ فكذلك القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لأهلها ؛ فما يصيب أحدهما من الشر ينال الآخر؛ كما ينال البدن والروح ما يصيب أحدهما)) أ.هـ من مجموع فتاوى ابن تيمية
فلو طبقنا ذلك على جملة الشافعي وجملة ابن تيمية يتبين المراد
فابن تيمية يقول: القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان ذلك عذابا لأهلها
وعلى شبهه تقول:الإنسان إذا قبضت روحه مات وإذا مات كان ذلك قبضا لروحه
والشافعي يقول في قوله (القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت): دل على أنه إنما أراد أهل القرية لأن القرية لا تكون عادية
وعلى شبهه تقول في أثر (إني لأرى حضرة ما هم بإنس ولا جن، ثم قُبِض): دل على أنه إنما أراد روح الإنسان لأن الإنسان لا يكون مقبوضا
وقد يصعب على البعض حمل كلام الشافعي بخلاف كلام ابن تيمية وليس ذلك إلا لكون ابن تيمية كان يتكلم عن هذه المسألة بعينها فلذلك حرّر لفظه ليتضح للقارئ أما الشافعي فكان يتكلم على صليقته دون استحضار لهذه المسألة؛ لأنها لم تكن أثيرت ولا ظهرت فهي كما قال ابن تيمية محدثة بعده
ومع ذلك فمن دقّق النظر في كلام الشافعي وجده يدل على ذلك دلالة بيّنة
وأستدل على ذلك بثلاثة أدلة:
1- ما ذكرته قبل ذلك من قوله: (وقال {وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون}. وهذه الآية في مثل معنى الآية قبلها فذكر قصم القرية فلما ذكر أنها ظالمة بان للسامع أن الظالم إنما هم أهلها دون منازلها التي لا تظلم) فاختياره للفظ منازلها هنا يؤكد ذلك:
لأن الظلم يصلح إطلاقه على أهل القرية بلا نزاع ويصلح إطلاقه على القرية نفسها بدليل القرآن (من قرية كانت ظالمة) -تنزلا في الكلام[1] - لكن لا يصلح إطلاقه على المنازل
ومثله القبض يصلح إطلاقه على روح الإنسان بلا نزاع ويصلح إطلاقه على الإنسان بدليل السنّة (قبض بين سحري ونحري) -تنزلا في الكلام[1] - لكن لا يصلح إطلاقه على الجسد
2- تسميته للباب الأول: (الصنف الذي يدل لفظه على باطنه دون ظاهره)
ولم يقل: (يدل على مجازه دون حقيقته) ولا قال: (يدل على محذوف ولا مقدر).والضمير في باطنه وظاهره يعود على اللفظ فدل على أن كلاهما من جملة اللفظ وليس واحد منهما خارجا عنه كما يزعم أرباب المجاز من علاقة الأهل بالقرية،
أليس علاقة باطن اللفظ باللفظ كعلاقة روح الإنسان بالإنسان،
وكذلك علاقة ظاهر اللفظ باللفظ كعلاقة جسد الإنسان بالإنسان؟
3- تسميته للباب الآخر (الصنف الذي يبين سياقه معناه) أليس هذا ما يدندن حوله ابن تيمية أن معنى اللفظ لا يعرف إلا بالسياق؟
فأين الخلاف بينهما؟
هل ما زال الأمر يحتاج إلى مزيد شرح؟
ــــــــــ
[1] لأن هذا معروف في لسان العرب ولكن أتيت بدليل نصي لحسم مادة الاعتراض
نضال مشهود
2008-02-19, 12:32 AM
جزاكم الله خيرا شيخنا عيد وبارك فيكم .
لكن ، لا زال الأمر بحاجة إلى شرح وفيّ .
ليس الإشكال في النتائج ، وإنما في التعليل .
ليس الإشكال في كلام شيخ الإسلام ، فإن مسالكه واضحة جلية .
وإنما الإشكال في تفهمنا لكلام الإمام المطلبي رحمه الله لهذه النقطة بالذات (لفظ "القرية") .
كيف نقول إن الشافعي يرى ما يراه ابن تيمية أن (القرية) اسم للسكان والمكان ،
وليس في نصوصه رحمه الله ما يدل على ذلك لا من قريب ولا من بعيد !؟
واختياره للفظ (المنازل) لا يدل على ما قلتموه ،
لأنه (القرية) كالمكان فيها منازل وجدار وأراضي وبساتين وهلم جرا ،
أو لأنه في مقام التبيين فاختار بسليقته أنسبها للمقام ،
وإلا ، فقد قال مصرحا : إن القرية والعير لا ينبئان عن كذا وكذا .
وقوله : (الصنف الذي يبين سياقه معناه) لا يدل على شيء من هذا .
فإنه يمكن أن نوجهه بأنه أراد أن السياق يبين أن في الكلام محذوفًا .
مثله مثل كلام شيخ الإسلام في قوله تعالى (الحج أشهر معلومات) .
لم يقل شيخ الإسلام إن (الحج) اسم للعمل والزمن للتلازم بينهما ،
وإنما قال إن في الكلام محذوفًا (دل عليه العقل والسياق) تقديره : وقت الحج أشهر معلومات .
يعنى : هل يرى الإمام المطلبي أن لفظ (القرية) من جنس لفظ (الإنسان) الجامع بين الروح والجسد ؟
أم أنه يرى أن قوله تعالى (واسأل القرية) هو من جنس قوله تعالى (ولكن البر من آمن) ؟؟؟
وقبل ذلك يا شيخنا الحبيب : هل اقتنعتم بما قلتموه سابقا - من اتحاد مسلك الإمامين - تمام الاقتناع ؟ :)
عيد فهمي
2008-02-19, 11:57 AM
وقبل ذلك يا شيخنا الحبيب : هل اقتنعتم بما قلتموه سابقا - من اتحاد مسلك الإمامين - تمام الاقتناع؟)
ليس بعد
وقبل حدوث ذلك لا بد من البحث في مدى صحة هذه المقولة:
الإمام الشافعي حجة في اللغة
وليس ذلك تقليلا من شأن الإمام رحمه الله، وإنما هو بحث علمي سيترتب عليه نتائج عملية.
عيد فهمي
2008-02-19, 01:13 PM
أما الشافعي فكان يتكلم على صليقته
سليقته
نضال مشهود
2008-02-19, 03:09 PM
ففاقد الاقتناع كيف يعطيه ؟؟؟
اقتنعوا إذن - شيخنا الفاضل - برأيي (لمدة أسبوع على الأقل) :)
أي إلى حين وجود حل أفضل وفهم أسد
عيد فهمي
2008-02-19, 04:16 PM
ففاقد الاقتناع كيف يعطيه؟؟؟
أنا لا أعطي أحدا اقتناعا وإنما أناقش المسألة بتجرد وحيادية وإلا
فهل كان يصعب عليّ ادّعاء الاقتناع؟
وهل يمكن لأحد من البشر أن يشق عن صدري لمعرفة حقيقة الأمر؟
ولكن ليس هذا مسلك البحث العلمي
اقتنعوا إذن - شيخنا الفاضل - برأيي (لمدة أسبوع على الأقل) :)
أي إلى حين وجود حل أفضل وفهم أسد
لو اقتنعت تمام الاقتناع فلن أكتب
لأني إنما أكتب لأناقش لأقتنع
فلو وصلت إلى الغاية فانشغالي بالوسائل بعد ذلك عبث
نضال مشهود
2008-02-19, 04:26 PM
لو دققت النظر في قوله: ......................
لاهتديت إلى الصواب، ولعلمت أن كلام الشافعي وكلام ابن تيمية يخرجان من مشكاة واحدة
أبدا
لا فيه اختلاف في النهج ولا في الصورة ولا يحزنون
.............
والحدق يفهم يا عمّنا
هل مثل هذا الكلام صادر من غير المقتنع ؟؟؟
عموما ، المسالة بحاجة إلى مزيد البحث ، والله الموفق .
عيد فهمي
2008-02-19, 04:30 PM
هل مثل هذا الكلام صادر من غير المقتنع ؟؟؟صادر ممن يستنفر أولي الهمم العالية من أمثالكم ليثروا البحث بمشاركاتهم النافعة لعلهم يكونون سببا في الوصول إلى مرحلة الاقتناع فيعم النفع الجميع.
والحدق يفهم يا عمنا
نضال مشهود
2008-02-19, 04:32 PM
فهمت الآن والحمد لله
مبارك فيك شيخنا الحبيب
عيد فهمي
2008-02-19, 04:38 PM
وما ذكرته من عدم الخلاف بين الشافعي ابن تيمية أنا مقتنع به فلا يرد عليه الاعتراض.
وإنما المسألة عندي هي:
هل كان الشافعي عنده نفس التصور الدقيق للمسألة كما هو الحال عند ابن تيمية؟
وهل اتسعت مداركه لاستيعاب المسألة من جميع جوانبها وهو العربي المطلبي كما اتسعت مدارك ابن تيمية الحراني؟
وكما قالوا: كم ترك الأول للآخر
ولذلك أوردت سؤالي حول الكلمة المشهورة: ((الإمام الشافعي حجة في اللغة))
والله الموفق
عيد فهمي
2008-02-19, 05:02 PM
فكلام الإمام الشافعي قد يمكن حمله على موافقة كلام الإمام ابن تيمية كما فعلتُ قبلُ، لكنه كما بينتم لا يصل بالقارئ له إلى درجة الاقتناع.
فالمسألة كما ذكرتم تحتاج إلى بحث وتأني
فنحن -الأقزام- نتكلم عن جبلين شامخين من جبال العلم، وإمامين جليلين من أئمة الدين.
وهمّتكم معانا نصل إن شاء الله
نضال مشهود
2008-02-19, 06:54 PM
بارك الله فيكم شيخنا الحبيب .
قال الإمام في الأم :
أخبرنا الثقة عن سليمان بن موسى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المياه فيما بين الشام إلى مكة جمعوا إذا بلغتم أربعين رجلا قال الشافعي: فإذا كان من أهل القرية أربعون رجلا والقرية البناء والحجارة واللبن والسقف والجرائد والشجر لأن هذا بناء كله وتكون بيوتها مجتمعة ويكون أهلا لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلا ظعن حاجة مثل ظعن أهل القرى وتكون بيوتها مجتمعة اجتماع بيوت القرى فإن لم تكن مجتمعة فليسوا أهل قرية ولا يجمعون ويتمون إذا كانوا أربعين رجلا حرا بالغا فإذا كانوا هكذا رأيت والله تعالى أعلم إن عليهم الجمعة فإذا صلوا الجمعة أجزأتهم .
نضال مشهود
2008-02-19, 07:03 PM
وقال أيضا :
( أخبرنا سفيان بن عيينة قال حدثنا إسمعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال جاء رجل إلى علي رضي الله تعالى عنه فقال إني وجدت ألفا وخمسمائة درهم في خربة بالسواد فقال علي كرم الله وجهه أما لأقضين فيها قضاء بينا إن كنت وجدتها في خربة يؤدى خراجها قرية أخرى فهي لأهل تلك القرية وإن كنت وجدتها في قرية ليس يؤدي خراجها قرية أخرى فلك أربعة أخماسه ولنا الخمس ثم الخمس لك ) .
وقال أيضا :
( ولو كان ميقات القوم قرية فأقل ما يلزمه في الإهلال أن لا يخرج من بيوتها حتى يحرم وأحب إلى إن كانت بيوتها مجتمعة أو متفرقة أن يتقصى فيحرم من أقصى بيوتها مما يلي بلده الذي هو أبعد من مكة وإن كان واديا فأحب إلى أن يحرم من أقصاه وأقربه ببلده وأبعده من مكة وإن كان ظهرا من الأرض فأقل ما يلزمه في ذلك أن يهل مما يقع عليه اسم الظهر أو الوادي أو الموضع أو القرية إلا أن يعلم موضعها فيهل منه وأحب إلى أن يحرم من أقصاه إلى بلده الذي هو أبعد من مكة فإنه إذا أتى بهذا فقد أحرم من الميقات يقينا أو زاد والزيادة لا تضر وإن علم أن القرية نقلت فيحرم من القرية الأولى وإن جاوز ما يقع عليه الاسم رجع أو أهراق دما ) .
نضال مشهود
2008-02-19, 07:16 PM
وقال أيضا :
( وهكذا لو مات المستودع فأوصى إلى رجل بماله والوديعة أو الوديعة دون ماله فهلكت فإن كان الموصي إليه بالوديعة أمينا لم يضمن الميت وإن كان غير أمين ضمن ولو استودعه إياها في قرية آهلة فانتقل إلى قرية غير آهلة أو في عمران من القرية فانتقل إلى خراب من القرية وهلكت ضمن في الحالين ولو استودعه إياها في خراب فانتقل إلى عمارة أو في خوف فانتقل إلى موضع آمن لم يكن ضامنا لأنه زاده خيرا ) .
وقال في موضع :
( وكذلك أن يوجد قتيل بصحراء أو ناحية ليس إلى جنبه عين ولا أثر إلا رجل واحد مختضب بدمه في مقامه ذلك أو يوجد قتيل فتأتي بينة متفرقة من المسلمين من نواح لم يجتمعوا فيثبت كل واحد منهم على الانفراد على رجل أنه قتله فتتواطأ شهادتهم ولم يسمع بعضهم شهادة بعض وإن لم يكونوا ممن يعدل في الشهادة أو يشهد شاهد واحد عدل على رجل أنه قتله لأن كل سبب من هذا يغلب على عقل الحاكم أنه كما أدعى ولي الدم أو شهد من وصفت وادعى ولي الدم ولهم إذا كان ما يوجب القسامة على أهل البيت أو القرية أو الجماعة أن يحلفوا على واحد منهم أو أكثر ) .
وقال أيضا :
( . . . قلت له : لسان العرب واسع وقد تنطق بالشيء عاما تريد به الخاص فيبين في لفظها ولست أصير في ذلك بخبر إلا بخبر لازم. وكذلك أنزل في القرآن فبين في القرآن مرة وفي السنة أخرى . قال : فاذكر منها شيئا ! قلت : قال الله عز وجل : "الله خالق كل شيء" ، فكان مخرجا بالقول عاما يراد به العام ، وقال : "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ، فكل نفس مخلوقة من ذكر وأنثى فهذا عام يراد به العام وفيه الخصوص . وقال : "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ، فالتقوى وخلافها لا تكون إلا للبالغين غير المغلوبين على عقولهم . وقال : "يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له" ، وقد أحاط العلم أن كل الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يدعون من دونه شيئا ، لأن فيهم المؤمن ومخرج الكلام عاما فإنما أريد من كان هكذا . وقال : "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت" ، دل على أن العادين فيه أهلها دونها . وذكرت له أشياء مما كتبت في كتابي . فقال : هو كما قلت كله ) .
نضال مشهود
2008-02-19, 07:19 PM
وكثيرا ما يقارن بين القرية والبادية ، وهما مكان لا سكان .
عيد فهمي
2008-02-19, 10:42 PM
جزاكم الله خيرا على هذه النقولات
لكنها لن تؤثر في القضية التي نبحثها
فإطلاق القرية على المنازل والأبنية لا خلاف فيه ولا ينبغي أن يتصور أن فيه خلافا
وذلك كإطلاق الإنسان على الجسد فتقول: ((غسلتُ فلانا)) وإنما غسلت جسده بعد خروج روحه
وحتى توصيف الشافعي لحد القرية وعدم ذكر الناس فيه لا دليل فيه؛
لأنه إنما يصفها للتمييز بين ما يسمى قرية وما لا يسمى قرية من البيوت والمساكن
وذلك كمن أراد أن يصف إنسانا فسيصف جسده الظاهر دون روحه، وليس معنى ذلك أن الروح لا تدخل في مسمى الإنسان
ودليل ذلك أنه يقابل ذلك بالبادية
وهذا لا يحتاج إلى النقل عن الشافعي فقد جاء مثله في القرآن
قال تعالى: فففأَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَاققق
قال ابن كثير وغيره من المفسرين: فففوَهِيَ خَاوِيَةققق أي: ليس فيها أحد.
فسمى المنازل التي ليس فيها أحد قرية.
وما نحتاجه هو نقل صريح عن الشافعي أن القرية لا تطلق على أهلها وساكنيها حقيقة أو ما يدل على هذا المعنى
أعلم أنه أمر مستبعد لعدم استخدام الشافعي لمصطلح الحقيقة كقسيم للمجاز أو العكس
ولذلك أقول: إنه مبحث ليس بالهين
واستمر في البحث بارك الله لك
نضال مشهود
2008-02-20, 08:40 AM
الشاهد شيخنا الفاضل ، أن إمامنا المطلبي لا يطلق في كلامه لفظ (القرية) إلا على المحل ، ولا نعرف غير ذلك لا في نثره ولا نظمه . وإلا ، فاليتفضل بذكره من وجده ! ولو كان في عرفه رحمه الله أن القرية اسم للمحل والحال ، لظهر ذلك في ثنايا أقواله مرارًا ، كما ظهر ذلك في القرآن كثيرًا ( أو على الأقل : لبين ذلك واضحا ولو مرة كما فعل شيخ الإسلام جزاه الله عنا خيرا ) .
فالموجود ، أن الشافعي كلما أطلق لفظ (القرية) فإنما أراد به المكان لا السكان ، فإذا أراد السكان قال : (أهل القرية) أو (القاري) أو (القروييون) كما لا يخفي عليكم . فالأصل ، أن نفهم مسلكه على مقتضى قوله المنصوص : ( إن القرية والعير لا ينبئان عن صدقهم ) ، ( العادين فيه أهلها دونها ) . فها هنا قد أطلق النفي عن اللفظ . . وليس هذا منهج شيخ الإسلام ، فإنه إنما أطلقه في الإثبات ( قال : فإذا خربت ؛ ولم يقل : القرية لا تُسأل ، بل استعمل في النفي : الجدران ) .
هل بهذا أصبت كبد الحقيقة . . ؟ أم أنني أهذي ؟
دمتم موفقين مباركين . .
نضال مشهود
2008-02-20, 09:10 AM
وما نحتاجه هو نقل صريح عن الشافعي أن القرية لا تطلق على أهلها وساكنيها حقيقة أو ما يدل على هذا المعنى . أعلم أنه أمر مستبعد لعدم استخدام الشافعي لمصطلح الحقيقة كقسيم للمجاز أو العكس .
أما على تعريفهم أن الحقيقة ما استعمل في موضوعه ، فالشافعي ليس من القائلين بالوضع قبل الاستعمال حتى تلزم هذه المطالبة .
وأما على تعريف الحقيقة بأنها ما تبادر إليه الذهن في أكثر استعماله أو كله ، فقد مر هذا النقل عنه رحمه الله مرارا . ألم يقل في ( الرسالة ) :
" قال الله تبارك وتعالى { وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إنما تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون } . فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر فلما { إذ يعدون في السبت } الآية دل على أنه إنما أراد أهل القرية لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون . وقال { وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون } . وهذه الآية في مثل معنى الآية قبلها فذكر قصم القرية فلما ذكر أنها ظالمة بان للسامع أن الظالم إنما هم أهلها دون منازلها التي لا تظلم ولما ذكر القوم المنشئين بعدها وذكر إحساسهم الباس عند القصم أحاط العلم انه إنما أحس البأس من يعرف الباس من الآدميين . "
وقال رحمه الله أيضا :
( قال الله تبارك وتعالى وهو يحكي قول إخوة يوسف لأبيهم { ما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون } . فهذه الآية في مثل معنى الآيات قبلها لا تختلف عند أهل العلم باللسان أنهم إنما يخاطبون أباهم بمسألة أهل القرية وأهل العير لأن القرية والعير لا ينبئان عن صدقهم ) .
عيد فهمي
2008-02-20, 11:19 AM
وفقك الله
كل ما ذكرته ليس صريحا في المسألة وإن كان محتملا
ولا يصلح ان نبني عليه حكما
فكلام الشافعي كله في شرح المقصود باللفظ في السياق وهذا لا نختلف فيه
فلو قال قائل في قولك: ((قُبض فلان)) أي روحه لأن الإنسان لا يكون مقبوضا ليس معناه أنه ينفي أن تكون الروح من جملة الإنسان
أليس هذا مثل قوله: ((قرية تظلم)) أي أهلها لأن القرية لا تكون ظالمة فليس معناه أنه ينفي أن يكون الأهل من جملة مسمى القرية
وتكون علاقة الأهل بالقرية كعلاقة الروح بالجسد وهذا هو قول ابن تيمية سواء بسواء
ولا يزال البحث جاريا
احمد موسى
2008-02-20, 11:20 AM
انا حابب أعلق على قول الاخوان ان عدم وجود المجاز امر محدث واحدثة شيخ الاسلام وتلميذه ومن المعاصؤين شيخي ابن عثيمين
أولا ليس هناك دليل ولن يوجد على قولهم بأن الامام مالك والشافعي قالو به وانما هو عدم فهم بالنصوص.
ولو فرض انهم قالو به لخالف كلامهم ما اقرو به هي كتب العقيده كاملا ولم كان هناك داعي ان يجادل ابو حنيفة اهل ايران ولم يسجن الامام أحمد لان القول بالمجاز يلزم منه تحريف ايات الصفات كلها
ونحن نعلم أن القران نزل بلغة العرب ويفهمه البدو والعرب تعلم بالمجاز ولم ينقل عن احد من الصحابه أو التابعين القول به ولو قالوه لبلغنا في السنة المصونه كما أن الله اراد ان يقهم القران كل من يقراة لانه لو كات هناك مجاز للزم منه عدم فهم القران ولخالف ذلك قوله (ولقد يسرنا القران....)
وانا اقول كما سمعت شيخي يقول : ما هو داعي قتح هذا الباب الان لان المسلمين يقتلون وهؤلاء يفتحون علينا بابا ليشغلونا به عن اعدائنا الحقيقيين
وكلام شيخ الاسلام واضح في هذا المجال وهو نقل أئئمة السلف وقوله ليس محدثا كما زعم هؤلاء وحاشاه ان يأتي بكلام محدث
وقد سمعت كثيرا من المشايخ الذين قالو: "ان الذى في نفسه شيء على شيخ الاسلام دائما يتهمه بهذا الاتهام الباطل على انه محدث" وهذه الحجه بسهوله يمكن ان يبين خطأها (ولا اقول كذبها تأدبا مع الاخوان لاننا نظن بهم خيرا)
وانا احب ان انبه ان أخذ علم الاصول عن عالم غير موثوق به يؤدي إلى هذا الزلل.
لقد خرج لنا احد مشايخ مصر هنا في امريكا وحرف النصوص وردها بناء على الطريقه التي أخذ بها الاصول في الازهر وهذا ليس قدحا بهم ولكن للأسف ان بعض مشايخ الازهر اعلن حربه على علماء السعوديه مثل شيخنا العثيمين لانه فند اصول الصوفيه.
وقد شاع في الازهر ان الذين يتكلمون في الصوفيه علماء متطرفون وأن من يشهد للصوفيه بأنه معتدل وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نضال مشهود
2008-02-20, 08:45 PM
وفقك الله
كل ما ذكرته ليس صريحا في المسألة وإن كان محتملا
ولا يان نبني عليه حكما
فكلام الشافعي كله في شرح المقصود باللفظ في السياق وهذا لا نختلف فيه
فلو قال قائل في قولك: ((قُبض فلان)) أي روحه لأن الإنسان لا يكون مقبوضا ليس معناه أنه ينفي أن تكون الروح من جملة الإنسان
أليس هذا مثل قوله: ((قرية تظلم)) أي أهلها لأن القرية لا تكون ظالمة فليس معناه أنه ينفي أن يكون الأهل من جملة مسمى القرية
وتكون علاقة الأهل بالقرية كعلاقة الروح بالجسد وهذا هو قول ابن تيمية سواء بسواء
ولا يزال البحث جاريا
أيهما أرجح : أن نحمل كلام الشافعي على ما قد صرح به وصرح به غيره من أهل قرنه ؟
أم نحمله على ما لا يعرف عنه ولو مرة واحدة ليناسب قول من بعده وهو ابن تيمية ؟؟؟
الذي يظهر لنا حتى الآن ، أن لفظ (القرية) في عرف الشافعي وأصحابه لا يطلق إلا على (المكان) ،
بخلاف عرف القرآن الذي أكثر من إطلاقه على السكان وأطلقه كذلك على المكان .
وليس هذا بغريب ، فقد حدث مثل ذلك في لفظ (التأويل) ،
حيث استعمله القرآن لإرادة حقيقة الشيء ، واستعمله السلف لإرادة التفسير والبيان .
وللفائدة أنقل هنا قول بعض الأعلام السابقين :
قال الأزهري في تهذيبه : (وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال: بيت يكنه وثوب يواري عورته وجرف الخبز والماء - ويروى: جلف - . ليست الشياء المذكورة بخصال، ولكن المراد إكنان بيت ومواراة ثوب وأكل جرف وشرب ماءٍ، فحذف ذلك؛ كقوله تعالى: (وسَلِ القَرْيَةَ) .
وقال : (روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: لافَرَعة ولاعَتِيرة. قال أبو عبيدد: قال أبو عمرو: هي الفرعة والفرع، بنصب الراء. قال: وهو أوَّل ما تلده الناقة. وكانوا يذبحون ذلك لآلهتهم في الجاهلية فنُهوا عنه. وقال أوس بن حجر يذكر أزمة في شدة البَرْد:
وشُبّه الهَيْدب العَبَام من الأق ... وام سَقْبا مجللاّ فَرعا
أراد: مجللاّ جلد فَرع فاختصر الكلام؛ كقوله: )واسئل القرية(: أهل القرية. ويقال: قد أفرع القوم إذا فعلت إبلهم ذلك. أبو عبيد عن أبي عمرو: فرَّع الرجل في الجبل إذا صعد فيه وفرّع إذا انحدر.)
وقال : (وقال الليث: الفرْشُ من الشجر والحطب: الدِّقُّ والصغار. يقال: ما بها إلا فرشٌ من الشجر.
قال: والفرْشُ من النعم التي لا تصلح إلا للذبح. وقول النبي عليه السلام: " الولد للفراشِ وللعاهر الحجر " ؛ معناه أنه لمالك الفراش، وهو الزوج، ومالك الأمة؛ لأنه يفترشها بالحقّ، وهذا من مُختصر الكلام. كقوله جل وعز: "واسأَل القَرْيَة التي كُنَّا فيها"، يريد أهل القرية.)
وقال الجوهري في الصحاح :
(وقوله تعالى: " وتجعلون رِزْقَكُمْ أنكم تُكَذِّبونَ " أي شُكْرَ رِزْقِكُمْ. وهذا كقوله " واسألِ القَرْيَةَ " يعني أهلها. وقد يُسَمَّى المطر رَزْقاً، وذلك قوله عزَّ وجلّ: " وما أنزل الله من السماء من رِزْقٍ فأحيا به الأرضَ " : وقال عزّ وجل: " وفي السماءِ رِزْقُكُمْ " ، وهو اتِّساعٌ في اللغة،) .
وفي كتاب العين : (وقوله تعالى : " وتلكَ القُرَى أَهْلَكنْاهم " أي الكُوَرُ والأمصار والمَدائِن) .
إلا أن هذا الأخير قد يجعل القوس في يد شيخ الإسلام وابن القيم رحمهما الله .
ربيع أحمد السلفي
2008-02-20, 09:35 PM
ما شاء الله على مشاركاتكم شيوخنا الكرام اتحفتموني بها . أنا لم أقرء هذه التعليقات إلا من يومين ، و كنت مشغولا جدا فلم استطع إكمالها بارك الله فيكم وفي علمكم ،و لا أحب أن أبين لكم وجهة نظري في بعض هذه المشاركات لكن ما أعلمه أن الوضع هو جعل اللفظ دليلا على المعنى أو هو تخصيص اللفظ للمعنى كتسمية الولد خالدا مثلا ، ولا يلزم أن يكون الاستعمال بعد الوضع هم استعملوا كلمة أسد في الحيوان المفترس ،وخصصوه بهذا المعنى فيتبادر لذهنهم كلمة أسد أنها الحيوان المفترس فأصبحت كلمة أسد خاصة بهذا الحيوان المفترس شأن هذا شأن النحو وضع بعد الاستعمال و أيضا من نفى المجاز من أهل الدين قد عمل بمقتضاه عند الاحتجاج والمناقشة مثلا ابن عثيمين رحمه الله و اسعة في حديث : (( مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ ((( متفق عليه )) طالب جمهور العلماء بدليل على أن لفظ ركعة يطلق على الركوع ، وليس على الركعة الكاملة يعني عند ترجمت ذلك أصوليا الجمهور يقولون بالمجاز في لفظ الركعة ، و هو يقول بالحقيقة ، والأصل في الكلام الحقيقة ما لم يأت دليل لذلك طالبهم الشيخ بالدليل ، وعند التحقيق نجد المسألة خلاف لفظي لا خلاف معنى فالكل يعمل بمقتضى التقسيم ،وإن لم يقل به أي يطالب من خالف حقيقة اللفظ بالدليل هذا ما أعلم والله أجل وأعلم
ربيع أحمد السلفي
2008-02-20, 10:28 PM
فائدة صرف اللفظ عن ظاهره إلى مجازه
من أدعى صرف لفظ عن ظاهره إلى مجازه لم يتم له ذلك إلا بعد أربع مقامات أحدها بيان امتناع إرادة الحقيقة الثاني بيان صلاحية اللفظ لذلك المعنى الذي عينه و إلا كان مفتريا على اللغة الثالث بيان تعيين ذلك المجمل إن كان له عدة مجازات الرابع الجواز عن الدليل الموجب لإرادة الحقيقة فما لم يقم بهذه الأمور الأربعة كانت دعواه صرف اللفظ عن ظاهره ولم يعين له مجملا لزمه أمران أحدهما بيان الدليل الدال على امتناع إرادة الظاهر والثاني جوابه عن المعارض
بدائع الفوائد لابن القيم 4/268-269 الناشر مكتبة القاهرة 1392هـ- 1972 م
أبو مالك العوضي
2008-02-20, 10:54 PM
على العموم لا يخفى عليكم أن ما قيل في الرد والمناظرة لا يتساوى مع ما قيل في الإثبات والتقرير، فقد يرُدّ المتكلم بكلام تنزلا مع الخصم دون إقرار له في حقيقة الأمر.
وعلى فرض إقراره فلم يُسمِّ شيخ الإسلام مثل ذلك (إطلاقا) ولا أقر به بل ما هو إلا تقييد بالتجريد أو السكوت أو الإمساك أو الاقتصار أو ترك الزيادة، وكل هذا يعتبر أمرا وجوديا فإن أكثر الناس يقولون: الترك أمر وجودي يقوم بذات التارك، وذهب أبو هاشم وطائفة إلى أنه عدمي ويسمون الذمية.
فهل أفهم من تسميتك التي ذكرتها أنك تميل إلى القول الثاني يا مولانا؟
أعيذك من ذلك.
ورغم كل ذلك فقضية التجريد لها عندي كلام آخر ليس هذا موضعه وفيما ذُكر كفاية على قدر ما قُصد إليه.
يا مولانا لماذا جعلت القضية مبنية على أن الترك أمر وجودي أو عدمي؟!!
شيخ الإسلام نفسه تكلم على هذه القضية بغض النظر عن هذه الفرضية، فراجع مجموع الفتاوى ( 20/ 415 ).
قال شيخ الإسلام:
(( وسواء قيل : إن ترك الزيادة من المتكلم أمر وجودي أو قيل : إنه عدمي فإن أكثر الناس يقولون : الترك أمر وجودي يقوم بذات التارك وذهب أبو هاشم وطائفة إلى أنه عدمي ويسمون الذمية ؛ لأنهم يقولون : العبد يذم على ما لم يفعله . وعلى التقديرين فهو يقصد الدلالة باللفظ وحده لا باللفظ مع المعنى وكونه وحده قيد في الدلالة وهذا القيد منتف إذا كان معه لفظ آخر ))
فكون الترك أمرا عدميا أو أمرا وجوديا لا تأثير له في المسألة أصلا.
وإن كنت تقول إن شيخ الإسلام تنزل مع الخصم في هذه المسألة، فلماذا لم تقل ذلك عن ابن القيم أيضا؟
وما تقوله عن كون الترك أمرا عدميا أو وجوديا يرد بعينه على الإطلاق، فهل الإطلاق أمر عدمي أو وجودي؟ إن قلت وجودي لزمك تسوية كلام ابن القيم بكلام شيخ الإسلام.
وإن قلت عدمي لزمك أن تقول إن الترك أيضا عدمي.
والإطلاق ما هو إلا ترك أصلا.
إلا إذا كنت تعني بالإطلاق شيئا آخر، فلا مشاحة في الاصطلاح.
نضال مشهود
2008-02-21, 09:22 AM
ما أعلمه أن الوضع هو جعل اللفظ دليلا على المعنى أو هو تخصيص اللفظ للمعنى كتسمية الولد خالدا مثلا ، ولا يلزم أن يكون الاستعمال بعد الوضع هم استعملوا كلمة أسد في الحيوان المفترس ، وخصصوه بهذا المعنى فيتبادر لذهنهم كلمة أسد أنها الحيوان المفترس فأصبحت كلمة أسد خاصة بهذا الحيوان المفترس
لا أراه كذلك . فأين كانوا خصصوا هذه اللفظة للحيوان المفترس دون الشجاع ؟
لا هناك تخصيص ولا شيء ،
بل استعملوه لهذا المعنى ولهذا المعنى ، كل منهما بسياقه الخاص وقيوده الخاصة .
وإن كان الاستعمال الأول أكثر وأعرف ،
كما قال صاحب العين :
الأَسَدُ: معروف، وجمعُه: أُسْدٌ وأساودُ ،
وقال : واستأسد فلانٌ: صار في جُرْأته كالأسد .
نضال مشهود
2008-02-21, 09:26 AM
[size="6"]وفي كتاب العين : (وقوله تعالى : " وتلكَ القُرَى أَهْلَكنْاهم " أي الكُوَرُ والأمصار والمَدائِن) .
إلا أن هذا الأخير قد يجعل القوس في يد شيخ الإسلام وابن القيم رحمهما الله .
لا سيما وأن فيه أيضا :
( والمَحرومُ: الذي حُرِمَ الخَيْرَ حِرْماناً، ويُقَرأ قوله تعالى: " وحِرْمٌ على قَرْيةٍ " ، أي واجب عليهم، حَتْم لا يَرجِعونَ إلى الدنيا بعد ما هَلَكُوا. ومن قَرَأَ: " وحَرامٌ على قريةٍ " يقول حُرِّمَ ذلك عليها فلا يُبْعَث دون يوم القيامة ) .
وقال : ( الهَيْس: أداة الفدّان بلغة عُمان. وهِيْسِ هِيْسِ تقولها العرب في الغارة إذا استباحت قريةً أو قبيلةً فاستأصَلَتْها، أي: لا بَقِيَ منهم أَحَدٌ. )
فليس فيه ذكر للحذف ولا إضمار ، بل أطلق اللفظ لإرادة الآدميين .
وأما سيبويه ، فقد قال في (الكتاب) :
( هذا باب أسماء القبائل والأحياء وما يضاف إلى الأب والأم أمَّا ما يضاف إلى الآباء والأمهات فنحو قولك: هذه بنو تميم، وهذه بنو سلول، ونحو ذلك.
فإذا قلت: هذه تميم،وهذه أسد، وهذه سلول، فإنَّما تريد ذلك المعنى، غير أنَّك إذا حذفت المضاف تخفيفاً، كما قال عزَّ وجلَّ: " واسأل القرية " ، ويطؤهم الطريق،وأنَّما يريدون: أهل القرية وأهل الطريق. وهذا في كلام العرب كثير، فلمَّا حذفت المضاف وقع عل المضاف إليه ما يقع على المضاف، لأنه صار في مكانه فجرى مجراه. وصرفت تميماً وأسداً؛ لأنّك لم تجعل واحداً منهما اسماً للقبيلة؛ فصارا في الانصراف على حالهما قبل أن تحذف المضاف. ألا ترى أنَّك لو قلت: أسأل واسطاً كان في الانصراف على حاله إذا قلت: أهل واسط فأنت لم تغيّر ذلك المعنى وذلك التأليف، إلاّ أنَّك حذفت. وإن شئت قلت: هؤلاء تميم وأسد؛ لأنَّك تقول: هؤلاء بنو أسد وبنو تميم، فكما أثبتَّ اسم الجميع ههنا أثبت هنالك اسم المؤنث، يعني في: هذه تميم وأسد.
فإن قلت: لم لم يقولوا: هذا تميم، فيكون الفظ كلفظه إذا لم ترد معنى الإضافة حين تقول: جاءت القرية، تريد: أهلها؟ فلأنَّهم أرادوا أن يفصلوا بين الإضافة وبين إفرادهم الرجل، فكرهوا الالتباس.
ومثل هذا القوم، هو واحد في اللفظ، وصفته تجري على المعنى، لا تقول القوم ذاهب. )
وهذا الكلام يؤكد الرأي القائل إن في قوله تعالى ( واسأل القرية ) محذوفا ، وهو خلاف شيخ الإسلام .
لكنه رحمه الله لم يعين : هل القرية اسم للمكان مع السكان ، أم أنه اسم للمكان فقط ؟
فلم يعين إلحاقها بأمثال (تميم) أو (سلول) أو (أسد) ، ولا إلحاقها بأمثال (الطريق) الذي هو المحل .
عيد فهمي
2008-02-21, 08:07 PM
[SIZE="6"]أيهما أرجح : أن نحمل كلام الشافعي على ما قد صرح به وصرح به غيره من أهل قرنه ؟
أم نحمله على ما لا يعرف عنه ولو مرة واحدة ليناسب قول من بعده وهو ابن تيمية ؟؟?هذا باعتبار أن الشافعي ناقش هذه المسألة أصلا وأما كونه يتكلم عن شيء آخر كالتفريق بين القرية والبادية أو تبيين أوجه معاني الكلام دون استحضار لقضية الحقيقة والمجاز إما لعدم وجودها في عصره أو لعدم اعتداده بها فهنا لا مرجح لحمل كلامه على أحد الوجهين دون الآخر
بل لو قال مخالفك:
وحمل كلام المطلبي العربي على ما يوافق معاني القرآن العربي أولى من غيره
ثم ما يدريك أنه لم يتكلم بمثل ذلك؟
ألا تتفق معي أن:
عدم العلم ليس معناه العلم بالعدم
وعدم الوجادة لا تعني عدم الوجود
وقد يتكلم المرء بكلام في مسألة في معرض مسألة أخرى، فإذا أراد البحث في المسألة الأولى بخصوصها حرّر كلامه ودقّق فيه
كمن يستدل بحديث عرضا في مسألة غير معتمد عليه
فإذا ما سئل عن هذا الحديث بخصوصه فقد يضعفه فلا يقال إنه صححه مرة وضعفه أخرى
وإنما الاعتماد في حكمه على الموضع الذي قصد فيه تحقيق الحديث دون الموضع الذي ذكره فيه عند حشد الأدلة لمسألة ما بغير اعتماد عليه بخصوصه.
وشاهد ذلك من فعل ابن تيمية
فماذا لو جاء من يقول إن ابن تيمية يثبت المجاز ويقول إن قوله فففواسأل القريةققق فيه محذوف والتقدير أهل القرية ويستدل بقوله في مجموع الفتاوى (6/471):
(وفساد قول الذين يجعلون المراد " لقاء الجزاء " دون لقاء الله معلوم بالاضطرار بعد تدبر الكتاب والسنة يظهر فساده من وجوه : - ( أحدها : أنه خلاف التفاسير المأثورة عن الصحابة والتابعين . ( الثاني : أن حذف المضاف إليه يقارنه قرائن فلا بد أن يكون مع الكلام قرينة تبين ذلك كما قيل في قوله : {واسأل القرية التي كنا فيها})
ربيع أحمد السلفي
2008-02-21, 10:54 PM
أخي نضال زادك الله علما وفهما و حرصا على الحق و حفظك الله من كل مكروه وسوء مسألة المجاز واضحة وضوح الشمس و كتب اللغة طافحة بها ، و لا يلزم من القول بأن الحقيقة هو استعمال اللفظ فيما وضع له ،والمجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له أن تنص العرب عليه فالعرب لم تنص على رفع المبتدأ و نصب المفعول به و جر المضاف إليه لكن هذا عرف من تتبع كلامهم و عملهم بمقتضى ذلك ، ونحن نقول أن العرب استعملت لفظ الأسد للحيوان المفترس ابتداءا ولم تستعمله ابتداءا للشجاع بدليل أن العربي يفهم من لفظ الأسد عند الإطلاق الحيوان المفترس ، و لايفهم أنه الشخص الشجاع ، ولو كان العرب استعملوا كلمة الأسد في المعنيين ابتداءا لكان لفظ الأسد مشتركا ولو كان مشتركا ما تبادر لذهن العربي من كلمة أسد الحيوان المفترس عند الإطلاق ،و كيف يكون العربي استعملها على الحقيقة في الشجاعة و هو يقصد بنسبة الأسد للإنسان تشبيهه به أي ليس الإنسان أسدا ؟!!!!!!!!!!!!!!إذن هذا تجوز أي مجاز و كتب اللغة والفقه طافحة بوجود الألفاظ المطلقة التي تفيد المعنى الحقيقي ؛ ولذلك كان من القواعد الأصل في الكلام الحقيقة ، وما دام هناك حقيقة فبمفهوم المخالفة يكون هناك مجاز .
ربيع أحمد السلفي
2008-02-21, 11:02 PM
والقول بأن العرب لم تستعمل المجاز في اسم الحمار للبليد و اسم الأسد للشجاع يخالف البديهة إذ كيف تشبه الشخص البليد بالحمار ، ويكون هذا حقيقة لا مجاز ؟ وكيف تشبه الشخص الشجاع بالأسد ويكون هذا حقيقة لا مجاز ؟
ربيع أحمد السلفي
2008-02-21, 11:14 PM
وهل علماء اللغة أصحاب المعاجم عندما قالوا بأن هذا المعنى للفظ مجاز كانوا قد أخطأوا ؟
أبو مالك العوضي
2008-02-21, 11:18 PM
الأخ ( ربيع أحمد السلفي )
يبدو أنك لم تعرف أصل المسألة، فأرجو يا أخي الكريم أن تقرأ كلام المخالفين في المسألة قبل أن تناقش حتى يكون للنقاش فائدة.
أبو مالك العوضي
2008-02-21, 11:19 PM
والقول بأن العرب لم تستعمل المجاز في اسم الحمار للبليد و اسم الأسد للشجاع يخالف البديهة إذ كيف تشبه الشخص البليد بالحمار ، ويكون هذا حقيقة لا مجاز ؟ وكيف تشبه الشخص الشجاع بالأسد ويكون هذا حقيقة لا مجاز ؟
هذا الكلام الذي تقوله يا أخي الكريم لم يقل به أحد قط، لا من مثبتي المجاز ولا من منكريه !!
أبو مالك العوضي
2008-02-21, 11:23 PM
وهل علماء اللغة أصحاب المعاجم عندما قالوا بأن هذا المعنى للفظ مجاز كانوا قد أخطأوا ؟
علماء اللغة نوعان:
الأول: نوع ينقل عن العرب مباشرة، كالخليل والكسائي وابن الأعرابي، وهؤلاء لم ينقل عنهم هذا التقسيم الاصطلاحي.
الثاني: نوع ينقل من الكتب أو عن رجال الطبقة السابقة، وهؤلاء لا مزية لهم عن باقي العلماء.
وأصحاب المعاجم لا يشتهر عندهم هذا التقسيم، وإنما اشتهر عند الزمخشري في أساس البلاغة، ومعلوم أن الزمخشري معتزلي، وأيضا فالزمخشري من علماء اللغة المتأخرين جدا من أهل القرن السادس.
وأيا ما كان الأمر فمسألة المجاز هذه إن عادت إلى الاصطلاح فالأمر فيه سهل.
ربيع أحمد السلفي
2008-02-21, 11:42 PM
وأيضا هناك الكثير من الإطلاقات اللفظية للكلمات في كتب الفقه والعقيدة فالكفر عند الإطلاق يقصد به الكفر الأكبر ، وليس الكفر الأصغر بدليل القائل بأنه كفر أصغر هو فقط المطالب بالدليل و اليد عند الإطلاق يقصد بها العضو المعروف الذي يتناسب مع الموصوف به ، ولذلك طالب أهل السنة الأشاعرة بالدليل على صرفهم الكلام عن المعنى المتبادر للذهن الذي استعمله العربي فيه و المس عند الإطلاق يقصد به المباشرة باليد ،والأمثلة على ذلك كثيرة
أبو مالك العوضي
2008-02-21, 11:46 PM
يا أخي الكريم، وهل منكرو المجاز خالفوا في هذا الكلام الذي تقوله؟
هل قال ابن تيمية إن الكفر ينصرف عند الإطلاق إلى الكفر الأصغر، وهل قال ابن القيم إن صرف اللفظ عن المعنى المتبادر لا يحتاج إلى دليل؟!
وهل قال أصحاب المجاز أصلا إن الحقيقة هي المعنى المتبادر؟!!! ألم تسمع يا أخي عندهم عن الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح؟
ألم أقل لك ينبغي أن تعرف كلام المخالفين ابتداء قبل أن تناقش !
أبو مالك العوضي
2008-02-21, 11:48 PM
سبحان الله
كثير من طلبة العلم يحسب أن خلاف أهل العلم ساذج لدرجة أن يخفى عليهم أمور شديدة الوضوح.
وهذا أحد أسباب خطأ طلبة العلم في فهم كلام العلماء، وهو كذلك أحد أسباب التهجم على العلماء بالتخطئة والتوهيم.
ربيع أحمد السلفي
2008-02-21, 11:59 PM
علموني شيخنا أبو مالك ما هو محل النزاع ؟ ، وما هو كلام المخالفين ؟ و ما هو القول الراجح ؟ و ما هي أدلة هذا القول ؟ أدام الله فضلكم و زاد علمكم
نضال مشهود
2008-02-23, 08:27 PM
هذا باعتبار أن الشافعي ناقش هذه المسألة أصلا وأما كونه يتكلم عن شيء آخر كالتفريق بين القرية والبادية أو تبيين أوجه معاني الكلام دون استحضار لقضية الحقيقة والمجاز إما لعدم وجودها في عصره أو لعدم اعتداده بها فهنا لا مرجح لحمل كلامه على أحد الوجهين دون الآخر
قضيتنا هذي ليست قضية (الحقيقة والمجاز) ،
بل إنما نناقش معنى (القرية) عند الشافعي .
قال الراغب الأصبهاني في (مفردات غريب القرآن) :
ففف القرية اسم للموضع الذى يجتمع فيه الناس وللناس جميعا ويستعمل في كل واحد منهما، قال تعالى: (واسأل القرية) قال كثير من المفسرين : معناه أهل القرية . وقال بعضهم : بل القرية ههنا القوم أنفسهم وعلى هذا قوله : (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة) وقال : (وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك) وقوله : (وما كان ربك ليهلك القرى) فإنها اسم للمدينة وكذا قوله : (وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى - ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها) . وحكى أن بعض القضاة دخل على على ابن الحسين رضى الله عنهما فقال : أخبرني عن قول الله تعالى (وجعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة) ما يقول فيه علماؤكم ؟ قال : يقولون إنها مكة، فقال : وهل رأيت ؟ فقلت : ما هي ؟ قال : إنما عنى الرجال ، فقال : فقلت : فأين ذلك في كتاب الله ؟ فقال : ألم تسمع قوله تعالى : (وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله) الاية . وقال : (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا - وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية) . وقريت الماء في الحوض وقريت الضيف قرى ، وقرى الشئ في فمه جمعه وقريان الماء مجتمعه . ققق
بل لو قال مخالفك:
وحمل كلام المطلبي العربي على ما يوافق معاني القرآن العربي أولى من غيره
إنما يتجه ذلك إذا لم يكن الشافعي قد ذكر أن في الآية محذوفا مع تصريحه بإطلاق النفي (نفي أن يكون القرية فاعلة) .
ثم ليس في حملنا كلامه رحمه الله على ما يخالف عرف القرآن شيء من المحذور ، فإن من المعروف أن بعض السلف أو كثير منهم أو أكثرهم قد نحا هذا المنحى أيضا - اعتبار أن القرية اسم للمحل دون الحال - وحسبكم بكلام إمام المفسرين الطبري مثالا . فقد أكثر من هذا النوع في كتابه .
ثم ما يدريك أنه لم يتكلم بمثل ذلك؟
ألا تتفق معي أن:
عدم العلم ليس معناه العلم بالعدم
وعدم الوجادة لا تعني عدم الوجود
هذا متفق عليه بين العقلاء . . وأنا أساسا لا أتكلم عن العلم بالعدم ، بل عن العلم بالرجحان . كما قلت : " أيهما أرجح ؟ " ولم أقل : " أيهما الصحيح ؟ " . ومعلوم يا شيخنا أن المجهول المنكر لا يترجح على المعروف الشائع .
وقد يتكلم المرء بكلام في مسألة في معرض مسألة أخرى، فإذا أراد البحث في المسألة الأولى بخصوصها حرّر كلامه ودقّق فيه
كمن يستدل بحديث عرضا في مسألة غير معتمد عليه
فإذا ما سئل عن هذا الحديث بخصوصه فقد يضعفه فلا يقال إنه صححه مرة وضعفه أخرى
وإنما الاعتماد في حكمه على الموضع الذي قصد فيه تحقيق الحديث دون الموضع الذي ذكره فيه عند حشد الأدلة لمسألة ما بغير اعتماد عليه بخصوصه.
لكن ، أنى لمدعى اتفاق الشافعي مع ابن تيمية في هذه المسألة شيء مما ذكرتم ؟؟؟
وشاهد ذلك من فعل ابن تيمية
فماذا لو جاء من يقول إن ابن تيمية يثبت المجاز ويقول إن قوله فففواسأل القريةققق فيه محذوف والتقدير أهل القرية ويستدل بقوله في مجموع الفتاوى (6/471):
(وفساد قول الذين يجعلون المراد " لقاء الجزاء " دون لقاء الله معلوم بالاضطرار بعد تدبر الكتاب والسنة يظهر فساده من وجوه : - ( أحدها : أنه خلاف التفاسير المأثورة عن الصحابة والتابعين . ( الثاني : أن حذف المضاف إليه يقارنه قرائن فلا بد أن يكون مع الكلام قرينة تبين ذلك كما قيل في قوله : {واسأل القرية التي كنا فيها})
إنما قال شيخ الاسلام : كما قيل . فليس ذلك من رأي نفسه ، لا سيما مع وجود تلك النصوص الصريحة منه بنفي أن يكون في الآية محذوف ( وذلك ما لم يحصل للشافعي - بالنسبة إلى استقرائنا القاصر على الأقل لكلامه رحمه لله ) .
نضال مشهود
2008-02-23, 08:38 PM
أخي نضال زادك الله علما وفهما و حرصا على الحق و حفظك الله من كل مكروه وسوء مسألة المجاز واضحة وضوح الشمس و كتب اللغة طافحة بها ، و لا يلزم من القول بأن الحقيقة هو استعمال اللفظ فيما وضع له ،والمجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له أن تنص العرب عليه فالعرب لم تنص على رفع المبتدأ و نصب المفعول به و جر المضاف إليه لكن هذا عرف من تتبع كلامهم و عملهم بمقتضى ذلك ، ونحن نقول أن العرب استعملت لفظ الأسد للحيوان المفترس ابتداءا ولم تستعمله ابتداءا للشجاع بدليل أن العربي يفهم من لفظ الأسد عند الإطلاق الحيوان المفترس ، و لايفهم أنه الشخص الشجاع ، ولو كان العرب استعملوا كلمة الأسد في المعنيين ابتداءا لكان لفظ الأسد مشتركا ولو كان مشتركا ما تبادر لذهن العربي من كلمة أسد الحيوان المفترس عند الإطلاق ،و كيف يكون العربي استعملها على الحقيقة في الشجاعة و هو يقصد بنسبة الأسد للإنسان تشبيهه به أي ليس الإنسان أسدا ؟!!!!!!!!!!!!!!إذن هذا تجوز أي مجاز و كتب اللغة والفقه طافحة بوجود الألفاظ المطلقة التي تفيد المعنى الحقيقي ؛ ولذلك كان من القواعد الأصل في الكلام الحقيقة ، وما دام هناك حقيقة فبمفهوم المخالفة يكون هناك مجاز .
وبارك الله فيك أخي الكريم وسدد خطاك ووفقك لما فيه الصلاح والرضى .
آمل أن تنتبه إلى هذه النصيحة حتى يغنيك ذلك عن إعادة النقاش مرة بعد مرة :
http://alukah.net/majles/showpost.php?p=90770&postcount=90
وعليك بكتاب الإيمان ومختصر الصواعق ، ففيه جواب لكل ما أوردت من الاعتراضات السابقة .
أبو ثابت عارف
2008-03-02, 09:06 PM
قال الله (صم بكم عمي فهم لا يعقلون)
فهل المراد حقيقة الصمم و العمى و البكم في مثل أبي لهب و أبي جهل أم نجاوز هذا المعنى لغيره ؟
أبو مالك العوضي
2008-03-02, 09:10 PM
الأخ أبو ثابت عارف
أولا: هل تعرف الموضوع الذي نتحدث فيه ؟
ثانيا: ما حقيقة الصمم والعمى ؟
أبو الإمام الأثري
2008-03-04, 02:39 AM
جزاك الله خيرا أخانا أبا مالك العوضي على ما قدمت فإنك قد أفصحت عما بداخلي بطريقة منطقية و موضوعية ، فإن الخلاف في هذه المسألة بين العلماء هو خلاف لفظي فإن لغة العرب و أشعارهم طافحة بالمجازات ، بارك الله فيك و أكثر من أمثالك .
نضال مشهود
2008-03-04, 03:43 AM
الأخ أبو الإمام ،
أولا: هل تعرف الموضوع الذي نتحدث فيه ؟
ثانيا: ما تعريف (المجاز) عندك ؟ وما تعريفه عند القائلين به ؟
أبو مالك العوضي
2008-03-04, 06:29 AM
جزاك الله خيرا أخانا أبا مالك العوضي على ما قدمت فإنك قد أفصحت عما بداخلي بطريقة منطقية و موضوعية ، فإن الخلاف في هذه المسألة بين العلماء هو خلاف لفظي فإن لغة العرب و أشعارهم طافحة بالمجازات ، بارك الله فيك و أكثر من أمثالك .
أو طافحة بالحقائق المتعددة ما دام الخلاف لفظيا
أبو الإمام الأثري
2008-03-09, 03:16 AM
الأخ نضال مشهود :
سؤال : هل تستطيع أن تقول لي ماذا يقصد بكلمة ( اليد ) في اللغة إذا أطلقت
نضال مشهود
2008-03-09, 07:44 AM
الأخ نضال مشهود :
سؤال : هل تستطيع أن تقول لي ماذا يقصد بكلمة ( اليد ) في اللغة إذا أطلقت
وهل يطلق ذلك اللفظ - من جميع القيود - حتى يلزم هذا السؤال . . ؟!
لفظ اليد لا يطلق من القيوج الخاصة - بارك الله فيك - إلا ويراد به المقيد .
أبو الإمام الأثري
2008-03-09, 10:06 PM
الأخ : نضال مشهود
إذا قلت لك " يد زيد علىّ " ماذا تفهم من كلامي
نضال مشهود
2008-03-10, 08:02 AM
الأخ : نضال مشهود
إذا قلت لك " يد زيد علىّ " ماذا تفهم من كلامي
أفهم منه كما قلتَ ،
فهو يد زيد عليك . . لا يد السلطان ولا أيادي الرحمن .
أبو الإمام الأثري
2008-03-11, 01:49 AM
الأخ : نضال مشهود
فما تفهم من قول عروة ابن مسعود الثقفي لأبي بكر _ رضي الله عنهما _ : " لولا أن لك عليّ يدا لرددت عليك "
إذا فهمت من لفظة ( اليد ) في هذا المثال غير ما فهمته من المثال الأول فقد أقررت بوجود المجاز في كلام العرب_ شئت أم أبيت _ و إذا قلت أن هذا المثال الأخير فيه قرينة تصرف النص عن ظاهره فهذا هو عين قول القائلين بالمجاز
و إذا قلت أن لفظة اليد في اللغة تعني أشياء كثيرة منها العضو المعروف و النعمة و القدرة فلما لم تفهم المثال الأول على ضوء هذه المعاني
نضال مشهود
2008-03-11, 07:17 AM
الأخ : نضال مشهود
فما تفهم من قول عروة ابن مسعود الثقفي لأبي بكر _ رضي الله عنهما _ : " لولا أن لك عليّ يدا لرددت عليك "
إذا فهمت من لفظة ( اليد ) في هذا المثال غير ما فهمته من المثال الأول فقد أقررت بوجود المجاز في كلام العرب_ شئت أم أبيت _ و إذا قلت أن هذا المثال الأخير فيه قرينة تصرف النص عن ظاهره فهذا هو عين قول القائلين بالمجاز
و إذا قلت أن لفظة اليد في اللغة تعني أشياء كثيرة منها العضو المعروف و النعمة و القدرة فلما لم تفهم المثال الأول على ضوء هذه المعاني
فهمته كما هو الظاهر من قول عروة . . . هو يد لأبي بكر عليه ، لا يد سفيان ولا أيادي الرحمن !
يا أخي . . . . . أما سألتك من قبل : هل تعرف الموضوع الذي نتحدث فيه ؟
أبو مالك العوضي
2008-03-11, 11:42 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة ربيع أحمد السلفي http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=760600#post76 0600)
ومن أدلة وجود المجاز ذكر بعض علماء القرون الثلاثة الأول المجاز كأبي عبيدة معمر بن المثني 114 هـ - 210 هـ عالم لغة له كتاب مجاز القرآن[1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=760598#_ftn1) وله كتاب المجاز[2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=760598#_ftn2)
قد يصلح هذا دليلا إن كان شيخ الإسلام لم يقف على هذا الكتاب، أما وقد وقف عليه وبين أنه ليس مراده المجاز الاصطلاحي فلا معنى للاستدلال بذلك !
اقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة ربيع أحمد السلفي http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=760600#post76 0600)
ومن العلماء الذين ذكروا المجاز الخليل الفراهيدي 100هـ -174 هـ قال في كتابه الجمل في النحو : ( وكذلك يلزمون الشيء الفعل ولا فعل وإنما هذا على المجاز كقول الله جل وعز في البقرة ﴿فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ﴾[3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=760598#_ftn3) والتجارة لا تربح فلما كان الربح فيها نسب الفعل إليها ومثله : ﴿جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=760598#_ftn4) ولا إرادة للجدار )[5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=760598#_ftn5)
هذا الكتاب لم تثبت نسبته إلى الخليل بن أحمد، وأغلب الظن أنه ليس له لأن أسلوبه بعيد عن أسلوب الخليل ، بل بعيد عن أصغر تلامذة الخليل.
اقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة ربيع أحمد السلفي http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=760600#post76 0600)
ولأبي العباس أحمد بن يحيى المشهور بثعلب النحوي المتوفى سنة 291هـ كتاب قواعد الشعر أكثر من ذكر الاستعارة فيه والاستعارة ضرب من المجاز
هذا الكتاب أيضا لم تثبت نسبته إلى ثعلب ، وأسلوبه بعيد كل البعد عن أسلوب ثعلب ، بل هو بأسلوب المبرد أشبه .
وكون الاستعارة ضربا من المجاز لا علاقة له بالموضوع، فالنقاش إنما هو عن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز ، وليس إلى استعمال مصطلح الاستعارة أو غيره من مصطلحات البيان .
اقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة ربيع أحمد السلفي http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=760600#post76 0600)
اقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة ربيع أحمد السلفي http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=760600#post76 0600)
وقال ابن السراج النحوي المتوفى 316 هـ في كتابه الأصول في النحو : ( وجائز أن تقول لا قام زيد ولا قعد عمرو تريد الدعاء عليه وهذا مجاز )[6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=760598#_ftn6) ،
أبعدت النجعة يا أخي الكريم ، فأين ابن السراج من القرون الثلاثة ؟!
اقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة ربيع أحمد السلفي http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=760600#post76 0600)
وقال أبو العباس المبرد في كتابه المقتضب : ( وقد يجوز أن تقول أعطي زيدا درهم وكسي زيدا ثوب لما كان الدرهم والثوب مفعولين كزيد جاز أن تقيمهما مقام الفاعل وتنصب زيداً ؛ لأنه مفعول فهذا مجاز )[7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=760598#_ftn7)
هذا النص محتمل ، فقد يكون مقصود ( فهذا جائز ) ولا يصح الاستناد إلى استعمالات المتأخرين في فهم كلام المتقدمين .
اقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة ربيع أحمد السلفي http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=760600#post76 0600)
ومن الفقهاء الذين ذكروا المجاز في كتبهم محمد بن الحسن الشيباني 132 هـ - 189 هـ حيث قال في كتابه الجامع الصغير: ( فالحاصل أن أبا يوسف أبى الجمع بين النذر واليمين ؛ لأن هذا الكلام للنذر حقيقة ولليمين مجاز والحقيقة مع المجاز لا يجتمعان تحت كلمة واحدة فإن نواهما فالحقيقة أولى بالاعتبار ؛ لأن الحقيقة معتبر في موضعه والمجاز معتبر في موضعه )[8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=760598#_ftn8)
هذا النقل أفسد رونق الموضوع !!
لأن هذا من كلام عبد الحي اللكنوي في شرح الجامع الصغير !!
وليس من كلام محمد بن الحسن !
اقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة ربيع أحمد السلفي http://majles.alukah.net/imgcache/broken.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=760600#post76 0600)
ومن هنا ندرك أن المجاز ثابت في كتب الفقه واللغة والحديث في القرون الثلاثة الأول فهذا دليل على وجود المجاز .
لم تنقل شيئا عن القرن الأول أصلا !
ولم يثبت شيء عن القرن الثاني !
وغاية ما يمكن أن يسلم لك بعض المنقول عن القرن الثالث.
المقدادي
2008-03-12, 12:23 AM
الأخ نضال مشهود :
سؤال : هل تستطيع أن تقول لي ماذا يقصد بكلمة ( اليد ) في اللغة إذا أطلقت
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قال العلامة ابن الزاغوني - ت 527 هـ - في كتابه الإيضاح :
( و اليد المطلقة في لغة العرب و معارفهم و عاداتهم المراد بها إثبات صفة ذاتية للموصوف , لها خصائص فيما يقصد بها و هي حقيقة في ذلك كما ثبت في معارفهم الصفة التي هي القدرة و الصفة التي هي العلم و كذلك سائر الصفات من الوجه و السمع و البصر و الحياة و غير ذلك , و هذا هو الأصل في هذه الصفة و إنهم لا ينتقلون عن هذه الحقيقة الى غيرها مما يقال على سبيل المجاز إلا بقرينة تدل على ذلك , فأما مع الإطلاق فلا , و لهذا يقولون : لفلان عندي يد , و يراد بذلك ما يصل من الإحسان بواسطة اليد , و إنما فهم ذلك بإضافة اليد الى قوله عندي .. ) اهـ من كتابه الإيضاح في أصول الدين ص 284
نضال مشهود
2008-03-12, 01:59 AM
ولسنا على مذهب ابن الزاغوني رحمه الله .
المقدادي
2008-03-12, 02:48 AM
ولسنا على مذهب ابن الزاغوني رحمه الله .
بارك الله فيكم
ما هو مذهبه رحمه الله من النص أعلاه ؟ و ما الذي تخالفه فيه في النص المذكور أعلاه ؟
- ملاحظة : كلامي منصب على قوله : " المراد باليد في لغة العرب ...... " و هو كلام سديد أما مسألة المجاز فهو لا يصرفها إليها إلا بقرينة و هذا مما يجعل الخلاف معه لفظيا -
نضال مشهود
2008-03-12, 03:12 AM
وفيكم بارك الله .
نخالفه في أصل التقسيم ، وليس ذلك خلاف لفظي .
اليد في لغة العرب لا يستعمل أو لا يراد به إلا مضافا مقيدا مقرونا بقرائنها الخاصة اللفظية منها والحالية .
المقدادي
2008-03-12, 03:22 AM
وفيكم بارك الله .
نخالفه في أصل التقسيم ، وليس ذلك خلاف لفظي .
اليد في لغة العرب لا يستعمل أو لا يراد به إلا مضافا مقيدا مقرونا بقرائنها الخاصة اللفظية منها والحالية .
بارك الله فيكم
اللفظة في لغة العرب إذا أطلقت فلها معنى كلي في الذهن معروف معلوم و هذا قرره غير واحد من المحققين كشيخ الإسلام وو غيره
أما إذا قيدت كانت بحسب ما تقيد لأجله
و إلا لكانت كلمات لا معنى لها !
فالعلم : لفظة معروفة إذا قيدت بمخلوق صار لعلمه خصائص بحسبه أما إذا أطلقت فلها معنى كلي معلوم
و كذلك الحياة و الوجه و و اليد و غير ذلك
فما وجه المخالفة هنا ؟؟؟
نضال مشهود
2008-03-12, 03:41 AM
عجيب . .
كلامنا هنا عن الألفاظ المستعملة في الكلام المفيد ، لا عن الألفاظ المجردة في عناوين القواميس .
وقول شيخ الإسلام في هذا الأمر أشهر من أن ينقل . بل هو إمامنا في هذا . فكيف يفهم منه خلاف قوله ؟
العرب لا تستعمل لفظ (الوجه) ولا (الحياة) ولا (العلم) ولا (اليد) في الكلام إلا مقيدا بذي الوجه والحي والعالم وذي اليد .
وأما المعنى الكلي . . . فبظن وجوده في الخارج ضل الناس في العقليات والسمعيات . بل الموجود : القدر المشترك في المتواطئات .
ثم ليس هذا مراد الأخ السائل . . بل مراده التفريق بين العضو المعروف وبين العطاء ، ولم يجد إلى ذلك سبيلا .
المقدادي
2008-03-12, 03:48 AM
عجيب . .
كلامنا هنا عن الألفاظ المستعملة في الكلام المفيد ، لا عن الألفاظ المجردة في عناوين القواميس .
وقول شيخ الإسلام في هذا الأمر أشهر من أن ينقل . بل هو إمامنا في هذا . فكيف يفهم منه خلاف قوله ؟
العرب لا تستعمل لفظ (الوجه) ولا (الحياة) ولا (العلم) ولا (اليد) في الكلام إلا مقيدا بذي الوجه والحي والعالم وذي اليد .
وأما المعنى الكلي . . . فبظن وجوده في الخارج ضل الناس في العقليات والسمعيات . بل الموجود : القدر المشترك في المتواطئات .
ثم ليس هذا مراد الأخ السائل . . بل مراده التفريق بين العضو المعروف وبين العطاء ، ولم يجد إلى ذلك سبيلا .
حقيقة لم أفهم وجه مخالفتك لكلامي أعلاه
و هل ذكرتُ لك وفقك الله ان العرب تستعمل لفظ اليد لغير ذي اليد ؟ لم أقل هذا البتة !
الكلام أعلاه في المراد باليد في لغة العرب كالآتي :
1 - صفة ذات - هل من مخالفة هنا ؟ -
2 - لها خصائص و أحكام و أفعال - مثل القبض و البسط كل بحسب ما تضاف إليه هل من مخالفة هنا ؟ -
3 - حقيقة في الموصوف بها - هل من مخالفة هنا ؟ -
المقدادي
2008-03-12, 03:51 AM
ثم ليس هذا مراد الأخ السائل . . بل مراده التفريق بين العضو المعروف وبين العطاء ، ولم يجد إلى ذلك سبيلا .
السائل سأل عن المراد باليد في لغة العرب و بعد الإجابة على سؤاله - بما ذكرته أعلاه - لن يستطيع أصلا التفريق بين العطاء و العضو المعروف في الإنسان لأن العطاء لا يكون إلا بواسطة اليد ! هذا الأصل
نضال مشهود
2008-03-12, 03:53 AM
قلت : ( اللفظة في لغة العرب إذا أطلقت )
وقلنا : ( هي في لغتهم لا تطلق قطّ ، بل تقيد دائما )
المقدادي
2008-03-12, 03:54 AM
العلم و الحياة و الوجود ..........الخ ألفاظ لا تطلق عند العرب ؟؟؟؟؟ هل تستطيع ان تثبت إنهم يقيدونها دائما بموصوف ؟؟؟؟
نضال مشهود
2008-03-12, 03:55 AM
السائل سأل عن المراد باليد في لغة العرب و بعد الإجابة على سؤاله - بما ذكرته أعلاه - لن يستطيع أصلا التفريق بين العطاء و العضو المعروف في الإنسان لأن العطاء لا يكون إلا بواسطة اليد ! هذا الأصل
يقصد التفريق بوجود قرينة أو عدمها . . لا بشيء آخر .
نضال مشهود
2008-03-12, 03:57 AM
العلم و الحياة و الوجود ..........الخ ألفاظ لا تطلق عند العرب ؟؟؟؟؟ هل تستطيع ان تثبت إنهم يقيدونها دائما بموصوف ؟؟؟؟
بل المطالب بالدليل من ادعى الإطلاق لأنه خلاف الموجود . . هو مطالب بإيجاد مثال واحد من كلامهم يطلق فيه اللفظ من جميع القيود .
وكلامنا هنا عن (العلم) الذي هو (الصفة) لا (العلم) الذي هو (المعلوم) .
المقدادي
2008-03-12, 03:59 AM
قال الإمام المحقق ابن القيم رحمه الله في صواعقه :
" الوجه في اللغة مستقبل كل شيء لأنه أول ما يواجه منه "
فهل أخطأ الإمام رحمه الله لأنه ادعى معنى للفظة الوجه في اللغة قبل ان يقيدها ؟
نضال مشهود
2008-03-12, 04:01 AM
مدار النقاش - كما مر - على كلام العرب أو نصوص الوحيين ، لا كلام الشراح وأصحاب المعاجم .
ثم إن كلام ابن القيم حجة عليك . . لانه استنباط وتلخيص من الاستعمالات المقيدة ، لا التجرد قبل الاستعمال .
المقدادي
2008-03-12, 04:05 AM
و هل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية مقبول لديك و كلام تلميذه لا يُقبل ؟ عجيب ! و ابن القيم إنما إستفاد هذا من تقريرات شيخه رحمه الله
نضال مشهود
2008-03-12, 04:06 AM
كلامهما حجة لي . . كيف لا أقبلها ؟؟؟
المقدادي
2008-03-12, 04:07 AM
مدار النقاش - كما مر - على كلام العرب أو نصوص الوحيين ، لا كلام الشراح وأصحاب المعاجم .
ثم إن كلام ابن القيم حجة عليك . . لانه استنباط وتلخيص من الاستعمالات المقيدة ، لا التجرد قبل الاستعمال .
بل حجة عليك انت بارك الله فيك , لأن الوجه كلمة عربية فصيحة بيّنة واضحة و العربي القح يفهم هذا المعنى سواء ذكره بلسانه أم لم يذكره
و إلا لكانت هذه الألفاظ غير عربية بل أعجمية لا يُفهم منها شيء و لا يُعرف مدلولها
فإذا قُيدت : كانت بحسب ما قيدت لأجله
نضال مشهود
2008-03-12, 04:09 AM
أخي الكريم . . . يبدو أنك في واد وأنا في واد آخر . تبحث في شيء وأنا أبحث في شيء آخر . فرجاء قراءة الموضوع مرة أخرى .
قول ابن القيم : " الوجه في اللغة مستقبل كل شيء لأنه أول ما يواجه منه "
هذا ليس لفظا مطلقا ، بل هو اسم جنس . ونحوه قول الله تعالى : ( إن الإنسان لفي خسر ) .
المقدادي
2008-03-12, 04:11 AM
إنما ناقشتك حسب المعطيات التي بين يدي : فالأخ سأل عن معنى اليد فأجبته بما ذكرته من كلام ابن الزاغوني , فتدخلتَ - أنت - في النقاش فأجبتك حسب كلامك و تعليقك على كلامي
بارك الله فيك ,,,,
نضال مشهود
2008-03-12, 04:31 AM
قال الإمام المحقق ابن القيم رحمه الله في صواعقه :
" الوجه في اللغة مستقبل كل شيء لأنه أول ما يواجه منه "
فهل أخطأ الإمام رحمه الله لأنه ادعى معنى للفظة الوجه في اللغة قبل ان يقيدها ؟
قولك (وجه) و (رجل) و(ماء) و(تراب) كقولك (في) و (على) و (ثم) و (قام) و (جلس) و (ضرب) . . كلها أصوات ينعق بها لا تفيد شيئا . بل شرط إفادتها تقييدها وتركيبها .
أبو مالك العوضي
2008-03-12, 04:43 AM
ومن قال إن ابن الزاغوني يقصد خلاف ذلك؟
قوله ( اليد المطلقة ) يقصد المطلقة من الأدلة التي تدل على أن المراد معنى آخر غير المشهور، ولا يقصد أنها تستعمل هكذا ( يد ) بغير سياق، بدليل أنه قال: ( المراد بها إثبات صفة ذاتية للموصوف ) فأين الموصوف إذن لو كانت منفصلة عن كل سياق؟
الإطلاق في كلام العلماء يختلف عن الإفراد.
أبو مالك العوضي
2008-03-12, 04:44 AM
وهذا كما نقول: الأصل أن يحمل الكلام على ظاهره ولا يؤول إلا أن يدل دليل على هذا التأويل.
نضال مشهود
2008-03-12, 04:50 AM
كلام ابن الزاغوني مفهوم . . وهو الإطلاق من مثل قيد (عندي) .
لكننا نبحث في أصل التقسيم . ونحن لسنا على مثل هذا التقسيم ( إلا تنزلا ) .
فلا نقول : الأصل أن يحمل الكلام على ظاهره ولا يؤول إلا أن يدل دليل على هذا التأويل ،
ولا نقول : الأصل أن يحمل الكلام على حقيقته ولا يجعل مجازا إلا أن تقترن به قرينة تدل على مجازه .
لأن إدخال الشيء في أحد القسمين فرع الإقرار بصحة التقسيم . ونحن لا نقر بها أصلا - إلا تنزلا .
أبو مالك العوضي
2008-03-12, 05:21 AM
قولنا ( الأصل أن يحمل الكلام على ظاهره ) معناه أن الدليل قام على أن المفهوم ابتداء من الكلام هو المراد بغير تأمل ولا بحث ولا فحص، وهذه القاعدة لا أعلم أحدا من أهل العلم ينازع فيها ولا يخالفها.
فإن قلت لك مثلا: ( أعطني ماء )، فسكوتي عند هذا الحد دليل على أني لم أرد ( ماء ورد ) مثلا، فالسكوت نفسه دليل على مرادي من الكلام؛ لأن العاقل لا يتكلم بالإطلاق وهو يريد التقييد، فالإطلاق نفسه قرينة عدمية دالة على المراد، كإهمال نقط السين والحاء؛ فإنه دال على أنها ليست بشين ولا خاء.
فلم يخل الكلام من القرينة الدالة على المعنى، ولكن جرى العرف على الاختصار في بعض المواضع لشهرتها، وصارت هذه الشهرة هي القرينة الدالة على المراد.
ولا يمكن أن يكون ذلك الإطلاق في كل المواضع؛ لأنه يورث اللبس، ولا يمكن كذلك أن يكون التقييد في كل المواضع؛ لأنه يكون تطويلا بغير داع، فلو كنتُ في كل مرة أذكر فيها الماء أحتاج أن أقيد مرادي بأنه (السائل الذي يستعمل في الشرب والوضوء) مثلا لخرجت بذلك عن حدود العادة إلى الهذيان.
فهذا هو مراد أهل العلم بقولهم ( الأصل أن يحمل الكلام على ظاهره ).
أبو مالك العوضي
2008-03-12, 05:36 AM
فإذا قلت مثلا: ( ضرب موسى عيسى ) فهل في الكلام قرينة تدل على أيهما الفاعل وأيهما المفعول؟
لا توجد قرينة لفظية، وإنما توجد قرينة معنوية استقرائية، وهي أن الأصل تقدم الفاعل، مع أن تقدم المفعول في كلام العرب لعله أكثر من تقدم الفاعل، ولكنه لا يأتي في كلامهم متقدما إلا بما يفهم منه أنه مفعول، إما بالقرينة اللفظية، وهي النصب في مثل قولنا (ضرب زيدا عمرو)، وإما بالقرينة المعنوية في مثل قولنا (أكل المكرونا عيسى).
فإن لم نقل (الأصل تقدم الفاعل) امتنع أن نعرف أيهما الفاعل وأيهما المفعول، وهو خلاف الضرورة.
نضال مشهود
2008-03-12, 01:22 PM
قولنا ( الأصل أن يحمل الكلام على ظاهره ) معناه أن الدليل قام على أن المفهوم ابتداء من الكلام هو المراد بغير تأمل ولا بحث ولا فحص، وهذه القاعدة لا أعلم أحدا من أهل العلم ينازع فيها ولا يخالفها.
فإن قلت لك مثلا: ( أعطني ماء )، فسكوتي عند هذا الحد دليل على أني لم أرد ( ماء ورد ) مثلا، فالسكوت نفسه دليل على مرادي من الكلام؛ لأن العاقل لا يتكلم بالإطلاق وهو يريد التقييد، فالإطلاق نفسه قرينة عدمية دالة على المراد، كإهمال نقط السين والحاء؛ فإنه دال على أنها ليست بشين ولا خاء.
فلم يخل الكلام من القرينة الدالة على المعنى، ولكن جرى العرف على الاختصار في بعض المواضع لشهرتها، وصارت هذه الشهرة هي القرينة الدالة على المراد.
ولا يمكن أن يكون ذلك الإطلاق في كل المواضع؛ لأنه يورث اللبس، ولا يمكن كذلك أن يكون التقييد في كل المواضع؛ لأنه يكون تطويلا بغير داع، فلو كنتُ في كل مرة أذكر فيها الماء أحتاج أن أقيد مرادي بأنه (السائل الذي يستعمل في الشرب والوضوء) مثلا لخرجت بذلك عن حدود العادة إلى الهذيان.
فهذا هو مراد أهل العلم بقولهم ( الأصل أن يحمل الكلام على ظاهره ).
وفقكم الله . نحن نتكلم عن المختار من المصطلحات . . . لا عن فهم المراد من مصطلحات أهل العلم .
فالظاهر هو ما يظهر . . . وبوجود الدليل الدال ، كيف يبقي الظاهر على خلاف الدليل ؟؟؟
عندما يقول الله تعالى : (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) ،
فهم أحد الصحابة رضي الله عنه أن المراد مما اعتاده من خيوط اللباس والوسادة ، فهذا هو الظاهر له عندئذ .
وبعد أن جاءه الدليل الدال أن المراد هو الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، أصبح الظاهر له عندئذ كما أراد تعالى .
فالظهور والبطون - وكذلك الشهرة والغرابة - من الأشياء النسبية ، فليس من الأنسب أن يجعل شيئا ثاتبا .
فائدة :
قال أبو الحسن الشعري في (الإبانة) : (( لأن القرآن على ظاهره، ولا يزول عن ظاهره إلا بحجة، فوجدنا حجة أزلنا بها ذكر الأيدي عن الظاهر إلى ظاهر آخر، ووجب أن يكون الظاهر الآخر على حقيقته لا يزول عنها إلا بحجة .))
فإذا قلت مثلا: ( ضرب موسى عيسى ) فهل في الكلام قرينة تدل على أيهما الفاعل وأيهما المفعول؟
لا توجد قرينة لفظية، وإنما توجد قرينة معنوية استقرائية، وهي أن الأصل تقدم الفاعل، مع أن تقدم المفعول في كلام العرب لعله أكثر من تقدم الفاعل، ولكنه لا يأتي في كلامهم متقدما إلا بما يفهم منه أنه مفعول، إما بالقرينة اللفظية، وهي النصب في مثل قولنا (ضرب زيدا عمرو)، وإما بالقرينة المعنوية في مثل قولنا (أكل المكرونا عيسى).
فإن لم نقل (الأصل تقدم الفاعل) امتنع أن نعرف أيهما الفاعل وأيهما المفعول، وهو خلاف الضرورة.
هذا - للأسف - بعيد عن موضوعنا .
أبو مالك العوضي
2008-03-12, 10:26 PM
لا يكفي أن تصف الكلام بالبعد حتى تبين وجه ذلك؛ فالكلام واضح في تعلقه بموضوعنا الذي هو التقسيم إلى ظاهر وغير ظاهر.
وأنت أقررت أن الاعتراف بأحد القسمين يتضمن الاعتراف بالآخر، ونقلك عن الأشعري يدل على صحة تقسيمي.
وكونه سمى القسم الآخر ظاهرا لا يقدح في التقسيم كما هو واضح؛ لأنه خلاف لفظي.
فالأشعري سماه ظاهرا ومع ذلك هو عنده محتاج إلى دليل، فصار الخلاف إلى اللفظ.
قولنا ( الظاهر على خلاف الدليل ) أي قبل معرفة هذا الدليل، وهذا واضح لا يحتاج إلى تقييد، فلا يحسن الاعتراض عليه.
أبو مالك العوضي
2008-03-12, 10:31 PM
ثم إن تقسيم الكلام إلى ( كناية وتصريح ) معروف عند العرب ، كما في حديث (من تعزى ... )
وكذلك تقسيم الكلام إلى ( تعريض وتصريح ) ، كما في الأثر ( إن في المعاريض مندوحة ... )
ولا فرق بين هذه الأمور وبين التقسيم إلى ( ظاهر وغير ظاهر ) أو إلى ( تحقيق واتساع ) أو إلى ( أصل وخلاف الأصل ) ... إلخ.
نضال مشهود
2008-03-14, 07:15 PM
لا يكفي أن تصف الكلام بالبعد حتى تبين وجه ذلك؛ فالكلام واضح في تعلقه بموضوعنا الذي هو التقسيم إلى ظاهر وغير ظاهر.
وأنت أقررت أن الاعتراف بأحد القسمين يتضمن الاعتراف بالآخر، ونقلك عن الأشعري يدل على صحة تقسيمي.
وكونه سمى القسم الآخر ظاهرا لا يقدح في التقسيم كما هو واضح؛ لأنه خلاف لفظي.
فالأشعري سماه ظاهرا ومع ذلك هو عنده محتاج إلى دليل، فصار الخلاف إلى اللفظ.
قولنا ( الظاهر على خلاف الدليل ) أي قبل معرفة هذا الدليل، وهذا واضح لا يحتاج إلى تقييد، فلا يحسن الاعتراض عليه.
أما بعده عن الموضوع ، فأظنه واضح من الأول . فإن قولكم : "فإن لم نقل (الأصل تقدم الفاعل) امتنع أن نعرف أيهما الفاعل وأيهما المفعول" هو قاعدة أصولية في فهم المراد من الخطاب اللغوي أو الشرعي . . لا تعلق له باختيار المصطلحات والتسمية .
وأما أنني أقر بالتقسيم ، فمتى لا أقر به . . ؟
أنا من الأول أقر بالتقسيم . . لكنني أقول إنه تقسيم نسبي ، كتقسيم الخبر إلى متواتر وغير متواتر . فما تواتر عند قوم ، قد لا يتواتر عند غيرهم . بل ما لا يتواتر عند أحد ، قد يتواتر عنده بعد مدة وزيادة رحلة . وكذلك ما يظهر لقوم من الأمور قد لا يظهر لغيرهم . بل ما يظهر لأحد في وقت ، قد لا يظهر له في وقت آخر .
والأشعري سمى ما دل عليه الدليل (ظاهرا) و (حقيقة) . وهذا الظاهر والحقيقة شيء نسبي . . أي يدور مع الدليل حيث دار . وهو مثل قول شيخ الإسلام : "وما دل عليه السياق ، فهو ظاهر الخطاب" . بخلاف من جعل (الظاهر) شيئا ثاتبا ، ثم سمى ما دل عليه الدليل : تأويلا وخروجا عن الظاهر .
ثم إن تقسيم الكلام إلى ( كناية وتصريح ) معروف عند العرب ، كما في حديث (من تعزى ... )
وكذلك تقسيم الكلام إلى ( تعريض وتصريح ) ، كما في الأثر ( إن في المعاريض مندوحة ... )
ولا فرق بين هذه الأمور وبين التقسيم إلى ( ظاهر وغير ظاهر ) أو إلى ( تحقيق واتساع ) أو إلى ( أصل وخلاف الأصل ) ... إلخ.
فيه فرق كبير جدا ! لأن الكناية والتعريض ثابت في كونه كناية أو تعريضا . لا يسمى أبدا - بعد فهم المراد منه أو قبله - تصريحا . فكيف يخفي هذا على مثلكم الكريم ؟
أبو مالك العوضي
2008-03-14, 07:18 PM
أعطني مثالا على الكناية والتعريض حتى أبين لك مرادي
نضال مشهود
2008-03-14, 07:23 PM
ضرب المثال لا يختص بالجهال .
أبو مالك العوضي
2008-03-14, 07:29 PM
إذا كنت تقصد أن هذا هو المثال، فقولك ( ضرب المثال لا يختص بالجهال ) له معنى ظاهر ، وهو أن ضرب المثال عام في العالم والجاهل، وله معنى خفي ، وهو التعريض بالسامع أنه جاهل.
فالعلاقة بين ( الكناية والتصريح ) وبين ( الظاهر وغير الظاهر ) واضحة من هذا المثال.
ولذلك يقولون: التورية هي إرادة المعنى البعيد دون القريب، والكناية والتعريض نحو ذلك أيضا.
ولا معنى لقولنا (معنى بعيد ومعنى قريب) إلا (الظاهر وغير الظاهر)
أبو مالك العوضي
2008-03-14, 07:31 PM
فيه فرق كبير جدا ! لأن الكناية والتعريض ثابت في كونه كناية أو تعريضا . لا يسمى أبدا - بعد فهم المراد منه أو قبله - تصريحا . فكيف يخفي هذا على مثلكم الكريم ؟
و(غير الظاهر) أيضا بعد أن يفهم المراد منه لا يسمى (ظاهرا) بإطلاق؛ لأنه لو كان ظاهرا بإطلاق ابتداء لم يكن هناك حاجة لنص آخر في فهمه.
ولكن قد يسمى ظاهرا بالتقييد، بأن يقال: ظهوره إنما بان بعد النظر في النصوص الأخرى.
نضال مشهود
2008-03-14, 07:58 PM
إذا كنت تقصد أن هذا هو المثال، فقولك ( ضرب المثال لا يختص بالجهال ) له معنى ظاهر ، وهو أن ضرب المثال عام في العالم والجاهل، وله معنى خفي ، وهو التعريض بالسامع أنه جاهل.
فالعلاقة بين ( الكناية والتصريح ) وبين ( الظاهر وغير الظاهر ) واضحة من هذا المثال.
قصدي أن وضع المثال يفعله الجاهل والعالم . فلكم أن تضع المثال من غير أن تطلبه مني أنا الجاهل .
والقرينة : أنني ما كنت لأضع نفسي فوقكم ولا في مستواكم . وليس المراد بالجاهل : السامع .
ولا يفهم منه أيضا أنني من العلماء (بقولي : ضرب المثال لا يختص بالجهال) ، للقرينة السابقة .
فحتى لو اعتبرنا أنه تعريض . . . فهل خرج هو عن كونه تعريضا بعد فهم المراد منه ؟
المثال ، قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ) . ولكم أن تحلله .
ولذلك يقولون: التورية هي إرادة المعنى البعيد دون القريب، والكناية والتعريض نحو ذلك أيضا.
ولا معنى لقولنا (معنى بعيد ومعنى قريب) إلا (الظاهر وغير الظاهر)
هذا هو المطابقة . بين الظهور والقرب ، وبين البطون والبعد : مناسبة كبيرة . وكلها أشياء نسبية .
(لا أقصد بالبطون ما في اسم الله تعالى "الباطن" ، فإن معناه : القرب والدنوّ ؛ ولا بالظهور ما في اسمه الظاهر ، فإن معناه العلوّ) .
وتقبلوا تحياتي شيخنا الفاضل .
نضال مشهود
2008-03-14, 08:02 PM
و(غير الظاهر) أيضا بعد أن يفهم المراد منه لا يسمى (ظاهرا) بإطلاق؛ لأنه لو كان ظاهرا بإطلاق ابتداء لم يكن هناك حاجة لنص آخر في فهمه.
ولكن قد يسمى ظاهرا بالتقييد، بأن يقال: ظهوره إنما بان بعد النظر في النصوص الأخرى.
ثم شيئان : الظاهر بسياقه من غير بيان منفصل . وثانيهما : ما لا يظهر مراده إلا ببيان منفصل من نفس المتكلم خارج وقت الخطاب . فالأول نسميه (ظاهرا) بإطلاق . وأما الثاني ، فهو كما تفضلتم بذكره - لكنه ليس خروجا عن بيان ذلك المتكلم ولا محتاجا إلى شيء آخر خارج هذا البيان .
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.