مشاهدة النسخة كاملة : كيف تعرف أنك قد حصّلت العلم ؟!
أبو مالك العوضي
2008-01-15, 08:30 AM
يا طالب العلم !!
كيف تعرف أنك قد حصَّلت العلم ؟!
هذا السؤال ينبغي أن يسأله كل طالب علم لنفسه، ومع أهميته لا نكاد نجد أحدا يهتم به، وإذا رأينا من يهتم به وجدناه يسلك في سبيل جوابه مسالك خاطئة، أو على الأقل مسالك غير موثوقة.
والإنسان مفطور على ضرب الأمثال، والمقايسة بين المتشابهات، والتفريق بين المفترقات، والانطلاق من المحسوس إلى المعقول، ومن الجزئي إلى الكلي، ولذلك كثرت هذه الطرائق في القرآن الكريم هداية للناس.
تعالَ للنظر إلى ما هو موجود في العالم لنعرف كيف يحكم الناس على فلان أو فلان بأنه قد (تأهَّل) أو لم يتأهل في أي شيء كان.
إذا تقدمتَ مثلا إلى وظيفة من الوظائف فغالبا يكون هناك اختبار لمعرفة ما عندك من خبرة وأهلية ومعرفة بهذه الوظيفة، ومن المؤكد أن الذي يختبرك في هذه الوظيفة لن يسألك عن رأيك الشخصي، وإنما سيسألك عما هو معروف عند المتخصصين في هذه الوظيفة، فإذا رآك تقول كلاما غريبا عن أهل الفن فسيحكم تلقائيا بأنك لست أهلا لهذه الوظيفة.
وعندما يدخل الطالب امتحانا في مادة من المواد، فإن التصحيح يكون بناء على ما هو معروف في هذه المادة، وليس بناء على ما يراه كل إنسان بهواه.
حتى الصناعات والحرف كالنجارة والحدادة والسباكة ونحوها، لا يحكم للشخص فيها بالأهلية إلا إن كان متقنا لما عليه أهل هذه الصناعة، فإذا جاء السباك فجعل فتحة الحنفية لأعلى مثلا ( !! ) زعما منه أن هذا هو الصواب، وأن جميع السباكين على ظهر الأرض أخطئوا، فلا شك أن هذا لا يقبل منه، بل يحكم عليه الناس تلقائيا وبغير تفكير ولا مناقشة بأنه مجنون، أو على الأقل أخطأ وجه الصواب.
وتعال مثلا إلى العلوم الشرعية: كيف نحكم على فلان أو فلان بأنه قد تأهل في علم الفقه مثلا أو في علم الحديث أو في علم التفسير أو في علم الأصول؟
لا شك أننا سنختبره في كتب الفقه الموجودة بيننا
ونسأله عما هو موجود في كتب الحديث المعروفة
ونكاشفه عن التفاسير التي بين أيدينا، وهكذا.
فإذا وجدناه يدعي أنه فقيه من الدرجة الأولى، ويزعم مع ذلك أنه لا يجوز النظر مثلا في كتب الفقه، ويزعم أنه يجب الاكتفاء بالقرآن فقط، أو وجدناه يزعم مثلا أن ( مفيش حاجة اسمها حيض، ولا فيه حاجة اسمها نواقض الوضوء ) فهذا الإنسان يحكم عليه من يختبره تلقائيا وبغير مناقشة أصلا بأنه (بطيخ)، وأنه أجهل من الدابة بعلم الفقه، وأغلب الظن أن الناس ستحكم عليه بالجنون، ولكن تنزلا فقط قد يحكمون عليه بأنه جانب الصواب.
والآن بعد أن استعرضنا بعض طرائق الناس في معرفة الأهلية، نأتي إلى السؤال المهم:
كيف تعرف أنت يا طالب العلم عن نفسك أنك قد تأهلت ؟!
وللجواب عن السؤال نرجع إلى عالمنا المعروف مرة أخرى، ولكن في مثال بعينه، فنقول:
من المعروف في علوم البرمجة ما يسمى ( اختبار البرنامج الحاسوبي ) لمعرفة صلاحيته للعمل، ويكون هذا الاختبار بإعطاء نتائج معروفة سابقا للبرنامج، ثم ملاحظة نتائج البرنامج، فإن وافقت النتائج المعروفة كان هذا دليلا على أن البرنامج صالح للعمل، وكلما زاد التوافق بين نتائج البرنامج والنتائج المعروفة سابقا كان هذا دليلا على قوة الثقة في البرنامج والاطمئنان إليه ( أي أهليته للعمل ).
وإذا وُجد ناتج واحد فقط لا يتوافق مع النتائج المعروفة، فهذا دليل على وجود خلل في البرنامج يحتاج إلى مراجعة، ولكن قد يكون الخلل يسيرا لا يؤثر إلا نادرا.
وكلما كثرت النتائج المخالفة كان هذا دليلا على أن الخلل في البرنامج أكبر.
فإذا أردت يا طالب العلم أن تعرف أنك قد حصلت العلم فطبق هذه الطريقة على نفسك:
- انظر إلى المسائل المتفق عليها بين أهل العلم، ثم انظر إلى نفسك وحاول الاستنباط والنظر والاجتهاد في هذه المسألة بعينها، فإذا وصلت إلى النتيجة التي وصل إليها أهل العلم، فهذا دليل على أنك قد صرت مؤهلا في هذه المسألة، وإذا وجدت نفسك تختار قولا غير ما وصلوا إليه فهذا دليل على وجود خلل منهجي عندك.
- فإذا كررت ذلك مرارا فوجدت موافقاتك لأهل العلم هي الأكثر فهذا دليل على أن الأهلية عندك هي الأكثر، وإذا كانت مخالفاتك أكثر، فهذا دليل على أن الخلل المنهجي عندك أكثر.
ومن النظر السابق يتضح لنا جليا أن الإجماع حجة ملزمة لا يسوغ الخروج عنها.
لماذا؟
لأن الإجماع أصلا هو الذي يبين مَن منا قد وصل إلى الأهلية، ومن منا لم يصل إلى الأهلية، فإذا كانت الأهلية نفسها معتمدة على هذا الإجماع، فكيف تكون الأهلية سببا في نقض الإجماع؟
كيف يزعم من يخالف الإجماع أنه مؤهل لهذه المخالفة، إذا كان تأهيله نفسه لا يتحقق إلا بهذا الإجماع؟
فالحاصل أن مخالف الإجماع إما أن يكون الخلل عنده في الأهلية عموما -وهذا هو الأغلب- وإما أن يكون الخلل عنده في الأهلية لهذه المسألة بخصوصها، وهذا قليل.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا
وأن ينفعنا بما علمنا
إنه على كل شيء قدير
وبالإجابة جدير.
أخوكم ومحبكم/ أبو مالك العوضي
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ....
أبو مريم هشام بن محمدفتحي
2008-01-15, 10:12 AM
سلام عليكم،
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو،
أما بعد،
فيا أبا مالك، ويحك !! أتسب البطيخ ؟؟
إذا جاء من ينكر نواقض الوضوء، نشبهه بالبطيخ ؟ ؟ ما ذنب البطيخ ؟ أليس ثمرا من الطيبات ؟
ألم يقل الحميدي في مسنده:
270 - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْبِطِّيخِ وَالرُّطَبِ فَيَأْكُلُهُ . تحفة 16908
؟؟؟
فكيف نسب البطيخ بتشبيه منكر نواقض الوضوء به ؟؟ :)
بل نقول: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلام عليكم، لا نبتغي الجاهلين !
{فإذا وجدناه يدعي أنه فقيه من الدرجة الأولى، ويزعم مع ذلك أنه لا يجوز النظر مثلا في كتب الفقه، ويزعم أنه يجب الاكتفاء بالقرآن فقط، أو وجدناه يزعم مثلا أن ( مفيش حاجة اسمها حيض، ولا فيه حاجة اسمها نواقض الوضوء ) فهذا الإنسان يحكم عليه من يختبره تلقائيا وبغير مناقشة أصلا بأنه (بطيخ)، وأنه أجهل من الدابة بعلم الفقه، وأغلب الظن أن الناس ستحكم عليه بالجنون، ولكن تنزلا فقط قد يحكمون عليه بأنه جانب الصواب.}
أبو مالك العوضي
2008-01-15, 10:59 AM
جزاك الله خيرا أخي الكريم، أخطأتُ في حق البطيخ.
واعتذاري مرة أخرى للبطيخ.
أبو مالك العوضي
2008-01-16, 03:24 PM
أما إذا كنت من أول ابتدائك لطلب العلم تدخل في المسائل الخلافية، وترجح وتضعف وتقوي، وتطعن وترد (!!) فاعلم أنك بعيد كل البعد عن تحصيل العلم؛ كما قال علي بن المديني: إذا رأيت طالب الحديث أول ما يكتب يجمع حديث الغسل وحديث (من كذب) فاكتب على قفاه " لا يفلح " .
أبو مالك العوضي
2008-01-16, 06:58 PM
قال الشيخ طارق عوض الله في الإرشادات:
(( وإن علامة صحة الاجتهاد وعلامة أهلية المجتهد هو أن تكون أغلب اجتهاداته وأحكامه وأقواله موافقة لاجتهادات وأحكام وأقوال أهل العلم المتخصصين والذين إليهم المرجع في هذا الباب. وإن علامة صحة القاعدة التي يعتمد عليها الباحث في بحثه هو أن تكون أكثر النتائج والأحكام المتمخضة عنها على وفق أقوال أهل العلم وأحكامهم. فكما أن الراوي لا يكون ثقة محتجا به وبحديثه إلا إذا كانت أكثر أحاديثه موافقة لأحاديث الثقات المفروغ من ثقتهم، والمسلم بحفظهم وإتقانهم فكذلك الباحث لا يكون حكمه على الأحاديث ذا قيمة إلا إذا جاءت أكثر أحكامه على الأحاديث موافقة لأحكام أهل العلم عليها. وبقدر مخالفته لأهل العلم في أحكامه على الأحاديث بقدر ما يعلم قدر الخلل في القاعدة التي اعتمد عليها، أو في تطبيقه هو للقاعدة وتنزيلها على الأحاديث.
فمن وجد من نفسه مخالفة كثيرة لأهل العلم في الحكم على الأحاديث فليعلم أن هذا إنما أتي من أمرين قد يجتمعان وقد ينفردان: أحدهما: عدم ضبط القاعدة التي بنى عليها حكمه على وفق ضبط أهل العلم لها. ثانيهما: ضبط القاعدة نظريا فقط، وعدم التفقه في كيفية تطبيقها كما كان أهل العلم من الفقه والفهم والخبرة بالقدر الذي يؤهلهم لمعرفة متى وأين تنزل القاعدة أو لا تنزل. ))
أشرف بن محمد
2008-01-17, 12:23 PM
"البطيخ" في هذا السياق رمز من باب ضرب المثل .. ولا يُقصَد عَيبه ..
مثلا: قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الفاجر: "مثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر". أخرجاه
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم في شأن الحسن والحسين: "هما ريحانتاي من الدنيا". خ ..
إذًا ذِكر الريحان هنا من باب ضرب المثل، ولم يُرِد عليه السلام ذَمّه إذْ شبّه الفاجر به، ولا أراد مدحه أيضا في تشبيه الحسن والحسين رضي الله عنهما به ..
وفي "الصحيحين": "مَثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها رِيح، وطعمها مُر".
قال العيني: (قوله: "كمثل الحنظلة": وهي شجرة مشهورة، وفي بعض البلاد تسمَّى: "بطيخ أبي جهل").اهـ. !!
و"بطيخ أبي جهل" = الحنظل: (ليس له نفع له، أو لغيره). كرماني 25/246، عيني 25/200
فإنْ قلتَ: ما وَجه تشبيه البطيخ بمَن (يزعم مثلا أن ( مفيش حاجة اسمها حيض، ولا فيه حاجة اسمها نواقض الوضوء ) فهذا الإنسان يحكم عليه من يختبره تلقائيا وبغير مناقشة أصلا بأنه (بطيخ)).اهـ.؟
قِيل: البطيخ من صفاته: أنه ثمرة (منفوخة)، وأنَّ الثمرة الناضجة منه عند القرع عليها تُصدِر صوتا "مكتوما"، والثمرة "غير الناضجة" عند القرع عليها تُصدِر صوتا "رنَّانا" ..
وهذه الصفات يمكن ضرب المثل بها على مَن يُحدِث أقوالا رنانة ولمَّا ينضج بعد .. والله أعلم.
أبو الأسود البواسل
2008-01-18, 07:35 AM
ومن النظر السابق يتضح لنا جليا أن الإجماع حجة ملزمة لا يسوغ الخروج عنها.
لماذا؟
لأن الإجماع أصلا هو الذي يبين مَن منا قد وصل إلى الأهلية، ومن منا لم يصل إلى الأهلية، فإذا كانت الأهلية نفسها معتمدة على هذا الإجماع، فكيف تكون الأهلية سببا في نقض الإجماع؟
كيف يزعم من يخالف الإجماع أنه مؤهل لهذه المخالفة، إذا كان تأهيله نفسه لا يتحقق إلا بهذا الإجماع؟
فالحاصل أن مخالف الإجماع إما أن يكون الخلل عنده في الأهلية عموما -وهذا هو الأغلب- وإما أن يكون الخلل عنده في الأهلية لهذه المسألة بخصوصها، وهذا قليل.
أخي الفاضل أبو مالك جزاك الله عنا كل خير.
كلامك السابق فتح آفاقا من الفهم في ذهني ،وذكرني بذكرياتي العلمية بأنواعها.
إن الإجماع يلجأ إليه أهل العلم عند عدم وجود النص ، ولكنهم يستنبطون الرأي من النصوص مجتمعة ، لذلك اشترط أهل العلم أن يكون أهل الإجماع من العلماء الفطاحل إذا صح التعبير.
إذن الإجماع عبارة عن نتيجة لاجتهادات مجتمعة وصل أصحابها إلى نفس النتيجة.
والله أعلم وأحكم
أبو مالك العوضي
2008-01-18, 07:47 AM
وفقك الله يا أخي لفاضل
أما قولك: (الإجماع يلجأ إليه أهل العلم عند عدم وجود النص)، ففيه نظر؛ بل الإجماع يلزم العالمَ معرفتُه والنظر فيه قبل أن يبحث في المسألة أصلا؛ لكي لا يجتهد فيما أجمع عليه العلماء فيخرج عن أقوالهم.
وهذا لا يعني تقديم الإجماع على النصوص كما قد يفهم بعض الناس، وإنما يعني تقديم الإجماع على فهمك أنت للنصوص حال الاستنباط.
لأنك قد تفهم النصوص خطأ؛ إذ فهمك غير معصوم، فلذا يجب الاستعانة بفهوم أهل العلم الذين سبقوك كي لا تزيغ عن الصراط المستقيم؛ لأن اتفاقهم على الفهم دليل على صحته، وانفرادك بالفهم دليل على خطئه.
وإذا قلنا -كما سبق- إن العالم الذي ينظر ويجتهد في المسائل أصلا يلزمه ابتداء أن يكون مؤهلا، فقد بينا أن هذا التأهيل لا يمكن أن يصح إلا بالاعتماد على الإجماع.
خليلُ الفوائد
2008-01-19, 02:43 AM
أسألُ اللهَ أن يُسدِّدَ قولك أبا مالك ، وأن يُسبِغَ عليك نعمه ظاهرةً وباطنةً ..
أبو مالك العوضي
2008-01-19, 02:45 AM
آمين آمين
وإياك يا أخي الفاضل، ولا تحرمنا من خُلاَّنك !
عبدالعزيز بن عبدالله
2008-01-19, 03:24 PM
أفهم من كلامك الأخير يا شيخ /أبو مالك:
أن العلامة الشوكاني و صديق حسن علامة الهند أنهما لم يتأهلا في تلك المسائل ؟
أرجو منكم التوضيح بارك الله فيكم.
وشكراً
عبدالله الشهري
2008-01-19, 03:43 PM
الشيخ المفيد أبومالك ، أما بالنسبة للمنهجية المعيارية التي اقترحتها ففعالة و مهمة في معرفة البعد والقرب من الأهلية.وكما ذكرت هي طريقة تراعى في كثير من العلوم. ويضاف إلى ذلك إضافة جانبية بشأن الإجماع ، وهي الحرص على معرفة الإجماع القطعي الحقيقي الذي لم يُعارض بإجماع يخالفه [1] أو يشكل عليه وجود أئمة من السلف قالوا بخلافه [2]. التحقق من صحة وقوع وتحقق ذلك الإجماع يكون قبل الأخذ والتصديق بكل إجماع محكي يصادفه الطالب.
=========================
[1] وقد طُرح في هذا المنتدى موضوعاً حول إجماعات حكاها بعض أهل العلم ، ثم نُقلت إجماعات بخلافها.
[2] يوجد أمثلة كثيرة.
أبو مالك العوضي
2008-01-19, 04:02 PM
أفهم من كلامك الأخير يا أبا مالك:
أن العلامة الشوكاني و صديق حسن علامة الهند أنهما لم يتأهلا في تلك المسائل ؟
أرجو منكم التوضيح بارك الله فيكم.
وشكراً
أي مسائل تقصد يا أخي الكريم؟
الأهلية لا تكون في مسائل دون مسائل، الأهلية هي الملكة أو المقدرة الكلية على الاستنباط.
أبو مالك العوضي
2008-01-19, 04:51 PM
ويضاف إلى ذلك إضافة جانبية بشأن الإجماع ، وهي الحرص على معرفة الإجماع القطعي الحقيقي الذي لم يُعارض بإجماع يخالفه [1] أو يشكل عليه وجود أئمة من السلف قالوا بخلافه [2]. التحقق من صحة وقوع وتحقق ذلك الإجماع يكون قبل الأخذ والتصديق بكل إجماع محكي يصادفه الطالب.
وفقك الله، الأمر غير ما تقول يا أخي الكريم !
فما ذكرتَه هو من أكبر الآفات التي ينبغي أن يتجنبها طالب العلم !!
فطالب العلم ينبغي أن يعمل ابتداء على المشهور المعروف عند أهل الفن، ولا يلتفت إلى شواذ الأقوال ونوادر الآراء، حتى لو لم يكن الإجماع متحققا قطعيا !! لماذا؟
لأننا الآن لا نتكلم عن تحرير مسائل الإجماع وصحيحها من غيره، وإنما نتكلم عن تحقيق الأهلية عند طالب العلم، ولو جعلناه ينتظر حتى يحرر مسائل الإجماع القطعية من غيرها فلن يطلب العلم من أصله؛ لأن هذا التحرير نفسه يحتاج إلى أهلية أخرى !
فمن الخطأ أن نقول للطالب المبتدئ ذلك؛ لأننا حتى لو افترضنا أن قول الجمهور خطأ في بعض المسائل فليس هذا هو الأصل، بل هو نادر، ونحن كلامنا ليس عن مسألة بعينها، وإنما كلامنا عن الأهلية الإجمالية، فلا يهمنا أن تكون الإصابة في جميع المسائل، ولا يهمنا أن لا يقع خطأ بالمرة، وإنما يهمنا أن يكون الصواب غالبا وأكثريا، وهذا لا يتحقق بالنظر في الأقوال الشاذة والأوجه النادرة، فإذا تحققت هذه الأكثرية فقد تحققت الأهلية.
فإذا اتبع الطالب الطريقة المذكورة مثلا في 500 إجماع، وافترضنا أن 10 بالمائة منها لم يثبت، فكان ماذا؟ قد تحققت الأهلية أيضا ولم يضره تخلف جزء يسير من الإجماعات.
فنحن الآن لا نتكلم عن تحرير صحة هذا الإجماع أو ذاك من المسائل المنقولة، وإنما نتكلم عن تكوين الأهلية العلمية عند الطالب، فمثلا لو اجتهد طالب العلم ووجد اجتهاده موافقا لاجتهاد تسعة وتسعين في المائة من العلماء، فهل نقول له: هذا خطأ؛ لأن هذه المسألة ليست إجماعية ؟!!
ولا مانع بعد ذلك إذا تأهل طالب العلم أن يخالف قول الجماهير في بعض المسائل، ولكن هذا يكون بعد الأهلية لا قبلها.
الإشكال يحدث دائما في مسائل العلم من اختلاط الأمور المتشابهة، فمثلا يشكل على طالب العلم أنه يجد شذوذات لبعض السلف في مسائل، فيقول: ما الذي أباح لفلان أن يشذ وحرمه عليَّ؟!!
وهذا خلط شنيع في الفهم، لا يقوله من له قدم في العلم؛ لأن هذا العالم لم يتعمد الشذوذ، ولأن العصمة ليست لآحاد العلماء، فلا يمكن أن يكون أحد العلماء معصوما لا يقول إلا حقا، فهذه الشذوذات من هؤلاء العلماء دليل على أنه لا عصمة لواحد منهم، ولكنها لا يمكن أن تكون دليلا على متابعتهم في شذوذاتهم.
والفرق بين الأمرين أن هذا العالم إنما شذ لخطأ وقع فيه إذ هو غير معصوم، أما هذا فيريد أن يجعل الشذوذ منهجا يسير عليه، ومن الواضح البين أن الشذوذ كان مذموما عند السلف، وكثير منهم كان يرجع عن قوله عندما يعرف أنه قد شذ عن العلماء فيه، وهذا مشهور عندهم.
فينبغي أن نفرق بين الشذوذ (كخطأ في الاجتهاد بسبب النقص البشري الذي لا يعرى منه أحد)
وبين الشذوذ (كمنهج نلتزم به بدعوى الاجتهاد واتباع الحق وإن خالف جميع البشر !!)
فالحق ليس شيئا ملموسا يسير في الطريق نستطيع أن نراه حتى يكون مرجعا لمعرفة الشذوذ وعدمه !!
عبدالله الشهري
2008-01-19, 10:42 PM
نفعكم الله ونفعنا بكم. اشكرك على ما تفضلت به من إيضاح . ولكن لست أريد أن يتحقق بنفسه ، العلم كما تعلم لا يطلبه الطالب استقلالاً بل لا بد له من شيوخ وعلماء ، وهؤلاء يساعدونه في معرفة المعتبر المتحقق من الإجماعات ، لا أنه يتولى هذا بنفسه فهو ليس بأهل في الغالب ، إلا أن العلماء يذللون له طرق الوصول للإجماعات التي لا يسع الطالب ، فضلاً عن العالم ، جهلها. وهذا داخل في التأصيل الصحيح للطالب بحيث تكون أدواته البحثية والاجتهادية قوية من البداية. كما أنه وسيلة من وسائل التقصير - غير المخل - للمسافة بين الطالب والنصوص من الكتاب والسنة. :)
أبو مالك العوضي
2008-01-19, 11:07 PM
أحسنت يا شيخنا الفاضل
فقد أشرت إلى شيء مهم جدا من أدوات التحصيل قد يغفل عنها طلبة العلم.
وهو أن الطالب قد يعرف أنه قد تأهل، ولكنه لا ينبغي أن يحكم على نفسه، وإنما يحكم له شيوخه، كما هو معهود ومعروف عند السلف؛ قال مالك: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون من أهل المدينة.
فالطالب يحكم عليه شيوخه بأنه قد تأهل، وشيخه أيضا يكون محكوما عليه بالأهلية من قبل شيوخه، وشيوخه من قبل شيوخهم، وهكذا حتى نصل إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه السلسلة هي التي تحفظ على الناس دينهم، وتحفظ على أهل العلم علمهم، فلا يدخل فيه من ليس من أهله، ولا يتطاول عليهم من لا يدانيهم.
وعندي أدوات وآليات أخرى لطلبة العلم يعرفون بها أنهم قد حصلوا العلم، سأوافيكم بها قريبا إن شاء الله ...
عبدالله الشهري
2008-01-19, 11:32 PM
على هامش الموضوع:
عندما كنت أحضر الماجستير في جامعة نوتنغهام ، كان المشرف على الرسالة عالم لغة هنغاري الأصل ، معروف عندهم بتبحره في تخصصه ، كان يوجهني منذ البداية ، ويتابع مقالاتي ، ويتفحص منهجي في إيراد الأدلة والتحقق منها ، وكان - والحق يقال - يثني علي كثيراً في المواطن التي تقدمت فيها ، و يصارحني بأني لا زلت أحتاج إلى بذل المزيد في أحيان أخر. بل مرة من المرات تجرأت على منهجية عالم اللسانيات اليهودي /نعوم تشومسكي ، فحللتها و نقدتها في مقال نال إعجابه وفاجأه ، إلا انه بعث به إلى آخر أكثر تخصصاً فدلني بوضوح على إشكالات عالقة لم أتمكن من حلها ، وكنت أظن أني نسفت نظريته تماماً. الشاهد أن لكل علم فرسانه و أربابه ، يدربون طالبهم حتى يتمكن من اكتساب التي تساعده على الاستقلال في الاجتهاد. وعلم الشريعة أولى ولكن على الطالب أن يجتهد في لزوم العالم المناسب.
أبو مالك العوضي
2008-01-19, 11:37 PM
فدلني بوضوح على إشكالات عالقة لم أتمكن من حلها ، وكنت أظن أني نسفت نظريته تماماً. الشاهد أن لكل علم فرسانه و أربابه
أحسنت أحسن الله إليك.
هذه نصيحة ينبغي أن يضعها كل طالب علم نصب عينه.
ولذلك وجدنا أهل العلم قديما يتأدبون حتى عندما يخطئون من سبقهم، فيلتمسون الأعذار لهم ما استطاعوا لذلك سبيلا.
وينظر هنا للفائدة:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=212
عبدالله الشهري
2008-01-19, 11:44 PM
...وقد نلت الشهادة بامتياز - ولله الحمد والمنة - مع التوصية بنشر الدراسة ، وهي ستنشر قريباً في كتاب يصدر في أمريكا مع مجموعة أبحاث ، قال المشرف حينها: هذه أول رسالة تنال إعجابي منذ أن بدأت الإشراف على الرسائل إلى يومي هذا. وإنما أردت ذكر هذا بشرى لإخواني المسلمين ، وهدية متواضعة أرفع بها راية هذا الدين. وقد تحقق ذلك فلله الحمد كله.
عبدالله الشهري
2008-01-19, 11:49 PM
...وجزاكم الله خيرا على الإفـادات الفورية ، والنافعة.
أبو الأسود البواسل
2008-01-20, 09:37 AM
وفقك الله يا أخي الفاضل
أما قولك: (الإجماع يلجأ إليه أهل العلم عند عدم وجود النص)، ففيه نظر؛ بل الإجماع يلزم العالمَ معرفتُه والنظر فيه قبل أن يبحث في المسألة أصلا؛ لكي لا يجتهد فيما أجمع عليه العلماء فيخرج عن أقوالهم.
وهذا لا يعني تقديم الإجماع على النصوص كما قد يفهم بعض الناس، وإنما يعني تقديم الإجماع على فهمك أنت للنصوص حال الاستنباط.
لأنك قد تفهم النصوص خطأ؛ إذ فهمك غير معصوم، فلذا يجب الاستعانة بفهوم أهل العلم الذين سبقوك كي لا تزيغ عن الصراط المستقيم؛ لأن اتفاقهم على الفهم دليل على صحته، وانفرادك بالفهم دليل على خطئه.
وإذا قلنا -كما سبق- إن العالم الذي ينظر ويجتهد في المسائل أصلا يلزمه ابتداء أن يكون مؤهلا، فقد بينا أن هذا التأهيل لا يمكن أن يصح إلا بالاعتماد على الإجماع.جزاكم الله خيرا ،،،،،، أنا أتكلم عن الإجماع الاعتيادي إذا صح التعبير ،وهو ماعرف:بأنه :" اتفاق مجتهدي الملة بعد النبي صلى الله عليه وسلم في عصر من العصور على أمر من الأمور ، بتصريح كل منهم بأنه موافق على الحكم"
وهو الذي اختلف أهل العلم هل يقدم على الكتاب والسنة ، والصواب تقديم الكتاب والسنة عليه.
وبتعبير آخر أقصد الإجماع الاجتهادي.
فهذا ما ذكرني به كلامكم السابق حفظكم الله.
وبصراحة كنت أقرأ لعلماء ينكرون حجية هذا الإجماع ، لكن كلامكم السابق نبهني لأمر ما، وهو ما ذكرته آنفا .
ولم أكن أنوي إزعاجكم فعذرا إن كنت مزعجا ،وفقكم الله.
أبو مالك العوضي
2008-01-20, 12:53 PM
وفقك الله وسدد خطاك
اختلاف العلماء في تقديم الإجماع على الكتاب والسنة لعله اختلاف لفظي، أو يئول إلى اللفظي.
وهو يشبه المسألة المفترضة ( اختلاف العقل والنقل )
فإن النقل الصحيح لا يمكن أن يتعارض مع العقل الصحيح.
وكذلك الإجماع الصحيح لا يمكن أن يتعارض مع النص الصحيح.
فالعلماء الذين قالوا إن الإجماع يقدم على الكتاب والسنة يقصدون أن الإجماع إذا ثبت فهو متيقن، بخلاف الحكم المستفاد من ظاهر النص، فقد تكون أخطأت في فهمه، وقد يكون مؤولا، وقد يكون منسوخا، وقد يكون مخالفا لنصوص أخرى.
ولم يقل أحد إن الإجماع يقدم على النص تقديما حقيقيا؛ لأنه لا يمكن أن تتفق الأمة على مخالفة النص.
فالإجماع هو قرينة أو دلالة تصرف النص عن ظاهره، ولذلك قال الحافظ العراقي:
**************** ............................. ثم بنص الشارعِ
أو صاحبٍ أو عُرِفَ التاريخُ أو ............... أجمع تركًا بان نسخٌ ورأوا
دلالةَ الإجماع لا النسخ به ............... كالقتل في رابعة بشربه
خليلُ الفوائد
2008-01-21, 07:37 AM
وقد نلت الشهادة بامتياز - ولله الحمد والمنة - مع التوصية بنشر الدراسة
وفقك الله أخي الكريم / عبد الله الشهري .
ما موضوع الرسالة ؟
وهل بدأتَ في الدكتوراة ؟ : )
أبو مالك العوضي
2008-01-21, 08:08 AM
قال الحافظ العراقي رحمه الله:
ومن يوافق غالبا ذا الضبط .................. فضابط أو نادرا فمخطي
وعندما سئل يحيى بن معين عن كيفية معرفة أن أحاديث الراوي مستقيمة قال: عارضنا حديثك بحديث الناس فوجدناها مستقيمة.
والمتأمل لمنهج أهل الحديث وخاصة المتقدمين ( راجع مثلا علل الدارقطني ) يجد هذا المنهج واضحا جدا عندهم، وهو معارضة حديث الراوي بحديث أقرانه، فإن وافقهم في الأغلب كان هذا دليلا على أنه ثقة، وإن خالفهم في الأغلب كان هذا دليلا على أنه غير ثقة، هذا من جهة الحكم على الراوي، وأما من جهة الحكم على حديث بعينه، فكذلك ينظرون إلى رواة هذا الحديث، فحيث تفرد راو بمخالفة الباقين كان هذا دليلا على أن الخطأ منه، وحيث وافق الراوي غيره كان هذا دليلا على أنه لم يخطئ.
وهذا المنهج قد يكون مشكلا في الظاهر عند المبتدئين؛ لأن الحكم على الراوي إذا كان لا يتم إلا بمعارضة غيره، فغيره أيضا لا يتم الحكم عليه إلا بمعارضة غيره وهكذا، فيكون فيه التسلسل الممنوع، أو الدور المردود.
والحقيقة أن هذا هو المنهج الصحيح، بل لا يمكن أن يصح غيره !!
لأن هذا المنهج ينطلق من ( منهج استقرائي لإعطاء أحكام كلية )، وهذه الطريقة لا يقدح فيه تخلف بعض الأفراد والجزئيات.
أما المناهج الأخرى فهي تنطلق ( ابتداء من معلوم إلى معلوم إلى معلوم وهكذا )، وهذه الطريقة يسهل القدح فيها بقطع السلسلة أو الطعن في شيء واحد من هذه المعلومات.
فمثلا: نحن نعلم يقينا أن هذا الثقة ليس معصوما، وقد يخطئ، ونعلم أن هذا الضعيف يمكن أن يصدق، وهذان الاحتمالان وإن كانا ضعيفين إلا أنهما قد يقويان إن وجدت المخالفة في الأول والموافقة في الثاني.
أما منهج أهل الحديث في العمل على الأكثر والأغلب فهو منهج محكم متقن؛ لأن احتمال تطرق الخطأ إلى الواحد أضعف بكثير من تطرقه إلى الجماعة، وحتى إذا افترضنا أن بعض الجماعة قد أخطأ فالحكم لم يتأثر؛ لأنه حكم استقرائي إحصائي.
أما من يعتمد على حديث واحد مثلا انفرد به ( راو عن آخر عن ثالث ) فهذا الحديث قد يكون صحيحا، ولكن الاحتمالات الواردة عليه تجعل احتمال تهدمه سهلا، فعندنا الاحتمالات الآتية:
- الراوي الأول ضعيف
- الراوي الثاني ضعيف
- الراوي الثالث ضعيف
- يوجد انقطاع بين الأول والثاني
- انقطاع بين الثاني والثالث
- يوجد تدليس من الأول
- يوجد تدليس من الثاني
- الأول روى الحديث بواسطة عن الثاني
- الثاني روى الحديث بواسطة عن الثالث
- ......... إلخ
وهذه الاحتمالات مع كثرتها لا تصلح للطعن في الأحاديث الصحيحة، ولكن المقصود أنه متى وجد واحد منها فقط كفى في الطعن، وهذا يضعف الوثوق بالحكم على هذا الحديث.
أما الاعتماد على الاستقراء والفحص والإحصاء بجمع الروايات المختلفة، مع التوافق بينها، فهو يعطي الحديث قوة بعد قوة بحيث لا يتأثر بعد ذلك حتى إن وجد بعض هذه الأشياء، فإن ضعف راو فهناك غيره، وإن دلس راو فقد سمع غيره، وهكذا.
فالمقصود أن الاعتماد على حجة واحدة منقطعة عن القرائن هو اعتماد فيه ضعف مهما كانت قوة هذه الحجة، أما الاعتماد على مجموعة متوافقة من الحجج والقرائن فهو شديد القوة حتى لو كانت آحاد هذه الحجج فيها شيء من الضعف.
أبو مالك العوضي
2008-01-21, 08:11 AM
نسيت أن أذكر علاقة كلامي بالموضوع !
المقصود من إيراد الكلام السابق أن منهج الاعتماد على الأكثر والأغلب وترك الشاذ والنادر هو منهج معمول به في كل العلوم، والمشاركة السابقة مثال على ذلك من علم الحديث، فإذا كان الحكم على أهلية الراوي نفسه لا يتم إلا بالنظر إلى موافقته في الأكثر، فكيف تظن أنك ستحصل الأهلية في علم الحديث مثلا وأنت تخالف أهل الحديث في أكثر كلامهم ؟!
والمفهوم من كلامهم في هذا الباب أن الحكم يعرف اعتمادا على الأغلب، بحيث يكون الراوي موافقا لغيره في الأكثر لا في شيء بعينه، وبحيث تكون مخالفته قليلة لا في شيء بعينه.
وهذا المنهج في غاية القوة والضبط والإتقان؛ لأننا إذا حكمنا على الراوي اعتمادا على شيء بعينه كان في حكمنا نظر واضح !! لأن هذا المعين لم يُعرف حكمه بعد (أو هكذا قد يقال)، فلا يمكن التسليم به ابتداء إلا اعتمادا على الدور أو التسلسل وهو باطل.
أما الاعتماد على الأغلب والأكثر فهو أمر مسلم به؛ لأن الثقات إن أخطئوا فلا يمكن أن يخطئوا في كل شيء، والضعفاء إن أصابوا فلا يمكن أن يصيبوا في كل شيء.
عبدالله الشهري
2008-01-21, 11:53 PM
وفقك الله أخي الكريم / عبد الله الشهري .
ما موضوع الرسالة ؟
وهل بدأتَ في الدكتوراة ؟ : )
أولاً : اعتذر للشيخ أبي مالك أن خرجت عن موضوعه.
موضوع الرسالة أيها الخليل المفيـد في حقل علم اللغة النفسي [1] ، وعنوانها : بحث العلاقة بين الأسلوب البصري ، ودرجة التحفيز ، والنفس المتخيلة ، وقوة التخيّل عند متعلم اللغة الانجليزية. وأما الدكتوراه فتحت الطلب ، ولكن في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ، إذ شغلت بما هو أهم في الوقت الراهن. وفقني الله وإياك وكل طالب علم لكل علم نافع وعمل صالح. ======================
[1] لمن أراد الإطـلاع : يوجد كتب متخصصة في هذا الشأن ، منها كتاب كمدخل للعلم عنوانه (علم اللغة النفسي) ، ترجمة العبدان ، تأليف سكوفل ، وهو في مكتبة العبيكان.
عبدالله الشهري
2008-01-22, 12:00 AM
(( ...فإن كثيراً من الناس يطلبون الفصول مع إضاعة الأصول فلا يكون دركهم دركاً ، ومن أحرز الفصول اكتفى بها عن الفصول. وإن أصاب الفصل بعد إحراز الأصل فهو أفضل)).
ابن المقفع ، الأدب الكبير ، ص 65.
ويقصد بـ "الفصول" الفروع.
خليلُ الفوائد
2008-01-22, 02:23 AM
ومن أحرز الفصول اكتفى بها عن الفصول
لعلَّها : ( الأصول ) حبيبنا الفاضل ..
عبدالله الشهري
2008-01-22, 02:39 AM
..هو كما ذكرت ، مع الشكر الوافر.
أبو مالك العوضي
2008-01-22, 07:26 AM
أحسنت بهذا النقل عن ابن المقفع، وهو قول محكم مختصر، وقد ذكر معناه مفصلا العلامةُ ابن فارس في مقدمة الصاحبي.
نضال مشهود
2008-01-23, 01:06 AM
جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد القيمة . . . فما أكثرها إفادة وإرشادا ، خصوصا لأرباع الطلبة أمثالى .
ولي لكم سؤال : هل من المستحسن أن يدمن الطالب مطالعة كتبٍ لعالم واحد متضلع جدا في أحد الفنون الذي تخصص فيه الطالب ، بغية الحصول على الأهلية المنشودة في ذلك العلم - خصوصا في حالة ندرة المشايخ والمربين في بلد الطالب ؟
فمثلا ، طالب ( علم الحديث ) يدمن قراءة كتب الحافظ ابن حجر الحديثية - المصطلح والتراجم والجرح والتعديل والتصحيح والتعليل والشروح والمجاميع وغيرها - ولا يلتفت إلى غيره من كتب العلماء إلا قليلا ( وقد علم أن الحافظ جماع نقاد ، وفيه كفاية له ) . فيقرأ هذا الطالب كل ما هو المهم من كتب الحافظ رحمه الله ، ويكرر مطالعتها أكثر من مرة مع اجتهاد قوي في معرفة مقاصد الحافظ في كلماته ( مسترشدا باستشارة المؤهلين بقدر الإمكان ) . . وهكذا مرارا وتكرارا حتى يتذوق هذا الطالب أساليب الحافظ لغة وتعبيرا ، ويتعود مناهجه الاستدلالية والاستنباطية ، وعرف مشربه ومذهبه وطرائقه وحججه . . بحيث ما من مسألة حديثية يذكر ، إلا وسرعان ما تذكر هذا الطالب موضع البحث فيها في كتب الحافظ ، وعرف قبل ذلك موقف الحافظ من تلك المسألة مع دلائلها ولو إجمالا .
فهل هذا المنهج جيد وفعال وأمين لتأهيل الطلبة ؟
فقد كنت انتفعت بهذا المنهج كثيرا في علم ( العقيدة ) ، وهو بإدمان القراءة وتكرار المطالعة لكتب فرسان هذا الميدان . . شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله رحمة واسعة ، ولا كنت أكاد التفت إلى غير كتبه إلا ما لم أجد المسألة بعينها فيها . بل ما فهمت - ابتداءً - كلام الفارابي وابن سينا والأشعري والجويني والغزالي والآمدي والرازي والتفتازاني ، ولا حتى استدلالات الإمام الأوزاعي وأحمد والمكي الكناني وما يتبع هذه القائمة ( في مسائل الاعتقاد ) إلا من خلال عرض شيخ الإسلام وشروحه لها .
وأنا أبدا لا أدعى التأهيل بعد . . وأنى لي ذلك ؟! لكن الاعتذار من مجالسة المشايخ والبعد عن أفواههم يجعلني أختار هذه الطريقة ، وقد انتفعت بها وإن لم يزل يصاحبها قسط كبير من النقص والتقصير . لكن السؤال : هل هذا المنهج صحيح معتبر ؟ وهل معرفة مشرب إمام ما - بارع جدا في فن أو الفنون الكثيرة - بتفاصيله يعدّ معيارا مستقيما لمعرفة ما إذا كنا قد حصّلنا شيئا صالحا من ذلك الفنّ أم لا ؟ أرجو الإجابة مع ضرب الأمثلة من تجاربكم الشخصية أو من سيرة الأئمة الأعلام . . .
أحبكم في الله مشايخنا الكرام . . . وجزاكم الله خيرا كثيرا .
أبو مالك العوضي
2008-01-25, 04:07 AM
هذه الطريقة جيدة يا أخي الكريم، ولكنها غير مضمونة وفيه خطر، وخاصة على المبتدئين.
لماذا؟ لعدة أسباب:
- منها أن معرفة العلماء المتقنين في كل فرع من فروع العلم أمر مخصوص بأهل العلم بهذا الفن، فلا يعرف ذلك المبتدئون عادة.
- ومنها أن الآراء تختلف في الحكم على هذا العالم أو ذاك بأنه من المتقنين أو ليس من المتقنين، فالزلل في هذا الباب وارد كثيرا.
- ومنها أن العلماء المتقنين كثيرون أصلا، فقد يصعب اختيار واحد منهم دون غيره.
- ومنها أن الاقتصار على عالم واحد حتى وإن كان من المتقنين يصيب طالب العلم بضيق شديد في الأفق فلا يرى أبعد من أنفه، ويظل يدور في فلك هذا العالم، ولا يمكنه في معظم الأحيان ملاحظة أخطائه.
- ومنها أنه يصعب بل يكاد يكون محالا أن تجد عالما متقنا لكل الفنون، وهذا يقتضي أن تختار في كل فن عالما غير الفن الآخر، وهذا قد يلبس الأمر على طالب العلم باختلاف المناهج بين علم وعلم.
- ومنها أن العالم الواحد مهما كان متقنا متبحرا في هذا العلم فهو غير معصوم ولا يؤمن خطؤه، وليس معنا يقين بمقدار ما لديه من صواب ومقدار ما لديه من خطأ، فيصعب حينئذ التحقق من حصول الأهلية.
- ومنها أنك أيضا ليس معك يقين أنك عرفت مراد هذا العلم على وجهه؛ فقد يشكل عليك شيء من عبارته فتفهمها خطأ؛ لأنك قصرت نفسك عليه، ومن المعلوم أن كلام أهل العلم يفسر بعضه بعضا، فما أشكل عليك من كلام بعضهم تجده مفسرا عند الآخرين وهكذا، فلا يستغنى بكلام أحدهم عن الآخرين.
وغير ذلك من الأسباب التي تضر طالب العلم وتقدح في أهليته.
ولكن الاستفادة من العلماء المتبحرين المتقنين لها جانب آخر يُستفاد منه، ولكن هذه الاستفادة مقصورة على العلماء أو على طلبة العلم المتقدمين؛ ولذلك فإن من أهم الأشياء عند طالب العلم أن يعرف أهل العلم المتقنين فيه ليكون كلامهم عنده هو العمدة قبل غيرهم، وليرجع إليهم عند الخلاف، وكذلك فإن التدبر لكلام هؤلاء من أعظم ما يكسب طالب العلم الملكة في هذا الفن؛ لأن من دونهم ليس لديهم ما عند هؤلاء من الملكة.
الطيماوي
2008-01-25, 05:26 AM
بداية أتقدم لصاحب المقال بالشكر على هذا السؤال القيم
أقول وبالله التوفيق:
من ظن أنه قد علم فقد جهل ، وإنما يعرف المرء بأقرانه
والذي أراه مهما في هذا الباب أن يصل الطالب إلى روح العلم ،،، نعم أخي الكريم هذا هو ما ينبغي على طالب العلم أن يصل له وهو في بداياته هذا هو الهدف ، روح العلم ، ولنتحدث بتفصيل أكبر:
للوقوف على روح العلم لنتناول علم الحديث الشريف مثلا، أنظر له في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنظر له في عصرنا ، وأحدث مقارنة بين حال الناس فيه من جهة العلم ـ أي العمل بالعلم ، وهي حقيقة العلم ودليل صدقه ـ حينها ستدرك معنى روح العلم .
ستجد أن الأوائل حرصوا على إيصال هذه الروح ، وغفلنا عنها نحن .
فاليوم مثلا تجد المعاصر مشتغلا بعلوم الحديث بل منهم من حفظ كتب العلل عن ظهر غيب ، ومنهم من يحفظ الأسانيد للأحاديث عن ظهر غيب ودورات في ذلك ، وآخر في تصحيح اسم عالم ، ووو ، ولكن للآسف غابت عنهم روح هذا العلم
في جوانب:
1- تجميع الأحاديث المقبولة في مصنف واحد ـ وفق جامع المتن ـ .
2- تصنيف السنة موضوعيا ـ خاصة الموضوعات المعاصرة ـ
3- نقلها للناس في المساجد كدروس علم ـ طبعا من قبل القدوات ـ .
حينها فقط ستشعر بجمال هذا العلم وروحه ولذته ، وسيشعر الناس معك بذلك ، حينها ستقرب الناس من حبيبهم صلى الله عليه وسلم ، وسيقرب حديثه منهم .
روح العلم في علم التفسير:
تجد فلان قلب التفسير إلى لغة وآخر فقه وآخر قراءات ، وضاع روح هذا العلم وجماله في ثناياهم ، ولكن جرب أن تحيا مع الزحيلي في التفسير المنير ، أو مع الصابوني في تفسير آيات الأحكام ستبدأ الروح بالانتعاش ويعود لها شذاها، والأكمل في هذا:
1- استخلاص أروع ما كتب في كتب التفاسير من عبر وعظات وبيان ( وانظر للشعراوي عندما تستمع له في إحدى دروس التفسير كيف ستحب هذا العلم ويحبك ).
في علم الفقه:
ضعنا بين فلان وفلان ، والعالم الفلاني لو سقت الأدلة بدون فلان وفلان سينزل بك لعناته ، وأصبح الفقه فلان وفلان ، ولا يكتفى بالاسم فقط بل الاسم رباعي مع سنة الوفاة كمان ، ثم دخل على الخط أصول الفقه ، وضعنا كمان وكمان ، وهلم جرا
وروحه:
1- الوقوف على الراجح المشهور من أقوال أهل العلم .
2- معرفة دليل الراجح.
3 ـ حكمة التشريع في هذا الراجح ( وده هو زبدة الزبدة ).
أما العقيدة ، بلاش أتكلم بلاش يخرج حد ويكفرنا ، خلين ساغ سليم على الفطرة.
وحدث عن اللغة العربية وقواعدها ولا حرج ألغاز يا عم ، وبين أهل البصرة والكوفة ضاعت لحانا، وسراويلنا وعمائمنا،
وروحه : أن تحسن النطق حتى لو جهلت الحكم ، كالأعراب يحسنها ولا يعلمها
ومن أفضل طرقها كثرة القراءة على صاحب لسان صحيح، ثم استعمالها في الحياة عند مخاطبة الآخرين ، واختر من الألفاظ أسرعها وصولا لفهم الناس
خلاصة كل ما سبق : حاول تحصيل روح العلم الذي يقربك من الله ، ويقرب الله إليك.
ويقرب الناس إلى الله ، ويقرب الله إلى عباده .
سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك
أبو مالك العوضي
2008-01-25, 05:56 AM
يا عم الشيخ !!
دا أنت كده طلَّعت روح العلم ( ابتسامة )
الشعراوي والزحيلي وحسن البنا؟!
فين علماء السلف على مر العصور يا شيخنا ؟!
فريد المرادي
2008-01-26, 10:30 PM
بارك الله فيكم و نفع بكتاباتكم ...
و مما يعرف به الطالب أنه قد حصل مسألة من المسائل في علم من العلوم ؛ أن يقوم بإعادة صياغة المادة العلمية بأسلوبه الخاص ، فبقدر ما تكون عباراته سليمة و أقرب إلى لغة أهل العلم ، تكون درجة تحصيله و استيعابه ...
و بهذا الامتحان الشخصي بوسع طالب العلم أن يقيم نفسه ، و من ثم يسدد الخلل و يكمل النقص ، و الله أعلم ...
عبدالعزيز بن سعد
2008-01-30, 10:00 AM
ما أحسن ما نقله الشاطبي (ت: 750هـ) - رحمه الله - حيث يروي أحد شيوخه عن بعض العلماء قال: لا يسمى العالم عالما بعلم ما إلا بشروط أربعة:
أحدها: أن يكون قد أحاط علما بأصول ذلك العلم على الكمال.
والثاني: أن تكون له قدرة على العبارة عن ذلك العلم،
والثالث: أن يكون عارفا بما يلزم عنه،
والرابع: أن تكون له قدرة على دفع الإشكالات الواردة على ذلك العلم .
المرجع: الإفادات للشاطبي /107، عن نظرية المقاصد عند الشاطبي /116.
أبو حازم البصري
2008-01-31, 02:02 AM
أحسن الله إليكم ونفعنا بعلومكم.
الورد الزاهر
2008-02-01, 03:28 PM
جزاكم الله خير ونفع بكم
أبومروة
2008-02-07, 08:13 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخي الفاضل : أبو مالك العوضي وكل الإخـــوة الأعضاء الذين أتحفونا بأرائكم وأفكارهم النيرة , فموضوع من هذا الحجم ,جدير بالطرح والمناقشة الهادفة , ولست مغالي إذا قلت أن منتدانا هذا يمكنه احتضان دورات مفتوحة لمثل هذه الأطروحات العلمية - على هذا النمط - أسأل الله لكم التوفيق والسداد .
سيكون لنا نصيب في الموضوع بعد قراءة المشاركات المتبقية .
جزاكم الله خيرا
محمد يحيى البهجاتي
2008-04-02, 08:44 PM
السلام عليكم
الفاضل أبو مالك العوضي
كما قال علي بن المديني: إذا رأيت طالب الحديث أول ما يكتب يجمع حديث الغسل وحديث (من كذب) فاكتب على قفاه " لا يفلح " .
اشرح العبارة........
لماذا جمع بين حديث الغسل وحديث( من كذب) في الكلام وما العيب في ذلك
وجزاكم الله خيراً
أبو مالك العوضي
2008-04-02, 09:47 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا الكلام الذي قاله الإمام ابن المديني بناه على خبرته فيما رأى من طلبة العلم.
وإنما ضرب المثل بهذين الحديثين لكثرة طرقهما.
فالمقصود أنهم يشتغلون بالفروع قبل الأصول، وبجمع النوادر قبل إتقان الأساس.
ومن المعلوم أن كثيرا من كبار أهل العلم لا يعرفون جميع طرق هذين الحديثين؛ لأنهما حديثان صحيحان فيكفي فيهما معرفة بعض الطرق الصحيحة، فالاشتغال بجمع عشرات الطرق لمثل هذين الحديثين تكثر بلا فائدة، اللهم إلا لعالم متبحر قد أتقن الأصول.
وأقرب لك هذا الأمر بمثال من واقعنا هذا :
فإذا رأيت طالب العلم أول ما يبدأ يترك ما يجب عليه معرفته من فرض عينه، ويشتغل بالشذوذ وزيادة الثقة!!
ويضيع أسابيع في حديث تحريك الإصبع، وفيمن قال إنه زيادة ثقة، ومن قال إنه شاذ .... إلخ إلخ
هذا وهو لا يعرف ألف باء الفقه، ولا يعرف نواقض الوضوء وأركان الصلاة وموجبات الغسل !
فإذا رأيت مثل هذا فاعلم أنه لا يفلح إلا أن يتغمده الله برحمة.
أبو مالك العوضي
2008-08-02, 08:14 AM
قال العلامة أبو القاسم الآمدي في كتابه النفيس (الموازنة بين أبي تمام والبحتري):
(( وبعد؛ فإني أدلك على ما ينتهي بك إلى البصيرة والعلم بأمر نفسك في معرفتك بأمر هذه الصناعة أو الجهل بها، وهو أن تنظر ما أجمع عليه الأئمة في علم الشعر من تفضيل بعض الشعراء على بعض، فإن عرفت علة ذلك فقد علمت، وإن لم تعرفها فقد جهلت، وذلك بأن تتأمل شعري أوس بن حجر والنابغة الجعدي؛ فتنظر من أين فضلوا أوساً، وتنظر في شعري بشر بن أبي خازم وتميم ابن أبي بن مقبل، فتنظر من أين فضلوا بشرا. وأخبرني بعض الشيوخ عن أبي العباس ثعلب عن ابن الأعرابي عن المفضل أن سائلا سأله عن الراعي وذى الرمة أيهما أشعر، فصاح عليه صيحة منكرة: أي لا يقاس ذو الرمة بالراعي، وكذلك غير المفضل لا يقيسه به ولا يقارب بينهما، فتأمل أيضاً شعري هذين فانظر من أين وقع التفضيل؛ فهذا الباب أقرب الأشياء لك إلى أن تعلم حالك في العلم بالشعر ونقده. فإن علمت من ذلك ما علموه، ولاح لك الطريق التي بها قدموا من قدموه وأخروا من أخروه؛ فثق حينئذ بنفسك، واحكم يستمع حكمك وإن لم ينته بك التأمل إلى علم ذلك فاعلم أنك بمعزل عن الصناعة )).
أبو جهاد الأثري
2008-08-02, 08:09 PM
يا شيخ أبا مالك ... لا حرمنا الله تعالى هذه الفيوضات الحانية و المواضيع التي منها نتعلم و نستفيد وفوق كل ذلك تفتح لنا أبواب مسائل للتفكر.
يا أخي جزاك الله تعالى خيرا و زادك علما بفضله و كرمه.
وتالله ما أحوجنا إلى مثل هذا ... وما أكثر عناء الأمة من التصدر قبل التأهل ... و التزبب قبل التحصرم .. وتتبع شواذ العلم و غرائب المسائل قبل تحصيل الأصول ..إنه للغبن عينه نسأل الله السلامة و العافية.
وكم من متسور على أهل العلم محاريبهم تربع القرفصاء وسرد المسائل التي يخالف فيها الجمهور و لسان حاله يقول : لا علم إلا ههنا ..
بل كنت نصحت يوما أحد إخواننا ممن رأيت فيه شغفا لتجميع المسائل التي فيها خلاف المشهور - غفر الله لنا و له - ...
فكان قوله : لا ينبل الرجل و يكون من المحققين حتى لا يتقيد في المسائل بأقوال (الناس ) !!!
نعوذ بالله تعالى من علم لا ينفع و نسأل الله العظيم أن يعلمنا ما ينفعنا و ينفعنا بما علمنا ..
وأسأل الله تعالى أن يثيبك خيرا و يجعل ما زبرت يراعك في ميزان حسناتك يوم القيامة يا شيخ أبا مالك.
ودمت بحفظ الله نافعا مسددا أخانا الفاضل الحبيب
نضال مشهود
2008-09-22, 02:54 AM
هذه الطريقة جيدة يا أخي الكريم ..... الاستفادة من العلماء المتبحرين المتقنين لها جانب آخر يُستفاد منه، ..... ولذلك فإن من أهم الأشياء عند طالب العلم أن يعرف أهل العلم المتقنين فيه ليكون كلامهم عنده هو العمدة قبل غيرهم، وليرجع إليهم عند الخلاف، وكذلك فإن التدبر لكلام هؤلاء من أعظم ما يكسب طالب العلم الملكة في هذا الفن؛ لأن من دونهم ليس لديهم ما عند هؤلاء من الملكة.
جميل جدا يا شيخنا ! (ابتسامة)
فلنجربه . . !
أبو مالك العوضي
2008-10-11, 07:01 AM
قال الشافعي رحمه الله في الرسالة:
(( وهكذا لسان العرب عند خاصتها وعامتها، لا يذهب منه شيء عليها، ولا يطلب عند غيرها، ولا يعلمه إلا من قبله عنها، ولا يشركها فيه إلا من اتبعها في تعلمه منها، ومن قبله منها فهو من أهل لسانها، وإنما صار غيرهم من غير أهله بتركه، فإذا صار إليه صار من أهله )).
نقله الشاطبي في الاعتصام ثم أتبعه بقوله:
(( هذا ما قال، ولا يخالف فيه أحد، فإذا كان الأمر على هذا؛ لزم كل من أراد أن ينظر في الكتاب والسنة أن يتعلم الكلام الذي به أديت، وأن لا يحسن ظنه بنفسه قبل الشهادة له من أهل علم العربية بأنه ممن يستحق النظر، وأن لا يستقل بنفسه في المسائل المشكلة التي لم يحط بها علمه دون أن يسأل عنها من هو من أهلها، فإذا ثبت على هذه الوصاة، كان -إن شاء الله- موافقا لما كان عليه رسول الله وأصحابه الكرام )).
ابن رجب
2009-09-04, 02:13 PM
أما إذا كنت من أول ابتدائك لطلب العلم تدخل في المسائل الخلافية، وترجح وتضعف وتقوي، وتطعن وترد (!!) فاعلم أنك بعيد كل البعد عن تحصيل العلم؛ كما قال علي بن المديني: إذا رأيت طالب الحديث أول ما يكتب يجمع حديث الغسل وحديث (من كذب) فاكتب على قفاه " لا يفلح " .
شكر الله لكم طرحكم .
اود ان استفصل هل ثبت عن ابن المديني هذا الكلام .
واعتذر لو خرجت عن مسار الموضوع .
أبو مالك العوضي
2009-09-04, 02:37 PM
وفقك الله وسدد خطاك
رواه الخطيب البغدادي في الجامع (رقم 1986)، وانظر مقدمة ابن الصلاح النوع الثامن والعشرين.
سارة بنت محمد
2010-03-01, 03:12 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أبحث فوقعت على هذا المقال الرائع
جزاكم الله خيرا ولنا سؤال نرجو به الفائدة لنا وللقارئ وتعذرونا على الجهل
إذا تحدثنا عن علم الفقه مثلا هل يمكنكم أن تدلونا على مظان المسائل المشتهرة التي فيها اجماع وطريقة القوم في الاستدلال بحيث أن الطالب إذا أراد أن يختبر أهليته ينظر في عنوان الفصل مثلا ويبدأ في تحرير المسألة وطريقة الاستدلال ثم يفتح الكتاب وينظر هل وافق طريقة القوم أم لا .
هل هناك كتاب يفي بهذا الغرض أم أن المسائل قد تفرقت في بطون الكتب؟
أم متاب
2010-03-01, 04:07 PM
السلام عليكم دائما كانت توسوس الي نفسي باننا اذا اوتينا اعظم العلم القرآن والسنة النبوية لماذا لانجتهد نحن ايضا مثل العلماء ونخرج احكاما فهم بشر مثلنا واوتينا العقل فهم سخروه ونحن نستطيع ان نسخره مثلهم ولكني والحمدلله تذكرت قوله تعالي (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 247] وبعد ان قرأت كلامك هذا تيقنت اكثر ونارت بصيرتي فلله الحمد من قبل ومن بعد واسال الله ان يغفر لك.
أبو الهمام البرقاوي
2010-11-27, 04:34 PM
للنفع.
أبو البنات
2011-12-11, 06:11 AM
أرجو إكمال الموضوع..
الباحث النحوي
2011-12-13, 03:12 PM
جزاكم الله خيرا على الموضوع الفريد والمشاركات النافعة والنقول الباهرة المنتخبة، لكن هل يفهم فاهم من هذا أن قصارى ما على طالب العلم (ثم العالم) أن يصل إلى ما وصل إليه الأوائل، فليس ثمة جديد سيقدمه وإلا عُد شذوذا؟ أظن أن المقصود ليس هذا، ولكن المقصود أن العلم جزءان كليات وجزئيات أو أصول وفروع، فيُستدل بكثرة الموافقة في الأصول والفروع على أن طالب العلم قد وصل إلى الملكة المؤهلة لأن ينظر كما نظر الأوئل، فما أتى به من جديد فإن كان على أصول من سبقوا فهو على الدرب وليس جديده بشاذ، أرجو الإفادة.
طويلبة شنقيطية
2011-12-14, 03:59 PM
أما إذا كنت من أول ابتدائك لطلب العلم تدخل في المسائل الخلافية، وترجح وتضعف وتقوي، وتطعن وترد (!!) فاعلم أنك بعيد كل البعد عن تحصيل العلم؛ كما قال علي بن المديني: إذا رأيت طالب الحديث أول ما يكتب يجمع حديث الغسل وحديث (من كذب) فاكتب على قفاه " لا يفلح " .
أحسنت يا شيخنا الفاضل
فقد أشرت إلى شيء مهم جدا من أدوات التحصيل قد يغفل عنها طلبة العلم.
وهو أن الطالب قد يعرف أنه قد تأهل، ولكنه لا ينبغي أن يحكم على نفسه، وإنما يحكم له شيوخه، كما هو معهود ومعروف عند السلف؛ قال مالك: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون من أهل المدينة.
فالطالب يحكم عليه شيوخه بأنه قد تأهل، وشيخه أيضا يكون محكوما عليه بالأهلية من قبل شيوخه، وشيوخه من قبل شيوخهم، وهكذا حتى نصل إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه السلسلة هي التي تحفظ على الناس دينهم، وتحفظ على أهل العلم علمهم، فلا يدخل فيه من ليس من أهله، ولا يتطاول عليهم من لا يدانيهم.
وعندي أدوات وآليات أخرى لطلبة العلم يعرفون بها أنهم قد حصلوا العلم، سأوافيكم بها قريبا إن شاء الله ...
ما أحسن ما نقله الشاطبي (ت: 750هـ) - رحمه الله - حيث يروي أحد شيوخه عن بعض العلماء قال: لا يسمى العالم عالما بعلم ما إلا بشروط أربعة:
أحدها: أن يكون قد أحاط علما بأصول ذلك العلم على الكمال.
والثاني: أن تكون له قدرة على العبارة عن ذلك العلم،
والثالث: أن يكون عارفا بما يلزم عنه،
والرابع: أن تكون له قدرة على دفع الإشكالات الواردة على ذلك العلم .
المرجع: الإفادات للشاطبي /107، عن نظرية المقاصد عند الشاطبي /116.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا الكلام الذي قاله الإمام ابن المديني بناه على خبرته فيما رأى من طلبة العلم.
وإنما ضرب المثل بهذين الحديثين لكثرة طرقهما.
فالمقصود أنهم يشتغلون بالفروع قبل الأصول، وبجمع النوادر قبل إتقان الأساس.
ومن المعلوم أن كثيرا من كبار أهل العلم لا يعرفون جميع طرق هذين الحديثين؛ لأنهما حديثان صحيحان فيكفي فيهما معرفة بعض الطرق الصحيحة، فالاشتغال بجمع عشرات الطرق لمثل هذين الحديثين تكثر بلا فائدة، اللهم إلا لعالم متبحر قد أتقن الأصول.
وأقرب لك هذا الأمر بمثال من واقعنا هذا :
فإذا رأيت طالب العلم أول ما يبدأ يترك ما يجب عليه معرفته من فرض عينه، ويشتغل بالشذوذ وزيادة الثقة!!
ويضيع أسابيع في حديث تحريك الإصبع، وفيمن قال إنه زيادة ثقة، ومن قال إنه شاذ .... إلخ إلخ
هذا وهو لا يعرف ألف باء الفقه، ولا يعرف نواقض الوضوء وأركان الصلاة وموجبات الغسل !
فإذا رأيت مثل هذا فاعلم أنه لا يفلح إلا أن يتغمده الله برحمة.
أحسن الله إليكم فقد وجدتُ ما كنتُ أصبو إليه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كنت أبحث فوقعت على هذا المقال الرائع
جزاكم الله خيرا ولنا سؤال نرجو به الفائدة لنا وللقارئ وتعذرونا على الجهل
إذا تحدثنا عن علم الفقه مثلا هل يمكنكم أن تدلونا على مظان المسائل المشتهرة التي فيها اجماع وطريقة القوم في الاستدلال بحيث أن الطالب إذا أراد أن يختبر أهليته ينظر في عنوان الفصل مثلا ويبدأ في تحرير المسألة وطريقة الاستدلال ثم يفتح الكتاب وينظر هل وافق طريقة القوم أم لا .
هل هناك كتاب يفي بهذا الغرض أم أن المسائل قد تفرقت في بطون الكتب؟
؟
عبد الله عمر المصري
2014-05-24, 10:11 PM
جزاك الله خيراً
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.