مشاهدة النسخة كاملة : فوائد منتقاة من كتب الأدب
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:12 PM
خرج الحجاج يوماً إلى ظاهر الكوفة منفردا، فرأى رجلاً أعرابياً فقال له: ما تقول في أميركم؟ قال: الحجاج؟ قال: نعم. قال الأعرابي: عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين! فقال الحجاج: أتعرفني؟ قال: لا. قال: أنا الحجاج. فقال الأعرابي: وأنت، أتعرفني؟ قال: لا. قال: أنا مولى بني عامر، أُجَنُّ في كل شهر ثلاثة أيام، وهذا اليوم هو أَشَدُّها! فضحك الحجاج من قوله وتركه.
من كتاب "سرح العيون" لابن نُباتة.
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:13 PM
روي أن رجلا قال لبعض الحكماء أوصني قال ازهد في الدنيا ولا تنازع فيها أهلها وانصح لله تعالى كنصح الكلب لأهله فإنهم يجيعونه ويضربونه ويأبى إلا أن يحوطهم نصحا.
- من كتاب فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب -
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:14 PM
كان بمصر مغنيّة تُدعَى عجيبة، قد أولع بها الملك الكامل محمد، فكانت تحضر إليه ليلاً وتغنّيه على الدّفّ في مجلس بحضرة ابن شيخ الشيوخ وغيره. ثم اتّفقت قضية عند القاضي ابن عين الدولة، وأراد الملك الكامل أن يشهد فيها فقال له ابن عين الدولة: السلطان يأمر ولا يشهد. فأعاد الكامل عليه القول فأبى. فلما زاد الأمر وفهم السلطان أنه لا يقبل شهادته قال: أريد أن أشهد. تقبلني أم لا؟ فقال القاضي: لا، ما أقبلك! وعجيبة تطلع إليك بآلات الطرب كل ليلة، وتنزل ثاني يوم وهي تتمايل سَكْرى على أيدي الجواري، وينزل ابن الشيخ من عندك!؟ فقال له الملك الكامل: يا كيواج! (وهي كلمة شتم بالفارسية). فقال القاضي: ما في الشرع يا كيواج! اشهدوا عليّ أني قد عزلت نفسي. ونهض فقام ابن الشيخ إلى الملك الكامل فقال: المصلحة إعادته لئلا يقال: لأي شيء عزل القاضي نفسه؟ وتطير الأخبار إلى بغداد، ويشيع أمر عجيبة. فنهض إلى القاضي، وترضّاه، وعاد إلى القضاء.
من كتاب "حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة" للسيوطي.
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:14 PM
صاحب الذكاء المفرط جوابه مسكت
يشارك العلماء من غير اشتغال ولا يتكلم بمحال على كل حال
تخيله صحيح وتكلمه مليح فصيح لا يحتاج إلى المنطق ولا إلى الألفية
وتلك المعالم من نفسه سجية
يرتب الألغاز والأحجيات ولا يحتاج إلى العروض في تلك الأبيات
يصنف مثاتيل وخزعبلات رجل دهقان صاحب ذكاء ملسان
يصنف مثل الألفية وله في تلك العلوم غية
يهندس ويرتب ويفصل ويديون ويحصل
صاحب حساب وديونة وفراسة وعنونة
يركب أطعمة وشرابات ومعاجين وعلوكات
يعرف الطب والجراح وأياديه في كل صنعة ملاح.
صفة صاحب الذوق السليم للإمام السيوطي
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:15 PM
حدّث بعض جلساء عبد الملك بن عبد العزيز الماجَشُون، قال: خرجتُ إلى بستان لي بالغابة. فلما دخلتُ في الصحراء وبعدت عن البيوت، تعرّض لي رجل فقال: اخلع ثيابك! فقلت: وما يدعوني إلى خَلْع ثيابي؟ قال: أنا أَوْلى بها منك. قلت: ومن أين؟ قال: لأني أخوك وأنا عُريان وأنت مكسوّ. قلت: فأعطيك بعضها. قال: كلاّ، قد لبستها كلها وأنا أريد أن ألبسها كما لبستها. قلت: فتعرّيني وتُبدي عورتي؟ قال: لا بأس بذلك، فقد رُوينا عن الإمام مالك أنه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عُريانًا. قلت: فيلقاني الناس فيرون عورتي؟ قال: لو كان الناسُ يَرونك في هذه الطريق ما عرضتُ لك فيها. قلت: أراك ظريفًا، فدعني حتى أمضي إلى بستاني وأنزع هذه الثياب فأوجِّه بها إليك. قال: كلا، أردتَ أن توجِّه إليّ أربعة من عبيدك فيحملوني إلى السلطان فيحبسني ويمزّق جلدي. قلت: كلا. أحلف لك أيمانًا أني أَفِي لك بما وعدتُك ولا أسوءُك. قال: كلا، فقد روينا عن الإمام مالك أنه قال: لا تلزمُ الأيمان التي يُحْلَفُ بها لِلّصوص. قلت: فأحلف أني لا أختل في أَيماني هذه. قال: هذه يمين مُرَكَّبة على أيمان اللصوص. قلت: فدع المناظرة بيننا فوالله لأوجّهن إليك هذه الثياب طيّبة بها نفسي. فأطرق ثم رفع رأسه وقال: تدري فيم فكرتُ؟ قلت: لا. قال: تصفّحتُ أمرَ اللصوص من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا فلم أجد لصًا أخذ نسيئة. وأنا أكره أن أبتدع في الإسلام بدعة يكون عليّ وِزْرُها ووِزْرُ مَنْ عَمِلَ بها بعدي إلى يوم القيامة. اخلع ثيابك! فخلعتُها ودفعتُها إليه، فأخذها وانصرف.
من كتاب "أخبار الأذكياء" لابن الجوزي
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:15 PM
زعموا أن أسداً وذئبـاً وثعلبـاً. خرجوا معـاً يتصيـّدون، فصادوا حماراً وظبيـاً وأرنبـاً. فقال الأسد للذئب: اقسم بيننا صيدنا. قال الذئب: الأمر سهل؛ الحمار لك، والأرنب للثعلب، والظبي لي. فخبطه الأسد فأطار رأسه. ثم أقبل على الثعلب وقال: قاتله الله، ما أجهله بالقسمة. هات أنت. قال الثعلب: الأمر سهل؛ الحمار لغدائك، والظبي لعشائك، والأرنب تتخلـّل به فيما بين ذلك. قال الأسد: ويحك! ما أقضاك!(يعني : ما أعلمك بالقضاء !) من علـّمك هذه القضية؟ قال: رأس الذئب الطائرة!
من كتاب "محاضرات الأدباء" للراغب الإصبهاني
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:16 PM
جاء أبو العِبَر يعود صديقًا له وهو على فراش الموت، فإذا بامرأته تلطم وتصيح: من لي بعدَك يا سيدي؟! وكانت شابة جميلة. فغمزها أبو العبر وأومأ إليها: أنا لكِ بعده! فلما مات الرجل وانقضَتْ عِدَّتُها، تزوّجها أبو العبر، فأقامت عنده حينا ثم حضرتْ أبا العبر الوفاة. وجاء أصحابه يعودونه، فإذا بالمرأة تصيح: من لي بعدَك يا سيدي؟! ففتح أبو العبر عينيه وقال: لا يغمزها إلا مَنْ تكون أُمُّه ............!
من كتاب "جمع الجواهر في المُلَح والنوادر" للحُصري
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:17 PM
من اللطائف أن هناك من أفرد فوائد العصا بمؤلف ، وقد عدوا من ذلك قول بعض العرب :"عصاي أركزها لصلاتي، وأعدها لعداتي، وأسوق بها دابتي، وأقوى بها على سفري، وأعتمد بها في مشيتي ليتسع خطوي، وأثب بها النهر، وتؤمنني العثر، وألقي عليها كسائي فتقيني الحر، وتدفيني من القر، وتدني إلي ما بعد مني، وهي تحمل سفرتي وعلاقة إداوتي، أستعصي بها عند الضراب، وأقرع بها الأبواب، وأقي بها عقور الكلاب، وتنوب عن الرمح في الطعان، وعن السيف عند منازلة الأقران، ورثتها عن أبي وأورثها بعدي بني" انظر فتح القدير 3/507.
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:18 PM
قال الجاحظ في "التبصرة بالتجارة" (1/37) :
"وفراسه الرجل السوء أَن يكون منقبضاً غير منشرح، وَأَن يرى لَونه إِلَى الصُّفْرَة والكمود ، من غير مرض ، وَأَن يكون طائش الْقلب، وَأَن يكون للدعابة والمزاح كَارِهًا لَهُ عائباً ، وَأَن ترَاهُ غليظ اللَّفْظ عِنْد المحاورة.
وَمن فراسة الرجل الصَّالح أَن ترَاهُ سهلا طلقاً ذَا منظر بهى وَكَلَام شهى، سبط الجبين غير منقبض وَلَا نزق علق قلق، وَغير كَارِه للدعابة والمزاح، يذكر من يذكر بِخَير لين المحاورة متواضعاً " .
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:19 PM
روي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كنا عند أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فمرت به امرأة تحمل شيخا على عنقها. فقال لها: من الشيخ منك؟ فقالت: أبي. قال: كم يعد؟ قالت: سمعته قبل أن يكون على هذه الحال وقد سئل عن سنه، فقال: نيف وثلاثون ومائة سنة؛ فقيل له: من أدركت؟ قال: أدركت أحسن الناس وجها، وأسخاهم كفا، وأتمهم طولا، وأكرمهم كرما، وأشرفهم شرفا، أب نضلة هاشم بن عبد مناف. فقال لها عمر: لو رعيته في منزلك كان أودع له. فقالت: يا أمير المؤمنين، إنه قد حدث به حدث من خلق الصبيان، إذا جاع بكى؛ وقد أدر الله له ثديي فأنا أرضعه.
فقال لأصحابه: أجازته؟ قالوا: نعم، فقالت: لا والله ما جازيته يا أمير المؤمنين. فقال لها: ولم؟ فقالت: لأني قد كنت في مثل حاله يتمنى بقائي، وأنا اليوم أتمنى موته. قال: فبكى عمر وبكينا معه، وأمر فزاد في عطائها وعطائه. ثم قال لأصحابه: أيما أبر: الوالد بالمولود أم المولود بالوالد؟ فقالوا: إن البر يزيد وينقص. قال: فإذا استويا في البر؟ قالوا: الوالد أبر. فقال: بل الولد أبر لأن بر الوالد طبيعة لا يملك غيرها، وبر الولد تكلف.
وهذا معلوم محقق. ومما يقارب معناه قول الشاعر: من الطويل:
يقر بعيني وهو ينقص مدتي ... مرور الليالي كي يشب حكيم
مخافة أن يغتالني الموت قبله ... فينشو مع الصبيان وهو يتيم
وكتب إبراهيم بن داجة إلى أبيه: جعلني الله فداك. فكتب إليه: لا تكتب مثل هذا، فأنت على يومي أصبر مني على يومك.
ضرب رجل وطولب بمال فلم يسمح به، فأخذ ابنه وضرب. فجزع، فقيل له في ذلك، فقال: ضرب جلدي فصبرت وضرب كبدي فلم أصبر.
- التذكرة الحمدونية -
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:19 PM
قال شبيب بن شبة : إنا لوقوفٌ في عرصة المربد - وهو موقف الأشراف ومجتمع الناس وقد حضر أعيان المصر - إذ طلع ابن المقفع ، فما فينا أحد إلا هش له ، وارتاح إلى مساءلته ، وسررنا بطلعته ؛ فقال : ما يقفكم على متون دوابكم في هذا الموضع ؟ فوالله لو بعث الخليفة إلى أهل الأرض يبتغي مثلكم ما أصاب أحداً سواكم ، فهل لكم في دار ابن برثن في ظلٍ ممدود ، وواقيةٍ من الشمس ، واستقبال من الشمال ، وترويحٍ للدواب والغلمان ، ونتمهد الأرض فإنها خير بساط وأوطؤه ، ويسمع بعضنا من بعض فهو أمد للمجلس ، وأدر للحديث . فسارعنا إلى ذلك ، ونزلنا عن دوابنا في دار ابن برثن نتنسم الشمال ، إذ أقبل علينا ابن المقفع ، فقال : أي الأمم أعقل ؟ فظننا أنه يريد الفرس ، فقلنا : فارس أعقل الأمم ، نقصد مقاربته ، ونتوخى مصانعته . فقال : كلا ، ليس ذلك لها ولا فيها ، هم قوم علموا فتعلموا ، ومثل لهم فامتثلوا واقتدوا وبدئوا بأمر فصاروا إلى اتباعه ، ليس لهم استنباط ولا استخراج . فقلنا له : الروم . فقال : ليس ذلك عندها ، بل لهم أبدانٌ وثيقة وهم أصحاب بناء وهندسة ، لا يعرفون سواهما ، ولا يحسنون غيرهما . قلنا : فالصين . قال : أصحاب أثاثٍ وصنعة ، لا فكر لها ولا روية . قلنا : فالترك . قال : سباع للهراش . قلنا : فالهند . قال : أصحاب وهم ومخرقة وشعبذة وحيلة . قلنا : فالزنج : قال : بهائم هاملة . فرددنا الأمر إليه . قال : العرب . فتلاحظنا وهمس بعضنا إلى بعض ، فغاظه ذلك منا ، وامتقع لونه ، ثم قال : كأنكم تظنون في مقاربتكم ،فوالله لوددت أن الأمر ليس لكم ولا فيكم ولكن كرهت إن فاتني الأمر أن يفوتني الصواب ، ولكن لا أدعكم حتى أبين لكم لم قلت ذلك ، لأخرج من ظنة المداراة ، وتوهم المصانعة ؛ إن العرب ليس لها أولٌ تؤمه ولا كتابٌ يدلها ، أهل بلد قفر ، ووحشةٍ من الإنس ، احتاج كل واحد منهم في وحدته إلى فكره ونظره وعقله ؛ وعلموا أن معاشهم من نبات الأرض فوسموا كل شيء بسمته ، ونسبوه إلى جنسه وعرفوا مصلحة ذلك في رطبه ويابسه ، وأوقاته وأزمنته ، وما يصلح منه في الشاة والبعير ؛ ثم نظروا إلى الزمان واختلافه فجعلوه ربيعياً وصيفياً ، وقيظياً وشتوياً ؛ ثم علموا أن شربهم من السماء ، فوضعوا لذلك الأنواء ؛ وعرفوا تغير الزمان فجعلوا له منازله من السنة ؛ واحتاجوا إلى الانتشار في الأرض ، فجعلوا نجوم السماء أدلةً على أطراف الأرض وأقطارها ، فسلكوا بها البلاد ؛ وجعلوا بينهم شيئاً ينتهون به عن المنكر ، ويرغبهم في الجميل ، ويتجنون به على الدناءة ويحضهم على المكارم ؛ حتى إن الرجل منهم وهو في فجٍ من الأرض يصف المكارم فما يبقى من نعتها شيئاً ، ويسرف في ذم المساوىء فلا يقصر ؛ ليس لهم كلام إلا وهم يحاضون به على اصطناع المعروف ثم حفظ الجار وبذل المال وابتناء المحامد ، كل واحد منهم يصيب ذلك بعقله ، ويستخرجه بفطنته وفكرته فلا يتعلمون ولا يتأدبون ، بل نحائز مؤدبة ، وعقولٌ عارفة ؛ فلذلك قلت لكم : إنهم أعقل الأمم ، لصحة الفطرة واعتدال البنية وصواب الفكر وذكاء الفهم .
من كتاب الإمتاع و المؤانسة لأبي حيان التوحيدي
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:21 PM
تسمية العرب أبناءها بالشَّنيع من الأسماء
- هي من سنن العرب، إذ تُسَمَّى أبناءها بِحَجَر، وكلب، ونَمِر، وذئب، وأسد، وما أشبهها، وكان بعضهم إذا وُلدَ لأحدهم ولد سمَّاه بما يراه ويسمعه، مما يتفاءل به، فإن رأى حجرا أو سمعه، تأوَّل فيه الشدَّة والصَّلابة، والصَّبر والبقاء، وإن رأى كلبا تأوَّل فيه الحراسة والألفة وبُعْدَ الصوت، وإن رأى نَمِرا تأوَّل فيه المَنَعة والقِّيَه والشكاسة، وإن رأى ذئباً تأوَّل فيه المهابة والقُدْرَةَ والحِشْمةَ.
وقال بعضُ الشُّعوبيَّة لإبن الكلبي: لِمَ سَمَّت العرب أبناءها بكلب وأوس وأسد وما شاكلها: وسمَّت عبيدها بيُسر وسَعد ويُمن؟ فقال وأحسن: لأنها سَمت أبناءها لأعدائها، وسمت عبيدها لأنفسها.
من كتاب (فقه اللغة) للثعالبي
قيل لأبي الرقيش الكلابي الأعرابي: لم تسمون أبناءكم بشر الأسماء، نحو: كلب وذئب، وعبيدكم بأحسن الأسماء، نحو: مرزوق ورباح ؟
فقال: إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا، وعبيدنا لأنفسنا .
يريد أن الأبناء عدة الأعداء وسهام في نحورهم فاختاروا لهم هذه الأسماء .اهـ
من الروض الأنف للسهيلي 1/49
قال ابن دريد: « واعلم أن للعرب مذاهبَ في تسمية أبنائها، فمنها ما سمَّوه تفاؤلاً على أعدائهم؛ نحو: غالب، وغَلاّب ..... ومنها ما تفاءلوا به للأبناء؛ نحو: نائل، ووائل، وناجٍ، ومُدرِك .... ومنها ما سمِّي بالسِّباع ترهيبًا لأعدائهم؛ نحو: أسد، وليث، وفراس، وذئب ...... ومنها ما سمِّي بما غلُظ وخشُن من الشجر تفاؤلاً أيضًا؛ نحو: طلحة، وسَمُرة، وسلمة، وقتادة ...... ومنها ما سمي بما غُلظ من الأرض وخشُن لمسُه وموطِئُه؛ مثل حَجَر وحُجَير، وصَخْر، وفِهر ..... ومنها أن الرجل كان يخرج من منزله وامرأته تمخض فيسمِّي ابنه بأوَّل ما يلقاه من ذلك؛ نحو: ثعلب وثعلبة، وضب وضبة، وخُزَز، وضُبَيعة، وكلبٍ وكليب، وحمار وقرد وخنزير، وجحش، وكذلك أيضًا تُسمِّى بأول ما يَسنَح أو يبرح لها من الطَّير نحو: غُرابٍ وصُرَد، وما أشبَهَ ذلك » .
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:22 PM
قصة ابن ثوابة مع الهندسة
حدثنا أبو بكر الصَّيمريُّ قال: حدثنا ابن سمكة قال: حدثنا ابن مُحارب قال: سمعتُ أحمد بن الطيّب يقول: إن صديقاً لابن ثوابة الكاتب أبي العباس يُكنّى أبا عبيدة قال له ذات يوم: إنك رجلٌ - بحمد الله ومنّه - ذو أدب وفَصاحة وبراعة وبلاغة؛ فلو أكملت فضائلك بأن تُضيف إليها معرفة البُرهان القياسيّ، وعلم الأشكال الهندسية الدّالة على حقائق الأشياء، وقرأتَ كتاب " أُقليدس " وتدبّرته؟ فقال له ابن ثوابة: وما " أُقلِيدس " ؟ قال له: رجل من علماء الروم يُسمى بهذا الاسم، وضع كتاباً فيه أشكال كثيرة مختلفة تدل على حقائق الأشياء المعلومة والمغيّبة، يَشحَذ الذهن ويدقّق الفهم، ويُلطّف المعرفة، ويصفّي الحاسّة، ويثبت الرَّوية؛ ومنه انفتح الخط وعُرفت مقادير حروف المعجم.
فقال له أبو العباس ابن ثوابة: وكيف ذاك؟ قال: لا تعلم هو حتى تشاهد الأشكال وتُعاين البرهان.
قال له: فافعل ما بَدَا لك. فأتاه برجل يقال له قُويري مشهور مقدّم، ولم يعد إليه بعد ذلك.
قال أحمد بن الطيّب: فاستطرفت ذلك وعجِبتُ منه، وسألت المُخبر عن انصراف قُويري أي شيء كان سببه؟ فأجابني بأن لا أعلم، فكتبت إلى ابن ثوابة رقعة نُسْخَتها: بسم الله الرحمن الرحيم.
اتّصل بي - جعلني الله فِداك - أن رجلاً من إخوانك أشار عليك بتكميل فضائلك وتقويتها بمعرفة شيءٍ من القياس البُرهاني، وطمأنينتك إليه، وأنك أصغيت إلى قوله وأذنتَ له، وأنه أحضرك رجلاً كان غايةً في سوء الأدب، معْدِناً من معادن الكُفْر، وإماماً من أئمة الشّرك؛ لاستفزازك واستغوائك، يُخادعك في عقلك الرَّصين، ويُنازلك في ثقافة فهمك المتين، فأبى الله العزيز إلاّ جميل عوائده الحسنة قِبَلك، ومِننه السَّوابق لدي، وفضله الدائم عندك، بأن أتى على قواعد بُرهانه من ذروته، وحطّ عوالي أركانه من أقصى معاقد أُسِّه، فأحببتُ استعلام ذلك على كنهه من جهتك، ليكون شُكري لك على ما كان منك حسب لومي لصاحبك على ما كان منه، ولأَتَلافَى الفارط في ذلك بتدبّر أُسُسِه إن شاء الله.
قال: فأجابني ابن ثوابة برُقعة نُسختُها: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلت رُقعتك - أعزّك الله - وفهمتُ فحواها، وتدبّرتُ مُضمَّنها، والخبرُ كما اتّصل بك، والأمر كما بلغك. وقد لخصته وبيَّنته حتى كأنك معنا وشاهِدُنا.
فأول ما أقول: الحمد لله وليّ النِّعم، والمتوحِّد بالقسم، إليه يُردّ علمُ السّاعة وإليه المصير؛ وإياه أسأل إيزاعَ الشكر على ذلك وعلى ما منَحنا من وُدّك وإتمامه بيننا بمنّه.
ومما أحببتُ إعلامك وتعريفكه مما تأدّى إليك، أن أبا عُبيدة - عليه لعنةُ الله تَتْرى - بنحسِه ودسّه ودحْسِه اغتالني ليكلم ديني من حيث لا أعلم، وينقُلني عما أعتقده وأراه وأُضمره من الإيمان بالله عز وجلّ ورسوله صلى الله عليه، فوطّدَ لي الزّندقة بتزْيِينه الهندسة، وأنه يأتيني برجل يُفيدني علماً شريفاً تكمل به فضائلي - فيما زعم - فقلتُ: عسى أن أُفيد به براعةً في صناعة، أو كمالاً في مُروَّةٍ، أو نُسْكاً في دين، أو فخاراً عند الأَكفاء. فأجبته بأن هلُمّ به! فأتاني بشيخ ديرانيّ شاخص النظر، منتشر عصب البصر، طويل مشذّب، محزوم الوسط، متزمّل في مسكه، فاستعذتُ بالرحمن إذ نزغني الشيطان، ومجلسي قد غصَّ بالأشراف من كل الأطراف، كلهم يرمُقه ويتشوّف إلى رفْعي مجلسه وإدنائِه وتقريبه، ويعظّمونه ويحيُّونه، والله محيط بالكافرين.
فأخذ مجلسه، ولَوَى أشداقه، وفتح أوساقه، فتبيّنت في مُشاهدته النِّفاق، وفي ألفاظه الشِّقاق.
فقلتُ له: بلغني أن عندك معرفة بالهندسة، وعلماً واصلاً إلى فضل يفيد الناظر فيه حكمةً وتقدُّماً في كل صنعة؛ فهلُمَّ أفِدنا شيئاً منها عسى أن يكون عوناً لنا على دينٍ أو دنيا، وزَيْناً في مروّة أو مُفاخرة لدى الأكفاء، ومُفيداً نسكاً وزُهداً، (فذَلِكَ هُوِ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)، (وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ).
قال: فأحضِرني دواةً وقرطاساً، فأحضرتُهما، فأخذ القلم فنكَت به نكتةً نقط منها نقطة، فَخيُّلها بصري ولحظها طرفي كأصغر من حبّة الذّر، فزمزم عليها بوسواسه، وتلا عليها من مُحكم أسفار أباطيله، ثم أعلن عليها جاهراً بإفكه؛ وأقبل عليّ فقال: أيها الرجل! إن هذه النقطة شيء ما لا جزء له.
فقلت: أضلَلْتني وربِّ الكعبة! وما الشيء الذي لا جُزء له؟ فقال: كالبسيط. فأذهلني وحيّرني، وكاد يأتي على حِلمي وعقل لولا أن هداني ربّي؛ لأنه أتاني بلُغةٍ ما سمعتها والله من عربيّ ولا عجميّ، وقد أحطتُ علماً بلُغات العرب، وقُمتُ بها واستثرتُها جاهداً واختبرتها عامداً، وصرت فيها إلى ما لا أحسب أحداً يتقدّمني إلى المعرفة به، ولا يسبقني إلى دقيقة وجليله.
فقلت له: وما الشيء البسيط؟ فقال: كالله تعالى وكالنفس.
فقلت له: إنك من المُلحدين، أتضرب لله أمثالاً؟ والله تعالى يقول: (فَلاَ تَضْرِبُوا للهِ الأَمْثَالَ إنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).
لعَن الله مرشداً أرشدني إليك، ودالاً دلّني عليك، فما ساقك إليّ إلاّ قضاء سوء ولا كسحك نحوي إلا الحَيْن، أعوذ بالله من الحين، وأبرأ إليه منكم ومما تُلحدون، والله وليُّ المؤمنين (إِني بَريءِ مِمَّا تُشْرِكُونَ)، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم.
فلما سمع مقالتي كره استعاذتي فاستخفّه الغضب، فأقبل عليّ مستبسلاً فقال: إني أرى فصاحة لسانك سبباً لعُجمة فَهمك، وتذَرُّعك بقولك آفةً من آفات عقلك.
فلولا من حضر - والله - المجلس وإصغاؤهم إليه مستصوبين أباطيله، مُستحسنين أكاذيبه، وما رأيت من استهوائه إياهم بخُدعة، وما تبيّنتُ من تَوازُرهم لأمرت بسلّ لسانِهِ اللُّكع الألكن.
وأمرتُ بإخراجه إلى حَرّ نار الله وسقره وغضبه ولَعْنتِه.
فنظرتُ إلى أمارات الغضب في وجوه الحاضرين، فقلتُ: ما غضبُكم لنصرانيّ يشرك بالله ويتّخذ له من دونه الأنداد، ويُعلن بالإلحاد؟ ولولا مكانكم لنَهَكتُه عقوبةً.
فقال لي رجل منهم: إنه أنسانٌ حكيم، فغاظني قوله.
فقلت: لعن الله حكمةً مشوبةً بكُفر.
فقال لي آخر: إن عندي مُسلماً يتقدّم أهل هذا العِلم.
فرجوت - مع ذكرهِ الإسلام - خيراً فقلت: ائتني به، فأتاني برجل قصير دحداح مجدُورٍ آدم أخفش العينين أجلح أفطس سيِّئ النّظر قبيح الزيّ، فسلّم فرددتُ عليه السلام، ورفعت مجلسه وأكرمته، وقلت له: ما اسمك؟ فقال: أُعرف بكنيةٍ قد غلبت عليّ.
فقلتُ: أبو مَن؟ فقال: أبو يحيى.
فتفاءلتُ بملَك الموت عليه السلام، وقلتُ: اللهم إني أعوذ بك من الهندسة، فاكفني اللهمَّ شرَّها، فإنه لا يصرف السوء إلا أنت، وقرأتُ " الحمد " ، و " المعَوِّذَتَيْن " ، و " قل هو الله أحد " ثلاثاً، وقلتُ له: إن صديقاً لي جاءني بنصرانيٍّ يتّخذ الأنداد، ويدّعي أن لله الأولاد ليُغويني ويستفزّني (ولَوْلاَ رَحْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ المُحْضَرينَ)، فصرفته أقبح صرف، ثم ذُكِرتَ لي فرجوت - بذكر إسلامك - خيراً.
فهلُمَّ أفِدنا شيئاً من هندستك، وأقبسنا من طرائف حكمتك ما يكون لنا سبباً إلى رحمة الله ووسيلة إلى غُفرانه، فإنها أربح تجارة وأعودُ بضاعة.
فقال: أحضرني دواةً وقرطاساً.
فقلت: أَ تدعو بالدَّواة والقرطاس، وقد بُليتُ منهما ببليّة كَلْمُها لا يندَمِل عن سُوَيداءِ قلبي؟ قال: وكيف كان ذلك؟ قلت له: إن النصراني نقط لي نقطةً كأصغر من سمّ الخياط، وقال لي: إنها معقولة كربّك الأعلى، فوالله ما عدا فرعون في إفكه وكُفره.
فقال لي: فإني أُعفيك، لعنَ الله قُويري وما كان يصنع بالنُّقطة؟ وهل بلغت أنت أن تعرف النقطة؟ فقلت: استجهلني وربّ الكعبة، وأنا قد أخذت بأزمّة الكتابة، ونهضت بأعبائها، واستقللت بثقلها يقول لي، لا تعرف فحوى النُّقطة، فنازعتني نفسي في معاجلته بغليظ العُقوبة، ثم استعطفني الحِلم إلى الأخذ بالفضل.
ودعا بغُلامه وقال: ائتني بالتّخت، فوالله ما رأيت مخلوقاً بأسرع إحضاراً له من ذلك الغلام، فأتاه، فتخيَلت به هيئةً منكرة ولم أدر ما هو، وجعلت أُصوّب الفكر فيه تارةً وأًصعّد أُخرى، وأجيل الرأي ملياً وأُطرق طويلاً، لا أعلم أي شيءٍ هو، أَ صندوق هو؟ فإذا ليس بصندوق، أَ تخت هو؟ فإذا ليس بتخت، فتخيّلته كتابوت لحد. فقلت: لحدُ الملحد يُلحد به وبالنّاس عن الحقّ. ثم أخرج من كُمّه مِيلاً عظيماً فظننته متطبّباً وإنه لمن شرار المتطبّبين.
فقلت له: إن أمرَك لعَجَب كله ولم أرَ في أميال المتطبِّبين كميلك، أتقفأُ به الأعين؟ فقال: لستُ متطبِّباً ولكني أخطُ به الهندسة على هذا التخت.
فقلت له: إنك وإن كنت مبايناً للنصراني في دينه، إنك لمؤازره في كُفره، أَ تخطُّ على تختٍ بميلك لِتعدل بي عن وضح الفجر إلى غسق الليل؟ وتميل بي إلى الكذب باللَّوح المحفوظ وكاتبيه الكرام؟ أَ إِيايَ تستهوي؟ أم حَسبتني ممّن يهتزّ لمكايدكم؟ فقال: لستُ أذكر لك لوحاً محفوظاً ولا مُضيعاً، ولا كاتباً كريماً ولا لئيماً، ولكني أخُطُّ به الهندسة، وأُقيم عليها البرهان بالقياس والفلسفة.
وأخذ يخطّ وقلبي مُروَّع يجب وَجيباً.
فقال لي غير مُستعظِمٍ: إن هذا الخط طول بلا عرض، فذكرت صراط ربّي المستقيم، وقلتُ له: قاتلك الله! أَ تدري ما تقول؟ تعالى صراط ربّي عن تخطيطك وتشبيهك وتبديلك وتحريفك وتضليلك، إنه لصراطٌ مستقيم، وإنه لأَحدُّ من السيف الباتر، والحُسام القاطع، وأدقُّ من الشَّعر، وأطول مما تمسحون، وأبعَد مما تذرعون، ومداه بعيد، وهولَهُ شديد؛ أَ تطمع أن تُزحزِحَني عن صراط ربي أم حسبتني غُمْراً غبياً لا أعلم ما في باطن ألفاظك ومكنون معانيك؟ والله ما خططت الخطّ وأخبرت أنه طولٌ بلا عرض إلا حيلةً بالصراط المستقيم لتُزِلَّ قدمي عنه، وأن تُرديني في نار جهنّم.
أعوذ بالله وأبرأ إليه من الهندسة، ومما تدلُّ عليه وترشد إليه، وإني بريءٌ من المهندسين وما يُعلنون ويُسرُّون، ومما به يعملون؛ ولَبئس ما سوّلت لك نفسك أن تكون من خزنتها بل من وقودها، وإنّ لك فيها لأنكالاً وسلاسل وأغلالا، (وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وعَذَاباً أَليماً). قُم إلى لعنة الله وغضبه! فأخذ يتكلم. فقلت: سُدّوا فاه مخافة أن يبدر منه مثل ما بدّر من المضلِّل الأول، وأمرتُ بسحبه فسُحب إلى أليم عذاب الله ونارٍ (وَقُودُها النَّاسُ والحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
ثم أخذتُ قرطاساً وكتبتُ بيدي يميناً آليتُ فيه بكل عهدٍ مُؤكَّد، وعقدٍ مُردَّد، ويمينٍ ليست لها كفّارة - أن لا أنظر في الهندسة أبدا، ولا أطلبها، ولا أتعلّمها من أحدٍ سرّاً ولا جهراً، ولا على وجهٍ من الوجوه، ولا بسببٍ من الأسباب؛ وأكَّدتُ بمثل ذلك على عقبي وعلى أعقاب أعقابهم: أن لا ينظروا فيها ولا يتعلّموها ما قامت السموات والأرض، إلى أن تقوم الساعة (لِميقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ).
فهذا بيانُ ما سألت - أعزّك الله - عنه مما دُفعتُ إليه وامتٌحنت به، ولتعلم ما كان مني، ولولا وَعكةٌ أنا في عَقابيلها لحضرتك مُشافِها، وأخذتُ بحظّي المُتمنّي من الأُنس بك، والاستراحة إليك؛ فمَهِّد على ذلك عُذري، فإنّك غير مُباين لفكري، والسّلام.
- من كتاب (أخلاق الوزيرين) لأبي حيان التوحيدي
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:24 PM
في كتاب (أخلاق الوزيرين) لأبي حيان التوحيدي :
قال الخليل: دخلتُ على سليمان بن علي وهو والي البصرة فوجدته يُسقط في كلامه، فجلستُ حتى انصرف الناس.
فقال: هل من حاجةٍ أبا عبد الررحمن؟ قلت: أكبر الحوائج.
قال: قل، فإن مسائلك مقضية، ووسائلك قوية.
قلت: أنت سليمان بن عليّ، وكان عليٌّ في العلم علياً، وكان عبد الله بن العباس الحَبْرَ والبحر، وكان العباس بن عبد المطّلب إذا تكلّم أخذ سامعه ما يأخذ النَّشوان على نقْر العيدان؛ وأراك تُسقط في كلامك، وهذا لا يشبه منصبك ومحْتِدك.
قال: فكأنما فُقئَ في وجهه الرمان خجلاً.
فقال: لن تسمعه بعدها، فاحتجب عن الناس برهةً، وأكبَّ على النظر، ثم أذن للناس في مجلسٍ عام، فدخلتُ عليه في ثُمَّةٍ من الناس، فوجدته يُفصح حتى خِلته مَعدَّ بن عدنان. فجلست حتى انصرف الناس.
فقال: كيف رأيت أبا عبد الرحمن.
قلت: رأيتُ كلّ ما سرّ في الأمير، وأنشدته:
لا يكون السَّرِيُّ مثلَ الزَّرِيِّ ... لاَ ولا ذو الذّكاءِ مثلَ الغَبِيِّ
لا يكون الأَلدُّ ذو المِقْوَل المُرْ ... هَف عند الخِصَام مثل العَيِيِّ
قيمةُ المرءِ كلُّ ما يُحسِن المَرْ ... ءُ قضاءٌ من الإِمام عَليِّ
أَيُّ شيءٍ من اللّباس عَلى ذي السَّرْو أَبهَى من اللّسانِ السَّرِيِّ
يَنظم الحجة الشتيتة في السِّلْك من القول مثل نَظم الهديّ
وَتَرى اللَّحن في لسَان أَخي الهِمّة مثل الصَّدَا عَلى المشرفيّ
فاطلب النحو للقُرَان وللشعر مُقيماً والمسنَد المرْويِّ
والخطابُ البليغُ عند حِجاج الْ ... قوم يُزهَى بمثله في النَّدِىّ
كلُّ ذي الجهل بالفنون يُعادِي ... ها ويزري منها بغير الزَّرِيِّ
قال: وانصرفتُ. فشيّعني غلامه على كتفه بدرة فرددتها عليه، وكتبتُ إليه:
أبلِغ سليمانَ أَنّي عنه في سَعَةٍ ... وفي غِنىً غيرَ أَني لَستُ ذَا مالٍ
سَخَّى بنفْسِيَ أَنّي لا أَرَى أَحداً ... يَموتُ هَزلاً ولا يَبْقَى على حالِ
والرِّزْقُ عن قَدَرٍ لاَ العَجْزُ يَدْفعُه ... ولا يَزِيدُك فيه حَولُ محتَالِ
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:24 PM
في كتاب (أخلاق الوزيرين) لأبي حيان التوحيدي :
سُئل [ابن عباد] يوماً عن قول الشاعر:
سَقَوني النَّسْيَ ثم تكَنَّفُوني ... عُداةَ الله مِن كَذِبٍ وزُورِ
فقال: الخمر تسمّى نسْيا.
فقيل له: ولم؟ فقال: ليس للأسماء علل.
فلما خلوت بالزعفراني الشاعر قال لي: أخطأ، فإن الأسماء ضرب منها مُبتدأ، فالغرض فيه اختصاص العين به ليقع التمييز بينه وبين غيره، وضرب آخر يؤخذ من أصل الفعل وهو الذي سمي مُشتقّاً لتكون فيه دلالتان: دلالة كدلالة الأول في اختصاص العين، ودلالة على النعت.
والنَّسي في أسماء الخمر من الضرب الثاني، لأن الخمر تنسأ العقل أي تؤخّره، وقال: هذا قاله بعض العلماء.
فقلتُ له: هلاّ قُلت هذا في المجلس؟ فقال: لو قلت هناك لما وجدتني عندك قاعداً مطمئناً.
قلتُ: صدقتَ، الرجل حسُود.
فقال: ولربّه كَنود، ولآياته عَنيد، كأنه من اليهود، أو من بقية ثمود.
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:25 PM
في كتاب (أخلاق الوزيرين) لأبي حيان التوحيدي :
روي عن الصاحب ابن عباد أنه قال :
ما قطعني إلا شابٌّ ورَد علينا أصبهان من بغداذ، فقصدني فأذنت له، وكان عليه مُرقَّعة، وفي رجله نعل طاق. فنظرت إلى حاجبي، فقال له، وهو يصعد إليَّ: اخلع نعلك، قال: ولم؟ ولعلّي أحتاج إليها بعد ساعة، فغلبني الضحك وقلت: أَ تُراه يريد أن يصفعني بها.
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:26 PM
كان ابن عبّاد شديد السفه عجيب المناقصة، سريع التحوّل من هيئة إلى هيئة، مُستقبلاً للأحرار بكل فرْية وفاحشة؛ كان يقول للإنسان الذي قد قدم عليه من أهل العلم: تقدّم يا أخي! وتكلّم، واستأنس، وافترِح، وانبسِط، ولا تُرع، واحسبني في جوف مرقعة، ولا يهولك هذا الحشم والخدَم، وهذه الغاشية والحاشية، وهذه المرتبة والمسْطَبة، وهذا الطارق والرِّواق، وهذه المجالس والطنافس؛ فإن سلطان العلم فوق سلطان الولاية، وشرف العلم أعلى من شرف المال، فليفرح روعك ولينعم بالُك، وقُل ما شئت، وانصُر ما أردت، فلست تجد عندنا إلا الإنصاف والإسعاف والإتحاف والإطراف، والمقاربة والمواهبة، والموانسة والمقابسة، وعلى هذا التنزيل، ومن كان يحفظ ما يهذي به في هذا وغيره؟ حتى إذا استقى ما عند ذلك الإنسان بهذه الزّخارف والحيل، وسال الرجل معه في حدُوره على مذهب الثّقة، وركب في مناظرته، وردعه وحاجّه، وراجعه وضاجعه وشاكعه ووضع يده على النكتة الفاصلة، والأمر القاطع تنمَّر له، وتنغّر عليه، واستحصد غضباً وتلظّى لهباً وقال بعد وثبتين أو ثلاث: يا غلام! خذ بيد هذا الكلب إلى الحبس، وضعه فيه بعد أن تصبّ على كاهله وظهره وجنبيه خمس مئة عَصا؛ فإنه مُعاند ضدّ، يحتاج إلى أن يُشدّ بالقِدّ، ساقط هابط، كلبٌ نبّاح، متعجرف وقَاح؛ أعجبه صبري، وغرّه حلمي، ولقد أخلف ظني، وعدت على نفسي من أجله بالتوبيخ، وما خلق الله العصا باطلاً، ولا ترك خلقه هاملاً.
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي - .
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:26 PM
هذا عيسى بن فَرُّخَانْشاه عُزِل عن الوزارة وكان مُستخِفّاً بأبي العَيْناء فوقف عليه أبو العَيْناء وقال: الحمد لله الذي أذلّ عزّتك، وأذهب سطوتك، وأزال مقدرتك، وأعادك إلى استحقاقك ومنزلتك، فلئن أخطأت فيك النّعمة، لقد أصابن منك النّقمة، ولئن أساءت الأيام بإقبالها عليك، لقد أحسنت بإدبارها عنك؛ فلا أنفذ الله لك أمراً، ولا رفع لك قدراً، ولا أعلى لك ذكراً.
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي - .
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:27 PM
لا خِلاف بين الحكماء أن الجالب خير من المجلوب، والفاعل خير من المفعول.
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي - .
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:27 PM
صاحب الفقر إن مدح فرّط، وإن ذمّ أسقط، وإن عمل صالحاً أحبط، وإن ركب شيئاً خلط وخبّط؛ ولم أر شيئاً أكشف لغطاء الأديب، ولا أنشف لماء وجهه، ولا أذعر لسرب حياته منه، وإن الحُرّ الآنف، والكريم المتعيّف من مُقاساته والتجلّد عليه، لفي شغل شاغل وموتٍ مائت.
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي - .
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:28 PM
كما أن القلوب جُبِلت على حُبّ من أحسن إليها، كذلك النفوس طُبعت على بُغضِ من أساء إليها؛ والجَبْلُ والطّبع وإن افترقا في اللفظ فإنهما يجتمعان في المعنى، وكما أن الحب نتيجة الإحسان، كذلك البغض نتيجة الإساءة، وكما أن المُنعم عليه لا يتهنّأ بنعمته الواصلة إليه إلا بالشُّكر لواهبها، كذلك المُساء إليه لا يجد بَرْدَ غُلَّته ولذّة حياته إلا بأن يشكو صاحب الإساءة، وإلا بأن يهجو المانع، ويذمّ المقصّر، ويثلُب الحارم ويُنادي على الخسيس الساقط، والنّذل الهابط، في كلّ سوق، وفي كل مجلس، وعند كل هزلٍ وجدّ، ومع كل شكل وضدّ؛ ميزانٌ عدْل، ووزنٌ بقسطٍ، ونصفة مقبولة، وعادةٌ جارية على وجه الدَّهر.
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي -
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:29 PM
كما أن الكلام في موضع الصمت فضلٌ وهدر، كذلك السكوت في موضع الكلام لكنةٌ وحَصر .
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي -
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:29 PM
كما أن المنع في موضع الإعطاء حِرمان، كذلك الإعطاء في موضع المنع خذلان .
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي -
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:30 PM
العامة تقول: من جعل نفسه شاةً دقَّ عنقه الذئب، ومن صيّر نفسه نُخالةً أكله الدجاج، ومن نام على قارعة الطريق دقّته الحوافر دقّا .
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي -
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:30 PM
وعينُ الرّضَا عن كل عيب كليلةٌ ... ولكنّ عينَ السُخط تُبدِي المساويا
على أن هذا الشاعر قد أثبت العيب وإن كان قد وصفه بكلول العين عنه، ودلّ على المَساوي وإن كان السُّخط مُبديها، وهذا لأنّ الهَوى مُقيم لابثٌ والرأي مجتاز عارض، ولا بدّ للهوى من أن يعمل عمله، ويبلغ مبلغه، وله قرار لا يطمئن دونه، وحدّ هو أبداً يتعدّاه ويتجاوزه، وله غُول تُضِلّ، وتمساحُ يبتلع، وثعبان - إذا نفخ - لا يُبقي ولا يذر، والرأي عنده غريب خامل، وناصحٌ مجهول.
وقال بعض الحكماء: فضل ما بين الرأي والهوى أن الهوَى يخُصُّ والرأي يعمّ، والهَوى في حيّز العاجل، والرأي في حيِّز الآجل، والرأي يبقى على الدّهر، والهَوى سريع البيُود كالزّهر، والرأي من وراء حِجاب، والهَوى مُفتّح الأبواب ممدَّد الأطناب؛ ولذلك قال أيضاً بعض العرب، ويُقال هو عامر بن الظَّرِب: الرأيُ نائمٌ والهَوى يَقظان، فأرقِدوا الهوى بفظاظة، وأيقظوا الرأي بلطافة.
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي - .
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:31 PM
العمود الذي عليه المعوَّل، والغاية التي إليها المَوْئل، في خصالٍ ثلاثٍ هُنَّ دعائم العالم، وأركان الحياة، وأُمهات الفضائل، وأُصول مصالح الخلق في المعاش والمعاد؛ وهنَّ: الدّين، والخُلُق، والعِلْم، بهنَّ يعتدل الحال، ويُنتهى إلى الكمال، وبِهنَّ تُمْلك الأزِمَّة، ويُنال أعزُّ ما تسمو إليه الهِمّة؛ وبهنَّ تُؤمَن الغَوائل، وتُحمد العَواقب؛ لأنّ الدّين جِماع المَراشد والمصالح، والخُلُق نظام الخيرات والمنافع، والعِلم رباطُ الجميع؛ ولأنّ الدّين بالعلم يصحّ، والخلق بالعلم يَطْهُر، والعِلم بالعمل يكمُل؛ فمَن سَلِم دينه من الشّك واللّحاء، وسُوء الظّنّ والمِراء، وثبت على قاعدة التَّصديق بموادّ اليقين الذي أقرَّ به البُرهان، وطهُر خلُقُه من دَنَس المَلال، ولَجاج الطَّمع، وهُجنة البُخل، وكان له من البشر نصيب، ومن الطّلاقة حظ، ومن المُساهلة موضع؛ وحَظِي بالعلم الذي هو حياة الميّت، وحَلْي الحيّ، وكمال الإنسان فقد برَّز بكل فضْل، وبان بكلّ شرف، وخلا عن كل غباوة، وبَرِئَ من كلّ مَعَابة، وبلغَ النَّجد الأشرف، وصار إلى الغاية القُصوى.
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي -
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:32 PM
وإنّ أَشعَرَ بيتٍ أنت قائلُه ... بيتٌ يُقال، إذا أَنشدتَه، صَدَقا
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي - .
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:33 PM
إذا قَلَّ مالُ المرءُ قَلَّ صديقُه ... وأهوت علَيه بالعيوبِ الأَصابعُ
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي - .
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:34 PM
قال بعض الحكماء: لا تكوننّ الأرض أكتم منا للسرّ؛ ومن اعتاد الوقيعة في الأعراض، ومُباداة الناس بالسّفه، وثَلبهم بكل ما جاش في الصدر، وتذرَّع به اللسان، فليس ممن يُذكر بخير، أو يُرجى له فلاح، أو يُؤمَنَ معه عيب؛ قال: وهل الحلم إلاّ في كظم الغيظ، وفي تجرّع المضض، وفي الصبر على المرارة، وفي الإغضاء عن الهفوات؛ ومن لك بالمهذّب النّدب الذي لا يجد العيب إليه مُختطى، والأول يقول:
ولست بمُسْتَبقٍ أَخاً لا تَلُمُّه ... عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرجالِ المهذَّبُ
وقيل: لو تكاشفتم ما تدافنتم، ولو تساويتم ما تطاوعتم؛ ولا بدّ من هَنَةٍ تُغتفر، ومن تقصيرٍ يُحتمل، والاستقصاء فُرقة، وفي المُسالمة تَحبُّب، ومن ناقش في الحساب فقد رغِب عن سجاحه الخُلُق، وحُسن المَلَكة وإيثار الكَرَم.
- من كتاب أخلاق الوزيرين لأبي حيان التوحيدي -
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:35 PM
نقولات مختارة من كتاب الصداقة والصديق لأبي حيان التوحيدي :
1- سُمع مني في وقت بمدينة السلام كلامٌ في الصداقة، والعشرة، والمؤاخاة، والألفة، وما يلحق بها من الرعاية، والحفاظ، والوفاء، والمساعدة، والنصيحة، والبذل، والمواساة، والجود، والتكرم، مما قد ارتفع رسمه بين الناس، وعفا أثره عند العام والخاص، وسُئلت إثباته ففعلت، ووصلت ذلك بجملةٍ مما قال أهل الفضل والحكمة، وأصحاب الديانة والمروءة؛ ليكون ذلك كلُّه رسالة تامة يمكن أن يستفاد منها في المعاش والمعاد. ص 29
2- قال أبو سليمان السجستاني: "فأما الملوك فقد جَلُّوا عن الصداقة؛ ولذلك لا تصح لهم أحكامها، ولا توفي بعهودها، وإنما أمورهم جارية على القدرة، والقهر، والهوى، والشائق، والاستحلاء، والاستخفاف.
وأما خدمهم وأولياؤهم فعلى غاية الشبه بهم، ونهاية المشاكلة لهم؛ لانتشابهم بهم، وانتسابهم إليهم، وولوع طورهم بما يصدر عنهم، ويَرِدُ عليهم.
وأما التُّنَّاء وأصحاب الضياع فليسوا من هذا الحديث في عير ولا نفير.
وأما التجار فكسب الدوانيق سدٌّ بينهم وبين كل مروءة، وحاجزٌ لهم عن كل ما يتعلق بالفتوة.
وأما أصحاب الدين والورع - فعلى قلتهم - فربما خلصت لهم الصداقة؛ لبنائهم إياها على التقوى، وتأسيسها على أحكام الحرج، وطلب سلامة العقبى.
وأما الكتَّاب وأهل العلم فإنهم إذا خلوا من التنافس، والتحاسد، والتماري، والتماحك - فربما صحت لهم الصداقة، وظهر منهم الوفاء، وذلك قليل، وهذا القليل من الأصل القليل.
وأما أصحاب المذاب والتطفيف فإنهم رجرجة بين الناس، لا محاسن لهم فتذكر، ولا مخازي فتنشر؛ ولذلك قيل لهم همج، ورعاع، وأوباش، وأوناش، ولفيف، وزعانف، وداصة، وسقاط، وأنذال، وغوغاء؛ لأنهم من دقَّة الهمم، وخساسة النفوس، ولؤم الطبائع على حال لا يجوز معها أن يكونوا في حومة المذكورين، وعصابة المشهورين. ص32- 33
3- كان سبب إنشاء هذه الرسالة في الصداقة والصديق أني ذكرت شيئاً منها لزيد بن رفاعة أبي الخير، فنماه إلى ابن سعدان الوزير أبي عبد الله سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة قبل تحمله أعباء الدولة، وتدبيره أمر الوزارة، حين كانت الأشغال خفيفة، والأحوال على إذلالها جارية، فقال لي ابن سعدان: قال لي زيد عنك كذا وكذا، قلت: قد كان ذاك، قال: فدوِّن هذا الكلام، وصِلْهُ بصلاته مما يصح عندك لمن تقدم؛ فإنَّ حديث الصديق حلو، ووصف الصاحب المساعد مطرب؛ فجمعت ما في هذه الرسالة، وشُغل عن ردِّ القول فيها، وأبطأت أنا عن تحريرها إلى أن كان من أمره ما كان.
فلما كان هذا الوقت - وهو رجب سنة أربعمائة - عثرت على المسودة وبيضتها على نحيلها، فإن راقتك فذاك الذي عزمتُ بنيِّتي، وحولي، واستخارتي، وإن تزحلقتُ عن ذلك فللعذر الذي سحبتُ ذيله، وأرسلت سيله. ص 35
4- واسترسال الكلام في هذا النمط شفاءٌ للصدر، وتخفيف من البُرَحاء، وانجياب للحرقة، واطراد للغيظ، وبرد للغليل، وتعليل للنفس، ولا بأس بإمرار كل ما لاءمه، ودخل في حوزته، وإن كان آخره لا يدرك، وغايته لا تملك. ص37 - 38
5- قال صالح بن عبد القدوس:
بُنيَّ عليك بتقوى الإله * * * فإنَّ العواقب للمتَّقي
وإنك ما تأتِ من وجهه * * * تجدْ بابه غير مُستغلقِ
عدوك ذو العقل أبقى عليك * * * من الصاحب الجاهل الأخرق
ذو العقل يأتي جميل الأمور * * * ويعمد للأرشد الأوفقِ
ص 38
6- فأما الذي قال في أصدقائه وجلسائه الخير، وأثنى عليهم الجميل، ووصف جدَّه بهم، ودلَّ على محبته لهم - فغريب!.
قال بعضهم:
أنتم سروري وأنتم مُشتكى حَزَني * * * وأنتم في سَواد الليل سُمَّاري
أنتم وإن بَعُدت عنَّا منازلكم * * * نوازلٌ بين أسراري وتذكاري
فإن تكلمتُ لم أَلْفِظْ بغيركُمُ * * * وإن سكتُّ فأنتم عَقْدُ إضماري
الله جارُكُم مما أحاذرُه فيكم * * * وحبي لكم من هجركم جاري
ص38
7- أخبرنا أبو سعيد السِّيرافي، قال: أخبرنا ابن دُريد، قال: قال أبو حاتم السجستاني: "إذا مات لي صديق سقط مني عضوٌ". ص39
8- وقيل لأعرابي: مَنْ أكرمُ الناس عشرة؟ قال: مَنْ إن قَرُبَ مَنَح، وإن بَعُدَ مَدَح، وإن ظُلِمَ صفح، وإن ضويق فسح، فمن ظفر به فقد أفلح ونجح. ص39
9- كان أبو داود السجستاني أيام شبابه وطلبه للرواية قاعداً في مجلس، والمستملي في حدَّته، فجلس إليه فتى، وأراد أن يكتب، فقال له: أيها الرجل استمدُّ من محبرتك؟ قال: لا، فانكسر الرجل، فأقبل عليه أبو داود، وقد أحسَّ بخجله: أما علمت أن من شرع في مال أخيه بالاستئذان، فقد استوجب بالحشمة الحرمان، فكتب الرجل من محبرته، وسمي أبو داود حكيماً. ص42 - 43
10- أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى، أخبرنا ابن دريد، عن عبد الرحمن، عن عمه الأصمعي، قال عبد الله بن جعفر: كمال الرجل بخلال ثلاث:
معاشرة أهل الرأي والفضيلة، ومداراة الناس بالمخالقة الجميلة، واقتصاد من غير بخل في القبيلة، فذو الثلاث سابق، وذو الاثنين زاهق، وذو الواحدة لاحق، فمن لم تكن فيه واحدة من الثلاث لم يسلم له صديق، ولم يتحنَّن عليه شفيق، ولم يتمتع به رفيق. ص44
11- قال العتابي لصاحب له: ما أحوجك إلى أخ كريم الأخوة، كامل المروءة، إذا غبت خلفك، وإذا حضرت كنَفَك، وإذا نكرت عرفك، وإذا جفوت لاطفك، وإذا بررت كافأك، وإذا لقي صديقك استزاده لك، وإن لقي عدوك كفَّ عنك غرب العادية، وإذا رأيته ابتهجت، وإذا باثَثْتَهُ استرحت. ص44 - 45
12- وقال الخليل بن أحمد: الرجل بلا صديق كاليمين بلا شمال. ص45
13- مرض قيس بن سعد بن عبادة فأبطأ إخوانه عنه، فسأل عنهم، فقيل: إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدَّين، فقال: أخزى الله ما يمنع الإخوان من العيادة، ثم أمر منادياً فنادى: ألا مَنْ كان لقيس عليه حق، فهو منه في حلٍّ وسعة، فكسرت درجته بالعشي؛ لكثرة من عاده. ص45
14- قال عمر بن شبَّة: الْتَقَى أخوان في الله، فقال أحدهما لصاحبه: والله يا أخي إني لأحبك في الله، فقال له الآخر: لو علمت مني ما أعلمه من نفسي لأبغضتني في الله.
فقال: والله يا أخي لو علمتُ منك ما تعلمه من نفسك لمنعني من بغضك ما أعلمه من نفسي. 46 - 47
15- وقال إبراهيم بن أدهم: أنا منذُ عشرين سنة في طلب أخٍ إذا غضب لم يقل إلا الحق فما أجده. ص47
16- قال بعض السلف: عليك بالإخوان، ألم تسمع قوله - تعالى -: [فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ] الشعراء: 100 - 101. ص48
أبو عبد الله المصري
2013-02-04, 08:38 PM
من كتاب (البيان و التبيين) للجاحظ :
1/ 76 لبيان اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى وهتك الحجب دون الضمير حتى يفضي السامع الى حقيقته ويهجم على محصوله كائنا ما كان ذلك البيان ومن اي جنس كان ذلك الدليل ...
2/76 اعلم حفظك الله ان حكم المعاني خلاف حكم الالفاظ لان المعاني مبسوطة الى غير غاية وممتدة الى غير نهاية وأسماء المعاني مقصورة معدودة ومحصلة محدودة .
3/76 جميع أصناف الدلالات على المعاني من لفظ وغير لفظ خمسة أشياء لا تنقص ولا تزيد أولها اللفظ ثم الاشارة ثم العقد ثم الخط ثم الحال وتسمى نصبة..
4/80 قالوا اللسان مقصور على القريب الحاضر والقلم مطلق في الشاهد والغائب وهو للغابر الكائن مثله للقائم الراهن ..
5/83 قال عامر بن عبد القيس الكلمة اذا خرجت من القلب وقعت في القلب واذا خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان .
و قال الحسن رضي الله تعالى عنه وسمع متكلما يعظ فلم تقع موعظته بموضع من قلبه ولم يرق عندها يا هذا ان بقلبك لشرا او بقلبي .
6/87 قال سمعت أبا مسلم يقول سمعت الامام ابراهيم بن محمد يقول يكفي من حظ البلاغة ان لا يؤتى السامع من سوء إفهام الناطق ولا يؤتى الناطق من سوء فهم السامع
قال ابو عثمان واما أنا فأستحسن هذا القول جدا .
7/90 فاذا كان الحب يعمي عن المساوىء فالبغض يعمي عن الحقائق والمحاسن وليس يعرف حقائق مقادير المعاني ومحصول حدود لطائف الامور الا عالم حكيم او معتدل الأخلاط عليم .
8/153 وقال الله عزوجل ( هذا نزلهم يوم الدين ) والعذاب لا يكون نزلا ولكنه لما أقام العذاب لهم في موضع النعيم لغيرهم سمي باسمه.
9/223 وقال ابو قردودة , يرثي ابن عمار قتيل النعمان ونديمه , وصف كلامه, وقد كان نهاه عن منادمته :
إني نهيت ابن عمار وقلت له ... لا تأمنن أحمر العينين والشعره
إن الملوك متى تنزل بساحتهم ... تطر بنارك من نيرانهم شرره
يا جفنة كإزاء الحوض قد هدموا ... ومنطقا مثل وشي اليمنة الحبره
10/257 قال رجل لأبي هريرة النحوي أريد ان أتعلم العلم وأخاف ان أضيعه قال كفى بترك العلم إضاعة .
11/ 264 وقال ابن عباس لولا الوسواس ما باليت ألا أكلم الناس .
12/348 والعرب قد ذكروا من خطب العرب العجوز وهي خطبة لال رقبة ومتى تكلموا فلا بد لهم منها او من بعضها والعذراء وهي خطبة قيس بن خارجة لانه كان أبا عذرها والشوهاء وهي خطبة سحبان وائل وقيل ذلك لها من حسنها وذلك انه خطب بها عند معاوية فلم ينشد شاعر ولم يخطب خطيب .
13/366 وقال أحد الخطباء الذين تكلموا عند الاسكندر ميتا كان أمس أنطق منه اليوم وهو اليوم أوعظ منه أمس فأخذه
أبو العتاهية فقال :
بكيتك يا علي بدر عيني ... فما أغنى البكاء عليك شيا
طوتك خطوب دهرك بعد نشر ... كذاك خطوبه نشرا وطيا
كفى حزنا بدفنك ثم أني ... نفضت تراب قبرك عن يديا
وكانت في حياتك لي عظات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيا
الجزء الثاني
13/6 وعلى أن خطباء السلف الطيب وأهل البيان من التابعين بإحسان ما زالوا يسمون الخطبة التي لم تبدأ بالتحميد وتستفتح بالتمجيد : " البتراء "ويسمون التي لم توشح بالقرآن, وتزين بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :" الشوهاء " .
14/ 9 والشعراء عندهم أربع طبقات فأولهم الفحل الخنذيذ والخنذيذ هو التام قال الأصمعي قال رؤبة هم الفحول الرواة ودون الفحل الخنذيذ الشاعر المفلق ودون ذلك الشاعر فقط والرابع الشعرور ولذلك قال الأول في هجاء بعض الشعراء
يا رابع الشعراء كيف هجوتني ... وزعمت أني مفحم لا أنطق
فجعله سكيتا مخلفا ومسبوقا مؤخرا .
15/40 وقال أبو عباد كاتب أحمد بن أبي خالد : " للقائل على السامع ثلاث : جمع البال , والكتمان , وبسط العذر " .
16/ 70 وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه اقرأوا القرآن تعرفوا به واعملوا به تكونوا من أهله ولن يبلغ حق ذي حق أن يطاع في معصية الله ولن يقرب من أجل ولن يباعد من رزق أن يقوم رجل بحق أو يذكر بعظيم .
17/ 98 كان أيوب السختياني يقول: لا يعرف الرجل خطأ معلمه حتى يسمع الاختلاف .
18/ 103 قال محمد بن واسع : " الإبقاء على العمل أشد من العمل ".
19/177 وقيل للزهري , ما الزهد في الدنيا ؟ فقال : أما إنه ليس بشعث اللمة , ولا قشف الهيئة , ولكنه ظلف النفس عن الشهوة . وقيل له أيضا : ماالزهد في الدنيا ؟ قال : ألا يغلب الحرام صبرك , ولا الحلال شكرك .
20/ 219كان أيوب السختياني يقول : تعلموا النحو , فإنه جمال للوضيع , وتركه هجنة للشريف .
21/285 قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : خذ الحكمة أنى أتتك؛ فإن الحكمة تكون في صدر المنافق فتتلجلج في صدره حتى تخرج وتسكن إلى صواحبها .
الجزء الثالث
22/ 46 , 122 , 168 في هذه الصفحات احذر من اعتزاليات الجاحظ .
23/ 183 قال عنترة بن شداد
بكرت تخوفني الحتوف كأنني ... أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل
فأجبتها إن المنية منهل ... لا بد أن أسقي بكأس المنهل
فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي ... أني امرؤ سأموت ان لم أقتل
إن المنية لاو تصور صورت ... مثلي اذا نزلوا بضنك المنزل
24/ 217 كان يقال : أربع خصال يسود يها المرء : العلم, والأدب, والعفة, والأمانة .
25/ 284 قال الحسن : إذا وهب الله لرجل ولدا فقل : شكرت الواهب, وبورك لك في الوهوب, وبلغ أشده, ورزقت بره .
26/ 284 كان عمر بن عبدالعزيز يقول : ما أحسن تعزية أهل اليمن ! وتعزيتهم : لا يحزنكم الله ولا يفتنكم, وأثابكم, ما أثاب المتقين الشاكرين, وأوجب لكم الصلاة والرحمة .
27/ 302 كانت العادة في كتب الحيوان أن أجعل في كل مصحف من مصاحفها عشر ورقات من مقطعات الأعراب, ونوادر الأشعار, لما ذكرت عجبك بذلك, فأحببت أن يكون حظ هذا الكتاب في ذلك أوفر إن شاء الله تعالى .
قال المحقق الأستاذ عبدالسلام هارون رحمه الله معلقا على العبارة السابقة : هذه العبارة جميعها وثيقة تدل على سبق كتاب الحيوان لكتاب البيان .
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=244220
55/ـ الخروج مما بُني عليه أول الكلام إِسهاب.44/ـ وأجرأ من رأيت بظهر عيب على عيب الرجال ذوو العيوب
58/ـ القلم أحد اللسانين، والقلم أبقى أثراً، واللسان أكثر هذراً.
66/ـ إذا كان الحب يعمي عن المساوي فالبغض يعمي عن المحاسن.
74/ـ حدِّث الناس ما حرجوك بأبصارهم وأذنوا لك بأسماعهم، فإن رأيت منهم فتره فأمسك.
81/ـ كان السلف يخافون من فتنة القول أكثر مما يخافون من فتنة السكوت.
85/ـ كانوا يمدحون جهور الصوت، ومدحوا سعة الفم.
94/ـ قيل لعبد الملك بن مروان: عجل لك الشيب فقال: وكيف لا يعجل علي، وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة مرة أو مرتين.
110/ـ مذاكرة الرجال تلقيح لألبابها.
119/ـ قال الحسن: لسان العاقل وراء قلبه فإذا أراد الكلام تفكر، فإن كان له قال، وإن كان عليه سكت.
131/ـ دع الاعتذار، فإنه يخالطه الكذب.
ـ يهلك الناس في فضول الكلام وفضول المال.
141/ـ يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق.
144/ـ إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون.
164/ـ كان عمر بن الخطاب لا يعرض له أمراً إلا أنشد فيه شعراً.
173/ـ عليك بأوساط الأمور فإنها نجاة ولا تركب ذلولاً ولا صعبا
183/ـ السكوت عن قول الحق هو في معنى النطق بالباطل.
200/ـ قال عمر: استغزروا الدموع بالتذكر.
( 2 )
38/ـ خطب أحدهم.. ثم قال أحد السامعين هذا خطيب العرب، لو كان في خطبته شيء من القران.
40/ـ طبقات الشعراء: شاعر، شويعر، شعرور.
58/ـ نشاط القائل على قدر فهم السامع.
59/ـ سوء الاستماع نفاق.
ـ التثبت نصف العفو.
80/ـ إنما الناس أحاديث فإن استطعت أن تكون أحسنهم حديثاً فافعل.
81/ـ من لم يصبر على كلمة سمع كلمات.
84/ـ اصحب من يتناسى معرف لديك ويتذكر إحسانك إليه، وحقوقك عليه.
89/ـ لكل داخل دهشته فآنسوه بالتحية.
92/ـ ما قرأتُ كتاب رجل قط إلا عرفت فيه عقله.
93/ـ قال حذيفة: كن في الفتنة كابن لبون لا ظهر فيركب ولا لبن فيُحلب.
96/ـ ثلاثة أشياء تدل على عقل صاحبها: الكتاب، الرسول، الهدية.
100/ـ قيل لبعض العلماء: أي الأمور أمتع ؟ قال: مجالسة الحكماء، ومذاكرة العلماء.
167/ـ لا تسم غلامك إلا باسم يخف على لسانك.
171/ـ قال عمر: تعلموا اللحن كما تعلمون السنن والفرائض.
173/ـ قيل لأعرابي: ألقي عليك بيتاً قال: على نفسك فألقه.
213/ـ كن إلى الاستماع أسرع منك إلى القول.
ـــ /ـ العلم مثل السراج من مر به اقتبس منه.
( 3 )
5/ـ قال عمر: من خير صناعات العرب الأبيات يقدمها الرجل بين يدي حاجته، يستنزل بها الكريم، ويستعطف بها اللئيم.
9/ـ قيل لعمر: فلان لا يعرف الشر، قال: ذلك أجدر أن يقع فيه.
26/ـ قال أيوب: في أصحابي من أرجو دعوته ولا أقبل شهادته.
27/ـ وإن سيادة الأقوام فاعلم لها صعداء مطلعها طويل
71/ـ قال أحد العلماء: اقصد من أصناف العلم إلى ما هو أشهى إلى نفسك وأخف على قلبك فإن نفاذك فيه على حسب شهوتك له، وسهولته عليك.
117/ـ سئل عمر بن عبد العزيز عن قتلة عثمان، فقال: تلك دماء كف الله يدي عنها، فأنا لا أحب أن أغمس لساني فيها.
163/ـ قال ابن واسع: الإبقاء على العمل أشد من العمل.
165/ـ رأيت صلاح المرء يصلح أهله ويعديهم داء الفساد إذا فسد
يُعظم في الدنيا بفضل صلاحه ويحفظ بعد الموت في الأهل والولد
http://www.denana.com/supervisor/articles.aspx?article_no=3556
أبو عبد الله المصري
2013-03-12, 09:21 AM
المشورة من كتاب العقد الفريد
سئل بعض الحكماء : أي الأمور أشد تأييداً للفتى وأيتها أشد إضراراً به فقال : أشدها تأييداً له ثلاثة : مشاورة العلماء وتجربة الأمور وحسن التثبت .
وأشدها إضراراً به ثلاثة أشياء : الاستبداد والتهاون والعجلة .
وأشار حكيم على حكيم برأي فقبله منه .
فقال له : لقد قلت بما يقول به الناصح الشفيق الذي يخلط حلو كلامه بمره وسهله بوعره ويحرك الإشفاق منه ما هو ساكن من غيره .
وقد وعيت النصح وقبلته إذ كان مصدره من عند من لا يشك في مودته وصفاء غيبه ونصح جيبه وما وكان عبد الله بن وهب الراسي يقول : إياكم والرأي الفطير .
وكان يستعيذ بالله من الرأي الدبري .
وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : رأي الشيخ خير من مشهد الغلام .
وأوصى ابن هبيرة ولده فقال : لا تكن أول مشير وإياك والهوى والرأي الفطير ولا تشيرن على مستبد ولا على وغد ولا على متلون ولا لجوج وخف الله في موافقة هوى المستشير .
أبو عبد الله المصري
2013-03-12, 09:21 AM
كان المغيرة يَقُولُ :
النساء أربع والرجال أربعة، رَجُل مذكر، وامرأة مؤنثة فهو قوام عليها. وامرأة مذكرة ورجل مؤنث فهي قوامة عَلَيْهِ.
ورجل مذكر وامرأة مذكرة فهما يكادان يصطكان، ورجل مؤنث وامرأة مؤنثة فهما لا يأتيان بخير ولا يفلحان" ."
أنساب الأشراف" للبلاذري (13/ 346).
أبو عبد الله المصري
2013-03-12, 09:22 AM
كان الوزير المهلبي في بعض أسفاره قبل اتصاله بالسلطة مع رفيق له، إذا لقي من سفره نَصَبَاً قال.. ارتجالاً:
ألا موتٌ يُباعُ فأشتريه ** فهذا العيشُ ما لا خَيرَ فيهِ
ألا موتٌ لذيذُ الطعمِ يأتي ** يُخَلِّصَنِي من العيشِ الكَريهِ
إذا أبصرتُ قبراً مِن بعيدٍ ** وددتُ لو أنني مما يليهِ
ألا رَحِمَ المهيمنُ نَفْسَ حُرٍ ** تصدَّقَ بالوفاةِ على أخيهِ !
فرثى له رفيقه وأحضر له بدرهم ما سكنه، وحفظ الأبيات، وتفارقا، فارتفعت حال المهلبي إلى الوزارة، وأخنى الدهر على رفيقه، وضاقت به الأحوال ، فقصده، وتوصَّل إلى إيصال رقعةٍ إليه مكتوب فيها :
ألا قل للوزير فدته نفسي *** مقال مُذَكِّرٍ ما قد نسيه
أتذكر إذ تقول لضنك عيشٍ *** ألا موت يباع فأشتريه؟
فلما قرأ الرقعة تذكره، وهزته أريحية الكرم، فأمر له في عاجل الحال بسبعمائة درهم، ووقع تحت رقعته:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾[البقرة : 261]
، ثم قلَّده عملاً يرتفق به ويرتزق منه .
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.