تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأطفال والفتيان في المجتمع النبوي .. كيف كانوا؟!



أبو مريم السني
2013-02-02, 10:17 PM
الأطفال والفتيان في المجتمع النبوي .. كيف كانوا؟!


وكذلك كان الحال مع الأطفال والصبيان، فقد اهتمَّ المجتمع بتنشئتهم على تحمل المسئولية، وإشراكهم في بعض المهمات الكبرى، وهذا من الأمور المدهشة حقًّا؛ إذ لم نسمع من قبل في تاريخ الدولة الفارسية أو الرومانية أيَّ نوع من أنواع التعامل والتربية التي حرصت الدولة والمجتمع النبوي والراشدي على تلقينها وتعليمها لأطفالها وبناتها.


فهذا السائب بن يزيد (رضي الله عنه) يقول: ذهبنا نتلقَّى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع الصبيان إلى ثنية الوداع( ). أي يستقبلون رسول الله ومن معه من المجاهدين عند رجوعهم من غزوة تبوك في العام التاسع من الهجرة.


ولقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يحرصُ على تعليم الصبيان الثقة في النفس، وتربيتهم على تحمل المسئولية والطاعة، وعدم إفشاء الأسرار، فعن أنس رضي الله عنه قال: قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة وأنا ابن تسع سنين فانطلقت بي أم سليم إلى نبي الله (صلى الله عليه وسلم)، فقالت: يا رسول الله؛ هذا ابني استخدمه. فخدمتُ النبي (صلى الله عليه وسلم) تسع سنين فما قال لي لشيء فعلته: لِمَ فعلت كذا وكذا. وما قال لي لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا وكذا. وأتاني ذات يوم وأنا ألعب مع الغلمان -أو قال: مع الصبيان- فسلَّم علينا ودعاني، فأرسلني في حاجة، فلما رجعتُ قال: لا تخبر أحدًا. واحتبستُ على أمي، فلما أتيتها قالت: يا بني ما حبسك؟ قلتُ: أرسلني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حاجة له. قالت: وما هي؟ قلتُ: إنه قال: لا تخبر بها أحدًا. قالت: أي بني فاكتم على رسول الله سرَّه( ). فالأم تساعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتم سرِّه من خلال التأكيد على مقالة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما يُدلل على مقدار الأدب والتربية السامقة التي كان عليها صحابة وصحابيات النبي صلى الله عليه وسلم.


وقد استخدم النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الصبيان والفتيان في مهام عظيمة جليلة، وكان لها الأثر النفسي والتربوي فيهم بعدئذٍ؛ فقد أعطى صلى الله عليه وسلم بعض المهام الاستطلاعية للغلمان يوم أُحُد، وكان فيهم حارثة بن الربيع الذي أصابه سهم فقتله، قال أنس رضي الله عنه: "إن حارثة ابن الربيع جاء نظارًا يوم أُحُد، وكان غلامًا فأصابه سهم غَرِب (طائش) فوقع في ثغرة نحره فقتله، فجاءت أمه الربيع، فقالت: يا رسول الله؛ قد علمتَ مكان حارثة مني، فإن يكن من أهل الجنة فأصبر، وإلا فسترى ما أصنع. قال: يا أم حارثة إنها ليست بجنة واحدة، ولكنها جنان كثيرة، وهو في الفردوس الأعلى. قالت: فسأصبر"