المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سـر بديـــــع مـوروث يفصح عنه ابن القيـــم



أبو مالك المديني
2013-01-10, 01:45 PM
قال ابن القيم في تحفة المودود بأحكام المولود : الفصل التاسع في بيان أن العقيقة أفضل من التصدق بثمنها ولو زاد ، قال الخلال : باب ما يستحب من العقيقة وفضلها على الصدقة أخبرنا سليمان بن الأشعث قال : سئل أبو عبد الله وأنا أسمع عن العقيقة أحب إليك أو يدفع ثمنها للمساكين ؟ قال : العقيقة . وقال في رواية الحارث وقد سئل عن العقيقة : إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سنة . وقال له صالح ابنه : الرجل يولد له وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق عنه أم يؤخر ذلك حتى يوسر ؟ قال أشد ما سمعنا في العقيقة حديث الحسن عن سمرة عن النبي : كل غلام رهينة بعقيقته وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله الخلف ؛ لأنه أحيا سنة من سنن رسول الله واتبع ما جاء عنه .انتهى . وهذا لأنه سنة ونسيكة مشروعة بسبب تجدد نعمة الله على الوالدين وفيها سر بديع موروث عن فداء إسماعيل بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به فصار سنة في أولاده بعده أن يفدي أحدهم عند ولادته بذبح ولا يستنكر أن يكون هذا حرزا له من الشيطان بعد ولادته كما كان ذكر اسم الله عند وضعه في الرحم حرزا له من ضرر الشيطان ولهذا قل من يترك أبواه العقيقة عنه إلا وهو في تخبيط من الشيطان وأسرار الشرع أعظم من هذا ولهذا كان الصواب أن الذكر والأنثى يشتركان في مشروعية العقيقة وإن تفاضلا في قدرها
وأما أهل الكتاب فليست العقيقة عندهم للأنثى وإنما هي للذكر خاصة وقد ذهب إلى ذلك بعض السلف قال أبو بكر بن المنذر وفي هذا الباب قول ثالث قاله الحسن وقتادة كانا لا يريان عن الجارية عقيقة وهذا قول ضعيف لا يلتفت إليه والسنة تخالفه من وجوه كما سيأتي في الفصل الذي بعد هذا .
فكان الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه ولو زاد كالهدايا والأضاحي ، فإن نفس الذبح وإراقة الدم مقصود فإنه عبادة مقرونة بالصلاة كما قال تعالى : فصل لربك وانحر. وقال : قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين . ففي كل ملة صلاة ونسيكة لا يقوم غيرهما مقامهما، ولهذا لو تصدق عن دم المتعة والقران بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه وكذلك الأضحية ، والله أعلم .

أبو مالك المديني
2013-01-10, 02:58 PM
وقال أيضا : وقد ذكر البيهقي ( في السنن الكبير ) عن سليمان بن شرحبيل : حدثنا يحيى بن حمزة قال : قلت لعطاء الخرساني ما مرتهن بعقيقته قال يحرم شفاعة ولده . وقال اسحق بن هانيء : سألت أبا عبد الله عن حديث النبي : الغلام مرتهن بعقيقته ما معناه ؟ قال : نعم سنة النبي أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة ، فإذا لم يعق عنه فهو محتبس بعقيقته حتى يعق عنه ، وقال الأثرم : قال أبو عبد الله : ما في هذه الأحاديث أوكد من هذا يعني في العقيقة :كل غلام مرتهن بعقيقته ، وقال يعقوب بن بختان : سئل أبو عبد الله عن العقيقة ؟ فقال : ما أعلم فيه شيئا أشد من هذا الحديث : الغلام مرتهن بعقيقته . وقال حنبل : قال أبو عبد الله : ولا أحب لمن أمكنه وقدر أن لا يعق عن ولده ولا يدعه ؛ لأن النبي قال : الغلام مرتهن بعقيقته . وهو أشد ما روي فيه ، وإنما كره النبي من ذلك الاسم ، وأما الذبح فالنبي قد فعل ذلك ، وقال أحمد بن القاسم : قيل لأبي عبد الله :العقيقة واجبة هي ؟ فقال ؟ أما واجبة فلا أدري لا أقول واجبة ،( قلت (أبو مالك المديني ) : وعنه : أنها واجبة واختارها بعض الأصحاب من الحنابلة ) ثم قال : أشد شيء فيه أن الرجل مرتهن بعقيقته ، وقد قال أحمد في موضع آخر : مرتهن عن الشفاعة لوالديه .