المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا سستاني في السلفية ( نقض للعصمة الجزئية )



ابو العبدين البصري
2013-01-08, 02:54 PM
سلسلة: درك البصيرة للنجاة من الفتن الخطيرة (13)



لا سستاني في السلفية
( نقض للعصمة الجزئية )
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله، والصلاة والسلام على نبيه، ومصطفاه، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه .
أما بعد:
قال – تعالى -:{اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:3]. قال الشنقيطي – رحمه الله - :" والمراد بـ{مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} هو القرآن والسنة المبينة له لا آراء الرجال "(أضواء البيان:7/511).


وقد تعجب أننا نقول: (لا سستاني في السلفية)؛ لأن المحنة التي تعاني منها فئة من أبناء المسلمين هي فتنة التقليد على عُجَرِها وبُجَرِها، وعلى ضررها وكدرها، قد أُلبست لباس الشرعية فجعلوا من طاعة العلماء - الطاعة النسبية - : طاعةً مطلقةً كقول الرافضة الإمامية.


والمتأمل في قوله – تعالى - :{ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} يظهر له بجلاء أن طاعة العلماء - وهم من أولي الأمر - المقصود منها الطاعة النسبية حين يوافقون النصوص الشرعية من الكتاب والسنة الصحيحة ؛ وذلك أنه أمر بطاعتهم ولم يكرر الفعل (أَطِيعُوا)، كما ذكره عند طاعة الله وطاعة الرسول – صلى الله عليه وسلم –؛ لأن طاعتهما طاعة مطلقة .


ومما يوضح أن طاعة العلماء طاعة مقيدة بموافقة النصوص قوله – تعالى - : {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.


قال الشوكاني – رحمه الله - :" وقد اُستدل بالآية على أن التقليد جائز، وهو خطأ. ولو سُلِّم لكان المعنى سؤالهم عن: (النصوص من الكتاب والسنة)، لا عن: (الرأي البحت)".(فتح القدير:3/570).


وقال الشنقيطي – رحمه الله - :" ولا شك أن المراد بأهل الذكر أهل الوحي الذين يعلمون ما جاء من عند الله كعلماء الكتاب والسنة. فقد أمروا أن يسألوا أهل الذكر ليفتوهم بمقتضى ذلك الذكر الذي هو الوحي. ومن سأل عن الوحي وأعلم به، وبين له كان عمله به إتباعاً للوحي لا تقليداً، واتباع الوحي لا نزاع في صحته" (أضواء البيان:7/544).


والناظر في عموم الآية يفهم أنها قسمت الناس إلى قسمين: (عالم)، و(غير عالم).


فأما (العالم) فهو الذي يعلم الحكم الشرعي بالنظر في دليله بنفسه . وأما (غير العالم) فواجبه {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ} لا على التعيين . وفي قوله: {إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} قيد يفيد أن غير العالم إذا سأل (أهل الذكر) (دون إلزام بمعين) ارتفع عنه هذا الوصف فصار عالماً (بواسطة غيره)، لا بنفسه . وهو علم لأنه اتباع للحجة الشرعية وليس تقليداً للرأي .


فالمعول عليه في القسمين هو النصوص الرسالية (القرآن والسنة) ؛ لأن المقصود هو معرفة مراد الله – تعالى – لا رأي زيد أو عمرو – فإن أخذ قول من ليس قوله حجة هو بمنزلة الميتة لا تباح إلا عند الضرورة . فليس الرجوع للعلماء مراداً لذاته فيكون مقصداً أصلياً في معرفة الحق، بل هو مراد لغيره لكونه مقصداً تبعياً يطلب طلب الآلة والوسيلة؛ ولذلك فمن بلغ من الأفراد الذين (لا يعلمون) مرتبة العلماء بتحقق ملكة الاستنباط فيه بأن تيقنها في نفسه وشهد له العلماء بذلك فإنه يستغني بحصولها فيه عن غيره في معرفة الحق من دليله .


ومن جميل ما يذكر في هذا المقام: ما سئل الألباني – رحمه الله – عنه: من أنه يدعو لمذهب خامس وأن أتباعه يقال لهم: الألبانيون، فقال: "أما الانتساب إليّ فهذا أمر نحرمه؛ لأننا لا نجيز الانتساب لمن هو أفضل منا من الأئمة ومن الخلفاء؛ لأننا ننتسب إلى الله وإلى رسوله – صلى الله عليه وآله وسلم - .
وفي الأمس القريب قال لي أحد الأخوان أنه يقولون عنا أننا نحن ألبانيون . فقلت له: قل له نحن محمديون، والألباني لا يجوز أن يقرن مع الرسول – عليه الصلاة والسلام - .


ولئن فعلنا هذا فنكون قد ضللنا ضلالاً بعيداً، فنحن إذ نضع منهجاً لإتباع الكتاب والسنة، ونحاول أن نقرب ذلك للناس، وليس علينا بعد ذلك إن اتبعوا زيدا أو عمرا أو بكراً فكلهم يدلون على المنهج الصحيح، ولذلك فنحن ننهى المسلمين جميعاً أن يتعصبوا لرجل غير محمد – صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لأنه هو الذي وصف بقوله – تعالى - : {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.
وأنا في الواقع اعتبر نفسي أنني طالب علم، وأنني أعجمي وقد يفوتني شيء كثير من الفهم لكتاب الله ولحديث رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ولكني في الوقت نفسه اجتهد أن أفهم الحق وأن اتبعه فإن أصبت فذلك من الله، وإن أخطأت فمن نفسي .
ولهذه الحقيقة التي نعترف بها – وأننا نخطئ ونصيب – لا نجيز لأحد من إخواننا أن ينتسبوا إلىَّ، أو أن يقلدوني تقليداً أعمى . ولئن يخالفني أحد من إخواننا وهو في هذه المخالفة مخطئ باجتهاده أحب إلىَّ من أن يتبعني تقليداً وهو مصيب في تقليده . "أهـ (من مقدمة سلسلة رحلة النور).


وكذلك لو كان مقلداً له في نوع من العلوم فهو من جنس التقليد المذموم كما ذكر ابن ناصر الدين : ( ... وهذه القصة ذكرها الحافظ العلامة أبو الفداء إسماعيل بن كثير في تاريخه وهي أن أبا حيان تكلم مع الشيخ تقي الدين في مسألة في النحو فقطعه ابن تيمية فيها وألزمه الحجة، فذكر أبو حيان كلام سيبويه فقال ابن تيمية - يفشر سيبويه -:" أ سيبويه نبي النحو أرسله الله به حتى يكون معصوما، سيبويه أخطأ في القرآن في ثمانين موضعا لا تفهمها أنت ولا هو ".(الرد الوافر:65).


بل لا عصمة لغير الأنبياء والرسل ولو في مسألة واحدة، وما ألطف ما جاء عن الإمام أحمد – رحمه الله – كما قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (2/392): " أخبرني محمد بن أحمد الطرسوسي قال: سمعت محمد بن يزيد المستملي يقول: سأل رجل أحمد بن حنبل فقال: أكتب كتب الرأي ؟ قال: لا تفعل ، عليك بالآثار ، والحديث. فقال له السائل: إن عبدالله بن المبارك قد كتبها .


فقال له أحمد: ابن المبارك لم ينزل من السماء ! إنما أمرنا أن نأخذ العلم من فوق ".



قال أبو حنيـــــفة الإمامُ *** لا ينبغي لمن له إســــــــــلام ُ
أخذ بأقوالَي حتى تعرضاَ *** على الكتاب والحديث المرتضىَ
ومالك إمــام دار الهجرةْ *** قال وقد أشار نحــــــــو الحجرةْ
كل كلام منه ذو قبـــولِ *** ومنه مردود ســــوى الرسولِ
والشافعي قال إن رأيتموا *** قولي مخـــالفاً لمــــــــا رويتموُا
من الحديث فاضربوا الجدارا *** بقولي المخـــــالف الأخبـــارا
وأحمدٌ قال لهم لا تكتبوُا *** ما قلته بل أصـــل ذلك اطلبواُ
فاسمع مقالات الهداة الأربعة *** واعمل بها فإن فيها منفعة
لقمعها لكل ذي تعصبِ *** والمنصفون يقتـــــــدون بالنبيِ

أعده
أبو زيد العتيبي – عفا الله عنه –
25/ صفر / 1434

ماجد مسفر العتيبي
2013-01-08, 10:58 PM
جزاك الله كل خير يا ابن العم وبارك فيك

ابوخزيمةالمصرى
2013-01-09, 07:32 AM
أحسنت أحسن الله إليك

ابو العبدين البصري
2013-01-09, 11:10 PM
جزاك الله كل خير يا ابن العم وبارك فيك
وجزاك مثله وبارك الله فيك أخي.